Book Home Page
الصفحة الرئيسية للكتاب
Number of entries in this book
عدد المواضيع في هذا الكتاب 6554
6182. نوح بن نصر بن محمد1 6183. نوف بن فضالة1 6184. نوفل بن الفرات بن مسلم1 6185. نوفل بن مساحق بن عبد الله4 6186. هابيل بن آدم1 6187. هارون الواثق بن محمد المعتصم بن هارون الرشيد...16188. هارون بن أبي الهيذام1 6189. هارون بن إبراهيم1 6190. هارون بن سعيد1 6191. هارون بن عبد الصمد بن عبدوس بن حسان1 6192. هارون بن عمر بن يزيد بن زياد1 6193. هارون بن عمران بن يزيد بن خالد بن أبي جميل القرشي...1 6194. هارون بن محمد بن بكار بن بلال2 6195. هارون بن معاوية أبي عبيد الله الأشعري...1 6196. هارون بن موسى بن شريك1 6197. هارون بن يزيد الشاري النيسابوري1 6198. هاشم المرادي شاعر1 6199. هاشم بن بلال1 6200. هاشم بن خالد بن أبي جميل1 6201. هاشم بن زايد1 6202. هاشم بن سعيد البعلبكي1 6203. هاشم بن عتيبة بن أبي وقاص1 6204. هاشم بن عمرو بن هاشم1 6205. هاشم بن محمد بن أحمد بن إسماعيل1 6206. هاشم بن مرثد بن سليمان1 6207. هامة بن الهيم بن لاقيس بن إبليس1 6208. هانئ بن عروة بن فضفاض1 6209. هبار بن الأسود بن المطلب1 6210. هبة الله بن أحمد بن عبد الله1 6211. هبة الله بن أحمد بن محمد1 6212. هبة الله بن الحسن بن هبة الله1 6213. هبة الله بن المسلم بن نصر1 6214. هبة الله بن جعفر بن الهيثم1 6215. هبة الله بن عبد الله أبو القاسم1 6216. هبة الله بن عبد الله بن الحسن1 6217. هبة الله بن عبد الوارث بن علي1 6218. هبة الله بن محمد بن بديع1 6219. هبة الله بن محمد بن حميد1 6220. هبيرة بن عبد الرحمن2 6221. هجيمة ويقال جهيمة بنت حيي1 6222. هدبة بن الخشرم بن كرز1 6223. هذيل بن زفر بن الحارث بن عمرو1 6224. هرم بن حيان العبدي الربعي العامري1 6225. هرمز أبو كيسان1 6226. هشام بن أحمد بن هشام1 6227. هشام بن إسماعيل بن هشام1 6228. هشام بن إسماعيل بن يحيى1 6229. هشام بن الدرفس الغساني1 6230. هشام بن العاص بن وائل3 6231. هشام بن الغاز بن ربيعة أبو العباس1 6232. هشام بن حبيش بن خالد بن الأشعر1 6233. هشام بن حكيم بن حزام2 6234. هشام بن خالد بن يزيد1 6235. هشام بن زياد6 6236. هشام بن سليمان الداراني1 6237. هشام بن عبد الله بن هشام1 6238. هشام بن عبد الملك بن مروان1 6239. هشام بن عبيد الله الدمشقي1 6240. هشام بن عمار بن نصير بن ميسرة2 6241. هشام بن محمد بن أحمد بن علي1 6242. هشام بن محمد بن جعفر بن هشام1 6243. هشام بن مصاد بن زياد1 6244. هشام بن مطيع الدمشقي1 6245. هشام بن يحيى بن يحيى بن قيس1 6246. هشام مولى النبي4 6247. هضاب بن طوق اللخمي الكاتب1 6248. هقل1 6249. هلال أبو طعمة1 6250. هلال بن سراج بن مجاعة2 6251. هلال بن ضيغم السلامي1 6252. هلال بن عبد الأعلي1 6253. هلال بن عبد الرحمن القرشي1 6254. همام بن أحمد1 6255. همام بن إسماعيل1 6256. همام بن الوليد الدمشقي1 6257. همام بن غالب بن صعصعة1 6258. همام بن قبيصة بن مسعود1 6259. همام بن محمد بن أبي شيبان العبسي1 6260. همام بن محمد بن سعيد1 6261. هميم بن همام بن يوسف1 6262. هنبل بن محمد بن يحيى بن هنبل1 6263. هند الخولانية امرأة بلال بن رباح1 6264. هند بنت أسماء بن خارجة بن حصن الفزارية...1 6265. هند بنت المهلب بن أبي صفرة1 6266. هند بنت عتبة بن ربيعة1 6267. هند بنت معاوية بن أبي سفيان1 6268. هني مولى عمر بن الخطاب1 6269. هنيدة1 6270. هود بن عبد الله بن رباح1 6271. هود بن عطاء يمامي وقع إلى الشام1 6272. هوذة5 6273. هوى جارية أديبة1 6274. هياج بن عبيد بن الحسين1 6275. وائل بن حجر بن سعد بن مسروق3 6276. وائل بن رياب بن حذيفة1 6277. وابصة بن معبد بن عتبة1 6278. واثلة بن الأسقع بن عبد العزي بن عبد ياليل...1 6279. واثلة بن الحسن1 6280. واثلة بن الخطاب القرشي العدوي1 6281. واثلة بن الخطاب بن واثلة بن الأسقع1 Prev. 100
«
Previous

هارون الواثق بن محمد المعتصم بن هارون الرشيد

»
Next
هارون الواثق بن محمد المعتصم بن هارون الرشيد
ابن محمد المهدي بن عبد الله المنصور أبو جعفر، وقيل أبو القاسم أمه أم ولد اسمها قراطيس. استخلف بعد أبيه المعتصم بعهد منه. قدم دمشق مع أبيه في خلافة عمه.
