أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ يَزِيْدَ
الحَافِظُ، الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الثَّبْتُ، أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ يَزِيْدَ بنِ دَاودَ النَّيْسَابُوْرِيُّ.
أَحدُ النُّقَادِ.
وُلِدَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَأَوَّلُ شَيْءٍ سَمِعَهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ.
رَوَى عَنْ: إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ شِيْرَوَيْه، وَجَعْفَرِ بنِ أَحْمَدَ الحَافِظِ، وَابنِ خُزَيْمَةَ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ المَاسِرْجِسِيِّ، وَطَبَقَتِهِم بِنَيْسَابُوْرَ.وَعَنِ: الحُسَيْنِ بنِ إِدْرِيْسَ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيَّ بهَرَاةَ، وَأَبِي خَلِيْفَةَ الجُمَحِيِّ، وَزَكَرِيَّا السَّاجِيِّ بِالبَصْرَةِ، وَمُحَمَّدِ بنِ نُصَيْرٍ، وَطَبَقَتِهِ بِأَصْبَهَانَ، وَمُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ القتَّاتِ، وَعِدَّةٍ بِالكُوْفَةِ، وَعَبْدَانَ الجوَالِيقِيِّ بِالأَهْوَازِ، وَالحَسَنِ بنِ سُفْيَانَ، بِنَسَا.
وَالحَسَنِ بنِ الفَرَجِ الغَزِّيِّ بغَزَّةَ، وَعِمْرَانَ بنِ مُوْسَى بنِ مُجَاشْعٍ بجُرْجَانَ، وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيِّ، وَأَبِي يَعْقُوْبَ المَنْجَنِيْقِيِّ بِمِصْرَ، وَأَبِي يَعْلَى بنِ المُثَنَّى بِالمَوْصِلِ، وَمُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ بنِ أَبِي سُوَيْدٍ، وَهُوَ أَقدمُ شَيْخٍ لَهُ، وَأَحْمَدَ بنِ يَحْيَى الحُلْوَانِيِّ بحُلوَانَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ نَاجيَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ حُبَّانَ بِبَغْدَادَ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ بِمدَائِنَ خُرَاسَانَ، وَبَالحَرَمَيْنِ وَمِصْرَ وَالشَّامِ وَالعِرَاقِ وَالجَزِيْرَةِ وَالجِبَالِ.
وَكَانَ فِي أَيَّامِ الحدَاثَةِ يَتَعَلَّمُ فِي الصَّاغَةِ، فنصَحَهُ بَعْضُ العُلَمَاءِ لَمَّا شَاهدَ فرطَ ذكَائِهِ، وَأَشَارَ عَلَيْهِ بطلبِ العِلْمِ، فَهشَّ لِذَلِكَ، وَأَقبلَ عَلَى الطَّلَبِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ مَنْدَةَ، وَالحَاكِمُ، وَأَبُو طَاهِرٍ بنُ مَحْمِشٍ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَعِدَّةٌ.
وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ الإِمَامَانِ: أَبُو بَكْرٍ الصِّبْغِيُّ، وَأَبُو الوَلِيْدِ حَسَّانُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَهُمَا أَكبرُ مِنْهُ.
وَتلمذَ لَهُ: الحَاكِمُ، وَتخَرَّجَ بِهِ، وَقَالَ: هُوَ وَاحدُ عَصْرِهِ فِي الحِفْظِ، وَالإِتْقَانِ، وَالوَرَعِ، وَالمذَاكرَةِ، وَالتَّصْنِيْفِ.
سَمِعَ: إِبْرَاهِيْمَ بنَ أَبِي طَالِبٍ ثُمَّ سَرَدَ شُيُوخَهُ.
وَعَنْ أَبِي عليٍّ الحَافِظِ، قَالَ: رحلتُ إِلَى هَرَاةَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ
وَتِسْعِيْنَ، وَحضرتُ أَبا خَلِيْفَةَ الجُمَحِيَّ وَهُوَ يهدِّدُ وَكيلاً، وَيَقُوْلُ: تعُودُ يَا لُكَعٌ؟فَقَالَ: لاَ أَصلحَكَ اللهُ، فَقَالَ: بَلْ أَنْتَ لاَ أَصلحَكَ اللهُ، قُمْ عَنِّي.
قَالَ الحَاكِمُ: كُنْت أَرَى أَبَا علِيٍّ الحَافِظَ مُعجباً بِأَبِي يَعْلَى المَوْصِلِيِّ وَبإِتقَانِهِ.
وَقَالَ: كَانَ لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ حَدِيْثِهِ إِلاَّ اليَسِيْرَ، وَلَوْلاَ اشتغَالِهِ بسمَاعِ كُتُبِ القَاضِي أَبِي يُوْسُفَ مِنْ بِشْرِ بنِ الوَلِيْدِ الكِنْدِيِّ لأَدركَ بِالبَصْرَةِ أَبا الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيَّ، وَسُلَيْمَانَ بنَ حَرْبٍ.
