الوليد بْن مسلم أبو العباس الدمشقي
مولى لبني
أمية (1) سَمِعَ الأوزاعي وعبد الرَّحْمَن بْن يزيد بْن جَابِر والثوري
مات سنة خمس وتسعين ومائة.
مولى لبني
أمية (1) سَمِعَ الأوزاعي وعبد الرَّحْمَن بْن يزيد بْن جَابِر والثوري
مات سنة خمس وتسعين ومائة.
الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ أَبُو العَبَّاسِ الدِّمَشْقِيُّ
الإِمَامُ، عَالِمُ أَهْلِ الشَّامِ، أَبُو العَبَّاسِ الدِّمَشْقِيُّ، الحَافِظُ، مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ.
قَرَأَ القُرْآنَ عَلَى: يَحْيَى بنِ الحَارِثِ الذِّمَارِيِّ، وَعَلَى: سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ.
وَحَدَّثَ عَنْهُمَا.وَعَنِ: ابْنِ عَجْلاَنَ، وَثَوْرِ بنِ يَزِيْدَ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، وَمَرْوَانَ بنِ جَنَاحٍ، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي مَرْيَمَ الغَسَّانِيِّ، وَعُفَيْرِ بنِ مَعْدَانَ، وَعُثْمَانَ بنِ أَبِي العَاتِكَةِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَزِيْدَ بنِ جَابِرٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَزِيْدَ بنِ تَمِيْمٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ العَلاَءِ بنِ زَبْرٍ، وَسُلَيْمَانَ بنِ مُوْسَى، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ رَافِعٍ، وَحَنْظَلَةَ بنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَصَفْوَانَ بنِ عَمْرٍو، وَشَيْبَةَ بنِ الأَحْنَفِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حَسَّانٍ الكِنَانِيِّ، وَحَرِيْزِ بنِ عُثْمَانَ، وَهِشَامِ بنِ حَسَّانٍ، وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ بنِ عُمَرَ الثَّقَفِيِّ، وَمُعَانِ بنِ رِفَاعَةَ، وَشَيْبَانَ النَّحْوِيِّ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَمَالِكٍ، وَاللَّيْثِ، وَابْنِ لَهِيْعَةَ، وَالمُثَنَّى بنِ الصَّبَّاحِ، وَيَزِيْدَ بنِ أَبِي مَرْيَمَ، وَسَعِيْدِ بنِ بَشِيْرٍ، وَعَدَدٍ كَثِيْرٍ.
وَارْتَحَلَ فِي هَذَا الشَّأْنِ، وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ، وَتَصَدَّى لِلإِمَامَةِ، وَاشْتُهِرَ اسْمُهُ.
وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ، ثِقَةً، حَافِظاً، لَكِنْ رَدِيْءَ التَّدْلِيْسِ، فَإِذَا
قَالَ: حَدَّثَنَا، فَهُوَ حُجَّةٌ.
هُوَ فِي نَفْسِهِ أَوْثَقُ مِنْ بَقِيَّةَ، وَأَعْلَمُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ، وَبَقِيَّةُ بنُ الوَلِيْدِ - وَهُمَا مِنْ شُيُوْخِهِ - وَعَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ، وَأَبُو مُسْهِرٍ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَدُحَيْمٌ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ، وَإِسْحَاقُ بنُ مُوْسَى، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الطَّنَافِسِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ، وَنُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَائِذٍ، وَدَاوُدُ بنُ رُشَيْدٍ، وَسُوَيْدُ بنُ سَعِيْدٍ، وَعَمْرُو بنُ عُثْمَانَ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُوْسَى، وَمُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى، وَأَبُو قُدَامَةَ السَّرَخْسِيُّ، وَكَثِيْرُ بنُ عُبَيْدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مَيْمُوْنٍ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ، وَيَحْيَى بنُ مُوْسَى خَتٌّ، وَأَبُو عُمَيْرٍ بنُ النَّحَاسِ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُصَفَّى، وَمُوْسَى بنُ عَامِرٍ المُرِّيُّ، وَمَحْمُوْدُ بنُ غَيْلاَنَ، وَأُمَمٌ سِوَاهُم، آخِرُهُم وَفَاةً:
حَجَّاجُ بنُ الرَّيَّانِ الدِّمَشْقِيُّ، المُتَوَفَّى سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: كَانَ الوَلِيْدُ ثِقَةً، كَثِيْرَ الحَدِيْثِ وَالعِلْمِ، حَجَّ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ، ثُمَّ رَجَعَ، فَمَاتَ بِالطَّرِيْقِ.
قَالَ دُحَيْمٌ: كَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ وَمائَةٍ.
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ: قَرَأَ عَلَيْهِ القُرْآنَ: هِشَامُ بنُ عَمَّارٍ، وَالرَّبِيْعُ بنُ ثَعْلَبٍ.
قَالَ الفَسَوِيُّ: سَأَلْتُ هِشَامَ بنَ عَمَّارٍ عَنِ الوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ، فَأَقْبَلَ يَصِفُ عِلْمَهُ، وَوَرَعَهُ، وَتَوَاضُعَهُ، وَقَالَ:
كَانَ أَبُوْهُ مِنْ رَقِيْقِ الإِمَارَةِ، وَتَفَرَّقُوا عَلَى أَنَّهُم أَحرَارٌ، وَكَانَ لِلْوَلِيْدِ أَخٌ جِلْفٌ مُتَكَبِّرٌ، يَرْكَبُ الخَيْلَ، وَيَرْكَبُ مَعَهُ غِلمَانُ كَثِيْرٌ، وَيَتَصَيَّدُ، وَقَدْ حَمَلَ الوَلِيْدُ دِيَةً، فَأَدَّى ذَلِكَ إِلَى بَيْتِ المَالِ، أَخْرَجَهُ عَنْ نَفْسِهِ، إِذِ اشْتبَهَ عَلَيْهِ أَمرُ أَبِيْهِ.
قَالَ: فَوَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيْهِ فِي ذَلِكَ شَغَبٌ وَجَفَاءٌ وَقطِيْعَةٌ، وَقَالَ: فَضَحْتَنَا، مَا كَانَ حَاجَتُكَ إِلَى مَا فَعَلتَ ؟!