حدث الواثق عن أبيه عن المأمون عن الرشيد عن المهدي عن المنصور عن أبيه عن أبيه عن ابن عباس قال: لا تذهب الدنيا حتى يبعث الله شاباً منها، يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، فيعود الأمر فيه كما بدأ.
قلت يطمع في ذلك فتيانكم، ولا يطمع فيه شيوخكم، قال: يفعل الله ما يشاء، ذلك عزم. قال رجل لابن عباس: إن ابن الزبير يزعم بأن المهدي منهم، فقال: لا ورب الكعبة، ولو كان زمانه لكنته، ولكنه من ولدي.
ولد الواثق بطريق مكة سنة تسعين ومئة، وولي الخلافة سنة سبع وعشرين ومئتين، وتوفي سنة اثنتين وثلاثين ومئتين. وقيل: ولد سنة ست وتسعين ومئة. وقيل: سنة أربع وتسعين. وبويع الواثق في اليوم الذي توفي فيه أبوه المعتصم بسر من رأى. وورد رسوله بغداد يوم الجمعة على إسحاق بن إبراهيم، فلم يظهر ذلك، ودعا للمعتصم على منبري بغداد وهو ميت. فلما كان الغد يوم السبت أمر إسحاق بن إبراهيم الهاشميين والقواد والناس بحضور دار أمير المؤمنين، فحضروا، فقرأ كتابه على الناس بنعي أبيه، وأخذ البيعة، فبايع الناس.
لما مات المعتصم، وولي الواثق كتب دعبل بن علي الخزاعي أبياتاً، وأتى بها الحاجب، فقال: أبلغ أمير المؤمنين السلام، وقل: مديح لدعبل، فأخذ الحاجب
الطومار فأدخله على الواثق ففضه فإذا فيه: البسيط
الحمد لله لا صبر ولا جلد ... ولا رقاد إذا أهل الهوى رقدوا
خليفة مات لم يحزن عليه أحد ... وآخر قام لم يفرح به أحد
فمر هذا ومر الشر يتبعه ... وقام هذا فقام الويل والنكد
فطلب، فلم يوجد دخل هارون بن زياد مؤدب الواثق على الواثق، فأكرمه، وأظهر من بره ما شهر به، فقيل له: من هذا يا أمير المؤمنين الذي فعلت به ما فعلت؟ قال: هذا أول من فتق لساني بذكر الله عز وجل، وأدناني من رحمة الله عز وجل.
قال يحيى بن أكثم: ما أحسن أحد إلى آل أبي طالب من خلفاء بني العباس ما أحسن إليهم الواثق، ما مات وفيهم فقير.
قال أبو عثمان المازني: كتب الواثق في حملي، فحملت، وأدخلت عليه، وهو عليل، فقال: يا بكر، لك ولد؟ قلت: لا، قال: فلك امرأة؟ قلت: لا، قال: فمن خلفت بالبصرة؟ قلت: أختي، قال: أكبر منك أم أصغر؟ فقلت: أصغر مني، قال: فما قالت المسكينة؟ قلت: قالت لي ما قالت ابنة الأعشى لأبيها: المتقارب
تقول ابنتي حين جد الرحيل ... أرانا سواء ومن قد يتم
فيا أبتا لا تزل عندنا ... فإنا بخير إذا لم ترم
ترانا إذا أضمرتك البلاد ... نجفى وتقطع منا الرحم
قال: ما رددت عليها المسكينة؟ قال: رددت عليها ما قال جرير لابنته: الوافر
ثقي بالله ليس له شريك ... ومن عند الخليفة بالنجاح
فضحك ثم أمر لي بخمس مئة دينار.
