أشجع بن عمرو
أبو الوليد، وقيل: أبو عمرو، السلمي شاعر من ولد الشريد بن مطرود، مشهور، ولد باليمامة، ونشأ بالبصرة، وتأدب بها وقال الشعر، ثم قصد الرشيد بالرقة، وامتدحه، ومدح البرامكة، واختص بجعفر بن يحيى، وخرج معه إلى دمشق حين ندبه الرشيد للإصلاح بين أهلها.
عن داود بن مهلهل، قال: لما خرج جعفر بن يحيى ليصلح أمر الشام، نزل في مضربه، وأمر بإطعام الناس فقام أشجع فأنشده: من الكامل
فئتان باغية وطاغية ... جلت أمورهما عن الخطب
قد جاءكم بالخيل شازبة ... ينقلن نحوكم رحى الحرب
لم يبق إلا أن تدور بكم ... قد قام هاديها على القطب
قال: فأمر له بصلة ليست بالسنية، وقال له: دائم القليل خير من منقطع الكثير؛ فقال له: ونزر الوزير أكثر من جزيل غيره؛ فأمر له بمثلها.
قال: وكان جعفر يجري عليه في كل جمعة مئة دينار مدة مقامه ببابه.
حدث أشجع السلمي، قال: أذن لنا المهدي وللشعراء في الدخول عليه، فدخلنا، فأمرنا بالجلوس، فاتفق أن جلس إلى جنبي بشار، وسكت المهدي وسكت الناس، فسمع بشار حساً، فقال لي: يا أشجع، من هذا؟ فقلت: أبو العتاهية؛ قال: فقال لي: أتراه ينشد في هذا المحفل؟ فقلت: أحسب سيفعل.
قال: فأمره المهدي أن ينشد، فأنشد: من المتقارب
ألا ما لسيدتي مالها ... أدلاً فأحمل إدلالها
قال: فنخسني بمرفقه فقال: ويحك، رأيت أجسر من هذا، ينشد مثل هذا الشعر في هذا الموضع؟ حتى بلغ إلى هذا الموضع:
أتته الخلافة منقادة ... إليه تجرر أذيالها
فلم تك تصلح إلا له ... ولم يك يصلح إلا لها
ولو رامها أحد غيره ... لزلزت الأرض أثقالها
ولو لم تطعه بنات النفو ... س لما قبل الله أعمالها
قال: فقال بشار: انظر ويحك يا أشجع، هل طار الخليفة عن فرشه؟ قال: لا: والله ما انصرف أحد من ذلك المجلس بجائزة غير أبي العتاهية.
وعن أحمد بن سيار الجرجاني وكان شاعراً راوية مداحاً ليزيد بن مزيد قال: دخلت أنا وأبو محمد التيمي، وأشجع بن عمرو، وابن رزين الخزاعي، على الرشيد بالقصر الأبيض بالرقة، وكان قد ضرب أعناق قوم في تلك الساعة، فتخللنا الدم حتى وصلنا إليه، فتقدم التيمي فأنشده أرجوزة يذكر فيها نقفور ووقعة الرشيد بالروم، فنثر عليه الدر من جودة شعره؛ ونشده أشجع: من الكامل
قصر عليه تحية وسلام ... ألقت عليها جمالها الأيام
قصر سقوف المزن دون سقوفه ... فيه لأعلام الهدى أعلام
يثني على أيامك الإسلام ... والشاهدان: الحل والإحرام
وعلى عدوك يا ابن عم محمد ... رصدان: ضوء الصبح والإظلام
فإذا تنبه رعته وإذا هدا ... سلت عليه سيوفك الأحلام
القصيدة، قال: وأنشده: من الكامل
زمن بأعلى الرقتين قصير
يقول فيها
لا تبعد الأيام إذ ورق الصبا ... خضل وإذ غصن الشباب نضير
قال: فأعجب بها، وبعث إلي الفضل بن الربيع ليلاً، فقال: أني أشتهي أن أنشد قصيدتك الجواري، فابعث بها إلي؛ فبعث بها إليه.