قَالَ أَبُو التَّقِيِّ اليَزَنِيُّ: حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ مَسْلَمَةَ القُرَشِيُّ: أَنَا أَعتَقْتُ الوَلِيْدَ بنَ مُسْلِمٍ، كَانَ عَبْدِي.
وَرَوَى: مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ، عَنْ رَجُلٍ:
أَنَّ الوَلِيْدَ كَانَ مِنَ الأَخْمَاسِ، فَصَارَ لآلِ مَسْلَمَةَ بنِ عَبْدِ المَلِكِ، فَلَمَّا قَدِمَ بَنُو العَبَّاسِ فِي دَوْلَتِهِم، قَبَضُوا رَقِيْقَ الأَخْمَاسِ وَغَيْرَهُ، فَصَارَ الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ وَأَهْلُ بَيْتِهِ لِلأَمِيْرِ صَالِحِ بنِ عَلِيٍّ، فَوَهَبَهُم لابْنِهِ الفَضْلِ، ثُمَّ إِنَّ الوَلِيْدَ اشْتَرَى نَفْسَهُ مِنْهُم، فَأَخْبَرَنِي سَعْدُ بنُ مَسْلَمَةَ، قَالَ:
جَاءنِي الوَلِيْدُ، فَأَقَرَّ لِي بِالرِّقِّ، فَأَعتَقْتُهُ، وَكَانَ لَهُ أَخٌ اسْمُهُ
جَبَلَةُ، كَانَ لَهُ قَدْرٌ وَجَاهٌ.قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: لَيْسَ أَحَدٌ أَرْوَى لِحَدِيْثِ الشَّامِيِّيْنَ مِنَ: الوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ عَيَّاشٍ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ الحِزَامِيُّ: قَدِمْتُ البَصْرَةَ، فَجَاءنِي عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، فَقَالَ:
أَوَّلُ شَيْءٍ أَطْلُبُ أَنْ تُخْرِجَ إِلَيَّ حَدِيْثَ الوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ.
فَقُلْتُ: يَا ابْنَ أُمِّ! سُبْحَانَ اللهِ! وَأَيْنَ سَمَاعِي مِنْ سَمَاعِكَ؟ فَجَعَلْتُ آبَى، وَيُلِحُّ، فَقُلْتُ لَهُ: أَخْبِرْنِي عَنْ إِلحَاحِكَ مَا هُوَ؟
قَالَ: أُخبِرُكَ: إِنَّ الوَلِيْدَ رَجُلُ أَهْلِ الشَّامِ، وَعِنْدَهُ عِلْمٌ كَثِيْرٌ، وَلَمْ أَسْتَمكِنْ مِنْهُ، وَقَدْ حَدَّثَكُم بِالمَدِيْنَةِ فِي المَوَاسِمِ، وَتَقَعُ عِنْدَكُمُ الفَوَائِدُ؛ لأَنَّ الحُجَّاجَ يَجْتَمِعُوْنَ بِالمَدِيْنَةِ مِنَ الآفَاقِ، فَيَكُوْنُ مَعَ هَذَا بَعْضُ فَوَائِدِهِ، وَمَعَ هَذَا شَيْءٌ.
قَالَ: فَأَخْرَجْتُ إِلَيْهِ، فَتَعَجَّبَ مِنْ كِتَابِهِ، كَادَ أَنْ يَكتُبَهُ عَلَى الوَجْهِ.
سَمِعَهَا: يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ، مِنْ إِبْرَاهِيْمَ.
قَالَ أَبُو اليَمَانِ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ الوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ.
وَقِيْلَ لأَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ: الوَلِيْدُ أَفْقَهُ أَمْ وَكِيْعٌ؟
فَقَالَ: الوَلِيْدُ بِأَمرِ المَغَازِي، وَوَكِيْعٌ بِحَدِيْثِ العِرَاقِيِّينَ.
قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: كَانَ الوَلِيْدُ مِنْ حُفَّاظِ أَصْحَابِنَا.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: صَالِحُ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: الثِّقَاتُ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، مِثْلُ الوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ.
قَالَ ابْنُ جَوْصَا الحَافِظُ: لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ أَنَّهُ مَنْ كَتَبَ مُصَنَّفَاتِ الوَلِيْدِ، صَلُحَ أَنْ يَلِيَ القَضَاءَ، وَمُصَنَّفَاتُهُ سَبْعُوْنَ كِتَاباً.قُلْتُ: كُتُبُهُ أَجزَاءٌ، مَا أَظُنُّ فِيْهَا مَا يَبلُغُ مُجَلَّداً.
الفَسَوِيُّ: عَنِ الحُمَيْدِيِّ، قَالَ:
خَرَجْتُ يَوْمَ الصَّدَرِ، وَالوَلِيْدُ فِي مَسْجِدِ مِنَىً، وَعَلَيْهِ زِحَامٌ كَثِيْرٌ، وَجِئْتُ فِي آخِرِ النَّاسِ، فَوَقَفتُ بِالبُعْدِ، وَعَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ بِجَنْبِهِ، فَجَعَلُوا يَسْأَلُونَهُ، وَيُحَدِّثُهُم، وَأَنَا لاَ أَفْهُمُ، فَجَمَعتُ جَمَاعَةً مِنَ المَكِّيِّينَ، وَقُلْتُ لَهُم: جَلِّبُوا، وَأَفْسِدُوا عَلَى مَنْ بِالقُرْبِ مِنْهُ.
فَجَعَلُوا يَصِيْحُوْنَ، وَيَقُوْلُوْنَ: لاَ نَسْمَعُ، وَجَعَلَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ يَقُوْلُ: اسْكُتُوا، نُسْمِعْكُم.
قَالَ: فَاعْتَرَضْتُ، وَصِحْتُ، وَلَمْ أَكُنْ بَعْدُ حَلَقْتُ، فَنَظَرَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ إِلَيَّ وَلَمْ يُثبِتْنِي، فَقَالَ: لَوْ كَانَ فِيْكَ خَيْرٌ، لَمْ يَكُنْ شَعرُكَ عَلَى مَا أَرَى.