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ أَبُو عَلِيٍّ باقعَةً فِي الحِفْظِ، لاَ تُطَاقُ مُذكرَاتُهُ، وَلاَ يَفِيَ بِمذكرَاتِهِ أَحدٌ مِنْ حُفَّاظِنَا، وَقَدْ خَرَجَ إِلَى بَغْدَادَ ثَانِيَ مرَّةٍ فِي سَنَةِ عَشْرٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَقَدْ صَنَّفَ وَجَمَعَ، فَأَقَامَ بِبَغْدَادَ وَمَا بِهَا أَحدٌ أَحفظُ مِنْهُ إِلاَّ أَنْ يَكُوْنَ الجِعَابِيَّ، فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبَا علِيٍّ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ بِبَغْدَادَ أَحفظَ مِنَ الجِعَابِيِّ.
وَسَمِعْتُ أَبَا علِيٍّ يَقُوْلُ: كَتبَ عَنِّي أَبُو مُحَمَّدِ بنُ صَاعدٍ غَيْرَ حَدِيْثٍ فِي المذَاكرَةِ، وَكَتَبَ عَنِّي ابْنُ جَوْصَا بِدِمَشْقَ جُمْلَةً.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَارمٍ: مَا رَأَيْتُ ابنَ عُقْدَةَ يتواضعُ لأَحدٍ مِنَ الحُفَّاظِ كَمَا يتواضعُ لأَبِي عَليٍّ النَّيْسَابُوْرِيِّ.
قَالَ الحَاكِمُ: وَسَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ يَقُوْلُ: اجتمعتُ بِبَغْدَادَ مَعَ أَبِي أَحْمَدَ العسَّالِ، وَأَبِي إِسْحَاقَ بنِ حَمْزَةَ، وَأَبِي طَالِبٍ بنِ نَصْرٍ، وَأَبِي بَكْرٍ الجِعَابِيِّ، وَأَبِي أَحْمَدَ الزَّيْدِيِّ، فَقَالُوا لِي: أَمِلَّ مِنْ حَدِيْثِ نَيْسَابُوْرَ مَجْلِساً، فَامتنعتُ، فَمَا زَالُوا بِي حَتَّى أَمْلَيتُ عَلَيْهِم ثَلاَثِيْنَ حَدِيْثاً، فَمَا أَجَابَ
وَاحدٌ مِنْهُم فِي حَدِيْثٍ مِنْهَا سِوَى ابْنِ حَمْزَةَ فِي حَدِيْثٍ وَاحدٍ.قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ: سَأَلتُ الدَّارَقُطْنِيَّ عِنْدَ أَبِي عليٍّ النَّيْسَابُوْرِيِّ، فَقَالَ: إِمَامٌ مُهذَّبٌ.
قَالَ الخَلِيْلِيُّ: سَمِعْتُ الحَاكِمَ يَقُوْلُ: لَسْتُ أَقُولُ تعصُّباً لأَنَّه أُستَاذِي - يَعْنِي: أَبَا عَلِيٍّ - وَلَكِنْ لَمْ أَرَ مِثْلَهُ قَطُّ..
وَقَالَ الخَلِيْلِيُّ: قَالَ ابْنُ المُقْرِئِ الأَصْبَهَانِيُّ: إِنِّيْ لأَدْعُو لَهُ فِي أَدبارِ الصَّلواتِ، كُنْتُ أَتَّبعهُ فِي شُيُوْخِ مِصْرَ وَالشَّامِ.
ثُمَّ قَالَ الخَلِيْلِيُّ: سَمِعْتُ مَنْ يحكِي عَنْ أَبِي عليٍّ قَالَ: دَقَقْتُ عَلَى ابْنِ عُقْدَةَ بَابَهُ، فَقَالَ: مَنْ؟
قُلْتُ: أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ الحَافِظُ.
قَالَ: فَلَمَّا ذَاكَرَنِي قَالَ: أَنْتَ الحَافِظُ؟
قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: لَعَلَّكَ تَحْفَظُ ثيَابكَ، فَلَمَّا رَجعتُ مِنَ الشَّامِ لَقِيْتُهُ، فذَاكرتُهُ، فَقَالَ: أَنْتَ وَاللهِ اليَوْمَ الحَافِظُ، قَدْ غَلَبْتَنِي.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: كُنْتُ أَختلفُ إِلَى الصَّاغةِ، وَفِي جِوَارنَا فَقِيْهٌ كَرَّامِيٌّ، يُعرفُ بِالوَلِيِّ، أَخذتُ عَنْهُ مسَائِلَ، فَقَالَ لِي: أَبُو الحَسَنِ الشَّافِعِيُّ: لاَ تُضَيِّعْ أَيَّامَكَ.