قال أبو العباس: وركب الرشيد يوماً في قبة، وسعيد بن سالم عديله، فدعا محمداً الرواية يعرف بالبيذق لقصره وكان إنشاده أشد طرباً من الغناء، فقال له: أنشدني قصيدة الجرجاني التي مدحني بها، فأنشده؛ فقال الرشيد: الشعر في ربيعة سائر اليوم؛ فقال له سعيد بن سالم: يا أمير المؤمنين، أستنشده قصيدة أشجع التي مدحك بها: الشعر في ربيعة سائر اليوم فهم يزل به سعيد حتى استنشده، فأنشده فلما بلغ قوله:
وعلى عدوك يا ابن عم محمد ... رصدان: ضوء الصبح والإظلام
فإذا تنبه رعته وإذا هدا ... سلت عليه سيوفك الأحلام
فقال له سعيد: والله لو خرس يا أمير المؤمنين بعد هذين البيتين كان أشعر الناس.
قال الصولي: من أجمع ما في هذا المعنى وأحسنه، ما قاله أشجع السلمي لعثمان بن نهيك، حدثني به يحيى بن البحتري، عن أبيه، في خبر لأبيه مع الفتح: من الخفيف
كم تغضبت بالجهالة مني ... بعد ملك الرضا على عثمان
ملك يا عمر الخليقة تطري ... هـ بكل المديح كل لسان
وإذا جئته تبين لك الإك ... رام منه في أوجه الغلمان
فامتحنت الأيام جهدي حتى ... ردني صاغراً إليه امتحاني
وأراني زماني الغض من جدوا ... هـ ادعاء السرور خير زمان
فتلقى بالفضل سيء فعلي ... وذنوبي بالعفو والإحسان
وعن مساور بن لاحق وكان أحد الكتاب الحذاق قال: اعتل يحيى بن خالد
ثم صلح، فدخل إليه الناس يهنئونه بالعافية فدخل عليه أشجع السلمي فأنشده: من الوافر
لقد قرعت شكاة أبي علي ... صفاة معاشر كانوا صحاحا
فإن يدفع لنا الرحمن عنه ... صروف الدهر والأجل المتاحا
فقد أمسى صلاح أبي علي ... لأهل الأرض كلهم صلاحا
إذا ما الموت أخطأه فلسنا ... نبالي الموت حيث غدا وراحا
وكتب أشجع بن عمرو السلمي إلى الرشيد في يوم عيد: من البسيط
لا زلت تنشر أعياداً وتطويها ... تمضي بهالك أيام وتثنيها
مستقبلاً جدة الدنيا وبهجتها ... أيامها لك نظم في لياليها
والعيد والعيد والأيام بينهما ... موصولة لك لا تفني وتفنيها
ولا تقضت بك الدنيا ولا برحت ... يطوي لك الدهر أياماً وتطويها
وله يمدح جعفر بن يحيى بن خالد البرمكي: من المتقارب
أتصبر يا قلب أم تجزع ... فإن الديار غداً بلقع
غدا يتفرق أهل الهوى ... ويكثر باك ومسترجع
وتختلف الدار بالظاعني ... ن وجوهاً تشذ ولا تجمع
وتمضي الطلول ويبقى الهوى ... ويصنع ذو الشوق ما يصنع
فها أنت تبكي وهم جيرة ... فكيف يكون إذا ودعوا
وراحت بهم أو غدت أينق ... تخب على الأين أو توضع
أيطمع في العيش بعد الفرا ... ق محب لعمرك ما يطمع
هنالك يقطع من يشتهي ال ... وصال ويوصل من يقطع
لعمري لقد قلت يوم الفرا ... ق وأسمعت صوتك من يسمع
فما عروا حين ناديتهم ... وقد قتلوك وما ودعوا
فإن تصبح الأرض عريانة ... يهب بها الشمال الزعزع
فقد كان ساكنها ناعماً ... له محضر وله مربع
ومغترب ينقضي ليله ... هموماً ومقلته تهمع
يؤرقه ما به من الفؤا ... د فما يستقر به مضجع
ألا إن بالغور له حاجة ... تؤرق عيني فما تهجع
إذا الليل ألبسني ثوبه ... تقلب فيه فتى موجع
يجاذبه بالحجاز الهوى ... إذا اشتملت فوقه الأضلع
ولا يستطيع الفتى ستره ... إذا جعلت عينه تدمع
لقد زادني طرباً بالفرا ... ق بوارق غورية تلمع
إذا قلت: قد هدأت عارضت ... بأبيض ذي رونق يسطع
ودوية بين أقطارها ... مفاوز أرضين لا تقطع
تضل القطا بين أرجائها ... إذا ما تسدي الفتى المصقع
تخطيتها بين عيرانة ... من الريح في مرها أسرع
