إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف
أبو إسحاق، ويقال: أبو عبد الله، ويقال: أبو محمد، الزّهريّ شهد الدّار مع عثمان، ووفد على معاوية.
روى عن أبيه قال: إني لواقف في الصفّ يوم بدر، فنظرت عن يميني وعن شمالي فإذا أنّا بين غلامين من الأنصار، حديثة أسنانهما، فتمنّيت لو كنت بين أضلع منهما، فغمزني أحدهما فقال: يا عمّ، هل تعرف أبا جهل؟ قال: قلت: نعم، فما حاجتك إليه؟ قال: أنبئت أنه يسبّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سواده من سوادي حتى يموت الاعجل منّا؛ فغمزني الآخر، فقال لي قوله، قال: فتعجبت لذلك.
قال: فلم ألبث أن رأيت أبا جهل في النّاس، قال: فقلت لهما: ألا تريان، ها ذاك صاحبكما الذي تسألان عنه، قال: فابتدراه بسيفيهما فضرباه حتى قتلاه، ثم انصرفا إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبراه، فقال: أيكما قتله؟ فقال كلّ واحد منهما: أنا قتلته، فقال: هل مسحتما سيفيكما قالا: لا، فنظر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السّيفين، فقال: كلاكما قتله، ومضى بسلبه لمعاذ بن عمر بن الجموح، قال: والرّجلان معاذ بن الجموح، ومعاذ بن عفراء.
وروى عن أبيه قال: كاتبت أميّة بن خلف كتابة في أن يحفظني في صاعيتي بمكة، وأحفظه في صاغيته في المدينة، فلّما بلغ اسم عبد الرحمن، قال: لا أعرف الرّحمن، كاتبني باسمك الذي كان، فكاتبته عبد عمرو، فلّما كان يوم بدر خرجت لأحرزه في شعب حتى يأمن النّاس، فرأيت بلال مولى أبي بكر، فأقبل حتى وقف على مجلس من الأنصار، فقال: يا معشر الأنصار، أمية بن خلف، لا نجوت إن نجا، فخرج معه نفر. قال عبد الرحمن: فلّما خشيت أن يدركونا خلّفت لهم ابنه أشغلهم به فقتلوه، ثم أتوا حتى لحقونا، وكان أميّة رجلاً ثقيلاً، فقلت له: ابرك.
قال: فكان عبد الرحمن يرينا بظهر قدمه. وسقط من الحديث بعضه.
وقدم إبراهيم بن عبد الرحمن وافداً على معاوية في خلافته، قال: فدخلت المقصورة، فسلّمت على مجلس من أهل الشام ثم جلست بين أظهرهم، فقال رجل منهم:
من أنت يا فتى؟ فقلت: أنا إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، فقال: رحم الله أباك؛ حدثني فلان، لرجل سماه، أنه قال: والله لألحقنّ بأصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلأحدثنّ بهم عهداً ولأكلمنّهم، فقدمت المدينة في خلافة عثمان فلقيتهم إلاّ عبد الرحمن بن عوف، أخبرت أنه بأرض له بالجرف، فركبت إليه حتى جئته، فإذا هو واضع رداءه يحوّل الماء بمسحاة في يده، فلّما رآني استحيا منّي فألقى المسحاة، وأخذ رداءه، فسلّمت عليه، وقلت: قد جئت لأمر: وقد رأيت أعجب منه، هل جاءكم إلاّ ما جاءنا؟ أم هل علمتم إلاّ ما علمنا؟ قال عبد الرحمن: لم يأتنا إلاّ ما قد جاءكم، ولم نعلم إلاّ ما علمتم؛ قلت: فما لنا نزهد في الدّنيا وترغبون فيها، ونخفّ في الجهاد وتتشاغلون عنه! وأنتم سلفنا وخيارنا وأصحاب نبيّنا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ!.
قال عبد الرحمن: لم يأتنا إلا ما جاءكم، ولم نعلم إلاّ ما علمتم، ولكنّا بلينا بالضراء فصبرنا، وبلينا بالسّرّاء فلم نصبر.
وإبراهيم بن عبد الرحمن، الذي يقول: من الطويل
أمتروكة شوطى وبرد ظلالها ... وذو الغصن ملتحّ أإنخصيب
معي صاحب لم أعص مذ كنت أمره ... إذا قال شيئاً قلت أنت مصيب
قال إبراهيم بن المنذر: توفي سنة ست وتسعين، وهو ابن خمس وسبعين سنة، أمه أم كلثوم بنت عقبة أول مهاجرة هاجرت من مكة إلى المدينة، وفيها أنزلت آية الممتحنة.
وقال شيخ من آل الأخفش، عن أبيه، قال: رأيت إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أسيراً بين يدي مسلم يعني يوم الحرّة فقال له: اجلس، فإن لك عندي يداً ما أراك تعلمها، وسأكافئك بها، تذكر رجلاً بين يدي معاوية يعتذر إليه من شيء بلغه
عنه، ويحلف له، وهو يأبى أن يقبل، فقلت: يا أمير المؤمنين، ما يحلّ لك تكذيبه وهو يحلف، ولا أن تردّ عليه عذره وهو يعتذر، فقبل ورضي؟ قال: أذكر هذا، ولا أدري من الرّجل، قال: أنا ذلك الرجل، وقد أمّنتك ومن أحببت، فشفّعه في رجال منهم.