قَالَ: فَتَفَرَّقُوا، وَلَمْ يُحَدِّثْهُم بِشَيْءٍ.
قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: كَانَ الوَلِيْدُ يَأْخُذُ مِنِ ابْنِ أَبِي السَّفَرِ حَدِيْثَ الأَوْزَاعِيِّ، وَكَانَ كَذَّاباً، وَالوَلِيْدُ يَقُوْلُ فِيْهَا: قَالَ الأَوْزَاعِيُّ.
قَالَ صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ جَزَرَةُ: سَمِعْتُ الهَيْثَمَ بنَ خَارِجَةَ، قَالَ:
قُلْتُ لِلْوَلِيْدِ: قَدْ أَفسَدْتَ حَدِيْثَ الأَوْزَاعِيِّ!
قَالَ: وَكَيْفَ؟
قُلْتُ: تَروِي عَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ نَافِعٍ، وَعَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَعَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، وَغَيْرُكَ يُدْخِلُ بَيْنَ الأَوْزَاعِيِّ وَبَيْنَ نَافِعٍ عَبْدَ اللهِ بنَ عَامِرٍ الأَسْلَمِيَّ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الزُّهْرِيِّ، قُرَّةَ وَغَيْرَهُ، فَمَا يَحْمِلُكَ عَلَى هَذَا؟
قَالَ: أُنَبِّلُ الأَوْزَاعِيَّ أَنْ يَرْوِيَ عَنْ مِثْلِ هَؤُلاَءِ الضُّعَفَاءِ. قُلْتُ: فَإِذَا رَوَى الأَوْزَاعِيُّ
عَنْ هَؤُلاَءِ الضُّعَفَاءِ مَنَاكِيْرَ، فَأَسقَطْتَهُم أَنْتَ، وَصَيَّرْتَها مِنْ رِوَايَةِ الأَوْزَاعِيِّ عنِ الثِّقَاتِ، ضَعُفَ الأَوْزَاعِيُّ.قَالَ: فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى قَوْلِي.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: مَا رَأَيْتُ فِي الشَّامِيِّينَ أَحَداً أَعقَلَ مِنَ الوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: مَا رَأَيْتُ فِي الشَّامِيِّينَ مِثْلَ الوَلِيْدِ، وَقَدْ أَغرَبَ أَحَادِيْثَ صَحِيْحَةً، لَمْ يَشْرَكْهُ فِيْهَا أَحَدٌ.
قَالَ صَدَقَةُ بنُ الفَضْلِ المَرْوَزِيُّ: مَا رَأَيْتُ رَجُلاً أَحْفَظُ لِلْحَدِيْثِ الطَّوِيْلِ، وَأَحَادِيْثِ المَلاَحِمِ مِنَ الوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ، وَكَانَ يَحْفَظُ الأَبْوَابَ.
وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: رُبَّمَا دَلَّسَ الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ عَنْ كَذَّابِيْنَ.
قُلْتُ: البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ قَدِ احْتَجَّا بِهِ، وَلَكِنَّهُمَا يَنْتَقِيَانِ حَدِيْثَهُ، وَيَتَجَنَّبَانِ مَا يُنكَرُ لَهُ، وَقَدْ كَانَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ ذَهَبَ إِلَى الرَّمْلَةِ، فَأَكْثَرَ عَنْهُ أَهْلُهَا.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: الوَلِيْدُ يَرْوِي عَنِ الأَوْزَاعِيِّ أَحَادِيْثَ هِيَ عِنْدَ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ ضُعَفَاءَ، عَنْ شُيُوْخٍ أَدْرَكَهُم الأَوْزَاعِيُّ: كَنَافِعٍ، وَعَطَاءٍ،
وَالزُّهْرِيِّ، فَيُسقِطُ أَسْمَاءَ الضُّعَفَاءِ، مِثْلَ عَبْدِ اللهِ بنِ عَامِرٍ الأَسْلَمِيِّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ مُسْلِمٍ.قُلْتُ: رَوَى جَمَاعَةٌ، عَنِ الوَلِيْدِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (اسْمَحْ، يُسْمَحْ لَكَ).
فَهَذَا شَنَّعَ بَعْضُ المُحَدِّثِيْنَ أَنَّ الوَلِيْدَ تَفَرَّدَ بِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، هُوَ عِنْدَ يُوْسُفَ بنِ مُوْسَى القَطَّانِ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ.
وَرَوَاهُ: الحَافِظُ سُلَيْمَانُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَيَّاشٍ: أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ حَدَّثَهُم.
وَقَدْ رَوَاهُ: مِنْدَلُ بنُ عَلِيٍّ، وَخَارِجَةُ بنُ مُصْعَبٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، فَأَرْسَلاَهُ.
قُلْتُ: أَنْكَرُ مَا لَهُ حَدِيْثٌ رَوَاهُ عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ - وَاللَّفْظُ لَهُ - قَالاَ:
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، وَعِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذْ جَاءهُ عَلِيٌّ، فَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، تَفَلَّتَ هَذَا القُرْآنُ مِنْ صَدْرِي، فَمَا أَجِدُنِي أَقْدِرُ عَلَيْهِ.
فَقَالَ: (يَا أَبَا الحَسَنِ، أَفَلاَ أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللهُ بِهِنَّ، وَيُثَّبِتُ مَا تَعَلَّمْتَ فِي صَدْرِكَ؟) .
قَالَ: أَجَلْ يَا رَسُوْلَ اللهِ.