كتب محمد بن حماد إلى الواثق: الطويل
جذبت دواعي النفس عن طلب الغنى ... وقلت لها كفي عن طلب النزر
فإن أمير المؤمنين بكفه ... مدار رحا الأرزاق دائبة تجري
فوقع: جذبك نفسك عن امتهانها دعا إلى صونك بسعة فضلي، فخذ ما طلبت هنيئاً.
قال المهتدي: كنت أمشي مع الواثق في صحن داره، فقال: اكتب: الوافر
تنح عن القبيح ولا ترده ... ومن أوليته حسناً فزده
ستكفى من عدو كل كيد ... إذا كاد العدو ولم تكده
ثم قال: اكتب: البسيط
هي المقادير تجري في أعنتها ... فاصبر فليس لها صبر على الحال
ومما روي من شعر الواثق: البسيط
حين استتم بأرداف تجاذبه ... واخضر فوق قناع الدر شاربه
وتم في الحسن فالتامت ملاحته ... وما زجت بدعاً من عجائبه
كلمته بجفون غير ناطقة ... فكان من رده ما قال حاجبه
قال حمدون بن إسماعيل: كان الواثق مليح الشعر، وكان يحب خادماً أهدي له من مصر، فأغضبه الواثق يوماً ثم سمعه يوماً يقول لبعض الخدم: هو يروم أن أكلمه، ما أفعل، فقال الواثق: وله فيه لحن: البسيط
إن الذي بعذابي ظل مفتخراً ... ما أنت إلا مليك جار إذ قدرا
لولا هواه تجارينا على قدر ... وإن أفق منه يوماً ما فسوف يرى
قال أحمد بن حمدون: كان بين الواثق وبين بعض جواريه شر، فخرج كسلان، فلم أزل أنا والفتح نحتال لنشاطه، فرآني أضحك الفتح بن خاقان، فقال: قاتل الله ابن الأحنف حيث يقول: البسيط
عدل من الله أبكاني وأضحككم ... فالحمد لله عدل كل ما صنعا
اليوم أبكي على قلبي وأندبه ... قلب ألح عليه الحب فانصدعا
للحب في كل عضو لي على حدة ... نوع تفرق عنه الصبر واجتمعا
فقال الفتح: أنت يا أمير المؤمنين في وضع التمثل موضعه أشعر منه وأظرف.
أمر الواثق ابن أبي دواد يصلي بالناس في يوم عيد، وكان عليلاً، فلما انصرف قال له: يا أبا عبد الله، كيف كان عيدكم؟ قال: كنا في نهار لا شمس فيه، فضحك، وقال: يا أبا عبد الله، أنا مؤيد بك، وكان ابن أبي دواد قد استولى على الواثق وحمله على التشدد في المحنة، ودعا الناس إلى القول بخلق القرآن. ويقال: إن الواثق رجع عن ذلك القول بعد موته.