فَقُلْتُ: إِلَى مَنْ أَختلفُ؟
قَالَ: إِلَى إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي طَالِبٍ، فَأَتَيْتُهُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ، فَلَمَّا رَأَيْتُ شمَائِلَهُ، وَسَمْتَهُ، وَحُسْنَ مُذَاكَرَتِهِ لِلْحَدِيْثِ، حَلاَ فِي قَلْبِي، فَحَدَّثَ يَوْماً عَنْ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي أُوَيْسٍ، فَقَالَ لِي رَجُلٌ: اخرجْ إِلَى
هَرَاةَ فَإِنَّ بِهَا مَنْ يحدِّثُ عَنْ إِسْمَاعِيْلَ، فَوَقَعَ ذَلِكَ فِي قَلْبِي، فَخَرَجتُ إِلَى هَرَاةَ سَنَةَ 95.قُلْتُ: رَحلَ أَيْضاً ثَانياً إِلَى العِرَاقِ وَحَجَّ مرَّتينِ.
أَنْبَأَنِي مُسَلَّمُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ القَاسِمِ بنِ عَلِيٍّ أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا أَخِي أَبُو الحُسَيْنِ، سَمِعْتُ أَبا طَاهرٍ السُّلَمِيَّ، سَمِعْتُ غَانِمَ بنَ أَحْمَدَ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ الفَضْلِ البَاطِرقَانِيَّ، سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ بنَ مَنْدَةَ، سَمِعْتُ أَبَا علِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيَّ، وَمَا رَأَيْتُ أَحفظَ مِنْهُ يَقُوْلُ: مَا تَحْتَ أَديمِ السَّمَاءِ أَصحُّ مِنْ كِتَابِ (مُسْلِمٍ ) .
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَنْدَةَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ فِي اختلاَفِ الحَدِيْثِ وَالإِتْقَانِ أَحفظُ مِنْ أَبِي عليٍّ النَّيْسَابُوْرِيِّ.
وَقَالَ القَاضِي أَبُو بَكْرٍ الأَبْهَرِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي دَاوُدَ، يَقُوْلُ لأَبِي عليٍّ النَّيْسَابُوْرِيِّ: مَنْ إِبْرَاهِيْمُ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ؟
فَقَالَ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَامِرٍ البَجَلِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ.
فَقَالَ: أَحسنتَ يَا أَبَا علِيٍّ.
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ أَبُو عَلِيٍّ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ فِي أَصحَابِنَا مِثْلَ أَبِي بَكْرٍ الجِعَابِيِّ، حَيَّرَنِي حفظُهُ، فَحَكَيتُ هَذَا للجِعَابِيِّ، فَقَالَ: يَقُوْلُ:
أَبُو عَلِيٍّ هَذَا وَهُوَ أُستَاذِي عَلَى الحقيقَةِ؟!قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: قَدِمْتُ بَغْدَادَ، فَدَخَلْتُ عَلَى الفِرْيَابِيِّ، وَقَدْ قَطَعَ الرِّوَايَةَ، فَبكيتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَمَا حَدَّثَنِي، وَرَأَيْتُهُ حَسْرَةً.
قَالَ الحَاكِمُ: مَاتَ أَبُو عَلِيٍّ فِي جُمَادَى الأُولى سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعينَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: عَاشَ ثِنتينِ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
وَلَمْ يُخلفْ بِخُرَاسَانَ مِثْلَهُ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: استَأْذَنْتُ ابنَ خُزَيْمَةَ فِي الخُرُوْجِ إِلَى العِرَاقِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثلاثِ مائَةٍ، فَقَالَ: تُوحِشُنَا مُفَارقَتُكَ يَا أَبَا عَلِيٍّ، فَقَدْ رَحَلْتَ وَأَدْرَكْتَ العوَالِيَ، وَتقدَّمْتَ فِي الحِفْظِ، وَلنَا فيكَ فَائِدَةٌ.
فَمَا زِلْتُ بِهِ حَتَّى أَذِنَ لِي.