أبو إسحاق، ويقال: أبو عبد الله، ويقال: أبو محمد، الزّهريّ شهد الدّار مع عثمان، ووفد على معاوية.
روى عن أبيه قال: إني لواقف في الصفّ يوم بدر، فنظرت عن يميني وعن شمالي فإذا أنّا بين غلامين من الأنصار، حديثة أسنانهما، فتمنّيت لو كنت بين أضلع منهما، فغمزني أحدهما فقال: يا عمّ، هل تعرف أبا جهل؟ قال: قلت: نعم، فما حاجتك إليه؟ قال: أنبئت أنه يسبّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سواده من سوادي حتى يموت الاعجل منّا؛ فغمزني الآخر، فقال لي قوله، قال: فتعجبت لذلك.
قال: فلم ألبث أن رأيت أبا جهل في النّاس، قال: فقلت لهما: ألا تريان، ها ذاك صاحبكما الذي تسألان عنه، قال: فابتدراه بسيفيهما فضرباه حتى قتلاه، ثم انصرفا إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبراه، فقال: أيكما قتله؟ فقال كلّ واحد منهما: أنا قتلته، فقال: هل مسحتما سيفيكما قالا: لا، فنظر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السّيفين، فقال: كلاكما قتله، ومضى بسلبه لمعاذ بن عمر بن الجموح، قال: والرّجلان معاذ بن الجموح، ومعاذ بن عفراء.
وروى عن أبيه قال: كاتبت أميّة بن خلف كتابة في أن يحفظني في صاعيتي بمكة، وأحفظه في صاغيته في المدينة، فلّما بلغ اسم عبد الرحمن، قال: لا أعرف الرّحمن، كاتبني باسمك الذي كان، فكاتبته عبد عمرو، فلّما كان يوم بدر خرجت لأحرزه في شعب حتى يأمن النّاس، فرأيت بلال مولى أبي بكر، فأقبل حتى وقف على مجلس من الأنصار، فقال: يا معشر الأنصار، أمية بن خلف، لا نجوت إن نجا، فخرج معه نفر. قال عبد الرحمن: فلّما خشيت أن يدركونا خلّفت لهم ابنه أشغلهم به فقتلوه، ثم أتوا حتى لحقونا، وكان أميّة رجلاً ثقيلاً، فقلت له: ابرك.
قال: فكان عبد الرحمن يرينا بظهر قدمه. وسقط من الحديث بعضه.
وقدم إبراهيم بن عبد الرحمن وافداً على معاوية في خلافته، قال: فدخلت المقصورة، فسلّمت على مجلس من أهل الشام ثم جلست بين أظهرهم، فقال رجل منهم:
من أنت يا فتى؟ فقلت: أنا إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، فقال: رحم الله أباك؛ حدثني فلان، لرجل سماه، أنه قال: والله لألحقنّ بأصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلأحدثنّ بهم عهداً ولأكلمنّهم، فقدمت المدينة في خلافة عثمان فلقيتهم إلاّ عبد الرحمن بن عوف، أخبرت أنه بأرض له بالجرف، فركبت إليه حتى جئته، فإذا هو واضع رداءه يحوّل الماء بمسحاة في يده، فلّما رآني استحيا منّي فألقى المسحاة، وأخذ رداءه، فسلّمت عليه، وقلت: قد جئت لأمر: وقد رأيت أعجب منه، هل جاءكم إلاّ ما جاءنا؟ أم هل علمتم إلاّ ما علمنا؟ قال عبد الرحمن: لم يأتنا إلاّ ما قد جاءكم، ولم نعلم إلاّ ما علمتم؛ قلت: فما لنا نزهد في الدّنيا وترغبون فيها، ونخفّ في الجهاد وتتشاغلون عنه! وأنتم سلفنا وخيارنا وأصحاب نبيّنا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ!.
قال عبد الرحمن: لم يأتنا إلا ما جاءكم، ولم نعلم إلاّ ما علمتم، ولكنّا بلينا بالضراء فصبرنا، وبلينا بالسّرّاء فلم نصبر.
وإبراهيم بن عبد الرحمن، الذي يقول: من الطويل
أمتروكة شوطى وبرد ظلالها ... وذو الغصن ملتحّ أإنخصيب
معي صاحب لم أعص مذ كنت أمره ... إذا قال شيئاً قلت أنت مصيب
قال إبراهيم بن المنذر: توفي سنة ست وتسعين، وهو ابن خمس وسبعين سنة، أمه أم كلثوم بنت عقبة أول مهاجرة هاجرت من مكة إلى المدينة، وفيها أنزلت آية الممتحنة.
وقال شيخ من آل الأخفش، عن أبيه، قال: رأيت إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أسيراً بين يدي مسلم يعني يوم الحرّة فقال له: اجلس، فإن لك عندي يداً ما أراك تعلمها، وسأكافئك بها، تذكر رجلاً بين يدي معاوية يعتذر إليه من شيء بلغه
عنه، ويحلف له، وهو يأبى أن يقبل، فقلت: يا أمير المؤمنين، ما يحلّ لك تكذيبه وهو يحلف، ولا أن تردّ عليه عذره وهو يعتذر، فقبل ورضي؟ قال: أذكر هذا، ولا أدري من الرّجل، قال: أنا ذلك الرجل، وقد أمّنتك ومن أحببت، فشفّعه في رجال منهم.