قال صالح بن علي بن يعقوب بن المنصور الهاشمي: حضرت المهتدي بالله أمير المؤمنين وقد جلس للنظر في أمور المتكلمين في دار العامة، فنظرت إلى قصص الناس تقرأ عليه من أولها إلى آخرها، فيأمر بالتوقيع فيها، وينشأ الكتاب عليها ويحرر، ويختم، ويدفع إلى صاحبه بين يديه، فسرني ذلك، واستحسنت ما رأيت منه، فجعلت أنظر إليه، ففطن، ونظر إلي،
فغضضت عنه حتى كان ذلك مني ومنه مراراً ثلاثاً، إذا نظر غضضت، وإذا شغل نظرت، فقال: يا صالح، قلت: لبيك يا أمير المؤمنين، فقال: في نفسك منا شيء تريد أن تقوله، قلت: نعم، حتى إذا قام قال للحاجب: لا يبرح صالح، وانصرف الناس، وأذن لي، وهمتني نفسي، فدخلت، وجلست، فقال: يا صالح، تقول لي ما دار في نفسك، أو أقول أنا ما دار في نفسي أنه دار في نفسك؟ قلت: يا أمير المؤمنين، ما تأمر به، فقال: دار في نفسي أنك استحسنت ما رأيت منا، فقلت: أي خليفة خليفتنا إن لم يكن يقول بخلق القرآن، فورد على قلبي أمر عظيم، ثم قلت: يا نفس، هل تموتين قبل أجلك، وهل تموتين إلا مرة واحدة، وهل يجوز الكذب في جد أو هزل؟ فقلت: يا أمير المؤمنين، ما دار في نفسي إلا ما قلت، فأطرق ملياً ثم قال: ويحك! اسمع مني ما أقول، فوالله لتسمعن الحق، فسر عني، وقلت: يا سيدي، ومن أولى بقول الحق منك، وأنت خليفة رب العالمين، وابن عم سيد المرسلين؟ فقال: ما زلت أقول إن القرآن مخلوق صدراً من أيام الواثق حتى أقدم أحمد ابن أبي دواد علينا شيخاً من أهل الشام، من أهل أذنة مقيداً، وهو جميل الوجه تام القامة، حسن الشيبة، فرأيت الواثق قد استحيا منه، ورق له، فما زال يدينه، ويقربه حتى قرب منه، فسلم الشيخ، فأحسن، ودعا، فأبلغ وأوجز، فقال له الواثق: اجلس ناظر ابن أبي دواد على ما يناظرك عليه، فقال له الشيخ: يا أمير المؤمنين، إن أبي دواد يضوى ويضعف عن المناظرة، فغضب الواثق، وعاد مكان الرقة له غضباً عليه، وقال: أبو عبد الله بن أبي دواد يضوى، ويضعف عن مناظرتك أنت؟! فقال الشيخ: هون عليك يا أمير المؤمنين، إن رأيت أن تحفظ علي وعليه ما نقول، قال: افعل. فقال الشيخ: يا أحمد، أخبرني عن مقالتك هذه هي مقالة واجبة، داخلة في عقدة الدين، فلا يكون الدين كاملاً حتى يقال فيه بما قلت؟ قال: نعم، قال الشيخ: يا أحمد، أخبرني عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين بعثه الله إلى عباده، هل سن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيئاً مما أمره الله به في أمر دينهم؟ فقال: لا، قال الشيخ: فدعا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأمة إلى مقالتك هذه؟ فسكت ابن أبي دواد، فقال الشيخ: تكلم،
فسكت، فقال الشيخ للواثق: يا أمير المؤمنين، واحدة. فقال الواثق: واحدة.
فقال الشيخ: يا أحمد، أخبرني عن الله عز وجل حين أنزل القرآن على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً " كان الله عز وجل الصادق في إكمال دينه، أو أنه الصادق في نقصانه حتى يقال فيه بمقالتك هذه؟ فسكت ابن أبي دواد، فقال الشيخ: أجب يا أحمد، فلم يجب، فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين، اثنتان، فقال الواثق: نعم. فقال الشيخ: يا أحمد، أخبرني عن مقالتك هذه، علمها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أم جهلها؟ قال ابن أبي دواد: علمها، قال: فدعا الناس إليها؟ فسكت، فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين ثلاث، فقال الواثق ثلاث.