قَالَ: (إِذَا بِتَّ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَقُوْمَ فِي ثُلُثِ اللَّيْلِ الآخِرِ، فَإِنَّهَا سَاعَةٌ مَشْهُوْدَةٌ، وَالدُّعَاءُ فِيْهَا مُسْتَجَابٌ، وَقَدْ قَالَ أَخِي يَعْقُوْبُ لِبَنِيْهِ: {سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي} [يُوْسُفُ: 98] حَتَّى تَأْتِيَ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ، فَقُمْ فِي وَسَطِهَا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ، فَفِي أَوَّلِهَا،
فَصَلِّ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، تَقْرَأُ فِي الأُوْلَى: بِالفَاتِحَةِ وَيس، وَفِي الثَّانِيَةِ: بِالفَاتِحَةِ وَالدُّخَانِ، وَفِي الثَّالِثَةِ: بِآلم السَّجْدَةِ، وَفِي الرَّابِعَةِ: تَبَارَكَ، فَإِذَا فَرَغْتَ، فَاحْمَدِ اللهَ، وَأَحْسِنِ الثَّنَاءَ، وَصَلِّ عَلَيَّ، وَعَلَى سَائِرِ النَّبِيِّيْنَ، وَاسْتَغْفرْ لِلْمُؤْمِنِيْنَ، وَقُلْ: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي بِتَرْكِ المَعَاصِي، وَارْحَمْنِي أَنْ أَتَكَلَّفَ مَا لاَ يَعْنِيْنِي، وَارْزُقْنِي حُسْنَ النَّظَرِ فِيْمَا يُرْضِيْكَ عَنِّي، اللَّهُمَّ بَدِيْعَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، ذَا الجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ، وَالعِزَّةِ الَّتِي لاَ تُرَامُ، أَسْأَلُكَ يَا اللهُ، يَا رَحْمَنُ، بِجَلاَلِكَ وَنُوْرِ وَجْهِكَ، أَنْ تُلْزِمَ قَلْبِي حِفْظَ كِتَابِكَ ... ) فِي دُعَاءٍ فِيْهِ طَوِيْلٍ، إِلَى أَنْقَالَ: (يَا أَبَا الحَسَنِ، تَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلاَثَ جُمَعٍ، أَوْ خَمْساً، أَوْ سَبْعاً، تُجَابُ بِإِذْنِ اللهِ) .
قَالَ: فَمَا لَبِثَ عَلِيٌّ إِلاَّ خَمْساً، أَوْ سَبْعاً، حَتَّى جَاءَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ المَجْلِسِ، فَقَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، مَا لِي كُنْتُ فِيْمَا خَلاَ لاَ آخُذُ إِلاَّ أَرْبَعَ آيَاتٍ وَنَحْوَهُنَّ، وَأَنَا أَتَعَلَّمُ اليَوْمَ أَرْبَعِيْنَ آيَةً، وَلَقَدْ كُنْتُ أَسْمَعُ الأَحَادِيْثَ، فَإِذَا رَدَّدْتُهُ، تَفَلَّتَ، وَأَنَا اليَوْمَ أَسْمَعُ الأَحَادِيْثَ، فَإِذَا حَدَّثْتُ، لَمْ أُحَرِّفْ مِنْهَا حَرفاً؟
فَقَالَ لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ: (مُؤْمِنٌ - وَرَبِّ الكَعْبَةِ - أَبَا الحَسَنِ ) .
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ، غَرِيْبٌ، لاَ نَعْرِفُهُ إِلاَّ مِنْ حَدِيْثِ الوَلِيْدِ.
قُلْتُ: هَذَا عِنْدِي مَوْضُوْعٌ وَالسَّلاَمُ، وَلَعَلَّ الآفَةَ دَخَلَتْ عَلَى سُلَيْمَانَ ابْنِ بِنْتِ شُرَحْبِيْلَ فِيْهِ، فَإِنَّهُ مُنْكَرُ الحَدِيْثِ، وَإِنْ كَانَ حَافِظاً، فَلَو كَانَ، قَالَ فِيْهِ: عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، لَرَاجَ، وَلَكِنْ صَرَّحَ بِالتَّحْدِيْثِ، فَقَوِيَتِ
الرِّيْبَةُ، وَإِنَّمَا هَذَا الحَدِيْثُ يَرْوِيْهِ هِشَامُ بنُ عَمَّارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ القُرَشِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمُحَمَّدٌ هَذَا لَيْسَ بِثِقَةٍ، وَشَيْخُهُ لاَ يُدْرَى مَنْ هُوَ.أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي الأَبَرْقُوْهِيُّ، أَخْبَرَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ الكَاتِبُ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ أَبِي شَرِيْكٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ بنُ النَّقُّوْرِ، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ عَلِيٍّ الوَزِيْرُ، قُرِئَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ اللهِ بنِ سُلَيْمَانَ - وَأَنَا أَسْمَعُ - قِيْلَ لَهُ:
حَدَّثَكُم عَمْرُو بنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
ذَبَحَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَمَّنِ اعْتَمَرَ مَعَهُ مِنْ نِسَائِهِ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ بَقَرَةً بَيْنَهُم.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ، وَأَحْمَدُ بنُ مُؤْمِنٍ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، وَأَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ البُسْطِيُّ، وَسُنْقُرُ الزَّيْنِيُّ، وَعَبْدُ المُنْعِمِ بنُ زَيْنِ الأُمَنَاءِ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ، وَجَمَاعَةٌ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ البَنَّاءِ حُضُوْراً فِي الرَّابِعَةِ (ح) .
وَقَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَكُم أَكْمَلُ بنُ أَبِي الأَزْهَرِ العَلَوِيُّ، أَخْبَرْنَا ابْنُ البَنَّاءِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الوَرَّاقُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ وَزِيْرٍ، حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (يُؤْتَى بِالمَوْتِ يَوْمَ القِيَامَةِ فِي صُوْرَةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ، فَيُذْبَحُ بَيْنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، ثُمَّ يُقَالَ: يَا أَهْلَ الجَنَّةِ!
أَيْقِنُوا بِالخُلُوْدِ، وَيَا أَهْلَ النَّارِ! أَيْقِنُوا بِالخُلُوْدِ) .قَالَ: (فَيَزْدَادُ أَهْلُ النَّارِ حُزْناً، وَأَهْلُ الجَنَّةِ سُرُوْراً ) .