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ: قَالَ لِي ابْنُ خُزيمةَ: لَقَدْ أَصبتَ فِي خُرُوْجِكَ، فَإِنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى حفظِكَ ظَاهِرَةٌ، ثُمَّ إِنَّ أَبَا عَلِيٍّ صَنَّفَ وَجمعَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ حَازِمٍ المَقْدِسِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ غَسَّانَ (ح)
وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَخْبَرَنَا زينُ الأُمَنَاءِ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَأَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا مكرمُ بنُ مُحَمَّدٍ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ سَهْلٍ الفلكِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ المُؤَذِّنُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحَسَنِ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ عَمْرٍو الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بنُ القَاسِمِ، عَنِ العَلاَءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ الله، وَيُؤْمِنُوا بِي، وَبِمَا جِئْتُ بِهِ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءهُم وَأَمْوَالَهُم إِلاَّ
بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُم عَلَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ -) .قَالَ الحَاكِمُ: سَأَلْتُ أَبَا عليٍّ، عَنِ الحَسَنِ بنِ الفرجِ الغَزِّيَّ، فَقَالَ: مَا كَانَ إِلاَّ صَدُوْقاً.
قُلْتُ: إِنَّ أَهْلَ الحِجَازِ يَذكرُوْنَ أَنَّهُ سَمِعَ بَعْضَ (المُوَطَّأِ) فَحَدَّثَ بِالكُلِّ.
فَقَالَ: مَا رَأَينَا إِلاَّ الخَيْرَ، قَرَأَ عَلَيْنَا (المُوَطَّأَ) مِنْ أَصلِ كِتَابِهِ.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو الصَّغِيْرَ يَقُوْلُ: نَزَلْنَا الخَانَ بِدِمَشْقَ، فَأَتَى ابْنُ جَوْصَا زَائِراً لأَبِي عليٍّ الحَافِظِ، فَنَزَلَ عَنِ البغلةِ، وَأَظهرَ الفرحَ، وَذَاكرَ أَبَا عَلِيٍّ، وَأَخذَ مِنْهُ جمعَهُ (كِتَابَ عَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ) ثُمَّ حَمَلَنَا إِلَى مَنْزِلِهِ، ثُمَّ اجتمعَ جمَاعةٌ مِنَ الرَّحَّالَةِ، مِنْهُم: الزُّبَيْرُ الأَسدَابَاذِيُّ، وَنقمُوا عَلَى ابْنِ جَوْصَا أَحَادِيثَ، فَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ: لاَ تَفعلُوا، هَذَا إِمَامٌ قَدْ جَازَ القَنْطَرَةَ.
قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ ابنَ جَوْصَا، فَمَا بَالَى بِهِم، بَلْ كَانَ يَهَابُ أَبَا عَلِيٍّ فَبَعَثَ بِوكيلِهِ إِلَى أَبِي عليٍّ بعِشْرِيْنَ دِيْنَاراً، فَقَالَ: يَا أَبَا عَلِيٍّ، يَنْبَغِي أَنْ تُسَافِرَ، فَإِنَّ السُّلْطَانَ قَدْ طلبَكَ فَخَرَجَ، وَخرجنَا مَعَهُ.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدٍ يَقُوْلُ: رَاسلَهُ ابْنُ جَوْصَا بِأَنَّهُ قَد أُنْهِيَ إِلَى السُّلْطَانِ أَنَّكَ اسْتصحبْتَ غُلاَماً حدثاً، وَإِنَّ أَبَاهُ قَدْ خَرَجَ فِي طلَبِهِ، يَعْنِي: أَبَا عَمْرٍو الصَّغِيْرَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الفَارِسِيُّ، وَسُنْقُرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الزَّينِيُّ قَالاَ:
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مَحْمُوْدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ بنُ سِلَفةَ، أَخْبَرَنَا القَاسِمُ بنُ
الفَضْلِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ إِمْلاَءً، أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ سَعِيْدٍ الحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لاَ يَغْلَقُ الرَّهْنُ ) .
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ الهَمْدَانِيُّ وَجَمَاعَةٌ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا القَاسِمُ بنُ الفَضْلِ، أَخْبَرَنَا أَبُو زَيْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَبِيْبٍ، أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا الفَضْلُ بنُ أَحْمَدَ المَرْوَزِيُّ ثِقَةٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ قُهْزَاذَ، حَدَّثَنَا الجُدِّيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، حَدَّثَنِي يَزِيْدُ بنُ جُعْدُبَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مِخْرَاقٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -:
عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (إِنَّ اللهَ خَلَقَ رِيْحاً فِي الجَنَّةِ بَعْدَ الرِّيْحِ بِسَبْعِ سِنِيْنَ، بَيْنَكُم وَبَيْنَهَا بَابٌ،
الَّذِي يُصِيْبُكُم مِنَ الرِّيْحِ مَا يَخْرُجُ مِنْ خِلَلِ ذَلِكَ البَابِ، وَلَوْ فُتِحَ لأَذَرَّتْ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، اسْمُهَا عِنْدَ اللهِ الأَرنبُ، وَهِيَ عِنْدَكُمُ الجَنُوبَ ) غريبٌ، وَيقعُ لَنَا عَالِياً بِدَرَجَتَيْنِ مِنْ حَدِيْثِ المَحَامِلِيِّ.