قال الشيخ: يا أحمد، فاتسع لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن علمها وأمسك عنها كما زعمت، ولم يطالب أمته بها؟ قال: نعم. قال الشيخ: واتسع لأبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان وعلي رضي الله عنهم؟ قال ابن أبي دواد: نعم، فأعرض الشيخ عنه، وأقبل على الواثق، فقال: يا أمير المؤمنين، قد قدمت القول إن أحمد يضوى ويضعف عن المناظرة، يا أمير المؤمنين، إن لم يتسع لك من الإمساك عن هذه المقالة ما زعم هذا أنه اتسع لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولأبي بكر وعمر وعثمان وعلي فلا وسع الله على من لم يتسع له ما اتسع لهم - أو قال: فلا وسع الله عليك - فقال الواثق: نعم، إن لم يتسع لنا من الإمساك عن هذه المقالة ما اتسع لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولأبي بكر وعمر وعثمان وعلي فلا وسع الله علينا. اقطعوا قيد الشيخ. فلما قطع القيد ضرب الشيخ بيده إلى القيد حتى يأخذه، فجاذبه الحداد عليه، فقال الواثق: دع الشيخ يأخذه، فأخذه في كمه. فقال له الواثق: لم جاذبت الحداد عليه؟ قال: لأني نويت أن أوصي أن يجعل بيني وبين كفني حتى أخاصم به هذا الظالم عند الله يوم القيامة، أقول: يا رب، سل عبدك هذا: لم قيدني، وروع
أهلي وولدي وإخواني بلا حق أوجب ذلك علي، وبكى الشيخ، وبكى الواثق، وبكينا، وسأله الواثق أن يجعله في حل، فقال: والله لقد جعلتك في حل وسعة من أول يوم إكراماً لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ كنت رجلاً من أهله، فقال الواثق: لي إليك حاجة، فقال: إن كانت ممكنة فعلت، فقال الواثق: تقيم عندنا فننتفع بك، وينتفع بك فتياننا، فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين، إن ردك إلى الموضع الذي أخرجني عنه هذا الظالم أنفع لك من مقامي عندك، وأصير إلى أهلي وولدي أكف دعاءهم عليك، فقد خلفتهم على ذلك، قال الواثق: فتقبل منا صلةً تستعين بها على دهرك، قال: يا أمير المؤمنين، لاتحل لي، أنا عنها غني، وذو مرة، سوي، فقال: سل حاجة، قال: أو تقضيها؟ قال: نعم، قال: يخلى لي السبيل الساعة إلى الثغر، قال: قد أذنت لك، فسلم عليه وخرج. قال المهتدي: فرجعت عن هذه المقالة، وأحسب أن الواثق رجع عنها منذ ذلك الوقت.
وفي حديث آخر بما معناه: وسقط ابن أبي دواد في عينه، ولم يمتحن بعد ذلك أحداً.
لما احتضر الواثق جعل يردد هذين البيتين: البسيط
الموت فيه جميع الخلق مشترك ... لا سوقة منهم يبقى ولا ملك
ما ضر أهل قليل في تفاقرهم ... وليس يغني على الإملاك ما ملكوا
ثم أمر بالبسط، فطويت، وألصق خده بالأرض، وجعل يقول: يا من لا يزول ملكه، ارحم من قد زال ملكه.
حدث محمد أمير البصرة قال: كنت أحد من مرض الواثق، لما مات، فكنت واقفاً بين يديه مع جماعة إذ لحقته غشية، فما شككنا أنه مات فقال بعضنا لبعض: تقدموا، فاعرفوا خبره، فما جسر أحد منهم يتقدم، فتقدمت أنا. فلما صرت عند رأسه، وأردت أن أضع يدي على
أنفه أختبر نفسه لحقته إفاقة، ففتح عينيه، فكدت أن أموت فزعاً من أن يراني مشيت في مجلسه إلى غير رتبتي، فرجعت إلى الخلف، وتعلقت قبيعة سيفي بعتبة المجلس، وعثرت به، فاتكأت عليه، فاندق سيفي، وكاد أن يدخل في لحمي ويجرحني، فسلمت وخرجت. فاستدعيت سيفاً ومنطقة فلبستها، وجئت حتى وقفت في مرتبتي ساعة. فتلف الواثق بلا شك، فتقدمت، فسددت لحييه، وغمضته، وسجيته، ووجهته إلى القبلة، وجاء الفراشون فأخذوا ما تحته في المجلس ليردوه إلى الخزائن، لأن جميعه مثبت عليهم، وترك وحده في البيت، وقال لي ابن أبي دواد القاضي: إنا نريد أن نتشاغل بعقد البيعة، ولا بد أن يكون أحدنا يحفظ الميت، فكن أنت ذلك الرجل، وكنت من أخصهم به لأنه أحبني حتى لقبني الواثقي، باسمه، فحزنت عليه، فرددت باب المجلس، وجلست في الصحن عند الباب أحفظه. وكان المجلس في بستان عظيم، فحسست بعد ساعة في البيت بحركة أفزعتني، فدخلت أنظر ما هي، فإذا بجرذون من دواب البستان قد جاء حتى استل عين الواثق فأكلها، فقلت: لا إله إلا الله، هذه العين التي فتحها من ساعة - فاندق سيفي هيبة لها - صارت طعمة لدابة ضعيفة، وجاؤوا فغسلوه، فسألني ابن أبي دواد عن عينه فأخبرته.
وكان الواثق أبيض إلى الصفرة، جسيماً، حسن الوجه، جميلاً، في عينه اليمنى نكتة بياض.
You are viewing hadithtransmitters.hawramani.com in filtered mode: only posts belonging to Ibn Manẓūr (d. 1311 CE) - Mukhtaṣar Tārīkh Dimashq - ابن منظور - مختصر تاريخ دمشق are being displayed.