قَالَ حَرْمَلَةُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الجُهَنِيُّ: نَزَلَ عَلَيَّ الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ بِذِي المَرْوَةِ قَافِلاً مِنَ الحَجِّ، فَمَاتَ عِنْدِي بِذِي المَرْوَةِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ مُصَفَّى الحِمْصِيُّ، وَغَيْرُهُ: مَاتَ الوَلِيْدُ فِي شَهْرِ المُحَرَّمِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ.
الإِمَامُ، عَالِمُ أَهْلِ الشَّامِ، أَبُو العَبَّاسِ الدِّمَشْقِيُّ، الحَافِظُ، مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ.
قَرَأَ القُرْآنَ عَلَى: يَحْيَى بنِ الحَارِثِ الذِّمَارِيِّ، وَعَلَى: سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ.
وَحَدَّثَ عَنْهُمَا.وَعَنِ: ابْنِ عَجْلاَنَ، وَثَوْرِ بنِ يَزِيْدَ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، وَمَرْوَانَ بنِ جَنَاحٍ، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي مَرْيَمَ الغَسَّانِيِّ، وَعُفَيْرِ بنِ مَعْدَانَ، وَعُثْمَانَ بنِ أَبِي العَاتِكَةِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَزِيْدَ بنِ جَابِرٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَزِيْدَ بنِ تَمِيْمٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ العَلاَءِ بنِ زَبْرٍ، وَسُلَيْمَانَ بنِ مُوْسَى، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ رَافِعٍ، وَحَنْظَلَةَ بنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَصَفْوَانَ بنِ عَمْرٍو، وَشَيْبَةَ بنِ الأَحْنَفِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حَسَّانٍ الكِنَانِيِّ، وَحَرِيْزِ بنِ عُثْمَانَ، وَهِشَامِ بنِ حَسَّانٍ، وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ بنِ عُمَرَ الثَّقَفِيِّ، وَمُعَانِ بنِ رِفَاعَةَ، وَشَيْبَانَ النَّحْوِيِّ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَمَالِكٍ، وَاللَّيْثِ، وَابْنِ لَهِيْعَةَ، وَالمُثَنَّى بنِ الصَّبَّاحِ، وَيَزِيْدَ بنِ أَبِي مَرْيَمَ، وَسَعِيْدِ بنِ بَشِيْرٍ، وَعَدَدٍ كَثِيْرٍ.
وَارْتَحَلَ فِي هَذَا الشَّأْنِ، وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ، وَتَصَدَّى لِلإِمَامَةِ، وَاشْتُهِرَ اسْمُهُ.
وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ، ثِقَةً، حَافِظاً، لَكِنْ رَدِيْءَ التَّدْلِيْسِ، فَإِذَا
قَالَ: حَدَّثَنَا، فَهُوَ حُجَّةٌ.
هُوَ فِي نَفْسِهِ أَوْثَقُ مِنْ بَقِيَّةَ، وَأَعْلَمُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ، وَبَقِيَّةُ بنُ الوَلِيْدِ - وَهُمَا مِنْ شُيُوْخِهِ - وَعَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ، وَأَبُو مُسْهِرٍ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَدُحَيْمٌ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ، وَإِسْحَاقُ بنُ مُوْسَى، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الطَّنَافِسِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ، وَنُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَائِذٍ، وَدَاوُدُ بنُ رُشَيْدٍ، وَسُوَيْدُ بنُ سَعِيْدٍ، وَعَمْرُو بنُ عُثْمَانَ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُوْسَى، وَمُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى، وَأَبُو قُدَامَةَ السَّرَخْسِيُّ، وَكَثِيْرُ بنُ عُبَيْدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مَيْمُوْنٍ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ، وَيَحْيَى بنُ مُوْسَى خَتٌّ، وَأَبُو عُمَيْرٍ بنُ النَّحَاسِ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُصَفَّى، وَمُوْسَى بنُ عَامِرٍ المُرِّيُّ، وَمَحْمُوْدُ بنُ غَيْلاَنَ، وَأُمَمٌ سِوَاهُم، آخِرُهُم وَفَاةً:
حَجَّاجُ بنُ الرَّيَّانِ الدِّمَشْقِيُّ، المُتَوَفَّى سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: كَانَ الوَلِيْدُ ثِقَةً، كَثِيْرَ الحَدِيْثِ وَالعِلْمِ، حَجَّ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ، ثُمَّ رَجَعَ، فَمَاتَ بِالطَّرِيْقِ.
قَالَ دُحَيْمٌ: كَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ وَمائَةٍ.
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ: قَرَأَ عَلَيْهِ القُرْآنَ: هِشَامُ بنُ عَمَّارٍ، وَالرَّبِيْعُ بنُ ثَعْلَبٍ.
قَالَ الفَسَوِيُّ: سَأَلْتُ هِشَامَ بنَ عَمَّارٍ عَنِ الوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ، فَأَقْبَلَ يَصِفُ عِلْمَهُ، وَوَرَعَهُ، وَتَوَاضُعَهُ، وَقَالَ:
كَانَ أَبُوْهُ مِنْ رَقِيْقِ الإِمَارَةِ، وَتَفَرَّقُوا عَلَى أَنَّهُم أَحرَارٌ، وَكَانَ لِلْوَلِيْدِ أَخٌ جِلْفٌ مُتَكَبِّرٌ، يَرْكَبُ الخَيْلَ، وَيَرْكَبُ مَعَهُ غِلمَانُ كَثِيْرٌ، وَيَتَصَيَّدُ، وَقَدْ حَمَلَ الوَلِيْدُ دِيَةً، فَأَدَّى ذَلِكَ إِلَى بَيْتِ المَالِ، أَخْرَجَهُ عَنْ نَفْسِهِ، إِذِ اشْتبَهَ عَلَيْهِ أَمرُ أَبِيْهِ.
قَالَ: فَوَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيْهِ فِي ذَلِكَ شَغَبٌ وَجَفَاءٌ وَقطِيْعَةٌ، وَقَالَ: فَضَحْتَنَا، مَا كَانَ حَاجَتُكَ إِلَى مَا فَعَلتَ ؟!
قَالَ أَبُو التَّقِيِّ اليَزَنِيُّ: حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ مَسْلَمَةَ القُرَشِيُّ: أَنَا أَعتَقْتُ الوَلِيْدَ بنَ مُسْلِمٍ، كَانَ عَبْدِي.