الحَافِظُ، الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الثَّبْتُ، أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ يَزِيْدَ بنِ دَاودَ النَّيْسَابُوْرِيُّ.
أَحدُ النُّقَادِ.
وُلِدَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَأَوَّلُ شَيْءٍ سَمِعَهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ.
رَوَى عَنْ: إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ شِيْرَوَيْه، وَجَعْفَرِ بنِ أَحْمَدَ الحَافِظِ، وَابنِ خُزَيْمَةَ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ المَاسِرْجِسِيِّ، وَطَبَقَتِهِم بِنَيْسَابُوْرَ.وَعَنِ: الحُسَيْنِ بنِ إِدْرِيْسَ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيَّ بهَرَاةَ، وَأَبِي خَلِيْفَةَ الجُمَحِيِّ، وَزَكَرِيَّا السَّاجِيِّ بِالبَصْرَةِ، وَمُحَمَّدِ بنِ نُصَيْرٍ، وَطَبَقَتِهِ بِأَصْبَهَانَ، وَمُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ القتَّاتِ، وَعِدَّةٍ بِالكُوْفَةِ، وَعَبْدَانَ الجوَالِيقِيِّ بِالأَهْوَازِ، وَالحَسَنِ بنِ سُفْيَانَ، بِنَسَا.
وَالحَسَنِ بنِ الفَرَجِ الغَزِّيِّ بغَزَّةَ، وَعِمْرَانَ بنِ مُوْسَى بنِ مُجَاشْعٍ بجُرْجَانَ، وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيِّ، وَأَبِي يَعْقُوْبَ المَنْجَنِيْقِيِّ بِمِصْرَ، وَأَبِي يَعْلَى بنِ المُثَنَّى بِالمَوْصِلِ، وَمُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ بنِ أَبِي سُوَيْدٍ، وَهُوَ أَقدمُ شَيْخٍ لَهُ، وَأَحْمَدَ بنِ يَحْيَى الحُلْوَانِيِّ بحُلوَانَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ نَاجيَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ حُبَّانَ بِبَغْدَادَ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ بِمدَائِنَ خُرَاسَانَ، وَبَالحَرَمَيْنِ وَمِصْرَ وَالشَّامِ وَالعِرَاقِ وَالجَزِيْرَةِ وَالجِبَالِ.
وَكَانَ فِي أَيَّامِ الحدَاثَةِ يَتَعَلَّمُ فِي الصَّاغَةِ، فنصَحَهُ بَعْضُ العُلَمَاءِ لَمَّا شَاهدَ فرطَ ذكَائِهِ، وَأَشَارَ عَلَيْهِ بطلبِ العِلْمِ، فَهشَّ لِذَلِكَ، وَأَقبلَ عَلَى الطَّلَبِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ مَنْدَةَ، وَالحَاكِمُ، وَأَبُو طَاهِرٍ بنُ مَحْمِشٍ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَعِدَّةٌ.
وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ الإِمَامَانِ: أَبُو بَكْرٍ الصِّبْغِيُّ، وَأَبُو الوَلِيْدِ حَسَّانُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَهُمَا أَكبرُ مِنْهُ.
وَتلمذَ لَهُ: الحَاكِمُ، وَتخَرَّجَ بِهِ، وَقَالَ: هُوَ وَاحدُ عَصْرِهِ فِي الحِفْظِ، وَالإِتْقَانِ، وَالوَرَعِ، وَالمذَاكرَةِ، وَالتَّصْنِيْفِ.
سَمِعَ: إِبْرَاهِيْمَ بنَ أَبِي طَالِبٍ ثُمَّ سَرَدَ شُيُوخَهُ.
وَعَنْ أَبِي عليٍّ الحَافِظِ، قَالَ: رحلتُ إِلَى هَرَاةَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ
وَتِسْعِيْنَ، وَحضرتُ أَبا خَلِيْفَةَ الجُمَحِيَّ وَهُوَ يهدِّدُ وَكيلاً، وَيَقُوْلُ: تعُودُ يَا لُكَعٌ؟فَقَالَ: لاَ أَصلحَكَ اللهُ، فَقَالَ: بَلْ أَنْتَ لاَ أَصلحَكَ اللهُ، قُمْ عَنِّي.
قَالَ الحَاكِمُ: كُنْت أَرَى أَبَا علِيٍّ الحَافِظَ مُعجباً بِأَبِي يَعْلَى المَوْصِلِيِّ وَبإِتقَانِهِ.
وَقَالَ: كَانَ لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ حَدِيْثِهِ إِلاَّ اليَسِيْرَ، وَلَوْلاَ اشتغَالِهِ بسمَاعِ كُتُبِ القَاضِي أَبِي يُوْسُفَ مِنْ بِشْرِ بنِ الوَلِيْدِ الكِنْدِيِّ لأَدركَ بِالبَصْرَةِ أَبا الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيَّ، وَسُلَيْمَانَ بنَ حَرْبٍ.
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ أَبُو عَلِيٍّ باقعَةً فِي الحِفْظِ، لاَ تُطَاقُ مُذكرَاتُهُ، وَلاَ يَفِيَ بِمذكرَاتِهِ أَحدٌ مِنْ حُفَّاظِنَا، وَقَدْ خَرَجَ إِلَى بَغْدَادَ ثَانِيَ مرَّةٍ فِي سَنَةِ عَشْرٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَقَدْ صَنَّفَ وَجَمَعَ، فَأَقَامَ بِبَغْدَادَ وَمَا بِهَا أَحدٌ أَحفظُ مِنْهُ إِلاَّ أَنْ يَكُوْنَ الجِعَابِيَّ، فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبَا علِيٍّ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ بِبَغْدَادَ أَحفظَ مِنَ الجِعَابِيِّ.
وَسَمِعْتُ أَبَا علِيٍّ يَقُوْلُ: كَتبَ عَنِّي أَبُو مُحَمَّدِ بنُ صَاعدٍ غَيْرَ حَدِيْثٍ فِي المذَاكرَةِ، وَكَتَبَ عَنِّي ابْنُ جَوْصَا بِدِمَشْقَ جُمْلَةً.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَارمٍ: مَا رَأَيْتُ ابنَ عُقْدَةَ يتواضعُ لأَحدٍ مِنَ الحُفَّاظِ كَمَا يتواضعُ لأَبِي عَليٍّ النَّيْسَابُوْرِيِّ.
قَالَ الحَاكِمُ: وَسَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ يَقُوْلُ: اجتمعتُ بِبَغْدَادَ مَعَ أَبِي أَحْمَدَ العسَّالِ، وَأَبِي إِسْحَاقَ بنِ حَمْزَةَ، وَأَبِي طَالِبٍ بنِ نَصْرٍ، وَأَبِي بَكْرٍ الجِعَابِيِّ، وَأَبِي أَحْمَدَ الزَّيْدِيِّ، فَقَالُوا لِي: أَمِلَّ مِنْ حَدِيْثِ نَيْسَابُوْرَ مَجْلِساً، فَامتنعتُ، فَمَا زَالُوا بِي حَتَّى أَمْلَيتُ عَلَيْهِم ثَلاَثِيْنَ حَدِيْثاً، فَمَا أَجَابَ
وَاحدٌ مِنْهُم فِي حَدِيْثٍ مِنْهَا سِوَى ابْنِ حَمْزَةَ فِي حَدِيْثٍ وَاحدٍ.قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ: سَأَلتُ الدَّارَقُطْنِيَّ عِنْدَ أَبِي عليٍّ النَّيْسَابُوْرِيِّ، فَقَالَ: إِمَامٌ مُهذَّبٌ.
قَالَ الخَلِيْلِيُّ: سَمِعْتُ الحَاكِمَ يَقُوْلُ: لَسْتُ أَقُولُ تعصُّباً لأَنَّه أُستَاذِي - يَعْنِي: أَبَا عَلِيٍّ - وَلَكِنْ لَمْ أَرَ مِثْلَهُ قَطُّ..
وَقَالَ الخَلِيْلِيُّ: قَالَ ابْنُ المُقْرِئِ الأَصْبَهَانِيُّ: إِنِّيْ لأَدْعُو لَهُ فِي أَدبارِ الصَّلواتِ، كُنْتُ أَتَّبعهُ فِي شُيُوْخِ مِصْرَ وَالشَّامِ.
ثُمَّ قَالَ الخَلِيْلِيُّ: سَمِعْتُ مَنْ يحكِي عَنْ أَبِي عليٍّ قَالَ: دَقَقْتُ عَلَى ابْنِ عُقْدَةَ بَابَهُ، فَقَالَ: مَنْ؟
قُلْتُ: أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ الحَافِظُ.
قَالَ: فَلَمَّا ذَاكَرَنِي قَالَ: أَنْتَ الحَافِظُ؟
قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: لَعَلَّكَ تَحْفَظُ ثيَابكَ، فَلَمَّا رَجعتُ مِنَ الشَّامِ لَقِيْتُهُ، فذَاكرتُهُ، فَقَالَ: أَنْتَ وَاللهِ اليَوْمَ الحَافِظُ، قَدْ غَلَبْتَنِي.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: كُنْتُ أَختلفُ إِلَى الصَّاغةِ، وَفِي جِوَارنَا فَقِيْهٌ كَرَّامِيٌّ، يُعرفُ بِالوَلِيِّ، أَخذتُ عَنْهُ مسَائِلَ، فَقَالَ لِي: أَبُو الحَسَنِ الشَّافِعِيُّ: لاَ تُضَيِّعْ أَيَّامَكَ.
فَقُلْتُ: إِلَى مَنْ أَختلفُ؟
قَالَ: إِلَى إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي طَالِبٍ، فَأَتَيْتُهُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ، فَلَمَّا رَأَيْتُ شمَائِلَهُ، وَسَمْتَهُ، وَحُسْنَ مُذَاكَرَتِهِ لِلْحَدِيْثِ، حَلاَ فِي قَلْبِي، فَحَدَّثَ يَوْماً عَنْ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي أُوَيْسٍ، فَقَالَ لِي رَجُلٌ: اخرجْ إِلَى
هَرَاةَ فَإِنَّ بِهَا مَنْ يحدِّثُ عَنْ إِسْمَاعِيْلَ، فَوَقَعَ ذَلِكَ فِي قَلْبِي، فَخَرَجتُ إِلَى هَرَاةَ سَنَةَ 95.قُلْتُ: رَحلَ أَيْضاً ثَانياً إِلَى العِرَاقِ وَحَجَّ مرَّتينِ.
أَنْبَأَنِي مُسَلَّمُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ القَاسِمِ بنِ عَلِيٍّ أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا أَخِي أَبُو الحُسَيْنِ، سَمِعْتُ أَبا طَاهرٍ السُّلَمِيَّ، سَمِعْتُ غَانِمَ بنَ أَحْمَدَ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ الفَضْلِ البَاطِرقَانِيَّ، سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ بنَ مَنْدَةَ، سَمِعْتُ أَبَا علِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيَّ، وَمَا رَأَيْتُ أَحفظَ مِنْهُ يَقُوْلُ: مَا تَحْتَ أَديمِ السَّمَاءِ أَصحُّ مِنْ كِتَابِ (مُسْلِمٍ ) .
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَنْدَةَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ فِي اختلاَفِ الحَدِيْثِ وَالإِتْقَانِ أَحفظُ مِنْ أَبِي عليٍّ النَّيْسَابُوْرِيِّ.
وَقَالَ القَاضِي أَبُو بَكْرٍ الأَبْهَرِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي دَاوُدَ، يَقُوْلُ لأَبِي عليٍّ النَّيْسَابُوْرِيِّ: مَنْ إِبْرَاهِيْمُ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ؟
فَقَالَ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَامِرٍ البَجَلِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ.
فَقَالَ: أَحسنتَ يَا أَبَا علِيٍّ.
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ أَبُو عَلِيٍّ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ فِي أَصحَابِنَا مِثْلَ أَبِي بَكْرٍ الجِعَابِيِّ، حَيَّرَنِي حفظُهُ، فَحَكَيتُ هَذَا للجِعَابِيِّ، فَقَالَ: يَقُوْلُ:
أَبُو عَلِيٍّ هَذَا وَهُوَ أُستَاذِي عَلَى الحقيقَةِ؟!قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: قَدِمْتُ بَغْدَادَ، فَدَخَلْتُ عَلَى الفِرْيَابِيِّ، وَقَدْ قَطَعَ الرِّوَايَةَ، فَبكيتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَمَا حَدَّثَنِي، وَرَأَيْتُهُ حَسْرَةً.
قَالَ الحَاكِمُ: مَاتَ أَبُو عَلِيٍّ فِي جُمَادَى الأُولى سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعينَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: عَاشَ ثِنتينِ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
وَلَمْ يُخلفْ بِخُرَاسَانَ مِثْلَهُ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: استَأْذَنْتُ ابنَ خُزَيْمَةَ فِي الخُرُوْجِ إِلَى العِرَاقِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثلاثِ مائَةٍ، فَقَالَ: تُوحِشُنَا مُفَارقَتُكَ يَا أَبَا عَلِيٍّ، فَقَدْ رَحَلْتَ وَأَدْرَكْتَ العوَالِيَ، وَتقدَّمْتَ فِي الحِفْظِ، وَلنَا فيكَ فَائِدَةٌ.
فَمَا زِلْتُ بِهِ حَتَّى أَذِنَ لِي.