إلى جعفر نزعت همتي ... فأي فتى نحوه تنزع
إذا وضعت رحلها عنده ... تضمنها البلد الممرع
وما لامرئ دونه مطلب ... وما لامرئ دونه مقنع
رأيت الملوك تغض الجفو ... ن إذا ما بدا الملك الأتلع
يفوت الرجال بحسن القوا ... م ويقصر عن شأوه المسرع
إذا رفعت كفه معسراً ... أبي الفضل والعز أن يوضعوا
فما يرفع الناس من حطه ... ولا يضع الناس من يرفع
يريد الملوك مدى جعفر ... وهم يجمعون ولا يجمع
وكيف ينالون غاياته ... وما يصنعون كما يصنع؟
وليس بأوسعهم في الغنى ... ولكن معروفه أوسع
هو الملك المرتجى ألذي ... يضيق بأمثالها الأذرع
يلوذ الملوك بأركانه ... إذا نابها الحدث المفظع
بديهته مثل تفكيره ... إذا رمته فهو مستجمع
إذا هم بالأمر لم يثنه ... هجوع ولا شادن أفرع
فللجود في كفه مطلب ... وللسر في صدره موضع
شديد العقاب على عفوه ... إذا السوء ضمنه الأخدع
وكم قائل إذ رأى همتي ... وما في فضول الغنى أصنع
غدا في ظلال ندى جعفر ... يجر ثياب الغنى أشجع
كأن أبا الفضل بدر الدجى ... لعشر خلت بعدها أربع
لفرقته التأمت بابل ... وأشرق إذ أمه المطلع
فقل لخراسان تغشى الطري ... ق فقد جاءها الحكم المقنع
ولا تركب الميل عند امرئٍ ... فتصرف عن عب ما تصنع
فقد حبرت يا بن يحيى البلاد ... وكل إلى ملكه أنزع
وله: من الخفيف
أنت في غمرة المارة أعمى ... فإذا ما انجلت فأنت بصير
لا تقولن ليتني كنت قدم ... ت جميلاً وقد طوتك الأمور
وله: من الهزج
هي الشمس التي تطل ... ع بين الثغر والعقد
كأن الشمس لما ط ... لعت في ثوبها الوردي
تباهي الغرة البيضا ... ء تحت الشعر الجعد
أبو الوليد، وقيل: أبو عمرو، السلمي شاعر من ولد الشريد بن مطرود، مشهور، ولد باليمامة، ونشأ بالبصرة، وتأدب بها وقال الشعر، ثم قصد الرشيد بالرقة، وامتدحه، ومدح البرامكة، واختص بجعفر بن يحيى، وخرج معه إلى دمشق حين ندبه الرشيد للإصلاح بين أهلها.
عن داود بن مهلهل، قال: لما خرج جعفر بن يحيى ليصلح أمر الشام، نزل في مضربه، وأمر بإطعام الناس فقام أشجع فأنشده: من الكامل
فئتان باغية وطاغية ... جلت أمورهما عن الخطب
قد جاءكم بالخيل شازبة ... ينقلن نحوكم رحى الحرب
لم يبق إلا أن تدور بكم ... قد قام هاديها على القطب
قال: فأمر له بصلة ليست بالسنية، وقال له: دائم القليل خير من منقطع الكثير؛ فقال له: ونزر الوزير أكثر من جزيل غيره؛ فأمر له بمثلها.
قال: وكان جعفر يجري عليه في كل جمعة مئة دينار مدة مقامه ببابه.
حدث أشجع السلمي، قال: أذن لنا المهدي وللشعراء في الدخول عليه، فدخلنا، فأمرنا بالجلوس، فاتفق أن جلس إلى جنبي بشار، وسكت المهدي وسكت الناس، فسمع بشار حساً، فقال لي: يا أشجع، من هذا؟ فقلت: أبو العتاهية؛ قال: فقال لي: أتراه ينشد في هذا المحفل؟ فقلت: أحسب سيفعل.
قال: فأمره المهدي أن ينشد، فأنشد: من المتقارب
ألا ما لسيدتي مالها ... أدلاً فأحمل إدلالها
قال: فنخسني بمرفقه فقال: ويحك، رأيت أجسر من هذا، ينشد مثل هذا الشعر في هذا الموضع؟ حتى بلغ إلى هذا الموضع:
أتته الخلافة منقادة ... إليه تجرر أذيالها
فلم تك تصلح إلا له ... ولم يك يصلح إلا لها
ولو رامها أحد غيره ... لزلزت الأرض أثقالها
ولو لم تطعه بنات النفو ... س لما قبل الله أعمالها
قال: فقال بشار: انظر ويحك يا أشجع، هل طار الخليفة عن فرشه؟ قال: لا: والله ما انصرف أحد من ذلك المجلس بجائزة غير أبي العتاهية.