وَرَوَى: مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ، عَنْ رَجُلٍ:
أَنَّ الوَلِيْدَ كَانَ مِنَ الأَخْمَاسِ، فَصَارَ لآلِ مَسْلَمَةَ بنِ عَبْدِ المَلِكِ، فَلَمَّا قَدِمَ بَنُو العَبَّاسِ فِي دَوْلَتِهِم، قَبَضُوا رَقِيْقَ الأَخْمَاسِ وَغَيْرَهُ، فَصَارَ الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ وَأَهْلُ بَيْتِهِ لِلأَمِيْرِ صَالِحِ بنِ عَلِيٍّ، فَوَهَبَهُم لابْنِهِ الفَضْلِ، ثُمَّ إِنَّ الوَلِيْدَ اشْتَرَى نَفْسَهُ مِنْهُم، فَأَخْبَرَنِي سَعْدُ بنُ مَسْلَمَةَ، قَالَ:
جَاءنِي الوَلِيْدُ، فَأَقَرَّ لِي بِالرِّقِّ، فَأَعتَقْتُهُ، وَكَانَ لَهُ أَخٌ اسْمُهُ
جَبَلَةُ، كَانَ لَهُ قَدْرٌ وَجَاهٌ.قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: لَيْسَ أَحَدٌ أَرْوَى لِحَدِيْثِ الشَّامِيِّيْنَ مِنَ: الوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ عَيَّاشٍ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ الحِزَامِيُّ: قَدِمْتُ البَصْرَةَ، فَجَاءنِي عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، فَقَالَ:
أَوَّلُ شَيْءٍ أَطْلُبُ أَنْ تُخْرِجَ إِلَيَّ حَدِيْثَ الوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ.
فَقُلْتُ: يَا ابْنَ أُمِّ! سُبْحَانَ اللهِ! وَأَيْنَ سَمَاعِي مِنْ سَمَاعِكَ؟ فَجَعَلْتُ آبَى، وَيُلِحُّ، فَقُلْتُ لَهُ: أَخْبِرْنِي عَنْ إِلحَاحِكَ مَا هُوَ؟
قَالَ: أُخبِرُكَ: إِنَّ الوَلِيْدَ رَجُلُ أَهْلِ الشَّامِ، وَعِنْدَهُ عِلْمٌ كَثِيْرٌ، وَلَمْ أَسْتَمكِنْ مِنْهُ، وَقَدْ حَدَّثَكُم بِالمَدِيْنَةِ فِي المَوَاسِمِ، وَتَقَعُ عِنْدَكُمُ الفَوَائِدُ؛ لأَنَّ الحُجَّاجَ يَجْتَمِعُوْنَ بِالمَدِيْنَةِ مِنَ الآفَاقِ، فَيَكُوْنُ مَعَ هَذَا بَعْضُ فَوَائِدِهِ، وَمَعَ هَذَا شَيْءٌ.
قَالَ: فَأَخْرَجْتُ إِلَيْهِ، فَتَعَجَّبَ مِنْ كِتَابِهِ، كَادَ أَنْ يَكتُبَهُ عَلَى الوَجْهِ.
سَمِعَهَا: يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ، مِنْ إِبْرَاهِيْمَ.
قَالَ أَبُو اليَمَانِ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ الوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ.
وَقِيْلَ لأَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ: الوَلِيْدُ أَفْقَهُ أَمْ وَكِيْعٌ؟
فَقَالَ: الوَلِيْدُ بِأَمرِ المَغَازِي، وَوَكِيْعٌ بِحَدِيْثِ العِرَاقِيِّينَ.
قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: كَانَ الوَلِيْدُ مِنْ حُفَّاظِ أَصْحَابِنَا.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: صَالِحُ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: الثِّقَاتُ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، مِثْلُ الوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ.
قَالَ ابْنُ جَوْصَا الحَافِظُ: لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ أَنَّهُ مَنْ كَتَبَ مُصَنَّفَاتِ الوَلِيْدِ، صَلُحَ أَنْ يَلِيَ القَضَاءَ، وَمُصَنَّفَاتُهُ سَبْعُوْنَ كِتَاباً.قُلْتُ: كُتُبُهُ أَجزَاءٌ، مَا أَظُنُّ فِيْهَا مَا يَبلُغُ مُجَلَّداً.
الفَسَوِيُّ: عَنِ الحُمَيْدِيِّ، قَالَ:
خَرَجْتُ يَوْمَ الصَّدَرِ، وَالوَلِيْدُ فِي مَسْجِدِ مِنَىً، وَعَلَيْهِ زِحَامٌ كَثِيْرٌ، وَجِئْتُ فِي آخِرِ النَّاسِ، فَوَقَفتُ بِالبُعْدِ، وَعَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ بِجَنْبِهِ، فَجَعَلُوا يَسْأَلُونَهُ، وَيُحَدِّثُهُم، وَأَنَا لاَ أَفْهُمُ، فَجَمَعتُ جَمَاعَةً مِنَ المَكِّيِّينَ، وَقُلْتُ لَهُم: جَلِّبُوا، وَأَفْسِدُوا عَلَى مَنْ بِالقُرْبِ مِنْهُ.
فَجَعَلُوا يَصِيْحُوْنَ، وَيَقُوْلُوْنَ: لاَ نَسْمَعُ، وَجَعَلَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ يَقُوْلُ: اسْكُتُوا، نُسْمِعْكُم.
قَالَ: فَاعْتَرَضْتُ، وَصِحْتُ، وَلَمْ أَكُنْ بَعْدُ حَلَقْتُ، فَنَظَرَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ إِلَيَّ وَلَمْ يُثبِتْنِي، فَقَالَ: لَوْ كَانَ فِيْكَ خَيْرٌ، لَمْ يَكُنْ شَعرُكَ عَلَى مَا أَرَى.
قَالَ: فَتَفَرَّقُوا، وَلَمْ يُحَدِّثْهُم بِشَيْءٍ.
قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: كَانَ الوَلِيْدُ يَأْخُذُ مِنِ ابْنِ أَبِي السَّفَرِ حَدِيْثَ الأَوْزَاعِيِّ، وَكَانَ كَذَّاباً، وَالوَلِيْدُ يَقُوْلُ فِيْهَا: قَالَ الأَوْزَاعِيُّ.
قَالَ صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ جَزَرَةُ: سَمِعْتُ الهَيْثَمَ بنَ خَارِجَةَ، قَالَ:
قُلْتُ لِلْوَلِيْدِ: قَدْ أَفسَدْتَ حَدِيْثَ الأَوْزَاعِيِّ!
قَالَ: وَكَيْفَ؟
قُلْتُ: تَروِي عَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ نَافِعٍ، وَعَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَعَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، وَغَيْرُكَ يُدْخِلُ بَيْنَ الأَوْزَاعِيِّ وَبَيْنَ نَافِعٍ عَبْدَ اللهِ بنَ عَامِرٍ الأَسْلَمِيَّ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الزُّهْرِيِّ، قُرَّةَ وَغَيْرَهُ، فَمَا يَحْمِلُكَ عَلَى هَذَا؟
قَالَ: أُنَبِّلُ الأَوْزَاعِيَّ أَنْ يَرْوِيَ عَنْ مِثْلِ هَؤُلاَءِ الضُّعَفَاءِ. قُلْتُ: فَإِذَا رَوَى الأَوْزَاعِيُّ
عَنْ هَؤُلاَءِ الضُّعَفَاءِ مَنَاكِيْرَ، فَأَسقَطْتَهُم أَنْتَ، وَصَيَّرْتَها مِنْ رِوَايَةِ الأَوْزَاعِيِّ عنِ الثِّقَاتِ، ضَعُفَ الأَوْزَاعِيُّ.قَالَ: فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى قَوْلِي.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: مَا رَأَيْتُ فِي الشَّامِيِّينَ أَحَداً أَعقَلَ مِنَ الوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: مَا رَأَيْتُ فِي الشَّامِيِّينَ مِثْلَ الوَلِيْدِ، وَقَدْ أَغرَبَ أَحَادِيْثَ صَحِيْحَةً، لَمْ يَشْرَكْهُ فِيْهَا أَحَدٌ.
قَالَ صَدَقَةُ بنُ الفَضْلِ المَرْوَزِيُّ: مَا رَأَيْتُ رَجُلاً أَحْفَظُ لِلْحَدِيْثِ الطَّوِيْلِ، وَأَحَادِيْثِ المَلاَحِمِ مِنَ الوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ، وَكَانَ يَحْفَظُ الأَبْوَابَ.
وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: رُبَّمَا دَلَّسَ الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ عَنْ كَذَّابِيْنَ.
قُلْتُ: البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ قَدِ احْتَجَّا بِهِ، وَلَكِنَّهُمَا يَنْتَقِيَانِ حَدِيْثَهُ، وَيَتَجَنَّبَانِ مَا يُنكَرُ لَهُ، وَقَدْ كَانَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ ذَهَبَ إِلَى الرَّمْلَةِ، فَأَكْثَرَ عَنْهُ أَهْلُهَا.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: الوَلِيْدُ يَرْوِي عَنِ الأَوْزَاعِيِّ أَحَادِيْثَ هِيَ عِنْدَ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ ضُعَفَاءَ، عَنْ شُيُوْخٍ أَدْرَكَهُم الأَوْزَاعِيُّ: كَنَافِعٍ، وَعَطَاءٍ،
وَالزُّهْرِيِّ، فَيُسقِطُ أَسْمَاءَ الضُّعَفَاءِ، مِثْلَ عَبْدِ اللهِ بنِ عَامِرٍ الأَسْلَمِيِّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ مُسْلِمٍ.قُلْتُ: رَوَى جَمَاعَةٌ، عَنِ الوَلِيْدِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (اسْمَحْ، يُسْمَحْ لَكَ).
فَهَذَا شَنَّعَ بَعْضُ المُحَدِّثِيْنَ أَنَّ الوَلِيْدَ تَفَرَّدَ بِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، هُوَ عِنْدَ يُوْسُفَ بنِ مُوْسَى القَطَّانِ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ.
وَرَوَاهُ: الحَافِظُ سُلَيْمَانُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَيَّاشٍ: أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ حَدَّثَهُم.
وَقَدْ رَوَاهُ: مِنْدَلُ بنُ عَلِيٍّ، وَخَارِجَةُ بنُ مُصْعَبٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، فَأَرْسَلاَهُ.
قُلْتُ: أَنْكَرُ مَا لَهُ حَدِيْثٌ رَوَاهُ عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ - وَاللَّفْظُ لَهُ - قَالاَ:
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، وَعِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذْ جَاءهُ عَلِيٌّ، فَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، تَفَلَّتَ هَذَا القُرْآنُ مِنْ صَدْرِي، فَمَا أَجِدُنِي أَقْدِرُ عَلَيْهِ.
فَقَالَ: (يَا أَبَا الحَسَنِ، أَفَلاَ أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللهُ بِهِنَّ، وَيُثَّبِتُ مَا تَعَلَّمْتَ فِي صَدْرِكَ؟) .
قَالَ: أَجَلْ يَا رَسُوْلَ اللهِ.