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ: قَالَ لِي ابْنُ خُزيمةَ: لَقَدْ أَصبتَ فِي خُرُوْجِكَ، فَإِنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى حفظِكَ ظَاهِرَةٌ، ثُمَّ إِنَّ أَبَا عَلِيٍّ صَنَّفَ وَجمعَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ حَازِمٍ المَقْدِسِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ غَسَّانَ (ح)
وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَخْبَرَنَا زينُ الأُمَنَاءِ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَأَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا مكرمُ بنُ مُحَمَّدٍ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ سَهْلٍ الفلكِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ المُؤَذِّنُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحَسَنِ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ عَمْرٍو الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بنُ القَاسِمِ، عَنِ العَلاَءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ الله، وَيُؤْمِنُوا بِي، وَبِمَا جِئْتُ بِهِ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءهُم وَأَمْوَالَهُم إِلاَّ
بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُم عَلَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ -) .قَالَ الحَاكِمُ: سَأَلْتُ أَبَا عليٍّ، عَنِ الحَسَنِ بنِ الفرجِ الغَزِّيَّ، فَقَالَ: مَا كَانَ إِلاَّ صَدُوْقاً.
قُلْتُ: إِنَّ أَهْلَ الحِجَازِ يَذكرُوْنَ أَنَّهُ سَمِعَ بَعْضَ (المُوَطَّأِ) فَحَدَّثَ بِالكُلِّ.
فَقَالَ: مَا رَأَينَا إِلاَّ الخَيْرَ، قَرَأَ عَلَيْنَا (المُوَطَّأَ) مِنْ أَصلِ كِتَابِهِ.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو الصَّغِيْرَ يَقُوْلُ: نَزَلْنَا الخَانَ بِدِمَشْقَ، فَأَتَى ابْنُ جَوْصَا زَائِراً لأَبِي عليٍّ الحَافِظِ، فَنَزَلَ عَنِ البغلةِ، وَأَظهرَ الفرحَ، وَذَاكرَ أَبَا عَلِيٍّ، وَأَخذَ مِنْهُ جمعَهُ (كِتَابَ عَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ) ثُمَّ حَمَلَنَا إِلَى مَنْزِلِهِ، ثُمَّ اجتمعَ جمَاعةٌ مِنَ الرَّحَّالَةِ، مِنْهُم: الزُّبَيْرُ الأَسدَابَاذِيُّ، وَنقمُوا عَلَى ابْنِ جَوْصَا أَحَادِيثَ، فَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ: لاَ تَفعلُوا، هَذَا إِمَامٌ قَدْ جَازَ القَنْطَرَةَ.
قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ ابنَ جَوْصَا، فَمَا بَالَى بِهِم، بَلْ كَانَ يَهَابُ أَبَا عَلِيٍّ فَبَعَثَ بِوكيلِهِ إِلَى أَبِي عليٍّ بعِشْرِيْنَ دِيْنَاراً، فَقَالَ: يَا أَبَا عَلِيٍّ، يَنْبَغِي أَنْ تُسَافِرَ، فَإِنَّ السُّلْطَانَ قَدْ طلبَكَ فَخَرَجَ، وَخرجنَا مَعَهُ.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدٍ يَقُوْلُ: رَاسلَهُ ابْنُ جَوْصَا بِأَنَّهُ قَد أُنْهِيَ إِلَى السُّلْطَانِ أَنَّكَ اسْتصحبْتَ غُلاَماً حدثاً، وَإِنَّ أَبَاهُ قَدْ خَرَجَ فِي طلَبِهِ، يَعْنِي: أَبَا عَمْرٍو الصَّغِيْرَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الفَارِسِيُّ، وَسُنْقُرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الزَّينِيُّ قَالاَ:
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مَحْمُوْدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ بنُ سِلَفةَ، أَخْبَرَنَا القَاسِمُ بنُ
الفَضْلِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ إِمْلاَءً، أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ سَعِيْدٍ الحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لاَ يَغْلَقُ الرَّهْنُ ) .
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ الهَمْدَانِيُّ وَجَمَاعَةٌ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا القَاسِمُ بنُ الفَضْلِ، أَخْبَرَنَا أَبُو زَيْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَبِيْبٍ، أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا الفَضْلُ بنُ أَحْمَدَ المَرْوَزِيُّ ثِقَةٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ قُهْزَاذَ، حَدَّثَنَا الجُدِّيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، حَدَّثَنِي يَزِيْدُ بنُ جُعْدُبَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مِخْرَاقٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -:
عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (إِنَّ اللهَ خَلَقَ رِيْحاً فِي الجَنَّةِ بَعْدَ الرِّيْحِ بِسَبْعِ سِنِيْنَ، بَيْنَكُم وَبَيْنَهَا بَابٌ،
الَّذِي يُصِيْبُكُم مِنَ الرِّيْحِ مَا يَخْرُجُ مِنْ خِلَلِ ذَلِكَ البَابِ، وَلَوْ فُتِحَ لأَذَرَّتْ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، اسْمُهَا عِنْدَ اللهِ الأَرنبُ، وَهِيَ عِنْدَكُمُ الجَنُوبَ ) غريبٌ، وَيقعُ لَنَا عَالِياً بِدَرَجَتَيْنِ مِنْ حَدِيْثِ المَحَامِلِيِّ.