وعن أحمد بن سيار الجرجاني وكان شاعراً راوية مداحاً ليزيد بن مزيد قال: دخلت أنا وأبو محمد التيمي، وأشجع بن عمرو، وابن رزين الخزاعي، على الرشيد بالقصر الأبيض بالرقة، وكان قد ضرب أعناق قوم في تلك الساعة، فتخللنا الدم حتى وصلنا إليه، فتقدم التيمي فأنشده أرجوزة يذكر فيها نقفور ووقعة الرشيد بالروم، فنثر عليه الدر من جودة شعره؛ ونشده أشجع: من الكامل
قصر عليه تحية وسلام ... ألقت عليها جمالها الأيام
قصر سقوف المزن دون سقوفه ... فيه لأعلام الهدى أعلام
يثني على أيامك الإسلام ... والشاهدان: الحل والإحرام
وعلى عدوك يا ابن عم محمد ... رصدان: ضوء الصبح والإظلام
فإذا تنبه رعته وإذا هدا ... سلت عليه سيوفك الأحلام
القصيدة، قال: وأنشده: من الكامل
زمن بأعلى الرقتين قصير
يقول فيها
لا تبعد الأيام إذ ورق الصبا ... خضل وإذ غصن الشباب نضير
قال: فأعجب بها، وبعث إلي الفضل بن الربيع ليلاً، فقال: أني أشتهي أن أنشد قصيدتك الجواري، فابعث بها إلي؛ فبعث بها إليه.
قال أبو العباس: وركب الرشيد يوماً في قبة، وسعيد بن سالم عديله، فدعا محمداً الرواية يعرف بالبيذق لقصره وكان إنشاده أشد طرباً من الغناء، فقال له: أنشدني قصيدة الجرجاني التي مدحني بها، فأنشده؛ فقال الرشيد: الشعر في ربيعة سائر اليوم؛ فقال له سعيد بن سالم: يا أمير المؤمنين، أستنشده قصيدة أشجع التي مدحك بها: الشعر في ربيعة سائر اليوم فهم يزل به سعيد حتى استنشده، فأنشده فلما بلغ قوله:
وعلى عدوك يا ابن عم محمد ... رصدان: ضوء الصبح والإظلام
فإذا تنبه رعته وإذا هدا ... سلت عليه سيوفك الأحلام
فقال له سعيد: والله لو خرس يا أمير المؤمنين بعد هذين البيتين كان أشعر الناس.
قال الصولي: من أجمع ما في هذا المعنى وأحسنه، ما قاله أشجع السلمي لعثمان بن نهيك، حدثني به يحيى بن البحتري، عن أبيه، في خبر لأبيه مع الفتح: من الخفيف
كم تغضبت بالجهالة مني ... بعد ملك الرضا على عثمان
ملك يا عمر الخليقة تطري ... هـ بكل المديح كل لسان
وإذا جئته تبين لك الإك ... رام منه في أوجه الغلمان
فامتحنت الأيام جهدي حتى ... ردني صاغراً إليه امتحاني
وأراني زماني الغض من جدوا ... هـ ادعاء السرور خير زمان
فتلقى بالفضل سيء فعلي ... وذنوبي بالعفو والإحسان
وعن مساور بن لاحق وكان أحد الكتاب الحذاق قال: اعتل يحيى بن خالد
ثم صلح، فدخل إليه الناس يهنئونه بالعافية فدخل عليه أشجع السلمي فأنشده: من الوافر
لقد قرعت شكاة أبي علي ... صفاة معاشر كانوا صحاحا
فإن يدفع لنا الرحمن عنه ... صروف الدهر والأجل المتاحا
فقد أمسى صلاح أبي علي ... لأهل الأرض كلهم صلاحا
إذا ما الموت أخطأه فلسنا ... نبالي الموت حيث غدا وراحا
وكتب أشجع بن عمرو السلمي إلى الرشيد في يوم عيد: من البسيط
لا زلت تنشر أعياداً وتطويها ... تمضي بهالك أيام وتثنيها
مستقبلاً جدة الدنيا وبهجتها ... أيامها لك نظم في لياليها
والعيد والعيد والأيام بينهما ... موصولة لك لا تفني وتفنيها
ولا تقضت بك الدنيا ولا برحت ... يطوي لك الدهر أياماً وتطويها
وله يمدح جعفر بن يحيى بن خالد البرمكي: من المتقارب
أتصبر يا قلب أم تجزع ... فإن الديار غداً بلقع
غدا يتفرق أهل الهوى ... ويكثر باك ومسترجع
وتختلف الدار بالظاعني ... ن وجوهاً تشذ ولا تجمع
وتمضي الطلول ويبقى الهوى ... ويصنع ذو الشوق ما يصنع
فها أنت تبكي وهم جيرة ... فكيف يكون إذا ودعوا
وراحت بهم أو غدت أينق ... تخب على الأين أو توضع
أيطمع في العيش بعد الفرا ... ق محب لعمرك ما يطمع
هنالك يقطع من يشتهي ال ... وصال ويوصل من يقطع
لعمري لقد قلت يوم الفرا ... ق وأسمعت صوتك من يسمع
فما عروا حين ناديتهم ... وقد قتلوك وما ودعوا
فإن تصبح الأرض عريانة ... يهب بها الشمال الزعزع
فقد كان ساكنها ناعماً ... له محضر وله مربع
ومغترب ينقضي ليله ... هموماً ومقلته تهمع
يؤرقه ما به من الفؤا ... د فما يستقر به مضجع
ألا إن بالغور له حاجة ... تؤرق عيني فما تهجع
إذا الليل ألبسني ثوبه ... تقلب فيه فتى موجع
يجاذبه بالحجاز الهوى ... إذا اشتملت فوقه الأضلع
ولا يستطيع الفتى ستره ... إذا جعلت عينه تدمع
لقد زادني طرباً بالفرا ... ق بوارق غورية تلمع
إذا قلت: قد هدأت عارضت ... بأبيض ذي رونق يسطع
ودوية بين أقطارها ... مفاوز أرضين لا تقطع
تضل القطا بين أرجائها ... إذا ما تسدي الفتى المصقع
تخطيتها بين عيرانة ... من الريح في مرها أسرع
إلى جعفر نزعت همتي ... فأي فتى نحوه تنزع
إذا وضعت رحلها عنده ... تضمنها البلد الممرع
وما لامرئ دونه مطلب ... وما لامرئ دونه مقنع
رأيت الملوك تغض الجفو ... ن إذا ما بدا الملك الأتلع
يفوت الرجال بحسن القوا ... م ويقصر عن شأوه المسرع
إذا رفعت كفه معسراً ... أبي الفضل والعز أن يوضعوا
فما يرفع الناس من حطه ... ولا يضع الناس من يرفع
يريد الملوك مدى جعفر ... وهم يجمعون ولا يجمع
وكيف ينالون غاياته ... وما يصنعون كما يصنع؟
وليس بأوسعهم في الغنى ... ولكن معروفه أوسع
هو الملك المرتجى ألذي ... يضيق بأمثالها الأذرع
يلوذ الملوك بأركانه ... إذا نابها الحدث المفظع
بديهته مثل تفكيره ... إذا رمته فهو مستجمع
إذا هم بالأمر لم يثنه ... هجوع ولا شادن أفرع
فللجود في كفه مطلب ... وللسر في صدره موضع
شديد العقاب على عفوه ... إذا السوء ضمنه الأخدع
وكم قائل إذ رأى همتي ... وما في فضول الغنى أصنع
غدا في ظلال ندى جعفر ... يجر ثياب الغنى أشجع
كأن أبا الفضل بدر الدجى ... لعشر خلت بعدها أربع
لفرقته التأمت بابل ... وأشرق إذ أمه المطلع
فقل لخراسان تغشى الطري ... ق فقد جاءها الحكم المقنع
ولا تركب الميل عند امرئٍ ... فتصرف عن عب ما تصنع
فقد حبرت يا بن يحيى البلاد ... وكل إلى ملكه أنزع
وله: من الخفيف
أنت في غمرة المارة أعمى ... فإذا ما انجلت فأنت بصير
لا تقولن ليتني كنت قدم ... ت جميلاً وقد طوتك الأمور
وله: من الهزج
هي الشمس التي تطل ... ع بين الثغر والعقد
كأن الشمس لما ط ... لعت في ثوبها الوردي
تباهي الغرة البيضا ... ء تحت الشعر الجعد