قَالَ: (إِذَا بِتَّ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَقُوْمَ فِي ثُلُثِ اللَّيْلِ الآخِرِ، فَإِنَّهَا سَاعَةٌ مَشْهُوْدَةٌ، وَالدُّعَاءُ فِيْهَا مُسْتَجَابٌ، وَقَدْ قَالَ أَخِي يَعْقُوْبُ لِبَنِيْهِ: {سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي} [يُوْسُفُ: 98] حَتَّى تَأْتِيَ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ، فَقُمْ فِي وَسَطِهَا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ، فَفِي أَوَّلِهَا،
فَصَلِّ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، تَقْرَأُ فِي الأُوْلَى: بِالفَاتِحَةِ وَيس، وَفِي الثَّانِيَةِ: بِالفَاتِحَةِ وَالدُّخَانِ، وَفِي الثَّالِثَةِ: بِآلم السَّجْدَةِ، وَفِي الرَّابِعَةِ: تَبَارَكَ، فَإِذَا فَرَغْتَ، فَاحْمَدِ اللهَ، وَأَحْسِنِ الثَّنَاءَ، وَصَلِّ عَلَيَّ، وَعَلَى سَائِرِ النَّبِيِّيْنَ، وَاسْتَغْفرْ لِلْمُؤْمِنِيْنَ، وَقُلْ: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي بِتَرْكِ المَعَاصِي، وَارْحَمْنِي أَنْ أَتَكَلَّفَ مَا لاَ يَعْنِيْنِي، وَارْزُقْنِي حُسْنَ النَّظَرِ فِيْمَا يُرْضِيْكَ عَنِّي، اللَّهُمَّ بَدِيْعَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، ذَا الجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ، وَالعِزَّةِ الَّتِي لاَ تُرَامُ، أَسْأَلُكَ يَا اللهُ، يَا رَحْمَنُ، بِجَلاَلِكَ وَنُوْرِ وَجْهِكَ، أَنْ تُلْزِمَ قَلْبِي حِفْظَ كِتَابِكَ ... ) فِي دُعَاءٍ فِيْهِ طَوِيْلٍ، إِلَى أَنْقَالَ: (يَا أَبَا الحَسَنِ، تَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلاَثَ جُمَعٍ، أَوْ خَمْساً، أَوْ سَبْعاً، تُجَابُ بِإِذْنِ اللهِ) .
قَالَ: فَمَا لَبِثَ عَلِيٌّ إِلاَّ خَمْساً، أَوْ سَبْعاً، حَتَّى جَاءَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ المَجْلِسِ، فَقَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، مَا لِي كُنْتُ فِيْمَا خَلاَ لاَ آخُذُ إِلاَّ أَرْبَعَ آيَاتٍ وَنَحْوَهُنَّ، وَأَنَا أَتَعَلَّمُ اليَوْمَ أَرْبَعِيْنَ آيَةً، وَلَقَدْ كُنْتُ أَسْمَعُ الأَحَادِيْثَ، فَإِذَا رَدَّدْتُهُ، تَفَلَّتَ، وَأَنَا اليَوْمَ أَسْمَعُ الأَحَادِيْثَ، فَإِذَا حَدَّثْتُ، لَمْ أُحَرِّفْ مِنْهَا حَرفاً؟
فَقَالَ لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ: (مُؤْمِنٌ - وَرَبِّ الكَعْبَةِ - أَبَا الحَسَنِ ) .
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ، غَرِيْبٌ، لاَ نَعْرِفُهُ إِلاَّ مِنْ حَدِيْثِ الوَلِيْدِ.
قُلْتُ: هَذَا عِنْدِي مَوْضُوْعٌ وَالسَّلاَمُ، وَلَعَلَّ الآفَةَ دَخَلَتْ عَلَى سُلَيْمَانَ ابْنِ بِنْتِ شُرَحْبِيْلَ فِيْهِ، فَإِنَّهُ مُنْكَرُ الحَدِيْثِ، وَإِنْ كَانَ حَافِظاً، فَلَو كَانَ، قَالَ فِيْهِ: عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، لَرَاجَ، وَلَكِنْ صَرَّحَ بِالتَّحْدِيْثِ، فَقَوِيَتِ
الرِّيْبَةُ، وَإِنَّمَا هَذَا الحَدِيْثُ يَرْوِيْهِ هِشَامُ بنُ عَمَّارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ القُرَشِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمُحَمَّدٌ هَذَا لَيْسَ بِثِقَةٍ، وَشَيْخُهُ لاَ يُدْرَى مَنْ هُوَ.أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي الأَبَرْقُوْهِيُّ، أَخْبَرَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ الكَاتِبُ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ أَبِي شَرِيْكٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ بنُ النَّقُّوْرِ، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ عَلِيٍّ الوَزِيْرُ، قُرِئَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ اللهِ بنِ سُلَيْمَانَ - وَأَنَا أَسْمَعُ - قِيْلَ لَهُ:
حَدَّثَكُم عَمْرُو بنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
ذَبَحَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَمَّنِ اعْتَمَرَ مَعَهُ مِنْ نِسَائِهِ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ بَقَرَةً بَيْنَهُم.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ، وَأَحْمَدُ بنُ مُؤْمِنٍ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، وَأَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ البُسْطِيُّ، وَسُنْقُرُ الزَّيْنِيُّ، وَعَبْدُ المُنْعِمِ بنُ زَيْنِ الأُمَنَاءِ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ، وَجَمَاعَةٌ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ البَنَّاءِ حُضُوْراً فِي الرَّابِعَةِ (ح) .
وَقَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَكُم أَكْمَلُ بنُ أَبِي الأَزْهَرِ العَلَوِيُّ، أَخْبَرْنَا ابْنُ البَنَّاءِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الوَرَّاقُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ وَزِيْرٍ، حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (يُؤْتَى بِالمَوْتِ يَوْمَ القِيَامَةِ فِي صُوْرَةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ، فَيُذْبَحُ بَيْنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، ثُمَّ يُقَالَ: يَا أَهْلَ الجَنَّةِ!
أَيْقِنُوا بِالخُلُوْدِ، وَيَا أَهْلَ النَّارِ! أَيْقِنُوا بِالخُلُوْدِ) .قَالَ: (فَيَزْدَادُ أَهْلُ النَّارِ حُزْناً، وَأَهْلُ الجَنَّةِ سُرُوْراً ) .
قَالَ حَرْمَلَةُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الجُهَنِيُّ: نَزَلَ عَلَيَّ الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ بِذِي المَرْوَةِ قَافِلاً مِنَ الحَجِّ، فَمَاتَ عِنْدِي بِذِي المَرْوَةِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ مُصَفَّى الحِمْصِيُّ، وَغَيْرُهُ: مَاتَ الوَلِيْدُ فِي شَهْرِ المُحَرَّمِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ.