Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: البراء بن مالك

البراء بن عازب بن الحارث

- البراء بن عازب بن الحارث بن عدي بن جشم بن مجدعة بن حارثة بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن أوس بن حارثة. يكنى أبا عمارة, مات في ولاية مصعب بن الزبير بن العوام.
والبراء بن عازب بن الحارث بن عدي بن جشم بن مجدعة بن حارثة بن الحارث
- والبراء بن عازب بن الحارث بن عدي بن جشم بن مجدعة بن حارثة بن الحارث. يكنى أبا عمارة, من ساكني الكوفة. مات زمن مصعب بن الزبير.

عثمان بن عفان بن أبي العاص

عثمان بْن عفان بْن أَبِي العاص بن امية القرشى أبو عمرو
ويقَالَ أيضا أَبُو عَبْد اللَّه الأموي رَضِيَ الله عَنْهُ، قَالَ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْن شِهَابٍ: وَلِيَ ثنتى عشرة سنة حجها كلها الاسنتين، مات سنة اربع وثلاثين، قال اسمعيل حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ أَنَّ عَامِرَ بْنَ سَعْدِ بْنِ ابى وقاص اخبره سمع عثمان ابن عفان رضى الله عَنْهُ يَقُولُ: ما يَمْنَعُنِي أَنْ أُحَدِّثَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ لا أَكُونَ مِنْ أَوْعَى أَصْحَابِهِ عَنْهُ وَلَكِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ قَالَ عَلِيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ، وَهُوَ خَتَنُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ابْنَتَيْهِ رُقَيَّةَ وَأُمِّ كُلْثُومٍ رضى الله عَنْهُمَا، وَشَهِدَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجَنَّةِ.
عثمان بن عفان بن أبي العاص
ابن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف أبو عمرو وأبو عبد الله القرشي الأموي.
أمير المؤمنين، ذو النورين، صاحب الهجرتين، زوج الابنتين، قديم الإسلام، وقدم الشام قبل الإسلام في تجارة، واجتاز بالبلقاء، وكان على ميمنة عمر رضي الله عنهما في خرجته إلى الشام التي رجع منها من سرغ، وقدم مع عمر.
حدث عثمان قال: سمعت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من مات وهو يشهد أن لا إله إلا الله دخل الجنة ".
وحدث أبو صالح مولى عثمان أن عثمان قال: أيها الناس، هجروا فإني مهجر، فهجر الناس، ثم قال: أيها الناس، إني محدثكم بحديث ما تكلمت به منذ سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى يومي هذا، قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن رباط يوم في سبيل الله أفضل من ألف يوم مما سواه، فليرابط امرؤ حيث شاء، هل بلغتكم؟ قالوا: نعم. قال: اللهم اشهد.
وعن عثمان قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ألا إن خياركم أو قال: أفاضلكم من تعلم القرآن وعلمه ".
تزوج عثمان رقية بنت سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الجاهلية، فولدت له عبد الله بن عثمان، وبه كان يكنى، حتى كني بعد ذلك بعمرو، وبكل قد كان يكنى.
وأم عثمان أروى بنت كريز بن حبيب بن عبد شمس، وأمها أم حكيم بنت عبد المطلب بن هاشم توأمة أبي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهي البيضاء.
وكان أبو عثمان بن عفان خرج في تجارة إلى الشام فهلك هناك، ويقال: إنه قتل بالغميضاء مع الفاكه بن المغيرة.
وأم حكيم بنت عبد المطلب هي التي قالت لامرأة من قريش قاولتها: إني لحصان فما أكلم، صناع فما أعلم.
وهاجر عثمان بن عفان رضي الله عنه الهجرتين إلى الحبشة مع امرأته رقية ابنة سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم إلى المدينة، وخلفه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين خرج إلى بدر على ابنته رقية، وكانت مريضة، فماتت يوم زيد بن حارثة المدينة بشيراً بفتح بدر، وضرب له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسهمه وأجره، وزوجه أم كلثوم من بعد رقية، واستخلفه في غزوته إلى ذات الرقاع، واستخلفه في غزوته إلى غطفان بذي أمر بنجد.
وكان عثمان في الجاهلية يكنى أبا عمرو، فلما كان الإسلام ولد له من رقية بنت رسول الله صلى اله عليه وسلم غلام سماه عبد الله، واكتنى به، فكناه المسلمون أبا عبد الله! فبلغ عبد الله ست سنين فنقره ديك على عينه فمرض فمات في جمادى الأولى سنة أربع من الهجرة، فصلى عليه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ونزل في حفرته عثمان.
كانت خلافته اثنتي عشرة إلا ثنتي عشرة ليلة. وقتل وهو ابن تسعين أو ثمان وثمانين سنة، وصلى عليه جبير بن مطعم، ودفن في حش كوكب والحشاش: البساتين الصغار.
بويع له يوم الجمعة غرة المحرم سنة أربع وعشرين بعد موت عمر بثلاثة أيام.
وشهد له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالجنة، وتوفي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو عنه راض، قيل: إنه أسلم بعد أبي بكر وعلي وزيد بن حارثة.
وكان حسن الوجه، ليس بالقصير ولا بالطويل، كبير اللحية، أسمر اللون، عظيم الكراديس، بعيد ما بين المنكبين، يخضب بالصفرة، وكان قد شد أسنانه بالذهب.
قتل يوم الجمعة، وقيل: يوم الأربعاء لثماني عشرة خلت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين.
ولما أمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ببيعة الرضوان كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى أهل مكة، فبايع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الناس، ثم قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اللهم إن عثمان في حاجة الله وحاجة رسوله. فضرب بإحدى يديه على الأخرى فكانت يد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعثمان خيراً من أيديهم.
وأخبر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن الملائكة تستحي منه، وجهز جيش العسرة من خالص ماله، واشترى بئر رومة، فجعل دلوه كدلاء المسلمين.
كان من القانتين بآيات الله آناء الليل ساجداً حذراً لآخرته ورجاء لرحمة ربه، يحيي القرآن جل لياليه في ركعة حياة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وخليفتيه، فلما ولي كان خير الخيرة وإمام البررة. أخبر الله عز وجل على لسان نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه مع أصحابه حين وقوع الفتنة على الحق، فكان كذلك إلى أن قتل شهيداً، وشهد له بالجنة، ومات وهو عنه راض.
ودفن عثمان بالبقيع ليلاً، وصلى عليه جبير بن مطعم، وخلفه حكيم بن حزام، وأبو جهم بن حذيفة ونيار بن مكرم الأسلمي ونائلة وأم البنين بنت عيينة. ونزل في حفرته نيار وأبو جهم وجبير، وكان حكيم وأم البنين ونائلة يدلونه على الرجال حتى لحد وبني عليه، وغيبوا قبره وتفرقوا. رضي الله عنه.
قال أبو عبد الله مولى شداد بن الهاد: رأيت عثمان بن عفان يوم الجمعة على المنبر، عليه إزار عدني غليظ، ثمنه أربعة دراهم أو خمسة وريطة كوفية ممشقة، ضرب اللحم، طويل اللحية، حسن الوجه.
قال عبد الله بن حزم المازني: رأيت عثمان بن عفان فما رأيت قط ذكراً ولا أنثى أحسن وجهاً منه.
وكان عثمان أحسن الناس ثغراً، جمته أسفل من أذنيه، خدل الساقين، طويل الذراعين، أقنى ربعة، رقيق البشرة.
قال الحسن بن أبي الحسن: دخلت المسجد فإذا أنا بعثمان بن عفان متكئاً على ردائه، فأتاه سقاءان يختصمان إليه، فقضى بينهما، ثم أتيته فنظرت إليه، فإذا رجل حسن الوجه، وإذا بوجنته نكتات من جدري، وإذا شعره قد كسا ذراعيه.
سأل رجل الحسن فقال: يا أبا سعيد، صف لنا عثمان. قال: كان رجلاً أبيض، نحيف الجسم، مشرف الأنف، كثير شعر الساعدين والساقين، شعر رأسه إلى أنصاف أذنيه. قلت: ماذا كان رداؤه؟ قال مضرجاً، قلت: كم كان ثمنه؟ قال: ثمانية دراهم، قلت: ما كان قميصه؟ قال: سنبلانياً، قلت: كم ثمنه؟ قال: ثمانية دراهم، قال: ونعلاه معقبتان مخصرتان، لهما قبالان.
وقيل في وصفه: إنه كان أضلع، أروح الرجلين، وكان من المهاجرين الأولين، هاجر إلى الحبشة ومعه رقية ابنة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنهما لأول من هاجر إلى الله بعد إبراهيم ولوط. ثم هاجر إلى المدينة، واشترى بئر رومة بعشرين ألف درهم، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من يزيد في مسجدنا؟ فاشترى عثمان موضع خمس سواري فزاده في المسجد. وجهز جيش العسرة بتسع مئة وخمسين بعيراً، وأتمها ألفاً بخمسين فرساً.
قال أسامة بن يزيد: بعثني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بصفحة فيها لحم إلى عثمان، فدخلت عليه، فإذا هو جالس مع رقية، ما رأيت زوجاً أحسن منهما، فجعلت مرة أنظر إلى عثمان ومرة أنظر إلى رقية، فلما رجعت إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: دخلت عليهما؟ قلت: نعم. قال: هل رأيت زوجاً أحسن منهما؟ قلت: لا يا رسول الله، وقد جعلت مرة أنظر إلى رقية ومرة أنظر إلى عثمان.
وفي رواية أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث إلى عثمان بهدية، فاحتبس الرسول ثم جاء، فقال له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما حبسك؟ ثم قال: إن شئت أخبرتك ما حبسك، كنت تنظر إلى عثمان مرة، وإلى رقية مرة، أيهما أحسن. قال: إي والذي بعثك بالحق، إنه الذي حبسني.
قالوا: وكان أحسن زوج في الإسلام عثمان ورقية. ولما عرض النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الإسلام على عثمان وأسلم قال: يا رسول الله، قدمت حديثاً من الشام، فلما كنا بين معان والزرقاء فتحرك النيام إذا مناد ينادينا أيها النيام هبوا
فإن أحمد قد خرج بمكة، فقدمنا فسمعنا بك. وكان إسلام عثمان قديماً قبل دخول رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دار الأرقم.
ومن حديث في إسلام عثمان حدث به عثمان عن نفسه أنه قال: كنت رجلاً مستهتراً بالنساء، فإني ذات ليلة بفناء الكعبة قاعد في رهط من قريش إذ أتينا فقيل لنا: إن محمداً قد أنكح عتبة بن أبي لهب من رقية ابنته وكانت رقية ذات جمال رائع قال عثمان: فدخلتني الحسرة لم لا أكون أنا سبقت إلى ذلك، قال: فلم ألبث أن انصرفت إلى منزلي، فأصبت خالة لي قاعدة وهي سعدى بنت كريز قال عثمان: وكانت قد طرفت وتكهنت عند قومها، فلما رأتني قالت: من مشطور الرجز
أبشر وحييت ثلاثاً تترى
ثم ثلاثاً وثلاثاً أخرى
ثم بأخرى كي تتم عشرا
أتاك خير ووقيت شرا
أنكحت والله حصاناً زهرا
وأنت بكر ولقيت بكرا
وافيتها بنت عظيم قدرا
بنيت أمراً قد أشاد ذكرا
قال عثمان: فعجبت من قولها وقلت: يا خالة؟؟؟، ما تقولين؟ فقالت: عثمان من مشطور الرجز
لك الجمال ولك اللسان
هذا نبي معه البرهان
أرسله بحقه الديان
وجاءه التنزيل والفرقان
فاتبعه لا تغتالك الأوثان
قال: قلت: يا خالة؟؟، إنك لتذكرين شيئاً ما ذكره ببلدنا فأبينيه لي، فقالت:
محمد بن عبد الله ... رسول من عند الله
جاء بتنزيل الله ... يدعو به إلى الله
ثم قالت: من منهوك المنسرح
مصباحه مصباح
ودينه فلاح
وأمره نجاح
وقرنه نطاح
ذلت له البطاح
ما ينفع الصياح
لو وقع الذباح
وسلت الصفاح
ومدت الرماح
قال: ثم انصرفت، ووقع كلامها في قلبي، وجعلت أفكر فيه، وكان لي مجلس عند أبي بكر، فأتيته فأصبته في مجلس ليس عنده أحد، فجلست إليه، فرآني مفكراً، فسألني عن أمري وكان رجلاً متأنياً فأخبرته بما سمعت من خالتي، فقال: ويحك يا عثمان، إنك لرجل حازم ما يخفى عليك الحق من الباطل، ما هذه الأوثان التي يعبدها قومنا؟ أليست من حجارة صم، لا تسمع ولا تبصر، ولا تضر ولا تنفع؟ قال: قلت: بلى والله إنها لكذلك. قال: فقد صدقتك خالتك، هذا رسول الله، محمد بن عبد الله، قد بعثه الله برسالته إلى خلقه، فهل لك أن تأتيه فتسمع منه؟ قال: قلت: بلى، فما كان أسرع من أن
مر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومعه علي بن أبي طالب عليه السلام يحمل ثوباً، فلما رآه أبو بكر قام إليه، فساره في أذنه بشيء، فجاء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقعد، ثم أقبل علي فقال: يا عثمان، أجب الله إلى جنته، فإني رسول الله إليك وإلى خلقه. قال: فوالله ما تمالكت حين سمعت قوله أن أسلمت وشهدت أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ثم لم ألبث أن تزوجت رقية بنت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فكان يقال: أحسن زوج رقية وعثمان، وكان يقال: أحسن زوج رآه إنسان: رقية وزوجها عثمان.
وفي إسلام عثمان تقول خالته سعدى بنت كريزبن ربيعةبن عبد شمس: من الطويل
هدى الله عثماناً بقولي إلى الهدى ... وأرشده، والله يهدي إلى الحق
فتابع بالرأي السديد محمداً ... وكان برأي لا يصد عن الصدق
وأنكحه المبعوث بالحق بنته ... فكانا كبدر ما زج الشمس في الأفق
فداؤك يابن الهاشميين مهجتي ... وأنت أمين الله أرسلت في الخلق
ثم جاء الغد أبو بكر بعثمان بن مظعون وبأبي عبيدة بن الجراح وعبد الرحمن بن عوف وأبي سلمة بن عبد الأسد، والأرقم بن أبي الأرقم، فأسلموا، وكانوا مع من اجتمع مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثمانية وثلاثين رجلاً.
قال محمد بن إسحاق: فلما أسلم أبو بكر وأظهر إسلامه، ودعا إلى الله ورسوله، وكان أبو بكر رجلاً مألفاً لقومه محبباً سهلاً، وكان أنسب قريش لقريش، وأعلم قريش بما كان فيها من خير أو شر، وكان رجلاً تاجراً ذا خلق ومعروف، وكان رجال قومه يأتونه ويألفونه لغير واحد من الأمر، لعلمه تجارته وحسن مجالسته، فجعل يدعو إلى الإسلام من وثق به من قومه ممن يغشاه ويجلس إليه، فأسلم على يديه فيما بلغني: الزبير بن العوام، وعثمان بن عفان، وطلحة بن عبيد الله، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، فانطلقوا ومعهم أبو بكر حتى أتوا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فعرض عليهم الإسلام، وقرأ عليهم القرآن، وأنبأهم بحق
الإسلام وبما وعدهم الله من الكرامة، فآمنوا وأصبحوا مقرين بحق الإسلام، فكان هؤلاء النفر الثمانية يعني مع علي وزيد بن حارثة الذين سبقوا إلى الإسلام، فصلوا وصدقوا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وآمنوا بما جاء من عند الله تعالى.
ولما أسلم عثمان بن عفان أخذه عمه الحكم بن أبي العاص بن أمية، فأوثقه رباطاً وقال: نزعت عن ملة آبائك إلى دين محدث؟؟ والله لا أحلك أبداً حتى تدع ما أنت عليه من هذا الدين. فقال عثمان: والله لا أدعه أبداً ولا أفارقه. فلما رأى الحكم صلابته في دينه تركه.
قال أبو ثور الفهمي: قدمت على عثمان، فبينا أنا عنده فخرجت، فإذا بوفد أهل مصر قد رجعوا، فدخلت على عثمان فأعلمته، قال: وكيف رأيتهم؟ قلت: رأيت في وجوههم الشر. وعليهم ابن عديس البلوي، فصعد ابن عديس منبر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فصلى بهم الجمعة وتنقص عثمان في خطبته، فدخلت على عثمان فأخبرته بما قام فيهم، فقال: كذب والله ابن عديس، ولولا ما ذكر ما ذكرت ذلك: إني لرابع أربعة في الإسلام، ولقد أنكحني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابنته، ثم توفيت فأنكحني ابنته الأخرى، وما زنيت ولا سرقت في جاهلية ولا إسلام، ولا تغنيت ولا تمنيت منذ أسلمت، ولا مسست فرجي بيميني منذ بايعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولقد جمعت القرآن على عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا أتت علي جمعة إلا وأنا أعتق فبها رقبة منذ أسلمت إلا أن لا أجدها في تلك الجمعة، فأجمعها في الجمعة الثانية.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: لما زوج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بنته أم كلثوم قال لأم أيمن: هيئي ابنتي أم كلثوم وزفيها إلى
عثمان، وخفقي بين يديها بالدف. ففعلت ذلك، فجاءها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد الثالثة، فدخل عليها فقال: يا بنية، كيف وجدت بعلك؟ قالت: خير بعل. فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أما إنه أشبه الناس بجدك إبراهيم وأبيك محمد صلى الله عليهما.
وعن أنس بن مالك قال: أول من هاجر إلى أرض الحبشة عثمان بن عفان، خرج وخرج بابنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأبطأ على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خبرهما، فجعل يتوكف الخبر، فقدمت امرأة من قريش من أرض الحبشة، فسألها فقالت: رأيتهما قال: على أي حال رأيتهما؟ قالت: رأيته وقد حملها على حمار من هذه الدبابة، وهو يسوق بها.
فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صحبهما الله، إن كان عثمان بن عفان لأول من هاجر إلى الله بعد لوط.
وعن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما كان بين عثمان ورقية، وبين لوط من مهاجر.
وعن أسماء ابنة أبي بكر قالت: كنت أحمل الطعام إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبي، وهما في الغار. قالت: فجاء عثمان إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله، إني أسمع من المشركين من الأذى فيك ما لا صبر لي عليه؛ فوجهني وجهاً أتوجهه، فلأ هجرنهم في ذات الله. فقال له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أزمعت بذاك يا عثمان؟ قال: نعم. قال: فليكن وجهك إلى هذا الرجل بالحبشة يعني النجاشي فإنه ذو وفاء، واحمل معك رقية ولا تخلفها، ومن رأى معك من المسلمين مثل رأيك، فليتوجهوا هناك، وليحملوا معهم نساءهم ولا يخلفوهم. قال: فودع عثمان نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقبل يديه.
قال: فبلغ عثمان المسلمين رسالة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال لهم: إني خارج من تحت ليلتي فمقيم لكم بجدة ليلة أو ليلتين، فإن أبطأتم فوجهني إلى باضع جزيرة في البحر
قالت: فحملت إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال لي: ما فعل عثمان ورقية؟ قلت: قد سارا فذهبا: قالت: فقال: قد سارا فذهبا؟ قلت: نعم فالتفت إلى أبي بكر فقال: زعمت أسماء أن عثمان ورقية قد سارا فذهبا، والذي نفسي بيده إنه لأول من هاجر بعد إبراهيم ولوط.
وعن عبيد الله بن عدي بن الخيار أن عثمان بن عفان قال له: يا بن أخي، أدركت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: فقلت: لا، ولكن خلص إلى من علمه واليقين ما يخلص إلى العذراء في سترها. قال: فتشهد ثم قال: أما بعد، فإن الله بعث محمداً بالحق، فكنت ممن استجاب لله ولرسوله، وآمن بما بعث به محمد، ثم هاجرت الهجرتين كما قلت، ونلت صهر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وبايعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فوالله ما عصيته ولا غششته حتى توفاه الله تعالى.
وعن ابن سيرين أنه ذكر عنده عثمان بن عفان فقال له رجل: إنهم ليسبونه. قال: ويحهم، يسبون رجلاً دخل على النجاشي في نفر من أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكلهم أعطاه الفتنة غيره؟؟ ؟ قالوا: وما الفتنة التي أعطوها؟ قال: كان لا يدخل عليه أحد إلا أومأ إليه برأسه، فأبى عثمان، فقال له: ما يمنعك أن تسجد كما يسجد أصحابك؟ فقال: ما كنت لأسجد لأحد من دون الله عز وجل.
ولما خرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى بدر خلف عثمان على ابنته رقية، وكانت مريضة، فماتت يوم قدم زيد بن حارثة المدينة بشيراً بما فتح الله على رسوله ببدر، وضرب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعثمان بسهمه وأجره في بدر، فكان كمن شهدها.
وتزوج عثمان بأم كلثوم بنت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ودخل بها سنة ثلاث، ولما ماتت زوجة عثمان مر عليه عمر فعرض عليه بنته فلم يجبه، فمر عليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: أزوجك خيراً من بنت عمر، ويتزوج ابنه عمر خير منك. فتزوج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابنة عمر، وزوج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عثمان ابنته الثانية.
وعن أبي هريرة: أن عثمان لما ماتت امرأته بنت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بكى، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما يبكيك؟ قال: أبكي على انقطاع صهري منك، قال: فهذا جبريل عليه السلام يأمرني بأمر الله عز وجل أن يزوجك أختها.
وفي حديث آخر بمعناه: أن أزوجك أختها أم كلثوم على مثل صداقها، وعلى مثل عشرتها. قال: فزوجه إياها. وفي حديث آخر بمعناه: أن الله أمرني أن أزوجك أختها رقية، وأجعل صداقها مثل صداق أختها.
كذا قال، والمحفوظ أن الأولى رقية.
وفي حديث آخر: وجده يبكي قال: لاتبك، والذي نفسي بيده لو أن عندي مئة بنت، تموت واحدة بعد واحدة، زوجتك أخرى حتى لا يبقى من المئة شيء.
وعن علي بن أبي طالب قال: لقد صنع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعثمان أمراً ما صنعه بي ولا بأبي بكر ولا بعمر. قلنا: وما صنع به يا أمير المؤمنين؟ قال: كنا حول رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جلوساً وقدمه وساقه مكشوفة إلى رأس ركبتيه، وساقه في ماء بارد كان يضرب عليه عضلة ساقه، فكان إذا جعله في ماء بارد سكن عنه، فقلت: يا رسول الله، مالك لا تكشف عن الركبة؟ فقال: إن الركبة من العورة يا علي. فبينا نحن حوله إذ طلع علينا عثمان، فغطى ساقه وقدمه بثوبه، فقلت: سبحان الله يا رسول الله، كنا حولك وساقك وقدمك مكشوفة، فلما طلع علينا عثمان غطيته، فقال: أما أستحي ممن تستحي منه الملائكة؟ ثم طلع علينا عمر فقال: يا رسول الله، ألا أعجبك من عثمان؟ قال: وما ذاك؟ قال: مررت به آنفاً وهو حزين كئيب، فقلت: يا عثمان، ما هذا الحزن والكآبة التي بك؟ قال: ما لي لا أحزن يا عمر، وقد سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: كل نسب وصهر مقطوع يوم القيامة إلا نسبي وصهري. وقد قطع صهري من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فعرضت حفصة بنت عمر فسكت عني، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا عمر، أفلا أزوج حفصة من هو خير من عثمان؟ قال: بلى
يا رسول الله. قال: فتزوج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حفصة في ذلك المجلس، وزوج عثمان ابنته الأخرى، فقال بعض من حسد عثمان بخ بخ يا رسول الله، تزوج عثمان بنتاً بعد بنت، فأي شرف أعظم من ذا؟ قال: لو كانت لي أربعون بنتاً زوجت عثمان واحدة بعد واحدة، حتى لا يبقى منهن واحدة. ونظر إلى عثمان فقال: يا عثمان، أين أنت وبلوى تصيبك من بعدي؟ قال: ما أصنع يا رسول الله؟ قال: صبراً صبراً يا عثمان حتى تلقاني والرب عنك راض.
عن أنس بن مالك أو غيره قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ألا أبو أيم، ألا أخو أيم، ألا ولي أيم يزوج عثمان، فإني قد زوجته اثنتين، ولو كانت عندي ثالثة لزوجته، وما زوجته إلا بوحي من السماء ".
وعن أم عياش وكانت أمة لرقية بنت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت: سمعت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " ما زوجت عثمان أم كلثوم إلا بوحي من السماء ".
وعن ابن عمر قال: ذكر عثمان بن عفان عند النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ذاك النور. فقيل له: ما النور؟ قال: النور شمس في السماء والجنان، والنور يفضل على الحور العين، وإني زوجته ابنتي، فلذلك سماه الله عند الملائكة ذا النور، وسماه في الجنان ذا النورين، فمن شتم عثمان فقد شتمني.
وعن النزال بن سبرة الهلالي قال: قلنا يعني لعلي يا أمير المؤمنين فحدثنا عن عثمان بن عفان، فقال: ذاك امرؤ يدعى في الملأ الأعلى ذا النورين، كان ختن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ابنتيه، ضمن له بيتاً في الجنة.
وعن أم كلثوم أنها جاءت إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: يا رسول الله، زوج فاطمة خير من
زوجي؟ قال: فأسكت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ملياً، ثم قال: زوجتك من يحبه الله ورسوله، ويحب الله ورسوله. فولت، فقال: هلمي، ماذا قلت؟ قالت: زوجني من يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله. قال: نعم، وأزيدك: لو قد دخلت الجنة فرأيت منزله لم تري أحداً من أصحابي يعلوه في منزله.
وعن أبي إسحاق قال: قال رجل لعلي بن أبي طالب عليه السلام: إن عثمان في النار، قال: ومن أين علمت؟ قال: لأنه أحدث أحداثاً، فقال له علي: أتراك لو كانت لك بنت أكنت تزوجها حتى تستشير؟ قال: لا. قال: أفرأي هو خير من رأي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لابنتيه؟ وأخبرني عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أكان إذا أراد أمراً يستخير الله أو لا يستخيره؟ قال: لا، بل كان يستخيره. قال: أفكان الله عز وجل يخير له أم لا؟ قال: بل كان يخير له. قال: فأخبرني عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أخار الله له في تزويجه عثمان أم لم يخر له؟ قال: ثم قال له: لقد تجردت لك لأضرب عنقك، فأبى الله ذلك، أما والله لو قلت غير ذلك ضربت عنقك.
وعن ابن عباس قال: قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ليس في الجنة شجرة إلا وعلى كل ورقة منها مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله، أبو بكر الصديق، عمر الفاروق، عثمان ذو النورين. وحدث جعفر بن محمد عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ليلة أسري بي رأيت على العرش مكتوباً لا إله إلا الله محمد رسول الله، أبو بكر الصديق، عمر الفروق، عثمان ذو النورين يقتل مظلوماً.
وعن الحسن قال: إنما سمي عثمان ذا النورين لأنه لا نعلم أحداً أغلق بابه على ابنتي نبي غيره.
وعن عبد الله بن عمر بن أبان الجعفي قال: قال لي خالي حسين الجعفي: يابني، تدري لم سمي عثمان ذا النورين؟ قلت: لا أدري. قال: لم يجمع بين ابنتي
نبي مذ خلق الله آدم إلى أن تقوم الساعة غير عثمان بن عفان، فلذلك سمي ذا النورين.
وعن عائشة قالت: مكث آل محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أربعة أيام ما طمعوا شيئاً حتى تضاغوا صبياناً، فدخل علي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا عائشة، هل أصبتم بعدي شيئاً؟ فقلت: من أين إن لم يأتنا الله به على يديك؟ فتوضأ وخرج متسجياً، يصلي ها هنا مرة وها هنا مرة، يدعو، قالت: فأتى عثمان بن عفان من آخر النهار فاستأذن، فهممت أن أحجبه، ثم قلت: هو رجل من مكاثير المسلمين، لعل الله إنما ساقه إلينا ليجري لنا على يديه خيراً، فأذنت له، فقال: أيا أمتاه، أين رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقلت: يا بني، ما طعم آل محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أربعة أيام شيئاُ، ودخل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ متغيراً، ضامر البطن، فأخبرته بما قال لها وبما ردت عليه، قال: فبكى عثمان بن عفان وقال: مقتاً للدنيا. ثم قال: يا أم المؤمنين، ما كنت بحقيقة أن ينزل بك مثل هذا ثم لا تذكرينه لي ولعبد الرحمن بن عوف ولثابت بن قيس في نظرائنا من مكاثير الناس. ثم خرج فبعث إلينا بأحمال من الدقيق وأحمال من الحنطة، وأحمال من التمر، وبمسلوخ وثلاث مئة درهم في صرة، ثم قال: هذا يبطئ عليكم، فأتى بخبز وشواء كثير، فقال: كلوا أنتم واصنعوا لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين يجيء، ثم أقسم على ألا يكون مثل هذا إلا أعلمته. قالت: ودخل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا عائشة، هل أصبتم بعدي شيئاً؟ قالت: يا رسول الله، قد علمت أنك إنما خرجت تدعو الله تعالى، وقد علمت أن الله لم يردك عن سؤالك، فقال: فما أصبتم؟ قلت: كذا وكذا حمل بعير دقيق، وكذا وكذا بعير حنطة، وكذا وكذا بعير تمر، وثلاث مئة درهم في صرة، ومسلوخاً وخبزاً وشواء كثيراً. فقال: ممن؟ فقلت: من عثمان بن عفان. قالت: وبكى وذكر الدنيا بمقت، وأقسم على ألا يكون فينا مثل هذا إلا أعلمته. قالت يعني: فلم يجلس النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى خرج إلى المسجد ورفع يديه وقال: اللهم إني قد رضيت عن عثمان فارض عنه، اللهم قد رضيت عن عثمان فارض عنه، اللهم قد رضيت عن عثمان فارض عنه.
وعن أبي سعيد الخدري قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أول الليل إلى أن طلع الفجر رافعاً يديه يدعو لعثمان بن عفان يقول: اللهم عثمان رضيت عنه فارض عنه.
وعن أبي سعيد قال: سمعت رسول الله صلى الله عله وسلم يقول لعثمان: غفر الله لك، ما قدمت وما أخرت، وما أسررت، وما أعلنت، وما كان منك، وما هو كائن إلى يوم القيامة.
وزاد في رواية أخرى: وما أخفيت وما أبديت.
وعن ليث بن أبي سليم قال: أول من خبص الخبيص في الإسلام عثمان، خلط بين العسل والنقي ثم بعث به إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى منزل أم سلمة، فلم يصادفه، فلما جاء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وضعته بين يدي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاستطابه، قال: من بعث بهذا؟ قالت: عثمان، قالت: فرفع يديه إلى السماء وقال: اللهم إن عثمان يترضاك فارض عنه.
وعن زيد بن أسلم قال: بعث عثمان إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بناقة صهباء، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللهم جوزه على الصراط.
وعن عمران بن حصين: أنه شهد عثمان بن عفان أيام غزوة تبوك في جيش العسرة، فأمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالصدقة والقوة والتأسي، وكانت نصارى العرب كتبوا إلى أهل هرقل: إن هذا الرجل الذي خرج ينتحل النبوة قد هلك، وأصابتهم سنون فهلكت أموالهم، فإن كنت تريد أن تلحق دينك فالآن. فبعث رجلاً من عظمائهم يقال له: الصناد، وجهز معه أربعين ألفاً، فلما بلغ ذلك نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتب في العرب، وكان يجلس كل يوم على المنبر فيدعو الله ويقول: اللهم إنك إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض. فلم يكن للناس قوة، وكان عثمان بن عفان قد جهز عيره إلى الشام، يريد أن يمتار عليها، فقال: يا رسول الله، هذه مئتا بعير بأقتابها وأحلاسها، ومئتا أوقية، فحمد الله رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكبر وكبر الناس، ثم قام
مقاماً آخر فأمر بالصدقة، فقام عثمان فقال: يا نبي الله، وهاتان مئتان، ومئتا أوقية. فكبر وكبر الناس، وأتى عثمان بالإبل، وأتى بالمال فصبه بين يديه، فسمعته يقول: لا يضر عثمان ما عمل بعد اليوم.
وعن عبد الرحمن بن سمرة قال: جاء عثمان بن عفان إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بألف دينار في ثوبه حين جهز النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جيش العسرة قال: فصبها في حجر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجعل يقلبها بيده ويقول: ما ضر ابن عفان ما عمل بعد اليوم مراراً.
وعن حذيفة: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث إلى عثمان يستعينه في غزاة غزاها، قال: فبعث إليه عثمان بعشرة آلاف دينار، فوضعه بين يديه، قال: فجعل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقلبها بيديه ويدعو له، يقول: غفر الله لك يا عثمان ما أسررت وما أعلنت، وما أخفيت، وما هو كائن إلى يوم القيامة، ما يبالي عثمان ما عمل بعد هذا.
وعن عثمان بن عفان قال: لما جهزت جيش العسرة قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنمى الله لك يا أبا عمرو في مالك. وربما قال: ورحمك، وجعل ثوابك الجنة.
وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من يشتري لنا رومة، فيجعلها صدقة للمسلمين، سقاه الله يوم العطش "؟ فاشتراها عثمان بن عفان، فجعلها صدقة للمسلمين.
قال ابن عمر: لما جهز عثمان جيش العسرة قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اللهم لا تنساها لعثمان ".
وعن أبي مسعود قال: كنا مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في غزاة، فأصاب الناس جهد، حتى رأيت الكآبة في وجوه المسلمين، والفرح في وجوه المنافقين، فلما رأى ذلك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " والله لا تغيب الشمس حتى يأتيكم الله برزق ". فعلم عثمان أن الله ورسوله سيصدقان فاشترى عثمان أربعة عشر راحلة بما عليها من الطعام، فوجه إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منها بتسع، فلما رأى ذلك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ما هذا؟ قال: أهدى إليك عثمان. فعرف الفرح في وجه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والكآبة في وجوه المنافقين، فرأيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد رفع يديه حتى رئي بياض إبطيه، يدعو لعثمان دعاء ما سمعته دع لأحد قبله ولا بعده: اللهم أعط عثمان، اللهم افعل بعثمان.
وعن كثير بن مرة:
أنه سئل علي عن عثمان عليهما السلام، فقال: نعم، يسمى في السماء الرابعة ذا النورين، زوجه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واحدةً بعد أخرى، ثم قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من يشتري بيتاً يزيده في المسجد غفر الله له؟ فاشتراه عثمان فزادهفي المسجد، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من يشتري مربد بني فلان فيجعله صدقةً على المسلمين غفر الله له؟ فاشتراه عثمان، فجعله صدقةً للمسلمين، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من يجهز هذا الجيش يعني جيش العسرة غفر الله له؟ فجهزهم عثمان حتى لم يفقدوا عقالاً.
وقيل: إن عثمان جهز جيش العسرة بتسع مئة وثلاثين ناقة، وسبعين فرساً، ومال، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بكفه هكذا يحركها: ما على عثمان ما عمل بعد هذا.
قيل: إن جيش العسرة كان سنة ثمان من الهجرة.
وعن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " رحم الله أبا بكر، زوجني ابنته، وحملني إلى دار الهجرة، وأعتق بلالاً من ماله، وما نفعني مال في الإسلام ما نفعني مال أبي بكر، ورحم الله عمر، لقد تركه الحق وما له من صديق، ورحم الله عثمان تستحيه الملائكة، وجهز جيش العسرة، وزاد في مسجدنا حتى وسعنا.
حدث أبو سلمة بشر بن بشير الأسلمي عن أبيه قال: لما قدم المهاجرون المدينة استنكروا الماء، وكانت لرجل من بني غفار عين يقال لها: رومة، وكان يبيع منها القربة بمد، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تبيعها بعين في الجنة؟ فقال: يا رسول الله، ليس لي ولا لعيالي عين غيرها، لا أستطيع ذلك. فبلغ ذلك عثمان بن عفان، فاشتراها بخمسة وثلاثين ألف درهم، ثم أتى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: أتجعل لي مثل الذي جعلت له عيناً في الجنة إن اشتريتها؟ قال: نعم. قال: قد اشتريتها وجعلتها للمسلمين.
وعن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان قال: نظر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى رومة وكانت لرجل من مزينة يسقي عليها بأجر، فقال: نعم صدقة المسلم هذه، من رجل يبتاعها من المزني فيتصدق بها؟ فاشتراها عثمان بن عفان بأربع مئة دينار، فتصدق بها، فلما علق عليها العلق مر بها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسأل عنها؟ فأخبر أن عثمان اشتراها وتصدق بها فقال: اللهم أوجب له الجنة. ودعا بدلو من مائها فشرب منه، وقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هذا النقاخ، أما إن هذا الوادي ستكثر مياهه ويعذبون، وبئر المزني أعذبها.
وعن أبي هريرة قال: اشترى عثمان بن عفان من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجنة مرتين بيع الخلق، يوم رومة ويوم جيش العسرة.
وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من وسع لنا في مسجدنا هذا بنى الله له بيتاً في الجنة. قال: فاشترى البيت عثمان، فوسع به في المسجد.
وعن سلمة بن الأكوع: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بايع لعثمان بن عفان بإحدى يديه على الأخرى وقال: اللهم إن عثمان في حاجتك وحاجة رسولك.
وعن عثمان بن عفان قال: كانت بيعة الرضوان في، وضرب لي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشماله على يمينه، وشمال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خير من يميني.
قال القوم في حديثهم: فبينما النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في البيعة إذ قيل: هذا عثمان قد جاء، فقطع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ البيعة.
وعن جابر قال: إنما بيعة الرضوان بيعة الشجرة في عثمان بن عفان خاصة، قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن قتلوه لأنابذهم. قال: فبايعناه، ولم نبايعه على الموت، ولكنا بايعناه على ألا نفر، ونحن ألف وثلاث مئة.
وذكر الواقدي بأسانيده قال: وكان أول من بعث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى قريش خراش بن أمية الكعبي، على جمل لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقال له الثعلب، ليبلغ أشرافهم عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما جاء له، ويقول: إنما جئنا معتمرين معنا الهدي معكوفاً، فنطوف بالبيت ونحل وننصرف. فعقروا جمل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والذي ولي عقره عكرمة بن أبي جهل، وأراد قتله فمنعه من هناك من قومه، حتى خلوا سبيل خراش، فرجع إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يكد، فأخبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما لقي، فقال: يا رسول الله، ابعث رجلاً أمنع مني، فدعا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عمر بن الخطاب ليبعثه إلى
قريش، فقال: يا رسول الله، إني أخاف قريشاً على نفسي، قد عرفت قريش عداوتي لها وليس بها من بني عدي من يمنعني، وإن أحببت يا رسول الله دخلت عليهم، فلم يقل له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيئاً، قال عمر: ولكني أدلك يا رسول الله على رجل أعز بمكة مني، أكثره عشيرة وأمنع، عثمان بن عفان، قال: فدعا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عثمان فقال: اذهب إلى قريش فخبرهم أنا لم نأت لقتال أحد، وإنما جئنا زواراً لهذا البيت، معظمين لحرمته، معنا الهدي ننحره وننصرف.
فخرج عثمان حتى أتى بلدح، فيجد قريشاً هنالك، فقالوا: أين تريد؟ قال: بعثني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إليكم يدعوكم إلى الله وإلى الإسلام، وتدخلوا في الدين كافة، فإن الله مظهر دينه ومعز نبيه، وأخرى تكفون عنه، ويلي هذا منه غيركم، فإن ظفر بمحمد فذلك ما أردتم، وإن ظفر محمد كنتم بالخيار، أن تدخلوا فيما دخل فيه الناس، أو تقاتلوا وأنتم وافرون جامون، إن الحرب قد نهكتكم وأذهبت الأماثل منكم، وأخرى، إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخبركم أنه لم يأت لقتال أحد، وإنما جاء معتمراً معه الهدي عليه القلائد ينحره وينصرف. فجعل عثمان يكلمهم فيأتيهم بما لا يريدون، ويقولون: قد سمعنا ما تقول، ولا كان هذا أبداً، ولا دخلها علينا عنوة، فارجع إلى صاحبك فأخبره أنه لا يصل إلينا. فقام إليه أبان بن سعيد بن العاص فرحب به وأجاره، وقال: لا تقصر عن حاجتك، ثم نزل عن فرس كان عليه، فحمل عثمان على السرج وردف وراءه، فدخل عثمان مكة، فأتى أشرافهم رجلاً رجلاً، أبا سفيان بن حرب، وصفوان يردون عليه: إن محمداً لا يدخلها علينا أبداً، قال عثمان: ثم كنت أدخل على قوم مؤمنين من رجال ونساء مستضعفين فأقول: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يبشركم بالفتح ويقول: أظلكم حتى لا يستخفى بمكة بالإيمان. فقد كنت أرى الرجل منهم والمرأة، ينتحب حتى أظن سوف يموت فرحاً بما خبرته، فيسأل عن
رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيحفي المسألة، وتشهد لذلك أنفسهم، ويقولون: اقرأ على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منا السلام، إن الذي أنزله الحديبية لقادر أن يدخله بطن مكة.
وقال المسلمون: يا رسول الله، وصل عثمان إلى البيت وطاف. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ما أظن عثمان يطوف بالبيت ونحن محصورون. قالوا: يا رسول الله، وما يمنعه وقد وصل إلى البيت؟ قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ظني به ألا يطوف حتى نطوف ". فلما رجع عثمان إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالوا: اشتفيت من البيت يا أبا عبد الله؟ فقال عثمان: بئس ما ظننتم بي، لو مكثت بها سنة والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مقيم بالحديبية ما طفت، ولقد دعتني قريش إلى أن أطوف بالبيت فأبيت ذلك عليها، فقال المسلمون: رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان أعلمنا بالله، وأحسننا ظناً.
فلما رجع عثمان أتى به رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الشجرة فبايعه، وقد قبل ذلك حين بايع الناس قال: إن عثمان ذهب في حاجة الله وحاجة رسوله، فأنا أبايع له، فضرب بيمينه شماله.
وعن سعيد بن العاص: أن عثمان وعائشة أخبره أنا أبا بكر استأذن على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو مضطجع على فراشه، لابس مرط عائشة، فأذن لأبي بكر على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو كذلك، فقضى إليه حاجته ثم انصرف، ثم استأذن عمر، فأذن له، وهو على تلك الحال، فقضى إليه حاجته ثم انصرف. قال عثمان: ثم استأذنت عليه، فجلس وقال لعائشة: اجمعي عليك ثيابك قال: فقضيت إليه حاجتي ثم انصرفت. قال فقالت عائشة: يا رسول الله، لم أرك فزعت لأبي بكر وعمر كما فزعت لعثمان. فقالت: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن عثمان رجل
حيي، وإني خشيت إن أذنت له، وأنا على تلك الحال، أن لا يبلغ إلى حاجته ".
وفي حديث آخر بمعناه عن حفصة بنت عمر أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان ذات يوم جالساً قد وضع ثوبه بين فخذيه، فجاء أبو بكر فاستأذن الحديث.
وفي حديث آخر بمعناه: قال محمد: لا أقول ذلك في يوم واحد يعني أنه كان كاشفاً فخذيه أوساقيه فسوى ثيابه عند دخول عثمان رضي الله عنه.
وعن عبد الله بن عمر قال: بينما رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جالس وعائشة وراءه، إذ استأذن أبو بكر فدخل، ثم استأذن عمر فدخل، ثم استأذن علي فدخل، ثم استأذن سعد بن مالك فدخل، ثم استأذن عثمان بن عفان فدخل ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتحدث كاشفاً عن ركبيته، فمد ثوبه على ركبتيه وقال لامرأته: استأخري عني. فتحدثوا ساعة ثم خرجوا. قالت عائشة: فقلت يا رسول الله، دخل عليك أصحابك فلم تصلح ثوبك على ركبتيك، ولم تؤخرني عنك حتى دخل عثمان!؟ فقال: يا عائشة، ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة؟ والذي نفس محمد بيده إن الملائكة لتستحي من عثمان كما تستحي من الله ورسوله، ولو دخل وأنت قريبة مني لم يرفع رأسه، ولم يتحدث حتى يخرج.
وعن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " الحياء من الإيمان، وأحيا أمتي عثمان ".
وعن ابن أبي أوفى قال: استأذن أبو بكر على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وجارية تضرب بالدف، فدخل، ثم استأذن عمر فدخل ثم استأذن عثمان فأمسكت، قال: فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن عثمان رجل حيي.
وعن بدر بن خالد قال: وفد علينا زيد بن ثابت يوم الدار فقال: ألا تستحيون ممن تستحي منه الملائكة؟! قلنا: وما ذاك؟ قال: سمعت رسول الله صلى اله عليه وسلم يقول: " مر بي عثمان وعندي جيل من الملائكة ". وفي رواية: وعندي ملك من الملائكة فقال: شهيد يقتله قومه، إنا نستحي منه. قال بدر: فانصرفنا عصابة من الناس.
وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أرأف أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في الإسلام عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأقضاهم علي بن أبي طالب، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأقرؤهم أبي بن كعب، ولكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح ".
وعن عبد خير قال: وضأت علياً برحبة الكوفة فقال: يا عبد خير سلني، قلت: عما أسألك يا أمير المؤمنين؟ فتبسم ثم قال: وضأت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما وضأتني، فقلت: من أول من يدعىإلى الحساب يوم القيامة؟ قال: أنا، أقف بين يدي ربي عز وجل ما شاء الله، ثم أخرج وقد غفر الله لي. قلت: ثم من؟ قال: أبو بكر يقف كما وقفت مرتين، ثم يخرج وقد غفر الله له. قلت: ثم من؟ قال: ثم عمر يقف كما وقف أبو يكر مرتين، ثم يخرج وقد غفر الله له. قلت ثم من؟ قال: أنا. قلت: وأين عثمان يا رسول الله؟ قال: عثمان رجل ذو حياء، سألت ربي عز وجل ألا يوقفه للحساب، فشفعني.
وعن فاطمة ابنة عبد الرحمن قالت: حدثتني أمي أنها سألت عائشة وأرسلها عمها فقال: إن أحد بنيك يقرئك السلام ويسألك عن عثمان بن عفان، فإن الناس قد شتموه؟ فقالت: لعن الله من لعنه، فوالله لقد كان قاعداً عند نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمسند ظهره إلي، وإن جبريل عليه السلام ليوحي إليه القرآن، وإنه ليقول له: اكتب يا عثيم. فما كان الله لينزل تلك المنزلة إلا كريماً على الله ورسوله
وعن جابر قال: بينما نحن مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بيت أبي حشفة في نفر من المهاجرين، فيهم أبو بكر وعمر وعثمان وفي رواية ابن حمدان: وعلي وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لينهض كل رجل إلى كفئه. ونهض النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى عثمان فاعتنقه ثم قال: أنت وليي في الدنيا، وأنت وليي في الآخرة.
وعن جابر قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أبو بكر وزيري والقائم في أمتي من بعدي، وعمر حبيبي ينطق على لساني، وأنا يعني من عثمان وعثمان مني، وعلي أخي وصاحب لوائي ". وفي رواية: وصاحبي يوم القيامة.
وعن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لكل نبي رفيق في الجنة، ورفيقي فيها عثمان بن عفان ".
وعن ابن عباس قال: قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يدخل عليكم من هذا الفج رجل من أهل الجنة ". فدخل عثمان بن عفان.
وعن جابر قال: ما صعد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المنبر قط إلا قال: " عثمان في الجنة ".
وعن معاذ بن جبل قال: خرج علينا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويمينه في يد أبي بكر، ويساره في يد عمر، وعلي آخذ بطرف ردائه، وعثمان من خلفه، فقال: " هكذا ورب الكعبة ندخل الجنة ".
وعن سهل بن سعد الساعدي قال: وصف لنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذات يوم الجنة، فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله، أفي الجنة برق؟ قال: نعم، والذي نفسي بيده، إن عثمان ليتحول من منزل إلى منزل، فتبرق له الجنة ".
وعن عبيدة السلماني قال: هجمت على عبد الله بن مسعود وهو في دهليزه، فقال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: القائم بعدي في الجنة، والذي يقوم بعده في الجنة، والثالث والرابع في الجنة.
وعن أوس بن أوس الثقفي قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بينا أنا جالس إذ جاءني جبريل، فحملني فأدخلني جنة ربي، فبينا أنا جالس إذ جعلت في يدي تفاحة، فانفلقت التفاحة، فخرجت منها جارية، لم أر جارية أحسن منها حسناً، ولا أجمل منها جمالاً، تسبح تسبيحاً لم يسمع الأولون والآخرون بمثله، فقلت: من أنت يا جارية؟ قالت: أنا من الحور العين، خلقني الله تعالى من نور عرشه. فقلت: لمن أنت؟ قالت: أنا للخليفة المظلوم عثمان بن عفان.
وفي حديث عن عقبة بن عامر: انفلقت عن حوراء عيناء مريضة، كأن أشفار عينيها مقاديم أجنحة النسور، فقلت: لمن أنت؟ قالت: أنا للخليفة المقتول ظلماً عثمان بن عفان.
وفي رواية ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ": لما أسري بي إلى السماء، فصرت إلى السماء الرابعة، سقط في حجري تفاحة، فأخذتها بيدي، فانفلقت فخرج منها حوراء تقهقه، فقلت لها: تكلمي، لمن أنت؟ قالت: للمقتول شهيداً عثمان بن عفان.
قالوا: وهذا الحديث منكر بهذا الإسناد.
وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن الله اختار أصحابي على جميع العالمين سوى النبيين والمرسلين، واختار من أصحابي أربعة: أبا بكر وعمر وعثمان وعلياً، فجعلهم خير أصحابي، وفي أصحابي كلهم خير واختار أمتي على سائر الأمم، واختار من أمتي أربع قرون بعد أصحابي، القرن الأول
والثاني والثالث تترى، والقرن الرابع فرادى.
وعن ابن عمر قال: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا صلى بالناس الغداة أقبل عليهم بوجهه فقال: " هل فيكم مريض أعوده؟ فإن قالوا: لا، قال: فهل فيكم جنازة أتبعها؟ فإن قالوا: لا، قال: من رأى منكم رؤيا يقصها علينا؟ فقال رجل: رأيت البارحة كأنه نزل ميزان من السماء، فوضعت في إحدى الكفتين، ووضع أبو بكر في الكفة الأخرى فشلت به، ثم أخرج أبو بكر من الكفة، فجيء يعني بعمر فوضع في الكفة فشال به أبو بكر، ثم جيء بعثمان فوضع في الكفة فشال به عمر، ثم رفع به الميزان، فما كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسألهم عن الرؤيا بعد.
وعن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إني أريت أني وضعت في كفة وأمتي في كفة فعدلتها، ثم وضع أبو بكر في كفة وأمتي في كفة فعدلها، ثم وضع عمر وأمتي في كفة فعدلها، ثم وضع عثمان في كفة وأمتي في كفة فعدلها ".
وعن ابن عمر قال: خرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذات غداة فقال: رأيت قبل صلاة الفجر كأنما أعطيت المقاليد والموازين، فأما المقاليد فهذه المفاتيح، وأما الموازين فهذه التي يوزن بها، فوضعت في إحدى الكفتين ووضعت أمتي في الأخرى، فوزنت، فرجحتهم، ثم جيء بأبي بكر فوزن، فوزنهم، ثم جيء بعمر فوزن فوزنهم، ثم جيء بعثمان فوزن فوزنهم، ثم استيقظت فرفعت ".
وعن عرفجة الأشجعي قال: صلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الفجر ثم جلس، فقال: وزن أصحابنا الليلة، فوزن أبو بكر، ثم وزن عمر فوزنه عثمان فخف، وهو صالح.
وعن سفينة قال: بنى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المسجد، ووضع حجراً، قال: " ليضع أبو بكر حجراً إلى جنب حجري، ثم قال: ليضع عمر حجراً إلى جنب حجر أبي بكر، ثم قال: ليضع عثمان حجراً جنب حجر عمر، ثم قال: هؤلاء الخلفاء من بعدي.
وعن رجل يقال له: سويد بن يزيد السلمي قال: سمعت أبا ذر يقول: لا أذكر عثمان إلا بخير بعد شيء رأيته: كنت رجلاً أتتبع خلوات رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرأيته يوماً خالياً وحده، فاغتنمت خلوته، فجئت حتى جلست إليه، فجاء أبو بكر فسلم ثم جلس عن يمين رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم جاء عمر فسلم وجلس عن يمين أبي بكر، ثم جاء عثمان فسلم ثم جلس عن يمين عمر، بين يدي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فتناول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سبع حصيات أو قال: تسع حصيات فأخذهن فوضعهن في كفه، فسبحن حتى سمعت لهن حنيناً كحنين النحل، ثم وضعهن فخرسن، ثم تناولهن فوضعهن في يد عمر، فسبحن حتى سمعت لهن حنيناً كحنين النحل، ثم وضعهن فخرسن، ثم تناولهن فوضعهن في يد عثمان، فسبحن حتى سمعت لهن حنيناً كحنين النحل، ثم وضعهن فخرسن فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هذه خلافة النبوة ".
وفي حديث آخر رواه عن عاصم بن حميد أن أبا ذر كان يقول: انطلقت ألتمس النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بعض حوائط المدينة، وساق الحديث والحصيات، وقال: فناولهن عثمان فسبحن في يده، ثم انتزعهن منه فناولهن علياً، فلن يسبحن، وخرسن.
وعن أنس بن مالك: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخذ حصيات في يده فسبحن حتى سمعنا التسبيح، ثم صيرهن في يد أبي بكر، فسبحن حتى سمعنا التسبيح، ثم صيرهن في يد عمر، فسبحن حتى سمعنا التسبيح، ثم صيرهن في يد عثمان، فسبحن حتى سمعنا التسبيح ثم صيرهن في أيدينا رجلاً رجلاً، فما سبحت حصاة منهن.
وعن الحارث بن أقيش قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ما من مسلمين يموت لهما أربعة أولاد إلا أدخلهما الله الجنة. قالوا يا رسول الله، وثلاثة؟ قال: وثلاثة. قالوا يا رسول الله، واثنان؟ قال: واثنان، وإن من أمتي لمن يعظم للنار حتى يكون أحد زواياها، وإن من أمتي لمن يدخل بشفاعته الجنة أكثر من مضر.
وعن أبي أمامة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ليدخلن الجنة بشفاعة رجل من أمتي مثل أحد الحيين ربيعة ومضر. فقال رجل: يا رسول الله، أما ربيعة من مضر؟ فقال: " إنما أقول ما أقول ". قال: فكان المشيخة يرون ذلك الرجل عثمان بن عفان.
وعن ابن جابر قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لقد جاورني عثمان بن عفان في طبق أربعين صباحاً وأربعين ليلة، فما سمعت له خضخضة ماء، فنعم الجار عثمان ".
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " والله ليشفعن عثمان بن عفان في سبعين ألفاً من أمتي قد استوجبوا النار، حتى يدخلهم الله الجنة ".
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لكل نبي خليل في أمته، وأنا خليلي عثمان بن عفان ".
وعن ابن عباس قال: نزل رسول الله بالجحفة، فدخل في غدير ومعه أبو بكر وعمر يتماقلان، فأهوى عثمان إلى ناحية رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فاعتنقه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال ": هذا أخي ومعي ".
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا يجتمع حب هؤلاء الأربعة إلا في قلب مؤمن: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي بن أبي طالب.
وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن الله عز وجل اختار أصحابي على جميع العالمين سوى النبيين والمرسلين، واختار من أصحابي أربعة، فجعلهم خير أصحابي، وفي كل أصحابي خير، وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي؛ واختار أمتي على سائر الأمم، فبعثني في خير قرن، ثم الثاني، ثم الثالث تترى، ثم الرابع فرادى.
وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن الله أمر بحب أربعة من أصحابي، وقال: أحبهم، أبو بكر وعمر وعثمان وعلي.
وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن الله فرض عليكم حب أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، كما فرض عليكم الصلاة والصيام والحج والزكاة فمن أبغض واحداً منهم فلا صلاة له، ولا صيام له، ولا حج له، ولا زكاة له ويحشر يوم القيامة من قبره إلى النار.
وعن علي قال: من أحب أبا بكر قام يوم القيامة مع أبي بكر، وصار معه حيث يصير، ومن أحب عمر كان مع عمر حيث يصير، ومن أحب عثمان كان مع عثمان، ومن أحبني كان معي؛ من أحب هؤلاء الأربعة كان قائد هؤلاء الأربعة إلى الجنة.
وعن أنس قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أربعة لا يجتمع حبهم في قلب منافق، ولا يحبهم إلا مؤمن: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي.
وعن جابر قال: أتي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بجنازة رجل فلم يصل عليه، فقالوا: يا رسول الله، ما رأيناك تركت الصلاة على أحد إلا على هذا؟؟؟ قال: إنه كان يبغض عثمان؛ أبغضه الله.
وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن لحوضي أربعة أركان: ركن عليه أبو بكر، وركن عليه عمر، وركن عليه عثمان، وركن عليه علي، فمن جاء محباً لهم سقوه، ومن جاء مبغضاً لهم لا يسقونه.
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين أبو بكر؟ فيؤتى بابن أبي قحافة، فيوقف على باب الجنة، ويقال له: أدخل من شئت برحمة الله، وامنع من شئت بعلم الله؛ ثم يؤتى بعمر، فيوقف عند الميزان، فيقال له: ثقل ميزان من شئت برحمة الله، وخفف ميزان من شئت بعلم الله؛ ثم يؤتى بعثمان، فيؤتى بعصا من جنة الخلد التي غرسها الله بيده، ويوقف عند الحوض، ويقال له: رد من شئت برحمة الله، وذب من شئت بعلم الله، ثم يؤتى بعلي، فيكسى حلة من نور، ويقال له: هذه اذخرتها لك حين أنشأت خلق السموات والأرض.
وروى عن ابن عباس حديثاً آخر بمعناه، إلا أنه جعل الحلة لعثمان، وجعل لعلي قضيب عوسج من عوسج الجنة يذود الناس عن الحوض.
وعن أبي موسى الأشعري قال: خرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوماً إلى حائط من حوائط المدينة لحاجته، فخرجت في إثره، فلما دخل الحائط جلست على بابه، وقلت: لأكونن اليوم بواب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يأمرني، فذهب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقضى حاجته ثم جلس على قف البئر، وكشف عن ساقيه ودلاهما في البئر، فجاء أبو بكر يستأذن عليه ليدخل، فقلت: كما أنت حتى أستأذن لك،
فوقف وجئت إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلت: يا نبي الله، أبو بكر يستأذن عليك، فقال: " ائذن له، وبشره بالجنة ". فدخل، فجاء عن يمين النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكشف عن ساقيه، ودلاهما في البئر، ثم جاء عمر، فدخل، فقلت: كما أنت حتى أستأذن لك. فقال: ائذن له وبشره بالجنة. فجاء فجلس عن يسار النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكشف عن ساقيه، ودلاهما في البئر، فامتلأ القف، فلم يكن فيه مجلس، ثم جاء عثمان فقلت: كما أنت حتى أستأذن لك، فقال: ائذن له وبشره بالجنة مع بلاء يصيبه. فلم يجد معهم مجلساً حتى جاء مقابلهم على شفير البئر، وكشف عن ساقيه ودلاهما في البئر. فجعلت أتمنى أن يأتي أخ لي، وأدعو الله أن يأتي به، فلم يأت أحد حتى قاموا فانصرفوا.
قال ابن المسيب: فتأولت ذلك، قبورهم اجتمعت ها هنا، وانفرد عثمان.
وفي رواية: فقال عثمان: اللهم صبراً.
وعن أنس بن مالك قال: خرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذات يوم، وخرجت معه، فدخل حائطاً من حيطان الأنصار، فدخلت معه وقال: يا أنس، أغلق الباب. فأغلقت الباب، فإذا رجل يقرع الباب، فقال: يا أنس، افتح لصاحب الباب، وبشره بالجنة، وأخبره أنه يلي أمتي من بعدي. قال: فذهبت أفتح له وما أدري من هو، فإذا هو أبو بكر، فأخبرته بما قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فحمد الله عز وجل فدخل، ثم جاء آخر فقرع الباب، فقال: يا أنس، افتح لصاحب الباب، وبشره بالجنة، وأخبره أنه يلي أمتي من بعد أبي بكر. قال: فذهبت أفتح له، وما أدري من هو فإذا هو عمر بن الخطاب، فأخبرته بما قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فحمد الله عز وجل ودخل، ثم جاء آخر فقرع الباب، فقال: يا أنس، افتح لصاحب الباب، وبشره بالجنة، وأخبره أنه يلي أمتي من بعد أبي بكر وعمر، وأنه سيلقى منهم بلاء يبلغون دمه. قال: فذهبت أفتح له، وما أدري من هو، فإذا هو عثمان بن عفان، ففتحت له الباب وأخبرته بما قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: فحمد الله عز وجل واسترجع.
وعن عبد الله بن حوالة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تهجمون في هذا الوادي على رجل من أهل الجنة معتجر ببرد أحمر، تبايعونه ". فهجمنا عليه نبايعه، فإذا هو عثمان بن عفان.
قال أبو جحيفة: خطبنا علي بن أبي طالب على منبر الكوفة فقال: ألا إن خير الناس بعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبو بكر، ثم عمر، ولو شئت أن أخبركم بثالث لأخبرتكم. قال: فنزل عن المنبر وهو يقول: عثمان، عثمان.
قال صالح بن موسى الطلحي: قلت لعاصم بن أبي النجود: على ما تضعون قول علي: لو شئت أن أسمي الثالث لسميته؟ قال: نضعه على أنه عنى عثمان، هو كان أفضل من أن يزكي نفسه.
وعن عمرو بن حريث قال: سمعت علي بن أبي طالب يقول: خير الناس بعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبو بكر وعمر وعثمان.
وعن شريح القاضي قال: سمعت علي بن أبي طالب يقول على المنبر: خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم أنا.
وعن شريح عن علي قال: خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر. لم يزد.
وعن عبد خير قال: خطب علي فقال: أفضل الناس بعد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبو بكر، وأفضلهم بعد أبي بكر عمر، ولو شئت أن أسمي الثالث لسميته. قال: فوقع في نفسي من قوله: ولو شئت أن أسمي الثالث لسميته. فأتيت الحسن بن علي فقلت: إن أمير المؤمنين خطب فقال: إن أفضل الناس بعد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبو بكر، وأفضلهم بعد أبي بكر عمر، ولو شئت أن أسمي
الثالث لسميته. فوقع في نفسي. فقال الحسن: قد وقع في نفسي كما وقع في نفسك، فسألته فقلت: يا أمير المؤمنين، من الذي لو شئت أن تسميه؟ قال: المذبوح كما تذبح البقرة. أو كما قال.
وعن عبد الله بن عمر قال: جاءني رجل من الأنصار في خلافة عثمان، فإذا هو يأمرني في كلامه أن أعيب على عثمان، فتكلم كلاماً طويلاُ، وهو امرؤ في لسانه ثقل، فلم يكد يقضي كلامه في سريع، فلما قضى كلامه فقلت له: إنا كنا نقول ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حي: أفضل أمة محمد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بعده أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، وإنا والله ما نعلم عثمان قتل نفساً بغير حق، ولا جاء من الكبائر شيئاً، ولكنه هو هذا المال، إن أعطاكموه رضيتم، وإن أعطاه أولي قرابته سخطتم، إنما تريدون أن تكونوا كفارس والروم، لا يتركون لهم أميراً إلا أمير إلا قتلوه، ففاضت عيناه بأربعة من الدمع، ثم قال: اللهم لا نريد ذاك.
وعن عبد الله بن عمر قال: كنا نقول ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حي: أبو بكر وعمر وعثمان.
وفي رواية: أفضل هذه الأمة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وبعده أبو بكر وعمر وعثمان.
وعن ابن عمر قال: إنا كنا نقول على عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أبو بكر وعمر وعثمان يعني في الخلافة.
وعنه قال: كنا في زمن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا نعدل بعد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحد بأبي بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم نترك أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا نفاضل بينهم.
وعن ابن عمر قال: اجتمع المهاجرون والأنصار على أن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر وعثمان،.
هته الآن.
وعن ابن عمر قال: كنا إذا ذكرنا والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قلنا: النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبو بكر وعمر وعثمان ثم لم ينال من قدمنا وأحزنا. وعن ابن عمر قال: كنا نقول والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين أظهرنا، وأصحابه متوافرون: أبو بكر ثم عمر ثم عثمان، فيبلغ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلا ينكره.
وعن ابن عمر قال: كنا نقول على عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إذا ذهب أبو بكر وعمر عثمان استوى الناس، فيبلغ ذلك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلا ينكره.
وعن زرعة بن عمرو مولى الحباب عن أبيه قال: لما قدم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة قال لأصحابه: انطلقوا بنا إلى أهل قباء نسلم عليهم، فلما أن أتاهم قال: يا أهل قباء، اجمعوا لنا من حجارة الحرة. قال: فجمعوا، قال: ثم خط لهم قبلتهم، فأخذ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حجراً من تلك الحجارة فجعله على الخط، ثم قال لأبي بكر: خذ حجراً فاجعله على الخط. فأخذ أبو بكر حجراً من تلك الحجارة فجعله إلى جنب حجر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم قال: يا عمر، خذ حجراً فضعه إلى جنب حجر أبي بكر. ثم قال لعثمان: خذ حجراً فضعه إلى جنب حجر عمر. قال: فأخذ حجراً فوضعه، قال: ثم التفت إلى الناس بعد فقال: من أحب أن يضع فليضع حجره حيث شاء على هذا الخط.
وعن قطبة قال: مررت برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد أسس أساس مسجد قباء، ومعه أبو بكر وعمر وعثمان، فقلت: يا رسول الله، أسست هذا المسجد وليس معك غير هؤلاء النفر
الثلاث؟ قال: إنهم ولاة الخلافة من بعدي.
وكان جابر بن عبد الله يحدث أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: أري الليلة رجل صالح أن أبا بكر نيط برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ونيط عمر بن الخطاب بأبي بكر، ونيط عثمان بن عفان بعمر. قال جابر: فلما قمنا من عند رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قلنا: أما الرجل الصالح فرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأما ما ذكر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من نوط بعضهم ببعض فهم ولاة هذا الأمر الذي بعث الله به نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وعن ابن عمر قال: خرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبلال فقال: يا بلال، ناد في الناس أن الخليفة أبو بكر. ثم قال: يا بلال، ناد في الناس أن الخليفة بعد أبي بكر عمر. ثم قال: يا بلال، ناد في الناس أن الخليفة من بعد عمر عثمان. قال: فرفع رأسه إلى السماء وقال: يا بلال امض أبى الله عز وجل إلا ذلك. ثلاث مرات.
وعن سهل بن أبي حثمة قال: بايع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعرابياً، فلما خرج من عنده قال له علي: إن مات النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فممن تأخذ حقك؟ قال: ما أدري. قال: ارجع فسله. فرجع الأعرابي فسأله، فقال له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من أبي بكر. فلما خرج قال له علي: فإن مات أبو بكر ممن تأخذ؟ قال: لا أدري. قال: ارجع فسله، فسأله فقال: من عمر. فلما خرج قال علي: فإن مات عمر؟ قال: لا أدري، قال: ارجع فاسأله، قال فرجع فسأله، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من عثمان. فلما خرج قال علي: فإن مات عثمان فممن تأخذ حقك؟ قال: لا أدري. قال: ارجع فاسأله. قال: فرجع فسأله، فقال له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إذا مات عثمان فإن استطعت أن تموت فمت.
وفي حديث آخر عن رجل من خزاعة قدم فلقيه علي، فقال: ما جاء بك؟ قال: جئت أسأل رسول الله صلى الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى من ندفع صدقة أموالنا إذا قبضه الله؟ فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إلى أبي بكر. قال: فإذا قبض الله أبا بكر فإلى من؟ قال: إلى عمر. قال: فإذا قبض الله عمر فإلى من؟ قال: إلى عثمان. قال: فإذا قبض الله عثمان فإلى من؟ قال: انظروا لأنفسكم.
وفي حديث آخر بمعناه: فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هؤلاء الخلفاء من بعدي.
وفي حديث آخر بمعناه عن وفد بني المصطلق قالوا في آخره: فإن لم نجد عثمان؟ قال: فلا خير لكم في الحياة بعد ذلك.
وفي حديث عن أنس، بمعناه قالوا: قل له فإن لم نجد عمر؟ فقلت له، فقال: قل لهم ادفعوها إلى عثمان، وتباُ لكم يوم يقتل عثمان.
وعن جعفر بن محمد عن أبيه في هذه الآية: " تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ". قال: فجاء بأبي بكر وولده، وبعمر وولده، وبعثمان وولده، وبعلي وولده.
وعن ابن عباس في قوله: " آمنوا كما آمن الناس " قال: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي.
وعن ابن عباس في قوله تعالى: " كزرع " قال: أصل الزرع عبد المطلب، " أخرج شطأه " محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، " فآزره " بأبي بكر " فاستغلظ " بعمر، " فاستوى " بعثمان، " على سوقه " بعلي بن أبي طالب، " يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار ".
وعن أنس: أن عثمان أحد الحواريين حواريي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وعن الزهري قال: لم يجمع القرآن على عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا عثمان وأبي بن كعب.
وعن الشعبي قال: لم يجمع القرآن أحد من الخلفاء من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غير عثمان، ولقد فارق علي الدنيا وما جمعه.
وقال الشعبي: ما حفظ من الخلفاء القرآن أحد إلا عثمان بن عفان.
وعن عامر بن سعد أنه سمع عثمان بن عفان يقول: ما يمنعني أن أحدث عن رسول الله ألا أكون كنت أوعى من أصحابه عنه، ولكني أشهد لسمعته يقول: من قال علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار وعن عبد الرحمن بن حاطب قال: ما رأيت أحداً من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا حدث أتم حديثاً ولا أحسن من عثمان بن عفان، إلا أنه كان رجلاً يهاب الحديث.
وعن القاسم بن محمد قال: كان أبو بكر وعمر وعثمان وعلي يفتون على عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وعنه أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان إذا نزل به أمر يريد فيه مشاورة أهل الرأي وأهل الفقه دعا رجالاً من المهاجرين والأنصار، دعا عمر وعثمان وعلياً، وعبد الرحمن بن عوف، ومعاذ بن جبل، وأبي كعب، وزيد بن ثابت، وكل هؤلاء كان يفتي في خلافة أبي بكر، وإنما تصير فتوى الناس إلى هؤلاء، فمضى أبو بكر على ذلك، ثم ولي عمر فكان يدعو هؤلاء النفر، وكانت الفتوى تصير وهو خليفة إلى عثمان، وأبي، وزيد بن ثابت.
وعن المسور بن مخرمة قال: كان علم أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى ستة: إلى عمر وعثمان وعلي ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب وزيد بن ثابت.
وعن ابن سيرين قال: كانوا يرون أن أعلم الناس بالمناسك عثمان بن عفان، وبعده عبد الله بن عمر.
وعن ابن شهاب قال: لو هلك عثمان بن عفان وزيد بن ثابت في بعض الزمان لهلك علم الفرائض إلى يوم القيامة، جاء على الناس زمان وما يحسنه غيرهما.
وعن نافع قال: سئل ابن عمر عن عدة أم الولد فقال: حيضة، فقال رجل: إن عثمان كان يقول: ثلاثة قروء، فقال: عثمان خيرنا وأعلمنا.
كان عثمان إذا جلس على المقاعد جاءه الخصمان فقال لأحدهما: اذهب ادع علياً. وقال للآخر: اذهب فادع طلحة والزبير ونفراً من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ثم يقول لهما: تكلما، ثم يقبل على القوم فيقول: ما تقولون؟ فإن قالوا ما يوافق رأيه أمضاه، وإلا نظر فيه بعد، فيقومان وقد سلما وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يكون بعدي اثنا عشر خليفة: أبا بكر الصديق لا يلبث خلفي إلا قليلاً، وصاحب رحى دارة العرب، يعيش حميداً ويموت شهيداً. فقال رجل: من هذا؟ فأشار إلى عمر بن الخطاب، قال: ثم أشار إلى عثمان فقال: وأنت يقمصك الله قميصاً، فإن أرادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه، فإنك إن خلعته دخلت النار. وفي رواية فوالذي بعثني بالحق لئن خلعته لا تدخل الجنة حتى يدخل الجمل في سم الخياط. فقال رجل لعبد الله بن عمرو: ما لنا ولهذا! إنما جلسنا لتذكرنا. قال: فقال: والذي نفسي بيده لو تركتني لأخبرتكم بما قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيهم واحداً واحداً.
وعن علي بن أبي طالب قال: لم يقبض النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى أسر إلي، أن الخليفة من بعده أبو بكر، ومن بعد أبي بكر عمر، ومن بعد عمر عثمان، ثم تلي الخلافة.
وعن عبد الله بن مسعود قال: دخلت على رسول الله صلى الله وعنده أبو بكر وعمر وعثمان، وقد خلص بهم، فسلمت فلم يرد علي، فمثلت قائماً لألتمس فراغه وخلوته، خشية أن أكون أحدثت حدثاً، فناجى أبا بكر طويلاً ثم خرج، ثم عمر ثم خرج، فأقبلت أستغفر وأعتذر فقلت: سلمت فلم ترد علي، فقال: شغلني هؤلاء عنك. فقال: بماذا؟ فقال: أعلمت أبا بكر أنه من بعدي، وقلت: انظر كيف تكونن، فقال: لا قوة إلا بالله، ادع الله لي. ففعلت، والله فاعل به ذلك، ثم قلت لعمر مثل ذلك، فقال: لا قوة إلا بالله، حسبي الله، والله حسبه، ثم قلت لعثمان مثل ذلك وأنت مقتول، فقال: لا قوة إلا بالله، ادع الله لي بالشهادة، فقلت: إن صبرت ولم تجزع، فقال: أصبر. وأوجب الله له الجنة، وهو مقتول.
فلما جاءت إمارته قال: والله ما ألوا عن أعلاها ذي فوق.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان عثمان يكتب وصية أبي بكر فقال أبو بكر: إني لا أدع أحداً بعدي أحب إلي منك، ولا أعز علي وأشد فقراً منك، وإني قد كنت جعلت لك من أرضي جداد أحد وعشرين وسقاً يقول: صرام النخل فلو كنت قبضت كان لك. ثم أغمي عليه أو غشي عليه، قال: فعجل عثمان بن عفان فكتب عمر بن الخطاب، فأفاق أبو بكر فقال له: أكتبت؟ قال: نعم قد كتبت، قال: من كتبت؟ قال: كتبت عمر. قال: أما إنك كتبت الذي أريد أن آمرك به، ولو كنت كتبت نفسك كنت لها أهلاً.
وعن حذيفة قال: إني وعمر لواقفان بعرفة، ونحن ننتظر أن تجب الشمس فنفيض. قال حذيفة: فلما رأى عمر عجيج الناس وما يصنعون قال: يا بن اليمان، كم ترى هذا يدوم لهم؟ قلت: حتى يكسر باب أو يفتح باب. قال: ففزع عمر وقال: ما يكسر باب أو يفتح؟ قلت يقتل رجل أو يموت. قال حذيفة: فلقنها عمر فقال: يا حذيفة، من ترى قومك يؤمرون؟ قال: قلت: قد نظر الناس إلى عثمان بن عفان وشهروه لها.
ومن حديث آخر عنه قلت: أراهم شوفوا لابن عفان، فقال: يا ويحهموه.
وعن حذيفة أيضاً قال: قلت لعمر بالموقف: من الخليفة بعدك؟ قال: ابن عفان.
وعن حارثة بن مضرب قال: حججت مع عمر فكان الحادي يحدو: من مشطور السريع
إن الأمير بعده ابن عفان
وحججت مع عثمان فكان الحادي يحدو: من مشطور السريع
إن الأمير بعده علي
وعن الأقرع مؤذن عمر: أن عمر دعا الأسقف فقال: هل تجدونا في شيء من كتبكم، قال: نجد صفتكم وأعمالكم ولا نجد أسماءكم. قال: كيف تجدوني؟ قال: قرناً من حديد. قال: ما قرن من حديد؟ قال: أمير شديد. قال عمر: الله أكبر! فالذي من بعدي؟ قال: رجل صالح يؤثر
أقرباءه، قال عمر: يرحم الله ابن عفان، فالذي من بعده؟ قال: صدأ من حديد، قال: فقال عمر: وألقى شيئاً في يده وجعل يقول: وادفراه، وادفراه! قال: فقال: مهلاً يا أمير المؤمنين، فإنه رجل صالح ولكن تكون خلافته في هراقة من الدماء، والسيف مسلول.
وعن المسور بن مخرمة قال: كان عمر بن الخطاب وهو صحيح يسأل أن يستخلف فيأبى، فصعد يوماً المنبر، فتكلم بكلمات وقال: إن مت فأمركم إلى هؤلاء الستة الذين فارقوا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو عنهم راض: علي بن أبي طالب ونظيره الزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف ونظيره عثمان بن عفان، وطلحة بن عبيد الله ونظيره سعد بن مالك، ألا وإني أوصيكم بتقوى الله في الحكم والعدل في القسم.
وعن زيد عن أبيه: أن عمر بن الخطاب لما طعن قال للستة النفر الذي خرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الدنيا وهوعنهم راض: بايعوا لمن بايع له عبد الرحمن بن عوف، فمن أبى فاضربوا عنقه.
وعن ابن أبي ملكية قال: ما خص عمر أحداً من الشورى دون أحد، إلا أنه خلا بعلي وعثمان، كل منهما دون صاحبه فقال: يا فلان، اتق الله ابتلاك الله بهذا الأمر، ولا تحملن بني فلان على رقاب الناس، وقال للآخر مثل ذلك.
وعن عبد الله بن أبي ربيعة قال: أدخلوني معكم في الشورى، فإني لا أنفس على أحد خيراً ساقه الله إليه، ولا يعدمكم مني رأي. قال: فقالوا: لا تدخل معنا، قال: فاسمعوا مني، قالوا: قل ما شئت. قال: إن بايعتم لعلي سمعنا وعصينا، وإن بايعتم لعثمان سمعنا وأطعنا، والله ما يتشابهان، فاتق الله يا بن عوف.
بعث عبد الرحمن بن عوف في ليلة إلى أهل الشورى، فجلس في المسجد، فدعا رجلاً بعد رجل، فيقول له: أرأيت لو كنت تلي أمر هذه الأمة فحضرتك الوفاة، من كنت مستخلفاً؟ فيقول: عثمان، فيقول له: قم، ثم يدعو الآخر فيقول له مثل ذلك، حتى انتهى إلى علي بن أبي طالب آخرهم، وقال له: أرأيت لو كنت تلي أمر هذه الأمة فحضرتك الوفاة، من كنت مستخلفاً؟ فتلكأ عليه وقال: ما لك ولهذا، فجعل يتلكأ عنه حتى نودي بالصلاة للصبح، وعبد الرحمن يسأله عن ذلك، فأبى علي أن يخبره حتى خشي الإقامة والصبح، فقال له عبد الرحمن: هذا الصبح وهذه الصلاة قد حضرت فأخبرني؟ قال: اللهم عثمان.
وعن المسور بن مخرمة: أن الرهط الذين ولاهم عمر اجتمعوا فتشاوروا، فقال لهم عبد الرحمن بن عوف: لست بالذي أنافسكم هذا الأمر، ولكنكم إن شئتم اخترت لكم منكم. فجعلوا ذلك إلى عبد الرحمن بن عوف. قال: فما رأيت رجلاً بذ قوماً قط أشد مما بذهم به حين ولوه أمرهم، حتى ما من رجل من الناس يبتغي عند أحد من أولئك الرهط رأياً، ولا يطؤوا عقبه، ومال الناس على عبد الرحمن بن عوف يشاورونه ويناجونه تلك الليالي، لا يخلو به رجل ذو رأي فيعدل بعثمان أحداً، حتى إذا كان من الليلة التي أصبح فيها فبايع.
قال المسور: طرقني عبد الرحمن بعد هجع من الليل، فضرب الباب حتى استيقظت، فقال: ألا أراك نائماً! والله ما اكتحلت منذ هذه الثلاث كثير نوم، انطلق
فادع لي رجلاً من المهاجرين، نشاورهم، ثم أرسلني بعدما ابهار الليل فدعوت له علياً، فناجاه طويلاً، ثم قام علي من عنده، ثم دعاني فقال: ادع لي عثمان آخر من ناجى وآخر من دعا فانتحى هو وعثمان حتى فرق التأذين للفجر بينهما، فلما صلوا صلاة الفجر جمع عبد الرحمن الرهط، ثم أرسل إلى من كان حاضراً من المهاجرين من قريش فدعاهم، وأرسل إلى السابقة من الأنصار، ثم أرسل إلى أمراء الأجناد، وكانوا قد وافوا تلك الحجة مع عمر، فلما اجتمعوا تشهد عبد الرحمن بن عوف ثم قال: أما بعد: يا علي، فإني قد نظرت في الناس فلم أرهم يعدلون بعثمان بن عفان، فلا تجعلن على نفسك سبيلاً، ثم أخذ عبد الرحمن بيد عثمان فقال: نبايعك على سنة الله وسنة رسوله وسنة الخليفتين بعده. فبايعه عبد الرحمن، وبايعه الناس، المهاجرون والأنصار وأمراء الأجناد، وبايعه المسلمون.
وفي حديث آخر بمعناه: أنه دعا بعلي وعثمان، فلما اجتمعا عنده خطب فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إني قد فليت الناس عنكما فأشيرا علي وأعيناني على أنفسكما، هل أنت يا علي مبايعي إن وليتك هذا الأمر على سنة الله وسنة رسوله بعهد الله وميثاقه وسنة الماضيين قبل؟ قال: لا، ولكن على طاقتي، قال: فصمت شيئاً ثم تكلم كلاماً دون كلامه الأول، ثم قال في قوله: إني قد فليت الناس عنكما، فأشيرا علي وأعيناني على أنفسكما، هل أنت يا علي مبايعي إن وليتك هذا الأمر على سنة الله ورسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعهد الله وميثاقه وسنة الماضيين قبل؟ قال: لا، ولكن على طاقتي، قال: ثم قال عثمان: أنا يا أبا محمد أبايعك إن وليتني هذا الأمر على سنة الله وسنة رسوله وميثاقه وسنة الماضيين قبل قالها عثمان في الثلاث قال: ثم كانت الثالثة، فقال: اسمع أبا عبد الله، قد قال ما ترى، وعسى الله أن يجعل في ذلك خيراً، قال: فأحب أن يقوما عنه، فقال: إن شئتما، فقاما عنه. فقام عبد الرحمن فاعتم ولبس السيف ثم خرج إلى المسجد، قال: ولا أشك أنه يبايع لعلي لما رأيت من حرصه على علي، فلما صليت الصبح رقي عبد الرحمن على المنبر، فحمد اله وأثنى عليه، ثم
أشار إلى عثمان، حجرة من الناس ما هو بقريب، فقال: ادن، فبايعه على سنة الله وسنة رسوله بعهد الله وميثاقه. قال: فعرفت أن خالي كان أصوب، أشكل عليه رجلان، فأعطاه أحدهما وثيقة، ومنعه الآخر إياها.
وفي حديث آخر بمعناه عن أبي صالح الحنفي قال: لما طعن عمر وأمر بالشورى فجعلها في الستة الرهط، وأمر صهيباً إذا هو مات أن يصلي بالناس ثلاثاً، فإن اختاروا لأنفسهم وإلا ترك الصلاة بهم، فلما قبر عمر صلى بهم صهيب يومين، فلما كان اليوم الثالث قال لهم وقد صلى بهم الغداة: اختاروا لأنفسكم فيما بينكم وإلا فقد اعتزلت الصلاة في آخر هذا اليوم كما أمرني أمير المؤمنين عمر. وقد كان عبد الرحمن بن عوف قبل ذلك يسأل المسلمين في دورهم، ويأتيهم في منازلهم فيقول: من ترضون أن يكون عليكم خليفة؟ فيجيبونه ويقولون: عثمان. فلما كان اليوم الثالث في وقت الظهر اجتمع المسلمون في المسجد، وجاء أهل العوالي، وازدحم الناس في المسجد وتكاتفوا، فلما صلى بهم صهيب الظهر قال لهم: اختاروا لأنفسكم، فقام عبد الرحمن بن عوف تحت المنبر، منبر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا معشر الناس، على أماكنكم، فجلس الناس وتطاولت أعناقهم واستمعوا، فقال: يا معشر الناس، ألستم تعلمون أن عمر بن الخطاب جعل هذا الأمر في ستة؟ قالا: بلى، قال: فإني خارج منها ومختار لكم، فما تقولون؟ قالوا: رضينا، وأقبل على علي وعثمان فقال: ما تقولان؟ فقالا: رضينا. فقال: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توفي فاجتمع رأي المسلمين بعد على أن استخلفوا أبا بكر فاستخلفوه، فقام بأمر الله، وأخذ المنهاج الذي أخذ فيه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى مضى لسبيله، ثم استخلف عمر فقام بما قام به صاحباه، ولم يأل حتى كان من قدر الله ما قد علمتم، فجعلها فينا معاشر الستة وإني مختار لكم، قم يا عثمان، قم يا علي. فقاما، فقال لهذا: ابسط يدك، وقال لهذا: ابسط يدك. فبسطا أيديهما، فقال: يا أبا الحسن، إن صار هذا الأمر إليك أتسير سيرة صاحبيك؟ قال: نعم، فأعاد القول على علي فقال مثل قوله الأول، وقال لعثمان فقال: نعم. ثم أقبل على علي فقال: يا أبا الحسن، إن فاتك هذا
الأمر فمن تحب أن يكون؟ قال: في أخي هذا وأومى إلى عثمان فقال عبد الرحمن: معاشر الناس، ألستم راضين بأحد هذين أيهما بايعتموه؟ فأعاد القول على علي فقال: أشهد لن تبايعني، ولن تبايع إلا عثمان لأن هذا عهد معهود إلي، معاشر الناس، والله ليقلدن الأمر والخلافة، عهد البار الصادق صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلي أنه الخليفة الثالث بعده، ولئن فعلتم لأسمعن ولأطيعن، فقال عبد الرحمن: فابدأ إذاً فبايعه، فضرب على كفه بالبيعة، فكانت أول كف وقعت على يد عثمان، وقال في بيعته: سبقت عدتي بيعتي.
قال أبو صالح: يريد بهذا القول أنه إن فاتته كان أحب الناس إليه عثمان أن يكون فيه، ولقد علم بالعهد المعهود أنه لا يكون خليفة بعد عمر إلا عثمان.
وعن أبي ذر قال: لما كان أول يوم في البيعة لعثمان " ليقضي الله أمراً كان مفعولاً، ليهلك من هلك عن بينة " قال أبو ذر: اجتمع المهاجرون والأنصار في المسجد، ونظرت إلى أبي محمد يعني عبد الرحمن بن عوف قد اعتجر بريطته، وقد اختلفوا، إذ جاء أبو الحسن بأبي هو وأمي فلما أن بصروا بأبي الحسن علي بن أبي طالب سر القوم طراً، فأنشأ يقول: إن أحق ما ابتدأ به المبتدئون، ونطق به الناطقون، وتفوه به القائلون، حمد الله وثناء عليه بما هو أهله، والصلاة على النبي محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم خطب خطبة، حمد الله وأنثى عليه، وصلى على سيدنا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ثم قال في آخرها: فقبضه الله إليه، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ما أجل رزيته، وأعظم مصيبته، فالمؤمنون فيه سواء، مصيبتهم فيه واحدة. ثم قال علي: فقام مقامه أبو بكر الصديق رحمة الله عليه فوالله، يا معشر المهاجرين، ما رأيت خليفة أحسن أخذاً بقائم السيف يوم الردة من أبي بكر الصديق، رحمة الله عليه يومئذ، قام مقاماً أحيا الله به سنة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: والله لو منعوني عقالاً لأجاهدنهم في الله. فسمعت وأطعت لأبي بكر، وعلمت أن ذاك خير لي، فخرج من الدنيا خميصاً
وكيف لا أقول هذا في أبي بكر؟ وأبو بكر ثاني اثنين، وكانت ابنته ذات النطاقين يعني أسماء تنطلق بعباءة له، وتخالف بين رأسيها، ومعها يعني رغيفين في نطاقها، فتزج بها إلى حبيب القلوب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكيف لا أقول هذا وقد اشترى سبعة: ثلاث نسوة وأربعة رجال، كلهم أوذي في الله وفي رسوله، وكان بلال منهم وتجهز رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بماله ومعه يومئذ أربعون ألفاُ، فدفعها إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهاجر بها إلى طيبة. ثم قام مقامه الفاروق عمر بن الخطاب رحمة الله عليه، شمر عن ساقيه، وحسرعن ذراعيه، لا تأخذه في الله لومة لائم، كنا نرى أن السكينة تنطق على لسانه، وكيف لا أقول هذا ورأيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين أبي بكر وعمر رحمهما الله فقال: هكذا نحيا، وهكذا نموت، وهكذا نبعث، وهكذا ندخل الجنة. وكيف لا أقول هذا في الفاروق، والشيطان يفر من حسه؟ فمضى شهيداً رحمة الله عليه. ثم أراكم معشر المهاجرين والأنصار رمقتموني بأبصاركم طراً. ولم يكن أبوعبد الله يعني عثمان بن عفان تلك الساعة ثم. وأنشأ علي في أبي عبد الله يعني عثمان يقول: أعلمتم معاشر المهاجرين أنه ما فيكم مثل أبي عبد الله، أوليس زوجة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ ثم أتاه جبريل فقال حين أوعز إليه وهو في المقبرة: يا محمد، إن الله يأمرك أن تزوج عثمان أختها. وكيف لا أقول هذا وقد جهز أبو عبد الله جيش العسرة؟ وهيأ للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سخينة أو نحوها فأقبل بها في صحفته وهي تفور، فوضعها تلقاء النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كلوا من حافتيها، ولا تهدوا ذروتها فإن البركة تنزل من فوقها. ونهى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يؤكل الطعام سخناً جداً، فلما أكل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السخينة أونحوها من سمن وعسل وطحين، فمد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يده إلى فاطر البرية تبارك وتعالى ثم قال: غفر الله لك يا عثمان، ما تقدم من ذنبك وما تأخر، وما أسررت وما أعلنت، اللهم لا تنس هذا اليوم لعثمان.
قال علي رحمه الله: معشر المهاجرين، تعلمون أن بعير أبي جهل ند فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعمر: يا عمر، ائتنا بالبعير. فانطلق البعير إلى عير أبي سفيان، وكانت
عليه حلقة مزموم بها من ذهب، وقال آخرون: من فضة، وعليه جل مدبج كان لأبي جهل، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعمر: ائتنا بالبعير. فقال عمر: يا رسول الله، إن من هناك يعني ملأ قريش عدى أقل ذاك. فعلم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن العدد والمادة لعبد مناف، فوجه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعثمان إلى عير أبي سفيان ليأتي بالبعير، فانطلق عثمان على قعوده وكان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معجباً به جداً حتى أتى بالبعير، فأتى أبا سفيان، فقام إليه مبجلاً معظماً، وقد احتبى بملاءته، فقال أبو سفيان: كيف خلفت ابن عبد الله؟ فقال له عثمان: من هامات قريش وذروتها وسنام قناعسها، يا أبا سفيان، هو علم من أعلامها، يا أبا سفيان، سماء محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سماء ماطرة، وبحاره زاخرة، وعيونه هماعة، ودلاؤه رفاعة، يا أبا سفيان، فلا عري من محمد فخرنا، ولا قصم بزوال محمد ظهرنا. فأنشأ أبو سفيان فقال: يا أبا عبد الله، أكرم بابن عبد الله، ذاك الوجه كأنه ورقة مصحف، إني لأرجو أن يكون خلفاً من خلف. وجعل أبو سفيان يفحص بيده مرة، ويركض الأرض برجله أخرى، ثم دفع البعير إلى عثمان. فقال علي: فأي مكرمة أسنى ولا أفضل من هذه لعثمان رحمه الله؟ حتى مضى أمر الله فيمن أراد. ثم إن أبا سفيان دعا بصحفة كثيرة الإهالة، ثم دعا بطلمة فقال: دونك يا أبا عبد الله، فقال أبو عبد الله قد خلفت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على حد لست أقدر أن أطعم، فأبطأ أبو عبد الله، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قد أبطأ صاحبنا، بايعوني. قال: فقال أبو سفيان: إن فعلت وطعمت من طعامنا رددنا عليك البعير برمته، فنال أبو عبد الله من طعام أبي سفيان، وأقبل عثمان بعدما بايعوا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأقبل عثمان إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ثم قال علي: أناشدكم الله هل تعلمون معاشر المهاجرين والأنصار أن جبريل أتى
النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا محمد، لا سيف إلا ذو الفقار، ولا فتى إلا علي. فهل تعلمون هذا كان لغيري؟ أناشدكم الله أن جبريل نزل على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا محمد، إن الله يأمرك أن تحب علياً وتحب من يحبه، فإن الله يحب علياً ويحب من يحبه؟ قالوا اللهم نعم. قال: أناشدكم الله هل تعلمون أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لما أسري به إلى سماء السابعة، فقال: رفعت إلى رفارف من نور، ثم رفعت إلى حجب من نور، فأوعز إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أشياء، فلما رجع من عنده نادى مناد من وراء الحجب: يا محمد، نعم الأب أبوك إبراهيم! ونعم الأخ أخوك علي! تعلمون معاشر المهاجرين والأنصار كان هذا؟ فقال أبو محمد يعني عبد الرحمن بن عوف من بينهم: سمعتها من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإلا فصمتا. تعلمون أن أحداً كان يدخل المسجد غيري جنباً؟ هل تعلمون أني كنت إذا قاتلت عن يمين النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قاتلت الملائكة عن يساره قالوا: اللهم نعم. فهل تعلمون أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي؟ وهل تعلمون أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخا بين الحسن والحسين، فجعل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: يا حسن. مرتين، فقالت فاطمة: يا رسول الله، إن الحسين لأصغر منه وأضعف منه وأضعف ركناً منه. فقال لها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ألا ترضين أن أقول هي يا حسن، ويقول جبريل: هي يا حسين؟ فهل لخلق مثل هذه المنزلة؟ نحن صابرون ليقضي الله أمراً كان مفعولا.
قال أبو وائل: قلت لعبد الرحمن بن عوف: كيف بايعتم عثمان وتركتم علياً؟ فقال: ما ذنبي؟ قد بدأت لعلي فقلت: أبايعك على كتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسيرة أبي بكر وعمر؟ قال: فقال: فيما استطعت. قال: ثم عرضتها فقبلها على عثمان.
قال حذيفة بن اليمان: قبض رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاستخلف الله أبا بكر، وقبض أبو بكر فاستخلف الله عمر ثم قبض عمر فاستخلف الله عثمان.
حدث حفص بن غياث قال: قال شريك بن عبد الله: مرض رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأمر أبا بكر أن يصلي بالناس، فلو علم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن في أصحابه أحداً أفضل من أبي بكر لأمر ذلك الرجل وترك أبا بكر، فلما احتضر أبو بكر استخلف عمر بن الخطاب، ولو علم أبو بكر أن أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحداً أفضل من عمر بن الخطاب، ثم قدم عمر وترك ذلك الرجل لقد كان غش أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلما احتضر عمر بن الخطاب فصير الأمر شورى، فوقعت الشورى بعثمان بن عفان، فلو علم أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن في القوم أحداً أحق بها من عثمان، ثم نصبوا عثمان وتركوا ذلك الرجل، لقد كانوا غشوا هذه الأمة. قال: فأتيت عبد الله بن إدريس فقلت له: يا أبا محمد، كلاماً سمعته الساعة من حفص بن غياث. قال: فأسند، ثم قال: هات. قال: فحدثته بالحديث. قال: أنت سمعته؟ قلت: الساعة وكتبته في ألواحي. قال: الحمد لله الذي أطلق بذلك لسانه، فوالله إنه لشيعي، وإن شريكاً لشيعي، قال: قلت له: يا أبا محمد، ما تقول في الوقوف عند علي وعثمان؟ قال: لا بل نضعه حيث وضعه أصحابه. قال أبو عمر الإمام: يعني يقال: عثمان وعلي، ثم رجع إلى الحديث. وكان الواحد منهم نوراً، ولقد قتل يوم قتل وهو عندنا أفضل منه.
ثم قال: حدثنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن كعب بن عجرة قال: كنا عند رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذات يوم، فذكر فتنة فقربها، ثم مر رجل مقنع الرأس فقال: وهذا يومئذ على الهدى أو قال: على الحق قال فقمت إلى الرجل فأخذت بعضديه، وأقبلت بوجهه على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلت: هذا؟ قال: نعم. وإذا هو عثمان بن عفان.
قال خالد بن خداش: جلست إلى حماد بن زيد وأنا ابن عشرين سنة، وجلست إليه ثلاث عشرة سنة، فسمعته يقول ما لا أحصي: لئن قلت: إن علياً أفضل من عثمان لقد قلت إن أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد خانوا.
وكانت الشورى باجتماع الناس على عثمان، وبويع لعثمان يوم الاثنين لليلة بقيت من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين، واستقبل بخلافته المحرم سنة أربع وعشرين، وقتل يوم الجمعة لثمان عشرة ليلة خلت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين.
قال ابن شهاب: عاش أبو بكر بعد أن استخلف سنتين وأشهراً، وعمر عشر سنين، حجها كلها، وعثمان اثنتي عشرة، حجها كلها إلا سنتين، ومعاوية عشرين سنة إلا شهراً، حج حجتين، ويزيد ثلاث سنين وأشهراً، وعبد الملك بعد الجماعة بضع عشرة سنة إلا شهراً، حج حجة، والوليد عشر سنين إلا شهراً، حج حجة.
وفتح الري سنة أربع وعشرين، وفتحت، وفتحت الجزيرة وأرمينية سنة خمس وعشرين، وفتحت الإسكندرية سنة ست وعشرين، وافتتحت إفريقية سنة سبع وعشرين، وحصر عثمان في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، وولي أمر الناس في حصار عثمان علي بن أبي طالب، فصلى بالناس صلاة العيد يوم الأضحى.
وكان نقش خاتم عثمان: آمنت بالذي خلق فسوى، وقيل: كان نقشه: آمن عثمان بالله العظيم.
قالوا: وبويع عثمان بن عفان فكان عام الرعاف سنة أربع وعشرين، وكانت الإسكندرية سنة خمس وعشرين، وكانت غزوة سابور الجنود سنة ست وعشرين، وكانت إفريقية وأميرها عبد الله بن سعد بن أبي سرح سنة سبع وعشرين، ثم كانت فارس الأولى واصطخر الآخرة سنة ثمان وعشرين، ثم كانت فارس الآخرة سنة تسع وعشرين، ثم كانت
طبرستان سنة ثلاثين ثم كانت الأساودة سنة إحدى وثلاثين، ثم كان المضيق سنة اثنتين وثلاثين، ثم كانت قبرس سنة ثلاث وثلاثين، ثم كانت الصواري سنة أربع وثلاثين، وكانت ذي خشب سنة خمس وثلاثين، وعثمان محصور في الدار.
قال المسيب بن رافع: سار إلينا عبد الله بن مسعود سبعاً من المدينة، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن غلام المغيرة أبا لؤلؤة قتل أمير المؤمنين، فضج الناس وبكوا واشتد بكاؤهم ثم قال: إنا اجتمعنا أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأمرنا علينا عثمان بن عفان، ولم نأل عن خيرنا ذا فوق.
قال أبو عبيد: قوله: ذا فوق يعني السهم الذي له فوق، وهو موضع الوتر، وإنما نراه قال: خيرنا ذا فوق، ولم يقل: خيرنا سهماً، لأنه قد يقال له: سهم، وإن لم يكن أصلح فوقه، ولا أحكم عمله، فهو سهم ليس بتام كامل، حتى إذا صلح عمله واستحكم عمله فهو حينئذ سهم ذو فوق، فجعله عبد الله مثلاً لعثمان يقول: إنه خيرنا سهماً تاماً في الإسلام والسابقة والفضل، فلهذا خص ذا فوق.
وعن ابن عباس قال: نزلت الآية " ضرب الله مثلاً عبداً مملوكاً لا يقدر على شيء " في هشام بن عمرو، وهو الذي " ينفق ماله سرا ًوجهراً " ومولاه أبو الحواية كان ينهاه. ونزلت " وضرب الله مثلاً رجلين أحدهما أبكم " فالأبكم الكل على مولاه هو أسيد بن أبي العيص، والذي " يأمر بالعدل وهوعلى صراط مستقيم " عثمان بن عفان.
وعن ابن عباس: في قول الله عز وجل: " إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم ". قال: الذين يأمرون بالقسط من الناس ولاة العدل عثمان وضربه.
وعن ابن عمر قال: لقيت ابن عباس، وكان خليفة عثمان عام قتل على الموسم فأخبرته بقتله، فعظم أمره وقال: والله إنه لمن الذين يأمرون بالقسط. فتمنيت أن أكون قتلت يومئذ قال الزهري: كان أمير المؤمنين عبد الملك يحدث أن أبا بحرية الكندي أخبره أن عمر بن الخطاب خرج ذات يوم فإذا هو بمجلس فيه عثمان بن عفان فقال: منكم رجل لو قسم إيمانه بين جند من الأجناد لوسعهم. يريد عثمان بن عفان.
وعن عبد الله بن عبيد الأنصاري قال: كنت فيمن دفن ثابت بن قيس بن شماس، وكان أصيب يوم اليمامة، فلما أدخلناه القبر سمعناه يقول: محمد رسول الله، أبو بكر الصديق، عمر الشهيد، عثمان لين رحيم. فنظرنا فإذا هو ميت.
وعنه أن رجلاً من قتلى مسيلمة تكلم فقال: محمد رسول الله، أبو بكر الصديق، عثمان الرحيم.
وعن سعيد بن المسيب قال: مات رجل من الأنصار فغسل وكفن وحنط فقعد في أكفانه، فقال: محمد رسول الله حقاً، أبو بكر الصديق، أصبتم اسمه ضعيف في العين، قوي في أمر الله، عمر بن الخطاب القوي الأمين، عثمان بن عفان على منهاجهم، بئر أريس ما بئر أريس، قال: ثم رجع فمات.
وعن النعمان بن بشير أنه قال: بينما زيد بن خارجة يمشي في بعض طرق المدينة بين الظهر والعصر خر ميتاً، فنقل إلى أهله، وسجي ببردين وكساء، فاجتمع عليه نسوة من الأنصار، فصرخن حوله إذ سمعوا صوتاً بين المغرب والعشاء من تحت الكساء وهو يقول: أنصتوا أنصتوا. مرتين، قال: فحسر عن وجهه وصدره فقال: محمد رسول الله النبي الأمي وخاتم النبيين، كان ذلك في الكتاب الأول. ثم قيل على لسانه: صدق صدق صدق، ثم قال: أبو بكر الصديق خليفة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، القوي الأمين، كان ضعيفاً في بدنه قوياً في أمر الله عز وجل؛ كان ذلك في الكتاب الأول. ثم قيل على لسانه: صدق صدق صدق؛ ثم قال: الأوسط أجلد القوم عند الله عمر أمير المؤمنين الذي كان لا يخاف في الله لومة لائم، وكان يمنع الناس أن يأكل قويهم ضعيفهم، كان ذلك في الكتاب الأول. ثم قيل على لسانه: صدق صدق صدق؛ ثم قال: عثمان أمير المؤمنين، رحيم بالمؤمنين، معافي الناس في ذنوب كثيرة، خلت ثنتان أو قال: ليلتان وبقي أربع قال داود: مضت سنتان وبقي أربع حتى يقع الاختلاف. قال: ثم اختلف الناس ولا نظام لهم، وأبيحت الأحماء، ودنت الساعة، وأكل الناس بعضهم بعضاً فقالوا: قضاء الله وقدره. قال: ثم قال: يا أيها الناس، أقبلوا على
أميركم واسمعوا وأطيعوا قال: ثم يحرك داود شفتيه برجل ولا يظهر لنا فإنه على منهاج عثمان؛ فمن تولى بعد ذلك فلا يعهدن دماً، كان أمر الله قدراً مقدوراً. ثلاثاً. ثم قال: هذه الجنة وهذه النار، وهؤلاء النبيون والشهداء؛ ثم قال: السلام عليكم يا عبد الله بن رواحة، هل أحسست لي خارجة وسعداً؟ قال داود: أبوه وأخوه كانا أصيبا يوم أحد قال: ثم قال: " كلا إنها لظى، نزاعة للشوى، تدعو من أدبر وتولى، وجمع فأوعى " قال: ثم قال: هذا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته. قال: ثم خمد صوته وعاد ميتاً كما كان.
وعن عثمان بن عفان أنه قال: من لم يزدد يوماً بيوم خيراً فذلك رجل يتجهز إلى النار بصيرة.
قال الحسن: رأيت عثمان نائماً في المسجد، ورداؤه تحت رأسه، فيجيء الرجل فيجلس إليه، ثم يجيء الرجل فيجلس إليه، ويجيء الرجل فيجلس إليه كأنه أحدهم.
وعن محمد بن هلال المديني عن أبيه عن جدته: أنها كانت تدخل على عثمان بن عفان، ففقدها يوماً فقال لأهله: ما لي لا أرى فلانة؟ فقالت امرأته: يا أمير المؤمنين ولدت الليلة غلاماً، قالت: فأرسل إلي بخمسين درهماً وشقيقة سنبلانية، ثم قال: هذا عطاء ابنك، وهذه كسوته، فإذا مرت به سنة رفعناه إلى مئة.
وعن الحسن قال: أدركت عثمان على ما نقموا عليه، قلما يأتي على الناس يوم إلا وهم يقتسمون فيه خيراً، فقال لهم: يا معشر المسلمين، اغدوا على أعطياتكم. فيأخذونها وافرة، ثم قال
لهم: اغدوا على أرزاقكم. فيأخذونها وافرة، ثم يقال لهم: اغدوا على السمن والعسل؛ الأعطيات جارية والأرزاق دارة، والعدو منفي، وذات البين حسن، والخير كثير، وما مؤمن يخاف مؤمناً، من لقيه فهو أخوه من كان، ألفته ونصيحته ومودته، قد عهد إليهم أنها ستكون أثرة، فإذا كانت أن يصبروا. قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأسيد بن حضير: ستلقون بعدي أثرة. قال: فما تأمرنا؟ قال: أن تصبروا حتى تلقوا الله ورسوله.
قال الحسن: لو أنهم صبروا حين رأوها وأخذوها بأمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لوسعهم ما كانوا فيه من العطاء والرزق والخير الكثير. قالوا: لا والله ما نصابرها، فو الله ما ردوا ولا سلموا، والأخرى كان السيف مغمداً عن أهل الإسلام، ما على الأرض مؤمن يخاف أن يسل مؤمن عليه سيفاً حتى سلوه على أنفسهم، فو الله ما زال مسلولاً إلى يوم الناس هذا، وأيم الله إني لأراه سيفاً مسلولاً إلى يوم القيامة.
وعن حكيم بن عباد بن حنيف قال: أول منكر ظهر بالمدينة حين فاضت الدنيا، وانتهى سمن الناس، طيران الحمام والرمي على الجلاهقات، فاستعمل عليها عثمان من بني ليث سنة ثمان، فقصها وكسر الجلاهقات.
وزاد في حديث: وحدث بين النشو قتال بالعصي، فأرسل عثمان طائفاً يطوف عليهم فمنعهم من ذلك، ثم استن الناس بإفشاء الحدود، وساء ذلك عثمان، وشكا ذلك إلى الناس، فاجتمعوا على أن يجلدوا في النبيذ، فأخذ نفراً منهم فجلدوا.
وعن الحسن قال: شهدت عثمان بن عفان يأمر في خطبته بقتل الكلاب وذبح الحمام.
وعن ابن داب قال: قال ابن سعيد بن يربوع بن عنكثة المخزومي: انطلقت وأنا غلام في الظهيرة ومعي طير أرسله من المسجد يبنى، فإذا شيخ جميل حسن الوجه نائم، تحت رأسه لبنة أوبعض لبنة، فقمت أنظر إليه أتعجب من جماله! ففتح عينيه فقال: من أنت يا غلام؟ فأخبرته، فنادى غلاماً نائماً قريباً منه فلم يجبه، فقال لي: ادعه، فدعوته فأمره بشيء، وقال لي: اقعد، قال: فذهب الغلام فجاء بحلة وجاء بألف درهم، فنزع ثوبي وألبسني الحلة، وجعل الألف درهم فيها، فرجعت إلى أبي فأخبرته فقال: يا بني، من فعل هذا بك؟ فقلت: لا أدري، إلا أنه رجل في المسجد نائم، لم أر قط أحسن منه! قال: ذلك أمير المؤمنين عثمان بن عفان.
حدث الأصمعي قال: استعمل ابن عامر قطن بن عوف الهلالي على كرمان، فأقبل جيش من المسلمين أربعة آلاف، وجرى الوادي فقطعهم عن طريقهم، وخشي قطن الفوت فقال: من جاز الوادي فله ألف درهم. فحملوا أنفسهم على العظم، فكان إذا جاز الرجل منهم قال قطن: أعطوه جائزته. حتى جازوا جميعاً، وأعطاهم أربعة آلاف ألف درهم، فأبى ابن عامر أن يحسبها، فكتب بذلك إلى عثمان بن عفان، فكتب عثمان أن احسبها له، فإنه إنما أعان المسلمين في سبيل الله، ففي ذلك اليوم سميت الجوائز لإجازة الوادي، وقال الكناني في ذلك: من الوافر
فدى للأكرمين بني هلال ... على علاتهم أهلي ومالي.
هم سنوا الجوائز في معد ... فعادت سنة أخرى الليالي.
رماحهم تزيد على ثمان ... وعشر قبل تركيب النصال.
قال أبو العباس محمد بن إسحاق يعني السراج: قال لي أبو إسحاق القرشي يوماً: من أكرم الناس بعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قلت: عثمان بن عفان، قال: كيف وقعت على عثمان من بين الناس؟ قلت: لأني رأيت الكرم في شيئين: في المال والروح، فوجدت عثمان جاد بماله على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم جاد بروحه على أقاربه، قال: لله درك ياأبا العباس.
ابتاع عثمان بن عفان حائطاً من رجل فساومه حتى قاومه على الثمن الذي رضي به البائع، فقال: أرنا يدك، قال: وكانوا لا يستوجبون البيع إلا بالصفقة، فلما رأى ذلك الرجل قال: لا أبيعك حتى تزيدني عشرة آلاف، فالتفت عثمان إلى عبد الرحمن بن عوف قال: إني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إن الله عز وجل أدخل الجنة رجلاً كان سمحاً بائعاً ومبتاعاً قاضياً ومقتضياً ". اذهب فقد زدتك العشرة آلاف لأستوجب بها هذه الكلمة التي سمعتها من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وعن ابن عمر في قوله: " أمن هو قانت آناء الليل " الآية، قال: نزلت في عثمان بن عفان.
وعن عبد الرحمن بن عثمان التيمي قال: قلت: لأغلبن الليلة على المقام،
قال: فسبقت إليه، فبينا أنا قائم أصلي إذ وضع رجل يده على ظهري، فنظرت فإذا هو عثمان بن عفان، وهو خليفة، فتنحيت عنه فقام، فما برح قائماً حتى فرغ من القرآن في ركعة لم يزد عليها، فلما انصرف قلت: يا أمير المؤمنين، إنما صليت ركعة!؟ قال: أجل هي وتري.
وعن عامر بن عبدة قال: قمت ذات ليلة خلف المقام فإذا رجل شديد بياض الثياب طيب الريح يصلي، ورجل يفتح عليه إذا أخطأ، وإذا هو عثمان بن عفان.
وعن عطاء بن أبي رباح: أن عثمان بن عفان صلى بالناس ثم قام خلف المقام فجمع كتاب الله في ركعة كانت وتره، فسميت البتيراء.
وعن محمد بن سيرين قال: لما أطافوا بعثمان يريدون قتله قالت امرأته: إن تقتلوه أو تدعوه، فقد كان يحيي الليلة بركعة يقرأ فيها القرآن.
وكان عثمان لا يوقظ أحداً من أهله إذا قام من الليل إلا أن يجده يقظان، فيدعوه فيناوله وضوءه، وكان يصوم الدهر.
وكان عثمان يقوم من الليل فيأخذ وضوءه، فقالت له امرأة من أهله: يا أمير المؤمنين، لو أيقظت بعض الخدم فناولك وضوءك؟ فقال: لهم الليل يستريحون.
وذكر عند الحسن حياء عثمان قال: إن كان ليكون جوف البيت، والباب عليه مغلق، فيضع ثوبه ليفيض عليه الماء، فيمنعه الحياء أن يرفع صلبه قال عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي: لما بويع عثمان خرج إلى الناس فخطبهم، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس، إن أول مركب صعب، وإن بعد اليوم أياماً، وإن أعش تأتكم الخطبة على وجهها، وما كنا خطباء وسيعلمنا الله.
وعن الحسن قال: لما كان من بعض هيج الناس ما كان، جعل رجل يسأل عن أفاضل أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجعل لا يسأل أحداً إلا دله سعد بن مالك، قال: فقيل له: إن سعداً رجل إذا أنت رفقت به كنت قمناً أن تصيب منه حاجتك، وإن أنت خرقت به كنت قمناً أن لا تصيب منه شيئاً. فجلس أياماً لا يسأله عن شيء حتى استأنس به فذكر الحديث قال: أخبرني عن عثمان؟ قال: كنا إذ نحن جميع مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان أحسننا وضوءاً، وأطولنا صلاة وأعظمنا نفقة في سبيل الله.
ذكر أبو الزناد: أن رجلاً من ثقيف جلد في الشراب في خلافة عثمان بن عفان قال: وكان لذلك الرجل مكان من عثمان ومجلس في خلوته، فلما جلد أراد ذلك المجلس فمنعه إياه عثمان، وقال: لا نعود إلى مجلسك أبداً إلا ومعنا ثالث.
قال الحسن: قال: قال أمير المؤمنين عثمان بن عفان: لو أن قلوبنا طهرت ما شبعنا من كلام ربنا، وإني لأكره أن يأتي علي يوم لا أنظر في المصحف، وما مات عثمان حتى خرق مصحفه من كثرة ما كان يديم النظر فيه.
وعن علي: أنه قال لعثمان: إن سرك أن تلحق بصاحبيك فأقصر الأمل، وكل دون الشبع، وانكس الإزار، وارقع القميص، واخصف النعل، تلحق بهما.
قال: والمحفوظ أن علياً قال ذلك لعمر، يعني بصاحبيه: النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبا بكر.
حدث أنس بن مالك: أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان بن عفان، وكان يغزو مع أهل العراق قبل إرمينية في غزوهم ذلك فيمن اجتمع من أهل العراق وأهل الشام فتنازعوا في القرآن حتى سمع
حذيفة من اختلافهم فيه ما يكره، فركب حذيفة حتى قدم على عثمان فقال: يا أمير المؤمنين، أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في القرآن اختلاف اليهود والنصارى في الكتب، ففزع لذلك عثمان بن عفان، فأرسل إلى حفصة بنت عمر أن أرسلي إلي بالصحف التي جمع فيها القرآن، فأرسلت إليه بها حفصة، فأمر عثمان زيد بن ثابت وسعيد بن العاص وعبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن ينسخوها في المصاحف، وقال لهم: إذا اختلفتم وزيد بن ثابت في عربية من عربية القرآن فاكتبوها بلسان قريش، فإن القرآن إنما نزل بلسانهم. ففعلوا، حتى كتبت المصاحف، ثم رد عثمان الصحف إلى حفصة، وأرسل إلى كل جند من أجناد المسلمين بمصحف، وأمرهم أن يحرقوا كل مصحف يخالف المصحف الذي أرسل به. فذلك زمان حرقت فيه المصاحف بالنار.
قال يزيد بن معاوية الأشجعي: إني لفي المسجد زمن الوليد بن عقبة في حلقة فيها حذيفة، قال: فليس إذ ذاك حجزة ولا جلاوزة، إذ هتف هاتف: من كان يقرأ على قراءة أبي موسى فليأت الزاوية التي عند أبواب كندة، ومن كان يقرأ على قراءة عبد الله بن مسعود فليأت هذه الزاوية التي عند دار عبد الله، فاختلفا في آية في سورة البقرة، قرأ هذا " وأتموا الحج والعمرة للبيت "، وقرأ هذا " وأتموا الحج والعمرة لله " فغضب حذيفة واحمرت عيناه، ثم قام فغرز قميصه في حجزته وهو في المسجد وذلك في زمن عثمان فقال: إما أن تركب إلى أمير المؤمنين، وإما أن أركب، فهكذا كان من قبلكم، ثم أقبل فجلس فقال: إن الله بعث محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقاتل بمن أقبل من أدبر حتى أظهر الله دينه، ثم إن الله قبضه
فطعن الناس في الإسلام طعنة جواداً ثم إن الله استخلفأبا بكر، فكان ما شاء الله، ثم إن الله قبضه فطعن الناس في الإسلام طعنة جواداً، ثم إن الله استخلف عمر، فنزل وسط الإسلام، ثم إن الله قبضه فطعن الناس في الإسلام طعنة جواداً، ثم إن الله استخلف عثمان، وأيم الله ليوشكن أن تطعنوا فيه طعنة تحلقونه كله.
وعن محمد وطلحة قالا: وصرف حذيفة عن غزو الري إلى غزو الباب مدداً لعبد الرحمن بن ربيعة، وخرج معه سعيد بن العاص، فبلغ معه أذربيجان، فأقام حتى قفل حذيفة ثم رجعا. قال له حذيفة: إني سمعت في سفرتي هذه أمراً لئن ترك الناس ليضلن القرآن ثم لا يقومون عليه أبداً، قال: رأيت أمداد أهل الشام حين قدموا علينا، فرأيت أناساً من أهل حمص يزعمون لأناس من أهل الكوفة أنهم أصوب قراءة منهم، وأن المقداد أخذها من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويقول الكوفيون مثل ذلك، ورأيت من أهل دمشق قوماً يقولون لهؤلاء: نحن أصوب منكم قراءة وقرآن، ويقول هؤلاء لهم في مثل ذلك. فلما رجع إلى الكوفة دخل المسجد فحذر الناس مما سمع في غزاته، فساعده على ذلك أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومن أخذ عنهم وعامة التابعين، وقال له قوم ممن قرأ على عبد الله: وما تنكر؟ ألسنا نقرأ على قراءة ابن أم عبد؟ وأهل البصرة يقرؤون على قراءة أبي موسى ويسمونها لباب الفؤاد، وأهل مصر يقرؤون على قراءة المقداد وسالم؟ فغضب حذيفة من ذلك وأصحابه وأولئك التابعون، وقالوا: إنما أنتم أعراب، وإنما بعث عبد الله إليكم ولم يبعث إلى من هو أعلم منه، فاسكتوا فإنكم على خطأ. وقال حذيفة: والله لئن عشت حتى آتي أمير المؤمنين لأشكون إليه ذلك، ولأشيرن عليه أن يحول بينهم وبين ذلك حتى ترجعوا إلى جماعة المسلمين والذي عليه أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمدينة. وقال الناس مثل ذلك، فقال عبد الله: والله إذاً ليصلين الله وجهك نار جهنم. فقال سعيد بن العاص: أعلى الله تألى والصواب مع صاحبك؟ فغضب سعيد وقام، وغضب ابن مسعود فقام، فغضب القوم فتفرقوا، وغضب حذيفة فرحل إلى عثمان فأخبره بالذي حدث في نفسه من تكذيب بعضهم
بعضاً بما يقرأ، ويقول: أنا النذير العريان فأدركوا. فجمع عثمان الصحابة، وأقام حذيفة فيهم بالذي رأى وسمع، فأعظموا ذلك، ورأوا جميعاً مثل الذي رأى، قالوا: إن يتركوا ويمضي هذا القرن لا يعرف القرآن. فسأل عثمان: مالباب الفؤاد؟ فقيل: مصحف كتبه أبو موسى، وكان قرأ على رجال كثير ممن لم يكن جمع على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وسأل عن مصحف ابن مسعود فقيل له: قرأ على مجمع بن جارية وخباب بن الأرت، وجمع القرآن بالكوفة، فكتب مصحفاً وسأل عن المقداد فقيل له: جمع القرآن بالشام، فلم يكونوا قرؤوا على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما جمعوا القرآن في أمصارهم، فاكتتب المصاحف وهو بالمدينة، وفيها الذين قرؤوا القرآن على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبثها في الأمصار، وأمر الناس أن يعمدوا إليها وأن يدعوا ما يعلم في الأمصار. فكل الناس عرف فضل ذلك، أجمعوا عليه وتركوا ما سواه إلا ما كان من أهل الكوفة، فإن قراء قراءة عبد الله نزوا في ذلك حتى كادوا يتفضلون على أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعابوا الناس، فقام فيهم ابن مسعود فقال: ولا كل هذا، إنكم قد سبقتم سبقاً بيناً، فاربعوا على ظلعكم.
ولما قدم المصحف الذي بعث به عثمان على سعيد، وأجمع عليه الناس، وفرح به أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث سعيد إلى ابن مسعود يأمره أن يدفع إليه مصحفه، فقال: هذا مصحفي، تستطيع أن تأخذ ما في قلبي؟ فقال له سعيد: يا عبد الله، ما أنا عليك بمسيطر، إن شئت تابعت أهل دار الهجرة وجماعة المسلمين، وإن شئت فارقتهم، وأنت أعلم.
قال مصعب بن سعد: قام عثمان فخطب الناس فقال: أيها الناس، عهدكم بنبيكم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منذ ثلاث عشرة وأنتم تمترون في القرآن، وتقولون قراءة أبي وقراءة عبد الله، يقول الرجل: والله ما تقيم قراءتك، فأعزم على رجل منكم ماكان معه من كتاب الله شيء لما جاء به، فكان الرجل يجيء بالورقة والأديم فيه القرآن، حتى جمع من ذلك كثرة، ثم دخل عثمان فدعاهم رجلاً
رجلاً فناشدهم: أسمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو أمله عليك؟ فيقول: نعم. فلما فرغ من ذلك عثمان قال: من أكتب الناس؟ قالوا: كاتب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زيد بن ثابت. قال: فأي الناس أعرب؟ قالوا: سعيد بن العاص، قال: عثمان: فليمل سعيد وليكتب زيد، فكتب مصاحف ففرقها في الناس، فسمعت بعض أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " قد أحسن ".
وعن علي قال: رحم الله عثمان لقد صنع في المصاحف شيئاً لو وليت الذي ولي قبل أن يفعل في المصاحف ما فعل لفعلت كما فعل.
ولما نسخ عثمان المصاحف قال له أبو هريرة: أصبت ووفقت، أشهد لسمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: إن أشد أمتي حباً لي قوم يأتون من بعدي، يؤمنون بي ولم يروني، يعملون بما في الورق المعلق. فقلت: أي ورق؟ حتى رأيت المصاحف، فأعجب ذلك عثمان وأمر لأبي هريرة بعشرة آلاف، وقال: والله ما علمت إنك لتحبس علينا حديث نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وعن علي كرم الله وجهه أنه قال: إياكم والغلو في عثمان، تقولون: حرق المصاحف، والله ما حرقها إلا عن ملأ من أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولو وليت مثلما ولي فعلت مثل الذي فعل.
وعن إسماعيل بن أبي خالد قال: لما نزل أهل مصر الجحفة يعاتبون عثمان صعد عثمان المنبر فقال: جزاكم الله يا أصحاب محمد عني شراً، أذعتم السيئة، وكتمتم الحسنة، وأغريتم بي سفهاء الناس، أيكم يأتي هؤلاء القوم فيسألهم ما الذي نقموا، وما الذي يريدون؟ ثلاث مرات لا يجيبه أحد، فقام علي فقال: أنا، فقال عثمان: أنت أقربهم رحماً وأحقهم بذلك، فأتاهم فرحبوا به وقالوا: ما كان يأتينا أحد أحب إلينا منك، فقال: ما الذي نقمتم؟ قالوا: نقمنا أنه محا كتاب الله،
وحمى الحمى، واستعمل أقرباءه، وأعطى مروان مئة ألف، وتناول أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فرد عليهم عثمان: أما القرآن فمن عند الله، إنما نهيتكم لأني خفت عليكم الاختلاف، فاقرؤوا على أي حرف شئتم، وأما الحمى فوالله ما حميته لإبلي ولا غمني، وإنما حميته لإبل الصدقة لتسمن وتصلح وتكون أكثر ثمنا للمساكين، وأما قولكم: إني أعطيت مروان مئة ألف فهذا بيت مالهم فليستعملوا عليه من أحبوا، وأما قولهم: تناول أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإنما أنا بشر أغضب وأرضى، فمن ادعى قبلي حقاً أو مظلمة فهذا أنا، فإن شاء قود، وإن شاء عفو، وإن شاء أرضي، وفرضي الناس واصطلحوا ودخلوا المدينة، وكتب بذلك إلى أهل البصرة وأهل الكوفة فمن لم يستطع أن يجيء فليوكل وكيلاً.
وعن سعيد بن جمهان عن سفينة مولى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الخلافة في أمتي ثلاثون سنة ثم ملك بعد ذلك ". قال لي سفينة: أمسك خلافة أبي بكر وعمر وخلافة عثمان ثم قال: عمل بما عمل صاحباه ست سنين، وكان في ست فيه وفيه، غفر الله لنا وله ورحمنا وإياه وخلافة علي، فنظرنا فوجدناها ثلاثين سنة.
قال الشعبي: كان عثمان في قريش محبباً، يوصون إليه، ويعظمونه، وإن كانت المرأة من العرب لترقص صبيها، وهي تقول: من المجتث
أحبك والرحمان ... حب قريش عثمان
قال الزهري: لما ولي عثمان عاش اثنتي عشرة سنة أميراً، يعمل ست سنين لا ينقم الناس عليه شيئاً،
وإنه لأحب إلى قريش من عمر بن الخطاب لأن عمر كان شديداً عليهم، فلما وليهم عثمان لان لهم ووصلهم، ثم توانى في أمرهم واستعمل أقرباءه أهل بيته في الست الأواخر، وكتب لمروان بخمس مصر، وفي نسخة أخرى بخمس إفريقية، وأعطى أقرباءه المال وتأول في ذلك الصلة التي أمر الله بها، واتخذ المال واستسلف من بيت المال، وقال: إن أبا بكر وعمر تركا من ذلك ما هو لهما، وإني أخذته فقسمته في أقربائي، فأنكر الناس عليه ذلك.
وعن عروة قال: استخلف عثمان ففتح الله عليه إفريقية وخراسان، فعزل عمير بن سعد عن حمص، وجمع الشام لمعاوية، ونزع عمرو بن العاص عن مصر وأمر عليها عبد الله بن سعد ابن أبي سرح، أحد بني عامر بن لؤي، ونزع أبا موسى الأشعري عن البصرة وأمر عليها عبد الله بن عامر بن كريز، ونزع المغيرة بن شعبة عن الكوفة وأمر عليها سعيد بن العاص، فلم يزل أميرها حتى استعرت الفتنة في الناس، ففصل سعيد من عند عثمان إلى الكوفة، فلقيته خيل أهل الكوفة بالعذيب، فردوه فرجع إلى عثمان، فلم تزل الفتنة تستعر حتى قتل عثمان.
وعن سالم بن أبي الجعد قال: دعا عثمان ناساً من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيهم عمار بن ياسر، فقال: إني سائلكم وإني أحب أن تصدقوني: نشدتكم الله أتعلمون أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يؤثر قريشاً على سائر الناس، ويؤثر بني هشام على سائر قريش؟ فسكت القوم، فقال عثمان: لو أن بيدي مفاتيح الجنة لأعطيتها بني أمية حتى يدخلوا من عند آخرهم.
زاد في حديث غيره: ولأستعملنهم على رغم من رغم. فقال عمار: فإن ذلك يرغم بأنفي؟ قال: أرغم الله بأنفك. قال: بأنف أبي بكر وعمر؟ قال: فغضب فقام إليه فوطئه فأجفله الناس عنه.
قال: فبعث إلى طلحة والزبير فقال: ائتيا هذا الرجل فخيراه بين ثلاث: بين أن يقتص أو يأخذ أرشاً، أو يعفو. فأتياه فقالا: إن هذا الرجل قد أنصف فخيرك بين أن تقتص أو تأخذ أرشاً أو تعفو. قال: لا والله، لا أقبل منهن واحدة حتى ألقى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأشكو إليه. قال: وجمع عثمان بني أمية فقال: يا ذبان الطمع، والله ما زلتم بي على هذا الرجل من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى خشيت أن أكون قد أهلكته وهلكت. قال عثمان: أما إنه لا يمنعني أن أحدث ما سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أقبلت أنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نتماشى بالبطحاء فإذا أنا بعمار وأبي عمار وأم عمار يعذبون في الشمس، فقال ياسر: يا رسول الله، الدهر هكذا؟ فقال: اصبر، اللهم اغفر لآل ياسر.
حدث عباد بن زاهر أبو رواع قال: سمعت عثمان يخطب فقال: أما والله قد صحبنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في السفر والحضر، فكان يعود مرضانا، ويشيع جنائزنا، ويغزو معنا، ويواسينا بالقليل والكثير، وإن ناساً يعلموني به عسى أن لا يكون أحدهم رآه قط. قال: فقال له أعين ابن امرأة الفرزدق: يا نعثل! إنك قد بدلت. فقال: من هذا؟ فقالوا: أعين. قال بل أنت أيها العبد. قال: فوثب الناس إلى أعين، قال: وجعل رجل من بني ليث يزعهم عنه حتى أدخله الدار.
وعن عبد الصمد بن عبد الرحمن بن أبي ذباب عن أبيه: أن عثمان بن عفان صلى بمنى أربع ركعات، فأنكر الناس عليه، قال: يا أيها الناس، إني تأهلت بمكة منذ قدمت، وإني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: من تأهل في بلد فليصل صلاة المقيم.
قال أبو سعيد مولى أبي أسيد الأنصاري: سمع عثمان بن عفان أن وفد أهل مصر قد أقبلوا فاستقبلهم، فلما سمعوا به أقبلوا نحوه، قال: وكره أن يقدموا عليه المدينة فأتوه فقالوا له: ادع بالمصحف فافتتح السابعة وكانوا يسمون سورة يونس السابعة فقرأها حتى أتى على هذه الآية " قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراماً وحلالاً قل الله أذن لكم أم على الله تفترون ". قالوا له: قف، أرأيت ما حميت من الحمى الله أذن لك أم على الله تفتري؟ فقال: امضه نزلت في كذا وكذا، فأما الحمى فإن عمر حمى الحمى قبلي لإبل الصدقة، فلما وليت زادت إبل الصدقة فزدت في الحمى لما زاد في الصدقة.
وعن شقيق قال: لقي عبد الرحمن بن عوف الوليد بن عقبة فقال له الوليد: ما لي أراك قد جفوت أمير المؤمنين عثمان؟ فقال: أبلغه أني لم أفر يوم عينين قال عاصم: هو يوم أحد ولم أتخلف يوم بدر، ولم أترك سنة عمر. فانطلق يخبر ذلك عثمان، فقال عثمان: أما قوله: يوم عينين فكيف يعيرني بذنب قد عفا الله عنه! فقال عز وجل: " إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم "، وأما قوله إني تخلفت يوم بدر فإني كنت أمرض رقية بنت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى ماتت، وقد ضرب لي سهمي، ومن ضرب له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسهم فقد شهد، وأما قوله إني أترك سنة عمر فإني لا أطيقها أنا ولا هو، فأته فحدثه بذلك.
قال صهيب مولى العباس: أرسلني العباس إلى عثمان أدعوه، فأتيته فإذا هو يغدي الناس، فدعوته فأتاه، فقال: أفلح الوجه أبا الفضل. قال: ووجهك. قال: إن رسولك أتاني وأنا في دار
القضاء، ففرغت من شأني ثم أتيتك، فحاجتك؟ قال لا والله إلا أنه بلغني أنك أردت أن تقوم بعلي وأصحابه فتشكوهم إلى الناس، وعلي ابن عمك وأخوك في دينك، وصاحبك مع نبيك صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: أجل، فوالله لو أن علياً شاء أن يكون أدنى الناس لكان وفي رواية أخرى: إن علياً لو شاء ما كان أحد دونه، ولكنه أبى إلا رأيه قال: ثم أرسلني إلى علي، فأتيته فقلت: أبا الفضل يدعوك، فلما جاءه قال: إنه بلغني أن عثمان أراد أن يقوم بك وأصحابك، وعثمان ابن عمك وأخوك في دينك وصاحبك مع نبيك صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: علي: والله لو أن عثمان أمرني أن أخرج من داري لفعلت. زاد في آخر: فأما أداهن ألا يقام بكتاب الله فلم أكن لأفعل.
وعن ابن الحنيفة قال: ما سمعت علياً ذاكراً عثمان بسوء قط، ولو كان ذاكرة بسوء لذكره يوماً، وسأخبر: كان الناس أتوا علياً يشكون إليه سعاة عثمان، فأرسلني أبي فقال: يا بني خذ هذا الكتاب فإن فيه عشر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والصدقة، فاذهب به إلى عثمان. قال: فأتيته فأخبرته به فقال: انطلق فلا حاجة لنا به. فأتيت أبي فأخبرته فقال: لا عليك ضعه حيث أخذته.
قال سفيان: لم يجد علي بداً حين كان عنده علم أن ينهيه إليه، ونرى أن عثمان إنما رده أن عنده من ذلك علم فاستغنى عنه.
وعن أبي هريرة قال: ذكر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتنة فقالوا: يا رسول الله، فما المخرج منها؟ قال: عليكم بالأمين وأصحابه. يعني عثمان بن عفان.
وعن مرة بن كعب البهزي قال: كنت جالساً مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكر الفتن، فمر رجل فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هذا يومئذ ومن معه على الحق. فقمت إليه فأخذت بردائه، فلفت بوجهه فإذا هو عثمان بن عفان، فقلت: هذا يا نبي الله؟ قال: هذا.
وعن عبد الله بن حوالة قال: كنت عند النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعنده كاتب يكتب فقال: يا عبد الله بن حوالة، ألا أكتبك؟ فقلت: في أي شيء؟ فأعرض عني، ثم قال: يا عبد الله بن حوالة، ألا أكتبك؟ قلت: في أي شيء؟ فأعرض عني. قال: فنظرت في الكتاب فإذا فيه أبو بكر وعمر، أو أحدهما، فقلت في نفسي: ما كتب أبو بكر وعمر إلا في خير. قال يا عبد الله، ألا أكتبك؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: يا عبد الله، كيف بك إذا ظهرت فتنة في أطراف الأرض كأنها صياصي بقر؟ قلت: ما خار الله لي ورسوله. قل: فكيف بك يا عبد الله إذا ظهرت فتنة أخرى كأنها انتفاجة أرنب؟ قلت: ما خار الله ورسوله. قال: ومر رجل متقنع قال: هذا يومئذ على الهدى. قال: فتبعته فأخذت بمنكبه، فأقبلت به على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فكشفت قناعه، قلت: هذا؟ قال: هذا. فإذا هو عثمان بن عفان.
وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وذكر فتنة، فمر رجل فقال: يقتل هذا يومئذ مظلوماً. قال ابن عمر: فنظرت إليه فإذا هو عثمان بن عفان.
وعن النعمان بن بشير قال: حججت فأتيت عائشة أم المؤمنين لأسلم عليها فقالت: من أنت؟ فقلت: أنا النعمان. فقالت: ابن عمرة؟ فقلت: نعم. فقالت: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال يوماً لعثمان: إن كساك الله ثوباً فأرادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه. قال النعمان: فقلت: غفر الله لك يا أم المؤمنين ألا ذكرت هذا حين جعلوا يختلفون إليك؟ فقالت: أنسيته حتى بلغ الله عز وجل فيه أمره.
وفي حديث آخر بمعناه: فأخبرته معاوية بن أبي سفيان فلم يرض بالذي أخبرته حتى كتب إلى أم المؤمنين أن اكتبي إلي به، فكتبت إليه به كتاباً.
وعن عائشة قالت: ما استمعت على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا مرة فإن عثمان جاءه في نحر الظهيرة وزاد في رواية: فظننت أنه جاءه في أمر النساء، فحملتني الغيرة على أن أصغيت إليه فسمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إن الله ملبسك قميصاً تريدك أمتي على خلعه فلا تخلعه. فلما رأيت عثمان يترك لهم كل شيء إلا خلعه علمت أنه عهد من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
زاد في رواية: فإن أنت خلعته لم ترح رائحة الجنة.
ومن حديث: فلنا كان يوم الدار وحصر قلنا: يا أمير المؤمنين، ألا نقاتل؟ قال: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عهداً إلي عهداً، وإني صابر نفسي عليه.
وعن عثمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنك ستبتلى بعدي فلا تقاتلن.
وعن أبي بكر العدوي قال: سألت عائشة: هل عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى أحد من أصحابه عند موته؟ قالت: معاذ الله غير أني سأخبرك، ثم أقبلت على حفصة فقالت: يا حفصة، أنشدك بالله أن تصدقيني بباطل وأن تكذبيني بحق. قالت عائشة: هل تعلمين رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أغمي عليه؟ فقلت: أفرغ؟ فقلت: لا أدري. فقال: ائذنوا له، فقلت: أبي؟ فسكت، فقلت أنت: أبي؟ فسكت ثم أغمي عليه أشد من الأولى، فقلت: أفرغ؟ فقلت: لا أدري. ثم أفاق فقال: ائذنوا له. فقلت: أبي فسكت، فقلت أنت: أبي؟ فسكت، ثم أغمي عليه إغماءة أشد من الأوليين حتى ظننا أنه قد فرغ. فقلت: أفرغ؟ فقلت: لا أدري. ثم أفاق فقال: ائذنوا له. فقلت: أبي؟ فسكت، فقلت أنت: أبي؟ فسكت. فقالت إحداهما: ليس لأبي ولا أبيك. فقلت: أتعلمين أن على الباب رجلاً؟ ائذنوا له. فإذا
عثمان وكان من أشد هذه الأمة حياء وهو على الباب، فأذنوا له فدخل، فقال له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ادنه. فدنا، فقال: ادنه. فدنا، فقال: ادنه. فدنا حتى أمكن يده رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجعلها وراء عنقه ثم ساره، فلما فرغ قال: أفهمت؟ قال: سمعته أذناي ووعاه قلبي. ثم وضع يده وراء عنقه ثم ساره، فلما فرغ قال: سمعت؟ قال: سمعته أذناي ووعاه قلبي. ثم وضع يده وراء عنقه ثم ساره، فلما فرغ قال: سمعت؟ قال: سمعته أذناي ووعاه قلبي، ثم قبض رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قالت عائشة: أخبره أنه مقتول، وأمره أن يكف يده.
وعن حفصة زوج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنه كانت قاعدة وعائشة مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وددت أن معي بعض أصحابي نتحدث فقالت عائشة: أرسل إلى أبي بكر يتحدث معك؟ قال: لا. قال حفصة: أرسل إلى عمر يتحدث معك؟ قال لا، ولكن أرسل عثمان. فجاء عثمان فدخل، فقامتا فأرختا الستر، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعثمان: إنك مقتول مستشهد، فاصبر صبرك الله، ولا تخلعن قميصاً قمصك الله ثنتي عشرة سنة وستة أشهر حتى تلقى الله وهو عليك. قال عثمان: إن دعا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لي بالصبر وفي رواية: قال عثمان: ادع لي بالصبر فقال: اللهم صبره. فخرج عثمان، فلما أدبر قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صبرك الله فإنك سوف تستشهد وتموت وأنت صائم وتفطر معي.
وعن أنس قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ياعثمان، إنك ستؤتى الخلافة من بعدي، وسيريدك المنافقون على خلعها فلا تخلعها، وصم في ذلك اليوم تفطر عندي.
وعن عائشة قالت: دخل عثمان على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو محلل الأزرار، فزرها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال: كيف أنت يا عثمان إذا لقيتني يوم القيامة وأوداجك تشخب دماً، فأقول: من فعل بك هذا؟ فتقول: بين خاذل وقاتل وآمر، فبينما نحن كذلك إذ ينادي مناد من تحت العرش: إن عثمان قد حكم في أصحابه. فقال عثمان: لا حول ولا قوة إلا بالله. وزاد في رواية: العلي العظيم.
وعن ابن حوالة الأسدي عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: من نجا من ثلاث فقد نجا: موتي، وخروج الدجال، وقتل الخليفة قوام مصطبر بالحق يعطيه.
وعن أنس أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صعد أحداً، فتبعه أبو بكر وعمر وعثمان، فرجف بهم فقال: اثبت أحد، نبي وصديق وشهيدان. وفي رواية عنه: حراء أو أحداً. الحديث.
وعن محمد بن سيرين: أن رجلاً قال بالكوفة: هو يشهد أن عثمان قتل شهيداً، فأخذته الزبانية فرفعوه إلى علي، وقالوا: لولا أن تنهانا أو نهيتنا ألا نقتل أحداً لقتلنا هذا، زعم أنه يشهد أن عثمان قتل شهيداً. فقال الرجل لعلي: وأنت تشهد، أتذكر أني أتيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسألته فأعطاني، وأتيت أبا بكر فسألته فأعطاني، فأتيت عمر فسألته فأعطاني، وأتيت عثمان فسألته فأعطاني. قال: فأتيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلت: يا رسول الله، ادع الله أن يبارك لي، فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وكيف لا يبارك لك وأعطاك نبي وصديق وشهيدان، وأعطاك نبي وصديق وشهيدان وأعطاك نبي وصديق وشهيدان.
وعن البراء بن عازب قال: قال لنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذات يوم ": تدرون ما على العرش مكتوب؟ مكتوب لا إله إلا الله محمد الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أبو بكر الصديق، وعمر الفاروق، وعثمان الشهيد، علي الرضا ".
وفي حديث عن نعيم بن أبي هند قال: كان الناس بالكوفة إذا سمعوا أحداً يذكر عثمان بخير ضربوه، فقال لهم علي: لا تفعلون، ولكن ائتوني به. قال: فقال أعرابي: قتل عثمان شهيداً، فأتوا به علياً، وساق بقية الحديث بمعناه.
وعن أبي عون الأنصاري قال: بلغ عثمان بن عفان أن ابن مسعود يحدث بحديث كان عثمان عرفه، فبعث إليه عثمان، فاعتذر إليه ابن مسعود ببعض العذر، فقال عثمان: إني قد سمعت كما سمعت وحفظت،
وليس كما تقول، إنما قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " سيكون أمير يقتل، ثم يكون بعده متنزي، فإذا رأيتموه فاقتلوه، وإنما قتل عمر رجل واحد، وإنه سيجتمع علي وأنا المقتول، والمتنزي يكون من بعدي.
كان مبدأ الطعن على أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه إفساد عبد الله بن سبأ الذي تنسب إليه السبئية، ويعرف بابن السوداء.
قال يزيد الفقعسي: لما خرج ابن السوداء إلى مصر نزل على كنانة بن بشر مرة، وعلى سودان بن حمران مرة، وانقطع إلى الغافقي فشجعه الغافقي، فتكلم وأطاف به خالد بن ملجم وعبد الله بن زرير وأشباه لهم، فصرف لهم القول فلم يجدهم يجيبون إلى شيء مما يجيبون إلى الوصية، فقال: عليكم ناب العرب وحجرهم ولسنا من رجاله، فأروه أنكم تزرعون ولا تزرعون العام شيئاً حتى تنكسر مصر، فتشكونه، فيعزل عنكم ونسأل من هو أضعف منه، ونخلو بما نريد، ونظهر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وكان أسرعهم إلى ذلك محمد بن أبي حذيفة، وهو ابن خال معاوية، وكان يتيماً في حجر عثمان، وفلما ولي استأذنه في الهجرة إلى بعض الأمصار، فخرج إلى مصر، وكان الذي دعاه إلى ذلك أنه سأل العمل فقال: لست هناك. ففعلوا ما أمرهم به ابن السوداء، ثم إنهم خرجوا وشكوا عمراً واستعفوا منه، وكلما نهنه عثمان عن عمر وقوماً وسكنهم وأرضاهم وقال: إنما هو أمين انبعث آخرون بشيء آخر، وكلهم يطلب عبد الله بن سعد بن أبي سرح، فقال لهم عثمان: أما عمرو فسننزعه عنكم إلى ما زعمتم أنه أفسد، وأما الحرب فسنقره عليها ونولي من سألتم، فولى عبد الله ابن سعد خراجهم خراج مصر، وترك عمراً على صلاتها، فمشى في ذلك سودان بن حمران
وكنانة بن بشر وخارجة وأشباههم فيما بين عمرو وعبد الله بن سعد، وأغروا بينهما حتى احتمل كل واحد منهما على صاحبه، وتكاتبا على قدر ما أبلغوا كل واحد منهما، فكتب عبد الله بن سعد: إن خراجي لا يستقيم ما دام عمرو على الصلاة. وخرجوا فصدقوه واستعفوا من عمرو، وسألوا عبد الله، فكتب عثمان إلى عمرو: إنه لا خير لك في صحبة من يكرهك، فأقبل. وجمع مصر لعبد الله صلاتها وخراجها، فقدم عمرو فقال له عثمان: أبا عبد الله ما شأنك استحيل رأيك؟ فقال: يا أمير المؤمنين، دعني فوالله ما أدري أين أتيت وما أتهم عبد الله بن سعد، وإن كنت لأهل عملي كالوالدة، وما قدر العارف الشاكر على معونتي.
قال الحسن البصري: كان عمر قد حجر على أعلام قريش من المهاجرين الخروج في البلدان إلا بإذن وأجل، فشكوه فبلغه فقام فقال: ألا إني قد سننت الإسلام سن البعير، يبدأ فيكون جذعاً، ثم ثنياً، ثم رباعياً، ثم سدسياً، ثم بازلاً، فهل ينتظر بالبازل إلا النقصان، ألا وإن الإسلام قد بزل، ألا وإن قريشاً يريدون أن يتخذوا مال الله مغويات دون عباده، ألا فأما وابن الخطاب حي فلا، إني قائم دون شعب الحرة آخذ بحلاقيم قريش وحجزها أن يتهافتوا في النار.
قالوا: فلما ولي عثمان لم يأخذهم بالزي الذي كان أخذهم به عمر، فانساحوا في البلاد، فلما رأوها ورأوا الدنيا ورآهم الناس انقطع من لم يكن له طول ولا مزية في الإسلام، وكان مغموراً في الناس، وصاروا أوزاعاً إليهم، وأملوهم وتقدموا في ذلك، وقالوا: يملكون فنكون قد عرفناهم وتقدمنا في التقرب والانقطاع إليهم، فكان ذلك أول وهن دخل على الإسلام، وأول فتنة كانت في العامة، ليس إلا ذلك.
قال الشعبي: لم يمت عمر حتى ملته قريش، وقد كان حصرهم بالمدينة، وأسبغ عليهم وقال: إن أخوف ما أخاف على هذه الأمة انتشاركم في البلاد، فإن كان الرجل ليستأذنه في الغزو وهو ممن حبس في المدينة من المهاجرين، ولم يكن فعل ذلك بغيرهم من أهل مكة فيقول: قد كان لك في غزوك مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما يبلغك، وخير لك من غزوك اليوم ألا ترى الدنيا ولا تراك. فلما ولي عثمان خلى عنهم فاضطربوا في البلاد، وانقطع إليهم الناس، وكان أحب إليهم من عمر.
قال بن سعد بن أبي وقاص: قدم عمار من مصر وأبي شاك، فبلغه فبعثني إليه أدعوه، فقام معي ليس عليه رداء، وعليه قلنسوة من شعر، معتم عليها بعمامة وسخة، وجبة فراء يمانية، فلما دخل على سعد وهو متكئ، استلقى ووضع يده على جبهته، ثم قال: ويحك يا أبا اليقظان، إن كنت فينا لمن أهل الخير، فما الذي بلغني من سعيك في فساد بين المسلمين والتأليب على أمير المؤمنين؟ أمعك عقلك أم لا؟ فأهوى عمار إلى عمامته، وغضب فنزعها وقال: خلعت عثمان كما خلعت عماتي هذه، فقال سعد: إنا لله وإنا إليه راجعون، ويحك، حين كبر
سنك، ودق عظمك، ونفد عمرك، ولم يبق منك إلا ظمء كظمء الحمار، خلعت ربقة الإسلام من عنقك وخرجت من الدين عرياناً كما ولدتك أمك؟ فقام عمار مغضباً مولياً، وهو يقول: أعوذ بربي من فتنة سعد، فقال سعد " ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين " اللهم: زد عثمان بعفوه وحلمه عندك درجات، حتى خرج عمار من الباب. وأقبل علي سعد يبكي له حتى أخضل لحيته، وقال: من يأمن الفتنة؟ يا بني، لا يخرجن منك ما سمعت فإنه من الأمانة، وإني أكره أن يتعلق به الناس عليه فيتناولونه، وقد قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الحق مع عمار ما لم تغلب عليه دلهة الكبر. فقد دله وخرف، وكان بعد يكثر أن يقول: ليت شعري كيف يصنع الله بعمار مع بلائه وقدمه في الإسلام وحدثه الذي أحدث؟ قال مبشر: سألت سالم بن عبد الله عن محمد بن أبي بكر ما دعاه إلى ركوب عثمان فقال: الغضب والطمع. فقلت: ما الغضب والطمع؟ قال: كان من الإسلام بالمكان الذي هو به، وغره أقوام فطمع، وكانت له دالة، ولزمه حق فأخذه عثمان من ظهره ولم يدهن، فاجتمع هذا إلى هذا فصار مذمماً بعد أن كان محمداً.
بعثت ليلى بنت عميس إلى محمد بن أبي بكر ومحمد بن جعفر فقالت: إن المصباح يأكل نفسه ويضيء للناس فلا تأثما في أمر تسوقانه إلى من لا يأثم فيه، فإن هذا الأمر الذي تحاولان اليوم لغيركم غداً، فاتقوا أن يكون عملكم اليوم حسرة عليكم غداً. فلجا وخرجا مغضبين يقولان: لا تنسي ما صنع بنا عثمان، وتقول: ما صنع بكما إلا ما ألزمكما الله. فلقيهما سعيد بن العاص، وقد كان بين محمد بن أبي بكر وبينه شيء، فتمثل له في تلك الحال بيتاً فأذكره حين لقي خارجاً من عند ليلى متمثلاً من الكامل:
استبق ودك للصديق ولا تكن ... قتباً يعض بغارب ملحاحا
فأجابه سعيد متمثلاً: من الطويل
ترون إذا ضرباً صميماً من الذي ... له جانب ناء عن الحزم معور
كتب عثمان إلى أهل الأمصار: أما بعد، فإني آخذ العمال بموافاتي في كل موسم، وقد سلطت الأمة منذ وليت على الائتمار بالمعروف والنهي عن المنكر، فلا يرفع إلي شيء علي ولا على أحد من عمالي إلا أعطيته، وليس لي ولا لعمالي حق قبل الرعية إلا متروك لهم، وقد رفع إلي أهل المدينة أن أقواماً يشتمون، وآخرين يضربون، فيا من ضرب سراً وشتم سراً، من ادعى شيئاً من ذلك فليواف الموسم، وليأخذ بحقه كيف كان، مني أو من عمالي، أو يصدقوا، فإن الله يجزي المتصدقين. فلما قرىء في الأمصار أبكى الناس، ودعوا لعثمان وقالوا: إن الأمة لتمخض بشر، فإلى ما ذاك مسلمها؟ وما يدرون ما باب تلك الإذاعة وما حيلتها. وبعث إلى عمال الأمصار فقدموا عليه: عبد الله بن عامر، ومعاوية، وعبد الله بن سعد، وأدخل معهم في المشورة سعيداً وعمراً، فقال: ويحكم ما هذه الشكاة؟ وما هذه الإذاعة؟ إني والله لخائف أن تكونوا مصدوقاً عليكم، وما يعصب هذا إلا بي. فقالوا له: ألم نبعث؟ ألم نرفع إليك الخبر عن العوام؟ ألم يرجعوا وما يشافههم أحد بشيء؟ لا والله ما صدقوا ولا بروا ولا نعلم لهذا الأمر أصلاً، وما كنت لتأخذ به أحداً، ونقيمتك على شيء، وما هي إلا الإذاعة، ما يحل الأخذ بها ولا الانتهاء إليها. قال: فأشيروا علي، فقال سعيد بن العاص: هذا أمر مصنوع يصنع في السر، فيلقى به غير
المعرفة فيخبر به فيتحدث به الناس في مجالسهم. قال: فما دواء ذلك؟ قال: طلب هؤلاء القوم، ثم قتل الذين يخرج هذا من عندهم. وقال عبد الله بن سعد: خذ من الناس الذي عليهم إذا أعطيتهم الذي لهم، حتى الأدب، فإنه خير من تدعهم. وقال معاوية: قد وليتني فوليت قوماً لا يأتيك عنهم إلا الخير، الرجلان أعلم بنا بناحيتهما. قال: فما الرأي؟ قال: حسن الأدب. قال: فما ترى يا عمرو؟ قال: أرى أنك قد لنت لهم وتراخيت عنهم، وزدتهم على ما كان يصنع عمر، وأرى أن تلزم طريقة صاحبيك، فتشد في موضع الشدة، وتلين في موضع اللين، إن الشدة لا ينبغي عمن لا يألو الناس شراً، وتلين لمن يخاف البأس بالنصح، وقد فرشتهما جميعاً اللين.
وقام عثمان فحمد الله وأثنى عليه وقال: كل ما أشرتم به علي قد سمعت، ولكل أمر باب يؤتى منه، إن هذا الأمر الذي يخاف على الأمة كائن وإن بابه الذي يغلق عليه، ويكفكف به، اللين والمؤاتاة والمتابعة، إلا في حدود الله التي لا يستطيع أحد أن ينادي بعيب أحدهما، فإن سده شيء فذاك، ووالله ليفتحن، وليست لأحد علي حجة حق، وقد علم الله أني لم آل الناس خيراً ولا نفسي، ووالله إن رحى الفتنة لدائرة، فطوبى لعثمان إن مات ولم يحركها، كفكفوا الناس وهبوا لهم حقوقهم واغتفروا لهم، وإذا تعوطيت حقوق الله فلا تدهنوا فيها.
فلما نفر عثمان شخص معاوية وعبد الله بن سعد معه إلى المدينة، ورجع ابن عامر وسعيد معه. ولما استقل عثمان رجز به الحادي من مشطور الرجز:
قد علمت ضوامر المطي
وضمرات عوج القسي
أن الأمير بعده علي
وفي الزبير خلف مرضي
وطلحة الحامي لها ولي فقال كعب وهو يسير خلف عثمان: الأمير والله بعده صاحب البغلة وأشار إلى معاوية.
قالوا: فما زال معاوية يطمع فيها بعد ذلك، ولما بلغه هذا الحداء سأله عن الذي بلغه فقال: نعم، أنت الأمير بعده، ولكنها لا تصل إليك حتى تكذب بحديثي هذا. فوقعت في نفس معاوية.
فلما ورد عثمان إلى المدينة رد الأمراء إلى أعمالهم فمضوا جميعاً، وأقام سعيد بعدهم، وفلما ودع معاوية عثمان خرج من عنده وعليه ثياب السفر، متقلداً سيفه متنكباً قوسه، فإذا هو بنفر من المهاجرين، فيهم طلحة والزبير وعلي، فقام عليهم فتوكأ على قوسه بعد ما سلم عليهم، ثم قال: إنكم قد علمتم أن هذا الأمر كان إذ الناس يتغالبون إلى رجال، فلم يكن منهم أحد وفي قبيلته من يرأسه، ويستبد عليه، ويقطع الأمر دونه، ولا يشهده ولا يؤامره، حتى بعث الله تعالى نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأكرم به من اتبعه فكانوا يرأسون من جاء بعدهم، وأمرهم شورى بينهم، يتفاضلون فيه بالسابقة والقدمة والاجتهاد، فإن أخذوا بذلك وقاموا به كان الأمر أمرهم والناس لهم تبع، وإن صغوا إلى الدنيا، وطلبوها بالتغالب سلبوا ذلك، ورده الله إلى من جعل له الغلب، وكان يرأسهم أولاً، فليحذروا الغير فإن الله على البدل قادر، وله المشيئة في ملكه وأمره، إني قد خلفت فيكم شيخاً فاستوصوا به خيراً، وكانفوه تكونوا أسعد منه بذلك. ثم ودعهم ومضى، فقال علي: إن كنت لأرى في هذا خيراً. فقال الزبير: لا والله ما كان قط أعظم في صدرك وصدورنا منه الغداة.
وقد كان معاوية قال لعثمان غداة ودعه وخرج: يا أمير المؤمنين، انطلق معي إلى الشام قبل أن يهجم عليك من لا قبل لك به، فإن أهل الشام على الأمر لم يزولوا عنه. فقال: أنا أبيع جوار رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشيء وإن كان قطع خيط عنقي؟؟؟ قال: فأبعث إليك جنداً منهم يقيم بين ظهراني المدينة لنائبة إن نابت المدينة أو إياك؟ قال: أنا أقتر على جيران
رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأرزاق بجند يساكنهم، وأضيق على أهل دار الهجرة والنصرة؟ قال: يا أمير المؤمنين، والله لتغتالن ولتغزن، فقال: حسبي الله ونعم الوكيل.
وقال معاوية: يا أيسار الجزور، وأين أيسار الجزور؟ ثم خرج حتى وقف على النفر ثم مضى.
وكان أهل مصر بايعوا أشياعهم من أهل الكوفة وأهل البصرة وجميع من أجابهم أن ينووا خلاف أمرائهم، واتعدوا يوماً حيث شخص أمراؤهم فلم يستقم ذلك لأحد منهم، ولم يتمم عليه إلا أهل الكوفة، فإن يزيد بن قيس الأرحبي ثار فيها واجتمع إليه أصحابه، وعلى الحرب يومئذ القعقاع بن عمرو، فأتاه وأحاط الناس بهم فناشدوهم، وقال يزيد للقعقاع: ما سبيلك علي وعلى هؤلاء؟ فوالله إني لسامع مطيع وهم، وإني للازم لجماعتي وهم، إلا أني أستعفي ومن ترى من إمارة سعيد، فقد يستعفي الخاصة من أمر قد رضيته العامة. قال: فذاك إلى أمير المؤمنين. فتركهم والاستعفاء، ولم يستطيعوا أن يظهروا غير ذلك. واستقبلوا سعيداً فردوه من الجرعة، واجتمع الناس على أبي موسى، وأقره عثمان.
ولما رجع الأمراء لم يك للسبئية سبيل إلى الخروج من الأمصار، فكاتبوا أشياعهم من أهل الأمصار أن يتوافوا بالمدينة لينظروا فيما يريدون، وأظهروا أنهم يأتمرون بالمعروف، ويسألون عثمان عن أشياء ليطير في الناس ولتحقق عليه. فتوافوا بالمدينة،
وأرسل عثمان رجلين: مخزومي وزهري، فقال: انظرا ما يريدون، واعلما علمهم، وكانا ممن ناله من عثمان أدب، فاصطبرا للحق ولم يضطغنا، فلما رأوهما باثوهما وأخبرو هما بما يريدون، فقالا: من معكم على هذا من أهل المدينة؟ قالوا: ثلاثة نفر، فقالا: هل إلا؟ قالوا: لا، قالا: فكيف تريدون أن تصنعوا؟ قالوا: نريد أن نذكر له أشياء قد زرعناها في قلوب الناس، ثم نرجع إليهم فنزعم لهم أنا قد قررناه بها فلم يخرج منها ولم يتب، ثم نخرج كأننا حجاج حتى نقدم فنحيط به فنخلعه، فإن أبى قتلناه، وكانت إياها. فرجعا إلى عثمان بالخبر، فضحك وقال: اللهم سلم هؤلاء النفر، فإنك إن لم تسلمهم شقوا، فأما عمار، فحمل علي ذنب ابن أبي لهب وعركه بي، وأما محمد بن أبي بكر فإنه أعجب حتى رأى أن الحقوق لا تلزمه، وأما ابن سارة فإنه يتعرض للبلاء.
وأرسل إلى المصريين والكوفيين ونادى الصلاة جامعة، وهم عنده في أصل المنبر فأقبل أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى أحاطوا بهم، فحمد الله وأثنى عليه، وأخبرهم خبر القوم، وقام الرجلان فقالوا جميعاً: اقتلهم، فإن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: من دعا إلى نفسه أو إلى أحد وعلى الناس إمام فعليه لعنة الله، فاقتلوه. وقال عمر بن الخطاب: لا أحل لكم إلا ما قتلتموه وأنا شريككم. فقال عثمان: بل نعفو ونقبل ونبصرهم بجهدنا، ولا نحاد أحد حتى يركب حداً أو يبدي كفراً، إن هؤلاء ذكروا أموراً قد علموا منها مثل الذي علمتم، إلا أنهم زعموا أنهم يذاكرونيها ليوجبوها علي، عقد من لا يعلم.
وقالوا: أتم الصلاة في السفر، وكانت لا تتم، ألا وإني قدمت بلداً فيه أهلي فأتممت لهذا من الأمر، أفكذلك؟ قالوا: اللهم نعم.
قالوا: وحميت حمى، وإني ما حميت إلا ما حمي قبلي، والله ما حموا شيئاً لأحد، ما حموا إلا ما غلب عليه أهل المدينة، ثم لم يمنعوا من رعية أحد، واقتصروا
لصدقات المسلمين مويهاً لئلا يكون بين من يليها وبين أحد تنازع، ثم ما منعوا ولا نحن منها أحداً إلا من ساق دهماً، ومالي من بعير غير راحلتين، ومالي ثاغية، وإني قد وليت وإني لأكثر العرب بعيراً وشاة، فمالي اليوم شاة ولا بعير غير بعيرين لحجي، أكذاك؟ قالوا: اللهم نعم.
قال: وقالوا: كان القرآن كتباً فتركها إلا واحداً، ألا وإن القرآن واحد، جاء من عند واحد، وإنما أنا في ذلك تابع لهؤلاء، أفكذلك؟ قالوا: اللهم نعم. وسألوه أن يقتلهم.
وقالوا: إني رددت الحكم وقد سيره رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والحكم مكي سيره رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من مكة إلى الطائف، ثم رده رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سيره، ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رده، أفكذلك؟ قالوا: نعم. وقالوا: اسمعت الأحداث، ولم أستعمل إلا مجتمع محتمل مرضي، وهؤلاء أهل عمله فسلوهم عنه، وهؤلاء أهل بلده، وقد ولى من قبلي أحدث منه، وقيل في ذلك لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أشد مما قيل لي في استعماله أسامة، أكذاك؟ قالوا: نعم. يعيبون للناس مالا يفسرون.
وقالوا: إني أعطيت ابن أبي سرح ما أفاء الله عليه، وإني إنما نفلته خمس ما أفاء الله
عليه من الخمس فكان مئة ألف، قد نفل مثل ذلك أبو بكر وعمر، فزعم الجند أنهم يكرهون ذلك فرددته عليهم، وليس ذلك لهم، أكذاك؟ فقالوا: نعم.
وقالوا: إني أحب أهل بيتي وأعطيتهم، فأما حبي فإنه لم يمل معهم على جور، بل أحمل الحقوق عليهم، وأما إعطاؤهم فإني إنما أعطيهم من مالي، ولا أستجل أموال المسلمين لنفسي ولا لأحد من الناس، ولقد كنت أعطي العطية الكبيرة والرغيبة من صلب مالي أزمان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبي بكر وعمر، وأنا يومئذ شحيح حريص، أفحين أتيت على أسنان أهل بيتي، وفني عمري، ووزعت الذي لي في أهلي قال الملحدون ما قالوا، إني والله ما حملت على مصر من الأمصار فضلاً فيجوز ذلك لمن قاله، ولقد رددته عليهم، ولا قدم علي الأخماس، ولا يحل لي منها شيء فولي المسلمون وضعها في أهلها دوني ولا تبلغت من مال الله عز وجل بفلس فما فوقه، ولا أتبلغ به، ما آكل إلا في مالي.
قالوا: أعطيت الأرض رجالاً، وإن هذه الأرضين شاركهم فيها المهاجرون والأنصار أيام افتتحت، فمن أقام بمكة من هذه الفتوح فهو أسوة أهله، ومن رجع إلى أهله لم يذهب ذلك ما حوى الله عز وجل له. فنظرت في الذي يصيبهم مما أفاء الله عليهم فبعته لهم بأمرهم من رجال أهل عقار ببلاد العرب، فنقلت إليهم نصيبهم، فهو في أيديهم دوني.
وكان عثمان قد قسم ماله وأرضه في بني أمية، وجعل ولده كبعض من يعطي، فبدأ ببني أبي العاص، فأعطى آل الحكم رجالهم عشرة آلاف، عشرة آلاف، فأخذوا مئة ألف، وأعطي بني عثمان مثل ذلك، وقسم في بني العاص وفي بني العيص وفي بني حرب، ولانت حاشية عثمان لأولئك الطراء، وأبى المسلمون إلا قتلهم، وأبى إلا تركهم، فذهبوا فرجعوا إلى بلادهم على أن يغزوهم مع الحجاج كالحجاج، وتكاتبوا وقالوا: موعدكم ضواحي المدينة في شوال.
قالوا وكتب عثمان إلى الناس بالذي كان وبكل ما صبر عليه من الناس إلى ذلك اليوم، وبما عليهم، فما كتب به: بسم الله الرحمن الرحيم. أما بعد: فإن أقواماً ممن كان يقول في هذا الحديث أظهروا للناس، أنما يدعون إلى كتاب الله والحق، ولا يريدون الدنيا ولا منازعة فيها، فلما عرض عليهم الحق إذا الناس في ذلك شتى، منهم آخذ للحق ونازع عنه من يعطاه، ومنهم تارك للحق رغبة في الأمر، يريدون أن يبتزوه لغير الحق، وقد طال عليهم عمري وراث عليهم أملهم في الأمور، واستعجلوا القدر، وإني جمعتهم والمهاجرين والأنصار فنشدتهم فأدوا الذي علموا، فكان أول ما شهدوا به أن يقتل كل من دعا إلى نفسه أو أحد.
وفسر لهم ما اغتدوا به عليه، وما أجابهم فيه وشهد له عليه. ورجع إليهم الذين شخصوا، لا يستطيعون أن يظهروا شيئاً حتى إذا دخل شوال خرجوا كالحجاج فنزلوا قرب المدينة.
قالوا: ولما كان في شوال سنة خمس وثلاثين خرج أهل مصر في أربع رفاق على أربعة أمراء، المقلل يقول: ست مئة، والمكثر يقول: ألف، ولم يجترئوا أن يعلموا الناس بخروجهم إلى الحرب إنما خرجوا كالحجاج، ومعهم ابن السوداء، وخرج أهل الكوفة في أربع رفاق، وعددهم كعدد أهل مصر، وخرج أهل البصرة في أربع رفاق، وعددهم كعدد أهل مصر، فأما أهل مصر فإنهم يشتهون علياً، وأما أهل البصرة فإنهم كانوا يشتهون طلحة، وأما أهل الكوفة فإنهم يشتهون الزبير فخرجوا وهم على الخروج جميع، في التأمير شتى، لا تشك كل فرقة إلا أن الفلج معها، وأن أمرها سيتم دون الأخرى، فخرجوا حتى إذا كانوا من المدينة على ثلاث تقدم أناس من أهل البصرة فنزلوا ذا خشب، وأناس من الكوفة فنزلوا الأعوص، وجاءهم أناس من أهل مصر،
وتركوا عامتهم بذي المروة.
ومشى فيما بين أهل مصر وأهل البصرة زياد بن النضر وعبد الله بن الأصم، وقالوا: لا تعجلوا حتى ندخل لكم المدينة ونرتاد، فإنه قد بلغنا أنهم قد عسكروا لنا، فوالله إن كان أهل المدينة قد خافونا واستحلوا قتالنا ولم يعلموا علمنا، لهم علينا إذا علموا علمنا أشد وإن أمرنا هذا لباطل، وإن لم يستحلوا قتالنا ووجدنا الذي بلغنا باطلاً لنرجعن إليكم بالخبر، قالوا: اذهبوا، فدخل الرجلان فلقوا أزواج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وطلحة والزبير وعلياً، وقالوا: إنما نؤم هذا البيت، ونستعفي هذا الوالي من بعض عمالنا، ما جئنا إلا لذلك، واستأذنوهم للناس بالدخول فكلهم أبي ونهى وقال: بيض ما يفرخن: فرجعا إليهم.
فاجتمع من أهل مصر نفر فأتوا علياً، ومن أهل البصرة نفر فأتوا طلحة، ومن أهل الكوفة نفر فأتوا الزبير، وقال كل فريق منهم: إن بايعنا صاحبنا وإلا كدناهم وفرقنا جماعتهم، ثم كررنا حتى نبتغهم. فأتى المصريون علياً وهو في عسكر عند أحجار الزيت، عليه حلة أفواف معتم بشقيقة حمراء يمانية، متقلد السيف، ليس عليه قميص، وقد سرح الحسن إلى عثمان فيمن اجتمع إليه، والحسن جالس عند عثمان، وعلي عند أحجار الزيت فسلم عليه المصريون وعرضوا له، فصاح بهم واطردهم وقال: لقد علم الصالحون أن جيش ذي المروة وذي خشب والأعوص ملعونون على لسان محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فارجعوا لا صحبكم الله. قالوا: نعم. فانصرفوا من عنده على ذلك.
وأتى البصريون طلحة وهو في جماعة أخرى إلى جنب علي عليه السلام وقد أرسل بنيه إلى عثمان، فسلم البصريون عليه وعرضوا به، فصاح بهم واطردهم، وقال: لقد
علم المؤمنون أن جيش ذي المروة وذي خشب والأعوص ملعونون على لسان محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وأتى الكوفيون الزبير وهو جماعة أخرى، وقد سرح عبد الله إلى عثمان، فسلموا عليه وعرضوا له فصاح بهم واطردهم، وقال: لقد علم المسلمون أن جيش ذي المروة وذي خشب والأعوص ملعونون على لسان محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فخرج القوم وأروهم أنهم يرجعون، فانقشوا عن ذي خشب حتى أتوا عساكرهم، وهي ثلاث مراحل، كي يفترق أهل المدينة ثم يكرون، فافترق أهل المدينة لخروجهم، فلما بلغ القوم عساكرهم كروا بهم فبغتوهم، فلم يفجأ أهل المدينة إلا والتكبير في نواحي المدينة، فنزلوا في مواضع عساكرهم وأحاطوا بعثمان وقالوا: من كف يده فهو آمن.
وصلى عثمان بالناس أياماً، ولزم الناس بيوتهم، ولم يمنعوا أحد من كلام، فأتاهم الناس فكلموهم، وفيهم علي فقال علي: ما ردكم بعد ذهابكم ورجوعكم عن رأيكم؟ قالوا: وجدنا مع يزيد كتاباً بقتلنا. وأتاهم طلحة فقال البصريون مثل ذلك، وأتاهم الزبير فقال الكوفيون مثل ذلك، وقال الكوفيون والبصريون: فنحن ننصر إخواننا ونمنعهم، فقالوا جميعاً كأنما كانوا على ميعاد، كيف علمتم يا أهل الكوفة ويا أهل البصرة بما لقي أهل مصر، وقد سرتم مراحل ثم طويتم نحونا؟ هذا والله أمر أبرم بالمدينة، قالوا: فضعوه على ما شئتم، لا حاجة لنا في هذا الرجل، ليعتزلنا. وهو في ذلك يصلي بهم وهم يصلون خلفه، ويغشى من شاء عثمان، وهم أدق في عينيه من التراب، وكانوا لا يمنعون أحداً الكلام، وكانوا زمراً بالمدينة يمنعون الناس من الاجتماع.
وكتب عثمان إلى أهل مصر يستمدهم: أما بعد، فإن الله بعث محمداً بالحق بشيراً
ونذيراً، وبلغ عن الله ما أمر به ثم مضى، وقد قضى الذي عليه وخلف فينا كتابه، فيه حلاله وحرامه، وبيان الأمور التي قدر، فأمضاها على ما أحب العباد وكرهوا، فكان الخليفة أبو بكر ثم عمر، ثم أدخلت في الشورى عن غير علم ولا مسألة عن ملأ من الأمة، ثم اجتمع أهل الشورى عن ملأ منهم ومن الناس عن غير طلب مني ولا محبة، فعملت فيهم بما يعرفون ولا ينكرون، تابعاً غير مستتبع، متبعاً غير مبتدع، مقتدياً غير متكلف، فلما انتهت الأمور وانتكث الشر بأهله، وبدت ضغائن وأهواء على غير اجترام ولا ترة فيما مضى إلا إمضاء الكتاب، وطلبوا أمراً وأعلنوا غيره بغير حجة ولا عذر، فعابوا علي أشياء مما كانوا يرضون، وأشياء عن ملأ من أهل المدينة، لا يصلح غيرها، فصبرت لهم نفسي وكففتها عنهم منذ سنين، وأنا أرى وأسمع، فازدادوا على الله جرأة، حتى أغاروا علينا في جوار رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحرمه وأرض الهجرة، وثابت إليهم الأعراب، فهم كالأحزاب أيام الأحزاب، أو من غزانا بأحد إلا ما يظهرون، فمن قدر على اللحاق بنا فليلحق.
فأتى الكتاب أهل الأمصار فخرجوا على الصعبة والذلول.
ولما جاءت الجمعة على أثر نزول المصريين مسجد الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج عثمان فصلى بالناس، ثم قام على المنبر فقال: يا هؤلاء الغزاء، الله الله، فوالله إن أهل المدينة ليعلمون إنكم لملعونون على لسن محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فامحوا الخطأ بالصواب، فإن الله لا يمحو السيء إلا بالحسن.
فقام محمد بن مسلمة فقال: أنا أشهد بذلك، فأخذ حكيم بن جبلة فأقعده، فقام زيد بن ثابت فقال: أبغى الكتاب؟ فثار إليه في ناحية أخرى محمد بن أبي قتيرة فأقعده وقال فأقظع، وثار القوم بأجمعهم فحصبوا الناس حتى أخرجوهم، وحصنوا عثمان حتى صرع عن المنبر مغشياً عليه، فاحتمل فأدخل داره. وكان المصريون لا يطمعون في أحد من أهل المدينة أن يساعدهم إلا في ثلاثة نفر، فإنهم كانوا يراسلونهم: محمد بن أبي بكر
ومحمد بن جعفر، وعمار بن ياسر، وشرى أناس من الناس فاستقتلوا، منهم سعد بن مالك وأبو هريرة وزيد بن ثابت والحسن بن علي، فبعث إليهم بعزمه لما انصرفوا، فانصرفوا، وأقبل علي حتى دخل عثمان، وأقبل طلحة حتى دخل عليه، وأقبل الزبير حتى دخل عليه يعودونه من صرعته ويشكون بثهم، ثم رجعوا إلى منازلهم.
وفي حديث عن الحسن أن عثمان يخطب يوم الجمعة فقام رجل فقال: أسألك كتاب الله. فقال عثمان: أو ما لكتاب الله طالب غيرك؟ اجلس، فجلس، فقال الحسن: كذبت يا عدو نفسه، لو كنت تطلب كتاب الله لم تطلبه يوم الجمعة والإمام يخطب، ثم قام الثانية والثالثة، فقال عثمان: أما لهذا أحد يجلسه؟ قال: فتخاصبوا حتى ما أرى أديم السماء، قال: فكأني أنظر إلى ورقات مصحف رفعته امرأة من أزواج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهي تقول: إن الله قد برأ نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً، قال: فذاك أول ما عقلت الأحاديث، وخالطت الناس فقال لي بعض أصحابي: تلك أم سلمة زوج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وعن جابر بن عبد الله: أن المصريين لما أقبلوا من مصر يريدون عثمان بذي خشب، دعا عثمان بن محمد مسلمة فقال: اذهب إليهم فارددهم عني وأعطهم الرضى، وأخبرهم أني فاعل وفاعل بالأمور التي طلبوا ونازع عن كذا الأمور التي تكلموا فيها فركب محمد بن مسلمة إلى ذي خشب، وأرسل معه عثمان خمسين راكباً من الأنصار أنا فيهم، وكان رؤساؤهم أربعة: عبد الرحمن بن عديس البلوي، وسودان بن حمران المرادي، وابن البياع، وعمرو بن الحمق الخزاعي، لقد كان الاسم غلب حتى كان يقال: جيش ابن الحمق، فأتاهم محمد بن مسلمة وقال: إن أمير المؤمنين يقول كذا ويقول كذا وأخبرهم بقوله، فلم يزل بهم حتى
رجعوا، فلما كانوا بالبويب رأوا جملاً عليه ميسم الصدقة فأخذوه فإذا غلام لعثمان، فأخذوا متاعه ففتشوه فوجدوا قصبة من رصاص، فيها كتاب في جوف الإداوة في الماء إلى عبد الله بن سعد أن افعل بفلان كذا وبفلان كذا من القوم الذين شرعوا في عثمان. فرجع القوم ثانية حتى نزلوا بذي خشب، فأرسل عثمان إلى محمد بن مسلمة وقال: اخرج فارددهم عني، فقال: لا أفعل، قال: فقدموا فحصروا عثمان.
وقال سفيان بن أبي العوجاء: أنكر عثمان أن يكون كتب ذلك الكتاب أو أرسل ذلك الرسول، وقال: فعل ذلك دوني؟ وقيل: إنهم لما أخذوا ميثاقه وكتبوا عليه، وأخذ عليهم ألا يشقوا عصاً ولا يفارقوا جماعة ما أقام لهم بشرطهم، ثم رجعوا راضين، فبينا هم بالطريق إذا راكب يتعرض لهم ثم يفارقهم ثم يرجع إليهم ثم يفارقهم، فقالوا له: مالك؟ قال: أنا رسول أمير المؤمنين إلى عامله بمصر. ففتشوه فإذا هم بالكتاب على لسان عثمان، عليه خاتمه إلى عامل مصر أن يصلبهم أو يقتلهم أو يقطع أيديهم وأرجلهم، فأقبلوا حتى قدموا المدينة، فأتوا علياً فقالوا: ألم تر عدو الله؟ إنه كتب فينا بكذا وكذا، وإن الله أحل دمه، فقم معنا إليه، فقال: والله لا أقوم معكم. قالوا: فلم كتبت إلينا؟ قال: والله ما كتبت إليكم كتاباً. فنظر بعضهم إلى بعض، وخرج علي من المدينة. فانطلقوا إلى عثمان فقالوا: كتبت فينا بكذا وكذا، فقال: إنما هما اثنتان: تقيمون رجلين من المسلمين أو يميني بالذي لا إله إلا هو ما كتبت ولا أمليت ولا علمت، وقد يكتب الكتاب على لسان الرجل، وينقش بالخاتم على الخاتم. فقالوا: قد أحل الله دمك، ونقض العهد والميثاق، وحصروه في القصر.
وحدث ابن عون عن محمد قال: لما كان حيث نزل بابن عفان، جمعهم فاستشارهم في القوم الذين حصروه، فأرسل إليهم علياً ورجلاً آخر، فعرض عليهم كتاب الله، فشادهم وشادوه مرتين أو ثلاثاً، ثم قالوا: ابن عم رسول الله صلى عليه وسلم ورسول أمير المؤمنين يعرض عليكم كتاب الله، قال: فقبلوه واشترطوا خمساً، فكتبوهن في الكتاب، وثنتين لم يكتبوها في الكتاب: المنفي يقلب والمحروم يعطى، ويوفر الفيء، ويعدل في القسم، ويستعمل ذو الأمانة والقوة، ويرد ابن عامر على أهل البصرة فإنهم به راضون، ويستعمل الأشعري على الكوفة. فذهبوا.
قال ابن عون: فلا أدري أين بلغوا، ثم رجعوا فقعدوا ناحية فقالوا: لا يكلمنا أحد، ولا يدنون منا أحد. فأرسل إليهم المغيرة، فأتاهم فقالوا: لا تدنون منا يا أعور، لا تكلمنا يا أعور، فأتى ابن عفان فقال: إني رأيت الناس فما رأيت قوماً ألج من العرب، فلو خرجت في كتيبتك فعسى أن يروها فيرجعوا فخرج ابن عفان في كتيبته فنسل من أولئك رجل، ومن هؤلاء رجل، فانطلقا بسيفيهما، فحانت منه التفاتة فقال: في بيعتي وتأميري، فرجع فدخل الدار، فما أعلمه خرج بعد ذلك اليوم حتى قتل.
قال محمد: فلقد قتل وفي الدار لسبع مئة فيهم الحسن بن علي وعبد الله بن الزبير، ولو أذن لهم لضربوهم حتى يخرجوهم من أقطار المدينة.
وعن عبد الله بن سلام قال: بينما أمير المؤمنين عثمان يخطب ذات يوم فقام رجل فنال منه، فوذأته فاتذأ لي، فقال رجل: لا يمنعك مكان ابن سلام أن تسب نعثلاً فإنه من شيعته، فقلت له: لقد قلت القول العظيم في يوم القيامة في الخليفة من بعد نوح.
قوله: فوذأه فاتذأ له يقال: وذأت الرجل إذا زجرته وقمعته، وقوله: اتذأ يعني انزجر. وقوله: نعثلاً، قيل: إنه يشبه برجل من أهل مصر اسمه نعثل، وكان طويل
اللحية، وكان عثمان إذا نيل منه وعيب يشبه بذلك لطول لحيته، لم يكونوا يجدون عيباً غير هذا. وقيل: من أهل أصبهان، وقيل: نعثل إنه الذكر من الضباع، وأما قوله: الخليفة من بعد نوح، فقد اختلف فيه، فقيل: إنه أراد بنوح عمر بن الخطاب لحديث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين استشار أبا بكر في أسارى بدر، فأشار عليه أبو بكر بالمن عليهم، وأشار عليه عمر بقتلهم، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأقبل على أبي بكر: إن إبراهيم كان ألين في الله من الدهن باللبن. ثم أقبل على عمر فقال: إن نوحاً كان أشد في الله من الحجر.
قال أبو عبيد: شبه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبا بكر بإبراهيم وعيسى حين قال: " إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم "، وشبه عمر بنوح حين قال: " لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً " فأراد أن عثمان خليفة عمر.
وقيل: إن قوله الخليفة من بعد نوح، إنه لم يرد عمر إنما أراد نوح النبي صلى الله على نبينا وعليه، جعله مثلاً له، أن الناس في زمن نوح كانوا في عافية، فكان هلاكهم في دعوة نوح، فأراد في قتل عثمان سل السيف والفتن إلى يوم القيامة.
وقوله: يوم القيامة أراد يوم الجمعة، وذلك أن الخطبة كانت يوم الجمعة.
وروى عن كعب أنه رأى رجلاً يظلم رجلاً يوم الجمعة فقال: ويحك! أتظلم رجلاً يوم القيامة؟! وروي في الأحاديث أن الساعة تقوم يوم الجمعة فلذلك سمي يوم الجمعة يوم القيامة.
ولما حصر عثمان قام إليه فلان بن سعيد الغفاري وهو جهجاه حتى أخذ القضيب
من يده قضيب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فوضعها على ركبته ليكسرها بشعبها، وصاح به الناس، فنزل عثمان حتى دخل داره، ورمى الله الغفاري في ركبتيه فلم يحل عليه الحول حتى مات. وفي حديث آخر: فوقعت في ركبتيه الأكلة.
وعن صعصعة بن معاوية التميمي قال: أرسل عثمان وهو محصور إلى علي وطلحة والزبير وأقوام من الصحابة فقال: احضروا غداً، فكونوا حيث تسمعون ما أقول لهذه الخارجة. ففعلوا وأشرف عليهم فقال: أنشد الله من سمع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من يشتري هذا المربد ويزيده في مسجدنا وله الجنة، وأجره الدنيا ما بقي درجات له؟ " فاشتريته بعشرين ألفاً وزدته في المسجد، قالوا " اللهم نعم. وقال الخوارج: صدقوا ولكنك غيرت. ثم قال: أنشد الله من سمع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من يجهز جيش العسرة وله الجنة؟ " فجهزتهم حتى ما فقدوا عقالاً ولا خطاما؟ قالوا: نعم. فقال الخوارج: صدقوا ولكنك غيرت. قال: أنشد الله من سمع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول ": من يشتري رومة وله الجنة؟ فاشتريتها، فقال: اجعلها للمساكن ولك أجرها والجنة؟ قالوا: اللهم نعم. قال الخوارج: صدقوا ولكنك غيرت. وعدد أشياء، وقال: الله أكبر، ويلكم خصمتم والله، كيف يكون من يكون هذا له مغيراً؟ يا أيها النفر من أهل الشورى اعلموا أنهم سيقولون لكم غداً كما قالوا لي اليوم. فلما خرجوا بعد على علي، جعل ينشد الناس عن مثل ذلك ويشهد له به فيقولون: صدقوا ولكنك غيرت. فقال:
ما اليوم قتلت ولكن يوم قتل ابن بيضاء. قال: هذا حديث غريب.
وعن ثمامة بن حزن القشيري قال: شهدت الدار، فأشرف عليهم عثمان فقال: ائتوني بصاحبيكم هذين اللذين ألباكم. قال: فجيء بهما كأنهما جملان أو كأنهما حماران، قال: فأشرف عليهم عثمان فقال: أنشدكم الله والإسلام هل تعلمون أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قدم المدينة وليس فيها ما يستعذب غير بئر رومة، فقال: من يشتري بئر رومة فيكون دلوه فيها مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة؟ فاشتريتها من صلب مالي، فأنتم اليوم تمنعوني أن أشرب منها حتى أشرب من ماء البحر؟ قالوا: اللهم نعم زاد في حديث غيره: قال: فعلى ما تمنعوني أن أشرب منها حتى أفطر على ماء البحر؟ قال: أنشدكم الله والإسلام، هل تعلمون أن المسجد كان ضاق بأهله فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من يشتري بقعة آل فلان بخير له منها في الجنة؟ فاشتريتها من مالي أو قال: من صلب مالي فزدتها في المسجد وأنتم اليوم تمنعوني أن أصلي فيها ركعتين به قالوا: اللهم نعم. قال: أنشدكم الله والإسلام هل تعلمون أني جهزت جيش العسرة من مالي؟ قالوا اللهم نعم. قال: أنشدكم الله والإسلام، هل تعلمون أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان على ثبير مكة هو وأبو بكر وعمر وأنا، فتحرك الجبل حتى تساقطت حجارته بالحضيض قال: فركضه برجله قال: اسكن ثبير، فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان؟ قالوا: اللهم نعم. فقال: الله أكبر شهدوا لي ورب الكعبة أني شهيد، والله أكبر شهدوا لي ورب الكعبة أني شهيد. قالها ثلاثاً.
زاد في حديث آخر بمعناه ولكن طال عليكم عمري فاستعجلتم وأردتم خلع سربال سربلنيه الله، وإنه لا أخلعه حتى أموت أو أقتل.
وعن الهزيل قال: إني بالمدينة جالس في حلقة من أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ جاء أعرابي فقال: يا صاحب محمد، ما تقول في قتل هذا الرجل يعني عثمان؟ فقام من مجلسه ذلك حتى فعل ذلك ثلاثاً، إذ مر طلحة بن عبيد الله، فقلنا له: هذا من أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسله، فقام الأعرابي فقال: يا صاحب محمد ما تقول في قتل هذا الرجل؟ قال طلحة: ها أنذا داخل عليه. فقال له الأعرابي: فأدخلني معك. قال: نعم. فدخل على عثمان ومعه الأعرابي فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين، فقال له عثمان: وعليك. ثم قال: أنشدك الله يا طلحة هل تعلم أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان على حراء فقال: اقرر حراء، فإن عليك نبياً أو صديقاً أو شهيداً. فكان عليه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبو بكر وعمر وأنا وعلي وأنت والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن مالك وسعيد بن زيد، ثم قال: أنشدك بالله يا طلحة أتعلم أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ":النبي في الجنة، وأبو بكر في الجنة وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وعبد الرحمن في الجنة، وسعد بن مالك في الجنة، وسعيد بن زيد في الجنة؟ " قال: اللهم نعم. قال: أنشدك بالله أتعلم أن سائلاً سأل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأعطاه أربعين درهماً، ثم سأل أبا بكر فأعطاه أربعين درهماً، ثم سأل عمر فأعطاه أربعين درهماً، ثم سأل علياً فلم يكن عنده شيء فأعطيته أربعين عن علي وأربعين عني، فجاء بها إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله، ادع الله لي بالبركة. فقال: وكيف لا يبارك لك، وإنما أعطاك نبي أو صديق أو شهيد؟ قال: اللهم نعم.
وعن زيد بن أسلم عن أبيه قال: شهدت عثمان حين حوصر والناس عنده موضع الجنائز، فلو أن حصاة ألقيت ما سقطت إلا على رأس رجل، فنظرت إلى عثمان حين أشرف من الخوخة التي تلي مقام جبريل، فقال للناس: أفيكم طلحة؟ قال: فسكتوا، قال: أفيكم طلحة؟ فسكتوا، ثم قال: أفيكم طلحة؟ فسكتوا، قال: أفيكم طلحة؟ فقام طلحة بن عبيد الله فقال له عثمان: ألا أراك ها هنا! ما كنت أراك تكون في جماعة قوم تسمع ندائي آخر ثلاث مرات ثم لا تجيبني! أنشدك يا طلحة، أما تعلم أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان بمكان كذا وكذا سمى
الموضع وأنا وأنت معه ليس معه من أصحابه غيري وغيرك فقال لك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن لكل نبي رفيقاً من أمته معه في الجنة، وإن عثمان هذا رفيقي معي في الجنة. يعنيني؟ فقال طلحة: اللهم نعم. قال: فانصرف طلحة.
وحدث عبيد الله بن عبيد الحميري عن أبيه قال: كنت فيمن حصر عثمان، فأشرف ذات يوم فقال: ها هنا طلحة؟ فقال: طلحة نعم. فقال: نشدتك بالله أما علمت أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لنا ذات يوم ونحن عنده: " ليأخذ كل رجل منكم بيد جليسه، فإنه جليسه ووليه في الدنيا والآخرة ". فأخذت أنت بيد فلان بيد فلان، وفلان بيد فلان، حتى أخذ كل رجل بيد جليسه، وأخذ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيدي فقال: هذا جليسي ووليي في الدنيا والآخرة؟ قال طلحة: اللهم نعم. فقال الحميري: كيف نقاتل رجلاً قد قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا فيه؟ قال: فرجع في سبع مئة من قومه.
وعن ابن لبيبة: أن عثمان بن عفان لما حصر أشرف عليهم من كوة في الطمار، فقال: أفيكم طلحة؟ قالوا: نعم. قال: أنشدك الله هل تعلم أنه لما آخى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين المهاجرين والأنصار آخى بيني وبين نفسه؟ فقال طلحة: اللهم نعم. فقيل لطلحة في ذلك، فقال: نشدني وأمر رأيته ألا أشهد به؟! وحدث محمد بن عبد الرحمن بن محيريز عن أبيه عن جده: أن عثمان لما أشرف على الذين حصروه فسلم عليهم فلم يردوا عليه، فقال عثمان: أفي القوم طلحة؟ قال طلحة: نعم. قال: فإنا لله وإنا إليه راجعون، أسلم على قوم وأنت فيهم فلا يردون! قال: قد رددت. قال: ما هكذا الرد، أسمعك ولا تسمعني؟ يا طلحة، نشدتك الله أسمعت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " لا يحل دم المسلم إلا واحد من ثلاث: أن يكفر بعد إيمانه، أو يزني بعد إحصانه، أو يقتل نفساً فيقتل بها؟ " قال اللهم نعم. قال: فكبر عثمان
فقال: والله ما أنكرت الله منذ عرفته، ولا زنيت في جاهلية ولا إسلام، وقد تركته في الجاهلية تكرماً وفي الإسلام تعففاً، وما قتلت نفساً يحل بها قتلي.
وعن قتادة قال: فأشرف عليهم عثمان حين حصر فقال أخرجوا رجلاً أكلمه، فأخرجوا صعصعة بن صوحان، قال عثمان: ما نقمتم؟ قال: أخرجنا من ديارنا بغير حق إلا أن قلنا: ربنا الله. قال عثمان: كذبت، لستم أولئك، نحن أولئك، أخرجنا أهل مكة، وقال الله: " الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر " فكان ثناء قبل بلاء. وعن حنظلة بن قنان من بني عامر ذهل قال: أشرف علينا عثمان فقال: أفيكم ابنا مخدوج؟ فقال: أنشدكما الله، ألستما تعلمان أن عمر قال: إن ربيعة فاجر وغادر، وإني والله لا أجعل فرائضهم وفرائض قوم جاؤوا من مسيرة شهر، وإنما مهاجر أحدكم عند طنبه، وإني زدتهم في غداة واحدة خمس مئة حتى ألحقتهم بهم؟ قالوا: بلى. قال: أذكركما الله ألستما تعلمان أنكما أتيتماني فقلتما: إن كندة أكلة رأس، وإن ربيعة هم الرأس، وإن الأشعث بن قيس قد أكلهم فنزعته واستعملتكما؟ قالا: بلى. قال: اللهم إن كانوا كفروا معروفي وبدلوا نعمتي فلا ترضهم عن إمام ولا ترض إماماً عنهم.
قالوا: وقال عثمان: إن وجدتم في الحق أن تضعوا رجلي في القيود فضعوهما.
وعن مجاهد قال: أشرف عثمان علة الذين حاصروه فقال: يا قوم! لا تقتلونني فإني وال وأخ مسلم
فوالله إن أردت إلا الإصلاح ما استطعت، أصبت أو أخطأت، وإنكم إن تقتلوني لا تصلون جميعاً أبداً، ولا تغزون جميعاً أبداً، ولا يقسم فيئكم بينكم، قال: فلما أبو قال: أنشدكم الله هل دعوتم عند وفاة أمير المؤمنين بما دعوتم به وأمركم جميعاً لم يتفرق، وأنتم أهل دينه وحقه، فتقولون: إن الله لم يجب دعوتكم، أم تقولون: هان الدين على الله، أم تقولون: إني أخذت هذا الأمر بالسيف والغلبة ولم آخذه عن مشورة من المسلمين، أم تقولون: إن الله لم يعلم من أول أمري شيئاً لم يعلمه من آخره، فلما أبو قال: اللهم أحصهم عدداً واقتلهم بدداً ولا تبق منهم أحداً.
قال مجاهد: فقتل الله منهم من قتل في الفتنة، وبعث يزيد إلى أهل المدينة عشرين ألفاً فأباحوا المدينة ثلاثاً يصنعون ما شاؤوا لمداهنتهم.
وعن أبي ليلى الكندي قال: رأيت عثمان أشرف على الناس وهو محصور في الدار فقال: يا أيها الناس، لا تقتلوني واستعتبوني، فو الله لئن قتلتموني لا تصلون جميعاً أبداً، ولا تجاهدون عدواً جميعاً أبداً، ولتختلفن حتى تصيروا هكذا، وشبك بين أصابعه " يا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح، وما قوم لوط منكم ببعيد ". قال: وأرسل إلى عبد الله بن سلام فسأله، فقال: الكف الكف، فإنه أبلغ لك في الحجة، فدخلوا عليه فقتلوه وهو صائم.
حدث قيس بن رمانة عن يوسف بن عبد الله بن سلام: وكان قيس يكرم ولد يوسف إذا نزلوا، فقال له يوسف: إني لا أدري ما أكرمك به إذا نزلت بي لما كنتم تصنعون إلى من نزل بكم. ألا حديث أحدثكموه، فاحفظه مني: إن عبد الله بن سلام كان مع عثمان في الدار فقال لعثمان: لو شئت خرجت ففثأت الناس
عنك، فإني خارج، أغنى عنك مني عندك. قال: فقال عثمان: فافعل، فخرج عبد الله بن سلام، فلما رآه الناس صاحوا في وجهه، فقالوا: الناموس، الناموس ثلاث مرات عبد الله بن سلام. فقال علي بن أبي طالب: أيها الناس، دعوا عبد الله بن سلام فليتكلم، فخذوا من حديثه ما شئتم، ودعوا ما شئتم، فتركوه فتكلم فقال: أيها الناس، دعوا عثمان لا تقتلوه خمس عشرة ليلة، فإن لم يمت أو يقتل إلى خمس عشرة ليلة من ذي الحجة فقدموني فاضربوا عنقي. فقال الناس: الناموس، الناموس، الناموس عبد الله بن سلام. فأخذ بيدي أبي فقال: يا بني، رفع سلطان الدرة ووقع سلطان السيف، لا يرفع عنهم إلى يوم القيامة. ثم قال: إن لهؤلاء القوم سلطاناً لن يزول حتى تزول الجبال، حتى يتفرقوا فيما بينهم، فإذا فعلوا ذلك خرجوا عصبة بسواد العراق، يخرج فيهم أمير العصب، لا يوجهون لشيء إلا فتح لهم، لا والذي لا إله إلا هو ما أنزل الله في توراة ولا إنجيل ولا قرآن أفضل مما جعل لأولئك القوم، فإن وجدت من العدة والنشاط فلا تقاتل أحداً أبداً حتى ترى ذلك، قال: قلت: ألا إن ذلك بعيد. قال: فوالله ما أراه إلا قد كان، ألا ترى ما كان من سليمان والوليد؟! فإن أدركته فسوف ترى، وإلا فاحفظ عني ما قلت لك.
وعن عبد الله بن مغفل قال: كان عبد الله بن سلام يجيء من أرض له على أتان أو حمار يوم الجمعة يذكر، فإذا قضيت الصلاة أتى أرضه، فلما هاج الناس بعثمان قال: أيها الناس، لا تقتلوا عثمان واستعتبوه، فوالله الذي نفسي بيده ما قتلت أمة نبيها فأصلح ذات بينهم حتى يهريقوا دم سبعين ألفاً، وما قتلت أمة خليفتها فيصلح الله بينهم حتى يهريقوا دم أربعين ألفاً، وما هلكت أمة حتى يرفعوا القرآن على السلطان. ثم قال: لا تقتلوه واستعتبوه. فلم ينظروا فيما قال وقتلوه، فجلس على طريق علي بن أبي طالب، حتى أتى عليه فقال: أين تريد؟ قال: العراق. قال: لا تأت العراق، وعليك بمنبر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فالزمه، فوالذي نفسي بيده
لئن تركته لا تراه أبداً. قال: فقال من حوله: دعنا فلنقتله. فقال علي: دعوا عبد الله بن سلام فإنه رجل صالح.
فقال ابن مغفل: وكنت استأمرت عبد الله بن سلام في أرض إلى جنب أرضه أشتريها، فقال بعد ذلك: هذه رأس أربعين سنة، وسيكون بعدها صلح فاشترها.
فقال سليمان: قلت لحميد: كيف يرفعون القرآن على السلطان؟ قال: ألم تر إلى الخوارج كيف يتأولون القرآن على السلطان؟! وعن عبد الله بن سلام: أنه قال للمصريين: لا تقتلوه فإن الله قد رفع عنكم سيف الفتنة منذ بعث نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلا يزال مرفوعاً عنكم حتى تقتلوا إمامكم، فإن قتلتموه سل عليكم سيف الفتنة، ثم لم يرفعه عنكم حتى يخرج عيسى بن مريم، والثانية أن مدينتكم لم تزل محفوظة بملائكة منذ نزلها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولئن قتلتموه ليرتفعن عنها، ثم لا يحفونها حتى تلتقوا عند الله تعالى، والثالثة: تا الله لقد حق له عليكم ما يحق للوالد على ولده، إن رآه نائماً لا يوقظه، والرابعة: أنه لا يستكمل ذا الحجة حتى يأتي على أجله، ولولا ما على العلماء لعلمت أن ما هو كائن سيكون. فشتموه وهموا به، فانصرف عنهم.
وعن أبي سلمة قال: قال عبد الله بن سلام للناس وناشدهم في قتل عثمان: لا تقتلوه فإنكم إن قتلتموه فإنما مثلكم في كتاب الله كمثل قرقور في البحر، مرة يستقيم ومرة لا يستقيم.
وعن مسلم أبي سعيد قال: ما سمعت عبد الله بن مسعود قائلاً في عثمان سبة قط، ولقد سمعته يقول: لئن قتلوه
لا يستخلفوا بعده مثله.
وعن عمرو بن العاص قال لعثمان وهو على المنبر: يا عثمان، إنك قد ركبت بهذه الأمة نهابير من الأمر، فتب وليتوبوا معك. قال: فحول وجهه إلى القبلة فرفع يديه فقال: اللهم إني أستغفرك وأتوب إليك، ورفع الناس أيديهم.
دخل ابن عمر على عثمان وعنده المغيرة بن الأخنس فقال: انظر ما يقول هؤلاء. قال: يقولون اخلعها ولا تقتل نفسك. فقال ابن عمر: إذا خلعتها أمخلد أنت في الدنيا؟ قال: لا، قال: فإن لم تخلعها هل يزدون على أن يقتلوك؟ قال: لا، قال: فهل يملكون لك جنة وناراً؟ قال: لا. قال: فلا أرى لك أن تخلعها، ولا أرى لك أن تخلع قميصاً قمصكه الله، فيكون سنة، كلما كره قوم إمامهم أو خليفتهم خلعوه.
دخل عبد الله بن سلام على عثمان في آخر ما دخل عليه الناس فقال: ما ترى في القتال والكف؟ قال: الكف أبلغ للحجة، وإنا لنجد في كتاب يوم القيامة أمير على القاتل والآمر.
قال طاوس: سئل عبد الله بن سلام حين قتل عثمان: كيف تجدون صفة عثمان في كتبكم؟ قال: نجده يوم القيامة أميراً على القاتل والخاذل.
وكان وفد أهل مصر لما قدموا المدينة أتو علياً فقالوا: قم معنا، قال: والله لا أقوم معكم، قالوا: فلم كتبت إلينا؟ قال: والله ما كتبت إليكم كتاباً قط. فنظر بعضهم إلى بعض ثم قالوا: ألهذا تغضبون! أم لهذا تقاتلون!؟ قال: وخرج علي فنزل خارجاً من المدينة.
قال أبو جعفر القارئ مولى ابن عياش المخزومي: كان المصريون الذين حصروا عثمان ست مئة، والذين قدموا من الكوفة والذين قدموا من البصرة مئة رجل، وكانوا يداً واحدة في الشر، وكان حثالة من الناس ضووا إليهم، قد مرجت عهودهم وأماناتهم، مفتونون، وكان أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذين خذلوه كرهوا الفتنة، وظنوا أن الأمر لا يبلغ قتله، فندموا على ما صنعوا في أمره، ولعمري لو قاموا أو قام بعضهم فحثا في وجوههم التراب لا نصرفوا خاسئين.
قال محمد بن الحسن: لما كثر الطعن على عثمان تنحى علي إلى ماله بينبع، فكتب إليه عثمان: أما بعد، فقد بلغ الحزام الطبيين، وخلف السيل الزبى، وبلغ الأمر فوق قدره، وطمع الأمر من لا يدفع عن نفسه: من الطويل
فإن كنت مأكولاً فكن خير آكل ... وإلا فأدركني ولما أمزق.
قوله: بلغ السيل الزبى، زبى الأسد التي تحفر لها، وجعلت مثلاً في بلوغ السيل إليها، لأنها تجعل في الروابي ولا تكون في المنحدر، ولا يبلغها إلا سيل عظيم. وقوله: جاوز الحزام الطبيين: يعني أنه قد اضطرب من شدة السير حتى خلف الطبيين من اضطرابه، مثلاً للأمر الفظيع الفادح. والبيت لشاعر من عبد القيس جاهلي يقال له: الممزق، وإنما سمي ممزقاً لهذا البيت.
وعن قنبر مولى علي عليه السلام قال: دخلت مع علي على عثمان، فأحبا الخلوة، فأومى علي إلي بالتنحي، فتنحيت غير بعيد، فجعل عثمان يعاتب علياً، وعلي مطرق، فأقبل عليه عثمان فقال: مالك لا تقول؟ قال: إن قلت لم أقل إلا ما تكره، وليس لك عندي إلا ما تحب. قال أبو العباس: تأويل ذلك أني إن تكلمت اعتددت عليك بمثل ما اعتددت به علي. فلدغك عتابي، وعقدي ألا أفعل وإن كنت عاتباً إلا ما تحب.
قال القاضي أبو الفرج: وفيه تأويل آخر: وهو أن يكون أراد أنه إن شرع في مخاطبته بما استدعى أن يخاطبه فيه ذكر له أنه أتى بخلاف الأصوب عنده، وترك ما كان الأولى به أن يفعله، إلا أنه لإشفاقه عليه مع إيثاره النصيحة له، آثر محبته، وكره إظهار ما فيه تثريب عليه، أو لائمة له. وهذا التأويل أصح من الأول، وقد ورد في هذا المعنى أن عثمان بعث إلى ابن عباس وهو محصور، فأتاه وعنده مروان بن الحكم، فقال عثمان: يابن عباس، أما ترى إلى ابن عمك، كان هذا الأمر في بني تيم وعدي، فرضي وسلم، حتى إذا صار الأمر إلى ابن عمه بغانا الغوائل. قال ابن عباس: فقلت له: إن ابن عمك والله ما زال عن الحق ولا يزول، ولو أن حسناً وحسيناً بغيا في دين الله الغوائل لجاهدهما في الله حق جهاده، ولو كنت كأبي بكر وعمر لكان ذلك كما كان لهما، بل كان لك أفضل لقرابتك ورحمك وسنك، ولكنك ركبت الأمر وهاباه. قال ابن عباس: فاعترضني مروان فقال: دعنا من تخطئتك يابن عباس، فأنت كما قال الشاعر: من الوافر
دعوتك للغياث ولست أدري ... أمن خلفي المنية أم أمامي.
فشققت الكلام رخي بال ... وقد جل الفعال عن الكلام.
إن يكن عندك غياث لهذا الرجل فأغثه، وإلا فما أشغله عن التفهم لكلامك والفكر في جوابك. قال ابن عباس: فقلت له: هو والله كان عنك وعن أهل بيتك أشغل إذ أوردتموه
ولم تصدروه. قم أقبلت على عثمان فقلت له: من الوافر
جعلت شعار جلدك قوم سوء ... وقد يجزى المقارن بالقرين.
فما نظروا لدنيا أنت فيها ... بإصلاح ولا نظروا لدين.
ثم قلت له: إن القوم غير قابلين إلا قتلك أو خلعك، فإن قتلت قتلت على ما قد عملت وعلمت، وإن تركت فإن باب التوبة مفتوح.
فهذا الخبر يؤيد التأويل الثاني.
وعن محمد بن جبير بن مطعم قال: أرسل عثمان إلى علي: أن ابن عمك مقتول وإنك مسلوب.
حدث عبد الله بن رافع عن أمه قال: خرجت الصعبة بنت الحضرمي فسمعاها تقول لابنها طلحة بن عبيد الله: إن عثمان قد اشتد حصره فلو كلمت فيه حتى يرفه عنه وطلحة يغسل أحد شقي رأسه فلم يجبها، فأدخلت يديها في كم درعها فأخرجت ثدييها وقالت: أسألك بما حملتك وأرضعتك إلا فعلت. فقام ولوى شعر شق رأسه حتى عقده وهومغسول، ثم خرج حتى أتى علياً وهو جالس في جنب داره، فقال طلحة ومعه أمه وأم عبد الله بن رافع: لو رفهت عن هذا فقد اشتد حصره، قال: فنقر بقدح في يده ثلاث مرار ثم رفع رأسه فقال: والله ما أحب من هذا شيئاً تكرهه.
قال جبير بن مطعم: لما حصر عثمان بن عفان حتى والله ما يشرب إلا من الفقير، فقير الدار، قال جبير: فدخلت على علي بن أبي طالب فقلت: يابن أبي طالب، أقد رضيت بهذا أن يحصر ابن عمك حتى والله ما يشرب إلا من فقير الدار؟ فقال: سبحان الله! وقد بلغوا هذا منه؟ قال: نعم وأشد من هذا. قال: فحمل الروايا حتى أدخلها عليه وسقاه.
ذكر عدي بن حاتم الطائي قريشاً وما رزقوا من الفصاحة والبيان فقال: أما
الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهو ينطق بالوحي، ولا ينطق عن الهوى، وأما سائر قريش في الجاهلية والإسلام فإنهم فاقوا الناس، ولقد كنت عند أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إذ وردت عليه رقعة من عثمان بخطه من الطويل:
تجنى علي كي يقارضني ذنبا ... وأبدى عتاباً فامتلأت له عتبي.
فلو لي قلوب العالمين بأسرها ... لما تركت لي من معاتبة قلبا.
معاتبة السلفين تحسن مرة ... فإن أكثرا إدمانها أفسدا الحبا
وقد قال في بعض الأقاويل قائل ... أراد به العتبى ولم يرد العتبا.
إذ شئت أن تقلى فزر متتابعاً ... وإن شئت أن تزداد حبا فزر غبا
وقال هشام بن عروة: كان عثمان أروى الناس للبيت والبيتين والثلاثة إلى الخمسة.
وعن أبان لن عثمان: أنه أتى علياً فقال: يا عم أهلكتنا الحجارة، فجاء علي حتى دخل، فلم يزل يرميهم بيمينه حتى وهنت، ثم لم يزل يرميهم بشماله حتى وهنت، فقال: يابن أخي اجمع حشمك وافعل كما تراني أفعل.
قال محمد بن علي: لما كان يوم الدار أرسل عثمان إلى علي أن يأتيه فتعلقوا به ومنعوه، فألقى عمامة له سوداء على رأسه وجعل يقول: اللهم إني لا أرضى قتله ولا آمر به.
وفي حديث آخر: والله ما قتلت عثمان ولا مالأت في قتله.
وعن أبي إدريس الخولاني قال: لما كان اليوم الذي قتل فيه عثمان أرسل عثمان إلى سعد ابن أبي وقاص، فأتاه فكلمه فقل له سعد: أرسل إلى علي فإنه إن أتاك ورضي صلح هذا الأمر، قال: فأنت رسولي إليه، فأتاه فقام معه علي يريد أن يأتي عثمان، فمر بمالك الأشتر في أهل الكوفة، فقال مالك: أين يريد هذا؟ قالوا: يريد عثمان. فقال لأصحابه: والله لئن دخل عليه لتقتلن
عن آخركم، فقام إليه في أصحابه حتى اختلجه عن سعد، وأجلسه في أصحابه، وأرسل إلى أهل مصر: إن كنتم تريدون قتله فافرغوا، فدخلوا فقتلوه.
وروي أن علياً عليه السلام جاء عثمان فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين. فأعرض عنه، ثم قال: السلام عليك يا أمير المؤمنين فأعرض عنه، ثم قال: السلام عليك يا أمير المؤمنين. فرد عليه ضعيفاً، فقال: أما تعلم أنا كنا مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على حرى فتحرك، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اسكن حراء فإنه ليس عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد؟ فقال: بلى، فقال علي: فوالله لتقتلن ولا قتلن معك. قال ذلك ثلاث مرات.
حدث أبو عمرو عن الحسن قال: قلت: تعقل مقتل عثمان رضي الله عنه؟ قال: نعم، قلت: فهل تعرف أحداً أقام بذلك؟ قال: نعم، قهر الرجل فلم يجد ناصراً، فجاء أبو هريرة وسعد بن مالك فجثيا بحيالهم وناديا: أبد لنا صفحتك، فأشرف عليهما وقال: والله لا تقتلان أنفسكما إن رأيتما الطاعة فانصرفا، فو الله ليضربنهم الله بذل، ولا ينال إبليس مني أمراً يدخل به على سلطان الله عز وجل دخلاً.
وعن ابن عباس، وابن الزبير، والمسور بن مخرمة قالوا: بعث عثمان بن عفان المسور بن مخرمة إلى معاوية، يعلمه أنه محصور، ويأمره أن يبعث إليه جيشاً سريعاً يمنعونه، فلما قدم على معاوية وأبلغه ذلك، ركب معاوية نجائبه ومعه معاوية بن حديج ومسلم بن عقبة، فسار من دمشق إلى عثمان عشراً فدخل المدينة نصف الليل، فدق باب عثمان، فدخل، فأكب عليه فقبل رأسه، فقال عثمان: فأين الجيش؟ فقال معاوية: لا والله ما جئتك إلا في ثلاثة رهط. فقال عثمان: لا وصل الله رحمك ولا أعز نصرك ولا جزاك عني خيراً: فو الله ما أقتل إلا فيك، ولا ينقم علي إلا من
أجلك. فقال معاوية: بأبي أنت وأمي، إني لو بعثت إليك جيشاً فسمعوا به عاجلوك فقتلوك قبل أن يبلغ الجيش إليك، ولكن معي نجائب لا تساير، ولم يشعر بي أحد، فاخرج معي فوالله ما هي إلا ثلاث حتى نرى معالم الشام، فإنها أكثر الإسلام رجالاً وأحسنه فيك رأياً. فقال عثمان: بئس ما أشرت به. وأبى أن يجيبه إلى ذلك، فخرج معاوية إلى الشام راجعاً، وقدم المسور يريد المدينة فلقي معاوية بذي المروة راجعاً إلى الشام، فقدم المسور على عثمان وهو ذام لمعاوية غير عاذر له، فلما كان في حصره الآخر بعث المسور أيضاً إلى معاوية، فأغذ السير حتى قدم عليه، فقال: إن عثمان بعثني إليك لتبعث إليه بالرجال والخيول وتنصره بالحق وتمنعه من الظلم. فقال: إن عثمان أحسن فأحسن الله به، ثم غير فغير الله به. فشددت عليه فقال: يا مسور، تركتم عثمان حتى إذا كانت نفسه في حنجرته قلتم اذهب فادفع عنه الموت، وليس ذلك بيدي، ثم أنزلني في مشربة على رأسه، فما دخل علي داخل حتى قتل عثمان رحمة الله ورضوانه عليه.
وعن المسور: قال: قال لي معاوية: يا مسور، أنت ممن قتل عثمان. فقال المسور: أنا والله يا معاوية نصحته واعتزلته، وأنت والله غششته وخذلته، فإن شئت أخبرت القوم خبرك بأمر عثمان وخبري حين قدمت عليك الشام، فقال معاوية: لا يا أبا عبد الرحمن.
ولما أتى الخبر معاوية بحصر عثمان أرسل إلى حبيب بن مسلمة الفهري فقال: إن عثمان قد حصر فأشر علي برجل ينفذ لأمري ولا يقصر، فقال: ما أعرف ذلك غيري، فقال: أنت لها، فأشر علي برجل أبعثه على مقدمتك، لا يتهم رأيه ولا نصيحته، وعجله في سرعان الناس، فقال: أمن جندي أم من غيرهم؟ فقال: من الشام. فقال: إن أرته من جندي أشرت به عليك، وإن كان من غيرهم فإني أكره أن أغرك بمن لا علم لي به، فقال:
فهاته من جندك، فال: يزيد بن شجعة الحميري، فإنه كما تحب. فإنهم لفي ذلك إذ قدم الكتاب بالحصر، فدعاهما فقال لهما: النجاء، سيرا فأغيثا أمير المؤمنين، وتعجل أنت يا يزيد، فإن قدمت يا حبيب وعثمان حي فهو الخليفة والأمر أمره، فانفذ لما يأمرك به، وإن وجدته قد قتل فلا تدعن أحداً أشار إليه ولا أعان عليه إلا قتلته، وإن أتاك شيء قبل أن تصل إليه حتى أرى من رأيي.
وبعث يزيد بن شجعة فأمضاه على المقدمة في ألف فارس على البغال يقودون الخيل، معهم الإبل عليها الروايا، وأتبعهم حبيب بن مسلمة وهو على الناس، وخرجوا جميعاً، وأغذ يزيد السير، فانتهى إلى ماء بين خيبر والسقيا فلقيه الخبر، ثم لقيه النعمان بن بشير، معه القميص الذي قتل عثمان مخضب بالماء وأصابع امرأته، وأخبره الخبر. فرجع يزيد إلى حبيب ومعه النعمان، فأمضى حبيب النعمان إلى معاوية، وأقام، فأتاه رأيه فرجع حتى قدم دمشق، ولما قدم النعمان على معاوية فأخرج القميص وأصابع نائلة بنت الفرافصة، إصبعان قد قطعتا ببراجمها وشيء من الكف، وإصبعان مقطوعتان من أصلهما مفترقتان ونصف الإبهام، وأخبره الخبر. فوضع معاوية القميص على المنبر وكتب بالخبر إلى الأجناد، وثاب إليه الناس، وبكوا سنة وهو على المنبر والأصابع معلقة فيه، والرجال من أهل الشام لا يأتون النساء ولا يمسون الغسل إلا من الاحتلام، ولا ينامون على الفرش حتى يقتلوا قتلة عثمان، ومن عرض دونهم أو تفنى أرواحهم، فمكثوا يبكون حول القميص سنة، والقميص يوضع كل يوم على المنبر، ويجلل أحياناً فيلبسه، وعلق في أردانه أصابع نائلة رحمها الله.
وعن المغيرة بن شعبة: أنه دخل على عثمان وهو محصور فقال: إنك إمام العامة، وقد نزل بك ما ترى، وإني
أعرض عليك خصالاً ثلاثة اختر إحداهن: إما أن تخرج فتقاتلهم، فإن معك عدداً وقوة وأنت على الحق وهم على الباطل، وإما أن تخرق لك باباً سوى الباب الذي هم عليه، فتقعد على رواحلك فتلحق بمكة، فإنهم لن يستحلوك وأنت بها، وإما تلحق بالشام، فإنهم أهل الشام وفيهم معاوية. فقال عثمان: أما أن أخرج فأقاتل، فلن أكون أول من خلف رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أمته بسفك الدماء، وأما أن أخرج إلى مكة فإنهم لن يستحلوني بها، فإني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " يلحد رجل من قريش بمكة يكون عليه نصف عذاب العالم ". فلن أكون أنا، وأما أن ألحق بالشام فإنهم أهل الشام وفيهم معاوية، فلن أفارق دار هجرتي ومجاورة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وعن جندب بن عبد الله البجلي قال: بلغني عن حذيفة بعض الشيء ذكره في عثمان، فغدوت عليه فاستأذنت ثلاثاً فلم يؤذن لي، فرجعت، فأدركني الرسول فردني، فأذن لي فدخلت، فقال: ما رجعك؟ قلت: استأذنت ثلاثاً فلم يؤذن لي فظننتك نائماً. قال: ما كنت لأنام حتى أعلم من أين تطلع الشمس. ثم قال: ما غدا بك؟ قلت: بعض الشيء بلغني أنك ذكرت به أمير المؤمنين عثمان. فقال: وما أنكرت من ذاك؟ فقلت: أنكرت ذاك من مثلك لمثله. فقال: أما إنهم قد ساروا إليه وهم قاتلوه. قلت: أين هو إن قتلوه؟ قال: في الجنة، قلت: في الجنة؟ قال: إي والله. قلت فأين قتلته؟ قال: في النار. قلت: في النار؟ قال: إي والله. قال: ثم تكون فتنة لأنا أعلم بها مني بطريق قرية كذا وكذا وطريق قرية كذا لقريتين من قرى المدائن، وكان عاملاً قلت: فما تأمرني؟ قال: انظر الذي أنت عليه اليوم فالزمه ولا تفارقه فتضل. " وعن ابن عمر: أن عثمان أصبح يحدث الناس قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الليلة في المنام فقال: يا عثمان، أفطر عندنا غداً. فأصبح صائماً وقتل من يومه.
وعن كثير بن الصلت قال: أغفى عثمان بن عفان في اليوم الذي قتل فيه، فاستيقظ فقال: لولا أن يقول الناس تمنى عثمان أمنية لحدثتكم. قال: قلنا: أصلحك الله حدثنا، فلسنا نقول ما يقول الناس. فقال: إني رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في منامي هذا فقال: إنك شاهد معنا الجمعة.
وعن مسلم أبي سعيد مولى عثمان بن عفان: أن عثمان أعتق عشرين مملوكاً ودعا بسراويل فشدها عليه، ولم يلبسها في جاهلية ولا إسلام وقال: إني رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ البارحة في المنام، ورأيت أبا بكر وعمر، وإنهم قالوا لي: اصبر فإنك تفطر عندنا القابلة، ثم دعا بمصحف فنشره بين يديه، فقتل وهو بين يديه.
وعن عبد الله بن سلام قال: أتيت عثمان لأسلم عليه وهو محصور، فدخلت عليه فقال: مرحباً بأخي، ما يسرني أني كنت وراءك، رأيت في هذه الليلة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذه الخوخة، في خوخة من البيت، فقال لي: يا عثمان حصروك؟ قلت: نعم. قال: أعطشوك؟ قلت نعم. قال: فدلى لي دلواً، فشريت منه حتى رويت، وإني لأجد برد ذلك الماء بين ثديي وبين كتفي، فقال لي: إن شئت أفطرت عندنا وإن شئت نصرت عليهم. فاخترت أن أفطر عنده. فقتل في ذلك اليوم.
وفي حديث عن نائلة بنت الفرافصة الكلبية امرأة عثمان: أنه كان صائماً لما حصر، فلما كان عند إفطاره سألهم الماء العذب، فأبو عليه وقالوا: دونك ذاك الركي، قال: وركي في الدار يلقى فيه التبن، قالت: فبات من غير أن يفطر، فلما كان عند السحر أتيت جارات لي على أجاجير متواصلة، فسألتهم الماء
العذب، فأعطوني كوزاً من ماء، فجئت به فنزلت فإذا عثمان قد وضع رأسه أسفل الدرجة وهو نائم يغط، فحركته فانتبه فقلت: هذا ماء عذب، أتيتك به، فرفع رأسه إلى السماء، فنظر إلى الفجر فقال: إني أصبحت صائماً. قلت: ومن أين ولم أر أحداً بطعام ولا شراب؟! فقال: إني رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اطلع علي من هذا السقف ومعه دلو من ماء فقال: اشرب يا عثمان. فشربت حتى رويت. ثم قال: ازدد. فشربت حتى نهلت. ثم قال: أما إن القوم سيكثرون عليك، فإن قاتلتهم ظفرت، وإن تركتهم أفطرت عندنا. قالت: فدخلوا عليه من يومه فقتلوه.
قال ابن سيرين: لقد قتل عثمان وما أعلم أحداً يتهم علياً في قتله. وقال: لقد قتل عثمان يوم قتل وإن الدار يومئذ لغاصة، فيهم عبد الله بن عمر، وفيهم الحسن بن علي في عنقه السيف، ولكن عثمان عزم عليهم ألا يقاتلوا.
وحدث زهير عن كنانة قال: كنت فيمن حمل الحسن بن علي بن أبي طالب جريحاً من دار عثمان. وكان الحسن بن علي آخر من خرج من عند عثمان.
وعن ابن عمر: أنه لبس الدرع مرتين، فأتى عثمان فقال: صحبت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعرفت له حق الرسالة وحق النبوة، وصحبت أبا بكر فعرفت له حق الولاية، وصحبت عمر فكنت أعرف له حق الوالد وحق الولاية، وأنا أعرف لك مثل ذلك، فقال له عثمان: جزاكم الله خيراً من أهل بيت، اقعد في بيتك حتى يأتيك أمري.
ودخل ابن عمر على عثمان يعرض نصرته ويذكر بيعته فقال: أنتم في حل من بيعتي وفي حرج من نصرتي، وإني لأرجو أن ألقى الله سالماً مظلوماً.
قال أبو هريرة: أتيت عثمان يوم الدار فقلت: جئت أقاتل معك، قال: أيسرك أن يقتل الناس كلهم.
وفي حديث آخر: وإياي معهم؟ قلت: لا. قال: فإنك إن قتلت نفساً واحدة كأنك قتلت الناس كلهم. فقال: انصرف مأذوناً غير مأزور. ثم جاء الحسن بن علي بن أبي طالب فقال: جئت يا أمير المؤمنين أقاتل معك، فأمرني بأمرك. فالتفت إليه عثمان فقال: انصرف مأذوناً لك، مأجوراً غير مأزور، جزاكم الله من أهل بيت خيراً.
قال عبد الله بن عامر بن ربيعة: كنت مع عثمان في الدار فقال: أعزم على كل من رأى لنا عليه طاعة إلا كف يده وسلاحه، فإن أفضلكم عندي غناء من كف يده وسلاحه، ثم قال: قم يا ابن عمر فاحرس الناس، فقام ابن عمر وقام معه رجاله من بني عدي وابن سراقة وابن مطيع ففتحوا الباب وخرج، ودخل الناس فقتلوا عثمان.
وعن جابر بن عبد الله: أن علياً أرسل عثمان أن معي خمس مئة دارع فأذن لي فأمنعك من القوم، فإنك لم تحدث شيئاً يستحل به دمك، قال: جزيت خيراً، ما أحب أن يهراق دم في سببي.
خرج سعد بن أبي وقاص حتى دخل عثمان وهو محصور، ثم خرج من عنده فرأى عبد الرحمن بن عديس، ومالك بن الأشتر، وحكيم بن جبلة، فصفق بيديه إحداهما على الأخرى، ثم استرجع ثمأظهر الكلام فقال: والله إن أمراً هؤلاء رؤساؤه لأمر سوء.
قال أبو قتادة: دخلت على عثمان وهو محصور أنا ورجل من قومي نستأذنه في الحج، فأذن لنا، فلما خرجت استقبلني الحسن بن علي بالباب، فدخل وعليه سلاحه، فرجعت معه، فدخل فوقف بين يدي عثمان، قال: يا أمير المؤمنين، ها أنذا بين يديك فمرني بأمرك، فقال له
عثمان: يا بن أخي وصلتك رحم، إن القوم ما يريدون غيري، ووالله لا أتوقى بالمؤمنين ولكن أوقي المؤمنين بنفسي. فلما سمعت ذلك منه قلت: يا أمير المؤمنين، إن كان من أمرك كون فما تأمر؟ قال: انظر ما اجتمعت عليه أمة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإن الله لا يجمعهم على ضلالة، كونوا مع الجماعة حيث كانت. قال بشار: فحدثت به حماد بن زيد فرق ودمعت عيناه، وقال: رحم الله أمير المؤمنين حوصر نيفاً وأربعين ليلة لم تبد منه كلمة يكون لمبتدع فيها حجة.
ولما ضرب عثمان والدماء تسيل على لحيته جعل يقول: " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " اللهم إني أستعديك عليهم، وأستعينك على جميع أموري، وأسألك الصبر على ما ابتليتني.
وعن عبد الله بن سلام: انه قال لمن حضر تشحط عثمان في الموت حين ضربه أبو رومان الأصبحي: ماذا كان قول عثمان وهو يتشحط؟ قالوا: سمعنا يقول: اللهم اجمع أمة محمد، ثلاثاً، قال: والذي نفسي بيده لو دعا الله على تلك الحال ألا يجتمعوا أبداً، ما اجتمعوا إلى يوم القيامة.
ومن حديث أن عثمان كتب إلى أهل الشام يستمدهم حين حصر، فضرب معاوية بعثاً على أهل الشام، على أربعة آلاف، وكان قائدهم أسد بن كرز، جد خالد بن عبد الله القسري، فبلغ الذين حصروه أنه قد استغاث بأهل الشام، وقد أقبل إليه أربعة آلاف مدداً، فخافوا أن يكون بينهم وبين أهل الشام قتال، فعجلوا، فأحرقوا باب عثمان، فلما وقع الباب ألقوا عليه التراب والحجارة، وكان في الدار مع عثمان قريب من مئتي رجل، فيهم الحسن بن علي بن أبي طالب وعبد الله بن الزبير، فاستعمل عثمان على أهل الدار
عبد الله بن الزبير، وفلان بن الأخنس الثقفي على أهل الميمنة ومروان على الميسرة، وهم بالقتال، فلما رأى الباب قد أحرق خرج إليهم فقال: جزاكم الله خيراً، قد وفيتم بالبيعة، وقد بدا لي ألا ولا تراق أقاتل في محجمة دم، ففتح لهم سدة في داره فخرجوا منها، وغضب مروان بن الحكم فاختبأ في بعض بيوت الدار، فلما أحرق الباب وألقي عليه التراب والحجارة رجع عثمان ففتح المصحف يقرؤه إذ دخلت عليه جماعة ليس فيهم من أصحاب رسول الله ولا من أبنائهم أحد، فلما وصلوا إليه قاموا خلفه عليهم السلاح فقالوا: بدلت كتاب الله وغيرته، قال عثمان: كتاب الله بيني وبينكم. فضربه رجل منهم على منكبه فندر منه الدم على المصحف، وضربه آخر، فلما كثر الضرب غشي عليه، ونساؤه مختلطون مع الرجال، فضج النساء وغشي عليه، وجيء بماء فمسح على وجهه فأفاق، فدخل محمد بن أبي بكر عند ذلك وهو يرى أنه قتل، فلما رآه قاعداً قال: لا أراكم قياماً حول نعثل، وأخذ بلحيته فجره من البيت إلى باب الدار وهو يقول: بدلت كتاب الله وغيرته يا نعثل. فقال عثمان: لست بنعثل ولكني أمير المؤمنين، وما كان أبوك يأخذ بلحيتي. فقال محمد: لا يقبل منا يوم القيامة أن نقول: " أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيل " ودخل رجل من كندة من أهل مصر مخترط السيف فقال: أفرجوا. فأفرجوا، فطعن في بطنه، وخلفه امرأته بنت الفرافصة الكلبية تمسك السيف، فقطع أصابعها.
وفي حديث آخر: أن محمد بن أبي بكر أخذ بلحية عثمان فقال بها حتى سمعت وقع أضراسه، فقال: ما أغنى عنك معاوية؟ ما أغنى عنك ابن عامر، ما أغنت عنك كتبك؟ فقال: أرسل لي لحيتي الحديث.
وفي حديث آخر: أن محمد بن أبي بكر أخذ بلحيته، وأهوى بمشاقص معه ليلجأ بها في حلقه، فقال: مهلاً يا بن أخي فوالله لقد أخذت مأخذ ما كان أبوك ليأخذ به، فتركه وانصرف مستحيياً نادماً، فاستقبله القوم على باب الصفة فردهم طويلاً حتى غلبوه، فدخلوا، وخرج محمد راجعاً فأتاه رجل بيده جريدة، تقدمهم حتى قام عثمان، فضرب بها رأسه فشجه، فقطر دمه على المصحف حتى لطخه، ثم تغاووا عليه، فأتاه رجل فضربه على الثدي بالسيف، فسقط، ووثبت نائلة بنت الفرافصة الكلبية فصاحت وألقت نفسها عليه وقالت: يا بنت شيبة، أيقتل أمير المؤمنين؟! فأخذت السيف، فقطع الرجل يدها، وانتهبوا متاع البيت، ومر رجل على عثمان ورأسه مع المصحف، فضرب رأسه برجله ونحاه عن المصحف وقال: ما رأيت كاليوم وجه كافر أحسن ولا مضجع كافر أكرم. فلا والله ما تركوا في داره شيئاً حتى الأقداح إلا ذهبوا به.
وفي حديث أن محمد بن أبي بكر لما أخذ بلحيته هزها حتى سمع صرير أضراسه بعضها على بعض، فقال: يا بن أخ، دع لحيتي فإنك لتجذب ما يعز على أبيك أن يؤذيها.
وقال في آخر الحديث: وانتهبوا بيته، فهذا يأخذ الثوب، وهذا يأخذ المرآة، وهذا يأخذ الشيء.
وعن كنانة مولى صفية بنت حيي قال: شهدت مقتل عثمان رضي الله عنه وأنا ابن أربع عشرة سنة، قلت: هل أندى محمد بن أبي بكر بشيء من دمه؟ فقال: معاذ الله، دخل عليه فقال عثمان: يا بن أخي، لست بصاحبي فخرج، ولم يند من دمه بشيء، فقلت لكنانة: من قتله؟ قال: رجل من
أهل البصرة، وقيل من أهل مصر يقال له: جبلة بن الأيهم، وقيل جبلة بن الأهتم، وقيل: من أهل مصر يقال له: حمار.
وعن عائشة قالت: دخل محمد بن أبي بكر على عثمان متأبطاً سيفه، قد علق كنانته في همياته حتى جلس بين يديه فقال: يا نعثل، فقال: لست بنعثل ولكني عثمان أمير المؤمنين. فأهوى بيده إلى لحيته، فقال: مه يا بن أخي! كف يدك عن لحية عمك وأجلها، فإن أباك كان يجلها. فغضب فأخذ مشقصاً من كنانته فضربه في ودجه، فأسرع السهم فيه، ثم دخل التجيبي ومحمد بن أبي حذيفة فضرباه بأسيافهما حتى أثبتاه وهو يقرأ المصحف، فوقعت نضحة من دمه على قوله: " فسيكفيكهم الله ".
وفي حديث آخر: أن محمد بن أبي بكر تسور إلى عثمان من دار عمرو بن حزم ومعه كنانة ابن بشر بن عتاب وسودان بن حمران وعمرو بن الحمق، فوجروا عثمان عند امرأته نائلة، وهو يقرأ في المصحف في سورة البقرة، فتقدمهم محمد بن أبي بكر فأخذ بلحية عثمان فقال: قد أخزاك الله يا نعثل، فقال عثمان: لست بنعثل ولكني عبد الله وأمير المؤمنين. فقال محمد: ما أغنى عنك معاوية وفلان وفلان؟ فقال عثمان: يا بن أخي، دع عنك لحيتي، فما كان أبوك ليقبض على ما قبضت عليه. فقال محمد: ما أريد بك أشد من قبضي على لحيتك. فقال عثمان: أستنصر الله عليك وأستعين به. ثم طعن جبينه بمشقص في يده، ورفع كنانة بن بشر ابن عتاب مشاقص كانت في يده فوجأ بها في أصل أذن عثمان، فمضت حتى دخلت في حلقه، ثم علاه بالسيف حتى قتله.
قالوا: وضرب كنانة بن بشر جبينه ومقدم رأسه بعمود حديد فخر لجنبه، وضربه سودان بن حمران المرادي بعدما خر لجنبه فقتله. وأما عمرو بن الحمق فوثب على عثمان فجلس على صدره وبه رمق فطعنه تسع طعنات، وقال: أما ثلاث منهن فإني طعنتهن لله، وأما ست فإني طعنته إياهن لما كان في صدري عليه.
وحدث الحسن عن سياف عثمان: أن رجلاً من الأنصار دخل على عثمان فقال: ارجع يا بن أخي فلست بقاتلي. قال: وكيف علمت ذاك؟ قال: لأنه أتي بك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم سابعك فحنكك ودعا لك بالبركة قال ثم دخل عليه رجل آخر من الأنصار فقال: ارجع ابن أخي فلست بقاتلي، قال: بم تدري ذلك؟ قال: لأنه أتي بك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم سابعك فحنكك ودعا لك بالبركة. قال: ثم دخل عليه محمد بن أبي بكر فقال: أنت قاتلي. قال: وما يدريك يا نعثل؟ قال: لأنه أتي بك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم سابعك ليحنكك ويدعو لك بالبركة فخريت على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: فوثب على صدره وقبض على لحيته، فقال: إن تفعل، كان يعز على أبيك أو يسوؤه. قال: فوجأه في نحره بمشاقص كانت في يده.
وعن المغيرة بن شعبة قال: قلت لعلي: إن هذا الرجل مقتول، وإنه إن قتل وأنت بالمدينة ألحدوا فيك، فاخرج فكن في مكان كذا وكذا فإنك إن فعلت فكنت في غار باليمن طلبك الناس.
فأبى، وحصر عثمان اثنتين وعشرين يوماً، ثم أحرقوا الباب وفي الدار أناس كثير، فيهم عبد الله بن الزبير ومروان. فقالوا: ائذن لنا: فقال: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عهد إلي عهداً فأنا صابر عليه، وإن القوم لم يحرقوا باب الدار إلا وهم يطلبون ما هو أعظم منه، فأخرج على رجل يستقتل ويقاتل. وخرج الناس كلهم، ودعا بالمصحف فقرأ فيه والحسن عنده، فقال: إن أباك الآن لفي أمر عظيم من أمرك فأقسمت عليك لما خرجت، وأمر عثمان أبا كرب رجلاً من همدان وآخر من الأنصار أن يقوما على باب المال، وليس فيه إلا
غرارتين من ورق، فلما طفئت النار بعدما ناوشهم ابن الزبير ومروان، وتوعد محمد بن أبي بكر ابن الزبير ومروان، فلما دخل على عثمان هربا. ودخل محمد بن أبي بكر على عثمان فأخذ بلحيته، فقال: أرسل لحيتي فلم يكن أبوك ليتناولهم. فأرسلها، ودخلوا عليه، منهم من يجؤه بنعل سيفه، وآخر يلكزه، ووجأه رجل بمشاقص معه في ترقوته، فسال الدم على المصحف، وهم في ذلك يهابون قتله، وكان كبيراً وغشي عليه، ودخل آخرون فلما رأوه مغشياً عليه جروا برجله، فصاحت نائلة وبناته وجاء التجيبي مخترطاً سيفه ليطعنه في بطنه، فوقته نائلة، فقطع يدها، واتكأ بالسيف عليه في صدره، وقتل الرجل قبل غروب الشمس، ونادى مناد، ما يحل دمه ويحرم ماله! فانتهبوا كل شيء، ثم تنادوا: المال المال، فألقى الرجلان المفاتح ونجيا وقالا: الهرب الهرب، هذا ما طلب القوم.
وعن أبي سعيد مولى أبي أسيد قال:: فتح عثمان الباب، ووضع المصحف بين يديه، فدخل عليه رجل، وقال: بيني وبينك كتاب الله. فخرج وتركه، ثم دخل عليه آخر فقال: بيني وبينك كتاب الله فأهوى إليه بالسيف، فاتقاه بيده فقطعها، فلا أدري أبانها أم قطعها ولم يبنها، فقال: أم والله إنها لأول كف خطت المفصل. قال: ودخل عليه رجل من بني سدوس يقال له: الموت الأسود، فخنقه وخنقه قبل أن يضرب بالسيف، فقال: والله ما رأيت شيئاً ألين من حلقه، لقد خنقته حتى رأيت نفسه مثل الجان، تردد في جسده.
وفي غير هذا الحديث: ودخل التجوبي فأشعره
مشقصاً، فانتضح الدم على قوله: " فسيكفيكهم الله " فإنها في المصحف ما حكت.
وقيل: قتله سودان بن رومان المرادي.
وعن المسيب بن دارم قال: إن الذي قتل عثمان قام في قتال العدو سبع عشرة كرة، يقتل من حوله، لا يصيبه شيء حتى مات على فراشه.
ولما ضربه بالمشاقص قال عثمان: بسم الله، توكلت على الله، وإذا الدم يسيل على لحيته، فقطر والمصحف بين يديه، فاتكأ على شقه الأيسر وهو يقول: سبحان الله العظيم، وهو في ذلك يقرأ المصحف والدم يسيل على المصحف، حتى وقف الدم عند قوله " فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم " وأطبق المصحف، وضربوه جميعاً ضربة واحدة، فضربوه والله كان يحيي الليل في ركعة، ويصل الرحم، ويطعم الملهوف، ويحمل الكل، فرحمه الله.
قال الزهري: قتل عثمان عند صلاة العصر، وشد عبد لعثمان على كنانة بن بشر فقتله، وشد سودان على العبد فقتله، ودخلت الغوغاء دار عثمان، فصاح إنسان منهم: أيحل دم عثمان ولا يحل ماله! فانتهبوا متاعه، فقامت نائلة فقالت: لصوص ورب الكعبة! يا أعداء
الله ما ركبتم من دم عثمان أعظم، أما والله لقد قتلتموه صواماً قواماً يقرأ القرآن في ركعة.
وخرج الناس من دار عثمان، وأغلق بابه على ثلاثة قتلوا: عثمان، وعبد عثمان الأسود، وكنانة بن بشر.
وقال عبد الله بن سعيد بن ثابت: رأيت مصحف عثمان ونضح الدماء فيه على أشياء من الوعد والوعيد، فكان ذلك عند الناس من الآيات.
قال كنانة: كنت أقود بصفية بنت حيي، لترد عن عثمان، فلقيها الأشتر فضرب وجه بغلتها حتى مالت، فقالت: ردوني لا يفضحني هذا الكلب. قال: فوضعت خشباً بين منزلها وبين منزل عثمان، تنقل عليه الطعام والشراب.
قال محمد بن شهاب الزهري: قلت لسعيد بن المسيب: هل أنت مخبري كيف كان قتل عثمان؟ ما كان شأن الناس وشأنه؟ ولم خذله أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال: قتل عثمان مظلوماً، ومن قتله كان ظالماً، ومن خذله كان معذوراً. قلت: كيف كان كذلك؟ قال: إن عثمان لما ولي، كره ولايته نفر من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأن عثمان كان يحب قومه، فولي الناس اثنتي عشرة سنة، وكان كثيراً مما يولي بني أمية ممن لم يكن له مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صحبة، فكان يجيء من أمرائه ما ينكره أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان عثمان يستعتب فيهم فلا يعزلهم، فلما كان في الست حجج الأواخر استأثر بني عمه فولاهم وما أشرك معهم، وأمرهم بتقوى الله، ولى عبد الله بن أبي سرح مصر، فمكث عليها سنين فجاء أهل مصر يشكونه ويتظلمون منه، وقد كان قبل ذلك من عثمان هنات إلى عبد الله بن مسعود، وأبي ذر، وعمار بن ياسر، فكان بنو هذيل وبنو زهرة في قلوبهم ما فيها لحال ابن مسعود، وكانت بنو غفار وأحلافها ومن غضب لأبي ذر في قلوبهم ما فيها، وكانت بنو مخزوم قد
حنقت على عثمان لحال عمار بن ياسر. وجاء أهل مصر يشكون ابن أبي سرح، فكتب إليه كتاباً يتهدده فيه، فأبى ابن أبي سرح يقبل ما نهاه عنه عثمان، وضرب بعض من أتاه من قبل عثمان من أهل مصر ممن كان أتى عثمان فقتله، فخرج من أهل مصر سبع مئة رجل فنزلوا المسجد، وشكوا إلى أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مواقيت الصلاة ما صنع ابن أبي سرح بهم، فقام طلحة بن عبيد الله فكلم عثمان بن عفان بكلام شديد، وأرسلت عائشة إليه فقالت: تقدم إليك أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسألوك عزل هذا الرجل، فأبيت إلا واحدة! فهذا قد قتل منهم رجلاً، فأنصفهم من عاملك. ودخل عليه علي بن أبي طالب عليه السلام وكان متكلم القوم فقال: إنما يسائلونك رجلاً مكان رجل، وقد ادعوا قبله دماً، فاعزله عنهم واقض بينهم فإن وجب عليه حق فأنصفهم منه. فقال لهم: اختاروا رجلاً أوليه عليكم مكانه، فأشار الناس عليه بمحمد بن أبي بكر، فقال: أستعمل عليه محمد بن أبي بكر. فكتب عهده وولاه، وخرج معهم عدد من المهاجرين والأنصار ينظرون فيما بين أهل مصر وابن أبي سرح، فخرج محمد ومن معه، فلما كان على مسيرة ثلاث من المدينة إذا هم بغلام أسود على بعير يخبط البعير خبطاً، كأنه رجل يطلب أو يطلب، فقال له أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما قصتك وما شأنك كأنك هارب أو طالب؟ فقال لهم: أنا غلام أمير المؤمنين، وجهني إلى عامل مصر، فقال له رجل: هذا عامل مصر، قال: ليس هذا أريد، فأخبر بأمره محمد بن أبي بكر فبعث في طلبه رجلاً فأخذه، فجيء به إليه فقال: غلام من أنت؟ فأقبل مرة يقول: أنا غلام أمير المؤمنين، ومرة يقول: أنا غلام مروان، حتى عرفه رجل أنه لعثمان، فقال له محمد: إلى من أرسلت؟ إلى عامل مصر، قال: بماذا: قال برسالة، قال معك كتاب؟ قال: لا، ففتشوه فلم يجدوا معده كتاباً، وكانت معه إداوة قد يبست، فيها شيء يتقلقل، فحركوه ليخرج فلم يخرج، فشقوا الإداوة فإذا فيها كتاب من عثمان إلى ابن أبي سرح، فجمع محمد من كان عنده من المهاجرين والأنصار وغيرهم، ثم فضوا فك الكتاب بمحضر منهم، فإذا فيه: إذا أتاك فلان ومحمد وفلان فاحتل قتلهم
وأبطل كتابه، وقر على عملك حتى يأتيك رأيي، واحبس من يجيء إلي يتظلم منك ليأتيك رأيي في ذلك إن شاء الله.
فلما قرؤوا الكتاب فزعوا وأزمعوا فرجعوا إلى المدينة، وختم محمد الكتاب بخواتيم نفر كانوا معه، ودفع الكتاب إلى رجل منهم، وقدموا المدينة فجمعوا طلحة والزبير وعلياً وسعداً ومن كان من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم فضوا الكتاب بمحضر منهم وأخبروهم بقصة الغلام، وأقرؤوهم الكتاب، فلم يبق أحد من المدينة إلا حنق على عثمان، وزاد ذلك من كان غضب لابن مسعود وأبي ذر وعمار حنقاً وغيظاً. وقام أصحاب محمد صلى الله عيله سلم فلحقوا بمنازلهم، ما منهم أحد إلا وهو مغتم لما قرؤوا الكتاب.
وحاصر الناس عثمان، وأجلب عليه محمد بن أبي بكر بيتي تيم وغيرهم، فلما رأى ذلك علي بعث إلى طلحة والزبير وسعد ونفر من أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كلهم بدري، ثم دخل على عثمان ومعه الكتاب والغلام والبعير، فقال له علي: هذا الغلام غلامك؟ قال: نعم. قال: والبعير بعيرك؟ قال: نعم. قال: فأنت كتبت هذا الكتاب؟ قال: لا. وحلف بالله ما كتبت هذا الكتاب ولا أمر ولا علم به، قال له علي: فالخاتم خاتمك؟ قال: نعم. قال: فكيف يخرج غلامك ببعيرك، بكتاب عليه خاتمك ولا تعلم به؟ فحلف بالله ما كتبت ولا أمرت به ولا وجهت هذا الغلام إلى مصر قط. وأما الخط فعرفوا أنه خط مروان، وشكوا في أمر عثمان، وسألوه أن يدفع إليهم مروان فأبى، وكان مروان عنده في الدار، فخرج أصحاب محمد من عنده غضاباً، وشكوا في أمره، وعلموا أن عثمان لا يحلف بباطل، إلا أن قوماً قالوا: لن يبرأ عثمان من قلوبنا إلا أن يدفع إلينا مروان حتى نبحثه ونعرف حال الكتاب، وكيف يؤمر بقتل رجل من أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بغير حق؟ فإن يكن عثمان كتبه عزلناه، وإن يكن مروان كتبه على لسان عثمان نظرنا ما يكون منا في أمر مروان.
ولزموا بيوتهم، وأبى عثمان أن يخرج إليهم وخشي عليه القتل، وحاصر الناس عثمان، ومنعوه الماء، فأشرف على الناس فقال أفيكم علي؟ فقالوا: لا. قال: أفيكم سعد؟ قالوا: لا. قال: فسكت، ثم قال: ألا أحد يبلغ فسيقينا ماء؟ فبلغ ذلك علياً فبعث إليه بثلاث قرب مملوءة ماء، فما كادت تصل إليه، وجرح في سببها عدة من موالي بني
هاشم وبني أمية، حتى وصل الماء إليه، فبلغ علياً أن عثمان يراد قتله، فقال: إنما أردنا منه مروان، فأما قتل عثمان فلا. وقال للحسن والحسين اذهبا بسيفيكما حتى تقوما على باب عثمان، فلا تدعا أحداً يصل إليه. وبعث الزبير ابنه، وبعث طلحة ابنه، وبعث عدة من أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبناءهم، يمنعون الناس أن يدخلوا على عثمان، ويسألونه إخراج مروان، فلما رأى ذلك محمد بن أبي بكر، ورمى الناس عثمان بالسهام حتى خضب الحسن بالدماء على بابه، وأصاب مروان سهم وهو في الدار، وخضب محمد بن طلحة، وشج قنبر مولى علي، فخشي محمد بن أبي يكر أن يغضب بنو هاشم لحال الحسن والحسين فيثيرونها فتنة، فأخذ بيد الرجلين فقال: إن جاءت بنو هاشم فرأوا الدماء على وجه الحسن كشفوا الناس عن عثمان وبطل ما نريد، ولكن مروا بنا حتى نتسور عليه الدار فنقتله من غير أن يعلم أحد. فتسور محمد وصاحباه من دار رجل من الأنصار، حتى دخلوا على عثمان ولا يعلم أحد ممن كان معه، لأن كل من كان معه كانوا فوق البيوت، ولم يكن معه إلا امرأته، فقال لهما محمد: مكانكما فإن معه امرأته حتى أبداكما بالدخول، فإذا أنا ضبطته فادخلا، فتوجاه حتى تقتلاه. فدخل محمد فأخذ بلحيته، فقال له عثمان: والله لو رآك أبوك لساءه مكانك مني. فتراخت يده، ودخل الرجلان عليه فتوجاه حتى قتلاه، وخرجوا هاربين من حيث دخلوا، وصرخت امرأته فلم يسمع صراخهما لما كان في الدار من الجلبة، وصعدت امرأته إلى الناس فقالت: إن أمير المؤمنين قد قتل.
فدخل الحسن والحسين ومن كان معهما فوجدوا عثمان مذبوحاً، فانكبوا عليه يبكون، وخرجوا، ودخل الناس فوجدوه مذبوحاً، وبلغ علي بن أبي طالب الخبر وطلحة والزبير وسعداً ومن كان بالمدينة، فخرجوا وقد ذهبت عقولهم للخبر الذي أتاهم، حتى دخلوا على عثمان فوجدوه مقتولاً، فاسترجعوا، وقال علي لابنتيه: كيف قتل أمير المؤمنين وأنتما على الباب؟! ورفع يده فلطم الحسن وضرب صدر الحسين، وشتم محمد بن طلحة ولعن عبد الله بن الزبير، وخرج علي وهو غضبان، فلقيه طلحة فقال: مالك يا أبا الحسن ضربت الحسن والحسين؟ فقال: عليك وعليهما لعنة الله! إلا أن يسوءني ذلك! يقتل
أمير المؤمنين رجل من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بدري لم تقم عليه بينة ولا حجة! فقال طلحة: لو دفع مروان لم يقتل. فقال علي: لو أخرج إليكم مروان قتل قبل أن يثبت عليه حكومة. وخرج علي فأتى منزله، وجاء الناس كلهم يهرعون إلى علي، وأصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وغيرهم، كلهم يقول: أمير المؤمنين علي حتى دخلوا عليه داره فقالوا له: نبايعك فمد يدك، فلا بد من أمير. فقال علي: ليس ذلك إليكم إنما ذلك لأهل بدر، فمن رضي به أهل بدر فهو خليفة. فلم يبق أحد من أهل بدر إلا أتى علياً فقالوا: ما نرى أحد أحق بها منك، مد يدك نبايعك. فقال: أين طلحة والزبير؟ فكان أول من بايعه طلحة بلسانه وسعد بيده، فلما رأى ذلك علي خرج إلى المسجد فصعد المنبر، فكان أول من صعد إليه طلحة فبايعه بيده، ثم بايعه الزبير وسعد وأصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جميعاً، ثم نزل فدعا الناس وطلب مروان، فهرب منه، وطلب نفراً من ولد مروان وبني أبي معيط فهربوا منه. وخرجت عائشة باكية تقول: قتل عثمان. وجاء علي إلى امرأة عثمان فقال لها: من قتل عثمان؟ قالت: لا أدري، دخل عليه رجلان لا أعرفهما إلا أن أرى وجوههما، وكان معهما محمد بن أبي بكر، وأخبرت علياً والناس ما صنع محمد، فدعا محمداً فسأله عما ذكرت امرأة عثمان، فقال محمد: لم تكذب، قد دخلت عليه وأنا أريد قتله فذكر لي أبي، فقمت عنه، وأنا تائب إلى الله تعالى، والله ما قتلته ولا أمسكته، فقالت امرأته: صدق ولكنه أدخلهما.
قال يزيد بن أبي حبيب: كان عمر بن الخطاب أمر على الشام بعد يزيد بن أبي سفيان معاوية ابن أبي سفيان وعمير بن سعد الأنصاري، وأمر على الكوفة المغيرة بن شعبة الثقفي، وأمر على البصرة أبا موسى الأشعري عبد الله بن قيس، وأمر على أهل مصر عمرو بن العاص، فقتل عمر ولم يخلع أحداً منهم، فاستخلف عثمان فنزع عمير بن سعد، وجمع الشام لمعاوية كله، ثم نزع عمرو بن العاص، وأمر عبد الله بن سعد، فقال أناس: نزع عمراً وقد كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمره، وأمر ابن سعد، فكانت تلك فتنة في أنفسهم، ثم نزع أبا موسى
الأشعري، وأمر الوليد بن عقبة، قالوا: أمر الفاسق وخلع أبا موسى!. وأظهر الناس ذلك قالة سوء.
وكتب أهل الآفاق بذلك بعضهم إلى بعض، ثم إن عثمان أمر عبد الله بن سعد على أهل الشام وأهل مصر غزوة ذات الصواري، ففتح الله لأهل الإسلام يومئذ فتحاً عظيماً، وكان معاوية بن حديج غزا تلك السنة بغزاوة أمره عليها عثمان، ففتح ذلك الحصن، وأمر له عثمان بالخمس مما أصاب لنفسه، وذلك سنة أربع وثلاثين، ثم إن عبد الله بن سعد وفد عثمان برجال من أهل مصر، فأخبروه بالذي فتح الله لهم ولأهل الإسلام، فكتب عثمان بذلك الفتح إلى الأجناد، واستخلف عبد الله بن سعد على أهل مصر حين وفد عثمان السائب بن هشام، ورجلاً من بني عامر بن لؤي، وجعل الخاتم بيد سليمان بن عتر التجيبي، فبينا عبد الله بن سعد عند عثمان ومعه وفد، إذ أقبل راكب بعثه صاحب منهل من مناهل المدينة، حتى دخل إلى عثمان فأخبره أن ركباً من أهل مصر مروا بنا معهم السلاح والخيل، فراعنا ذلك، فأشفق عثمان، فأرسل إلى عبد الله بن سعد فقال: يا أبا يحيى، أخبرني كيف تركت أهل مصر؟ قال: تركتهم على ما يحب أمير المؤمنين في طاعتهم، فهل بلغك يا أمير المؤمنين شيء؟ ثم قال راكب آخر بعثه صاحب ذي المروة، فأخبر عثمان أن راكباً من أهل مصر نزلوا ذا المروة معهم السلاح والخيل، قد احتقبوا الدروع، عليهم رجل يقال له: عبد الله بن بديل، فلما بلغ ذلك عثمان استيقن إنما يراد نفسه، فأرسل إلى عمر بن العاص وهو بالمدينة، قد أنكحه عثمان أخته لأمه أم كلثوم ابنة عقبة بن أبي معيط، فقال له: يا أبا عبد الله، ما بال ركب من أهل مصر نزلوا ذا المروة؟ فهون عليه عمرو وقال: لعلهم عتبوا على ابن سعد في أنه وفد برجال وترك آخرين، ويقال: إنما قدم الركب على ملأ من علي وعمرو لأنه نزعه عن
مصر، فقال له عثمان: انطلق إليهم فارددهم بما أحبوا. وبعث معه عثمان أربع مئة راكب، فسار لهم عمرو، فلما دنا منهم نزل ونزلوا، فلما جن الليل قال مسلمة بن مخلد وكان في وفد عبد الله بن سعد: جاءني عين لي فقال: يا أبا سعيد، قد جاء علي الآن مختفياً. فانطلق هو وعمرو إلى الركب سراً، فرصدهم مسلمة فإذا الأمر كذلك، ثم أمرنا عمرو بالانصراف، وما ندري ما قال عمرو للقوم وما ردوا عليه، فذكر الركب الذين خرجوا من مصر أن عمرو بن العاص قال لهم: ما الذي قدمتم له؟ قالوا: أردنا قتل عثمان. قال: لستم في عدد كعدد من مع عثمان، ولكن ارجعوا واقبلوا من الرجل ما أعطاكم حتى تستوثقوا ممن خلفكم وترجعوا إليه ثانية وأنتم في كثف. فقال له ابن بديل وهو أحد خزاعة: يا عمرو، أما علمت أن الله يقول في كتابه: " كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين " فقال عمرو: يا بن بديل، إنه يكون من قضاء الله كم من فئة كثيرة غلبت فئة قليلة والله مع الصابرين، وأيم الله لو أعلم أن من وراءكم على مثل رأيكم، ثم كنت في أربعة آلاف أخذت منهم الحرمة، فما شعر عثمان حتى نغشاه بالخيل.
ورجع الركب من ذي المروة إلى مصر، فأعطاهم ما سألوا، فلما قدم عمرو المدينة قام عثمان على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: أما بعد: يا أهل المدينة، فقد بلغني أنكم أكثرتم في الركب، وإني بعثت إليهم عمرو بن العاص، فأخبرني بأمر هو دون ما تذكرون. فقال عمرو بن العاص رافعاً صوته: أتريد أن تجعلها بي يا عثمان؟ كلا والله بل قدموا في أمر جسيم من أمور أهل الإسلام، يا عثمان، إنك قد ركبت بأمتك نهابير وركبوها، فتب ولتتب أمتك. فقال أهل المدينة عند ذلك: نشهد بالله ونشهد من حضر من المسلمين أنا وأهل مصر على أمر واحد. فجالوا حتى حالوا بين عثمان والمنبر، فنزل، فدخل عليه نفر من قومه فقالوا: يا أمير المؤمنين، إن عمراً هو الذي أغرى بك. فأخرجه عثمان، فطلق عمرو امرأته، ونزل السبع من أرض فلسطين، فقال عمرو حين أخرج:
من الوافر:
لنخضب لحية غدرت وخانت ... بأحمر من دماء الجوف قاني.
ثم إن عثمان خرج إلى الناس فقال: أيها الناس، ما هذا الأمر الذي عتبتم علي فيه؟ قالوا: نعتب عليك أنك نزعت أبا نوسى الأشعري ووليت الفاسق، قد علمت ذلك ونزعت عمراً وأمرت ابن سعد وقد علمت ما قيل في ابن سعد، وقد بلغنا أن الوليد يخرج سكراناً لا يعقل. فقال عثمان: معاذ الله أن أعلم هذا منه وأؤمره، فانظروا من رجل أمين نبعث، فيعلم لنا علمه؟ فقال أهل المدينة: قد رضينا جبلة بن عمرو. فبعثوه، فنزل على رجل من الأنصار يقال له: قرظة بن كعب، فقال له: ألا يتقي الله عثمان! يجعل علينا رجلاً يخرج إلى الصلاة لا يعقل؟! فقال له جبلة: اتق الله، اعلم ما تقول فإن عليك طاعة. ثم جمع مع ذلك أنه أخ لأمير المؤمنين، فقال له: أتراني كاذباً؟ فوالله ما كذبتك. فقال له: كيف لي أن أعلم ذلك منه مثل ما علمت؟ فقال: إن صاحب شرابه يألف وليدة لنا، وهي تخبرنا. فلم يزل حتى أخبرته الوليدة أنه الآن سكران لا يعقل، فدخل عليه جبلة بن عمرو فانتزع خاتمه وهو لا يشعر، فقدم عثمان فسأله، فقال له: يا أمير المؤمنين، بيني وبينك، فقال أهل المدينة: كلا والله إلا علانية. فلما قص قصته على عثمان قال عثمان: كذبت، فقد أخبرت خبرك قبل خروجك. فأمر به عثمان فسجن، فجعل أهل المدينة يأتونه في السجن، ثم إن أناساً من أهل المدينة دخلوا على أهل السجن فأخرجوا جبلة بن عمرو، فخرج جبلة عند ذلك إلى مصر، ولما رجع ابن بديل وأصحابه من ذي المروة بما أحبوا عارضهم رجل على جمل يسير بأعلى الطريق، وذلك ببطن النخل، فأرابهم أمره ففتشوا متاعه فإذا بصحيفة من عثمان إلى خليفة عبد الله بن سعد يأمره أن يقطع أيديهم وأرجلهم، ووجدوا الكتاب في إداوة، والجمل جمل عثمان، فقدموا بالجمل وبالغلام مصر وبالكتاب، فأقرؤوه إخوانهم، وقام جبلة خطيباً بين
ظهريهم، حرضهم، وأخبر من أمره، وأنكر عثمان أن يكون كتب، ولعن الكاتب والمرسل في ذلك، فانتزى محمد بن أبي حذيفة على الإمارة، فتأمر على مصر وبايعه أهلها طراً. إلا أن تكون عصابة، فيهم معاوية بن حديج وبسر بن أبي أرطأة.
قالوا: وقام عمار بن ياسر بمصر فقال: خلعت عثمان كما أخلع كور عمامتي هذه فأعطاه محمد بن أبي حذيفة أربعين ألف دينار وتوابعها.
ومن حديث يزيد بن أبي حبيب قال: ثم إن ابن عديس دخل المسجد فبينا هو محتبي فيه إذ رمي من دار عثمان بسهم، فوقع عند حبوته، فانتزع السهم وانطلق حتى دخل بيت بعض أزواج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم خرج ودخل المسجد فتراسل عثمان وعلي وطلحة والزبير، ولم يزالوا حتى دعاهم عثمان إلى أن اجتمعوا في بيت عائشة، ثم يعتبهم وينزع عما كرهوا، فاجتمعوا وأرسلت عائشة إلى صفية لتحضرها وتسمع مقالتهم، فأقبلت ومعها سليم مولاها، فدخلت على عائشة، وبينها وبين الملأ ستر، فتجاولوا طويلاً وكثر كلامهم، وكان أشد القوم على عثمان صوتاً جبلة بن عمرو الأنصاري، فقالت صفية وضعوها مع عثمان: من هذا الذي يرفع صوته على أمير المؤمنين؟ فقالت عائشة: هذا جبلة بن عمرو الأنصاري، فصاحت صفية: يا جبيلة، أترفع صوتك على أمير المؤمنين؟ فقالت عائشة وضعوها مع الملأ الذين حصروا عثمان: لم تصغرين اسمه؟ ادعيه يا جبلة، فإن الله لم ينقصه ولم ينقص اسمه، فاستوسق أمرهم على أن أجابهم عثمان إلى ما أحبوا، ونزع كما كرهوا دون الخلو لهم من الولاية، فرفضوا بذلك وافترقوا، فقال لها سليم مولاها: الحمد لله الذي أصلح أمر هذه الأمة وألف بينهم. فقالت له صفية: إنهم ليسوا بالذين يرضون منه بما أعطاهم من نفسه، وقد ركبوا ما ركبوا، وإني سمعت من كلامهم اليوم ما سمعت. ثم إن عبد الرحمن بن عديس أشار إلى
أصحابه يحصروا عثمان. وانصرف علي فاختبأ في المسجد وعنده سعد بن أبي وقاص في ناس كثير، وألط القوم وكثر حردهم، فخرج سعد في وجوههم فقال: الله الله يا معشر المسلمين، تركتم عثمان حتى إذا غسلتموه وصار مثل الثوب الرحيض أردتم قتله، أفلا بوسخه فعلتم ذلك به! فقالوا: ما لنا ولك يا سعد. فشدوا على سعد حتى خر من قيامه، وخلص إلى عثمان بينهم فناشدهم عثمان في قتله، ونبذ إليهم مفاتيح الخزائن، فأقبلوا بها إلى طلحة بن عبيد الله فقال: لا والله لا نرضى بذلك منه حتى نسله من الولاية مثل الشعرة من العجين فكان أول من دخل عليه حتى تناوله محمد بن أبي بكر. الحديث
ولما بلغ عمرو بن العاص قتل عثمان قال: قد علمت العرب أني إذا حككت قرحة أدميتها، ثم إن الركب انصرفوا إلى مصر، فلما دخلوا الفسطاط ارتجز مرتجزهم: من مشطور الرجز:
ألا احذرن مثلها أبا حسن
إنا نمر الحرب إمرار الرسن
ننطق بالفصل وإحكام السنن
فلما دخلوا المسجد قالا: إنا لسنا قتلنا عثمان ولكن الله قتله، وكذلك يقول الله: " بل تقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق، ولكم الويل مما تصفون ". فلما رأى ذلك شيعة عثمان ومن كره قتله قام من قام منهم إلى ابن أبي الكنود سعد بن مالك الأزدي، ثم تتابعوا إليه حتى عظمت حلقته، لا يقوم إليه رجل إلا كان على مثل رأيه، فوجم القوم لذلك طويلاً، فقال عبد الله بن جويبر لأهل الحلقة: قد طال صماتكم، فحلوا حباكم ثم
الحقوا برجالكم وأبرموا أمركم، فقاموا فألب بعضهم بعضاً، وكان من يمشي في ذلك ويدعو إليه مقسم بن بجرة التجيبي، واجتمع من اجتمع منهم وساروا نحو الصعيد إلى إخميم، فأخبروا بخيل لأهل مصر، فبعث عليها حيان بن مرثد الأبذوي، فالتقوا بدقياس من كورة البهنسا فقتلوا وأسروا.
ولما دخل عليه رومان بن وردان وقتله أدخلته ابنة الفرافصة الكلبية بينها وبين ثيابها، وكانت امرأة جسيمة ضليعة، وألقت بنت شيبة نفسها على ما بقي من جسده، فدخل رجل من أهل مصر، معه السيف مصلتاً فقال: والله لأقطعن أنفه، فعالج المرأة عنه فغالبته، وكشف عنها من خلفها حتى نظر إلى بريق متنها، فلم يصل حتى أدخل السيف بين قرطيها ومنكبها، فقبضت على السيف فقطع أناملها، وقالت: يا رباح وهو غلام لعثمان أسود، ومعه سيف عثمان أغن عني هذا. فمشى إليه الغلام فضربه ضربة بالسيف فقتله، ثم إن الناس دخلوا فلما رأوا الرجل قد قتل وأن المرأتين لا تتركانه تذمم ناس من قريش واستحيوا، فأخرجوا الناس، ونادى أهل البيت بهم فاقتتلوا على الدار، فضرب مروان بن الحكم على حبل العاتق فخر، وضرب رجل من أهل مصر المغيرة بن الأخنس بالسيف فصرع، فقال رجل من أهل المدينة: تعس المغيرة ابن الأخنس. فقال
قاتله: بل تعس قاتل المغيرة بن الأخنس، وألقى سلاحه وأدبر هارباً يلتمس التوبة، قال: ثم أمسينا فقلنا: إن تركنا صاحبكم حتى يصبح مثلوا به. فانطلقنا إلى بقيع الغرقد فامكنا له في جوف الليل حتى حملناه، فغشينا سواد من خلفنا، فهبناهم حتى كدنا ننصرف عنه، فنادى مناديهم أن لا روع عليكم، اثبتوا فإنما جئنا لنشهده معكم. وكان أبو حبيش يقول: هم والله ملائكة الله، قال: فدفناه ثم هربنا من ليلتنا إلى الشام.
وقيل: إن قاتل المغيرة بن الأخنس أدرك وهو هارب يطلب التوبة فقتل، وكان يخبر أنه رأى في المنام جهنم تسعر، لها زفير وشهيق، فاقشعر جلده لذلك، ففرق فرقاً شديداً، ثم نظر إلى تنور فيها، أشدها لهباً فقال: ما هذا التنور؟ فقالوا: لقاتل المغيرة بن الأخنس.
وقالوا من حديث: إن جماعة ثابوا إلى عثمان منهم أبو هريرة وزيد بن ثابت وسعد بن مالك وجماعة من اهل الأمصار، فلما رأى القوم أن الناس قد ثابوا إلى عثمان وضعوا على علي رقيباً في نفر، فلازمه، وعلى طلحة رقيباً، وعلى الزبير رقيباً، وعلى نفر بالمدينة وقال لهم إن تحركوا فاقتلوا. ولما لم يستطع هؤلاء النفر غشيان علي بعثوا أبناءهم إلى عثمان، فأقبل الحسن بن علي حتى قام عنده وقال: مرنا أمرك، فقال: يا بن أخي، أوصيك بما أوصي به نفسي، وتأول: " واصبر وما صبرك إلا بالله، ولا تحزن ولا تك في ضيق مما يمكرون " ووالله لأقينكم بنفسي ولأبذلنها دونكم، أو تقرنوا لهم وذاك. وجاء النعمان بن بشير وعبد الله بن الزبير ومحمد بن طلحة فقالوا له مثل مقالة الحسن، ورد عليهم مثل ذلك، وجاء أبو الهيثم بن التيهان فقال: كيف بت يا أمير المؤمنين؟ قال: بخير، قال أبو الهيثم: بأبي أنت وأمي، اصبر ولا تعط الدنية ولا تهدم سلطان الله، وقال عثمان متمثلاً: من الطويل:
لعمري لموت لا عقوبة بعده ... لدي اللب أشفى من شقاً لا يزايله.
فعرف الناس أنه لا يعطيهم شيئاً وأفرحهم بذلك.
قالوا: ولما قضى عثمان في ذلك المجلس حاجاته، وعزم له المسلمون على الصبر والامتناع عليهم بسلطان الله تعالى، قال: اخرجوا رحمكم الله فكونوا بالباب، وليجامعكم هؤلاء الذين حبسوا عني، وأرسل إلى علي وطلحة والزبير، وعدة أن ادنوا، فاجتمعوا وأشرف عليهم، فقال: أيها الناس اجلسوا فجلسوا جميعاً المحارب والطارئ والمسالم المقيم، فقال: يا أهل المدينة، إني أستودعكم الخلافة من بعدي، إني والله لا أدخل علي أحداً بعد يومي هذا حتى يقضي الله في قضاءه، ولأدعن هؤلاء وما رأوا، وإني غير معطيهم شيئاً يتخذونه عليكم دخلاً في دين أو دنيا، حتى يكون الله هو الصانع في ذلك ما أحب. وأمر أهل المدينة بالرجوع، وأقسم عليهم فرجعوا إلا الحسن ومحمداً وابن الزبير وأشباهاً لهم، فجلسوا بالباب عن أمر آبائهم، وثاب إليهم أناس، ولزم عثمان الدار.
وكان الحصر أربعين ليلة والنزول سبعين، فلما مضت من الأربعين ثمان عشرة ليلة قدم ركبان من الوجوه، فأخبروا خبر من قد تهيأ إليهم من الآفاق: حبيب من الشام، ومعاوية من مصر، والقعقاع من الكوفة، ومجاشع من البصرة، فعندها حالوا بين الناس وبين عثمان ومنعوه كل شيء حتى الماء، وقد كان يدخل عليه بالشيء مما يريد، وطلبوا العلل، فلم تطلع عليهم علة، فعثروا، فرموا في داره بالحجارة ليرموا، فيقولوا: قوتلنا وذلك ليلاً فناداهم: ألا تتقون الله! أما تعلمون أن في الدار غيري! قالوا: لا والله ما رميناك، قال: فمن رمانا؟ قالوا: الله، قال: كذبتم، إن الله لو رمانا لم يخطئنا وأنتم تخطئونا، وأشرف عثمان على آل حزم، وهم في جيرانه، فسرح ابناً لعمرو إلى علي بأنهم قد منعونا الماء، فإن قدرتم على أن ترسلوا إلينا بماء فافعلوا، وإلى طلحة الزبير وإلى عائشة وأزواج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكان أولهم إنجاداً له علي وأم حبيبة، جاء علي في الغلس فقال: يا أيها
الناس، إن الذي تصنعون لا يشبه أمر المؤمنين ولا أمر الكافرين، لا تقطعوا عن هذا الرجل المادة، وإن الروم وفارس لتؤسر فتطعم وتسقى، وما تعرض لكم هذا الرجل في شيء، فبم تستحلون حصره وقتله؟ فقالوا: لا والله ولا نعمة عين، لا نتركه يأكل ولا يشرب. فرمى بعمامته في الدار بأني قد نهضت فيما أنهضتني له، فرجع. وجاءت أم حبيبة على بغلة لها برحالة مشتملة على إداوة، فقيل: أم المؤمنين أم حبيبة! فضربوا وجه بغلتها، فقالت: بني، إن وصايا بني أمية إلى هذا الرجل، وأحببت أن ألقاه وأسأله عن ذلك كي لا تهلك أموال أيتام وأرامل. فقالوا: كاذبة. وأهووا لها، وقطعوا حبل البغلة بالسيف فندت بأم حبيبة، فتلقاها الناس وقد مالت رحالتها، فتعلقوا بها فأخذوها وقد كادت تقتل، فذهبوا بها إلى بيتها.
وتجهزت عائشة خارجة إلى الحج هاربة، واستتبعت أخاها فأبى، فقالت: أم والله لئن استطعت أن أحرمهم ما يحاولون لأفعلن.
وجاء حنظلة الكاتب، حتى قام على محمد بن أبي بكر فقال: يا محمد، تستعتبك أم المؤمنين فلا تتبعها ويدعوك ذؤبان العرب إلى ما لا يحل فتتبعهم! فقال: وما أنت وذاك يا بن التميمية؟ فقال: يا بن الخثعمية، إن هذا الأمر إن صار إلى التغالب غلبتك عليه ويحك بنو عبد مناف. وانصرف وهو يقول: من الوافر:
عجبت لما يخوض الناس فيه ... يرمون الخلافة أن تزولا
ولو زالت لزال الخير عنهم ... ولا قوا بعدها ذلاً ذليلا
وكانوا كاليهود أو النصارى ... سواء كلهم ضلوا السبيلا
ولحق بالكوفة.
وخرجت عائشة وهي ممتلئة على أهل مصر، وجاءها مروان بن الحكم فقال: يا أم
المؤمنين، لو أقمت أجدر أن يراقبوا هذا الرجل. قالت: أتريد أن يصنع بي كما صنع بأم حبيبة ثم لا أجد ما يمنعني؟! لا والله لا أعير، ولا أدري إلى ما يسلم أمر هؤلاء!
وبلغ طلحة والزبير ما لقي علي وأم حبيبة فلزموا بيوتهم، وبقي عثمان يسقيه آل حزم الغفلات، وعليهم الرقباء، وأشرف عثمان على الناس فقال: يا عبد الله بن عباس، فدعي له فقال: اذهب فأنت على الموسم. وكان ممن لزم الباب فقال: يا أمير المؤمنين، لجهاد هؤلاء أحب إلى من الحج. فأقسم عليه لينطلقن، فانطلق ابن عباس على الموسم تلك السنة، ورمى عثمان إلى الزبير بوصيته، فانصرف بها وفي الزبير اختلاف: أدركه مقتله أو خرج قبل قتله؟ وقال عثمان: " يا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد " اللهم حل بين الأحزاب وبين ما يأملون كما فعل بأشياعهم من قبل.
قالوا: فلما توقع الناس السابق فقدم بالسلامة، وأخبر عن أهل الموسم أنهم يريدون جميعاً المصريين وأشياعهم، وأنهم يريدون أن يجمعوا ذلك إلى حجهم، فلما أتاهم ذلك عنهم مع ما بلغ من نفور أهل الأمصار، أعلقهم الشيطان وقالوا: لا يخرجنا مما وقعنا فيه إلا قتل هذا الرجل، فيشتغل بذلك الناس عنا، ولم تبق خصلة يرجون بها النجاة إلا قتله. فراموا الباب فمنعهم من ذلك الحسن وابن الزبير ومحمد بن طلحة، ومروان بن الحكم، وسعيد بن العاص، ومن كان من أبناء الصحابة أقام معهم، واجتلدوا بها، فناداهم عثمان، الله الله، أنتم في حل من نصرتي فأبوا، ففتح الباب وخرج ومعه الترس والسيف لينهنههم، فلما رأوه أرز المصريون وركبهم هؤلاء، ونهنههم فتراجعوا وعظم على الفريقين وأقسم على أصحابه ليدخلن إذ أبوا أن ينصرفو فدخلوا فأغلق الباب دون المصريين. وقد كان المغيرة بن الأخنس بن شريق فيمن حج، ثم تعجل في نفر حجوا معه،
فأدرك عثمان قبل أن يقتل، وشهد المناوشة، ودخل الدار فيمن دخل، وجلس على الباب من داخل، وقال: ما عذرنا عند الله إن نحن تركناك ونحن نستطيع ألا ندعهم حتى نموت؟! واتخذ عثمان بن عفان القرآن تلك الأيام نجياً يصلي وعنده المصحف، فإذا أعيا جلس فقرأ فيه، وكانوا يعدون القراءة في المصحف من العبادة، وكان القوم الذين كفكفهم بينه وبين الناس، فلما بقي المصريون لا يمنعهم أحد من الباب ولا يقدرون على الدخول جاؤوا بنار فأحرقوا الباب والسقيفة، فتأجج الباب والسقيفة، حتى إذا أحرق الخشب خرت السقيفة على النار، وثار أهل الدار وعثمان يصلي حتى منعوهم من الدخول، وكان أول من برز لهم المغيرة بن الأخنس وهو يرتجز: من مشطور الرجز:
قد علمت جارية عطبول
ذات وشاح ولها جديل
أني بنصل السيف خنشليل
لأمنعن منكم خليلي
بصارم ليس بذي فلول
وخرج الحسن بن علي عليه السلام وهو يقول: من الكامل:
لا دينهم ديني، ولا أنا منهم ... حتى يصير إلى الطمر شمام
وخرج محمد بن طلحة وهو يقول: من الرجز:
أنا ابن من حامى عليه بأحد
ورد أحزاباً على رغم معد
وخرج سعيد بن العاص وهو يقول من الطويل:
صبرنا غداة الدار والموت واقف ... بأسيافنا دون ابن أروى نضارب
وكنا غداة الروع في الدار قصرة ... نساهمهم بالضرب والموت ثائب
وكان آخر من خرج عبد الله بن الزبير، أمره عثمان إلى أبيه في وصيته، وأمره أن يأتي أهل الدار فيأمرهم بالانصراف إلى منازلهم، فخرج عبد الله آخرهم فما زال يدعي بها، ويحدث الناس عن عثمان بآخر ما مات عليه. وأحرقوا الباب وعثمان في الصلاة قد افتتح " طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى " وكان سريع القراءة فما كرثه ما يسمع، وما يخطىء وما يتتعتع حتى أتى عليها قبل أن يصلوا إليه، ثم عاد فجلس إلى نجيه المصحف وقرأ: " الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل " وارتجز المغيرة بن الأخنس وهو دون الدار في أصحابه:
قد علمت ذات القرون الميل
والحلي والأنامل الطفول
لتصدقن بيعتي خليلي
بصارم ذي رونق مصقول
لا أستقيل إن أقلت قيلي
وأقبل أبو هريرة والناس محجمون عن الدار لأولئك العصبة، قد شروا واستقلوا، فقام معهم وقال: وأنا أسوتكم، وقال: اليوم طاب امضراب، ونادى " يا قوم مالي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار " وبارز مروان يومئذ ونادى: رجل ورجل، فبرز له رجل من بني ليث يدعى ابن البياع، فاختلفا ضربتين، فضربه مروان أسف لرجليه، وضربه الآخر على أصل العنق فقلبه، فانكب مروان واستلقى الآخر، فاجتر هذا أصحابه واجتر هذا أصحابه، وقال المصريون: والله لولا أن تكون حجة علينا في الأمة لقد قتلناكم بعد، فتحوا. فقال المغيرة: من يبارز؟ فبرز له رجل، فاجتلدا، وهو يقول من منهوك الرجز:
أضربهم باليابس
ضرب غلام عابس
من الحياة آيس
فأصابه صاحبه وقال الناس: قتل المغيرة بن الأخنس، فقال الذي قتله: إنا لله. فقال له: عبد الرحمن بن عديس: مالك؟ فقال: إني أتيت فيما يرى النائم فقيل لي: بشر قاتل المغيرة بن الأخنس بالنار، وابتليت به، وقتل قباث الكناني نيار بن عبد الله الأسلمي، واقتحم الناس الدار من الدور التي حولها حتى ملؤوها ولا يشعر الذين بالباب، وأقبلت القبائل على أبنائهم، فذهبوا بهم إذ غلبوا على أميرهم، وندبوا له رجلاً يقتله، فدخل عليه
البيت فقال: اخلعها وندعك. فقال: ويحك! والله ما كشفت امرأة في جاهلية، ولا تغنيت ولا تمنيت، ولا وضعت يميني على عورتي منذ بايعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولست خالعاً قميصاً كسانيه الله، وأنا على مكاني حتى يكرم الله أهل السعادة ويهين أهل الشقاء. فخرج، فقالوا: ما صنعت؟ فقال: غلقنا، والله ما يحل لنا قتله، ولا ينجينا من الناس إلا قتله، فأدخلوا عليه رجلاً من بني ليث، فقال: ممن الرجل؟ فقال: ليثي. فقال: لست بصاحبي، قال: وكيف؟ قال: ألست الذي دعا لك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في نفر أن يحفظوا يوم كذا وكذا؟ قال: بلى. قال: فلم تضع، فرجع وفارق القوم، فأدخلوا عليه رجلاً من قريش فقال: يا عثمان، إني قاتلك، قال: كلا يا فلان، لا تقتلني. قال: وكيف؟ قال: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استغفر لك يوم كذا وكذا، فلن تقارف دماً حراماً، فاستغفر ورجع وفارق أصحابه.
وأقبل عبد الله بن سلام حتى قام على باب الدار ينهاهم عن قتله، وقال: يا قوم، لا تسلوا سيف الله عليكم، فوالله إن سللتموه لا تغمدوه، ويلكم إن سلطان الله اليوم يقوم بالدرة، وإن قتلتموه لم يقم إلا بالسيف، ويلكم! إن مدينتكم محفوفة بملائكة الله، والله لئن قتلتموه لتتركنها. فقالوا: يا بن اليهودية، وما أنت وهذا! فرجع عنهم. وكان آخر من دخل عليه إلى القوم محمد بن أبي بكر، فقال له عثمان: ويلك! أعلى الله تغضب، هل لي إليك جرم إلا حقه أخذته منك، فنكل ورجع.
ولما خرج محمد بن أبي بكر وعرفوا انكساره ثار قتيرة وسودان بن حمران السكونيان والغافقي، فضربه الغافقي بجريدة معه، وضرب المصحف برجله، واستدار المصحف وانتشر فاستقر بين يديه، وسالت عليه الدماء، وجاء سودان بن حمران ليضربه فأكبت عليه نائلة، واتقت السيف بيدها، فتعمدها ونفح أصابعها فأطن أصابع يدها،
وولت فغمز أوراكها، وقال: إنها لكيدة العكيزة، ويضرب عثمان فقتله، وقد دخل مع القوم غلمة لعثمان لينصروه، وقد كان عثمان أعتق من كف منهم، فلما رأى أحد العبيد سودان قد ضربه أهوى عليه فضرب عنقه، ووثب قتيرة علىالغلام فقتله، وانتبهوا ما في البيت، فأخرجوا من فيه ثم أغلقوه على ثلاثة قتلى، فلما خرجوا إلى الدار وثب غلام لعثمان آخر على قتيرة فضربه فقتله، ودار القوم فأخذوا ما وجدوا حتى تناولوا ما على النساء، وأخذ رجل ملاءة نائلة، والرجل يدعى كلثوم من تجيب، فتنحت نائلة، فقال: ويح أمك من عكيزة ما أتمك، ويضربه غلام آخر لعثمان فقتله وقتل. وتنادى القوم: أبصر رجل من صاحبه، وتنادوا في الدار: أدركوا بيت المال لا تسبقوا إليه، وسمع أصحاب بيت المال أصواتهم، وليس فيه إلا غرارتين، فقالوا: النجاء، فإن القوم إنما يحاولون الدنيا فهربوا، وأتوا بيت المال فانتهبوه، وماج الناس، فالثاوي يسترجع ويبكي، والطارئ يسعى ويفرح.
وقتل عثمان يوم الجمعة لثمان عشرة من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، على رأس إحدى عشرة سنة وأحد عشر شهراً واثنتين وعشرين يوماً من مقتل عمر بن الخطاب.
وبقي الناس فوضى، وندم القوم، فتخلى منهم الشيطان، وأتى الزبير الخبر بمقتل عثمان وهو حيث هو فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، رحم الله عثمان. وانتصر له وقيل له: إن القوم نادمون. فقال: ذئروا ذئروا " وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل
بأشياعهم من قبل إنهم كانوا في شك مريب " وأتى طلحة الخبر فقال: يرحم الله عثمان وانتصر له وللإسلام، وقيل له: القوم نادمون، فقال: تباً لهم وقرأ " فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون ". وأتى علياً الخبر فقيل: قتل عثمان فقال: رحم الله عثمان وخلف علينا بخير. وقيل: ندم القوم، فقرأ " كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر " إلى آخر الآية. وطلب سعد فإذا هو في حائطه، وقال: لا أشهد قتله. فلما جاءه قتله قال: فررنا إلى المدينة بديننا فصرنا اليوم نفر منها بديننا، وقرأ: أولئك " الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً ". اللهم أندمهم ثم خذهم. وكان الزبير قد خرج أيضاً لئلا يشهد قتله كارهاً أن يقيم بالمدينة، فأقام على طريق مكة.
وعن الحسن بن أبي الحسن البصري قال: كان عثمان كخير ابني آدم.
قال أبو عوانة: كان القواد الذين ولوا قتله ستة: علقمة بن قيس، وكنانة بن بشر، وحكيم بن جبلة، والأشتر، وعبد الله بن بديل وحمران بن فلان أو فلان بن حمران.
قال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: كان لعثمان بن عفان عند خازنه يوم قتل ثلاثون ألف ألف درهم وخمس مئة ألف درهم وخمسون ومئة ألف دينار، فانتبهت وذهبت، وترك ألف بعير بالربذة، وترك صدقات كان تصدق بها ببئر أريس وخيبر ووادي القرى قيمة مئتي ألف دينار.
قال عدي بن حاتم الطائي: سمعت صوتاً يوم قتل عثمان يقول: أبشر يا بن عفان بروح وريحان، أبشر يا بن عفان برب غير غضبان، أبشر يا بن عفان برضوان وغفران. قال: فالتفت فلم أر أحداً.
وعن سلمة قال: قال علي: لقد علمت عائشة أن جيش ذي المروة وأهل النهر ملعونون على لسان محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال أبو بكر بن عياش: جيش ذي المروة قتلة عثمان.
وعن الزبير بن العوام: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قتل رجلاً من قريش وقال: لا يقتل بعد اليوم قرشي صبراً إلا رجل قتل عثمان فاقتلوه، فإن لم تقتلوه تقتلوا قتل الشاء.
وفي رواية: فإن لم تفعلوا فأبشروا بذبح مثل ذبح الشاة.
وعن أنس قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن لله سيفاً مغموداً في غمده ما دام عثمان بن عفان حياً، فإذا قتل عثمان جرد ذلك السيف فلم يغمد إلى يوم القيامة.
قال: في هذا الحديث عمرو بن فائد، وله أحاديث مناكير.
قال يزيد بن أبي حبيب: أعظم ما أتت هذه الأمة بعد نبيها ثلاث خلال: قتل عثمان بن عفان، وتحريقهم الكعبة، وأخذهم الجزية من المسلمين.
قال ابن الأعرابي: وقتل الحسين بن علي.
قال رجل لطاوس: ما رأيت أحداً أجرأ على الله من فلان. لعامل ذكره، فقال طاوس: لم تر قاتل عثمان؟ وعن محمد بن سيرين قال: لو حل القتال في أهل القبلة حل يوم قتل عثمان.
وعن يزيد بن أبي حبيب قال: إن عامة الركب الذين خرجوا إلى عثمان جنوا.
قال ابن المبارك: الجنون لهم قليل.
وعن محمد بن سيرين قال: كنت أطوف بالكعبة فإذا رجل يقول: اللهم اغفر لي، وما أظن أن يغفر لي. قلت: يا عبد الله ما سمعت أحداً يقول ما تقول! قال: كنت أعطيت الله عهداً إن قدرت أن ألطم وجه عثمان إلا لطمته، فلما قتل وضع على سريره في البيت والناس يجيئون فيصلون عليه، فدخلت كأني أصلي عليه، فوجدت خلوة فرفعت الثوب عن وجهه فلطمت وجهه، وسجيته وقد يبست يميني، فرأيتها يابسة كأنها عود.
وعن حذيفة قال: أول الفتن قتل عثمان، وآخر الفتن خروج الدجال، والذي نفسي بيده لا يموت رجل وفي قلبه حبة من حب قتل عثمان إلا تبع الدجال إن أدركه، وإن لم يدركه آمن به في قبره.
وعن ابن عباس قال: لو أجمع الناس على قتل عثمان لرموا بالحجارة كما رمي قوم لوط.
وعن زهدم الجرمي قال: خطب ابن عباس فقال: لو لم يطلب الناس بدم عثمان لرموا بالحجارة من السماء.
وعن أبي جعفر الأنصاري قال: لما دخل على عثمان يوم الدار خرجت فملأت فروجي، فمررت مجتازاً بالمسجد
فإذا رجل قاعد في ظلة النساء، عليه عمامة سوداء، وحوله نحو من عشرة، فإذا هو علي، فقال: ما صنع الرجل؟ قلت: قتل الرجل، قال: تباً لهم آخر الدهر.
وعن ابن أبي ليلى قال: سمعت علياً وهو على باب المسجد أوعند أحجار الزيت رافعاً صوته: اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان. فذكرت ذلك لعبد الملك بن مروان فقال: ما أرى له ذنباً. وقد روي أنه كان غائباً يوم قتل.
وعن الحسن قال: قتل عثمان وعلي غائب في أرض له، فلما بلغه قال: اللهم إني لم أرض ولم أمالئ.
وعن أبي العالية قال: لما أجيز على عثمان بن عفان دخل عليه علي بن أبي طالب فوقع عليه وجعل يبكي حتى قلنا: إنه سيلحق به. ثم قالوا: قد قتلنا الرجل فلمن نبايع؟ فقال علي: لمن سلت الله أنفه، فتقتلوه كما قتلتم هذا بالأمس! ثم أنشأ علي يقول:
عثمان لقيت حمام الحتف
فابشر بخير ما له من وصف
اليوم حقاً جاء يقين زحفي
قد قطعت رجلي وفيها خفي
أتى لكم الويل قتلتم سلفي
وفضله علي يعلو سقفي
في رجز ذكره، اختصره صاحب الأصل.
وعن قيس بن عباد قال: سمعت علياً يوم الجمل يقول: اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان، ولقد طاش عقلي يوم قتل عثمان، وأنكرت نفسي، وجاؤوني للبيعة فقلت: والله إني لأستحي من الله أن أبايع قوماً قتلوا رجلاً قال له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ": ألا أستحي ممن تستحي منه الملائكة! " وإني لأستحي من الله أن أبايع وعثمان قتيل الأرض لم يدفن بعد. فانصرفوا، فلما دفن رجع الناس يسألوني البيعة فقلت: اللهم إني لمشفق مما أقدم عليه، ثم جاء عزمة فبايعت. فلما قالوا: أمير المؤمنين، فكأن صدع قلبي وانسكبت بعبرة.
وعن ابن عباس قال: أشهد على علي بثلاث: أنه قال في عثمان: ما قتلت ولا أمرت، ولقد كنت كارهاً.
وفي رواية: ما أمرت ولا قتلت، ولقد نهيت.
وفي رواية: ولكني غلبت.
وعن علي بن ربيعة قال: قال علي بن أبي طالب: لوددت أن بني أمية قبلوا مني خمسين يميناً قسامة أحلف بها: ما أمرت بقتل عثمان ولا مالأت.
وعن عبد الله بن أبي سفيان أن علياً قال: إن بني أمية يقاتلوني يزعمون أني قتلت عثمان، فكذبوا، إنما يلتمس الملك، فلو أعلم أن ما يذهب ما في قلوبهم أن أحلف لهم عند المقام: والله ما قتلت عثمان ولا أمرت بقتله، لفعلت، ولكن إنما يريدون الملك، وإني لأرجو أن أكون أنا وعثمان ممن قال الله عز وجل " ونزعنا ما في صدورهم من غل إخواناً على سرر متقابلين " قال خليد بن شريك: سمعت علي بن أبي طالب وهو على منبر الكوفة يقول: أي بني أمية، من شاء نفلت له يميني بين المقام والركن: ما قتلت عثمان ولا شركت في دمه.
قال أبو صالح: رأيت علي بن أبي طالب قاعداً في زرارة تحت السدرة، وانحدرت سفينة فقرأ " وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام " والذي أجراها مجراها ما قتلت عثمان ولا شايعت في قتله، ولا مالأت، ولقد غمني.
وعن حصين الحارثي قال: جاء علي إلى زيد بن أرقم يعوده وعنده قوم، قال: فما أدري أقال علي: اسكتوا أو أنصتوا، فوالله لا تسألوني عن شيء حتى أقوم إلا حدثتكم به. قال: فقال له زيد: أنشدك الله أنت قتلت عثمان؟ قال: فأطرق علي ساعة ثم رفع رأسه، قال: لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، ما قتلته ولا أمرت بقتله.
قال سالم بن أبي الجعد: كنت جالساً عند محمد بن الحنفية في الشعب، قال: فذكروا عثمان، قال: فنهانا محمد وقال: كفوا عن هذا الرجل، قال: ثم غدونا يوما آخر، قال: فنلنا منه أكثر مما كان قبل ذلك، فقال: ألم أنهكم عن هذا الرجل؟ قال: وابن عباس جالس عنده فقال: يا بن عباس، تذكر عشية الجمل وأنا على يمين علي في يدي الراية، وأنت عن يساره إذ سمع هدة في المربد، فأرسل رسولاً، فجاء الرسول فقال: هذه عائشة تلعن قتلة عثمان في المربد، قال: فرفع يديه حتى بلغ بهما وجهه، مرتين أو ثلاثاً، قال: وأنا ألعن قتلة عثمان، لعنهم الله في السهل والجبل. قال: فصدقه ابن عباس، ثم أقبل علينا فقال: في وفي هذا لكم شاهدا عدل.
وعن سليمان بن عبد الله بن فروخ قال: قيل لعلي يوم الجمل وهو في فسطاط صغير، وقد بلغنا النبل فقال: شيموا سيوفكم حتى صاحوا: يا ثارات عثمان! فقال علي، لقد نعوه، يا قنبر ائتني بلامتي. فلبسها فقال: ترسوا لي. فترسوه، فقال: ما قلتم؟ قال: قلنا: يا ثارات عثمان. فقال علي: أكب الله قتلة عثمان على مناخرهم.
قال عمير بن زوذي: قال علي بن أبي طالب: لئن لم يدخل الجنة إلا من قتل عثمان لا أدخلها، وإن لم يدخل النار إلا من قتله لا أدخلها. فأكثر الناس في ذلك، فقال: إنكم قد أكثرتم في وفي عثمان، والله قتله وأنا معه.
قال عباد: يعني قتله الله ويقتلني معه.
وعن حسان بن زيد قال: دخلت المسجد الأكبر مسجد الكوفة وعلي بن أبي طالب على المنبر يخطب الناس، وهو ينادي بأعلى صوته ثلاث مرات: يا أيها الناس، إنكم تكثرون في وفي ابن عفان، وإن مثلي ومثله كما قال الله عز وجل " ونزعنا ما في صدورهم من غل إخواناً على سرر متقابلين "
وعن قرة العين بنت جون الضبي قالت: كنت عند عبد الله بن سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، فجاء قنبر فسلم فقال: لا سلم الله عليك. فقلت: سبحان الله! تقول هذا لمولى عمك! قال: إن هذا يأتي أهل العراق فيقول: قال ابن عفان، وأنا سمعت علياً يقول: قاتل الله هؤلاء المفضلي على ابن عفان، والمفضلي ابن عفان علي، ما أقل علمهم بالله، والله إني لأرجو أن أكون أنا وابن عفان من الذين قال الله تعالى: " إخواناً على سرر متقابلين " وعن أنس بن مالك قال: لأن أشهد عشر مرار أن علياً وعثمان رضي الله عنهما في الجنة، فينزع الله عز وجل ما في قلوبهما من غل أحب إلي من أن أشهد شهادة واحدة أنهما ليسا كذلك.
وعن علي بن أبي طالب: في قوله: " إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون " قال: عثمان وأصحابه.
وعن عبد الرحمن ومحمد ابني حاطب: أن رجلاً أتى علياً يسأله عن عثمان وعنده أصحابه فكلهم قال: كافر. فقال الرجل: إني لست أسألكم إنما أسأل أمير المؤمنين. فقال علي: في عثمان وأصحابه نزلت " إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون ".
وعن النعمان بن بشير قال: كنا مع علي بن أبي طالب في مسجد الكوفة وهو مجتنح لشقه، فخضنا في عثمان وطلحة والزبير، فاجتنح لشقه الآخر، فقال: فيم خضتم؟ قلنا: خضنا في عثمان وطلحة والزبير وحسبناك نائماً، فقال علي: " إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون " وإن ذاك عثمان وطلحة والزبير، وأنا من شيعة عثمان وطلحة والزبير. ثم
قال: " ونزعنا ما في صدورهم من غل إخواناً على سرر متقابلين " ذاك عثمان وطلحة والزبير، وأنا من شيعة عثمان وطلحة والزبير.
وحدث عبد بن سعيد عن أبيه قال: كنا جلوساً عند علي بن أبي طالب، وعن يمينه عمار بن ياسر، وعن يساره محمد بن أبي بكر إذ جاءه عراب بن فلان الصيدفي فقال: يا أمير المؤمنين، ما تقول في عثمان؟ فبدره الرجلان فقالا: عم تسأل، عن رجل كفر بالله من بعد إيمانه ونافق!؟ فقال الرجل لهما: لست إياكما أسأل، ولا إليكما جئت. فقال له علي: لست أقول ما قالا. فقالا له جميعاً: فلم قتلناه إذاً؟! قال: ولي عليكم فأساء الولاية في آخر أيامه، وجزعتم فأسأتم الجزع، والله إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان كما قال الله عز وجل: " ونزعنا ما في صدورهم من غل إخواناً على سرر متقابلين ".
قال محمد بن حاطب: كنت مع علي بالبصرة، فلما هدأت الحرب قلت: يا أمير المؤمنين، ما أرد على قومي إذا سألوني عن قتل هذا الرجل؟ قال: أنا وعثمان مثلما وصف الله في كتابه " ونزعنا ما في صدورهم من غل " الآية. إذا قدمت فأبلغهم أن عثمان من الذين اتقوا، ثم آمنوا ثم اتقوا، وعلى ربهم يتوكلون.
قال عبد الله بن الحارث: دخل علي على نسائه وهن يبكين، فقال: ما يبكيكن؟ قلن: ذكرن عثمان والزبير وقرابتهما منك، قال: فإني وإياهما من الذين قال الله تعالى " إخواناً على سرر متقابلين ".
وعن يوسف بن سعد مولى عثمان بن مظعون قال: قال لي ابن حاطب: لو شهدت اليوم شهدت عجباً. قال: قلت: ما هو؟ قال:
فإن علياً وعماراً ومالكاً وصعصعة اجتمعوا في دار نافع فذكروا عثمان، فقال علي: يا أبا اليقظان، لقد سبق في عثمان من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سوابق، لا يعذبه الله بعدها أبداً.
وعن علي قال: أتاه رجل فقال: إني أبغض عثمان، فقال: مهلاً فإنهم يعني أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والكافرين الذين أنزل الله فيهم " الذين يحملون العرش ومن حوله " إلى " للذين آمنوا " أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " تابوا " من الشرك " واتبعوا " الرسول إلى " الذين كفروا ينادون " فإياكم أن تكونوا ببغضه منهم.
وعن مطرف بن الشخير قال: لقيني علي بن أبي طالب يوم الجمل فقال لي: أحب عثمان شغلك عنا؟ قال: فسكت لمن معه من الناس، فلما رأيت منه خلوة أقبل نحوي قال: قلت: أنا أحق بالسرعة. قال: فحركت. فقال: إن تفعل فإنه كان أتقانا للرب، وأوصلنا للرحم.
وفي حديث بمعناه: فقد كان والله خيرنا وأبرنا وأوصلنا.
قال الأوزاعي: قيل لعلي بن أبي طالب: أقتل عثمان منافقاً؟ قال: لا، ولكنه ولي فاستأثر، وجزعنا فأسأنا، وكل سيرجع إلى حكم عدل، فإن تكن الفتنة أصابتنا أو خبطتنا فبما شاء الله.
وعن عمير بن زوذي قال: خطب علي عليه السلام فقطعوا عليه خطبته فنزل، فدخل فقال: إنما
مثلي ومثل عثمان مثل ثلاثة أثوار كن في غيضة: أبيض وأحمر وأسود، معهم فيها أسد، كان كلما أراد واحداً منهم اجتمعوا عليه فلم يطقهم، فقال للأسود وللأحمر: إن هذا الأبيض يفضحنا في غيضتنا، يرى بياضه، خليا عنه كيما آكله، ثم أكون أنا وأنتما، فلوني على ألوانكما وألوانكما على لوني. قال: فخليا عنه، فلم يلبثه أن أكله، قال: ثم كان كلما أراد واحداً منهما اجتمعا عليه، فلم يطقهما فقال للأحمر: إن هذا الأسود يفضحنا في غيضتنا، يرى سواده، فخل عني كيما آكله، ثم أكون أنا وأنت، فلوني على لونك ولونك على لوني. قال: فتركه فلم يلبثه أن أكله، قال: فلبث ثم قال: يا أحمر إني آكلك. قال: تأكلني؟ قال: نعم. قال: فخل عني أصوات ثلاثة أصوات. قال: ثم قال: ألا إني إنما أكلت يوم أكل الأبيض، ألا إني إنما أكلت يوم أكل الأبيض، ألا إني إنما أكلت يوم أكل الأبيض. قال: ثم قال علي: وأنا إنما وهنت يوم قتل عثمان قال ذلك ثلاثاً ألا وإني وهنت يوم قتل عثمان، ألا إني وهنت يوم قتل عثمان.
قالوا: كانت المرأة تجيء في زمان عثمان إلى بيت المال فتحمل وقرها ثم تقول: اللهم بدل اللهم غير. فقال حسان بن ثابت حين قتل عثمان: من الرمل:
قتلتم بدل فبدلتم به ... سنة حرى وحرباً كاللهب
ما نقمتم من ثياب خلفة ... وعبيد وإماء ذهب
وقال أبو حميد أخو ساعدة، وكان فيمن شهد بدراً، وكان فيمن جانب عثمان، فلما قتل قال: والله ما أردنا قتله، ولاكنا ترى أن يبلغ منه القتل، اللهم إن لك علي ألا أفعل كذا ولاأضحك حتى ألقاك.
وعن الحسن من حديث قال: لما كانت الفتن جعل رجل يسأل عن أفضل أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أنفسهم، لا يسأل أحد إلا قالوا له: سعد بن مالك وقيل له: إن سعداً رجل إن رفقت به كنت قمناً أن تصيب منه حاجتك، وإن خرقت به كنت قمناً ألا تصيب منه شيئاً، فجلس إليه أياماً لا يسأله عن شيء حتى استأنس إليه، ثم قال: " إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى " إلى قوله: " ويلعنهم اللاعنون " فقال سعد: مه، لأن قلت لا جرم لا تسألني عن شيء أعلمه إلا خبرتك به. فقال له: ما تقول في عثمان؟ قال: كان إذ كنا مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أحسننا وضوءاً، وأطولنا صلاةً، وأعظمه نفقة في سبيل الله عز وجل، ثم ولي المسلمين زماناً لا ينكرون منه شيئاً، ثم أنكروا منه أشياء، فما أتوا إليه أعظم مما أتى إليهم، فقلت له: هذا علي يدعو الناس وهذا معاوية يدعو الناس، وفد جلس عنهما عامة أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فقال سعد: أما إني لا أحدثك ما سمعته من وراء وراء، ما أحدثك إلا ما سمعته أذناي ووعاه قلبي، سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إن استطعت أن تكون عبد الله المقتول ولا تقتل أحداً من أهل القبلة فافعل ".
وعن عائشة بنت سعد بن أبي وقاص سمعت أباها يقول: ألا لعن الله من لعن علياً، ألا لعن الله من لعن عثمان إنهما الفئتان التي قال الله " حتى تفيء إلى أمر الله ".
وعن عبد الله بن عمرو قال: يكون على هذه الأمة اثنا عشر خليفة، منهم أبو بكر الصديق، أصبتم اسمه، وعمر بن الخطاب الفاروق قرن من حديد، أصبتم اسمه، عثمان بن عفان ذا النورين، أوتي كفلين من الرحمة، قتل مظلوماً، أصبتم اسمه.
وعن عقبة السدوسي قال: كنا جلوساً إلى عبد الله بن عمرو بن العاص في بيت المقدس، فقال: أبو بكر الصديق أصبت اسمه، عمر الفاروق قرن من حديد، أصبت اسمه، عثمان ذو النورين، أوتي كفلين من الرحمة، قتل مظلوماً. ثم سكت فقال له رجل من أهل الشام: ألا تذكر أمير المؤمنين معاوية؟ فقال: ملك الأرض المقدسة.
ولم يحدثنا محمد بن سيرين قط بهذا الحديث إلا أتبعه: أنبئت أن أبا الجلد كان يقول: يبعث على الناس ملوك بذنوبهم.
وعن زهدم الجرمي قال: كنت في سمر ابن عباس فقال: لأحدثنكم حديثاً ليس بسر ولا علانية: إنه لما كان من أمر هذا الرجل ما كان يعني عثمان قلت لعلي: اعتزل هذا الأمر، فوالله لو كنت في جحر لأتاك الناس حتى يبايعوك. فعصاني، وأيم الله ليتأمرن عليه معاوية، وذلك بأن الله يقول " ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً فلا يسرف في القتل إنه كان منصوراً ".
وعن أبي موسى الأشعري قال: لو كان قتل عثمان هدى لاحتلبت به الأمة لبناً، ولكنه كان ضلالاً فاحتلبت به الأمة دماً.
وحدث من سمع عبد الله بن سلام يقول يوم قتل عثمان: اليوم هلكت العرب.
وعن عبد الرحمن بن جبير قال: انصرف عبد الله بن سلام إلى منزله، فإذا هو برجلين يمشيان أمامه وهو خلفهما، يقول أحدهما للآخر: يا هناه، لمن ترى الأمر بعد عثمان؟ فقال له صاحبه: والله
والله لا تنتطح في عثمان شاتان فسمعه ابن سلام فقال: أجل إن الغنم والبقر لا تنتطح في قتل خليفة إذا قتل، ولكن تنتطح فيه الرجال بالسلاح، والله ليقتلن به أقوام إنهم لفي أصلاب آبائهم ما ولدوا بعد.
وعن أبي مريم قال: رأيت أبا هريرة يوم قتل عثمان وله ضفيرتان وهو ممسك بهما، وهو يقول: اضربوا عنقي، قتل والله عثمان على غير وجه الحق.
وعن الحسن بن علي قال: ما كنت لأقاتل بعد رؤيا رأيتها، رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واضعاً يده على العرش ورأيت أبا بكر واضعاً يده على منكب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ورأيت عمر واضعاً يده على منكب أبي بكر، ورأيت عثمان واضعاً يده على منكب عمر، ورأيت دماً دونهم، قلت: ما هذا الدم؟ قالوا: هذا دم عثمان يطلب الله به.
وعن مسروق قال: قالت عائشة حين قتل عثمان: تركتموه كالثوب النقي من الدنس، ثم قربتموه فذبحتموه كما يذبح الكبش، فهلا كان هذا قبل هذا! فقال لها مسروق: هذا عملك أنت، كتبت إلى الناس تأمرينهم أن يخرجوا إليه. فقالت عائشة: لا والذي آمن به المؤمنون، وكفر به الكافرون، ما كتبت إليهم سوداء في بيضاء حتى جلست مجلسي هذا.
قال الأعمش: فكانوا يرون أنه كتب على لسانها.
وعن عائشة قال: كان الناس يختلفون إلي في عتب عثمان، ولا أرى إلا أنها معاتبة، وأما الدم، فأعود بالله من دمه، فوالله لوددت أني عشت في الدنيا برصاء سالخ، وأني لم أذكر عثمان بكلمة
قط، وأيم الله لإصبع عثمان التي يشير بها إلى الأرض خير من طلاع الأرض مثل فلان.
وعن عائشة أنها قالت: لقد آذيت عثمان فأوذيت، وأشخصت عثمان، لو قتله لقتلت.
وعن طلق بن خشاف قال: قتل عثمان افترقنا في أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نسألهم عن قتله، فسمعت عائشة رضي الله عنها قالت: قتل مظلوماً، لعن الله قتلته.
وعن زيد بن صوحان: أنه قال يوم قتل عثمان: اليوم نفرت القلوب منافرها، والذي نفسي بيده لا تتألف إلى يوم القيامة.
وعن أبي مسلم الخولاني: أنه مر به رجال من أهل المدينة قدموا منها، وهو عند معاوية بدمشق، فلقيهم أبو مسلم فقال لهم: هل مررتم بإخوانكم من أهل الحجر؟ فقالوا: نعم، فقال: كيف رأيتم صنيع الله عز وجل بهم؟ قالوا: بذنوبهم، قال: فإني أشهدكم أنكم عند الله مثلهم. فدخلوا على معاوية فقالوا: ما لقينا من هذا الشيخ الذي خرج من عندك؟! فبعث إليه فجاءه فقال له: يا أبا مسلم، مالك ولبني أخيك؟ قال: قلت لهم: مررتم على أهل الحجر؟ قالوا: نعم، قلت: كيف رأيتم صنيع الله بهم؟ قال: صنع الله ذلك بهم بذنوبهم، فقلت: أشهد أنكم عند الله مثلهم. فقال: وكيف يا أبا مسلم؟ قال: قتلوا ناقة الله، وقتلتم خليفة الله، وأشهد على ربي لخليفته أكرم عليه من ناقته.
وحدث ابن طاوس عن أبيه قال: لما وقعت فتنة عثمان قال رجل لأهله: أوثقوني بالحديد فإني مجنون، فلما قتل
عثمان قال: خلوا عني فالحمد لله الذي شفاني من الجنون وعافاني من قتل عثمان.
وحدث هشام عن محمد قال: لم تر هذه الحمرة التي في آفاق السماء حتى قتل الحسين بن علي، ولم تفقد الخيل البلق في المغازي حتى قتل عثمان.
وعن إبراهيم النخعي قال: لما نزلت " ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون " قالوا: فيم الخصومة ونحن إخوان؟! فلما قتل عثمان بن عفان قالوا: هذه خصومتنا.
قال الشعبي: لقي مسروق الأشتر، فقال مسروق للأشتر: قتلتم عثمان؟ قال: نعم. قال: أما والله لقد قتلتموه صواماً قواماً. قال: فانطلق الأشتر فأخبر عماراً، فأتى عمار مسروقاً فقال: والله ليجلدن عماراً وليسيرن أبا ذر وليحمين الحمى، وتقول: قتلتموه صواماً قواماً؟! فقال له مسروق: فوالله ما فعلتم واحدة من ثنتين: ما عاقبتم بمثل ما عوقبتم به، وما صبرتم فهو خير للصابرين. قال: فكأنما ألقمه حجراً.
وقال الشعبي: وما ولدت همدانية مثل مسروق.
وفن حديث عن كثير بن مروان الفلسطيني قال: سألت جعفر ابن برقان عما اختلف الناس فيه من أمر عثمان وعلي وطلحة والزبير ومعاوية، وعن قول العامة في ذلك، فقال جعفر بن برقان، قال ميمون بن مهران: قبض رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فبايع أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلهم أبا بكر رضي الله عنه وساق الحديث إلى قتل عثمان.
قال كثير بن مروان: فقلت لجعفر بن برقان: فما الذي نقموا على
عثمان؟ قال جعفر: قال ميمون: إن أناساً أنكروا على عثمان، وجاؤوا بما هو أنكر منه، أنكروا عليه أمراً هم فيه كذبة، وإنهم عاتبوه، فكان فيما عاتبوه أنه ولى رجلاً من أهل بيته، فأعتبهم وأرضاهم، وعزل من كرهوا واستعمل من أرادوا، ثم إن فساقاً من أهل مصر، وسفهاء من أهل المدينة دعاهم أشقاهم إلى قتل عثمان، فدخلوا عليه منزله، وهو جالس يتلو فيه كتاب الله، ومعهم السلاح فقتلوه صابراً محتسباً، رحمه الله.
وإن الناس افترقوا عن قتله أربع فرق، ثم فصل منهم صنف آخر، فصاروا خمسة أصناف: شيعة عثمان، وشيعة علي، والمرجئة، ومن لزم الجماعة، ثم خرجت الخوارج بعد، حيث حكم علي الحكمين، فصاروا خمسة أصناف.
فأما شيعة عثمان فأهل الشام وأهل البصرة، قال أهل البصرة: ليس أحد أولى بطلب دم عثمان من طلحة والزبير لأنهما من أهل الشورى، وقال أهل الشام: ليس أحد أولى بطلب دم عثمان من أسرة عثمان وقرابته، ولا أقوى على ذلك يعنون من معاوية، وإنهم جميعاً برئوا من علي وشيعته.
وأما شيعة علي فهم أهل الكوفة.
وأما المرجئة فهم الشكاك الذين شكوا، وكانوا في المغازي، فلما قدموا المدينة بعد قتل عثمان، وكان عهدهم بالناس وأمرهم واحد ليس فيهم اختلاف، فقالوا: تركناكم وأمركم واحد ليس فيكم اختلاف، وقدمنا عليكم وأنتم مختلفون، فبعضكم يقول: قتل عثمان مظلوماً، وكان أولى بالعدل وأصحابه، وبعضكم يقول: كان علي أولى بالحق، وأصحابه كلهم ثقة، وعندنا مصدق، فنحن لا نتبرأ منهما ولا نلعنهما ولا نشهد عليهما، ونرجئ أمرهما إلى الله حتى يكون الله هو الذي يحكم بينهما.
وأما من لزم الجماعة فهم: سعد بن أبي وقاص، وأبو أيوب الأنصاري، وعبد الله بن عمر، وأسامة بن زيد، وحبيب بن مسلمة الفهري، وصهيب بن سنان، ومحمد بن مسلمة،
في أكثر من عشرة آلاف من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والتابعين لهم بإحسان، قالوا جميعاً: نتولى عثمان وعلياً، ولا نتبرأ منهما، ونشهد عليهم وعلى شيعتهما بالإيمان، ونرجو لهم ونخاف عليهم.
وأما الصنف الخامس فهم الحرورية، قالوا: نشهد على المرجئة بالصواب، ومن قولهم حيث قالوا: لا نتولى علياً ولا عثمان ثم كفروا بعد، حيث لم يتبرؤوا ونشهد على أهل الجماعة بالكفر.
قال ميمون بن مهران: وهذا أول ما وقع الاختلاف، وقد بلغوا أكثر من سبعين صنفاً. وقد كان بعض من خرج من هذه الأصناف دعوا سعد بن أبي وقاص إلى الخروج معهم، فأبى عليهم سعد وقال: لا، إلا أن تعطوني سيفاً له عينان بصيرتان، ولسان ينطق بالكافر فأقتله، وبالمؤمن فأكف عنه، وضرب لهم سعد مثلاً فقال: مثلنا ومثلكم كمثل قوم كانوا على محجة، والمحجة البيضاء الواضحة، فيناهم كذلك يسيرون هاجت ريح عجاجة، فضلوا الطريق، فقال بعضهم: الطريق ذات اليمين، فأخذوا فيه، فتاهوا وضلوا، وقال آخرون: الطريق ذات الشمال، فأخذوا فيه فتاهوا وضلوا، وقال آخرون: كنا على الطريق حيث هاجت الريح، فننيخ، فأناخوا وأصبحوا، فذهبت الريح وتبين الطريق. فهؤلاء هم أهل الجماعة. قالوا: نلزم ما فارقنا عليه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى نلقاه، ولا ندخل في شيء من الفتن، فصارت الجماعة والفئة التي تدعى فئة الإسلام، ما كان عليه سعد بن أبي وقاص وأصحابه الذين اعتزلوا الفتن، حتى أذهب الله الفرقة وجمع الألفة، فدخلوا الجماعة، ولزموا الطاعة وانقادوا لها، فمن فعل ذلك ولزمه نجا، ومن لم يلزمه وشك فيه وقع في المهالك.
قال سعد بن عبيدة: جاء رجل إلى ابن عمر فسأله عن عثمان، فذكر محاسن عمله، فقال: لعل ذاك يسوؤك؟ قال: نعم. قال: فأرغم الله عز وجل بأنفك. قال: ثم سأله عن علي، فذكر محاسن عمله ثم قال: هو ذاك بيته أوسط بيوت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ثم قال: لعل ذلك يسوؤك؟ قال: أجل. قال: فأرغم الله بأنفك، انطلق فاجهد علي جهدك.
قال أبو حازم: كنت عند عبد الله بن عمر بن الخطاب فذكر عثمان وذكر فضله ومناقبه وقرابته حتى تركه أنقى من الزجاجة، ثم قال: من أراد أن يذكر هذين فليذكرهما هكذا أو فليدع.
وعن أنس بن مالك قال: يقولون: لا يجتمع حب علي وعثمان في قلب مؤمن. وكذبوا، والله الذي لا إله إلا هو لقد اجتمع حبهما في قلوبنا.
قال الثوري: لا يجتمع حب علي وعثمان إلا في قلوب نبلاء الرجال.
قال حماد بن سلمة: سمعت أيوب يقول: من أحب أبا بكر فقد أقام الدين، ومن أحب عمر فقد أوضح السبيل، ومن أحب عثمان فقد استنار بنور الله، ومن أحب علياً فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها.
قال حماد: فقلت لأيوب: أتحفظ هذا؟ قال: نعم فاحفظوه وعلموه أبناءكم، وليعلمه أبناؤكم أبناءهم.
قال طلحة بن مصرف: أبى قلبي إلا حب عثمان عليه السلام.
قيل ليزيد بن هارون: لم تحدث بفضائل عثمان ولا تحدث بفضائل علي؟ فقال: إن أصحاب عثمان مأمونون على علي، وأصحاب علي ليس بالمأمونين على عثمان.
قال سفيان: من قدم علياً على عثمان فقد أزرى على اثني عشر ألفاً قبض رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو عنهم راض، الذين أجمعوا على بيعة عثمان.
وعن سفيان الثوري قال: من قدم علياً على أبي بكر وعمر فقد أزرى على المهاجرين والأنصار، وأخاف ألا ينفعه مع ذلك عمل.
قال عبد الله بن داود: من قدم عثمان على علي رضي الله عنهما فحجته قوية لأن الخمسة اختاروه.
قال حرملة: سمعت الشافعي يقول: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، يعني في الفضل والخلافة.
قيل لأحمد بن حنبل: إلى ما تذهب في الخلافة؟ قال: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي. فقيل له: كأنك تذهب إلى حديث سفينة؟ قال: أذهب إلى حديث سفينة وإلى شيء آخر، رأيت علياً في زمن أبي بكر وعثمان لم يتسم أمير المؤمنين، ولم يقم الجمعة والحدود، ثم رأيته بعد قتل عثمان قد فعل ذلك، فعلمت أنه قد وجب له في ذلك الوقت ما لم يكن قبل ذلك.
قال محمد بن منصور الطوسي لأحمد بن حنبل: بلغني أن قوماً يقولون: أبو بكر وعمر وعثمان. ثم يسكت، فقال: هذا كلام سوء.
قال أبو الحسن الدارقطني: اختلف قوم من أهل بغداد من أهل العلم، فقال قوم: عثمان أفضل، وقال قوم: علي أفضل، فتحاكموا إلي فيه، فسألوني عنه، فأمسكت عنه وقلت: الإمساك عنه خير، ثم لم أر لديني السكوت، قلت: دعهم يقولون في ما أحبوا، فدعوت الذي جاءني مستفتياً وقلت: ارجع إليهم وقل: أبو الحسن يقول: عثمان بن عفان أفضل من علي بن أبي طالب باتفاق جماعة أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هذا قول أهل السنة، وهو أول عقد يحل في الرفض.
سئل مالك بن أنس عن علي وعثمان فقال: ما أدركت أحداً أقتدي به إلا وهو يقدم أبا بكر وعمر ويمسك عن علي وعثمان.
وعن مغيرة قال: تحول جرير بن عبد الله وحنظلة وعدي بن حاتم من الكوفة إلى قرقيسياء،
وقالوا: لا نقيم ببلد يشتم فيه عثمان.
قال بشير أبو النصر: أتيت الحسن فقلت: إني أحب الله ورسوله وأحب علياً، وأقوام عندنا يقولون: إن لم تسب عثمان لم يغن عنك حب علي. فقال: يا بني، إن الذي يأمرك بهذا لعثمان خير منه ومني ومنك، زوجه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابنته أم كلثوم، أفترى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان جاهلاً أن يزوج خبيثاً؟ فماتت عنده، ثم زوجه ابنته رقية، فلو كان جهل أمره أكان يجهل الثانية، وجهز جيش العسرة من ماله، وكان مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى فارق الدنيا. فينبغي لك أن تسب رجلاً كانت هذه الأشياء له من المناقب والمكرمات؟!.
قال علي بن زيد: كنت جالساً عند سعيد بن المسيب فقال: قل لقائدك يذهب ينظر إلى هذا الرجل حتى أحدثك. قال: فذهب فقال: رأيت رجلاً أسود الوجه أبيض الجسد. فقال سعيد: إن هذا كان يسب علياً وعثمان وطلحة والزبير. فقلت: إن كان كاذباً سود الله وجهه، قال: فخرجت بوجهه قرحة فاسود وجهه.
قال أبو نضرة: كنا بالمدينة فنال رجل من عثمان رضي الله عنه، فنهيناه، فأبى أن ينتهي، فأرعدت، فجاءت صاعقة فأحرقته.
قال قتادة: ما سب أحد عثمان إلا افتقر.
قتل عثمان رضي الله عنه لثمان عشرة ليلة خلت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين. وقيل: قتل في عشر ذي الحجة. وقيل: قتل يوم النحر، وفيه يقول الفرزدق: من الكامل:
عثمان إذ قتلوه وانتهكوا ... دمه صبيحة ليلة النحر.
وقال نابغة بني جعدة: من الرمل:
وابن عفان حنيفاً مسلماً ... ولحوم الإبل لما تنتفل.
وقال القاسم بن أمية بن أبي الصلت: من الطويل:
لعمري لبئس الذبح ضحيتم به ... خلاف رسول الله يوم الأضاحيا
وتوفي وهو ابن اثنتين وثمانين سنة، وقيل: إحدى وثمانين، وقيل: ابن نيف وسبعين. وقيل: ابن ثمان وثمانين أو تسع وثمانين.
وقال الزهري: قتل وهو ما بين الثمانين إلى التسعين.
وحمله جبير بن مطعم، وحكيم بن حزام، وأبو جهم بن حذيفة، ونيار بن مكرم الأسلمي، وصلى عليه جبير بن مطعم، وكانت معه امرأتاه: أم البنين بنت عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزارية، ونائلة بنت الفرافصة الكلبية. وزعم آل مالك بن أنس أن بن أبي عامر شهده معهم.
وبعث قيس بن مخرمة إلى عثمان بكفن حين قتل، فقالت امرأته رملة: وصلتك رحم، عندنا ما نكفنه.
وعن جماعة من الرواة: أن عثمان قتل لثمان عشرة خلت من ذي الحجة في آخر ساعة، دخلوا عليه وهو يدعو: اللهم لا تكلني إلى نفسي فتعجز عني، ولا إلى الدنيا فتغرني، ولا إلى الناس فيخذلوني، ولكن تول أنت صلاح آخرتي التي أصير إليها، وأخرجني من الدنيا سالماً، اللهم حل بينهم وبين ما يشتهون من الدنيا، وبغضهم إلى خلقك واجعلهم شيناً على من تولاهم، أما والله لولا أنها ساعة الجمعة وأني أمرت أن أدعو عليكم لما فعلت، ولصبرت. فقتل رحمه الله، فقتل قاتله، وقتل ناصره، وأغلق الباب على ثلاثة قتلى وفي الدار أحد المصريين،
وقيل قاتله فقالت نائلة لعبد الرحمن بن عديس: إنك أمس القوم بي رحماً وأولادهم بأن تقوم بأمري، أغرب عني هؤلاء الأموات. فشتمها وزجرها، حتى إذا كان في جوف الليل خرج مرزان حتى يأتي دار عثمان، فأتاه زيد بن ثابت، وطلحة بن عبيد الله، وعلي، والحسن، وكعب بن مالك، وعامة من ثم من الصحابة، وتوافى إلى موضع الجنائز صبيان ونساء، فأخرجوا عثمان فصلى عليه مروان، ثم خرجوا به حتى انتهوا به إلى البقيع فدفنوه فيه مما يلي حشان كوكب، حتى إذا أصبحوا أتوا أعبد عثمان فأخرجوهم، فرأوهم فمنعمهم من أن يدفنوهم، فأدخلوهم حشان كوكب، فلما انقشوا خرجوا بهما فدفنوهما إلى جنب عثمان، ومع كل واحد منهما خمسة نفر وامرأة، فاطمة أم إبراهيم بن عربي.
ثم رجعوا فأتوا كنانة بن بشر فقالوا: إنك أمس القوم بنا رحماً فأمر بهاتين الجيفتين اللتين في الدار أن تخرجا. فكلمهم في ذلك فأبوا، فقال: أنا جار لآل عثمان من أهل مصر ومن لفهم، فأخرجوهما فارموا بهما. فجر بأرجلهما فرمي بهما في البلاط، فأكلتهما الكلاب. وكان العبدان اللذان قتلا يوم الدار يقال لهما: نجيح وصبيح، فكان اسماهما الغالب على أسماء الرقيق لفضلهما وبلائهما، ولم يحفظ الناس اسم الثالث.
وقتل رحمه الله يوم الجمعة، ودفن ليلة يوم السبت في جوف الليل، وكان شهيداً فلم يغسل، كفن في ثيابه ودمائه، ولا غلاميه، وترك الآخرون بالبلاط حتى أكلتهم الكلاب.
وكان القوم يتخذون الحشيش في ذلك الزمان كما يتخذ أهل هذا الزمان الأرياف وأهل الأرياف القرط والفصافص،
لما دفن خرجت ابنته تبكي في أثره ونائلة بنت الفرافصة، وحضره من أراد المقام والخروج. وندم القوم وسقط في أيديهم. ولما صلي عليه خرج من خرج وأقام من أقام، وأزواج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقلن: هجم البلاء وانكفأ الإسلام.
وقال قتادة: صلى الزبير على عثمان ودفنه وكان أوصى إليه.
ولما حج معاوية نظر إلى بيوت أسلم شوارع في السوق فقال: أظلموا عليهم بيوتهم أظلم الله عليهم قبورهم، هم قتلة عثمان. قال: نيار بن مكرم: فخرجت إليه فقلت: الله! إن بيتي يظلم علي وأنا رابع أربعة حملنا أمير المؤمنين وقبرناه وصلينا عليه! فعرفه معاوية فقال: اقطعوا البناء، لا تبنوا على وجه داره، قال: ثم دعاني خالياً فقال: متى حملتموه؟ ومتى قبرتموه؟ ومن صلى عليه؟ فقلت: حملناه رحمه الله ليلة السبت بين المغرب والعشاء، فكنت أنا وجبير بن مطعم وحكيم بن حزام وأبو جهم بن حذيفة العدوي، وتقدم جبير بن مطعم فصلى عليه. فصدقه معاوية. وكانوا هم الذين نزلوا في حفرته.
وفي حديث بمعناه: فتقدم أبو جهم بن حذيفة فصلى عليه، فصدقه معاوية.
قال محمد بن يوسف: وخرجت نائلة بنت الفرافصة تلك الليلة وقد شقت جيبها قبلاً ودبراً، ومعها سراج وهي تصيح: وا أمير المؤمنيناه!. قال: فقال جبير بن مطعم: أطفئي السراج لا يفطن بنا فقد رأيت الغواة الذين على الباب. فأطفأت السراج. وانتهوا إلى البقيع فصلى عليه جبير بن مطعم وخلفه حكيم بن حزام وأبو جهم بن حذيفة ونيار بن مكرم الأسلمي، ونائلة بنت الفرافصة وأم البنين بنت عيينة امرأتاه، ونزل في حفرته نيار بن مكرم وأبو جهم بن حذيفة وجبير بن مطعم، وكان حكيم بن حزام وأم البنين ونائلة يدلونه على الرجال حتى لحد له وبني عليه وغيبوا قبره وتفرقوا.
وقيل: إن جبير بن مطعم صلى على عثمان في ستة عشر رجلاً، بجبير سبعة عشر.
قال ابن سعد: الحديث الأول: صلى عليه أربعة. أثبت.
وقيل: صلي عليه في ثمانية.
وقيل: صلي عليه المسور بن مخرمة.
وعن هشام بن عروة عن أبيه قال: لما قتل عثمان مكث ثلاثاً لا يدفن، حتى هتف بهم هاتف: أن ادفنوه ولا تصلوا عليه فإن الله قد صلى عليه.
وعن عروة قال: لما منعوا الصلاة على عثمان قال أبو جهم بن حذيفة: إن تمنعوا الصلاة عليه فقد صلى الله عليه وملائكته.
وعن مالك بن أبي عامر قال: كنت أحد حملة عثمان بن عفان حين توفي، حملناه على باب، وإن رأسه ليقرع الباب لإسراعنا به، وإن بنا من الخوف لأمر عظيماً حتى واريناه في قبره في حش كوكب.
قال عبد الملك بن الماجشون: سمعت مالكاً يقول: قتل عثمان فأقام مطروحاً على كناسة بني فلان ثلاثاً، فأتاه اثنا عشر رجلاً فيهم جدي مالك بن أبي عامر، وحويطب بن عبد العزى، وحكيم بن حزام، وعبد الله بن الزبير، وعائشة بنت عثمان، معهم مصباح في حق، فحملوه على باب وإن رأسه يقول على الباب: طق طق، حتى أتوا به البقيع، فاختلفوا في الصلاة عليه، فصلى عليه حكيم بن حزام أوحويطب بن عبد العزى، وقام رجل من بني مازن فقال: والله لئن دفنتموه مع المسلمين لأخبرن الناس فحملوه حتى أتوا به إلى حش كوكب، ولما دلوه في قبره صاحت عائشة بنت عثمان، فقال لها ابن الزبير: اسكتي، فوالله لئن عدت لأضربن الذي
فيه عيناك. فلما دفنوه وسووا عليه التراب قال لها ابن الزبير: صيحي ما بدا لك أن تصيحي.
قال مالك: وكان عثمان بن عفان قبل ذلك يمر بحش كوكب فيقول: ليدفنن هنا رجل صالح، فيأتسي الناس، فكان عثمان أول من دفن هناك.
وعن ابن عباس قال: لما قتل عثمان بن عفان رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في منامي، فمر بي فسلم علي، فقلت: حبيبي رسول الله ألا تقف حتى أشتفي منك بالنظر؟ قال: إني مستعجل، إن إبراهيم وأخي موسى منتظرون لي لزفاف عثمان الليلة.
وعن مطرف: أنه رأى عثمان بن عفان فيما يرى النائم فقال: رأيت عليه ثياب خضر، قلت: يا أمير المؤمنين، كيف فعل الله بك؟ قال: فعل الله بي خيراً، قلت: يا أمير المؤمنين، أي الدين خير؟ قال: الدين القيم ليس يسفك الدم.
ونظم الشعراء فيه عدة مراث.
قال الشعبي: ما سمعت من مراثي عثمان أحسن من قول كعب بن مالك وقيل: هي للمغيرة بن الأخنس، وقيل لغيره: من الطويل:
فكف يديه ثم أغلق بابه ... وأيقن أن الله ليس بغافل.
وقال لأهل الدار لا تقتلوهم ... عفا الله عن كل امرئ لم يقاتل.
فكيف رأيت الله صب عليهم ال ... عداوة والبغضاء بعد التواصل
وكيف رأيت الخير أدبر بعده ... عن الناس إدبار النعام الجوافل
وقال الوليد بن عقبة: من الطويل:
بني هاشم ردوا سلاح ابن أختكم ... ولا تنهبوه ما تحل مناهبه
بني هاشم إلا تردوا فإننا ... سواء علينا قاتلاه وسالبه
بني هاشم كيف الهوادة بيننا ... وسيف ابن أروى عندكم وحرائبه
قتلتم أمير المؤمنين خيانة ... كما غدرت يوماً بكسرى مرازبه
فوالله لا أنسى ابن أمي عيشتي ... وهل ينسين الماء من كان شاربه
هو الأنف والعينان مني فليس لي ... سوى الأنف والعينين وجهاً أعاتبه
قال عثمان بن مرة: حدثتني أمي قالت: سمعت الجن بكت على عثمان بن عفان فوق مسجد المدينة، فكانت تنشد ما قالوا: من مجزوء الرمل:
ليلة المسجد إذ ير ... مون بالصخر الصلاب
ثم قاموا بكرة ين ... عون صقراً كالشهاب
زينهم في الحي والمج ... لس فكاك الرقاب
عثمان بن عفان بن أبي العاص: رضوان الله عليه.

علي بن أبي طالب عليه السلام

علي بن أبي طالب عليه السلام
واسم أبي طالب عبد مناف، بن عبد المطلب واسمه شيبة، بن هاشم واسمه عمرو، بن عبد مناف واسمه المغيرة، بن قصي واسمه زيد أبو الحسن الهاشمي ابن عم سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وختنه على ابنته، وأخوه وأبو سبطيه الحسن والحسين.
من المهاجرين الأولين، شهد بدراً وأحداً والمشاهد كلها، وبويع بالخلافة بعد قتل عثمان بن عفان، يوم الجمعة لثمان عشرة ليلة خلت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، وكانت بيعته في دار عمرو بن محصن الأنصاري، ثم بويع للعامة من الغد يوم السبت في مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
وقدم الجابية مع عمر بن الخطاب، وذكر الواقدي أنه لم يخرج مع عمر.
حدث أبو الطفيل عامر بن واثلة قال: كنت عند علي بن أبي طالب فأتاه رجل فقال: ما كان النّبي صلّى الله عليه وسلّم يسرّ إليك؟ فغضب، ثم قال: ما كان النّبي صلّى الله عليه وسلّم يسرّ إليّ شيئاً كتمه عن الناس، غير أنه قد حدثني بكلمات أربع، قال: فقال: ما هنّ يا أمير المؤمنين؟ قال: قل: " لعن الله من لعن والديه، ولعن الله من ذبح لغير الله، ولعن الله من آوى محدثاً، ولعن الله من غيّر منار الأرض ".
وعن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: كنت رجلاً مذّاءً، فجعلت أغتسل في الشتاء حتى تشقق ظهري، قال: فذكرت ذلك للنّبي صلّى الله عليه وسلّم، أو ذكر له، فقال: " لا تفعل إذا رأيت المذي فاغتسل ذكرك، وتوضأ وضوءك للصلاة، فإذا فصحت الماء فاغتسل ".
وعن علي قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: " أحبب حبيبك هوناً ما، عسى أن يكون بغيضك يوماً ما، وأبغض بغيضك هوناً ما، عسى أن يكون حبيبك يوماً ما ".
وعن نافع أن عظيم أنباط الشام قال:
يا أمير المؤمنين إنا قد صنعنا لك وللمسلمين طعاماً، فإن رأيت أن تحضره، فقال: وأين؟ فقال: في الكنيسة، فقال عمر: إن في كنائسكم الصور، والملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة، وإنا لا ندخل بيتاً لا تدخله الملائكة.
وفي رواية قالوا: يا أمير المؤمنين قد أنفقنا عليك نفقة، وكلّفنا فيه مؤنةً. فقال عمر: يا علي انطلق فتغدّ وغدّ الناس، ففعل علي، فجعل يتغدّى ويغدّي الناس، وعلي ينظر إلى تلك الصّور التي في كنيستهم ويقول: ما كان على أمير المؤمنين أن لو دخل وتغدّى.
وجعفر وعلي وعقيل بنو أبي طالب، أمهم فاطمة بنت أسد بن هاشم، وهي أول هاشمية ولدت لهاشمي، وأسلمت وهاجرت إلى الله وإلى رسوله بالمدينة وماتت بها، وشهدها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
وأم فاطمة بنت أسد فاطمة بنت هزم بن رواحة بن حدر بن عبد بن معيص بن عامر.
ويقال: إنّ علياً أول ذكر آمن بالله ورسوله. ويقال: أبو بكر الصّدّيق أول ذكر آمن بالله ورسوله.
وآخى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بين المهاجرين والأنصار يتوارثون، فآخى عليّاً يوارثه حتى نزلت: " وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعضٍ في كتاب الله "، فرجعت الوراثة إلى الأرحام.
وهو أحد أصحاب الشورى الستة الذين شهد لهم عمر بن الخطاب أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم توفي وهو عنهم راضٍ.
وله يقول أسيد بن أبي إياس بن زنيم بن محييه بن عبد بن عدي بن الديل وهو يحرض مشركي قريش على قتله ويغريهم: من الكامل
في كلّ مجمع غايةٍ أخزاكم ... جذع أبرّ على المذاكي القرّح
لله درّكم ألمّا تنكروا ... قد ينكر الحيّ الكريم ويستحي
هذا ابن فاطمة الذي أفناكم ... ذبحاً وقتلة قعصةٍ لم يذبح
أعطوه خرجاً واتّقوا بمصيبةٍ ... فعل الذّليل وبيعةً لم تربح
أين الكهول وأين كلّ دعامةٍ ... في المعضلات وأين زين الأبطح
أفناهم قعصاً وضرباً يقتري ... بالسيف يعمل حده لم يصفح
وكان علي عليه الصلاة والسلام ربعة آدم، وقيل: أحمر ضخم المنكبين طويل اللحية أصلع عظيم البطن أبيض الرأس واللحية.
قال عروة: أسلم علي وهو ابن ثمان سنين، ويقال: سبع سنين.
قال زهر بن معاوية: كان علي يكنى أبا قضم، وكان رجلاً آدم شديد الأدمة، ثقيل العينين عظيمهما، ذا بطن، أصلع، وهو إلى القصر أقرب.
وكان خلافته أربع سنين وثمانية أشهر وتسعة عشر يوماً، وقبض النبي صلّى الله عليه وسلّم وعلي ابن سبع وعشرين سنة.
وعلي أول من صدق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من بني هاشم، وشهد المشاهد معه، وجاهد معه، ومناقبه أشهر من أن تذكر، وفضائله أكثر من أن تحصى.
توفيت أمه فاطمة مسلمةً قبل الهجرة. وقيل: إنها هاجرت، وصلى عليها سيدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ودفنها وبكى عليها، فإنها كانت بارة به، قيمة بأمره.
وكان علي أصغر بني أبي طالب، كان أصغر من جعفر بعشر سنين، وكان جعفر أصغر من عقيل بعشر سنين، وكان عقيل أصغر من طالب بعشر سنين.
وكان علي من سيدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بمنزلة هارون من موسى، وصلى القبلتين جميعاً، وهاجر الهجرة الأولى، وشهد المشاهد كلها إلا تبوك، رده سيدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: " اخلفني في أهلي "، قال: " ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ ".
وقال يوم خيبر: لأعطينّ الراية رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله. فتطاول لها أصحاب سيدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: ادعوا لي علياً، فأتي به أرمد، فبصق في عينه، ودفع إليه الراية، ففتح الله تعالى عليه.
ولما نزلت: " ندع أبناءنا وابناءكم " دعا علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً وقال:
وقال صلّى الله عليه وسلّم: " إنه أقضى الأمة ".
وشهد له سيدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالجنة. ومات وهو عنه راض، رحمه الله وسلم عليه وحشرنا في زمرته.
وقال علي عليه السلام يوم خيبر: من الرجز
أنا الذي سمّتني أمي حيدره ... كليث غاباتٍ كريه المنظره
أوفيهم بالصاع كيل السّندره
فسره ابن قتيبة أن علي بن أبي طالب ولد وأبو طالب غائب، وسمته فاطمة أمه أسداً باسم أبيها، فلما قدم أبو طالب كره هذا الاسم الذي سمته أمه به، وسماه علياً، فلما رجز علي يوم خيبر ذكر الاسم الذي سمته به أمه.
وحيدرة من أسماء الأسد، وهي أشجعها، كأنه قال: أنا الأسد، والسندرة: شجر تعمل منها القسي والنبل.
قال سهل بن سعد: استعمل على المدينة رجل من آل مروان، فدعا سهل بن سعد فأمره أن يشتم علياً فأبى سهل، فقال له: أما إذ أبيت فقل: لعن الله أبا تراب، فقال سهل: ما كان لعلي اسم أحب إليه من أبي تراب، وأن كان ليفرح إذا دعي به، فقال له: أخبرنا عن قصته، لم سمي أبا تراب؟ قال: جاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بيت فاطمة فلم يجد علياً في البيت، فقال: " أين ابن
عمك؟ " فقالت: كان بينين وبينه شيء فغاظني، فخرج ولم يقل عندي، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لإنسان: " انظر أين هو؟ " فجاء فقال: يا رسول الله، هو في المسجد راقد، فجاءه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو مضطجع، قد سقط رداؤه عن شقه فأصابه تراب، فجعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يمسحه عنه، ويقول: " قم أبا تراب، قم أبا تراب ".
وفي حديث آخر: ان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم آخى بين الناس، ولم يؤاخ بينه وبين أحد، فخرج مغضباً حتى أتى كثيباً من رمل فنام عليه، فأتاه النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: " قم يا أبا تراب "، وجعل ينفض التراب عن ظهره وبرديه ويقول: " قم يا أبا تراب، أغضبت أن آخيت بين الناس ولم أؤاخ بينك وبين أحد؟ " قال: نعم، فقال: " أنت أخي، وأنا أخوك ".
وعن أبي الطفيل قال: جاء النبي صلّى الله عليه وسلّم وعليّ عليه السلام نائم في التراب، فقال: " أحق أسمائك أبو تراب، أنت أبو تراب ". وفي حديث بمعنى حديث سعدٍ في مغاضبة فاطمة عليها السلام: فأتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المسجد، فإذا هو نائم في التراب فقال له: " يا أبا تراب ما ينيمك في التراب؟ والله، حجرة بيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خير من التراب "، فقام.
قال أبو رجاء العطاردي: رأيت علي بن أبي طالب ربعة ضخم البطن، عظيم اللحية قد ملأت صدره، في عينيه خفش، أصلع شديد الصلع، كثير شعر الصدر والكتفين، كأنما اجتاب إهاب شاة.
وفي حديث الشعبي: أصلع على رأسه زغبات، له ضفيرتان.
وفي حديث: إلى القصر ما هو، دقيق الذراعين، لم يصارع أحداً قط إلا صرعه،
ومن أحاديث: كأنما كسر ثم جبر، لا يغير شيبه، خفيف المشي على الأرض، ضحوك السن، وكان من أحسن الناس وجهاً.
ولما دعاه النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى الإسلام كان ابن تسع سنين، ويقال: دون التسع، ولم يعبد الأوثان قط لصغره.
قال مجاهد: أول من صلى عليٌّ وهو ابن عشر سنين، وقيل: أسلم وهو ابن إحدى عشرة سنة، وقيل: ابن ثلاث عشرة سنة، وقيل: ابن أربع عشرة سنة، وكانت له ذؤابة، يختلف إلى الكتاب.
وقيل: إنه أول من أسلم بعد خديجة، وهو ابن خمس عشرة أو ست عشرة سنة.
وروي عن ابنعباس قال: أول من أسلم مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خديجة ثم أناس ثم علي، فأمرهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بشهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، وخلع الأنداد واللات والعزى، وأمرهم بالصلاة.
قال أبو نافع: صلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أول يوم الاثنين، وصلت خديجة آخر يوم الاثنين، وصلى علي يوم الثلاثاء من الغد، وصلى مستخفياً قبل أن يصلي مع النبي صلّى الله عليه وسلّم أحدٌ سبع سنين وأشهر.
قال أنس: بعث النبي صلّى الله عليه وسلّم يوم الاثنين، وأسلم علي يوم الثلاثاء.
قال علي عليه السلام: عبدت الله مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قبل أن يعبد رجلٌ من هذه الأمة خمس سنين، أو سبع سنين.
وعن علي عليه السلام قال: أنا أول من أسلم.
وعنه قال: أنا أول من صلى مع النبي صلّى الله عليه وسلّم.
قال حبّة العرني: رأيت علياً ضحك ضحكاً لم أره ضحك ضحكاً أكثر منه حتى بدت نواجذه وهو على المنبر، فقال: بينا أنا ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم نرعى ببطن نجلة، فنحن نصلي إذ وجدنا أبو طالب فقال: ماذا تصنعان يا بن أخ؟ فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " أسلم "، وكلّمه، فقال: ما أدري ما تقول! وفي رواية فقال:
ما بما تقولان بأس، ولكن والله لا يعلوني استي. قال: فضحك لقول أبيه، ثم قال: اللهم لا أعرف عبداً لك من هذه الأمة عبدك قبلي غير نبيها صلّى الله عليه وسلّم، ثلاث مرار، ثم قال: لقد صليت قبل أن يصلي أحد سبعاً. قال: والله ما قال سبعة أيام، ولا سعة أشهر ولا سبع سنين.
قالت معاذ العدوية: سمعت علي بن أبي طالب على منبر البصرة يخطب يقول: أنا الصديق الأكبر، آمنت قبل أن يؤمن أبو بكر، وأسلمت قبل أن يسلم.
قال الحارث: سمعت علياً يقول: أول من أسلم من الرجال أبو بكر، وأول من صلى القبلة من الرجال مع النبي صلّى الله عليه وسلّم عليّ.
قال علي بن أبي طالب: صليت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قبل أن يصلي معه أحد من الناس ثلاث سنين، وكان مما عهد إلي أن لا يبغضني مؤمن ولا يحبني كافر أو منافق، والله ما كذبت ولا كذّبت، ولا ضللت ولا ضلّ بي، ولا نسيت ما عهد إلي.
قال عفيف: جئت في جاهلية إلى مكة، وأنا أريد أن أبتاع لأهلي من ثيابها وعطرها، فأتيت العباس بن عبد المطلب، وكان رجلاً تاجراً، وأنا عنده جالس حيث أنظر إلى الكعبة، وقد حلقت الشمس في السماء فارتفعت، فذهبت، إذ أقبل شاب فرمى ببصره إلى السماء، ثم قام مستقبل الكعبة، فلم ألبث إلى يسيراً حتى جاء غلام، فقام عن يمينه، ثم لم ألبث إلا يسيراً حتى جاءت امرأة، فقامت خلفهما، فركع الشاب فركع الغلام والمرأة، فرفع الشاب فرفع الغلام والمرأة، فسجد الشاب فسجد الغلام والمرأة، فقتل: يا عباس، أمر عظيم! فقال العباس: أمر عظيم! تدري من هذا الشاب؟ قلت: لا، قال: هذا محمد بن عبد الله ابن أخي، تدري من هذا الغلام؟ هذا ابن أخي علي، تدري من هذه المرأة؟ هذه خديجة بنت خويلد زوجته. إن ابن أخي هذا حدثني عن أن ربه ربّ السماوات والأرض أمره بهذا الدين الذي هو عليه، والله، ما على الأرض كلها أحدٌ على هذا الدين غير هؤلاء الثلاثة.
قال ابن عباس: أول من آمن برسول الله صلّى الله عليه وسلّم علي، ومن النساء خديجة.
وقال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " علي أول من آمن بي وصدقني ".
وقال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " صلت الملائكة عليّ وعلى علي بن أبي طالب سبع سنين "، قالوا: ولم ذاك يا رسول الله؟ قال: " لم يكن معي من الرجال غيره ".
قال مالك بن الحويرث: كان علي أول من أسلم من الرجال، وخديجة أول من أسلم من النساء.
قال زيد بن أرقم: أول من أسلم على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عليّ بن أبي طالب، فذكرت ذلك لإبراهيم فأنكره، قال: أول من أسلم مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أبو بكر.
قال إبراهيم القرظيّ: كنا جلوساً في دار المختار ليالي مصعب، معنا زيد بن أرقم، فذكروا علياً، فأخذوا يتناولونه، فوثب زيد وقال: أف أف، والله إنكم لتتناولون رجلاً قد صلى قبل الناس بسبع سنين.
وعن أبي أيوب قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " لقد صلت الملائكة عليّ وعلى عليٍّ سبع سنين، لأنا كنا نصلي ليس معنا أحد يصلي غيرنا ".
وعن أنس بن مالكقال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " صلى عليّ الملائكة وعلى عليّ بن أبي طالب سبع سنين، ولم تصعد أو ترتفع شهادة أن لا إله إلا الله من الأرض إلى السماء إلا مني ومن علي بن أبي طالب ".
وعن سلمان قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " وأنكم وروداً على الحوض أولكم إسلاماً: علي بن أبي طالب ".
وعن سلمان وأبي ذر قالا: أخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بيد علي فقال: " ألا إن هذا أول من آمن بي، وهذا أول من يصافحني يوم القيامة، وهذا الصديق الأكبر، وهذا فاروق هذه الأمة، يفرق بين الحق والباطل، وهذا يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الظالمين ".
وفي رواية: " والمال يعسوب الكفار ".
قال أبو سخيلة: حججت أنا وسلمان، فنزلنا بأبي ذر، فكنا عنده ما شاء الله، فلما حان منا خفوف قلت: يا أبا ذر، إني أرى أموراً قد حدثت، وإني خائف أن يكون في الناس اختلاف، فإن كان ذلك فما تأمرني؟ قال: الزم كتاب الله عز وجل وعليّ بن أبي طالب، فأشهد أني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: "
علي أول من آمن بي، وأول من يصافحني يوم القيامة، وهو الصديق الأكبر، وهو الفاروق يفرق بين الحق والباطل ".
وعن ابن عباس عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال لأم سلمة: " يا أم سلمة، إن علياً لحمه من لحمي، ودمه من دمي، وهو مني بمنزلة هارون من موسى، غير أنه لا نبي بعدي ".
وعن قال: ستكون فتنة، فإن أدركهما أحد منكم فعليه بخصلتين: كتاب الله وعلي بن أبي طالب؛ فإني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول وهو آخذ بيد علي: " هذا أول من آمن بي، وأول من يصافحني يوم القيامة، وهو فاروق هذه الأمة، يفرق بين الحق والباطل، وهو يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الظالمين، وهو الصديق الأكبر، وهو بابي الذي أوتى منه، وهو خليفتي من بعدي ".
وعن سلمان قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " الصديقون ثلاثة: حبيب النجار مؤمن آل ياسين الذي قال: " يا قوم اتّبعوا المرسلين ". وحزقيال مؤمن آل فرعون الذي قال: " أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله "، وعلي بن أبي طالب، وهو أفضلهم ".
وعن عبد الرحمن بن عوف: في قوله عز وجل: " والسابقون الأولون " قال: هم عشرة من قريش كان أولهم إسلاماً علي بن أبي طالب.
وعن عمر مولى غفرة قال: سئل محمد بن كعب: من أول من أسلم علي بن أبي طالب أبو بكر؟ قال: سبحان الله! علي أولهما إسلاماً، وإنما اشتبه على الناس لأن علياً أول من أسلم كان يخفي إسلامه من أبي طالب، وأسلم أبو بكر فأظهر إسلامه، فكان أبو بكر أول من أظهر إسلامه، وكان علي أولهم إسلاماً فاشتبه على الناس.
وفي حديث بمعناه عن محمد بن كعب القرظي: كان علي يكتم الإسلام فرقاً من أبيه، حتى لقيه أبو طالب، فقال: أسلمت؟ فقال: نعم، فقال: وازر ابن عمك وانصره. وقال: أسلم علي قبل أبي بكر.
وحدثت ليلى الغفارية قالت: كنت أخرج مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في مغازيه، فأداوي الجرحى، وأقوم على المرضى، فلما خرج عليٌّ بالبصرة خرجت معه، فلما رأيت عائشة واقفة دخلني شيء من الشك، فأتيتها فقلت: هل سمعت من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فضيلة في علي؟ قالت: نعم. دخل علي على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو مع عائشة وهو على فريش لي، وعله جرد قطيفة فجلس بينهما فقالت له عائشة: أما وجدت مكاناً هو أوسع لك من هذا؟ فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: " يا عائشة، دعي لي أخي، فإنه أول الناس بي إسلاماً، وآخر الناس بين عهداً عند الموت، وأولى الناس بي يوم القيامة ".
وعن علي قال: أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خديجة وهو بمكة، فاتخذت له طعاماً، ثم قال لعلي: " ادع لي بني عبد المطلب "، فدعا أربعين، فقال لعلي: " هلم طعامك "، قال علي، فأتيتهم بثريدة، إن كان الرجل منهم ليأكل مثلها، فأكلوا منها جميعاً حتى أمسكوا، ثم قال: " اسقهم "، فسقيتهم بإناء هو ري أحدهم، فشربوا منه حتى صدروا، فقال أبو لهب: لقد سحركم محمد، فتفرقوا ولم يدعهم. فلبثوا أياماً ثم صنع لهم مثله، ثم أمرني فجمعتهم، فطعموا، ثم
قال لهم: " من يؤازرني على ما أنا عليه؟ ويتابعني على أن يكون أخي وله الجنة؟ " فقلت: أنا يا رسول الله، وإني لأحدثهم سناً وأحمشهم ساقاً، فسكت القوم، ثم قالوا: يا أبا طالب ألا ترى ابنك؟ قال: دعوه فلن يألو من ابن عمه خيراً.
وفي حديث بمعناه فقال: " يا بني عبد المطلب: إني بعثت إليكم خاصة، وإلى الناس عامة، وقد رأيتم من هذه الآية ما رأيتم، فأيكم يبايعني على أن يكون أخي وصاحبي؟ " قال: فلم يقم إليه أحد. قال: فقمت إليه وكنت أصغر القوم، قال: فقال: " اجلس "، قال ثلاث مرات، كل ذلك أقوم إليه، فيقول لي: " اجلس "، حتى كان في الثالثة ضرب بيده على يدي.
وعن علي: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم جمع قريشاً. ثم قال: " لا يؤدي أحد عني ديني إلا علي ".
وعن علي قال: لما نزلت: " وأنذر عشيرتك الأقربين " دعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رجلاً من أهل بيته، إن كان الرهط منهم لآكلاً الجذعة، وإن كان لشارباً فرقاً، فقدّم إليهم رجل يعني شاة، فأكلوا حتى شبعوا، ثم قال لعلي: " تقضي ديني وتنجز موعدي ".
وعن علي قال:
لما نزلت: " وأنذر عشيرتك الأقربين " قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " يا علي اصنع لي رجل شاة بصاع من طعام، وأعد قعباً من لبن، وكان القعب قدر ريّ رجل ". قال:
ففعلت، فقال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " يا علي اجمع بني هاشم "، وهم يومئذ أربعون رجلاً، أو أربعون غير رجل. فدعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالطعام فوضعه بينهم، فأكلوا حتى شبعوا، وإن منهم ليأكل الجذعة بآدامها. ثم تناولوا القدح، فشربوا حتى رووا، وبقي فيه عامته، فقال بعضهم: ما رأينا كاليوم في السحر، يرون أنه أبو لهب.
فقال الثالثة: " اصنع رجل شاة بصاع من طعام، واغد بقعب من لبن "، ففعلت، فقال: " اجمع بني هاشم "؛ فجمعتهم، فأكلوا وشربوا فبدرهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالكلام، فقال: " أيكم يقضي ديني، ويكون خليفتي ووصيي من بعدي؟ " قال: فسكت العباس مخافة أن يحيط ذلك بماله، فأعاد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الكلام الثانية، وسكت العباس مخافة أن يحيط ذلك بماله، فأعاد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الكلام الثالثة، قال: وإني يومئذ لأسوؤهم هيئة، إني يومئذ لأحمش الساقين، أعمش العينين، ضخم البطن، فقلت: أنا يا رسول الله، قال: " أنت يا علي، أنت يا علي ".
وعن علي قال: لما نزلت هذه الآية: " وأنذر عشيرتك الأقربين " فضقت بذلك ذرعاً، وعرفت أني متى أناديهم بهذا الأمر أرى منهم ما أكره، فصمتّ عليها حتى جاءني جبريل فقال: يا محمد، إنك إن لم تفعل ما تؤمر به، سيعذبك ربك. " فاصنع لنا صاعاً من طعام واجعل عليه رجل شاة، وأمل لنا عساً من لبن، واجمع لي بني عبد المطلب حتى أبلغهم ". فصنع لهم الطعام، وحضروا، فأكلوا وشبعوا، وبقي الطعام. قال: ثم تكلم
رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: " يا بني عبد المطلب، إني والله ما أعلم شاباً من العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به، إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وإني ربي أمرني أن أدعوكم، فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيّي وخليفتي فيكم؟ " فأحجم القوم عنها جميعاً، وإني لأحدثهم سناً، فقلت: أنا، يا نبي الله أكون وزيرك عليه، فأخذ برقبتي، ثم قال: " هذا أخي ووصيّي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا ". فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لعلي وتطيع.
وفي حديث بمعناه: فقال لهم: " يا بني عبد المطلب: إن الله لم يبعث رسولاً إلا جعل له من أهله أخاً ووزيراً ووارثاً ووصياً ومنجزاً لعدته وقاضياً لدينه، فمن منكم يبايعني على أن يكون أخي ووزيري ووصيّي ومنجز عداتي وقاضي ديني؟ " فقام إليه علي بن أبي طالب، وهو يومئذ أصغرهم، فقال له: " اجلس ". فقدم إليهم الجذعة والفرق من اللبن فصدروا عنه حتى أنهلهم وفضل منه فضلة.
فلما كان في اليوم الثاني أعاد عليهم القول، ثم قال: " يا بني عبد المطلب كونوا في الإسلام رؤوساً، ولا تكونوا أذناباً، فمن منكم يبايعني على أن يكون أخي ووزيري ووصيّي ومنجز عداتي، وقاضي ديني؟ " فقام إليه علي بن أبي طالب، فقال: " اجلس ".
فلما كان اليوم الثالث، أعاد عليهم القول، فقام علي بن أبي طالب فبايعه بينهم فتفل في فيه فقال أبو لهب: بئس ما جبرت به ابن عمك إذ أجابك إلى ما دعوته إليه، ملأت فاه بصاقاً.
وعن أبي رافع قال: كنت قاعداً بعدما بايع الناس أبا بكر، فسمعت أبا بكر يقول للعباس: أيّدك الله، هل تعلم أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جمع بني عبد المطلب وأولادهم وأنت فيهم، وجمعكم دون قريش فقال: " يا بني عبد المطلب إنه لم يبعث الله نبياً إلا جعل له من أهله أخاً ووزيراً ووصياً
وخليفة في أهله، فمن يقوم منكم يبايعني على أن يكون أخي ووزيري ووصيي وخليفتي في أهلي؟ ". فلم يقم منكم أحد؟ فقال: " يا بني عبد المطلب كونوا في الإسلام رؤوساً ولا تكونوا أذناباً، والله ليقومن قائمكم، أو ليكونن في غيركم، ثم لتندمنّ "، فقام علي من بينكم فبايعه على ما شرط له ودعاه إليه، أتعلم هذا له من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ قال: نعم.
عن ابن عمر قال: حين آخى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بين أصحابه جاء علي تدمع عيناه فقال: ما لي لم تؤاخ بيني وبين أحد من إخواني؟ فقال: " أنت أخي في الدنيا والآخرة ".
وعن أنس بن مالك قال:
آخى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بين المسلمين، فقال لعلي: " أنت أخي وأنا أخوك ". وآخى بين أبي بكر وعمر، وآخى بين المسلمين جميعاً.
وعن أسماء بنت عميس قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " أقول كما قال أخي موسى: " ربّ اشرح لي صدري ويسر لي أمري " " واجعل لي وزيراً من أهلي " علياً أخي " اشدد به أزري " " إلى آخر الآيات.
وعن زيد بن أوفى قال: دخلت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مسجده، فقال: " أين فلان؟ أين فلان؟ " فجعل ينظر في وجوه أصحابه، فذكر الحديث في المؤاخاة، وفيه: فقال علي: لقد ذهب روعي وانقطع ظهري حين رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت غيري، فإن كان هذا من سخطك عليّ فلك العتبى والكرامة. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " والذي بعثني بالحق، ما أخرتك إلا لنفسي، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي، وأنت أخي ووارثي ". قال: وما أرث منك يا نبي الله؟ قال: " ما ورثت الأنبياء من قبلي ". قال: وما ورثت الأنبياء من قبلك؟ قال: " كتاب ربهم وسنة نبيهم، وأنت معي في قصري في الجنة
مع فاطمة ابنتي، وأنت أخي ورفيقي ". ثم تلا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " إخواناً على سررٍ متقابلين " المتحابين في الله ينظر بعضهم إلى بعض.
وعن ابن عباس قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم لعلي: " يا علي أنت مني وأنا منك، وأنت أخي وصاحبي ".
وعن محدوج بن زيد الهذلي: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لما آخى بين المسلمين أخذ بيد علي فوضعها على صدره ثم قال: " يا علي، أنت أخي، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي، أما تعلم أن أول من يدعى به يوم القيامة يدعى بي، فأقام عن يمين العرش في ظله، فأكسى حلّة خضراء من حلل الجنة، ثم يدعى بأبيك إبراهيم عليه السلام، فيقام عن يمين العرش، فيكسى حلى خضراء من حلل الجنة، ثم يدعى بالنبيين والمرسلين بعضهم على إثر بعض، فيقومون سماطين، فيكسون حللاً خضراً من حلل الجنة، وأنا أخبرك يا علي أنه أول من يدعى من أمتي يدعى بك لقرابتك مني ومنزلتك عندي، فيدفع إليك لوائي وهو لواء الحمد، يستتر به آدم وجميع من خلق الله عز وجل من الأنبياء والمرسلين، فيستظلون بظل لوائي، فتسير باللواء بين السماطين، الحسن بن علي عن يمينك، والحسين عن يسارك حتى تقف بيني وبين إبراهيم في ظل العرش فتكسى حلة خضراء من حلل الجنة، فينادي منادٍ من عند العرش: يا محمد، نعم الأب أبوك إبراهيم، ونعم الأخ أخوك، وهو علي، يا علي، إنك تدعى إذا دعيت، وتحيّا إذا حييت وتكسى إذا كسيت ".
وعن جعفر قال: سمعت أبا ذر وهو مستند إلى الكعبة، وهو يقول: أيها الناس، استووا أحدثكم مما سمعت من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ يقول لعلي كلماتٍ، لو تكون لي إحداهن أحبّ إليّ من الدّنيا وما فيها، سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو يقول: " اللهم أعنه واستعن به! اللهم انصره وانتصر له، فإنه عبدك وأخو رسولك ".
وعن علي قال: طلبني النبي صلّى الله عليه وسلّم فوجدني في جدول نائماً، فقال: " قم، ما ألوم الناس يسمونك أبا تراب " قال: فرآني كأني قد وجدت في نفسي من ذلك، فقال: " قم، فوالله لأرضينّك، أنت أخي وأبو ولدي، تقاتل عن سنتي، وتبرئ عن ذمتي، من مات في عهدي فهو كنز الله، ومن مات في عهدك فقد قضى نحبه، ومن مات يحبك بعد موتك ختم الله له بالأمن والإيمان ما طلعت شمس أو غربت، ومن مات يبغضك مات ميتة الجاهلية، وحوسب بما عمل في الإسلام ".
وعن ابن عباس: أن علياً كان يقول في حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إن الله يقول: " أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم " والله لا ننقلب على أعقابنا بعد إذ هدانا الله، والله إن مات أو قتل لأقاتلن على ما قاتل عليه حتى أموت، والله إني لأخوه ووليه وابن عمه.
وعن أنس بن مالك قال:
كنا إذا أردنا أن نسأل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أمرنا علي بن أبي طالب أو سلمان الفارسي أو ثابت بن معاذ الأنصاري؛ لأنهم كانوا أجرأ أصحابه على سؤاله، فلما نزلت: " إذا جاء نصر الله والفتح " وعلمنا أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نعيت إليه نفسه، قلنا لسلمان: سل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: من نسند إليه أمورنا ويكون مفزعنا، ومن أحب الناس إليه؟ فلقيه فسأله، فأعرض عنه، ثم سأله فأعرض عنه، فخشي سلمان أن يكون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد مقته ووجد عليه. فلما كان بعد لقيه، فقال: " يا سلمان، يا أبا عبد الله ألا أحدثك عما كنت سألتني؟ " فقال: يا رسول الله، خشيت أن تكون قد مقتّني ووجدت عليّ، قال: " كلا يا سلمان، إن أخي ووزيري وخليفتي في أهل بيتي، وخير من تركت بعدي، يقضي ديني ونجز موعدي علي بن أبي طالب ".
قال الخطيب: في سنده مطير، وهو مجهول.
وعن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " يا علي، أخصمك بالنبوة ولا نبوة بعدي، وتخصم الناس بسبع، ولا يحاجك فيهم أحد من قريش، اللهم إنك أولهم إيماناً بالله، وأوفاهم بعهد الله، وأقومهم بأمر الله، وأقسمهم بالسويّة، وأعدلهم في الرعية، وأبصرهم بالقضية، وأعظمهم عند الله مزية ".
وعن ابن عباس قال: قال عمر بن الخطاب: كفوا عن علي: فإني سمعت من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيه خصالاً، لو أن خصلة منها في جميع آل الخطاب كان أحبّ إلي مما طلعت عليه الشمس؛ إني كنت ذات يوم وأبو بكر وعبد الرحمن وعثمان بن عفان وأبو عبيدة بن الجراح في نفر من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فانتهينا إلى باب أم سلمة إذا نحن بعلي متكئ على نجف الباب فقلنا: أردنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: هو في البيت يخرج عليكم الآن، قال: فخرج علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فثرنا حوله، واتكأ على علي، ثم ضرب يده على منكبيه، وقال: " اكس ابن أبي طالب، فإنك مخاصم فتخصم بسبع خصال، ليس لأحد بعدهن إلا فضلك: إنك أول المؤمنين معي إيماناً، وأعلمهم بأيام الله، وأوفاهم بعهده، وأرأفهم بالرعية، وأقسمهم بالسوية، وأعظمهم عند الله مزية. وسقطت منه واحدة.
وعن جابر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " مكتوب على باب الجنة: لا إله إلا الله محمد رسول الله علي أخو رسول الله، قبل أن تخلق السماوات والأرض بألفي عام ".
وعن عبد الله بن ثمامة قال: سمعت علياً يقول: أنا عبد الله وأخو رسوله، ولم يقلها أحد قبلي، ولا يقولها أحد بعدي إلا كذاب.
وعن يعلى بن مرة الثقفي: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم آخى بين الناس، فترك علياً في آخرهم، لا يرى أن له أخاً، فقال: يا رسول الله، آخيت بين الناس وتركتني؟ قال: " ولم ترى تركتك؟ إنما تركتك
لنفسي، أنت أخي وأنا أخوك "، قال: " فإن حاجّك أحد فقل: إني عبد الله وأخو رسوله، لا يدعيها أحد بعدك إلا كذاب ".
قال زيد بن وهب: كنا ذات يوم عند علي، فقال: أنا عبد الله وأخو رسوله، لا يقولها بعدي إلا كذاب، فقال رجل من غطفان: والله لأقولن لكم كما قال هذا الكذاب، أنا عبد الله وأخو رسوله، قال: فصرع، فجعل يضطرب، فحمله أصحابه، فاتبعتم حتى انتهينا إلى دار عمارة، فقلت لرجل منهم، أخبرني عن صاحبكم فقال: ماذا عليك من أمره؟ فسألتهم بالله، فقال بعضهم: لا والله، ما كنا نعلم به بأساً حتى قال تلك الكلمة، فأصابه ما ترى، فلم يزل كذلك حتى مات.
قال الحارث الهمداني: رأيت علياً جاء حتى صعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: قضاء قضاه الله على لسان نبيكم النّبي الأمي صلّى الله عليه وسلّم أنه لا يحبني إلا مؤمن، ولا يبغضني إلا منافق، وقد خاب من افترى.
وعن علي قال: قال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " يا علي، أنت أخي وصاحبي ورفيقي في الجنة ".
وعن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " يا علي أنت مني وأنا منك ".
وعن جعفر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " خلقت أنا وهارون بن عمران ويحيى بن زكريا وعلي بن أبي طالب من طينة واحدة ".
وعن جابر بن عبد الله قال: سمعت النّبي صلّى الله عليه وسلّم يقول لعلي:
" الناس من شجر شتى، وأنا وأنت من شجرة واحدة "، ثم قرأ النّبي صلّى الله عليه وسلّم: "
وجناتٌ من أعنابٍ وزرعٌ صنوانٌ وغير صنوانٍ يسقى بماءٍ واحدٍ " بالياء.
وعن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " إن في الفردوس لعيناً أحلى من الشهد، والين من الزبد، وأرد من الثلج، وأطيب من المسك، فيها طينة خلقنا الله منها، وخلق منها شيعتنا، فمن لم يكن من تلك الطينة فليس منا، ولا من شيعتنا، وهي الميثاق الذي أخذ الله عزّ وجلّ عليه ولاية علي بن أبي طالب ".
وعن علي بن أبي طالب قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: " خلق الناس من أشجار شتى، وخلقت أنا وعلي من شجرة واحدة، فأنا أصلها وعليّ فرعها، فطوبى لمن استمسك بأصلها، وأكل من فرعها ".
وعن أبي أمامة الباهلي قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " خلق الأنبياء من أشجار شتى، وخلقني وعلياً من شجرة واحدة، فأنا أصلها وعلي فرعها، وفاطمة لقاحها، والحسن والحسين ثمرها، ثمن تعلق بغصن من أغصانها نجا، ومن زاغ هوى، ولو أن عبداً عبد الله بين الصفا والمروة ألف عام ثم ألف عام ثم ألف عام، ثم لم يدرك محبتنا إلا أكبّه الله على منخريه في النار "، ثم تلا: " قل لا أسألكم عليه أجراً إلاّ المودّة في القربى ".
زاد في حديث آخر: " وأشياعنا أوراقها ".
وفي آخر: " يا علي، لو أن أمتي صاموا حتى يكونوا كالحنايا، وصلّوا صلّوا حتى يكونوا كالأوتاد، ثم أبغضوك، لأكبّهم الله في النار ".
وعن ابن عباس قال: قال النّبي صلّى الله عليه وسلّم: " خلق الله قضيباً من نور قبل أن يخلق الله الدّنيا بأربعين ألف عام، فجعله أمام العرش حتى كان أول مبعثي، فشقّ منه نصفاً فخلق منه نبيّكم، والنّصف الآخر علي بن أبي طالب ".
وعن سلمان قال: سمعت حبي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: " كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله مطيعاًن يسبّح الله ذلك النور ويقدّسه قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام، فلما خلق الله آدم ركز ذلك النور في صلبه، فلم يزل في شيء واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب، فجزء أنا وجزء علي ".
وعن عبد الله بن عباس قال: أنام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم علياً في فراشه ليلة انطلق إلى الغار، فجاء أبو بكر يطلب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأخبره علي أنه قد انطلق فاتبعه أبو بكر، وباتت قريش تنظر علياً، وجعلوا يرمونه، فلما أصبحوا إذا هم بعلي، فقالوا: أين محمد؟ قال: لا علم لي به، فقالوا: قد أنكرنا تضوّرك، كنا نرمي محمداً فلا يتضوّر، وأنت تضوّر، وفيه نزلت الآية: " ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله ".
وعن أبي رافع: أن علياً كان يجهز النّبي صلّى الله عليه وسلّم حين كان بالغار ويأتيه بالطعام، واستأجر له ثلاث رواحل: للنّبي صلّى الله عليه وسلّم ولأبي بكر ودليلهم ابن أريقط، وخلّفه النّبي صلّى الله عليه وسلّم فخرج إليه أهله، فخرج وأمره أن يؤدي عن أمانته، ووصايا من كان يوصي إليه، وما كان يؤتمن عليه من مال، فأدى عليّ أمانته كلها، وأمره أن يضطجع على فراشه ليلة خرج، وقال: " إن قريشاً لن يفقدوني ما رأوك ". فاضطجع على فراشه، وكانت قريش تنظر إلى فراش النّبي صلّى الله عليه وسلّم فيرون عليه رجلاً يظنونه النّبي صلّى الله عليه وسلّم، حتى إذا أصبحوا رأوا عليه عليّاً فقالوا: لو خرج محمد خرج بعلي معه، فحبسهم الله عزّ وجلّ بذلك عن طلب النّبي صلّى الله عليه وسلّم حين رأوا عليّاً، ولم يفقدوا النّبي صلّى الله عليه وسلّم.
وأمر النّبي صلّى الله عليه وسلّم عليّاً أن يلحقه بالمدينة، فخرج عليّ في طلبه، بعدما أخرج إليه أهله، يمشي الليل ويكمن النهار حتى قدم المدينة، فلما بلغ النّبي صلّى الله عليه وسلّم قدومه، قال: " ادعوا لي علياً "، قيل: يا رسول الله لا يقدر أن يمشي، فأتاه النّبي صلّى الله عليه وسلّم، فلما رآه النّبي صلّى الله عليه وسلّم اعتنقه، وبكى رحمة لما بقدميه من الورم، وكانتا تقطران دماً، فتفل النّبي صلّى الله عليه وسلّم في يديه، ثم مسح بهما رجليه، ودعا له بالعافية، فلم يشتكهما علي حتى استشهد.
وعن علي قال:
لما خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى المدينة في الهجرة أمرني أن أقيم بعده حتى أؤدي ودائع كانت عنده للناس، وإنما كان يسمى الأمين، فأقمت ثلاثاً، وكنت أظهر، ما تغيبت يوماً، ثم خرجت، فجعلت أتبع طريق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى قدمت بني عمرو بن عوف، ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم مقيم، فنزلت على كلثوم بن الهرم، وهنالك منزل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
وعن علي أنه قال: قيل لي يوم بدر ولأبي بكر، قيل لأحدنا: معك جبريل، وقيل للآخر: معك ميكائيل وإسرافيل، ملك عظيم يشهد القتال ولا يقاتل، ويكون في الصف.
قال ابن عباس: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم دفع الرّاية إلى علي يوم بدر، وهو ابن عشرين.
قال أبو جعفر محمد بن علي: نادى مناد في السماء يوم بدر يقال له رضوان: لا سيف إلاّ ذو الفقار، ولا فتى إلاّ علي قال الحافظ: هذا مرسل وكنا ننفل النّبي صلّى الله عليه وسلّم ذا الفقار يوم بدر، ثم وهبه لعلي بعد ذلك.
وعن ابن عباس: أن راية المهاجرين كانت مع علي في المواقف كلها، يوم بدر ويوم أحد ويوم خيبر
ويوم الأحزاب ويوم فتح مكة، ولم تزل معه في المواقف كلها.
وعن ابن عباس قال: لعلي أربع خصال: هو أول عربي وعجمي صلّى مع النّبي صلّى الله عليه وسلّم، وهو الذي كان لواؤه معه في كلّ زحف، وهو الذي صبر معه يوم المهراس، انهزم الناس كلهم غيره، وهو الذي غسله، وهو الذي أدخله قبره.
قال الشعبي: رأى أبو بكر عليّاً فقال: من سرّه أن ينظر إلى أعظم الناس منزلة من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأقربه قرابة، وأفضله دالة، وأعظمه غناءً عن نبيّه، فلينظر إلى هذا. فسمع علي قول أبي بكر، فقال: أما إنه إن قال ذلك إنه لأوّاه، وإنه لأرحم للأمة، وإنه لصاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الغار، وإنه لأعظم الناس غناء عن نبيّه في ذات يده.
وعن سعيد بن المسيب قال: كانت راية رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم أحد مرطاً أسود كان لعائشة، وراية الأنصار يقال لها: العقاب، وعلى ميمنته علي بن أبي طالب، وعلى الميسرة المنذر بن عمرو الساعدي، والزبير بن العوام على الرجال، ويقال: المقداد وحمزة بن عبد المطلب على القلب، واللواء مع مصعب بن عمير أخي بني عبد الدار بن قصي، فقتل؛ فأعطاه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم علياً.
ويقال: كانت له ثلاثة ألوية: لواء المهاجرين إلى مصعب بن عمير، ولواء إلى علي بن أبي طالب، والمنذر بن عمرو جميعاً من الأنصار.
وكان علي بن أبي طالب يوم بدر معلماً بصوفة بيضاء.
وعن جابر بن سمرة قال: قالوا: يا رسول الله، من يحمل رايتك يوم القيامة؟ قال: " ومن عسى أن يحملها يوم القيامة إلا من كان يحملها في الدنيا؟ علي بن أبي طالب ".
قال معمر بن المثنى: كان لواء المشركين يوم بدر مع طلحة بن أبي طلحة، فقتله علي بن أبي طالب، وفي ذلك يقول الحجاج بن علاط السّلمي: من الكامل
لله أيّ مذبّبٍ عن حرمةٍ ... أعني ابن فاطمة المعمّ المخولا
جادت يداك له بعاجل طعنةٍ ... تركت طليحة للجبين مجدّلا
وشددت شدّة باسلٍ فكشفتهم ... بالحقّ إذ يهوين أخول أخولا
وعللت سيفك بالدّماء ولم تكن ... لتردّه حرّان حتى ينهلا
قال أبو رافع: لما كان يوم أحد نظر النّبي صلّى الله عليه وسلّم إلى نفر من قريش، فقال لعلي: " احمل عليهم "، فحمل عليهم، فقتل هاشم بن أمية المخزومي وفرق جماعتهم، ثم نظر النّبي صلّى الله عليه وسلّم إلى جماعة من قريش فقال لعلي: " احمل عليهم "، فحمل عليهم، ففرق جماعتهم، وقتل فلاناً الجمحي، ثم نظر إلى نفر من قريش، فقال لعلي: " حمل عليهم "، فحمل عليهم ففرق جماعتهم وقتل أحد بني عامر بن لؤي، فقال له جبريل عليه السلام: إن هذه للمواساة، فقال النّبي صلّى الله عليه وسلّم: " إنه مني وأنا منه "، فقال له جبريل: وأنا منكم يا رسول الله.
وفي مقتل عمرو بن عبد ودّ قالوا: إن فوارس من قريش فيهم عمرو بن عبد ودّ، وعكرمة بن أبي جهل، وضرار بن الخطاب، وهبيرة بن أبي وهب،
تلبسوا للقتال، وخرجوا علي خيولهم حتى مروا بمنازل بني كنانة، فقالوا: تهيؤوا للحرب، يا بني كنانة، فستعلمون من الفرسان اليوم.
ثم أقبلوا تعنق بهم خيلهم حتى وقفوا على الخندق، فقالوا: والله، إن هذه لمكيدة، ما كانت العرب تكيدها، ثم تيمموا مكاناً من الخندق ضيقاً، فضربوا خيولهم فاقتحمت، فجالت في سبخة بين الخندق وسلع، وخرج علي في نفر من المسلمين حتى أخذ عليهم الثغرة التي منها اقتحموا، فأقبلت الفوارس تعنق نحوهم.
وكان عمرو بن عبد فارس قريش، وكان قد قاتل يوم بدر حتى ارتثّ، واثبتته الجارحة، فلم يشهد أحداً، فلما كان يوم الخندق خرج معلماً ليرى مشهده، فلما وقف هو وخيله، قال له علي: يا عمرو، قد كنت تعاهد الله لقريش ألا يدعوك رجل إلى خلتين، إلا قبلت منه إحداهما. فقال له علي: فإني أدعوك إلى الله ورسوله وإلى الإسلام. قال: لا حاجة لي في ذلك. فقال: فإني أدعوك إلى النزال. فقال له: يا بن أخي، لم؟ فوالله ما أحب أن أقتلك. فقال له علي: لكني والله أحب أن أقتلك؛ فحمي عمرو، فاقتحم عن فرسه فعقره، ثم أقبل، فجاء إلى علي، فتنازلا وتجاولا، فقتله علي، وخرجت خيله منهزمة هاربة حتى اقتحمت من الخندق.
وكان فيمن خرج يوم الخندق هبيرة بن أبي وهب المخزومي، واسم أبي وهب جعدة، وخرج نوفل بن عبد الله بن المغيرة المخزومي، فسأل المبارزة؛ فخرج إليه الزبير بن العوام، فيضربه ضربة؛ فيشقه باثنتين، حتى فلّ في سيفه فلاًّ، فانصرف وهو يقول:
إني امرؤ أحمي وأحتمي ... عن النّبي المصطفى الأمّي
وخرج عمرو بن عبد، فنادى من يبارز؟ فقام علي وهو مقنع في الحديد، فقال: أنا لها يا نبيّ الله، فقال: " إنه عمرو، اجلس "، ونادى عمرو: ألا رجل؟ وهو
يؤنبهم ويقول: أين جنتكم التي تزعمون أنه من قتل منكم دخلها؟ أفلا تبرزون إليّ رجلاً؟ فقام علي فقال: أنا يا رسول الله، فقال: " اجلس ".
وفي رواية: فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " هل يبارزه أحد؟ " فقام علي فقال: أنا يا رسول الله، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " اجلس "، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " هل يبارزه أحد؟ " فقام علي فقال: دعني يا رسول الله، فإنما أنا بين حسنتين: إما أن أقتله فيدخل النار، وإما أن يقتلني فأدخل الجنة. قال: ثم نادى الثالثة، فقال:
" ولقد بححت من النّدا ... ء بجمعكم هل من مبارز "
" ووقفت إذ جبن المشجّع موقف القرن المناجز "
" وكذاك إني لم أزل ... متسرّعاً قبل الهزاهز "
" إن الشجاعة في الفتى ... والجود من خير الغرائز "
فقام علي فقال: يا رسول الله، أنا، فقال: " إنه عمرو "، فقال: إن كان عمرو!! فأذن له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فمشى إليه علي حتى أتاه وهو يقول:
لا تعجلنّ فقد أتا ... ك مجيب صوتك غير عاجز
ذو نيّةٍ وبصيرة ... والصدق منجى كلّ فائز
إني لأرجو أن أقيم عليك نائحة الجنائز
من ضربة نجلاء يبقى ذكرها عند الهزاهز
فقال له عمرو: من أنت؟ قال: أنا علي بن أبي طالب، وقال: أنا ابن عبد مناف، فقال: غيرك يا بن أخي من أعمامك، من هو أسنّ منك، فإني أكره أن أهريق دمك، فقال علي: لكني والله ما أكره أن أهريق دمك؛ فغضب؛ فنزل وسلّ سيفه
كأنه شعلة نار، ثم أقبل نحو علي كرّم الله وجهه مغضباً، واستقبله علي بدرقته، فضربه عمرو في الدّرقة فقدّها، وأثبت فيها السيف، وأصاب رأسه فشجه، فضربه علي عليه السلام على حبل العاتق، فسقط، وثار العجاج، وسمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم التكبير، فعرف أن علياً قد قتله، فثمّ يقول علي عليه السّلام: من الكامل
أعليّ تقتحم الفوارس هكذا ... عني وعنهم أخبروا أصحابي
اليوم يمنعني الفرار حفيظتي ... ومصمّمٌ في الرأس ليس بنابي
آدى عميرٌ حين أخلص صقله ... صافي الحديدة يستفيض ثوابي
وغدوت ألتمس القراع بمرهفٍ ... عضبٍ مع البتراء في أقرابي
آلى ابن عبدٍ حين شدّ أليّةً ... وأليت فاستمعوا من الكذّاب
ألاّ أصدّ ولا يهلّل فالتقى ... رجلان يضطربان كل ضراب
فصددت حين تركته متجدّلاً ... كالجذع بين دكادك وروابي
وعففت عن أثوابه ولو أنّني ... كنت المقطّر بزّني أثوابي
عبد الحجارة من سفاهة عقله ... وعبد ربّ محمدٍ بصواب
ثم أقبل علي نحو رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ووجهه يتهلل، فقال عمر بن الخطاب: هلاّ سلبته درعه؟ وإنه ليس للعرب درع خير منها، فقال: ضربته فاتقاني بسواده، فاستحييت ابن عمي أن أسلبه، وخرجت خيله منهزمة حتى اقتحمت من الخندق.
قال سمرة بن جندب: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يعجبه الفأل الحسن، فسمع علياً وهو يقول: هذه خضرة، فقال: " يا لبيك، قد أخذنا فألنا من فيك، فاخرجوا بنا إلى خضرة "، قال: فخرجوا إلى خيبر، فما سلّ سيف إلاّ سيف علي بن أبي طالب.
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال يوم خيبر: " لأعطين هذه الراية رجلاً يحبّ الله ورسوله، يفتح الله عليه ". قال عمر بن الخطاب: فما أحببت الإمارة إلاّ يومئذٍ، قال: فتشارفت لها رجاء أن أدعى لها. قال: فدعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم علي بن أبي طالب، فأعطاه إياها قال: " امش ولا تلتفت حتى يفتح الله عليك ".
قال: فسار علي شيئاً ثم وقف ولم يلتفت، فصرخ: يا رسول الله، على ماذا أقاتل؟ قال: " قاتلهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا منك دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله عزّ وجلّ ".
وعن سهل بن سعد أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال يوم خيبر: " لأعطينّ هذه الرّاية رجلاً يفتح الله على يديه، يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله "، قال: فبات الناس يذكرون ليلتهم أيهم يعطاها، فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، كلهم يرجو أن يعطاها، فقال: " أين علي بن أبي طالب؟ " قالوا: هو يا رسول الله يشتكي عينيه. قال: " فأرسلوا إليه ". فأتى به، فبصق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في عينيه، ودعا له، فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية. فقال علي: يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ قال: " انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فوالله، لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من أن يكون لك حمر النعم ".
وفي رواية: " فوالله، لأن يسلم على يديك رجل خير لك من أن يكون لك حمر النعم ".
وفي حديث سلمة بن الأكوع قال: كان علي قد تخلف عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في خيبر، وكان رمد العين، فقال: أنا أتخلف عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟! فخرج علي فلحق بالنّبي صلّى الله عليه وسلّم، فلما كان مساء الليلة التي فتحها الله صباحها، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " لأعطينّ الرّاية غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله "، أو قال: " يحبّه الله ورسوله "، يفتح الله عليه، فإذا نحن بعلي، وما نرجوه، فقالوا: هذا علي. وأعطاه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الرّاية ففتح الله عليه.
وفي حديث إياس بن سلمة عن أبيه: " لأعطين هذا اللواء رجلاً يحبه الله ورسوله، أو هو من أهل الجنة "، وكان علي أرمد، فدعاه، فبصق في عينيه، ودعا له، ثم أعطاه اللواء. الحديث.
وفي حديث آخر عنه: فخرج مرحب يخطر بسيفه، فقال: من الرجز
قد علمت خيبر أني مرحب ... شاكي السلاح بطلٌ مجرّب
إذا الحروب أقيلت تلهّب ... أطعن أحياناً وحيناً أضرب
فقال علي بن أبي طالب:
أنا الذي سمتني أمي حيدره ... كليث غابات كريه المنظره
أوفيهم بالصاع كيل السّندره
وقال في آخر: فاختلف هو وعلي ضربتين، فضربه علي على هامته حتى عضّ السيف منه بيض رأسه.
وفي رواية: وعضّ السيف بالأضراس، وسمع أهل العسكر صوت ضربته، فما تتامّ آخر الناس مع علي حتى فتح الله لهم وله.
وفي حديث سلمة بن الأكوع قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى أبي بكر الصديق برايته إلى بعض حصون خيبر، فقاتل ثم رجع، ولم يكن فتح وقد جهد، ثم بعث الغد عمر بن الخطاب، فقاتل ثم رجع ولم يكن فتح وقد جهد، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " لأعطينّ الرّاية غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله، يفتح الله على يديه ليس بفرار ".
قال سلمة: فدعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم علياً وهو أرمد، فتفل في عينيه، ثم قال: " خذ هذه الرّاية فامض بها حتى يفتح الله عليك ".
قال: يقول سلمة: فخرج، والله، بها يهرول هرولة، وإنا لخلفه نتبع أثره حتى ركز رايته في رجم من حجارة تحت الحصن، فاطّلع اليهودي من رأس الحصن، فقال: من أنت؟ قال علي بن أبي طالب. قال: فقال اليهودي: غلبتم وما أنزل التوراة على موسى، أو كما قال: فما رجع حتى فتح الله على يديه.
وفي حديث بريدة الأسلمي: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أعطى اللواء عمر بن الخطاب، فنهض معه من نهض من الناس، فلقوا أهل خيبر، فانكشف عمر وأصحابه، فرجعوا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يجبّنه أصحابه ويجبّنهم، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " لأعطين اللواء غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله،
ويحبّه الله ورسوله، فلما كان الغد تصادر لها أبو بكر وعمر، فدعا علياً وهو أرمد، فتفل في عينه وأعطاه اللواء. الحديث.
وفي حديث ابن عمر قال: جاء رجل من الأنصار إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله، إن اليهود قتلوا أخي، فقال: " لأدفعنّ الرّاية غداً إلى رجل يحبّ الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، فيفتح الله عليه؛ فيمكنك من قاتل أخيك "، فتطاول لها أبو بكر وعمر وأصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأرسل إلى عليّ، فعقد له اللواء، فقال: يا رسول الله: إني أرمد كما ترى، وكان يومئذٍ أرمد، فتفل في عينيه، قال علي: ما رمدت بعد يومئذ، فمضى علي لذلك الوجه فما تتامّ لآخرنا حتى فتح لأولنا، فأخذ عليٌّ قاتل الأنصاري فدفعه إلى أخيه فقتله.
قال عمرو بن ميمون: إني لجالس إلى ابن عباس إذ أتاه تسعة رهط، فقالوا: إما أن تقوم معنا يا بن عباس، وإما أن تحلونا يا هؤلاء، قال: وهو يومئذٍ صحيح قبل أن يعمى قال: بل أقوم معكم، فابتدؤوا فتحدثوا، فلا أدري ما قالوا، فجاء وهو ينفض ثوبه، وهو يقول: أف تف، يقعون في رجلٍ له عشر، وقعوا في رجل، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " لأبعثن رجلاً يحب الله ورسوله، لا يخزيه الله أبداً "، قال: فاستشرف لها من استشرف، فقال: " أين علي؟ " قالوا: هو في الرحى يطحن وما كان أحدكم ليطحن فدعاه، وهو أرمد ما يكاد أن يبصر، فنفث في عينه، ثم هزّ الرّاية ثلاثاً فدفعها إليه، فجاء بصفية بنت حبي.
وبعث أبا بكر بسور التوبة، وبعث علياً خلفه فأخذها منه، فقال أبو بكر: لعل الله ورسوله. فقال: " لا، ولكن لا يذهب بها رجل إلاّ رجلاً هو مني وأنا منه ".
وقال لبني عمه: " أيكم يواليني في الدنيا والآخرة؟ " قال: وعلي معهم، فأبوا، فقال علي: أنا أواليك في الدنيا والآخرة، فقال: " أنت وليي في الدنيا والآخرة "، فتركه، ثم أقبل على رجلٍ رجلٍ
منهم فأبوا، فقال علي: أنا أواليك في الدنيا والآخرة، فقال: " أنت وليي في الدنيا والآخرة ".
قال: ودعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الحسن والحسين وعلياً وفاطمة عليهم السّلام، ومدّ عليهم ثوباً ثم قال: " اللهم هؤلاء أهل بيتي وحامّتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً ".
قال: وكان أول من أسلم من الناس بعد خديجة، وشرى علي بنفسه، ولبس ثوب النّبي صلّى الله عليه وسلّم، ونام مكانه، فجعل المشركون يرمونه كما يرمون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهم يحسبون أنّه نبي الله، قال: فجاء أبو بكر فقال: يا نبي الله؟ فقال علي: إنّ نبيّ الله قد ذهب نحو بئ ميمون، فأدركه، فدخل معه الغار.
قال: وكان المشركون يرمون علياً وهو يتضور حتى أصبح فكشف عن رأسه، قال: فقالوا له: إنك للئيم، كنا نرمي صاحبك فلا يتضور وأنت تضور، قد استنكرنا ذلك.
قال: وقد خرج بالناس في غزوة تبوك، فقال علي: أخرج معك؟ فقال: " لا ". قال: فبكى، قال: فقال: " أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنك لست بنبي؟ " قال: نعم. قال: " وإنك خليفتي في كل مؤمن ".
قال: وسدّ أبواب المسجد غير باب علي، وكان يدخل المسجد وهو جنب، وهو طريقه، ليس له طريق غيره.
قال: وقال: " من كنت وليه فإن علياّ وليه ".
قال: وقال ابن عباس: وأخبرنا الله في القرآن أنه قد رضي عن أصحاب الشجرة فهل حدثنا بعد أنّه سخط عليهم؟ قال: وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لعمر حين قال: ائذن لي، فلأضرب عنقه، قال أبو موسى: يعني حاطباً: " وما يدريك لعل الله قد اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ".
وفي حديث عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " لأدفعنّ الرّاية إلى رجل يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله "، فبعث إلى علي، فجاء وهو أرمد، فتفل في عينه، وأعطاه الراية، فما ردّ وجهه حتى فتح الله عليه، وما اشتكاها بعد.
وعن أبي سعيد قال: أخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الراية فهزها، ثم قال: " من يأخذها بحقّها ". فجاء الزبير فقال: أنا، فقال: " أمط ". ثم قام رجل آخر فقال: أنا، فقال: " أمط ". ثم قام آخر فقال: أنا، فقال: " أمط "، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " والذي أكرم وجه محمد، لأعطينها رجلاً لا يفرّ بها، هاك يا علي "، فقبضها، ثم انطلق حتى فتح الله عليه فدك وخيبر، وجاء بعجوتها وقديدها.
وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: كان علي يلبس في الحر الشديد القباء المحشو الثخين، وما يبالي الحر، فأتاني أصحابي، فقالوا: إنا قد رأينا من أمير المؤمنين شيئاً، فهل رأيته؟ فقلت: وما هو؟ قال: رأيناه يخرج علينا في الحر الشديد في القباء المحشو الثخين وما يبالي الحر، ويخرج علينا في البرد الشديد في الثوبين الخفيفين وما يبالي البرد، فهل سمعت في ذلك شيئاً؟
فقلت: لا، ما سمعت فيه بشيء. فقالوا: سل لنا أباك عن ذلك، فإنه يسمر معه، فأتيته فسألته وأخبرته ما قال الناس. فقال: ما سمعت في ذلك شيئاً. قلت: فإنهم قد أمروني أن أسألك؛ فدخل على علي فسمر معه، ثم قال: يا أمير المؤمنين، إن الناس قد تفقدوا منك شيئاً وسألوني عنه، فلم أدر ما هو؟ فقال علي: وما ذلك؟ فقال: يزعمون أنك تخرج عليهم في الحر الشديد عليك القباء المحشو الثخين لا تبالي بالحر، وتخرج عليهم في البرد الشديد عليك الثوبان الخفيفان لا تبالي البرد!! فقال: أو شهدت معنا خيبر؟ فقلت: بلى، قال: فما رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين دعا أبو بكر فعقد له، وبعثه إلى القوم، فانطلق، ثم جاءه بالناس وقد هزموا؟ فقال: بلى. قال: ثم بعث إلى عمر فعقد له، ثم بعثه إلى القوم فانطلق، ولقي القوم فقاتلهم، ثم رجع وقد هزم؛ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عند ذلك: " لأعطين الراية اليوم رجلاً يحبه الله ورسوله، ويحب الله ورسوله، يفتح عليه غير فرار "، فدعاني، فأعطاني الراية، ثم قال: انطلق، فقلت: يا رسول الله: إني أرمد، والله ما أبصر، فتفل في عيني، ثم قال: " اللهم اكفه الحر والبرد "، فما وجدت بعد يومي ذاك برداً ولا حراً.
وعن أم موسى قالت: سمعت علياً يقول: ما رمدت ولا صدعت منذ مسح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وجهي وتفل في عيني يوم خيبر حين أعطاني الراية.
قال أبو رافع مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " خرجنا مع علي حين بعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم برايته، فلما دنا من الحصن خرج إليه أهله فقاتلهم، فضربه رجل من يهود فطرح ترسه من يده، فتناول علي باباً من عند الحصن فتترس به عن نفسه، فلم يزل في يده وهو يقاتل حتى فتح الله عليه، ثم ألقاه من يده، فلقد رأيتني في نفر معي سبعة، وأنا ثامنهم نجهد على أن نقلب ذلك الباب، فما استطعنا أن نقلبه.
وحدث جابر بن عبد الله: أن علياً حمل الباب على ظهره يوم خيبر حتى صعد المسلمون عليه ففتحوها، وأنه جربوه بعد ذلك، فلم يحمله الأربعون رجلاً.
وحدث سعد بن أبي وقاص قال: أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً، فقال: ما يمنعك أن تسب أباتراب؟ فقال: أما ما ذكرت ثلاثاً قالهن له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فلأن يكون لي واحدة منهن أحبّ إليّ من حمر النعم، سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: خلّفه في بعض مغازيه، فقال له علي: يا رسول الله: تخلفني مع النساء والصبيان؟ فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ إلا أنه لا نبوة بعدي ". وسمعته يقول يوم خيبر: " لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله "، قال: فتطاولنا لها، قال: " ادعوا لي علياً "، فأتي به أرمد، فبصق في عينيه، ودفع الراية إليه، ففتح الله عليه. ولما نزلت هذه الآية: " ندع أبناءنا وأبناءكم " دعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً، فقال: " اللهم هؤلاء أهلي ".
وفي حديث آخر بمعناه:
وقال: لما نزلت هذه الآية: " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرّجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً " دعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال: " اللهم هؤلاء أهلي ".
ومن حديث عن عامر بن سعد، قال سعد: لعليٍّ ثلاث، لأن تكون لي واحدة منهن أحب إليّ من حمر النعم: نزل على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الوحي، فأدخل علياً وفاطمة وابنيها تحت ثوبه، ثم قال: " اللهم هؤلاء أهلي وأهل بيتي ". الحديث.
وعن سعد بن أبي وقاص من حديث قال: قال سعد: أما والله، إني لأعرف علياً وما قال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ أشهد لقال لعلي يوم غدير
خم، ونحن قعود معه، فأخذ بضعه ثم قام به، ثم قال: " أيها الناس، من مولاكم؟ " قالوا: الله ورسوله، قال: " من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم عاد من عاداه ووال من والاه ". الحديث.
ومن حديث الحارث بن مالك قال: أتيت مكة فلقيت سعد بن أبي وقاص، فقلت: هل سمعت لعلي منقبة؟ قال: شهدت له أربعاً، لأن تكون لي واحدتهن أحبّ إلي من الدنيا أعمر فيها مثل عمر نوح عليه السلام: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعث أبا بكر ببراءة إلى مشركي قريش، فسار بها يوماً وليلة، ثم قال لعلي: اتبع أبا بكر فخذها، فبلّغها ورد عليّ أبا بكر، فرجع أبو بكر فقال: يا رسول الله: أنزل فيّ شيء؟ قال: " لا، إلا خيراً، لا، إنه ليس يبلّغ عني إلا أنا أو رجل مني "، أو قال: " من أهل بيتي ".
قال: فكنا مع النبي صلّى الله عليه وسلّم فنودي فينا ليلاً: ليخرج من في المسجد إلا آل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وآل علي، قال: فخرجنا نجر نعالنا، فلما أصبحنا أتى العباس النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال: يا رسول الله، أخرجت أعمامك وأصحابك وأسكنت هذا الغلام؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " ما أنا أمرت بإخراجكم ولا إسكان هذا الغلام، إن الله هو أمر به ".
والثالثة: أن نبي الله صلّى الله عليه وسلّم بعث عمر وسعداً إلى خيبر، فخرج عمر وسعد، ورجع عمر فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، في ثناء أخشى أن لا أحصي "، فدعا عليّاً، فقالوا: إنه أرمد، فجيء به يقاد، فقال له: " افتح عينيك "، قال: لا أستطيع، قال: فتفل في عينيه ريقه، دلكهما بإبهامه، وأعطاه الراية.
والرابعة: يوم غدير خم، قام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأبلغ، ثم قال: " أيها الناس: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ " ثلاث مرات، قالوا: بلى، قال: " ادن يا علي "، فرفع يده، ورفع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يده حتى نظرت إلى بياض إبطيه، فقال: " من كنت مولاه فعلي مولاه "، حتى قالها ثلاث مرات.
ومن حديث خيثمة بن عبد الرحمن قال:
قلت لسعد بن أبي وقاص: ما خلفك عن علي، أشيء رأيته أو شيء سمعته من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ قال: لا، بل شيء رأيته أنا، إني قد سمعت له من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثلاثاً، لو تكون واحدة لي منها أحب إليّ مما طلعت عليه الشمس، ومن الدنيا وما فيها، وذكر غزوة تبوك ويوم خيبر، قال: ثم أعطاه الراية فمضى بها. قال: واتبعه الناس من خلفه، قال: فما تكامل الناس من خلفه حتى لقي مرحباً فاتقاه بالرمح فقتله، ثم مضى إلى الباب حتى أخذ بحلقة الباب ثم قال: انزلوا يا أعداء الله على حكم الله وحكم رسوله، وعلى كل بيضاء وصفراء، قال: فجاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فجلّس علي الباب، فجعل علي يخرجهم على حكم الله وحكم رسوله، فبايعهم وهو آخذ بيد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قال: فخرج حيي بن أخطب. قال: فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " برئت منك ذمة الله وذمة رسوله إن كتمتني شيئاً "، قال: نعم، وكانت له سقاية في الجاهلية، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " ما فعلت سقايتكم التي كانت لكم في الجاهلية؟ " قال: فقال: يا رسول الله أجلينا يوم النضير فاستهلكناها لما نزل بنا من الحاجة. قال: " فبرئت منك ذمة الله وذمة رسوله إن كذبتني ". قال: نعم، قال: فأتاه الملك فأخبره، فدعاه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: " اذهب إلى جذع نخلة كذا وكذا، فإنه قد نقرها وجعل السقاية في جوفه ". قال: فاستخرجها، فجاء بها، قال: فلما جاء بها قال لعلي: " قم فاضرب عنقه "، قال: فقام إليه عليّ فضرب عنقه، وضرب عنق ابن أبي الحقيق وكان زوج صفية بنت حيي، وكان عروساً بها، قال: فأصابها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
قال: وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم خم، ورفع بيد علي فقال: " من كنت مولاه فعلي مولاه ".
وحدث أبو نجيح قال: لما حج معاوية أخذ بيد سعد بن أبي وقاص فقال: يا أبا إسحاق إنا قوم قد أجفانا هذا الغزو عن الحج حتى كدنا أن ننسى بعض سننه، فطف نطف بطوافك. قال: فلما فرغ أدخله في دار الندوة فأجلسه معه على سريره، ثم ذكر علي بن أبي طالب فوقع فيه. قال: أدخلتني دارك، وأقعدتني على سريرك، ثم وقعت فيه تشتمه؟ والله لأن أكون في إحدى خلاله الثلاث أحبّ إليّ من أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس، ولأن يكون قال لي ما قاله له حين رآه غزا تبوكاً: " ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ إلا أنه لا نبي بعدي ". أحب إليّ من أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس. ولأن يكون قال لي ما قاله له يوم خيبر: " لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله، يفتح الله على يديه، ليس بفرار ". أحب إلي أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس. ولأن أكون كنت صهره على ابنته، ولي منها من الولد ماله، أحب إلي من أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس، لا أدخل عليك داراً بعد اليوم. ثم نفض رداءه، ثم خرج.
وعن عمر بن الخطاب قال: لقد أعطي علي بن أبي طالب ثلاث خصال، لأن يكون لي خصلة منها أحب إليّ من أن أعطى حمر النعم، قيل: وما هن يا أمير المؤمنين؟ قال: تزويجه فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وسكناه المسجد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، لا يحل لي فيه ما يحل لي، والراية يوم خيبر.
وعن ابن عمر قال: كنا نقول في زمان النبي صلّى الله عليه وسلّم: رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خير الناس، ثم أبو بكر، ثم عمر، ولقد أعطي عليٌّ ثلاثاً؛ لأن أكون أعطيتهن أحبّ إلي من حمر النعم: زوّجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فاطمة فولدت له، وأعطي الراية يوم خيبر، وسدت أبواب الناس إلا بابه.
وعنه قال: لقد أعطي علي بن أبي طالب ثلاث خصال، لأن يكون لي واحدة منهن أحبّ إلي من حمر النعم: تزوج فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فولد الحسن والحسين سبطي
رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وحبيبي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وسد الأبواب كلها إلا باب علي، ودفع إليه الراية يوم خيبر.
وعن بريدة:
أن نفراً من الأنصار قالوا لعلي: عندك فاطمة. فدخل على النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: " ما حاجة ابن أبي طالب؟ " قال: ذكرت فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. قال: " مرحباً وأهلاً ". لم يزده عليها. فخرج على الرهط من الأنصار ينتظرونه، فقالوا: ما وراءك؟ قال: ما أدري غير أنه قال لي: مرحباً وأهلاً. قالوا: يكفيك من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إحداهما، قد أعطاك الأهل وأعطاك الرحب، فلما كان بعد ذلك بعدما زوجه قال: " يا عليّ، إنه لابد للعرس من وليمة "، فقال سعد: عندي كبش، وجمع له رهطٌ من الأنصار آصعاً من ذرة.
فما كان ليلة البناء قال: يا علي: " لا تحدث شيئاً حتى تلقاني "، فدعا بماء فتوضأ منه، ثم أفرغه على علي، فقال: " اللهم بارك فيهما، وبارك عليهما، وبارك لهما في شملهما ".
قال أبو الحسين: الشمل: الجماع.
وعن علي أنه قال على منبر الكوفة: أردت أن أخطب إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ابنته، ثم ذكرت أن لا شيء لي، ثم ذكرت عائدته وصلته؛ فخطبتها، قال: " هل عندك شيء؟ " قلت: لا، قال: " فأين ردعك الحطميّة التي أعطيتك يوم كذا وكذا؟ " قلت: عندي، قال: " فأعطها "، فأعطيتها، فزوجني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فدخل عليّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وعليّ كساء أو قطيفة فتحثّثنا.
وفي رواية: فتحشحشنا، فقال: " مكانكما "، قلت: يا رسول الله، أنا أحبّ إليك أم هي؟
قال: " هي أحب إليّ منك، وأنت أعزّ عليّ منها ".
وعن أبي هريرة قال: لما خطب علي فاطمة من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم دخل عليها فقال لها: " أيّ بينة، إن ابن عمك علياً قد خطبك، فماذا تقولين؟ " فبكت ثم قالت: كأنك يا أبه، إنما ادخرتني لفقير قريش، فقال: " والذي بعثني بالحق، ما تكلمت في هذا حتى أذن الله فيه من السماء "؛ فقالت فاطمة: رضيت بما رضي الله لي ورسوله. فخرج من عندها واجتمع المسلمون إليه، ثم قال: " ياعليّ، اخطب لنفسك "، فقال علي: الحمد لله الذي لا يموت، وهذا محمد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم زوّجني فاطمة ابنته على صداقٍ مبلغه أربع مئة درهم. فاسمعوا ما يقول واشهدوا، قالوا: ما تقول يا رسول الله؟ قال: " أشهدكم أني قد زوجته ".
وعن علي: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حيث زوجه فاطمة دعا بماء فمجّه، ثم أدخله معه فرشه في جيبه وبين كتفيه، وعوذه ب: " قل هو الله أحد " والمعوذتين، ثم دعا بفاطمة فقامت على استحياء، فقال: " لم آل أن زوجتك خير أهلي ".
وعن معقل بن يسار قال: وضأت النبي صلّى الله عليه وسلّم ذات يوم فقال: " هل لك في فاطمة نعودها؟ " فقلت: نعم، فقام متوكئاً عليّ فقال: " أما إنه سيحمل ثقلهاغيرك، ويكون أجرها لك ". قال: فكأنه لم يكن عليّ شيء، حتى دخلنا على فاطمة، فقال: " كيف تجدينك؟ " قالت: والله لقد اشتد كربي، واشتدت فاقتي، وطال سقمي.
وفي رواية في هذا الحديث قال: " أو ما ترضين أني زوجتك أقدم أمتي سلماً، وأكثرهم علماً، وأعظمهم حلماً ".
وعن جابر بن عبد الله قال: دخلت أم أيمن على النبي صلّى الله عليه وسلّم وهي تبكي، فقال لها: " ما يبكيك لا أبكى الله عينيك؟ " قالت: بكيت يا رسول الله، لأني دخلت منزل رجل من الأنصار قد زوج ابنته رجلاً من الأنصار، فنثر على رأسها اللوز والسّكّر، وذكرت تزويجك فاطمة من
علي بن أبي طالب ولم تنثر عليها شيئاًن فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: " لا تبكي يا أم أيمن. فوالذي بعثني بالكرامة، واستخصني بالرسالة، ما أنا زوجته ولكن الله زوّجه، ما رضيت حتى رضي عليّ، وما رضيت فاطمة حتى رضي الله ربّ بالعالمين: يا أم أيمن، إن الله عز وجل لما أن زوّج فاطمة من علي أمر الملائكة المقربين أن يحدّقوا بالعرش، فيهم جبريل وميكائيل وإسرافيل، وأمر الجنان أن تزخرف فتزخرفت، وأمر الحور العين أن يتزيّنّ فتزينّن وكان الخاطب الله تعالى، وكان الملائكة الشهود، ثم أمر شجرة طوبى أن تنثر فنثرت عليهم اللؤلؤ الرطب مع الدر الأبيض مع الياقوت الأحمر مع الزبرجد الأخضر، فابتدر حور العين من الجنان يرفلن في الحلي والحلل يلتقطنه، ويقلن: هذا من نثار فاطمة بنت محمد، فهنّ يتهادينه بينهن إلى يوم القيامة ".
وفي حديث آخر بمعناه: عن عبد الله بن مسعود قالت أم سلمة:
ولقد كانت فاطمة تفخر على النساء وتقول: إني أول من خطب عليها جبريل.
وعن مسروق قال: لما قدم عبد الله بن مسعود الكوفة قلنا له: حدثنا حديثاً عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فذكر الجنة، ثم قال: سأحدثكم حديثاً سمعته من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فلم أزل أطلب الشهادة. الحديث. فلم أرزقها، سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول في غزوة تبوك، ونحن نسير معه، فقال: " إن الله لما أمرني أن أزوج فاطمة من علي، ففعلت، ثم قال لي جبريل: إن الله قد بنى جنة من لؤلؤ وقصب بين كل قصب إلى قصبة لؤلؤة من ياقوت مشذّرة بالذهب، وجعل سقوفها زبرجداً أخضراً، وجعل فيها طاقات من لؤلؤ مكللة بالياقوت، ثم جعل عليها غرفاً: لبنة من فضة، ولبنة من ذهب، ولبنة من ياقوت، ولبنة من زبرجد، ثم جعل فيها عيوناً تنبع من نواحيها، وحفّت بالأنهار، وجعل على الأنهار قباباً من درّ، قد شعبت بالسلاسل من الذهب، وحفّت بأنواع الشجر، وجعل في كل بيت مفرش، وجعل في كل قبة أريكة، من درّ بيضاء غشاوتها السندس والإستبرق، وفرش أرضها بالزعفران. وفتق المسك والعنبر، وجعل في كل قبة حوراء، والقبة لها مئة باب، على كل باب جاريتان وشجرتان، في كل قبة مفرش، مكتوب حول القباب آية الكرسي، فقلت: لجبريل: لمن بنى الله هذه الجنة؟ فقال: هذه جنة بناها الله سبحانه لعلي وفاطمة، تحفة أتحفهما الله تبارك وتعالى، وأقر عينك يا رسول الله ".
وعن علي الهلالي قال: جخلت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في شكاته التي قبض فيها فإذا فاطمة عند رأسه، قال: فبكت حتى ارتفع صوتها، فرفع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم طرفه إليها، فقال: " حبيبتي فاطمة، ما الذي يبكيك؟ " قالت: أخشى الضيعة من بعدك، فقال: " لقد علمت أن الله اطلع إلى الأرض اطلاعة، فاختار منها أباك، فبعثه برسالته، ثم اطلع اطلاعة فاختار منها بعلك، وأوحى إليّ أن أنكحك إياه، يا فاطمة، ونحن أهل بيت قد أعطانا الله سبع خصال لم يعط أحداً قبلنا، ولا يعطي أحداً بعدنا: أنا خاتم النبيين، وأكرم النبيين على الله، وأحب المخلوقين إلى الله، وأنا أبوك، ووصيي خير الأوصياء وأحبهم إلى الله وهو بعلك، وشهيدنا خير الشهداء وأحبهم إلى الله، وهو حمزة بن عبد المطلب، وهو عم أبيك وعم بعلك، ومنا من له جناحان أخضران يطير في الجنة مع الملائكة حيث شاء، وهو ابن عم أبيك وأخو بعلك، ومنا سبطا هذه الأمة وهما ابناك الحسن والحسين، وهما سيدا شباب أهل الجنة، وأبوهما والذي بعثني بالحق خير منهما، يا فاطمة والذي بعثني بالحق إن منهما مهديّ هذه الأمة، إذا صار الدنيا هرجاً مرجاً، وتظاهرت الفتن، وتقطعت السبل، وأغار بعضهم على بعض، فلا كبير يرحم صغيراً، ولا صغير يوقر كبيراً، فيبعث الله عند ذلك منهما من يفتتح حصون الضلالة وقلوباً غلفاً، يقوم بالدين في آخر الزمان، كما قمت به في أول الإيمان، ويملأ الدنيا عدلاً كما ملئت جوراً، يا فاطمة، لا تحزني ولا تبكي، فإن الله أرحم بك وارأف عليك مني، وذلك لمكانك مني، وموضعك من قلبي، وزوّجك الله زوجك، وهو أشرف أهل بيتي حسباً، وأكرمهم منصباً، وأرحمهم بالرعية، وأعدلهم بالسوية، وأبصرهم بالقضية، وقد سالت ربي عز وجل أن تكوني أول من يلحقني من أهل بيتي ".
قال علي: فما قبض النبي صلّى الله عليه وسلّم لم تبق فاطمة بعده إلا خمسة وسبعين يوماً حتى ألحقها الله به صلّى الله عليه وسلّم.
وعن أبي أيوب قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لعلي: " أمرت بتزويجك من السماء. وقتلت المشركين يوم بدر، وتقتل من بعدي على سنتي، وتبرئ ذمتي ".
وعن بريدة قال: قال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " قم بنا يا بريدة نعود فاطمة "، فلما أن دخلنا عليها أبصرت أباها، ودمعت عيناها، فقال: " ما يبكيك يا بنية؟ " قالت: قلة الطعام وكثرة الهم وشدة السقم، قال: " أما والله، لما عند الله خير مما ترغبين إليه، يا فاطمة، أما ترضين أني زوجتك أقدمهم سلماً، وأكثرهم علماًن وأفضلهم حلماً، والله إن ابنيك لمن شباب أهل الجنة ".
وعن أسماء بنت عميس قالت:
لما كانت ليلة أهديت فاطمة إلى علي قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " لا تحدثي شيئاً حتى أجيء "، فجاء حتى قام على الباب، فقال: " ثمّ أخي؟ " فخرجت إليه أم أيمن فقالت: أخوك وزوّجته ابنتك؟! فدعا علياً ودعاها، فقامت وإنها لتعثر، ثم قال لها: " أي بنية، إن لم آل أن أزوّجك أحبّ أهلي ". قالت: ثم دعا بمخضب وهو تور من حجارة من ماء فدعا فيه، ثم أمر أن يصب عليه بعضه وعليها بعضه، فقالت أسماء: ثم قال لي: " أجئت مع ابنة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تكرمينها؟ " قالت: فدعا لي.
وعن أبي سعيد قال: لما أنكح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم علياً فاطمة أصابها حصر شديد. قال: فقال لها صلّى الله عليه وسلّم: " والله لقد أنكحتكيه سيداً في الدنيا، وإنه في الآخرة من الصالحين ".
وعن عمران بن حصين أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال لفاطمة: " أما ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين؟ " قالت فاطمة: فأين مريم بنت عمران؟ قال لها: " أي بنية، تلك سيدة نساء عالمها، وأنت سيدة نساء عالمك، والذي بعثني بالحق، لقد زوجتك سيداً في الدنيا وسيداً في الآخرة، فلا يحبه إلا مؤمن، ولا يبغضه إلا منافق ".
وعن عمران بن حصين أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال له: " ألا تنطلق بنا نعود فاطمة؟ فإنها تشتكي "، قلت: بلى. قال: فانطلقنا حتى إذا انتهينا إلى بابها، فلسلم فاستأذن، فقال: " أدخل أنا ومن معي؟ " قالت: نعم، ومن معك
يا أبتاه، فوالله ما عليّ إلا عباءة. فقال لها: " اصنعي بها هكذا، واصنعي بها هكذا "، فعلمها كيف تستتر، فقالت: والله ما على رأسي خمار، قال: فأخذ خلق ملاءة كانت عليه، قال: " اختمري بها "، ثم أذنت لهما، فدخلا، فقال: " كيف تجدينك يا بنية؟ " قالت: إني لوجعة، وإنه ليزيدني أني ما لي طعام آكله، قال: " أما ترضين يا بنية أنك سيدة نساء العالمين؟ " قال: تقول: يا أبه، فأين مريم بنت عمران؟ قال: " تلك سيدة نساء عالمها، وأنت سيدة نساء عالمك، أما والله لقد زوجتك سيداً في الدنيا والآخرة ".
وعن ابن عباس قال: لما زوج الني صلّى الله عليه وسلّم فاطمة من علي قالت فاطمة: يا رسول الله، زوجتني من رجل فقير ليس له شيء، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: " أما ترضين أن الله اختار من أهل الأرض رجلين، أحدهما أبوك والآخر زوجك؟ ".
عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: حين نزلت: " وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها " كان يجيء نبي الله صلّى الله عليه وسلّم إلى باب عليّ صلاة الغداة ثمانية أشهر يقول: " الصلاة، رحمكم الله "، " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرّجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً ".
قال أبو الحمراء: صحبت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تسعة أشهر، فكان إذا أصبح أتى باب علي وفاطمة وهو يقول: " يرحمكم الله، " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرّجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً ".
قال ميمون الكردي: كنا عند ابن عباس فقال رجل: ليته حدثنا عن علي فسمعه ابن عباس فقال: أما
لأحدثنّك حقاً، إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أمر بالأبواب الشارعة في المسجد فسدت، وترك باب علي، فقال: إنهم وجدوا من ذلك، فأرسل إليهم " أن بلغني أنكم وجدتم من سدي أبوابكم وتركي باب علي، وإني والله ما سددت من قبل نفسي، ولا تركت من قبل نفسي، إن أنا إلا عبد مأمور أمرت بشيء فقلت: " إن أتّبع إلا ما يوحى إلي ".
وعن العلاء بن عرار قال: إني قلت لعبد الله بن عمر وهو في المسجد جالس: كيف تقول في هذين الرجلين علي وعثمان؟ فقال عبد الله: أما علي فلا تسأل عنه أحداً، وانظر إلى منزله من منزل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقد أخرجنا من مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلا علي، وأما عثمان فتلا: " يوم التقى الجمعان " فأذنب ذنباً عظيماً، فعفا الله عنه، وأذنب فيكم ذنباً من دون فقتلتموه.
وعن جابر بن عبد الله الأنصاري قال:
جاءنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ونحن مضطجعون في المسجد، وفي يده عسيب رطب، فضربنا وقال: " أترقدون في المسجد؟ إنه لا يرقد فيه أحد "، فأجفلنا، وأجفل معنا علي بن أبي طالب، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " تعال يا علي، إنه يحل لك في المسجد ما يحل لي، يا علي، إنك لتذودنّ عن حوضي يوم القيامة رجالاً كما يذاد البعير الضالّ عن الماء، بعصاً معك من عوسج، كأنّي أنظر إلى مقامك من حوضي ".
وعن أبي سعيد الخدري أن النّبي صلّى الله عليه وسلّم قال لعلي: " لا يحلّ لأحد أن يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك ".
وعن أم سلمة قالت: خرج النّي صلّى الله عليه وسلّم من بيته حتى انتهى إلى صرح المسجد، فنادى بأعلى صوته: " إنه لا يحلّ المسجد لجنب ولا لحائض إلا لمحمد صلّى الله عليه وسلّم وأزواجه، وعلي وفاطمة بنت محمد صلّى الله عليه وسلّم، ألا هل بينت لكم الأسماء أن تضلوا ".
وعن أبي رافع: أن النّبي صلّى الله عليه وسلّم خطب الناس، فقال: " يا أيها الناس إن الله أمر موسى وهارون أن يتبوأا لقومهما بيوتاً، وأمرهما أن لا يبيت في مسجدهما جنب، ولا يقربوا فيه النساء إلا هارون وذريته، ولا يحل لأحد أن يعرك النساء في مسجدي هذا، ولا يبيت فيه جنب إلا عليٌّ وذريته ".
وعن سعد بن أبي وقاص قال: لما غزا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم غزوة تبوك خلّف علياً بالمدينة، فقال الناس: ملّه وكره صحبته، فتبع علي النّبي صلّى الله عليه وسلّم حتى لحقه في بعض الطريق، فقال: يا رسول الله خلّفتني بالمدينة مع النساء والذراري حتى قال الناس: ملّه وكره صحبته؟ فقال له النّبي صلّى الله عليه وسلّم: " يا علي، إنما خلفتك على أهلي، أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ غير أنه لا نبيّ بعدي ".
وعن حكيم بن جبير قال: قلت لعلي بن الحسين: يا سيدي إن الشعبي حدث عن أبي جحيفة وهب الخير أن أباك صعد المنبر فقال: خير هذه الأمة بعد نبيها وأبو بكر وعمر، فقال: أين تذهب يا أبا حكيم؟ حدثني سعيد بن المسيب عن سعدٍ أن النّبي صلّى الله عليه وسلّم قال له: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إن المؤمن يهضم نفسه ".
وعن عامر بن سعد قال: إني لمع أبي إذ تبعنا رجل في نفسه على علي بعض الشيء، فقال: يا أبا إسحاق، ما حديث يذكر الناس عن علي؟ قال: ما هو؟ قال: أنت مني بمنزلة هارون من موسى؟ قال: نعم، سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول لعليّ: أنت مني كهارون من موسى، ما تنكر أن يقول لعلي هذا وافضل من هذا؟ وعن سعد قال: قال لي معاوية: أتحب علياً؟ قال: قلت: وكيف لا أحبه؟ وقد سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: أنت مني بمنزلة هارون من موسى، غير أنه لا نبي بعدي، ولقد
رأيته بارز يوم بدر، وهو يحمحم كما يحمحم الفرس ويقول: من الرجز
بازل عامين حديثٌ سنّي ... سنحنح الليل كأنّي جني
لمثل هذا ولدتني أمّي
فما رجع حتى خضب سيفه دماً.
وعن سعد بن أبي وقاص: أن عليّ بن أبي طالب خرج مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى إذا جاء ثنية الوداع، ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم يريد تبوك، وعليّ يبكي ويقول: يا رسول الله تخلّفني مع الخوالف؟ فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة؟ ".
وعن سعد بن مالك أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال لعلي: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي، سالم الله من سالمته، وعادى الله من عاديته ".
وعن سويد بن غفلة قال: رأى عمر رجلاً يخاصم علياً، فقال له عمر: إني لأظنك من المنافقين، سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: " علي مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبيّ بعدي ".
وفي رواية: أنه رأى رجلاً يشتم علياً كانت بينه وبينه خصومة.
وعن عبد الله بن عباس قال:
سمعت عمر بن الخطاب وعنده جماعة، فتذاكروا السابقين إلى الإسلام، فقال عمر:
أما علي: فسمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول فيه ثلاث خصال، لوددت أن لي واحدة منهن، فكان أحب إلي مما طلعت عليه الشمس، كنت أنا وأبو عبيدة وأبو بكر وجماعة من الصحابة إذ ضرب النّبي صلّى الله عليه وسلّم بيده على منكب علي، فقال له: " يا علي، أنت أول المؤمنين إيماناً، وأول المسلمين إسلاماً، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى ".
وعن ابن عباس عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال لأم سلمة: " يا أم سلمة، إن علياً لحمه من حلمي ودمه من دمي، وهو مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي ".
وعنه قال: رأيت علياً أتى النّبي صلّى الله عليه وسلّم فاحتضنه من خلفه، فقال: بلغني أنك سميّت أبا بكر وعمر وضربت أمثالهما ولم تذكرني، فقال النّبي صلّى الله عليه وسلّم: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى ".
وعن عبد الله بن جعفر قال: لما قدمت ابنة حمزة المدينة اختصم فيها علي وجعفر وزيد، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " قولوا ": فقال زيد: هي ابنة أخي وأنا أحق بها، وقال علي: ابنة عمي وأنا جئت بها، وقال جعفر: ابنة عمي وخالتها عندي. قال: " خذها يا جعفر أنت أحقهم بها "؛ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " لأقضينّ بينكم: أما أنت يا زيد فمولاي وأنا مولاك، وأما أنت يا جعفر فأشبهت خلقي وخلقي، وأما أنت يا علي فأنت مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ النّبوة ".
وفي رواية: " إلا أنّه لا نبوة ".
وعن قيس بن أبي حازم قال: سأل رجل معاوية عن مسألة، فقال: سل عنها علي بن أبي طالب فهو أعلم مني، قال: قولك يا أمير المؤمنين أحبّ إليّ من قول علي، قال: بئس ما قلت، ولؤم ما جئت
به، لقد كرهت رجلاً كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يغرّه بالعلم غرّاً، ولقد قال له: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي "، وكان عمر بن الخطاب يسأله ويأخذ عنه، ولقد شهدت عمر إذا أشكل عليه أمر قال: هاهنا علي بن أبي طالب. ثم قال للرجل: قم لا أقام الله رجليك، ومحا اسمه من الديوان.
وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لعلي في غزوة تبوك: " اخلفني في أهلي "، فقال علي: يا رسول الله، إني أكره أن يقول العرب: خذل ابن عمه، وتخلّف عنه، فقال: " أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ "، قال: بلى، قال: " اخلفني ".
وعن جابر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لعلي: " أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ إلا أنه لا نبيّ بعدي، ولو كان لكنته ".
وفي رواية: " إلا أنه ليس بعدي نبي، أو لا يكون بعدي نبي ".
وعن يزيد بن أرقم أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قلا: " أنت مني كهارون من موسى، غير أنك لست نبي ".
وعن أنس أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: " يا علي أنت مني، وأنا منك، أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا يوحى إليك ".
وعن أبي الفيل قال: لما خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في غزاة تبوك استخلف علي بن أبي طالب على المدينة، فماج المنافقون بالمدينة وفي عسكر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقالوا: كره قربه، وساء فيه
رأيه، فاشتد ذلك على علي، فقال: يا رسول الله، تخلفني مع النساء والصبيان؟ أنا عائذ بالله من سخط الله وسخط رسوله، فقال: " رضي الله يا أبا الحسن برضائي عنك، فإن الله عنك راضٍ، إنما منزلك مني بمنزلة هارون من موسى، غير أنه لا نبي بعدي "، فقال علي: رضيت، رضيت.
وعن زيد بن أرقم قال: لما عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لجيش العسرة قال لعلي: " إنه لابدّ من أن تقيم أو أقيم "، قال: فخلف علياً، وسار، فقال ناس: ما خلفه إلا لشيء يكرهه منه، فبلغ ذلك علياً، فاتبع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى انتهى إليه، فقال: " ما جاء بك يا علي؟ " فقال: يا رسول الله، إني سمعت أناساً يزعمون أنك خلفتني لشيء كرهته مني، قال: فتضاحك إليه وقال: " ألا ترضى أن تكون مني كهارون من موسى غير أنك لست بنبي؟ " قال: بلى يا رسول الله، قال: " فإنه كذلك ".
وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لعلي يوم غزوة تبوك: " أما ترضى أن يكون لك من الأجر مثل ما لي، ولك من المغنم مثل ما لي ".
قال بريدة:
غزوت مع علي إلى اليمن فرأيت منه جفوة، فقدمت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فذكرت علياً فتنقصته، فرأيت وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يتغير، فقال: " يا بريدة، ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ " فقلت: بلى يا رسول الله، قال: " من كنت مولاه فعلي مولاه ".
وعن بريدة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " عليّ بن أبي طالب مولى من كنت مولاه ".
وعن بريدة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " عليّ بن أبي طالب مولى كل مؤمن ومؤمنة، وهو وليّكم بعدي ".
وعن بريدة قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعثين إلى اليمن، على أحدهما علي بن أبي طالب، وعلى الآخر خالد بن الوليد، فقال: " إذا اجتمعتما فعليٌّ على الناس وإذا افترقتما فكل واحد
بينكما على حدة "، قال: فلقينا بني زيد من اليمن فقاتلناهم، وظهر المسلمون على الكافرين، فقتلوا المقاتل وسبوا الذرية، واصطفى عليّ جارية من الفيء، فكتب معي خالد يقع في علي، وأمرني أن أنال منه.
قال: فلما أتيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رأيت الكراهية في وجهه، فقلت: هذا مكان العائذ يا رسول الله، بعثتني مع رجل وأمرتني بطاعته، فبلغت ما أرسلني، قال: " يا بريدة: لا تقع في عليّ، عليٌّ مني وأنا منه، وهو وليكم بعدي ".
وفي حديث آخر بمعناه: قال بريدة: وكنت من أشد الناس بغضاً لعليّ. قال: وكنت رجلاً إذا تكلمت طأطأت رأسي حتى أفرغ من حاجتي، فطأطأت رأسي، وتكلمت فوقعت في علي حتى فرغت، ثم رفعت رأسي، فرأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد غضب غضباً لم أره غضب مثله قط إلا يوم قريظة والنضير، فنظر إليّ فقال: " يا بريدة، إن عليّاً وليكم بعدي، فأحب عليّاً فإنه يفعل ما يؤمر ". قال: فقمت وما أحد من الناس أحب إليّ منه.
قال عبد الله بن عطاء: حدثت بذلك أبا حرب بن سويد بن عفلة، فقال: كتمك عبد الله بن بريدة بعض الحديث؛ إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال له: " أنافقت بعدي يا بريدة؟ " وفي حديث آخر فقال: " يا بريدة، أتبغض علياً؟ " قال: قلت: نعم، قال: " فأحبّه، فإن له في الخمس أكثر من ذلك ".
وعن البراء بن عازب قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جيشين وأمّر على أحدهما علي بن أبي طالب، وعلى الآخر خالد بن الوليد، فقال: " إذا كان قتال فعليٌّ على الناس ".
قال: ففتح عليٌّ قصراً، فاتّخذ لنفسه جارية، فكتب معي خالد بن الوليد يشي به، فلما قرأ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الكتاب قال: " ما تقول في رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله " قال: قلت: أعوذ بالله من غضب الله.
وعن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سريةً وأمّر عليهم علي بن أبي طالب، فأحدث شيئاً في سفره، فتعاقد أربعة من أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلّم أن يذكروا أمره لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قال عمران: وكنا إذا قدمنا من سفر بدأنا برسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فسلمنا عليه، قال: فدخلوا عليه، فقام رجل منهم فقال: يا رسول الله، إن علياً فعل كذا وكذا، فأعرض عنه. ثم قام الثاني، فقال: يا رسول الله، إن علياً فعل كذا وكذا، فأعرض عنه. ثم قام الثالث، فقال: يا رسول الله، إن علياً فعل كذا وكذا، فأعرض عنه. ثم قام الرابع فقال: يا رسول الله، إن علياً فعل كذا وكذا، قال: فأقبل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على الرابع وقد تغير وجهه، فقال: " دعوا علياً، دعوا علياً، دعوا علياً، إن علياً مني وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي ".
وفي رواية: فأقبل إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والغضب يعرف في وجهه فقال: " ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ إن علياً مني وأنا منه، وهو وليّ كل مؤمن بعدي ".
وعن وهب بن حمزة قال: سافرت مع علي بن أبي طالب من المدينة إلى مكة، فرأيت منه جفوة، فقلت: لئن رجعت ولقيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لأنالنّ منه. قال: فرجعت، فلقيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فذكرت علياً فنلت منه، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " لا تقولنّ هذا لعلي، فإن علياً وليكم بعدي ".
وعن أبي سعيد الخدري قال:
بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم علي بن أبي طالب إلى اليمن قال: أبو سعيد: فكنت فيمن خرج معه فلما احتفر إبل الصدقة سألناه أن نركب منها ونريح إبلنا، وكنا قد رأينا في إبلنا خللاً، فأبى علينا، وقال: إنما لكم منها سهم كما للمسلمين.
قال: فلما فرغ علي وانصفق من اليمن راجعاً، أمّر علينا إنساناً فأسرع هو فأدرك الحج، فلما قضى حجّته قال له النّبي صلّى الله عليه وسلّم: " ارجع إلى أصحابك حتى تقدم عليهم ".
قال أبو سعيد: وقد كنا سألنا الذي استخلفه ما كان علي منعنا إياه ففعل، فلما جاء عرف في إبل الصدقة أنا قد ركبت، رأى أثر الراكب، فذمّ الذي أمّره ولامه، فقال: أما إنّ لله عليّ إن قدمت المدينة لأذكرنّ لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولأخبرنّه ما لقينا من الغلظة والتّضييق.
قال: فلما قدمنا المدينة غدوت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أريد أن أفعل ما كنت قد حلفت عليه، فلقيت أبا بكر خارجاً من عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فلما رآني قعد معي ورحّب بي، وساءلني وساءلته، وقال: متى قدمت؟ قلت: قدمت البارحة، فرجع معي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فدخل وقال: هذا سعد بن مالك، ابن الشهيد، قال: ائذن له فدخلت فحيّيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وحيّاني وسلّم عليّ، وساءلني عن نفسي وعن أهلي فأحفى في المسألة، فقلت: يا رسول الله، ما لقينا من علي من الغلظة وسوء الصحبة والتّضييق فانتبذ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وجعلت أنا أعدّد ما لقينا منه حتى إذا كنت في وسط كلامي ضرب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على فخذي، وكنت منه قريباً، وقال: " سعد بن مالك ابن الشهيد، مه بعض قولك لأخيك علي، فوالله، لقد علمت أنه أخشن في سبيل الله ".
قال: فقلت في نفسي: ثكلتك أمك، سعد بن مالك، ألا أراني كنت فيما يكره منذ اليوم وما أدري؟ لا جرم، والله لا أذكره بسوء أبداً سرّاً ولا علانية.
وعن عمرو مع علي بن أبي طالب إلى اليمن فأجفاني، فأظهرت لائمة علي بالمدينة حتى فشا ذلك، فدخلت المسجد مرجع النّبي صلّى الله عليه وسلّم ذات غداة، ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم جالس،
فرماني ببصره حتى إذا جلست قال: والله، يا عمرو بن شأس، لقد آذيتني، فقلت: أعوذ بالله وبالإسلام أن أوذي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: " بلى، من آذى مسلماً فقد آذاني، ومن آذى مسلماً فقد آذى الله عزّ وجلّ ".
وفي حديث آخر: قلت: أعوذ بالله من أن أؤذيك، قال: " بلى، من آذى علياً فقد آذاني ".
وعن عمرو بن شأس: سمع النّبي صلّى الله عليه وسلّم يقول: " من آذى علياً فقد آذاني ".
وعن جابر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لعلي: " من آذاك فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله ".
وعن سعد بن أبي وقاص قال: كنت جالساً في المسجد، أنا ورجلان معي، فنلنا من علي، فأقبل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم غضبان يعرف في وجهه الغضب، فتعوذت بالله من غضبه، فقال: " ما لكم ومالي؟ من آذى علياً فقد آذاني ".
وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: خطب الناس أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في الرّحبة قال: أنشد الله امرأ نشدة الإسلام سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم غدير أخذ بيدي يقول: " ألست أولى بكم يا معشر المسلمين من أنفسكم؟ " قالوا: بلى يا رسول الله، قال: " من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم واله من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله "، إلا قام، فقام بضعة عشر رجلاً فشهدوا، وكتم قوم فما فنوا من الدنيا حتى عموا وبرصوا.
وزاد في حديث آخر: " وأحبّ من أحبّه، وأبغض من أبغضه ".
وعن زياد بن الحارث قال: جاء رهط إلى علي بالرّحبة فقالوا: السلام عليك يا مولانا، قال: كيف أكون مولاكم وأنتم قوم عرب؟ قالوا: سمعنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم غدير خم يقول: " من كنت مولاه فإن هذا مولاه ".
قال رياح: فلما مضوا تبعتهم، فسألت من هؤلاء؟ قالوا: نفر من الأنصار فيهم أبو أيوب الأنصاري.
وعن حذيفة بن أسيد قال:
لما قفل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن حجة الوداع نهى أصحابه عن شجرات البطحاء متقاربات أن ينزلوا حولهن، ثم بعث إليهن، فصلى تحتهن، ثم قام فقال: " أيها الناس: قد نبأني اللطيف الخبير أنه لم يعمر نبي إلا مثل نصف عمر الذي يليه من قبله، وإني لأظن أن يوشك أن أدعى فأجيب، وإني مسؤول، وأنتم مسؤولون، فماذا أنتم قائلون؟ " قالوا: نشهد أنك قد بلّغت ونصحت وجهدت، فجزاك الله خيراً، قال: " ألستم تشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله وأن جنته حق وناره حق، وأن الموت حق، وأن البعث بعد الموت حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور؟ " قالوا: بلى، نشهد بذلك، قال: " اللهم اشهد ".
ثم قال: " أيها الناس إن الله مولاي، وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فهذا مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه ".
ثم قال: " أيها الناس إني فرطكم وإنكم واردون عليّ الحوض، حوض أعرض مما بين بصرى وصنعاء، فيه عدد النجوم قدحان فضّة، وإني سائلكم حين تردون عليّ عن الثّقلين، فانظروا كيف تخلفونني فيهما، الثّقل الأكبر كتاب الله، سببّ طرفه بيد الله عزّ وجلّ، وطرفٌ بأيديكم، فاستمسكوا به، لا تضلوا ولا تبدلوا، وعترتي أهل بيتي، فإنه قد نبّأني اللطيف الخبير أنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض ".
قال عطية العوفي: أتيت زيد بن أرقم فقلت له: إن ختناً لي حدثني عنك بحديث في شأن علي عليه السلام يوم غدير خم، فأنا أحب أن أسمعه منك فقال: إنكم معشرٌ فيكم ما فيكم، فقلت له: لي عليك مني بأس، قال: نعم، كنا الجحفة فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلينا ظهراً وهو آخذ بعضد علي، فقال: " أيها الناس: ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ " قالوا: بلى، قال: " فمن كنت مولا فعلي مولاه ".
قال: فقلت له: هل قال: " اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه؟ " قال: إنما أخبرك كما سمعت.
وعن البراء بن عازب قال: كنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في حجة الوداع، فكسح لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم تحت شجرتين، ونودي في الناس أن الصلاة جامعة، فدعا علياً وأخذ بيده فأقامه عن يمينه، فقال: " ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ " قالوا: بلى، قال: " الست أولى بكل مؤمن من نفسه؟ " قالوا: بلى، قال: " أليس أزواجي أمهاتكم؟ " قالوا: بلى، قال: " هذا وليي، وأنا مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه "، فقال له عمر: هنيئاً لك يا علي أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن.
وفي رواية: " أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة ".
وعن البراء بن عازب وزيد بن أرقم قالا: كنا مع النّبي صلّى الله عليه وسلّم يوم غدير خم، ونحن نرفع غصن الشجرة عن رأسه فقال: " إن الصدقة لا تحلّ لي ولا لأهل بيتي، لعن الله من ادّعى إلى غير أبيه، ومن تولى غير مواليه، والولد للفراش وللعاهر الحجر، ليس لوارث وصية، ألا قد سمعتموني ورأيتموني، فمن كذب
عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار، ألا إني فرطكم على الحوض، ومكاثرٌ بكم، فلا تسوّدوا وجهي، ألا وإني أستنقذ رجالاً، وليستنقذنّ بي قوم آخرون، ألا وإن الله وليّي، وأنا وليّ كل مؤمن، فمن كنت مولاه فعلي مولاه ".
وفي حديث سعد قال: كنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بطريق مكة، وهو متوجّه إليها، فلما بلغ غدير خم الذي بخمّ وقف الناس، ثم ردّ من مضى، فلحقه منهم من تخلّف، فلما اجتمع الناس قال: " أيها الناس هل بلّغت؟ " قالوا: نعم، قال: " اللهم اشهد "، ثم قال: " أيها الناس هل بلّغت؟ " قالوا: نعم، قال: " اللهم اشهد " ثلاثاً، " أيها الناس من وليّكم؟ " قالوا: الله ورسوله، ثلاثاً، ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب فأقامه فقال: " من كان الله ورسوله وليّه فإن هذا وليّه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ".
قال عبد الله بن محمد بن عقيل: كنا عند جابر بن عبد الله وعنده محمد بن الحنفية، فجاء رجل من أهل العراق فقال: أنشدك بالله يا جابر، إلا أخبرتني ما سمعت من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قال جابر: كنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فخرج من خباء أو فسطاط، فقال لعلي بيده: " هلم هلم "، وثمّ ناسٌ من جهينة ومزينة وغفار، فقال: " من كنت مولاه فعلي مولاه ".
قال: فقال: نشدتك بالله، أكان ثمّ أبو بكر وعمر؟ قال: اللهم لا.
وعن جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو آخذ بضبع علي يوم الحديبية وهو يقول: "
هذا أمير البررة، قاتل الفجرة، منصور من نصره، مخذول من خذله "، مد بها صوته.
وعن جابر بن عبد الله قال: خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى نزل خم، فنحّى الناس عنه، ونزل معه علي بن أبي طالب؛ فشق على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم تأخر الناس عنه، فأمر علياً فجمعهم، فلما اجتمعوا قام فيهم، وهو متوسد على علي بن أبي طالب، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: " يا أيها الناس، إني قد كرهت تخلفكم وتنحيكم عني حتى خيّل إلي أنه ليس شجرة أبغض إليّ من شجرة تليني "، ثم قال: " لكن عليّ بن أبي طالب أنزله الله مني بمنزلتي منه، رضي الله عنه كما أنا عنه راض، فإنه لا يختار على قربي ومحبتي شيئاً "، ثم رفع يديه، ثم قال: " من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ".
وابتدر الناس إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يبكون ويتضرعون إليه، ويقولون: يا رسول الله إنما تنحينا كراهة أن نثقل عليك، فنعوذ بالله من سخط الله وسخط رسوله.
فرضي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عند ذلك، فقال أبو بكر: يا رسول الله، استغفر لنا جميعاً؛ ففعل، فقال لهم: " أبشروا، فوالذي نفسي بيده، ليدخلنّ الجنّة من أصحابي سبعون ألفاً بغير حساب، ومع كل ألف سبعون ألفاً ومن بعدهم مثلهم أضعافاً ".
قال أبو بكر: يا رسول الله زدنا، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في موضع رمل، فحفن بيديه من ذلك الرمل ملء كفيه، ثم قال: هكذا. قال أبو بكر: زدنا يا رسول الله، ففعل مثل ذلك ثلاث مرات، فقال أبو بكر: زدنا يا رسول الله، فقال عمر: ومن يدخل النار بعد الذي سمعنا من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وبعد ثلاث حثيات من الرمل من الله؟ فضحك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: " والذي نفسي بيده، ما تفي بهذا أمتي حتى توفي عدتهم من الأعراب ".
قال جعفر بن إبراهيم الجعفري: كنت عند الزهري أسمع منه، فإذا عجوز قد وقفت عليه فقالت: يا جعفري، لا تكتب عنه، فإنه مال إلى بني أمية، وأخذ جوائزهم، فقلت: من هذه؟ قال: أختي رقية، خرفت، قال: خرفت أنت؛ كتمت فضائل آل محمد.
وقد حدثني محمد بن المكندر عن جابر بن عبد الله قال: أخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بيد علي فقال: " من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه وانصر من نصره، واخذل من خذله ".
وحدثني محمد بن المكندر عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله ".
قال سهم بن حصين الأسدي: قدمت إلى مكة أنا وعبد الله بن علقمة، وكان عبد الله بن علقمة سبّابة لعلي دهراً. قال: فقلت له: هل لك في هذا يعني أبا سعيد الخدري يحدّث به عهداً؟ قال: نعم. فأتيناه فقال: هل سمعت لعلي رضوان الله عليه منقبة؟ قال: نعم، إذا حدثتك فسل عنها المهاجرين والأنصار وقريشاً: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قام يوم غدير خم فأبلغ ثم قال: " يا أيها الناس، ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ " قالوا: بلى، قالها ثلاث مرات. ثم قال: " ادن يا علي، فرفع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يديه حتى نظرت إلى بياض آباطهما، قال: " من كنت مولاه فعلي مولاه ". ثلاث مرات.
قال: فقال عبد الله بن علقمة: أنت سمعت هذا من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ قال أبو سعيد: نعم، وأشار إلى أذنيه وصدره، وقال: سمعته أذناي ووعاه قلبي.
قال عبد الله بن شريك: فقدم علينا عبد الله بن علقمة وسهم بن حصين، فلما صلّينا الهجير قام عبد الله بن علقمة فقال: إني أتوب إلى الله وأستغفره من سبّ علي، ثلاث مرات.
وعن أبي هريرة قال: من صام يوم ثماني عشرة من ذي الحجة كتب له صيام ستين شهراً. وهو يوم غدير خم، لما أخذ النبي صلّى الله عليه وسلّم بيد علي بن أبي طالب فقال: " ألست وليّ المؤمنين؟ " قالوا: بلى يا رسول الله، قال: " من كنت مولاه فعلي مولاه ".
فقال عمر بن الخطاب: بخ بخ لك يا بن أبي طالب، أصبحت مولاي ومولى كل مسلم، فأنزل الله عز وجل: " اليوم أكملت لكم دينكم ".
من صام يوم سبعة وعشرين من رجب كتب له صيام ستين شهراً، وهو أول يوم نزل جبريل بالرسالة.
وعن أبي فاختة قال:
أقبل علي وعمر جالس في مجلسه، فلما رآه عمر تضعضع وتواضع وتوسّع له في المجلس، فلما قام علي قال بعض القوم: يا أمير المؤمنين، إنك تصنع بعلي صنيعاً ما تصنعه بأحد من أصحاب محمد، قال عمر: وما رأيتني أصنع به؟ قال رأيتك كلما رأيته تضعضعت وتواضعت وأوسعت حتى يجلس. قال: وما يمنعني؟ والله إنه لمولاي ومولى كل مؤمن.
وعن جرير بن عبد الله البجلي قال: شهدنا الموسم في حجة مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهي حجة الوداع، فبلغنا مكاناً يقال له: غدير خم، فنادى: الصلاة جامعة، فاجتمعنا: المهاجرون والأنصار، فقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وسطنا، فقال: " أيها الناس بم تشهدون؟ " قالوا: نشهد أن لا إله إلا الله. قال: " ثم مه؟ " قالوا: وأن محمداً عبده ورسوله. قال: " فمن وليكم؟ " قالوا: الله ورسوله مولانا، قال: " فمن وليكم؟ " ثم ضرب بيده إلى عضد علي فأقامه، فنزع عضده، فأخذ بذراعيه، فقال: " من يكن الله ورسوله مولياه فإن هذا مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، اللهم من أحبه من الناس فكن له حبيباً، ومن أبغضه فكن له مبغضاً، اللهم إني لا أجد أحداً أستودعه في الأرض بعد العبدين الصالحين غيرك، فاقض فيه بالحسنى ".
قال بشر: قلت: من هذا العبدان الصالحان؟ قال: لا أدري.
قال أبو سعيد الخدري: لما نصب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم علياً بغدير خم، فنادى له بالولاية، هبط جبريل عليه السلام عليه بهذه الآية: " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ".
وقال أبو سعيد الخدري: نزلت هذه الآية: " يا أيها الرسول بلّغ ما أنزل إليك من ربك " على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم غدير خم في علي بن أبي طالب.
قال الربيع بن سليمان: سمعت الشافعي رحمه الله يقول في معنى قول النبي صلّى الله عليه وسلّم لعلي بن أبي طالب: " من كنت مولاه فعلي مولاه ". يعني بذلك ولاء الإسلام، وذلك قول الله عز وجل: " ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأنّ الكافرين لا مولى لهم ".
وأما قول عمر بن الخطاب لعلي: أصبحت مولى كل مؤمن، يقول: ولي كل مسلم.
قال ابن الأعرابي: المولى: المالك وهو الله، والمولى: ابن العم، والمولى: المعتق، والمولى: المعتق، والمولى: الجار، والمولى: الشريك، والمولى: الحليف، والمولى: المحب، والمولى: اللّويّ، والمولى: الولي، ومنه قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: " من كنت مولاه فعلي مولاه "، معناه: من تولاني فليتولّ علياً.
قال ثعلب: وليس هو كما يقول الرافضة: إن علياً مولى الخلق ومالكهم، وكفرت الرافضة في هذا، لأنه يفسد من باب المعقول: لأنّا رأيناه يشتري ويبيع، فإذا كانت الأشياء ملكه فممن يشتري ويبيع؟ ولكنه من باب المحبة والطاعة.
قال: ويدل على أن المولى والولي: المحب، ما روى إليّ شقيق عن عبد الله قال: رأيت النبي صلّى الله عليه وسلّم أخذ بيد علي وهو يقول: " الله وليّي وأنا وليّك، ومعادٍ من عاداك، ومسالمٌ من سالمك ".
وعن عمار بن ياسر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " من آمن بي وصدقني فليتولّ علي بن أبي طالب، فإن ولايته ولايتي، وولايتي ولاية الله ".
وعنه قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: " أوصّي من آمن بي وصدّقني بالولاية لعلي، فإنه من تولاه تولاني، ومن تولاني تولى الله، ومن أحبه أحبني، ومن أحبني أحب الله، ومن أبغضه أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله ".
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " من سرّه أن يحيا حياتي، ويموت مماتي، ويسكن جنة عدن، غرسها ربي، فليوال علياً من بعدي، وليوال وليّه، وليقتد بالأئمة من بعدي، فإنهم عترتي خلقوا من طينتي، رزقوا فهماً وعلماً، ويل للمكذبين بفضلهم من أمتي، القاطعين فيهم صلتي، لا أنالهم الله شفاعتي ".
قال: هذا حديث منكر.
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " عليٌّ أقضى أمتي بكتاب الله، فمن أحبني فليحبه، فإن العبد لا ينال ولايتي إلا بحبّ علي عليه السلام ".
وعن عبد الله قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: " يا عبد الله، أتاني ملك فقال: يا محمد، واسأل من أرسلنا قبلك من رسلنا علام بعثوا؟ قال: قلت: علام بعثوا؟ قال: على ولايتك وولاية علي بن أبي طالب ".
وعن حذيفة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: من أحب أني حيا حياتي ويموت موتي فليتمسك بالقصبة الياقوت التي خلقها الله بيده، وقال: كن، أو كوني، وليتولّ علي بن أبي طالب بعدي ".
وعن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " من أراد أن يتمسك بالقضيب الياقوت الأحمر الذي غرسه الله لنبيه صلّى الله عليه وسلّم بيمينه في جنة الخلد وفي رواية: في جنة الفردوس الأعلى فليتمسك بحب علي بن أبي طالب ".
وعن زيد بن أرقم قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: من أحب أن يحيا حياتي ويموتموتي ويسكن جنة الخلد التي وعدني ربي، فإن ربّي غرز قضبانها بيده، فليتولّ عليّاً، فإنه لن يخرجكم من هدى ولن يدخلكم في ضلالة ".
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " حب علي بن أبي طالب يأكل السيئات كما تأكل النار الحطب ".
طعن في هذا الحديث وفي رجاله.
وعن ابن عباس قال: قلت للنبي صلّى الله عليه وسلّم: يا رسول الله، للنار جوازٍ؟ قال: " نعم ". قلت: وما هن قال: " حب علي بن أبي طالب ".
طعن في هذا الحديث أيضاً.
وعن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: صنعت امرأة من الأنصار لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم أربعة أرغفة، وذبحت له دجاجة فطبختها، فقدمته بين يدي النبي صلّى الله عليه وسلّم، فبعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى أبي بكر وعمر فأتياه، ثم رفع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يديه إلى السماء، ثم قال: " اللهم سق إلينا رجلاً رابعاً محبّاً لك ولرسولك، تحبه اللهم أنت ورسولك، فيشركنا في طعامنا، وبارك لنا فيه "، ثم قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " اللهم اجعله علي بن أبي طالب "، قال: فوالله ما كان بأوشك أن طلع علي بن أبي طالب، فكبر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقال: " الحمد لله الذي سرني بكم جميعاً، وجمعه وإياكم "، ثم قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " انظروا هل ترون بالباب أحداً؟ "
قال جابر: وكنت أنا وابن مسعود، فأمر بنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأدخلنا عليه فجلسنا معه، ثم دعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بتلك الأرغفة فكسرها بيده، ثم غرّف عليها من تلك الدجاجة، ودعا بالبركة، فأكلنا جميعاً حتى تملأنا شبعاً، وبقيت فضلة لأهل البيت.
قال: هاذ حديث غريب. والمشهور حديث انس وهو ما أسند إلى علي قال: أهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طير يقال له الحبارى، فوضعت بين يديه، وكان أنس بن مالك يحجبه، فرفع النبي صلّى الله عليه وسلّم يده إلى الله، ثم قال: " اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير ".
قال: فجاء علي فاستأذن، فقال له أنس: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يعني على حاجة، فرجع، ثم دعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فرجع، ثم دعا الثالثة فجاء علي فأدخله، فلما رآه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: " اللهم، وإليّ ". فأكل معه، فلما أكل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خرج علي.
قال أنس: ابتعت عليّاً فقلت: يا أبا حسن، استغفر لي، فإن لي إليك ذنباً، وإن عندي بشار، فأخبرته بما كان من النبي صلّى الله عليه وسلّم، فحمد الله واستغفر لي ورضي عني، أذهب ذنبي عنده بشارتي إياه.
وعن أنس قال: أهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم حجل مشوي بخبزه وصنابه فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطعام "، فقالت عائشة: اللهم اجعله أبي، وقالت حفصة: اللهم اجعله أبي. قال أنس: وقلت: اللهم اجعله سعد بن عبادة. قال أنس: فسمعت حركة بالباب، فخرجت فإذا علي بالباب، فقلت: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة، فانصرف، ثم سمعت حركة بالباب، فسلم عليّ، فسمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صوته، فقال: " انظر من هذا؟ " فخرجت فإذا هو علي،
فجئت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأخبرته، فقال: " ائذن له "، فدخل عليّ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " وإليّ، اللهم وإليّ ".
وعن أنس قال: أهدي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم طير مشوي فقال: " اللهم أدخل عليّ أحبّ أهل الأرض إليك يأكل معي ".
قال أنس: فجاء عليٌّ فحجبته، ثم جاء ثانية فحجبته، ثم جاء ثالثة فحجبته؛ رجاء أن تكون الدعوة لرجل من قومي، ثم جاء الرابعة فأذنت له، فلما رآه النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: " اللهم وأنا أحبه، فأكل معه من الطير ".
وعن أنس قال: أهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طير، فقال: " اللهم ائتني برجل يحبّ؟ هـ الله، ويحبه رسولك ".
قال أنس: فأتى عليّ فقرع الباب، فقلت: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مشغول، وكنت أحب ان يكون رجلاً من الأنصار، ثم إن عليّاً فعل مثل ذلك، ثم أتى الثالثة، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " يا أنس أدخله فقد عنيته "، فلما أقبل قال: " اللهم إليّ، اللهم إليّ ".
قال عبد العزيز بن زياد: إن الحجاج بن يوسف دعا أنس بن مالك من البصرة، فسأله عن علي بن أبي طالب؛ فقال: أهدي للنبي صلّى الله عليه وسلّم طائر، فأمر به فطبخ وصنع، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: " اللهم ائتني بأحب الخلق إليّ يأكل معي "، فجاء علي فرددته، ثم جاء ثانية فرددته، ثم جاء الثالثة فرددته، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: " يا أنس، إني قد دعوت ربي، وقد استجيب لي، فانظر من كان بالباب فأدخله ". فخرجت، فإذا أنا بعلي فأدخلته، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: " إني قد دعوت ربي أن يأتيني بأحب خلقه إليّ، وقد استجيب لي، فما حبسك؟ " قال: يا نبي الله حبست أربع مرات، كل ذلك يردّني أنس؛ قال: النبي صلّى الله عليه وسلّم: " ما حملك على ذلك يا أنس؟ " قال: قلت: يا نبي الله بأبي أنت وأمي، إنه ليس أحد إلا وهو يحب قومه، وإن علياً جاء، فأحببت أن يصيب دعاؤك رجلاً من قومي.
قال: وكان النبي صلّى الله عليه وسلّم نبيّ الرحمة فسكت ولم يقل شيئاً.
وفي حديث آخر بمعناه: لأني سمعت دعوتك فأحببت أن يكون رجلاً من قومي، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: الرجل يحب قومه.
وفي حديث آخر عن أنس أيضاً: أهدي للنبي صلّى الله عليه وسلّم نحامات.
وعن أنس: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان عنده طائر، فقال: " اللهم ائتني بأحب خلقك يأكل معي من هذا الطير "، فجاء أبو بكر فرده، ثم جاء عمر وقال الحيري: عثمان فرده، ثم جاء علي، فأذن له.
وعن أنس قال: كنت أنا وزيد بن أرقم نتناوب النبي صلّى الله عليه وسلّم، فأتته أم أيمن بطير أهدي له من الليل، فلما أصبح أتته بفضله، فقال: " ما هذا؟ " قلت: فضل الطير الذي أكلت البارحة، فقال: " أما علمت أن كل صباح يأتي برزقه، اللهم ائتني بأحب خلقك إليك ويأكل معي من هذا الطير ". قال: فقلت: اللهم اجعله من الأنصار، قال: فنظرت فإذا عليّ قد أقبل فقلت له: إنما دخل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الساعة فوضع ثيابه، فسمعني أكلمه، فقال: " من هذا الذي تكلمه؟ " قلت: عليّ، فلما نظر إليه قال: " اللهم أحب خلقك إليك وإليّ ".
وفي رواية عن أنس قال: أهدي إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم طائر كان يعجبه أكله، فقال: " اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي " الحديث.
وعن عبد الله بن العباس قال: كنت أنا وأبي العباس بن عبد المطلب جالسين عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذ دخل علي بن أبي طالب، فسلم فرد عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وبشّ به، وقام إليه فاعتنقه، وقبل بين عينيه، وأجلسه عن يمينه، فقال العباس: يا رسول الله أتحبّ هذا؟ فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: " يا عم رسول الله والله لله أشد حبّاً له مني، إن الله جعل ذرية كل نبيٍّ في صلبه، وجعل ذريتي في صلب هذا ".
وعن أبي ذر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن علمه ما عمل به، وعن مالهم ممّ اكتسبه، وفيم أنفقه، وعن حبنا أهل البيت ". فقيل: يا رسول الله، ومن هم؟ فأومأ بيده إلى علي بن أبي طالب.
وعن عائشة قالت: ما خلق الله خلقاً كان أحب إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من علي.
وعن بريدة قال: كان أحب النساء إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فاطمة، ومن الرجال علي.
قال جميع بن عمير:
دخلت مع أمي على عائشة فقالت: أخبرتني كيف كان حب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لعليّ؟ فقالت: عائشة: كان أحب الناس إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، لقد رأيته يوماً أدخل تحت ثوبه وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال: " اللهم هؤلاء أهل بيتي، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً "، قالت: فذهبت لأدخل رأسي فمنعني، فقلت: يا رسول الله، أولست من أهلك؟ قال: " إنك على خير إنك على خير ".
وعن جميع عن عائشة قال: قلت لها: من كان أحب الناس إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ قال: قالت: أما من الرجال فعلي. وأما من النساء ففاطمة.
وعن جميع بن عمير قال: دخلت مع عمتي على عائشة، فقلت لها: يا أم المؤمنين: أي الناس كان أحب إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ قالت: فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قال: فمن الرجال؟ قالت: زوجها، وايم الله، إن كان ما علمت صوّاماً قواماً جديراً أن يقول ما يحب الله.
وفي رواية: جديراً بقول الحق.
قال معاوية بن ثعلبة: أتى رجل أبا ذر، وهو جالس في مسجد النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا أبا ذر، ألا تخبرني بأحب الناس إليك؟ فإني أعرف أن أحبهم إليك أحبهم إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قال: إي ورب الكعبة، إن أحبّهم إليّ أحبهم إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هو ذاك الشيخ، وأشار إلى علي، وهو يصلي أمامه.
وعن زيد بن أرقم: دخلت على أم سلمة زوج النبي صلّى الله عليه وسلّم فقالت: ممن أنت؟ قلت: من أهل الكوفة، قالت: من الذين يسب فيهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ قلت: لا والله يا أمه، ما سمعت أحداً يسب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قالت: بلى والله، إنهم يقولون: فعل الله بعلي ومن يحبه، وقد كان، والله، رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يحبّه.
وعن بريدة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " أمرني الله تعالى بحب أربعة: وأخبرني أنه يحبهم، إنك يا علي منهم، إنك يا علي منهم، إنك يا علي منهم ".
قال أبو عبد الله الجدلي: دخلت على أم سلمة فقالت: يا أبا عبد الله، أيسبّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيكم وأنتم أحياء؟ قال: قلت: سبحان الله! وأنى يكون هذا؟ قالت: أليس يسبّ علي ومن يحبه؟ قلت: بلى، قالت: أليس كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يحبه؟ وفي رواية قالت: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: " من سبّ علياً فقد سبّني ".
وعن أم سلمة زوج النبي صلّى الله عليه وسلّم قالت: من سبّ علياً وأحباءه فقد سب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأشهد أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يحبّه.
وعن جابر قال: دخل علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ونحن في المسجد، وهو آخذ بيد علي، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: " ألستم زعمتم أنكم تحبونني؟ " قالوا: بلى يا رسول الله، قال: " كذب من زعم أنه يحبني ويبغض هذا ".
وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لعلي: " يا علي، كذب من زعم أنه يحبني ويبغضك ".
وعن سلمان الفارسي قال: رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ضرب فخذ علي بن أبي طالب وصدره، وسمعته يقول: " محبّك محبّي، ومحبّي محبّ الله، ومبغضك مبغضي، ومبغضي مبغض الله ".
وعن علي بن أبي طالب قال: قال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " إنك تعيش على ملّتي، وتقتل على سنتي، من أحبّك أحبّني، ومن أبغضك أبغضني ".
وعن يعلى بن مرة الثقفي قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: " من أطاع علياً فقد أطاعني، ومن عصى عليّاً فقد عصاني، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أحب علياً فقد أحبني، ومن أحبني فقد أحب الله، ومن أبغض علياً فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله، لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا كافر أو منافق ".
طعن في بعض رواته.
وفي حديث مرسل: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: إن الله تعالى عهد إليّ في علي عهداً، قلت: يا ربّ بيّنه لي، قال: " اسمع يا محمد "،
قال: " إن عليّاً راية الهدى بعدي، وإمام أوليائي، ونور من أطاعني، وهو الكلمة التي ألزمتها المتقين، فمن أحبّه أحبّني، ومن أبغضه أبغضني، فبشره بذلك ".
وعن زر بن حنيش قال: سمعت علياً يقول:
والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة إنه لعهد النبي صلّى الله عليه وسلّم إليّ: ألا يحبّك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق.
وعن أبي ذر قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول لعلي: " إن الله أخذ ميثاق المؤمنين على حبك، وأخذ ميثاق المنفقين على بغضك، فلو ضربت خيشوم المؤمن ما أبغضك، ولو نثرت الدنانير على المنافق ما أحبك، يا علي، لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق ".
وعن أبي الطفيل قال: أخذ علي بيدي في هذا المكان، فقال: يا أبا الطفيل، لو أني ضربت أنف المؤمن بخشبة ما أبغضني أبداً، ولو أني أقمت المنافق ونثرت على رأسه ما أحبني أبداً، يا أبا الطفيل، إن الله أخذ ميثاق المؤمنين بحبي، وأخذ ميثاق المنافقين ببغضي، فلا يبغضني مؤمن أبداً، ولا يحبني منافق أبداً.
وعن عمران بن ميثم عن أبيه ميثم قال: شهدت علي بن أبي طالب وهو يجود بنفسه يقول: يا حسن، قال الحسن: لبيك يا أبتاه، قال: إن الله أخذ ميثاق أبيك، وميثاق كل مؤمن على بغض كل منافق وفاسق، وأخذ ميثاق كل فاسق ومنافق على بغض أبيك.
وعن عبد اله بن حنطب قال: خطبنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم الجمعة فقال: " يا أيها الناس، قدموا قريشاً ولا تقدّموها، وتعلموا منها ولا تعلّموها، قوة رجل من قريش تعدل قوة رجلين من
غيرهم، وأمانة رجل من قريش تعدل أمانة رجلين من غيرهم. يا أيها الناس، أوصيكم بحب ذي أقربها أخي وابن عمي علي بن أبي طالب، فإنه لا يحبه إلا مؤمن، ولا يبغضه إلا منافق، من أحبه فقد أحبني، ومن أبغضه فقد أبغضني، ومن أبغضني عذبه الله عزّ وجلّ ".
وعن أم سلمة قالت: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول لعلي: " لا يبغضك مؤمن ولا يحبك منافق ".
وفي حديث عنها قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق أو كافر ".
وعن عبد الله بن مسعود قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: " من زعم أنه آمن بي وما جئت به وهو يبغض علياً، فهو كاذب ليس بمؤمن ".
وعن عمار بن ياسر قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول لعلي بن أبي طالب: " يا علي، إن الله زيّنك بزينة لم تتزيّن العباد بزينة أحبّ إلى الله منها: الزهد في الدنيا؛ فجعلك لا تنال من الدنيا شيئاً، ولا تنال الدنيا منك شيئاً، ووهب لك حبّ المساكين، فرضوا بك إماماً، ورضيت بهم أتباعاً، فطوبى لمن أحبك وصدق فيك، وويل لمن أبغضك وكذب عليك، وأما الذين أحبوا وصدقوا فيك فهم جيرانك في دارك ورفقائك في قصرك، وأما الذين أبغضوك وكذبوا عليك فحقّ على الله أن يوقفهم موقف الكذابين يوم القيامة ".
وعن ابن عباس أن النّبي صلّى الله عليه وسلّم قال: " إنما رفع الله القطر عن بين إسرائيل بسوء رأيهم في أنبيائهم، وإن الله عزّ وجلّ يرفع القطر عن هذه الأمة ببغضهم علي بن أبي طالب ".
وعن صلصال بن الدّلهمس قال: كنت عند النّبي صلّى الله عليه وسلّم في جماعة من أصحابه، فدخل علي بن أبي طالب، فقال له
النّبي صلّى الله عليه وسلّم: " كذب من زعم أنه يحبني ويبغضك، ألا من أحبك فقد أحبني، ومن أحبني فقد أحب الله، ومن أحب الله أدخل الجنة، ومن أبغضك فقد أبغضني، ومن أبغضني أبغضه الله، ومن أبغضه الله أدخله النار ".
وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " ثلاث من كن فيه فليس مني ولا أنا منه: بغض علي بن أبي طالب، ونصب لأهل بيتي، ومن قال: الإيمان كلام ".
وعن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود وابن عباس قال: كنا عند ابن مسعود فتلا ابن عباس هذه الآية: " محمّدٌ رسول الله والذي معه أشدّاء على الكفّار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجّداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السّجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرعٍ أخرج شطأه ". قال ابن عباس: ذلك أبو بكر، قال: " فاستغلظ فاستوى " عمر بن الخطاب، " على سوقه " عثمان بن عفان، " يعجب الزّراع ليغيظ بهم الكفّار " علي بن أبي طالب. كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ببغضهم علي بن أبي طالب.
وعن أبي سعيد الخدري قال: ما كنا نعرف المنافقين إلا ببغضهم عليّاً والأنصار.
وفي رواية أخرى عنه: إلاّ ببغضهم عليّاً.
وعنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
" لا يبغض عليّاً إلا منافق أو فاسق أو صاحب دنيا ".
وعنه قال: ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلا ببغض عليّ.
وعن جابر بن عبد الله قال: ما كنا نعرف منافقينا معشر الأنصار إلا ببغضهم علي بن أبي طالب.
وعن جابر قال: كنا نعرف نفاق الرجل منا ببغضه علياً.
وعن أبي الزبير قال: سئل جابر عن علي، فقال: ما كنا نعرف منافقي هذه الأمة إلا ببغضهم عليّاً.
وعن عبادة بن الصامت قال: كنا ننوّر أولادنا بحبّ عليّ بن أبي طالب، فإذا رأينا أحداً لا يحبّ علي بن أبي طالب علمنا أنه ليس منا، وأنه لغير رشده.
وعن محبوب بن أبي الزناد قال: قالت الأنصار: إن كنا لنعرف الرجل إلى غير أبيه ببغضه علي بن أبي طالب.
وعن أنس قال: كان النّبي صلّى الله عليه وسلّم إذا أراد ان يشهر عليّاً في مواطن أو مشهد علا على راحلته، وأمر الناس أن ينخفضوا دونه، وإن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم شهر علياً يوم خيبر فقال: " يا أيها الناس من أراد أن ينظر إلى آدم في خلقه، وإليّ في خلقي، وإلى إبراهيم في خلته، وإلى موسى في مناجاته، وإلى يحيى في زهده، وإلى عيسى في سنته، فلينظر إلى علي بن أبي طالب إذا خطر بين الصفين، كأنما يتقلّع من صخر، أو يتحدّر من صببٍ، يا أيها الناس، امتحنوا أولادكم بحبّه، فإن علياً لا يدعو إلى ضلالة، ولا يبعد عن هدى، فمن أحبه فهو منكم، ومن أبغضه فليس منكم ".
قال أنس بن مالك: فكان الرجل من بعد يوم خيبر يحمل ولده على عاتقه ثم يقف على طريق علي، وإذا نظر إليه توجه بوجهه تلقاه وأومأ بإصبعه: أي بني تحبه هذا الرجل المقبل؟ فإن قال الغلام: نعم قبّله، وإن قال: لا، خرق به الأرض، وقال له: الحق بأمك، ولتلحق أمك بأهلها، فلا حاجة لي فيمن لا يحب علي بن أبي طالب.
قال: هذا حديث منكر.
وعن ابن عباس قال: بينا نحن بفناء الكعبة ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم يحدثنا، إذ خرج علينا مما يلي الركن اليماني شيء عظيم كأعظم ما يكون من الفيلة، قال: فتفل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " لعنت "، أو قال: " خزيت "، قال: فقال علي بن أبي طالب: ما هذا يا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ قال: " أو ما تعرفه يا علي؟ " قال: الله ورسوله أعلم، قال: " هذا إبليس "؛ فوثب إليه، فقبص على ناصيته، وجذبه فأزاله عن موضعه، وقال: يا رسول الله أقتله؟ قال: " أو ما علمت أنه قد أجّل إلى الوقت المعلوم؟ " قال: فتركه من يده، فوقف ناحية، ثم قال: لي ولك يا بن أبي طالب، والله ما أبغضك أحدٌ إلا قد شاركت أبه فيه، اقرأ ما قال الله تعالى: " وشاركهم في الأموال والأولاد ".
قال ابن عباس: ثم حدثنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: " لقد عرض لي في الصلاة، فأخذت بحلقة فخنقته، فإني لأجد برد لسانه على ظهر كفي، ولولا دعوة أخي لأريتكموه مربوطاً بالسارية تنظرون إليه ".
وعن علي بن أبي طالب قال: رأيت النّبي صلّى الله عليه وسلّم عند الصفا، وهو مقبل على شخص في صورة الفيل، وهو يلعنه، فقلت: ومن هذا الذي تلعنه يا رسول الله؟ قال: " هذا الشيطان الرجيم "، فقلت: والله
يا عدو اله لأقتلنك، ولأريحنّ الأمة منك، قال: ما هذا جزائي منك، قلت: وما جزاؤك مني يا عدو الله؟ قال: والله ما أبغضك أحد قط إلا شاركت أباه في رحم أمه.
وعن طاووس قال: قلت لعلي بن حسين بن علي: ما بال قريش لا تحب عليّاً؟ فقال: لأنه أورد أولهم النار وألزم آخرهم العار.
وعن أبي برزة قال: قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " إن الله عهد إليّ في علي عهداً، فقلت: يا رب بيّنه لي، فقال: اسمع، فقلت: سمعت، فقال: إن علياً راية الهدى، وإمام أوليائي، ونور من أطاعني، وهو الكلمة التي ألزمتها المتقين، من أحبه أحبني، ومن أبغضه أبغضني، فبشره بذلك ". فجاء علي فبشرته، فقال: يا رسول الله أنا عبد الله وفي قبضته، فإن يعذبني فبذنبي، وإن يتم لي الذي بشرتني به فالله أولى بي. قال: قلت: " اللهم اجل قلبه، واجعل ربيعه الإيمان "، فقال الله: " قد فعلت به ذلك "، ثم إنه رفع إليّ أن سيخصه من البلاء بشيء لم يخصّ به أحداً من أصحابي، فقلت: " يا رب أخي وصاحبي "، فقال: " إن هذا شيء قد سبق، إنه مبتلىً ومبتلى به ".
وعن ابن عباس أنالنّبي صلّى الله عليه وسلّم نظر إلى علي بن أبي طالب فقال:
" أنت سيّد في الدّنيا سيّد في الآخرة، من أحبك فقد أحبني، وحبيبك حبيب الله، ومن أبغضك فقد أبغضني، وبغيضك بغيض الله، والويل لمن أبغضك من بعدي ".
وعن علي قال: إن محمداً صلّى الله عليه وسلّم أخذ بيدي ذات يوم فقال: " من مات وهو يبغضك فهي ميتة جاهلية يحاسب بما عمل في الإسلام، ومن عاش بعدك وهو يحبك ختم اله له بالأمن والإيمان كلما طلعت شمس وغربت حتى يد عليّ الحوض ".
وعن علي بن أبي طالب قال: دعاني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: " إن فيك من عيسى مثلاً: أبغضته يهود حتى بهتوا أمه، وأحبته النصارى حتى نزلوا بالمنزل الذي ليس به ".
ألا وإنه يهلك فيّ اثنان: محب مطرٍ يقرظني ما ليس فيّ، ومبغض يحمله سبابي على
أن يبهتني، ألا وإني لست بنبي ولا يوحى إليّ، ولكني أعمل بكتاب الله وسنة نبيّه ما استطعت، فما أمرتكم من طاعة الله فحقّ علكم طاعتي فيما أحببتم وكرهتم.
وفي حديث آخر: وما أمرتكم به أو غيري من معصية الله فلا طاعة في معصية لأحد، الطاعة في المعروف، الطاعة في المعروف، الطاعة في المعروف.
وعن علي قال: يهلك فيّ رجلان: محبٌ غالٍ، ومبغضٍ قالٍ.
وعن علي قال: يهلك فيّ رجلان: محبٌ مفرط، وعدو مبغض، فمن استطاع منكم ألا يكون واحداً منهما فليفعل.
وعن علي بن أبي طالب: ليحبّني أقوام، يدخلون بحبي الجنة، وليبغضني أقوام يدخلون ببغضي النار.
وعن جابر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " يا علي، لو أن أمتي أبغضوك لأكبهم الله على مناخرهم في النار ".
وعن عباية عن علي بن أبي طالب قال: أنا قسيم النار يوم القيامة: أقول خذي ذا وذري ذا.
وفي حديث آخر: أقول: هذا لي، وهذا لك.
قال ابو بكر بن عياش: قلت للأعمش: أنت تحدث عن موسى بن طريف عن عباية عن علي: أنا قسيم النار، قال: فقال: والله ما رويته إلا على جهة الاستهزاء، قال: قلت: حمله الناس عنك في الصحف، وتزعم أنك رويته على جهة الاستهزاء.
قال أبو معاوية: قلنا للأعمش: لا تحدث هذه الأحاديث، قال: تسألونني، فما أصنع؟ ربما سهوت، فإذا سألوني عن شيء من هذا سهوت فذكروني.
قال: وكنا يوماً عنده فجاء رجل فسأله عن حديث قسيم النار، قال: فتنحنحت. قال: فقال الأعمش: هؤلاء المرجئة لا يدعونني أحدث بفضائل علي، أخرجوهم من المسجد حتى أحدثكم.
قال بسّام الصّيرفي: قلت لجعفر: إن ناساً يزعمون أن عليّاً قسيم النار؛ فقال: أنا أكفر بهذا.
قال سلام: كان موسى يرى رأي أهل الشام، وكان يتحدث بهذا يتعجب به، ويسمع به.
قال موسى: وقد حدثني عباية بأعجب من هذا عن علي أنه قال: والله لأقتلن ثم لأبعثن، ثم لأقتلن وهي القتلة التي أموت فيها، فيضربني يهودي بأريحا يعني موضعاً بالشام بصخرة يقرع بها هامتي.
قال أحمد بن حنبل، وقد سأله رجل عن قول النّبي صلّى الله عليه وسلّم: " علي قسيم النار "، فقال: هذا حديث يضطرب طريقه عن الأعمش؛ ولكن الحديث الذي ليس عليه لبس قول النّبي صلّى الله عليه وسلّم: " لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق "، وقال الله عزّ وجلّ: " إنّ المنافقين في الدّرك الأسفل من النّار "، فمن أبغض علياً فهو في الدرك الأسفل من النار.
وعن عبد الله بن عكيم الجهني قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " إن الله أوحى إليّ في عليّ ثلاثة أشياء ليلة أسري بي: إنه سيّد المؤمنين، وإمام المتقين، وقائد الغرّ المحجّلين ".
وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " اسكب لي ماءً أو وضوءاً "، ثم قام يصلي ركعتين، ثم قال: " يا أنس، أول من يدخل من هذا الباب أمير المؤمنين، وقائد الغرّ المحجّلين، وسيّد المسلمين: عليّ ".
وعن بريدة الأسلمي قال: أمرنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن نسلم على علي بإمرة المؤمنين، ونحن سبعة، وأنا أصغر القوم يومئذٍ.
أنكر هذا الحديث، وقال: فيه مجاهيل.
وعن علي قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " علي يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب المنافقين ".
وعن أنس أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: " يا علي، أنت سيّد شباب أهل الجنة ".
وعن عائشة قالت:
كنت قاعدة مع النّبي صلّى الله عليه وسلّم إذ أقبل عليّ، فقال النّبي صلّى الله عليه وسلّم: " يا عائشة، هذا سيّد العرب "، قالت: فقلت: يا رسول الله ألست أنت سيّد العرب؟ قال: " أنا سيّد ولد آدم، وهذا سيّد العرب ".
وعن عائشة قالت: أقبل علي بن أبي طالب يوماً فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " هذا سيّد المسلمين "، فقلت: ألست سيّد المسلمين يا رسول الله؟ قال: " أنا خاتم النّبيّين ورسول ربّ العالمين ".
وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رجل: يا رسول الله أنت سيّد العرب؟ قال: " لا، أنا سيّد ولد آدم، وعي سيّد العرب، وإنه لأول من ينفض الغبار عن رأسه يوم القيامة قبلي علي ".
وعن أبي ذر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لعلي: " من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني عصى الله، ومن أطاع علياً أطاعني ومن عصى علياً عصاني ".
وعن أبي ذر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " يا علي، من فارقني فقد فارق الله، ومن فارقك فقد فارقني ".
وعن عمار بن ياسر، وعن أبي أيوب قالا: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " حقّ عليّ على المسلمين حقّ الوالد على ولده ".
وعن أنس بن مالك قال: نظر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى علي بن أبي طالب فقال: " أنا وهذا حجّة الله على خلقه ".
وعن عبد الله بن الحارث قال: قلت لعلي بن أبي طالب: أخبرني بأفضل منزلتك من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قال: نعم، بينا أنا نائم عنده وهو يصلي، فلما فرغ من صلاته قال: " يا علي، ما سألت الله عزّ وجلّ من الخير إلاّ سألت لك مثله، وما استغفرت الله من الشرّ إلاّ استغفرت لك مثله ".
وعن علي بن أبي طالب قال: مرضت مرّة مرضاً فعادني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فدخل عليّ وأنا مضطجع، فأتى إلى جنبي، ثم سجّاني بثوبه، فلما رآني قد ضعفت قام إلى المسجد يصلي، فلما قضى صلاته جاء فرفع الثوب عني، ثم قال: " قم يا علي، فقد برأت "، فقمت فكأني ما اشتكيت قبل ذلك، فقال: " ما سألت ربي شيئاً إلا أعطاني، وما سألت شيئًا لي إلا سألت لك ".
وعن علي قال: دخلت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في السّحر، وهو في مصلاه في بعض حجره، فقال: " يا عليّ، بتّ ليلتي هذه حيث ترى أصلي وأناجي ربي تعالى، فما سألت الله شيئاً إلاّ سألت لك مثله، وما سألت من شيء إلى أعطاني، إلا أنه قيل لي: إنه لا نبيّ بعدي ".
وعن أسماء بنت عميس: أنها رمقت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فلم يزل يدعو لهما خاصة يعني عليّاً وفاطمة لا يشركهما بدعائه أحداً.
وعن علي قال: مرّ بي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأنا وجع وأنا أقول: اللهم إن كان أجلي قد حضر فأرحني، وإن كان أجلاً فارفعني، وإن كان بلاء فصبّرني، قال: " ما قلت؟ " فأعدت عليه فضربني برجله، فقال: " ما قلت؟ " فأعدت عليه، فقال: " اللهم عافه أو اشفه "، فما اشتكيت ذلك الوجع بعد.
وعن أبي الحمراء قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى يحيى بن زكريا في زهده، وغلى موسى بن عمران في بطشه، فلينظر إلى عليّ بن أبي طالب ".
وعن أبي ليلى قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " الصّدّيقون ثلاثة: حبيب النجار مؤمن آل ياسين، وحزقيل مؤمن آل فرعون، وعلي بن أبي طالب وهو أفضلهم ".
وعن جابر عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم قال: " ثلاثة ما كفروا بالله قطّ: مؤمن آل ياسين وعلي بن أبي طالب، وآسية امرأة فرعون ".
وعن أسماء بنت عميس قالت: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوحى إليه ورأسه في حجر علي، فلم يصلّ العصر حتى غربت الشمس، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " صلّيت يا علي؟ " قال: لا، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " اللهم إنه كان في طاعتك وطاعة نبيّك فاردد عليه الشمس ". قالت أسماء: فرأيتها غربت، ثم رأيتها طلعت بعد ما غربت.
وعن جابر قال: لما أن كان يوم الطائف خلا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعلي، فناجاه طويلاً، وأبو بكر وعمر ينظران والناس، قال: ثم انصرف إلينا، فقال الناس: قد طالت مناجاتك اليوم يا رسول الله، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " ما أنا انتجيته، ولكن الله انتجاه ".
وفي رواية:
فأطال مناجاته، فرأى الكراهية في وجوه رجال، فقالوا: قد أطال مناجاته منذ اليوم ... الحديث.
وعن سلمان الفارسي قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " صاحب سرّي عليّ بن أبي طالب ".
وعن إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص قال: دخل عليّ بن أبي طالب على النّبي صلّى الله عليه وسلّم وعنده ناس، فخرجوا يقولون: ما أمرنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن نخرج فدخلوا، فذكروا ذلك لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: " ما أنا أدخلته وأخرجتكم، ولكن الله أدخله وأخرجكم ".
وعن سعيد بن جبير قال: ذكر عند ابن عباس عليّ بن أبي طالب فقال: إنكم تذكرون رجلاً كان يسمع وطء جبريل فوق بيته.
وعن جابر بن عبد الله قال: خرجت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى امرأة من الأنصار في نخل لها يقال له: الأسواف، ففرشت لرسول اله صلّى الله عليه وسلّم تحت صور لها مرشوش، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " الآن يأتيكم رجل من أهل الجنة "، قال: فلقد رأيته مطأطئاً رأسه من تحت الصّور، ثم يقول: " اللهم إن شئت جعلته عليّاً "، فجاء علي، ثم إن الأنصارية ذبحت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم شاة، وصنعتها، فأكل وأكلنا، فلما حضرت الظهر قام فصلى وصلينا ما توضأ ولا توضأنا، فلما حضرت العصر صلى وما توضأ ولا توضأنا.
وعن سلمى قالت: كنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في النخل، فقال: " يطلع عليكم رجل من أهل الجنة "، فسمعت حسّاً فإذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وعن أنس بن مالك قال: خرجنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فمرّ بحديقة فقال علي: يا رسول الله، ما أحسن هذه الحديقة! قال: " حديقتك في الجنة أحسن منها "، حتى مرّ بستّحدائق. وفي روايات أخر: بسبع حدائق كل ذلك يقول علي: يا رسول الله، ما أحسن هذه الحديقة! فيردّ عليه النّبي صلّى الله عليه وسلّم: " حديقتك في الجنة أحسن منها "، ثمّ وضع النّبي صلّى الله عليه وسلّم رأسه على إحدى منكبي علي فبكى، فقال له علي: ما يبكيك يا رسول الله؟ قال: " ضغائن في صدور أقوام لا يبدونها لك حتى أفارق الدنيا ". فقال علي: فما أصنع يا رسول الله؟ قال: " تصبر "، قال: فإن لم أستطع؟ قال: " تلقى جهداً "، قال: ويسلم لي ديني؟ قال: " ويسلم لك دينك ".
وعن علي أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: " يا علي، إن لك في الجنة كنزاً وإنك ذو قرنيها، فلا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى، وليست لك الآخرة ".
قال داوود بن رشيد: حدثني أبي قال: كنت يوماً عند المهدي، فذكر علي بن أبي طالب، فقال المهدي: حدثني أبي عن جدي عن أبيه عن ابن عباس قال: كنت عند النّبي صلّى الله عليه وسلّم، وعنده أصحابه حافين به إذ دخل علي بن أبي طالب، فقال له النّبي صلّى الله عليه وسلّم: " يا علي، إنك عبقريهم ".
قال المهدي: أي سيّدهم.
وعن عبد الله بن ظالم المازني قال: لقد خرج معاوية من الكوفة استعمل المغيرة بن شعبة. قال: فأقام خطباء يقعون في علي، قال: وأنا إلى جنب سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، قال: فغضب، فقام فأخذ بيدي فتبعته، فقال: ألا ترى إلى هذا الرجل الظالم لنفسه الذي يأمر بلعن رجل من أهل الجنة، فأشهد على التسعة أنهم في الجنة، ولو شهدت على العاشر لم آثم؟ قال:
قلت: وما ذاك؟ قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " اثبت حراء فإنّك ليس عليك إلاّ نبيّ أو صدّيق أو شهيد ". قال: قلت: من هم؟ فقال: رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي والزّبير وطلحة وعبد الرّحمن بن عوف وسعد بن مالك ". قال: وسكت قال: قلت: ومن العاشر؟ قال: " أنا ".
وعن ابن عباس قال: سمعت نبيّ الله صلّى الله عليه وسلّم وهو آخذ بيد علي يقول: " هذا أوّل من يصافحني يوم القيامة ".
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " أوّل من يكسى يوم القيامة إبراهيم بحلّته، ثم أنا بصفوتي، ثم علي بن أبي طالب يزفّ بيني وبين إبراهيم زفّاً إلى الجنة ".
وعن أبي سعيد: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كسا ناساً من أصحابه، ولم يكس علياً، فكأنه رأى في وجه علي، فقال: " يا علي، أما ترضى أن تكسى إذا كسيت وتعطى إذا أعطيت؟ ".
وعن أبي رافع:
أن علياً دخل على النّبي صلّى الله عليه وسلّم وهو مغضب، فشكا إليه بغض قريش له، وحسد الناس إياه، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " يا علي، أما ترضى أن أول أربعة يدخلون الجنة أنا وأنت والحسن والحسين ".
وعن علي قال: شكوت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حسد الناس لي، فقال: " يا علي، أما ترضى أنّ أوّل أربعة يدخلون الجنة أنا وأنت والحسن والحسين، وأزواجنا عن أيماننا وشمائلنا وذرارينا خلف أزواجنا وأشياعنا من ورائنا؟ ".
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " ما في القيامة راكب غيرنا نحن أربعة "، فقام إليه عمه العباس بن عبد المطلب فقال: ومن هم يا رسول الله؟ فقال: " أما أنا فعلى البراق، وجهها كوجه الإنسان، وخدها
كخدّ الفرس، وعرفها من لؤلؤ ممشوط، وأذناها زبرجدتان خضراوان، وعيناها مثل كوكب الزهرة تتقدان مثل النجمين المضيئين، لها شعاع مثل شعاع الشمس، بلقاء محجّلة تضيء مرة وتنمي أخرى، ينحدر من نحرها مثل الجمان، مضطربة في الحلق أذناها، ذنبها مثل ذنب البقرة، طويلة اليدين والرجلين، وأظلاف البقر من زبرجد أخضر، تجدّ في مسيرها تمرّ كالرّيح وهو مثل السّحابة، لها نفس كنفس الآدميين، تسمع الكلام وتفهمه، وهي فوق الحمار، ودون البغل ".
قال العباس: ومن يا رسول الله؟ قال: " وأخي صالح على ناقة الله التي عقرها قومه ".
قال العباس: ومن يا رسول الله؟ قال: " وعمي حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله، سيّد الشهداء على ناقتي ".
قال العباس: ومن يا رسول الله؟ قال: " وأخي عليّ على ناقة من نوق الجنة، زمامها من لؤلؤ رطب، عليها محمل من ياقوت أحمر، قضبانه من الدّرّ الأبيض، على رأسه تاج من نور، لذلك التّاج سبعون ركناً، ما من ركن إلاّ وفيه ياقوتة حمراء تضيء للراكب المحث، عليه حلتان خضراوان، وبيده لواء الحمد، وهو ينادي: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فتقول الخلائق: ما هذا إلاّ نبيّ مرسل أو ملك مقرّب، فينادي منادٍ من بطنان العرش: ليس هذا ملك مقرّب، ولا نبيّ مرسل، ولا حامل عرش، هذا علي بن أبي طالب وصي رسول ربّ العالمين، وإما المتقين، وقائد الغرّ المحجّلين ".
وفي حديث آخر: " وأمير المؤمنين، وقائد الغرّ المحجّلين في جنات النعيم ".
وفي حديث آخر: " أمير المؤمنين وإمام التقين، وقائد الغرّ المحجّلين إلى جنّات ربّ العالمين، أفلح من صدّقه، وخاب من كذّبه، ولو أنّ عابداً عبد الله بين الرّكن والمقام ألف عام وألف عام
حتى يكون كالشّنّ البالي لقي الله مبغضاً لآل محمد أكبّه الله على منخره في نار جهنم.
وعن ابن عمر قال: لما طعن عمر وأمر بالشورى فقال: ما عسى أن تقولوا في علي؟ سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: " يا علي يدك في يدي يوم القيامة، تدخل معي حيث أدخل ".
وعن أنس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " تؤتى يوم القيامة بناقة من نوق الجنة يا علي، فتركبها وركبتك مع ركبتي، وفخذك مع فخذي حتى تدخل الجنة ".
وعن علي بن أبي طالب قال: قال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " ألا ترضى يا علي، إذا جمع الله الناس في صعيد واحد عراة حفاة مشاة قد قطع أعناقهم العطش، فكان أول من يدعى إبراهيم فيكسى ثوبين أبيضين، ثم يقوم عن يمين العرش، ثم ينجرّ مثعبٌ من الجنة إلى الحوض، حوض أعزب مما بين بصرى وصنعاء، وفيه آنية مثل عدد نجوم السماء، وقدحان من فضة، فأشرب وأتوضأ ثم أكسى ثوبين أبيضين، ثم أقوم عن يمين العرش، ثم تدعى يا علي فتشرب، ثم توضأ، ثم تكسى ثوبين أبيضين، فتقوم عن يميني معي فر أدعى لخير إلا دعيت ".
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " أعطاني ربي عزّ وجلّ في علي خصالاً في الدنيا وخصالاً في الآخرة، أعطاني به في الدنيا أنه صاحب لوائي عند كل شديدة وكريهة، وأعطاني به في الدنيا أنه غامضي وغاسلي ودافني، وأعطاني به في الدنيا أنه لن يرجع بعدي كافراً، وأعطاني به في الآخرة أنه صاحب لواء الحمد يقدمني به، وأعطاني به في الآخرة أنه متكئي في طول الجسر يوم القيامة، وأعطاني به أنه عون لي على حمل مفاتيح الجنة ".
وعن علي قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول:
" أعطيت في علي خمس خصال لم يعطها نبي في أحد قبلي، أما خصلة منها: فإنه يقضي ديني، ويواري عورتي. وأما الثانية: فإنه الذائد عن حوضي. وأما الثالثة: فإنه متكئي في طريق الجسر يوم القيامة. وأما الرابعة: فإن لوائي معه يوم القيامة، وتحته آدم وما ولد. وأما الخامسة: فإني لا أخشى أن يكون زانياً بعد إحصان، ولا كافراً بعد إيمان ".
وعن علي قال: قال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " أنت وشيعتك في الجنة ".
حدث أبو محمد القاسم بن جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن عبد الله عن أبيه عبد الله بن جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " يا علي، إذا كان يوم القيامة يخرج قوم من قبورهم، لباسهم النور على نجائب من نور، أزمّتها يواقيت حمر، تزفهم الملائكة إلى المحشر "، فقال علي: تبارك الله ما أكرم هؤلاء على الله قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " يا علي، هم أهل ولايتك وشيعتك ومحبوك، يحبونك بحبي، ويحبونني بحبّ الله، هم الفائزون يوم القيامة ".
وعن علي قال: قال لي سلمان: قلّما طلعت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأنا معه إلاّ ضرب بين كتفي، فقال: " يا سلمان هذا وحزبه المفلحون ".
وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " إن عن يمين العرش كراسي من نور، عليها أقوام تلألؤ وجوههم نورٌ، فقال أبو بكر: أنا منهم يا نبي الله؟ قال: " أنت على خير "، قال: فقال عمر: يا نبي الله أنا منهم. فقال مثل ذلك، " ولكنهم قوم تحابوا من أجلي وهم هذا وشيعته "، وأشار بيده إلى علي بن أبي طالب.
وعن أم سلمة قالت: كانت ليلتي، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عندي، فغدت عليه فاطمة ومعها علي، فرفع غليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رأسه، وقال: " أبشر يا علي: أنت وأصحابك في الجنة، أبشر يا علي: أنت وشيعتك في الجنة، إلا أنّ ممن يزعم أنه يحبك قوماً يرفضون الإسلام، يقرؤون القرآن، لا يجاوز تراقيهم يقولها ثلاثاً لهم نبز، يقال لهم: الرافضة، إن أنت أدركتهم فجاهدهم، فإنهم مشركون ". قال: يا رسول الله، فما العلامة فيهم؟ قال: " لا يحضرون جمعة ولا جماعة، ويطعنون على السلف الأول ".
وعن علي قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " ياعلي، أنت وشيعتك في الجنة، وإن قوماً لهم نبز، يقال لهم الرافضة، فإن لقيتهم فاقتلهم؛ فإنهم مشركون "، فقال علي: ينتحلون حبّنا أهل البيت، وليسوا كذلك، وآية ذلك أنهم يشتمون أبا بكر وعمر.
وعن أبي الحمراء خادم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: " لما أسري بي رأيت في ساق العرش مكتوباً: لا إله إلا الله محمداً رسول الله صفوتي من خلقي، أيدته بعلي ونصرته ".
وعن أم عطية قالت: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جيشاً فيهم علي بن أبي طالب، قالت: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يدعو رافعاً يديه يقول: " اللهم لا تمتني حتى تريني علي بن أبي طالب ".
وعن علي قال: لما كانت ليلة بدر قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " من يستقي لنا من الماء؟ " فأحجم الناس، فقام علي فاحتضن قربة، ثم أتى بئراً بعيدة القعر مظلمة، فانحدر فيها، فأوحى الله تعالى إلى جبريل وميكائيل وإسرافيل: اهبطوا لنصر محمد وحزبه، ففصلوا من السماء، لهم لغط يذعر من سمعه، فلما جاؤوا بالبئر سلموا عليه من عند آخرهم إكراماً وتبجيلاً.
وعن سلمان الفارسي قال:
كنا مع النّبي صلّى الله عليه وسلّم في مسجده في يوم مطير ذي سحائب ورياح، ونحن ملتفون حوله، فسمعنا صوتاً لا نرى شخصه وهوي قول: السلام عليك يا رسول الله، فردّ عليه السلام، وقال: " ردوا على أخيكم السلام "، قال: فرددنا عليه، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " من أنت؟ " قال: أنا عرفطة بن شمراخ أحد بني نجاح، أتيتك يا رسول الله مسلماً، فقال له النّبي صلّى الله عليه وسلّم: " مرحباً بك يا عرفطة، اظهر لنا رحمك الله في صورتك "، قال سلمان: فظهر لنا شيخ أزب أشعر قد لبس وجهه شعراً غليظاً متكاثفاً قد واراه، وإذا عيناه مشقوقتان طولاً، وله فم في صدره، فيه أنياب بادية طوال، وإذا له في موضع الأظفار من يديه مخالب كمخالب السباع، فلما رأيناه اقشعرت جلودنا، ودنونا من النّبي صلّى الله عليه وسلّم، قال الشيخ: يا نبي الله ابعث معي من يدعو جماعة قومي إلى الإسلام، وأنا أرده إليك سالماً إن شاء الله، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لأصحابه " أيكم يقوم معه فيبلغ الجنّ عني، وله عليّ الجنة؟ " فما قام أحد. وقال الثانية والثالثة فما قام أحد، فقال علي: أنا يا رسول الله، فالتفت النّبي صلّى الله عليه وسلّم إلى الشيخ فقال: " وافني إلى الحرّة في هذه الليلة أبعث معك رجلاً يفصل بحكمي وينطق بلساني، ويبلغ الجنّ عني ".
قال سلمان: فغاب الشيخ وأقمنا يوماً، فلما صلى النّبي صلّى الله عليه وسلّم العشاء الآخرة، وانصرف الناس من مسجده قال: " يا سلمان سر معي "، فخرجت معه وعلي بين يديه حتى أتيت الحرة، فإذا الشيخ على بعير كالشاة، وإذا بعير آخر على ارتفاع الفرس، فحمل عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم علياً، وحملني خلفه، وشدّ وسطي إلى وسطه بعمامة، وعصب عيني، وقال: " يا سلمان، لا تفتحن عينيك حتى تسمع عليّاً يؤذن، ولا يرعك ما تسمع، فإنك آمن إن شاء الله "، ثم أوصى علياً بما أحبّ أن يوصيه، ثم قال: " سيروا ولا قوة إلا بالله ".
فثار البعير، ثم دفع سائراً يدف كدفيف النعام، وعلي يتلو القرآن، فسرنا ليلتنا حتى إذا طلع الفجر أذن علي وأناخ البعير، وقال: انزل بان الفجر أقام عليٌّ الصلاة، وتقدم وصلى بنا أنا والشيخ، ولا أزال أسمع الحس حتى إذا سلم علي التفت فإذا خلق عظيم لا يسمعهم إلا الخطيب الصّيت الجهير، فأقام علي يسبح ربّه حتى طلعت الشمس، ثم قام فيهم خطيباً، فخطبهم، واعترضه منهم مردة، فأقبل عليٌّ عليهم فقال: أبالحقّ تكذبون، وعن القرآن تصدفون، وبآيات الله تجحدون؟ ثم رفع طرفه إلى السماء، فقال: بالكلمة العظمى والأسماء الحسنى والعزائم الكبرى، والحي القيوم محيي الموتى، وربّ الأرض والسماء، يا حرسة الجن ورصدة الشياطين خدام الله الشراهاليين ذوي الأرواح الطاهرة، اهبطوا بالجمرة التي لا تطفأ، والشهاب الثاقب، والشواظ المحرق، والنحاس القاتل، ب: " ألمص "، و" الذاريات "، و" كهيعص "، و" الطواسين "، و" يس "، و" ن والقلم وما يسطرون "، و" النجم إذا هوى "، و" الطور وكتاب مسطور في رقّ منشور والبيت المعمور "، والأقسام والأحكام وتواضع النجوم، لمّا أسرعتم الانحدار إلى المردة المتولعين المتكبرين الجاحدين لآيات ربّ العالمين.
قال سلمان: فحسست بالأرض من تحتي ترتعد، وسمعت في الهواء دوياً شديداً، ثم نزلت نار من السماء، صعق لها كل من رآها من الجن، وخرت على وجوهها مغشياً عليها، وخررت أنا على وجهي، ثم أفقت فإذا دخان يفور من الأرض يحول بيني وبين النظر إلى عتية المردة من الجن، فأقام الدخان طويلاً بالأرض.
قال سلمان: فصاح بهم علي: ارفعوا رؤوسكم، فقد أهلك الله الظالمين، ثم عاد إلى خطبيته، فقال: يا معشر الجن والشياطين والغيلان وبني شمراخ وآل نجاح، وسكان الآجام والرمال والأقفار وجميع شياطين البلدان: اعلموا أن الأرض قد ملئت عدلاً كما كانت مملوءة جوراً، هذا هو الحق. " فماذا بعد الحقّ إلاّ الضلال فأنى تصرفون ".
قال سلمان: فعجبت الجنّ لعلمه، وانقادوا مذعنين له، وقالوا: آمنا بالله وبرسوله وبرسول رسوله، لم تكذب وأنت الصادق المصدّق.
قال سلمان: وانصرفنا في الليل على البعير الذي كنا عليه، وشدّ علي وسطي إلى وسطه، وقال: اعصب عينيك، واذكر الله في نفسك، وسرنا يدف بنا البعير دفيفاً، والشيخ الذي قدم على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أمامنا حتى قدمنا الحرة، وذلك قبل طلوع الفجر.
فنزل علي، ونزلت، وسرّح البعير فمضى، ودخلنا المدينة فصلينا الغداة مع النّبي صلّى الله عليه وسلّم، فلما سلم رآنا فقال لعلي: " كيف رأيت القوم؟ " قال: أجابوا وأذعنوا، وقصّ عليه خبرهم فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " أما إنهم لا يزالون لك هايبين إلى يوم القيامة ".
حدث مصعب بن عبد الله عن أبيه عن جده قال: كان علي بن أبي طالب حذراً في الحرب جداً، شديد الزوغان من قرنه، إذا حمل يحفظ جوانبه جميعاً من العدو، وإذا رجع من حملته يكون لظهره أشدّ تحفظاً منه لقدامه، ولا يكاد أحد يتمكن منه، فكانت درعه صدرة لا ظهر لها، فقيل له: ألا تخاف أن تؤتى من قبل ظهرك، فقال: إن أمكنت عدوي من ظهري فلا أبقى الله عليه إن أبقى عليّ.
وعن رقبة بن مصقلة العبدي عن أبيه عن جده قال: أتى رجلان عمر بن الخطاب في ولايته يسألانه عن طلاق الأمة، فقام معتمداً يمشي بينهما حتى أتى حلقة في المسجد، وفيها رجل أصلع، فوقف عليه فقال: يا أصلع: ما قولك في طلاق الأمة؟ فرفع رأسه إليه، ثم أومأ إليه بإصبعيه، فقال عمر للرجلين: تطليقتان، فقال أحدهما: سبحان الله جئنا لنسألك وأنت أمير المؤمنين، فمشيت معنا حتى وقفت على الرجل فسألته فرضيت منه بأن أومأ إليك؟ فقال: أو تدريان من هذا؟ قالا: لا، قال: هذا علي بن أبي طالب، أشهد على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لسمعته وهو يقول: " لو أن السماوات السبع وضعن في كفة ميزان، ووضع إيمان علي في كفة ميزان، لرجح بها إيمان عليّ ".
وعن ربعي بن حراش قال: سمعت علياً عليه السلام يقولك وهو بالمدائن: جاء سهيل بن عمرو إلى النّبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: إنه قد خرج إليك ناس من أرقائنا ليس بهم الدين تعبّداً فارددهم علينا، فقال له أبو بكر وعمر: صدق يا رسول الله، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " لن تنتهوا معشر قريش حتى يبعث الله عليكم رجلاً امتحن الله قلبه بالإيمان، يضرب أعناقكم وفي حديث بدر: رقابكم وأنتم مجفلون عنه إجفال النعم "، فقال أبو بكر: أنا هو يا رسول الله؟ قال: " لا "، قال له عمر: أنا هو يا رسول الله؟ قال: " لا، ولكنه خاصف النعل، وفي كف علي نعل يخصفها لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ".
والله أعلم.
وعن عبد الرحمن بن عوف قال: لما افتتح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مكة انصرف إلى الطائف فحاصرهم سبع عشرة ليلة أو ثمان عشرة فلم يفتحها، ثم أوغل.
علقه عبد الله محمد بن المكرم بن أبي الحسن الأنصاري الكاتب عفا الله عنه وفرغ منه في منتصف جمادى الآخرة سنة ثلاث وتسعين وست مئة الحمد لله رب العالمين كما هو أهله، وصلواته على سيدنا محمد وآله وسلامه حسبنا الله ونعم الوكيل.
عن عبد الرحمن بن عوف قال: لما افتتح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مكة انصرف إلى الطائف، فحاصرهم سبع عشرة ليلة، أو ثمان عشرة، فلم يفتحها، ثم أوغل غدوة، أو روحة، ثم نزل، ثم هجّر، فقال: " أيها الناس، إني لكم فرط، وأوصيكم بعترتي خيراً، وإن موعدكم الحوض. والذي نفسي بيده لتقيمنّ الصلاة، ولتؤتنّ الزكاة، أو لأبعثنّ إليكم رجلاً مني، أو كنفسي فليضربنّ أعناق مقاتلتهم، وليسبينّ ذراريهم "، قال: فرأى الناس أنه أبو بكر وعمر، فأخذ بيد علي، فقال: " هذا ".
وعن الراء عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: " علي من بمنزلة رأسي من يدي ".
وعن حبشيّ بن جنادة قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: " علي مني وأنا من علي، لا يؤدي عني إلا أنا أو هو ".
وعن أبي سعيد الخدري قال:
بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أبا بكر على الموسم، وبعث معه بسورة براءة وأربع كلمات إلى الناس، فلحقه علي بن أبي طالب في الطريق فأخذ علي السورة والكلمات، فكان علي يبلغ، وأبو بكر على الموسم، فإذا قرأ السورة نادى: ألا لا يدخل الجنة إلا نفس
مسلمة، ولا يقرب المسجد الحرام مشرك بعد عامه هذا، ولا يطوفنّ بالبيت عريان. ومن كان بينه وبين رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عهد فأجله إلى مدته، حتى قال رجل: لولا أن يقطع الذي بيننا وبين ابن عمك من الحلف، فقال علي: لولا أن رسول الله أن أمرني أن لا أحدث شيئاً حتى آتيه لقتلتك. فلما رجع قال أبو بكر: مالي؟ هل نزل فيّ شيء؟ قال: " لا، إلا خير ". قال: وماذا؟ قال: إن علياً لحق بي وأخذ مني السورة والكلمات، فقال: " أجل. لم يكن يبلّغها إلا أنا، أو رجل مني ".
وفي حديث آخر عن أبي بكر رضي الله عنه: ثم قال لعلي: " الحقه، فردّ عليّ أبا بكر، وبلّغها أنت ". وفي آخره: " ولكن أمرت ألا يبلغه إلا أنا أو رجل مني ".
وعن علي قال: لما نزلت عشر آيات من براءة على النبي صلّى الله عليه وسلّم دعا النبي صلّى الله عليه وسلّم أبا بكر، فبعثه بها ليقرأها على أهل مكة، ثم دعاني النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال لي: " أدرك أبا بكر فحيثما لحقته فخذ الكتاب منه، فاذهب به إلى أهل مكة فاقرأه عليهم "، فلحقته بالجحفة، فأخذت الكتاب منه، ورجع أبو بكر إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله، نزل فيّ شيء؟ قال: " لا، ولكن جبريل جاءني فقال: لن يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك ".
وعن علي عليه السلام حين بعثن ببراءة قال: يا نبي الله، إني لست باللّسن ولا بالخطيب، قال: " ما بدّ من أن أذهب بها، أو تذهب بها أنت "، قال: فإن كان لابد فأذهب بها أنا، قال: " فانطلق فإن الله عزّ وجلّ يثبّت لسانك، ويهدي قلبك "، قال: ثم وضع يده على فيه وقال: " انطلق فاقرأها على الناس ". وقال: " إن الناس سيتقاضون إليك، فإذا أتاك الخصمان فلا تقضين لواحد حتى تسمع كلام الآخر، فإنه أجدر أن تعلم لمن الحقّ ".
وعن جميع بن عمير عن ابن عمر قال: كان في مسجد المدينة، فقلت له: حدثني عن علي، فأراني مسكنه بين مساكن
رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثم قال: أحدثك عن علي؟ قال: قلت: نعم، قال فإن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعث أبا بكر بالكتاب، ثم بعث علياً في أثره، فقال: ما لي يا علي؟ أنزل فيّ شيء؟ قال: لا قال: فرجع أبو بكر إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله، أنزل فيّ شيء؟ قال: " لا ولكنه، إنما يؤدّي عني أنا أو رجل من أهل بيتي، وإن علياً رجل من أهل بيتي ".
وعن ابن عباس قال: بينا أنا مع عمر بن الخطاب في بعض طرق المدينة، يده في يدي إذ قال لي: يا بن عباس، ما أحسب صاحبك إلا مظلوماً. فقلت: فردّ إليه ظلامته يا أمير المؤمنين، قال: فانتزع يده من يدي، وتقدّمني يهمهم، ثم وقف حتى لحقته، فقال لي: يا بن عباس، ما أحسب القوم إلا استصغروا صاحبك، قال: قلت: والله ما استصغره رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين أرسله، وأمره أن يأخذ براءةً من أبي بكر، فيقرؤها على الناس، فسكت.
وعن عائشة قالت: رأيت أبا بكر الصديق يكثر النظر إلى وجه علي بن أبي طالب فقلت: يا أبه، إنك لتكثر النظر إلى علي بن أبي طالب فقال لي: يا بنيّة، سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: " النظر إلى وجه علي عبادة ".
وعن يونس مولى الرشيد قال: كنت واقفاً على راس المأمون وعنده يحيى بن أكثم القاضي، فذكروا علياً وفضله، فقال المأمون: سمعت الرشيد يقول: سمعت المهدي يقول: سمعت المنصور يقول: سمعت أبي يقول: سمعت جدي يقول: سمعت ابن عباس يقول: رجع عثمان إلى علي فسأله المصير إليه، فصار إليه، فجعل يحدّ النظر إليه، فقال له علي: مالك يا عثمان مالك تحدّ النظر إليّ؟ قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: " النظر إلى علي عبادة ".
وروي عن عمران بن حصين وعن جابر بن عبد الله وعن أنس بن مالك وغيرهم أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: " النظر إلى علي عبادة ".
وعن أبي ذرّ قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " مثل علي فيكم أو قال: في هذه الأمة كمثل الكعبة المسوّرة، النظر إليها عبادة، والحج إليها فريضة ".
قال أبو سليمان الخطابي:
معناه والله أعلم أن النظر إلى وجهه يدعو إلى ذكر الله لما يتوهم فيه من نور الإسلام، يرى عليه من بهجة الإيمان، ولما يتبين فيه من أثر السجود وسيماء الخشوع، وبذلك نعته الله تعالى فيمن معه من صحابة الرسول صلّى الله عليه وسلّم فقال: " سيماهم في وجوههم من أثر السجود " وهذه كما يروى لابن سيرين أنه دخل السوق، فلما نظر إليه وقد جهدته العبادة ونهكته سبحوا.
وعن عائشة قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " ذكر علي عبادة ".
وعن سلمة قال: تصدق عليّ بخاتمه وهو راكع فنزلت: " إنّما وليّكم الله ورسوله والّذين آمنوا الّذين يقيمون الصّلاة ويؤتون الزّكاة وهم راكعون ".
وعن علي عليه السلام قال: نزلت هذه الآية على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم " إنّما وليّكم الله ورسوله والّذين آمنوا الّذين يقيمون الصّلاة ويؤتون الزّكاة وهو راكعون " فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فدخل المسجد، والناس يصلون بين راكع وقائم يصلي، فإذا سائل فقال: يا سائل، هل أعطاك أحد شيئاً؟ فقال: لا، إلا هذاك الراكع لعليّ أعطاني خاتمه.
وعن أنس أنه قال: قعد العباس وشيبة صاحب البيت يفتخران فقال له العباس: أنا أشرف منك؛ أنا
عم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ووصي أبيه وساقي الحجيج، فقال شيبة: أنا أشرف منك: أنا أمين الله على بيته وخازنه، أفلا ائتمنك كما ائتمنني؟ فهما على ذلك يتشاجران حتى أشرف عليها علي، فقال له العباس: على رسلك يا بن أخ، فوقف علي عليه السلام، فقال له العباس: إن شيبة فاخرني، فزعم أنه أشرف مني، فقال: فما قلت له أنت يا عماه؟ قال: قلت له: أنا عم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ووصي أبيه، وساقي الحجيج. أنا أشرف منك، فقال لشيبة: ماذا قلت له أنت يا شيبة؟ قال: قلت له: أنا أشرف منك: أنا أمين الله على بيته وخازنه، أفلا ائتمنك الله عليه كما ائتمنني؟ قال: فقال لهما: اجعلا لي معكما مفخراً. قالا: نعم. قال: فأنا أشرف منكما: أنا أول من آمن بالوعيد من ذكور هذه الأمة، وهاجر، وجاهد. فانطلقوا ثلاثتهم إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فجثوا بين يديه، فأخبر كل واحد منهم بمفخره، فما أجابهم النبي صلّى الله عليه وسلّم بشيء، فانصرفوا عنه، فنزل عليه الوحي بعد أيام فيهم، فأرسل إليهم ثلاثتهم حتى أتوه، فقرأ عليهم: " أجعلتم سقاية الحاجّ وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر " إلى آخر العشر. قرأه أبو معمر.
وعن ابن عباس في قوله تعالى: " الّذين ينفقون أموالهم باللّيل والنّهار سرّاً وعلانية " قال: نزلت في علي بن أبي طالب: كان عنده أربعة دراهم، فأنفق بالليل واحداً، وبالنهار واحداً، وفي السرّ واحداً، وفي العلانية واحداً.
وعن ابن عباس قال: لما نزلت: " إنّما أنت منذرٌ ولكلّ قومٍ هادٍ " قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: " أنا المنذر، وعي الهادي، بك يا علي يهتدي المهتدون ".
وعن مجاهد في قوله عزّ وجلّ: " والّذي جاء بالصّدق وصدّق به " قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "
وصدّق به ": علي بن أبي طالب، وفي قوله تعالى: " إنّما أنت منذرٌ ولكلّ قومٍ هادٍ " قال: " علي بن أبي طالب ".
وعن أبي هريرة قال: مكتوب على العرش: لا إله إلا الله وحدي، لا شريك لي، ومحمد عبدي ورسولي أيدته بعليّ. وذلك قوله في كتابه " هو الّذي أيّدك بنصره وبالمؤمنين " عليّ وحده.
وعن عبد الله أنه كان يقرأ " وكفى الله المؤمنين القتال " بعلي بن أبي طالب.
وعن علي قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " علي على بيّنة من ربه، وأنا الشاهد منه.
وعن أبي سعيد الخدري في قوله: " ولتعرفنّهم في لحن القول " قال: ببغضهم علي بن أبي طالب.
وعن أبي جعفر في قوله: " يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا الله وكونوا مع الصّادقين " قال: مع علي بن أبي طالب.
وعن بريدة الأسلمي قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لعليّ: " إنّ الله أمرين أن أدنيك ولا أقصيك، وأن أعلمك، وأن تعي، وحقّ على الله أن تعي "، فنزلت: " وتعيها أذنٌ واعيةٌ ".
وعن ابن عباس في قوله عز وجل: " وصالح المؤمنين " قال: علي بن أبي طالب.
وعن حذيفة قال: دخلت على النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال:
" كيف انتم إذا اختصم السلطان والقرآن؟ " فقلنا: وأنى يكون ذلك يا رسول الله؟ قال: " إذا قالوا: القرآن مخلوق، برئ الله منهم، وأنا منهم بريء، وصالح المؤمنين ". قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: " وصالح المؤمنين: علي بن أبي طالب ".
وعن ابن عباس: " قل بفضل الله ": النبي صلّى الله عليه وسلّم " وبرحمته ": عليّ رضي الله عنه.
وعن ابن عباس قال: ما نزل القرآن " يا أيّها الّذين آمنوا " إلا عليٌّ سيّدها وشريفها وأميرها، وما أحد من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلا قد عاتبه الله في القرآن ما خلا عليّ بن أبي طالب، فإنه لم يعاتبه في شيء منه.
وفي حديث آخر: وما ذكر علياً إلا بخير.
وعن ابن عباس قال: ما نزل في أحد من كتاب الله مانزل في عليّ.
وعنه قال: نزلت في عليّ ثلاث مئة آية.
وعن انس قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جالساً في المسجد، وقد أطاف به أصحابه إذ أقبل عليّ، فسلم ثم وقف ينظر مكاناً يجلس فيه، فنظر النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى وجوه أصحابه أيّهم يوسع له، وكان أبو بكر عن يمين رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جالساً، فتزحزح أبو بكر عن مجلسه وقال: هاهنا يا أبا الحسن، فجلس بين النبي صلّى الله عليه وسلّم وبين أبي بكر، فرأينا السرور في وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثم
أقل على أبي بكر فقال: " يا أبا بكر، إنما يعرف الفضل لأهل الفضل ذوو الفضل ".
وعن شراحيل بن مرّة قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول لعلي: " أبشر يا علين حياتك وموتك معي ".
وعن جابر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " أنا وهذا يعني: علياً نجيء يوم القيامة كهاتين "، وجمع بين أصبعيه السّبابتين.
وعن أم سلمة قالت: جاءت فاطمة ابنة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم متورّكة الحسن والحسين، في يدها برمة للحسن وقال ابن حمدان: للحسين فيها سخين، حتى أتت بها النبي صلّى الله عليه وسلّم. فلما وضعتها قدامه قال لها: " أين أبو الحسن؟ " قالت: في البيت، فدعاه قال ابن حمدان: فجاء النبي صلّى الله عليه وسلّم وعلي وفاطمة والحسن والحسين يأكلون قالت أم سلمة: وما سامني إليّ وقال ابن المقرئ: فدعاه فجلس رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثم اتفقا وما أكل طعاماً قط وأنا عنده إلا سامنيه قبل ذلك اليوم تعني بسامني: دعاني إليه فلما فرغ التفّ عليهم وقال ابن حمدان: عليه بثوبه ثم قال: " اللهم، عاد من عاداهم ووال من والاهم ".
وعن البراء بن عازب قال: جاء علي رضي الله عنه وقاطمة والحسن والحسين إلى باب النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال بردائه وطرحه عليهم ثم قال: " اللهم، هؤلاء عترتي ".
وعن عمر بن الخطاب عن أبي بكر الصديق قال: سمعت أبا هريرة يقول: جئت إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم وبين يديه تمر، فسلمت عليه فرد علي وناولني من التمر ملء كفه، فعددته فإذا هو ثلاث وسبعون تمرة، ثم مضيت من عنده إلى علي بن أبي طالب وبين يديه تمر، فسلمت عليه، فردّ عليّ وضحك إليّ وناولني من التمر ملء كفه فعددته فإذا هو ثلاث وسبعون تمرة، فكثر تعجبي من ذلك، فرحت إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقلت:
يا رسول الله، جئتك وبين يديك تمر، فناولتني ملء كفك، فعددته ثلاثاً وسبعين تمرة، ثم مضيت إلى علي بن أبي طالب، وبين يديه تمر، فناولني ملء كفه، فعددته ثلاثاً وسبعين تمرة فعجبت من ذلك، فتبسم النبي صلّى الله عليه وسلّم وقال: " يا أبا هريرة، أوما علمت أن يدي ويد علي بن أبي طالب في العدل سواء؟ ".
وعن حبشيّ بن جنادة قال:
كنت جالساص عند أبي بكر فقال: من كانت له عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عدة فليقم، فقام رجل فقال: يا خليفة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وعدني ثلاث حثيات من تمر، قال: فقال: أرسلوا إلى علي، فقال: يا أبا الحسن، إن هذا يزعم أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وعده أن يحثي له ثلاث حثيات من تمر فاحثها له، قال: فحثاها، فقال أبو بكر عدّوها فعدّوها، فوجدوه في كل حثية ستين تمرة لا تزيد واحدة على الأخرى، قال: فقال أبو بكر: صدق الله ورسوله، قال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليلة الهجرة، ونحن خارجان من الغار نريد المدينة، " كفّي وكفّ علي في العدل سواء ".
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " إن الله طهر قوماً من الذنوب بالصّلعة في رؤوسهم، وإن علياً لأولهم ".
وعن أبي الدرداء قال: لما بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم معاذ بن جبل إلى اليمن خطبهم، فإذا هم صلع كلهم، فقال: ما لي أراكم صلعاً كلكم؟ قالوا: خلقنا ربنا، قال: أفلا أحدثكم حديثاً سمعته من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ قالوا: وددنا، قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: " ن الله تبارك وتعالى طهر قوماً من الذنوب فأصلع رؤوسهم، وإن علي بن أبي طالب أولهم ".
وعن الشعبي قال: قال علي بن أبي طالب: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " مرحباً بسيد المسلمين، وإما المتقين "، فقيل لعلي: فأي شيء كان من شكرك؟ قال: حمدت الله على ما أتاني، وسألته الشكر على ما أولاني، وأن يزيدني فيما أعطاني.
وعن علي بن أبي طالب قال: جلست مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: " يا أبا حسن، أيها أحبّ إليك: خمس مئة شاة ورعاتها أهبها لك، أو خمس كلمات أعلمكهن تدعو بهن؟ " فقلت له: بأبي أنت وأمي، أما من يريد الدنيا فيريد خمس مئة شاة ورعاتها، وأما من يريد الآخرة فيريد خمس كلمات، قال: فأيّها تريد؟ قلت الخمس كلمات، قال: " فقل: اللهم، اغفر لي ذنبي، وطيّب لي كسبي، ووسّع لي في خلقي، وقنّعني بما قسمت لي، ولا تذهب بنفسي إلى شيء قد صرفته عني ".
وعن جابر بن عبد الله قال: كنا عند النبي صلّى الله عليه وسلّم فأقبل علي بن أبي طالب، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: " قد أتاكم أخي "، ثم التفت إلى الكعبة فضربها بيده ثم قال: " والذي نفسي بيده، إن هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة "، ثم قال: " إنه أولكم إيماناً معي، وأوفاكم بعهد الله، وأقومكم بأمر الله، وأعدلكم في الرعية، وأقسمكم بالسوية، وأعظمكم عند الله مزيّة ". قال: ونزلت: " إنّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات أولئك هم خير البريّة " قال: فكان أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلّم إذا أقبل علي قالوا: قد جاء خير البريّة.
وعن أبي سعيد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: " علي خير البرية ".
وعن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " علي خير البشر، من أبى فقد كفر ".
قال الخطيب: لم يرو هذا الحديث عن شريك بن عبد الله غير الحرّ بن سعيد، والمحفوظ عن شريك ما رواه أبو داود الدهان قال: سمعت شريك بن عبد الله يقول: " عليٌّ خير البشر، فمن أبى فقد كفر ".
وعن عطية العوفي قال: قلت لجابر: كيف كان منزلة علي فيكم؟ قال: كان خير البشر.
وعن جابر قال: عليّ خير البشر، لا يشك فيه إلا منافق.
وعن جابر قال: سئل عن علي فقال: ذاك خير البرية، لا يبغضه إلا كافر.
وعن عطية العوفي قال: دخلنا على جابر بن عبد الله الأنصاري، وقد سقط حاجباه على عينيه من الكبر، قال: فقلنا له: أخبرنا عن عليّ، قال: فرفع حاجبيه بيديه ثم قال: ذاك من خير البشر.
زاد في رواية: ما كنا نعرف المنافقين إلا ببغضهم علياً.
وعن عطاء قال: سألت عائشة عن علي رضي الله عنهم، فقالت: ذاك خير البشر، لا يشك فيه إلا كافر.
وعن ابن عباس قال:
بلغ علي بن أبي طالب عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جوعٌ، فأقام رجلاً من اليهود، فاستقى له سبعة عشر دلواً على سبع عشرة تمرة ثم أتى بهن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله، بلغني ما بك من الشدة، فأتيت رجلاً من اليهود، فاستقيت له سبعة عشر دلواً على سبع عشرة تمرة، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " فعلت هذا حباً لله ورسوله؟ " قال: نعم، قال: " فأعد البلاء تجفافاً "، يعني: الصبر.
وعن محمد بن كعب القرظي قال: سمعت علي بن أبي طالب يقول: لقد رأيتني، وإني لأربط الحجر على بطني من الجوع، وإن صدقتي اليوم لتبلغ أربعة آلاف دينار.
وفي رواية: وإن صدقتي اليوم لأربعون ألفاً.
وفي رواية: وإن صدقة مالي لتبلغ أربعين ألف دينار.
وعن الشعبي قال: قال علي: ما كان لنا إلا إهاب كبش ننام على ناحيته، وتعجن فاطمة على ناحيته.
وعن علي قال: لقد تزوجت فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ومالي فراش غير جلد كبش، ننام عليه بالليل ونعلف عليه ناضحنا بالنهار. ومالي خادم غيرها.
وعن أبي سعيد الخدري قال: كان لعلي أحسبه قال: من النبي صلّى الله عليه وسلّم مدخل لم يكن لأحد من الناس، أو كما قال.
وعن أبي البختريّ قال: قيل لعلي بن أبي طالب: حدثنا عن نفسك يا أمير المؤمنين، قال: كنت إذا سألت أعطيت، وإذا سكت ابتديت.
وعن علي قال: كنت إذا سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أعطاني، وإذا سكت ابتدأني.
وقيل لعلي: مالك أكثر أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حديثاً؟ فقال: إني كنت إذا سألته أنبأني، وإذا سكت ابتدأني.
وعن علي قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " أنا مدينة الجنة، وأنت بابها يا عليّ، كذب من زعم أنه يدخلها من غير بابها ".
وفي حديث آخر عن عليّ قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " أنا دار الحكمة، وعليّ بابها ".
وعن علي قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " أنا مدينة العلم، وعليّ بابها، فمن أراد العلم فليأت باب المدينة ".
وعن حبيب بن النعمان قال: أتيت المدينة لأجاور بها، فسألت عن خير أهلها، فأشاروا إلى جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، قال: فأتيته، فسلمت عليه، فقال لي: أنت الأعرابي الذي سمعت من أنس بن مالك خمس عشر حديثاً؟ قلت: نعم، قال: فأملها علي قال: فأملتيها على ابنه وهو يسمع، فقلت: ألا تحدثني بحديث عن جدك أخبرك به أبوك؟ قال: يا أعرابي، تريد أن يبغضك الناس، وتنسب إلى الرفض؟ قال: قلت: لا، قال: حدثني أبي عن جدي، حدثني جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " أبو بكر وعمر سيدا أهل الجنة "، قال: فعجلت، فعرف الذي أردته، قال: وحدثني أبي عن أبيه عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " أنا مدينة الحكم أو الحكمة وعليّ بابها، فمن أراد المدينة فليأتها من بابها ".
وعن جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم الحديبية، وهو آخذ بيد علي وهو يقول: " هذا أمير البررة، وقاتل الفجرة، منصورٌ من نصره، مخذولٌ من خذله يمدّ بها صوته أنا مدينة العلم، وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب ".
وعن علي قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " شجرة أنا أصلها، وعلي فرعها، والحسن والحسين ثمرها، والشيعة ورقها. فهل يخرج من الطيّب إلا الطيّب؟ وأنا مدينة، عليٌّ بابها، فمن أرادها فليأت الباب ".
وعن عبد الله قال: كنت عند النبي صلّى الله عليه وسلّم فسئل عن علي فقال: " قسمت الحكمة عشرة أجزاء، فأعطي علي تسعة أجزاء، والناس جزءاً واحداً ".
وعن ابن عباس عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: " علي عيبة علمي ".
وعن معاوية بن أبي سفيان قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يغرّ علياً بالعلم غرّاً.
وعن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال في مرضه: " ادعوا لي أخي "، فدعي له عثمان، فأعرض عنه ثم قال: " ادعوا لي أخي "، فدعي له علي بن أبي طالب، فستره بثوب، وانكب عليه. فلما خرج من عنده قيل له: ما قال؟ قال: علمني ألف باب، يفتح كل باب ألف باب.
طعن في هذا الحديث قوم.
وعن علي بن أبي طالب قال:
كنت أدخل على رسول الله ليلاً ونهاراً، وكنت إذا سألته أجابني، وإن سكت ابتدأني، وما نزلت آية إلا قرأتها، وعلمت تفسيرها وتأويلها، ودعا الله لي ألاّ أنسى شيئاً علمني إياه، فما نسيت من حرام ولا حلال، وأمرٍ ونهي، وطاعة ومعصية، ولقد وضع يده على صدري وقال: " اللهم، املأ قلبه علماً، وفهماً، وحكماً، ونوراً "، ثم قال لي: " أخبرني ربي عزّ وجلّ أنه قد استجاب لي فيك ".
وعن أنس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " يا أنس، اسكب لي وضوءاً "، ثم قام، فصلى ركعتين، ثم قال: " يا أنس، أوّل من يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين، وسيّد المسلمين، وقائد الغرّ المحجّلين، وخاتم الوصيّين ". قال أنس: قلت: اللهم، اجعله رجلاً من الأنصار، وكتمته، إذ جاء علي فقال: " من هذا يا أنس؟ " فقلت: علي، فقام مستبشراً فاعتنقه ثم جعل يمسح عرق وجهه بوجهه، ويمسح عرق عليّ بوجهه، فقال: يا رسول الله، لقد رأيتك صنعت شيئاً
ما صنعت بي قبل قال: " وما يمنعني وأنت تؤدي عني، وتسمعهم صوتي، وتبيّن لهم ما اختلفوا فيه بعدي؟ ".
وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لعلي: " أنت تغسلني، وتواريني في لحدي، وتبين لهم بعدي ".
وفي رواية: " أنت تبين لأمتي ما اختلفوا فيه بعدي ".
وعن حذيفة قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم لعلي: " جعلتك علماً فيما بيني وبين أمتي، فمن لم يتبعك فقد كفر ".
قال: في هذا الحديث مجاهيل.
وعن علي بن أبي طالب قال: دعاني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم استعملني على اليمن، فقلت له: يا رسول الله، إني شاب حدث السن، ولا علم لي بالقضاء، فضرب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في صدري مرتين أو قال: ثلاثاً وهو يقول: " اللهم، اهد قلبه، وثبّت لسانه "، فكأنما كل علم عندي، وحشي قلبي علماً وفقهاً، فما شككت في قضاءين اثنين.
وعن علي قال: بعثني النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى اليمن قاضياً، فقلت: " تبعثني إلى قوم وأنا حدث السن، ولا علم لي بالقضاء فوضع يده على صدري، وقال: ثبّتك الله وسدّدك، إذا جاءك الخصمان فلا تقض للأول حتى تسمع من الآخر، فإنه أجدر أن يبين لك القضاء ". قال: فما زلت قاضياً.
وعن ابن عباس قال: بعث النبي صلّى الله عليه وسلّم علياً إلى اليمن فقال: " علمهم الشرائع، واقض بينهم "، قال: لا علم لي بالقضاء، قال: فدفع في صدره وقال: " اللهم، اهده القضاء "، فنهدهم عن الدّباء، والحنتم، والمزفت.
وعن علي قال: قلت: يا رسول الله، أوصني، قال: " قل: ربي الله ثم استقم ". قال: قلت: ربي الله، وما توفيقي إلا بالله، قال: " هنيئاً لك العلم أبا حسن، فقد شربت العلم شرباً، وثاقبته ثقباً ".
وعن ابن عباس قال: كنا نتحدث أن النبي صلّى الله عليه وسلّم عهد إلى علي سبعين عهداً لم يعهدها إلى غيره.
وعن بريدة قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: " لكل نبي وصيّ ووارث، وإن علياً وصيّي ووارثي ".
وعن ابن عباس قال: كنت جالساً مع فتية من بني هاشم عند النبي صلّى الله عليه وسلّم إذا انقض كوكب، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " من انقضّ هذا النجم في منزله، فهو الوصي من بعدي "، فقام فتية من بني هاشم فنظروا فإذا الكوكب قد انقض في منزل علي، قالوا: يا رسول الله، قد غويت في حبّ علي، فأنزل الله تعالى: " والنّجم إذا هوى ما ضلّ صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحيٌ يوحى " إلى قوله: " وهو بالأفق الأعلى ".
أنكر هذا الحديث قوم.
قال أبو إسحاق: قيل لقثم: بأي شيء ورث علي النبي صلّى الله عليه وسلّم؟ قال: كان أوّلنا به لحوقاً، وأشدّنا به لزوقاً، فقلت: فإيش معنى ورث علي؟ قال: لا أدري، إلا أن عيسى بن يونس حدث وذكر حديث مجالد بن سعيد: المراد بالميراث هاهنا: العلم، بدليل أن العباس أقرب منه قرابة، غير أن علياً كان ألزم للنبي صلّى الله عليه وسلّم وأقدم له صحابة.
وعن عائشة قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو في بيتها لما حضره الموت:
" ادعوا لي حبيبي "، فدعوت له أبا بكر، فنظر إليه ثم وضع رأسه ثم قال: " ادعوا لي
حبيبي "، فدعوا له عمر. فلما نظر إليه وضع رأسه ثم قال: " ادعوا لي حبيبي "، فقلت: ويلكم ادعوا لي علي بن أبي طالب، فوالله ما يريد غيره. فلما رآه افرد الثوب الذي كان عليه ثم أدخله فيه، فلم يزل محتضنه حتى قبض ويده عليه.
تفرد به مسلم.
وعن جميع بن عمير أن أمه وخالتاه دخلتا على عائشة، فقالتا: يا أم المؤمنين، أخبرينا عن علي، قالت: أي شيء تسألن، عن رجل وضع يده من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم موضعاً فسالت نفسه في يده، فمسح بها وجهه، واختلفوا في دفنه فقال: إن أحب البقاع إلى الله مكان قبض فيه نبيّه، قالت: فلم خرجت عليه؟ قالت: أمر قضي، لوددت أني أفديه بما على الأرض.
وعن أم سلمة أنها قالت: والذي تحلف به أم سلمة إن كان أقرب الناس عهداً برسول الله صلّى الله عليه وسلّم عليّ، فقالت: لما كانت غداة قبض، فأرسل إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وكان أرى في حاجة بعثه لها. قالت: فجعل غداةً بعد غداة يقول: " جاء علي؟ " ثلاث مرات، قالت: فجاء قبل طلوع الشمس. فلما أن جاء عرفنا أن له إليه حاجة، فخرجنا من البيت، وكنا عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يومئذ في بيت عائشة، قالت: فكنت آخر من خرج من البيت ثم جلست أدناهن من الباب، فأكبّ عليه علي، فكان آخر الناس به عهداً، وجعل يسارّه ويناجيه.
قال: والمراد بالوصية أنه أمره أن يقضي عنه ديونه. فقد روي عن سلامة بن سهم التيمي قال: كنا في رحبة علي، والناس فيها حلق على مثل هذه السّبابة ففشا في الناس أن هذه وصية رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى بلغه، فوثب مغضباً فقال: الله الله أن تفتروا على نبيكم ثلاث مرات أأسرّ إليّ شيئاً دونكم ثم أخرجها، فإذا فيها آية من كتاب الله أو شيء من الفقه وقال: يهلك فيّ رجلان: محبّ مفرط، ومبغض مفرط.
وفي الحديث الصحيح ما روي عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال: خطبنا علي فقال: من زعم أن عندنا شيئاً نقرؤه إلا كتاب الله، وهذه الصحيفة فيها أسنان الإبل وأشياء من الجارحات فقد كذب، قال: فيها: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "
المدينة حرم ما بين عير إلى ثور، من أحدث فيها حدثاً أو آوى محدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة عدلاً ولا صرفاً، وذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم ".
وعن عبد الله بن يحيى قال: سمعت علياً على المنبر يقول: والله ما كذبت ولا كذبت، ولا ضللت ولا ضلّ بي، ولا نسيت ما عهد إليّ، وإني لعلى بيّنة من ربي بيّنها لنبيّه عليه السلام، فبيّنها لي، وإني لعلى الطريق الواضح ألقطه لقطاً.
وعن أبي الطفيل عامر بن واثلة قال: خطب علي بن أبي طالب في عامة فقال: أيها الناس، إن العلم يقبض قبضاً سريعاً، وإني أوشك أن تفقدوني، فسلوني، فلن تسلوني عن آية من كتاب الله إلا نبأتكم بها، وفيم أنزلت، وإنكم لن تجدوا أحداً من بعدي يحدثكم.
وفي حديث بمعناه: فوالله ما بين لوحي المصحف آية تخفى علي فيم أنزلت، ولا أين نزلت، ولا ما عني بها.
وعن علي قال: كان لي لسان سؤول، قلب عقول، وما نزلت آية إلا وقد علمت فيم نزلت، وبم نزلت، وعلى من نزلت. وإن الدنيا يعطيها الله من أحبّ، ومن أبغض، وإن الإيمان لا يعطيه الله إلا من أحب.
وعن أبي الطفيل قال: قال علي: سلوني عن كتاب الله، فإنه ليس من آية إلا وقد عرفت بليلٍ نزلت أم بنهار، أم في سهل أم في جبل.
وعن محمد بن سيرين قال: لما توفي النبي صلّى الله عليه وسلّم اقسم عليٌّ ألاّ يرتدي برداء إلا لجمعة، حتى يجعل القرآن في مصحف، ففعل، فأرسل إليه أبو بكر: أكرهت إمارتي يا أبا الحسن؟ فقال: لا والله، إلا أني أقسمت ألا أرتدي برداء إلا لجمعة، فبايعه ثم رجع.
وفي حديث بمعناه قال: فزعموا أنه كتبه على تنزيله. قال محمد: فلو أصيب ذلك الكتاب كان فيه علم. قال ابن عوف: فسألت عكرمة عن ذلك الكتاب فم يعرفه.
وعن ابن شبرمة قال: ما كان أحد يقول على المنبر: سلوني ما بين اللوحين إلا علي بن أبي طالب.
وعن عمير بن عبد الملك قال: خطبنا علي على منبر الكوفة فقال: أيها الناس، سلوني قبل أن تفقدوني، فبين الجنبين مني علم جمّ.
وعن خالد بن عرعرة قال:
أتيت الرحبة فإذا بنفر جلوس قريب من ثلاثين أو أربعين رجلاً، فقعدت فيهم، فخرج علينا عليّ، فما رأيته أنكر أحداً من القوم غيري فقال: ألا رجل يسألني فينتفع وينفع نفسه؟ وعن عبد الله بن مسعود قال: إن القرآن أنزل على سبعة أحرف ما منها حرف إلا له ظهر وبطن، وإن علي بن أبي طالب عنده منه علم الظاهر والباطن.
وعن عبد الله بن مسعود قال: ولو أعلم أحداً أعلم بكتاب الله مني تبلغه المطايا، قال: فقال له رجل: فأين أنت عن علي؟ قال: به بدأت، إني قرأت عليه.
سأل ابن الكوا علياً عليه السلام: أيّ الخلق أشد، فقال أشد خلق ربك عشرة: الجبال الرواسي، والحديد تنحت به
الجبال، والنار تأكل الحديد، والماء يطفئ النار، والسحاب المسخر بين السماء والأرض يعني: يحمل الماء والريح تقلّ السحاب، والإنسان يغلب الريح، يبعثها بيده، ويذهب لحاجته، السكر يغلب الإنسان، والنوم يغلب السكر، والهمّ يغلب النوم، فأشد خلق ربك الهمّ.
وعن ابن مسعود قال: قرأت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تسعين سورة، وختمتالقرآن على خير الناس بعده، فقيل له: من هو؟ قال: علي بن أبي طالب.
وعن أبي عبد الرحمن السلمي قال: ما رأيت أحداً أقرأ لكتاب الله من علي بن أبي طالب.
وعنه قال: ما رأيت قرشياً قط أقرأ من علي بن أبي طالب، صلى بنا الفجر فقرأ بسورة، وترك آية. فلما ركع، ورفع رأسه من السجدتين ابتدأ بالآية التي تركها ثم قرأ فاتحة الكتاب ثم قرأ سورة أخرى.
وعن ابن عباس قال: خطبنا عمر على منبر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: علي أقضانا، وأبيّ أقرأنا، وإنّا لندع من قول أبيّ أشياء. إن أبيّاً سمع من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأبي يقول: لا أدع ما سمعت من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقد نزل بعد أبيّ كتاب.
وفي رواية: وإنا لندع كثيراً من لحن أبيّ، وأبيّ يقول: سمعت من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولا أدعه لشيء، والله يقول: " ما ننسخ من آيةٍ أو ننسها نأت بخيرٍ منها أو مثلها " وعن عطاء قال: كان عمر يقول: عليّ أقضانا للقضاء، وأبيّ أقرأنا للقرآن.
وعن أبي الأحوص قال: قال عبد الله: أفرض أهل المدينة، وأقضاها علي بن أبي طالب.
وعن الشعبي قال: ليس منهم أحد أقوى قولاً في الفرائض من علي بن أبي طالب.
وعن أبي سعيد الخدري أنه سمع عمر يقول لعلي وسأله عن شيء فأجابه، فقال له عمر: نعوذ بالله من أن أعيش في قوم لست فيهم يا أبا حسن.
وعن سعيد بن المسيّب قال: قال عمر بن الخطاب: أعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو حسن؛ علي بن أبي طالب.
وعن أبي سعيد الخدري قال: خرجنا حجاجاً مع عمر بن الخطاب، فلما دخل الطواف استلم الحجر وقبّله، وقال: إني لأعلم أنّك حجر، لا تضرّ ولا تنفع، ولولا أن رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقبّلك ما قبّلتك، قال: ثم مضى في الطواف، فقال له علي بن أبي طالب: يا أمير المؤمنين، إنه ليضرّ وينفع، فقال له عمر: بم قلت ذلك؟ قال: بكتاب الله، قال: وأين ذلك من كتاب الله؟ قال: قول الله عزذ وجلّ: " وإذ أخذ ربّك من بني آدم من ظهورهم ذرّيّتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربّكم قالوا بلى " قال: لما خلق الله آدم عليه السلام مسح منكبه، فخرج ذرّيته مثل الذرّ، فعرّفهم بنفسه أنه الرّب، وأنهم العبيد، وأقرّوا بذلك على أنفسهم، وأخذ ميثاقهم بذلك، فكتبه في رقّ أبيض، قال: وكان هذا الركن الأسود يومئذ له لسان وشفتان وعينان، فقال له: افتح فاك، فألقمه ذلك الرقّ، وجعله في موضعه، وقال: تشهد لمن وافاك بالموافاة إلى يوم القيامة، قال: فقال عمر بن الخطاب: لا بقيت في قوم لست فيهم يا أبا حسن، أو قال: لا عشت في قوم لست فيهم أبا حسن.
وعن ابن عباس قال: قسّم علم الناس خمس أجزاء، فكان لعلي منها أربعة أجزاء، ولسائر الناس جزء، وشاركهم عليّ في الجزء، فكان أعلم به منهم.
وعن ابن عباس قال: إنا إذا ثبت لنا الشي عن علي لن نعدل به إلى غيره.
وعنه أنه قال: إذا بلغنا شيء تكلم به علي من فتيا أو قضاء وثبت لم نجاوزه إلى غيره.
وعن جسرة قالت: ذكر عند عائشة صوم عاشوراء فقالت: من يأمركم بصومه؟ قالوا: علي، قالت: أما إنه أعلم من بقي بالسّنّة.
وعن عائشة قالت: علي أعلم الناس بالسّنّة.
وعن عبيدة قال:
صحبت عبد الله سنة ثم صحبت علياً، فكان فضل ما بينهما في العلم كفضل المهاجر على الأعرابي.
وعن أبي سعيد قال: كان علي يأتي السوق فيقول: يا أهل السوق، اتقوا الله، وإياكم والحلف فإن الحلف ينفق السلعة، ويمحق البركة، وإن التاجر فاجر إلا من أخذ الحق، وأعطى الحق، والسلام عليكم. ثم يمكث الأيام ثم يأتي السوق فيقولون: قد جاء البوذشكب، فسأل سرّيته فقالت: يقولون: عظيم البطن، فقال: أسفله طعام، وأعلاه علم.
وعن مسروق قال: شاممت أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلّم فوجدت علمهم انتهى إلى ستة نفر منهم: عمر، وعلي،
وعبد الله، وأبي الدرداء، وأبيّ بن كعب، وزيد بن ثابت. ثم شاممت هؤلاء الستة فوجدت علمهم انتهى إلى رجلين: إلى عليّ وعبد الله.
وعن مسروق قال: انتهى العلم إلى ثلاثة: عالم بالمدينة، وعالم بالشام، وعالم بالعراق، فعالم المدينة علي بن أبي طالب، وعالم الكوفة عبد الله بن مسعود، وعالم الشام أبو الدارداء. فإذا التقوا ساءل عالم الشام وعالم العراق عالم المدينة ولم يسألهم.
وعن الشعبي أن عمرو بن مسعود وزيد بن ثابت كان يناظر بعضهم بعضاً، ويتعلم بعضهم من بعض، وكان علي وأبي وأبو موسى يأخذ بعضهم من بعض.
وعن عبد الملك بن أبي سليمان قال: قلت لعطاء بن أبي رباح: أكان في أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلّم أعلم من علي بن أبي طالب؟ قال: لا والله، ما أعلمه.
وعن عامر أن رجلاً أتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله، ما تقول في علي؟ قال: " قديمةٌ هجرته، حسن سمته، وحسنٌ بلاؤه، كريمٌ حسبه "، قال: يا رسول الله، إني لست عن ذلك أسأل، ولكنه خطب إليّ ابنتي فأحببت أن أعلم ما يبلغ ذلك من مسرّتك ومساءتك، قال: فقال: " إن فاطمة بضعة مني، فأحب ما سرّها، وأكره ما ساءها "، قال: والذي بعثك بالحق لا أنكح علياً ما دامت فاطمة حيّة.
قال الشعبي: بينا أبو بكر جالس إذ طالع علي بن أبي طالب من بعيد. فلما رآه قال أبو بكر: من سرّه أن ينظر إلى أعظم الناس منزلة، وأقربهم قرابة، وأفضلهم دالّة وأعظمهم غناء عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فلينظر إلى هذا الطالع.
قال معقل بن يسار المزني: سمعت أبا بكر الصديق يقول لعلي بن أبي طالب: عترة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
وعن خيثمة قال: كان نفر عند سعد، قال: فذكروا علياً، فنالوا منه، فقال سعد: مهلاً عن أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فينا نزلت: " لولا كتابٌ من الله سبق لمسّكم فيما أخذتم عذابٌ عظيمٌ " فأرجو أن تكون رحمة سبقت لنا من الله.
وعن أبي بكر بن خالد بن عرفطة أنه أتى سعد بن مالك فقال: بلغني أنكم تعرضون عليّ سبّ عليّ بالكوفة، فهل سببته؟ قال: معاذ الله، قال: والذي نفس سعد بيده لقد سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: في عليٍّ شيئاً، لو وضع المنشار على مفرقي على أن أسبّه ما سببته أبداً.
وعن عيسى بن طلحة قال: قلت لابن عباس: يا أبا عباس، صف لنا سلفنا حتى كأني عاينتهم، قال: تسلني عن أبي بكر؟ كان والله في علمي تقياً، ندياً، الخير كلّه فيه، من رجل يصادى منه غرب، يعني: حدّة، تسألني عن عمر؟ كان والله في علمي تقياً، قوياً، قد وضعت له الحبائل بكل مرصد، كان لها حذراً، من رجل في سوقه عنف، تسلني عن عثمان؟ كان والله في علمي صواماً، قواماً، ومن رجل يحب قومه. تسلني عن علي؟ كان والله في علمي عليماً، حكيماً، إن سمعته يقول شيئاً قط إلا أحسنته، من رجل يأتكل على موضعه، ولم أره أشرف على شيء قط حتى أقول هذه آخذه إلا صرف عنه. قلت: يا أبا عباس، أكنتم تعدّونه مجدوداً؟ قال: أنتم تقولون ذلك.
وعن ابن عمر أنه بلغه أن رجلاً يذكر عليّ بن أبي طالب، فقال ابن عمر: ولم تفعل؟ فوربّ هذه البنيّة لقد سبقت له الحسنى من الله، ما لها من مردود.
وعن سعد بن عبيدة قال: قال رجل لابن عمر: ما تقول في علي؟ فإني أبغضه، قال: أبغضك الله، فإني أبغضك.
وعن مولىً لحذيفة قال: كان حسين بن علي آخذاً بذراعي في أيام الوسم، قال: ورجل خلفنا يقول: اللهم، اغفر له ولأمه، فأطال ذلك، فترك ذراعي وأقبل عليه فقال: قد آذيتنا منذ اليوم، تستغفر لي ولأمي، وتترك أبي، وأبي خير مني ومن أمي؟ وعن أبي إسحاق قال:
جاء ابن احور التميمي إلى معاوية فقال: يا أمير المؤمنين، جئتك من عند ألأم الناس، وأبخل الناس، وأعيا الناس، وأجبن الناس، فقال: ويلك وأنى أتاه اللؤم؟ ولكنا نتحدث أن لو كان لعلي بيت من تبن، وآخر من تبر لأنفد التبر قبل التبن، وأنى أتاه العيّ؟ وإن كنا لنتحدث أنه ما جرت المواسي على رأس رجل من قريش أفصح من علي، ويلك وأنى أتاه الجبن؟ وما برز له رجل قط إلا صرعه. والله يا بن أحور لولا أن الحرب خدعة لضربت عنقك، اخرج فلا تقيمنّ في بلدي. قال عطاء: وإن كان يقاتله فإنه كان يعرف فضله.
وعن يحيى بن زيد بن علي قال: قال عتبة بن أبي سفيان ليلة لمعاوية: يا أمير المؤمنين، بم يطلب عليّ هذا الأمر؟ فوالله ما كان من أهله، ولا آله، فقال معاوية: علي والله كما قال الشاعر: الطويل
لئن كان إذ لا خاطباً فتعذّرت ... عليه وكانت عاتباً فتخطّت
فما تركته رغبة عن حبالة ... ولكنها كانت لآخر خطّت
قال جابر: كنّا ذات يوم عند معاوية بن أبي سفيان، وقد جلس على سريره، واعتجر
بتاجه، واشتمل بساجه، وأومأ بعينيه يميناً وشمالاً، وقد تفرّشت جماهير قريش، وسادات العرب أسفل السرير من قحطان، ومعه رجلان على سريره: عقيل بن أبي طالب، والحسن بن علي، وامرأة من وراء الحجاب تشير بكمّيها يميناً وشمالاً فقالت: يا أمير المؤمنين، ما بتّ الليلة، أرقة، قال لها معاوية: أمن ألمٍ؟ قالت: لا، ولكن من اختلاف رأي الناس فيك وفي عليّ بن أبي طالب. صخر بن حرب ابن أميّة، وكان أميّة من قريش لبابها، فقالت في معاوية فأكثرت، وهو مقبل على عقيل والحسن، فقال معاوية: رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: من صلّى أربعاً قبل الهر، وأرباً بعدها حرّم على النّار أن تأكله أبداً، ثمّ قال لها: أفي علي تقولين: المطعم في الكربات، المفرّج للكربات مع ما سبق لعلي من العناصير السرية، والشيم الرّضية والشرف، فكان كالأسد الحادر، والربيع النائر، والفرات الزاخر، والقمر الزاهر: فأما الأسد فأشبه علي منه صرامته ومضاءه، وأما الرّبيع فأشبه علي منه حسنه وبهاءه، وأما الفرات فأشبه علي منه طيبه وسخاءه، فما تغطمطت عليه قماقم العرب السادة، من أول العرب عبد مناف، وهاشم، وعبّاس القماقم، والعباس صنو رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأبوه وعمه، أكرم به أباً وعمّاً، ولنعم ترجمان القرآن ولده، يعني: عبد الله بن عبّاس كهل الكهول، له لسان سؤول، وقلب عقول، خيار خلق الله، وعترة نبيّه، خيار ابن أخيار، فقال عقيل بن أبي طالب: يا بنت أبي سفيان، لو أن لعلي بيتين: بيت من تبر، والآخر تبن بدأ بالتبر وهو الذهب، يا أبا يزيد، كيف لا أقول هذا في علي بن أبي طالب؟ وعلي من هامات قريش وذؤابتها، وسنام قائم عليها، وعليّ علامتها في شامخ؟ فقال له عقيل: وصلتك رحمّ يا أمير المؤمنين.
وعن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص قال: قلت لعبد الله بن عياش بن أبي ربيعة: ألا تخبرني عن أبي بكر وعلي؟ فإن أبا بكر كان له السّن والسّابقة مع النّبي صلّى الله عليه وسلّم وهو ابن ستين سنة، وعلي ابن أربع وثلاثين سنة، ثم
إن الناس صاغية إلى علي، فقال: أي ابن أخ، كان والله له ما شاء من ضرس قاطع، أبسطه في النسب وقرابته من النّبي صلّى الله عليه وسلّم ومصاهرته، والسّابقة في الإسلام، والعلم بالقرآن، والفقه والسّنّة، والنّجدة في الحرب، والجود في الماعون، كان والله له ما شاء الله من ضرس قاطع.
وحدّث سعيد عن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة وكانت ابنته تحت واقد بن عبد الله بن عمر: فدخل عبد الله بن عياش على ابنته، فقلت: يا أبا الحارث، ألا تخبرني عن عليّ بن أبي طالب؟ قال: أما والله يا ابن أخي إنّي به لخابر، قلت: وتقول ذاك ما هو؟ قال: كان رجلاً تلعابة، وكان إن شاء أن يقطع له ضرس قاطع قطع، قلت: وضرسه ذاك ما هو؟ قال: قراءة القرآن، وعلم بالقضاء، وبأسٌ، وجود، لا ينكس. قال الأسود بن قيس: فقلت له: ما تلعابة؟ قال: فيه مضاحكة.
وعن أبي الطفيل قال: قال بعض أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لقد كان لعليّ بن أبي طالب من السّوابق ما لو أن سابقة منها بين الخلائق لوسعتهم خيراً.
قال أحمد بن حنبل: ما جاء لأحد من أصحاب رسول الله من الفضائل ما جاء لعلي بن أبي طالب كرّم الله وجهه.
قال البيهقي: وهذا لأن أمير المؤمنين عليّاً عاش بعد سائر الخلفاء حتى ظهر له مخالفون، وخرج عليه خارجون، فاحتاج من بقي من الصّحابة إلى رواية ما سمعوه في فضائله، وقرابته، ومناقبه، ومحاسنه ليردّوا بذلك عنه ما لا يليق به من القول والفعل، وهو أهل كلّ فضيلة ومنقبة، ومستحقّ لكلّ سابقة ومرتبة، ولم يكن أحد في وقته أحقّ بالخلافة منه، وكان في قعوده عن الطلب قبله محقّاً، وفي طلبه في وقته مستحقّاً، وهو كما
قال أبو عبد الله أحمد بن حنبل رحمه الله: لم يزل عليّ بن أبي طالب مع الحقّ، والحقّ معه حيث كان.
وعن جري بن كليب قال: رأيت عليّاً يأمر بالمتعة، قال: ورأيت عثمان بن عفّان ينهى عنها، فقلت لعليّ: إن بينكما لشرّ، فقال: ما بيننا إلاّ خير، ولكن خيرنا أتبعنا لهذا الدّين.
وعن حذيفة قال: ذكرت الإمارة أو الخلافة عند النّبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: " إن ولّيتموها أبا بكر وجدتموه ضعيفاً في بدنه، قويّاً في أمر الله، وإن ولّيتموها عمر وجدتموه قويّاً في أمر الله، قويّاً في بدنه، وإن ولّيتموها عليّاً وجدتموه هادياً مهدياً، يسلك بكم على الطريق المستقيم ".
وعن علي قال: قيل: يا رسول الله، من نؤمّر بعدك؟ قال: " إن تؤمّروا أبا بكر تجدوه أميناً زاهداً في الدّنيا، راغباً في الآخرة، وإن تؤمّروا عمر تجدوه قويّاً، أميناً، لا يخاف في الله لومة لائم، وإن تؤمّروا عليّاً، ولا أراكم فاعلين تجدوه هادياً مهدياً، يأخذ بكم الطريق المستقيم ".
وعن عبد الله بن مسعود قال: كنّا مع النّبي صلّى الله عليه وسلّم ليلة وفد الجنّ، قال: فتنفّس، فقلت: ما شأنك يا رسول الله؟ قال: " نعيت إليّ نفسي "، قلت: فاستخلف، قال: " من؟ " قلت: أبو بكر، قال: فسكت، ثم مضى ساعة ثم تنفّس، فقلت: ما شأنك بأبي أنت وأمي يا رسول الله؟ قال: " نعيت إليّ نفسي يا بن مسعود "، قال: فاستخلف، قال: " من؟ " قلت: عمر، قال: فسكت ثم مضى ساعة ثم تنفّس، قال: قلت: ما شأنك؟ قال: " نعيت إليّ نفسي يا بن مسعود "، قال: قلت: فاستخلف، قال: " من؟ " قلت: عليّ بن أبي طالب، قال: " أما والذي نفسي بيده لئن أطاعوه ليدخلنّ الجنة أجمعين أكتعين ".
طعنوا في مينا، أحد رواته.
وعن أنس بن مالك أنّ النّبي صلّى الله عليه وسلّم قال لعليّ: " إنّك لن تموت حتى تؤمّر، وتملأ غيظاً، وتوجد من بعدي صابراً ".
وعن عمران بن حصين قال: مرض عليّ في عهد النّبي صلّى الله عليه وسلّم فعاده النّبي صلّى الله عليه وسلّم وعدناه معه، فقال: يا رسول الله، ما أرى عليّاً إلاّ لما به، فقال: " والذي نفسي بيده لا يموت حتى يملأ غيظاً، ويوجد من بعدي صابراً ".
وفي حديث آخر: فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " إن هذا لا يموت حتى يملأ غيظاً، ولن يموت إلا مقتولاً.
وعن ابن عباس أن علي بن أبي طالب رضوان الله عليه خرج من عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في وجعه الذي توفي فيه، فقال له الناس: يا أبا الحسن، كيف أصبح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: أصبح بحمد الله بارئاً قال: فأخذ بيده عباس بن عبد المطلب، فقال: أرأيتك فإنك والله بعد ثلاث عبد العصا، إني لأرى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سيتوفى في مرضه هذا، إني لأعرف وجوه بني عبد المطلب عند الموت، فاذهب بنا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فسله: فيمن هذا الأمر؟ فإن كان فينا علمنا بذلك، وإن كان في غيرنا كلمناه فأوصى بنا، فقال علي: إنا والله إن سألنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فمنعناها لا يعطيناها الناس بعده أبداً، والله لا أسألها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أبداً.
وفي حديث بمعناه: فقال له علي: أرأيت إن جئناه فسألناه فلم يعطناها، أترى الناس يعطوناها، والله لا أسألها إياه أبداً. قال عبد الرزاق: فكان معمر يقول لنا: أيّهما كان أصوب عندكم رأياً؟ فنقول: العباس فيأبى. ثم قال: لو أن علياً سأله عنها فأعطاه إياها فمنعه الناس كانوا قد كفروا. قال عبد الرزاق: فحدثت به ابن عيينة فقال: قال الشعبي: لو أن علياً سأله عنها كان خيراً له من ماله وولده.
وفي حديث آخر: فقال له العباس: إنك يا علي إنما تعظم بالهجرة، وكأني بك بعد ثلاث عبد العصا.
وعن ابن عباس قال:
أرسل العباس بن عبد المطلب إلى بني عبد المطلب، فجمعهم عنده، قال: وكان علي عنده بمنزلة لم يكن أحد بها، فقال العباس: يا بن أخي، إني قد رأيت رأياً لم أحب أن أقطع فيه شيئاً حتى أستشيرك، فقال علي: وما هو؟ قال: ندخل على النبي صلّى الله عليه وسلّم فنسأله إلى من هذا الأمر من بعده؟ فإن كان فينا نسلّمه والله ما بقي منا في الأرض طارف، وإن كان في غيرنا لم نطلبها بعد أبداً، فقال علي: يا عم، وهو هذا الأمر إلا إليك؟ وهل من أحد ينازعكم في هذا الأمر؟ قال: فتفرقوا، ولم يدخلوا على النبي صلّى الله عليه وسلّم.
وعن علي بن أبي طالب قال: لقيني العباس فقال: يا علي، انطلق بنا إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فإن كان لنا من الأمر شيء، وإلا أوصى بنا الناس، فدخلنا عليه وهو مغمى عليه فرفع رأسه فقال: " لعن الله اليهود، اتخذوا قبور الأنبياء مساجد "، ثم قالها الثالثة. فلما رأينا ما به خرجنا، ولم نسله عن شيء، قال: فسمعت علياً يقول: يا ليتني أطعت عباساً، يا ليتني أطعت عباساً.
وعن الأقرع مؤذن عمر أن عمر مر على الأسقف، فقال: هل تجدون في شيء من كتبكم؟ قالوا: نجد صفتكم وأعمالكم، ولا نجد أسماءكم، قال: كيف تجدوني؟ قالوا: قرن من حديد، قال عمرك قرن من حديد؟ وماذا؟ قال: أمير شديد، قال عمر: الله أكبر والحمد لله، قال: والذي بعدي؟ قال رجل صالح، يؤثر أقرباءه، فقال عمر: يرحم الله ابن عفان، قال: والذي من بعده؟ فقال: مهلاً يا أمير المؤمنين، إنه رجل صالح، ولكن إمارته تكون في هراقة من الدماء، والسيف مسلول.
وعن عامر الشعبي قال: قال العباس لعلي بن أبي طالب حين مرض النبي صلّى الله عليه وسلّم: إني أكاد أعرف في وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الموت، فانطلق بنا إليه لنسله: من يستخلف؟ فإن استخلف منا فذاك
وإلا أوصى بنا، قال: فقال علي للعباس: كلّمه فيها خفاء. فلما قبض النبي صلّى الله عليه وسلّم قال العباس لعلي: ابسط يدك فلنبايعك، قال: فقبض يده، فقال عامر: لو أن علياً أطاع العباس في أحد الرأيين كان خيراً من حمر النّعم، قال عامر: لو أن العباس شهد بدراً ما فضّله أحد من الناس رأياً ولا عقلاً.
وعن عمرو بن ميمون قال: شهدت عمر بن الخطاب يوم طعن، قال: ادعوا لي علياً، وعثمان، وطلحة والزبير، وابن عوف، وسعد بن أبي وقاص، فلم يكلم أحداً منهم غير علي وعثمان فقال: يا علي، لعل هؤلاء القوم يعرفون لك حقك وقرابتك من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وصهرك، وما آتاك الله من الفقه والعلم، فإن وليت هذا الأمر فاتق الله فيه، ثم دعا عثمان فقال: يا عثمان، لعل هؤلاء القوم أن يعرفوا لك صهرك من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وسنّك وشرفك، فإن وليت هذا الأمر فاتق الله فيه، ثم قال: ادعوا لي صهيباً فدعي له فقال: صلّ بالناس، ثلاثاً، وليحلّ هؤلاء القوم، في بيت، فإذا اجتمعوا على رجلٍ، فمن خالف فاضربوا رقبته. فلما خرجوا من عنده قال: إن يولوها الأجيلح يسلك بهم الطريق، فقال له ابنه ابن عمر: فما يمنعك يا أمير المؤمنين؟ قال: أكره أن أتحلها وحياً ميتاً.
وعن ابن عمر قال: قال عرم لأصحاب الشورى: لله درهم إن ولّوها الأصلع، كيف يحملهم على الحق، وإن حملاً على عنقه بالسيف، قال: فقلت: أتعلم ذاك منه ولا تولّه؟ فقال: إن أستخلف فقد أستخلف من هو خير مني، وإن أترك فقد ترك من هو خير مني صلّى الله عليه وسلّم.
وعن أسلم مولى عمر بن الخطاب حين وقف عمر لم يولّ أحداً يعني: قال: ألا تصنع كما صنع أبو بكر؟ قال: ويحك! لو كنت أنت غلاماً، وكان معك غلمان أتراب نشأتم حتى بلغتم رجالاً، أليس كان يعرف بعضكم بعضاً؟ قال: بلى، قال: فإني والله هؤلاء نشأنا جميعاً، فلا أعرف مكان أحد أخصّه بهذا الأمر، ولكني جاعلها بين نفر رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يحبهم.
قال أبو محمد بن قتيبة
في حديث عبد الرحمن بن عوف أنه كان في كلامه لأصحاب الشورى: يا هؤلاء إن عندي رأياً، وإن لكم نظراً، إنّ حابياً خيرٌ من زاهق، وإن جرعة شروب أنقع من عذبٍ موبٍ، وإن الحيلة بالمنطق أبلغ من السيّوب في الكلم، فلا تطيعوا الأعداء وإن قربوا، ولا تفلّوا المدى بالاختلاف بينكم، ولا تغمدوا السيوف عن أعدائكم فتوتروا ثأركم، وتولتوا أعمالكم، لكلّ أجلٍ كتاب، ولكل بيت إمام، لأمره يقومون، وبنهيه يرعون، قلّدوا أمركم رحب الذراع فيما نزل، مأمون الغيب على ما استكن، يقترع منكم، وكلكم منتهى، ويرتضي منكم وكلكم رضىً.
فتكلم علي فقال: الحمد الله الذي اتخذ محمداً منا نبياً، وابتعثه إلينا رسولاً، فنحن بيت النبوة، ومعدن الحكمة، أمان لأهل الأرض، ونجاة لمن طلب، لنا حق، إن نعطه نأخذه، وإن نمنعه نركب أعجاز الإبل، وإن طال السّرى، لو عهد إلينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عهداً لجالدنا عليه حتى نموت، أو قال لنا قولاً لأنفذنا قوله على رغمنا، لن يسرع أحد قبلي إلى صلة رحم، ودعوة حق، والأمر إليك يا بن عوف على صدق اليقين، وجهد النصح. أستغفر الله لي ولكم.
قوله: إن حابياً خيرٌ من زاهق الحابي من السهام هو الذي يزحف إلى الهدف، يقال: حبا يحبو، فإن أصاب الرقعة فهو خاسق وخازق ومفرطس، فإن جاوز الهدف، ووقع خلفه فهو زاهق، يقال: زهق السهم إذا تقدم، وأراد عبد الرحمن أن الحابي من السهام وإن كان ضعيفاً فقد أصاب الهدف، فهو خير من الزاهق الذي قد جاوزه بشدة مرّه وقوّته، ولم يصبه، وضرب السهمين مثلاً لواليين: أحدهما ينال الحق أو بعضه وهو ضعيف، والآخر يجوز الحق ويبعد منه وهو قوي. والشّروب من الماء هو الملح الذي لا يشربه الناس إلا عند الضرورة: والموبي: الضار، المدخل في الوباء، وهو المرض، والحرف مهموز فترك همزه ليقابل به الحرف الذي قبله، وهو أيضاً مثل لرجلين:
أحدهما أرفع وأضر، والآخر أدون وأنفع. وقوله: فإن الحيلة بالمنطق أبلغ من السيوب في الكلم، يريد أن القليل من القول من التلطف فيه أبلغ من الهذر وكثرة الكلام بغير رفق ولا تلطف. والسيوب ما سيّب وخلّي فساب أي ذهب، ومنه سمي الرجل السائب. وقوله: لا تفلّوا المدى بالاختلاف بينكم أي لا تفلوا حدّكم بالاختلاف، والمدى جمع مدية، وضرب المدى مثلاً، والفلول تكسّرٌ يصيب حدّها. وقوله: ولا تغمدوا السيوف من أعدائكم فتوتروا ثأركم أي توجدوه الوتر في أنفسكم، يقال: وترت فلاناً إذا أصبته بوتر، وأوترته أوجدته ذلك. والثأر: العدو، لأنه موضع الثأر. وقوله: وتولتوا أعمالكم أي تنقصوها، يريد أنه كانت لهم مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أعمال في الجهاد، فإذا هم تركوه، واختلفوا نقصوها، وفيه لغتان: لاته يليته ليتاً إذا نقصه. قال تعالى: " لا يلتكم من أعمالكم شيئاً " وألت يألت، قال تعالى: " وما ألتناهم من عملهم من شيءٍ " والحرف الذي في الحديث: تولت، كأنه من أوّلت يولت أو ألت يؤلت، عن كان مهموزاً. وقوله: بنهيه يرعون أي يكفون، ومنه الورع في الدين. وقوله: وقلدوا أمركم رحب الذراع فيما نزل أي واسع الذراع عند الشدائد، ويجود ويعطي، ويبسط يديه بالعطاء، ويفتح به باعه، مأمون الغيب على ما استكن أي قلدوه رجلاً مأمون غيبه فيما خفي عليكم، فلا يخونكم، ولا يبغيكم الغوائل يقترع منكم أي يختار، يقال: فلان قريع قومه أي المختار منهم للرئاسة، وقد اقترعت من الإبل فحلاً أي اخترته.
وقول علي: لنا حق إن نعطه نأخذه وإن نمنعه نركب أعجاز الإبل وإن طال السّرى يريد: إن نمنعه نركب مركب الضيم والذل على مشقة، وإن تطاول ذلك به، وأصل هذا أن راكب البعير إذا ركبه بغير بحل ولا وطاء ركب عجزه، ولم يركب ظهره من أجل السنام، وذلك مركب صعب، يشقّ على راكبه لا سيما إذا تطاول به الركوب على تلك الحال، وهو يسري، أو يسير ليلاً، فإذا ركبه بالوطاء والرحل ركب الظهر، وذلك مركب يطمئن به، ولا يشق عليه، ويجوز أن يكون أراد بركوب أعجاز الإبل أن يكون ردفاً تابعاً، وأنه يصبر على ذلك، وإن تطاول به.
ولما كان يوم الشورى قال علي بن أبي طالب: والله لأحتجنّ عليهم بما لا يستطيع قرشيهم ولا عربيهم ولا عجميهم ردّه، ولا يقول خلافه، ثم قال لعثمان بن عفان ولعبد الرحمن بن عوف وللزبير ولطلحة ولسعد وهم أصحاب الشورى وكلهم من قريش وقد كان قدم طلحة: أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو، أفيكم أحد وحّد الله قبلي؟ قالوا: اللهم لا، قال: أنشدكم بالله، أفيكم أحد صلى لله قبلي؟ وصلى القبلتين؟ قالوا: اللهم، لا، قال: أنشدكم بالله، هل فيكم أحد أخو رسول الله صلّى الله عليه وسلّم غيري، إذ آخى بين المؤمنين، فآخى بيني وبين نفسه، وجعلني منه بمنزلة هارون من موسى، إلا أني لست بنبيّ؟ قالوا: لا، قال: أنشدكم بالله، أفيكم مظهر غيري؟ إذ سد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أبوابكم، وفتح بابي، وكنت معه في مساكنه ومسجده، فقام إليه عمه، فقال: يا رسول الله، غلقت أبوابنا، وفتحت باب علي، قال: نعم، الله أمر بفتح بابه وسدّ أبوابكم؟ قالوا: اللهم، لا، قال: نشدتكم بالله أفيكم أحد أحبّ إلى الله وإلى رسوله مني، إذ دفع الراية إليّ يوم خيبر، فقال: " إلى من يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله "، ويوم الطائر، إذ يقول: " ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي " فجئت فقال: " اللهم وإلى رسولك، اللهم وإلى رسولك "، غيري؟ قالوا: اللهم، لا، قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد قدم بين يدي نجواه صدقة غيري حتى ... قالوا: اللهم، لا، قال: نشدتكم بالله، أفيكم من قتل مشركي قريش والعرب في الله وفي رسوله غيري؟ قالوا: اللهم، لا، قال: نشدتكم بالله أفيكم أحد دعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم له في العلم، وأن يكون أذنه الواعية مثلما دعا لي؟ قالوا: اللهم، لا، قال: نشدتكم بالله، هل فيكم أحد أقرب إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الرحم، ومن جعله رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نفسه، وأبناءه أبناؤه، ونساءه نساؤه، غيري؟ قالوا: اللهم لا؛ قال: نشدتكم بالله، أفيكم أحد كان يأخذ الخمس مع النبي صلّى الله عليه وسلّم قبل أن يؤمن أحد من قرابته، غيري وغير فاطمة؟ قالوا: اللهم، لا، قال: نشدتكم بالله، أفيكم اليوم أحد له زوجة مثل زوجتي فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سيدة نساء عالمها؟ قالوا: اللهم، لا، قال: نشدتكم بالله، هل فيكم أحد له ابنان مثل ابنيّ: الحسن والحسين، سيّديّ شباب أهل
الجنة، ما خلا النبيين، غيري؟ قالوا: اللهم، لا، قال: نشدتكم بالله، أفيكم أحد له أخ كأخي جعفر الطيار في الجنة المزيّن بالجناحين مع الملائكة، غيري؟ قالوا: اللهم، لا، قال: نشدتكم بالله، أفيكم أحد له مثل عمي أسد الله، وأسد رسوله، سيّد الشهداء حمزة، غيري؟ قالوا: اللهم، لا، قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد ولي غمض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مع الملائكة، غيري؟ قالوا: اللهم، لا، قال: نشدتكم بالله، أفيكم أحد ولي غسل النبي صلّى الله عليه وسلّم مع الملائكة، يقلبونه لي كيف أشاء، غيري؟ قالوا: اللهم، لا، قال: نشدتكم بالله، أفيكم أحد كان آخر عهده برسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى وضعه في حفرته، غيري؟ قالوا: اللهم، لا، قال: نشدتكم بالله، أفيكم أحد قضى عن رسول الله صأ بعده ديونه ومواعيده، غيري؟ قالوا: اللهم، لا، قال: وقد قال الله عزّ وجلّ: " وإن أدري لعلّه فتنةٌ لكم ومتاعٌ إلى حين ".
وفي حديث آخر بمعناه، قال أبو الطفيل: كنت على الباب يوم الشورى، فارتفعت الأصوات بينهم فسمعت علياً يقول: بايع الناس لأبي بكر، وأنا والله أولى بالأمر منه، وأحق منه، فسمعت وأطعت مخافة أن يرجع الناس كفاراً، يضرب بعضهم رقاب بعض بالسيف، ثم بايع الناس عمر، وأنا والله أولى بالأمر منه وأحق منه، فسمعت وأطعت مخافة أن يرجع الناس كفاراً، يضرب بعضهم رقاب بعض بالسيف، ثم أنتم تريدون أن تبايعوا عثمان، إذاً أسمع وأطيع، وإن عمر جعلني في خمسة نفر، أنا سادسهم، لا يعرف لي فضلاً عليهم في الصلاح، ولا يعرفونه. كلما فيه شرع: سواء. وايم الله لو أشاء أن أتكلم ثم لا يستطيع عربيهم ولا عجميهم ولا المعاهد منهم ولا المشرك بردّ خصلة منها لفعلت، ثم قال: نشدتكم بالله أيها النفر جميعاً، أفيكم أحد آخى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم غيري؟ قالوا: اللهم، لا، وعددّ المناشدة، إلى آخر الحديث.
قال: وفي هذا الحديث ما يدل على أنه موضوع، وهو قوله: وصلى القبلتين، وكل أصحاب الشورى قد صلى القبلتين. وقوله: أفيكم أحد له زوجة مثل زوجتي فاطمة، وقد كان لعثمان مثلما له من هذه الفضيلة وزيادة.
قال عبد الله محمد بن مكرّم مختصر هذا التاريخ: قوله: فقد كان لعثمان مثل ما له من هذه الفضيلة وزيادة. فيه دليل على أنه ما كان لفاطمة عليها السلام عنده مزية على غيرها من بناته صلّى الله عليه وسلّم.
قال الزهري: لما قتل عثمان: برز علي بن أبي طالب بالناس، فدعاهم إلى البيعة، فبايعه الناس، ولم يعدلوا به لا طلحة ولا غيره.
وعن علقمة بن وقاص قال: اجتمعنا في دار مخرمة للبيعة بعد ما قتل عثمان، فقال أبو جهم بن حذيفة: أما من بايعنا منكم لا يحول بين قصاص، فقال عمار: أما دم عثمان فلا. فقال: يا بن سميّة أتقصّ من جلدات جلدتهن ولا تقصّ من دم عثمان، قال: فتفرقوا يومئذٍ عن غير بيعة.
قال إبراهيم بن رباح: يستحق علي الخلافة بخمسة أشياء: بالقرب من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، والسبق إلى الإسلام، والزهد في الدنيا، والفقه في الدين، والنكاية في العدو، فلم تر هذه الخمسة الأشياء إلا في عليّ عليه السلام.
قال عمرو بن دينار: كلم أهل المدينة ابن عباس أن يحجّ بهم، وعثمان محصور، فدخل عليه فاستأذنه، فقال: حجّ بهم، فحج بهم، ثم رجع وقد أصيب عثمان، فقال لعلي: إن قمت الآن بهذا الأمر ألزمك الناس دم عثمان إلى يوم القيامة.
وعن علي بن الحسين قال: قال مروان بن الحكم: ما كان في القوم أحد أدفع عن صاحبنا من صاحبكم يعني علياً عن عثمان قال: قلت: فما لكم تسبوهن على المنابر؟ قال: لا يستقيم الأمر إلا بذلك.
خطب علي بن أبي طالب فقال: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لم يعهد إلينا في الإمارة شيئاً،
ولكنه رأيٌ رأيناه، فاستخلف أبو بكر، فقام واستقام، ثم استخلف عمر، فقام واستقام، ثم ضرب الدين بجرانه، وإن أقواماً طلبوا الدنيا، فمن شاء الله منهم أن يعذّب عذّب، ومن شاء أن يرحم رحم.
وعن قيس بن عباد قال: كنا مع علي، فكان إذا شهد مشهداً، أو أشرف على أكمة، أو هبط وادياً قال: سبحان الله، صدق الله ورسوله، فقلت لرجل من بني يشكر: انطلق بنا إلى أمير المؤمنين حتى نسأله عن قوله: صدق الله ورسوله، قال: فانطلقنا إليه، فقلنا: يا أمير المؤمنين، رأيناك إذا شهدت مشهداًن أو هبطت وادياً، أو أشرفت على أكمة قلت: صدق الله ورسوله، فهل عهد إليك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم شيئاً في ذلك؟ قال: فأعرض عنا، وألححنا عليه. فلما رأى ذلك قال: والله ما عهد إلي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عهداً إلا شيئاً عهده إلى الناس، ولكن الناس وقعوا على عثمان فقتلوه، فكان غيري فيه أسوأ حالاً وفعلاً مني ثم إني رايت أني أحقهم بهذا الأمر، فوثبت عليه، فالله أعلم أصبنا أم أخطأنا.
وعن علي بن أبي طالب قال: قبض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأنا أرى أني أحق الناس بهذا الأمر، فاجتمع الناس على أبي بكر، فسمعت وأطعت، ثم إن أبا بكر حضر فكنت أرى أن لا يعدلها عني، فولى عمر، فسمعت وأطعت، ثم إن عمر أصيب، فظننت أنه لا يعدلها عني فجعلها في ستةٍ أنا أحدهم، فولاها عثمان، فسمعت وأطعت، ثم إن عثمان قتل، فجاؤوني فبايعوني طائعين غير مكرهين. فوالله ما وجدت إلا السيف أو الكفر بما أنزل على محمد صلّى الله عليه وسلّم.
وعن الحسن قال:
لما قدم عليّ البصرة في إثر طلحة وأصحابه قام عبد الله بن الكوا وابن عباد فقالا: يا أمير المؤمنين، أخبرنا عن مسيرك هذا، أوصية أوصاك بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ام عهد عهده إليك، أم رأي رأيته حين تفرقت الأمة، واختلفت كلمتها؟ فقال: ما أكون أول كاذب عليه وفي رواية: ولا والله إن كنت أول من صدق به، فلا أكون أول من كذب عليه والله ما مات رسول الله صلّى الله عليه وسلّم موت فجاءة، ولا قتل قتلاً زاد في رواية: ولو كان
عندي من النبي صلّى الله عليه وسلّم في ذلك عهد ما تركت أخا تيم بن مرة وعمر بن الخطاب يقومان على منبره، ولقاتلتهما بيدي، ولو لم أجد إلا بردي هذا قال: ولقد مكث في مرضه كل ذلك يأيته المؤذن فيؤذنه بالصلاة، فيقول: مروا أبا بكر ليصلي بالناس، ولقد تركني وهو يرى مكاني، ولو عهد إلى شيئاً لقمت به، حتى عرضت في ذلك امرأة من نسائه فقالت: إن أبا بكر رجل رقيق، إذا قام مقامك لا يسمع الناس، فلو أمرت عمر أن يصلي بالناس، فقال لها: إنكنّ صواحب يوسف. فلما قبض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نظر المسلمون في أمرهم، فإذا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد ولى أبا بكر أمر دينهم، فولّوه أمر دنياهم، فبايعه المسلمون، وبايعته معهم، فكنت أغزو إذا أغزاني، وآخذ إذا أعطاني، وكنت سوطاً بين يديه في إقامة الحدود، فلو كانت محاباة عند حضور موته لجعلها في ولده، فأشار بعمر، ولم يأل، فبايعه المسلمون وبايعته معهم، فكنت أغزو إذا أغزاني، وآخذ إذا أعطاني، وكنت سوطاً بين يديه في إقامة الحدود، فلو كانت محاباة عند حضور موته لجعلها في ولده، وكره أن ينتخب منا معشر قريش رجلاً فيوليه أمر الأمة، فلا يكون فيه إساءة لمن بعده إلا لحقت عمر في قبره، فاختار منا ستة، أنا فيهم، لنختار للأمة رجلاً منا. فلما اجتمعنا وثب عبد الرحمن فوهب لنا نصيبه منها، على أن نعطيه مواثيقنا على أن نختار من الخمسة رجلاً، فنوليه أمر الأمة، فأعطيناه مواثيقنا، فأخذ بيد عثمان فبايعه، ولقد عرض في نفسي ذلك. فلما نظرت في أمري فإذا عهدي قد سبق بيعتي، فبايعت وسلمت، فكنت أغزو إذا أغزاني، وآخذ إذا أعطاني. فلما قتل عثمان نظرت في أمري، فإذا الرّبقة التي كان لأبي بكر وعمر في عنقي قد انحلّت، وإذا العهد لعثمان قد وفيت به، وإذا أنا رجل من المسلمين ليس لأحد عندي دعوى، ولا طلبة، فوب فيها من ليس مثلي يعني: معاوية لا قرابته كقرابتي، ولا علمه كعلمي، ولا سابقته كسابقتي، وكنت أحقّ بها منه، قالا: صدقت، فأخبرنا، عن قتالك هذين الرجلين يعنيان: طلحة والزبير صاحباك في الهجرة، وصاحباك في بيعة الرضوان، وصاحباك في المشورة. قال: بايعاني بالمدينة، وخلعاني بالبصرة، ولو أن رجلاً ممن بايع أبا بكر خلعه لقاتلناه، ولو أن رجلاً ممن بايع عمر خلعه لقاتلناه.
وفي حديث آخر عنه بمعناه قال: فلما قبض الله نبيّه نظرنا في أمورنا، فاخترنا لدنيانا من رضيه النبي صلّى الله عليه وسلّم لديننا، فكانت الصلاة أصل الإسلام، وقوام الدين، وهو أمين الدين، فبايعنا أبا بكر، فكان لذلك أهلاً، لم يختلف عليه منا اثنان، ولم يشهد بعضنا على بعض، ولم يقطع منه البراءة، فأديت إلى أبي بكر حقّه، وعرفت له طاعته، وغزوت معه في جنوده، وكنت آخذ إذا أعطاني، وأغزو إذا أغزاني، وأضرب بين يديه الحدود بسوطه، وذكر مثل ذلك عن عمر.
قال الإمام أبو الطيب سهل بن محمد الصعلوكي وهو يذكر ما يجمع هذا الحديث من فضائل علي رضي الله عنه ومناقبه ومراتبه ومحاسنه وإلا لات صدقه، وقوة دينه، وصحة يقينه قال: ومن مختارها أنه لم يدع ذكر ما عرض له فيما أجرى إليه عبد الرحمن وإن كان يسيراً حتى قال: لقد عرض في نفسي عند ذلك وفي ذلك ما يوضح أنه ولو عرض له في أمر أبي بكر وعمر شيء، واختلف له في سرٍّ وعلانية بنيّة تصريح، أو نبّه عليه بتعريض كما فعل فيما عرض له عند فعل عبد الرحمن ما فعل.
سئل جابر بن عبد الله عن قتال علي فقال: ما يشك في قتال علي إلا كافر.
قال الميموني:
سمعت أحمد بن حنبل وقل له: ما تذهب في الخلافة؟ قال: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، فقيل له: كأنك ذهبت إلى حديث سفينة، وإلى شيء آخر: رأيت علياً في زمن أبي بكر وعمر وعثمان لم يتسمّ بأمير المؤمنين، ثم لم يقم الجمع والحدود، ثم رأيته بعد قتل عثمان قد فعل، فعلمت أنه قد وجب له في ذلك الوقت ما لم يكن له قبل ذلك.
كان نقش خاتم عليّ: الملك لله وقيل: الله ولي علي وقيل: نعم القادر الله.
قال المدائني: لما دخل علي بن أبي طالب الكوفة دخل عليه رجل من حكماء العرب فقال: والله يا أمير المؤمنين، لقد زنت الخلافة وما زانتك، ورفعتها وما رفعتك، وهي كانت أحوج إليك منك إليها.
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: كنت بين يدي أبي جالساً ذات يوم، فجاءت طائفة من الكرخيين، فذكروا خلافة أبي بكر، وخلافة عمر، وخلافة عثمان بن عفان، فأكثروا، وذكروا خلافة علي بن أبي طالب، وزادوا، فأطالوا، فرفع أبي رأسه إليهم فقال: يا هؤلاء، قد أكثرتم في علي والخلافة، وعلى أن الخلافة لم تزين علياً بل عليٌّ زينها. قال السياري: حدثت بهذا الحديث بعض الشيعة، فقال لي: قد أخرجت نصف ما كان في قلبي على أحمد بن حنبل من البغض.
قال إبراهيم بن علي الطبري: صرت إلى أحمد بن حنبل رضي الله عنه، فسألته عن خلافة علي رضي الله عنه: هل تثبت؟ فقال: ما سؤالك عن هذا؟! فقلت: إن الناس يزعمون أنك قلت: لا تثبت خلافته، فاستنكر ذلك وقال: أنا أقول ذلك؟! وأسبلت عيناه، ثم قال: يا هذا، قبض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقد صلى خلفه ثلاثون ألف رجل، فجاؤوا بجماعتهم، فقدموا أبا بكر رضي الله عنه، فقدموه فأقول: أخطأ القوم وأصبت؟! ثم فشا الإسلام بعده فجاؤوا إلى عمر رضي الله عنه، فقدموه فأقول: أخطأ القوم وأصبت؟! ثم فتحت الفتوح، وفشا الإسلام، فصار المسلمون أضعاف هذه العدة مضاعفة، فقدموا عثمان رضي الله عنه، فأقول: أخطأ القوم وأصبت؟! ثم زاد الإسلام وفشا، ثم قدموا علي بن أبي طالب رضي الله عنه فأقول: أخطأ القوم وأصبت؟!.
وعن علي قال: إن القرية ليكون فيها الشّيعة فندفع بهم عنها ثم قال: أبيتم إلا أن أقولها، فوالله لعهدّ إليّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن الأمة ستغدر بي.
وفي حديث: " أن الأمة ستغدر بك بعدي ".
قال البيهقي: فإن صح هذا فيحتمل أن يكون المراد به والله أعلم في خروج من خرج عليه في إمارته ثم قتله.
وعن علي كرم الله وجهه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " رحم الله أبا بكر، زوّجني ابنته، وحملني إلى دار الهجرة، وأعتق بلالاً من ماله. رحم الله عمر، يقول الحق، وإن كان مرّاً، تركه الحق، وماله من صديق. رحم الله عثمان، تستحييه الملائكة. رحم الله علياً، اللهم، أدر الحق معه حيث دار.
وعن أبي سعيد قال: كنا عند بيت النبي صلّى الله عليه وسلّم في نفر من المهاجرين والأنصار، فخرج علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: " ألا أخبركم بخياركم؟ " قالوا: بلى، قال: " خياركم الموفون، المطيّبون إن الله يحب الحفيّ التقي ". قال: ومرّ علي بن أبي طالب فقال: " الحق مع ذا، الحق مع ذا ".
قال أبو ثابت مولى أبي ذر: دخلت على أم سلمة فرأيتها تبكي، وتذكر علياً، وقالت: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: " علي مع الحق، والحق مع علي، ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض يوم القيامة ".
وعن مالك بن جعونة عن أم سلمة قالت: والله إن علياً على الحق قبل اليوم وبعد اليوم، عهداً معهوداً، وقضاء مقضياً، قلت: أنت سمعت من أم المؤمنين؟ قال: إي والله الذي لا إله إلا هو، ثلاث مرات، فسألت عنه فإذا هم يحسنون عليه الثناء.
وعن أبي ليلى الغفاري قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: " ستكون من بعدي فتنة، فإذا كان ذلك فالزموا علي بن أبي طالب، فإنه أول من
يراني، وأول من يصافحني يوم القيامة، وهو معي في السماء الأعلى، وهو الفاروق بين الحق والباطل ".
وعن أبي هريرة قال:
بلغني أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذكر فتنة فقرّبها قال: فأتيته بالبقيع، وعنده أبو بكر، وعمر، وعلي، وطلحة، والزبير فقلت: يا رسول الله، بلغني أنك ذكرت فتنة، قال: " نعم، كيف أنتم إذا اقتتلت فئتان، دينهما واحد، وصلاتهما واحدة، وحجّهما واحد؟ " قال: قال أبو بكر: أدركها يا رسول الله؟ قال: " لا "، قال: الله أكبر. قال عمر: أدركها يا رسول الله؟ قال: " لا "، قال: الحمد لله، قال عثمان: أدركها يا رسول الله؟ قال: " نعم، وبك يبتلون "، قال علي: أدركها يا رسول الله؟ قال: " نعم، تقود الخيل بأزمّتها ".
وعن ابن عباس عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال خطبة خطبها في حجة الوداع: " لأقتلنّ العمالقة في كتيبة "، فقال له جبريل: أو علي، فقال: " أو علي بن أبي طالب ".
وعن أبي سعيد الخدري قال: خرج إلينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقد انقطع شسع نعله، فدفعها إلى عليّ يصلحها، ثم جلس، وجلسنا حوله، كأنما على رؤوسنا الطير، فقال: " إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله "، فقال أبو بكر: أنا رسول الله؟ قال: " لا "، فقال عمر: أنا هو يا رسول الله؟ قال: " لا، ولكنه خاصف النعل "، قال: فأتينا علياً نبشّره بذلك، فكأنه لم يرفع به رأساً، كأنه قد سمعه قبل.
وكان حزام بن زهير عند علي في الرحبة فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، هل كان في النعل حديث؟ فقال: اللهم، إنك تعلم أنه مما كان يسرّه إلي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأشار بيده ورفعهما.
وعن ابن عباس قال: خرجنا مع علي إلى الجمل ست مئة رجل، فسلكنا على الرّبذة، فنزلناها فقام غليه ابنه الحسن بن علي فبكى بين يديه، وقال: ائذن لي فأتكلم، فقال علي: تكلم، ودع عنك أن تخنّ خنين الجارية، فقال حسن: إني كنت أشرت عليك بالمقام، وأنا أشير به عليك الآن، إن للعرب جولة، ولو قد رجعت إليها عوازب أحلامها، قد ضربت إليك أبساط الإبل حتى يستخرجوك، ولو كنت في مثل جحر الضبّ، فقال علي: أتراني لا أبالك كنت منتظراً كما تنتظر الضبع الدم؟! وعن مالك بن الحويرث قال: قام علي بن أبي طالب بالرّبذة فقال: من أحب أن يلحقنا فليلحقنا، ومن أحب أن يرجع فليرجع، مأذون له غير حرج، فقام الحسن بن علي فقال: يا أبه أو يا أمير المؤمنين لو كنت في جحر، وكان للعرب فيك حاجة لاستخرجوك من جحرك، فقال: الحمد لله الذي يبتلي من يشاء بما يشاء، ويعافي من يشاء مما يشاء، أما والله لقد ضربت هذا الأمر ظهراً لبطن أو ذنباً ورأساً، فوالله إن وجدت له إلا القتال، أو الكفر بالله، يحلف بالله عليه، اجلس يا بني ولا تخنّ خنين الجارية.
وروي أن بني عبس قالت لحذيفة: إن أمير المؤمنين عثمان قد قتل فما تأمرنا؟ قال: آمركم أن تلزموا عماراً، قالوا: إن عماراً لا يفارق علياً، قال: إن الحسد هو أهلك الحسد، وإنما ينفركم من عمار قربه من علي، فوالله لعلي أفضل من عمار أبعد ما بين التراب والسحاب، وإن عماراً لمن الأخيار، وهو يعلم أنهم إن لزموا عماراً كانوا مع علي.
قال أبو شريح: كنا عند حذيفة بالمدائن، فأتاه الخبر أن عماراً والحسن بن علي قدما الكوفة، يستنفران الناس إلى أمير المؤمنين عليّ، فقال حذيفة: إن الحسن بن علي قدم يستنفر الناس إلى عدو الله وعدوكمن فمن أحب أن يلقى أمير المؤمنين حقاً حقاً فليأت علي بن أبي طالب.
ولما كان يوم الجمل نادى علي في الناس: لا ترموا أحداً بسهم، ولا تطعنوا برمح، ولا تضربوا بسيف، وكلموا القوم، فإن هذا مقام من فلح يوم القيامة، قال: فتواقفنا حتى أتانا جرّ الحديد، ثم إن القوم نادوا: يا جمع، يا لثارات عثمان، قال: وابن الحنفيّة أمامنا ربوة، معه اللواء. قال: فنادى علي: يا بن الحنفية، ما يقولون؟ فأقبل علينا بعرض وجهه فقال: يا أمير المؤمنين، يثولون: يا لثارات عثمان، قال: فمدّ علي يديه وقال: اللهم أكبّ قتلة عثمان لوجوههم، قال: فقال: سحما فعل والله ذلك، كأنه يقول: إن القوم كانوا أولى بقتل عثمان من علي، ثم إن الزبير قال لأساودة كانوا معه: قال: ارموهم، ترشون، لا تبلغوا، وكأنه إنما أراد أن ينشب القتال، قال: فما نظر أصحابنا إلى النشاب لم ينتظروا أن يقع على الأرض وحملوا، قال: فهزمهم الله، ورمى مروان طلحة بسهم فشك ساقه بجنب فرسه، فقمص به الفرس، وعليه بحربةٍ، فانطلق به، قال: فالتفت مروان إلى أبا عثمان وهو معه، فقال: قد كفيتك أحد قتلة أبيك.
قال أبو حزم المازني: شهدت علياً والزبير حين تواقفا، فقال له علي: يا زبير، أنشدك بالله، أسمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: " إنك تقاتلني وفي رواية: تقاتل وأنت ظالم لي؛ قال: نعم، ولم أذكر إلا في موقفي هذا، ثم انصرف.
وعن أبي بكرة قال: لما اشتد القتال يوم الجمل، ورأى علي الرؤوس تندر أخذ الحسن ابنه، فضمه إلى صدره ثم قال: إن لله، يا حسن، أيّ خير يرجى بعد هذا؟.
وعن قيس بن عباد قال: قال علي يوم الجمل: يا حسن، يا حسن، ليت أباك مات مذ عشرين سنة، قال له: يا أبه، قد كنت أنهاك عن هذا، قال: يا بني، إني لم أر أن الأمر يبلغ هذا.
قال رجل لشريك: خبرني عن قول علي للحسن يوم الجمل: ليت أباك مات قبل هذا بعشرين سنة، أقاله إلا وهو شاكّ في أمره، فقال له شريك: خبرني عن قول مريم " يا ليتني متّ قبل هذا " أقالته شاكةٌ في عفّتها؟ فسك الرجل.
وعن حبّة قال: سمعت علياً يقول: نحن النجباء، وأفراطنا أفراط الأنبياء، وحزبنا حزب الله، والفئة الباغية حزب الشيطان، ومن سوّى بيننا وبني عدونا فليس منا.
لما حبس يحيى بن خالد البرمكي كتب إلى الرشيد: إن كل يوم يمضي من بؤسي يمضي من نعمتك مثله، والموعد المحشر، والحكم الدّيّان، وقد كتبت إليك بأبيات كتب بها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إلى معاوية بن أبي سفيان: الوافر
أما والله إن الظلم شؤمٌ ... وما زال المسيء هو الظّلوم
إلى ديّان يوم الدين نمضي ... وعند الله تجتمع الخصوم
تنام ولم تنم عنك المنايا ... تنبّه للمنيّة يا نؤوم
لأمرٍ ما تصرّمت الليالي ... لأمرٍ ما تحركت النجوم
وعن ابن عباس قال: عقم النساء أن يأتين بمثل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، والله ما رأيت، ولا سمعت رئيساً يوزن به. لرأيته يوم صفين، وعلى رأسه عمامة بيضاء، قد أرخى طرفيها، كأن عينيه سراجاً سليط، وهو يقف على شرذمة شرذمة يحضّهم ويحمشهم حتى انتهى إليّ، وأنا في كثفٍ من الناس فقال: معاشر المسلمين، استشعروا الخشية، وغضوا الأصات، وتجلببوا السكينة زاد في رواية: وأكملوا اللّؤم، واخفوا الجنن وأعملوا الأسنّة، وأقلقوا السيوف في الأغماد، قبل السلّة، واطعنوا الوخز، ونافحوا بالظّبا،
وصلوا السيوف بالخطا، والنبال بالرماح، فإنكم بعين الله، ومع ابن عم نبيه صلّى الله عليه وسلّم عاودوا الكرّ واستحيوا من الفرّ، فإنه عار باق في الأعقاب والأعناق ونار يوم الحساب، وطيبوا عن أنفسكم أنفساً، وامشوا إلى الموت سجحاً، وعليكم بهذا السواد الأعظم، والرّاق المطنّب فاضربوا ثبجه، فإن الشيطان راكب صعبه، ومفرش ذراعيه، قد قدّم للوثبة يداً، وأخرّ للنكوص رجلاً، فصمداً صمداً حتى ينجلي لكم عمود الدين " وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم ".
قوله: سراجاً سليط السليط: الزيت، وهو عند قوم دهن السمسم. وقوله: يحمشهم أي يغضبهم، وأحمشت النار إذا ألهبتها. والكثف الجماعة، ومنه التكاثف والحشد نحوه. وقوله: وغضوا الأصوات وفي رواية: وعنّوا الأصوات إن كان بفتح العين وتشديد النون فإنه أراد احبسوها واخفوها، نهاهم عن اللّغط، والتعنية: الحبس، ومنه قيل للأسير: عانٍ، واللّؤم جمع لأمة على غير قياس، واللأمة: الدرع. والجنن الترسة، يقول: اجعلوها خفافاً. وأقلقوا السيوف في الغمد يريد: سهلوا سلّها قبل أن تحتاجوا إلى ذلك، لئلا يعسر عليكم عند الحاجة إليها. والظبا جمع ظبة السيف: أي حدّه. وقوله: وصلوا السيوف بالخطا يقول: إذا قصرت عن الضرائب تقدمتم وأسرعتم حتى تلحقوا. وقوله: والرماح بالنبل يريد: إذا قصرت الرماح ببعد من تريد أن تطعنه منك رميته بالنبل. وقوله: امشوا إلى الموت مشية سجحاً أو سجحاً أي سهلة، لا تنكلوا، ومنه قول عائشة لعلي يوم الجمل: ملكت فأسجح، أي سهّل. ويقال: خدّ أسجح أي سهل. وقوله: عليكم الرّواق المطنّب يعني: رواق البيت المشدود بالأطناب، وهي حبال تشدّ به، وهذا مثل قول عائشة: ضرب الشيطان روقه ومدّ طنبه، وقوله: قد قدّم للوثبة يداً وأخّر للنكوص رجلاً، وهو مثل قوله تعالى: " وإذ زيّن لهم الشّيطان أعمالهم " إلى قوله " نكص على
عقبيه " أي رجع على عقبيه، وأراد على أنه قد قدم يداً ليثب إن رأى فرصة، وإن رأى الأمر على ما هو معه نكص رجلاً، وقوله في رواية: والحظوا الشّزر هو النظر بمؤخر العين نظر العدو والمبغض. يقول: الحظوهم شزراً، ولا تنظروا إليهم نظراً يبين لهم، فإن ذلك أهيب لكم في صدروهم.
خرج عبد الله بن شداد بن الهاد على عائشة مرجعه من العراق ليالي قتل علي، فقالت: يا عبد الله بن شداد، هل أنت صادقي عما أسألك عنه؟ قال: وما لي لا أصدقك؟! قالت: فحدثني عن قصتهم قال:
فإن علياً لما كاتب معاوية وحكّم الحكمين خرج عليه ثمانية آلاف من قراء الناس، حتى نزلوا بأرض يقال لها حروراء من جانب الكوفة، عتبوا عليه قالوا: انسلخت من قميصٍ ألبسك الله، واسمٍ سمّاك الله به، ثم انطلقت فحكّمت في دين الله الرجال، فلا حكم إلا لله. فلما بلغ علياً ما عتبوا عليه ففارقوا أمره أذّن مؤذّن ألا يدخل على أمير المؤمنين إلا رجل قد قرأ القرآن. فلما امتلأت الدار من قراء الناس جاء بالمصحف إماماً عظيماً فوضعه علي بين يديه، وطفق يحركه بيده ويقول: أيها المصحف، حدّث الناس، فناداه الناس: ما تسأل عنه! إنما هو مداد وورق، ونحن نتكلم بما روينا منه، فماذا تريد؟ فقال: أصحابكم الذين خرجوا، بيني وبينهم كتاب الله. يقول الله في كتابه في امرأة ورجل " فإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها " إلى قوله: " يوفّق الله بينهما " الآية فأمة محمد صلّى الله عليه وسلّم أعظم حقاً وحرمة من امرأة ورجل. ونقموا عليّ أني كاتبت معاوية، كتبت: علي بن أبي طالب، وقد جاءنا سهيل بن عمرو ونحن مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالحديبية حين صالح قومه قريشاً فكتب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " بسم الله الرحمن الرحيم " قال سهيل: لا أكتب بسم الله الرحمن الرحيم، فقال: " كيف تكتب؟ " فقال: باسمك اللهم، فكتب باسمك اللهم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " اكتب محمد رسول الله "، فقال: لو نعلم أنك رسول الله ما خالفناك، فكتب: هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله
قريشاً، يقول الله عزّ وجلّ في كتابه " لقد كان لكم في رسول الله أسوةٌ حسنةٌ لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ". فبعث إليهم عبد الله بن عباس فخرجت معه، حتى توسطنا عسكرهم فقال عبد الله بن شداد: فقام ابن الكوا فخطب الناس فقال: يا حملة القرآن، إن هذا عبد الله بن عباس، فمن لم يكن يعرفه فأنا أعرفه من كتاب الله، هو الذي نزل فيه وفي قومه " بل هم قومٌ خصمون " فردّوه إلى صاحبه، ولا تواضعوا كتاب الله، فقام خطباؤهم فقالوا: بلى والله لنواضعنّه كتاب الله فإن جاء بحق نعرفه اتبعناه. وإن جاء بباطل لنبكّتنّه بباطله ولنردّنّه إلى صاحبه، فواضعوا عبد الله الكتاب ثلاثة أيام. قالوا: كيف قلت يا بنعباس؟ قال: قلت: ما الذي تتكلمون على صهر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وابن عمه؟ قالوا: ثلاث خصال: قال: فما هنّ؟ قالوا: أما واحدة فإنما قاتل ولم يسب، ولم يغنم، فإن كان القوم كفاراً فقد أحلّ الله دماءهم ونساءهم، وإن كانوا غير ذلك فبم استحل ما صنع بهم؟. وأما الثانية فإنه حكّم الرجال في أمر الله، وفي دين الله، فما للرجال والحكم في دين الله بعد قوله: " إن الحكم إلاّ لله " وأما الثالثة فإنه محا نفسه، وهو أمير المؤمنين، فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين، قال ابن عباس: هل عندكم غير هذا؟ قالوا: حسبنا خصلة من هذه الخصال، قال: فإن أنا أتيتكم من كتاب الله ما ينقض قولكم هذا فترجعون؟ قالوا: نعم، قال: قال: فإن الله قد صير حكمه حكم الرجال في كتابه ما لا يقبل غيره " يا أيّها الّذين آمنوا لا تقتلوا الصّيد وأنتم حرمٌ ومن قتله منكم متعمّداً فجزاءٌ مثل ما قتل من النّعم يحكم به ذوا عدلٍ منكم " وقال في آية أخرى: " وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفّق الله بينهما " أخرجت لكم من هذه؟
قالوا: نعم. وأما قولكم: قاتل ولم يسب ولم يغنم فاتكم كان يسبي عائشة، فإن قلتم: إنما نستحل منها ما نستحل من المشركات بعد قول الله تعالى: " وأزواجه أمّهاتكم " فقد خرجتم من الإسلام، فأنتم بين ضلالتين، فاخرجوا من إحداهما إن كنتم صادقين، قال: أخرجت من هذه؟ قالوا: نعم. وأما قولكم: إنه محى اسمه وهو أمير المؤمنين، فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين، فأنا آتيكم برجال ممن ترضون؛ إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم الموادعة كتب: هذا ما اصطلح عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأبو سفيان وسهيل بن عمرو فمحو رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعد الوحي والنبوة أعظم أو محو علي بن أبي طالب نفسه يوم الحكمين؟ قالوا: بل محو رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: أخرجت من هذه؟ قالوا: نعم.
قال عبد الله بن شداد: فرجع منهم أربعة آلاف فيهم ابن الكوا حتى أدخلناهم على علي بالكوفة، فبعث علي إلى بقيتهم، فقال: قد كان من أمرنا وأمر الناس ما قد رأيتم، فاعتلوا حين شئتم حتى تجتمع أمة محمد صلّى الله عليه وسلّم فتوجهوا منها حيث شئتم، بيننا وبينكم أن تسفكوا دماً حراماً، أو تقطعوا سبيلاً، أو تظلموا الأمة، فإنكم إن فعلتم فقد نبذنا إليكم الحرب على سواء " إنّ الله لا يحبّ الخائنين ".
فقالت عائشة: يا بن شداد، فلم قتلهم؟ قال: فوالله ما بعث إليهم حتى قطعوا السبل، وسفكوا الدم، واستحلوا أهل الذمة، قالت: الله الذي لا إله إلا هو لقد كان؟ قال: نعم، قالت: فما شيء بلغني عن أهل العراق يتحدثون: ذو الثديّة؟ قال: قد رأيته وقمت عليه مع علي في القتلى فدعا الناس فقال: هل تعرفون هذا؟ فما أكثر من قال: رأيته في مسجد بني فلان يصلي، ورأيته في مسجد فلان يصلي، قالت: فما قال علي حين قام عليه كما يزعم أهل العراق؟ قال: سمعته يقول: صدق الله ورسوله، قالت: نعم، صدق الله ورسوله، رحم الله علياً لئن كان من قوله إذا رأى شيئاً يعجبه قال: صدق الله ورسوله، قال: فذهب أهل العراق يكذبون عليه ويزيدون عليه الحديث.
وعن علي قال: عهد إلي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن أقاتل الناكثين، والقاسطين، والمارقين.
وعنه قال: أمرت بقتال ثلاثة: القاسطين، والناكثين، والمارقين. فأما القاسطون فأهل الشام، وأما الناكثون فذكرهم، وأما المارقون فأهل النّهروان، يعني الحرورية.
وعن علي قال يوم النهروان: أمرني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بقتال الناكثين، والمارقين، والقاسطين.
وعن عبد الله قال: خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من بيت زينب بنت جحش، وأتى بيت أم سلمة، فكان يومها من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فلم يلبث أن جاء علي، فدق الباب دقاً خفياً، فانتبه النبي صلّى الله عليه وسلّم للدقّ وأنكرته أم سلمة، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " قومي فافتحي له "، قالت: يا رسول الله، من هذا الذي من خطره ما نفتح له الباب؟ أتلقاه بمعاصمي، وقد نزلت فيّ آية من كتاب الله بالأمس! فقال لها كهيئة المغضب؛ " إن طاعة الرسول طاعة الله ومن عصى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقد عصى الله، إن بالباب رجلاً ليس بعزق ولا غلق، يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، لم يكن ليدخل حتى ينقطع الوطء "، قالت: فقمت، وأنا أختال في مشيتي، وأنا أقول: بخ بخ، من ذا الذي يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله؟ ففتحت الباب، فأخذ بعضادتي الباب، حتى إذا لم يسمع حساً ولا حركة وصرت في خدري استأذن، فدخل، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " يا أم سلمة، أتعرفينه؟ " قالت: نعم يا رسول الله، هذا علي بن أبي طالب، قال: " صدقت، سيد أحبه، لحمه من لحمي ودمه من دمي وهو عتبة بيتي، اسمعي واشهدي، وهو قاتل الناكثين والقاسطين، والمارقين من بعدي، فاسمعي واشهدي، وهو قاضي عداتي، فاسمعي واشهدي، وهو والله يحيي سنّتي، فاسمعي واشهدي، لو أن عبداً عبد الله ألف عام بعد
ألف عام وألف عام بين الركن والمقام ثم لقي الله مبغضاً لعلي بن أبي طالب وعترتي أكبّه الله على منخريه يوم القيامة في نار جهنم ".
وعن أبي سعيد الخدري قال: أمرنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بقتال الناكثين، والقاسطين، والمارقين، فقلنا: يا رسول الله، أمرتنا بقتال هؤلاء، فمع من؟ قال: " مع علي بن أبي طالب، معه يقتل عمار بن ياسر ".
وعن علقمة والأسود قالا: أتينا أبا أيوب الأنصاري عند منصرفه من صفين، فقلنا له: يا أبا أيوب، إن الله أكرمك بنزول محمد صلّى الله عليه وسلّم وبمجيء ناقته تفضّلاً من الله، وإكراماً لك حتى أناخت ببابك دون الناس، ثم جئت بسيفك على عاتقك تضرب به أهل لا إله إلا الله، فقال: يا هذا إن الرّائد لا يكذب أهله، وإن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أمرنا بقتال ثلاثة مع علي: بقتال الناكثين، والقاسطين، والمارقين، فأما الناكثون فقد قاتلناهم، أهل الجمل: طلحة، والزبير، وأما القاسطون فهذا منصرفنا من عندهم، يعني: معاوية وعمراً، وأما المارقون فهم أهل الطّرفاوات، وأهل السعيفات وأهل النخيلات، وأهل النهروانات، والله ما أدري أين هم، ولكن لابد من قتالهم إن شاء الله.
قال: وسمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول لعمار: " يا عمال، تقتلك الفئة الباغية، وأنت مذ إذ ذاك مع الحق، والحق معك، يا عمار بن ياسر، إن رأيت علياً قد سلك وادياً، وسلك الناس وادياً غيره فاسلك مع علي، فإنه لن يدليك في ركيّ ولن يخرجك من هدي، يا عمار، من تقلّد سيفاً أعان به علياً على عدوّه قلّده الله يوم القيامة وشاحين من درّ، ومن تقلّد سيفاً أعان به عدوّ علي عليه قلّده الله يوم القيامة وشاحين من نار "، قلنا: يا هذا، حسبك رحمك الله حسبك رحمك الله.
وعن عمار بن ياسر قال: سمعت النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول: " يا علي، ستقاتلك الفئة الباغية، وأنت على الحق، فمن لم ينصرك يومئذ فليس مني ".
وعن مازن العائذي قال: قال علي بن أبي طالب: ما وجدت من قتال القوم بداً، أو الكفر بما أنزل على محمد صلّى الله عليه وسلّم.
وعن مخنف بن سليم قال: أتينا أبا أيوب الأنصاري وهو يعلف خيلاً له بصفّين فقلنا: قاتلت المشركين بسيفك مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثم جئت تقاتل المسلمين؟! قال: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أمرني بقتال ثلاثة: الناكثين، والقاسطين، والمارقين. فقد قاتلت الناكثين، والقاسطين، وأنا مقاتل إن شاء الله المارقين بالسبعات، بالطرفات، بالنهروانات، وما أدري أين هو.
وعن علي عليه السلام قال: أنا فقأت عين الفتنة.
وعن أبي صالح قال: قال علي لأبي موسى: يا أبا موسى، احكم عليّ ولو على حزّ عنقي.
قال سفيان بن عيينة: سمعت غير واحدٍ من أصحابنا يقولون: إن علي بن أبي طالب لم ير بعد تحكيم الحكمين إلا وهو يقول: الرجز
لقد عجزت عجزةً لا أعتذر ... سوف أكيس بعدها واستمر
وعن قيس بن عباد قال: قال علي: أنا أول من يجثو للخصومة بين يدي الله عزّ وجلّ يوم القيامة.
قال زيد بن وهب: قدم على علي وفد من اليمن، فجمع الناس، وحضرته الصلاة، فنادى: الصلاة جامعة، فقام رجل من الوفد الذين قدموا، فتكلم، فحمد الله وأثنى عليه، حتى فرغ من
خطبته ثم قام آخر، فتكلم، فخطب نحواً من خطبة صاحبه ثم قال في آخر كلامه: إن طاعة هذا طاعة للربّ تعالى، ومعصيته معصية للربّ تعالى يعني: علياً فقال له علي: كذبت، فما هزّه قول علي حين كذبه أن مضى في خطبته حتى فرغ، ثم قام الثالث فتكلم، وخطب نحواً من خطبة صاحبيه، غير أنه لم يذكر شيئاً من ذكر علي، ثم قام علي فحمد الله، وأثنى عليه، فأجاب الأول في خطبته حتى فرغ، ثم أجاب الثاني، ثم أجاب الثالث، ثم قال: كل خطبائكم قد أحسن إلا ما كان من كلام هذا الخطيب الثاني الذي زعم أن طاعتي طاعة للربّ تعالى، وأن معصيتي معصية للربّ تعالى، ولست كذلك، إنما ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الذي طاعته طاعة للربّ، ومعصيته معصية للربّ تعالى.
وعن عثمان بن أبي عثمان قال: جاء أناس إلى علي بن أبي طالب من الشيعة، فقالوا: يا أمير المؤمنين، أنت هو؟ قال: من أنا؟ قالوا أنت هو، قال: ويلكم! من أنا؟! قالوا: أنت ربّنا، أنت ربّنا، قال: ارجعوا فأبوا، فضرب أعناقهم، ثم جدلهم في الأرض، ثم قال: يا قنبر، ائتني بحزم الحطب، فأحرقهم بالنار ثم قال: الرجز
لما رأيت الأمر أمراً منكراً ... أوقدت ناري ودعوت قنبرا
قال أبو صالح السمان: رأيت علياً دخل بيت المال، فرأى فيه شيئاً فقال: ألا ارى هذا هاهنا، وبالناس إليه حاجة؟! فأمر به فقسم، وأمر بالبيت فنكسن ونضح، فصلى فيه، أو قال فيه، يعني: نام.
وعن عبد الرحمن بن أبي بكرة قال: لم يرزأ علي بن أبي طالب من بيت مالنا، يعني بالبصرة، حتى فارقنا عن دبة محشوة، وخميصة درابجرديّة.
وعن عنترة قال: دخلت على عليّ بالخورنق، وعليه شمل: قطيفة، وهو يرعد فيها فقتل: يا أمير المؤمنين، إن الله قد جعل لك ولأهل بيتك في هذا المال نصيباً، وأنت تفعل هذا بنفسك؟! فقال: إني والله ما أرزأكم شيئاً، وما هي إلا قطيفتيّ اللتين أخرجتهما من بيتي، أو قال: من المدينة.
وحدث أبو حكيم صاحب الحناء عن أبيه: أن علياً عليه السلام أعطى العطاء في سنة ثلاث مرات، ثم أتاه مال من أصبهان فقال: أغدوا إلى العطاء الرابع، إني لست لكم بخازن. قال: وقسم الحبال، فأخذها قوم، وردّها قوم.
قال موسى بن طريف:
دخل عليّ بيت المال، فأضرط به ثم قال: لا أمسي وفيك درهم، ثم أمر رجلاً من بني أسد، فقسمه حتى أمسى، فقيل: يا أمير المؤمنين، لو عوضته شيئاً، فقال: إن شاء الله ولكنه سحت.
قال عنترة: أتيت علياً بالرّحبة يوم نيروز أو مهرجان؛ وعنده دهاقين وهدايا، قال: فجاء قنبر، فأخذ بيده، فقال: يا أمير المؤمنين، إنك رجل لا تليق شيئاً، وإن لأهل بيتك في هذا المال نصيباً، وقد خبأت لك خبيئة، قال: وما هي؟ قال: انطلق فانظر ما هي، قال: فأدخله بيتاً فيه ناسية مملوءة آنية ذهب، وفضة مموّهة بالذهب. فلما رآها علي قال: ثكلتك أمك، لقد أردت أن تدخل بيتي ناراً عظيمة، ثم جعل يزنها ويعطي كل عريف بحصته ثم قال: لا تغريني، وغرّي غيري هذا جناي وخياره فيه، إذ كلّ جانٍ يده إلى فيه.
وعن عبد العزيز بن محمد عن أبيه أن علياً أتي بالمال، فأقعد بين يديه الوزان والنقاد، فكوم كومة من ذهب، وكومة من فضة، وقال: يا حمراء، يا بيضاء، احمرّي وابيضّي، وغرّي غيري، هذا جناي وخياره فيه، وكل جانٍ يده إلى فيه.
قال عبد الله بن أبي سفيان: أهدى إليّ دهقان من دهاقين السواد برداً، وإلى الحسن أو الحسين برداً مثله، فقام علي يخطب بالمدائن يوم الجمعة، فرآه عليهما، فبعث إلي وإلى الحسين فقال: ما هذان البردان؟! قال: بعث إليّ وإلى الحسين دهقان من دهاقين السواد، قال: فأخذهما فجعلهما في بيت المال.
وعن مجمّع أن علياً كان يكنس بيت المال، ثم يصلي فيه؛ رجاء أن يشهد له أنه لم يحبس فيه المال عن المسلمين.
وعن المسوّر قال: قدمت على علي بالكوفة، وهو يعطي الناس في بيت له بابان على غير كتاب، فقال: يا بن مخرمة، هذا جناي وخيارة فيه، إذ كلّ جان يده إلى فيه.
فقلت: يا أمير المؤمنين، إن الناس يتراجعون عليك، قال: أوقد فعلوا؟ قلت: نعم، قال: فاكتبوهم، فكتبوا.
قال عمرو بن يحيى: سمعت أبي يحدث عن أبيه عمرو قال: كان عليّ بن أبي طالب استعمل يزيد بن قيس على الري، ثم استعمل مخنف بن سليم على أصبهان، واستعمل على أصبهان عمرو بن سلمة. فلما أقبل عمرو بن سلمة عرض له الخوارج بحلوان. فلما عقدم عمرو بن سلمة على عليّ أمره فليضعها في الرحبة، ويضع عليه أبناءه حتى يقسمها بين المسلمين، فبعثت إليه أم كلثوم بنت علي: أرسل إلينا من هذا العسل الذي معك، فبعث إليها بزقّين من عسل، وزقّين من سمن. فلما أن خرج علي كان عليّ بن أبي طالب استعمل يزيد بن قيس على الري، ثم استعمل مخنف بن سليم على أصبهان، واستعمل على أصبهان عمرو بن سلمة. فلما أقبل عمرو بن سلمة عرض له الخوارج بحلوان. فلما قدم عمرو بن سلمة على عليّ أمره فليضعها في الرحبة، ويضع عليه أبناءه حتى يقسمها بين المسلمين، فبعثت إليه أم كلثوم بنت علي: أرسل إلينا من هذا العسل الذي معك، فبعث إليها بزقّين من عسل، وزقّين من سمن. فلما أن خرج علي إلى
الصلاة عدّها فوجدها تنقص زقّين، فدعاه، فسأله عنهما، فقال: يا أمير المؤمنين، لا تسلني عنهما، فإنا نأتي بزقّين مكانهما، قال: عزمت عليك لتخبرنّي ما قصّتهما، قال: بعثت إلي أم كلثوم، فأرسلت بهما إليها قال: أمرتك أن تقسم فيء المسلمين بينهم. ثم بعث إلى أم كلثوم أن ردّي الزقّين، فأتى بهما مع ما نقص منهما، فبعث إلى التجار: فزمّوهما مملوءتين وناقصتين، فوجدوا فيهما نقصان ثلاثة دراهم وشيء، فأرسل إليها أن أرسلي إلينا بالدراهم، ثم أمر بالزّقاق فقسمت بين المسلمين.
حدث أبو عمرو بن العلاء عن أبيه عن جده قال: سمعت علي بن أبي طال يقول: ما أصبت من فيئكم إلا هذه القارورة، أهداها إليّ الدهقان، ثم أتى بيت المال، فقال: خذه، وأنشأ يقول: الرجز
طوبى لمن كانت له قوصرّه ... يأكل منها كل يومٍ مرّه
وفي نسخة: أفلح من كانت ...
قال عبد الله بن زرير: دخلت على علي بن أبي طالب يوم الأضحى، فقرب إلينا حريرة، فقلت: أصلحك الله، لو قربت إلينا من هذا البط يعني: فإن الله قد أكثر الخبز فقال: يا بن زرير، إني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: لا يحل للخليفة من مال الله إلا قصعتان: قصعة يأكلها هو وأهله، وقصعة يضعها بين يدي الناس.
وعن سفيان قال: ما بنى عليّ آجرة على آجرّة، ولا لبنة على لبنة، ولا قصبة على قصبة، وإن كان ليؤتى بجبوبه من المدينة في جراب.
وعن مجمّع التيمي قال: خرج علي بن أبي طالب بسيفه إلى السوق، فقال: من يشتري مني سيفي هذا؟ فلو كان عندي أربعة دراهم أشتري بها إزاراً ما بعته.
وعن ابن عباس قال: اشترى علي بن أبي طالب قميصاً بثلاثة دراهم، وهو خليفة، وقطع كميّه من موضع الرّصغين، وقال: الحمد لله الذي هذا من رياشه.
وعن سعيد الرجّاني قال: اشترى علي قميصين سنبلاويين أنبجانيين بسبعة دراهم، فكسا قنبراً أحدهما. فلما أراد أن يلبس قميصه فإذا إزاره مرقوع برقعة من الكم.
وعن جرموز قال: رأيت علياً وهو يخرج من العصر وعليه قطريّتان: إزار إلى نصف الساق، ورداء مشمر، فريب منه، ومعه درّة له، يمشي بها في الأسواق ويأمرهم بتقوى الله وحسن البيع ويقول: أوفوا الكيل والميزان، ويقول لا تنقّحوا اللحم.
قال زيد بن وهب الجهني: خرج علينا علي بن أبي طالب ذات يوم وعليه بردان، متّزر بأحدهما، مرتدٍ الآخر، قد أرخى جانب إزاره، ورفع جانباً، قد رفع إزاره بخرقة، فمر به أعرابي فقال: أيها الإنسان، البس من هذه الثياب، فإنك ميت أو مقتول، فقال: أيها الأعرابي، إنما ألبس هذين الثوبين ليكونا أبعد لي من الزهو، وخيراً لي في صلاتي وسنّة للمؤمن.
وعن زيد بن وهب قال: قدم على عليّ وفد من البصرة فيهم رجل من رؤوس الخوارج يقال له: الجعد بن
نعجة، فخطب الناس فحمد الله، وأثنى عليه ثم قال: يا عليّ، اتق الله، فإنك ميت، وقد علمت سبيل المحسن والمسيء، ثم وعظه وعاتبه في لبوسه، فقال: ما لك وللبوسي؟! إن لبوسي أبعد من الكبر، وأجدر أن يقتدي به المسلم.
وعن أبي مطر قال: خرجت من المسجد، فإذا رجل ينادي من خلفي: ارفع إزارك فإنه أنقى لثوبك، وأنقى لك، وخذ من رأسك إن كنت مسلماً، فمشيت خلفه، وهو بين يدي مؤتزرٌ بإزار، مرتدٍ برداء، ومعه الدّرة كأنه أعرابي بدوي، فقلت: من هذا؟ فقال لي رجل: أراك غريباً بهذا البلد، فقلت: أجل، رجل من البصرة، فقال: هذا عليّ أمير المؤمنين، حتى انتهى إلى دار ابن أبي معيط، وهو سوق الإبل فقال: بيعوا ولا تحلفوا، فإن اليمين تنفق السلعة، وتمحق البركة، ثم أتى صاحب التمر، فإذا خادم تبكي، فقال: ما يبكيك؟ فقالت: باعني هذا الرجل تمراً بدرهم، فردّه مواليّ فأبى أن يقبله، فقال له علي: خذ تمرك وأعطها درهمها، فإنها ليس لها أمر، فدفعه، فقلت: أتدري من هذا؟ فقال: لا، فقلت: هذا علي أمير المؤمنين، فصبّت تمره وأعطاها درهمها، قال: أحب أن ترضى عني يا أمير المؤمنين، قال: ما أرضاني عنك إذا أوفيتهم حقوقهم، ثم مرّ مجتازاً بأصحاب التمر، فقال: يا أصحاب التمر، أطعموا المساكين يرب كسبكم، ثم مرّ مجتازاً معه المسلمون حتى انتهى إلى أصحاب السمك، فقال: لا يباع في سوقنا طافياً، ثم أتى دار فرات وهي سوق الكرابيس فأتى شيخاً، فقال: يا شيخ، أحسن بيعي في قميصٍ بثلاثة دراهم. فلما عرفه لم يشتر منه شيئاً، ثم أتى آخر. فلما عرفه لم يشتر منه شيئاً، فأتى غلاماً حدثاً، فاشترى منه قميصاً بثلاثة دراهم، ولبسه ما بين الرّصغين إلى الكفّين، يقول في لبسه: الحمد لله الذي رزقني من الرياش ما أتجمل به في الناس، وأواري به عورتين فقيل له: يا أمير المؤمنين، هذا شيء ترويه عن نفسك، أو شيء سمعته من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ قال: لا، بل شيء سمعته من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقوله عند الكسوة، فجاء أبو الغلام صاحب الثوب، فقيل له: يا فلان، قد باع ابنك اليوم من أمير المؤمنين قميصاً بثلاثة دراهم، قال: أفلا أخذت منه درهمين؟! فأخذ أبوه درهماً، ثم جاء به إلى أمير المؤمنين وهو جالس مع المسلمين على باب الرّحبة، فقال: أمسك هذا الدرهم، فقال: ما شأن هذا الدرهم؟ فقال: ما كان قميصاً ثمن درهمين، فقال: باعني رضاي، وأخذ رضاه.
قال الشعبي:
وجد علي بن أبي طالب درعه عند رجل نصراني، فأقبل به إلى شريح يخاصمه، قال: فجاء عليّ حتى جلس إلى حيث شريح، فقال له علي: يا شريح، لو كان خصمي مسلماً ما جلست إلا معه، ولكنه نصراني، وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا كنتم وإياهم في طريق، فاضطروهم إلى مضايقه وصغّروا بهم، كما صغّر الله تعالى بهم من غير أن تطغوا، ثم قال عليّ: هذا الدرع درعي، لم أبع، ولم أهب، فقال شريح للنصراني: ما تقول فيما يقول أمير المؤمنين؟ فقال النصراني: ما الدرع إلا درعي، وما أمير المؤمنين عندي بكاذب، فالتفت شريح إلى علي، فقال: يا أمير المؤمنين، هل من بيّنة؟ فضحك عليّ عليه السلام وقال: أصاب شريح، ما لي بيّنة، فقضى بها للنصراني، قال: فمشى خطاً ثم رجع، فقال: أما أنا فأشهد أن هذه أحكام الأنبياء، أمير المؤمنين قدمني إلى قاضيه، وقاضيه يقضي عليه، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، والدرع والله درعك يا أمير المؤمنين، ابتعت الجيش، وأنت منطلق إلى صفين، فخرجت من بعيرك الأورق، فقال: أما إذ أسلمت فهي لك، وحمله على فرس. قال الشعبي: فأخبرني من رآه يقاتل الخوارج مع علي يوم النّهروان.
حدث رجل من ثقيف أن علياً استعمله على عكبرا، قال: ولم يكن السواد يسكنه المصلون، فقال لي بين أيديهم: لتستوف خراجهم، ولا يجدون فيك رخصة، ولا يجدون فيك ضعفاً، ثم قال لي: إذا كان عند الظهر فرح إليّ، فرحت إليه، فلم أجد عليه حاجباً يحجبني دونه، وجده جالساً وعنده قدح وكوز فيه ماء، فدعا بطينة، فقلت في نفسي: لقد أمنني حتى يخرج إلي جوهراً، ولا أدري ما فيها، فإذا عليها خاتم، فكسر الخاتم، فإذا فيها سويق، فأخرج منه وصبّ في القدح، فصبّ عليه ماء فشرب وسقاني، فلم أصبر أن قلت له: يا أميرالمؤمنين، أتصنع هذا بالعراق؟! طعام العراق أكثر من ذلك، قال: أما والله ما أختم عليه بخلاً عليه، ولكني أبتاع قدر ما يكفيني، فأخاف أن يفنى، فيصنع فيه من
غيره، فإنما حفظي لذلك، وأكره أن أدخل بطني إلا طيباً، وغني لم أستطع أن أقول لك إلا الذي قلت لك بين أيديهم، إنهم قوم خدع، ولكني آمرك الآن بما تأخذهم به، فإن أنت فعلت وإلا أخذك الله به دوني، فإن يبلغني عنك خلاف ما أمرتك وعزلتك، فلا تبيعنّ لهم رزقاً يأكلونه، ولا كسوة شتاء ولا صيف، ولا تضربن رجلاً منهم سوطاً في طلب درهم، ولا تقبحه في طلب درهم، فإنا لم نؤمر بذلك، ولا بتبغ لهم دابة يعملون عليها، إنما أمرنا أن نأخذ منهم العفو، قال: قلت: إذاً أجيئك كما ذهبت، قال: وإن فعلت، قال: فذهبت، فتتبعت ما أمرني به، فرجعت والله ما بقي علي درهم واحد إلا وفيته.
جاء جعدة بن هبيرة إلى علي فقال: يا أمير المؤمنين، يأتيك الرجلان، أنت أحب إلى أحدهما من نفسه أو قال: من أهله وماله والآخر لو يستطيع أني ذبحك لذبحك، فتقضي لهذا على هذا؟ قال: فلهزه علي وقال: إن هذا شيء لو كان لي فعلت، ولكن إنما ذا شيء لله.
حدث صالح بياع الأكسية عمن حدثه قال: رأيت علياً اشترى تمراً بدرهم، فحمله في ملحفته فقال: يا أمير المؤمنين، ألا نحمله عنك؟ فقال: أبو العيال أحق بحلمه.
وعن زاذان عن علي أنه كان يمشي في الأسواق وحده، وهو وال، يرشد الضال، ويعين الضعيف، ويمر بالبياع والبقال، فيفتح عليه القرآن، ويقرأ " تلك الدّار الآخرة نجعلها للّذين لا يريدون علوّاً في الأرض ولا فساداً " ويقول: نزلت هذه الآية في أهل العدل والتواضع من الولاة، وأهل القدرة من سائر الناس.
وعن صالح بن أبي الأسود عمن حدثه.
أنه رأى علياً قد ركب حماراً، ودلّى رجليه إلى موضع واحد ثم قال: أنا الذي أهنت الدنيا.
وعن حسن بن صالح قال: تذاكروا الزهاد عند عمر بن عبد العزيز فقال قائلون: فلان، وقال قائلون: فلان، فقال عمر بن عبد العزيز: أزهد الناس في الدنيا علي بن أبي طالب.
قال هشام بن حسان:
بينا نحن عند الحسن إذ أقبل رجل من الأزارقة، فقال له: يا أبا سعيد، ما تقول في علي بن أبي طالب؟ قال: فاحمرّت وجنتا الحسن، وقال: رحم الله علياً، إن علياً كان سهماً لله، صائباً أعدائه، وكان في محلة العلم أشرفها، وأقربها من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وكان رهبانيّ هذه الأمة، لم يكن لمال الله بالسّروقة، ولا في أمر الله بالنّؤومة، أعطى القرآن عزيمة علمه، فكان منه في رياض مونقة، وأعلام بيّنة. ذاك علي بن أبي طالب، يا لكع.
وعن يزيد بن أي زياد عن بنت سرّية لعلي بن أبي طالب عن أمها قالت: اغتسلت، فأقعدت. فلم أستطع أن أقوم، فأخبر بذلك علي بن أبي طالب، فجاء فوضع يده على رأسي، فلم تزل يده على رأسي يدعو. حتى قمت، فسمعته يقول: لا تغتسلي في الحشّ، ولا في مكان يبال فيه، ولا في قمراء.
وعن عمار قال: حدث رجل علياً بحديث، فكذبه، فما قام حتى عمي.
وعن زاذان أن رجلاً حدث علياً بحديث، فقال: ما أراك إلا قد كذبتني، قال: لم أفعل، قال: أدعو عليك إن كنت كذبت قال: ادع، فدعا، فما برح حتى عمي.
وعن أبي مكين قال: مررت أنا وخالي أبو أمين على دار في جبل حين من مراد، فقال: ترى هذه الدار؟ قلت: نعم، قال: فإن علياً مرّ عليها وهم يبنونها، فسقطت عليه قطعة فشجّته فدع الله أن لا يكمل بناؤها، قال: فما وضعت عليها لبنة، قال: فكنت تمر عليها لا تشبه الدور.
قال أبو بشير الشيباني: شهدت الجمل مع مولاي، فما رأيت يوماً قط أكثر ساعداً نادراً وقدماً نادرة من يومئذ، ولا مررت بدار الوليد قط إلا ذكرت يوم الجمل. قال: فحدثني الحكم بن عتيبة أن علياً دعا يوم الجمل، فقال: اللهم، خذ أيديهم وأقدامهم.
قال المدائني: نظر علي بن أبي طالب إلى قوم ببابه، فقال لقنبر: يا قنبر، من هؤلاء؟ قال: هؤلاء شيعتك يا أمير المؤمنين، قال: فقال: لا أرى فيهم سيماء الشيعة، قال: وما سيماء الشيعة؟ قال: خمص البطون من الطوى، يبس الشفاه من الظما، عمش العيون من البكا.
قال أبو أراكة: صلّيت مع عل بن أبي طالب صلاة الفجر. فلما سلّم انفتل عن يمينه ثم مكث كأنّ عليه كآبة حتى إذا كانت الشمس على حائط المسجد قيد رمح قال: وحائط المسجد يومئذ أقصر مما هو الآن ثم قلب يده ثم قال: والله لقد رأيت أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلّم فما أرى اليوم شيئاً يشبههم، لقد كانوا يصبحون صفراً، شعثاً، غبراً، بين أعينهم كأمثال ركب المعز، قد باتوا لله سجّداً وقياماً، يتلون كتاب الله، يراوحون بين جباههم وأقدامهم. فإذا أصبحوا، فذكروا الله مادوا كما يميد الشجر في يوم الريح، وهملت أعينهم حتى تبلّ ثيابهم، والله لكأنّ القوم باتوا غافلين ثم نهض، فما رئي بعد ذلك مفترّاً، يضحك، حتى قتله ابن ملجم عدو الله الفاسق.
وعن الحسن قال: قال علي بن أبي طالب: طوبى لكل عبد نومة، عرف الناس، ولم يعرفه الناس، وعرفه الله منه برضوان، أولئك مصابيح الهدى، تجلى عنهم كل فتنة مظلمة، يدخلهم في رحمته، ليس ألئك بالمذاييع البذر، ولا بالجفاة المرائين.
وعن علي بن أبي طالب أنه قال: تعلموا العلم، تعرفوا به، واعملوا به تكونوا من أهله، فإنه يأتي من بعدكم زمان ينكر فيه الحق تسعة أعشاره، وإنه لا ينجو منه إلا كل نومة منبتّ الداء، أولئك أئمة الهدى، ومصابيح العلم، ليسوا بالعجل، المذاييع البذر.
ثم قال: إن الدنيا قد ارتحلت مدبرة. وإن الآخرة مقبلة، ولكل واحدة منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا.
ألا وإن الزاهدين في الدنيا اتخذوا الأرض بساطاً، والتراب فراشاً، والماء طيباً. ألا من اشتاق إلى الآخرة سلا عن الشهوات، ومن أشفق من النار رجع عن المحرّمات، ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات. ألا إن لله عباداً كمن رأى أهل الجنة في الجنة مخلدين، وأهل النار في النار معذبين، شرورهم مأمونة، وقلوبهم محزونة، وأنفسهم عفيفة، وجوانحهم خفيفة، صبروا أيام العقبى لراحة طويلة، أما الليل فصافّون أقدامهم، تجري دموعهم على خدودهم يجأرون إلى ربهم، ربّنا ربّنا، يطلبون فكاك رقابهم، وأما النهار فعلماء، حلماء بررة، أتقياء، كأنهم القداح، ينظر إليهم الناظر فيقول: مرضى، وما بالقوم من مرض، وخولطوا، ولقد خالط القوم أمر عظيم.
وعن ابن عباس قال:
قال عمر لعلي: عظني يا أبا الحسن، قال: لا تجعل يقينك شكاً، ولا علمك جهلاً، ولا ظنك حقاً، واعلم أنه ليس لك من الدنيا إلا ما أعطيت فأمضيت، وقسمت فسوّيت، ولبست فأبليت، قال: صدقت يا أبا الحسن.
خطب علي عليه السلام على منبر الكوفة فحمد الله وأثنى عليه وقال: أيها الناس، إن أخوف ما أخاف عليكم من طول الأمل، واتباع الهوى، فأما طول الأمل فينسي الآخرة، وأما اتباع الهوى فيصدّ عن الحق. ألا إن الدنيا قد ولت مدبرة، والآخرة مقبلة، ولكل واحدة منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل.
وعن الأصبغ بن نباتة قال: صعد علي ذات يوم المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وذكر الموت فقال: يا عباد الله، الموت ليس منه فوت، إن أقمتم له أخذكم، وإن فررتم منه أدرككم فالنّجاء النّجاء، والوجاء الوجاء، وراءكم طالب حثيث: القبر، فاحذروا ضغطته، وظلمته، ووحشته، ألا وإن القبر حفرة من حفر النار، أو روضة من رياض الجنة. ألا وإنه يتكلم في كل يوم ثلاث مرات فيقول: أنا بيت الظلمة، أنا بيت الوحشة، أنا بيت الدود. ألا وإن رواء ذلك يوم يشيب فيه الصغير، ويسكر في الكبير " وتضع كلّ ذات حملٍ حملها، وترى النّاس سكارى وما هم بسكارى ولكنّ عذاب الله شديدٌ " ألا وإن وراء ذلك ما هو أشدّ منه: نار حرّها شديد، وقعرها بعيد، وحليها حديد، ثم قال: وإن وراء ذلك جنّة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين. جعلنا الله وإياكم من المتقين، وأجارنا وإياكم من العذاب الأليم.
وعن علي بن أبي طالب أنه خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد. فإن الدنيا قد أدبرت، وآذنت بوداع، وإن الآخرة قد أقبلت، وأشرفت باطّلاع، وإن المضمار اليوم، وغداً السباق. ألا وإنكم في أيام أمل، من ورائه أجل، فمن قصّر في أيام أمله قبل حضور أجله فقد خيب عمله. ألا فاعملوا لله في الرغبة كما تعملون له في الرهبة. ألا وإني لم أر كالجنة نام طالبها، ولم أر كالنار نام هاربها. ألا وإنه من لم ينفعه الحق ضرّه الباطل، ومن لم يستقم به الهدى حاربه الضلال، ألا وإنكم قد أمرتم بالظّعن، ودللتم على الزاد.
ألا أيها الناس، إنما الدنيا عرض حاضر، يأكل منها البرّ والفاجر، وإن الآخرة وعد صادق، يحكم فيها ملك قادر. ألا إنّ " الشّيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرةً منه وفضلاً والله واسعٌ عليمٌ " أيها الناس، أحسنوا في عمركم تحفظوا في عقبكم، فإن الله وعد جنته من أطاعه، وأوعد ناره من عصاه، إنها نار لا يهدأ زفيرها، ولا
يفكّ أسيرها، ولا يجبر كسيرها، حرّها شديد، وقعرها بعيد، وماؤها صديد، وإن أخوف ما أخاف عليكم اتباع الهوى، وطول الأمل.
وعن ابن عباس قال: كتب إليّ علي بن أبي طالب بموعظة ما سررت بموعظةٍ سروري بها: أما بعد. فإن المرء يسرّه درك ما لم يكن ليفوته، ويسوؤه فوت ما لم يكن ليدركه، فما بالك من دنياك فلا تكن بها فرحاً، وما فاتك منها فلا تتبعه أسفاً، وليكن سرورك على ما قدمت، وأسفك على ما خلفت، وهمّك فيما بعد الموت.
ذم رجل الدنيا عند علي بن أبي طالب فقال علي: الدنيا دار صدق لمن صدقها، ودار نجاة لمن فهم عنها، ودار غنى لمن تزود منها، مهبط وحي الله، ومصلّى ملائكته، ومسجد أنبيائه، ومتجر أوليائه ربحوا فيها الرحمة، واكتسبوا فيها الجنة، فمن ذا يذمها وقد آذنت ببينها، ونادت بفرقها وشبهت بشرورها السرور، وببلائها غليه ترغيباً وترهيباً، فيا أيها الذام للدنيا، المعللّ نفسه، متى خدعتك الدنيا، أو متى استذمّت إليك، أبمصارع آبائك في البلى أم بمضاجع أمهاتك تحت الثرى. كم مرضت ببدنك، وعللت بكفيك، تطلب له الشفاء، وتستوصف له الأطباء، لا يغني عنك دواؤك ولا ينفعك بكاؤك.
وعن يحيى بن يعمر قال: قال علي بن أبي طالب:
إن الأمر ينزل من السماء كقطر المطر، لكل نفس ما كتب الله لها من زيادة أو نقصان: في نفس، أو أهل، أو مال، فمن رأى نقصاً في أهله، أو نفسه، أو ماله ورأى لغيره غفيرة فلا يكونن ذلك له فتنة، فإن المسلم ما لم يغش جناءة يظهر تخشعاً لها إذا ذكرت، يغرى به لئام الناس، كالياسر الفالج، ينتظر أول فوزةٍ من قداحه توجب
له المغنم، وتدفع عنه المغرم، فكذلك المرء المسلم البريء من الخيانة بين إحدى الحسنيين. إذا ما دعا الله، فما عند الله خير له، وإما أن يرزقه الله مالاً، وإذا هو ذو أهل ومال، ومعه حسبه ودينه. الحرث حرثان: فحرث الدنيا: المال والبنون، وحرث الآخرة: الباقيات الصالحات، وقد يجمعهما الله لأقوام.
قال سفيان: ومن يحسن يتكلم بهذا الكلام إلا علي؟.
وعن علي بن أبي طالب أنه قال: ذمتي رهينة، وأنا به زعيم، لا يهيج على التقوى زرع قوم، ولا يظمأ على التقوى سنخ أصل، وإن أجهل الناس من لم يعرف قدره، وكفى بالمرء جهلاً ألا يعرف قدره، وإن أبغض الناس إلى الله عزّ وجلّ رجل قمش علماً في أغمار من الناس غشّوه، أغار فيه بأغبار الفتنة، عمي عمّا في رتب الفتنة سماه أشباه الناس عالماً ويم يغن في العلم، ذكر فاستكثر ما قلّ منه، وما قل منه خير مما أكثر، حتى ارتوى من آجن، واستكثر من غير طائل، جلس للناس مغيثاً لتخليص ما التبس على غيره، فإن نزلت به إحدى المبهمات هيأ لها حشواً من رأيه، فهو من قطع المشتبهات في مثل نسج العنكبوت، لا يدري أخطأ أم أصاب، خبّاط جهالات، ركّاب عمايات، لا يعتذر مما لا يعلم ليسلم، ولا يعضّ على العلم بضرسٍ قاطع فيغنم، تبكي منه الدماء، وتصرخ منه المواريث، ويستحل بقضائه الفرج الحرام لا مليءٌ والله بإصدار ما ورد عليه، ولا هو أهل لما قرّظ به، أولئك الذين حقت عليهم النياحة أيام الدنيا.
قال: وهذا الفريق الذين وصفهم أمير المؤمنين في الجهالة الأراذل السّفلة قد كثروا في زماننا، وغلبوا على أهله، واستعلوا على علمائه، والربانيين فيه، وإلى الله المشتكى. وقد تظاهرت الأخبار عن سيدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: " إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤساء جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلّوا وأضلّوا.
وعن الحسن بن علي قال: قال لي أبي علي بن أبي طالب: أي بنيّ، لا تخلّفنّ وراءك شيئاً من الدنيا، فإنك تخلّفه لأحد رجلين: إما رجل عمل فيه بطاعة الله فسعد بما سعيت به، وإما رجل عمل فه بمعصية الله فكنت عوناً له على ذلك. وليس أحد هذين بحقيق أن تؤثره على نفسك.
وعن علي قال: كونوا في الناس كالنحلة في الطير، إنه ليس في الطير شيء إلا وهو يستضعفها، ولو يعلم الطير ما في أجوافها من البركة لم يفعلوا ذلك بها، خالطوا الناس بألسنتكم وأجسادكم، وزايلوهم بأعمالكم وقلوبكم فإن للمرء ما اكتسب، وهو يوم القيامة مع من أحبّ.
وعن علي بن أبي طالب قال: التوفيق خير قائد، وحسن الخلق خير قرين، والعقل خير صاحب، والأدب خير ميراث، والوحشة أشد من العجب.
وعن علي بن أبي طالب أنه قال: يا حملة القرآن، اعملوا به، فإنما العالم من علم ثم عمل بما علم، ووافق علمه عمله، وسيكون أقوام يحملون العلم لا يجاوز تراقيهم، تخالف سريرتهم علانيتهم، ويخالف عملهم علمهم، يجلسون حلقاً، فيباهي بعضهم بعضاً، حتى إن الرجل يغضب على جليسه أن يجلس إلى غيره ويدعه. أولئك لا تصعد أعمالهم في مجالسهم تلك إلى الله.
وعن علي بن أبي طالب قال: وأبردها على الكبد إذا سئلت عما لا أعلم أن أقول: الله أعلم.
وعن علي قال: كلمات لو رحلتم فيهن المطي لأنضيتموهنّ قبل أن تدركوا مثلهن: لا يرج عبدٌ إلا ربّه، ولا يخافنّ إلا دينه، ولا يستحي من لا يعلم أن يتعلم، ولا يستحي إذا سئل عما لا يعلم أن يقول: الله أعلم وفي رواية: أن يقول: لا أعلم واعلموا أن منزلة الصبر من الإيمان كمنزلة الرأس من الجسد، فإذا ذهب الرأس ذهب الجسد، فإذا ذهب الصبر ذهب الإيمان.
وعن علي قال:
ألا أخبركم بالفقيه حق الفقيه؟ الذي لا يقنط الناس من رحمة الله، ولا يرخّص لهم في معاصي الله، ولا يدع القرآن رغبة إلى غيره. إنه لا خير في عبادة لا علم فيها، ولا خير في علم لا فقه فيه، ولا خير في قراءة لا تدبّر فيها.
وعن علي قال: كونوا بقبول العمل أشد اهتماماً منكم بالعمل، فإنه لن يقلّ عمل مع التقوى، وكيف يقلّ عمل يتقبّل؟.
قال عكرمة: لما قدم علي من صفين قام إليه شيخ من أصحابه فقال: يا أمير المؤمنين، أخبرني عن مسيرنا هذا إلى أهل الشام: بقضاء وقدر؟ فقال علي: والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، ما قطعنا وادياً، ولا علونا تلعة إلا بقضاء وقدر، فقال الشيخ: عند الله احتسبت عنائي، فقال علي: ولم يك أعظم الله أجركم في مسيرنا، وأنتم مصعدون، وفي منحدركم وأنتم منحدرون، وما كنتم في شيء من أموركم مكرهين، ولا إليها مضطرين، فقال الشيخ: كيف يا أمير المؤمنين والقضاء والقدر ساقنا إليها؟ قال: ويحك! لعلك ظننته قضاء لازماً، وقدراً حاتماً، لو كان ذلك لسقط الوعد والوعيد، ولبطل الثواب والعقاب، ولا أتت لائمة من الله لمذنب، ولا محمدة من الله لمحسن، ولا كان المحسن أولى بثوب الإحسان من المذنب. ذلك مقال إخوان عبدة الأوثان، وجنود الشيطان، وخصماء الرحمن، وهم قدريّة هذه الأمة ومجوسها، ولكن الله تعالى أمر بالخير تخيراً، ونهى عن الشر تحذيراً، ولم يعص مغلوباً، ولم يطع مكرهاً، ولم يملك تعويضاً، ولا خلق السموات والأرض، وما
أرى فيهما من عجائب آياتهما باطلاً، ذلك ظن الذين كفروا، فويلٌ للذين كفروا من النار، فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين، فما كان القضاء والقدر الذي كان فيه مسيرنا ومنصرفنا؟ قال: ذلك أمر الله وحكمته، ثم قرأ علي " وقضى ربّك ألا تعبدوا إلى إيّاه " فقام الشيخ تلقاء وجهه ثم قال: البسيط
أنت الإمام الذي نرجو بطاعته ... يوم النّشور من الرحمن رضوانا
أوضحت من ديننا ما مكان ملتبساً ... جزاك ربّك عنّا فيه إحسانا
قال الحارث: جاء رجل إلى علي بن أبي طالب فقال: يا أمير المؤمنين، أخبرني عن القدر، قال: طريق مظلم لا تسلكه، قال: يا أمير المؤمنين، أخبرني عن القدر، قال: بحر عميق لا تلجه، قال: يا أمير المؤمنين، أخبرني عن القدر، قال: سرّ الله قد خفي عليك فلا تفشه، قال: يا أمير المؤمنين، أخبرني عن القدر، قال: أيها السائل إن الله خلقك لما شاء أول ما شئت؟ قال: بل لما شاء، قال: فيستعملك كما شاء أو كما شئت؟ قال: بل كما شاء، قال: فيبعثك يوم القيامة كما شاء أو كما شئت؟ قال: بل كما شاء، قال: أيها السائل، ألست تسأل ربك العافية؟ قال: نعم، قال: فمن أي شيء تسأله العافية: أمن البلاء الذي ابتلاك به غيره؟ قال: من البلاء الذي ابتلاني به، قال: أيها السائل، تقول: لا حول ولا قوة إلا بمن؟ قال: إلا بإذنه العلي العظيم، قال: فتعلم ما تفسيرها؟ قال: تعلمني مما علمك الله يا أمير المؤمنين.
قال: إن تفسيرها: لا يقدر على طاعة الله، ولا يكون له قوة في معصية الله في الأمرين جميعاً إلا بالله. أيها السائل، ألك مع الله مشيئة، أو فوق الله مشيئة، أو دون الله مشيئة؟ فإن قلت: إن لك دون الله مشيئة فقد اكتفيت بها عن مشيئة الله، وإن زعمت أن لك فوق الله مشيئة فقد ادعيت أن قوتك ومشيئتك عاليتان على قوة الله ومشيئته، وإن زعمت أن لك مع اله مشيئة فقد ادعيت مع الله شركاً في مشيئته. أيها
السائل، إن الله يشج ويداوي، فمنه الداء، ومنه الدواء. أعقلت عن الله أمره؟ قال: نعم. قال علي: الآن أسلم أخوكم فقوموا فصافحوه، ثم قال علي: لو أن عندي رجلاً من القدرية لأخذت برقبته، ثم لا أزال أجأها حتى أقطعها، حتى أقطعها، فإنهم يهود هذه الأمة.
قال الأحنف بن قيس: ما سمعت بعد كلام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أحسن من كلام أمير المؤمنين علي حيث يقول: إن للنكبات نهايات، لابد لأحد إذا نكب من أن ينتهي إليها، فينبغي للعاقل إذا أصابته نكبة أني ينام لها حتى تنقضي مدتها، فإن في دفعها قبل انقضاء مدتها زيادة في مكروهها.
قال الأحنف وفي مثله يقول القائل: البسيط
الدّهر يحنق أحياناً فلا ديةٌ ... فاصبر عليه ولا تجزع ولا تثب
حتى يفرّجها في حالٍ مدّتها ... فقد يزيد احتناقاً كلّ مضطرب
ولأبي تمام: الطويل
ومن لم يسلّم للنوائب أصبحت ... خلائقه جمعاً عليه نوائبا
قام رجل إلى علي بن أبي طالب فقال: يا أمير المؤمنين، ما الإيمان؟ قال: الإيمان على أربع دعائم: على الصبر، واليقين، والعدل، والجهاد.
فالصبر منها على أربع شعب: على الشوق، والشفقة، والزهادة، والترقب: فمن اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات، ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات، ومن زهد في الدنيا تهاون بالمصيبات، ومن ارتقب الموت سارع إلى الخيرات.
واليقين على أربع شعب: على تبصرة الفطنة، وتأويل الحكمة، وموعظة العبرة، وسنة الأولين: فمن تبصّر في الفطنة تأول الحكمة، ومن تأول الحكمة عرف العبرة، ومن عرف العبرة فكأنما كان في الأولين.
ٍوالعدل منها على أربع شعب: غائص يعني: الفهم، وشرائع الحكم، وزهرة العلم، وروضة الحلم، فمن فهم فسّر جميع العلم، ومن علم عرف شرائع الحكم، ومن حلم لم يفرّط أمره، وعاش في الناس جميلاً.
والجهاد على أربع شعب: على أمر بالمعروف، ونهي عن المنكر، والصدق في المواطن، وشنآن الفاسقين: فمن أمر بالمعروف شد ظهر المؤمن، ومن نهى عن المنكر رغم أنف المنافق، ومن صدق في المواطن قضى ما عليه، ومن شنأ الفاسقين وغضب غضب الله له. قال: فقام إليه السائل فقبّل رأسه.
قيل لعلي بن أبي طالب: يا أمير المؤمنين، ما السخاء؟ قال: ما كان منه ابتداء، فأما ما كان عن مسألة فحياء وتكرم.
كتب علي إلى بعض عماله: أما بعد. فلا تطوّلن حجابك على رعيتك، فإن احتجاب الولاة على الرعية شعبة من الضيق، وقلة علم بالأمور والاحتجاب يقطع عنهم علم ما احتجبوا دونه، فيصغر عندهم الكبير، ويعظم الصغير، ويقبح الحسن، ويحسن القبيح، ويشاب الحقّ بالباطل، وإنما الوالي بشرٌ، لا يعرف ما توارى عنه الناس به من الأمور، وليست على الحق سمات تعرف بها ضروب الصّدق من الكذب، فتحصّن من الإدخال في الحقوق بلين الحجاب، فإنما أنت أحد رجلين: إما امرؤ سخت نفسك بالبذل في الحق، ففيم احتجابك من حقّ واجبٍ أن تعطيه، أو خلق كريم تسديه، وغما مبتلى بالمنع، فما أسرع كفّ الناس عن
مسألتك إذا يئسوا من بذلك، مع أن أكثر حاجات الناس إليك ما لا مؤنة فيه عليك، من شكاة مظلمةٍ، أو طلب إنصافٍ. فانتفع بما وصفت لك، واقتصر على حظك ورشدك، إن شاء الله.
وعن علي عليه السلام قال: الكريم يلين إذا استعطف، واللئيم يقسو إذا ألطف.
قال علي: من أراد أن ينصف الناس من نفسه فليحبّ لهم ما يحبّ لنفسه.
وعن علي بن أبي طالب قال: لا تؤاخ العاجز، فإنه يزين لك فعله، ويحب لو أن لك مثله، ويزين لك أسوأ خصاله، ومدخله عليك، ومخرجه من عندك شين وعار، ولا الأحمق فإنه يجهد نفسه لك، ولا ينفعك، وربما أراد أن ينفعك فيضرك، فسكوته خير من نطقه، وبعده خير من قربه، وموته خير من حياته، ولا الكذاب فإنه لا ينفعك معه عيش، ينقل حديثك، وينقل الحديث إليك وغن يحدّث بالصدق فما يصدّق.
قال علي بن أبي طالب: إني لأستحي من الله أن يكون ذنبٌ أعظم من عفوي، أو جهلٌ أعظم من حلمي، أو عورة لا يواريها ستري، أو خلّة لا يسدّها جودي.
وعن علي قال: جزاء المعصية الوهن في العبادة، والضيق في المعيشة، والتّعس في اللذة. قيل: وما التعس في اللذة؟ قال: لا ينال شهوةً حلالاً إلا جاءه ما ينغّصه إياه.
جاء رجل إلى علي بن أبي طالب فأطراه، وكان يبغضه، فقال له: إني ليس كما تقول، وأنا فوق ما في نفسك.
وعن عل يكرم الله وجهه قال: حسب حسب النبي صلّى الله عليه وسلّم، وديني دين النبي صلّى الله عليه وسلّم، ومن نال مني شيئاً فإنما يناله من النبي صلّى الله عليه وسلّم.
وعن عروة أن رجلاً وقع في علي بمحضر من عمر، فقال عمر: تعرف صاحب هذا القبر، محمد بن عبد المطلب، وعلي بن أبي طالب ابن عبد المطلب. لا تذكر علياً إلا بخير، فإنك إن آذيته آذيت هذا في قبره. وفي رواية: فإنك إن أبغضته آذيت هذا في قبره.
قال الشعبي: كان أبو بكر شاعراً، وكان عمر شاعراً، وكان علي أشعر الثلاثة.
كتب معاوية إلى علي بن أبي طالب:
يا أبا الحسن، إن لي فضائل كثيرة، وكان أبي سيداً في الجاهلية، وصرت ملكاً في الإسلام، وأنا صهر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وخال المؤمنين، وكاتب الوحي، فقال علي: أبا الفضائل يفخر عليّ ابن آكلة الأكباد؟ ثم قال: اكتب يا غلام: الوافر
محمدٌ النبيّ أخي وصهري ... وحمزة سيّد الشهداء عمّي
وجعفرٌ الذي يمسي ويضحي ... يطير مع الملائكة ابن أمّي
وبنت محمدٍ سكني وعرسي ... مسوطٌ لحمها بدمي ولحمي
وسبطا أحمدٍ ولداي منها ... فأيّكم له سهمٌ كسهمي؟
سبقتكم إلى الإسلام طرّاً ... صغيراً ما بلغت أوان حلمي
فقال معاوية: أخفوا هذا الكتاب، لا يقرأه أهل الشام، فيميلون إلى ابن أبي طالب.
قال جابر بن عبد الله: سمعت علياً ينشد ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم يسمع: البسيط
أنا أخو المصطفى لا شكّ في نسبي ... معه ربيت وسبطاه هما ولدي
جدّي وجدّ رسول الله منفردٌ ... وفاطم زوجتي لا قول ذي فند
صدّقته وجميع الناس في بهمٍ ... من الضلالة والإشراك والنكد
فالحمد لله شكراً لا شريك له ... البرّ بالعبد والباقي بلا أمد
فتبسم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقال: " صدقت يا علي ".
وقال علي بن أبي طالب: الوافر
إذا اشتملت على اليأس القلوب ... وضاق بما به الصدر الرحيب
وأوطنت المكاره واطمأنّت ... وأرست في أماكنها الخطوب
ولم ير لانكشاف الصبر وجهٌ ... ولا أغنى بحيلته الأريب
أتاك على قنوطٍ منك غوثٌ ... يجيء به القريب المستجيب
وكلّ الحادثات إذا تناهت ... فموصولٌ بها الفرج القريب
قال الشعبي: قال علي بن أبي طالب لرجل وكره له صحبة رجلٍ؛ فقال له: الهزج
لا تصحب أخا الجهل ... وإياك وإياه
فكم من جاهلٍ أردى ... حليماً حين آخاه
يقاس المرء بالمرء ... إذا ما هو ماشاه
وللشيء من الشيء ... مقاييسٌ وأشباه
وللقلب على القلب ... دليلٌ حين يلقاه
ومن شعر علي عليه السلام: مجزوء الكامل
كم فرحةٍ مطويةٍ ... لك بين أثناء النوائب
ومسرّة قد أقبلت ... من حيث تنتظر المصائب
حدّث أبو عمرو بن العلاء عن أبيه قال: وقف علي بن أبي طالب على قبر فاطمة فأنشأ يقول: الطويل
ذكرت أبا أروى فبتّ كأنني ... بردّ الهموم الماضيات وكيل
لكلّ اجتماعٍ من خليلين ... فرقةٌ وكلّ الذي قبل الممات قليل
وإن افتقادي واحداً بعد واحدٍ ... دليلٌ على ألاّ يدوم خليل
ستعرض عن ذكري وتنسى مودّتي ... ويحدث بعدي للخليل خليل
إذا انقطعت يوماً من العيش مدّتي ... فإن عناء النائبات قليل
وله: المتقارب
لا تفش سرّك إلاّ إليك ... فإنّ لكلّ نصيحٍ نصيحا
فإني رأيت غواة الرجال ... لا يتركون أديماً صحيحا
وله: الوافر
نقشنا ودّ إخوان الصفاء ... بأقلام الهباء على الهواء
فكلّهم ذئابٌ في ثيابٍ ... حياتهم وفاةٌ للحياء
وله: مجزوء الكامل
الصّبر من كرم الطبيعه ... والمنّ مفسدة الصنيعه
والحقّ أمنع جانباً ... من قلّة الجبل المنيعه
والشرّ أسرع جريةً ... من جرية الماء السريعه
ترك التعاهد للصّدي ... ق يكون داعة القطيعه
وله: الطويل
إن كنت محتاجاً إلى الحلم إنني ... إلى الجهل في بعض الأحايين أحوج
وما كنت أرضى الجهل خدناً وصاحباً ... ولكنني أرضى به حين أحوج
ولي فرسٌ للحلم بالحلم ملجمٌ ... ولي فرسٌ للجهل بالجهل مسرج
فمن شاء تقويمي فإني مقوّمٌ ... ومن شاء تعويجي فإنّي معوج
وعن أيوب السّختياني قال:
من أحبّ أبا بكر فقد أقام الدّين، ومن أحبّ عمر فقد أوضح السبيل، ومن أحبّ عثمان فقد استنار بنور الله، ومن أحبّ عليّاً فقد استمسك بالعروة الوثقى، ومن قال الحسنى في أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقد برئ من النفاق.
قال سفيان الثوري: حبّ علي من العبادة، وأفضل العبادة ما كتم.
قال يحيى بن آدم: ما أدركت أحداً بالكوفة إلاّ يفضل عليّاً، يبدأ به، وما استثنى أحداً غير سفيان الثوري.
قال عبد الرزاق: قال معمر مرة وأنا مستقبله، وتبسّم، وليس معنا أحد، قلت: ما شأنك؟ قال: عجبت من أهل الكوفة، كأن الكوفة إنما بنيت على حبّ علي، ما كلمت أحداً منهم إلاّ وجدت المقتصد منهم الذي يفضل علياً على أبي بكر وعمر، منهم سفيان الثوري، قال: فقلت لمعمر وأريت كأني أعظمت ذلك فقال معمر: وما ذاك؟ لو أن رجلاً قال: عليّ أفضل عندي منهما ما عنّفته إذا ذكر فضلهما، إذا قال: عندي، ولو أن رجلاً قال: عمر عندي أفضل من علي وأبي بكر ما عنّفته. قال عبد الرّزاق: فذكرت ذلك لوكيع بن
الجراح ونحن خاليان فاشتهاها أبو سفيان وضحك، وقال: لم يكن سفيان يبلغ بنا هذا الحدّ، ولكنه أفضى إلى معمر ما لم يفض إلينا.
وكنت أقول لسفيان: يا أبا عبد الله، أرأيت إن فضلنا عليّاً على أبي بكر وعمر ما تقول في ذلك؟ فيسكت ساعة ثم يقول: أخشى أن يكون طعناً على أبي بكر وعمر، ولكنا نقف. قال عبد الرزاق: وأخبرنا ابن التيمي يعني: معتمراً قال: سمعت أبي يقول: فضل علي بن أبي طالب أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بمئة منقبة، وشاركهم في مناقبهم. عثمان أحبّ إليّ منه.
وعن سالم مولى أبي الحسين قال: كنت جالساً مع أبي الحسين زيد بن علي، ومعه ناس من قريش، ومن بني هاشم، وبني مخزوم، فتذاكروا أبا بكر وعمر، فكأنّ المخزوميين قدّموا أبا بكر وعمر، وزيد ساكت، لا يقول لهم شيئاً، ثم قاموا فتفرّقوا، فعادوا بالعشي إلى مجلسهم، فقال زيد بن علي: إني سمعت مقالتكم، وإني قلت في ذلك كلمات، فاسمعوهنّ ثم أنشد زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضوان الله عليهم: الطويل
ومن فضّل الأقوام يوماً برأيهم ... فإنّ عليّاً فضّلته المناقب
وقول رسول الله والحقّ قوله ... وإن رغمت فيه الأنوف الكوذاب
بأنّك مني يا عليّ معالناً ... كهارون من موسى أخٌ لي وصاحب
دعاه ببدرٍ فاستجاب لأمره ... فبادر في ذات الإله يضارب
فما زال يعلوهم به وكأنّه ... شهابٌ تثنّى بالتّوائم ثاقب
أنشد القاسم بن يسار وأبو عبد الله بن الحميم: الطويل
إذا ما ذكرنا من عليّ فضيلةً ... رمونا لها جهلاً بشتم أبي بكر
يديروننا لا قدّس الله أمرهم ... على شتمه تبّاً لذلك من أمر
إذا ما ذكرنا فضله فكأنما ... نجرّعهم منحه أمرّ من الصّبر
وهل يشتم الصّدّيق من كان مؤمناً ... ضجيع رسول الله في الغار والقبر
وقد سال الصّدّيق من آل هاشمٍ ... عليّ الهدى عند ارتداد ذوي الكفر
فقال له إن مانعوك زكاتهم ... وما كان قد يعطونه سيّد البدر
فحارب على ردّ الشريعة إنها ... شريعة ربّ الناس ذي العزّ والفخر
فلا تنكروا تفضيل من كان هادياً ... فإن عليّاً خيركم يا بني فهر
ويروى: حبركم وحرّكم.
قال الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني: إن تركتنا الذنوب والخطايا حتى نجتمع مع علي بن أبي طالب عليه السلام يوم القيامة فسيعلم الروافض من هو أشدّ حبّاً له: نحن أو هم.
ومن شعر أبي حفص عمر بن عبد الله بن خليل: المتقارب
يقولون لي لا تحبّ الوصيّ ... فقلت الثرى بفم الكاذب
أحبّ النّبيّ وآل النّبيّ ... وأختصّ آل أبي طالب
وأعطي الصحابة حقّ الولاء ... وأجري على السّنن الواجب
فإن كان نصباً ولاء الجميع ... فإنّي كما زعموا ناصبي
وإن كان رضاً ولاء الجميع ... فلا برح الرفض من جانبي
وأنشد إسحاق بن خلف الشاعر: البسيط
إني رضيت عليّاً قدوةً علماً ... كما رضيت عتيقاً صاحب الغار
وقد رضيت أبا حفصٍ وشيعته ... وما رضيت بقتل الشيخ في الدّار
إن كنت تعلم أني لا أحبّهم ... إلاّ لوجهك فأعتقني من النّار
قال أبو إسحاق السّبيعي: حججت، وأنا غلام، فمررت بالمدينة، فرأيت الناس عنقاً واحداً، فاتّبعتهم، فأتوا
أم سلمة زوج النّبي صلّى الله عليه وسلّم فسمعتها وهي تقول: يا شبث بن ربعي، فأجابها رجل خلف حجاب: لبيك يا أمه، فقالت: أيسبّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في ناديكم؟ فقال: إنا نقول شيئاً، يريد: عرض هذه الحياة الدّنيا فقالت: سمعت رسول الله يقول: " من سبّ عليّاً فقد سبّني، ومن سبّني سبّه الله تعالى ".
حدّث شيخ من بني هاشم قال: رأيت رجلاً بالشام قد اسودّ نصف وجهه، وهو يغطيه، فسألته عن سبب ذلك، فقال: نعم، قد جعلت لله عليّ ألاّ يسألني أحد عن ذلك إلاّ أخبرته: كنت شديد الوقيعة في علي بن أبي طالب، كثير الذكر له بالمكروه، فبينا أنا ذات ليلة نائم إذ أتاني آتٍ في منامي، فقال: أنت صاحب الوقيعة في علي، وضرب شقّ وجهي، فأصبحت وشقّ وجهي أسود كما ترى.
وعن علي بن أبي طالب قال: والله، ما ضللت ولا ضلّ بي، ولا نسيت الذي قيل لي، وإنّي لعلى بيّنة من ربّي، تبعني من تبعني، وتركني من تركني.
وعن عبيد الله بن أبي رافع قال: سمعت عليّاً، وقد وطئ الناس على عقبيه حتى أدموهما، وهو يقول: اللهم، إني قد مللتهم، وملّوني، فأبدلني بهم خيراً منهم، وأبدلهم بي شرّاً مني، قال: فما كان إلا ذلك اليوم حتى ضرب على رأسه.
قال أبو صالح الحنفي: رأيت علي بن أبي طالب آخذاً بمصحف فوضعه على رأسه حتى غني لأرى فرقه يتقعقع، ثم قال: اللهم، إنهم منعوني ما فيه فأعطين ما فيه، ثم قال: اللهم، إني قد مللتهم وملّوني، وأبغضتهم وأبغضوني، وحملوني على غير طبيعتي، وخلقي، وأخلاقٍ لم تكن تعرف لي، فأبدلني بهم خيراً منهم، وأبدلهم بي شرّاً مني. اللهم، مث قلوبهم ميث الملح في الماء. قال إبراهيم: يعني أهل الكوفة.
قال زهير بن الأقمر الزّبيدي: خطبنا علي فقال: أنبئت بسراً قد اطلع اليمن وإني والله قد خشيت أن يدخل هؤلاء القوم عليكم وما بي إن يكونوا أولى بالحقّ منكم، ولن تطيعوني في الحقّ كما يطيعون إمامهم في الباطل ما ظهروا عليكم، ولكن بصلاحهم في أرضهم، وفسادكم في أرضكم، وطواعيتهم إمامهم، وعصيانكم إمامكم، وبأدائهم الأمانة وخيانتكم. استعملت فلاناً فخان وغدر، واستعملت فلاناً فخان وغدر، واستعملت فلاناً فخان وغدر، واستعملت فلاناً فخان وغدر، وحمل المال إلى معاوية. فوالله، لو أني أمنت أحدكم على قدح لخشيت أن يذهب بعلاقته. اللهم، قد كرهتهم وكرهوني، وسئمتهم وسئموني، اللهم، فأرحني منهم وأرحهم مني. قال: فما جمّع.
وعن أنس بن مالك قال: مرض علي بن أبي طالب فدخل عليه النّبي صلّى الله عليه وسلّم فتحولت عن مجلسي، فجلس النّبي صلّى الله عليه وسلّم حيث كنت جالساً، وذكر كلاماً، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " إن هذا لا يموت حتى يملأ غيظاً، ولن يموت إلا مقتولاً ".
وعن أبي رافع أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال لعلي: " أنت تقتل على سنّتي ".
وعن عبد الله بن سبع قال: سمعت عليّاً يقول: لتخضبنّ هذه من هذه، قالوا: يا أمير المؤمنين، أخبرنا به، والله لنبيرنّ عترته،
قال: أنشد الله أن يقتل فيّ غير قاتلي، قالوا: استخلف عليا، قال: لا، أدعكم إلى ما ودعكم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قالوا: فماذا تقول لربّك وفي حديث غيره: إذا لقيته وقد تركتنا هملاً؟ قال: أقول: اللهم، ربّ تركتني فيهم ما بدا لك، فلما قبضتين تركتك فيهم. فإن شئت أصلحتهم، وإن شئت أفسدتهم.
حدث أبو سنان الدؤلي أنه عاد عليّاً في شكوى اشتكاها، قال: فقلت له: لقد تخوفنا عليك يا أمير المؤمنين في شكواك هذا، فقال: ولكنني والله ما تخوّفت على نفسي منه لأني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الصادق المصدوق يقول: " إنك ستضرب ضربه هاهنا وأشار إلى صدغه فيسيل دمها حتى تخضب لحيتك، ويكون صاحبها أشقاها، كما كان عاقر الناقة أشقى ثمود ".
وفي حديث آخر بمعناه: كما عقر ناقة الله أشقى بني فلان من ثمود، نسبه إلى جده الأدنى.
قال زيد بن وهب: قدم علي على قوم من البصرة من الخوارج، فيهم رجل يقال له: الجعد بن بعجة، فقال له: اتقّ الله يا علي، فإنك ميّت، فقال علي: بل مقتول: ضربةٌ على هذا تخضب هذه يعني: لحيته من رأسه عهد معهود، وقضاء مقضيّ " وقد خاب من افترى ".
وعاتبه في لباسه فقال: ما لكم ولباسي؟ هو أبعد من الكبر، وأجدر أن يقتدي بين المسلم.
وعن أبي الطّفيل أن عليّاً جمع الناس للبيعة، فجاء عبد الرحمن بن ملجم فردّه مرتين، ثم قال علي: ما يحبس أشقاها؛ فواله لخضبنّ هذه من هذا ثم تمثّل: الهزج
اشدد حيازيمك للموت ... فإنّ الموت لاقيك
ولا تجزع من القتل ... إذا حلّ بواديك
وعن علي قال: أتاني عبد الله بن سلام، وقد وضعت قدمي في الغرز فقال لي: لا تقدم العراق فإني أخشى أن يصيبك بها ذباب السيف، فقال علي: وايم الله، لقد أخبرني به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. قال أبو الأٍسود: فما رأيت كاليوم قطّ محارباً يخبر بهذا عن نفسه.
وعن صهيب قال: قال النّبي صلّى الله عليه وسلّم لعلي: " من أشقى الأولين؟ " قال: عاقر الناقة، " قال: فمن أشقى الآخرين؟ " قال: لا علم لي يا رسول الله، قال: " الذي يضربك على هذه وأشار بيده إلى يافوخه يخضب هذه من هذه يعني: لحيته " فكان علي يقول: ألا يخرج الأشقى الذي يخضب هذه يعني: مفرق رأسه.
وعن فضالة بن أبي فضالة الأنصاري وكان أبو فضالة من أهل بدر قال: خرجت مع أبي عائداً لعلي من مرض أصابه ثقل منه، قال: فقال له أبي: ما يقيمك بمنزلك هذا؟ لو أصابك أجلك لم تك إلا أعراب جهينة تحمل لك المنية، فإن أصابك أجلك وليك أصحابك وصلّوا عليك، فقال علي: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عهد إليّ ألا أموت حتى أؤمّر، ثم تخضب هذه يعني: لحيته من هذه يعني: هامته فقتل، وقتل أبو فضالة مع علي يوم صفين.
قال سعيد بن المسيّب: رأيت عليّاً على المنبر، وهو يقول: لتخضبنّ هذه من هذه وأشار بيده إلى لحيته وجبينه فما يحبس أشقاها؟ قال: فقلت: لقد ادعى علي علم الغيب. فلما قتل علمت لأنه قد كان عهد إليه.
وعن عائشة قالت: رأيت النّبي صلّى الله عليه وسلّم التزم عليّاً، وقبّله، ويقول: بأبي الوحيد الشهيد، بأبي الوحيد الشهيد.
وعن عمار بن ياسر قال: كنت أنا وعلي بن أبي طالب رفيقين في غزوة العشيرة، من بطن ينبع. فلما نزلها
رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أقام بها شهراً، فصالح بها بني مدلج وحلفائهم من بني ضمرة، فوادعهم، فقال له علي بن أبي طالب: هل لك يا أبا اليقظان أن تأتي هؤلاء نفر من بني مدلج، يعملون في عين لهم ننظر كيف يعملون؟ فأتيناهم، فنظرنا إليهم ساعة، ثم غشينا النوم فعمدنا إلى صور من النخل في دقعاء من الأرض، فنمنا فيه، فوالله ما أهبّنا إلاّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بقدمه، فجلسنا وقد تترّبنا من تبك الدقعاء فيومئذٍ قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لعلي: " يا أبا تراب "، لما عليه من التراب. فأخبرناه بما كان من أمرنا فقال: " ألا أخبركما بأشقى الناس رجلين؟ " قلنا: بلى، يا رسول الله، فقال: " أحيمر ثمود الذي عقر الناقة، والذي يضربك يا علي على هذه فوضع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يده على رأسه حتى يبلّ منها هذه، ووضع يده على ليحته ".
وعن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " من أشقى ثمود؟ " قالوا: عاقر الناقة، قال: " فمن أشقى هذه الأمة؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: " قاتلك يا علي ".
وعن عمرو بن أبي جندب قال: مرّ بنا علي بصفين وليس معه أحد، فقال له سعيد: أما تخشى أن يغتالك عدو، فإني لا أرى معك أحداً؟ قال: إن لكل عبدٍ حفظة يحفظونه، لا يخرّ عليه حائط، أو يتردّى في بئر حتى إذا جاء القدر الذي قدّر له خلت عنه الحفظة، فأصابه ما شاء الله أن يصيبه.
وعن أبي نصر قال: كنا جلوساً حول سيدنا الأشعث بن قيس إذ جاء رجل بيده عنزة، فلم نعرفه، وعرفه. قال: أمير المؤمنين؟ قال: نعم، قال: تخرج هذه الساعة، وأنت رجل محارب؟! قال: إن عليّ من الله جنّة حصينة، إذا جاء القدر لم تغن شيئاً. إنه ليس من الناس أحد إلاّ وقد وكّل به ملك، ولا تريده دابة ولا شيء إلاّ قال: اتّقه، اتّقه، فإذا جاء القدر خلا عنه.
وعن يعلي بن مرّة قال:
كان علي يخرج بالليل إلى المسجد ليصلي تطوعاً، وكان الناس يفعلون ذلك، حتى كان شبث الحروري، فقال بعضنا لبعض: لو جعلنا علينا عقباً يحضر كل ليلة منا عشرة، فكنت في أول من حضر، فألقى درّته ثم قام يصلي. فلما فرغ أتانا، فقال: ما يجلسكم؟ قلنا: نحرسك، فقال: من أهل السماء؟ قال: فإنه لا يكون في الأرض شيء حتى يقضى في السماء، وإنّ عليّ من الله جنّة حصينة، فإذا جاء أجلي كشف عني، وإنه لا يجد عبد طعم الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه.
دخل الحسن بن علي على معاوية فقال معاوية: أبوك الذي كان يقاتل أهل البصرة، فإذا كان آخر النهار مشى في طرقها! قال: علم أن ما أخطأه لم يكن ليصيبه، وما أصابه لم يكن ليخطئه. فقال معاوية: صدقت.
وعن حكيم بن سعد أنه قيل لعلي: لو علمنا قاتلك لأبرنا عترته، فقال: مه، ذكم الظلم. النفس بالنفس، ولكن اصنعوا ما صنع فقال: النبي قتل، ثم أحرق بالنار.
وعن معاوية بن جوين الحضرمي قال: عرض عليّ الخيل، فمرّ عليه ابن ملجم، فسأله عن اسمه أو قال: نسبه فانتمى إلى غير أبيه، فقال له: كذبت، حتى انتسبت إلى أبيه، فقال: صدقت. أما إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حدّثني أن قاتلي شبه اليهود، هو يهودي، فامضه.
قال عثمان بن المغيرة: لما أن دخل رمضان كان علي يتعشى ليلة عند الحسن والحسين وابن عباس لا يزيد على ثلاث لقم، يقول: يأتيني أمر الله وأنا خميصٌ، إنما هي ليلة أو ليلتين، فأصيب من الليل.
حدّث الحين بن كثير عن أبيه وكان أدرك عليّاً قال: خرج علي إلى الفجر، فأقبل الوز يصحن في وجهه، فطردوهن عنه، فقال:
ذروهنّ فإنهنّ نوائح، فضربه ابن ملجم، فقيل: يا أمير المؤمنين، خلّ بيننا وبين مراد، فلا نقوم لهم راعية أو راغبة أبداً، قال: لا، ولكن احبسوا الرجل، فإن أمت فاقتلوه، وإن أعش فالجروح قصاص.
وعن الأصبغ الحنظلي قال: لما كانت الليلة التي أصيب فيها علي أتاه ابن النّبّاح حين طلع الفجر يؤذن بالصلاة، وهو مضطجع، فتثاقل فعاد إليه ثانية، وهو كذلك، ثم عاد الثالثة، فقام علي يمشي وهو يقول:
شدّ حيازيمك للموت ... فإنّ الموت لاقيكا
ولا تجزع من الموت ... إذا حلّ بواديكا
فلما بلغ الباب الصغير شدّ عليه عبد الرّحمن بن ملجم، فضربه، فخرجت أم كلثوم بنت علي فجعلت تقول: ما لي ولصلاة الغداة؟ قتل زوجي أمير المؤمنين صلاة الغداة، وقتل أبي صلاة الغداة.
قال أبو عون الثقفي: كنت اقرأ على أبي عبد الرحمن السلمي، وكان الحسن بن علي يقرأ عليه. قال أبو عبد الرّحمن: فاستعمل أمير المؤمنين عليٌّ رجلاً من بني تميم يقال له: حبيب بن مرّة على السّواد، وأمره أن يدخل الكوفة من بالسواد من المسلمين، فقلت للحسن بن علي: إن لي ابن عم في السواد يحب أن يقوم مكانه، فقال لي: تغدو غداً على كتابك وقد ختم، فغدوت من الغد فإذا الناس يقولون: قتل أمير المؤمنين، قتل أمير المؤمنين، فقلت للغلام: أنفذ بي إلى القصر، فدخلت القصر، فإذا الحسن بن علي قاعد في مسجد في الحجرة، وإذا صوائح، فقال: ادن إلي يا أبا عبد الرّحمن، فجلست إلى جنبه، فقال لي: خرجت البارحة وأمير المؤمنين يصلي في هذا المسجد، فقال لي: يا بنيّ، إنّي بتّ البارحة أوقظ أهلي، لأنها ليلة الجمعة، صبيحة بدر لسبع عشرة من رمضان، فملكتني عيناي، فسنح لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقلت: يا رسول الله، ماذا لقيت من أمتك من الأود واللّدد
قال: والأود: العوج، واللّدد: الخصومات، فقال لي: " ادع عليهم "، قال: قلت: اللهم أبدل لي بهم من هو خير منهم، وأبدلهم بي من هو شرّ مني، فجاء ابن النّبّاح فآذنه بالصلاة، فخرج، وخرجت خلفه، فاعتوره رجلان، فأما أحدهما فوقعت ضربته في الطّاق، وأما الآخر فأثبتها في رأسه. قال أبو هشام: قال لي أبو أسامة: إني أغار عليه كما يغار الرجل على المرأة الحسناء، لا تحدّثن به ما دمت حيّاً.
قال أبو أسامة
في هذا الحديث ثلاثة عشر حديثاً: فيه أن الحسن بن علي قرأ علي أبي عبد الرحمن، وأن أبا عبد الرحمن سأل الحسن بن علي حاجة، وهو يقرأ عليه، وأن عليّاً كره أن يدخل المسلمون السواد، وأن الحسن شفع في أن ينزل رجل بالسواد من المسلمين وأن علي بن أبي طالب كان إذا كتب ختم كتابه، وأنه اتّخذ مسجداً في حجره، وأنه صيح عليه، فلم ينكره الحسن، وأنا علياً نام وهو جالس، فلم يتوضأ، وأنه قال: الأود: العوج، واللّدد: الخصومات، وأنه كان له مؤذّن يؤذنه بالصلاة، وأنه كان لباب داره طاق، وأنه قتل فيه.
وعن الليث بن سعد: أن عبد الرحمن بن ملجم ضرب عليّاً في صلاة الصبح على دهس، بسيفٍ كان سمّه بالسّمّ، ومات من يومه ودفن بالكوفة ليلاً.
وعن ابن الحنفية قال: دخل علينا ابن ملجم الحمام، وأنا وحسن جلوس في الحمام. فلما دخل كأنّهما اشمأزّا منه، وقالا: ما جرّأك تدخل علينا؟! قال: فقلت لهما: دعاه منكما، فلعمري ما يريد بكما أجسم من هذا. فلما كان يوم أتي به أسيراً قال ابن الحنفية: ما أنا اليوم بأعرف به مني يوم دخل علينا الحمام، فقال علي: إنه أسير فأحسنوا نزله، وأكرموا مثواه، فإن بقيت قتلت أو عفوت، وإن متّ فاقتلوه، قتلتي " ولا تعتدوا إنّ الله لا يحبّ المعتدين ".
قال محمد بن سعد قالوا:
انتدب ثلاثة نفر من الخوارج: عبد الرحمن بن ملجم المرادي، وهو من حمير، والبرك بن عبد الله التميمي، وعمرو بن بكير التميمي، فاجتمعوا بمكة، وتعاهدوا، وتعاقدوا ليقتلنّ هؤلاء الثلاثة: علي بن أبي طالب، ومعاوية بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، ويريحوا العباد منهم، فقال عبد الرحمن بن ملجم: أنا لكم بعلي بن أبي طالب، وقال البرك، أنا لكم بمعاوية، وقال عمرو بن بكير: أنا أكفيكم عمرو بن العاص، فتعاهدوا على ذلك، وتعاقدوا، وتواثقوا ألاّ ينكص رجل منهم على صاحبه الذي سمّى، ويتوجه إليه حتى يقتله، أو يموت دونه، فاّتعدوا بينهم ليلة سبع عشرة من بدر رمضان، ثم توجه كل رجل منهم إلى المصر الذي فيه صاحبه، فقدم عبد الرحمن بن ملجم الكوفة، فلقي أصحابه من الخوارج، فكاتمهم ما يريد، وكان يزورهم ويزورونه، فزار يوماً نفراً من بني تيّم الرباب، فرأى امرأى منهم يقال لها قطام بنت شجنة بن عدي بن عامر وكان علي قتل أباها وأخاها يوم النهروان فأعجبته فخطبها، فقالت: لا أتزوجك حتى تشتفي لي فقال: لا تسأليني شيئاً إلا أعطيتك، فقالت: ثلاثة آلاف، وقتل علي بن أبي طالب، فقال: والله ما جاء بي إلى هذا المصر إلا قتل علي بن أبي طالب، وقد أعطيتك ما سألت. ولقي عبد الرحمن بن ملجم شبيب بن بجرة الأشجعي، فأعلمه ما يريد، ودعاه إلى أن يكون معه فأجابه إلى ذلك، وظلّ عبد الرحمن تلك الليلة التي عزم فيها أن يقتل علياً في صبيحتها يناجي الأشعث بن قيس الكندي في مسجده، حتى كاد يطلع الفجر، فقال له الأشعث، فضحك الصبح، فقام عبد الرحمن بن ملجم وشبيب بن بجرة فأخذا أسيافهما، ثم جاءا حتى جلسا مقابل السدّة التي يخرج منها علي. قال الحسن بن علي: وأتيته سحراً، فجلست إليه فقال: إني بتّ الليلة أوقظ أهلي، فملكتني عيناي وأنا جالس، فسنح لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقلت: يا رسول الله، ما لقيت من أمت من الأود واللّدد! فقال لي: " ادع عليهم "، فقلت: اللهم، أبدلني بهم خيراً لي منهم، وأبدلهم بي شراً لهم مني، ودخل ابن النّبّاح المؤذن على ذلك، فقال: الصلاة، فأخذت بيده فقام يمشي، ابن النّبّاح بين يديه، وأنا خلفه. فلما خرج من الباب نادى: أيها الناس، الصلاة، الصلاة، كذلك كان يصنع في كل يوم يخرج، ومعه درّته يوقظ
الناس، فاعترضه الرجلان، فقال بعض من حضر ذلك: فرأيت بريق السيف، وسمعت قائلاً يقول: لله الحكم يا علي، لا لك، ثم رأيت سيفاً ثانياً، فضربا جميعاً، فأما سيف عبد الرحمن بن ملجم فأصاب جبهته إلى قرنه ووصل إلى دماغه، وأما سيف شبيب فوقع في الطاق، وسمع علياً يقول: لا يفوتنّكم الرجل، وشدّ النسا عليهما من كل جانب، فأما شبيب فأفلت، وأخذ عبد الرحمن بن ملجم، فأدخل على عليّ فقال: أطيبوا طعامه، وألينوا فراشه، فإن أعش، فأنا وليّ دمي عفو أو قصاص، وإن أمت فألحقوه بي أخاصمه عند رب العالمين، فقالت أم كلثوم بنت علي: يا عدو الله، قتلت أمير المؤمنين؟ قال: ما قتلت إلا أباك، قالت: فوالله إني لأرجو ألاّ يكون على أمير المؤمنين بأس، قال: فلم تبكين إذاً؟ ثم قال: والله لقد سممته شهراً يعني: سيفه فإن أخلفني فأبعده الله وأسحقه، وبعث الأشعث بن قيس ابنه قيس بن الأشعث صبيحة ضرب علي، فقال: أي بني، انظر كيف أصبح أمير المؤمنين، فذهب، فنظر إليه ثم رجع، فقال: رأيت عينيه داخلتين في رأسه، فقال الأشعث: عيني دميع ورب الكعبة. قال: ونكب علي يوم الجمعة وليلة السبت وتوفي ليلة الأحد لإحدى عشرة ليلة بقيت من رمضان سنة أربعين، وغسله الحسن والحسين وعبد الله وجعفر، وكفن في ثلاثة أثواب، ليس فيها قميص.
قالوا: وكان عبد الرحمن بن ملجم في السجن. فلما مات علي ودفن بعث الحسن بن علي إلى عبد الرحمن بن ملجم، فأخرجه من السجن ليقتله، فاجتمع النّاس وجاؤوا بالنّفط والبواري والنار، فقالوا: نحرقه، فقال عبد الله بن جعفر وحسين بن علي ومحمد بن الحنفية: دعونا حتى نشفي أنفسنا منه، فقطع عبد الله بن جعفر يديه ورجليه، فلم يجزع ولم يتكلم، فكحل عينيه بمسمار محمّى، فلم يجزع وجعل يقول: إنك لتكحل عيني عمك بملمول ممضّ، وجعل يقرأ: " اقرأ باسم ربّك الّذي خلق خلق الإنسان من علقٍ " حتى أتى على آخر السورة كلها، وإن عينيه لتسيلان، ثم أمر به فعولج عن لسانه ليقطعه، فجزع فقيل له، قطعنا يديك ورجليك، وسملنا عينيك يا عدو الله، فلم
تجزع. فلما صرنا إلى لسانك جزعت؟! فقال: ما ذاك من جزع، إلا أني أكره أن أكون في الدنيا فواقاً لا أذكر الله، فقطعوا لسانه، ثم جعلوه في قوصرّة وأحرقوه بالنار، والعباس بن علي يومئذ صغير فلم يستأن به بلوغه.
وكان عبد الرحمن بن ملجم رجلاً أسمر، أبلج، شعره مع شحمة أذنه، في جبهته أثر السجود.
وعن أبي تحيى قال: لما ضرب ابن ملجم علياً الضربة قال علي: افعلوا به كما أراد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أني فعل برجل أراد قتله، فقال: اقتلوه ثم حرّقوه.
ولما ضرب ابن ملجم علياً عليه السلام قال علي: فزت وربّ الكعبة.
وعن شقيق بن سلمة قال: قيل لعلي بن أبي طالب: ألا تستخلف علينا؟ فقال: ما استخلف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولكن إن يرد الله بالناس خيراً استجمعهم بعدي علىخيرهم، كما جمعهم بعد نبيّهم على خيرهم.
وعن عقبة بن أبي الصهباء قال: لما ضرب ابن ملجم علياً دخل عليه السحن، وهو باك، فقال له: ما يبكيك يا بنيّ؟ قال: وما لي لا أبكي وأنت في أول يوم من الآخرة، وآخر يوم من الدنيا؟ فقال: يا بني، احفظ أربعاً وأربعاً لا تضرك ما عملت معهن، قال: وما هن يا أبه؟ قال: إن أغنى الغنى العقل، وأكبر الفقر الحمق، وأوحش الوحشة العجب، وأكرم الحسب حسن الخلق. قال: قلت: يا أبه، هذه الأربع فأعطني الأربع الأخر، قال: إياك ومصادقة
الأحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضرك، وإياك ومصادقة الكذاب فإنه يقرّب عليك البعيد، ويبعد عليك القريب، وإياك ومصادقة البخيل فإنه يبعد عنك أحوج ما تكون إليه، وإياك ومصادقة الفاجر فإنه يبيعك بالتافه.
فلما فرغ علي من وصيته قال: أقرأ عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ثم لم يتكلم بشيء إلا: لا إله إلا الله حتى قبضه الله، رحمة الله ورضوانه عليه، وصلى عليه الحسن، وكبّر عليه أربعاً، ودفن في السّحر.
قال هارون بن سعد: كان عند علي مسك أوصى أن يحتفظ به، وقال: فضل من حنوط رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
ون الحسن بن علي قال: دفنت أبي علي بن أبي طالب في حجرة أو قال: في حجرة من دور آل جعدة بن هبيرة.
قال عبد الملك بن عمير: لما حفر خالد بن عبد الله أسا دار يزيد ابنه استخرجوا شيخاً مدفوناً، أبيض الرأس واللحية، فقال: أتحبّ أن أريك علي بن أبي طالب؟ فكشف لي فإذا شيخ أبيض الرأس واللحية كأنما دفن بالأمس، طري فقال: يا غلام، عليّ بحطبٍ ونار، فقال الهيثم بن العريان: ليس يريد القوم منك هذا كله، قال: يا غلام، عليّ بقباطي، فلفّه فيها وحنّطه، وتركه مكانه، قال أبو زيد بن طريف: هذا الموضع بحذاء باب الوراقين، مما يلي قبلة المسجد بيت إسكاف، وما يكاد يقرّ في ذلك الموضع أحدٌ إلاّ انتقل عنه.
وقيل: إنه لا يعلم أين موضع قبره، وقيل دفن بالكوفة عند قصر بالإمارة ليلاً، وعمّي دفنه. وقيل: دفن عند المسجد الجامع. ويقال: دفن في موضع القصر، ويقال في الرّحبة التي تنسب إليه. ويقال: في الكناسة. ويقال: إن الحسن والحسين وابن الحنفية
وعبد الله بن جعفر وعدّة من أهل بيتهم خرجوا به ليلاً، فدفن في ظاهر الكوفة، فعل به ذلك مخافة أن ينبشه الخوارج وغيرهم.
جاء رجل إلى شريك فقال: أين قبر علي بن أبي طالب، فأعرض عنه، حتى سأله ثلاث مرات، فقال له: في الرابعة، نقله الحسن بن علي إلى المدينة. قال الخطيب: هذا لفظ حديث البغوي. وقال: قال عبد الملك: وكنت عند أبي نعيم فمرّ قوم على حمير، قلت: أين يذهب هؤلاء؟ قالوا: يأتون قبر علي بن أبي طالب، فالتفت إليّ أبو نعيم فقال: كذبوا، نقله الحسن بن علي إلى المدينة.
قال محمد بن حبيب: أوّل من حوّل من قبر إلى قبر أمير المؤمنين عليّ. حوّله ابنه الحسن، وقيل حمله الحسن بعد صلحه مع معاوية فدفنه بالمدينة. قول غيره: حمله فدفنه بالثّويّة. ويقال: دفن بالبقيع مع فاطمة بنت سيدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
وقال عيس بن داب: عمّي قبر علي. قال: وحدثني الحسن أنه صرّ في صندوق وأكثر عليه من الكافور، وحمل على بعير يريدون به المدينة، فلما كان ببلاد طيء أضلوا البعير ليلاً، فأخذته طيء، وهم يظنون أن في الصندوق مالاً. فلما رأوا ما فيه خافوا أن يطلبوا، فدفنوا الصندوق بما فيه، ونحروا البعير، وأكلوه.
وكان أبو جعفر الحضرمي مطيّن ينكر أن يكون القبر المزور بظاهر الكوفة قبر علي بن أبي طالب، وكان يقول: لو علمت الرافضة قبر من هذا لرجمته بالحجارة، هذا قبر المغيرة بن شعبة، وقال مطيّن: لو كان هذا قبر علي بن أبي طالب لجعلت منزلي ومقيلي عنده أبداً.
وعن ابن شهاب قال: قدمت دمشق، وأنا أريد الغزو، فأتيت عبد الملك لأسلم عليه فوجدته في قبة على
فرس، يفوق القائم، والناس تحته سماطان، فسلمت عليه، وجلست، فقال: يا بن شهاب، أتعلم ما كان في بيت المقدس صباح قتل علي بن أبي طالب؟ قلت: نعم، قال: هلم، فقمت من وراء الناس حتى أتيت خلف القبة وحوّل وجهه فأحنى عليّ وقال: ما كان؟ فقلت: لم يرفع حجر في بيت المقدس إلا وجد تحته دم. قال: فقال: لم يبق أحد يعلم هذا غيري وغيرك، فلا يسمعنّ منك، قال: فما تحدثت به حتى توفي.
قال البيهقي: وروي عن الزهري إسنادي أصح من إسناد هذا الحديث أن ذلك كان في قتل الحسين.
وتوفي علي وهو ابن سبع وخمسين سنة، وكان يوم قبض النبي صلّى الله عليه وسلّم ابن سبع وعشرين. وقيل: توفي وهو ابن ثمان وخمسين، وولي خمس سنين وبعث النبي صلّى الله عليه وسلّم وعلي ابن سبع سنين.
وأسلم علي وهو ابن سبع سنين.
قال الشعبي: أقام علي بعد إسلامه مع النبي صلّى الله عليه وسلّم عشرين سنة، ومع أبي بكر وعمر ثلاث عشرة سنة، ومع عثمان اثنتي عشرة سنة، وولي خمس سنين.
وأهل بيته يقولون: قبض وهو ابن ثلاث وستين سنة، ويقولون: أسلم وهو ابن ثلاث عشرة سنة، قالوا: وشهد بدراً وهو ابن عشرين سنة، وشهد الفتح وهو ابن ثمان وعشرين. وكان عظيم البطن، عظيم اللحية، قد ملأت ما بين منكبيه، وكان أصلع رحمه الله. وقيل: إن بن ملجم قتله لستٍ بقين من رمضان سنة أربعين.
قال عبد الله بن محمد بن عقيل: سمعت ابن الحنفية يقول: سنة الجحاف حين دخلت إحدى وثمانون هذه لي خمس وستون سنة، وقد جاوزت سن أبي. قلت: وكم كانت سنّه يوم قتل؟ قال: ثلاث وستون سنة.
قال محمد بن عمر: وهو الثّبت عندنا.
وأم علي عليه السلام فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، وأسلمت قديماً، وهي أول هاشمية ولدت لهاشمي، وهي ربت النبي صلّى الله عليه وسلّم ويوم ماتت صلى النبي صلّى الله عليه وسلّم عليها، وتمرغ في قبرها، وبكى، وقال: " جزاك الله من أمٍ خيراً، فقد كنت خير أمّ "، وولدت لأبي طالب عقيلاً، وجعفر، وعلياً، وأم هانئ، واسمها فاختة، وحمامة. وكان عقيل أسنّ من جعفر بعشر سنين، وجعفر أسنّ من علي بعشر سنين، وجعفر هو ذو الهجرتين، وذو الجناحين.
وقال أبو جعفر: توفي علي وله خمس وستون سنة، وكان عليّ، وطلحة، والزبير في سن واحدة.
قال سعيد بن جمهان عن سفينة قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: " الخلافة بعدي ثلاثون سنة " فقال لي: أمسك يعني: سفينة القائل لسعيد بن جمهان أمسك فذكر خلافة علي ستاً.
كذا قال في هذا الحديث، ولمي بلغ في الخلافة ست سنين.
وولد علي بمكة، في شعب بني هاشم، وقتل بالكوفة.
قال الهيثم بن عمران: بايع لعلي أهل العراق، ومكة، والمدينة، واليمن. فمكث رحمه الله خمس سنين، وقتله ابن ملجم.
ولما قتل بويع الحسن بن علي بن أبي طالب.
وكان بين مقتل عثمان إلى اصطلاح الحسن بن علي ومعاوية خمس سنين وثلاثة أشهر وسبع ليال.
وكان لعليّ تسع عشرة سرّيّة. إنما كان كثرة تسرّي أمير المؤمنين طلباً للنسل، لتكثير العابدين.
ولما قتل علي قام حسن بن علي خطيباً، فحمد الله، وأثنى عليه ثم قال: أما بعد.
والله لقد قتلتم الليلة رجلاً في ليلة نزل فيها القرآن، وفيها رفع عيسى بن مريم، وفيها قتل يوشع بن نون فتى موسى، وفيها تيب على بني إسرائيل. والله ما سبقه أحد كان قبله، ولا لحقه أحد كان بعده، وإن كان النبي صلّى الله عليه وسلّم ليبعثه في السّرية، جبريل عن يمينه، وميكائيل عن يساره. والله ما ترك صفراء ولا بيضاء، إلا ثماني مئة درهم، أو سبع مئة درهم أرصدها لخادم يشتريها.
وعن المغيرة قال: لما جيء معاوية بنعي علي، وهو قائل مع امرأته فاختة بنت قرظة في يوم صائف قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، ماذا فقدوا من العلم، والحلم، والفضل، والفقه، فقالت امرأته: أنت بالأمس تطعن في غيبته، وتسترجع اليوم عليه؟! قال: ويلك! لا تدرين ماذا فقدوا من علمه، وفضله وسوابقه.
وكانت سودة بنت عمار تبكي علياً، وقالت: البسيط
صلى الإله على جسمٍ تضمّنه ... قبرٌ فأصبح فيه الجود مدفونا
قد حالف الحقّ لا يبغي به بدلاً ... فصار بالحقّ والإيمان مقرونا
قال أبو عياض مولى عياض بن ربيعة الأسدي: أتيت علي بن أبي طالب، وأنا مملوك، فقلت: يا أمير المؤمنين، ابسط يدك أبايعك. فرفع رأسه إلي، فقال: ما أنت؟ قلت: مملوك، قال: لا، إذاً، قلت: يا أمير المؤمنين، إنما أقول: إني إذا شهدتك نصرتك، وإن غبت نصحتك، قال: نعم، إذاً، قال: فبسط يده فبايعني.
قال: سمعت علي بن أبي طالب يقول: إنه سيأتيكم رجل يدعوكم إلى سبّي، وإلى البراءة مني، فأما السبّ فإنه لكم نجاة، ولي زكاة، وأما البراءة فلا تبرّؤوا مني، فإني على الفطرة.
وعن عمرو بن الأصم قال: دخلت على الحسن بن علي وهو في دار عمرو بن حريث فقلت: إن ناساً يزعمون أن علياً يرجع قبل يوم القيامة! فضحك، وقال: سبحان الله، لو علمنا ما زوجنا نساءه، ولا قسمنا ميراثه.
وفي رواية عنه قال: قلت للحسن: إن هذه الشيعة يزعمون أن علياً مبعوث قبل يوم القيامة! فقال: كذب، أولئك الكذابون.
وفي حديث: والله ما هؤلاء بالشيعة.
بويع لعلي بالخلافة سنة خمس وثلاثين، فاستقبل المحرم سنة ست وثلاثين، وكان الذي عقد له عمار بن ياسر، وسهل بن حنيف، ولم يبايع خمسة له منهم: محمد بن مسلمة، وسعد بن أبي وقاص، وابن عمرو، وكانت الحرب بينه وبين معاوية خمس سنين وثلاث أشره واثنتي عشرة ليلة.

أم سليم بنت ملحان

- وأم سليم بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن النجار. أمها مليكة بنت مالك بن عدي بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار, وهي أم أنس بن مالك.
أُمَّ سُلَيْم بِنْت ملحان
- أُمَّ سُلَيْم بِنْت ملحان بْن خَالِد بْن زيد بْنِ حَرَامِ بْنِ جُنْدُبِ بْنِ عَامِرِ بْنِ غنم بْن عَديّ بْن النجار. وهي الغميصاء. ويقال الرميصاء. ويقال اسمها سهلة. ويقال رميلة. ويقال بل اسمها أنيفة. ويقال رميثة. وأمها مليكة بِنْت مالك بْن عدي بْن زَيْد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار. تزوجها مالك بن النضر بن ضمضم بْن زيد بْنِ حَرَامِ بْنِ جُنْدُبِ بْنِ عَامِرِ بْنِ غنم بن عدي بن النجار فولدت له أنس بن مالك. ثم خلف عليها أبو طلحة زَيْدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ الأَسْوَدِ بْنِ حَرَامِ بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار فولدت له عبد الله وأبا عمير. وأسلمت أم سليم وبايعت رسول الله وشهدت يوم حنين وهي حامل بعبد الله بن أبي طلحة. وشهدت قبل ذلك يوم أحد تسقي العطشى وتداوي الجرحى. أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ. أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ كَانَتْ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ أُحُدٍ وَمَعَهَا خِنْجَرٌ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ قَالَ: شَهِدَتْ أُمُّ سليم حنينا مع رسول الله وَمَعَهَا خِنْجَرٌ قَدْ حَزَمَتْهُ عَلَى وَسَطِهَا. وَإِنَّهَا يَوْمَئِذٍ حَامِلٌ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ. أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَعَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ اتَّخَذَتْ خِنْجَرًا يَوْمَ حُنَيْنٍ. قَالَ أَبُو طَلْحَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ أُمُّ سُلَيْمٍ مَعَهَا خِنْجَرٌ. فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَّخِذْهُ إِنْ دَنَا مِنِّي أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بَقَرْتُ بِهِ بَطْنَهُ. وَقَالَ عَفَّانُ: بَعَجْتُ بِهِ بَطْنَهُ. أُقْتَلُ الطُّلَقَاءَ وَأَضْرِبُ أَعْنَاقَهُمُ انْهَزَمُوا بِكَ. قَالَ: . أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ. حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ سُلَيْمٍ أَنَّهَا آمَنَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ. قَالَتْ: فَجَاءَ أَبُو أَنَسٍ وَكَانَ غَائِبًا فَقَالَ: أَصَبَوْتِ؟ قَالَتْ: مَا صَبَوْتُ وَلَكِنِّي آمَنْتُ بِهَذَا الرَّجُلِ. قَالَتْ: فَجَعَلَتْ تُلَقِّنُ أَنَسًا وَتُشِيرُ إِلَيْهِ قُلْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ. قُلْ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ: فَفَعَلَ. قَالَ: فَيَقُولُ لَهَا أَبُوهُ: لا تُفْسِدِي عَلَيَّ ابْنِي. فَتَقُولُ: إِنِّي لا أُفْسِدُهُ. قَالَ: فَخَرَجَ مَالِكُ أبو أنس فلقيه عدو فقتله فلما بَلَغَهَا قَتْلُهُ قَالَتْ: لا جَرَمَ لا أَفْطِمُ أَنَسًا حَتَّى يَدَعَ الثَّدْيَ حَيًّا وَلا أَتَزَوَّجُ حَتَّى يَأْمُرَنِي أَنَسٌ. فَيَقُولُ قَدْ قَضَتِ الَّذِي عَلَيْهَا. فَتَرَكَ الثَّدْيَ. فَخَطَبَهَا أَبُو طَلْحَةَ وَهُوَ مُشْرِكٌ فَأَبَتْ. فَقَالَتْ لَهُ يَوْمًا فِيمَا تَقُولُ: أَرَأَيْتَ حَجَرًا تَعْبُدُهُ لا يَضُرُّكَ وَلا يَنْفَعُكَ أَوْ خَشَبَةً تَأْتِي بِهَا النَّجَّارَ فَيَنْجُرُهَا لَكَ هَلْ يَضُرُّكَ هَلْ يَنْفَعُكَ؟ قَالَ: فَوَقَعَ فِي قَلْبِهِ الَّذِي قَالَتْ. قَالَ: فَأَتَاهَا فَقَالَ: لَقَدْ وَقَعَ فِي قَلْبِي الَّذِي قُلْتِ. وَآمَنَ. قَالَتْ: فَإِنِّي أَتَزَوَّجُكَ وَلا آخُذُ مِنْكَ صَدَاقًا غَيْرَهُ. أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْبَجَلِيُّ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: خَطَبَ أَبُو طَلْحَةَ أُمَّ سُلَيْمٍ فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ آمَنْتُ بِهَذَا الرَّجُلِ وَشَهِدْتُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ فَإِنْ تَابَعْتَنِي تَزَوَّجْتُكَ. قَالَ: فَأَنَا عَلَى مِثْلِ مَا أَنْتِ عَلَيْهِ. فَتَزَوَّجَتْهُ أُمُّ سُلَيْمٍ وَكَانَ صَدَاقُهَا الإِسْلامَ. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّهُ قَالَ: خَطَبَ أَبُو طَلْحَةَ أُمَّ سُلَيْمٍ بِنْتَ مِلْحَانَ وَكَانَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ تَقُولُ: لا أَتَزَوَّجُ حَتَّى يَبْلُغَ أَنَسٌ وَيَجْلِسَ فِي الْمَجَالِسِ فَيَقُولَ جزى الله أم عَنِّي خَيْرًا لَقَدْ أَحْسَنَتْ وِلايَتِي. فَقَالَ لَهَا أَبُو طَلْحَةَ: فَقَدْ جَلَسَ أَنَسٌ وَتَكَلَّمَ فِي الْمَجَالِسِ. فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: أَيَّتُهُمَا أَعْطَيْتَنِي تَزَوَّجْتُكَ. إِمَّا أَنْ تُتَابِعَنِي عَلَى مَا أَنَا عَلَيْهِ أَوْ تَكْتُمَ عَنِّي فَإِنِّي قَدْ آمَنْتُ بِهَذَا الرَّجُلِ رَسُولِ اللَّهِ. فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: فَإِنِّي عَلَى مِثْلِ مَا أَنْتِ عَلَيْهِ. قَالَ: فَكَانَ الصَّدَاقُ بَيْنَهُمَا الإِسْلامَ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: . أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ. حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: جَاءَ أَبُو طَلْحَةَ يَخْطُبُ أُمَّ سُلَيْمٍ فَقَالَتْ: إِنَّهُ لا يَنْبَغِي لِي أَنْ أَتَزَوَّجَ مُشْرِكًا. أَمَا تَعْلَمُ يَا أَبَا طَلْحَةَ أَنَّ آلِهَتَكُمُ الَّتِي تَعْبُدُونَ يَنْحَتُهَا عَبْدُ آلِ فُلانٍ النَّجَّارُ وَأَنَّكُمْ لَوْ شَعَلْتُمْ فِيهَا نَارًا لاحْتَرَقَتْ؟ قَالَ: فَانْصَرَفَ عَنْهَا وَقَدْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ مِنْ ذَلِكَ مَوْقِعًا. قَالَ: وَجَعَلَ لا يَجِيئُهَا يَوْمًا إِلا قَالَتْ لَهُ ذَلِكَ. قَالَ: فَأَتَاهَا يَوْمًا فَقَالَ: الَّذِي عَرَضْتِ عَلَيَّ قَدْ قَبِلْتُ. قَالَ: فَمَا كَانَ لَهَا مَهْرٌ إِلا إِسْلامُ أَبِي طلحة. أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ قَالَتْ: يَا أَبَا طَلْحَةَ أَلَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّ إِلَهَكَ الَّذِي تَعْبُدُ إِنَّمَا هُوَ شَجَرَةٌ تَنْبُتُ مِنَ الأَرْضِ وَإِنَّمَا نَجَرَهَا حَبَشِيُّ بَنِي فُلانٍ؟ قَالَ: بَلَى. قَالَتْ: أَمَا تَسْتَحْيِي تَسْجُدُ لِخَشَبَةٍ تَنْبُتُ مِنَ الأَرْضِ نَجَرَهَا حَبَشِيُّ بَنِي فُلانٍ؟ قَالَتْ: فَهَلْ لَكَ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَأُزَوِّجَكَ نَفْسِي لا أُرِيدُ مِنْكَ صَدَاقًا غَيْرَهُ؟ قَالَ لَهَا: دَعِينِي حَتَّى أَنْظُرَ. قَالَتْ: فَذَهَبَ فَنَظَرَ ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. قَالَتْ: يَا أَنَسُ قُمْ فَزَوِّجْ أَبَا طَلْحَةَ. أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا الْمُثَنَّى بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَزُورُ أُمَّ سُلَيْمٍ أَحْيَانًا فَتُدْرِكُهُ الصَّلاةُ فَيُصَلِّي عَلَى بِسَاطٍ لَنَا وَهُوَ حَصِيرٌ يَنْضَحُهُ بِالْمَاءِ. أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا رِبْعِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجَارُودِ الْهُذَلِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي الْجَارُودُ قَالَ: . أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ. أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ. حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ قَالَ: . أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ. حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بن عمرو بن أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ سُلَيْمٍ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقِيلُ فِي بَيْتِي فَكُنْتُ أَبْسُطُ لَهُ نِطَعًا فَيَقِيلُ عَلَيْهِ فَيَعْرَقُ. فَكُنْتُ آخُذُ سُكًّا فَأَعْجِنُهُ بِعَرَقِهِ. قَالَ مُحَمَّدٌ: فَاسْتَوْهَبْتُ مِنْ أُمِّ سُلَيْمٍ مِنْ ذَلِكَ السُّكِّ فَوَهَبَتْ لِي مِنْهُ. قَالَ أَيُّوبُ: فَاسْتَوْهَبْتُ مِنْ مُحَمَّدٍ مِنْ ذَلِكَ السُّكِّ فَوَهَبَ لِي مِنْهُ فَإِنَّهُ عِنْدِي الآنَ. قَالَ: فَلَمَّا مَاتَ مُحَمَّدٌ حُنِّطَ بِذَلِكَ السُّكِّ. قَالَ: وَكَانَ مُحَمَّدٌ يُعْجِبُهُ أَنْ يُحَنَّطَ الْمَيِّتُ بِالسُّكِّ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عن الْبَرَاءِ بْنِ زَيْدٍ . أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنِ الْبَرَاءِ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ عَلَى أُمِّ سُلَيْمٍ بَيْتَهَا وَفِي الْبَيْتِ قِرْبَةٌ مُعَلَّقَةٌ فِيهَا مَاءٌ فَتَنَاوَلَهَا فَشَرِبَ مِنْ فِيهَا وَهُوَ قَائِمٌ. فَأَخَذَتْهَا أُمُّ سُلَيْمٍ فَقَطَعَتْ فَمَهَا فَأَمْسَكَتْهُ عِنْدَهَا. أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ الكريم بن مالك الجزري أن البراء ابن بِنْتِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَخْبَرَهُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ تُحَدِّثُ أُمُّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَسًا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ عَلَيْهِنَّ وَقِرْبَةٌ مُعَلَّقَةٌ فِيهَا مَاءٌ فَشَرِبَ قَائِمًا مِنْ فِيِّ السِّقَاءِ. فَقَامَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إِلَى فِيِّ السِّقَاءِ فَقَطَعَتْهُ. أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَحْلِقَ رَأْسَهُ بِمِنًى أَخَذَ أَبُو طَلْحَةَ شِقَّ شَعْرِهِ فَحَلَقَ الْحَجَّامُ فَجَاءَ بِهِ إِلَى أُمِّ سُلَيْمٍ. فَكَانَتْ أُمُّ سليم تجعله في سكها. قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَجِيءُ يَقِيلُ عِنْدِي عَلَى نِطْعٍ. وَكَانَ مِعْرَاقًا. قَالَتْ: فَجَاءَ ذَاتَ يَوْمٍ فَجَعَلْتُ أَسْلُتُ الْعَرَقَ فَأَجْعَلُهُ فِي قَارُورَةٍ لِي. فَاسْتَيْقَظَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: مَا تَجْعَلِينَ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ؟ فَقَالَتْ: بَاقِي عَرَقِكَ أُرِيدُ أَنْ أُدَوِّفَ بِهِ طِيبِي. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ. حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ . وَحَدَّثَتْنِي ابْنَتِي أَمِينَةُ أَنَّهُ قَدْ دُفِنَ لِصُّلَّبِي إِلَى مَقْدَمِ الْحَجَّاجِ الْبَصْرَةَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ وَمِائَةً. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ. حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: بَعَثَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعِي بِمِكْتَلٍ مِنْ رُطَبٍ فَلَمْ أَجِدْهُ فِي بَيْتِهِ وَإِذَا هُوَ عند مولى لَهُ خَيَّاطٍ أَوْ غَيْرِهِ يُعَالِجُ صَنْعَةً لَهُ. قَدْ صَنَعَ لَهُ ثَرِيدَةً بِلَحْمٍ وَقَرْعٍ. فَدَعَانِي. فَلَمَّا رَأَيْتُهُ يُعْجِبُهُ الْقَرْعُ جَعَلْتُ أُدْنِيهِ مِنْهُ. فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ وَضَعْتُ الْمِكْتَلَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْهُ وَيَقْسِمُ حَتَّى أَتَى عَلَى آخِرِهِ. أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. حَدَّثَنَا هَمَّامٌ. حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ بَعَثَتْ مَعَهُ بِقِنَاعٍ فِيهِ رُطَبٌ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: فَقَبَضَ قَبْضَةً فَبَعَثَ بِهَا إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ ثُمَّ أَكَلَ أَكْلَ رَجُلٍ تَعْلَمُ أَنَّهُ يَشْتَهِيهِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ. حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عن أنس قال: . أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ . أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. حَدَّثَنَا مَعْقِلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أُمِّ سُلَيْمٍ الأَنْصَارِيَّةِ قَالَ . أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ. حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ قَالَتْ: . أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ. أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: . أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى. حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ . أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ. حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلابَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ . حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ. حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ زَاذَانَ. حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ كَانَ لَهُ ابْنٌ يُكْنَى أَبَا عُمَيْرٍ فَكَانَ النَّبِيُّ يَسْتَقْبِلُهُ فَيَقُولُ: يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ؟ وَالنُّغَيْرُ طَائِرٌ. قَالَ: فَمَرِضَ وَأَبُو طَلْحَةَ غَائِبٌ فِي بَعْضِ حِيطَانِهِ. فَهَلَكَ الصَّبِيُّ فَقَامَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ فَغَسَّلَتْهُ وَكَفَّنَتْهُ وَحَنَّطَتْهُ وَسَجَتْ عَلَيْهِ ثَوْبًا وَقَالَتْ: لا يَكُونُ أَحَدٌ يُخْبِرُ أَبَا طَلْحَةَ حَتَّى أَكُونَ أَنَا الَّذِي أُخْبِرُهُ. فَجَاءَ أَبُو طَلْحَةَ فَتَطَيَّبَتْ لَهُ وَتَصَنَّعَتْ لَهُ وَجَاءَتْ بِعَشَاءٍ. فَقَالَ: مَا فَعَلَ أَبُو عُمَيْرٍ؟ فَقَالَتْ: تَعَشَّهْ فَقَدْ فَرَغَ. فَتَعَشَّى وَأَصَابَ مِنْهَا مَا يُصِيبُ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِهِ. ثُمَّ قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: يَا أَبَا طَلْحَةَ أَرَأَيْتَ أَهْلَ بَيْتٍ أَعَارُوا أَهْلَ بَيْتٍ عَارِيَةً فَطَلَبَهَا أَصْحَابُهَا أَيَرُدُّونَهَا أَوْ يَحْبِسُونَهَا؟ فَقَالَ: بَلْ يَرُدُّونَهَا عَلَيْهِمْ. قَالَتْ: فَاحْتَسِبْ أَبَا عُمَيْرٍ. فَانْطَلَقَ كَمَا هُوَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَهُ بِقَوْلِ أُمِّ سُلَيْمٍ. قَالَ: فَحَمَلْتُ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ حَتَّى إِذَا وَضَعْتُهُ. وَكَانَ الْيَوْمُ السَّابِعُ. قَالَ: قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: اذْهَبْ بِهَذَا الصَّبِيِّ وَهَذَا الْمِكْتَلِ وَفِيهِ شَيْءٌ مِنْ تَمْرٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الَّذِي يُحَنِّكُهُ وَيُسَمِّيهِ. قَالَ: فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَدَّ النَّبِيُّ رِجْلَيْهِ وَأَضْجَعَهُ وَأَخَذَ تَمْرَةً فَلاكَهَا ثُمَّ مَجَّهَا فِي فِيِّ الصَّبِيِّ. فَجَعَلَ الصَّبِيُّ يَتَلَمَّظُهَا. . أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى. أَخْبَرَنِي عَبْدُ الله بن عبد الله بن أبي طلحة عَنْ عَمِّهِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: . أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ قَالَ: قَالَ أَنَسٌ: ثَقُلَ ابْنٌ لأُمِّ سُلَيْمٍ مِنْ أَبِي طَلْحَةَ فَخَرَجَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى الْمَسْجِدِ. فَتُوُفِّيَ الْغُلامُ. فَهَيَّأَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ أَمْرَهُ وَقَالَتْ: لا تُخْبِرُوا أَبَا طَلْحَةَ بِمَوْتِ ابْنِهِ. فَرَجَعَ مِنَ الْمَسْجِدِ وَقَدْ يَسَّرَتْ لَهُ عَشَاءَهُ كَمَا كَانَتْ تَفْعَلُ. فَقَالَ: مَا فَعَلَ الْغُلامُ. أَوِ الصَّبِيُّ؟ قَالَتْ: خَيْرُ مَا كَانَ. فَقَرَّبَتْ لَهُ عَشَاءَهُ فَتَعَشَّى هُوَ وَأَصْحَابُهُ الَّذِينَ مَعَهُ. ثُمَّ قَامَتْ إِلَى مَا تَقُومُ لَهُ الْمَرْأَةُ فَأَصَابَ مِنْ أَهْلِهِ. فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ قَالَتْ: يَا أَبَا طَلْحَةَ أَلَمْ تَرَ إِلَى آلِ فُلانٍ اسْتَعَارُوا عَارِيَةً فَتَمَتَّعُوا بِهَا فَلَمَّا طُلِبَتْ إِلَيْهِمْ شَقَّ عَلَيْهِمْ؟ قَالَ: مَا أَنْصَفُوا. قَالَتْ: فَإِنَّ ابْنَكَ فُلانًا كَانَ عَارِيَةً مِنَ اللَّهِ فَقَبَضَهُ إِلَيْهِ. قَالَ: فَاسْتَرْجَعَ وَحَمِدَ اللَّهَ. فَحَمَلَتْ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ فَوَلَدَتْ لَيْلا فَكَرِهَتْ أَنْ تُحَنِّكَهُ هِيَ حَتَّى يُحَنِّكَهُ رَسُولُ اللَّهِ. فَأَرْسَلَتْ بِهِ مَعَ أَنَسٍ. وَأَخَذَتْ تَمَرَاتِ عَجْوَةٍ فَانْتَهَيْتُ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ وَهُوَ يَهْنَأُ أَبَاعِرَ لَهُ وَيَسِمُهَا فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَدَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ اللَّيْلَةَ فَكَرِهَتْ أَنْ تُحَنِّكَهُ حَتَّى تُحَنِّكَهُ أَنْتَ. قَالَ: مَعَكَ شَيْءٌ؟ قَالَ: قُلْتُ تَمَرَاتُ عَجْوَةٍ. فَأَخَذَ بَعْضَهَا فَمَضَغَهُ ثُمَّ جَمَعَهُ بَرِيقِهِ فَأَوْجَرَهُ إِيَّاهُ فَتَلَمَّظَ الصَّبِيُّ. فَقَالَ: . حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ. أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: وَلِدَ لأَبِي طَلْحَةَ غُلامٌ فَسَمَّاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَبْدَ اللَّهِ. أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ مَاتَ لَهُ ابْنٌ فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: لا تُخْبِرُوا أَبَا طَلْحَةَ حَتَّى أَكُونَ أَنَا أُخْبِرُهُ. فَسَجَّتْ عَلَيْهِ ثَوْبًا. فَلَمَّا جَاءَ أَبُو طَلْحَةَ وَضَعَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ طَعَامًا فَأَكَلَ. ثُمَّ تَطَيَّبَتْ لَهُ فَأَصَابَ مِنْهَا فَتَلَقَّتْ بِغُلامٍ فَقَالَتْ لَهُ: يَا أَبَا طَلْحَةَ إِنَّ آلَ فُلانٍ اسْتَعَارُوا مِنْ آلِ فُلانٍ عَارِيَةً فَبَعَثُوا إِلَيْهِمْ أَنِ ابْعَثُوا إِلَيْنَا بِعَارِيَتِنَا فَأَبَوْا أَنْ يَرُدُّوهَا. فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ. إِنَّ الْعَارِيَةَ مُؤَدَّاةٌ إِلَى أَهْلِهَا. قَالَتْ: فَإِنَّ ابْنَكَ كَانَ عَارِيَةً مِنَ اللَّهِ وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ قَبَضَهُ. فَاسْتَرْجَعَ. قَالَ أَنَسٌ: . قَالَ: فَتَلَقَّتْ بِغُلامٍ فَأَرْسَلَتْ بِهِ مَعِي أُمُّ سُلَيْمٍ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَحَمَلَتْ مَعِي تَمْرًا فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ وَعَلَيْهِ عَبَاءَةٌ وَهُوَ يَهْنَأُ بَعِيرًا لَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: هَلْ مَعَكَ تَمْرٌ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. فَأَخَذَ التَّمَرَاتِ فَأَلْقَاهُنَّ فِي فِيهِ فَلاكَهُنَّ ثُمَّ جَمَعَ لُعَابَهُ ثُمَّ فَغَرَ فَاهُ فَأَوْجَرَهُ إِيَّاهُ. فَجَعَلَ الصَّبِيُّ يَتَلَمَّظُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: . أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ لأَبِي طَلْحَةَ ابْنٌ يَشْتَكِي. فَخَرَجَ أَبُو طَلْحَةَ فَقُبِضَ الصَّبِيُّ. فَلَمَّا رَجَعَ أَبُو طَلْحَةَ قَالَ: مَا فَعَلَ ابْنِي؟ قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: هُوَ أَسْكَنُ مِمَّا كَانَ. فَقَرَّبَتْ إِلَيْهِ الْعَشَاءَ فَتَعَشَّى. ثُمَّ أَصَابَ مِنْهَا. فَلَمَّا فَرَغَ قَالَتْ: وَارُوا الصَّبِيَّ. فَلَمَّا أَصْبَحَ أَبُو طَلْحَةَ أَتَى النَّبِيَّ فَأَخْبَرَهُ. فَقَالَ: أَعْرَسْتُمُ اللَّيْلَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمَا. فَوَلَدَتْ غُلامًا فَقَالَ لِي أَبُو طَلْحَةَ: احْفَظْهُ حَتَّى تَأْتِيَ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ. فَأَتَى بِهِ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَعَثَتْ مَعَهُ تَمَرَاتٍ. فَأَخَذَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ: أَمَعَكَ شَيْءٌ؟ قُلْتُ: تَمَرَاتٌ. فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَضَغَهَا ثُمَّ أَخَذَ مِنْ فِيهِ فَجَعَلَ فِي فِيِّ الصَّبِيِّ وَحَنَّكَهُ بِهِ وَسَمَّاهُ عَبْدُ الله. أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ أُمِّ يَحْيَى الأَنْصَارِيَّةِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: حَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَبْدَ الله بن أَبِي طَلْحَةَ بِثَلاثِ تَمَرَاتِ عَجْوَةٍ يَمْضَغُهَا حَتَّى إِذَا أَمْعَنَ فِي مَضْغِهَا بَزَقَهَا فِي فِيهِ ثُمَّ حَنَّكَهُ بِهَا. قَالَ: فَجَعَلَ الصَّبِيُّ يَتَلَمَّظُ . أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: وَلَدَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي طَلْحَةَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَقَالَ: لا تُحَدِّثُوا فِيهِ شَيْئًا حَتَّى أَسْتَيْقِظَ. فَلَمَّا أَصْبَحَتْ غَسَلَتْهُ ثُمَّ بَعَثَتْ بِهِ مَعَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَتِ: اذْهَبْ بِأَخِيكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ. قَالَ أَنَسٌ: فَذَهَبْتُ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَجِئْتُهُ وَهُوَ قَائِمٌ فِي إِزَارٍ مَعَهُ مِسْحَاةٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: مَا هَذَا يَا أَنَسُ؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا أَخِي أَرْسَلَتْنِي بِهِ أُمِّي إِلَيْكَ. قَالَ: فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ ثُمَّ دَعَا بِتَمْرَةٍ فَمَضَغَهَا ثُمَّ حَنَّكَهُ بِهَا فَتَلَمَّظَهَا الصَّبِيُّ. فَضَحِكَ النَّبِيُّ ثُمَّ . أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ. حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ قَالَ: كَانَتْ أُمُّ أَنَسٍ تَحْتَ أَبِي طَلْحَةَ فَوَلَدَتْ مِنْهُ غُلامًا وَمَرِضَ. فَانْطَلَقَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ. فَمَاتَ الْغُلامُ. فَسَجَّتْهُ أُمُّهُ. فَلَمَّا جَاءَ أَبُو طَلْحَةَ قَالَ لَهَا: مَا فَعَلَ ابْنِي؟ قَالَتْ: صَالِحٌ. فَأَتَتْهُ بِتُحْفَتِهَا الَّتِي كَانَتْ تُتْحِفُهُ فَأَصَابَ مِنْهَا. ثُمَّ طَلَبَتْ مِنْهُ مَا تَطْلُبُ الْمَرْأَةُ مِنْ زَوْجِهَا فَأَصَابَ مِنْهَا. ثُمَّ قَالَتْ: مَا رَأَيْتَ مَا صَنَعَ نَاسٌ مِنْ جِيرَتِنَا. كَانَتْ عِنْدَهُمْ عَارِيَةٌ فَطَلَبُوهَا فَأَبَوْا أَنْ يَرُدُّوهَا. فَقَالَ: بِئْسَ مَا صَنَعُوا! فَقَالَتْ: هَذَا أَنْتَ. كَانَ ابْنُكَ عَارِيَةً مِنَ اللَّهِ وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ قَبَضَهُ إِلَيْهِ. فَقَالَ لَهَا: وَاللَّهِ لا تَغْلِبِينِي اللَّيْلَةَ عَلَى الصَّبْرِ. فَغَدَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ فَأَخْبَرَهُ. . قَالَ: فَوَلَدَتْ لَهُ غُلامًا. قَالَ عَبَايَةُ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ لِذَلِكَ الْغُلامِ سَبْعَةَ بَنِينَ كُلُّهُمْ قَدْ خَتَمَ الْقُرْآنَ.

الحارث بن عمرو الانصاري

الحارث بن عمرو الأنصاري
خال البراء بن عازب. ويقال عم البراء .
حدثنا عبد الوارث بن سفيان، قال. حدثنا قاسم بن أصبغ، حدثنا أحمد بن زهير، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عن أشعث، عن عدىّ ابن ثَابِتٍ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: مَرَّ بى عمّى الحارث بن عمرو، ومعه رَايَةٌ، فَقُلْتُ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ فَقَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ إِلَى رَجُلٍ نَكَحَ امْرَأَةَ أَبِيهِ، فَأَمَرَنِي أَنْ أَضْرِبَ عُنُقَهُ، وَآخُذَ مَالَهُ.
قَالَ أحمد بن زهير: هكذا قَالَ هشيم عن أشعث عن عدي عن البراء:
مر بي عمي ...
وقال زيد بن أبي أنيسة عن عدي بن ثابت، عن زيد بن البراء، عن البراء قَالَ: لقيت عمي، ولم ينسبه.
قَالَ أبو عمر رضي الله عنه غيرهما: يقول في هذا الحديث: عن عدي عن البراء، لقيت خالي، كذلك قَالَ حفص بن غياث عن أشعث عن عدي عن البراء وقاله الحسن البجلي، عن عدي بن ثابت، عن عَبْد الله بن يزيد، عن البراء، وفيه اضطراب يطول ذكره، فإن كان الحارث بن عمرو هذا هو الحارث بن عمرو بن غزية كما زعم بعضهم فعمرو بن غزية ممن شهد العقبة، وكان له فيما يقول أهل النسب أربعة من الولد كلهم صحب النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: الحارث، وعبد الرحمن، وزيد، وسعيد، بنو عمرو ابن غزية، وليس لواحد منهم رواية إلا الحارث، هكذا زعم بعض من ألف في الصحابة وفيما من ذلك نظر.
وقد روى عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ، الحجاج بن عمرو بن غزية لا يختلفون في ذلك، وما أظنّ الحارث هذا هو ابن عمرو بن غزية، والله أعلم.
وقد روى الشعبي عن البراء بن عازب قال: كان اسم خالي قليلا، فسماه رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ كثيرًا، وقد يمكن أن يكون له أخوال وأعمام.
الحارث بن عمرو الأنصاري
ب د ع: الحارث بْن عمرو بفتح العين وبالواو، وهو الأنصاري، عم البراء بْن عازب، وقيل: خال البراء.
(255) أخبرنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ، بِإِسْنَادِهِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، حدثنا هُشَيْمٌ، عن أَشْعَثَ بْنِ سَوَّارٍ، عن عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عن الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: مَرَّ بِي الْحَارِثُ بْنُ عَمْرٍو، وَقَدْ عَقَدَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِوَاءً، فَقُلْتُ: أَيْ عَمٍّ، إِلَى أَيْنَ بَعَثَكَ رَسُولُ اللَّهِ؟ فَقَالَ: بَعَثَنِي إِلَى رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ أَبِيهِ، فَأَمَرَنِي أَنْ أَضْرِبَ عُنُقَهُ.
وَرَوَاهُ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، عن عَدِيٍّ، عن الْبَرَاءِ، وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ، وَالْفَضْلُ بْنُ الْعَلاءِ، وَزَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، عن أَشْعَثَ، عن عَدِيٍّ، عن زَيْدِ بْنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، عن أَبِيهِ، قَالَ: لَقِيَنِي عَمِّي.
وَرَوَاهُ السُّدِّيُّ، وَالرُّبَيِّعُ بْنُ الرُّكَيْنِ، فِي آخَرِينَ، عن عَدِيٍّ، عن الْبَرَاءِ، قَالَ: مَرَّ بِي خَالِي وَمَعَهُ رَايَةٌ.
الْحَدِيثَ، وَخَالُهُ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ، قَالَهُ ابْنُ مَنْدَهْ، وَأَبُو نُعَيْمٍ. وقال أَبُو عمر، بعد ذكر الاختلاف فيه: وفيه اضطراب يطول ذكره، فإن كان الحارث بْن عمرو هذا هو الحارث بْن عمرو بْن غزية، كما زعم بعضهم، فعمرو بْن غزية ممن شهد العقبة، وكان له فيما يقول أهل النسب أربعة بنين كلهم صحب النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهم: الحارث، وعبد الرحمن، وزيد، وسعيد، بنو عمرو، وليس لواحد منهم رواية إلا الحارث، هكذا زعم بعض من ألف في الصحابة، وفي قوله نظر، وقد روى عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحجاج بْن عمرو بْن غزية، لا يختلفون في ذلك، وما أظن الحارث هذا هو ابن عمرو بْن غزية، والله أعلم.
وقد روى الشعبي، عن البراء بْن عازب: كان اسم خالي قليلا، فسماه النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كثيرًا، وقد يمكن أن يكون له أخوال وأعمام، انتهى كلام أَبِي عمر.
الْحَارِثُ بْنُ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيُّ عَمُّ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، ثنا يُوسُفُ الْقَاضِي، ثنا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، ح وَحَدَّثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْهَمْدَانِيُّ، ح، وَحَدَّثَنَا الطَّلْحِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَمَّادِ بْنِ سُفْيَانَ، ثنا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، قَالُوا: ثنا هُشَيْمٌ، ثنا أَشْعَثُ بْنُ سَوَّارٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَن الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: " مَرَّ بِي عَمِّي الْحَارِثُ بْنُ عَمْرٍو، وَقَدْ عَقَدَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِوَاءً، قَالَ: فَقُلْتُ: أَيْ عَمِّ، إِلَى أَيْنَ بَعَثَكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ أَبِيهِ، فَأَمَرَنِي أَنْ أَضْرِبَ عُنُقَهُ " اخْتُلِفَ عَلَى أَشْعَثَ فِيهِ، فَرَوَاهُ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْهُ، كَرِوَايَةِ هُشَيْمٍ. وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ، وَالْفَضْلُ بْنُ الْعَلَاءِ، فَخَالَفَا هُشَيْمًا، وَحَفْصًا، فَأَدْخَلَا يَزِيدَ بْنِ الْبَرَاءِ بَيْنَ عَدِيٍّ، وَالْبَرَاءَ
- حَدَّثَنَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أبي، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنَبْأَ مَعْمَرٌ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَقِيَنِي عَمِّي وَمَعَهُ رَايَةٌ، فَقُلْتُ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ فَقَالَ: بَعَثَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ أَبِيهِ، فَأَمَرَنِي أَنْ أَقْتُلَهُ " وَحَدِيثُ الْفَضْلِ بْنِ الْعَلَاءِ
- فَحَدَّثَنَاهُ أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ الْمُقَدَّمِيُّ، ثَنَا الْفَضْلُ بْنُ الِعَلَاءِ، ثَنَا أَشْعَثُ بْنُ سَوَّارٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْبَرَاءِ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ إِذْ مَرَّ بِي عَمِّي الْحَارِثُ مَعَهُ لِوَاءٌ " فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَوَافَقَ زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ مَعْمَرًا , وَالْفَضْلَ فِي رِوَايَتِهِمَا , عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ
- حَدَّثَنَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الْوَكِيعِيُّ الْمِصْرِيُّ، ثنا عُبَيْدُ بْنُ جَنَّادٍ الْحَلَبِيُّ، ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عِنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَن يَزِيدَ بْنِ الْبَرَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " لَقِيَنِي عَمِّي، وَقَدِ اعْتَقَدَ رَايَةً، فَقُلْتُ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رَجُلٍ نَكَحَ امْرَأَةَ أَبِيهِ أَضْرِبُ عُنُقَهُ، وَآخُذُ مَالَهُ " وَرَوَاهُ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ، عَنْ عَدِيٍّ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: لَقِيتُ عَمِّي، كَرِوَايَةِ هُشَيْمٍ، عَنْ أَشْعَثَ. وَرَوَاهُ السُّدِّيُّ، وَالرَّبِيعُ بْنُ الرُّكَيْنِ، فِي آخَرِينَ عَنْ عَدِيٍّ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: مَرَّ بِي خَالِي وَمَعَهُ الرَّايَةُ، وَخَالُهُ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نَيَّارٍ

علي بن ابي طالب

عَلّي بن أبي طَالب واسْمه عبد منَاف بن عبد الْمطلب بن هَاشم بن عبد منَاف بن قصي أَبُو الْحسن الْقرشِي الْهَاشِمِي وَأمه فَاطِمَة بنت أَسد بن هَاشم بن عبد المناف بن قصي شهد بَدْرًا سمع النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم
رَوَى عَنهُ أَبُو جُحَيْفَة وابناه الْحسن وَمُحَمّد الَّذِي يُقَال لَهُ (ابْن الْحَنَفِيَّة) ومروان بن الحكم وَأَبُو عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ وَعبد الرَّحْمَن ابْن أبي لَيْلَى ورِبْعِي بن حِرَاش فِي الْعلم وَغير مَوضِع ذكر الْوَاقِدِيّ وَخَلِيفَة أَنه اسْتخْلف بعد قتل عُثْمَان وَذَلِكَ يَوْم الْجُمُعَة لثمان عشرَة خلت من ذِي الْحجَّة سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَقتل بِالْكُوفَةِ صَبِيحَة الْجُمُعَة لسبع بَقينَ من شهر رَمَضَان سنة أَرْبَعِينَ فَكَانَت خِلَافَته أَربع سِنِين وَتِسْعَة أشهر وَسِتَّة أَيَّام وَيُقَال ثَلَاثَة أَيَّام وَيُقَال أَرْبَعَة عشر يَوْمًا هَكَذَا قَالَ خَليفَة وَيُقَال مَاتَ وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَسِتِّينَ سنة وَيُقَال مَاتَ وَهُوَ ابْن ثَمَان وَخمسين سنة وَيُقَال ابْن سبع وَخمسين سنة وَقَالَ الْوَاقِدِيّ فِي (التَّارِيخ) قتل يَوْم الْجُمُعَة لسبع عشرَة خلت من رَمَضَان سنة أَرْبَعِينَ فَكَانَت إمرة عَلّي رَضِي الله عَنهُ أَربع سِنِين وَثَمَانِية أشهر وَتِسْعَة وَعشْرين يَوْمًا وَذكر ابْن أبي شيبَة أَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قبض وَعلي بن أبي طَالب ابْن سبع وَعشْرين سنة
عَليّ بن أبي طَالب وَأَبُو طَالب اسْمه عبد منَاف بن عبد المطلب وعبد المطلب اسْمه شيبَة بن هَاشم وهَاشِم اسْمه عَمْرو بن عبد منَاف وَعبد منَاف اسْمه الْمُغيرَة وَقيل الْحَارِث بن قصي وقصي اسْمه يزِيد وَإِنَّمَا سمي قصيا لِأَنَّهُ كَانَ قاصيا عَن قومه فِي قضاعة ثمَّ قدم وقريش مُتَفَرِّقَة فِي الْقَبَائِل فَجَمعهُمْ حول الْكَعْبَة وَسمي أَيْضا مجمع بن كلاب بن مرّة بن كَعْب بن لؤَي بن غَالب بن فهر بن مَالك بن النَّضر بن كنَانَة بن خُزَيْمَة بن مدركة بن إلْيَاس بن مُضر الْقرشِي الْهَاشِمِي وَأمه فَاطِمَة بنت أَسد بن هَاشم بن عبد منَاف توفيت مسلمة قبل الْهِجْرَة وَقد زعم قوم أَنَّهَا هَاجَرت وَصلى عَلَيْهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ودفنها وَبكى عَلَيْهَا وَأَنَّهَا كَانَت بدرية قيمَة بأَمْره وَكَانَ عَليّ رضوَان الله عَلَيْهِ أَصْغَر بني أبي طَالب كَانَ أَصْغَر من جَعْفَر بِعشر سِنِين وَكَانَ جَعْفَر أَصْغَر من عقيل بِعشر سِنِين وَكَانَ عقيل أَصْغَر من طَالب بِعشر سِنِين كَانَ عَليّ من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَنْزِلَة هَارُون بن مُوسَى وَصلى الْقبْلَتَيْنِ جَمِيعًا وَهَاجَر فِي الْهِجْرَة الأولى وَشهد الْمشَاهد كلهَا إلاتبوك رده رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ اخلفني فِي أَهلِي أَلا ترْضى أَن تكون مني بِمَنْزِلَة هَارُون بن مُوسَى وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم خَيْبَر لأعطن الرَّايَة رجلا يحب
الله وَرَسُوله وَيُحِبهُ الله وَرَسُوله فتطاول لَهَا أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ادعو إِلَى عليا فَأتى بِهِ أرمد فبصق فِي عينه وَدفع إِلَيْهِ الرَّايَة فَفتح الله عَلَيْهِ وَلما نزلت {نَدع أبناءنا وأبناءكم} دَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عليا وَفَاطِمَة وحسنا وَحسَيْنا
فَقَالَ اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهلِي وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّه أقضى الأمه كَانَ ابْن عَم نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَخَتنه على ابْنَته وَأَبُو سبطيه
شهد لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْجنَّةِ وَمَات وَهُوَ عَنهُ رَاض وَقتل فِي رَمَضَان بِالْكُوفَةِ سنة أَرْبَعِينَ قَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ وَقَالَ عَمْرو بن عَليّ سَمِعت بعض الْعلمَاء يَقُول ضرب لتسْع عشرَة لَيْلَة وَمَات إِحْدَى وَعشْرين وَقَالَ بَعضهم ضرب لَيْلَة إِحْدَى وَعشْرين وَمَات لَيْلَة أَربع وَعشْرين سنة أَرْبَعِينَ وَاخْتلفُوا فِي سنة فَسَمِعتهمْ يحدثُونَ عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه أَن عليا قبض وَهُوَ ابْن ثَمَان وَخمسين وَقَالَ بعض أهل الْعلم ابْن ثَلَاث وَسِتِّينَ
روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَن الْمِقْدَاد بن الْأسود فِي الْوضُوء
روى عَنهُ زر بن حُبَيْش فِي الْإِيمَان وَشُرَيْح بن هانىء فِي الْوضُوء وَمُحَمّد بن الْحَنَفِيَّة فِي النِّكَاح وعبد الله بن عَبَّاس فِي الْوضُوء وَالصَّلَاة والفضائل وَوصف مطرف بن الشخير تكبيره فِي الصَّلَاة وَصلَاته مَعَ عمرَان بن حُصَيْن خَلفه وعبد الله بن حنين فِي الصَّلَاة وَعبيدَة السَّلمَانِي وَيحيى بن الجزار شُتَيْر بن شكل وعبيد الله بن أبي رَافع فِي الصَّلَاة وَالزَّكَاة وَابْنه الْحُسَيْن بن عَليّ ومسعود بن الحكم الْأنْصَارِيّ وَأَبُو هياج الْأَسدي فِي الْجَنَائِز وسُويد بن غَفلَة فِي الزَّكَاة وَزيد بن وهب فِي الزَّكَاة وعبد الله بن شَقِيق وَسَعِيد بن الْمسيب فِي الْحَج وَأَبُو عبد الرحمن السّلمِيّ فِي النِّكَاح وحضين بن الْمُنْذر أَبُو ساسان وَعُمَيْر بن سعيد وَمَالك بن أَوْس وَأَبُو عبيد سعد مولى ابْن أَزْهَر وَأَبُو الطُّفَيْل والْحَارث بن سُوَيْد وَأَبُو صَالح الْحَنَفِيّ وعبد الرحمن بن قيس وَأَبُو بردة بن أبي مُوسَى وَعبد الله بن شَدَّاد وَعبد الله بن جَعْفَر
علي بن أبي طالب
رضي الله عنه واسم أبي طالب عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قتله عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله صبيحة ليلة الجمعة لسبع عشرة ليلة مضت من شهر رمضان سنة أربعين، وهو ابن ثمان وخمسين سنة، وقيل ابن ثلاث وستين سنة؛ وكانت خلافته أربع سنين وتسعة أشهر وأياماً.
وكان من جلاء فقهاء الصحابة. روي عنه أنه قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فقلت: يا رسول الله أتبعثني وأنا شاب وهم كهول ولا علم لي بالقضاء، قال: انطلق فإن الله عز وجل سيهدي قلبك ويثبت لسانك؛ قال علي: فوالله ما تعاييت في شيء بعد. وروي أنه قال: اللهم اهدِ قلبه؛ قال: فما شككت في قضاء بين اثنين حتى جلست مجلسي هذا. وروى ابن عباس قال: خطبنا عمر رضي الله عنه فقال: علي أقضانا وأبي أقرأنا وإنا لنترك أشياء من قول أبيّ. وروى الحسن قال: جمع عمر رضي الله عنه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ليستشيرهم وفيهم علي فقال: قل فأنت أعلمهم وأفضلهم. وروى سعيد بن المسيب قال: كان عمر يتعوذ بالله من معضلة ليس فيها أبو حسن. وقال عبد الله: إن أعلم أهل المدينة بالفرائض ابن أبي طالب؛ وقال ابن عباس: أعطي علي تسعة أعشار العلم وأنه لأعلمهم بالعشر الباقي. وقالت عائشة رضي الله عنها: من أفتاكم بصوم عاشوراء؟ فقيل علي بن أبي طالب، قالت: أما إنه أعلم الناس بالسنة، وروي أنها قالت: أعلم من بقي بالسنة. وقال مسروق: انتهى العلم إلى ثلاثة: عالم بالمدينة وعالم بالشام وعالم بالعراق؛ فعالم المدينة علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وعالم العراق عبد الله بن مسعود، وعالم الشام أبو الدرداء، فإذا التقوا سأل عالم الشام وعالم العراق عالم المدينة ولم يسألهما. وقال عبد الملك بن
أبي سليمان، قلت لعطاء: أكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحد علم من علي؟ قال: لا والله ما أعلمه.
- عَليّ بن أبي طَالب واسْمه عبد منَاف بن عبد الْمطلب بن هَاشم بن عبد منَاف بن قصي أَبُو الْحسن الْهَاشِمِي أمه فَاطِمَة بنت أَسد بن هَاشم بن عبد منَاف بن قصي أخرج البُخَارِيّ فِي الْعلم وَغير مَوضِع عَن بنيه الْحسن وَالْحُسَيْن
وَمُحَمّد وَعَن أبي جُحَيْفَة ومروان بن الحكم وَأبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ وَغَيرهم عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَبُو نصر اسْتخْلف بعد قتل عُثْمَان يَوْم الْجُمُعَة لثماني عشرَة خلت من ذِي الْقعدَة سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَقتل بِالْكُوفَةِ صَبِيحَة الْجُمُعَة لسبع بَقينَ من شهر رَمَضَان سنة أَرْبَعِينَ قَالَ أَبُو نصر قَالَ الْوَاقِدِيّ قتل وَهُوَ بن ثَلَاث وَسِتِّينَ سنة وَقيل بن سبع وَخمسين سنة وَقَالَ عَمْرو بن عَليّ سَمِعت بعض الْعلمَاء يَقُول ضرب لتسْع عشرَة وَمَات لَيْلَة إِحْدَى وَعشْرين وَقَالَ بَعضهم ضرب لَيْلَة إِحْدَى وَعشْرين وَمَات لَيْلَة أَربع وَعشْرين سنة أَرْبَعِينَ قَالَ البُخَارِيّ فِي التَّارِيخ خِلَافَته خمس سِنِين إِلَّا شَهْرَيْن وَأَيَّام وَأخرج فِيهِ حَدثنَا أَبُو النُّعْمَان حَدثنَا مُعْتَمر قَالَ سَمِعت أبي قَالَ سَمِعت حُرَيْث بن مخش يحدث أَن عليا قتل صَبِيحَة إِحْدَى وَعشْرين من رَمَضَان وَسمعت الْحسن بن عَليّ يخْطب يذكر مَنَاقِب عَليّ وَأخرج فِيهِ حَدثنِي إِبْرَاهِيم بن مُوسَى أخبرنَا هِشَام أَن بن جريج أخْبرهُم قَالَ أخبرنَا مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ أَن عَليّ بن أبي طَالب مَاتَ لثلاث أَو لأَرْبَع وَسِتِّينَ سنة أَو نَحْو ذَلِك وَأخرج فِيهِ حَدثنَا أَبُو النُّعْمَان حَدثنَا أَبُو هِلَال عَن حميد بن هِلَال عَن عبد الله بن مُغفل عَن عبد الله بن سَلام قَالَ لما أَرَادَ عَليّ أَن يَأْتِي الْعرَاق فَلَمَّا جَاءَ قَتله قَالَ عبد الله بن سَلام يَا عبد الله بن مُغفل هَذَا رَأس الْأَرْبَعين وسيكون على رَأسهَا صلح
علي بن أبي طالب [بن عبد المطلب] ////
[سمعت] أحمد بن حنبل يقول: علي بن أبي طالب واسم أبي طالب: عبد مناف بن عبد المطلب واسم عبد المطلب: شيبة بن هاشم واسم هاشم: عمرو بن عبد مناف واسم عبد مناف: المغيرة بن قصي واسم قصي: زيد بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر.
حدثني أحمد بن محمد بن يحيى [] نا محمد بن بشر نا زكريا عن عامر قال: أم علي: فاطمة بنت أسد بن هاشم وذكر مصعب [الزبيري أنها] أول هاشمية ولدت هاشميا أسلمت وهاجرت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وماتت وشهدها النبي صلى الله عليه وسلم.
حدثني [هارون] بن موسى الفروي نا ابن فليح عن موسى بن عقبة عن الزهري وحدثني ابن الأموي قال: ثني أبي عن ابن إسحاق ح.
وحدثني أحمد بن منصور نا عمرو بن خالد نا ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير [قالوا] جميعا فيمن شهد بدرا من بني هاشم: علي بن أبي طالب.
- حدثنا علي بن الجعد أخبرنا شعبة عن عمرو بن مرة قال: سمعت أبا حمزة الأنصاري يقول: سمعت زيد بن أرقم يقول: أول من صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم علي رضي الله عنه. قال عمرو: فذكرت ذلك لإبراهيم فأنكره وقال: أبو بكر رضي الله عنه.

- حدثنا علي بن الجعد أخبرنا شعبة عن [سلمة] بن كهيل عن حبة قال: سمعت عليا يقول: أنا أول رجل صلى أو أسلم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

- حدثنا عثمان بن أبي شيبة نا معاوية بن هشام عن سليمان بن قرم عن سلم عن أنس قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين وأسلم علي
يوم الثلاثاء.

- حدثنا زهير بن محمد نا عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال: أول من أسلم علي رضي الله عنه.
حدثني أحمد بن منصور [عن يحيى] بن بكير قال: أخبرني الليث بن سعد: أن أبا الأسود حدثه قال عروة: إن عليا أسلم وهو ابن ثمان سنين.
حدثني أحمد بن منصور نا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن قتادة عن [الحسن] قال: أول من أسلم علي وهو ابن خمس عشرة أو ست عشرة سنة.

- حدثنا محمد بن حميد نا [إبراهيم] بن المختار نا شعبة عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس قال: أول من أسلم علي.

- حدثنا عبد الله بن عمر نا شريك قال: سمعت أبا إسحاق قال: رأيت عليا أبيض الرأس [واللحية وكان ربما خضب لحيته] وإذا برجل أبيض ////
- حدثنا [إسماعيل] بن سليمان عن أبي عمرو البزار عن ابن الحنفية قال: اختضب علي مرة بالحناء.

- حدثني سويد بن سعيد نا علي بن مسهر عن الأعمش عن أبي سعيد التيمي [قال]: كنا نبيع الثياب على عواتقنا ونحن غلمان في السوق فإذا رأينا عليا قد أقبل قلنا: [بوذا شكب أمذ] فقال علي: ما تقولون؟ قيل لنا: يقولون: عظيم البطن. قال: أجل أعلاه علم وأسفله طعام.
- حدثني جدي نا علي بن هاشم بن البريد عن صالح بياع الأكسية عن جدته فقال: رأيت عليا اشترى تمرا بدرهم فحمله في ملحفته فقيل: يا أمير المؤمنين: ألا نحمله عنك؟ فقال: إن [أبا] العيال أحق بحمله.
حدثنا أبو الربيع نا جعفر بن سليمان [بن مالك] قال: حدثتني عجوز قالت: رأيت عليا وفي يده درة وعليه قميص ليس له جربان.
حدثنا عبيد الله بن عمر نا أبو المعلى الحنائي قال: حدثني أبي قال: رأيت عليا صعد المنبر وعليه إزار ورداء وعمامة وشهدت عليا أعطى الناس ثلاثة إباطية في سنة.

- حدثنا داود بن عمرو وأبو الربيع قالا: نا شريك عن سماك عن [حنش بن المعتمر] عن علي قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم قاضيا فقلت: يا رسول الله [إني شاب] وتبعثني إلى [قوم ذوي أسنان؟] قال: فدعا لي بدعوات.

- وزاد [داود بن عمرو] في حديثه: فوضع يده على [صدري] وقال: " ثبتك الله وسددك.
وفي حديث أبي الربيع: فما اختلف علي بعد ذلك القضاء.
حدثني جدي نا أبو قطن نا شعبة عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد عن علقمة عن عبد الله قال: كنا نتحدث أن أقضى أهل المدينة علي بن أبي طالب.
حدثنا عثمان بن أبي شيبة نا سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد قال: أراه عن سعيد بن المسيب قال: لم يكن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقول: سلوني إلا علي.
ورواه غيره عن سفيان عن يحيى بن سعيد بغير شك.
حدثنا عبيد الله نا مؤمل نا [سفيان] عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال: كان عمر يتعوذ بالله من معضلة [ليس لها] أبو حسن.

- حدثنا أحمد بن عمران الأخنسي قال: سمعت محمد بن فضيل نا أبو [نصر عبد الرحمن] الأنصاري عن مساور الحميدي عن أمه عن أم سلمة قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لعلي: " ما يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق ".

- حدثنا [يحيى بن] عبد الحميد الحماني نا شريك عن أبي ربيعة الإيادي عن ابن بريدة عن [أبيه قال] قال النبي صلى الله عليه وسلم:
" أخبرني الله تبارك وتعالى بحب أربعة وأخبرني أنه [يحبهم].////

- حدثنا محمد بن حميد نا علي بن مجاهد نا محمد بن إسحاق عن شريك بن عبد الله عن [،] عن ابن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لكل نبي وصي ووارث عليا وصيي ووارثي.

- حدثنا أبو الربيع الزهراني نا جعفر بن سليمان نا يزيد الرشك عن مطرف عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " علي مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي.
- حدثنا عثمان بن أبي شيبة نا شريك عن حنش بن الحارث عن رباح بن الحارث قال: بينا علي جالس إذا جاء رجل عليه أثر السفر فقال: السلام عليك يا مولاي قال [أبو أيوب] الأنصاري فقال [علي: فر حوله] فقال أبو أيوب: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من كنت مولاه فعلي مولاه ".

- حدثنا عثمان بن أبي شيبة نا وكيع وأبو معاوية عن الأعمش عن عدي بن ثابت عن زر بن حبيش عن علي قال: عهد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق.
- حدثنا عبيد الله قال: حدثني حرمي بن عمارة نا الفضل بن [عميرة] [] قال: حدثني ميمون الكردي أبو بصير عن أبي عثمان النهدي عن علي بن أبي طالب قال: كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض طرق المدينة فأتينا على حديقة فقلت: يا رسول الله: ما أحسن هذه الحديقة! فقال: " ما أحسنها ولك في الجنة أحسن منها " ثم أتينا على حديقة أخرى فقلت، يا رسول الله ما أحسنها من حديقة! قال: " لك في الجنة أحسن منها " حتى أتينا على قطع حدائق أقول: يا رسول الله ما أحسنها فيقول: " لك في الجنة أحسن منها " فلما خلا له الطريق اعتنقني ثم أجهش باكيا فقلت: يا رسول الله ما يبكيك؟ قال: " ضغائن [في صدور قوم لا يبدونها] لك إلا من بعدي " فقلت: في سلامة من ديني. قال: " في سلامة من دينك ".
- حدثنا عبد الله بن سعيد نا تليد بن سليمان عن أبي الجحاف داود عن محمد بن عمرو الهاشمي عن زينب بنت علي عن فاطمة بنت محمد قالت: نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى علي فقال: " هذا في الجنة وإن من شيعته قوما يلفظون الإسلام لهم نبز يسمون [] من لقيهم فليقتلهم فإنهم مشركون.
حدثنا إسحاق بن إبراهيم نا عفيف [بن سالم] الموصلي نا الحسن بن كثير عن أبيه قال: كان قد أدرك عليا قال: [خرج علي لصلاة الفجر فاستقبله الأوز يصحن] في وجهه فطردوهن عنه فقال: ذروهن إنهن نوائح وخرج [أمير المؤمنين: خل بيننا وبين زياد] فلا تقوم لهم ثاغية أو راغبة [] احبسوا الرجل فإذا مت فاقتلوه وإن أعش فالجروح [قصاص].////
حدثنا سوار بن عبد الله نا معتمر قال: قال أبي حدثني حريث بن المخش: أن عليا [مات] صبيحة إحدى وعشرين من شهر رمضان.
حدثنا أحمد بن منصور نا يحيى بن بكير المصري قال: أخبرني الليث بن سعد: أن عبد الرحمن بن ملجم ضرب عليا في صلاة الصبح على [رأسه] بسيف كان سمه بالسم ومات من يومه ودفن بالكوفة ليلا.

- حدثنا سلم بن جنادة قال: نا حفص نا أبو رزين عن مولى لعلي: أن الحسن كبر على علي أربعا.
حدثنا إبراهيم بن هاني نا أحمد بن حنبل نا إسحاق بن عيسى عن أبي معمر قال: قتل علي في رمضان يوم [الجمعة] في سبع عشرة ليلة من
رمضان سنة أربعين وكانت خلافته خمس سنين [إلا ثلاثة أشهر].
حدثنا أحمد بن إبراهيم قال: سمعت أبا نعيم يقول: قتل علي رضي الله عنه في رمضان في تسع عشر خلت يوم الجمعة [ومات] ليلة الأحد.

- حدثنا علي بن الجعد أخبرنا حماد بن سلمة عن سعيد بن جهمان عن سفينة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن الخلافة بعدي ثلاثون سنة " فقال لي: أمسك يعني [قال سفينة لا] بن جمهان أمسك فذكر خلافه على ستا.
حدثنا عمرو بن محمد الناقد نا سفيان قال: قال جعفر: قتل علي وهو ابن ثمان وخمسين.
حدثنا إسحاق بن إبراهيم نا حميد بن عبد الرحمن عن حسن بن [] عن هارون بن سعيد قال: كان عند علي مسك أوصى أن يحنط به.
وقال فضل: من حنوط رسول الله صلى الله عليه وسلم.
آخر الجزء الخامس عشر من المعجم للبغوي، فرغ منه عبيد الله الفقير إليه الغني به عيسى بن سليمان بن عبد الله بن عبد الملك بن بطة بن محمد الرعيني الأندلسي، وفقه الله [لنفسه]، بدار الحديث بدمشق، عمره الله بذكره، يوم الثلاثاء الثامن والعشرين من شعبان المكرم سنة عشرة وست مئة، والحمد لله، وسلام على عباده الذين اصطفى ////
الجزء السابع عشر من كتاب معجم الصحابة رضي الله عنهم أجمعين
تصنيف
أبي القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، رحمه الله.
رواية أبي عبد الله عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان بن بطة العكبري، رحمه الله. ////
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد رسوله الكريم، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.
أمير المؤمنين، وابن عم خاتم النبيين: علي بْن أَبِي طالب، واسم أَبِي طالب : عَبْد مناف بْن عَبْد المطلب بْن هاشم بْن عَبْد مناف بْن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة ابن إلياس بْن مضر بْن نزار بْن معد بْن عدنان، يكنى: أبا الْحَسَن، وأبا تراب:
وأمه فاطمة بنت أسد بْن هاشم بْن عَبْد مناف، وهي أول هاشمية ولدت لهاشمي، وعلي أول من صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من بني هاشم، وشهد المشاهد معه، وجاهد بين يديه، ومناقبه أشهر من أن تذكر، وفضائله أكثر من أن تحصر، وكان ورود المدائن في طريقه لما قاتل الخوارج بالنهروان؛ ولما خرج إلى صفين أيضا.
أَخْبَرَنَا الحسن بن أبي بكر قال أنبأنا أحمد بن كامل القاضي قال نا أبو يحيى الناقد قال ثنا محمّد بن جعفر الفيدي قال نبأنا محمّد فضيل عن الأجلح قال نبأنا قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ وَأَبُو كُلْثُومٍ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ وَهُوَ بِالْمَدَائِنِ: جَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «إنه خَرَجَ إِلَيْكَ نَاسٌ مِنْ أَرِقَّائِنَا لَيْسَ بِهِمُ الدين تعيذا فَارْدُدْهُمْ عَلَيْنَا» . فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ: صَدَقَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَنْ تَنْتَهُوا يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ حَتَّى يَبْعَثَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ رَجُلا امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبَهُ بِالإِيمَانِ يَضْرِبُ أَعْنَاقَكُمْ؛ وَأَنْتُمْ مُجْفِلُونَ عَنْهُ إجْفَالَ النِّعَمِ» فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «لا» . قَالَ لَهُ عُمَرُ: أَنَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «لا، وَلَكِنَّهُ خَاصِفُ النَّعْلِ» . قَالَ: وَفِي كَفِّ عَلِيٍّ نَعْلٌ يَخْصِفُهَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
. أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ الْحَسَن الشاهد بالبصرة قال نبأنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْبَخْتَرِيِّ المادرائي قال نبأنا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمِ بْنِ أَبِي غَرْزَةَ قَالَ نبأنا على بن قادم قال نبأنا عَلِيُّ بْنُ عَابِسٍ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: اسْتَنُبِئَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ، وَأَسْلَمَ عَلِيٌّ يَوْمَ الثُّلاثَاءِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَلِيّ الصّلحي قال أنبأنا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن يعقوب الجرجرائي قَالَ نبأنا أَبُو جعفر مُحَمَّد بْن معاذ الهروي قَالَ نبأنا أَبُو داود سُلَيْمَان بْن معبد السنجي قَالَ نبأنا الهيثم بن عدي قال نبأنا جعفر بْن مُحَمَّد عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعليّ ابن سبع سنين.
أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ قَالَ نبأنا إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن يَحْيَى النيسابوري قَالَ أنبأنا
محمّد بن إسحاق الثقفي قال نبأنا قتيبة قال نبأنا الليث عَنْ أَبِي الأسود عمن حدثه:
أن عَلِيّ بْن أَبِي طالب أسلم وهو ابْن ثمان سنين.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن الحُسَيْن بْن الفضل القطان قال أنبأنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دَرَسْتَوَيْهِ النَّحْوِيُّ قال نبأنا يَعْقُوب بْن سفيان قَالَ سمعت سُلَيْمَان بْن حرب يقول:
شهد عَلِيّ بدرا وهو ابْن عشرين سنة؛ وشهد الفتح وهو ابْن ثمان وعشرين سنة.
أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن مُحَمَّد المعدل قال أنبأنا الحسين بن صفوان البرذعيّ قال نبأنا عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا قال نبأنا محمّد بن سعد قال أنبأنا محمّد بن عمر قال نبأنا أَبُو بَكْر بْن عَبْدِ اللَّهِ بْن أَبِي سبرة عَنْ إِسْحَاقَ بْن عَبْدِ اللَّهِ بْن أَبِي فروة قال:
سألت أبا جعفر بْن عَلِيّ: كم كان سن عَلِيّ يوم قتل؟ قَالَ: ثلاثا وستين سنة. قلت:
ما كانت صفته؟ قَالَ: رجل آدم شديد الأدمة، ثقيل العينين عظيمهما، ذو بطن، أصلع؛ هو إِلَى القصر أقرب. قلت: أين دفن؟ فقال: بالكوفة ليلا وقد غبّي عني دفنه.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيّ بْن أَحْمَد بْنِ عُمَرَ المقرئ قال أنبأنا علي بن أحمد بن أبي قيس الرَّفَّاء قال أنبأنا أبو بكر بن أبي الدّنيا قال نبأنا عباس بْن هشام عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بويع عَلِيّ بْن أَبِي طالب بْن عَبْد المطلب بْن هاشم بْن عَبْد مناف بالمدينة يوم الجمعة حين قتل عثمان، لاثنتي عشرة ليلة بقين من ذي الحجة؛ فاستقبل المحرم سنة ست وثلاثين. قَالَ غير عباس: وكانت بيعته في دار عمرو بْن محصن الأنصاري، ثم أحد بني عمرو بْن مبذول يوم الجمعة، ثم بويع بيعته العامة من الغد يوم السبت فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن مُحَمَّد القرشي قال نبأنا أَبُو عُمَر الزاهد مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد قَالَ أَخْبَرَنِي السياري قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْعَبَّاسِ بْن مسروق الطوسي قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن حَنْبَل قَالَ: كنت بين يدي أَبِي جالسا ذات يوم؛ فجاءت طائفة من الكرخيين فذكروا خلافة أبي بكر وعمر بْن الخطاب وخلافة عثمان بْن عفان فأكثروا، وذكروا خلافة عَلِيّ بْن أَبِي طالب وزادوا فأطالوا، فرفع أَبِي رأسه إليهم، فقال: يا هؤلاء! قد أكثرتم القول في عَلِيّ والخلافة والخلافة وعلى، إن الخلافة لم تزيّن عليّا بل على زينها، قَالَ السياري: فحدثت بهذا بعض الشيعة. فقال لي: قد أخرجت نصف ما كان في قلبي على أَحْمَد بْن حَنْبَل من البغض.
أخبرنا على بن القاسم البصريّ قال نبأنا على بن إسحاق المادرائي قال نبأنا الصّاغانيّ محمّد بن إسحاق قال نبأنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانٍ الْوَرَّاقُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عبد الله
الْمُحَلِّمِيُّ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ: «مَنْ أَشْقَى الأَوَّلِينَ؟» قَالَ: عَاقِرُ النَّاقَةِ. قَالَ: «فَمَنْ أَشْقَى الآخِرِينَ؟» قَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.
قَالَ: «قَاتِلُكَ »
. أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن رزق البزاز قَالَ أنبأنا عثمان بن أحمد الدقاق قَالَ أنبأنا حنبل بن إسحاق قال حدثني أبو عبد الله- يعني أحمد بن حنبل- قال نا إِسْحَاق بْن عِيسَى عَنْ أَبِي معشر. قَالَ حنبل: نا عاصم بن على قال نا أبو معشر قال: وقتل على ابن أَبِي طالب في رمضان يوم الجمعة؛ لسبع عشرة ليلة في رمضان سنة أربعين، وكانت خلافته خمس سنين إلا ثلاثة أشهر.
أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن أَحْمَد بن عمر المقرئ قال أنبأنا علي بن أحمد بن أبي قيس قَالَ نبأنا عَبْدُ الله بْن مُحَمَّد بْن عبيد قَالَ نبأنا الحسين بن على العجليّ قال نبأنا حسين الجعفي قَالَ: سمعت سفيان بْن عيينة يسأل جعفر بْن مُحَمَّد: كم كان لعلي يوم قتل؟
قَالَ: ثمان وخمسون سنة.
أَخْبَرَنَا ابن بشران قال أنبأنا الحسين بن صفوان قال نا ابن أبي الدّنيا قال نا محمّد ابن سعد قال أنبأنا محمّد بن عمر قال نا عَلِيّ بْن عُمَر بْن عَلِيّ بْن حسين عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد بْن عَقِيلٍ قَالَ: سمعت ابْن الحنفية يقول سنة الجحاف حين دخلت إحدى وثمانون: هذه لي خمس وستون سنة قد جاوزت سن أَبِي. قلت: وكم كانت سنه يوم قتل؟ قَالَ: ثلاث وستون . قَالَ مُحَمَّد بْن سعد: ودفن علي بالكوفة عند مسجد الجامع في قصر الإمارة.
أخبرنا ابن رزق قال أنبأنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عِيسَى الْكُوفِيُّ قال نبأنا محمّد ابن مَنْصُورٍ الْمُرَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ- يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ عِيسَى الْعُلَوِيَّ- قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: دَفَنْتُ أَبِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فِي حَجَلَةٍ، أَوْ قَالَ- فِي حُجْرَةٍ- مِنْ دُورِ آلِ جَعْدَةَ بْنِ هُبَيْرَةَ.
أَخْبَرَنَا حمزة بن محمد بن طاهر الدقاق قال أنبأنا الوليد بن بكر الأندلسي قال
حدثنا علي بن أحمد بن زكريا الهاشمي قال نا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد اللَّهِ العجلي قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: وعلي بْن أَبِي طالب قتل بالكوفة، قتله عَبْد الرّحمن بن ملجم المرادي، وقتل عبد الرّحمن الحسن بن على، ودفن عَلِيّ بالكوفة فلا يعلم أين موضع قبره ؟.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن الحسين القطان قَالَ أنبأنا عبد الله بن إسحاق الخراساني قال نبأنا أبو زيد بن طريف قال نبأنا إسماعيل بن موسى قال نبأنا أَبُو المحياة عَنْ عَبْد الملك بْن عمير قَالَ: لما حفر خالد بْن عَبْدِ اللَّهِ أساس دار يزيد ابنه، استخرجوا شيخا مدفونا أبيض الرأس واللحية. فقال: أتحب أن أريك عَلِيّ بْن أَبِي طالب؟ فكشف لي فإذا بشيخ أبيض الرأس واللحية، كأنما دفن بالأمس طري- وزاد في الحديث إسماعيل بْن بهرام- فقال: يا غلام عَلِيّ بحطب ونار. فقال: الهيثم بن العربان، أصلح الله الأمير ليس يريد القوم منك هذا كله. فقال: يا غلام عَلِيّ بقباطي، فلفه فيها وحنطه وتركه مكانه.
قَالَ أَبُو زَيْد بْن طريف: هذا الموضع بحذاء باب الوراقين مما يلي قبلة المسجد بيت إسكاف، وما يكاد يقر في ذلك الموضع أحد إلا انتقل عنه.
أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيم بْن مَخْلَدِ بْن جَعْفَرٍ الْمُعَدَّلُ قَالَ نا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم الحكيمي قَالَ نا أَبُو قلابة.
(ح) وَأَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي بكر قال أنبأنا عبد الله بن إسحاق الحسن بن إبراهيم البغويّ قال نا عَبْد الملك بْن مُحَمَّد- وهو أَبُو قلابة الرقاشي- قال نبأنا الْحَسَن بْن مُحَمَّد النخعي قَالَ: جاء رجل إِلَى شريك فقال: أين قبر عَلِيّ بْن أَبِي طالب؟
فأعرض عنه، حتى سأله ثلاث مرات. فقال له في الرابعة: نقله والله الْحَسَن بْن عَلِيّ إِلَى المدينة- هذا لفظ حديث البغوي- قَالَ: وَقَالَ عَبْد الملك: وكنت عند أَبِي نعيم فمر قوم على حمير. قلت: أين يذهب هؤلاء؟ قَالَ: يأتون إِلَى قبر عَلِيّ بْن أَبِي طالب، فالتفت إلي أَبُو نعيم. فقال: كذبوا، نقله الْحَسَن ابنه إِلَى المدينة.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مَخْلَدٍ الْوَرَّاقُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عمران قال نا إسماعيل الصّفّار قال نا المبرد عَنْ مُحَمَّد بْن حبيب قَالَ: أول من حول من قبر إِلَى قبر أمير المؤمنين عَلِيّ بْن أَبِي طالب، حوله ابنه الحسن.
أَخْبَرَنِي الحسن بن أبي بكر قَالَ كتب إليَّ مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عمران الجوري من شيراز أن أَحْمَد بْن حمدان بْن الخضر أخبرهم قال نا أَحْمَد بْن يونس الضبي قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو حسان الزيادي قَالَ: دفن عَلِيّ بالكوفة عند قصر الإمارة عند المسجد الجامع ليلا، وعمي موضع قبره. ويقال: دفن في موضع القصر. ويقال: في الرحبة التي تنسب إليه. ويقال في الكناسة .
وَقَالَ أَبُو حسان: حَدَّثَنِي النخعي عَنْ شريك: أن الْحَسَن بْن عَلِيّ حمله بعد صلح معاوية والحسن فدفنه بالمدينة. ويقال: حمله فدفنه بالثوية. ويقال: دفن بالبقيع مع فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليهما .
أخبرني الحسن بن على الجوهريّ قال أنبأنا أَبُو حاتم مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد الرازي قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الحسين مُحَمَّد بْن عَبْدِ اللَّهِ بْن القاسم الأديب قَالَ نا أَبُو الفيض صالح ابن أحمد النّحويّ قال نا صالح بْن شعيب عَنِ الْحَسَن بْن شعيب الفروي عن عيسى ابن داب قَالَ: عُمِّيَ قبر عَلِيّ بْن أَبِي طالب عليه السّلام. قَالَ: وَحَدَّثَنِي الْحَسَن: أنه صير في صندوق وأكثر عليه من الكافور، وحمل على بعير يريدون به المدينة، فلما كان ببلاد طيئ أضلوا البعير ليلا فأخذته طيئ وهم يظنون أن بالصندوق مالا. فلما رأوا ما فيه خافوا أن يطلبوا فدفنوا الصندوق بما فيه، ونحروا البعير فأكلوه .
حكى لنا أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَد بْن عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ سمعت أبا بكر الطلحي يذكر أن أبا جعفر الحضرمي- مطينا- كان ينكر أن يكون القبر المزور بظاهر الكوفة قبر على ابن أبي طالب عليه السّلام. وكان يقول: لو علمت الرافضة قبر من هذا لرجمته بالحجارة؛ هذا قبر المغيرة بْن شعبة . وَقَالَ مطين: لو كان هذا قبر عَلِيّ بْن أَبِي طالب، لجعلت منزلي ومقيلي عنده أبدا.
ِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ نَسَبُهُ نَسَبُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَسَبُهُ حَسَبُهُ، وَدِينُهُ دِينُهُ، قَرِيبُ الْقَرَابَةِ، قَدِيمُ الْهِجْرَةِ، عَظِيمُ الْحَقِّ، اسْمُ أَبِي طَالِبٍ عَبْدُ الْمَنَافِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَاسْمُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، شَيْبَةُ الْحَمْدِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ شَيْبَةَ؛ لِأَنَّ أَبَاهُ هَاشِمًا كَانَ يَقْدُمُ الْمَدِينَةَ تَاجِرًا فَتَزَوَّجَ فِي بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ بِسَلْمَى بِنْتِ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ بْنِ لَبِيدٍ، وَكَانَ هَاشِمٌ إِذَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ يَنْزِلُ عَلَى عَمْرِو بْنِ لَبِيدٍ، فَزَوَّجَهَا مِنْهُ وَاشْتَرَطَ عَلَى هَاشِمٍ أَنْ لَا تَلِدَ وَلَدًا إِلَّا فِي أَهْلِهَا، فَخَرَجَ هَاشِمٌ إِلَى الشَّامِ وَمَاتَ بِغَزَّةَ
مِنْ وَجْهِهِ، وَوَلَدَتْ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ فَسَمِّتْهُ شَيْبَةَ الْحَمْدَ، وَكَانَتْ فِي ذُؤَابَتِهِ شَعْرَةٌ بَيْضَاءُ حِينَ وُلِدَ، فَيُقَالُ: بِذَلِكَ سُمِّيَ شَيْبَةَ، فَمَكَثَ بِالْمَدِينَةِ سَبْعَ سِنِينَ إِلَى أَنْ خَرَجَ عَمُّهُ الْمُطَّلِبُ بْنُ عَبْدِ الْمَنَافِ فَحَمَلَهُ فِي خُفْيَةٍ مِنْ أُمِّهِ، فَدَخَلَ مَكَّةَ وَهُوَ مُرَفَّهٌ ضَحْوَةً، وَالنَّاسُ فِي أَسْوَاقِهِمْ وَمَحَافِلِهِمْ، فَقَامُوا يُرَحِّبُونَ الْمُطَّلِبَ، وَقَالُوا: مَنْ هَذَا؟ فَيَقُولُ: عَبْدٌ لِي ابْتَعْتُهُ بِيَثْرِبَ، ثُمَّ أَخْبَرَ النَّاسَ بِأَمْرِهِ فَلَجَّ بِهِ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ، وَاسْمُ هَاشِمٍ، عَمْرٌو وَإِنَّمَا سُمِّيَ هَاشِمًا لِهَشْمِهِ الثَّرِيدَ لِقَوْمِهِ فِي سَنَةِ الْجَدْبِ، وَهُوَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ، وَاسْمُ قُصَيٍّ، زَيْدٌ، وَكَانَ قُصَيٌّ يُسَمَّى أَيْضًا مُجَمِّعًا وَإِنَّمَا سُمِّيَ قُصَيًّا، وَمُجَمِّعًا؛ لِأَنَّ أَبَاهُ كِلَابُ بْنُ مُرَّةَ تُوُفِّيَ فَتَزَوَّجَتْ أُمُّ قُصَيٍّ رَبِيعَةَ بْنَ حَرَامٍ الْعُذْرِيَّ فَأُخْرِجَ بِهَا إِلَى دَارِ قَوْمِهِ، وَأُخْرِجَتْ مَعَهَا بِابْنِهَا قُصَيٍّ صَغِيرًا فَلَمَّا بَعُدَ مِنْ دَارِ قَوْمِهِ سَمَّتْهُ قُصَيًّا لِاقْتِصَايِهَا بِهِ، فَلَمَّا شَبَّ قُصَيُّ رَجَعَ إِلَى مَكَّةَ إِلَى قَوْمِهِ، وَكَانَتْ قُرَيْشٌ نَزَلُوا أَبَاطِحِ مَكَّةَ فَتَبَدَّدُوا فِي شِعَابِهَا وَرُءُوسِ الْجِبَالِ، وَكَانَتْ خُزَاعَةُ قَدِ اسْتَوْلَتْ عَلَى حِجَابَةِ الْبَيْتِ وَمَكَّةَ، فَاسْتَعَانَ قُصَيٌّ بِإِخْوَتِهِ لِأُمِّهِ بَنِي رَبِيعَةَ بْنِ حَرَامٍ وَبَنِي عُذْرَةَ وَمَنْ وَالِاهُمْ مِنْ أَحْيَاءِ قُضَاعَةَ، فَنَفَوْا خُزَاعَةَ عَنِ الْبَيْتِ، فَقَسَمَ الْمَنَازِلَ بَيْنَ قَوْمِهِ وَجَمَعَهُمْ فَسُمِّيَ مُجَمِّعًا، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ مَلَكَ مِنْ قُرَيْشٍ وَأَصَابَ الْمُلْكَ مِنْ وَلَدِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ، وَفِيهِ يَقُولُ الشَّاعِرُ:
[البحر الطويل]
أَبُوكُمْ قُصَيُّ كَانَ يُدْعَا مُجَمِّعًا ... بِهِ جَمَعَ اللهُ الْقَبَائِلَ مِنْ فِهْرِ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ، ثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي رَحِمَهُ اللهُ، قَالَ: بَلَغَنِي «أَنَّ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبُو طَالِبٍ اسْمُهُ عَبْدُ مَنَافٍ، وَعَبْدُ الْمُطَّلِبِ اسْمُهُ شَيْبَةُ بْنُ هَاشِمٍ، وَهَاشِمٌ اسْمُهُ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ، وَقُصَيُّ اسْمُهُ زَيْدٌ، وَاسْمُ عَبْدِ مَنَافٍ، الْمُغِيرَةُ بْنُ قُصَيٍّ. وَأُمُّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَدِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ، أَسْلَمَتْ وَهَاجَرَتْ وَتُوُفِّيَتْ بِالْمَدِينَةِ، وَوَلِيَ دَفْنَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيُقَالُ إِنَّهَا كَانَتْ أَوَّلَ هَاشِمِيَّةٍ وَلَدَتْ لِهَاشِمِيٍّ»
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبِ بْنِ حَرْبٍ ح وَحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْبُسْتِنْبَانِ بِسُرَّ مَنْ رَأَى، قَالَا: ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ الْبَجَلِيُّ، ثَنَا سَعْدَانُ بْنُ الْوَلِيدِ، بَيَّاعُ السَّابِرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا مَاتَتْ فَاطِمَةُ أُمُّ عَلِيٍّ خَلَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَمِيصَهُ وَأَلْبَسَهَا إِيَّاهُ وَاضْطَجَعَ فِي قَبْرِهَا فَلَمَّا سَوَّى عَلَيْهَا التُّرَابَ، قَالَ بَعْضُهُمْ: يَا رَسُولَ اللهِ رَأَيْنَاكَ صَنَعْتَ شَيْئًا لَمْ تَصْنَعْهُ بِأَحَدٍ، قَالَ: «إِنِّي أَلْبَسْتُهَا قَمِيصِي لِتَلْبِسَ مِنْ ثِيَابِ الْجَنَّةِ وَاضْطَجَعْتُ مَعَهَا فِي قَبْرِهَا لِأُخَفِّفَ عَنْهَا مِنْ ضَغْطَةِ الْقَبْرِ، إِنَّهَا كَانَتْ أَحْسَنَ خَلْقِ اللهِ صَنِيعًا إِلَيَّ بَعْدَ أَبِي طَالِبٍ» لَفْظُ سُلَيْمَانَ يُكْنَى أَبَا الْحَسَنِ وَكَنَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا تُرَابٍ وَيُكْنَى أَبَا قَضْمٍ
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، ثَنَا عَمْرُو بْنُ سَوَّادٍ، ثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنْبَأ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ، أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ بْنَ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ رَبِيعَةَ، وَالْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بَعَثَاهُ وَالْفَضْلَ بْنَ الْعَبَّاسِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَاجَةٍ، فَأَلْقَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ رِدَاءَهُ ثُمَّ اضْطَجَعَ عَلَيْهِ وَقَالَ: «أَنَا أَبُو حَسَنٍ الْقَرْمُ وَاللهِ لَا أَرِيمُ مَكَانِي حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْكُمَا»
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَالثَّوْرِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: «أَنَا أَبُو الْحَسَنِ»
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمْدَانَ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثَنَا بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَوَجَدَ عَلِيًّا قَدْ سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ ظَهْرِهِ حَتَّى خَلَصَ إِلَى التُّرَابِ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُهُ بِيَدِهِ وَيَقُولُ: «اجْلِسْ أَبَا تُرَابٍ» ، مَا كَانَ اسْمٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْهُ مَا سَمَّاهُ إِيَّاهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي الطَّاهِرِ، ثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ دَاوُدَ الْحَرَّانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ زُهَيْرَ بْنَ مُعَاوِيَةَ، وَذَكَرَ، عَلِيًّا، فَدَمَعَتْ عَيْنَاهُ وَقَالَ: «كَانَ عَلِيُّ يُكْنَى بِأَبِي قَضْمٍ»

مَعْرِفَةُ صِفَتِهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ رُسْتَهْ، ثَنَا أَبُو أَيُّوبَ الْمِنْقَرِيُّ، ثَنَا الْوَاقِدِيُّ، ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ، قَالَ: " سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عَنْ صِفَةِ عَلِيٍّ فَقَالَ: كَانَ رَجُلًا آدَمَ شَدِيدَ الْأُدْمَةِ ثَقِيلَ الْعَيْنَيْنِ عَظِيمَهُمَا، ذَا بَطْنٍ أَصْلَعَ، قُلْتُ: كَانَ طَوِيلًا أَوْ قَصِيرًا؟ قَالَ: هُوَ إِلَى الْقِصَرِ أَقْرَبُ "
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، أَخْبَرَنِي أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ: " خَرَجْتُ مَعَ أَبِي إِلَى الْجُمُعَةِ وَأَنَا غُلَامٌ، فَلَمَّا خَرَجَ عَلِيُّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَقَالَ: أَبِي قُمْ، أَيْ عَمْرٌو، فَانْظُرْ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: فَقُمْتُ فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ أَبْيَضُ اللِّحْيَةِ وَالرَّأْسِ، عَلَيْهِ إِزَارٌ وَرِدَاءٌ لَيْسَ عَلَيْهِ قَمِيصٌ، قَالَ: فَمَا رَأَيْتُهُ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ حَتَّى نَزَلَ عَنْهُ، قُلْنَا لِأَبِي إِسْحَاقَ: فَهَلْ قَنَتَ، قَالَ: لَا " رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، وَمَعْمَرٌ وَيُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ نَحْوَهُ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: «رَأَيْتُ عَلِيًّا أَبْيَضَ الرَّأْسِ، وَاللِّحْيَةُ قَدْ أَخَذَتْ مَا بَيْنَ مَنْكِبَيْهِ، أَصْلَعَ، عَلَى رَأْسِهِ زُغَيْبَاتٌ» رَوَاهُ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ، وَمَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ مِثْلَهُ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ، ثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ، يَقُولُ: سَأَلْتُ أَبَا إِسْحَاقَ، قُلْتُ: أَنْتَ أَكْبَرُ أَمِ الشَّعْبِيُّ؟ قَالَ: الشَّعْبِيُّ أَكْبَرُ مِنِّي بِسَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ، قَالَ: وَقَدْ رَأَى أَبُو إِسْحَاقَ عَلِيًّا، وَكَانَ يَصِفُهُ لَنَا، «عَظِيمُ الْبَطْنِ أَجْلَحُ»
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُورِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ، ثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: «رَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ»
- حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، ثَنَا أَبُو دَاوُدَ، ثَنَا مُدْرِكٌ، قَالَ: «رَأَيْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لَهُ وَفْرَةٌ، وَكَانَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ وَجْهًا»
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ، ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ، ثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ خَالِدٍ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: ذَكَرْتُ لِابْنِ مَسْعُودٍ قَوْلَ عَلِيٍّ، فَقَالَ: «أَلَمْ تَرَ إِلَى رَأْسِهِ كَالطُّسْتِ، وَإِنَّ مَا حَوْلَهُ كَالْحِفَافِ»
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا عَبْدَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا يُوسُفُ بْنُ حَمَّادٍ الْمَعْنَى، ثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، ثَنَا أَبِي، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ، قَالَ: «رَأَيْتُ عَلِيًّا شَيْخًا أَصْلَعَ، كَثِيرَ الشَّعْرِ كَأَنَّ بِجَانِبِهِ إِهَابَ شَاةٍ»
- حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْمَوْصِلِيُّ، ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَرَاسَةَ، ثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، قَالَ: «رَأَيْتُ عَلِيًّا أَشْعَرَ أَحْمَرَ»
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، ثَنَا حَاجِبُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيُّ، ثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ الْغَفَّارِ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَمَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، أَنَّهُمَا سَمِعَا الشَّعْبِيَّ، يَقُولُ: «رَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ شَيْخًا مَرْبُوعًا أَسْمَرَ أَبْلَجَ أَصْلَعَ لَهُ ضَفِيرَتَانِ، أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، لَهُ لِحْيَةٌ قَدْ مَلَأَتْ مَا بَيْنَ مَنْكِبَيْهِ»
- حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، ثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا رِزَامُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَنْعَتُ، عَلِيًّا قَالَ: " كَانَ رَجُلًا عَظِيمًا، طَوِيلَ اللِّحْيَةِ، إِنْ شِئْتَ قُلْتَ إِذَا نَظَرْتَ إِلَيْهِ: لَآَدَمُ، وَإِنَّ تَبَيَّنْتَهُ مِنْ قَرِيبٍ قُلْتَ: إِنْ يَكُونُ أَسْمَرَ أَدْنَى مِنْ أَنْ يَكُونَ آدَمَ "
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ، ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجُ، ثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ وَاصِلٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي الْحَارِثِ، قَالَا: ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ، قَالَ: " دَخَلْتُ الْمَدِينَةَ أَلْتَمِسُ الْعِلْمَ وَالشَّرَفَ فَرَأَيْتُ رَجُلًا عَلَيْهِ بُرْدَانِ، لَهُ ضَفِيرَتَانِ وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى عَاتِقِ عُمَرَ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ "
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، ثَنَا أَبُو الْحَرِيشِ، وَأَبُو يَعْلَى، قَالَا: ثَنَا شَيْبَانُ، ثَنَا أَبُو هِلَالٍ، ثَنَا سَوَادَةُ بْنُ حَنْظَلَةَ، قَالَ: «رَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَصْفَرَ اللِّحْيَةِ» قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللهُ: لَمْ يَصِفْهُ بِالْخِضَابِ غَيْرُهُ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ قَدْ خَضَبَ مَرَّةً وَاحِدَةً
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، ثَنَا أَسْبَاطُ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَلْمَانَ، عَنْ أَبِي عُمَرَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، قَالَ: «اخْتَضَبَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِالْحِنَّاءِ مَرَّةً ثُمَّ تَرَكَ»

مَعْرِفَةُ سِنِّهِ حِينَ أَسْلَمَ وَحِينَ قُتِلَ وَمُدَّةِ وِلَايَتِهِ وَغُسْلِهِ وَكَفَنِهِ وَدَفْنِهِ
- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَبَلَةَ، قَالَا: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثَنَا قُتَيْبَةُ، ثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ مَنْ، حَدَّثَهُ «أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَسْلَمَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ» رَوَاهُ ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ
- حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، ثَنَا أَبِي، ثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، قَالَ: «أَسْلَمَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ابْنَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَكَانَتْ لَهُ ذُؤَابَةٌ يَخْتَلِفُ إِلَى الْكِتَابِ»
- حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، ثَنَا الْمِنْجَابُ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: «أَسْلَمَ عَلِيُّ وَهُوَ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ، وَكَانَ مِمَّا أَنْعَمَ اللهُ بِهِ عَلَى عَلِيٍّ أَنَّهُ كَانَ فِي حِجْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ»
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي قَتَادَةُ، عَنِ الْحَسَنِ، وَغَيْرِهِ قَالَ: " كَانَ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَهُوَ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ أَوْ سِتَّ عَشْرَةَ
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، ثَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا نُعَيْمٍ، يَقُولُ: " إِنَّ عَلِيًّا أَسْلَمَ وَهُوَ ابْنُ تِسْعِ سِنِينَ، وَأَهْلُ بَيْتِهِ يَقُولُونَ: أَسْلَمَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ "
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، ثَنَا أَبِي، ثَنَا حُجَيْنُ بْنُ الْمُثَنَّى، عَنْ حِبَّانَ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ مَعْرُوفٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، قَالَ: «هَلَكَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَلَهُ خَمْسٌ وَسِتُّونَ»
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ هَارُونَ الْقَزَّازُ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، ثَنَا حُسَيْنُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «تُوُفِّيَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً»
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَا: ثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَأَ ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ، «أَنَّ عَلِيًّا قُتِلَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ سَنَةً»
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَبَلَةَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، قَالَ: «تُوُفِّيَ عَلِيُّ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ»
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ، ثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «قُتِلَ عَلِيٌّ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ، وَقُتِلَ لَهَا حُسَيْنٌ، وَمَاتَ لَهَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ»
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الثَّقَفِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، ثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، سَمِعَ الْهُذَلِيَّ، وَهُوَ يَسْأَلُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «قُتِلَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ»
- حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ، ثَنَا عَمِّي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثَنَا شَيْخٌ، لَنَا، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «هَلَكَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَهُوَ ابْنُ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ» قَالَ الشَّيْخُ: يُقَالُ إِنَّ الشَّيْخَ هُوَ: الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ
- حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثَنَا حَوْثَرَةُ بِنُ أَشْرَسَ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُمْهَانَ، عَنْ سَفِينَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْخِلَافَةُ ثَلَاثُونَ سَنَةً» ، ثُمَّ قَالَ: أَمْسَكَ سَنَتَيْنِ أَبُو بَكْرٍ وَعَشْرًا عُمَرُ وَاثْنَتَيْ عَشْرَةَ عُثْمَانُ وَسِتًّا عَلِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا فُضَيْلُ بْنُ مُحَمَّدِ الْمَلَطِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا نُعَيْمٍ، يَقُولُ: «كَانَتْ خِلَافَةُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ خَمْسَ سِنِينَ إِلَّا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ»
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَبَلَةَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ السَّرَّاجُ، قَالَ: سَمِعْتُ زِيَادَ بْنَ أَيُّوبَ، وَيُوسُفَ بْنَ مُوسَى، قَالَا: ثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: «قُتِلَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعِينَ، وَكَانَتْ خِلَافَتُهُ خَمْسَ سِنِينَ إِلَّا شَهْرَيْنِ وَأَيَّامًا»
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي شَيْبَةَ، يَقُولُ: «قُتِلَ عَلِيُّ سَنَةَ أَرْبَعِينَ، وَكَانَتْ خِلَافَتُهُ خَمْسَ سِنِينَ، وَقُتِلَ فِي سَنَةِ أَرْبَعِينَ مِنْ مُهَاجَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَمَاتَ يَوْمَ الْأَحَدِ»
- حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: قَالَ أَبِي: " وَوَلِيَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ خَمْسَ سِنِينَ، وَقُبِضَ وَهُوَ ابْنُ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ، قَالَ أَبِي: وَأَهْلُ بَيْتِهِ يَقُولُونَ: قُبِضَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ: وَنَحْنُ نَقُولُ: إِنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَسْلَمَ وَهُوَ ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ، وَصَحِبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِشْرِينَ سَنَةً، وَعَاشَ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثِينَ سَنَةً، وَأَهْلُ بَيْتِهِ يَقُولُونَ: أَسْلَمَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً "
- حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ رُسْتَهْ، ثَنَا أَبُو أَيُّوبَ، قَالَ: ثَنَا الْوَاقِدِيُّ، قَالَ: «قُتِلَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لَيْلَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ رَمَضَانَ لَيْلَةَ جُمُعَةٍ سَنَةَ أَرْبَعِينَ، وَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ، وَدُفِنَ بِالْكُوفَةِ، وَقَدْ عُمِّيَ دَفْنُهُ»
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَبَّارُ، ثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ عَمْرُو بْنُ هِشَامٍ الْحَرَّانِيُّ، ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّرَائِفِيُّ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَاشِدٍ، قَالَ: «قُبِضَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي سَنَةِ أَرْبَعِينَ، وَغَسَّلَهُ الْحَسَنُ، وَالْحُسَيْنُ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، وَكُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ، وَكَبَّرَ عَلَيْهِ الْحَسَنُ تِسْعَ تَكْبِيرَاتٍ»
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَحْمَدَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ أَبُو خَطَّابٍ، ثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةُ الْحَدَثِيُّ، ثَنَا الْفَيَّاضُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّقِّيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عِيسَى الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِي مِخْنَفٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " لَمَّا فَرَغَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مِنْ وَصِيَّتِهِ، قَالَ: " أَقْرَأُ عَلَيْكُمُ: السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، ثُمَّ لَمْ يَتَكَلَّمْ بِشَيءٍ إِلَّا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ حَتَّى قَبَضَهُ اللهُ، رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ وَرِضْوَانُهُ، وَغَسَّلَهُ ابْنَاهُ الْحَسَنُ، وَالْحُسَيْنُ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، وَصَلَّى عَلَيْهِ الْحَسَنُ وَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ، وَكُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَدُفِنَ فِي السَّحَرِ "
- حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نُصَيْرٍ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَمْرٍو، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ الْوَلِيدِ، قَالَ: «صَلَّى الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَى عَلِيٍّ رَضِيَ الله عَنْهُمَا وَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا»

مَعْرِفَةُ إِعْلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُ أَنَّهُ مَقْتُولٌ
- حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، ثَنَا سُفْيَانُ، ثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَعْيَنَ، سَمِعَهُ مِنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ الدِّيلِيِّ، يُحَدِّثُهُ، عَنْ أَبِيهِ، سَمِعْتُ عَلِيًّا، يَقُولُ: " أَتَانِي عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَّامٍ، وَقَدْ أَدْخَلْتُ رِجْلَيَّ فِي الْغَرْزِ، فَقَالَ لِي: أَيْنَ تُرِيدُ؟ فَقُلْتُ: الْعِرَاقَ، فَقَالَ: أَمَا إِنَّكَ إِنْ جِئْتَهَا لَيُصِيبُكَ بِهَا ذُبَابُ السَّيْفِ، قَالَ عَلِيٌّ: وَايْمُ اللهِ، لَقَدْ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَهُ يَقُولُهُ، قَالَ أَبُو حَرْبٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ، فَتَعَجَّبْتُ مِنْهُ وَقُلْتُ: رَجُلٌ مُحَارِبٌ يُحَدِّثُ بِمِثْلِ هَذَا عَنْ نَفْسِهِ "
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، ثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الْأَشْيَبُ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَبِي فَاضِلَةَ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: " خَرَجْتُ مَعَ أَبِي إِلَى يَنْبُعَ عَائِدًا لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَكَانَ مَرِيضًا بِهَا حَتَّى ثَقُلَ، فَقَالَ لَهُ أَبِي: مَا يُقِيمُكَ بِهَذَا الْمَنْزِلِ، وَلَوْ مِتَّ لَمْ يَلِكَ إِلَّا أَعْرَابُ جُهَيْنَةَ، احْتَمِلْ حَتَّى تَأْتِيَ الْمَدِينَةَ، فَإِنْ أَصَابَكَ أَجَلُكَ وَلِيَكَ أَصْحَابُكَ وَصَلُّوا عَلَيْكَ، وَكَانَ أَبُو فَضَالَةَ مِنْ أَصْحَابِ بَدْرٍ، فَقَالَ عَلِيٌّ: إِنِّي لَسْتُ مَيِّتًا مِنْ وَجَعِي هَذَا، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهِدَ إِلَيَّ أَنْ لَا أَمُوتَ حَتَّى أُؤَمَّرَ ثُمَّ يُخْضَبُ هَذِهِ، يَعْنِي لِحْيَتَهُ، قَالَ: وَقُتِلَ مَعَهُ أَبُو فَضَالَةَ بِصِفِّينَ "
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ سَلْمٍ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَبَّارُّ، ثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ عِيسَى الطَّائِيُّ، ثَنَا رَحْمَةُ بْنُ مُصْعَبٍ، عَنْ فِطْرِ بْنِ خَلِيفَةَ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: " كُنْتُ عِنْدَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَأَتَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ، فَأَمَرَ لَهُ بِعَطَائِهِ، ثُمَّ قَالَ: مَا يَحْبِسُ أَشْقَاهَا أَنْ يَخْضِبَهَا مِنْ أَعْلَاهَا، يَخْضِبُ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ، وَأَوْمَأَ إِلَى لِحْيَتِهِ، ثُمَّ قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ هَذَا الشِّعْرَ:
[البحر الهزج]
اشْدُدْ حَيَازِيمَكَ لِلْمَوْ ... تِ فَإِنَّ الْمَوْتَ آتِيكَ
وَلَا تَجْزَعْ مِنَ الْقَتْلِ ... إِذَا حَلَّ بِوَادِيكَ"
قَالَ الشَّيْخُ: وَمِنْ أَسَامِيهِ الْمُشْتَقَّةِ مِنْ أَحْوَالِهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَيَعْسُوبُ الدِّينِ وَالْمُسْلِمِينَ، وَمُبِيدُ الشِّرْكِ وَالْمُشْرِكِينَ، وَأَبُو الرَّيْحَانَتَيْنِ، وَذُو الْقَرْنَيْنِ، وَذُو الْفِرَاشِ، وَالْهَادِي، وَالْوَاعِي، وَالشَّاهِدُ، وَبَابُ الْمَدِينَةِ، وَبَيْضَةُ الْبَلَدِ
- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثَنَا قُتَيْبَةُ، ثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ يَوْمَ خَيْبَرَ: «لَأُعْطِيَنَّ هَذِهِ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يَفْتَحُ اللهُ عَلَى يَدَيْهِ، يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ» فَدَعَا عَلِيًّا فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ "
- حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْقَاضِي الْعَسَّالُ، ثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ حَمْدَانَ الْحَنَفِيُّ، ثَنَا عَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ هَاشِمٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي فَرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ: «أَمَا إِنِّي سَأَبْعَثُ إِلَيْهِمْ رَجُلًا يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ، يَفْتَحُ اللهُ عَلَيْهِ» ، فَقَالَ: «ادْعُوا لِي عَلِيًّا» فَجِيءَ بِهِ يُقَادُ أَرْمَدَ لَا يُبْصِرُ شَيْئًا، فَتَفَلَ فِي عَيْنِهِ وَدَعَا لَهُ بِالشِّفَاءِ، وَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ وَقَالَ: «امْضِ بِسْمِ اللهِ» فَمَا لَحِقَ بِهِ آخِرُ أَصْحَابِهِ حَتَّى فُتِحَ عَلَى أَوَّلِهِمْ " قَالَ الْقَاضِي أَبُو فَرْوَةَ: هَذَا هُوَ مُسْلِمُ بْنُ سَالِمٍ الْجُهَنِيُّ كُوفِيُّ ثِقَةٌ رَوَى عَنْهُ الثَّوْرِيُّ، وَشُعْبَةُ
- حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْمُخَارِقِ التُّسْتَرِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ سَمَاعَةَ، ثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الضَّحَّاكِ، ثَنَا عِيسَى بْنُ رَاشِدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «مَا أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى سُورَةً فِي الْقُرْآنِ إِلَّا كَانَ عَلِيٌّ أَمِيرَهَا وَشَرِيفَهَا، وَلَقَدْ عَاتَبَ اللهُ تَعَالَى أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ وَمَا قَالَ لِعَلِيٍّ إِلَّا خَيْرًا»
- حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْهَيْثَمِ، ثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَرِيفٍ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا، يَقُولُ: «أَنَا يَعْسُوبُ الْمُؤْمِنِينَ، وَالْمَالُ، يَعْسُوبُ الظُّلْمَةِ»
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَيْمُونٍ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَابِسٍ، ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْأَعْشَى، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ أَبِي مِسْعَرٍ، قَالَ: " دَخَلْتُ عَلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي الرَّحَبَةِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ ذَهَبٌ، فَقَالَ: أَنَا يَعْسُوبُ الْمُؤْمِنِينَ، وَهَذَا يَعْسُوبُ الْمُنَافِقِينَ، وَقَالَ: بِي يَلُوذُ الْمُؤْمِنُونَ، وَبِهَذَا يَلُوذُ الْمُنَافِقُونَ "
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ بْنِ مُوسَى، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْمُعَلَّى، ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " رَأَيْتُ عَلِيًّا بَارِزًا يَوْمَ بَدْرٍ، فَجَعَلَ يُحَمْحِمُ كَمَا يُحَمْحِمُ الْفَرَسُ يَقُولُ:
[البحر الرجز]
بَازِلُ عَامَيْنِ حَدِيثُ سِنِّي
سَنَحْنَحُ اللَّيْلِ كَأَنِّي جِنِّي
لِمِثْلِ هَذَا وَلَدَتْنِي أُمِّي
قَالَ: فَمَا رَجَعَ حَتَّى خَضَبَ سَيْفَهُ دَمًا"
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، وَأَبُو عَلِيٍّ الصَّوَّافُ، قَالَا: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يوسُفَ بْنِ الضَّحَّاكِ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى الْفَزَارِيُّ، ثَنَا نُوحُ بْنُ دَرَّاجٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ عُثْمَانُ، لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: «مَا ذَنْبِي إِنْ لَمْ تُحِبَّكَ قُرَيْشٌ، وَقَدْ قَتَلْتَ مِنْهُمْ سَبْعِينَ رَجُلًا كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ سُيُوفُ الذَّهَبِ»
- حَدَّثَنَا أَبُو بَحْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْحَارِثِ، ثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، ثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْأَسَدِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا، يَقُولُ: «أَنَا عَبْدُ اللهِ، وَأَخُو رَسُولِهِ، وَأَنَا الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ، لَا يَقُولُهَا بَعْدِي إِلَّا كَذَّابٌ، صَلَّيْتُ قَبْلَ النَّاسِ بِسَبْعِ سِنِينَ»
- حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي حُصَيْنٍ، ثَنَا عُبَيْدُ بْنُ غَنَّامٍ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ثَنَا عَمْرُو بْنُ جُمَيْعٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَخِيهِ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الصِّدِّيقُونَ ثَلَاثَةٌ حَبِيبٌ النَّجَّارُ مُؤْمِنُ آلِ يَاسِينَ، وَحِزْبِيلُ مُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَهُوَ أَفْضَلُهُمْ»
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ، قَالَا: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ عِيسَى، غَرِيقُ الْجُحْفَةِ، ثَنَا جَعْفَرٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلَاثٍ: «سَلَامٌ عَلَيْكَ أَبَا الرَّيْحَانَتَيْنِ أُوصِيكَ بِرَيْحَانَتَيَّ مِنَ الدُّنْيَا، فَعَنْ قَلِيلٍ يُنْهَدُ رُكْنَاكَ وَاللهُ خَلِيفَتِي عَلَيْكَ» ، قَالَ: فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ عَلِيٌّ: هَذَا أَحَدُ رُكْنَيَّ الَّذِي قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا مَاتَتْ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَ عَلِيٌّ: هَذَا رُكْنِيَ الثَّانِي الَّذِي قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "
- حَدَّثَنَا فَارُوقُ بْنُ عَبْدِ الْكَبِيرِ، ثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ، ثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عَلِيُّ، إِنَّ لَكَ كَنْزًا فِي الْجَنَّةِ، وَإِنَّكَ ذُو قَرْنَيْهَا، فَلَا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ، فَإِنَّ لَكَ الْأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الْآخِرَةُ» حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ سَلْمٍ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَبَّارُ، ثَنَا عُبَيْدُ اللهِ الْعَيْشِيُّ، ثَنَا حَمَّادٌ، مِثْلَهُ سَوَاءً
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ سَلْمٍ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَبَّارُ، ثَنَا أَبُو مَالِكٍ النَّاجِيُّ، صَاحِبُ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ , عَنْ أَبِي بَلْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " نَامَ عَلِيٌّ عَلَى فِرَاشِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَسَجَّى بِثَوْبِهِ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَرْمُونَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ جَاءَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَقَالَ: أَيْ رَسُولَ اللهِ، فَأَخْرَجَ عَلَى رَأْسِهِ، فَقَالَ: لَسْتُ بِرَسُولِ اللهِ، أَدْرِكْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبِئْرِ مَيْمُونٍ، فَأَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ مَعَهُ، فَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَرْمُونَ عَلِيًّا فَيَتَضَوَّرُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ، قَالُوا: إِنَّا كُنَّا نَرْمِي مُحَمَّدًا فَلَا يَتَضَوَّرُ وَأَنْتَ تَتَضَوَّرُ، وَقَدِ اسْتَنْكَرْنَا ذَلِكَ مِنْكَ "
- حَدَّثَنَا الطَّبَرَانِيُّ، قَالَ: ثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْحَاقَ التُّسْتَرِيُّ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الصُّوفِيُّ، ثَنَا حَسَنُ بْنُ حُسَيْنٍ الْعُرَنِيُّ، ثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُسْلِمٍ، بَيَّاعُ الْهَرَوِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} [الرعد: 7] ، أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى مَنْكِبِ عَلِيٍّ، فَقَالَ: «أَنْتَ الْهَادِي يَا عَلِيُّ، بِكَ يَهْتَدِي الْمُهْتَدِي مِنْ بَعْدِي»
- حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَقْدِسِيُّ، ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْغَزِّيُّ الْقَاضِي، ثَنَا أَبُو عُمَيْرٍ، ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ عَلِيٍّ، فِي قَوْلِهِ {وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ} [الحاقة: 12] ، قَالَ عَلِيٌّ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعَوْتُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَهَا أُذُنَكَ يَا عَلِيُّ»
- حَدَّثَنَا الطَّبَرَانِيُّ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَائِلَةَ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَمْرٍو الْبَجَلِيُّ، ثَنَا أَبُو مَرْيَمَ عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ الْقَاسِمِ، ثَنَا الْمِنْهَالُ بْنُ عَمْرٍو، ثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَهُوَ يَقُولُ: " مَا أَحَدٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَّا وَقَدْ نَزَلَتْ فِيهِ آيَةٌ وَآيَتَانِ، فَقَالَ رَجُلٌ: فَمَا نَزَلَ فِيكَ، قَالَ: فَغَضِبَ، ثُمَّ قَالَ: أَمَا وَاللهِ لَوْ لَمْ تَسْأَلْنِي عَلَى رُءُوسِ الْقَوْمِ مَا حَدَّثْتُكَ، ثُمَّ قَالَ: هَلْ تَقْرَأُ سُورَةَ هُودٍ وَيُونُسَ؟ ثُمَّ قَرَأَ: {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ} [هود: 17] رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَأَنَا الشَّاهِدُ "
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، وَفَارُوقٌ الْخَطَّابِيُّ، قَالَا: ثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَشِّيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الرُّومِيِّ، ثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنِ الصُّنَابِحِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا مَدِينَةُ الْعِلْمِ وَعَلِيٌّ بَابُهَا» وَكَانَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يُسَمَّى بِمَكَّةَ بَيْضَةَ الْبَلَدِ، رَثَتْ أُخْتُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ وُدٍّ أَخَاهَا لَمَّا قَتَلَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَقَالَتْ:
[البحر البسيط]
لَوْ كَانَ قَاتِلُ عَمْرٍو غَيْرَ قَاتِلِهِ ... مَا زِلْتُ أَبْكِي عَلَيْهِ آخِرَ الْأَبَدِ
لَكِنَّ قَاتِلَهُ مَنْ لَا يُعَابُ بِهِ ... مَنْ كَانَ يُدْعَى قَدِيمًا بَيْضَةَ الْبَلَدِ
أَرَادَتْ بِقَوْلِهَا: بَيْضَةَ الْبَلَدِ، تَفَرُّدَهُ مِنَ الشَّرَفِ كَالْبَيْضَةِ الَّتِي هِيَ وَحْدَهَا لَا زَوْجَ لَهَا وَلَا مِثْلَ، وَقُبِضَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَلَدًا، أَرْبَعَةَ عَشَرَ ذَكَرًا، وَخَمْسَ عَشْرَةَ أُنْثَى: الْحَسَنُ، وَالْحُسَيْنُ وَزَيْنَبُ وَأُمُّ كُلْثُومٍ، أُمُّهُمْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَمُحَمَّدُ الْأَكْبَرُ، وَعَبَّاسُ الْأَكْبَرُ، وَعُمَرُ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعَبْدُ اللهِ، وَعُثْمَانُ، وَجَعْفَرٌ، وَمُحَمَّدٌ الْأَصْغَرُ، وَعَبَّاسٌ الْأَصْغَرُ، وَيَحْيَى وَزَيْنَبُ الصُّغْرَى وَأُمُّ كُلْثُومٍ الصُّغْرَى وَرُقَيَّةُ الْكُبْرَى وَرُقَيَّةُ الصُّغْرَى وَأُمُّ الْكِرَامِ وَخَدِيجَةُ وَجُمَانَةُ وَأُمُّ هَانِئٍ وَمَيْمُونَةُ وَأُمُّ سَلَمَةَ وَأُمَامَةُ وَنَفِيسَةُ وَرَمْلَةُ، وَأُمُّ مُحَمَّدٍ الْأَكْبَرُ خَوْلَةُ بِنْتُ جَعْفَرِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مَسْلَمَةَ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ أَصَابَهَا سِبَاءٌ. وَأُمُّ عُبَيْدِ اللهِ وَأَبِي بَكْرٍ لَيْلَى بِنْتُ مَسْعُودِ بْنِ خَالِدِ بْنِ مَالِكِ بْنَ رِبْعِيٍّ. وَعَبَّاسُ الْأَكْبَرُ، وَعُثْمَانُ، وَجَعْفَرٌ، وَعَبْدُ اللهِ أُمُّهُمْ أُمُّ الْبَنِينَ بِنْتُ حِزَامِ بْنِ خَالِدِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ. وَعُمَرُ وَرُقَيَّةُ أُمُّهُمَا أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ رَبِيعَةَ بْنِ بُجَيْرِ بْنِ عُتْبَةَ أَصَابَهَا سِبَاءٌ. سَبَاهَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ مِنْ بَنِي جُشَمٍ، وَعَبَّاسٌ الْأَصْغَرُ، وَمُحَمَّدٌ الْأَصْغَرُ أُمُّهُمَا أُمُّ وَلَدٍ، وَيَحْيَى أُمُّهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ الْخَثْعَمِيَّةُ، وَأُمُّ الْحَسَنِ وَرَمْلَةَ أُمُّهُمَا أُمُّ سَعِيدٍ بِنْتُ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيِّ، وَسَائِرُ أَوْلَادِ عَلِيٍّ لِأُمَّهَاتِ أَوْلَادٍ شَتَّى، وَكَانَتِ الْجُمَانَةُ تُكَنَّى بِأُمِّ جَعْفَرٍ، وَيَحْيَى بْنُ عَلِيٍّ تُوُفِّيَ صَغِيرًا قَبْلَ أَبِيهِ عَلِيٍّ، لَا عَقِبَ لَهُ، وَكَانَ حَاجِبُهُ مَوْلَاهُ قَنْبَرٌ، وَنَقْشُ خَاتَمِهِ: اللهُ الْمَلِكُ عَلَى عَبْدِهِ
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَلِيٍّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نُصَيْرٍ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَمْرٍو، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، قَالَ: " كَانَ فِي خَاتَمِ عَلِيٍّ: اللهُ الْمَلِكُ "

مَعْرِفَةُ مَا أَسْنَدَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَى مِنَ الْمُتُونِ أَرْبَعَمِائَةً وَنَيِّفًا سِوَى الطُّرُقِ، فَمِنْ مَشَاهِيرِ حَدِيثِهِ وَغَرَائِبِهِ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَرَجِ، وَالْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، قَالَا: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ كُنَاسَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ وَخَيْرُ نِسَائِهَا خَدِيجَةُ» لَمْ يَذْكُرِ الْحَارِثُ فِي حَدِيثِهِ عَلِيًّا وَقَالَ مُحَمَّدٌ: «خَدِيجَةُ وَفَاطِمَةُ» ، وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ عَنْ هِشَامٍ الْأَئِمَّةُ وَالْأَعْلَامُ، مِنْهُمْ مَعْمَرٌ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَأَبُو أُسَامَةَ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، وَوَكِيعٌ، وَعَبْدَةُ، وَعَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، وَالنَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ وَغَيْرُهُمْ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَحْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ، ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: " أَصَبْتُ شَارِفًا يَوْمَ بَدْرٍ، وَأَعْطَانِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَارِفًا، فَأَنَخْتُهُمَا بِبَابِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَحْمِلَ عَلَيْهِمَا إِذْخِرًا أَسْتَعِينُ بِهِمَا عَلَى وَلِيمَةِ فَاطِمَةَ وَمَعِيَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ، وَفِي الْبَيْتِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَقَيْنَةٌ تُغَنِّيهِ وَهِيَ تَقُولُ: أَلَا يَا حَمْزَةُ ذَا الشَّرَفِ النِّوَاءِ فَخَرَجَ حَمْزَةُ بِالسَّيْفِ إِلَيْهِمَا فَجَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا وَأَخَذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا فَرَأَيْتُ مَنْظَرًا فَظِيعًا، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرْتُهُ فَخَرَجَ يَمْشِي وَمَعَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، حَتَّى وَقَفَ عَلَى حَمْزَةَ فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ فَرَفَعَ حَمْزَةُ رَأْسَهُ، فَقَالَ: أَلَسْتُمْ عَبِيدَ آبَائِي، فَرَجَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي الْقَهْقَرَى " رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، وَأَبُو مُوسَى، عَنْ أَبِي عَاصِمٍ، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَرَوَاهُ عَبْدُ اللهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، وَعَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، وَهَذَا مِنْ صِحَاحِ حَدِيثِ عَلِيٍّ وَعُيُونِهِ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْهَيْثَمِ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْعَوَّامِ، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَهُ الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: " أَتَانَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى وَضَعَ رِجْلَهُ بَيْنِي وَبَيْنَ فَاطِمَةَ، فَعَلَّمَنَا مَا نَقُولُ إِذَا أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ تَسْبِيحَةً وَثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ تَحْمِيدَةً وَأَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ تَكْبِيرَةً، قَالَ عَلِيُّ: فَمَا تَرَكْتُهَا بَعْدُ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: وَلَا لَيْلَةَ صِفِّينَ، قَالَ: وَلَا لَيْلَةَ صِفِّينَ " رَوَاهُ الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَمُجَاهِدٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى أَتَمَّ مِنْ هَذَا، وَحَدِيثُ عَمْرٍو لَمْ يَرْوِهِ عَنْهُ إِلَّا الْعَوَّامُ. وَمِمَّنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ، وَشَبَثُ بْنُ رِبْعِيٍّ، وَهُبَيْرَةُ بْنُ يَرِيمَ، وَهَانِئُ بْنُ هَانِئٍ، وَعَبِيدَةُ السَّلْمَانِيُّ، وَعُمَارَةُ، وَابْنُ عَبْدٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مُعَلَّى النَّهْدِيُّ، وَالسَّائِبُ أَبُو عَطَاءِ بْنُ السَّائِبِ، وَأَبُو مَرْيَمَ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، ثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، ثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، ثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: عَلَّمَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا نَزَلَ بِي كَرْبٌ أَنْ أَقُولَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ، سُبْحَانَ اللهِ وَتَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» رَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، وَيَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِئُ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، كُلُّهُمْ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، وَأَبَانَ بْنِ صَالِحٍ
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَخْلَدٍ، ثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ، ثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثَنَا أَبُو بَكْرٍ يَعْنِي ابْنَ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ، ح وَحَدَّثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثَنَا قُتَيْبَةُ، ثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِئُ، ح وَحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ، ثَنَا شُعَيْبُ بْنُ يَحْيَى، ثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، كُلُّهُمْ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ، أَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمَ بَنَاتَهُ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ وَيَأْمُرُهُنَّ بِهِنَّ، وَيَذْكُرُ أَنَّهُ تَلَقَّاهُنَّ مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَنَّ عَلِيًّا قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهُنَّ إِذَا كَرَبَهُ أَمْرٌ وَاشْتَدَّ بِهِ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الْكَرِيمُ الْحَلِيمُ سُبْحَانَهُ، تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ، وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» وَرَوَاهُ أَبَانُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شَدَّادٍ نَحْوَهُ
- حَدَّثَنَا فَارُوقُ الْخَطَّابِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، وَسُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالُوا: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ الْمُنْذِرِ، ثَنَا أَبُو عَتَّابٍ الدَّلَّالُ سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ، ثَنَا الْمُخْتَارُ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَحِمَ اللهُ أَبَا بَكْرٍ زَوَّجَنِي ابْنَتَهُ وَأَعْتَقَ بِلَالًا مِنْ مَالِهِ، وَحَمَلَنِي إِلَى دَارِ الْهِجْرَةِ، رَحِمَ اللهُ عُمَرَ يَقُولُ الْحَقَّ، وَإِنْ كَانَ مُرًّا، تَرَكَهُ الْحَقُّ وَمَا لَهُ مِنْ صَدِيقٍ، رَحِمَ اللهُ عُثْمَانَ إِنَّهُ لَتَسْتَحْيِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ، رَحِمَ اللهُ عَلِيًّا، اللهُمَّ أَدِرِ الْحَقَّ مَعَهُ حَيْثُ دَارَ» تَفَرَّدَ بِهِ سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ، وَحَدَّثَ بِهِ عَنْهُ مِنَ الْقُدَمَاءِ الْأَثْبَاتِ عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الصَّيْرَفِيُّ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الطَّلْحِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَضْرَمِيُّ، ثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «يَا فَاطِمَةُ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَغْضَبُ لِغَضَبِكِ وَيَرْضَى لِرِضَاكِ» تَفَرَّدَ بِرِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ الْعِتْرَةُ الطَّيِّبَةُ خَلَفُهُمْ عَنْ سَلَفِهِمْ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- حَدَّثَنَا فَارُوقٌ الْخَطَّابِيُّ، ثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَشِّيُّ، ثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَحْرٍ الزَّهْرَانِيُّ الْكُوفِيُّ، ثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ بَيَانٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ قِيلَ: يَا أَهْلَ الْجَمْعِ غُضُّوا أَبْصَارَكُمْ حَتَّى تَمُرَّ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، فَتَمُرُّ وَعَلَيْهَا رَيْطَتَانِ خَضْرَاوَانِ "
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثَنَا عَمْرُو بْنُ حَمَّادِ بْنِ طَلْحَةَ الْقَنَّادُ، ثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ عَلِيًّا، كَانَ يَقُولُ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: {أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} [آل عمران: 144] ، وَاللهِ لَا نَنْقَلِبُ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللهُ، وَاللهِ وَاللهِ لَئِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ لَأُقَاتِلَنَّ عَلَى مَا قَاتَلَ عَلَيْهِ حَتَّى أَمُوتَ، وَاللهِ وَإِنِّي لَأَخُوهُ وَوَلِيُّهُ وَابْنُ عَمِّهِ وَوَارِثُهُ فَمَنْ أَحَقُّ بِهِ مِنِّي؟ "
علي بْن أَبِي طالب رضى الله عنه بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ابن قصي القرشي الهاشمي
يكنى أَبَا الْحَسَن. واسم أَبِيهِ- أَبَا طالب- عبد مناف وقيل: اسمه كنيته. والأول أصح، وَكَانَ يقال لعبد المطلب شيبة الحمد، واسم هاشم عَمْرو، واسم عبد مناف الْمُغِيرَة، واسم قصي زَيْد وأم علي بن أبي طالب فاطمة بنت أسد بن هاشم بْن عبد مناف، وهي أول هاشمية ولدت لهاشمي، توفيت مسلمةً قبل الهجرة، وقيل: إنها هاجرت، وسيأتي ذكرها فِي بابها من كتاب النساء إن شاء الله تعالى.
كان علي أصغر ولد أَبِي طالب، وكان أصغر من جَعْفَر بعشر سنين، وَكَانَ جَعْفَر أصغر من عُقَيْل بعشر سنين، وَكَانَ عُقَيْل أصغر من طالب بعشر سنين، وَرَوَى- عَنْ سلمان، وَأَبِي ذر، والمقداد، وخباب، وجابر، وَأَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ، وزيد بْن الأرقم- أن علي بْن أَبِي طالب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أول من أسلم، وفضله هؤلاء على غيره.
وَقَالَ ابْن إِسْحَاق: أول من آمن باللَّه وبرسوله محمدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الرجال علي بْن أَبِي طالب. وهو قول ابْن شهاب، إلا انه قَالَ: من الرجال بعد خديجة، وهو قول الجميع فِي خديجة.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ. قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الدَّقَّاقُ، قَالَ حَدَّثَنَا مُفَضَّلُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لِعَلِيٍّ أَرْبَعُ خِصَالٍ لَيْسَتْ لأَحَدٍ غَيْرُهُ: هُوَ أَوَّلُ عَرَبِيٍّ وَعَجَمِيٍّ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الَّذِي كَانَ لِوَاؤُهُ مَعَهُ فِي كُلِّ زَحْفٍ، وَهُوَ الَّذِي صَبَرَ مَعَهُ يَوْمَ فَرَّ عَنْهُ غَيْرُهُ، وَهُوَ الَّذِي غَسَّلَهُ وَأَدْخَلَهُ قَبْرَهُ.
وقد مضى فِي باب أَبِي بَكْر الصديق رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ذكر من قَالَ: إن أَبَا بَكْر أول من أسلم.
وروي عَنْ سلمان [الفارسي ] أَنَّهُ قَالَ: أول هَذِهِ الأمة ورودا على نبيها عَلَيْهِ الصلاة والسلام الحوض، أولها إسلاما: علي بن أبى طالب رضى الله عنه.
وقد رَوَى هَذَا الحديث مرفوعا، عَنْ سلمان، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قَالَ: أول هَذِهِ الأمة ورودا على الحوض أولها إسلاما: علي بْن أَبِي طالبٍ. ورفعه أولى، لأن مثله لا يدرك بالرأي.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي صَادِقٍ ، عَنْ حَنَشِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، عَنْ عُلَيْمٍ الْكِنْدِيِّ، عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوَّلُكُمْ وُرُودًا عَلَى الْحَوْضِ أَوَّلُكُمْ إسلاما: علي بن أبي طالب رضي الله عَنْهُ. وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بَلْجٍ، عَنْ عَمْرِو ابن مَيْمُونٍ. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال لعلى ابن أَبِي طَالِبٍ: أَنْتَ وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدِي. وَبِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ خَدِيجَةَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، قال. حدثنا قاسم بن أصبغ، قال: حدثنا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بَلْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ مِنَ النَّاسِ بَعْدَ خديجة رضى الله عنهما.
قال أَبُو عُمَر رحمه الله: هَذَا إسناد لا مطعن فِيهِ لأحدٍ لصحته وثقة نقلته، وَهُوَ يعارض مَا ذكرناه عَنِ ابْن عَبَّاس فِي باب أَبِي بَكْر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
والصحيح فِي أمر أَبِي بَكْر أَنَّهُ أول من أظهر إسلامه، كذلك قَالَ مُجَاهِد وغيره، قَالُوا: ومنعه قومه. وقال ابْن شهاب، وعبد الله بْن مُحَمَّد بْن عُقَيْل، وقتادة وَأَبُو إِسْحَاق: أول من اسلم من الرجال علي. واتفقوا على أن خديجة أول من آمن باللَّه ورسوله وصدقه فيما جاء بِهِ ثُمَّ علي بعدها.
وَرُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ أَبِي رَافِعٍ مِثْلَ ذَلِكَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا قاسم، حدثنا أحمد بن زهير، قال: حدثنا عَبْدُ السَّلامِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ العزيز ابن مُحَمَّدٍ الدراوَرْديّ، قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرٌو مَوْلَى عَفْرَةَ، قَالَ: سُئِلَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ عَنْ أول من أسلم: على أَوْ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا؟ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! عَلِيٌّ أَوَّلُهُمَا إِسْلامًا، وَإِنَّمَا شُبِّهَ عَلَى النَّاسِ لأَنَّ عَلِيًّا أَخْفَى إِسْلامَهُ مِنْ أَبِي طَالِبٍ، وَأَسْلَمَ أَبُو بَكْرٍ فَأَظْهَرَ إِسْلامَهُ، وَلا شَكَّ أَنَّ عَلِيًّا [عِنْدَنَا ] أَوَّلُهُمَا إِسْلامًا.
وذكر الْحَسَن بْن علي الحلواني فِي كتاب المعرفة له، قال: حدثنا عبد الله ابن صالح، قال: حدثنا الليث بن سعد، عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن- أنه بلغه أن علي بن أبي طالب والزبير رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أسلما، وهما ابنا ثماني سنين.
هكذا يَقُول أَبُو الأسود يتيم عُرْوَة. وذكره أيضا ابْن أَبِي خيثمة، عَنْ قتيبة ابن سَعِيد، عَنِ اللَّيْث بْن سَعْد، عَنْ أَبِي الأسود. وذكره عمر بن شبّة، عن
الخزاعي ، عَنِ ابْن وَهْب، عَنِ اللَّيْث، عَنْ أَبِي الأسود، قَالَ اللَّيْث: وهاجرا وهما ابنا ثمان عشرة سنة، ولا أعلم أحدا قَالَ بقول أَبِي الأسود هَذَا.
قال الْحَسَن الحلواني: وَحَدَّثَنَا عَبْد الرَّزَّاقِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَر، عَنْ قَتَادَة، عَنِ الْحَسَن، قَالَ: أسلم علي رَضِيَ الله عنه وهو ابن خمس عشرة سنة.
[وَأَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ سَهْلٍ، قَالَ: حدثنا أبو الحسن على بن محمد ابن إِسْمَاعِيلَ الطُّوسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ السَّرَّاجُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْعُودٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حدثنا معمر، عن قتادة، عن الحسن، قال: أَسْلَمَ عَلِيٌّ- وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ- وَهُوَ ابْنُ خَمْسَ أَوْ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً. قَالَ ابْن وَضَّاح: مَا رأيت أحدا قط أعلم بالحديث من محمد ابن مَسْعُود، ولا أعلم بالرأي من سحنون] .
وقال ابْن إِسْحَاق: أول ذكر آمن باللَّه ورسوله علي بْن أَبِي طالب وَهُوَ يومئذ ابْن عشر سنين.
[قَالَ أَبُو عُمَر: قيل: أسلم علي وَهُوَ ابْن ثلاث عشرة سنة، وقيل:
ابْن اثنتي عشرة سنة. وقيل: ابْن خمس عشرة. وقيل: ابْن ست عشرة، وقيل ابْن عشر. وقيل ابْن ثمان ] .
ذَكَرَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ، عَنِ الْمَدَائِنِيِّ، عَنِ ابْنِ جُعْدُبَةَ ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
قَالَ: أَسْلَمَ عَلِيٌّ وهو ابن ثلاث عشرة سنة.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بن يحيى بن طلحة، عن عمه موسى بن طلحة، قال: كان على ابن أَبِي طَالِبٍ، وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عِدَادًا وَاحِدًا.
[وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن محمد بن عبد المؤمن، قال: حدثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيٍّ الْخُطَبِيُّ ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هجين أبو عمرو، قَالَ: حَدَّثَنَا حِبَّانَ، عَنْ مَعْرُوفٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ فِي سن واحدة ] [قال: وَأَخْبَرَنَا الْحِزَامِيُّ، قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، قَالَ: أَسْلَمَ عَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ وَهُمَا ابْنَا ثَمَانِ عَشْرَةَ سَنَةً ] .
وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ فِي جَامِعِهِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ وَغَيْرِهِ قَالُوا:
أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ خَدِيجَةَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَهُوَ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً أَوْ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً. وَحَدَّثَنَا مَعْمَر، عَنْ عُثْمَان الخوزي ، عَنْ مقسم، عَنِ ابْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: أول من أسلم علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وذكر أبو زيد عمر بن شبة، قال: حدثنا سريج بْن النعمان، قَالَ: حَدَّثَنَا الفرات بْن السائب، عَنْ مَيْمُون بْن مِهْرَان، عَنِ ابْن عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: أسلم علي بْن أَبِي طالب وَهُوَ ابْن ثلاث عشرة سنة، وتوفي وَهُوَ ابْن ثلاث وستين سنة.
قال أَبُو عُمَر رحمه الله: هَذَا أصح مَا قيل فِي ذَلِكَ.
وقد روي عَنِ ابْن عُمَر من وجهين جيدين. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ فُضَيْلٍ، عَنِ الأَجْلَحِ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ حَبَّةَ بْنِ الْجُوَيْنِ [الْعُرَنِيِّ] ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: لَقَدْ عَبَدْتُ اللَّهَ قَبْلَ أَنْ يَعْبُدَهُ أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ خَمْسَ سِنِينَ. وروى شُعْبَة عَنْ سَلَمَة بْن كهيل، عَنْ حبة العرني قَالَ: سمعت عليا يَقُول: أنا أول من صَلَّى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال سالم بن أنى الْجَعْد: قلت لابن الحنفية: أَبُو بَكْر كَانَ أولهم إسلاما؟ قَالَ: لا.
وروى مُسْلِم الملائي، عَنْ أنس بْن مَالِك، قَالَ: استنبئ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم الأثنين وصلى على يَوْم الثلاثاء.
وقال زَيْد بْن أرقم: أول من آمن باللَّه بعد رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب. وروى حديث زَيْد بْن أرقم من وجوه ذكرها النسائي، وأسد بْن مُوسَى، وغيرهما، منها مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا قَاسِمٌ، حدثنا أحمد ابن زُهَيْرٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَمْزَةَ الأَنْصَارِيَّ قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ يَقُولُ: أَوَّلُ مَنْ صَلَّى مَعَ رَسُولِ صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا قَاسِمٌ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إسحاق
قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الأَشْعَثِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بن إياس، عن عَفِيفٍ الْكِنْدِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ لي: كنت امرأ تَاجِرًا، فَقَدِمْتُ الْحَجَّ، فَأَتَيْتُ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ المطلب لأبتاع منه بعض التجارة، وكان امرأ تاجرا، فو الله إِنِّي لَعِنْدَهُ بِمِنًى إِذْ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ خَبْءٍ قَرِيبٍ مِنْهُ، فَنَظَر إِلَى الشَّمْسِ، فَلَمَّا رَآهَا قَدْ مَالَتْ قَامَ يُصَلِّي. قَالَ: ثُمَّ خَرَجَتِ امْرَأَةٌ مِنْ ذَلِكَ الْخَبْءِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ، فَقَامَتْ خَلْفَهُ تُصَلِّي، ثُمَّ خَرَجَ غُلامٌ قَدْ رَاهَقَ الْحُلُمَ مِنْ ذَلِكَ الْخَبْءِ، فَقَامَ مَعَهُمَا يُصَلِّي، فَقُلْتُ لِلْعَبَّاسِ: مَنْ هَذَا يَا عَبَّاسُ؟ قَالَ: هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ابْنُ أَخِي. قلت: من هذا الْمَرْأَةُ؟ قَالَ: هَذِهِ امْرَأَتُهُ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ. قُلْتُ: مَنْ هَذَا الْفَتَى؟ قَالَ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ابْنُ عَمِّهِ. قُلْتُ: مَا هَذَا الَّذِي يَصْنَعُ؟ قَالَ: يُصَلِّي، وَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ وَلَمْ يَتَّبِعْهُ فِيمَا ادَّعَى إِلا امْرَأَتُهُ وَابْن عَمِّهِ هَذَا الْغُلامُ، وَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّهُ سَيُفْتَحُ عَلَيْهِ كُنُوزُ كِسْرَى وَقَيْصَرَ. وكان عَفِيف يَقُول: إنه قد أسلم بعد ذَلِكَ، وحسن إسلامه، لو كان الله رزقني الإسلام يومئذ فأكون ثانيا مع علي. وقد ذكرنا هَذَا الحديث من طرق فِي باب عَفِيف الْكِنْدِيّ من هَذَا الكتاب، والحمد للَّه.
وقال علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ صليت مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كذا وكذا لا يصلي معه غيري إلا خديجة، واجمعوا على أَنَّهُ صَلَّى القبلتين، وهاجر، وشهد بدرا والحديبية، وسائر المشاهد، وأنه أبلى ببدر وبأحد وبالخندق
وبخيبر بلاءً عظيما، وأنه أغنى فِي تلك المشاهد، وقام فيها المقام السكريم. وكان لواء رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيده فِي مواطن كثيرة، وَكَانَ يَوْم بدر بيده على اختلاف فِي ذَلِكَ. ولما قتل مصعب بْن عُمَيْر يَوْم أحد، وَكَانَ اللواء بيده دفعه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وقال مُحَمَّد بْن إسحاق: شهد علي بْن أَبِي طالب بدرا، وَهُوَ ابْن خمس وعشرين سنة وَرَوَى [ابْنُ ] الْحَجَّاجِ بْنُ أَرْطأَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّايَةَ يَوْمَ بَدْرٍ إِلَى عَلِيٍّ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً. ذكره السَّرَّاج فِي تاريخه. ولم يتخلف عَنْ مشهد شهده رَسُول اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم مد قدم المدينة، إلا تبوك، فإنه خلفه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة وعلى عياله بعده فِي غزوة تبوك، وَقَالَ لَهُ. أنت مني بمنزلة هارون من مُوسَى، إلا أَنَّهُ لا نبي بعدي. وروى قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أنت مني بمنزلة هارون من مُوسَى» جماعة من الصحابة، وَهُوَ من أثبت الآثار وأصحها، رواه عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص. وطرق حديث سَعْد فِيهِ كثيرة جدا قد ذكرها ابْن أَبِي خيثمة وغيره، ورواه ابْن عَبَّاس، وَأَبُو سَعِيد الْخُدْرِيّ، وأم سَلَمَة، وأسماء بِنْت عميس، وجابر بْن عَبْد اللَّهِ، وجماعة يطول ذكرهم. حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُفَسِّرِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ مُوسَى الْجُهَنِيِّ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ عَلِيٍّ، قَالَتْ: سَمِعْتُ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ تقول: سمعت رسول الله
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِعَلِيٍّ: أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أَنَّهُ لَيْسَ بَعْدِي نَبِيٌّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حدثنا قاسم، قال: حدثنا أحمد بن زهير، قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ حَدَّثَنَا نُمَيْرٌ ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ: أَنْتَ أَخِي وَصَاحِبِي. وَحَدَّثَنَا عبد الوارث، حدثنا قاسم، حدثنا أحمد بن زُهَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ الْقَنَّادُ ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَزْدِيُّ، عَنْ معروف ابن خَرَّبُوذَ ، عَنْ زِيَادِ بْنِ الْمُنْذِرِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيِّ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: لَمَّا احْتُضِرَ عُمَرُ جَعَلَهَا شُورَى بَيْنَ عَلِيٍّ، وَعُثْمَانَ. وَطَلْحَةَ، وَالزُّبَيْرِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَسَعْدٍ، فَقَالَ لَهُمْ عَلِيٌّ: أُنْشِدُكُمُ اللَّهَ، هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ آخَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ- إِذْ آخَى بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ- غَيْرِي! قَالُوا: اللَّهمّ لا. قَالَ: وروينا من وجوه عَنْ علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُول: أنا عَبْد اللَّهِ، وأخو رَسُول اللَّهِ، لا يقولها أحد غيري إلا كذاب. قال أَبُو عُمَر: آخى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين المهاجرين [بمكة ] ، ثُمَّ آخى بين المهاجرين والأنصار [بالمدينة ] ، وَقَالَ في كل واحدة منهما
لعلي: أنت أخي فِي الدنيا والآخرة، وآخى بينه وبين نفسه، فلذلك كَانَ هَذَا القول [وما أشبه من علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ] ، وَكَانَ معه على حراء حين تحرك، فَقَالَ لَهُ: أثبت حراء فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد. وكان عَلَيْهِ يومئذ العشرة المشهود لهم بالجنة، وزوجه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سنة اثنتين من الهجرة ابنته فاطمة سيدة نساء أهل الجنة مَا خلا مَرْيَم بِنْت عِمْرَان. وقال لَهَا: زوجك سيد فِي الدنيا والآخرة، وإنه أول أصحابي إسلاما، وأكثرهم علما، وأعظمهم حلما. قالت أَسْمَاء بِنْت عميس: فرمقت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين اجتمعا جعل يدعو لهما، ولا يشرك فِي دعائهما أحدا غيرهما، وجعل يدعو لَهُ كما دعا لَهَا. وَرَوَى بُرَيْدَةَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَجَابِرٌ، وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، وَزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قَالَ- يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ: مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاهُ، اللَّهمّ وَالِ مَنْ وَالاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ. وبعضهم لا يَزِيد على «من كنت مولاه فعلي مولاه» . وَرَوَى سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَبُرَيْدَةُ الأَسْلَمِيُّ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بن عمر، وعمران بن الحصين، وسلمة ابن الأَكْوَعِ، كُلُّهُمْ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ يَوْمَ خَيْبَرَ: لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، ويحبّه الله ورسوله، ليس بفرّار،
يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ، ثُمَّ دَعَا بِعَلِيٍّ وَهُوَ أَرْمَدُ، فَتَفَلَ فِي عَيْنَيْهِ وَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ، فَفَتَحَ [اللَّهُ ] عَلَيْهِ. وَهَذِهِ كُلُّهَا آثَارٌ ثَابِتَةٌ. وبعثه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى اليمن وَهُوَ شاب ليقضي بينهم، فَقَالَ: يَا رَسُول اللَّهِ، إِنِّي لا أدري مَا القضاء، فضرب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيده صدره، وَقَالَ: اللَّهمّ اهد قلبه، وسدد لسانه، قَالَ علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فو الله مَا شككت بعدها فِي قضاء بين اثنين. ولما نزلت : إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً 33: 33 دعا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاطمة، وعليا، وحسنا، وحسينا رَضِيَ اللَّهُ عنهم فِي بيت أم سَلَمَة وَقَالَ: اللَّهمّ [إن] هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. وروى طائفة من الصحابة أن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق. وكان علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُول: والله إنه لعهد النَّبِيّ الأمي [إلي] أَنَّهُ لا يحبني إلا مؤمن، ولا يبغضني إلا منافق. وقال لَهُ رَسُول الله صلى الله وَسَلَّمَ: يَا علي، ألا أعلمك كلمات إذا قلتهن غفر الله لك، مع أنك مغفور لك؟ قَالَ: قلت: بلى. قَالَ: لا إله إلا الله الحليم العليم، لا إله إلا الله العلي العظيم، لا إله إلا الله رب السموات ورب العرش
الكريم. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يهلك فيك رجلان: محب مفرط ، وكذاب مفترٍ. وقال لَهُ: تفترق فيك أمتي كما افترقت بنو إسرائيل فِي عِيسَى. وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من أحب عليا فقد أحبني. ومن أبغض عليا فقد أبغضني، ومن آذى عليا فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بن سعيد، حدثنا إسحاق ابن إِبْرَاهِيمَ بْنِ النُّعْمَانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَرَوَانَ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ الْحَنَفِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: قِيلَ لأَبِي بَكْرٍ وَعَلِيٍّ يَوْمَ بَدْرٍ: مَعَ أَحَدِكُمَا جِبْرَئِيلُ وَمَعَ الآخَرِ مِيكَائِيلُ وَإِسْرَافِيلُ، مَلَكٌ يَشْهَدُ الْقِتَالَ وَيَقِفُ فِي الصَّفِّ ، وقد رَوَى أن جبرئيل، وميكائيل عليهما السلام مع علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. والأول أصح إن شاء الله تعالى.
رَوَى قَاسِمٌ وَابْنُ الأَعْرَابِيِّ جَمِيعًا، قَالا: حَدَّثَنَا أحمد بن محمد بن الْبِرْتِيُّ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: أَقْبَلْنَا مِنْ بَدْرٍ فَفَقَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَادَتِ الرِّفَاقُ بَعْضُهَا بَعْضًا: أَفِيكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
فَوَقَفُوا حَتَّى جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَدْنَاكَ! فَقَالَ: إِنَّ أَبَا الْحَسَنِ وجد مغصا في بطنه فتخلّفت عليه.
وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأته من بابه. وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أصحابه: أقضاهم علي بْن أَبِي طالبٍ. وقال عُمَر بْن الخطاب: علي أقضانا، وَأَبِي أقرؤنا، وإنا لنترك أشياء من قراءة أَبِي.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمَيْمُونِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ بْنِ رَاشِدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرِو بْنِ صَفْوَانَ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا عمر بن ابن حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، قَالَ: قُلْتُ لِلشَّعْبِيِّ:
إِنَّ الْمُغِيرَةَ حَلَفَ باللَّه مَا أَخْطَأَ عَلِيٌّ فِي قَضَاءٍ قَضَى بِهِ قَطُّ. فَقَالَ الشَّعْبِيُّ: لَقَدْ أَفْرَطَ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ ابن زُهَيْرٍ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ التَّبُوذَكِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا أَبُو فَرْوَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى، قَالَ قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: عَلِيٌّ أَقْضَانَا.
وقال أَحْمَد بْن زُهَيْر، حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن عُيَيْنَة، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْن عَبَّاس، قَالَ قَالَ عُمَر: علي أقضانا. قال أحمد ابن زُهَيْر: حَدَّثَنَا عُبَيْد الله بْن عُمَر القواريري، حَدَّثَنَا مؤمل بْن إِسْمَاعِيل، حَدَّثَنَا سُفْيَان الثوري، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيّب، قال: كان عمر
يتعوذ باللَّه من معضلة ليس لَهَا أَبُو حسن. وقال فِي المجنونة التي أمر برجمها وفي التي وضعت لستة أشهر، فأراد عُمَر رجمها- فَقَالَ لَهُ علي: إن الله تعالى يَقُول : وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ... الحديث. وَقَالَ لَهُ: إن الله رفع القلم عَنِ المجنون ... الحديث، فكان عُمَر يَقُول: لولا عليّ لهلك عمر. وقد روى مثل هذه القصة لعثمان مع ابن عبّاس، وعن على أخذها ابن عبّاس، والله أعلم [وروى عبد الرحمن بن أذينة الغنوي، عَنْ أَبِيهِ أذينة بْن مسلمة، قَالَ:
أتيت عُمَر بْن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فسألته: من أين أعتمر؟ فَقَالَ: إيت عليا فسله، فذكر الحديث ... وفيه قَالَ عُمَر: مَا أجد لك إلا مَا قَالَ علي.
وسأل شريح بْن هانئ عَائِشَة أم المؤمنين رَضِيَ اللَّهُ عنها عَنِ المسح على الخفين، فقالت: إيت عليا فسله] .
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، قَالَ: حدثنا قاسم، حدثنا أحمد بن زهير، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُنَّا نَتَحَدَّثُ أن أقضى أهل المدينة علي بن أبي طَالِبٍ.
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ: وَأَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: مَا كَانَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ يقول: سلوني غير على بن طالب رضى الله تعالى عنه.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عبدة بن سليمان، عن عبد الملك ابن أَبِي سُلَيْمَانَ، قَالَ قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَكَانَ فِي أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدٌ أَعْلَمُ مِنْ عَلِيٍّ، قَالَ: لا وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُهُ.
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن سعيد الأصفهاني، قال: حدثنا معاوية ابن هِشَامٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ قُلَيْبٍ، عَنْ جُبَيْرٍ ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: مَنْ أَفْتَاكُمْ بِصَوْمِ عَاشُورَاءَ؟ قَالُوا: عَلِيٌّ. قَالَتْ: أَمَا إِنَّهُ لأَعْلَمُ النَّاسِ بِالسُّنَّةِ.
قَالَ: وَحَدَّثَنَا فُضَيْلٌ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُرَيْكٍ، عَنْ مَيْسَرَةَ، عَنِ الْمِنْهَالِ، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قَالَ: كُنَّا إِذَا أَتَانَا الثَّبْتُ عَنْ عَلِيٍّ لَمْ نَعْدِلْ بِهِ.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْجَوْهَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ، قَالَ: حدثنا محمد بن السَّرِيِّ إِمْلاءً بِمِصْرَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ هَاشِمٍ الْجَنْبِيُّ ، قَالَ: حَدَّثَنَا جُوَيْبِرٌ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ أعطى على ابن أَبِي طَالِبٍ تِسْعَةَ أَعْشَارِ الْعِلْمِ، وَايْمُ اللَّهِ لَقَدْ شَارَكَكُمْ فِي الْعُشْرِ الْعَاشِرِ.
وَقَالَ الْحَسَنُ الْحُلْوَانِيُّ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عن حبيب ابن الشَّهِيدِ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: أَقْضَانَا عَلِيٌّ، وَأَقْرَؤُنَا أُبَيٌّ. وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، قَالَ: حدثنا ابن أبى زائدة، عن أبيه،
عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ، قَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إِنَّ أَقْضَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.
قَالَ: وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، وَأَبُو زُبَيْدٍ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ: عَبْدُ اللَّهِ: أَعْلَمُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ بِالْفَرَائِضِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.
وقال: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن آدم قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر بْن عَيَّاش، عَنْ مغيرة، قَالَ:
ليس أحد منهم أقوى قولا فِي الفرائض من علي. قال: وَكَانَ الْمُغِيرَة صاحب الفرائض.
وفيما أَخْبَرَنَا شيخنا أَبُو الأصبع عِيسَى بْن سَعْد بْن سَعِيد المقرئ أحد معلّمى القرآن رحمه الله، قَالَ: أَنْبَأَنَا الْحَسَن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن قَاسِم المقرئ، قراءةً عَلَيْهِ فِي منزله ببغداد، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن [يَحْيَى بن ] موسى بن العباس بن مجاهد المقري فِي مسجده، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاس بْن مُحَمَّد الدوري، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن معين، قَالَ: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصم، عن زرّ بن حبيش، قال : جاس رجلان يتغديان، مع أحدهما خمسة أرغفة، ومع الآخر ثلاثة أرغفة، فلما وضعا الغداء بين أيديهما مر بهما رجل فسلم، فقالا: اجلس للغداء، فجلس، وأكل معهما، واستوفوا فِي أكلهم الأرغفة الثمانية، فقام الرجل وطرح إليهما ثمانية دراهم، وَقَالَ: خذا هَذَا عوضا مما أكلت لكما ونلته من طعامكما، فتنازعا ، وَقَالَ صاحب الخمسة الأرغفة:
لي خمسة دراهم، ولك ثلاث. فَقَالَ صاحب الثلاثة الأرغفة: لا أرضى إلا أن تكون الدراهم بيننا نصفين. وارتفعا إِلَى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقصا عَلَيْهِ قصتهما، فَقَالَ لصاحب الثلاثة الأرغفة: قد عرض عليك صاحبك مَا عرض، وخبزه أكثر من خبزك، فارض بثلاثة. فقال:
لا والله، لا رضيت منه إلا بمر الحق، فقال علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ليس لك فِي مر الحق إلا درهم واحد وله سبعة. فقال الرجل: سبحان الله يَا أمير المؤمنين! وَهُوَ يعرض علي ثلاثة فلم أرض، وأشرت علي بأخذها فلم أرض، وتقول لي الآن: إنه لا يجب فِي مر الحق إلا درهم واحد. فَقَالَ لَهُ علي: عرض عليك صاحبك الثلاثة صلحا، فقلت: لم أرض إلا بمر الحق، ولا يجب لك بمر الحق إلا واحد. فقال [لَهُ] الرجل: فعرفني بالوجه فِي مر الحق حَتَّى أقبله، فَقَالَ علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أليس للثمانية الأرغفة أربعة وعشرون ثلثا أكلتموها وأنتم ثلاثة أنفس، ولا يعلم الأكثر منكم أكلا، ولا الأقل، فتجعلون فِي أكلكم على السواء! قَالَ: بلى. قال: فأكلت أنت ثمانية أثلاث، وإنما لك تسعة أثلاث، وأكل صاحبك ثمانية أثلاثٍ، وله خمسة عشر ثلثا، أكل منها ثمانية ويبقى لَهُ سبعة، وأكل لك واحدا من تسعة، فلك واحد بواحدك، وله سبعة [بسبعته] . فقال لَهُ الرجل: رضيت الآن. روى عَبْد الرَّحْمَنِ بْن أذينة العبديّ، عن أبيه أذينة بْن سَلَمَة العبدي، قَالَ:
أتيت عُمَر بْن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فسألته: من أين أعتمر؟ فَقَالَ: إيت عليا فاسأله ... وذكر الحديث. وفيه وَقَالَ عُمَر: مَا أجد لك إلا ما قال على.
وسأل شريح ابن هانئ عَائِشَة أم المؤمنين رَضِيَ اللَّهُ عنها عَنِ المسح على الخفين، فقالت: إيت عليا فاسأله ... وذكر الحديث ] .
وَرَوَى مَعْمَرٌ، عَنْ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: شهدت عليا يخطب، وهو يقول: سلوني، فو الله لا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلا أَخْبَرْتُكُمْ، وَسَلُونِي عن كتاب الله، فو الله مَا مِنْ آيَةٍ إِلا وَأَنَا أَعْلَمُ أَبِلَيْلٍ نَزَلَتْ أَمْ بِنَهَارٍ، أَمْ فِي سَهْلٍ أَمْ فِي جَبَلٍ. وقال سَعِيد بْن عَمْرو [بْن سَعِيد ] بْن الْعَاص: قلت لعبد الله بْن عياش ابن أَبِي رَبِيعَة: يَا عم، لو كَانَ صغو الناس إِلَى علي! فَقَالَ: يَا بْن أخي، إن عليا عَلَيْهِ السلام كَانَ لَهُ مَا شئت من ضرس قاطع فِي العلم، وَكَانَ لَهُ البسطة فِي العشيرة، والقدم فِي الإسلام، والصهر لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والفقه فِي المسألة ، والنجدة فِي الحرب، والجود فِي الماعون.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بن يوسف، قال: حدثنا يحيى بن مالك بْنِ عَابِدٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ الْبَغْدَادِيُّ بِمِصْرَ، قَالَ: حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دُرَيْدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْعُكْلِيُّ، عَنِ الْحِرْمَازِيِّ، [عَنْ ] رَجُلٍ مِنْ هَمْدَانَ، قَالَ: قَالَ مُعَاوِيَةُ لِضَرَارٍ الصَّدَائِيِّ : يَا ضَرَّارُ، صِفْ لِي عَلِيًّا.
قَالَ: أَعْفِنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: لَتَصِفَنَّهُ. قَالَ: أَمَا إِذْ لا بُدَّ مِنْ وَصْفِهِ فَكَانَ وَاللَّهِ بَعِيدَ الْمَدَى، شَدِيدَ الْقُوَى، يَقُولُ فَصْلا ، ويحكم عدلا، يتفجّر العلم من
جَوَانِبِهِ، وَتَنْطِقُ الْحِكْمَةُ مِنْ نَوَاحِيهِ. ويستوحش من الدنيا وزهرتها، ويستأنس بالليل ووحشته، وَكَانَ غزير العبرة، طويل الفكرة، يعجبه من اللباس مَا قصر، ومن الطعام مَا خشن. وكان فينا كأحدنا، يجيبنا إذا سألناه، وينبئنا إذا استنبأناه. ونحن والله- مع تقريبه إيانا وقربه منا- لا نكاد نكلمه هيبا لَهُ. يعظم أهل الدين، ويقرب المساكين، لا يطمع القوي فِي باطله، ولا ييئس الضعيف من عدله. وأشهد [أَنَّهُ ] لقد رأيته فِي بعض مواقفه، وقد أرخى الليل سدوله ، وغارت نجومه، قابضا على لحيته، يتململ تململ السليم، ويبكي بكاء الحزين، ويقول: يَا دنيا غري غيري، ألي تعرّضت أم إلى تشوّفت! هيهات هيهات! قد باينتك ثلاثا لا رجعة فيها، فعمرك قصير، وخطرك قليل. آهٍ من قلة الزاد، وبعد السفر، ووحشة الطريق. فبكى.
مُعَاوِيَة وَقَالَ: رحم الله أَبَا الْحَسَن، كَانَ والله كذلك، فكيف حزنك عَلَيْهِ يَا ضرار؟ قَالَ: حزن من ذبح ولدها وَهُوَ فِي حجرها. وكان مُعَاوِيَة يكتب فيما ينزل بِهِ ليسأل لَهُ علي بْن أَبِي طالب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ ذَلِكَ، فلما بلغه قتله قَالَ: ذهب الفقه والعلم بموت ابْن أَبِي طالب. فقال لَهُ أخوه عُتْبَة: لا يسمع هَذَا منك أهل الشام. فقال لَهُ: دعني عنك.
وروى أَبُو سَعِيد الْخُدْرِيّ وغيره، عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: تمرق مارقة فِي حين اختلافٍ من المسلمين يقتلها أولى الطائفتين بالحق وقال
طاوس: قيل لابن عَبَّاس: أَخْبَرَنَا عَنْ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخبرنا عَنْ أَبِي بَكْر. قال: كَانَ والله خيرا كله مع حدة كانت فِيهِ. قلنا: فعمر؟
قَالَ: كَانَ والله كيسا حذرا، كالطير الحذر الَّذِي قد نصب لَهُ الشرك، فهو يراه، ويخشى أن يقع فِيهِ، مع العنف وشدة السير. قلنا: فعثمان؟ قَالَ: كَانَ والله صواما قواما من رجل غلبته رقدته. قلنا: فعلي؟ قال: كان والله قد مليء علما وحلما من رجل غرته سابقته وقرابته، فقلما أشرف على شيءٍ من الدنيا إلا فاته. فقيل: إنهم يقولون: كان محدودا. فقال: أتم تقولون ذَلِكَ.
وَرَوَى الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَقْرَأَ مِنْ عَلِيٍّ، صَلَّيْنَا خَلْفَهُ، فَقَرَأَ بَرْزَخًا ، فَأَسْقَطَ حَرْفًا، ثُمَّ رَجَعَ فَقَرَأَهُ، ثُمَّ عَادَ إِلَى مَكَانِهِ.
فسر أهل اللغة البرزخ هَذَا بأنه كَانَ بين الموضع الَّذِي [كَانَ ] يقرأ فِيهِ وبين الموضع الَّذِي كَانَ أسقط منه الحرف، ورجع إِلَيْهِ- قرآن كَثِير. قالوا والبرزخ: مَا بين الشيئين، وجمعه برازخ. والبرزخ: مَا بين الدنيا والآخرة.
وسئل ابْن مَسْعُود عَنِ الوسوسة فَقَالَ: هي برزخ بين الشك واليقين. وقد ذكرنا فِي باب أَبِي بَكْر الصديق رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ إنما كَانَ تأخر علي عَنْهُ تلك الأيام، لجمعه القرآن.
وَرَوَى مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن المطلب بن عبد الله بن حنطب
قال: قال رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِوَفْدِ ثَقِيفٍ حِينَ جَاءَهُ: لَتُسْلِمُنَّ أَوْ لأَبْعَثَنَّ رَجُلا مِنِّي- أَوْ قَالَ: مِثْلُ نَفْسِي- فَلَيَضْرِبُنَّ أَعْنَاقَكُمْ، وَلَيَسْبِيَنَّ ذَرَارِيكُمْ، وَلَيَأْخُذَنَّ أَمْوَالَكُمْ. قال عمر: فو الله مَا تَمَنَّيْتُ الإِمَارَةَ إِلا يَوْمَئِذٍ، وَجَعَلْتُ أَنْصِبُ صَدْرِي لَهُ رَجَاءَ أَنْ يَقُولَ: هُوَ هَذَا. قَالَ: فَالْتَفَتَ إِلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فأخذ بيده ثم قال: هو هذا، [هُوَ هَذَا ] . وَرَوَى عَمَّارٌ الدُّهْنِيُّ ، عن أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: مَا كُنَّا نَعْرِفُ الْمُنَافِقِينَ إِلا بِبُغْضِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وسئل الْحَسَن بْن أَبِي الْحَسَن الْبَصْرِيّ عَنْ علي بْن أَبِي طالب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: كَانَ علي والله سهما صائبا من مرامي الله على عدوه، ورباني هَذِهِ الأمة، وذا فضلها، وذا سابقتها، وذا قرابتها من رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لم يكن بالنومة عَنْ أمر الله، ولا بالملومة فِي دين الله، ولا بالسروقة لمال الله، أعطى القرآن عزائمه ففاز منه برياضٍ مونقة، ذَلِكَ علي بْن أَبِي طالب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَا لكع.
وسئل أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بْن علي بْن الْحُسَيْن، عن صفة عليّ رضى الله عنه
فَقَالَ: كَانَ رجلا آدم شديد الأدمة، مقبل العينين عظيمهما، دا بطن، أصلع، ربعة إِلَى القصر، لا يخضب.
وقال أَبُو إِسْحَاق السبيعي : رأيت عليا أبيض الرأس واللحية. وقد روي أَنَّهُ ربما خضب وصفر لحيته. وكان علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يسير فِي الفيء مسيرة أَبِي بَكْر الصديق فِي القسم، إذا ورد عَلَيْهِ مال لم يبق منه شيئا إلا قسمه، ولا يترك فِي بيت المال منه إلا مَا يعجز عَنْ قسمته فِي يومه ذَلِكَ. ويقول:
يَا دنيا غري غيري. ولم يكن يستأثر من الفيء بشيء، ولا يخص بِهِ حميما، ولا قريبا، ولا يخص بالولايات إلا أهل الديانات والأمانات، وإذا بلغه عَنْ أحدهم خيانة كتب إِلَيْهِ: قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ من رَبِّكُمْ، 10: 57 فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ 7: 85 بالقسط، وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ، 7: 85 وَلا تَعْثَوْا في الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ. 26: 183 بَقِيَّتُ الله خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. 11: 86 وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ. 11: 86 إذا أتاك كتابي هَذَا فاحتفظ بما فِي يديك من أعمالنا حَتَّى نبعث إليك من يتسلمه منك، ثُمَّ يرفع طرفه إِلَى السماء، فيقول: اللَّهمّ إنك تعلم إِنِّي لم أمرهم بظلم خلقك، ولا بترك حقك. وخطبه ومواعظه ووصاياه لعماله إذ كَانَ يخرجهم إِلَى أعماله كثيرة مشهورة، لم أر التعرض لذكرها، لئلا يطول الكتاب، وهي حَسَّان كلها.
وقد ثبت عَنِ الْحَسَن بْن علي من وجوهٍ أَنَّهُ قَالَ: لم يترك أَبِي إلا ثمانمائة درهم أو سبعمائة [فضلت ] من عطائه، كَانَ يعدها لخادم يشتريها لأهله.
وأما تقشفه فِي لباسه ومطعمه فأشهر من هَذَا كله، وباللَّه التوفيق والعصمة. حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حدثنا عبد الله بن عمر الجوهري، حدثنا أحمد بن محمد ابن الْحَجَّاجِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ. قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَجْلَحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْكِنْدِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا خَرَجَ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ غَلِيظٌ دَارِسٌ إِذَا مَدَّ كُمَّ قَمِيصِهِ بَلَغَ إِلَى الظُّفْرِ، وَإِذَا أَرْسَلَهُ صَارَ إِلَى نِصْفِ السَّاعِدِ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الخراساني أبو الهيثم، قال: حدثنا أبحر بْنُ جُرْمُوزٍ. عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَخْرُجُ مِنَ الْكُوفَةِ وَعَلَيْهِ قِطْرِيَّتَانِ مُتَّزِرًا بِالْوَاحِدَةِ مُتَرَدِّيًا بِالأُخْرَى، وَإِزَارُهُ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ، وَهُوَ يَطُوفُ فِي الأَسْوَاقِ، وَمَعَهُ دُرَّةٌ، يَأْمُرُهُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَصِدْقِ الْحَدِيثِ، وَحُسْنِ الْبَيْعِ، وَالْوَفَاءِ بِالْكَيْلِ وَالْمِيزَانِ.
وَبِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي غَنِيَّةَ ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَيَّانَ التيمي، عن مجمع التيمي،
أَنّ عَلِيًّا قَسَّمَ مَا فِي بَيْتِ الْمَالِ بين المسلمين، ثم أمر به فكلس ثُمَّ صَلَّى فِيهِ، رَجَاءَ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، وَحَامِدُ بْنُ يَحْيَى، قَالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ:
حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَدِمَ عَلَى عَلِيٍّ مَالٌ مِنْ أَصْبَهَانَ، فَقَسَّمَهُ سَبْعَةَ أَسْبَاعٍ، وَوَجَدَ فِيهِ رَغِيفًا، فَقَسَّمَهُ سَبْعَ كِسَرٍ، فَجَعَلَ عَلَى كُلِّ جُزْءٍ كِسْرَةً، ثُمَّ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطِي أَوَّلا. وأخباره فِي مثل هَذَا من سيرته لا يحيط بها كتاب.
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا قاسم بن أصبغ، قال: حدثنا محمد ابن عَبْدِ السَّلامِ الْخُشَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ العباس ابن فَرَجٍ الرِّيَاشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بن مخلد ومعاذ بن العلاء [أخى عَمْرِو بْنِ الْعَلاءِ ] عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ:
مَا أَصَبْتُ مِنْ فَيْئِكُمْ إِلا هَذِهِ الْقَارُورَةَ، أَهْدَاهَا إِلَيَّ الدِّهْقَانُ، ثُمَّ نزل إِلَى بيت المال، ففرق كل مَا فيه، ثم جعل يقول:
أفلح من كانت لَهُ قوصره ... يأكل منها كل يَوْمٍ مره
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ. حَدَّثَنَا وَكِيع، حَدَّثَنَا أَبُو سِنَانٍ، عَنْ عَنْتَرَةَ الشَّيْبَانِيِّ، قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ يَأْخُذُ فِي الْجِزْيَةِ وَالْخَرَاجِ مِنْ أَهْلِ كُلِّ صِنَاعَةٍ مِنْ صِنَاعَتِهِ وعمل
يَدِهِ حَتَّى يَأْخُذَ مِنْ أَهْلِ الإِبَرِ [الإِبَرِ ] وَالْمَسَالِّ وَالْخُيُوطِ وَالْحِبَالِ، ثُمَّ يُقَسِّمُهُ بَيْنَ النَّاسِ، وَكَانَ لا يَدَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ مَالا يَبِيتُ فِيهِ حَتَّى يُقَسِّمَهُ، إِلا أَنْ يَغْلِبَهُ فِيهِ شُغْلٌ، فَيُصْبِحُ إِلَيْهِ وَكَانَ يَقُولُ: يَا دنيا لا تغريني، غرّي غيري، وينشد:
هَذَا جَنَايَ وَخِيَارُهُ فِيهِ ... وَكُلُّ جَانٍ يَدُهُ إِلَى فِيهِ
وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عن أبى حَيَّانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: مَنْ يَشْتَرِي مِنِّي سَيْفِي هَذَا؟ فَلَوْ كَانَ عِنْدِي ثَمَنُ إِزَارٍ مَا بِعْتُهُ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: نُسَلِّفُكَ ثَمَنَ إِزَارٍ. قال عَبْد الرَّزَّاقِ: وكانت بيده الدنيا كلها إلا مَا كَانَ من الشام. وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ يُثَيْعٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنْ وَلَّوْا عَلِيًّا فَهَادِيًا مَهْدِيًّا. قِيلَ لِعَبْدِ الرَّزَّاقِ: سَمِعْتَ هَذَا مِنَ الثَّوْرِيِّ؟ فَقَالَ: حَدَّثَنَا النُّعْمَانُ عَنِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَيَحْيَى بْنُ الْعَلاءِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، حَدَّثَنَا خلف بن قاسم، قال:
حدثنا عبد الله بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بن الحجاج، قال: حدثنا سفيان ابن بِشْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عن يزيد بن زياد، عن إسحاق ابن كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَلِيٌّ مُخْشَوْشِنٌ فِي ذات الله.
وروى وكيع، عَنْ علي بْن صَالِح، عَنْ عطاء، قَالَ: رأيت على علي قميص كرابيس غير غسيل.
حَدَّثَنَا وَكِيع، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الأَجْلَحِ، عَنِ ابْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ، قَالَ:
رَأَيْتُ على عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَمِيصًا رَازِيًا إِذَا أَرْخَى كُمَّهُ بَلَغَ أَطْرَافَ أَصَابِعِهِ، وَإِذَا أَطْلَقَهُ صَارَ إِلَى الرُّسْغِ وفضائله لا يحيط بها كتاب، وقد أكثر الناس من جمعها، فرأيت الاختصار منها على النكت التي تحسن المذاكرة بها، وتدل على مَا سواها من أخلاقه وأحواله وسيرته رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن عمر، حدثنا أحمد بن محمد ابن الْحَجَّاجِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ الْجُعْفِيُّ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ الأَوْدِيِّ، قَالَ: أَدْرَكْتُ النَّاسَ وَهُمْ ثَلاثُ طَبَقَاتٍ:
أَهْلُ دِينٍ يُحِبُّونَ عَلِيًّا، وَأَهْلُ دُنْيَا يُحِبُّونَ مُعَاوِيَةَ، وَخَوَارِجُ.
وقال أَحْمَد بْن حَنْبَل وَإِسْمَاعِيل بْن إِسْحَاق القاضي: لم يرو فِي فضائل أحدٍ من الصحابة بالأسانيد الحسان مَا روي فِي فضائل علي بْن أَبِي طالب. وكذلك [قَالَ ] أَحْمَد بْن شعيب بْن علي النسائي رحمه الله. وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَّا، وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يحيى، قالوا: أخبرنا أحمد بن سعيد
ابن حَزْمٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا مَرَوَانُ بن عبد الملك، قال: سمعت هارون ابن إِسْحَاقَ يَقُولُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: مَنْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ رضي الله عنهم، وعرف لعلي سابقته وفضله فهو صَاحِبُ سُنَّةٍ، وَمَنْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعَلِيٌّ وَعُثْمَانُ وَعَرِفَ لِعُثْمَانَ سَابِقَتَهُ وَفَضْلَهُ فَهُوَ صَاحِبُ سُنَّةٍ، فَذَكَرْتُ لَهُ هَؤُلاءِ الَّذِينَ يقولون: أبو بكر وعمر وعثمان رضى الله عنهم ويسكتون، فتكلّم فيهم بكلام غليظ.
[رَوَى الأَصَمُّ، عَنْ عَبَّاسٍ الدُّورِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ قَالَ: خَيْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّنَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، ثُمَّ عُثْمَانُ، ثُمَّ عَلِيٌّ، هَذَا مَذْهَبُنَا وَقَوْلُ أَئِمَّتِنَا ] .
وكان يَحْيَى بْن معين يَقُول: أَبُو بَكْر، وَعُمَر، وعلي، وعثمان.
قال أَبُو عُمَر: من قَالَ بحديث ابْن عُمَر: كنا نقول على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبو بَكْر، ثُمَّ عُمَر، ثُمَّ عُثْمَان ثُمَّ نسكت- يَعْنِي فلا نفاضل- وَهُوَ الَّذِي أنكر ابْن معين، وتكلم فِيهِ بكلام غليظ، لأن القائل بذلك قد قَالَ بخلاف مَا اجتمع عَلَيْهِ أهل السنة من السلف والخلف من أهل الفقه والأثر: أن عليا أفضل الناس بعد عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَهَذَا مما لم يختلفوا فِيهِ، وإنما اختلفوا فِي تفضيل علي وعثمان.
واختلف السلف أيضا فِي تفضيل علي وأبى بَكْر، وفي إجماع الجميع الَّذِي وصفنا دليل على أن حديث ابْن عُمَر وهم وغلط، وأنه لا يصح معناه، وإن كَانَ إسناده صحيحا، ويلزم من قَالَ بِهِ أن يَقُول بحديث جابر وحديث أبى سعيد:
كنا نبيع أمهات الأولاد على عهد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهم لا يقولون بذلك، فقد ناقضوا، وباللَّه التوفيق.
ويروى من وجوه، عَنْ حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت، عَنِ ابْن عُمَر أَنَّهُ قَالَ: مَا آسى على شيء إلا أني لم أقاتل مع على الفئة الباغية.
وقال الشَّعْبِيّ: مَا مات مسروق حتى تاب إلى الله عن تخلّفه عن القتال مع علي. ولهذه الأخبار طرق صحاح قد ذكرناها فِي موضعها. وروى من حديث علي، ومن حديث ابْن مَسْعُود، ومن حديث أَبِي أَيُّوب الأَنْصَارِيّ أَنَّهُ أمر بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين. وروى عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: مَا وجدت إلا القتال أو الكفر بما أنزل الله، يَعْنِي- والله أعلم- قوله تعالى: وَجاهِدُوا في الله حَقَّ جِهادِهِ 22: 78 وما كَانَ مثله. وَذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بن عمر الدار قطنى فِي الْمُؤْتَلِفِ وَالْمُخْتَلِفِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ زَكَرِيَّا، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ سَيَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حَنِيفَةَ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: مَا آسَى عَلَى شَيْءٍ، إِلا عَلَى أَلا أَكُونَ قَاتَلْتُ الْفِئَةَ الْبَاغِيَةَ عَلَى صَوْمِ الْهَوَاجِرِ.
قال أَبُو عُمَر: وقف جماعة من أئمة أهل السنة والسلف فِي علي وعثمان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فلم يفضلوا أحدا منهما على صاحبه، منهم مَالِك بْن أنس، ويحيى بْن سَعِيد القطان، وأما اختلاف السلف فِي تفضيل علي فقد ذكر ابْن أَبِي خيثمة فِي كتابه من ذَلِكَ مَا فِيهِ كفاية، وأهل السنة اليوم على ما ذكرت لك من
تقديم أَبِي بَكْر فِي الْفَضْل على عُمَر، وتقديم عُمَر على عُثْمَان، وتقديم عُثْمَان على علي رَضِيَ اللَّهُ عنهم، وعلى هَذَا عامة أهل الحديث من زمن أَحْمَد بْن حَنْبَل إلا خواص من جلة الفقهاء وأئمة العلماء، فإنهم على مَا ذكرنا عَنْ مَالِك ويحيى القطان، وَابْن معين، فهذا مَا بين أهل الفقه والحديث فِي هَذِهِ المسألة، وهم أهل السنة. وأما اختلاف سائر المسلمين فِي ذَلِكَ فيطول ذكره، وقد جمعه قوم، وقد كَانَ بنو أُمَيَّة ينالون منه، وينقصونه، فما زاده الله بذلك إلا سموا وعلوا ومحبةً عِنْدَ العلماء.
وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبيد المحاربي، قال: حدثنا عبد العزيز ابن أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قِيلَ لِسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: إِنَّ أَمِيرَ الْمَدِينَةِ يُرِيدُ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْكَ لِتَسُبَّ عَلِيًّا عِنْدَ الْمِنْبَرِ. قَالَ: كَيْفَ أَقُولُ؟ قَالَ: تَقُولُ أَبَا تُرَابٍ.
فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا سَمَّاهُ بِذَلِكَ إِلا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: قُلْتُ: وَكَيْفَ ذَلِكَ يَا أَبَا الْعَبَّاسِ؟ قَالَ: دَخَلَ عَلِيٌّ عَلَى فَاطِمَةَ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا فَاضْطَجَعَ فِي صَحْنِ الْمَسْجِدِ، قَالَ: فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَقَالَ: أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ؟ قَالَتْ: هُوَ ذَاكَ مُضْطَجِعٌ فِي الْمَسْجِدِ، قَالَ: فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَجَدَهُ قَدْ سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ ظَهْرِهِ، وَخَلُصَ التُّرَابَ إِلَى ظَهْرِهِ، فَجَعَلَ يَمْسَحُ التُّرَابَ عَنْ ظَهْرِهِ، ويقول: اجلس أبا تراب، فو الله مَا سَمَّاهُ بِهِ إِلا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاللَّهِ مَا كَانَ اسْمٌ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْهُ. وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ حَفْصِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنًا لَهُ يتنقص عَلِيًّا، فَقَالَ: إِيَّاكَ وَالْعَوْدَةَ إِلَى ذَلِكَ، فَإِنَّ بنى مروان شتموه ستّين سنة، فلم بزده اللَّهُ بِذَلِكَ إِلا رِفْعَةً، وَإِنَّ الدِّينَ لَمْ يَبْنِ شَيْئًا فَهَدَمَتْهُ الدُّنْيَا.
وَأَنَّ الدُّنْيَا لَمْ تبن شيئا إلى عاودت على ما بنت فهدمته.
[حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ مِنْ كِتَابِي، وَهُوَ يَنْظُرُ فِي كِتَابِهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدِ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْبَزَّارُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوبَ، قَالَ قاسم: وحدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَالِمٍ الصَّائِغُ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، قَالا: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: بَيْنَا أَنَا أَمْشِي مَعَ عُمَرَ يَوْمًا إِذْ تَنَفَّسَ نَفَسًا ظَنَنْتُ أَنَّهُ قُدْ قُضِبَتْ أَضْلاعُهُ، فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! وَاللَّهِ مَا أَخْرَجَ مِنْكَ هَذَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إلا أمر عظيم.
فقال: ويحك يا بن عَبَّاسٍ! مَا أَدْرِي مَا أَصْنَعُ بِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قلت: ولم وأنت بحمد الله قادر أن تضع ذَلِكَ مكان الثقة؟ قال: إني أرك تقول: إن صاحبك أولى الناس بها- يَعْنِي عليا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. قلت: أجل، والله إِنِّي لأقول ذَلِكَ فِي سابقته وعلمه وقرابته وصهره. قال: إنه كما ذكرت، ولكنه كَثِير الدعابة. فقلت: فعثمان؟ قال: فو الله لو فعلت لجعل بني أَبِي معيط على رقاب الناس، يعملون فيهم بمعصية الله، والله لو فعلت لفعل، ولو فعل لفعلوه، فوثب الناس عَلَيْهِ فقتلوه. فقلت: طَلْحَة بْن عُبَيْد الله؟ قَالَ: الأكيسع! هُوَ أزهى من ذَلِكَ، مَا كَانَ الله ليراني، أوليه أمر أمة مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ على مَا هُوَ عَلَيْهِ من الزهو. قلت: الزُّبَيْر بْن العوام؟ قَالَ: إذا يلاطم الناس فِي الصاع والمد. قلت: سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص؟ قَالَ: ليس بصاحب ذَلِكَ، ذاك صاحب مقنب يقاتل بِهِ. قلت: عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عوف؟ قَالَ: نعم الرجل ذكرت، ولكنه ضعيف عَنْ ذلك، والله، يا بن عباس، ما يصلح لهذا الأمر
إلا القوي فِي غير عنف، اللين فِي غير ضعف، الجواد فِي غير سرف، الممسك فِي غير بخل. قَالَ ابْن عَبَّاس: كَانَ عُمَر والله كذلك.
وفي حديث آخر، عَنِ ابْن عَبَّاس- أن عُمَر ذكر لَهُ أمر الخلافة واهتمامه بها، فَقَالَ لَهُ ابْن عَبَّاس: أين أنت عَنْ علي؟ قَالَ: فِيهِ دعابة. قال: فأين أنت والزبير؟ قَالَ: كَثِير الغضب يسير الرضا. فقال: طَلْحَة؟ قَالَ: فِيهِ نخوة- يَعْنِي كبرا. قَالَ: سَعْد؟ قَالَ: صاحب مقنب خيل. قال: فعثمان؟ قَالَ:
كلف بأقاربه. قال: عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عوف؟ قَالَ: ذَلِكَ رجل لين- أو قَالَ ضعيف. وفي رواية أخرى، قَالَ فِي عَبْد الرَّحْمَنِ: ذَلِكَ الرجل لو وليته جعل خاتمه فِي إصبع امرأته.
وَرَوَى سُفْيَانُ، وَشُعْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ صُوحَانَ، قَالَ قَالَ عُمَرُ: مَا يَمْنَعُكُمْ إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّجُلُ يَخْزَنُ أَعْرَاضَ النَّاسِ أَنْ تُعَرِّفُونِي بِهِ؟
قَالُوا: نَخَافُ سَفَهَهُ وَشَرَّهُ. قَالَ: ذَلِكَ أَدْنَى أَلا تَكُونُوا شُهَدَاءَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ الدينَوَريّ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ ابن الْعَلاءِ وَمُحَمَّدُ بْنُ هَيَّاجٍ، قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يوسف، عن أبيه، عن أبي إسحاق، عن الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ يَدْعُوهُمْ إِلَى الإِسْلامِ، فَكُنْتُ فِيمَنْ سَارَ مَعَهُ، فَأَقَامَ عَلَيْهِمْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، لا يُجِيبُونَهُ إِلَى شَيْءٍ، فَبَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب، وأمره أن يقفل خالد (ظهر الاستيعاب ج 3- م 9)
وَمَنِ اتَّبَعَهُ إِلا مَنْ أَرَادَ الْبَقَاءَ مَعَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَيَتْرُكُهُ، قَالَ الْبَرَاءُ: فَكُنْتُ فِيمَنْ قَعَدَ مَعَ عَلِيٍّ، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى أَوَائِلِ الْيَمَنِ بَلَغَ الْقَوْمَ الْخَبَرُ، فَجُمِعُوا لَهُ، فَصَلَّى بِنَا عَلِيٌّ الْفَجْرَ، فَلَمَّا فَرِغَ صَفَفْنَا صَفًّا وَاحِدًا، ثُمَّ تَقَدَّمَ بَيْنَ أَيْدِينَا فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَرَأَ عَلَيْهِمْ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَأَسْلَمَتْ هَمْدَانُ كُلُّهَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، وَكَتَبَ بِذَلِكَ عَلِيٌّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا قَرَأَ كِتَابَهُ خَرَّ سَاجِدًا، ثُمَّ جَلَسَ، فَقَالَ السَّلامُ عَلَى هَمْدَانَ، وَتَتَابَعَ أَهْلُ الْيَمَنِ عَلَى الإِسْلامِ] . بويع لعلي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بالخلافة يَوْم قتل عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، واجتمع على بيعته المهاجرون والأنصار، وتخلف عَنْ بيعته منهم نفر، فلم يهجهم، ولم يكرههم وسئل عنهم فَقَالَ: أولئك قوم قعدوا عَنِ الحق، ولم يقوموا مع الباطل. وفي رواية أخرى: أولئك قوم خذلوا الحق، ولم ينصروا الباطل. وتخلف أيضا عَنْ بيعته مُعَاوِيَة، ومن معه فِي جماعة أهل الشام، فكان منهم فِي صفين بعد الجمل مَا كَانَ، تغمد الله جميعهم بالغفران، ثُمَّ خرجت عَلَيْهِ الخوارج وكفروه، وكل من كَانَ معه، إذ رضي بالتحكيم بينه وبين أهل الشام، وقالوا لَهُ: حكمت الرجال فِي دين الله، والله تعالى يَقُول : إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ 6: 57، ثم اجتمعوا، وشقوا عصا المسلمين، ونصبوا راية الخلاف، وسفكوا الدماء، وقطعوا السبل، فخرج إليهم بمن معه، ورام مراجعتهم ، فأبوا إلا القتال.
فقاتلهم بالنهروان، فقتلهم، واستأصل جمهورهم، ولم ينج إلا اليسير منهم،
فانتدب لَهُ من بقاياهم عَبْد الرَّحْمَنِ بْن ملجم ، قيل التجوبي، وقيل السكوني، وقيل الحميري. قَالَ الزُّبَيْر: تجوب رجل من حمير، كَانَ أصاب دما فِي قومه، فلجأ إِلَى مراد فَقَالَ لهم: جئت إليكم أجوب البلاد، فقيل لَهُ: أنت تجوب.
فسمي بِهِ فهو اليوم في مراد، وهو رهط بعد الرَّحْمَنِ بْن ملجم المرادي ثُمَّ التجوبي، وأصله من حمير، ولم يختلفوا أَنَّهُ حليف لمراد وعداده فيهم، وَكَانَ فاتكا ملعونا، فقتله ليلة الجمعة لثلاث عشرة. وقيل لإحدى عشرة ليلة خلت من رمضان وقيل: بل بقيت من رمضان سنة أربعين.
وقال شاعرهم:
علاه بالعمود أخو تجوبٍ ... فأوهى الرأس منه والجبينا
وقال أَبُو الطفيل، وزيد بْن وَهْب، والشعبي: قتل علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لثمان عشرة ليلة مضت من رمضان. وقيل: فِي أول ليلة من العشر الأواخر.
واختلف فِي موضع دفنه، فقيل: دفن فِي قصر الإمارة بالكوفة. وقيل:
بل دفن فِي رحبة الكوفة. وقيل: دفن بنجف الحيرة: موضع بطريق الحيرة وروى عن أبى جعفر أنّ قبر على رضى الله عنه جهل موضعه.
واختلف أيضا فِي مبلغ سنة يَوْم مات، فقيل: سبع وخمسون. وقيل: عثمان وخمسون وقيل: ثلاث وستون، قاله أَبُو نُعَيْم وغيره. واختلفت الرواية فِي ذَلِكَ عَنْ أَبِي جَعْفَر مُحَمَّد بْن علي بْن الْحُسَيْن، فروي عَنْهُ أن عليا قتل وَهُوَ ابْن ثلاث وستين.
وَرَوَى عَنْهُ ابْن خمس وستين، وروي عَنْهُ ابْن ثمان وخمسين. وَرَوَى ابْن جريج، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن [عُمَر بْن ] علي أن علي بْن أَبِي طالب رَضِيَ اللَّهُ عنه
قتل وَهُوَ ابْن ثلاث أو أربع وستين سنة. وكانت خلافته أربع سنين وتسعة أشهر وستة أيام. وقيل: ثلاثة أيام. وقيل: أربعة عشر يوما. وقالت عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عنها، لما بلغها قتل علي: لتصنع العرب مَا شاءت، فليس لَهَا أحد ينهاها.
وأحسن مَا رأيت فِي صفة علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ ربعة من الرجال إِلَى القصر مَا هُوَ، أدعج العينين، حسن الوجه، كأنه القمر ليلة البدر حسنا، ضخم البطن، عريض المنكبين، شئن الكفين [عتدا ] أغيد، كأن عنقه إبريق فضةٍ، أصلع ليس فِي رأسه شعر إلا من خلفه، كبير اللحية، لمنكبه مشاش كمشاش السبع الضاري، لا يتبين عضده من ساعده، قد أدمجت إدماجا، إذا مشى تكفأ، وإذا أمسك بذراع رجل أمسك بنفسه فلم يستطع أن يتنفس، وَهُوَ إِلَى السمن مَا هُوَ، شديد الساعد واليد، وإذا مشى للحرب هرول، ثبت الجنان، قوي شجاع، مَنْصُور على من لاقاه.
وكان سبب قتل ابْن ملجم لَهُ أَنَّهُ خطب امرأةً من بني عجل بْن لجيم يقال لَهَا قطام، كانت ترى رأي الخوارج، وَكَانَ علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قد قتل أباها وإخوتها بالنهروان، فلما تعاقد الخوارج على قتل علي وَعَمْرو بْن الْعَاص ومعاوية ابن أَبِي سُفْيَان، وخرج منهم ثلاثة نفر لذلك كَانَ عَبْد الرَّحْمَنِ بْن ملجم هُوَ الَّذِي اشترط قتل علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فدخل الكوفة عازما على ذَلِكَ، واشترى لذلك سيفا بألف، وسقاه السم فيما زعموا حَتَّى لفظه، وكان في خلال ذلك يأتى
عليا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يسأله ويستحمله، فيحمله، إِلَى أن وقعت عينه على قطام، وكانت امرأةً رائعةً جميلةً، فأعجبته ووقعت بنفسه فخطبها، فقالت: آليت ألا أتزوج إلا على مهرٍ لا أريد سواه. فقال: وما هُوَ؟ فقالت: ثلاثة آلاف، وقتل علي بْن أَبِي طالب. فقال: والله لقد قصدت لقتل علي بْن أَبِي طالب والفتك بِهِ، وما أقدمني هَذَا المصر غير ذَلِكَ، ولكني لما رأيتك آثرت تزويجك. فقالت: ليس إلا الَّذِي قلت لك. فقال لَهَا: وما يغنيك أو مَا يغنيني منك قتل علي وأنا أعلم إِنِّي إن قتلته لم أفلت؟ فقالت: إن قتلته ونجوت فهو الَّذِي أردت، تبلغ شفاء نفسي ويهنئك العيش معي، وإن قتلت فما عِنْدَ الله خير من الدنيا وما فيها. فقال لَهَا: لك مَا اشترطت. فقالت لَهُ: إِنِّي سألتمس من يشد ظهرك. فبعثت إِلَى ابْن عم لَهَا يقال لَهُ وردان بْن مجالد، فأجابها، ولقي ابْن ملجم شبيب بْن بجرة الأشجعي، فَقَالَ: يَا شبيب، هل لك فِي شرف الدنيا والآخرة؟ قَالَ: وما هُوَ؟ قَالَ: تساعدني على قتل علي بْن أَبِي طالب، قَالَ لَهُ:
ثكلتك أمك! لقد جئت شيئا إدا! كيف نقدر على ذَلِكَ؟ قَالَ: إنه رجل لا حرس لَهُ، يخرج إِلَى المسجد منفردا ليس لَهُ من يحرسه فنكمن لَهُ فِي المسجد، فإذا خرج إِلَى الصلاة قتلناه، فإن نجونا نجونا، وإن قتلنا سعدنا بالذكر فِي الدنيا وبالجنة فِي الآخرة. فقال: ويلك! إن عليا ذو سابقة فِي الإسلام مع النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والله مَا تنشرح نفسي لقتله. فقال: ويحك، إنه حكم الرجال فِي دين الله عز وجل، وقتل إخواننا الصالحين، فنقتله ببعض من قتل، فلا تشكن في دينك.
فأجابه، وأقبلا حَتَّى دخلا على قطام وهي معتكفة فِي المسجد الأعظم فِي قبة ضربتها لنفسها، فدعت لهم، وأخذوا سيوفهم، وجلسوا قبالة السدة التي يخرج منها علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فخرج علي لصلاة الصبح فبدره شبيب فضربه فأخطأه، وضربه عَبْد الرَّحْمَنِ بْن ملجم على رأسه، وَقَالَ: الحكم للَّه يَا علي لا لك ولا لأصحابك، فَقَالَ علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فزت ورب الكعبة، لا يفوتنكم الكلب. فشد الناس عَلَيْهِ من كل جانب، فأخذوه، وهرب شبيب خارجا من باب كندة.
وقد اختلف فِي صفة أخذ ابْن ملجم، فلما أخذ قَالَ علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
أجلسوه، فإن مت فاقتلوه ولا تمثلوا بِهِ، وإن لم أمت فالأمر إلي فِي العفو أو القصاص. واختلفوا أيضا هل ضربه فِي الصلاة أو قبل الدخول فيها؟ وهل استخلف من أتم بهم الصلاة أو هُوَ أتمها؟ والأكثر أَنَّهُ استخلف جعدة بْن هبيرة، فصلى بهم تلك الصلاة، والله أعلم.
وَرَوَى ابْنُ الْهَادِي، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لِعَلِيٍّ: مَنْ أَشْقَى الأَوَّلِينَ؟ قَالَ: الَّذِي عَقَرَ النَّاقَةَ- يَعْنِي نَاقَةَ صَالِحٍ.
قَالَ: صَدَقْتَ، فَمَنْ أَشْقَى الآخَرِينَ؟ قَالَ: لا أَدْرِي. قَالَ: الَّذِي يَضْرِبُكَ عَلَى هَذَا- يَعْنِي يَافُوخَهُ. وَيُخَضِّبُ هَذِهِ- يَعْنِي لِحْيَتَهُ. روى الأَعْمَش، عَنْ حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت، عَنْ ثعلبة الحماني أَنَّهُ سمع على
بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: وَالَّذِي فلق الحبة، وبرأ النسمة لتخضبن هَذِهِ- يَعْنِي لحيته، من دم هَذَا- يَعْنِي رأسه. وذكر النسائي، من حديث عَمَّار بْن يَاسِر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قَالَ لعلي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أشقى الناس الَّذِي عقر الناقة، وَالَّذِي يضربك على هَذَا- ووضع يده على رأسه حَتَّى يخضب هَذِهِ- يَعْنِي لحيته. وذكره الطبري وغيره أيضا، وذكره ابْن إِسْحَاق فِي السير وَهُوَ مَعْرُوف من رواية مُحَمَّد بْن كَعْب القرظي، عَنْ يَزِيد بْن جشم، عَنْ عَمَّار بْن يَاسِر.
وذكره ابْن أَبِي خيثمة من طرق، وَكَانَ قَتَادَة يَقُول: قتل علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ على غير مالٍ احتجبه، ولا دنيا أصابها.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ الشَّيْخُ الصَّالِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، حدثنا أحمد بن خالد، حدثنا إسحاق بن إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أيوب، عن ابن سِيرِين، عَنْ عُبَيْدَةَ، قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذَا رَأَى ابْنَ مُلْجَمٍ قَالَ:
أريد حياته ويريد قتلي ... عذيرك من خليلك مِنْ مُرَادٍ
وكان علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كثيرا مَا يَقُول: مَا يمنع أشقاها، أو مَا ينتظر أشقاها أن يخضب هَذِهِ من دم هذا، يقول: والله ليخضبن هَذِهِ من دم هَذَا- ويشير إِلَى لحيته ورأسه- خضاب دم لا خضاب عطر ولا عبير.
وَذَكَرَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ، عَنْ أَبِي عَاصِمٍ النبيل وموسى بن إسماعيل، عن سكين ابن عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعَبْدِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُولُ: جَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ يَسْتَحْمِلُ عَلِيًّا فحمله، ثم قال:
أُرِيدُ حَيَاتَهُ وَيُرِيدُ قَتْلِي ... عَذِيرِي مِنْ خَلِيلِيَ مِنْ مُرَادٍ
[أَمَا إِنَّ هَذَا قَاتِلِي ] . قِيلَ: فَمَا يَمْنَعُكَ مِنْهُ؟ قَالَ: إِنَّهُ لَمْ يَقْتُلْنِي بَعْدُ.
وأتى علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فقيل لَهُ: إن ابْن ملجم يسم سيفه. ويقول: إنه سيفتك بك فتكةً يتحدث بها العرب. فبعث إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: لم تسم سيفك؟ قَالَ:
لعدوي وعدوك. فخلى عَنْهُ، وَقَالَ: مَا قتلني بعد. وقال أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ السُّلَمِيّ: أتيت الْحَسَن بْن علي فِي قصر أَبِيهِ، وَكَانَ يقرأ علي، وذلك فِي اليوم الَّذِي قتل فِيهِ علي، فَقَالَ لي: إنه سمع أباه فِي ذَلِكَ السحر يَقُول لَهُ: يَا بنى، وَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الليلة فِي نومة نمتها، فقلت: يَا رَسُول اللَّهِ، ماذا لقيت من أمتك من الأود واللدد؟ قَالَ: ادع الله عليهم، فقلت: اللَّهمّ أبدلني بهم خيرا منهم، وأبدلهم بي من هُوَ شر مني، ثُمَّ أتيته وجاء مؤذنه يؤذنه بالصلاة، فخرج فاعتوره الرجلان، فأما أحدهما فوقعت ضربته فِي الطاق، وأما الآخر فضربه فِي رأسه، وذلك فِي صبيحة يَوْم الجمعة لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان صبيحة بدر.
[أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بن محمد ابن سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ هَمْدَانَ بْنِ ثَابِتٍ، حدثنا على بن إبراهيم بن المعلى،
حدثنا زيد بن عمرو بن البختري، حَدَّثَنَا غِيَاثُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ] ، حَدَّثَنَا أَبُو رَوْقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: جُمِعَ الأَطِبَّاءُ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَ جُرِحَ، وَكَانَ أَبْصَرُهُمْ بِالطِّبِّ أَثِيرُ بْنُ عَمْرٍو السَّكُونِيُّ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ أَثِيرُ بْنُ عُمْرِيَا ، وَكَانَ صَاحِبُ كِسْرَى يَتَطَبَّبُ، وَهُوَ الَّذِي يُنْسَبُ إِلَيْهِ صَحَرَاءُ أَثِيرٍ، فَأَخَذَ أَثِيرُ رِئَةَ شَاةٍ حَارَّةٍ، فَتَتَبَّعَ عِرْقًا مِنْهَا، فَاسْتَخْرَجَهُ فَأَدْخَلَهُ فِي جِرَاحَةِ عَلِيٍّ، ثُمَّ نَفَخَ الْعِرْقَ فَاسْتَخْرَجَهُ، فَإِذَا عَلَيْهِ بَيَاضُ الدِّمَاغِ، وَإِذَا الضَّرْبَةُ قَدْ وَصَلَتْ إِلَى أُمِّ رَأْسِهِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، اعْهَدْ عَهْدِكَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ. وفي ذَلِكَ يَقُول عِمْرَان ابن حطان الخارجي :
يَا ضربة من تقي مَا أراد بها ... إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا
إِنِّي لأذكره حينا فأحسبه ... أوفى البرية عِنْدَ الله ميزانا
وقال بَكْر بْن حَمَّاد التَّاهَرْتِيّ معارضا له في ذلك:
قل لابن ملجم والأقدار غالبة ... هدمت ويلك للإسلام أركانا
قتلت أفضل من يمشي على قدمٍ ... وأول الناس إسلاما وإيمانا
وأعلم الناس بالقرآن ثُمَّ بما ... سن الرسول لنا شرعا وتبيانا
صهر النَّبِيّ ومولاه وناصره ... أضحت مناقبه نورا وبرهانا
وكان منه علي رغم الحسود لَهُ ... ما كَانَ هارون من مُوسَى بْن عمرانا
وكان فِي الحرب سيفا صارما ذكرا ... ليثا إذا لقي الأقران أقرانا
ذكرت قاتله والدمع منحدر ... فقلت سبحان رب الناس سبحانا
أبى لأحسبه مَا كَانَ من بشرٍ ... يخشى المعاد ولكن كَانَ شيطانا
أشقى مرادا إذا عدت قبائلها ... وأخسر الناس عِنْدَ الله ميزانا
كعاقر الناقة الأولى التي جلبت ... على ثمود بأرض الحجر خسرانا
قد كَانَ يخبرهم أن سوف يخضبها ... قبل المنية أزمانا فأزمانا
فلا عفا الله عَنْهُ مَا تحمله ... ولا سقى قبر عِمْرَان بْن حطانا
لقوله فِي شقي ظل مجترما ... وبال مَا ناله ظلما وعدوانا
يَا ضربة من تقي مَا أراد بها ... إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا
بل ضربة من غوى أوردته لظى ... فسوف يلقي بها الرحمن غضبانا
كأنه لم يرد قصدا بضربته ... إلا ليصلي عذاب الخلد نيرانا
أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، إجازة، [قال: ] حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق السراج، حدثنا محمد بن أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ مُخَارِقٍ، عَنْ طَارِقٍ، قَالَ: جَاءَ نَاسٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالُوا: جِئْنَاكَ نَسْأَلُكَ. فَقَالَ: سَلُوا عَمَّا شِئْتُمْ. فَقَالُوا. أَيُّ رَجُلٍ كَانَ أَبُو بَكْرٍ؟ فَقَالَ: كَانَ خَيْرًا كُلُّهُ- أَوْ قَالَ: كَانَ كَالْخَيْرِ كُلِّهِ، عَلَى حِدَّةٍ كَانَتْ فِيهِ. قَالُوا، فَأَيُّ رَجُلٍ كَانَ عمر؟ قال: كان كالطائر الحذر الّذي
يَظُنُّ أَنَّ لَهُ فِي كُلِّ طَرِيقٍ شَرَكًا. قَالُوا: فَأَيُّ رَجُلٍ كَانَ عُثْمَانُ؟ قَالَ: رَجُلٌ أَلْهَتْهُ نَوْمَتُهُ عَنْ يَقَظَتِهِ. قَالُوا: فَأَيُّ رَجُلٍ كان عليّ؟ قال: كان قد مليء جَوْفُهُ حِكَمًا وَعِلْمًا وَبَأْسًا وَنَجْدَةً مَعَ قَرَابَتِهِ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ يَظُنُّ أَلا يَمُدَّ يَدَهُ إِلَى شَيْءٍ إِلا نَالَهُ، فَمَا مَدَّ يَدَهُ إِلَى شَيْءٍ فَنَالَهُ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الدراوَرْديّ، عَنْ عُمَرَ مَوْلَى عَفْرَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ لأَهْلِ الشُّورَى: للَّه دَرُّهُمْ إِنْ وَلُّوهَا الأُصَيْلَعَ ! كَيْفَ يَحْمِلُهُمْ عَلَى الْحَقِّ، وَلَوْ كَانَ السَّيْفُ عَلَى عُنُقِهِ. فَقُلْتُ: أَتَعْلَمُ ذَلِكَ مِنْهُ وَلا تُوَلِّيَهُ؟ قَالَ: إِنْ لَمْ أَسْتَخْلِفْ فَأَتْرُكُهُمْ فَقَدْ تَرَكَهُمْ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي.
وروى رَبِيعَة بْن عُثْمَان، عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب القرظي، قَالَ: كَانَ ممن جمع القرآن على عهد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ حي عُثْمَان بن عفان، وعلى ابن أَبِي طالب، وعبد الله بْن مَسْعُود من المهاجرين، وسالم مولى أَبِي حذيفة بْن عُتْبَة بْن رَبِيعَة مولى لهم ليس من المهاجرين.
وَرَوَى أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ وَغَيْرُهُ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، عَنْ أُكَيْلٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: قَالَ لِي عَلْقَمَةُ: تَدْرِي مَا مَثَلُ عَلِيٍّ فِي هَذِهِ الأُمَّةِ؟ قُلْتُ: مَا مَثَلُهُ؟
قَالَ: مَثَلُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، أَحَبَّهُ قَوْمٌ حَتَّى هَلَكُوا فِي حُبِّهِ، وَأَبْغَضَهُ قَوْمٌ حَتَّى هَلَكُوا فِي بُغْضِهِ.
قال أَبُو عُمَر: أكيل هَذَا هُوَ أكيل أَبُو حكيم، كوفي، مؤذن مسجد إبراهيم النخعي.
روى عَنْ سويد بْن غفلة، والشعبي، والنخعي، وإبراهيم التيمي. وجواب التيمي. روى عَنْهُ إِسْمَاعِيل بْن خَالِد وجماعة من الجلة.
[وقال قَاسِم بْن ثَابِت صاحب كتاب الدلائل: أنشدني مُحَمَّد بْن عَبْد السَّلامِ الحسيني فِي قتل علي عليه السلام:
عدا على ابن أَبِي طالبٍ ... فاغتاله بالسيف أشقى مراد
شلت يداه وهوت أمه ... أن أمررت لَهُ تحت السواد
عز على عينيك لو انصرفت ... ما أخرجت بعد أيدي العباد
لأنت قناة الدين واستأثرت ... بالغي أفواه الكلاب العوادي]
ومما قيل في ابن ملجم وقطام :
فلم أر مهرا ساقه ذو سماحةٍ ... كمهر قطامٍ من فصيح وأعجم
ثلاثة آلاف وعبد وقينة ... وضرب على بالحسام المصمم
فلا مهر أغلى من علي وإن علا ... ولا فتك إلا دون فتك ابْن ملجم
وقال بَكْر بن حماد:
وهز علي بالعراقين لحيةً ... مصيبتها جلت على كل مُسْلِم
وقال سيأتيها من الله حادث ... ويخضبها أشقى البرية بالدم
فباكره بالسيف شلت بمينه ... لشؤم قطامٍ عِنْدَ ذاك ابْن ملجم
فيا ضربةً من خاسرٍ ضل سعيه ... تبوأ منها مقعدا فِي جهنم
ففاز أمير المؤمنين بحظه ... وإن طرقت فيها الخطوب بمعظم
ألا إنما الدنيا بلاء وفتنة ... حلاوتها شيبت بصابٍ وعلقم
وقال أَبُو الأسود الدؤلي- وأكثرهم يرويها لأم الهيثم بِنْت العريان النخعية ، أولها:
ألا يَا عين ويحك أسعدينا ... ألا تبكى أمير المؤمنينا
تبكي أم كلثومٍ عَلَيْهِ ... بعبرتها وقد رأت اليقينا
ألا قل للخوارج حيث كانوا ... فلا قرت عيون الشامتينا
أفي شهر الصيام فجعتمونا ... بخير الناس طرا أجمعينا
قتلتم خير من ركب المطايا ... وذللها ومن ركب السفينا
ومن لبس النعال ومن حذاها ... ومن قرأ المثاني والمئينا
فكل مناقب الخيرات فِيهِ ... وحب رسول رب العالمينا
لقد علمت قريش حيث كانت ... بأنك خيرها حسبا ودينا
وإذا استقبلت وجه أَبِي حسينٍ ... رأيت البدر فوق الناظرينا
وكنا قبل مقتله بخيرٍ ... نرى مولى رَسُول اللَّهِ فينا
يقيم الحق لا يرتاب فِيهِ ... ويعدل فِي العدا والأقربينا
وليس بكاتمٍ علما لديه ... ولم يخلق من المتجبرينا
كأن الناس إذ فقدوا عليا ... نعام حار فِي بلد سنينا
فلا تشمت مُعَاوِيَة بْن صخرٍ ... فإن بقية الخلفاء فينا
وقال الفضل بن عباس بن عتبة بن أبى لهب:
مَا كنت أحسب أن الأمر منصرف ... عن هاشمٍ ثُمَّ منها عَنْ أَبِي الْحَسَن
أليس أول من صَلَّى لقبلتكم ... وأعلم الناس بالقرآن والسنن
[وزاد أبو الفتح:
وآخر الناس عهدا بالنبي ومن ... جبريل عون لَهُ فِي الغسل والكفن ]
من فِيهِ مَا فيهم لا تمترون بِهِ ... وليس فِي القوم مَا فِيهِ من الْحَسَن
ومن أبيات لخزيمة بن ثابت بصفّين:
كل خير يزينهم فهو فِيهِ ... وله دونهم خصال تزينه
وقال إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد الحميري من شعر له:
سائل قريشا بِهِ إن كنت ذا عمهٍ ... من كَانَ أثبتها فِي الدين أوتادا
من كَانَ أقدم إسلاما وأكثرها ... علما وأطهرها أهلا وأولادا
من وحد الله إذ كانت مكذبة ... تدعو مع الله أوثانا وأندادا
من كَانَ يقدم فِي الهيجاء إن نكلوا ... عنها وإن يبخلوا فِي أزمةٍ جادا
من كَانَ أعدلها حكما وابسطها ... علما وأصدقها وعدا وإيعادا
إن يصدقوك فلن يعدوا أَبَا حسنٍ ... إن أنت لم تلق للأبرار حسادا
إن أنت لم تلق أقواما ذوي صلفٍ ... وذا عنادٍ لحق الله جحّادا
علي بن أبي طالب
ب د ع: عليّ بْن أَبِي طَالِب بْن عَبْد المطلب بْن هاشم بْن عَبْد مناف بْن قصي بْن كلاب بْن مرة بْن كعب بْن لؤي الْقُرَشِيّ الهاشمي ابْن عم رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واسم أَبِي طَالِب عَبْد مناف، وقيل: اسمه كنيته، واسم هاشم: عَمْرو، وأم عليّ فاطمة بِنْت أسد بْن هاشم، وكنيته: أَبُو الْحَسَن أخو رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصهره عَلَى ابنته فاطمة سيدة نساء العالمين، وَأَبُو السبطين، وهو أول هاشمي والد بين هاشميين، وأول خليفة من بني هاشم، وكان عليّ أصغر من جَعْفَر، وعقيل، وطالب.
وهو أول النَّاس إسلامًا فِي قول كَثِير من العلماء عَلَى ما نذكره..
وهاجر إِلَى المدينة، وشهد بدرًا، وأحدًا، والخندق، وبيعه الرضوان، وجميع المشاهد مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا تبوك، فإن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خلفه عَلَى أهله، وله فِي الجميع بلاء عظيم وأثر حسن، وأعطاه رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللواء فِي مواطن كثيرة بيده، منها يَوْم بدر، وفيه خلاف، ولما قتل مصعب بْن عمير يَوْم أحد وكان اللواء بيده، دفعه رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عليّ، وآخاه رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرتين، فإن رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخى بين المهاجرين، ثُمَّ آخى بين المهاجرين والأنصار بعد الهجرة، وقَالَ لعلي فِي كل واحدة منها: " أنت أخي فِي الدنيا والآخرة ".
إسلامه رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
(1086) أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرٍ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ، بِإِسْنَادِهِ إِلَى يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثُمَّ إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ، يَعْنِي بَعْدَ إِسْلامِ خَدِيجَةَ وَصَلاتِهَا مَعَهُ، قَالَ: فَوَجَدَهُمَا يُصَلِّيَانِ، فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا مُحَمَّدُ، مَا هَذَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " دِينُ اللَّهِ الَّذِي اصْطَفَى لِنَفْسِهِ، وَبَعَثَ بِهِ رُسُلَهُ، فَأَدْعُوكَ إِلَى اللَّهِ، وَإِلَى عِبَادَتِهِ، وَكُفْرٍ بِاللاتِ وَالْعُزَّى "،

فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: هَذَا أَمْرٌ لَمْ أَسْمَعْ بِهِ قَبْلَ الْيَوْمِ، فَلَسْتُ بِقَاضٍ أَمْرًا حَتَّى أُحَدِّثَ أَبَا طَالِبٍ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُفْشِيَ عَلَيْهِ سِرَّهُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَعْلِنَ أَمْرَهُ، فَقَالَ لَهُ: " يَا عَلِيُّ، إِنْ لَمْ تُسْلِمْ فَاكْتُمْ "، فَمَكَثَ عَلِيٌّ تِلْكَ اللَّيْلَةِ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ أَوْقَعَ فِي قَلْبِ عَلِيٍّ الإِسْلامَ، فَأَصْبَح غَادِيًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى جَاءَهُ، فَقَالَ: مَاذَا عَرَضْتَ عَلَيَّ يَا مُحَمَّدُ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَتَكْفُرُ بِاللاتِ وَالْعُزَّى، وَتَبْرَأُ مِنَ الأَنْدَادِ "، فَفَعَلَ عَلِيٌّ وَأَسْلَمَ، وَمَكَثَ عَلِيٌّ يَأْتِيهِ سِرًّا خَوْفًا مِنْ أَبِي طَالِبٍ، وَكَتَمَ عَلِيٌّ إِسْلامُهُ، وَكَانَ مِمَّا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَى عَلِيٍّ أَنَّهُ رُبِّيَ فِي حِجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ الإِسْلامِ
(1087) قَالَ يونس: عَنِ ابْنِ إِسْحَاق، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن أَبِي نجيع، قَالَ: رَوَاهُ عَنْ مجاهد، قَالَ: أسلم عليّ وهو ابْنُ عشر سنين
(1088) أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مِهْرَانَ الْفَقِيهُ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ، بِإِسْنَادِهِمْ إِلَى أَبِي عِيسَى مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى التِّرْمِذِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُخْتَارِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي بَلْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ عَلِيٌّ ".
وَمِثْلُهُ رَوَى مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَاسْمُ أَبِي بَلْجٍ: يَحْيَى بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ
(1089) قَالَ: وَحَدَّثَنَا أَبُو عِيسَى، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَابِسٍ، عَنْ سَلْمٍ الْمُلائِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: " بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الإِثْنَيْنِ، وَأَسْلَمَ عَلِيٌّ يَوْمَ الثُّلاثَاءِ "
(1090) قَالَ: وحَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عِيسَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بشار وابن مثنى، قالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر، حَدَّثَنَا شُعْبَة، عَنْ عَمْرو بْن مرة، عَنْ أَبِي حمزة رَجُل من الأنصار، عَنْ زَيْد بْن أرقم، قال: أول من أسلم عليّ، قَالَ عَمْرو بْن مرة: فذكرت ذَلِكَ لإِبْرَاهِيم النخعي، فأنكره، وقَالَ: أول من أسلم أَبُو بَكْر، وَأَبُو حمزة اسمه: طلحة بْن يَزِيدَ
(1091) أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْمَخْزُومِيُّ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا الأَجْلَحُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ حَبَّةَ بْنِ جُوَيْنٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: " لَمْ أَعْلَمْ أَحَدًا مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ عَبَدَ اللَّهَ قَبْلِي، لَقَدْ عَبَدْتُهُ قَبْلَ أَنْ يَعْبُدَهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ خَمْسَ سِنِينَ، أَوْ سَبْعَ سِنِينَ ".
رَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ بَسَّامٍ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ صَفْوَانَ، عَنِ الأَجْلَحِ، نَحْوَهُ
(1092) أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الطُّوسِيُّ الْخَطِيبُ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، عَنْ حَبَّةَ الْعُرَنِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا، يَقُولُ: " أَنَا أَوَّلُ مَنْ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "
(1093) وَأَنْبَأَنَا أَبُو الطَّيِّبِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَحْمَدَ الْمَعْرُوفُ بِكلي الأَصْبَهَانِيُّ كِتَابَةً، وَحَدَّثَنِي بِهِ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ جَلْدَكَ الْمَوْصِلِيُّ عَنْهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِسْحَاقَ، أَنْبَأَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي صَادِقٍ، عَنْ عُلَيْمٍ الْكِنْدِيِّ، عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، قَالَ: قَالَ: " أَوَّلُ هَذِهِ الأُمَّةِ وُرُودًا عَلَى نَبِيِّهَا أَوَّلُهَا إِسْلامًا، عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ".
رَوَاهُ الدبري عَنْ عَبْد الرزاق، عَنِ الثوري، عَنْ قيس بْن مُسْلِم
(1094) أَنْبَأَنَا ذَاكِرُ بْنُ كَامِلٍ الْخَفَّافُ، أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْبَاقَرْحِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الُمْقِرُّي الْعَلافُ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ مَخْلَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَخْلَدٍ الْبَاقَرْحِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ وَاصِلٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَقَدْ صَلَّتِ الْمَلائِكَةُ عَلَيَّ وَعَلَى عَلِيٍّ سَبْعَ سِنِينَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ مَعِي رَجُلٌ غَيْرُهُ "
(1095) أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْنُ مَحْمُودِ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا حَاضِرٌ أَسْمَعُ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو نُعَيْمٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ الأسفَاطِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْخَطَّابِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ غُرَابٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " خَدِيجَةُ أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ عَلِيٌّ " وقَالَ أَبُو ذر والمقداد، وخباب، وجابر، وَأَبُو سَعِيد الخدري، وغيرهم: إن عليًا أول من أسلم بعد خديجة، وفضله هَؤُلَاءِ عَلَى غيره، قاله أَبُو عُمَر.
وروى معمر، عَنْ قَتَادَة، عَنِ الْحَسَن، وغيره، قَالَ: " أول من أسلم عليّ بعد خديجة، وهو ابْنُ خمس عشرة سنة ".
وسئل مُحَمَّد بْن كعب القرظي عَنْ أول من أسلم: عليّ، أَوْ أَبُو بَكْر؟ قَالَ: سبحان اللَّه! عليّ أولهما إسلامًا، وَإِنما اشتبه عَلَى النَّاس، لأن عليًا أخفى إسلامه عَنْ أَبِي طَالِب، وأسلم أَبُو بَكْر، وأظهر إسلامه.
وَقَدْ ذكرنا حديث عفيف الكندي فِي أن أول من أسلم عليّ فِي ترجمته، وقَالَ أَبُو الأسود تيم بْن عروة: إن عليًا، والزبير أسلما وهما ابنا ثمان سنين، قَالَ أَبُو عُمَر: ولا أعلم أحدًا يَقُولُ بقوله هَذَا، وَقَدْ قَالَ جماعة غير من ذكرنا: إن عليًا أول من أسلم، وقيل: أَبُو بَكْر، والله أعلم.
هجرته رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
(1096) أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: " وَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي بَعْدَ أَنْ هَاجَرَ أَصْحَابُهُ إِلَى الْمَدِينَةِ، يَنْتَظِرُ مَجِيءَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَأَمَرَ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ مَكَّةَ، بِإِذْنِ اللَّهِ لَهُ فِي الْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ، حَتَّى إِذَا اجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ فَمَكَرَتْ بِالنَّبِيِّ، وَأَرَادُوا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَرَادُوا، أَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَأَمَرَهُ أَنْ لا يَبِيتَ فِي مَكَانِهِ الَّذِي يَبِيتُ فِيهِ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَأَمَرَهُ أَنْ يَبِيتَ عَلَى فِرَاشِهِ، وَيَتَسَجَّى بِبُرْدٍ لَهُ أَخْضَرَ، فَفَعَلَ، ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْقَوْمِ، وَهُمْ عَلَى بَابِهِ، قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَتَتَابَعَ النَّاسُ فِي الْهِجْرَةِ، وَكَانَ آخِرَ مَنْ قَدِمَ الْمَدِينَةَ مِنَ النَّاسِ، وَلَمْ يُفْتَنْ فِي دِينِهِ عَلَيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَّرَهُ بِمَكَّةَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَنَامَ عَلَى فِرَاشِهِ، وَأَجَّلَهُ ثَلاثًا، وَأَمَرَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ إِلَى كُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَفَعَلَ، ثُمَّ لَحِقَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "
(1097) أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ الدِّمَشْقِيُّ إِجَازَةً، أَنْبَأَنَا أَبِي، أَنْبَأَنَا أَبُو الأَغَرِّ قَرَاتِكِينُ بْنُ الأَسْعَدِ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصِ بْنُ شَاهِينَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَزِيدَ النَّخَعِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ الْحَسَنِ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ.
ح قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ: وَحدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، فِي هِجْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: وَخَلْفَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي خَلْفَ عَلِيًّا، يَخْرُجُ إِلَيْه بِأَهْلِهِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ أَمَانَتَهُ، وَوَصَايَا مَنْ كَانَ يُوصِي إِلَيْهِ، وَمَا كَانَ يُؤْتَمَنُ عَلَيْهِ مِنْ مَالٍ، فَأَدَّى عَلِيٌّ أَمَانَتَهُ كُلَّهَا، وَأَمَرَهُ أَنْ يَضْطَجِعَ عَلَى فِرَاشِهِ لَيْلَةَ خَرَجَ، وَقَالَ: " إِنَّ قُرَيْشًا لَمْ يَفْقِدُونِي مَا رَأَوْكَ "، فَاضْطَجَعَ عَلَى فِرَاشِهِ، وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تَنْظُرُ إِلَى فِرَاشِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَرَوْنَ عَلَيْهِ عَلِيًّا، فَيَظُنُّونَهُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا أَصْبَحُوا رَأَوْا عَلَيْهِ عَلِيًّا، فَقَالُوا: لَوْ خَرَجَ مُحَمَّدٌ لَخَرَجَ بِعَلِيٍّ مَعَهُ، فَحَبَسَهُمُ اللَّهُ بِذَلِكَ عَنْ طَلَبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَأَوْا عَلِيًّا، وَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا أَنْ يَلْحَقَهُ بِالْمَدِينَةِ، فَخَرَجَ عَلِيٌّ فِي طَلَبِهِ بَعْدَ مَا أَخْرَجَ إِلَيْهِ أَهْلَهُ يَمْشِي اللَّيْلَ وَيَكْمُنُ النَّهَارَ، حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَلَمَّا بَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُدُومُهُ، قَالَ: " ادْعُوا لِي عَلِيًّا "، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لا يَقْدِرُ أَنْ يَمْشِيَ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا رَآهُ اعْتَنَقَهُ وَبَكَى، رَحْمَةً لِمَا بِقَدَمَيْهِ مِنَ الْوَرَمِ، وَكَانَتَا تَقْطُرَانِ دَمًا، فَتَفَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَدَيْهِ، وَمَسَحَ بِهِمَا رِجْلَيْهِ، وَدَعَا لَهُ بِالْعَافِيَةِ فَلَمْ يَشْتَكِهِمَا حَتَّى اسْتُشْهِدَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالى عَنْهُ
شهوده رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بدرًا وغيرها
(1098) أنبأنا أَبُو جَعْفَر بْن السمين، بِإِسْنَادِهِ إِلَى يونس بْن بكير، عَنْ أَبِي إِسْحَاق، بِإِسْنَادِهِ إِلَى يونس بْن بكير، عَنْ أَبِي إِسْحَاق، فِي تسمية من شهد بدرًا من قريش، ثُمَّ من بني هاشم، قَالَ: وعلي بْن أَبِي طَالِب، وهو أول من آمن بِهِ وأجمع أهل التاريخ، والسند عَلَى أَنَّهُ شهد بدرًا وغيرها من المشاهد، وأنَّه لم يشهد غزوة تبوك لا غير، لأن رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خلفه عَلَى أهله.
(1099) أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سرَايَا الْفَقِيهُ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ، بِإِسْنَادِهِمْ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ السَّلُولِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ الْبَرَاءَ وَأَنَا أَسْمَعُ: أَشَهِدَ عَلِيٌّ بَدْرًا؟ قَالَ: بَارَزَ وَظَاهَرَ
(1100) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ مَحْمُودٍ، أَنْبَأَنَا عَمُّ جَدِّي أَبُو الْفَضْلِ جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الثَّقَفِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ عَمُّ وَالِدِي، وَأَبُو الْفَتْحِ، قَالا: أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ زَاذَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَرُوبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو رِفَاعَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، يُعْرَفُ بِالْهُجَيْمِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدٍ، قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُهُ، يَعْنِي عَلِيًّا، يَخْطُرُ بِالسَّيْفِ هَامَ الْمُشْرِكِينَ، يَقُولُ: سَنَحْنَحُ اللَّيْلُ كَأَنِّي جِنِّي

(1101) أنبأنا أَبُو أَحْمَد عَبْد الوهاب بْن عليّ الأمين، أنبأنا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّد بْن عَبْد الباقي بْن أَحْمَد بْن سُلَيْمَان، أنبأنا أَبُو الفضل أَحْمَد بْن الْحَسَن بْن صرون وَأَبُو طاهر أَحْمَد بْن الْحَسَن بْن أَحْمَد الباقلاني، كلاهما إجازة، قالا: أنبأنا أَبُو الحسن بْن أَحْمَد بْن شاذان، قَالَ: قرئ عَلَى أَبِي مُحَمَّد الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن يَحيى بْن الْحَسَن بْن جَعْفَر بْن عُبَيْد اللَّه بْن الْحُسَيْن بْن عليّ بْن الْحُسَيْن بْن عليّ بْن أَبِي طَالِب، قَالَ جدي أَبُو الحسين يحيي بْن الْحَسَن بْن جَعْفَر، قَالَ: كتب إليَّ مُحَمَّد بْن عليّ ومحمد بْن يَحيى يخبراني، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الجنيد، حَدَّثَنَا حصن بْن جنادة، عَنْ يَحيى بْن سَعِيد، عَنْ سَعِيد بْن المسيب، قَالَ: " لقد أصابت عليًا يَوْم أحد ست عشرة ضربة، كل ضربة تلزمه الأرض، فما كَانَ يرفعه إلا جبريل عَلَيْهِ السَّلام "
(1102) قَالَ: وحَدَّثَنَا جدي، حَدَّثَنَا بَكْر بْن عَبْد الوهاب، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عُمَر، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْن عياش الحمصي، عَنْ يَحيى بْن سَعِيد، عَنْ ثعلبة بْن أَبِي مَالِك، قَالَ: كَانَ سعد بْن عبادة صاحب راية رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المواطن كلها، فإذا كَانَ وقت القتال أخذها عليّ بْن أَبِي طَالِب
(1103) أنبأنا أَبُو مُحَمَّد الْقَاسِم بْن عليّ بْن الْحَسَن بْن هبة اللَّه الحافظ، أنبأنا أَبِي، أنبأنا أَبُو الْحُسَيْن بْن الفَرَّاء وَأَبُو غالب وَأَبُو عَبْد اللَّه، أنبأنا البناء، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَر بْن المسلمة، أنبأنا أَبُو طاهر المخلص، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن سُلَيْمَان، حَدَّثَنَا الزُّبَيْر بْن بكار، قَالَ: وله، يعني لعلي بْن أَبِي طَالِب، يَقُولُ أسيد بْن أَبِي أَناس بْن زنيم، وهو يحرض مشركي قريش عَلَى قتله ويعيرهم:
فِي كل مجمع غاية أخزاكم جذع أبر عَلَى المذاكي القرح
لله دركم ألما تنكروا قَدْ ينكر الحي الكريم ويستحي
هَذَا ابْنُ فاطمة الَّذِي أفناكم ذبحًا، وقتلة قعصة لم تذبح
أعطوه خرجا واتقوا بضريبة فعل الذليل وبيعة لم تربح
أَيْنَ الكهول وأين كل دعامة فِي المعضلات؟ وأين زين الأبطح
أفناهم قعصًا وضربًا يفرى بالسيف يعمل حده لم يصفح

(1104) أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَضْلِ الْمَنْصُورُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ الْمَدِينِيُّ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ الْعَقِيلِيُّ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ " لَمَّا تَخَلَّى النَّاسُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ نَظَرْتُ فِي الْقَتْلَى، فَلَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: وَاللَّهِ مَا كَانَ لِيَفِرَّ وَمَا أَرَاهُ فِي الْقَتْلَى، وَلَكِنَّ اللَّهَ غَضِبَ عَلَيْنَا بِمَا صَنَعْنَا فَرَفَعَ نَبِيَّهُ، فَمَا فِيَّ خَيْرٌ مِنْ أَنْ أُقَاتِلَ حَتَّى أُقْتَلَ، فَكَسَرْتُ جَفْنَ سَيْفِي، ثُمَّ حَمَلْتُ عَلَى الْقَوْمِ، فَأَفْرَجُوا لِي، فَإِذَا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمْ "
(1105) أَنْبَأَنَا أَبُو الْبَرَكَاتِ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ الدِّمَشْقِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْعَشَائِرِ مُحَمَّدُ بْنُ الْخَلِيلِ الْقَيْسِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الْعَلاءِ الْمِصِّيصِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ الْقَاسِمِ، أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، أَنْبَأَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ أَخَذَ أَبُو بَكْرٍ اللِّوَاءَ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَخَذَهُ عُمَرُ، وَقِيلَ: مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لأَدْفَعَنَّ لِوَائِي إِلَى رَجُلٍ لَمْ يَرْجِعْ حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ "، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاةَ الْغَدَاةِ، ثُمَّ دَعَا بِاللِّوَاءِ، فَدَعَا عَلِيًّا، وَهُوَ يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ، فَمَسَحَهَا ثُمَّ دَفَعَ إِلَيْهِ اللِّوَاءَ فَفَتَحَ، قَالَ: فَسَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُرَيْدَةَ، يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ كَانَ صَاحِبَ مَرْحَبٍ، يَعْنِي عَلِيًّا.
وَأَخْبَارُهُ فِي حُرُوبِهِ كَثِيرَةٌ لا نَطُولُ بِذِكْرِهَا
علمه رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
روى عليّ: عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأكثر.
وروى عَنْهُ: بنوه الْحَسَن، والحسين، ومحمد، وعمر، وعبد اللَّه بْن مَسْعُود، وابن عُمَر، وعبد اللَّه بْن جَعْفَر، وعبد اللَّه بْن الزُّبَيْر، وَأَبُو مُوسَى الأَشْعَرِي، وَأَبُو سَعِيد الخدري، وَأَبُو رافع، وصهيب، وزيد بْن أرقم، وجابر بْن عَبْد اللَّه، وَأَبُو أمامة، وَأَبُو سريحة حذيفة بْن أسيد، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وسفينة، وَأَبُو حجيفة السوائي، وجابر بْن سمرة، وعمرو بْن حُرَيْث، وَأَبُو ليلى، والبراء بْن عازب، وعمارة بْن رويبة، وبشر بْن سحيم، وَأَبُو الطفيل، وعبد اللَّه بْن ثعلبة بْن صعير، وجرير بْن عَبْد اللَّه، وعبد الرَّحْمَن بْن أشيم، وغيرهم من الصحابة.

وروى عَنْهُ من التابعين: سَعِيد بْن المسيب، ومسعود بْن الحكم الزرقي، وقيس بْن أَبِي حازم، وعبيدة السلماني، وعلقمة بْن قيس، والأسود بْن يَزِيدَ، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي ليلى، والأحنف بْن قيس، وَأَبُو عَبْد الرَّحْمَن السلمي، وَأَبُو الأسود الديلي، وزر بْن حبيش، وشريح بْن هانئ، والشعبي، وشقيق، وخلق كَثِير غيرهم.
(1106) أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْنُ مَحْمُودٍ، أَنْبَأَنَا زَاهِرُ بْنُ طَاهِرٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرِ بْنِ الْعَبَّاسِ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْوَلِيدِ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّامِيُّ، حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْيَمَنِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَبْعَثُنِي إِلَى الْيَمَنِ، وَيَسْأَلُونِي عَنِ الْقَضَاءِ وَلا عِلْمَ لِي بِهِ! قَالَ: " ادْنُ "، فَدَنَوْتُ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى صَدْرِي، ثُمَّ قَالَ: " اللَّهُمَّ ثَبِّتْ لِسَانَهُ، وَاهْدِ قَلْبَهُ "، فَلا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ، وَبَرَأَ النَّسَمَةَ مَا شَكَكْتُ فِي قَضَاءٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ بَعْدُ
(1107) أَنْبَأَنَا زَيْدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ زَيْدٍ أَبُو الْيُمْنِ الْكِنْدِيُّ، وَغَيْرُهُ كِتَابَةً، قَالُوا: أَنْبَأَنَا أَبُو مَنْصُورٍ زُرَيْقٌ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِت، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ زُرَيْقٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مُكْرَمِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُكْرَمٍ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْبَارِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الصَّلْتِ الْهَرَوِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَا مَدِينَةُ الْعِلْمِ، وَعَلِيٌّ بَابُهَا، فَمَنْ أَرَادَ الْعِلْمَ فَلْيَأْتِ بَابَهُ ".
رواه غير أَبِي معاوية، عَنِ الْأَعْمَش، كَانَ أَبُو معاوية يحدث بِهِ قديمًا ثُمَّ تركه.
وَرَوَى شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: " كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنْ أَقْضَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ".
وقَالَ سَعِيد بْن المسيب: " ما كَانَ أحد من النَّاس، يَقُولُ: سلوني، غير عليّ بْن أَبِي طَالِب ".
وروى يَحيى بْن معين، عَنْ عبدة بْن سُلَيْمَان، عَنْ عَبْد الملك بْن أَبِي سُلَيْمَان، قَالَ: قلت لعطاء: أكان فِي أصحاب مُحَمَّد أعلم من عليّ؟ قَالَ: لا، والله لا أعلمه.

وقَالَ ابْنُ عَبَّاس: لقد أعطى عليّ تسعة أعشار العلم، وايم اللَّه لقد شاركهم فِي العشر العاشر.
وقَالَ سَعِيد بْن عَمِرو بْن سَعِيد بْن العاص لعبيد اللَّه بْن عياش بْن أَبِي رَبِيعة: يا عم، لم كَانَ ضغو النَّاس إِلَى عليّ؟ قَالَ: يا ابْنُ أخي، إن عليًا كَانَ لَهُ ما شئت من ضرس قاطع فِي العلم، وكان لَهُ البسطة فِي العشيرة، والقدم فِي الْإِسْلَام، والصهر لرسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والفقه فِي السنة والنجدة فِي الحرب، والجود بالماعون.
وَرَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: " كَانَ عُمَرُ يَتَعَوَّذُ مِنْ مُعْضِلَةٍ لَيْسَ لَهَا أَبُو حَسَنٍ ".
وروى سَعِيد بْن جُبَيْر، عَنِ ابْنِ عَبَّاس، قَالَ: إِذَا ثبت لنا الشيء، عَنْ عليّ، لما نعدل عَنْهُ إِلَى غيره.
وروى يزيد بْن هارون، عَنْ قطر، عَنْ أَبِي الطفيل، قَالَ: قَالَ بعض أصحاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لقد كَانَ لعلي من السوابق ما لو أن سابقة منها بين الخلائق لو سعتهم خيرًا، وله فِي هَذَا أخبار كثيرة نقتصر عَلَى هَذَا منها، ولو ذكرنا ما سأله الصحابه، مثل عُمَر، وغيره رَضِي اللَّه عَنْهُمْ، لأطلنا.
زهده وعدله رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
(1108) أَنْبَأَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَلِيٍّ الأَمِينُ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، أَنْبَأَنَا أَبُو طَالِبِ بْنُ غَيْلانَ، أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُزَكِّي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حُنَيْفٍ، يَقُولُ: قَالَ يُوسُفُ بْنُ أَسْبَاطٍ الدُّنْيَا دَارُ نَعِيمِ الظَّالِمِينَ
(1109) قَالَ: وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ " الدُّنْيَا جِيفَةٌ، فَمَنْ أَرَادَ مِنْهَا شَيْئًا، فَلْيَصْبِرْ عَلَى مُخَالَطَةِ الْكِلابِ "
(1110) أَخْبَرَنَا أَبُو يَاسِرٍ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ، أَنْبَأَنَا أَبُو غَالِبِ بْنُ الْبَنَّاءِ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَسْنُونٍ النَّرْسِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ الْعَبَّاسِ إِمْلاءً، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الرَّقِّيُّ، أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبَانٍ، حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ صُقَيْرٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ هَاشِمٍ الْغَسَّانِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ جُزْءٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مَرْيَمَ السَّلُولِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: " يَا عَلِيُّ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ زَيَّنَكَ بِزِينَةٍ لَمْ يَتَزَيَّنِ الْعِبَادُ بِزِينَةٍ أَحَبَّ إِلَيْه مِنْهَا: الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا، فَجَعَلَكَ لا تَنَالُ مِنَ الدُّنْيَا شَيْئًا، وَلا تَنَالُ الدُّنْيَا مِنْكَ شَيْئًا، وَوَهَبَ لَكَ حُبَّ الْمَسَاكِينِ، وَرَضُوا بِكَ إِمَامًا، وَرَضِيتَ بِهِمْ أَتْبَاعًا، فَطُوبَى لِمَنْ أَحَبَّكَ، وَصَدَقَ فِيكَ، وَوَيْلٌ لِمَنْ أَبْغَضَكَ، وَكَذَبَ عَلَيْكَ، فَأَمَّا الَّذِينَ أَحَبُّوكَ وَصَدَقُوا فِيكَ، فَهُمْ جِيرَانُكَ فِي دَارِكَ، وَرُفَقَاؤُكَ فِي قَصْرِكَ، وَأَمَّا الَّذِينَ أَبْغَضُوكَ وَكَذَبُوا عَلَيْكَ، فَحَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُوَقِّفَهُمْ مَوْقِفَ الْكَذَّابِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ "
(1111) أَنْبَأَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُعَمَّرِ بْنِ طَبَرْزَدَ، أَنْبَأَنَا أَبُو غَالِبِ بْنُ الْبَنَّاءِ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَضْلِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ الْقَاسِمِ الإِمَامُ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ يَعْنِيَ الْجَوْهَرِيَّ، حَدَّثَنَا الْمَأْمُونُ هُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، حَدَّثَنَا الرَّشِيدُ، حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، يَقُولُ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَإِنِّي لأَرْبِطُ الْحَجَرَ عَلَى بَطْنِي مِنَ الْجُوعِ، وَإِنَّ صَدَقَتِي لَتَبْلُغُ الْيَوْمَ أَرْبَعَةَ آلافِ دِينَارٍ.
وَرَوَاهُ حَجَّاجٌ الأَصْبَهَانِيُّ، وَأَسْوَدُ عَنْ شَرِيكٍ، فَقَالا: أَرْبَعِينَ أَلْفَ دِينَارٍ.
وَرَوَاهُ حَجَّاجٌ، عَنْ شَرِيكٍ، فَقَالَ: أَرْبَعِينَ أَلْفًا.
لم يرد بقوله: " أربعين ألفًا " زكاة ماله، وَإِنما أراد الوقوف التي جعلها صدقة كَانَ الحاصل من دخلها صدقة هَذَا العدد، فإن أمير المؤمنين عليًا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، لم يدخر مالًا، ودليله ما ذكره من كلام ابْنُه الْحَسَن رَضِي اللَّه عَنْهُمَا، فِي مقتله أَنَّهُ لم يترك إلا ستمائة درهم، اشترى بها خادمًا.
(1112) أخبرني أَبُو مُحَمَّد بْن أَبِي الْقَاسِمِ الدمشقي، أنبأنا أَبِي، أنبأنا أَبُو مُحَمَّد هبة اللَّه بْن سهل الفقيه، أنبأنا جدي أَبُو المعالي عُمَر بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن، قَالَ: وأنبأنا أَبِي، وأنبأنا زاهر، أنبأنا أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن الْحُسَيْن، قالا: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد اللَّه الحافظ، حَدَّثَنَا أَبُو قُتَيْبَة سالم بْن الفضل الآدمي، بمكة، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عثمان بْن أَبِي شَيْبَة، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أبا نعيم، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَان، يَقُولُ: ما بني عليّ لبنة عَلَى لبنة، ولا قصبة عَلَى قصبة، وَإِن كَانَ ليؤتي بجبوته من المدينة فِي جراب
(1113) أَنْبَأَنَا السَّيِّدُ أَبُو الْفُتُوحِ حَيْدَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ الْعَلَوِيُّ الْحُسَيْنِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الدُّرُسْتُوِيُّ، بِالْمَوْصِلِ، أَنْبَأَنَا النَّقِيبُ الطَّاهِرُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُعَمَّرِ الْحُسَيْنِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ أَبِي بَحْرٍ، عَنْ شَيْخٍ لَهُمْ، قَالَ: رَأَيْت عَلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلامُ إِزَارًا غَلِيظًا، قَالَ: اشْتَرَيْتُهُ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ، فَمَنْ أَرْبَحَنِي فِيهِ دِرْهَمًا بِعْتُهُ قَالَ: وَرَأَيْتُ مَعَهُ دَرَاهِمَ مَصْرُورَةً، فَقَالَ: هَذِهِ بَقِيَّةُ نَفَقَتِنَا مِنْ يَنْبُعَ
(1114) قال: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا مُطَيْرُ بْنُ ثَعْلَبَةَ التَّمِيمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّوَّارِ بَيَّاعُ الْكَرَابِيسِ، قَالَ: أَتَانِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَمَعَهُ غُلامٌ لَهُ، فَاشْتَرَى مِنِّي قَمِيصَيْ كَرَابِيسَ، فَقَالَ لِغُلامِهِ: " اخْتَرْ أَيَّهُمَا شِئْتَ "، فَأَخَذَ أَحَدَهُمَا، وَأَخَذَ عَلِيٌّ الآخَرَ، فَلَبِسَهُ، ثُمَّ مَدَّ يَدَهُ، فَقَالَ: " اقْطَعِ الَّذِي يَفْضُلُ مِنْ قَدْرِ يَدِي "، فَقَطَعَهُ وَكَفَّهُ، وَلَبِسَهُ وَذَهَبَ
(1115) أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَطِيبُ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ طَلْحَةَ النَّعَّالُ، إِجَازَةً إِنْ لَمْ يَكُنْ سَمَاعًا، أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ زِيَادٍ الأَحْمَرُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَجُلٌ مِنْ ثَقِيفٍ، قَالَ: اسْتَعْمَلَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَى مَدْرَجِ سَابُورَ، فَقَالَ: " لا تَضْرِبَنَّ رَجُلا سَوْطًا فِي جِبَايَةِ دِرْهَمٍ، وَلا تَتَبِعَنَّ لَهُمْ رِزْقًا، وَلا كِسْوَةً شِتَاءً وَلا صَيْفًا، وَلا دَابَّةً يَعْتَمِلُونَ عَلَيْهَا، وَلا تُقِيمَنَّ رَجُلا قَائِمًا فِي طَلَبِ دِرْهَمٍ "، قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِذَنْ أَرْجِعُ إِلَيْكَ كَمَا ذَهَبْتُ مِنْ عِنْدِكَ، قَالَ: " وَإِنْ رَجَعْتَ وَيْحَكَ! إِنَّمَا أُمِرْنَا أَنْ نَأْخُذَ مِنْهُمُ الْعَفْوَ، يَعْنِيَ الْفَضْلَ " وزهده وعدله رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لا يمكن استقصاء ذكرهما، فلنقتصر عَلَى هَذَا.
فضائله رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
(1116) أَنْبَأَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي عَلِيٍّ الزّرزَارِيُّ، بِإِسْنَادِهِ إِلَى الأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الثَّعْلَبِيِّ الْمُفَسِّرِ، قَالَ: رَأَيْتُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَرَادَ الْهِجْرَةَ، خَلْفَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بِمَكَّةَ لِقَضَاءِ دُيُونِهِ وَرَدِّ الْوَدَائِعِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهُ، وَأَمَرَهُ لَيْلَةَ خَرَجَ إِلَى الْغَارِ، وَقَدْ أَحَاطَ الْمُشْرِكُونَ بِالدَّارِ، أَنْ يَنَامَ عَلَى فِرَاشِهِ، وَقَالَ لَهُ: " اتَّشِحْ بِبُرْدِي الْحَضْرَمِيِّ الأَخْضَرِ، فَإِنَّهُ لا يَخْلُصُ إِلَيْكَ مِنْهُمْ مَكْرُوهٌ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى "، فَفَعَلَ ذَلِكَ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى جِبْرِيلَ، وَمِيكَائِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ، أَنِّي آخَيْتُ بَيْنَكُمَا، وَجَعَلْتُ عُمْرَ أَحَدِكُمَا أَطْوَلَ مِنْ عُمْرِ الآخَرِ، فَأَيُّكُمَا يُؤْثِرُ صَاحِبَهُ بِالْحَيَاةِ؟ فَاخْتَارَا كِلاهُمَا الْحَيَاةَ، فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِمَا: أَفَلا كُنْتُمَا مِثْلَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ؟ ! آخَيْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَبِيِّي مُحَمَّدٍ، فَبَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ، يُفْدِيهِ بِنَفْسِهِ، وَيُؤْثِرُهُ بِالْحَيَاةِ، اهْبِطَا إِلَى الأَرْضِ فَاحْفَظَاهُ مِنْ عَدُوِّهِ، فَنَزَلا، فَكَانَ جِبْرِيلُ عِنْدَ رَأْسِ عَلِيٍّ، وَمِيكَائِيلُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ، وَجِبْرِيلُ يُنَادِي: بَخٍ بَخٍ! مَنْ مِثْلُكَ يَابْنَ أَبِي طَالِبٍ يُبَاهِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ الْمَلائِكَةَ! !؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رَسُولِهِ وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ إِلَى الْمَدِينَةِ فِي شَأْنِ عَلِيٍّ: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ}
(1117) أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سُوَيْدَةَ التِّكْرِيتِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَضْلِ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْخَيْرِ الْمِيهَنِيُّ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَتُّوَيْهِ، قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ أَبِي الْخَيْرِ الْمِيهَنِيُّ وَالْحُسَيْنُ بْنُ الْفَرْحَانِ السِّمْنَانِيُّ، قَالا: أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ التَّمِيمِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حِبَّانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مَالِكٍ الضَّبِّيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلٍ الْجُرْجَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً} قَالَ: " نَزَلَتْ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، كَانَ عِنْدَهُ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ، فَأَنْفَقَ بِاللَّيْلِ وَاحِدًا، وَبِالنَّهَارِ وَاحِدًا، وَفِي السِّرِّ وَاحِدًا وَفِي الْعَلانِيَةِ وَاحِدًا.
ورواه عفان بْن مُسْلِم، عَنْ وهيب، عَنْ أيوب، عَنْ مجاهد، عَنِ ابْنِ عَبَّاس، مثله.
(1118) أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيٍّ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَغَيَرُهُمَا، بِإِسْنَادِهِمْ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ سَوْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ مِسْمَارٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَمَرَ مُعَاوِيَةُ سَعْدًا، فَقَالَ: مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَسُبَّ أَبَا تُرَابٍ؟ قَالَ: أَمَا مَا ذَكَرْتَ، ثَلاثًا قَالَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَنْ أَسُبَّهُ، لأَنْ يَكُونَ لِي وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ حُمُرِ النَّعَمِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِعَلِيٍّ وَخَلَفَهُ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ: فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَخْلُفُنِي مَعَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ؟ ! فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلا أَنَّهُ لا نُبُوَّةَ بَعْدِي "
(1119) وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ يَوْمَ خَيْبَرَ: " لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ "، قَالَ: فَتَطَاوَلْنَا لَهَا، فَقَالَ: " ادْعُوا لِي عَلِيًّا "، فَأَتَاهُ وَبِهِ رَمَدٌ، فَبَصَقَ فِي عَيْنَيْهِ، وَدَفَعَ الرَّايَةَ إِلَيْهِ، فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ}
(1120) دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا، وَفَاطِمَةَ، وَحَسَنًا، وَحُسَيْنًا، فَقَالَ: " اللَّهُمَّ هَؤُلاءِ أَهْلِي "
(1121) قَالَ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْن عِيسَى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، بِالرَّحَبَةِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْحُدَيْبِيَةِ خَرَجَ إِلَيْنَا نَاسٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فِيهِمْ: سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، وَأُنَاسٌ مِنْ رُؤَسَاءِ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالُوا: خَرَجَ إِلَيْكَ نَاسٌ مِنْ أَبْنَائِنَا وَإِخْوَانِنَا وَأَرِقَّائِنَا، وَلَيْسَ بِهِمْ فِقْهٌ فِي الدِّينِ، وَإِنَّمَا خَرَجُوا فِرَارًا مِنْ أَمْوَالِنَا وَضِيَاعِنَا، فَارْدُدْهُمْ إِلَيْنَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، لَتَنْتَهُنَّ أَوْ لَيَبْعَثَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ مَنْ يَضْرِبُ رِقَابَكُمْ بِالسَّيْفِ عَلَى الدِّينِ، قَدِ امْتُحِنَ قَلْبُهُ عَلَى الإِيمَانِ "، قَالُوا: مَنْ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَنْ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ وَقَالَ عُمَرُ: مَنْ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " خَاصِفُ النَّعْلِ "، وَكَانَ قَدْ أَعْطَى عَلِيًّا نَعْلا يَخْصِفُهَا
(1122) قَالَ: ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْنَا عَلِيٌّ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ "
(1123) قال: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ عُثْمَانَ ابْنِ أَخِي يَحْيَى بْنِ عِيسَى الرَّمْلِيُّ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عِيسَى الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: لَقَدْ عَهِدَ إِلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّبِيُّ الأُمِّيُّ، " أَنْ لا يُحِبَّكَ إِلا مُؤْمِنٌ وَلا يُبْغِضَكَ إِلا مُنَافِقٌ "
(1124) قال: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَيَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي الْجَرَّاحِ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ صُبْحٍ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ شَرَاحِيلَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قَالَتْ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَيْشًا فِيهِمْ عَلِيٌّ، قَالَتْ: فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " اللَّهُمَّ لا تُمِتْنِي حَتَّى تُرِيَنِي عَلِيًّا "
(1125) أَنْبَأَنَا أَبُو مَنْصُورٍ مُسْلِمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ السِّيحِيِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْبَرَكَاتِ بْنُ خَمِيسٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ طَوْقٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ الْمَرْجِيِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُطَرِّفٍ الْبَاهِلِيُّ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْمَاجِشُونُ، عَنْ أَبِي الْمُنْذِرِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدٍ، أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِعَلِيٍّ: " أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، إِلا أَنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدِي "، قَالَ سَعِيدٌ: فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُشَافِهَ بِذَلِكَ سَعْدًا، فَلَقِيتُهُ فَذَكَرْتُ لَهُ مَا ذَكَرَ لِي عَامِرٌ، فَقُلْتُ: أَنْتَ سَمِعْتَهُ؟ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي أُذُنَيْهِ، وَقَالَ: نَعَمْ، وَإِلا فَاسْتَكَتَّا.
(1126) أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مِسْمَارُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْعويسِ الْبَغْدَادِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي غَالِبِ بْنِ الطَّلايَةِ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ الأَنْمَاطِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْمُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الْحَضْرَمِيُّ أَبُو حَامِدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ رِفَاعَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فَضْلٍ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الطَّائِفِ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا، فَنَاجَاهُ طَوِيلا، فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: لَقَدْ أَطَالَ نَجْوَى ابْنِ عَمِّهِ، قَالَ: يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا أَنَا انْتَجَيْتُهُ، وَلَكِنَّ اللَّهَ انْتَجَاهُ "
(1127) أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ، بِإِسْنَادِهِمْ إِلَى أَبِي عِيسَى التِّرْمِذِيِّ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ، عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَيْشًا، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَمَضَى فِي السَّرِيَّةِ، فَأَصَابَ جَارِيَةً، فَأَنَكْرُوا عَلَيْهِ، فَتَعَاقَدَ أَرْبَعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: إِذَا لَقِينَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرْنَاهُ بِمَا صَنَعَ عَلِيٌّ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ إِذَا رَجَعُوا مِنْ سَفَرٍ بَدَءُوا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ، ثُمَّ انْصَرَفُوا إِلَى رِحَالِهِمْ، فَلَمَّا قَدِمَتِ السَّرِيَّةُ سَلَّمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ أَحَدُ الأَرْبَعَةِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَمْ تَرَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ صَنَعَ كَذَا وَكَذَا؟ فَأَعْرَضَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ، ثُمَّ قَالَ الثَّانِي، فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَامَ الثَّالِثُ، فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ قَامَ الرَّابِعُ، فَقَالَ مِثْلَ مَا قَالُوا، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْغَضَبُ يُعْرَفُ فِي وَجْهِهِ، فَقَالَ: " مَا تُرِيدُونَ مِنْ عَلِيٍّ؟ مَا تُرِيدُونَ مِنْ عَلِيٍّ؟ مَا تُرِيدُونَ مِنْ عَلِيٍّ؟ إِنَّ عَلِيًّا مِنِّي، وَأَنَا مِنْ عَلِيٍّ، وَهُوَ وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ بَعْدِي "
(1128) أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرٍ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، بِإِسْنَادِهِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ، قَالَ: " إِنَّمَا وَجِدَ جَيْشُ عَلِيٍّ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ بِالْيَمَنِ عَلَيْهِ، لأَنَّهُمْ حِينَ أَقْبَلُوا خَلَّفَ عَلَيْهِمْ رَجُلا، وَتَعَجَّلَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخْبِرُهُ الْخَبَرَ، فَعَمَدَ الرَّجُلُ، فَكَسَا كُلَّ رَجُلٍ مِنْهُمْ حُلَّةً، فَلَمَّا دَنَوْا خَرَجَ عَلِيٌّ يَسْتَقْبِلُهُمْ، فَإِذَا عَلَيْهِمُ الْحُلَلُ، فَقَالَ عَلِيٌّ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: كَسَانَا فُلانٌ، قَالَ: فَمَا دَعَاكَ إِلَى هَذَا قَبْلَ أَنْ تَقْدَمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ فَيَصْنَعُ مَا شَاءَ؟ فَنَزَعَ الْحُلَلَ مِنْهُمْ، فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَكَوْهُ لِذَلِكَ، وَكَانَ أَهْلُ الْيَمَنِ قَدْ صَالَحُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا بَعَثَ عَلِيًّا عَلَى جِزْيَةٍ مَوْضُوعَةٍ "
(1129) أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَرَجِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الْعِزِّ الْوَاسِطِيُّ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ أَبِي صَالِحِ بْنِ فَنَّاخِسْرُو الدِّيلِيُّ التِّكْرِيتِيُّ، وَغَيْرُهُمَا، بِإِسْنَادِهِمْ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْم خَيْبَرَ: " لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلا يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ، يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ "، قَالَ: فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا؟ فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّهُمْ يَرْجُو أَنْ يُعْطَاهَا، فَقَالَ: " أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ "؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ، قَالَ: " فَأَرْسِلُوا إِلَيْهِ "، فَأُتِيَ فَبَصَقَ فِي عَيْنَيْهِ، وَدَعَا لَهُ فَبَرَأَ حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ، فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ، فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا، فَقَالَ: " لِتَغْدُ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلامِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللَّهِ، فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلا وَاحِدًا، خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمُرِ النَّعَمِ "
(1130) أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْفَقِيهُ، بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَبِي يَعْلَى أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ، أَنْبَأَنَا الْقَوَارِيرِيُّ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَرْقَمَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: شَهِدْتُ عَلِيًّا فِي الرَّحَبَةِ يُنَاشِدُ النَّاسَ: أَنْشُدُ اللَّهَ مَنْ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ: " مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاهُ "، لَمَّا قَامَ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَقَامَ اثْنَا عَشَرَ بَدْرِيًّا كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَحَدِهِمْ عَلَيْهِ سَرَاوِيلُ، فَقَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّا سَمِعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ: " أَلَسْتُ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجِي أُمَّهَاتُهُمْ "؟ قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: " مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ ".
وَقَدْ رُوِيَ مِثْلُ هَذَا عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، وَزَادَ: فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: يَابْنَ أَبِي طَالِبٍ؟ أَصْبَحْتَ الْيَوْمَ وَلِيَّ كُلِّ مُؤْمِنٍ.
(1131) أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْعَشَائِرِ مُحَمَّدُ بْنُ الْخَلِيلِ الْقَيْسِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الْعَلاءِ الْمِصِّيصِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، حَدَّثَنَا خَيْثَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ حَيْدَرَةَ أَبُو الْحَسَنِ الأَطْرَابُلُسِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحُنَيْنِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنِ ابْنِ ظَالِمٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ يَعْنِيَ ابْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، فَقَالَ: إِنِّي أَحْبَبْتُ عَلِيًّا حُبًّا لَمْ أُحِبَّهُ أَحَدًا، قَالَ: أَحْبَبْتَ رَجُلا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ
(1132) ثُمَّ إِنَّهُ حَدَّثَنَا قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حِرَاءٍ، فَذَكَرَ عَشَرَةً فِي الْجَنَّةِ: " أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَسَعْدُ بْنُ مَالِكٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ "
(1133) قال: وَحَدَّثَنَا خَيْثَمَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سُورٍ بِالْمَدِينَةِ، فَقَالَ: " يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ "، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَهَنَّيْنَاهُ، ثُمَّ قَالَ: " يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ "، فَجَاءَ عُمَرُ فَهَنَّيْنَاهُ، ثُمَّ قَالَ: " يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ "، قَالَ: وَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصْغِي رَأْسَهُ مِنْ تَحْتِ السَّعَفِ، وَيَقُولُ: " اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ جَعَلْتَهُ عَلِيًّا ".
فَجَاءَ عَلِيٌّ فَهَنَّيْنَاهُ
(1134) أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَغَيْرُهُ، قَالُوا بِإِسْنَادِهِمْ إِلَى أَبِي عِيسَى التِّرْمِذِيِّ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى الْقَطَّانُ الْبَغْدَادِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ قَادِمٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ جُمَيْعِ بْنِ عُمَيْرٍ التَّيْمِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَصْحَابِهِ، فَجَاءَ عَلِيٌّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، آخَيْتَ بَيْنَ أَصْحَابِكَ وَلَمْ تُؤَاخِ بَيْنِي وَبَيْنَ أَحَدٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنْتَ أَخِي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ "
(1135) أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَضْلِ الْفَقِيهُ الْمَخْزُومِيُّ، بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ، أَنْبَأَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَّلَ عَلِيًّا، وَفَاطِمَةَ، وَالْحَسَنَ، وَالْحُسَيْنَ كِسَاءً ثُمَّ قَالَ: " اللَّهُمَّ هَؤُلاءِ أَهْلُ بَيْتِي وَخَاصَّتِي، اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ، وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا "، قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا مِنْهُمْ، قَالَ: " إِنَّكِ إِلَى خَيْرٍ "
(1136) وَأَنْبَأَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ، بِإِسْنَادِهِمْ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، حَدَّثَنَا خَلادُ بْنُ أَسْلَمَ الْبَغْدَادِيُّ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ هِنْدٍ الْجَمَلِيُّ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ " كُنْتُ إِذَا سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَانِي، وَإِذَا سَكَتُّ ابْتَدَأَنِي "
(1137) قَالَ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنِي أَخِي مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ بِيَدِ حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ، وَقَالَ: " مَنْ أَحَبَّنِي وَأَحَبَّ هَذَيْنِ وَأَبَاهُمَا وَأُمَّهُمَا، كَانَ مَعِي فِي دَرَجَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ "
(1138) قَالَ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: " كُنَّا نَعْرِفُ الْمُنَافِقِينَ، نَحْنُ مَعَاشِرُ الأَنْصَارِ، يُبْغِضُهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ "
(1139) أَنْبَأَنَا الْمَنْصُورُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ الْفَقِيهُ، بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَبِي يَعْلَى، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا مُسْهِرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، ثِقَةٌ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ عُمَرَ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عِنْدَهُ طَائِرٌ، فَقَالَ: " اللَّهُمَّ ائْتِنِي بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ يَأْكُلُ مَعِي مِنْ هَذَا الطَّائِرِ "، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ، فَرَدَّهُ، ثُمَّ جَاءَ عُثْمَانُ، فَرَدَّهُ، فَجَاءَ عَلِيٌّ فَأَذِنَ لَهُ.
ذكر أَبِي بَكْر، وعثمان فِي هَذَا الحديث غريب جدًا، وَقَدْ رُوِيَ من غير وجه عَنْ أنس، ورواه غير أنس من الصحابة
(1140) أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَرَجِ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ، وَأَنَا حَاضِرٌ أَسْمَعُ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الأَهْوَازِيُّ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ السَّمَيْدَعِ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: أُهْدِيَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَيْرٌ، فَقَالَ: " اللَّهُمَّ ائْتِنِي بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ "، فَجَاءَ عَلِيٌّ، فَأَكَلَ مَعَهُ.
تفرد بِهِ شُعَيْب، عَنْ أَبِي حنيفة
(1141) أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْفَتْحِ بْنِ الْحَسَنِ النَّقَّاشُ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو رَوْحٍ عَبْدُ الْمُعِزِّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْفَضْلِ الْبَزَّازُ، أَنْبَأَنَا زَاهِرُ بْنُ طَاهِرٍ الشَّحَّامِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْكَنْجَرُودِيُّ، أَنْبَأَنَا الْحَاكِمُ أَبُو أَحْمَدَ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْحُسَيْنِ الأَشْعَرِيُّ بِحِمْصَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصَفًّى، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْعَدَنِيُّ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ سَعِيدٍ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَيْرٌ، فَقَالَ: " اللَّهُمَّ ائْتِي بِرَجُلٍ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَيُحِبُّهُ رَسُولُهُ "، قَالَ أَنَسٌ: فَأَتَى عَلِيٌّ، فَقَرَعَ الْبَابَ، فَقُلْتُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَشْغُولٌ، وَكُنْتُ أُحِبُّ أَنْ يَكُونَ رَجُلا مِنَ الأَنْصَارِ، ثُمَّ إِنَّ عَلِيًّا فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ أَتَى الثَّالِثَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا أَنَسُ، أَدْخِلْهُ فَقَدْ عَنَيْتَهُ "، فَلَمَّا أَقْبَلَ، قَالَ: " اللَّهُمَّ وَالِ، اللَّهُمَّ وَالِ ".
وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ أنس غير من ذكرنا حميد الطويل، وَأَبُو الهندي، ويغنم بْن سالم، يغنم: بالياء تحتها نقطتان، والغين المعجمة والنون، وآخره ميم، وهو اسم مفرد.

خلافته رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
(1142) أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ، بِإِسْنَادِهِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، يَعْنِيَ الْفَرَّاءَ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ يُتَيْعٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ يُؤَمَّرُ بَعْدَكَ؟ قَالَ: " إِنْ تُؤَمِّرُوا أَبَا بَكْرٍ تَجِدُوهُ أَمِينًا زَاهِدًا فِي الدُّنْيَا، رَاغِبًا فِي الآخِرَةِ، وَإِنْ تُؤَمِّرُوا عُمَرَ تَجِدُوهُ قَوِيًّا أَمِينًا، لا يَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ، وَإِنْ تُؤَمِّرُوا عَلِيًّا، وَلا أَرَاكُمْ فَاعِلِينَ، تَجِدُوهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا، يَأْخُذُ بِكُمُ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ "
(1143) أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْقَاهِرِ، أَنْبَأَنا أَبُو غَالِبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْبَاقِلانِيُّ، إِجَازَةً، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ شَاذَانَ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْغِلابِيُّ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ بَكَّارٍ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ سَلَمَةَ، عَنِ الصُّنَابِحِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنْتَ بِمَنْزِلَةِ الْكَعْبَةِ، تُؤْتَى، وَلا تَأْتِي، فَإِنْ أَتَاكَ هَؤُلاءِ الْقَوْمُ فَسَلِّمُوهَا إِلَيْكَ يَعْنِيَ الْخِلافَةَ فَأَقْبَلَ مِنْهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَأْتُوكَ فَلا تَأْتِهِمْ حَتَّى يَأْتُوكَ "
(1144) أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْنُ مَحْمُودٍ، أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ، وَأَنَا حَاضِرٌ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ الصَّيْرَفِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُرْوَةَ الْمُرَادِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: " قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَرَى أَنِّي أَحَقُّ بِهَذَا الأَمْرِ، فَاجْتَمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ، فَسَمِعْتُ وَأَطَعْتُ، ثُمَّ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ أُصِيبَ فَظَنَنْتُ أَنَّهُ لا يَعْدِلُهَا عَنِّي فَجَعَلَهَا فِي عُمَرَ فَسَمِعْتُ وَأَطَعْتُ، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ أُصِيبَ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ لا يَعْدِلُهَا عَنِّي، فَجَعَلَهَا فِي سِتَّةٍ أَنَا أَحَدُهُمْ، فَوَلُّوهَا عُثْمَانَ، فَسَمِعْتُ وَأَطَعْتُ، ثُمَّ إِنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ، فَجَاءُوا فَبَايَعُونِي طَائِعِينَ غَيْرَ مُكْرَهِينَ، ثُمَّ خَلَعُوا بَيْعَتِي، فَوَاللَّهِ مَا وَجَدْتُ إِلا السَّيْفَ أَوِ الْكُفْرَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "
(1145) أَخْبَرَنَا ذاكر بْن كامل بْن أَبِي غالب الخفاف، وغيره إجازة قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو غالب بْن البنا، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد الأبنوسي، أنبأنا أَبُو الْقَاسِم عُبَيْد بْن عثمان بْن يَحيى بْن حنيقا، أنبأنا أَبُو مُحَمَّد إِسْمَاعِيل بْن عليّ بْن إِسْمَاعِيل الخطبي، قَالَ: استخلف أمير المؤمنين عليّ كرم اللَّه وجهة، وبويع لَهُ بالمدينة فِي مسجد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد قتل عثمان، فِي ذي الحجة من سنة خمس وثلاثين

(1146) قَالَ: وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ الْخُطَبِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي حَسَّانٍ الأَنْمَاطِيُّ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ سُمَيْعٍ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ جَاءَ النَّاسُ كُلُّهُمْ إِلَى عَلِيٍّ يُهْرَعُونَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُمْ، كُلُّهُمْ يَقُولُ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ، حَتَّى دَخَلُوا عَلَيْهِ دَارَهُ، فَقَالُوا: نُبَايِعُكَ فَمُدَّ يَدَكَ، فَأَنْتَ أَحَقُّ بِهَا، فَقَالَ عَلِيٌّ: لَيْسَ ذَاكَ إِلَيُكْم، وَإِنَّمَا ذَاكَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ، فَمَنْ رَضِيَ بِهِ أَهْلُ بَدْرٍ فَهُوَ خَلِيفَةٌ، فَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ إِلا أَتَى عَلِيًّا، فَقَالُوا: مَا نَرَى أَحَدًا أَحَقَّ بِهَا مِنْكَ، فَمُدَّ يَدَكَ نُبَايِعْكَ، فَقَالَ: أَيْنَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ؟ فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ بَايَعَهُ طَلْحَةُ بِلِسَانِهِ، وَسَعْدٌ بِيَدِهِ، فَلَمَّا رَأَى عَلِيٌّ ذَلِكَ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ صَعِدَ إِلَيْهِ، فَبَايَعَهُ طَلْحَةُ، وَبَايَعَهُ الزُّبَيْرُ، وَأَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَضِيَ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ
(1147) أنبأنا أَبُو مُحَمَّد بْن أَبِي الْقَاسِمِ الدمشقي، إجازة، أنبأنا أَبِي، أنبأنا أَبُو الْقَاسِم عليّ بْن إِبْرَاهِيم، عَنْ رشأ بْن نظيف، حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن إِسْمَاعِيل، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مروان، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ مُوسَى بْن حَمَّاد، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الحارث، عَنِ المدائني، قَالَ: لما دخل عليّ بْن أَبِي طَالِب الكوفة، دخل عَلَيْهِ رَجُل من حكماء العرب، فَقَالَ: والله يا أمير المؤمنين لقد زنت الخلافة وما زانتك، ورفعتها وما رفعتك، وهي كانت أحوج إليك منك إليها
(1148) أَنْبَأَنَا أَبُو يَاسِرِ بْنُ أَبِي حَبَّةَ، بِإِسْنَادِهِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ كَيْفَ بَايَعْتُمْ عُثْمَانَ وَتَرَكْتُمْ عَلِيًّا؟ فَقَالَ: مَا ذَنْبِي؟ قَدْ بَدَأْتُ بِعَلِيٍّ، فَقُلْتُ: أُبَايِعُكَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ، وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ، وَسِيرَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، قَالَ: فَقَالَ: فِيمَا اسْتَطَعْتُ، قَالَ: ثُمَّ عَرَضْتُهَا عَلَى عُثْمَانَ فَقَبِلَهَا.
وَلَمَّا بَايَعَهُ النَّاسُ تَخَلَّفَ عَنْ بَيْعَتِه جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، مِنْهُمُ: ابْنُ عُمَرَ، وَسَعْدٌ، وَأُسَامَةُ، وَغَيْرُهُمْ، فَلَمْ يُلْزِمْهُمْ بِالْبَيْعَةِ، وَسُئِلَ عَلِيٌّ عَمَّنْ تَخَلَّفَ عَنْ بَيْعَتِهِ، فَقَالَ: أُولَئِكَ قَعَدُوا عَنِ الْحَقِّ، وَلَمْ يَنْصُرُوا الْبَاطِلَ، وَتَخَلَّفَ عَنْهُ أَهْلُ الشَّامِ مَعَ مُعَاوِيَةَ فَلَمْ يُبَايِعُوهُ، وَقَاتَلُوهُ.
(1149) أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِم يَحْيَى بْنُ أَسْعَدَ بْنِ يَحْيَى بْنِ بَوْشٍ، كِتَابَةً، أَنْبَأَنَا أَبُو طَالِبٍ عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْقَادِرِ بْنِ يُوسُفَ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُظَفَّرِ بْنِ مُوسَى الْحَافِظُ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ طَازَادَ الْمَوْصِلِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ الْخَوَّاصُ، عَنْ عُفَيْفِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ فِطْرِ بْنِ خَلِيفَةَ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْقَطَعَ شِسْعُهُ، فَأَخَذَهَا عَلِيٌّ يُصْلِحُهَا، فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " إِنَّ مِنْكُمْ رَجُلا يُقَاتِلُ عَلَى تَأْوِيلِ الْقُرْآنِ، كَمَا قَاتَلْتُ عَلَى تَنْزِيلِهِ ".
فَاسْتَشْرَفَ لَهَا الْقَوْمُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَكِنَّهُ خَاصِفُ النَّعْلِ "، فَجَاءَ فَبَشَّرْنَاهُ بِذَلِكَ، فَلَمْ يَرْفَعْ بِهِ رَأْسًا، كَأَنَّهُ شَيْءٌ قَدْ سَمِعَهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(1150) أَنْبَأَنَا أَرْسلانُ بْنُ بعانَ الصُّوفِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ أَحْمَدُ بْنُ طَاهِرِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمِيهَنِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ خَلَفٍ الشِّيرَازِيُّ، أَنْبَأَنَا الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دُحَيْمٍ الشَّيْبَانِيُّ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَكَمِ الْحِيرِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَزْدِيُّ، عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقِتَالِ النَّاكِثِينَ وَالْقَاسِطِينَ وَالْمَارِقِينَ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرْتَنَا بِقِتَالِ هَؤُلاءِ فَمَعْ مَنْ؟ فَقَالَ: " مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، مَعَهُ يُقْتَلُ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ "
(1151) قَالَ: وَأَخْبَرَ الْحَكَمُ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ حَمْشَادَ الْعَدْلُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَينِ بْنِ دِيزِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْخَطَّابِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ حَصِيرَةَ، عَنْ أَبِي صَادِقٍ، عَنْ مِخْنَفِ بْنِ سُلَيْمٍ، قَالَ: أَتَيْنَا أَبَا أَيُّوبَ الأَنْصَارِيَّ، فَقُلْنَا: قَاتَلْتَ بِسَيْفِكَ الْمُشْرِكِينَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ جِئْتَ تُقَاتِلُ الْمُسْلِمِينَ؟ قَالَ: " أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ النَّاكِثِينَ وَالْقَاسِطِينَ وَالْمَارِقِينَ "
(1152) وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ، بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَبِي يَعْلَى: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سَهْلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا عَلَى مِنْبَرِكُمْ هَذَا يَقُولُ: " عَهِدَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاكِثِينَ وَالْقَاسِطِينَ وَالْمَارِقِينَ "
(1153) أَنْبَأَنَا أَبُو غَانِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي جَرَادَةَ الْحَلَبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَني عَمِّي أَبُو الْمَجْدِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي جَرَادَةَ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي جَرَادَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْفَتْحِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَعِيدٍ، بِحَلَبَ، حَدَّثَنَا الأُسْتَاذُ أَبُو النَّمِرِ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ بْنِ رَغْبَانَ الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ خَالَوَيْهِ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَى الْكُوفِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَبِيبٍ، أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ: " مَا أَجِدُ فِي نَفْسِي مِنَ الدُّنْيَا إِلا أَنِّي لَمْ أُقَاتِلِ الْفِئَةَ الْبَاغِيَةَ ".
وَقَالَ أَبُو عُمَرَ: رَوَى مِنْ وُجُوهٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: " مَا آمَنُ عَلَى شَيْءٍ إِلا أَنِّي لَمْ أُقَاتِلْ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْفِئَةَ الْبَاغِيَةَ ". وقَالَ الشَّعْبِيّ: ما مات مسروق حتَّى تاب إِلَى اللَّه تَعَالى من تخلفه عَنِ القتال مَعَ عليّ.
ولعلي رَضِي اللَّه عَنْهُ فِي قتال الخوارج وغيرها آيات مذكورة فِي التواريخ، فقد أتينا عَلَى ذكرها فِي الكامل فِي التاريخ.
مقتله وَإِعلامه أَنَّهُ مقتول رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
(1154) أَنْبَأَنَا نَصْرُ اللَّهِ بْنُ سَلامَةَ بْنِ سَالِمٍ الْهِيتِيُّ، أَنْبَأَنَا الْقَاضِي أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ يُوسُفَ الأُرْمَوِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْغَنَائِمِ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنِ عَلِيٍّ الْمَأْمُونُ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى بْنِ زَاهِرِ بْنِ يَحْيَى الرَّازِيُّ، بِالْبَصْرَةِ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْقَطَّانُ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَاهِرِ بْنِ يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ الدُّؤَلِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لا تَمُوتُ حَتَّى تَضْرِبَ ضَرْبَةً عَلَى هَذِهِ فَتَخْضِبَ هَذِهِ "، وَأَوْمَأَ إِلَى لِحْيَتِهِ وَهَامَتِهِ، " وَيَقْتُلَكَ أَشْقَاهَا، كَمَا عَقَرَ نَاقَةَ اللَّهِ أَشْقَى بَنِي فُلانٍ مِنْ ثَمُودَ " نَسبه إِلَى جَدّه الأدنى.
قَالَ عليّ بْن عُمَر: هَذَا حديث غريب من حديث الْأَعْمَش، عَنْ زَيْد بْن أسلم، عَنْ أَبِي سنان، عَنْ عليّ تفرد بِهِ عَبْد اللَّه بْن زاهر، عَنْ أَبِيهِ.
قلت: قَدْ رَوَاهُ عَبْد اللَّه بْن جَعْفَر، عَنْ زَيْد بْن أسلم، أنبأنا أَبُو الفضل الطبري، بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَبُو يعلى، عَنِ القواريري، عَنْ عَبْد اللَّه بْن جَعْفَر، عَنْ زَيْد، عَنْ أَبِي سنان أتم من هَذَا
(1155) أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَضْلِ الْمَخْزُومِيُّ، بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ، عَنْ سِنَانٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَعْيَنَ، عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: أَتَانِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ، وَقَدْ وَضَعْتُ رِجْلِي فِي الْغَرْزِ، فَقَالَ لِي: لا تَقْدَمِ الْعِرَاقَ، فَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يُصِيبَكَ فِيهَا ذُبَابُ السَّيْفِ، قَالَ عَلِيٌّ: وَأَيْمُ اللَّهِ لَقَدْ أَخْبَرَنِي بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ أَبُو الأَسْوَدُ: فَمَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ قَطُّ، مُحَارِبًا يُخْبِرُ بِذَا عَنْ نَفْسِهِ.

(1156) قَالَ: وَأَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، أَنْبَأَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَبُعٍ، قَالَ: خَطَبَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ: وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ، وَبَرَأَ النَّسَمَةَ لَتَخْضِبَنَّ هَذِهِ من هَذِهِ، يَعْنِي لِحْيَتَهُ مِنْ دَمِ رَأْسِهِ، فَقَالَ رَجُلٌ: وَاللَّهِ لا يَقُولُ ذَلِكَ أَحَدٌ إِلا أَبَرْنَا عِتْرَتَهُ!، فَقَالَ: اذْكُرِ اللَّهَ: وَأَنْشُدُ أَنْ يُقْتَلَ مِنِّي إِلا قَاتِلِي
(1157) أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَرَجِ عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ كُلَيْبٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْخَيْرِ الْمُبَارَكُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ الْغَسَّالُ الْمُقْرِئُ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْخَلالُ، حَدَّثَنَا أَبُو الطَّيِّبِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ النَّحَّاسُ، بِالْكُوفَةِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْعَبَّاسِ الْبَجَلِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُنِيبٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، يَعْنِيَ ابْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ كَيْسَانَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ، يَعْنِي لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّكَ قُلْتَ لِي يَوْمَ أُحُدٍ، حِينَ أَخَّرْتَ عَنِّي الشَّهَادَةَ وَاسْتُشْهِدَ مَنِ اسْتُشْهِدَ: " إِنَّ الشَّهَادَةَ مِنْ وَرَائِكَ، فَكَيْفَ صَبْرُكَ إِذَا خَضَبْتَ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ بِدَمٍ "، وَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى لِحْيَتِهِ وَرَأْسِهِ، فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِمَّا أَنْ تُثْبِتَ لِي مَا أُثْبِتَ، فَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ مَوَاطِنِ الصَّبْرِ، وَلَكِنْ مِنْ مَوَاطِنِ الْبُشْرَى وَالْكَرَامَةِ
(1158) وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْفَضْلِ الْمَنْصُورُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ، بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، أَنْبَأَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ أَشْقَى الأَوَّلِينَ "؟، قُلْتُ: عَاقِرُ النَّاقَةِ، قَالَ: " صَدَقْتَ "، قَالَ: " فَمَنْ أَشْقَى الآخِرِينَ "؟ قُلْتُ: لا عِلْمَ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: " الَّذِي يَضْرِبُكَ عَلَى هَذَا "، وَأَشَارَ بِيَدِه إِلَى يَافُوخِهِ، وَكَانَ يَقُولُ: " وَدِدْتُ أَنَّهُ قَدِ انْبَعَثَ أَشْقَاكُمْ، فَخَضَبَ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ "، يَعْنِي لِحْيَتَهُ مِنْ دَمِ رَأْسِهِ
(1159) أَنْبَأَنَا أَبُو يَاسِرِ بْنُ أَبِي حَبَّةَ، أَنْبَأَنَا أَبُو غَالِبِ بْنُ الْبَنَّاءِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَسْنُونٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ مُوسَى بْنُ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السَّرَّاجُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ فِطْرِ بْنِ خَلِيفَةَ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، أَنَّ عَلِيًّا جَمَعَ النَّاسَ لِلْبَيْعَةِ، فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ الْمُرَادِيُّ، فَرَدَّهُ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: عَلامَ يُحْبَسُ أَشْقَاهَا؟ فَوَاللَّهِ لَيَخْضِبَنَّ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ، ثُمَّ تَمَثَّلَ:
أُشْدُدْ حَيَازِيمَكَ لِلْمَوْتِ فَإِنَّ الْمَوْتَ لاقِيكَا
وَلا تَجْزَعْ مِنَ الْقَتْلِ إِذَا حَلَّ بَوَادِيكَا
(1160) وَأَنْبَأَنَا أَبُو يَاسِرٍ، إِجَازَةً، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَيُّوَيْهِ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَعْرُوفٍ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ قَهْمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ الْمُنْذِرِ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ مُحَمَّدَ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ، قَالَ: دَخَلَ عَلَيْنَا ابْنُ مُلْجَمٍ الْحَمَّامَ، وَأَنَا وَحَسَنٌ وَحُسَيْنٌ جُلُوسٌ فِي الْحَمَّامِ، فَلَمَّا دَخَلَ كَأَنَّهُمَا اشْمَأَزَّا مِنْهُ وَقَالا: مَا جَرَّأَكَ تَدْخُلُ عَلَيْنَا؟ قَالَ، فَقُلْتُ لَهُمَا: دَعَاهُ عَنْكُمَا، فَلَعَمْرِي مَا يُرِيدُ مِنْكُمَا أَحْشَمُ مِنْ هَذَا، لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُتِيَ بِهِ أَسِيرًا، قَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ: مَا أَنَا الْيَوْمَ بِأَعْرَفَ بِهِ مِنِّي يَوْمَ دَخَلَ عَلَيْنَا الْحَمَّامَ! فَقَالَ عَلِيٌّ إِنَّهُ أَسِيرٌ فَأَحْسِنُوا نُزُلَهُ، وَأَكْرِمُوا مَثْوَاهُ، فَإِنْ بَقِيتُ قُتِلْتُ أَوْ عَفَوْتُ، وَإِنْ مُتُّ فَاقْتُلُوهُ وَلا تَعْتَدُوا، إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمَعْتَدِينَ
(1161) أَنْبَأَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَلِيٍّ الأَمِينُ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ، إِجَازَةً قَالُوا: أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ خَيْرُونٍ وَأَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْبَاقِلانِيُّ، كِلاهُمَا إِجَازَةً، قَالا: أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ شَاذَانَ، قَالَ: قُرِئَ عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ الْحَسَنِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَدِّي أَبُو الْحُسَيْنِ يَحْيَى بْنُ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نُوحٍ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَبَّاسِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: لَمَّا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ جَعَلَ عَلِيٌّ يَتَعَشَّى لَيْلَةً عِنْدَ الْحَسَنِ، وَلَيْلَةً عِنْدَ الْحُسَيْنِ، وَلَيْلَةً عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، لا يَزِيدُ عَلَى ثَلاثِ لُقَمٍ، وَيَقُولُ: " يَأْتِي أَمْرُ اللَّهِ، وَأَنَا خَمِيصٌ، وَإِنَّمَا هِيَ لَيْلَةٌ أَوْ لَيْلَتَانِ "
(1162) قَالَ: وَأَنْبَأَنَا جَدِّي، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَرَجَ عَلِيٌّ لِصَلاةِ الْفَجْرِ، فَاسْتَقْبَلَهُ الأَوِزُّ يَصْحَنُ فِي وَجْهِهِ، قَالَ: فَجَعَلْنَا نَطْرُدُهُنَّ عَنْهُ، فَقَالَ: دَعُوهُنَّ فَإِنَّهُنَّ نَوَائِحُ، وَخَرَجَ فَأُصِيبَ.
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَلِمَ السَّنَةَ وَالشَّهْرَ، وَاللَّيْلَةَ الَّتِي يُقْتَلُ فِيهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
(1163) أَنْبَأَنَا الْخَطِيبُ أَبُو الْفَضْلِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، أَنْبَأَنَا النَّقِيبُ طِرَادُ بْنُ مُحَمَّدٍ، إِجَازَةً إِنْ لَمْ يَكُنْ سَمَاعًا، أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أَنْبَأَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ صَفْوَانَ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ هَاشِمٍ الْحُسَيْنِيُّ، عَنْ حَكَّابٍ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ الثَّقَفِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، قَالَ، قَالَ لِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ: قَالَ لِي عَلِيٌّ سَنَحَ لِي اللَّيْلَةَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَنَامِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لَقِيتَ مِنْ أُمَّتِكَ الأَوَدَ وَاللَّدَدَ؟ قَالَ: ادْعُ عَلَيْهِمْ، قُلْتُ: اللَّهُمَّ أَبْدِلْنِي بِهِمْ مَنْ هُوَ خَيْرٌ لِي مِنْهُمْ، وَأَبْدِلْهُمْ بِي مَنْ هُوَ شَرٌّ مِنِّي، فَخَرَجَ، فَضَرَبَهُ الرَّجُلُ.
كذا فِي هَذِهِ الرواية: الحسين بْن عليّ، وَإِنما هُوَ الْحَسَن.
(1164) أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ، إِذْنًا، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الأَنْصَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ حَيُّوَيْهِ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَعْرُوفٍ، أَنْبَأَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ قَهْمٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: انْتَدُبَ ثَلاثَةُ نَفَرٍ مِنَ الْخَوَارِجِ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ الْمُرَادِيُّ، وَهُوَ مِنْ حِمْيَرٍ، وَعِدَادُهُ فِي بَنِي مُرَادٍ، وَهُوَ حَلِيفُ بَنِي جَبَلَةَ مِنْ كِنْدَةَ، وَالْبُرْكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ بَكْرٍ التَّمِيمِيُّ، فَاجْتَمَعُوا بِمَكَّةَ، وَتَعَاهَدُوا وَتَعَاقَدُوا لِيَقْتُلَنَّ هَؤُلاءِ الثَّلاثَةُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَمُعَاوِيَةَ، وَعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَيُرِيحُوا الْعِبَادَ مِنْهُمْ، فَقَالَ ابْنُ مُلْجَمٍ: أَنَا لَكُمْ بِعَلِيٍّ، وَقَالَ الْبُرْكُ: أَنَا لَكُمْ بِمُعَاوِيَةَ، وَقَالَ عَمْرُو بْنُ بَكْرٍ: أَنَا كَافِيكُمْ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، فَتَعَاهَدُوا عَلَى ذَلِكَ، وَتَعَاقَدُوا عَلَيْهِ، وَتَوَاثَقُوا أَنْ لا يَنْكِصَ مِنْهُمْ رَجُلٌ عَنْ صَاحِبِهِ الَّذِي سُمِّيَ لَهُ، وَيَتَوَّجَهَ لَهُ حَتَّى يَقْتُلَهُ أَوْ يَمُوتَ دُونَهُ، فَاتَّعَدُوا بَيْنَهُمْ لَيْلَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ رَمَضَانَ، ثُمَّ تَوَجَّهَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ إِلَى الْمِصْرِ الَّذِي فِيهِ صَاحِبُهُ، فَقَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ الْكُوفَةَ، فَلَقِيَ أَصْحَابَهُ مِنَ الْخَوَارِجِ، فَكَاتَمَهُمْ مَا يُرِيدُ، وَكَانَ يَزُورُهُمْ وَيَزُورُونَهُ، فَزَارَ يَوْمًا نَفَرًا مِنْ بَنِي تَيْمِ الرَّبَابِ، فَرَأَى امْرَأَةً مِنْهُم، يُقَالُ لَهَا: قَطَامُ بِنْتُ شِجْنَةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَوْفِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ ذُهْلِ بْنِ تَيْمِ الرَّبَابِ، وَكَانَ عَلِيٌّ قَتَلَ أَبَاهَا وَأَخَاهَا بِالنَّهْرَوَانِ، فَأَعْجَبَتْهُ فَخَطَبَهَا، فَقَالَتْ: لا أَتَزَوَّجُكَ حَتَّى تَشْتَفِيَ لِي، فَقَالَ: لا تَسْأَلِينِي شَيْئًا إِلا أَعْطَيْتُكِ، فَقَالَتْ: ثَلاثَةُ آلافٍ، وَقَتْلُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا جَاءَ بِي إِلَى هَذَا الْمِصْرِ إِلا قَتْلُ عَلِيٍّ، وَقَدْ أَعْطَيْتُكَ مَا سَأَلْتِ، وَلَقِيَ ابْنُ مُلْجَمٍ شَبِيبَ بْنَ بَجْرَةَ الأَشْجَعِيَّ، فَأَعْلَمَهُ مَا يُرِيدُ، وَدَعَاهُ إِلَى أَنْ يَكُونَ مَعَهُ، فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ، وَظَلَّ ابْنُ مُلْجَمٍ تِلْكَ اللَّيْلَةِ الَّتِي عَزَمَ فِيهَا أَنْ يَقْتُلَ عَلِيًّا فِي صَبِيحَتِهَا يُنَاجِي الأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ الْكِنْدِيَّ فِي مَسْجِدِهِ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ، فَقَالَ لَهُ الأَشْعَثُ: فَضَحِكَ الصُّبْحَ، فَقَامَ ابْنُ مُلْجَمٍ، وَشَبِيبُ بْنُ بَجْرَةَ، فَأَخَذَا أَسْيَافَهُمَا، ثُمَّ جَاءَا حَتَّى جَلَسَا مُقَابِلَ السُّدَّةِ الَّتِي يَخْرُجُ مِنْهَا عَلِيٌّ، قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ: فَأَتَيْتُهُ سُحَيْرًا، فَجَلَسْتُ إِلَيْه، فَقَالَ: إِنِّي بِتُّ اللَّيْلَةَ أُوقِظُ أَهْلِي، فَمَلَكَتْنِي عَيْنَايَ، وَأَنَا جَالِسٌ، فَسَنَحَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لَقِيتُ مِنْ أُمَتِّكَ مِنَ الأَوَدِ وَاللَّدَدِ، فَقَالَ لِي: ادْعُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ أَبْدِلْنِي بِهِمْ خَيْرًا مِنْهُمْ، وَأَبْدِلْهُمْ بِي شَرًّا لَهُمْ مِنِّي، وَدَخَلَ ابْنُ التَّيَّاحِ الْمُؤَذِّنُ عَلَى ذَلِكَ، فَقَالَ: الصَّلاةَ، فَقَامَ يَمْشِي ابْنُ التَّيَّاحِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنَا خَلْفَهُ، فَلَمَّا خَرَجَ مِنَ الْبَابِ نَادَى: أَيُّهَا النَّاسُ، الصَّلاةَ، الصَّلاةَ، كَذَلِكَ كَانَ يَصْنَعُ كُلُّ يَوْمٍ يَخْرُجُ وَمَعَهُ دِرَّتُهُ يُوقِظُ النَّاسَ فَاعْتَرَضَهُ الرَّجُلانِ، فَقَالَ بَعْضُ مَنْ حَضَرَ: ذَلِكَ بَرِيقُ السَّيْفِ، وَسَمِعْتُ قَائِلا، يَقُولُ: لِلَّهِ الْحُكْمُ يَا عَلِيُّ لا لَكَ، ثُمَّ رَأَيْتُ سَيْفًا ثَانِيًا فَضَرَبَا جَمِيعًا، فَأمَّا سَيْفُ ابْنِ مُلْجَمٍ، فَأَصَابَ جَبْهَتَهُ إِلَى قَرْنِهِ وَوَصَلَ إِلَى دِمَاغِهِ، وَأَمَّا سَيْفُ شَبِيبٍ فَوَقَعَ فِي الطَّاقِ، فَسَمِعَ عَلِيٌّ، يَقُولُ: لا يَفُوتَنَّكُمُ الرَّجُلُ، وَشَدَّ النَّاسُ عَلَيْهِمَا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، فَأَمَّا شَبِيبٌ فَأَفْلَتَ، وَأَخَذَ ابْنُ مُلْجَمٍ فَأَدْخَلَ عَلَى عَلِيٍّ، فَقَالَ: أَطِيبُوا طَعَامَهُ، وَأَلِينُوا فِرَاشَهُ، فَإِنْ أَعِشْ فَأَنَا وَلِيُّ دَمِي: عَفْوٌ أَوْ قِصَاصٌ، وَإِنْ مُتُّ فَأَلْحِقُوهُ بِي أُخَاصِمْهُ عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَقَالَتْ أُمُّ كُلْثُومِ بِنْتُ عَلِيٍّ: يَا عَدُوَّ اللَّهِ، قَتَلْتَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! قَالَ: مَا قَتَلْتُ إِلا أَبَاكَ، قَالَتْ: وَاللَّهِ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ لا يَكُونَ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بَأْسٌ، قَالَ: فَلِمَ تَبْكِينَ إِذًا؟ ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ سَمَمْتُهُ شَهْرًا يَعْنِي سَيْفَهُ فَإِنْ أَخْلَفَنِي أَبْعَدَهُ اللَّهُ وَأَسْحَقَهُ.
وَبَعَثَ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ ابْنَهُ قَيْسَ بْنَ الأَشْعَثِ صَبِيحَةَ ضَرْبِ عَلِيٍّ، فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ انْظُرْ كَيْفَ أَصْبَحَ أَمِيرُ الُمْؤِمِنيَن؟ فَذَهَبَ فَنَظَرَ إِلَيْهِ، ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ: رَأَيْتُ عَيْنَيْهِ دَاخِلَتَيْنِ فِي رَأْسِهِ، فَقَالَ الأَشْعَثُ: عَيْنَيْ دَمِيغٍ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ.
قَالَ: وَمَكَثَ عَلِيٌّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَيَوْمَ السَّبْتِ، وَبَقِيَ لَيْلَةَ الأَحَدِ لإِحْدَى عَشْرَةَ بَقِيَتْ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعِينَ، وَتُوُفِّيَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَغَسَّلَهُ الْحَسَنُ، وَالْحُسَيْنُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، وَكُفِّنَ فِي ثَلاثَةٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ.
قَالُوا: وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ فِي السِّجْنِ، فَلَمَّا مَاتَ عَلِيٌّ، وَدُفِنَ بَعَثَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى ابْنِ مُلْجَمٍ، فَأَخْرَجَهُ مِنَ السِّجْنِ لِيَقْتُلَهُ، فَاجْتَمَعَ النَّاسُ وَجَاءُوا بِالنِّفْطِ وَالْبَوَارِي، وَالنَّارِ، وَقَالُوا: نَحْرِقُهُ.
فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، وَحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ: دَعُونَا حَتَّى نَشْفِيَ أَنْفُسَنَا مِنْهُ، فَقَطَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ يَدَيْهِ وَرِجْلَيِه، فَلَمْ يَجْزَعْ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ، فَكَحَّلَ عَيْنَيْهِ بِمِسْمَارٍ مَحْمِيٍّ، فَلَمْ يَجْزَعْ، وَجَعَلَ يَقُولُ: إِنَّكَ لَتُكَحِّلُ عَيْنَيْ عَمِّكَ بِمَمُلولٍ مُمْضٍ، وَجَعَلَ يَقْرَأُ: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، حَتَّى أَتَى عَلَى آخِرِ السُّورَةِ، وَإِنَّ عَيْنَيْهِ لَتَسِيلانِ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَعُولِجَ عَنْ لِسَانِهِ لِيَقْطَعَهُ، فَجَزِعَ، فَقِيلَ لَهُ، قَطَعْنَا يَدَكَ، وَرِجْلَيْكَ، وَسَمَلْنَا عَيْنَيْكَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ، فَلَمْ تَجْزَعْ، فَلَمَّا صِرْنَا إِلَى لِسَانِكَ جَزِعْتَ، قَالَ: مَا ذَاكَ مِنْ جَزَعٍ إِلا أَنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَكُونَ فِي الدُّنْيَا فُوَاقًا لا أَذْكُرُ اللَّهَ، فَقَطَعُوا لِسَانَهُ، ثُمَّ جَعَلُوهُ فِي قَوْصَرَةٍ فَأَحْرَقُوهُ بِالنَّارِ، وَالْعَبَّاسُ بْنُ عَلِيٍّ يَوْمَئِذٍ صَغِيرٌ، فَلَمْ يَسْتَأْنِ بِهِ بُلُوغُهُ.
وَكَانَ ابْنُ مُلْجَمٍ أَسْمَرَ أَبْلَجَ، فِي جَبْهَتِهِ أَثَرُ السُّجُودِ
(1165) أَنْبَأَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَبَرْزَدَ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ السَّمَرْقَنْدِيِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الطَّبَرِيِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ صَفْوَانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ أَبِي يَحْيَى، عَنْ شَيْخٍ مِنْ قُرَيْشٍ، أَنَّ عَلِيًّا لَمَّا ضَرَبَهُ ابْنُ مُلْجَمٍ، قَالَ: فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ
(1166) أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ أَبِي مَنْصُورِ بْنِ سُكَيْنَةَ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ سَلْمَانَ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ خَيْرُونٍ وَأَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْبَاقِلانِيُّ، كِلاهُمَا إِجَازَةً، قَالا: أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ شَاذَانَ، قَالَ: قُرِئَ عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْعَلَوِيِّ، حَدَّثَنِي جَدِّي، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانٍ الأَزْدِيُّ، حَدَّثَنِي فُضَيْلُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَمْرٍو ذِي مُرٍّ، قَالَ: لَمَّا أُصِيبَ عَلِيٌّ بِالضَّرْبَةِ، دَخَلْتُ عَلَيْهِ، وَقَدْ عَصَبَ رَأْسَهُ، قَالَ: قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَرِنِي ضَرْبَتَكَ، قَالَ: فَحَلَّهَا، فَقُلْتُ: خَدْشٌ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، قَالَ: إِنِّي مُفَارِقُكُمْ، فَبَكَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ، فَقَالَ لَهَا: اسْكُتِي، فَلَوْ تَرَيِنَّ مَاذَا أَرَى لَمَّا بَكَيْتِ، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا تَرَى؟ قَالَ: هَذِهِ الْمَلائِكَةُ وُفُودٌ، وَالنَّبِيُّونَ، وَهَذَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: يَا عَلِيُّ، أَبْشِرْ، فَمَا تَصِيرُ إِلَيْهِ خَيْرٌ مِمَّا أَنْتَ فِيهِ.
هَذِهِ أُمُّ كُلْثُومٍ هِيَ ابْنَةُ عَلِيٍّ زَوْجِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. البرك: بضم الباء الموحدة، وفتح الراء.
وبجرة: بفتح الباء والجيم قاله ابْنُ ماكولا.
والذي ضبطه أَبُو عُمَر بضم الراء وسكون الجيم.
(1167) أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْقَاهِرِ الْخَطِيبُ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدٍ الْمُطَرِّزُ وَأَبُو عَلِيٍّ الْحَدَّادُ، إِجَازَةً، قَالا: أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، أَخُو خَطَّابٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ زُرَارَةَ الْحَدَثِيُّ، حَدَّثَنَا الْفَيَّاضُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبْسٍ الأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِي مِخْنَفٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا فَرَغَ عَلِيٌّ مِنْ وَصِيَّتِهِ، قَالَ: أَقْرَأُ السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، ثُمَّ لَمْ يَتَكَلَّمْ إِلا بِـ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَرِضْوَانُهُ عَلَيْهِ.
وَغَسَّلَهُ ابْنَاهُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، وَصَلَّى عَلَيْهِ الْحَسَنُ ابْنُهُ، وَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا.
وَكُفِّنَ فِي ثَلاثِ أَثْوَابٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ، وَدُفِنَ فِي السَّحَرِ.
قيل: إن عليًا كَانَ عنده مسك فضل من حنوط، رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أوصى أن يحنط بِهِ.
واختلفوا فِي عمره، فَقَالَ مُحَمَّد بْن الحنفية: سنة الحجاف، حين دخلت سنة إحدى وثمانين، هَذِهِ لي خمس وستون سنة، وَقَدْ جاوزت سنة أَبِي، قَالَ: وكان سنة يَوْم قتل ثلاثًا وستين سنة، قَالَ الواقدي: وهذا أثبت عندنا.
وقَالَ أَبُو بَكْر البرقي: توفي عليّ، وهو ابْنُ سبع وخمسين سنة، وقيل: توفي ابْنُ ثمان وخمسين سنة.
وكانت خلافته خمس سنين إلا ثلاثة أشهر، وقيل: أربع سنين، وتسعة أشهر، وستة أيام، وقيل: ثلاثة أيام.
قَالَ مُحَمَّد بْن عليّ الباقر: كَانَ عليّ آدم، مقبل العينين عظيمهما ذا بطن، أصلع، ربعه، لا يخضب.
وقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السبيعي: رَأَيْته أبيض الرأس واللحية، وكان ربما خضب لحيته.
وقَالَ أَبُو رجاء العطاردي: رَأَيْت عليًا ربعة، ضخم البطن، كبير اللحية قَدْ ملأت صدره، أصلع شديد الصلع.
وقَالَ مُحَمَّد بْن سعد: عَنْ أَبِي نعيم الفضل بْن دكين، عَنْ رزام بْن سَعِيد الضبي، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي ينعت عليًا، قَالَ: كَانَ رجلًا فوق الربعة، ضخم المنكبين طويل اللحية، وَإِن شئت قلت: إِذَا نظرت إِلَيْه، قلت: آدم، وَإِن تبينته من قريب قلت: أن يكون أسمر أدنى من أن يكون آدم.
وقَالَ مُحَمَّد بْن سعد: حَدَّثَنَا عفان بْن مُسْلِم، حَدَّثَنَا أَبُو عوانة، عَنْ مُغِيرَة، عَنْ قدامة بْن عتاب، قَالَ: كَانَ عليّ ضخم البطن، ضخم مشاش المنكب، ضخم عضلة الذراع، دقيق مستدقها، ضخم عضلة الساق، دقيق مستدقها، قَالَ: ورأيته يخطب فِي يَوْم من الشتاء، عَلَيْهِ قميص وَإِزار قطريان معتم بشيء مما ينسج فِي سوادكم.
وقَالَ ابْنُ أَبِي الدنيا: حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ، حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن دَاوُد، حَدَّثَنَا مدرك أَبُو الحجاج، قَالَ: رَأَيْت عليًا يخطب، وكان من أحسن النَّاس وجهًا.
وقيل: كَانَ كأنما كسر ثُمَّ جبر، لا يغير شيبه، خفيف المشي، ضحوك السن.
وبالجملة فمناقبه عظيمة كَثِيرة، فلنقتصر عَلَى هَذَا القدر منها، ومن يريد أكثر من هذا، فقد جمعنا مناقبه فِي كتاب جامع لها، والحمد لله رب العالمين.
ورثاه النَّاس فأكثروا، فمن ذَلِكَ ما قاله أَبُو الأسود الدؤلي، وبعضهم يرويها لأم الهيثم بِنْت العريان النخعية:
ألا يا عين ويحك أسعدينا ألا تبكي أمير المؤمنينا
وتبكي أم كلثوم عَلَيْهِ بعبرتها وَقَدْ رأت اليقينا
ألا قل للخوارج حيث كانوا فلا قرت عيونا الشامتينا
أفي الشهر الحرام فجعتمونا بخير النَّاس طرًا أجمعينا
قتلتم خير من ركب المطايا فذللها ومن ركب السفينا
ومن لبس النعال ومن حذاها ومن قَرَأَ المثاني والمبينا
وكل مناقب الخيرات فِيهِ وحب رَسُول رب العالمينا
لقد علمت قريش حيث كانوا بأنك خيرها حسبًا ودينا
إِذَا استقبلت وجه أَبِي حُسَيْن رَأَيْت البدر راق الناظرينا
وكنا قبل مقتله بخير نرى مَوْلَى رَسُول اللَّه فينا
يقيم الحق لا يرتاب فِيهِ ويعدل فِي العدا والأقربينا
وليس بكاتم علمًا لديه ولم يخلق من المتجبرينا
كأن النَّاس إذ فقدوا عليًا نعام حار في بلد سنينا
فلا تشمت معاوية بْن حرب فإن بقية الخلفاء فينا
وقَالَ الفضل بْن الْعَبَّاس بْن عتبة بْن أَبِي لهب فِيهِ أيضًا:

ما كنت أحسب أن الأمر منصرف عَنْ هشام ثُمَّ منها عَنْ أَبِي حسن
البر أول من صلى لقبلته وأعلم النَّاس بالقرآن والسنن
وآخر النَّاس عهدًا بالنبي ومن جبريل عون لَهُ فِي الغسل والكفن
من فِيهِ ما فيهم لا تمترون بِهِ وليس فِي القوم ما فِيهِ من الْحَسَن
وقَالَ إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد الحميري:
سائل قريشًا بِهِ إن كنت زاعمه من كَانَ أثبتها فِي الدين أوتادًا
من كَانَ أقدم إسلاما وأكثرها علما وأطهرها أهلًا وأولادًا
من وحد اللَّه إذ كَانَت مكذبة تدعو من اللَّه أوثانًا وأندادًا
من كان يقدم فِي الهيجاء إن نكلوا عَنْهَا وَإِن يبخلوا فِي أزمة جادا
من كَانَ أعدلها حكما وأبسطها كفًا وأصدقها وعدًا وَإِيعادا
إن يصدقوك فلن يعدوا أبا حسن إن، أنت لم تلق للأبرار حسادًا
إن أنت لم تلق أقوامًا ذوي صلف وذا عناد لحق اللَّه جحادًا
ومدائحه ومراثيه كثيرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فلنقتصر عَلَى هَذَا، ففيه كفاية، والحمد لله، وسلام عَلَى عباده الَّذِينَ اصطفى.

سفيان بن عيينة

سفيان بن عيينة: سمع عمر وجابرًا، يدلس، ليس بشيء. وهو مولى مسعر بن كدام من أسفل.
- وسفيان بن عيينة. يكنى أبا محمد, مولى بني هلال بن عامر. مات سنة ثمان وتسعين ومائة.
سفيان بن عُيينة الإمام المشهور:
قال محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي عن يحيى بن سعيد القطان أنه قال: أشهد بالله أن سفيان بن عيينة اختلط سنة سبع وستين فمن سمع منه فيها فسماعه لا شيء.
قلت: عامة من سمع منه إنما كان قبل سنة سبع ولم يسمع منه متأخر في هذه السنة إلا محمد بن عاصم الأصبهاني ولم يتوقف أحد من العالمين في الاحتجاج بسفيان.
فهو من القسم الأول. بل لعل هذا لا يصح عن يحيى بن سعيد لأنه مات في صفر سنة ثمان وتسعين ولم يكن حينئذ بالحجاز والله أعلم.
سفيان بن عيينة
مشهور به
سفيان بن عيينة، قال الذّهبي في "التّاريخ": الحافظ. وقال في "الكاشف": ثبت حافظ إمام، وهو مجمع عليه عند أهل هذا الشّأن، متفق على حفظه، توفي سنة (198).
سفيان بن عيينة لكنه لم يدلس الا عن ثقة كثقته وحكى بن عبد البر عن أئمة الحديث انهم قالوا يقبل تدليس بن عيينة لانه إذا وقف أحال على بن جريج ومعمر ونظائرهما وهذا ما رجحه بن حبان وقال هذا شئ ليس
في الدنيا الا لابن عيينة فإنه كان يدلس ولا يدلس الا عن ثقة متقن ولا يكاد يوجد لابن عيينة خبردلس فيه الا وقد بين سماعه عن ثقة مثل ثقته ثم مثل ذلك بمراسيل كبار الصحابة وانهم لا يرسلون الا عن صحابي وقد سبق بن عبد البر أبو بكر البزار وأبو الفتح الازدي.
سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ
- سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ ويكنى أبا محمد. مولى لبني عبد الله بن روبية من بن هلال بن عامر بن صعصعة. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنِي سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ أَنَّهُ وُلِدَ سَنَةَ سَبْعٍ وَمِائَةٍ. وَكَانَ أَصْلُهُ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ. وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ عُمَّالِ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيِّ. فَلَمَّا عُزِلَ خَالِدٌ عَنِ الْعِرَاقِ وَوُلِّيَ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ الثَّقَفِيُّ طَلَبَ عُمَّالَ خَالِدٍ فَهَرَبُوا مِنْهُ فَلَحِقَ عُيَيْنَةُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ بمكة فنزلها. قال: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُونُسَ قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ: أَوَّلُ مَنْ جَالَسْتُ مِنَ النَّاسِ عَبْدُ الْكَرِيمِ أَبُو أُمَيَّةَ. جَالَسْتُهُ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً. وَمَاتَ فِي سنة ست وعشرين ومائة. وقال سُفْيَانُ: حَجَجْتُ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ ثُمَّ سَنَةَ عِشْرِينَ. قَالَ وَجَاءَنَا الزُّهْرِيُّ مَعَ ابْنِ هِشَامٍ الْخَلِيفَةِ سَنَةَ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَخَرَجَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. قَالَ وَسَأَلْتُهُ وَسَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عِنْدَهُ فَلَمْ يُجِبْنِي فِي الْحَدِيثِ. فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: أَجِبِ الْغُلامَ عَمَّا سَأَلَكَ. قَالَ: أَمَا إِنِّي أُعْطِيهِ حَقَّهُ. قَالَ سُفْيَانُ: وَأَنَا يَوْمَئِذٍ ابْنُ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً. قَالَ سُفْيَانُ: وَذَهَبَتْ إِلَى الْيَمَنِ سَنَةَ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ وَسَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ وَمَعْمَرٌ حَيٌّ. وَذَهَبَ الثَّوْرِيُّ قَبْلِي بِعَامٍ. قَالَ: أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ ابْنُ أبي أَخِي سُفْيَانَ قَالَ: حَجَجْتُ مَعَ عَمِّي سُفْيَانَ آخِرَ حَجَّةٍ حَجَّهَا سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ. فلما كنا بجمع وَصَلَّى اسْتَلْقَى عَلَى فِرَاشِهِ ثُمَّ قَالَ: قَدْ وَافَيْتُ هَذَا الْمَوْضِعَ سَبْعِينَ عَامًا أَقُولُ فِي كُلِّ سَنَةٍ: اللَّهُمَّ لا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ هَذَا الْمَكَانِ. وَإِنِّي قَدِ اسْتَحْيَيْتُ اللَّهَ مِنْ كَثْرَةِ مَا أَسْأَلُهُ ذَلِكَ. فَرَجَعَ فَتُوُفِّيَ فِي السَّنَةِ الدَّاخِلَةِ يَوْمَ السَّبْتِ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ رَجَبٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ. وَدُفِنَ بِالْحَجُونِ. وَكَانَ ثِقَةً ثَبْتًا كَثِيرَ الْحَدِيثِ حُجَّةً. وَتُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ إِحْدَى وَتِسْعِينَ سَنَةً.
سفيان بن عيينة أحد الأعلام
روى محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي عن يحيى القطان قال أشهد أنه اختلط سنة 197
قد ذكره أبو عمرو بن الصلاح فيمن اختلط
وقد استبعد ذلك الذهبي في ميزانه فقال وأنا أستبعده وأعده غلطا من ابن عمار فإن القطان مات في صفر سنة 98 وقت قدوم الحاج ووقت تحدثهم عن أخبار الحجاز فمتى تمكن يحيى بن سعيد من أن يسمع اختلاط سفيان ثم يشهد عليه بذلك والموت قد نزل به ثم قال فلعله بلغه ذلك في أثناء سنة سبع
[التعليق]
قلت: وسفيان بن عيينة بن أبي عمران أبو محمد الكوفي شيخ الإسلامي والحافظ الكبير أحد الأئمة الأثبات الذين أجمعت الأمة على الاحتجاج بهم مستغن عن التزكية لتثبته وإتقانه، أتقن وجود وجمع وصنف، كان يرحل إليه وأزدحم الخلق عليه وانتهى إليه علو الإسناد ربما دلس ولكن المعهود منه ألا يدلس إلا إن الثقات وكان أثبت الناس في عمرو بن دينار اختلط وتغير حفظه بآخره ذكره ابن الصلاح في علومه فيمن اختلط قال: سفيان بن عيينه وجدت عن محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي أنه سمع يحيى بن سعيد يقول: أشهد أن سفيان بن عيينة اختلط سنة سبع وتسعين فمن سمع منه في هذه السنة وبعد هذه فسماعه لا شيء قلت: توفي بعد ذلك بنحو سنتين سنة تسع وتسعين ومائة أهـ.
وقد استبعد الذهبي كلام القطان في اختلاط سفيان فقال في ميزانه: وأنا أستبعد هذا الكلام من القطان وأعده غلطاً من ابن عمار، فإن القطان مات في صفر سنة ثمان وتسعين وقت قدوم الحاج ووقت تحدثهم عن أخبار الحجاز فمتى تمكن يحيى بن سعيد من أن يسمع اختلاط سفيان ثم يشهد عليه بذلك والموت قد نزل به فلعله بلغه ذلك في أثناء سنة سبع مع أن يحيى متعنت جداً في الرجال وسفيان فثقة ملطقاً والله أعلم. أهـ. وأما ابن حجر فلم يستبعد ما استبعده الذهبي بل رأى أن التوفيق الصحيح هو أن يكون نبأ اختلاط ابن عيينة قد بلغ القطان سنة سبع عن طريق جماعة ممن حج في تلك السنة فقال في التهذيب: وهذا الذين لا يتجه غيره لأن ابن عمار من الأثبات المتقنين وما المانع أن يكون يحيى بن سعيد سمعه من جماعة ممن حج في تلك السنة واعتمد قولهم وكانو كثير فشهد على استفاضتهم وقد وجدت عن يحيى بن سعيد شيئاً يصلح أن يكون سبباً لما نقله عنه ابن عمار في حق ابن عيينة وذلك ما أورده أبو سعد بن السمعاني في ترجمة إسماعيل بن أبي صالح المؤذن من ذيل تاريخ بغداد بسند له قوي إلى عبد الرحمن بن بشر بن الحكم قال: سمعت يحيى بن سعيد يقول: قلت لابن عيينة تكتب الحديث وتحدث القوم وتزيد في إسناده أو تنقص منه فقال: عليك بالسماع الأول فإني قد سمنت. وقد ذكر ابن معين الرازي في زيادة كتاب الإيمان لأحمد أن هارون بن معروف قال له أن ابن عيينة تغير أمره بآخره وأن سليمان بن حرب قال له إن ابن عيينة أخطأ في عامة حديثه عن أيوب. انتهى. وأما الحافظ العراقي فقد تعقب ابن الصلاح فقال في التقييد والإيضاح: وفيه أمور (أحدها) : أن المصنف لم يبين من سمع منه في سنة سبع وتسعين وما بعدها وقد سمع منه في هذه السنة محمد بن عاصم صاحب ذاك الجزء العالي كما هو مؤرخ في ذاك الجزء المذكور. وهكذا ذكره أيضاً صاحب الميزان قال: فأما سنة ثمان وتسعين ففيها مات ولم يلقه فيها أحد فإنه توفي قبل قدوم الحاج بأربعة أشهر. قال: ويغلب على ظني أن سائر شيوخ الأئمة الستة سمعوا منه قبل سنة سبع. (الأمر الثاني) : أن هذا الذي ذكره المصنف عن محمد بن عبد الله بن عمار عن القطان قد استبعده صاحب الميزان فقال: وأنا أستبعده وأعده غلطاً من ابن عمار، فإن القطان مات في صفر من سنة ثمان وتسعين وقت قدوم الحاج ووقت تحدثهم عن أخبار الحجاز فمتى تمكن يحيى بن سعيد من أن يسمع اختلاط سفيان ثم يشهد عليه بذلك والموت قد نزل به. ثم قال: فلعله بلغه ذلك في أثناء سنة سبع. (الأمر الثالث) : أن ما ذكره المصنف من عند نفسه كونه بقي في الاختلاط نحو سنتين وهم منه وسبب ذلك وهمه في وفاته فإن المعروف أنه توفي بمكة يوم السبت أول شهر رجب سنة ثمان وتسعين قاله محمد بن سعد وابن زبر وابن قانع وقال ابن حبان يوم السبت آخر يوم من جمادى الآخره. أهـ.
سفيان بن عيينة
ذكر الكرابيسى أنه مدلس ، وأنه روى عن الزهرى، عن عبيد الله بن عبد الله، في حديث العسيف، عن زيد وأبى هريرة وشبل قال: ولا نعلم أحدًا يقول شبل غيره .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قال: وروى في حديث الزهرى، عن عبيد الله، عن زيد وأبى هريرة وشبل: "إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها". ولا يعلم أحد من أصحاب الزهرى يزيد شبلاً غيره .
وقال يحيى بن معين: إن سفيان قال في هذا الحديث شبل بن معبد، وأخطأ إنما هو شبل بن خالد، ويقولون شبل بن حامد .
قال: وروى عن الزهرى، عن عروة، عن زينب في حديث: "فتح اليوم من ردم
يأجوج ومأجوج مثل هذا" عن أربع نسوة.
قال: ولا يعلم أحد من أصحاب الزهرى رواه إلا عن ثلاث نسوة. قال الكرابيسى: وكان لا يرجع عن الخطأ إذا وقف عليه، وما رجع إلا عن خطأين لم يرجع عن غيرهما . قال: وأخطأ فى حديث زيد فرواه عن الزهرى، عن سالم، والناس يخالفونه يقولون: الزهرى عن عروة، وأقام عليه، فقيل له: إن مالكا ومعمرًا والناس يخالفونك فقال: كذلك حدثنا الزهرى .
قال: وأخطأ فى حديث الزهرى، عن حميد بن عبد الرحمن، عن عبد الرحمن بن عبد القارئ : أن عمرًا طاف بالبيت. فرواه عن الزهرى عن عروة .
قال: وأخطأ فى حديث الزهرى، عن عبيد الله، عن ابن عباس أن النبى - صلى الله عليه وسلم - صلى بمنى، فجئت أنا والفضل على حمار. فقال: صلى بعرفة، فقيل له فى ذلك وأخبره بكره
المخالفين له، فلم يلتفت إليهم . قال: وقيل له فى هذا الحديث أو فى غيره يخالفك مالك، ومعمر، وابن أبى ذئب وغيرهم. فقال: هوُلاء أحفظ مِنىِّ، هكذا سمعت الزهرى . قال: وروى عن عمرو [ /أ] بن دينار سبعمائة .
قال: وأخطأ فى حديث يحيى، عن بشير، عن سهل بن أبى حثمة: أن النبى - صلى الله عليه وسلم - بدأ بالمدعا عليهم . فخالفه مالك، وعباد، وحماد، وابن إسحاق. فرواه ابن إسحاق عن بشير بنى سهل قال: خرج عبد الله بن سهل، حدثنى حارثة فى نفر من بنى حارثة إلى خيبر يمتارون، ثم ساق الحديث، وأنَّ النبى - صلى الله عليه وسلم - بدأ بالمدعيين للدم فقال: تسمون القاتل وتحلفون خمسين يمينًا .
قال: وأخطأ فى حديث سالم بن أبى النضر، عن بشر بن سعيد، أرسله أبو جهم إلى زيد بن خالد، وإنما الحديث أرسله زيد بن خالد إلى أبى جهم، وقد خالفه فى ذلك مالك، والثورى عنهما .
قال: وأخطأ فى حديث الأعمش، عن عمارة، عن أبى معمر، عن خباب قال: شكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرّ الرمضاء، فلم يُشْكِنَا .
وإنما هو الأعمش عن أبى إسحاق عن زيد بن وهب.
قال: وأخطأ فقال: عمار الذهنى، عن مسلم البطين سمع عمرو بن ميمون، صحبت ابن مسعود ثمانية عشر شهرًا فلم يحدث حديثًا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وقال ابن عون: عن مسلم، عن إبراهيم التيمى، عن أبيه، عن عمرو بن ميمون هذا
الحديث .
قال: وأخطأ فى حديث أبى بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، سمعت عائشة، وأم سلمة تذكران: أنّ النبى - صلى الله عليه وسلم - "كان يصبح جنبًا فيصوم" .
وإنما يحدث به الناس عن أبى بكر، فبعث أبى كريبًا فجاءنا فأخبرنا عن أم سلمة.
قال: فترك ابن عيينة سمعت فى هذين الحديثين لا نعلمه ترك شيثًا أخطأ فيه غيرهما. قال الكرابيسى: سمعت معلى بن منصور يخبر بذلك.
عمرو بن جرير أو غيره قال: سمعت الحسن ابن أخى ابن عيينة يقول: سمعت عمى يقول: إنما تركت المجلس تأثمًا، يعنى: من قبل الحسن بن عمارة؛ لئلا يروى عنه ما روى من المنكر.
قال: ثم روى عنه يمنا على رؤس الناس .
على بن المدينى قال: سمعت يحيى بن سعيد، يقول: مرسلات ابن عيينة شبه الريح. ثم قال: أى والله وسفيان الثورى .
قال إبراهيم بن المنذر: سمعت ابن عيينة يقول: أخذ مالك، ومعمر، عن الزهرى عرضًا وأحدث سماعًا. فقال: يحيى بن معين: لو أخذا كتابًا لكانا أثبت منه، يعنى ابن عيينة .
الحميدى: حدثنا سفيان، حدثنا عاصم [ /ب] بن عبيد الله العمرى، عن عبد الله ابن عامر بن ربيعة، عن أبيه، عن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تابعوا بين الحج والعمرة، فإن متابعة ما بينهما يزيدان فى الأجل، وتنفيان الفقر والذنوب كما ينفى الكير الخبث" .
قال: قال سفيان: ربما سكتنا عن هذه الكلمة: "تزيدان فى الأجل". فلا نحدث بها مخافة أن تحتج بها هؤلاء القدرية .
فأخبر كما يُرى بأنه ربما خنس بعض الحديث وجاء ببعضه على حسب ما له فى ذلك من الهوى .
الحميدى: حدثنا سفيان، حدثنا عاصم بن كليب، قال: سمعت ابن أبى موسى الأشعرى، قال: سمعت عليًّا وبعث أبا موسى وأمره بشئ، ثم ذكر الحديث.
قال: وكان سفيان يحدث به عن عاصم بن كليب، عن أبى بكر بن أبى موسى، فقيل له: إنما تحدثونه عن أبى بردة بن أبى موسى، قال: أما ما حفظت أنا فعن أبى بكر، فإن خالفونى فاجعلوه عن ابن أبى موسى، فكان سفيان بعد ذلك ربما قال: عن ابن أبى موسى، وربما ينسى فحدث به عن أبى بكر .
على بن المدينى قال: قال يحيى بن سعيد: مرسلات ابن عيينة شبه الريح .
الحسن بن عيسى صاحب ابن المبارك قال: قال سفيان بن عيينة يومًا: الزهرى فقال رجل: قل حدثنا يا أبا محمد.
فقال معمر: عن الزهرى. فقال الرجل: قل حدثنا. فقال: حدثنى ابن المبارك، عن
معمّر، عن الزهرى، أما إنك لو سكت لكان خيرًا لك .
ابن أبى خيثمة، حدثنا أبو الفتح قال: سُئل سفيان بن عيينة عن الصلاة خلف القدرى فقال: إن وجدت من تصلى خلفه اغيره فهو أحب إلىّ، وإن صليت خلفه فلا بأس .
هذا أبقاك الله، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "القدرية مجوس هذه الأمة" .
قال الواقدى: روى سفيان بن عيينة، عن يحيى بن سعيد، عن سليمان بن يسار،
قال: جلست إلى بضعة عشر رجلاً من أصحاب النبى - صلى الله عليه وسلم - يقولون بالوقوف فى الإيلاء بعد الأربعة أشهر. قال: وهذا غلط إنما هو عن سليمان بن يسار موقوف. والذى روى عنه أنه قال: جلست إلى بضعة عشر رجلاً ثابت بن عبيد. روى ذلك عن سليمان موقوفًا: عاصم بن عمر بن حفص، وسليمان بن مالك، وابن أبى سبرة، وعبد العزيز بن محمد، عن يحيى بن سعيد، عن سليمان .
قال: وروى عن يزيد [ / أ] بن الهاد، عن عمارة بن خزيمة، عن أبيه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الله لا يستحى من الحق، لا تأتوا النساء فى أدبارهن أعاجزهن" .
قال: وهذا غلط؛ روى سليمان بن مالك، وعبد الله بن جعفر، وابن أبى سبرة، وعاصم بن عمر، وعبد العزيز بن محمد، وعمر بن طلحة الليثى، وسعد بن أبى زيد، عن يزيد بن الهاد، عن عبيد الله بن عبد الله الوائلى، عن هرم بن عبد الله الواقفى، عن خزيمة، عن النبى - صلى الله عليه وسلم - بذلك .
* * *

قال: وروى عن أبى حازم، عن أبى سلمة بن عبد الرحمن، عن أبى سعيد الخدرى فى قوله: {مَعِيشَةً ضَنْكًا} [طه: ].
قال: عذاب القبر. وهذا غلط فى أبى سلمة؛ إنما هو عن النعمان بن أبى عياش الزرقى، عن أبى سعيد الخدرى. وروى ذلك الثورى، وابن أبى حازم، وسليمان بن مالك وعبد العزيز الدراوردى، وابن أبى سبرة، وعبد الله بن جعفر، عن أبى حازم، عن النعمان. بن أبى عياش الزرقى، عن أبى سعيد الخدرى بذلك.
قال: وروى عن أبى يزيد المدينى، عن عمر بن الخطاب قال: اخلعهما خير من قرطها. قال: وهذا غلط بين حديثا الثورى، ومعمر، وابن علية، وحماد بن زيد، عن أبى بكر كثير مولى سمرة بن جندب، عن عمر بذلك.
قال يحيى بن معين: روى سفيان بن عيينة، عن إبراهيم بن عقبة، عن ابن عباس، عن أسامة: أن النبى - صلى الله عليه وسلم - أردف. قال: وقد أخطأ إنما هو عن كريب سمعه من أسامة نفسه.
قال: وروى حديث أبى البَّداح بن عاصم بن عدى، عن أبيه، عن النبى - صلى الله عليه وسلم -: رخص للرعاة بأن يرموا يوما ويدعوا يوماً .
فأخطأ، والحديث هو ما رواه مالك بن أنس: أن النبى - صلى الله عليه وسلم - رخص للرعاة أن يرموا الجمار ليلاً .
قال يحيى: سمعت حميداً يقول: إنما سمع ابن عيينة من أبى إسحاق بعد أن أحدث على السرج، وقد حكينا القصة عند ذكرنا أبا إسحاق.
قال صالح الأحمر: حضرت ابن عيينة فقال له عدة من أصحاب الحديث: اتخذت الزهرى وعمرو بن دينار حانوتى غلة، إنما يحدث هؤلاء الخصيان، ثم قالوا: يا أبا محمد حدثنا بدرهمين، فقال: وجدتم مقالاً. تقولوا قال. السباك وسمعت غير صالح يقول قال ابن عيينة هل رأيتم صاحب عيال أفلح .
[/ ب] إبراهيم بن نصر النيسابورى قال: رأيت سفيان وقد غلطوه فى حديث فقال: قد كبرت ونسيت، عليكم بوكيع الذى خلق للحديث أو للعلم
سفيان بن عيينة
قال الأثرم: قال أبو عبد اللَّه: سبحان اللَّه، ما أعلم ابن عيينة بعمرو بن دينار! أعلم الناس به ابن عيينة. وذكر علم شعبة، وأيوب، وابن جريج.
قلت له: فأي الناس أعلم به؟
فقال: ما أعلم أحدًا به من ابن عيينة.
قيل له: كان ابن عيينة صغيرا.
قال: وإن كان صغيرًا، فقد يكون صغير كيس.
"سؤالات الأثرم" (37)

وقال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: ولد سفيان بن عيينة سنة سبع
ومئة، وقدم الزهري للحج في سنة ثلاث وعشرين، فرجع من الحج، ومات سنة أربع.
قيل له: وأبو إسحاق؟
فقال: أبو إسحاق -يعني: السبيعي- مات سنة تسع وعشرين.
"سؤالات الأثرم" (40)

وقال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه، وعنده أبو بكر الطالقاني صاحب ابن المبارك، فسأل أبا عبد اللَّه عن تفسير "من غسل واغتسل" (1)؛ فقال: لو كانت (غسَّل) كانت أبين: فأما من قال: "غَسَلَ واغتسل" فهو عندي يشبه ما فسر سفيان بن عيينة (حل وبل). قال: (حل): محلل، كأنه كلام مكرر، مثل: "وبكر وابتكر" كلام مكرر.
ذكر أبو عبد اللَّه: أن ابن عيينة كان يفسر فيحسن التفسير، سمعته يفسر قوله: "وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما" (2) قال: منهم وأهلا. ورأيت هذا يعجب أبا عبد اللَّه.
قال: رواه عن مالك بن مغول.
سمعت أبا عبد اللَّه ذكر سفيان بن عيينة فقال: ما رأينا مثله.
"سؤالات الأثرم" (67)

وقال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه ذكر حديث "أَخِّروا الأحمال" (3)؛
فقال: كان سفيان -يعني: ابن عيينة- يرويه عن وائل بن داود، عن ابنه، عن الزهري.
"سؤالات الأثرم" (74)

قال صالح: سمعت أبي يقول: دخل سفيان بن عيينة على معن بن زائدة وهو باليمن ولم يكن سفيان تلطخ بشيء من أمر السلطان بعد، فجعل سفيان يعظه ويذكر له أمر المسلمين فجعل معن يقول له: أبوهم أنت، أخوهم أنت.
"مسائل صالح" (130)

وقال صالح: قال أبي: ما رأيت أحدًا أعلم بالسق من سفيان بن عيينة.
"مسائل صالح" (1321)

وقال صالح: قال أبي: سفيان بن عيينة، أبو محمد.
"الأسامي والكنى" (426)

قال صالح: سمعت أبي يقول: وخرجت إلى سفيان بن عيينة في سنة سبع وثمانين.
"سيرة الإمام أحمد" ص 32

قال صالح: حدثنا أبي قال: حدثنا عفان قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: سألت شعبة، وسفيان بن سعيد، وسفيان بن عيينة، ومالك بن أنس عن الرجل الذي لا يحفظ، أو يتهم في الحديث قالوا جميعًا: بيِّن أمره.
"العلل" رواية المروذي وغيره (311)
قال أبو داود: حدثنا أحمد، حدثنا سفيان، حدثنا يحيى -وهو ابن سعيد الأنصاري- سنة أربع وعشرين، ومعنا رجل من أهل اليمامة، يقال له: إبراهيم بن طريف، فقال إبراهيم: أخبرني حميد بن يعقوب وهو حي بالمدينة. قال سفيان: فقدمت المدينة، فقالوا: هو مريض لا يخرج.
"سؤالات أبي داود" (6)

وقال أبو داود: سمعت ابن حنبل ذكر ابن عتيق، قال: قرئ على سفيان، اسمه سليمان بن عتيق، قال سفيان: رجل من أهل مكة.
"سؤالات أبي داود" (15)

وقال أبو داود: سمعت أحمد يقول: كان الثوري أسن من ابن عيينة بعشر سنين.
"سؤالات أبي داود" (19)

وقال أبو داود: سمعت أحمد قال: قال سفيان -يعني: ابن عيينة: الفرافصة ختن عثمان، تزوج ابنته، وهو غير الفرافصة بن عمير الحنفي.
"سؤالات أبي داود" (39)

وقال أبو داود: وسمعته قال: الفضل بن عيسى الرقاشي، حدث عن ابن عيينة، هو ابن أخي يزيد الرقاشي.
"سؤالات أبي داود" (117)

وقال أبو داود: سمعت أحمد، وعثمان بن أبي شيبة، والحسن بن علي، وهذا لفظه، كلهم يذكره عن عفان، عن يحيى بن سعيد قال: سألت سفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، ومالك بن أنس، وشعبة بن الحجاج، عن الرجل يغلط في الحديث أو يكذب فيه؟ قالوا: بيِّن أمره، بَيِّن أمره.
"سؤالات أبي داود" (134)
وقال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل قال: قال ابن عيينة: شهدت أبا الزبير يقرأ عليه صحيفة.
فقلت لأحمد: هي هذِه الأحاديث، يعني: صحيفة سليمان -وهو اليشكري- التي في أيدي الناس عنه؟ قال: نعم.
"سؤالات أبي داود" (213)

وقال أبو داود: سمعت أحمد يقول: سفيان أسند عن عمرو بن دينار، وعند ابن جريج رأيه.
سمعت أحمد يقول: أثبت الناس في عمرو بن دينار، ابن عيينة، ثم ابن جريج.
"سؤالات أبي داود" (220)

وقال أبو داود: سمعت أحمد قال: الحارث بن عمير، من أصحاب أيوب ثقة ثقة، كان إسماعيل حدثنا عنه، وابن عيينة يحدث عنه.
"سؤالات أبي داود" (233)

وقال أبو داود سمعت أحمد يقول: بلغني أن ابن وهب جاء إلى ابن عيينة، فقال: يا أبا محمد، ما عرض عليك ابن أختي أول أمس، هو لي سماع.
"سؤالات أبي داود" (255)

وقال أبو داود: سمعت أحمد قال: سماع ابن عيينة عنه مقارب -يعني: من عطاء بن السائب- سمع بالكوفة.
"مسائل أبي داود" (1847)

وقال أبو داود: سمعت أحمد ذكر حديث إسماعيل، عن قيسٍ: أن خالدًا شرب السم فلم يضره، فقال: حدث به جعفر بن عونٍ -يعني:
عن إسماعيل، ثم رجع عنه.
قال أحمد: لم يسمعه من أحدٍ عن إسماعيل غير ابن عيينة.
"مسائل أبي داود" (1858).

وقال أبو داود: سمعت أحمد يقول: سمع ابن عيينة من سلمة بن وهزام حديثين.
"مسائل أبي داود" (1980)

وقال أبو داود: سمعت أحمد ذكر حديث ابن عيينة عن عليِّ بن زيدٍ، عن الحسن، عن ابن مغفلٍ: "الدجالُ قد أكل الطعام ومشى في الأسواق" (1)؟
قال أحمد: اختلفوا على سفيان -يعني: ابن عيينة- فيه؛ وما أراه إلا من سفيان -يعني: اضطرابه فيه.
"مسائل أبي داود" (2007).

قال ابن هانئ: قال أحمد: ولد ابن عيينة سنة سبع ومائة.
"مسائل ابن هانئ" (2080)

قال ابن هانئ: قال أحمد: مات ابن عيينة سنة ثمان وتسعين ومائة.
"مسائل ابن هانئ" (2089)

وقال ابن هانئ: وسمعته يقول: مات سفيان، وعبد الرحمن بن مهدي، ويحيى بن سعيد القطان وأنا باليمن سنة ثمان وتسعين، ومات
يحيى في أول السنة.
"مسائل ابن هانئ" (2119)

وقال ابن هانئ: قال أبو عبد اللَّه: روى سفيان بن عيينة، عن محمد بن المرتفع، قصة الشفع والوتر.
"مسائل ابن هانئ" (2229)

قال ابن أبي خيثمة: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ولد ابن عيينة سنة سبع ومائة.
"تاريخ ابن أبي خيثمة" (992)

قال حرب: قال أحمد: روى وكيع عن سفيان بن عيينة {مِنْ صَيَاصِيهِمْ} [الأحزاب: 26]، فلم يحفظ سفيان. وروى أبو معاوية عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد {يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا} [الطور: 9]، فلم يحفظ سفيان.
قيل لأحمد: وعمرو بن دينار عن عمر بن عبد العزيز في طلاق المكره أو السكران، وابن علية يرويه عنه؟
قال: نعم، فلم يعرفه سفيان.
ثم قال: وهذا كثير عن سفيان.
"مسائل حرب" ص 454

وقال حرب: قال أحمد: روى ابن عيينة عن جدته، وروى معتمر، عن أمه، عن أخته.
"مسائل حرب" ص 471

وقال حرب: قيل لأحمد: ابن عيينة أكثر في عمرو بن دينار، أو ابن جريج، فقال: عند ابن عيينة عن عمرو ما ليس عند أحد كثرة.
"مسائل حرب" ص 474
وقال حرب: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: أقل من جلسنا إليه يشبه سفيان -يعني: ابن عيينة- في العلم.
"مسائل حرب" ص 480

وقال حرب: قيل لأحمد: رأي الزهري أحب إليك أو رأي إبراهيم والشعبي، قال: كان ابن عيينة يختار رأي الزهري.
"مسائل حرب" ص 482

وقال حرب: قال أبو عبد اللَّه: ولد سفيان بن عيينة سنة سبع.
قال: وحج الزهري بنفسه ثلاث وعشرين -يعني: ومائة- ولابن عيينة ستة عشر سنة.
قال: ومات عطاء سنة أربعة عشر.
"مسائل حرب" ص 494

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: قيل لسفيان: إنَّ مالكًا يقوله عن حميد، ليس فيه شك، عن أبي سلمة.
قال أبي: سمعتُ من سفيان -أربع مرار- حديث أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من صام رمضان" (1)، قال سفيان مرة: "من قام رمضان" (2).
"العلل" رواية عبد اللَّه (104).

قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا سفيان، عن الزهري قال: إذا أتاها قبل أن يكفر كفر مرتين. قيل له: سمعته من الزهري؟ قال: لا.
"العلل" رواية عبد اللَّه (163).
قال عبد اللَّه: قال أبي: سفيان أثبت الناس في عمرو بن دينار وأحسنه حديثًا.
"العلل" رواية عبد اللَّه (166)

قال عبد اللَّه: قال أبي: وقرئ على سفيان: أن رجلًا صام في السفر، فأمره عمر أن يعيد الصيام.
"العلل" رواية عبد اللَّه (169).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا سفيان قال: حدثنا عمرو بن يحيى بن عمارة بن أبي حسن المازني، عن أبيه، عن عبد اللَّه بن زيد أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- توضأ (1)، قال سفيان: حدثنا يحيى بن سعيد عن عمرو بن يحيى منذ أربع وسبعين سنة، فسألت بعد ذلك بقليل، فكان يحيى أكبر منه.
قال أبي: قال سفيان: سمعت منه ثلاثة أحاديث.
قال أبي: وسمعت أنا هذا الحديث من سفيان ثلاث مرار.
قال أبي: قال سفيان: لم أسمع منه حديث عمرو بن يحيى عن أبيه، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الحمال والمقبرة (2).
قال أبي: قد حدثنا به سفيان، دلّسه.
"العلل" رواية عبد اللَّه (176).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا ابن عيينة قال: لم أحفظ عن ابن عروة عثمان إلا واحدًا، وقال لي: هشام يخبر به عني.
"العلل" رواية عبد اللَّه (177).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا سفيان مرتين عن ابن عجلان، عن عياض بن عبد اللَّه بن سعد بن [أبي] سرح سمع أبا سعيد، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وكل ما ينبت الربيع يقتل حبطًا" (1). قال سفيان: كان الأعمش يسألني عن حديث عياض، حديث ابن عجلان -يعني: هذا الحديث.
"العلل" رواية عبد اللَّه (193).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا سفيان قال: حدثنا يحيى -يعني: ابن سعيد- في سنة أربع وعشرين في ذاك الموضع -لموضع من المسجد الحرام- معنا رجل من أهل اليمامة يقال له: إبراهيم بن طريف، قال: أخبرني ابن سعيد بن المسيب أن أباه كان إذا رأى البيت قال: اللهم أنت السلام، ومنك السلام حينا ربنا بالسلام.
قال إبراهيم: أخبرني حميد بن يعقوب وهو حي بالمدينة، قال: سمعت سعيدًا يقول: سمعت من عمر كلمة ما بقي، قال سفيان: وقال مرة: حي غيري، سمعته يقول حين رأى الكعبة: اللهم أنت السلام ومنك السلام حينا ربنا بالسلام.
قال سفيان: فقدمت المدينة، فقالوا: هو مريض لا يخرج -يعني: حميد بن يعقوب.
"العلل" رواية عبد اللَّه (197)
وقال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: حدثنا يومًا ابن عيينة بحديث عاصم، عن زر، عن صفوان في المسح على الخفين، فقال: حدثنا عاصم سمع زرًا: أتيت صفوان، ثم قال سفيان: من بقي يحدث بهذا عن عاصم.
قال أبي: فلما انتهى إلى موضع المسح قال: كنا إذا كنا سفرًا أو مسافرين، ارتجَّ شك، ثم قال: أرانا أخذنا بما قلنا.
"العلل" رواية عبد اللَّه (722)

وقال عبد اللَّه: قال أبي: قال لي شعيب بن حرب: أعطني كتاب ابن عيينة عن الزهري، فأتيته بكتابي فجئت بعد آخذ الكتاب منه، فمر بحديث، فقال: سفيان سمع هذا من الزهري؟ فسكتُّ، أو قلت: لا أدري.
"العلل" رواية عبد اللَّه (750)

وقال عبد اللَّه: ذُكر لأبي أن ابن عيينة قال: ألقي إلى كتاب إن حدثت به قتلناك -يعني: حديث عمار الدهني في بني ناجية (1).
قال أبي: يقال أن إبراهيم بن عرعرة كتب بذاك الكتاب إلى سفيان بن عيينة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (964)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: قال سفيان: خرجت جدتي مع محمد ابن مزاحم أخي الضحاك.
حدثني أبي قال: ذُكر لسفيان جدته فقال: قالت -يعني: يوم قتل الحسين: صار اللحم كدًّا، وصار الورس أسود.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1019).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا سفيان قال: ابن الأصم يخبرنا قال: نزل علينا بالرقة -يعني: عرّاف اليمامة- فكان يأتيه فينظر في أمره فيقول: بكذا كذا وكذا.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1041).

وقال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: سمعت سفيان يقول: قال الكوفيون: خرج في العشر -يعني: الحسين بن علي.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1549).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا سفيان قال: كان ابن عمر ابن عشرين سنة يوم دخل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الكعبة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1551).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا سفيان قال: ذُكر عن آدم بن علي قال: وقد رأيته ولم أسمع منه.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1561)

وقال عبد اللَّه: سمعته يقول: كانت لحية سفيان بن عيينة إلى الطول ما هي.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1653)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا سفيان بن عُيَينة قال: حدثنا يحيى بن سعيد عن عمرو بن يحيى منذ أربع وسبعين سنة، فسألته بعد ذلك بقليل، وكان يحيى أكبر منه، قال سفيان: سمعت منه ثلاثة أحاديث. قال أبي: حديث "الأرض كلها مسجد إلا الحمام والمقبرة"، قال سفيان: لم أسمعه منه.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1831)
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: سمعت ابن عيينة يقول: كانوا يحدثونه -يعني: التشهد- عن عبد اللَّه، قال سفيان: ولم أسمعه منهم.
"العلل" رواية عبد اللَّه (2315)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: سمعت ابن عُيَينة يقول: الآطام: القصور، والصياصي: الحصون.
"العلل" رواية عبد اللَّه (2429)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا سفيان بن عيينة قال: كان عمرو، وأبو الزبير لا يخضبان.
وابن أبي نجيح والأعمش لا يخضبان، وأبو حصين أبيض الرأس واللحية.
"العلل" رواية عبد اللَّه (2438)

وقال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: ولد سفيان بن عيينة سنة سبع ومائة ومات سنة ثمان وتسعين ومائة. جاءنا موته ونحن باليمن، ومات وهو ابن إحدى وتسعين سنة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (2439)

وقال عبد اللَّه: ومات ابن عيشة بعده -أي: وكيع- في سنة ثمان وتسعين في رجب، جاءنا موته عند عبد الرزاق.
سمعت أبي يقول: في السنة التي فارقناه فيها وذهبنا إلى عبد الرزاق.
وقال: سمعت سفيان سئل عن أحاديث قد نسيها وكان يحفظها قبل ذلك، فقال للذي يسأله: قل أنت. فيقول ابن عيينة: هو كذا. فاحتج بهذِه الآية {فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة: 282].
"العلل" رواية عبد اللَّه (2441)، (4223)، (4224)
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: قال ابن عيينة: رأيت الثوري في النوم فقال لي: أقِلَّ من معرفة الناس.
"العلل" رواية عبد اللَّه (2458)

وقال عبد اللَّه: قال أبي: سمعت سفيان بن عيينة يقول: من يزرع خيرًا يحصد غبطة، ومن يزرع شرًّا يحصد ندامة، تفعلون السيئات وترجون أن تجزوا الحسنات، أجل، كما يجنى من الشوك العنب!
"العلل" رواية عبد اللَّه (2661)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: سمعت سفيان بن عيينة يقول: "وأنعما" قال: وأهلا، قال: يعني: في حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "إن أبا بكر وعمر منهم وأنعما" (1).
"العلل" رواية عبد اللَّه (2682)

وقال عبد اللَّه: وجدت في كتاب أبي بخط يده: مات سفيان بن عيينة في رجب، وعبد الرحمن بن مهدي فيها سنة ثمان وتسعين، ومات يحيى في أولها، ووكيع سنة ست، ومات في الطريق أول سنة سبع وتسعين ومائة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3796)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا ابن عيينة قال: كنتُ أقول لهم: هاتوا أيش عندكم؟ فيجيؤني بإبراهيم، قال سفيان فنغلبهم -يعني: بالإسناد.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4208)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا ابن عُيينة قال: لم أسمعه -يعني: حديث التشهد- وقرئ عليه منصور والأعمش، عن أبي وائل،
لكنهم كانوا يحدثونه ولم أسمعه منهم.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4609)

وقال عبد اللَّه: قال أبي: لم يسمع سفيان حديث عبد اللَّه في التشهد.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4610)

وقال عبد اللَّه: سمعته يقول: وافيت سفيان أربعة مواسم كل ذلك أسمع منه وأقمت بمكة سنة، وأول سنة حججت سنة سبع وثمانين، سنة مات فضيل، قدمنا وقد مات فضيل، والثانية سنة إحدى وتسعين ومائة، وحج الوليد بن مسلم، ثم حج الوليد بعد سنة أربع ولم ألقه في تلك السنة يعني: سنة أربع.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4611)

وقال عبد اللَّه: سمعت أبي قال: قال ابن عيينة: محمد والخميس -يعني: والجيش.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4618)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عفان قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: سألت شعبة وسفيان بن سعيد، وسفيان بن عيينة ومالك بن أنس عن الرجل لا يحفظ أو يتهم في الحديث، فقالوا لي جميعا: بيِّن أمره.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4684)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن حصين، عن ابن خليدة: كان ابن عمر لو مشت نملة إلى الصلاة لم يسبقهما.
سمعت أبي يقول: هذا حديث أبي سنان ضرار، أخطأ سفيان، وليس من حديث حصين.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4735)، (4736)
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا سفيان، عن عطاء بن السائب، عن عرفجة قال: كنا عند عتبة بن فرقد فذكروا شهر رمضان فقال: ما سمعتم؟ سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار وتغل فيه الشياطين. وينادي مناديًا يا باغي الخير هلم ويا باغي الشر أقصر" (1).
سمعت أبي يقول: كان سفيان يخطئ في هذا الحديث؛ لم يسمعه عُتبة من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، رجل حدث عتبة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4738)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: قال سفيان: ما أحفظه إلا عن سالم -يعني: حديث زبرا، حديث الزهري.
"العلل" رواية عبد اللَّه (5485)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: قال سفيان: حفظته أنا -يعني: من الزهري- قال: أخبرنا أبو بكر بن عُبيد اللَّه -يعني: "إذا أكل أحدكم" (2).
"العلل" رواية عبد اللَّه (5486)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: قال سفيان قال: حفظناه من سعيد "إذا أمن القارئ" (3)، فقال: إنما نحفظه عن سالم -يعني: "الشؤم في ثلاث" (4).
"العلل" رواية عبد اللَّه (5487)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: قال سفيان لم أسمعه، ثم قال: عن
سالم: لا صيام لمن لم يجمع (1) -يعني: الزهري.
"العلل" رواية عبد اللَّه (5488)

وقال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: كانت [. . .] (2) سفيان لا يبصر بها، قال: وكنت أجلس مما يليها حتى لا يراني أكتب، قال: وكانت معه عصا، وكان إذا رأى أحدًا يكتب؛ أشار بها إليه فيجيء فيمنعه.
قال: وما رأيت سفيان أملى علينا إلا حديثًا واحدًا، حديث أبي سعد البقال فإنه أملاه علينا إملاءً.
قلت: لم؟ قال: لضعف أبي سعد.
"العلل" رواية عبد اللَّه (5683)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: أخبرنا إبراهيم بن مهدي قال: سمعت حماد بن زيد يقول: رأيت سفيان بن عيينة غلامًا له ذؤابة ومعه ألواح عند عمرو بن دينار.
"العلل" رواية عبد اللَّه (5718)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: ذُكر لسفيان حديث الزهري عن جعفر بن عمرو بن أمية في الوضوء مما مست النار (3)، قال: ليس هو
مما حفظت عن الزهري.
"العلل" رواية عبد اللَّه (5961)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: سمعت سفيان قال: صلى صهيب على عمر؛ لأن عمر أمر صهيبًا أن يصلي بالناس حتى يجتمعوا على رجل.
"العلل" رواية عبد اللَّه (5963)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: سمعت سفيان يقول: أصعل: صغير الرأس. أصمع: صغير الأذن.
"العلل" رواية عبد اللَّه (5965)

قال الفضل بن زياد: سمعت أبا عبد اللَّه وذكر سفيان بن عيينة، فقال: أخرجه أبوه إلى مكة وهو صغير، فسمع من الناس، عمرو بن دينار وابن أبي نجيح في الفقه، ليس تضمه إلى أحد -يعني: أقرانه- إلا وجدته مقدمًا.
"المعرفة والتاريخ" 2/ 158

وقال الفضل بن زياد: سئل أحمد بن حنبل، قيل له: سفيان الثوري كان أحفظ أو ابن عيينة؟
فقال: كان الثوري أحفظ وأقل الناس غلطًا، وأما ابن عيينة فكان حافظًا؛ إلا أنه كان إذا صار في حديث الكوفيين كان له غلط كثير، وقد غلط في حديث الحجازيين في أشياء.
قيل له: فإن فلانًا يزعم أن سفيان بن عيينة كان أحفظهما، فضحك ثم قال: فلان حسن الرأي في ابن عيينة.
"المعرفة والتاريخ" 2/ 163 - 164، "تاريخ بغداد" 9/ 170

قال الفضل بن محمد: حدثنا أحمد بن حنبل قال: قرأ سفيان بن عيينة -وأنا شاهد- الزهري عن عبيد اللَّه عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-؟ {مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ}؟ قال: كسبه ولده.
قال أحمد بن حنبل: لم يذكر لنا ابن عيينة سماعه فيه ثم بلغني أنه سمعه من عمر بن حبيب.
"المستدرك" للحاكم 2/ 539

قال حنبل بن إسحاق: قال أبو عبد اللَّه: وكنا عند عبد الرزاق باليمن فجاءنا موت سفيان بن عيينة سنة ثمان وتسعين ومائة.
"مناقب الإمام أحمد" لابن الجوزي ص 46

قال داود بن عمرو: سمعت أحمد بن حنبل، يقول: سمعت سفيان بن عيينة يقول: "وأنعما". قال: وأهلا -قلت: الإشارة إلى الحديث المعروف "وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما".
"مناقب الإمام أحمد" ص 118

قال المروذي: وقال: رحم اللَّه سفيان ما كان أفقهه في القرآن وكان له علم.
"بدائع الفوائد" 3/ 103
ومن العلماء الجهابذة النقاد بمكة سفيان بن عيينة
وهو ابن عيينة بن أبي عمران الهلالي مولى لهم أبو محمد كوفي سكن مكة.

باب ما ذكر من علم سفيان بن عيينة وفقهه
حدثنا عبد الرحمن ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل فيما كتب إلي قال أنا داود بن عمرو قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: كان سفيان ابن عيينة من أعلم الناس بحديث الحجاز.
حدثنا عبد الرحمن نا الربيع بن سليمان المرادي قال سمعت الشافعي يقول: لولا مالك وسفيان لذهب علم الحجاز.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا أحمد بن خالد الخلال قال سمعت الشافعي يقول سمعت الزنجي مسلم بن خالد يقول: أنا سمعت هذه الأحاديث من الزهري بعقل ابن عيينة لا بعقلي، قال وذاك إني كنت أجلس إلى الزهري فيقول: ما اسم هذا الجبل؟ ما اسم هذا الشعب؟ قال وجاء سفيان فسأله عن [هذه - 1] الأحاديث فسمعتها بعقله لا بعقلي.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا حرملة بن يحيى أبو حفص التجيبي قال سمعت الشافعي يقول: ما رأيت أحدا من الناس فيه من آلة العلم ما في
سفيان بن عيينة، وما رأيت (10 ك) أحدا أكف عن الفتيا منه، ما رأيت أحدا أحسن لتفسير الحديث منه.
حدثنا عبد الرحمن نا يونس بن عبد الأعلى الصدفي المصري قال قال الشافعي: مالك وسفيان قرينان.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل قال قال أبي: ما رأيت أحدا كان أعلم بالسنن من سفيان بن عيينة.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان الواسطي نا موسى بن داود قال سمعت عثمان بن زائدة (1) الرازي - وكان رجلا صالحا قال قدمت الكوفة فقلت لسفيان الثوري من ترى أن أسمع منه؟ قال: عليك بزائدة بن قدامة وسفيان بن عيينة.
حدثنا عبد الرحمن نا حجاج بن حمزة نا علي بن الحسن بن شقيق نا عبد الله بن المبارك قال سئل سفيان الثوري عن سفيان بن عيينة فقال: ذاك احد الا حدين، يقول ليس له نظير.
حدثنا عبد الرحمن نا الحسن بن علي بن مهران المتوثي قال سمعت علي بن بحر بن بري قال سمعت عبد الله بن وهب يقول: لا أعلم أحدا أعلم بتفسير القرآن من سفيان بن عيينة.
حدثنا عبد الرحمن قال قرئ على العباس بن محمد الدوري قال سمعت يحيى بن معين يقول: ابن عيينة أكبرهم في عمرو بن دينار وأرواهم عنه.
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن الهسنجاني قال سمعت نعيم بن حماد يقول: كان ابن عيينة من أعلم الناس بالقرآن، وما رأيت احدا
أجمع لمتفرق من ابن عيينة.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن أحمد بن البراء قال قال علي ابن المديني: نظرت فإذا الإسناد يدور على ستة، الزهري وعمرو بن دينار وقتادة ويحيى بن أبي كثير وأبي (1) إسحاق الهمداني والأعمش، ثم صار علم هؤلاء الستة إلى أصحاب الأصناف (2) ممن صنف، فمن (3) أهل الحجاز مالك وابن جريح وسفيان بن عيينة ومحمد بن اسحاق.

باب ما ذكر من قدم سماع ابن عيينة للعلم
حدثنا عبد الرحمن نا يزيد بن سنان البصري نزيل مصر نا نصر بن علي قال أخبرني أبي نا شعبة وذكر سفيان بن عيينة عنده فقال: رأيت ابن عيينة غلاما معه ألواح طويلة عند عمرو بن دينار وفي أذنه قرط - أو قال شنف.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا إبراهيم بن مهدي قال سمعت حماد ابن زيد يقول: رأيت سفيان بن عيينة عند عمرو بن دينار غلاما له ذؤابة معه ألواح.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت سفيان يقول: جالست ابن شهاب وانا ابن ست عشرة وثلاثة أشهر.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت سفيان يقول: جالست عبد الكريم الجزري سنين (4) وكان يقول لاهل بلده: انظرو إلى هذا الغلام يسألني وأنتم لا تسألوني.
حدثنا عبد الرحمن نا العباس بن أبي طالب نا اسحاق بن اسماعيل
ثنا سفيان بن عيينة قال قال لي ابن جريح: ما نلقى منك؟ (1) عمرو بن دينار غلبت علي وسادته.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت سفيان يقول: حفظت الحديث عن ابن عجلان سنة أربع وعشرين - يعني ومائة - وكان همام يجالسنا عنده فكنا نحفظ [له - 2] الحديث.

باب ما ذكر من معرفة ابن عيينة بالعلم وكلامه في رواة العلم وناقليه
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا ذؤيب بن عمرو السهمي المديني قال سألت سفيان بن عيينة هل سمعت من صالح مولى التؤمعة شيئا؟ قال: نعم هكذا وهكذا وهكذا (3) ، وأشار بيده - يعني يكثره (4) سمعت منه ولعابه يسيل - يعني من الكبر - وما علمت أحدا من أصحابنا يحدث عنه لا مالك بن أنس ولا غيره.
قال عبد الرحمن فقد بان أن ابن عيينة منتقد (5) لرواة الآثار فإني لا أعلمه روى عن صالح مولى التؤمعة شيئا.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا العباس بن الوليد الخلال نا مروان (6) ابن محمد قال ربما سمعت سفيان بن عيينة على جمرة العقبة يقول: حدثنا سعيد بن بشير وكان حافظا.
(12 د) حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا علي بن نصر (1) قال سمعت ابن داود - يعني عبد الله بن داود الخريبي - يقول قال سفيان [الثوري - 2] :
لم يكن في آل ابن عمر أفضل من عمر بن محمد بن زيد العسقلاني، قال (3) علي بن نصر: كانوا ستة - عمر وحمد وواقد وأبو بكر وزيد وعاصم.
حدثنا عبد الرحمن قال قرئ على العباس بن محمد الدوري قال سألت يحيى بن معين عن حديث شعبة عن عمرو بن دينار والثوري عن عمرو بن دينار، وسفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار، قال: سفيان بن عيينة أعلمهم بحديث عمرو بن دينار، وهو أعلم بعمرو بن دينار من حماد بن زيد.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا محمد بن ميمون الخياط المكي نا سفيان قال حدثنا [11 ك] من لم تر عيناك مثله ابن ابحر [يعني عبد الملك ابن سعيد بن أبجر ثم حدثنا مرة أخرى فقال حدثنا الأبران ابن ابجر - 4] ومطرف.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت سفيان - يعني ابن عيينة - وقيل له: روى زرارة ابن أعين عن أبي جعفر كتابا، فقال سفيان ما رأى هو أبا جعفر ولكنه كان يتتبع حديثه.
قال سفيان: كانوا ثلاثة اخوة عبد الملك ابن أعين وحمران بن أعين وزرارة بن أعين وكانوا شيعة.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد نا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت سفيان يقول: كان الوليد بن كثير صدوقا.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت سفيان يقال: طلب (1) ابن أبي خالد - يعني إسماعيل - الحديث قبل الأعمش بسنين.
قيل لسفيان فمنصور طلب الحديث قبل أو الأعمش؟ قال متقاربين.
(2) حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن احمد نا علي ابن المديني قال سمعت سفيان يقول: ذهبت إلى زياد بن علاقة فسألته عن الأحاديث فقال ويحك ما تريد مني؟ ثم قال سفيان: لم نلق أحدا لقي مثل ما لقي زياد، لقي المغيرة بن شعبة ولقي جرير بن عبد الله ولقي أسامة بن شريك ولقي قطبة بن مالك.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال قلت لسفيان كان شرحبيل ابن سعد (3) يفتي؟ قال: نعم ولم يكن بالمدينة أحد أعلم بالمغازي (4) منه فاحتاج فكأنهم اتهموه.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن احمد ناعلي قال سمعت سفيان
وسئل عن محمد بن إسحاق قيل له لم يرو أهل المدينة عنه فقال سفيان: جالست ابن إسحاق منذ (1) بضع وسبعين سنة وما يتهمه أحد من أهل المدينة ولا يقول فيه شيئا.
قلت لسفيان كان ابن إسحاق جالس (2) فاطمة بنت المنذر؟ فقال: اخبرني ابن إسحاق أنها حدثته وأنه دخل عليها.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد نا علي قال قلت لسفيان ابن عيينة: ابن محمد بن حنين الذي روى عنه عمرو بن دينار: صوموا لرؤيته؟ فقال: إبراهيم بن عبد الله بن حنين، وعبيد بن حنين،
ومحمد بن حنين، من أهل المدينة موالي [آل - 3] العباس، قلت عتاب ابن حنين؟ قال: لا، هذا مكي.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت سفيان سئل عن إسماعيل بن أمية وأيوب بن موسى، قال: كان أيوب أفقههما في الفتيا في البيوع والأمور، وكنت لإسماعيل بن أمية أطول مجالسة.
فذكرت ذلك لأبي فقال: هما ابنا عم، إسماعيل وأيوب بن موسى.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال قلت لسفيان: أن ليثا روى عن طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ؟ فأنكر ذاك سفيان وعجب منه أن يكون جد طلحة لقي النبي صلى الله عليه وسلم.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سألت سفيان عن جعفر ابن محمد بن عباد بن جعفر وكان قدم اليمن فحملوا عنه شيئا، قلت لسفيان روى معمر عنه أحاديث يحيى بن سعيد، فقال سفيان: انما وجد
ذاك كتابا ولم يكن صاحب حديث، أنا أعرف بهم، إنما جمع كتبا فذهب بها.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد نا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت سفيان وسئل عن عبد الأعلى التيمي الذي روى عنه مسعر، فقال سفيان: كان قاصا.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت
سفيان قال: كان الزهري ههنا فقلت لزياد بن سعد أرني كتابك، فقال لا، أنت حافظ تذهب تسأل عنها وأنا لا أدري.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت سفيان يقول: كان عمرو ابن دينار أكبر من الزهري، سمع من جابر، والزهري لم يسمع منه.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال قلت لسفيان: زكريا بن إسحاق لم يجالس عطاء؟ قال: لا، قيل لسفيان: أنهم حكوا عنك أن زكريا بن إسحاق قال أخرج إلينا عطاء صحيفة، فقال سفيان: لا، (1) إنما أراني صحيفة عنه ما هي بالكبيرة فقال: هذه أعطانيها يعقوب بن عطاء وقال: هذه التي سمع أبي من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فوجدت فيها أشياء سمعت (2) من عمرو وغيره وأشياء قد سمعناها لم تكن في الصحيفة.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح ناعلي (13 د) قال سمعت سفيان وقلت له: كان لوهب بن عقبة البكائي ابن يقال له عقبة (3) بن وهب روى عن يزيد [بن - 4] الأصم، فقال سفيان: ما كان ذاك يدري
ما هذا الأمر، ولا كان من شأنه.
حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ نا صالح نا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت سفيان وَقِيلَ لَهُ: إِنَّ مُنْكَدِرَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ رَوَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَاقِفًا عَلَى قَزْحٍ، فَقَالَ سُفْيَانُ: قَدْ سَمِعْتُ مُنْكَدِرًا يقول فَكَرِهْتُ أَنْ أَقُولَ لَهُ شَيْئًا وَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ سُفْيَانُ: نَحْنُ أَحْفَظُ لَهُ مِنْهُ إِنَّمَا قَالَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بن (12 ك) عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَرْبُوعٍ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ.
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن الهسنجاني قال سمعت نعيم ابن حماد ققال سمعت ابن عيينة يقول: كان زياد بن سعد من أهل خراسان وكان يسكن المدينة وكان عالما بحديث الزهري.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يحيى نا عثمان بن عيسى المروزي قال سمعت حبان بن موسى يقول قال أبو عمران - شيخ من اصحاب ابن المبارك - ذكرت عبد الله عند ابن عيينة فقال: لا ترى عيناك مثله.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي قال سمعت علي ابن المديني يقول سمعت سفيان بن عيينة يقول: كنا نتقي حديث داود بن الحصين.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي قال سمعت أبا معمر القطيعي يقول كان ابن عيينة لا يحمد حفظ ابن عقيل - يعني عبد الله بن محمد بن (1) عقيل.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو زرعة [حدثنا الحميدي قال قال سفيان: كان ابن عقيل في حفظه شئ فكرهت أن ألقاه.
حدثنا أبو زرعة - 2] قال سمعت أبا الوليد الطيالسي قال سمعت عبد بن أبي قرة قال سمعت ابن عيينة يقول: ما كاءنا من العراق أحد أفضل من عثمان بن زائدة.
حدثنا عبد الرحمن نا إسماعيل بن أبي الحارث نا علي - يعني ابن المديني - عن سفيان [يعني - 1] ابن عيينة - قال: كان قيس بن مسلم الجدلي من أهل الخشوع، قال سفيان: لقد بلغني أنه لم يرفع رأسه إلى السماء منذ كذا وكذا من الخشوع.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي وعلي بن الحسن الهسنجاني قالا سمعنا يحيى بن المغيرة قال سمعت ابن عيينة يقول: لا تسمعوا من بقية ما كان في سنة، وأسمعوا منه ما كان في ثواب وغيره.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا هارون بن سعيد الأيلي قال أخبرني خالد بن نزار قال قال سفيان - يعني ابن عيينة -: ومن كان اطلب لحديث نافع وأعلم به من أيوب السختياني؟.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا أحمد بن السندي الرازي الباغي قال سمعت إبراهيم بن موسى قال أخبرني عبد الرحمن بن الحكم بن بشير عن سفيان بن عيينة أنه قال ذات يوم: ما بقى أحد أروى عن محمد ابن المنكدر مني، فقيل له: إبراهيم بن أبي يحيى؟ قال: إنما نريد أهل الصدق.
حدثنا عبد الرحمن أنا أبو بكر بن أبي خيثمة فيما كتب إلي نا حامد ابن يحيى البلخي نا سفيان بن عيينة: نا إبراهيم بن ميسرة وكان أصدق الناس وأوثقهم.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا سريج بن يونس نا سفيان عن الأحوص بن حكيم: وكان ثقة.
حدثنا عبد الرحمن سمعت أبي يقول: كان ابن عيينة يقدم الاحوص
ابن حكيم على ثور في الحديث، قال: وغلط ابن عيينة، الأحوص منكر الحديث، وثور صدوق.
حدثنا عبد الرحمن نا عمر بن شبة النميري نا هارون - يعني ابن معروف - نا سفيان - يعني ابن عيينة - قال: كان محمد بن المنكدر من معادن الصدق يجتمع إليه الصالحون.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد نا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت سفيان يقول: لم أر من هؤلاء أفقه من الزهري وحماد وقتادة.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا هارون بن سعيد الأيلي قال أخبرني خالد - يعني ابن نزار - عن سفيان [يعني - 1] ابن عيينة - قال: كان الزهري أعلم أهل المدينة.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا ابن الطباع قال سمعت سفيان يقول لم يكن في الناس أحد أعلم بالسنة منه - يعني الزهري.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا نعيم - يعني ابن حماد - قال سمعت ابن عيينة يقول: حدثنا أبو الزبير وهو أبو الزبير -[أي - 1] كأنه يضعفه.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن منصور الرمادي نا علي بن عبد الله يعني ابن المديني - نا سفيان: نا مطرف وكان ثقة.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو بكر بن أبي خيثمة فيما كتب إلي نا محمد ابن عمرو بن العباس الباهلي نا سفيان - يعني ابن عيينة - قال قال
مطرف بن طريف: ما يسرني أني كذبت وإن لي الدنيا وما فيها.
حدثنا عبد الرحمن قال حدثت عن أحمد بن حنبل عن عبد الرزاق عن ابن عيينة قال: محدثو الحجاز ابن شهاب ويحيى بن سعيد وابن جريج يجيئون بالحديث على وجهه.
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن الهسنجاني نا نعيم بن حماد قال قال سفيان بن عيينة: كان هشام أعلم الناس بحديث الحسن.
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن (14 د) الهسنجاني نا نعيم ابن حماد قال سمعت ابن عيينة يقول: لقد أتى هشام بن حسان عظيما بروايته عن الحسن، قيل لنعيم لم؟ قال لأنه كان صغيرا.
[حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا عبد الجبار بن العلاء - 1] قال قال سفيان - يعني ابن عيينة -: كان مسعر عندنا من معادن الصدق.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا عبد الله بن الزبير الحميدي نا سفيان: نا موسى بن أبي عائشة وكان من الثقات.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا الحميدي نا سفيان ك أنا شيخ من أهل الكوفة يقال له شعبة وكان ثقة، قال كنت مع أبي بردة بن أبي موسى في داره.
حدثنا عبد الرحمن سمعت أبي يقول: هو شعبة بن دينار، روى عنه سفيان الثوري.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا الْحُمَيْدِيُّ نا سُفْيَانُ نا يَزِيدُ (13 ك) ابن أَبِي زِيَادٍ بِمَكَّةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ
قَالَ رَأَيْتُ رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلاةَ رَفَعَ يَدَيْهِ.
قَالَ سُفْيَانُ: فَلَمَّا قَدِمْتُ الْكُوفَةَ سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ بِهِ فَزَادَ فيه (ثم لا يعود)
فَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ لَقَّنُوهُ، وَكَانَ بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ أَحْفَظَ مِنْهُ يَوْمَ رَأَيْتُهُ بِالْكُوفَةِ وَقَالُوا لِي إِنَّهُ قَدْ تَغَيَّرَ حِفْظُهُ.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا الحميدي نا سفيان نا قعنب (1) التميمي وكان ثقة خيارا عن علقمة بن مرثد.
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن الهسنجاني نا نعيم - يعني ابن حماد قال سمعت ابن عيينة يقول: إن العالم الذي يعطى كل حديث حقه.
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن الهسنجاني نا نعيم - يعني ابن حماد - قال قال ابن عيينة: ما رأيت أحدا يحمل عنه من الأحاديث المرسلة ما تحمل عن ابن المنكدر.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت سفيان - يعني ابن عيينة يقول: كان اسماعيل ابن محمد بن سعد من ارفع هؤلاء.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو بكر بن أبي خيثمة فيما كتب إلي نا ابن أبي رزمة قال أخبرني أبي نا ابن عيينة قال: كنت إذا سمعت الحسن بن عمارة يروى عن الزهري وعمرو بن دينار جعلت إصبعي في أذني.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو بكر بن أبي خيثمة فيما كتب إلي نا إبراهيم بن المنذر قال سمعت ابن عيينة يقول: نا الحسن بن دينار وكان
يقال فيه.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو سعيد بن يحيى بن (2) سعيد القطان نا
إبراهيم بن عمر بن أبي الوزير قال سمعت سفيان بن عيينة يقول: كان أبو إسحاق الفزاري إماما.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي حدثني هارون بن سعيد أخبرني خالد بن نزار عن سفيان - يعني ابن عيينة - قال كان أعلم الناس بحديث عائشة ثلاثة، القاسم بن محمد وعروة بن الزبير وعمرة بنت عبد الرحمن.
حدثنا عبد الرحمن أنا عبد الله بن أحمد بن حنبل فيما كتب إلي قال حدثني أبي قال سمعت ابن عيينة يقول: نا محمد بن عجلان وكان ثقة.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي قال سمعت أبا معمر [يعني - 1] القطيعي يقول كان ابن عيينة لا يحمد حفظ ليث بن أبي سليم.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو بكر بن أبي خيثمة فيما كتب إلي نا إبراهيم ابن المنذر عن ابن عيينة أنه قال ما يقول أصحابك في محمد بن إسحاق؟ قال: يقولون أنه كذاب، قال: لا تقل ذاك.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا عبد الجبار بن العلاء نا سفيان - - يعني ابن عيينة - قال: كان يوسف - يعني ابن إسحاق بن أبي إسحاق - أحفظ ولد أبي إسحاق.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن أحمد بن البراء قال قال علي بن المديني قال سفيان بن عيينة: لم يكن من ولد أبي إسحاق أحد أحفظ عندي من يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق.
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن الهسنجاني نا أحمد بن حنبل نا سُفْيَانُ - يَعْنِي ابْنَ عُيَيْنَةَ -: نا سليمان بن أبي المغيرة، ثقة خيار.
حدثنا عبد الرحمن أنا أبو بكر بن أبي خيثمة فيما كتب إلي نا أبو الفتح نصر بن المغيرة قال قال سفيان: لم أر أحدا طلب الحديث وهو مسن أحفظ من روح بن القاسم.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا علي بن ميمون العطار الرقي قال سمعت سفيان [يعني - 1] ابن عيينة - وسئل عما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده فقال: غيره أجود منه.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو هارون الخراز محمد بن خالد الرازي نا علي بن سليمان البلخي قال قال ابن عيينة: قلت لمسعر من أثبت من أدركت؟ قال: ما رأيت أثبت من عمرو بن دينار والقاسم بن عبد الرحمن - يعني ابن عبد الله بن مسعود.
قال أبو محمد هذا لعناية ابن عيينة بنا قلة الآثار (2) سأل مسعرا عن أثبت من أدركه.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت سفيان يقول جئت إلى صالح مولى التؤمعة فسألته كيف سمعت أبا هريرة؟ كيف سمعت ابن عباس؟ فقالوا أنه قد اختلط فتركته.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو بكر بن أبي خيثمة فيما كتب إلي نا أبي نا سفيان بن عيينة قال: حديث أبي سفيان عن جابر إنما هي صحيفة.
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن الهسنجاني قال سمعت احمد
ابن سعيد الدارمي يقول سمعت بشر بن عمر (3) يقول سمعت ابن عيينة يقول: عليك بزهير بن معاوية فما بالكوفة مثله.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد نا علي بن المديني قال سمعت سفيان (4) يقول: لم يكن بالمدينة رجل أرضى من عبد الرحمن بن القاسم.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت سفيان يقول: ما كان أشد انتقاد مالك [بن أنس - 1] للرجال وأعلمه بشأنهم.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت سفيان (15 د) وذكر عمرو بن عبيد قال [كتبت عنه كتاب الله (2) فوهبت كتابه ابن أخي عمرو بن عبيد قال - 3] سفيان ووهبت له كتاب ابن جدعان.
فقيل لسفيان لم وهبته؟ قال كنت قد حفظته ولم أر أني أنساه [ثم - 3] قال سفيان وكنت أريد اهر (؟) منه، وقال بيده كأنه يريد أثبت منه وجمع يده.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت سفيان يقول: كان إسماعيل بن سميع بيهسيا فلم اذهب إليه ولم أقربه.
حدثنا عبد الرحمن [نا صالح - 4] نا علي قال سمعت (14 ك) سفيان يقول: كان بالمدينة أيضا شيخ عابد فما وضعه عند اهل المدية إلا القدر، قال علي فقلت لسفيان من هو؟ قال ابن أبي لبيد، ثم قال سفيان: جالست ابن أبي لبيد ههنا يعني بمكة - وقدم الكوفة وقلت لعمر بن سعيد، فذهب إليه فلقيه، وجالسه سفيان بالكوفة.
حدثنا عبد الرحمن [نا صالح - 4] نا علي قال سمعت سفيان وسئل عن عبد الرحمن بن إسحاق فقال: عبد الرحمن بن إسحاق كان قدريا فنفاه أهل المدينة فجاءنا ههنا مقتل الوليد فلم نجالسه (5) وقالوا أنه قد سمع الحديث.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت سفيان يقول: لم يكن عندنا قرشيين (6) مثل أيوب بن موسى وإسماعيل بن أمية، وقال: كان
لأيوب بن موسى أخ يقال له عمران بن موسى أسن منه ولم (1) يكن عنده شئ.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت سفيان يقول: كان ابن طاوس أحفظ عندنا من غيره - قلت لسفيان أين كان حفظ إبراهيم بن ميسرة عن طاوس من حفظ ابن طاوس؟ قال لو شئت قلت لك إني أقدم إبراهيم عليه في الحفظ فعلت.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال قلت لسفيان: كان صدقة بن يسار كوفيا؟ قال: كان أصله كوفيا.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت سفيان يقول: أول ما قدم علينا يزيد بن يزيد بن جابر مع مسلمة بن هشام (2) وكان رجلا
حسن الهيئة حسن النحو، قال سفيان: وكانوا يقولون لم يكن في أصحاب مكحول مثله.
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن الهسنجاني نا عمرو بن محمد الناقد نا سفيان - يعني ابن عيينة - قال: ما كان بالكوفة بعد عربيين إبراهيم والشعبي مثل موليين الحكم وحماد.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد نا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت أبا أحمد - يعني الزبيري (3) قال حدثت سفيان بن عيينة عن معلى الطحان - يعني [ابن - 4] هلال - ببعض حديث ابن ابي نجيح فقال:
ما أحوج صاحب هذا إلى أن يقتل.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت سفيان ان عيينة قال، أتيت عدن (1) فلم أر مثل الحكم بن أبان.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت سفيان يقول: كان إبراهيم الهجري يسوق الحديث بسياقة جيدة (2) على ما فيه.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال قلت لسفيان إن ابن جريج
روى عن عمرو - يعني ابن دينار - عن الحسن بن محمد أن عليا قال: لقد ظلم من منع بني الأم نصيبهم من الدية، وقال سفيان بن سعيد عن عمرو عمن سمع عليا رضي الله عنه.
فقال سفيان: اخطأوا لزمت عمرا ولا يتكلم بكلمة إلا (3) ثم قال قال سفيان قال عمروسمعت من عبد الله بن محمد يقول: قال علي لقد ظلم من منع بني الأم نصيبهم من الدية.
حدثنا عبد الرحمن حدثني ابي نا هرون بن سعيد الأيلي قال أخبرني خالد بن نزار عن سفيان بن عيينة قال: [كان - 4] عمرو بن دينار أعلم أهل مكة.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن سعيد المقرئ سمعت عبد الرحمن بن الحكم بن بشير يذكر عن ابن عيينة قال: نا عمرو (5) بن دينار وكان ثقة ثقة ثقة، وحديثا (6) أسمعه من عمرو أحب إلي من عشرين من غيره.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت سفيان يقول: كان عمارة ابن القعقاع ابن أخي ابن شبرمة وكان أسن منه واقرأ للقران منه، وكان عبد الله بن عيسى ابن أخي ابن أبي ليلى وكان اسن منه.
باب ما ذكر
من جلالة سفيان بن عيينة عند العلماء حدثنا عبد الرحمن نا الحسن بن أحمد بن الليث الرازي نا سهل ابن زنجلة قال سمعت وكيعا يقول: ما كتبنا عن ابن عيينة إلا والأعمش حي سنة ست وأربعين ومائة.
حدثنا عبد الرحمن أخبرني محمود بن آدم المروزي فيما كتب إلي قال: ما رأيت وكيعا عند ابن عيينة قط إلا جاثيا (1) بين يديه على ركبتيه ساكتا لا يتكلم.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي ثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري قال سمعت يحيى بن سعيد الأموي يقول: رأيت مسعرا يشفع لانسان إلى سفيان ابن عيينة يحدثه (2) .
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا إبراهيم بن سعيد الجوهري قال سمعت أبا معاوية يقول: كنا نخرج من مجلس الأعمش فنأتي ابن عيينة.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل ثنا علي - يعني ابن المديني - قال قال سفيان: كنت الزم أيوب بالليل عند عمرو بن دينار (16 د) وكنت أفيده عن عمرو بن دينار رؤس الأحاديث واذهب معه فأسأل له عن تلك الأطراف وكان يسألني: كم روى عمرو عن فلان؟ وكم روى عن فلان؟ فأقصها عليه ثم أكتب له من كل شيخ شيئا وأسأل له عمرا عنها، وكتبت له أطرافا عن يحيى بن سعيد الأنصاري.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت سفيان
قال: ربما عادني ابن أبي نجيح وأنا غليم وكنت طويل الملازمة بالليل والنهار.
حدثنا عبد الرحمن ثنا الحسن بن أحمد بن الليث نا سهل بن زنجلة نا أبو أسامة قال دخل ابن (15 ك) عيينة على زائدة وهو مريض فسأل [زائدة - 1] ابن عيينة عن حديث فحدثه فدعا زائدة بشئ وكتبه.
حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ نا الْحَسَنُ بْنُ اللَّيْثِ ثنا سَهْلُ بْنُ زَنْجَلَةَ يَقُولُ حدثنا (2) عَنْ شُعْبَةَ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعٌ.

باب في تواضع ابن عيينة وذمه نفسه حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سلمة النيسابوري قال سمعت أبا قدامه السرخسي يقول سمعت ابن عيينة كثيرا ما يرثى نفسه يقول.
ذهب الزمان فصرت (3) غير مسود - ومن الشقاء تفردي بالسودد باب ما ذكر من حفظ ابن عيينة وإتقانه وثقته في نفسه حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت يحيى بن سعيد يقول: ابن عيينة أحب إلي في الزهري من معمر.
حدثنا عبد الرحمن قال قرئ على العباس بن محمد الدوري سمعت يحيى بن معين يقول: سفيان بن عيينة أثبت من محمد بن مسلم الطائفي وأوثق منه، وهو أثبت من داود العطار في عمرو بن دينار وأحب إلي منه.
حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي (1) عن إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين قال: سفيان بن عيينة ثقة.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يحيى سمعت علي ابن المديني يقول: ما في أصحاب الزهري أتقن من ابن عيينة.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول: أثبت أصحاب الزهري مالك وابن عيينة، وكان ابن عيينة أعلم بحديث عمرو بن دينار من شعبة، وكان ابن عيينة إماما ثقة.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد نا علي [يعني - 2] ابن المديني قال قلت لسفيان في حديث عمرو عن عطاء عن ابن عباس قال إذا اشتريت (3) بنقد - وبعت بنقد - فقلت: إن ابن جريح خالف هشيما، فقال سفيان: أنا احفظ لها منهما.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن منصور الرمادي نا عبد الرزاق قال حدثت معمرا بحديث عن سفيان بن عيينة فقال: ان صاحبك لثقة.

باب ما ذكر من حسن منطق ابن عيينة حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن منصور قال سمعت عبد الرزاق قال:
: ما رأيت بعد ابن جريح مثل ابن عيينة في حسن المنطق.

باب ما ذكر من مناصحة ابن عيينة للسلطان في أمر المسلمين حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل سمعت أبي يقول دخل سفيان بن عيينة على معن بن زائدة وهو باليمن ولم يكن سفيان تلطخ بشئ من أمر السلطان بعد فجعل سفيان يعظه ويذكر له أمر المسلمين فجعل معن يقول له: أبوهم أنت؟ أخوهم أنت؟.

باب ما ذكر من معرفة ابن عيينة بعمات النبي صلى الله عليه وسلم وجداته وتسميته لهن حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي قال سمعت أبا غسان مالك بن إسماعيل قال سمعت سفيان بن عيينة يقول: عمات النبي صلى الله عليه وسلم بنات عبد المطلب عاتكة وأم حكيم وهي البيضاء وهي توءم (1) عبد الله، وصفية وهي (2) أم الزبير، وبرة وأميمة.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي قال سمعت أبا غسان مالك ابن إسماعيل قال سمعت ابن عيينة يقول: ابنا الفواطم، إحداها جدة النبي صلى الله عليه وسلم أم أبيه اسمها فاطمة بنت عبد الله بن عمرو بن عمران
ابن مخزوم، وأم علي فاطمة بنت أسد بن هاشم، وأم حسن وحسين
فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلذلك سميا ابنا الفواطم.

باب ما ذكر من جودة أخذ ابن عيينة للحديث
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي ابن المديني قال سمعت سفيان يقول: كان أيوب إذا حدثني بالحديث رددته مرتين.

باب ما ذكر من مرثية سفيان بن عيينة
حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي (1) رضي الله عنه عن حامد بن يحيى البلخي قال سمعت ابن مناذر يقول لما مات سفيان بن عيينة:
من كان يبكى ورعا عالما * فليبك للإسلام سفيانا
راحوا بسفيان إلى قبره * والعلم مكسوين أكفانا
لا يبعدنك الله من هالك * أورثنا غما وأحزانا
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن عثمان بن مخلد قال سمعت بعض مشايخ البصريين قال حضرت جنازة سفيان بن عيينة بمكة قال وابن المناذر يقول فيها مرثية فكان فيما قال:
نجلو من الحكمة أنوارها * ما تشتهي الأنفس ألوانا
يا واحد الأمة في علمها * لقيت من ذي العرش رضوانا
راحوا بسفيان على نعشه * والعلم مكسوين اكفانا
سفيان بن عيينة
* حجّة ثقة (السنن الكبرى: 4/ 24).
سفيان بن عيينة مشهور بالتدليس أيضاً.
قلت: لكن اتفقوا مع ذلك على قبول عنعنته كما حكاه غير واحد انتهى.
سفيان بن عيينة آخر سمع عمر وجابر يدلس ليس بشئ وهو مولى مسعر بن كدام من أسفل انتهى لفظ العجلي في ثقاته فان صحت الكتابة فقد ذكره تميزا رأيته كذلك في الثقات التي رتبها شيخنا الحافظ نور الدين الهيثمي وأبت انها صحيحة.
سفيان بن عيينة الهلالي الكوفي ثم المكي الامام المشهور فقيه الحجاز في زمانه كان يدلس لكن لا يدلس الا عن ثقة وادعى بن حبان بأن ذلك كان خاصا ووصفه النسائي وغيره بالتدليس وذكر البرهان الحلبي لسفيان بن عيينة ترجمتين الاول هذا والثاني سفيان بن عيينة الهلالي مولى مسعر بن كدام من أسفل ليس بشئ كان يدلس قال البرهان هذا آخر غير الاول
قلت: ليس كما ظن فإن ابن عيينة مولى بني هلال وقد ذكر الذهبي في فوائد رحلته أنه لما اجتمع بابن دقيق العيد سأله من أبو محمد الهلالي فقال سفيان بن عيينة فأعجبه استحضاره وانما نسب لمسعر لان مسعرا من بني هلال صليبة ولعل العجلي إنما قال فيه ليس بشئ لامر آخر غير
التدليس لعله الاختلاط ثم راجعت أصل الثقات للعجلي فوجدته قال ما نصه سفيان بن عيينة.
سفيان بن عيينة بن أبي عمران واسمه ميمون
الهلالي أبو محمد معدود في الكوفيين وفي الموالي وولاؤه لمحمد بن مزاحم أخى الضحاك بن مزاحم وكان أعور وقيل إن أبا عيينة كان يكنى أبا عمران أحد الأعلام ثقة حافظ إمام يروى عن إبراهيم بن عقبة
وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة وإسماعيل بن أبي خالد وأيوب السختياني
وزكريا بن أبي زائدة وسلمة بن دينار
وعبد الله بن طاوس وأبي إسحاق السبيعي بفتح السين وتقدمت ترجمته والزهري
وعمرو بن دينار ويروى عنه أحمد بن صالح المصري وإسحاق بن
راهويه وعلى بن المديني وأبي كريب محمد بن
العلاء ويعقوب بن إبراهيم ومن شيوخه الأعمش وابن جريج
قال بن المديني لم يكن في أصحاب الزهري أتقن منه وقال العجلي كوفي ثقة ثبت في الحديث وقال بعضهم هو أثبت الناس في حديث الزهري وقال مجاهد بن موسى سمعته يقول ما كتبت شيئا قط إلا شيئا حفظته قبل أن أكتبه وقال الشافعي لولا مالك وسفيان لذهب علم الحجاز وسئل عنه بن المبارك فقال ذاك أحد الأحدين وقيل لابن المديني هو إمام في الحديث فقال هو إمام منذ
أربعين سنة وقيل ليحيى بن معين بن عيينة أحب إليك في عمرو بن دينار أو الثوري فقال بن عيينة أعلم به فقيل له فابن عيينة أحب إلي فيه أو حماد بن زيد قال بن عيينة أعلم به قيل له فشعبة قال وأيش روى عنه شعبة إنما روى عنه نحوا من مائة حديث قال بن وهب ما رأيت أحدا أعلم بكتاب الله من بن عيينة وقال الشافعي ما رأيت أحدا أكف عن الفتيا منه وقال أحمد بن حنبل كان إذا سئل عن المناسك سهل عليه وإذا سئل عن الطلاق اشتد عليه قال بن الصلاح وجدت عن محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي أنه سمع يحيى بن [سعيد] القطان يقول أشهد أن سفيان بن عيينة اختلط سنة سبع وتسعين فمن سمع منه في هذه
السنة و [بعدها] فسماعه لا شيء قلت توفي بعد ذلك [بنحو] بسنتين سنة تسع وتسعين ومئة انتهى قال الأبناسي قوله يعني بن الصلاح سفيان بن عيينة إلى آخره فيه أمور منها أن
صاحب الميزان استبعد مقالة بن عمار وعدها غلطا منه لأن القطان مات في صفر سنة ثمان وتسعين وقت قدوم الحاج ووقت تحدثهم عن أخبار الحجاز فمتى تمكن يحيى بن سعيد من أن يسمع اختلاط سفيان ثم يشهد عليه بذلك والموت قد نزل به ثم قال فلعله بلغه ذلك في أثناء سنة سبع وتسعين
وقد سمع منه في هذه السنة، محمد بن عاصم صاحب ذلك الجزء العالي كما هو مؤرخ في الجزء المذكور وهكذا ذكره صاحب الميزان قال فلما كان سنة ثمان وتسعين فإنه مات فيها ولم يلقه أحد يحدث فإنه توفي قبل قدوم الحاج بأربعة أشهر قال ويغلب على الظن أن سائر شيوخ الأئمة الستة سمعوا منه قبل سنة سبع ومنها قوله أنه توفي سنة تسع والمشهور سنة ثمان ومنها قوله أنه بقي بعد اختلاطه سنتين وهذا ينافي
ما صححه في وفاته أنه سنة تسع وإلا فالمشهور أنها سنة ثمان فتكون مدة اختلاطه نحو سنة لأن وفاته كانت بمكة يوم السبت أول شهر رجب سنة ثمان وتسعين ومئة قال محمد بن سعد وابن حبان إلا أنه قال آخر يوم من جمادي الآخرة انتهى روى له البخاري ومسلم وأبو داود
والترمذي والنسائي وابن ماجة.
سفيان بن عيينة بن أبي عمران الهلالي مولاهم أبو محمد كوفي سكن مكة روى عن الزهري وعمرو بن دينار روى عنه ابن
المبارك ووكيع وأبو معاوية الضرير وابو نعيم سمعت ( م ) أبي
يقول ذلك.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو سعيد الأشج قال سألت أبا المتئد قلت: سفيان بن عيينة ابن من [قال ابن ميمون وكان مولى بنى هلال ابن عامر نا أحمد بن سنان نا موسى بن داود - ] قال سمعت عثمان بن زائدة قال قلت لسفيان الثوري من نرى أن أسمع [منه - ] ؟ قال عليك بزائدة وسفيان بن عيينة.
حدثنا عبد الرحمن نا الحجاج بن حمزة نا علي بن الحسن بن شفيق نا عبد الله بن المبارك قال سئل سفيان الثوري عن سفيان بن عيينة قال ذاك احد الا حدين [قرئ على العباس بن محمد الدوري قال قال يحيى: أثبت الناس في الزهري مالك ومعمر ويونس وعقيل وشبيب بن أبي حمزة وابن عيينة.
وأثبت الناس في عمرو بن دينار سفيان بن عيينة.
قيل له حماد بن زيد؟ قال هو أعلم بعمرو بن دينار وحماد بن زيد فإن اختلف ابن عيينة وسفيان الثوري في عمرو بن دينار فابن عيينة أعلم بعمرو بن دينار وسألت يحيى بن معين عن حديث شعبة عن عمرو بن دينار، والثوري عن عمرو بن دينار، وسفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار، أنهم أعلم بحديث عمرو بن دينار؟ قال: سفيان بن عيينة أعلمهم بحديث عمرو بن دينار - ] حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا إبراهيم [بن مهدي - ] قال سمعت حماد بن زيد يقول رأيت سفيان بن عيينة عند عمرو بن دينار غلاما له ذؤابة معه ألواح حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد [بن حنبل - ] نا على ابن المدينى قال
سمعت يحيى بن سعيد يقول: ابن عيينة أحب إلي في الزهري من معمر.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا إبراهيم بن سعيد ( م ) الجوهري قال سمعت يحيى بن سعيد الأموي يقول: رأيت مسعرا يشفع لإنسان إلى سفيان بن عيينة يحدثه.
حدثنا عبد الرحمن أنا عبد الله بن أحمد [بن حنبل - ] فيما كتب إلي قال نا داود بن عمرو قال سمعت عبد الرحمن ابن مهدي يقول: كان سفيان بن عيينة [من - ] أعلم الناس بحديث الحجاز.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا إبراهيم بن سعيد [الجوهري - ] قال سمعت أبا معاوية يقول: كنا نخرج من مجلس الأعمش فنأتي ابن عيينة.
حدثنا عبد الرحمن نا الحسن بن علي بن مهران [المتوثي - ] قال سمعت علي بن بحر بن بري قال سمعت عبد الله بن وهب يقول: لا أعلم أحدا أعلم بتفسير القرآن من سفيان بن عيينة.
حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي عن إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين قال: سفيان بن عيينة ثقة.
حدثنا عبد الرحمن قال قرئ على العباس بن محمد الدوري عن يحيى بن معين أنه قال: سفيان بن عيينة أثبت من محمد بن مسلم الطائفي و [هو - ] أوثق وهو أثبت من داود العطار في عمرو بن دينار وأحب إلي منه.
حدثنا عبد الرحمن سمعت أبي يقول: سفيان بن عيينة إمام ثقة، وأثبت أصحاب الزهري مالك وابن عيينة، وكان أعلم بحديث عمرو بن دينار من شعبة.
.
.
سفيان بن حسين السلمي المعلم الواسطي يكنى أبا محمد روى عن الحسن وابن سيرين والزهري والحكم روى عنه شعبة وهشيم
( م ) وعباد بن العوام سمعت أبي يقول ذلك.
حدثنا عبد الرحمن قال قرئ على العباس بن محمد الدوري قال سمعت يحيى بن
معين يقول: سفيان بن حسين ليس به بأس، وليس من أكابر أصحاب الزهري.
حدثنا عبد الرحمن أنا ابن أبي خيثمه فيما كتب إلي قال سمعت يحيى بن معين يقول: سفيان بن حسين الواسطي ثقة، وكان يؤدب المهدي، وهو صالح، حديثه عن الزهري قط ليس بذاك إنما سمع من الزهري بالموسم.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول: سفيان بن حسين صالح الحديث يكتب حديثه ولا يحتج به [هو - ] نحو محمد بن إسحاق وهو أحب إلي من سليمان بن كثير.

العلاء بن الحضرمي

الْعَلاءُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ
- الْعَلاءُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ. واسم الْحَضْرَمِيّ عَبْد الله بْن ضماد بْن سلمى بْن أكبر من حضرموت من اليمن. وكان حليفًا لبني أُمَيَّةُ بْنُ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ. وأخوه ميمون بْن الْحَضْرَمِيّ صاحب البئر الّتي بأعلى مكّة بالأبطح يُقَالُ لها بئر ميمون مشهورة على طريق أَهْل العراق. وكان حفرها فِي الجاهلية. وأسلم العلاء بْن الْحَضْرَمِيّ قَدِيمًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ العلاء بن الحضرمي أن رسول الله - صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَهُ مُنْصَرَفَهُ مِنَ الْجِعْرَانَةِ إِلَى الْمُنْذِرِ بْنِ سَاوَى الْعَبْدِيِّ بِالْبَحْرَيْنِ. وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى الْمُنْذِرِ بْنِ سَاوَى مَعَهُ كِتَابًا يَدْعُوهُ فِيهِ إلى الإسلام. وخلى بين العلاء ابن الْحَضْرَمِيِّ وَبَيْنَ الصَّدَقَةِ يَجْتَبِيهَا. وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْعَلاءِ كِتَابًا فِيهِ فَرَائِضُ الصَّدَقَةِ فِي الإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالثِّمَارِ وَالأَمْوَالِ يُصَدِّقْهُمْ عَلَى ذَلِكَ. وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَيَرُدَّهَا عَلَى فُقَرَائِهِمْ. وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَهُ نَفَرًا فِيهِمْ أَبُو هُرَيْرَةَ وَقَالَ . قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عبد الله بن يزيد عن سَالِمٍ مَوْلَى بَنِي نَصْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ الْعَلاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ وَأَوْصَاهُ بن خَيْرًا فَلَمَّا فَصَلْنَا قَالَ لِي: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ أَوْصَانِي بِكَ خَيْرًا فَانْظُرْ مَاذَا تُحِبُّ. قَالَ قُلْتُ: تَجْعَلُنِي أُؤَذِّنُ لَكَ وَلا تَسْبِقْنِي بِآمِينَ. فَأَعْطَاهُ ذَلِكَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ حَلِيفِ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ الْعَلاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ إِلَى الْبَحْرَيْنِ ثُمَّ عَزَلَهُ عَنِ الْبَحْرَيْنِ. وَبَعَثَ أَبَانَ بْنَ سَعْدٍ عَامِلا عَلَيْهَا. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ كَتَبَ إِلَى الْعَلاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ أَنْ يَقْدَمَ عَلَيْهِ بِعِشْرِينَ رَجُلا مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ فَقَدِمَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ بِعِشْرِينَ رَجُلا رَأْسُهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْفٍ الأَشَجُّ. وَاسْتَخْلَفَ الْعَلاءُ عَلَى الْبَحْرَيْنِ الْمُنْذِرَ بْنَ سَاوَى فَشَكَا الْوَفْدُ الْعَلاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ فَعَزَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَوَلَّى أَبَانَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ وَقَالَ له: . قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى عَلَى الْعَلاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ قَمِيصًا سُنْبُلانِيًّا طَوِيلَ الْكُمَّيْنِ فَقَطَعَهُ مِنْ عِنْدِ أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن عَوْفٍ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ سأل السائب بن يزيد: مَا سَمِعْتَ فِي سُكْنَى مَكَّةَ؟ فَقَالَ: قَالَ العلاء بن الحضرمي أن رسول الله - صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَسْأَلُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ فَقَالَ السَّائِبُ: سَمِعْتُ الْعَلاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ يَقُولُ . قَالَ ثُمَّ رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى الأَوَّلِ. قَالَ: فَلَمْ يَزَلْ أَبَانُ بْنُ سَعِيدٍ عَامِلا عَلَى الْبَحْرَيْنِ حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَارْتَدَّ رَبِيعَةُ بِالْبَحْرَيْنِ فَأَقْبَلَ أَبَانُ بْنُ سَعِيدٍ إِلَى الْمَدِينَةِ وَتَرَكَ عَمَلَهُ. فَأَرَادَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ أَنْ يَرُدَّهُ إِلَى الْبَحْرَيْنِ فَأَبَى وَقَالَ: لا أَعْمَلُ لأَحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَجْمَعَ أَبُو بَكْرٍ بِعْثَةَ الْعَلاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ فَدَعَاهُ فَقَالَ: إِنِّي وَجَدْتُكَ مِنْ عُمَّالِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِينَ وَلَّى فَرَأَيْتُ أَنْ أُوَلِّيَكَ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلاكَ. فَعَلَيْكَ بِتَقْوَى اللَّهِ. فَخَرَجَ الْعَلاءُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ مِنَ الْمَدِينَةِ فِي سِتَّةَ عَشَرَ رَاكِبًا مَعَهُ فُرَاتُ بْنُ حَيَّانَ الْعِجْلِيُّ دَلِيلا. وَكَتَبَ أَبُو بَكْرٍ كِتَابًا لِلْعَلاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ أَنْ يُنَفَّرَ مَعَهُ كُلُّ مَنْ مَرَّ بِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى عَدُوِّهِمْ. فَسَارَ الْعَلاءُ فِيمَنْ تَبِعَهُ مِنْهُمْ حَتَّى نَزَلَ بِحِصْنِ جُوَاثَا فَقَاتَلَهُمْ فَلَمْ يُفْلِتْ مِنْهُمْ أَحَدٌ. ثُمَّ أَتَى الْقَطِيفَ وَبِهَا جَمْعٌ مِنَ الْعَجَمِ فَقَاتَلَهُمْ فَأَصَابَ مِنْهُمْ طَرَفًا وَانْهَزَمُوا فَانْضَمَّتِ الأَعَاجِمُ إِلَى الزَّارَةِ فَأَتَاهُمُ الْعَلاءُ فَنَزَلَ الْخَطَّ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ فَقَاتَلَهُمْ وَحَاصَرَهُمْ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَوَلِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. وَطَلَبَ أَهْلُ الزَّارَةِ الصُّلْحَ فَصَالَحَهُمُ الْعَلاءُ. ثُمَّ عَبَرَ الْعَلاءُ إِلَى أَهْلِ دَارِينَ فَقَاتَلَهُمْ فَقَتَلَ الْمُقَاتِلَةَ وَحَوَى الذَّرَارِيَّ. وَبَعَثَ الْعَلاءُ عَرْفَجَةَ بْنَ هَرْثَمَةَ إِلَى أَسْيَافِ فَارِسٍ فَقَطَعَ فِي السُّفُنِ فَكَانَ أَوَّلَ مِنْ فَتْحَ جَزِيرَةً بِأَرْضِ فَارِسٍ وَاتَّخَذَ فِيهَا مَسْجِدًا وَأَغَارَ عَلَى بَارِيخَانَ وَالأَسْيَافَ وَذَلِكَ فِي سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَيْفٍ عَنْ أَبِي إِسْمَاعِيلَ الهمداني وغيره من مُجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى الْعَلاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ وَهُوَ بِالْبَحْرَيْنِ أَنْ سِرْ إِلَى عُتْبَةَ بْنَ غَزْوَانَ فَقَدُ وَلَّيْتُكَ عَمَلَهُ وَاعْلَمْ أَنَّكَ تَقَدَمُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ الله الحسنى لم أعزله إِلا يَكُونُ عَفِيفًا صَلِيبًا شَدِيدَ الْبَأْسِ وَلَكِنِّي ظَنَنْتُ أَنَّكَ أَغْنَى عَنِ الْمُسْلِمِينَ فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ مِنْهُ فَاعْرِفْ لَهُ حَقَّهُ. وَقَدْ وَلَّيْتُ قَبْلَكَ رَجُلا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ. فَإِنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ تَلِيَ وُلِّيتَ وَإِنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَلِيَ عُتْبَةُ فَالْخَلْقُ وَالأَمْرُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَاعْلَمْ أَنَّ أَمْرَ اللَّهِ مَحْفُوظٌ بِحِفْظِهِ الَّذِي أَنْزَلَهُ فَانْظُرِ الَّذِي خُلِقْتَ لَهُ فَاكْدَحْ لَهُ وَدَعْ مَا سِوَاهُ فَإِنَّ الدُّنْيَا أَمَدٌ وَالآخِرَةَ أَبَدٌ. فَلا يَشْغَلَنَّكَ شَيْءٌ مُدْبِرٌ خَيْرُهُ عَنْ شَيْءٍ بَاقٍ شَرُّهُ. وَاهْرَبْ إِلَى اللَّهِ مِنْ سَخَطِهِ فَإِنَّ اللَّهَ يَجْمَعُ لِمَنْ شَاءَ الْفَضِيلَةَ فِي حُكْمِهِ وَعِلْمِهِ. نَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكَ الْعَوْنَ عَلَى طَاعَتِهِ وَالنَّجَاةَ مِنْ عَذَابِهِ. قَالَ: فَخَرَجَ الْعَلاءُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ مِنَ الْبَحْرَيْنِ فِي رَهْطٍ مِنْهُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ وَأَبُو بَكْرَةَ. وَكَانَ يُقَالُ لأَبِي بَكْرَةَ حِينَ قَدِمَ الْبَصْرَةَ الْبَحْرَانِيُّ. وَوُلِدَ لَهُ بِالْبَحْرَيْنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ. قَالَ: فَلَمَّا كَانُوا بِلَيَاسٍ قَرِيبًا مِنَ الصَّعَابِ وَالصِّعَابُ مِنْ أَرْضِ بَنِي تَمِيمٍ مَاتَ الْعَلاءُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ فَرَجَعَ أَبُو هُرَيْرَةَ إِلَى الْبَحْرَيْنِ وَقَدِمَ أَبُو بَكْرَةَ إِلَى الْبَصْرَةِ فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ: رَأَيْتُ مِنَ العلاء بن الحضرمي ثَلاثَةَ أَشْيَاءَ لا أَزَالُ أُحِبُّهُ أَبَدًا. رَأَيْتُهُ قَطَعَ الْبَحْرَ عَلَى فَرَسِهِ يَوْمَ دَارِينَ وَقَدِمَ مِنَ الْمَدِينَةِ يُرِيدُ الْبَحْرَيْنِ. فَلَمَّا كَانَ بِالدَّهْنَاءِ نَفِدَ مَاؤُهُمْ فَدَعَا اللَّهَ فَنَبَعَ لَهُمْ مِنْ تَحْتِ رَمْلَةٍ فَارْتَوَوْا وَارْتَحَلُوا. وَأُنْسِيَ رَجُلٌ مِنْهُمْ بَعْضَ مَتَاعِهِ فَرَجَعَ فَأَخَذَهُ وَلَمْ يَجِدِ الْمَاءَ. وَخَرَجْتُ مَعَهُ مِنَ الْبَحْرَيْنِ إِلَى صَفِّ الْبَصْرَةِ فَلَمَّا كُنَّا بِلَيَاسٍ مَاتَ وَنَحْنُ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ فَأَبْدَى اللَّهُ لَنَا سَحَابَةً فَمُطِرْنَا فَغَسَّلْنَاهُ وَحَفَرْنَا لَهُ بِسُيُوفِنَا وَلَمْ نُلْحِدْ لَهُ وَدَفَنَّاهُ وَمَضَيْنَا. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ. ص: دَفَنَّاهُ وَلَمْ نُلْحِدْ لَهُ فَرَجَعْنَا لِنُلْحِدَ لَهُ فَلَمْ نَجِدْ مَوْضِعَ قَبْرِهِ. وَقَدِمَ أَبُو بَكْرَةَ الْبَصْرَةَ بِوَفَاةِ الْعَلاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ.
العلاء بن الحضرمي وهو العلاء بن عبد الله بن عمار بن اكبر عامل النبي صلى الله عليه وسلم سمع منه السائب بن يزيد سمعت أبي يقول ذلك.
الْعَلَاء بن الْحَضْرَمِيّ من الحضارمة حَلِيف لبني أُميَّة بن عبد شمس الْمَدِينِيّ عَامل النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَى الْبَحْرين سمع النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم رَوَى عَنهُ السَّائِب بن يزِيد فِي الْهِجْرَة
العلاء بْن الحضرمي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
1 عامل النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سَمِعَ منه السائب بْن يزيد، قتيبة حَدَّثَنَا الليث عَنِ ابْن قسيط أخبره سَعِيد بْن المسيب ان ابا هريرة رضى الله عَنْهُ قدم من هجر بكتاب من العلاء بن الحضرمي إلى عمر رضى الله عَنْهُ.
العلاء بن الحضرمي واسم الحضرمي عباد ويقال عبد الله بن عباد
كان يكتب للنبي. وعن ابن سيرين أن العلاء بن الحضرمي، كتب إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فبدأ بنفسه. وكان العلاء عاملاً للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على البحرين. فتوفي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو عليها. وكانت وفاته سنة إحدى وعشرين.
العلاء بن الحضرمي
- العلاء بن الحضرمي. وهو عبد الله بن عباد بن مالك بن ربيعة بن أكبر بن مالك بن عويف بن خزرج بن إياد بن الصدف بن حضرموت, من كندة. أمه زهرة بنت مالك بن حذيفة بن عامر بن جحجبا من الأوس, ولاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- البحرين فأقره أبو بكر, ثم ولاه عمر البصرة فمات بتياس من أرض بني تميم سنة أربع عشرة قبل أن يصل البصرة.
- الْعَلَاء بن الْحَضْرَمِيّ قَالَ أَبُو الْحسن هُوَ الْعَلَاء بن الْحَضْرَمِيّ بن عبد الله بن عماد بن أكبر بن ربيعَة بن مَالك بن أكبر بن عويف بن مَالك بن الْخَزْرَج بن أَسد بن الصدف وَقيل عماد بن سلمى بن أكبر وَقيل عماد بن مَالك بن أكبر وَزعم الأملوكي أَنه عباد قَالَ الشَّيْخ أَبُو الْحسن وَهُوَ تَصْحِيف عَامل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْبَحْرين أخرج البُخَارِيّ فِي الْهِجْرَة عَن السَّائِب بن يزِيد عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
العلاء بن الحضرمي, اسم الحضرمي عبد الله بن عماد بن سلمى بن أكبر
- العلاء بن الحضرمي, اسم الحضرمي عبد الله بن عماد بن سلمى بن أكبر. ويقال: عبد الله بن عباد بن أكبر بن ربيعة بن مالك بن عويف بن مالك بن خزرج بن إياد بن صدف بن زيد بن منيع بن حضرموت. أمه: الزهرة بنت مالك بن حذيفة بن عامر بن جحجبا بن حريش بن جحجبا, من الأنصار من الأوس. ولاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- البحرين وأبو بكر وعمر, ثم ولاه عثمان أرض البصرة فمات قبل أن يصل إليها بماء من مياه بني تميم, يقال له: تياس, سنة أربع عشرة.
العلاء بن الحضرمي
ب د ع: العلاء بْن الحضرمي واسم الحضرمي عَبْد اللَّه بْن عباد بْن أكبر بْن رَبِيعة بْن مَالِك بْن أكبر بْن عويف بْن مَالِك بْن الخزرج بْن أَبِي بْن الصدف، وقيل: عَبْد اللَّه بْن عمار، وقيل: عَبْد اللَّه بْن ضمار، وقيل: عَبْد اللَّه بْن عبيدة بْن ضمار بْن مَالِك.
وقَالَ الدارقطني: زعم الأملوكي، أَنَّهُ عَبْد اللَّه بْن عبادة، فصحف.
ولا يختلفون أَنَّهُ من حضرموت، حليف حرب بْن أمية، ولاه النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ البحرين، وتوفي النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو عليها، فأقره أَبُو بَكْر خلافته كلها، ثُمَّ أقره عُمَر، وتوفي فِي خلافة عُمَر سنة أربع عشرة، وقيل: توفي سنة إحدى وعشرين واليًا عَلَى البحرين، واستعمل عُمَر بعده أبا هُرَيْرَةَ.
وهذا العلاء هُوَ أخو عَامِر بْن الحضرمي الَّذِي قتل يَوْم بدر كافرًا، وأخوهما عَمْرو بْن الحضرمي، أول قتيل من المشركين قتله مُسْلِم، وكان ماله أول مال خمس فِي الْإِسْلَام قتل يَوْم نخلة.
وأختهم الصعبة بِنْت الحضرمي، وتزوجها أَبُو سُفْيَان وطلقها، فخلف عليها عُبَيْد اللَّه بْن عثمان التيمي، فولدت لَهُ طلحة بْن عُبَيْد اللَّه التيمي، قَالَ هذا جميعه ابْنُ الكلبي.
يُقال: إن العلاء كَانَ مجاب الدعوة، وَإِنه خاض البحر بكلمات قالها، ودعا بها، ولما قاتل أهل الردة بالبحرين كَانَ فِيهِ فِي قتالهم أثر كبير، وَقَدْ ذكرناه فِي الكامل فِي التاريخ، وذلك مشهور عَنْهُ، وكان لَهُ أخ يُقال لَهُ: ميمون بْن الحضرمي، وهو صاحب البئر التي بأعلى مكَّة المعروفة ببئر ميمون، حفرها فِي الجاهلية.
(1078) أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادِهِمْ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ، سَمِعَ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ، عَنِ الْعَلاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ، يَعْنِي مَرْفُوعًا، قَالَ: " يَمْكُثُ الْمُهَاجِرُ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ بِمَكَّةَ ثَلاثًا ".
وَرَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنِ السَّائِبِ، عَنِ الْعَلاءِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثَّلاثَةُ
العَلاَءُ بنُ الحَضْرَمِيِّ
وَاسْمُهُ: العَلاَءُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عِمَادِ بنِ أَكْبَرَ بنِ رَبِيْعَةَ بنِ مُقَنَّعِ بنِ حَضْرَمَوْتَ.
كَانَ مِنْ حُلَفَاءِ بَنِي أُمَيَّةَ، وَمِنْ سَادَةِ المُهَاجِرِيْنَ.
وَأَخُوْهُ مَيْمُوْنُ بنُ الحَضْرَمِيِّ، هُوَ المَنْسُوْبُ إِلَيْهِ بِئْرُ مَيمُوْنٍ الَّتِي بِأَعْلَى مَكَّةَ، احْتَفَرَهَا قَبْلَ المَبْعَثِ.
وَأَخَوَاهُمَا: عَمْرٌو، وَعَامِرٌ.
وَلاَّهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- البَحْرَيْنِ، ثُمَّ وَلِيَهَا لأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ.وَقِيْلَ: إِنَّ عُمَرَ بَعَثَهُ عَلَى إِمْرَةِ البَصْرَةِ، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهَا، وَوَلِيَ بَعْدَهُ البَحْرَيْنِ لِعُمَرَ: أَبُو هُرَيْرَةَ.
لَهُ حَدِيْثُ: (مُكْثُ المُهَاجِرِ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ بِمَكَّةَ: ثَلاَثاً ) .
رَوَاهُ عَنْهُ: السَّائِبُ بنُ يَزِيْدَ.
وَرَوَى عَنْهُ أَيْضاً: حَيَّانُ الأَعْرَجُ، وَزِيَادُ بنُ حُدَيْرِ.
رَوَى مَنْصُوْرُ بنُ زَاذَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ، عَنِ ابْنِ العَلاَءِ:
أَنَّ العَلاَءَ بنَ الحَضْرَمِيِّ كَتَبَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَبَدَأَ بِنَفْسِهِ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: كَانَ وَالِدُهُم الحَضْرَمِيُّ حِلْفَ حَرْبِ بنِ أُمَيَّةَ، وَهُوَ مِنْ بِلاَدِ حَضْرَمَوْتَ.
وَاسْمُهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ عَبَّادِ بنِ الصَّدَفِ.
ابْنُ لَهِيْعَةَ : عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ:بَعَثَهُ -يَعْنِي: العَلاَءَ- أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيْقُ فِي جَيْشٍ قِبَلَ البَحْرَيْنِ، وَكَانُوا قَدِ ارْتَدُّوا، فَسَارَ إِلَيْهِم، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَهُمُ البَحْرُ -يَعْنِي: الرَّقْرَاقُ- حَتَّى مَشَوْا فِيْهِ بِأَرْجُلِهِم، فَقَطَعُوا كَذَلِكَ مَكَاناً كَانَتْ تَجْرِي فِيْهِ السُّفُنُ - وَهِيَ اليَوْمَ تَجْرِي فِيْهِ أَيْضاً - فَقَاتَلَهُم، وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِم، وَبَذَلُوا الزَّكَاةَ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ: إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
بَعَثَنِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَعَ العَلاَءِ بنِ الحَضْرَمِيِّ، وَوَصَّاهُ بِي، فَكُنْتُ أُؤَذِّنُ لَهُ.
وَقَالَ المِسْوَرُ بنُ مَخْرَمَةَ: بَعَثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- العَلاَءَ إِلَى البَحْرَيْنِ، ثُمَّ عَزَلَهُ بِأَبَانَ بنِ سَعِيْدٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: بَعَثَ أَبُو بَكْرٍ العَلاَءَ بنَ الحَضْرَمِيِّ، فَخَرَجَ مِنَ المَدِيْنَةِ فِي سِتَّةَ عَشَرَ رَاكِباً، وَكَتَبَ لَهُ كِتَاباً: أَنْ يَنْفِرَ مَعَهُ كُلُّ مَنْ مَرَّ بِهِ مِنَ المُسْلِمِيْنَ إِلَى عَدُوِّهِم.
فَسَارَ العَلاَءُ فِيْمَنْ تَبِعَهُ، حَتَّى لَحِقَ بِحِصْنِ جُوَاثَى، فَقَاتَلَهُم، فَلَمْ يُفْلِتْ مِنْهُم أَحَدٌ.
ثُمَّ أَتَى القَطِيْفَ وَبِهَا جَمْعٌ، فَقَاتَلَهُم، فَانْهَزَمُوا، فَانْضَمَّتِ
الأَعَاجِمُ إِلَى الزَّارَةِ، فَأَتَاهُمُ العَلاَءُ، فَنَزَلَ الخَطَّ عَلَى سَاحِلِ البَحْرِ، فَقَاتَلَهُم، وَحَاصَرَهُم، إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ الصِّدِّيْقُ.فَطَلَبَ أَهْلُ الزَّارَةِ الصُّلْحَ، فَصَالَحَهُم، ثُمَّ قَاتَلَ أَهْلَ دَارِيْنَ، فَقَتَلَ المُقَاتِلَةَ، وَحَوَى الذَّرَارِي.
وَبَعَثَ عَرْفَجَةَ إِلَى سَاحِلِ فَارِسٍ، فَقَطَعَ السُّفُنَ، وَافْتَتَحَ جَزِيْرَةً بِأَرْضِ فَارِسٍ، وَاتَّخَذَ بِهَا مَسْجِداً.
مُجَالِدٌ: عَنِ الشَّعْبِيِّ:
أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إِلَى العَلاَءِ بنِ الحَضْرَمِيِّ وَهُوَ بِالبَحْرَيْنِ: أَنْ سِرْ إِلَى عُتْبَةَ بنِ غَزْوَانَ، فَقَدْ وَلَّيْتُكَ عَمَلَهُ، وَظَنَنْتُ أَنَّكَ أَغْنَى مِنْهُ، فَاعْرِفْ لَهُ حَقَّهُ.
فَخَرَجَ العَلاَءُ فِي رَهْطٍ، مِنْهُم: أَبُو هُرَيْرَةَ، وَأَبُو بَكْرَةَ، فَلَمَّا كَانُوا بِنيَاس، مَاتَ العَلاَءُ.
وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ مِنَ العَلاَءِ ثَلاَثَةَ أَشْيَاءَ، لاَ أَزَالُ أُحِبُّهُ أَبَداً:
قَطَعَ البَحْرَ عَلَى فَرَسِهِ يَوْمَ دَارِيْنَ، وَقَدِمَ يُرِيْدُ البَحْرَيْنِ، فَدَعَا اللهَ بِالدَّهْنَاءِ، فَنَبَعَ لَهُم مَاءً، فَارْتَوَوْا، وَنَسِيَ رَجُلٌ مِنْهُم بَعْضَ مَتَاعِهِ، فَرَدَّ، فَلَقِيَهُ، وَلَمْ يَجِدِ المَاءَ.
وَمَاتَ وَنَحْنُ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ، فَأَبْدَى اللهُ لَنَا سَحَابَةً، فَمُطِرْنَا، فَغَسَّلْنَاهُ، وَحَفَرْنَا لَهُ بِسُيُوْفِنَا، وَدَفَنَّاهُ، وَلَمْ نُلْحِدْ لَهُ.
العلاء بْن الحضرمي
ويقال اسم الحضرمي عَبْد اللَّهِ بْن عماد .
ويقال عَبْد اللَّهِ بْن عمار. ويقال عَبْد اللَّهِ بْن ضمار . ويقال عَبْد اللَّهِ بْن [عُبَيْدَة بْن ضمار بْن مَالِك ] بْن عميرة أو عُبَيْدَة بْن مَالِك، ونسبه بعضهم فقال: هو العلاء ابن عَبْد اللَّهِ بْن عَمَّار بْن أكبر بْن رَبِيعَة بْن مَالِك بْن أكبر بْن عويف بْن مَالِك بْن الخزرج، [من بني إياد] بن الصّدف. وقد قيل: الحضرميّ والد
العلاء هُوَ عَبْد اللَّهِ بْن عَمَّار بْن سُلَيْمَان بْن أكبر. وقيل عماد بْن مَالِك ابن أكبر.
قال الدار قطنى: وزعم الأملوكي أَنَّهُ عَبْد اللَّهِ بْن عباد فصحف، ولا يختلفون أَنَّهُ من حضرموت حليف بني أُمَيَّة، ولاه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ البحرين، وتوفي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عليها، فأقره أَبُو بَكْر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي خلافته كلها عليها، ثُمَّ أقره عُمَر. وتوفي فِي خلافة عُمَر سنة أربع عشرة. وقال الْحَسَن بْن عُثْمَان: توفي العلاء بْن الحضرمي سنة إحدى وعشرين واليا على البحرين، فاستعمل عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مكانه أَبَا هُرَيْرَةَ. وَقَدْ رَوَى الأَنْصَارِيُّ، عَنِ ابْنِ عَوْفٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ وَلَّى أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ الْبَحْرَيْنَ، وَهَذَا لا يعرفه أهل السير. وقال أَبُو عُبَيْدَة: مات أَبُو بَكْر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، والعلاء محاصر لأهل الردة، فأقره عُمَر وحينئذ بارز البراء بْن مَالِك ــمرزبان الزارة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعث العلاء بْن الحضرمي إِلَى المنذر بن ساوى [العبديّ ] مالك البحرين، ثُمَّ ولاه على البحرين إذ فتحها الله عَلَيْهِ، وأقره عليها أَبُو بَكْر، ثُمَّ ولاه عُمَر البصرة، فمات قبل أن يصل إليها بماءٍ من مياه بني تميم سنة أربع عشرة، وَهُوَ أول من نقش خاتم الخلافة.
وأخوه عَامِر بْن الحضرمي قتل يَوْم بدر كافرا. وأخوهما عَمْرو بْن الحضرمي أول قتيل من المشركين قتله مُسْلِم، وَكَانَ ماله أول مال خمس. قتل يَوْم النخلة [هُوَ ] وأختهم الصعبة بِنْت الحضرمي، كانت تحت أَبِي سُفْيَان بْن حرب، فطلقها، فخلف عليها عُبَيْد الله بْن عُثْمَان التيمي، فولدت لَهُ طَلْحَة بن عبيد الله.
قال ذَلِكَ كله ابْن الكلبي وَكَانَ يقال: إن العلاء بْن الحضرمي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ مجاب الدعوة، وإنه خاض البحر بكلمات قالها ودعا بها، وذلك مشهور عَنْهُ. وكان لَهُ أخ يقال لَهُ مَيْمُون الحضرمي، وَهُوَ صاحب البئر التي بأعلى مكة التي تعرف ببئر مَيْمُون، وَكَانَ حفرها فِي الجاهلية.

العباس بن عبد المطلب

العَبَّاسُ عَمُّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قِيْلَ: إِنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَ الهِجْرَةِ، وَكَتَمَ إِسْلاَمَهُ، وَخَرَجَ مَعَ قَوْمِهِ إِلَى بَدْرٍ، فَأُسِرَ يَوْمَئِذٍ، فَادَّعَى أَنَّهُ مُسْلِمٌ، فَاللهُ أَعْلَمُ.
وَلَيْسَ هُوَ فِي عِدَادِ الطُّلَقَاءِ؛ فَإِنَّهُ كَانَ قَدْ قَدِمَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبْلَ الفَتْحِ؛ أَلاَ تَرَاهُ أَجَارَ أَبَا سُفْيَانَ بنَ حَرْبٍ.وَلَهُ: عِدَّةُ أَحَادِيْثَ، مِنْهَا: خَمْسَةٌ وَثَلاَثُوْنَ فِي (مُسْنَدِ بَقِيٍّ) ، وَفِي (البُخَارِيِّ، وَمُسْلِمٍ) حَدِيْثٌ، وَفِي (البُخَارِيِّ) حَدِيْثٌ، وَفِي (مُسْلِمٍ) ثَلاَثَةُ أَحَادِيْثَ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ عَبْدُ اللهِ، وَكَثِيْرٌ؛ وَالأَحْنَفُ بنُ قَيْسٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ الحَارِثِ بنِ نَوْفَلٍ، وَجَابِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَأُمُّ كُلْثُوْمٍ بِنْتُ العَبَّاسِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَمِيْرَةَ، وَعَامِرُ بنُ سَعْدٍ، وَإِسْحَاقُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نَوْفَلٍ، وَمَالِكُ بنُ أَوْسِ بنِ الحَدَثَانِ، وَنَافِعُ بنُ جُبَيْرِ بنِ مُطْعِمٍ، وَابْنُهُ عُبَيْدُ اللهِ بنُ العَبَّاسِ، وَآخَرُوْنَ.
وَقَدِمَ الشَّامَ مَعَ عُمَرَ.
فَعَنْ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ: أَنَّ عُمَرَ لَمَّا دَنَا مِنَ الشَّامِ، تَنَحَّى وَمَعَهُ غُلاَمُهُ، فَعَمَدَ إِلَى مَرْكَبِ غُلاَمِهِ فَرَكِبَهُ، وَعَلَيْهِ فَرْوٌ مَقْلُوْبٌ، وَحَوَّلَ غُلاَمَهُ عَلَى رَحْلِ نَفْسِهِ.
وَإِنَّ العَبَّاسَ لَبَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى فَرَسٍ عَتِيْقٍ، وَكَانَ رَجُلاً جَمِيْلاً، فَجَعَلتِ البَطَارِقَةُ يُسَلِّمُوْنَ عَلَيْهِ، فَيُشِيْرُ: لَسْتُ بِهِ، وَإِنَّهُ ذَاكَ.
قَالَ الكَلْبِيُّ: كَانَ العَبَّاسُ شَرِيْفاً، مَهِيْباً، عَاقِلاً، جَمِيْلاً، أَبْيَضَ، بَضّاً، لَهُ ضَفِيْرَتَانِ، مُعْتَدِلَ القَامَةِ.
وُلِدَ قَبْلَ عَامِ الفِيْلِ بِثَلاَثِ سِنِيْنَ.
قُلْتُ: بَلْ كَانَ مِنْ أَطْوَلِ الرِّجَالِ، وَأَحْسَنِهِمْ صُوْرَةً، وَأَبْهَاهُم،
وَأَجْهَرِهِمْ صَوْتاً، مَعَ الحِلْمِ الوَافِرِ، وَالسُّؤْدُدِ.رَوَى: مُغِيْرَةُ، عَنْ أَبِي رَزِيْنٍ، قَالَ:
قِيْلَ لِلعَبَّاسِ: أَنْتَ أَكْبَرُ أَوِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟
قَالَ: هُوَ أَكْبَرُ، وَأَنَا وُلِدْتُ قَبْلَهُ.
قَالَ الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: كَانَ لِلعَبَّاسِ ثَوْبٌ لِعَارِي بَنِي هَاشِمٍ، وَجَفْنَةٌ لِجَائِعِهِمْ، وَمَنْظَرَةٌ لِجَاهِلِهِمْ.
وَكَانَ يَمْنَعُ الجَارَ، وَيَبْذُلُ المَالَ، وَيُعْطِي فِي النَّوَائِبِ.
وَنَدِيْمُهُ فِي الجَاهِلِيَّةِ أَبُو سُفْيَانَ بنُ حَرْبٍ.
ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَبِيْبَةَ، عَنْ دَاوُدَ بنِ الحُصَيْنِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
كَانَ العَبَّاسُ قَدْ أَسْلَمَ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى المَدِيْنَةِ.
إِسْنَادُهُ وَاهٍ.عَنْ عُمَارَةَ بنِ عَمَّارِ بنِ أَبِي اليَسَرِ السَّلَمِيِّ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ:
نَظَرْتُ إِلَى العَبَّاسِ يَوْمَ بَدْرٍ وَهُوَ وَاقِفٌ كَأَنَّهُ صَنَمٌ، وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ، فَقُلْتُ:
جَزَاكَ اللهُ مِنْ ذِي رَحِمٍ شَرّاً! أَتُقَاتِلُ ابْنَ أَخِيْكَ مَعَ عَدُوِّهِ؟
قَالَ: مَا فَعَلَ، أَقُتِلَ؟
قُلْتُ: اللهُ أَعَزُّ لَهُ، وَأَنْصَرُ مِنْ ذَلِكَ.
قَالَ: مَا تُرِيْدُ إِلَيَّ؟
قُلْتُ: الأَسْرُ؛ فَإِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عَنْ قَتْلِكَ.
قَالَ: لَيْسَتْ بِأَوَّلِ صِلَتِهِ.
فَأَسَرْتُهُ، ثُمَّ جِئْتُ بِهِ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
الثَّوْرِيُّ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ، أَوْ غَيْرِهِ، قَالَ:
جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ بِالعَبَّاسِ، قَدْ أَسَرَهُ، فَقَالَ: لَيْسَ هَذَا أَسَرَنِي.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لَقَدْ آزَرَكَ اللهُ بِمَلَكٍ كَرِيْمٍ ) .
ابْنُ إِسْحَاقَ: عَمَّنْ سَمِعَ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
أَسَرَ العَبَّاسَ أَبُو اليَسَرِ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (كَيْفَ أَسَرْتَهُ؟) .
قَالَ: لَقَدْ أَعَانَنِي عَلَيْهِ رَجُلٌ مَا رَأَيْتُهُ قَبْلُ وَلاَ بَعْدُ، هَيْئَتُهُ كَذَا.
قَالَ: (لَقَدْ أَعَانَكَ عَلَيْهِ مَلَكٌ كَرِيْمٌ ) .
ثُمَّ قَالَ لِلعَبَّاسِ: افْدِ نَفْسَكَ، وَابْنَ أَخِيْكَ عَقِيْلاً، وَنَوْفَلَ بنَ الحَارِثِ، وَحَلِيْفَكَ عُتْبَةَ بنَ جَحْدَمٍ.
فَأَبَى، وَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ مُسْلِماً قَبْلَ
ذَلِكَ، وَإِنَّمَا اسْتَكْرَهُوْنِي.قَالَ: (اللهُ أَعْلَمُ بِشَأْنِكَ، إِنْ يَكُ مَا تَدَّعِي حَقّاً، فَاللهُ يَجْزِيْكَ بِذَلِكَ، وَأَمَّا ظَاهِرُ أَمْرِكَ فَقَدْ كَانَ عَلَيْنَا، فَافْدِ نَفْسَكَ) .
وَكَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ عَرَفَ أَنَّ العَبَّاسَ أَخَذَ مَعَهُ عِشْرِيْنَ أُوْقِيَّةً ذَهَباً.
فَقُلْتُ : يَا رَسُوْلَ اللهِ، احْسُبْهَا لِي مِنْ فِدَائِي.
قَالَ: (لاَ، ذَاكَ شَيْءٌ أَعْطَانَا اللهُ مِنْكَ) .
قَالَ: فَإِنَّهُ لَيْسَ لِي مَالٌ!
قَالَ: (فَأَيْنَ المَالُ الَّذِي وَضَعْتَهُ بِمَكَّةَ عِنْدَ أُمِّ الفَضْلِ، وَلَيْسَ مَعَكُمَا أَحَدٌ غَيْرَكُمَا، فَقُلْتَ: إِنْ أُصِبْتُ فِي سَفَرِي فَلِلْفَضْلِ كَذَا، لِقُثَمَ كَذَا، وَلعَبْدِ اللهِ كَذَا؟) .
قَالَ: فَوَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ مَا عَلِمَ بِهَذَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ غَيَرَهَا، وَإِنِّي لأَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُوْلُ اللهِ.
يُوْنُسُ بنُ بُكَيْرٍ: عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ العَبَّاسِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
بَعَثَتْ قُرَيْشٌ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي فِدَاءِ أَسْرَاهُمْ.
فَفَدَى كُلُّ قَوْمٍ أَسِيْرَهُمْ، بِمَا تَرَاضَوْا.
وَقَالَ العَبَّاسُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، إِنِّي كُنْتُ مُسْلِماً.
إِلَى أَنْ قَالَ: وَأُنزِلَتْ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيْكُم مِنَ الأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوْبِكُم خَيْراً يُؤتِكُم خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُم وَيَغْفِرْ لَكُم} [الأَنْفَالُ: 70] .
قَالَ: فَأَعْطَانِي اللهُ مَكَانَ العِشْرِيْنَ أُوْقِيَّةً فِي الإِسْلاَمِ عِشْرِيْنَ عَبْداً،
كُلُّهُمْ فِي يَدِهِ مَالٌ يَضْرِبُ بِهِ، مَعَ مَا أَرْجُو مِنْ مَغْفِرَةِ اللهِ -تَعَالَى -.قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ أَكْثَرُ الأُسَارَى فِدَاءً يَوْمَ بَدْرٍ العَبَّاسُ، افْتَدَى نَفْسَهُ بِمائَةِ أُوْقِيَّةٍ مِنْ ذَهَبٍ.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
أَمْسَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالأُسَارَى فِي الوَثَاقِ، فَبَاتَ سَاهِراً أَوَّلَ اللَّيْلِ.
فَقِيْلَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، مَا لَكَ لاَ تَنَامُ؟
قَالَ: (سَمِعْتُ أَنِيْنَ عَمِّي فِي وَثَاقِهِ) .
فَأَطْلَقُوهُ، فَسَكَتَ، فَنَامَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُهَاجِرٍ: عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ:
أَسَرَ العَبَّاسَ رَجُلٌ، وَوَعَدُوْهُ أَنْ يَقْتُلُوْهُ، فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِنِّي لَمْ أَنَمِ اللَّيْلَةَ مِنْ أَجْلِ العَبَّاسِ؛ زَعَمَتِ الأَنْصَارُ أَنَّهُمْ قَاتِلُوْهُ) .
فَقَالَ عُمَرُ: أَآتِيْهِمْ يَا رَسُوْلَ اللهِ؟
فَأَتَى الأَنْصَارَ، فَقَالَ: أَرْسِلُوا العَبَّاسَ.
قَالُوا: إِنْ كَانَ لِرَسُوْلِ اللهِ رِضَىً، فَخُذْهُ.
سِمَاكٌ: عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
قِيْلَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ - بَعْدَ مَا فَرَغَ مِنْ بَدْرٍ - عَلَيْكَ بِالْعِيْرِ لَيْسَ دُوْنَهَا شَيْءٌ.
فَقَالَ العَبَّاسُ - وَهُوَ فِي وَثَاقِهِ -: لاَ يَصْلُحُ.
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لِمَ؟) .
قَالَ: لأَنَّ اللهَ وَعَدَكَ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، فَقَدْ أَعْطَاكَ مَا وَعَدَكَ.
هَكَذَا رَوَاهُ: إِسْرَائِيْلُ.
وَرَوَاهُ: عَمْرُو بنُ ثَابِتٍ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ مُرْسَلاً.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ قَيْسٍ: عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلٍ، قَالَ:لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ بَدْرٍ، اسْتَأْذَنَهُ العَبَّاسُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى مَكَّةَ، حَتَّى يُهَاجِرَ مِنْهَا.
فَقَالَ: (اطْمَئِنَّ يَا عَمُّ، فَإِنَّكَ خَاتَمُ المُهَاجِرِيْنَ، كَمَا أَنَا خَاتَمُ النَّبِيِّيْنَ ) .
إِسْنَادُهُ وَاهٍ.
رَوَاهُ: أَبُو يَعْلَى، وَالشَّاشِيُّ فِي (مُسْنَدَيْهِمَا) .
وَيُرْوَى نَحْوُهُ مِنْ مَرَاسِيْلِ الزُّهْرِيِّ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ : الطَّبَقَةُ الثَّانِيَةُ مِنَ المُهَاجِرِيْنَ وَالأَنْصَارِ مِمَّنْ لَمْ يَشْهَدْ بَدْراً: فَبَدَأَ بِالعَبَّاسِ.
قَالَ: وَأُمُّهُ نُتَيْلَةُ بِنْتُ جَنَابِ بنِ كُلَيْبٍ.
وَسَرَدَ نَسَبَهَا إِلَى رَبِيْعَةَ بنِ نِزَارِ بنِ مَعَدٍّ.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وُلِدَ أَبِي قَبْلَ أَصْحَابِ الفِيْلِ بِثَلاَثِ سِنِيْنَ.
وَبَنُوْهُ: الفَضْلُ - وَهُوَ أَكْبَرُهُمْ - وَعَبْدُ اللهِ البَحْرُ، وَعُبَيْدُ اللهِ، وَقُثَمُ - وَلَمْ يُعْقِبْ - وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ - تُوُفِّيَ بِالشَّامِ وَلَمْ يُعْقِبْ - وَمَعَبْدٌ - اسْتُشْهِدَ بِإِفْرِيْقِيَةَ - وَأَمُّ حَبِيْبٍ.
وَأُمُّهُمْ: أُمُّ الفَضْلِ لُبَابَةُ الهِلاَلِيَّةُ، وَفِيْهَا يَقُوْلُ ابْنُ يَزِيْدَ الهِلاَلِيُّ:
مَا وَلَدَتْ نَجِيْبَةٌ مِنْ فَحْلِ ... بِجَبَلٍ نَعْلَمُهُ أَوْ سَهْلِكَسِتَّةٍ مِنْ بَطْنِ أُمِّ الفَضْلِ ... أَكْرِمْ بِهَا مِنْ كَهْلَةٍ وَكَهْلِ
قَالَ الكَلْبِيُّ: مَا رَأَيْنَا وَلَدَ أُمٍّ قَطُّ أَبْعَدَ قُبُوْراً مِنْ بَنِي العَبَّاسِ.
وَمِنْ أَوْلاَدِ العَبَّاسِ: كَثِيْرٌ - وَكَانَ فَقِيْهاً - وَتَمَّامٌ - وَكَانَ مِنْ أَشَدِّ قُرَيْشٍ - وَأُمَيْمَةُ؛ وَأُمُّهُمْ أُمُّ وَلَدٍ، وَالحَارِثُ بنُ العَبَّاسِ؛ وَأُمُّهُ: حُجَيْلَةُ بِنْتُ جُنْدَبٍ التَّمِيْمِيَّةُ.
فَعِدَّتُهُمْ عَشْرَةٌ.
الوَاقِدِيُّ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ يَزِيْدَ الهُذَلِيُّ، عَنْ أَبِي البَدَّاحِ بنِ عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عُوَيْمِ بنِ سَاعِدَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
أَتَيْنَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقِيْلَ: هُوَ فِي مَنْزِلِ العَبَّاسِ.
فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ، فَسَلَّمْنَا، وَقُلْنَا: مَتَى نَلْتَقِي؟
فَقَالَ العَبَّاسُ: إِنَّ مَعَكُمْ مِنْ قَوْمِكُمْ مَنْ هُوَ مُخَالِفٌ لَكُمْ، فَأَخْفُوا أَمْرَكُمْ حَتَّى يَنْصَدِعَ هَذَا الحَاجُّ، وَنَلْتَقِيَ نَحْنُ وَأَنْتُمْ، فَنُوْضِحُ لَكُمُ الأَمْرَ، فَتَدْخُلُوْنَ عَلَى أَمْرٍ بَيِّنٍ.
فَوَعَدَهُمُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةَ النَّفْرِ الآخِرِ بِأَسْفَلِ العَقَبَةِ، وَأَمَرَهُمْ أَلاَّ يُنَبِّهُوا نَائِماً، وَلاَ يَنْتَظِرُوا غَائِباً.
وَعَنْ مُعَاذِ بنِ رِفَاعَةَ، قَالَ:
فَخَرَجُوْا بَعْدَ هَدْأَةٍ يَتَسَلَّلُوْنَ، وَقَدْ سَبَقَهُمْ إِلَى ذَلِكَ المَكَانِ، مَعَهُ عَمُّهُ العَبَّاسُ وَحْدَهُ.
قَالَ: فَأَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ هُوَ، فَقَالَ:
يَا مَعْشَرَ الخَزْرَجِ! قَدْ دَعَوْتُمْ مُحَمَّداً إِلَى مَا دَعَوْتُمُوْهُ، وَهُوَ مِنْ أَعَزِّ النَّاسِ فِي عَشِيْرَتِهِ، يَمْنَعُهُ -وَاللهِ- مَنْ كَانَ مِنَّا عَلَى
قَوْلِهِ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ، وَقَدْ أَبَى مُحَمَّداً النَّاسُ كُلُّهُمْ غَيْرَكُمْ؛ فَإِنْ كُنْتُمْ أَهْلَ قُوَّةٍ وَجَلَدٍ وَبَصَرٍ بِالحَرْبِ، وَاسْتِقْلاَلٍ بِعَدَاوَةِ العَرَبِ قَاطِبَةً، فَإِنَّهَا سَتَرْمِيْكُمْ عَنْ قَوْسٍ وَاحِدَةٍ، فَارْتَؤُوا رَأْيَكُمْ، وَائْتَمِرُوا أَمْرَكُمْ؛ فَإِنَّ أَحْسَنَ الحَدِيْثِ أَصْدَقُهُ.فَأُسْكِتُوا، وَتَكَلَّمَ عَبْدُ اللهِ بنُ عَمْرِو بنِ حَرَامٍ، فَقَالَ:
نَحْنُ أَهْلُ الحَرْبِ، وَرِثْنَاهَا كَابِراً عَنْ كَابِرٍ.
نَرْمِي بِالنَّبْلِ حَتَّى تَفْنَى، ثُمَّ نُطَاعِنُ بِالرِّمَاحِ حَتَّى تَكَسَّرَ، ثُمَّ نَمْشِي بِالسُّيُوْفِ حَتَّى يَمُوْتَ الأَعْجَلُ مِنَّا.
قَالَ: أَنْتُمْ أَصْحَابُ حَرْبٍ، هَلْ فِيْكُمْ دُرُوْعٌ؟
قَالُوا: نَعَمْ، شَامِلَةٌ.
وَقَالَ البَرَاءُ بنُ مَعْرُوْرٍ: قَدْ سَمِعْنَا مَا قُلْتَ، إِنَّا -وَاللهِ- لَوْ كَانَ فِي أَنْفُسِنَا غَيْرُ مَا نَقُوْلُ لَقُلْنَا، وَلَكِنَّا نُرِيْدُ الوَفَاءَ، وَالصِّدْقَ، وَبَذْلَ المُهَجِ دُوْنَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فَبَايَعَهُمُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالعَبَّاسُ آخِذٌ بِيَدِهِ، يُؤَكِّدُ لَهُ البَيْعَةَ.
زَكَرِيَّا: عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
انْطَلَقَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالعَبَّاسِ، وَكَانَ العَبَّاسُ ذَا رَأْيٍ.
فَقَالَ العَبَّاسُ لِلسَّبْعِيْنَ: لِيَتَكَلَّمْ مُتَكَلِّمُكُم وَلاَ يُطِلِ الخُطْبَةَ؛ فَإِنَّ عَلَيْكُم عَيْناً.
فَقَالَ أَسْعَدُ بنُ زُرَارَةَ: سَلْ لِرَبِّكَ مَا شِئْتَ، وَسَلْ لِنَفْسِكَ وَلأَصْحَابِكَ، ثُمَّ أَخْبِرْنَا بِمَا لَنَا عَلَى اللهِ وَعَلَيْكُم.
قَالَ: (أَسْأَلُكُم لِرَبِّي أَنْ تَعْبُدُوْهُ، لاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً، وَأَسْأَلُكُم لِنَفْسِي وَأَصْحَابِي أَنْ تُؤْوُوْنَا، وَتَنْصُرُوْنَا، وَتَمْنَعُوْنَا مِمَّا تَمْنَعُوْنَ مِنْهُ أَنْفُسَكُمْ) .
قَالُوا: فَمَا لَنَا إِذَا فَعَلْنَا ذَلِكَ؟قَالَ: (الجَنَّةُ) .
قَالَ: فَلَكَ ذَلِكَ.
ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ:
قَالَ أَبُو رَافِعٍ: كُنْتُ غُلاَماً لِلعَبَّاسِ، وَكَانَ الإِسْلاَمُ قَدْ دَخَلَنَا، فَأَسْلَمَ العَبَّاسُ، وَكَانَ يَهَابُ قَوْمَهُ؛ فَكَانَ يَكْتُمُ إِسْلاَمَهُ، فَخَرَجَ إِلَى بَدْرٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي أُوَيْسٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ عَبَّاسِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مَعَبْدِ بنِ عَبَّاسٍ:
أَنَّ جَدَّهُ عَبَّاساً قَدِمَ هُوَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ، فَقَسَمَ لَهُمَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي خَيْبَرَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: فَقَالَ لِي مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ: هَذَا وَهْمٌ، بَلْ كَانَ العَبَّاسُ بِمَكَّةَ، إِذْ قَدِمَ الحَجَّاجُ بنُ عِلاَطٍ، فَأَخْبَرَ قُرِيشاً عَنْ نَبِيِّ اللهِ بِمَا أَحَبُّوا، وَسَاءَ العَبَّاسَ، حَتَّى أَتَاهُ الحَجَّاجُ، فَأَخْبَرَهُ بِفَتْحِ خَيْبَرَ، فَفَرِحَ.
ثُمَّ خَرَجَ العَبَّاسُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَلَحِقَ بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَطْعَمَهُ بِخَيْبَرَ مائَتَيْ وَسْقٍ كُلَّ سَنَةٍ، ثُمَّ خَرَجَ مَعَهُ إِلَى فَتْحِ مَكَّةَ.
يَزِيْدُ بنُ أَبِي زِيَادٍ: عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَارِثِ، عَنِ المُطَّلِبِ بنِ رَبِيْعَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَا بَالُ رِجَالٍ يُؤْذُوْنَنِي فِي العَبَّاسِ، وَإِنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيْهِ، مَنْ آذَى العَبَّاسَ فَقَدْ آذَانِي).
وَرَوَاهُ: خَالِدٌ الطَّحَّانُ عَنْ يَزِيْدَ، فَأَسْقَطَ المُطَّلِبَ.وَثَبَتَ أَنَّ العَبَّاسَ كَانَ يَوْمَ حُنِيْنٍ، وَقْتَ الهَزِيْمَةِ، آخِذاً بِلِجَامِ بَغْلَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَثَبَتَ مَعَهُ حَتَّى نَزَلَ النَّصْرُ.
الأَعْمَشُ: عَنْ أَبِي سَبْرَةَ النَّخَعِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ كَعْبٍ القُرَظِيِّ، عَنِ العَبَّاسِ، قَالَ:
كُنَّا نَلْقَى النَّفَرَ مِنْ قُرَيْشٍ، وَهُمْ يَتَحَدَّثُوْنَ، فَيَقْطَعُوْنَ حَدِيْثَهُمْ.
فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: (وَاللهِ لاَ يَدْخُلُ قَلْبَ رَجُلٍ الإِيْمَانُ حَتَّى يُحِبَّكُمْ للهِ وَلِقَرَابَتِي ) .
إِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ.
إِسْرَائِيْلُ: عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى الثَّعْلَبِيِّ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ وَقَعَ فِي أَبٍ لِلْعَبَّاسِ كَانَ فِي الجَاهِلِيَّةِ، فَلَطَمَهُ العَبَّاسُ.
فَجَاءَ قَوْمُهُ، فَقَالُوا: وَاللهِ لَنَلْطِمَنَّهُ كَمَا لَطَمَهُ.
فَلَبِسُوا السِّلاَحَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ فَصَعِدَ المِنْبَرَ، فَقَالَ: (أَيُّهَا النَّاسُ، أَيُّ أَهْلِ الأَرْضِ أَكْرَمُ عَلَى اللهِ؟) .
قَالُوا: أَنْتَ.
قَالَ: (فَإِنَّ العَبَّاسَ مِنِّي، وَأَنَا مِنْهُ، لاَ تَسُبُّوا أَمْوَاتَنَا فَتُؤْذُوا أَحْيَاءنَا) .
فَجَاءَ القَوْمُ، فَقَالُوا: نَعُوْذُ بِاللهِ مِنْ غَضَبِكَ يَا رَسُوْلَ اللهِ.
رَوَاهُ: أَحْمَدُ فِي (مُسْنَدِهِ ) .ثَوْرٌ: عَنْ مَكْحُوْلٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَعَلَ عَلَى العَبَّاسِ وَوَلَدِهِ كِسَاءً، ثُمَّ قَالَ: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْعَبَّاسِ وَوَلَدِهِ مَغْفِرَةً ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً لاَ تُغَادِرُ ذَنْباً، اللَّهُمَّ اخْلُفْهُ فِي وَلَدِهِ ) .
إِسْنَادُهُ جَيِّدٌ.
رَوَاهُ: أَبُو يَعْلَى فِي (مُسْنَدِهِ) .
إِسْمَاعِيْلُ بنُ قَيْسِ بنِ سَعْدٍ: عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلٍ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي القَيْظِ، فَقَامَ لِبَعْضِ حَاجَتِهِ، فَقَامَ العَبَّاسُ يَسْتُرُهُ بِكِسَاءٍ مِنْ صُوْفٍ، فَقَالَ: (اللَّهُمَّ اسْتُرِ العَبَّاسَ وَوَلَدَهُ مِنَ النَّارِ ) .
لَهُ طُرُقٌ، وَإِسْمَاعِيْلُ: ضُعِّفَ.
سُلَيْمَانُ بنُ المُغِيْرَةِ: عَنْ حُمَيْدِ بنِ هِلاَلٍ، قَالَ:
بَعَثَ ابْنُ الحَضْرَمِيِّ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَالٍ؛ ثَمَانِيْنَ أَلْفاً مِنَ البَحْرَيْنِ، فَنُثِرَتْ عَلَى حَصِيْرٍ.
فَجَاءَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَوَقَفَ، وَجَاءَ النَّاسُ؛ فَمَا كَانَ يَوْمَئِذٍ عَدَدٌ وَلاَ وَزْنٌ، مَا كَانَ إِلاَّ قَبْضاً.
فَجَاءَ العَبَّاسُ بِخَمِيْصَةٍ عَلَيْهِ، فَأَخَذَ، فَذَهَبَ يَقُوْمُ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: ارْفَعْ عَلَيَّ.
فَتَبَسَّمَ رَسُوْلُ اللهِ حَتَّى خَرَجَ ضَاحِكُهُ - أَوْ نَابُهُ - فَقَالَ: (أَعِدْ فِي المَالِ طَائِفَةً، وَقُمْ بِمَا تُطِيْقُ) .
فَفَعَلَ.
قَالَ: فَجَعَلَ العَبَّاسُ يَقُوْلُ - وَهُوَ مُنْطَلِقٌ -: أَمَّا إِحْدَى اللَّتَيْنِ وَعَدَنَا اللهُ،
فَقَدْ أَنْجَزَهَا، يَعْنِي قَوْلَهُ: {قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيْكُمْ مِنَ الأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوْبِكُم خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ} [الأَنْفَالُ: 70] .فَهَذَا خَيْرٌ مِمَّا أُخِذَ مِنِّي، وَلاَ أَدْرِي مَا يُصْنَعُ فِي الآخِرَةِ.
أَبُو الزِّنَادِ: عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
بَعَثَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عُمَرَ عَلَى الصَّدَقَةِ سَاعِياً، فَمُنِعَ ابْنُ جَمِيْلٍ، وَخَالِدٌ، وَالعَبَّاسُ.
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَا يَنْقِمُ ابْنُ جَمِيْلٍ إِلاَّ أَنْ كَانَ فَقِيْراً فَأَغْنَاهُ اللهُ! وَأَمَّا خَالِدٌ، فَإِنَّكُمْ تَظْلِمُوْنَ خَالِداً، إِنَّهُ قَدِ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتَادَهُ فِي سَبِيْلِ اللهِ؛ وَأَمَّا العَبَّاسُ، فَهِيَ عَلَيَّ وَمِثْلُهَا) .
ثُمَّ قَالَ: (أَمَا شَعَرْتَ أَنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيْهِ ) .
الأَعْمَشُ: عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي البَخْتَرِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ:
قُلْتُ لِعُمَرَ: أَمَا تَذْكُرُ إِذْ شَكَوْتَ العَبَّاسَ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: (أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيْهِ ؟) .
حُسَيْنُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ ضُمَيْرَةَ: عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِيٍّ: أَنَّ
رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (اسْتَوْصُوا بِالعَبَّاسِ خَيْراً، فَإِنَّهُ عَمِّي، وَصِنْوُ أَبِي) .إِسْنَادُهُ وَاهٍ.
مُحَمَّدُ بنُ طَلْحَةَ التَّيْمِيُّ: عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ بنِ مَالِكٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ سَعْدٍ:
كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي نَقِيْعِ الخَيْلِ، فَأَقْبَلَ العَبَّاسُ.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (هَذَا العَبَّاسُ عَمُّ نَبِيِّكُم، أَجْوَدُ قُرَيْشٍ كَفّاً، وَأَوْصَلُهَا ) .
رَوَاهُ: عِدَّةٌ، عَنْهُ.
وَثَبَتَ مِنْ حَدِيْثِ أَنَسٍ:
أَنَّ عُمَرَ اسْتَسْقَى، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا إِذَا قَحَطْنَا عَلَى عَهْدِ نَبِيِّكَ تَوَسَّلْنَا بِهِ؛ وَإِنَا نَسْتَسْقِي إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّكَ العَبَّاسِ.
الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَنَا سَاعِدَةُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ دَاوُدَ بنِ عَطَاءٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:اسْتَسْقَى عُمَرُ عَامَ الرَّمَادَةِ بِالعَبَّاسِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ هَذَا عَمُّ نَبِيِّكَ نَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِهِ، فَاسْقِنَا.
فَمَا بَرِحُوا حَتَّى سَقَاهُمُ اللهُ.
فَخَطَبَ عُمَرُ النَّاسَ، فَقَالَ:
إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَرَى لِلْعَبَّاسِ مَا يَرَى الوَلَدُ لِوَالِدِهِ، فَيُعَظِّمُهُ، وَيُفَخِّمُهُ، وَيَبَرُّ قَسَمَهُ؛ فَاقْتَدُوا أَيَّهَا النَّاسُ بِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي عَمِّهِ العَبَّاسِ، وَاتَّخِذُوْهُ وَسِيْلَةً إِلَى اللهِ فِيْمَا نَزَلَ بِكُم.
وَقَعَ لَنَا عَالِياً فِي (جُزْءِ البَانِيَاسِيِّ) .
وَدَاوُدُ: ضَعِيْفٌ.
ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ: عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
مَا رَأَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُجِلُّ أَحَداً مَا يُجِلُّ العَبَّاسَ أَوْ يُكْرِمُ العَبَّاسَ.
إِسْنَادُهُ صَالِحٌ.
وَيُرْوَى عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو :
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِنَّ اللهَ
اتَّخَذَنِي خَلِيْلاً، كَمَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيْمَ خَلِيْلاً، فَمَنْزِلِي وَمَنْزِلُ إِبْرَاهِيْمَ يَوْمَ القِيَامَةِ فِي الجَنَّةِ تُجَاهَيْنِ، وَالعَبَّاسُ بَيْنَنَا، مُؤْمِنٌ بَيْنَ خَلِيْلَيْنِ) .أَخْرَجَهُ: ابْنُ مَاجَةَ، وَهُوَ مَوْضُوْعٌ.
وَفِي إِسْنَادِهِ: عَبْدُ الوَهَّابِ العُرْضِيُّ الكَذَّابُ.
ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ العَامِرِيُّ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِلْعَبَّاسِ: (فِيْكُمُ النُّبُوَّةُ وَالمَمْلَكَةُ) .
هَذَا فِي (جُزْءِ ابْنِ دِيْزِيْلَ ) ، وَهُوَ مُنْكَرٌ.
ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ: عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ الثِّقَةِ، قَالَ:
كَانَ العَبَّاسُ إِذَا مَرَّ بِعُمَرَ أَوْ بِعُثْمَانَ، وَهُمَا رَاكِبَانِ، نَزَلاَ حَتَّى يُجَاوِزَهُمَا إِجْلاَلاً لِعَمِّ رَسُوْلِ اللهِ.
وَرَوَى: ثُمَامَةُ، عَنْ أَنَسٍ:
قَالَ عُمَرُ: اللَّهُمَّ إِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاسْقِنَا. صَحِيْحٌ.
وَفِي ذَلِكَ يَقُوْلُ عَبَّاسُ بنُ عُتْبَةَ بنِ أَبِي لَهَبٍ:بِعَمِّي سَقَى اللهُ الحِجَازَ وَأَهْلَهُ ... عَشِيَّةَ يَسْتَسْقِي بِشَيْبَتِهِ عُمُرْ
تَوَجَّهَ بِالعَبَّاسِ فِي الجَدْبِ رَاغِباً ... إِلَيْهِ، فَمَا إِنْ رَامَ حَتَّى أَتَى المَطَرْ
وَمِنَّا رَسُوْلُ اللهِ فِيْنَا تُرَاثُهُ ... فَهَلْ فَوْقَ هَذَا لِلْمَفَاخِرِ مُفْتَخَرْ
أَبُو مَعْشَرٍ: عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيْهِ، وَعَنْ عُمَرَ مَوْلَى غُفْرَةَ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ نُفَيْعٍ، قَالُوا:
لَمَّا اسْتُخْلِفَ عُمَرُ، وَفُتِحَ عَلَيْهِ الفُتُوْحُ، جَاءهُ مَالٌ، فَفَضَّلَ المُهَاجِرِيْنَ وَالأَنْصَارَ، فَفَرَضَ لِمَنْ شَهِدَ بَدْراً خَمْسَةَ آلاَفٍ، خَمْسَةَ آلاَفٍ، وَلِمَنْ لَمْ يَشْهَدْهَا وَلَهُ سَابِقَةٌ أَرْبَعَةُ آلاَفٍ، أَرْبَعَةُ آلاَفٍ؛ وَفَرَضَ لِلْعَبَّاسِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفاً.
سُفْيَانُ بنُ حَبِيْبٍ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ذَكْوَانَ، عَنْ صُهَيْبٍ مَوْلَى العَبَّاسِ، قَالَ:
رَأَيْتُ عَلِيّاً يُقَبِّلُ يَدَ العَبَّاسِ وَرِجْلَهُ، وَيَقُوْلُ: يَا عَمّ، ارْضَ عَنِّي.
إِسْنَادُهُ حَسَنٌ، وَصُهَيْبٌ لاَ أَعْرِفُهُ.
عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عَطَاءٍ: عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ مَكْحُوْلٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ: أَنَّهُ
قَالَ العَبَّاسُ: خَيْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ وَارِثُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَمُّهُ.سَمِعَهُ مِنْهُ: يَحْيَى بنُ أَبِي طَالِبٍ.
وَهُوَ قَوْلٌ مُنْكَرٌ.
قَالَ الضَّحَّاكُ بنُ عُثْمَانَ الحِزَامِيُّ: كَانَ يَكُوْنُ لِلْعَبَّاسِ الحَاجَةُ إِلَى غِلْمَانِهِ وَهُمْ بِالغَابَةِ، فَيَقِفُ عَلَى سَلْعٍ، وَذَلِكَ فِي آخِرِ اللَّيْلِ، فَيُنَادِيْهِم، فَيُسْمِعُهُم.
وَالغَابَةُ نَحْوٌ مِنْ تِسْعَةِ أَمْيَالٍ.
قُلْتُ: كَانَ تَامَّ الشَّكْلِ، جَهْوَرِيَّ الصَّوْتِ جِدّاً، وَهُوَ الَّذِي أَمَرَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَن يَهْتِفَ يَوْمَ حُنَيْنٍ: يَا أَصْحَابَ الشَّجَرَةِ.
قَالَ القَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ زَبْرٍ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ القَاضِي، أَخْبَرَنَا نَصْرُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا الأَصْمَعِيُّ، قَالَ:
كَانَ لِلْعَبَّاسِ رَاعٍ يَرْعَى لَهُ عَلَى مَسِيْرَةِ ثَلاَثَةِ أَمْيَالٍ، فَإِذَا أَرَادَ مِنْهُ شَيْئاً صَاحَ بِهِ، فَأَسْمَعَهُ حَاجَتَهُ.
لَيْثٌ: حَدَّثَنِي مُجَاهِدٌ، عَنْ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
أَعْتَقَ العَبَّاسُ عِنْدَ مَوْتِهِ سَبْعِيْنَ مَمْلُوْكاً.
عَلِيُّ بنُ زَيْدٍ: عَنِ الحَسَنِ، قَالَ:
وَبَقِيَ فِي بَيْتِ المَالِ بَقِيَّةٌ، فَقَالَ العَبَّاسُ لِعُمَرَ، وَلِلنَّاسِ: أَرَأَيْتُم لَوْ كَانَ فِيْكُم عَمُّ مُوْسَى، أَكُنْتُم تُكْرِمُوْنَهُ
وَتَعْرِفُوْنَ حَقَّهُ؟قَالُوا: نَعَمْ.
قَالَ: فَأَنَا عَمُّ نَبِيِّكُم، أَحَقُّ أَنْ تُكْرِمُوْنِي.
فَكَلَّمَ عُمَرُ النَّاسُ، فَأَعْطَوْهُ.
قُلْتُ: لَمْ يَزَلِ العَبَّاسُ مُشْفِقاً عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُحِبّاً لَهُ، صَابِراً عَلَى الأَذَى، وَلَمَّا يُسْلِمْ بَعْدُ، بِحَيْثُ أَنَّهُ لَيْلَةَ العَقَبَةِ عُرِفَ، وَقَامَ مَعَ ابْنِ أَخِيْهِ فِي اللَّيْلِ، وَتَوَثَّقَ لَهُ مِنَ السَّبْعِيْنَ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى بَدْرٍ مَعَ قَوْمِهِ مُكْرَهاً؛ فَأُسِرَ، فَأَبْدَى لَهُم أَنَّهُ كَانَ أَسْلَمَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَكَّةَ.
فَمَا أَدْرِي لِمَاذَا أَقَامَ بِهَا؟!
ثُمَّ لاَ ذِكْرَ لَهُ يَوْمَ أُحُدٍ، وَلاَ يَوْمَ الخَنْدَقِ، وَلاَ خَرَجَ مَعَ أَبِي سُفْيَانَ، وَلاَ قَالَتْ لَهُ قُرَيْشٌ فِي ذَلِكَ شَيْئاً، فِيْمَا عَلِمْتُ.
ثُمَّ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُهَاجِراً قُبَيْلَ فَتْحِ مَكَّةَ؛ فَلَمْ يَتَحَرَّرْ لَنَا قُدُوْمُهُ.
وَقَدْ كَانَ عُمَرُ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ لَهُ دَاراً بِالثَّمَنِ، لِيُدْخِلَهَا فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَامْتَنَعَ، حَتَّى تَحَاكَمَا إِلَى أُبِيِّ بنِ كَعْبٍ ... ، وَالقِصَّةُ مَشْهُوْرَةٌ، ثُمَّ بَذَلَهَا بِلاَ ثَمَنٍ.
وَوَرَدَ أَنَّ عُمَرَ عَمَدَ إِلَى مِيْزَابٍ لِلْعَبَّاسِ عَلَى مَمَرِّ النَّاسِ، فَقَلَعَهُ.
فَقَالَ لَهُ: أَشْهَدُ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هُوَ الَّذِي وَضَعَهُ فِي مَكَانِهِ.
فَأَقْسَمَ عُمَرُ: لَتَصْعَدَنَّ عَلَى ظَهْرِي، وَلَتَضَعَنَّهُ مَوْضِعَهُ.
وَيُرْوَى فِي خَبَرٍ مُنْكَرٍ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَظَرَ إِلَى الثُّرَيَّا، ثُمَّ قَالَ: (يَا
عَمّ، لَيَمْلِكَنَّ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ عَدَدُ نُجُوْمِهَا) .وَقَدْ عَمِلَ الحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ ابْنُ عَسَاكِرَ تَرْجَمَةَ العَبَّاسِ فِي بِضْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَرَقَةً.
وَقَدْ عَاشَ ثَمَانِياً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
وَمَاتَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ، فَصَلَّى عَلَيْهِ عُثْمَانُ، وَدُفِنَ بِالبَقِيْعِ.
وَعلَى قَبْرِهِ اليَوْمَ قُبَّةٌ عَظِيْمَةٌ مِنْ بِنَاءِ خُلَفَاءِ آلِ العَبَّاسِ.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ، وَغَيْرُهُ: بَلْ مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ.
وَقَالَ المَدَائِنِيُّ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ.
أَخْبَرَنَا المِقْدَادُ بنُ أَبِي القَاسِمِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ الأَخْضَرِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ البَرْمَكِيُّ حُضُوْراً، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مَاسِي، أَخْبَرَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الكَجِّيُّ، أَخْبَرَنَا الأَنْصَارِيُّ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا أَبِي، عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسٍ:
أَنَّ عُمَرَ خَرَجَ يَسْتَسْقِي، وَخَرَجَ العَبَّاسُ مَعَهُ يَسْتَسْقِي، وَيَقُوْلُ:
اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا إِذَا قَحَطْنَا عَلَى عَهْدِ نَبِيِّنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَوسَّلْنَا إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اللَّهُمَّ إِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّكَ.
قَالَ الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: سُئِلَ العَبَّاسُ: أَنْتَ أَكْبَرُ أَمْ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟
فَقَالَ: هُوَ أَكْبَرُ مِنِّي، وَأَنَا أَسَنُّ مِنْهُ، مَوْلِدُهُ بَعْدَ عَقْلِي أُتِيَ إِلَى أُمِي، فَقِيْلَ لَهَا: وَلَدَتْ آمِنَةُ غُلاَماً.
فَخَرَجَتْ بِي حِيْنَ أَصْبَحَتْ آخِذَةً بِيَدِي، حَتَّى دَخَلْنَا عَلَيْهَا، فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَمْصَعُ بِرِجْلَيْهِ فِي عَرَصَتِهِ، وَجَعَلَ النِّسَاءُ يَجْبِذْنَنِي
عَلَيْهِ، وَيَقُلْنَ: قَبِّلْ أَخَاكَ.كَذَا ذَكَرَهُ بِلاَ إِسْنَادٍ.
أَنْبَأَنَا طَائِفَةٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ طَبَرْزَدْ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الحُصَيْنِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ غَيْلاَنَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ بِشْرِ بنِ مَطَرٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بنُ فَضَالَةَ، عَنِ الحَسَنِ، عَنِ الأَحْنَفِ بنِ قَيْسٍ، سَمِعْتُ العَبَّاسَ يَقُوْلُ:
الَّذِي أُمِرَ بِذَبْحِهِ إِبْرَاهِيْمُ: هُوَ إِسْحَاقُ.
وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: عَنِ ابْنِ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ حُسَيْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
أَسْلَمَ العَبَّاسُ بِمَكَّةَ قَبْلَ بَدْرٍ، وَأَسْلَمَتْ أُمُّ الفَضْلِ مَعَهُ حِيْنَئِذٍ، وَكَانَ مُقَامُهُ بِمَكَّةَ.
إِنَّهُ كَانَ لاَ يَغْبَى عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
بِمَكَّةَ خَبَرٌ يَكُوْنُ إِلاَّ كَتَبَ بِهِ إِلَيْهِ.وَكَانَ مَنْ هُنَاكَ مِنَ المُؤْمِنِيْنَ يَتَقَوَّوْنَ بِهِ، وَيَصِيْرُوْنَ إِلَيْهِ، وَكَانَ لَهُم عَوْناً عَلَى إِسْلاَمِهِم.
وَلَقَدْ كَانَ يَطْلُبُ أَن يَقْدَمَ؛ فَكَتَبَ إِلَيْهِ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِنَّ مَقَامَكَ مُجَاهِدٌ حَسَنٌ) .
فَأَقَامَ بِأَمْرِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
إِسْنَادُهُ ضَعِيْفٌ.
وَلو جَرَى هَذَا، لَمَا طَلَبَ مِنَ العَبَّاسِ فِدَاءً يَوْم بَدْرٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ إِسْلاَمَهُ كَانَ بَعْدَ بَدْرٍ.
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ قَيْسِ بنِ سَعْدِ بنِ زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ: عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلٍ، قَالَ:
اسْتَأْذَنَ العَبَّاسُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الهِجْرَةِ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ: (يَا عَمُّ، أَقِمْ مَكَانَكَ، فَإِنَّ اللهَ يَخْتِمُ بِكَ الهِجْرَةَ كَمَا خَتَمَ بِيَ النُّبُوَّةَ ) .
إِسْمَاعِيْلُ: وَاهٍ.
وَرَوَى: عَبْدُ الأَعْلَى الثَّعْلَبِيُّ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (العَبَّاسُ مِنِّي، وَأَنَا مِنْهُ) .
إِسْنَادُهُ لَيْسَ بِقَوِيٍّ.
وَقَدِ اعْتَنَى الحُفَّاظُ بِجَمْعِ فَضَائِلِ العَبَّاسِ رِعَايَةً لِلْخُلَفَاءِ.
وَبِكُلِّ حَالٍ، لَوْ كَانَ نَبِيُّنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِمَّنْ يُوْرَثُ، لَمَا وَرِثَهُ أَحَدٌ بَعْدَ بِنْتِهِ وَزَوْجَاتِهِ، إِلاَّ العَبَّاسُ.
وَقَدْ صَارَ المُلْكُ فِي ذُرِّيَّةِ العَبَّاسِ، وَاسْتَمَرَّ ذَلِكَ، وَتَدَاوَلَهُ تِسْعَةٌ وَثَلاَثُوْنَ
خَلِيْفَةً إِلَى وَقْتِنَا هَذَا، وَذَلِكَ سِتُّ مائَةِ عَامٍ، أَوَّلُهُمُ السَّفَاحُ.وَخَلِيْفَةُ زَمَانِنَا المُسْتَكْفِي، لَهُ الاسْمُ المِنْبَرِيُّ، وَالعَقْدُ وَالحَلُّ بِيَدِ السُّلْطَانِ المَلِكِ النَّاصِرِ - أَيَّدَهُمَا اللهُ -.
وَإِذَا اقْتَصَرْنَا مِنْ مَنَاقِبِ عَمِّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى هَذِهِ النُّبْذَةِ، فَلْنَذْكُرْ وَفَاتَهُ:
كَانَتْ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ مِنَ الهِجْرَةِ، وَلَهُ سِتٌّ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً؛ وَلَمْ يَبْلُغْ أَحَدٌ هَذِهِ السِّنَّ مِنْ أَوْلاَدِهِ، وَلاَ أَوْلاَدِهِمْ، وَلاَ ذُرِّيَّتِهِ الخُلَفَاءِ.
وَلَهُ قُبَّةٌ عَظِيْمَةٌ شَاهِقَةٌ عَلَى قَبْرِهِ بِالبَقِيْعِ.
وَسَنَذْكُرُ وَلَدَهُ عَبْدَ اللهِ بنَ العَبَّاسِ الفَقِيْهَ مُفْرَداً.
جِنَازَةُ العَبَّاسِ:
عَنْ نَمْلَةَ بنِ أَبِي نَمْلَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
لَمَّا مَاتَ العَبَّاسُ، بَعَثَتْ بَنُوْ هَاشِمٍ مَن يُؤْذِنُ أَهْلَ العَوَالِي: رَحِمَ اللهُ مَنْ شَهِدَ العَبَّاسَ بنَ عَبْدِ المُطَّلِبِ.
فَحَشَدَ النَّاسُ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَزِيْدَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَزِيْدَ بنِ جَارِيَةَ، قَالَ:
جَاءَ مُؤْذِنٌ بِمَوْتِ العَبَّاسِ بِقُبَاءَ عَلَى حِمَارٍ، ثُمَّ جَاءنَا آخَرُ عَلَى حِمَارٍ، فَاسْتَقْبَلَ قُرَى الأَنْصَارِ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى السَّافِلَةِ، فَحَشَدَ النَّاسُ.
فَلَمَّا أُتِيَ بِهِ إِلَى مَوْضِعِ الجَنَائِزِ، تَضَايَقَ، فَقَدَّمُوا بِهِ إِلَى البَقِيْعِ.
فَمَا رَأَيْتُ مِثْلَ ذَلِكَ الخُرُوْجِ قَطُّ، وَمَا يَقْدِرُ أَحَدٌ يَدْنُو إِلَى سَرِيْرِهِ.
وَازْدَحَمُوا عِنْدَ
اللَّحْدِ، فَبَعَثَ عُثْمَانُ الشُّرَطَةَ يَضْرِبُوْنَ النَّاسَ عَنْ بَنِي هَاشِمٍ، حَتَّى خَلَصَ بَنُوْ هَاشِمٍ، فَنَزَلُوا فِي حُفْرَتِهِ.وَرَأَيْتُ عَلَى سَرِيْرِهِ بُرْدَ حِبَرَةٍ قَدْ تَقَطَّعَ مِنْ زِحَامِهِمْ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَتْنِي عُبَيْدَةُ بِنْتُ نَابِلٍ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ، قَالَتْ:
جَاءنَا رَسُوْلُ عُثْمَانَ وَنَحْنُ بِقَصْرِنَا عَلَى عَشْرَةِ أَمْيَالٍ مِنَ المَدِيْنَةِ؛ أَنَّ العَبَّاسَ قَدْ تُوُفِّيَ، فَنَزَلَ أَبِي، وَسَعِيْدُ بنُ زَيْدٍ، وَنَزَلَ أَبُو هُرَيْرَةَ مِنَ السَّمُرَةِ؛ فَجَاءنَا أَبِي بَعْدَ يَوْمٍ، فَقَالَ:
مَا قَدَرْنَا أَنْ نَدْنُوَ مِنْ سَرِيْرِهِ مِنْ كَثْرَةِ النَّاسِ، غُلِبْنَا عَلَيْهِ، وَلَقَدْ كُنْتُ أُحِبُّ حَمْلَهُ.
وَعَنْ عَبَّاسِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مَعْبَدٍ، قَالَ:
حَضَرَ غَسْلَهُ عُثْمَانُ، وَغَسَّلَهُ: عَلِيٌّ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَخَوَاهُ؛ قُثَمُ وَعُبَيْدُ اللهِ.
وَحَدَّتْ نِسَاءُ بَنِي هَاشِمٍ سَنَةً.
زُهَيْرُ بنُ مُعَاوِيَةَ: عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ [عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ] بنِ عَبَّاسٍ:
أَنَّ العَبَّاسَ أَعْتَقَ سَبْعِيْنَ مَمْلُوْكاً عِنْدَ مَوْتِهِ.
وَفِي (مُسْتَدْرَكِ الحَاكِمِ) : [عَنْ] مُحَمَّدِ بنِ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُجِلُّ العَبَّاسَ إِجْلاَلَ الوَالِدِ.
وَلِعَبْدِ الأَعْلَى، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ:عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوْعاً: (العَبَّاسُ مِنِّي، وَأَنَا مِنْهُ ) .
عَبْدُ الأَعْلَى الثَّعْلَبِيُّ: لَيِّنٌ.
يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بنُ أَبِي قُرَّةَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ أَبِي قَبِيْلٍ، عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ مَوْلَى العَبَّاسِ، سَمِعَ العَبَّاسَ يَقُوْلُ:
كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: (انْظُرْ فِي السَّمَاءِ) .
فَنَظَرْتُ، فَقَالَ: (مَا تَرَى؟) .
قُلْتُ: الثُّرَيَّا.
فَقَالَ: (أَمَا إِنَّهُ يَمْلِكُ هَذِهِ الأُمَّةَ بِعَدَدِهَا مِنْ صُلْبِكَ ) .
رَوَاهُ: الحَاكِمُ.
وَعُبَيْدٌ: غَيْرُ ثِقَةٍ.
وَرَوَى: الحَاكِمُ، أَنَّ زَحْرَ بنَ حِصْنٍ، عَنْ جَدِّهِ حُمَيْدِ بنِ مُنْهِبٍ، سَمِعَ جَدَّهُ خُرَيْمَ بنَ أَوْسٍ يَقُوْلُ:
هَاجَرْتُ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُنْصَرَفَهُ مِنْ تَبُوْكٍ، فَسَمِعْتُ العَبَّاسَ يَقُوْلُ:
يَا رَسُوْلَ اللهِ، إِنِّي أُرِيْدُ أَنْ أَمْتَدِحَكَ.
قَالَ: (قُلْ، لاَ يَفْضُضِ اللهُ فَاكَ) .
قَالَ:
مِنْ قَبْلِهَا طِبْتَ فِي الظِّلاَلِ وَفِي ... مُسْتَوْدَعٍ حَيْثُ يُخْصَفُ الوَرَقُ
ثُمَّ هَبَطْتَ البِلاَدَ لاَ بَشَرٌ ... أَنْتَ وَلاَ مُضْغَةٌ وَلاَ عَلَقُ بَلْ نُطْفَةٌ تَرْكَبُ السَّفِيْنَ وَقَدْ ... أَلْجَمَ نَسْراً وَأَهْلَهُ الغَرَقُ
تُنْقَلُ مِنْ صَالِبٍ إِلَى رَحِمٍ ... إِذَا مَضَى عَالَمٌ بَدَا طَبَقُ
حَتَّى احْتَوَى بَيْتُكَ المُهَيْمِنُ مِنْ ... خِنْدِفَ عَلْيَاءَ تَحْتَهَا النُّطُقُ
وَأَنْتَ لَمَّا وُلِدْتَ أَشْرَقَتِ الْـ ... أَرْضُ وَضَاءتْ بِنُورِكَ الأُفُقُ
فَنَحْنُ فِي ذَلِكَ الضِّيَاءِ وَفِي ... النُّوْرِ وَسُبُلُ الرَّشَادِ نَخْتَرِقُ
قَالَ الحَاكِمُ: رُوَاتُهُ أَعْرَابٌ، وَمِثْلُهُمْ لاَ يُضَعَّفُوْنَ.
قُلْتُ: وَلَكِنَّهُمْ لاَ يُعْرَفُوْنَ.
العباس بن عبد المطلب
أبو الفضل القرشي الهاشمي عم سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قيل: إنه أسلم قبل الهجرة، وكتم إسلامه إلى أن اسر ببدر فأظهر إسلامه. قدم الشام مع عمر بن الخطاب.
حدث العباس قال: قلت: يا رسول الله، إن أبا طالب كان يحفظك وينصرك فهل ينفعه ذلك؟ قال: نعم، وجدته في غمرات من النار فأخرجته إلى ضحضاح.
وحدث العباس أنه سمع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: إذا سجد العبد سجد معه سبعة آراب: وجهه، وكفاه، وركبتاه، وقدماه.
ولما دنا عمر من الشام وأخذ طريق أيلة تنحى معه غلامه. فلما أراد الركوب عمد إلى مركب غلامه وإن عليه لفرواً مقلوباً، فركب وحوَّل غلامه على رحل نفسه، وهو على جمل أحمر، وعمر يومئذ متزر بإزار، ومرتد بعمامة على حقبيه، تحته فرو، وإن العباس لبين يديه على عتيق يتقدى به وكان رجلاً جميلاً، فجعلت البطارقة يسلمون عليه ويشير أني لست به، وأنه ذاك، فيسلمون عليه ويرجعون معه حتى انتهى إلى أيلة والجابية، وتوافى إليه بها المسلمون وأهل الذمة.
قالوا: وركب عمر من الجابية يريد الأردن، وقد توافى إليه الناس، ووقف له المسلمون وأهل الذمة، فخرج عليهم على حمار، وأمامه العباس على فرس. فلما رآه أهل الكتاب سجدوا له، فقال: لا تسجدوا للبشر واسجدوا لله، ومضى في مسيره، وقال القسيسون والرهبان: ما رأينا أحداً قط أشبه بما يوصف من الحواريين من هذا الرجل. ثم دخل الأردن على بعيره.
وولد عبد المطلب بن هاشم اثني عشر رجلاً وست نسوة، منهم العباس، وكان شريفاً عاقلاً مهيباً. وضراراً، وكان من فتيان قريش جمالاً وسخاء، ومات أيام أوحي إلى سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا عقب له. وقُثم بن عبد المطلب لا عقب له. وأمهم نتيلة بنت جناب بن كليب بن مالك بن عمرو بن عامر بن زيد مناة بن عامر، وهو الضحيان بن سعد بن الخزرج بن تيم الله بن النمر بن قاسط.
قيل: إنه شهد بدراً كرهاً، وأنه اسلم بعد انصرافه إلى مكة، وهو وكَّد البيعة للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلة العقبة.
ولد العباس قبل الفيل بثلاث سنين، وكان أبيض جميلاً بضاً، له ضفيرتان معتدل القامة.
وفي موضع آخر: كان معتدل القناة، يعني طويلاً حسن الانتصاب ليس فيه جنأ.
سئل العباس: أن أكبر أو رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكبر منّي وولدته قلبه.
وقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للعباس: يا عماه، أنت أكبر مني وولدت قبله.
وقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للعباس: يا عماه، أنت أكبر مني، قال العباس: أنا أسنّ ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكبر.
قال ابن سلام:
لما أمعر أبو طالب قالت بنو هاشم: دعنا فليأخذ كل رجل منا رجلاً من ولدك. قال: اصنعوا ما أحببتم إلى خليتم لي عقيلاً، فأخذ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليّاً، فكان أول من أسلم ممن تلفت عليه حيطانه من الرجال، ثم أسامة بن زيد، فكان أو طالب يدّان لسقاية الحاج حتى أعوزه ذلك، فقال لأخيه العباس بن عبد المطلب وكان أكثر بني هاشم مالاً في الجاهلية -: يا أخي، قد رأيت ما دخل عليّ، وقد حضر الموسم ولا بدّ لهذه السقاية من أن تقام للحاج، فأسلفني عشرة آلاف درهم، فأسلفه العباس إياها، فأقام أبو طالب تلك السنة بها وبما احتال. فلما كانت السنة الثانية وأَفِدَ الموسم قال لأخيه العباس: يا أخي، إن الموسم قد حضر ولابدّ للسقاية من أن تقام، فأسلفني أربعة عشر ألف درهم فقال: إني قد أسلفتك عام أول عشرة آلاف درهم ورجوت ألاّ يأتي عليك هذا الموسم حتى تؤديها
فعجزت عنها، وأنت تطلب العام أكثر منها وترجو زعمت ألا يأتي عليك الموسم حتى تؤديها، فأنت عنها أعجز اليوم، ههنا أمر لك فيه فرج: أدفع إليك هذه الأربعة عشر ألف درهم، فإن جاء موسم قابل ولم توفني حقي الأول، وهذا فولاية السقاية إلي فأقوم بها وأكفيك هذه المؤنة إذا عجزت عنها، فأنعم له أبو طالب بذلك، فقال: ليحضر هذا الأمر بنو فاطمة ولا أريد سائر بني هاشم، ففعل أبو طالب وأعاره العباس الأربعة عشر الألف درهم بمحضر منهم ورضى. فلما كان الموسم العام المقبل، ولم يكن بدّ من إقامة السقاية، فقال العباس لأبي طالب: قد أفِد الحج وليس لدفع حقي إليّ وجه وأنت لا تقدر أن تقيم السقاية فدعني وولايتها أكِفكها وأبرئك من حقي، ففعل، فكان العباس بن عبد المطلب يليها وأبو طالب حيّ ثم تمّ ذلك لهم إلى اليوم.
قال معروف بن خربوذ: انتهى الشرف من قريش من الجاهلية إلى عشرة نفر من عشرة بطون، فأدركهم الإسلام فوصل ذلك لهم من بني هاشم: العباس بن عبد المطلب، كان قد سقى في الجاهلية الحجيج فبقي ذلك له في الإسلام. قال: وكانت سقاية الحاج في الجاهلية وعمارة المسجد الحرام وحلول الثغر في بني هاشم. فأما حلول الثغر فإن قريشاً لم تكن تملك عليها في الجاهلية أحداً، فإذا كانت الحرب أقرعوا بين أهل الرئاسة، فإذا حضرت الحرب أجلسوه، لا يبالون صغيراً أو كبيراً، أجلسوه تيمناً به. فلما كان أيام الفجار أقرعوا بين بني هاشم فخرج سهم العباس وهو غلام فأجلسوه على ترسٍ.
وقال العباس بن عبد المطلب في دم عمرو بن علقمة بن عبد المطلب بن عبد مناف يحرض أبا طالب بن عبد المطلب على الطلب به: " الطويل "
أبا طالبٍ لا تقبلِ النصْف منهُمُ ... وإنْ أنصفوا حتّى تعقّ وتظلِما
أبى قوما أن ينصفونا فأنصفت ... قواطعُ في أيماننا تقطر الدما
إذا خالطتْ هام الرجال رأيتها ... كبَيْض نعامٍ في الوغى قد تحطما
وزعناهُمُ وزع الحوامس غُدوة ... بكل يماني إذا عض صمّما
وزعناهُمُ وزع الحوامس غُدوة ... بكل يماني إذا عض صمّما
تركناهُمُ لا يستحلون بعدها ... لِذي رحمٍ يوماً من الناس مَحْرَما
قال الزبير: ويقال: كان للعباس بن عبد المطلب ثوب لعاري بن هاشم وجفنة لجائعهم ومِقْطَرة لجاهلهم، وفي ذلك يقول إبراهيم بن علي بن هرمة: " الطويل "
وكانت لعباس ثلاثٌ يعدّه ... إذا ما جنابُ الحيّ أصبح أشْهَبا
فسلسلةٌ تنهى الظلوم وجفنةٌ ... تباحُ فيكسوها السَّنام الْمُزَغَّبا
وحُلَّةٌ عَصبٍ ما تزال معُدَّةً ... لعارٍ ضريكٍ ثوبُه قد تهبَّبا
وكان يمنع الجار، ويبذل المال، ويعطي في النوائب، وكان نديمه في الجاهلية أبو سفيان بن حرب.
عن عمرو بن عثمان أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " أمتي أمة مباركة، لا يدري أولها خير أو آخرها ".
فأسلم العباس ليلة الغار، وأسلم عمر بعد أربع سنين من مبعث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وعن ابن عباس قال:
أسلم العباس بمكة قبل بدر، وأسلمت أم الفضل معه حينئذٍ، وكان مثقامه بمكة، إنه كان لا يغبّي على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمكة خبراً يكون إلاّ كتب به إليه، وكان مَنْ هناك من المؤمنين يتقوون به ويصيرون إليه، وكان لهم عوناً على إسلامهم، ولقد كان يطلب أن
يقدم على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيكتب إليه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن مقامك مجاهد حسن، فأقام بأمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وعن عبد الله بن الحارث بن نوفل أن قريشاً لما نفروا إلى بدر فكانوا بمرّ الظهران بعث أبو جهل من يومه فقال: يا معشر قريش، ألا تبّاً لرأيكم، ماذا صنعتم، خلّفتم بني هاشم وراءكم، فإن ظفر بكم محمد كانوا من ذلك بنجوة، وإن ظفرتم بمحمد أخذوا ثأرهم منكم من قريب من أولادكم وأهليكم، وفلا تذروهم في بَيْضَتِكم ونسائكم ولكن أخرجوهم معكم، وإن لم يكن عندهم غَناء، فرجعوا إليهم فأخرجوا العباس بن عبد المطلب ونوفلاً وطالباً وعقيلاً كُرهاً.
قال: هكذا ذكر ابن سعد، والصحيح أن العباس أسلم بعد بدر.
قال أبو اليسر: نظرت إلى العباس بن عبد المطلب يوم بدر وهو قائم كأنه صنم وعيناه تذرفان. فلما نظرت إليه قلت: جزاك الله من ذي رحم شرّاً، أتقاتل ابن أخيك مع عدوه! قال: ما فعل؟ وهل أصابه القتل؟ قلت: الله أعزُّ له وأنصر من ذلك، قال: ما تريد إليَّ؟ قلت: إسار، فإن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن قتلك، قال: ليست بأول صلته، فأسرته ثم جئت به إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال ابن عباس: وكان الذي أسر العباس بن عبد المطلب أن اليسر بن عمرو وهو كعب بن عمرو أحد بني سلمة، فقال له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كيف أسرته يا أبا اليسر؟ قال: لقد أعانني عليه رجل ما رأيته بعد ولا قبل، هيئته كذا، وهيئته كذا، قال: فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لقد أعانك عليه مَلَك كريم.
وعن ابن عباس قال: فبعثت قريش إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في فداء أسراهم، ففدى كل قوم أسيرهم بما
تراضوا، وقال العباس بن عبد المطلب: يا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إن قد كنت مسلماً فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الله أعلم بإسلامك، فإن يك كما تقول فالله يجزيك بذلك، فأما ظاهر أمرك فقد كان علينا، فأفد نفسك وابني أخيك نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، وعقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب، وحليفك عتبة بن عمرو بن جَحْدم أخو بني الحارث بن فهر، قال: ماذاك عندي يا رسول الله. قال: فأين المال الذي دفنت أنت وأم الفضل فقلت لها: إن أصبتُ في سفري هذا فهذا المال لبنيّ: الفضل وعبد الله وقُثَم؟ فقال: والله يا رسول الله إني لأعلم أنك رسول الله، إن هذا لشيء ما علمه أحد غيري وغير أم الفضل، فاسحب لي يا رسول الله ما أصبتم مني عشرين أوقية من مال كان معي. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ذاك شيء أعطاناه الله منك، ففدى نفسه وابني أخويه وحليفه. وأنزل الله عزّ وجلّ فيه: (يا أَيُّها النَّبيّ قُلْ لِمَنْ في أيديكُمُ مِن الأَسرى إنْ يَعْلَمِ اللهُ في قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ واللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) فأعطاني الله تعالى مكان العشرين الأوقية في الإسلام عشرين عبداً، كلهم في يده مال يضرب به مع ما أرجوا من مغفرة الله تعالى.
قال ابن إسحاق: وكان أكثر الأسارى يوم بدر فداء العباس بن عبد المطلب، وذلك لأنه كان رجلاً موسراً فافتدى نفسه بمئة أوقية من ذهب.
قال يحيى بن أبي كثير: لما كان يوم بدر أسر المسلمون من المشركين سبعين رجلاً، فكان ممن أسى عباس عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: فولي وَثاقة عمر بن الخطاب فقال عباس: أما والله يا عمر ما يحملك على شدة وثاقي إلا لطمتي إياك في رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال عمر: والله ما زادتك تلك عليَّ إلاّ كرامة، ولكن الله أمرنا بشدّ الوثاق، قال: فكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسمع أنين العباس فلا يأتيه النوم، فقالوا: يا رسول الله، ما يمنعك من النوم؟ فقال: كيف أنام وأنا أسمع أنين عمي؟! قال: فزعموا أن الأنصار أطلقوه من وثاقه وباتت تحرسه.
وفي حديث مجاهد
أن العباس أسره رجل من الأنصار وأوعدوه أن يقتلوه، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إني لم أنم الليلة من أجل العباس، وقد زعمت الأنصار أنهم قاتلوه، فقال عمر: آتيهم يا رسول الله؟ فأتى الأنصار فقال: أرسلوا العباس، قالوا: إن كان لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رضاً فخذه.
وعن ابن عباس قال: أقبل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين فرغ من بدر، قال: عليك العير ليس دونها شيء. قال: فناداه العباس وهو أسير: لا يصلح ذلك، فقال له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لمه؟ قال: لأن الله عزّ وجلّ وعدك إحدى الطائفتين وقد أعطاك ما وعدك.
وعن أنس بن مالك قال: قالت الأنصار: ذرنا يا رسول الله نترك لابن أخينا العباس فداءه، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا تذرون له درهماً واحداً.
وعن ابن عباس قال: قال العباس: فيّ نزلت: " مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يكونَ لهُ أسرَى حتَّى يُثْخِنَ في الأَرْضِ "، فأخبرت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بإسلامي وسألته أن يحاسبني بالعشرين أوقية التي أخذ مني، فأبى عليَّ، فأبدلني الله بالعشرين أوقية عشرين عبداً، كلهم تاجرٌ، مالي في يده.
وعن الهيثم بن معاوية قال: للعباس بن عبد المطلب عِدَةٌ في كتاب الله عزّ وجلّ ليس لغيره، وعده الله عزّ وجلّ إياها فهي تقرأ إلى يوم القيامة تكون له ولولده من بعده، قال الله عزّ وجلّ في
كتابه: " إنْ يَعْلَمِ اللهُ في قُلُبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ " فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للعباس: وفيْت فوفى الله لك. وذلك أن الإيمان كان في قلبه.
وعن حميد بن هلال قال: بعث ابن الحضرمي إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من البحرين بثمانين ألفاً، ما أتاه مال أكثر منه لا قبل ولا بعد قال: فنثرت على حصير ونودي بالصلاة، قال: وجاء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فمثل قائماً على المال، قال: وجاء أهل المسجد، قال: فما كان يومئذٍ عدد ولا وزن ما كان إلا قبضاً، قال: فجاء العباس بن عبد المطلب فحثى في خميصة عليه، فذهب يقوم فلم يستطع، قال: فرفع رأسه إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله، ارفع عليّ، فتبسمّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى خرج ضاحكه أو نابه فقال له: أعد في المال طائفة، وقم بما تطيق، قال: أفعل، قال: فجعل العباس يقول وهو منطلق: أما إحدى اللتين وعدنا الله فقد أنجزنا، وما ندري ما يصنع في الأخرى: " يا أَيُّها النَّبيّ قُلْ لِمَنْ في أيديكُمُ مِن الأَسرى إنْ يَعْلَمِ اللهُ في قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ واللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ "، قال: فهذا خير ما أخذ مني، ولا أدري ما يصنع الله في الآخرة، فما زال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ماثلاً على ذلك المال حتى ما بقي منه درهم وما بعث إلى أهله بدرهم، قال: ثم أتى الصلاة فصلى.
قال أبو رافع: بشرت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بإسلام العباس فأعتقني.
وعن سهل بن سعد قال: لما قدم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من بدر أستأذنه العباس أن يأذن له أن يرجع إلى مكة حتى يهاجر منها إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اطمئن يا عم، فإنك خاتم المهاجرين في الهجرة، كما أنا خاتم النبيين في النبوة.
قال ابن عباس: أسلم كل من شهد بدراً مع المشركين من بني هاشم، فادى العباس نفسه وابن أخيه عقيلاً، ثم رجعوا جميعاً إلى مكة، ثم أقبلوا إلى المدينة مهاجرين.
وعن العباس بن عبد المطلب قال:
لما كان يوم فتح مكة ركبت بغلة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وتقدمت إلى قريش وفي رواية: إلى مكة لأردهم عن حرب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ففقدني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسأل عني فقالوا: تقدم إلى مكة ليرد قريشاً عن حربك، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ردّوا عليّ أبي، ردّوا عليّ أبي، لا تقتله قريش كما قتلت ثقيف عروة بن مسعود، قال: فخرجت فوارس من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى يلقوني فردّوني معهم. فلما رآني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جهش واعتنقني باكياً، فقلت: يا رسول الله، إني ذهبت لأنصرك، فقال: نصرك الله، اللهم انصر العباس وولد العباس. قالها ثلاثاً. ثم قال: يا عمّ، أما علمت أن المهدي من ولدك موفقاً راضياً مرضياً؟ وعن عبادة بن الصامت: قال: أخذ العباس بعنان دابة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم حنين حين أنهزم المسلمون فلم يزل آخذاً بعنان دابته، حتى نصر الله رسوله وهزم المشركين.
وعن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب قال: دخل العباس على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مغضباً، فقال له: ما يغضبك؟ قال: يا رسول الله، ما لنا ولقريش إذا تلاقوا بينهم تلاقوا بوجوه مبشرة، وإذا لقونا لقونا بغير ذلك، فغضب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى احمرّ وجهه، وحتى استدرّ عرق بين عينيه، وكان إذا غضب استدرّ. فلما سُرّي عنه قال: والذي نفسي بيده أو نفس محمد بيده لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبكم لله عزّ وجلّ ولرسوله، ثم قال: أيها الناس، من آذى العباس فقد آذاني، وإنما عمّ الرجل صنو أبيه.
وعنه أيضاً قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: احفظوني في العباس، فإنه بقية آبائي، وإن عمّ الرجل صِنْو أبيه.
وعن العباس بن عبد المطلب أنه جلس إلى قوم فقطعوا حديثهم، فذكر ذلك لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: ما بال أقوام إذا جلس إليهم أحد من هل بيتي قطعوا حديثهم، والذي نفسي بيده لا يدخل قلب امرىء الإيمان حتى يحبهم لله ولقرابتهم مني.
وعن ابن عباس أن رجلاً شتم أباً للعباس في الجاهلية، فلطمه العباس، فأخذ قوم هذا السلاح، وأخذ قوم هذا السلاح، قال: فغضب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجاء فصعد المنبر فقال: من أنا؟ قالوا: أنت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: فإن عمّ الرجل صنو أبيه، لا تسبّوا أمواتنا فتؤذوا أحياءنا، فقالوا: نعوذ بالله من غضب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وفي حديث بمعناه: فصعد المنبر فقال: يا أيها الناس، أيُّ الناس تعلمون أكرم على الله عزّ وجلّ؟ قالوا: أنت. قال: فإن العباس مني وأنا منه، لا تسبوا أمواتنا فتؤذوا أحياءنا.
وزاد في آخر: فقالوا: يا رسول الله: نعوذ بالله من غضبك فاستغفر لنا، أحسبه قال: فاستغفر لهم.
وفي حديث بمعناه: " مَنْ سبّ العباس فقد سبَّني ".
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يغسلني العبّاس فإنه والد، والوالد لا ينظر إلى عورة ولدِه ".
وعن سهل بن سعد الساعدي قال: كنا مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سفر، فسما لحاجة له، فلحقه العباس بكساء فستره، قال فقال له: يا عباس، سترك الله من النار، وستر ولدك من النار.
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للعباس بن عبد المطلب: إذا كان غداة الاثنين فائتني أنت وولدك، فغدا وغدونا معه فألبسنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كساء له وقال: اللهم، اغفر للعباس ولولده مغفرة ظاهرة باطنة لا تغادر ذنباً، اللهم، اخلفه في ولده. وعن أبي أسيد الأنصاري الخزروجي البدري أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال للعباس بن عبد المطلب: يا أبا الفضل، لا تَرِمْ منزلك غداً أنت وبنوك، فإن لي فيكم حاجة، فانتظروه فجاء فقال: السلام عليكم، قالوا: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، قال: كيف أصبحتم؟ قالوا: بخير نحمد الله، كيف أصبحت أنت يا رسول الله، قال: بخير أحمد الله، فقال: تقاربوا ليزحف بعضكم إلى بعض، ثلاثاً. فلما أمكنوه اشتمل عليهم بملاءته، وقال: هذا العباس عمي وصنو أبي، وهؤلاء أهل بيتي، اللهم، استرهم من النار كستري إياهم بملاءتي هذه، قال: فَأمَّنّتْ اُسْكُفّه الباب وحوائط البيت. آمين آمين، ثلاثًا.
وعن أبي هريرة قال:
بعث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عمر بن الخطاب ساعياً على الصدقة، فمنع ابن جميل وخالد بن الوليد والعباس بن عبد المطلب، فقال رسول الله صلى اللهعليه وسلم: ما ينقم ابن جميل إلا أن كان فقيراً فأغناه الله، وأما خالد فإنكم تظلمون خالداً، إن خالداً قد احتبس أدْراعه وأعواده في سبيل الله، وأما العباس عمّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهي عليّ ومثلها معها. ثم قال: أما شعرت أن عمّ الرجل صنو أبيه؟ وفي حديث آخر مطول بمعناه: فقال له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا عمر، أكرمه أكرمك الله، أما علمت أن عمّ الرجل صنو أبيه؟ لا تكلم العباس فإنا قد تعجلنا منه صدقة سنتين.
وعن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " العباس بن عبد المطلب عمي وصنو أبي، فمن شاء فليباه بعمه ".
وعن عبد الله بن مسعود قال: " رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انتشل يد العباس بن عبد المطلب وقال: " هذا عمي وصنو أبي وسيد عمومتي من العرب، وهو معي في السناء الأعلى من الجنة ".
ومن حديث: " من آذى العباس فقد آذاني، إنما عمّ الرجل صنو أبيه ".
وعن قيس بن عاصم قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " العباس عمي وصنو أبي وبقية آبائي، اللهم، اغفر له ذنبه وتقبل منه أحسن ما عمل، وتجاوز عنه سيء ما عمل، وأصلح له في ذريته ".
وعن ابن عباس قال: جاء النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعود العباس فأخذ بيده العباس حتى صعد إليه على السرير فأقعده في مجلسه فقال: رفعك الله يا عم.
وعن أبي هريرة قال: قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للعباس بن عبد المطلب: " اللهم، اغفر للعباس وولد العباس ولمحبي ولد العباس وشيعتهم ".
قال أبو هريرة: ثم رأيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد ضرب بيديه على منكب العباس فقال: يا رب، هذا عمي وصنو أبي، اللهم، لا تفجعني به كما فجعتني بعمي حمزة يوم أحد، وكان أمرك يا رب قَدراً مقدوراً، ثم رأيت عينيه تذرفان بالدموع.
قال أبو هريرة: ثم رأيته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد رفع يديه وهو يدعو ويقول: " اللهم، اغفر للعباس ما أسرّ وما أعلن، وما أبدى وما أخفى، وما كان وما يكون منه ومن ذريته إلى يوم القيامة ".
قال أبو هريرة: وكان في المجلس عبد الله بن العباس وعبد الله بن جعفر وعقيل وعلي وفاطمة والحسن والحسين. فقال: هؤلاء أهلي، اللهم، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.
وعن الأعمش قال: بني العباس بن عبد المطلب داره التي كانت إلى المسجد فجعل يرتجز ويقول:
بنيتها باللّبن والحجاره ... والخشبات فوقها مطاره
يا رب باركن في أهل الداره فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اللهم، باركن في أهل الداره ".
قال: وجعل العباس ميزابها لاصقاً بباب المسجد يصب عليه، فطرحه عمر بن الخطاب فقال العباس: أما والله ما شده إلا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإنه لعلى منكبي، فقال عمر: لا جرم والله لا تشده إلا وأنت على منكبيّ، فشده على منكبي عمر.
وعن عبد الله بن العباس قال: قال لي العباس: جئت أنا وعلي إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلما رآنا قال: " بخٍ لكما، أنا سيد ولد آدم، وأنتم سيدا العرب ".
وعن ابن عباس قال: أمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المهاجرين والأنصار أن يصفّوا صفين، ثم أخذ بيد علي وبيد عباس، ثم مشى بينهم، ثم ضحك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم قال له علي: ممّ ضحكت يا رسول الله؟ قال: أن جبريل أخبرني أن الله تعالى باهى بالمهاجرين والأنصار أهل السموات السبع، وباهى بك يا علي وبك يا عباس حملة العرش.
وعن علي بن أبي طالب قال: لما فتح الله على نبيّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكة صلى بالناس الفجر من صبيحة ذلك، فضحك حتى بدت نواجذه، فقالوا: يا رسول الله، ما رأيناك ضحكت مثل هذه الضحكة، فقال: "
وما لي لا أضحك وهذا جبريل عليه السلام يخبرني عن الله عز وجل أن الله باهى بي وبعمي العباس وبأخي علي بن أبي طالب سكان الهواء وحملة العرش وأرواح النبيين وملائكة ست سماوات، وباهى بأمتي أهل سماء الدنيا ".
وعن سعد بن أبي وقاص قال:
خرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يجهز بعثاً بسوق الخيل وهو اليوم موضع سوق النخاسين فطلع العباس بن عبد المطلب على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هذا العباس عم نبيكم أجود قريش وأوصلها ".
وفي حديث: " أجود قريش كفاً وأوصلها لها ".
وعن ابن عمر أنه قال: استسقى عمر بن الخطاب عام الرمادة بالعباس بن عبد المطلب فقال: اللهم، إن هذا عمّ نبيك نتوجه به إليك، فاسقنا، فما برحوا حتى سقاهم الله، فخطب عمر الناس فقال: يا أيها الناس، إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يرى للعباس ما يرى الولد لوالده فيعظمه ويفخمه ويَبَرّ قسمه ولا تناله يمينه، فاقتدوا أيها الناس برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في عمه العباس، واتخذوه وسيلة إلى الله فيما نزل بكم.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ما رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكرم أحداً إكرامه العباس.
وعنها قالت: ما رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُجِلّ أحداً ما يُجِلّ العباس.
وعن عائشة رضوان الله عليها أنها قالت لعروة: يا بن أختي، لقد رأيت من تعظيم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العباس أمراً عجيباً: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانت تأخذه الخاصرة، فتشتد به جداً، قالت: فكنا نقول: أخذ
رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عرق الكلية ولا نهتدي للخاصرة، قالت: فاشتد به صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جداً حتى أغمي عليه، ففزع الناس إليه، قالت: فظننا أن به ذات الجنب فلددناه، قالت: ثم سُرّي عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فعرف أن قد لددناه، ووجد أثر اللدود فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أظننتم أن الله عز وجل سلطها عليّ، ما كان الله ليسلطها علي، والذي نفسي بيده لايبقى أحد في البيت إلا لُدّ، إلا عمي، قالت عائشة: فلقد رأيتهم يلدون رجلاً رجلاً، قالت: ومن في البيت يومئذ يذكر فضلهم، قالت: فلُدّ الرجال أجمعون، قالت: ثم بلَغَنا والله اللدود أزواجَ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قالت: فلددنا والله امرأة امرأة، قالت: حى بلغ اللدود امرأة منا، قالت: إني والله صائمة، قلنا لها: بئس ما تحسبين أن تتركين وقد أقسم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلددناها والله يا بن أختي وإنها لصائمة.
وفي حديث آخر عن العباس بن عبد المطلب قال: دخلت على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعنده نساء فيهن أسماء، وهي تدق سعطة لها فقال: " لا يبقى في البيت أحد شهد اللد إلا لُدّ، وإني قد أقسمت أن يميني لم تصب العباس ".
قال أنس بن مالك قال: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أشد الناس لطفاً بالعباس.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جالساً مع أصحابه وبجنبه أبو بكر وعمر، فاقبل العباس عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأوسع له أبو بكر فجلس بين النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبين أبي بكر، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأبي بكر: " إنما يعرف الفضل لأهل الفضل ذوو الفضل "، قال: ثم أقبل العباس على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحدثه فخفض النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صوته شديداً فقال أبو بكر لعمر: قد حدث برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الساعة علة قد شغلت قلبي، قال: فما زال العباس عند النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى فرغ من حاجته وانصرف، فقال أبو بكر للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا رسول الله، حديث بكل علةٌ الساعة "؟ قال: لا. قال: فإني قد رأيتك قد خفضت صوتك شديداً،
قال: إن جبريل أمرني إذا حضر العباس أن أخفض صوتي، كما أُمرتم أن تخفضوا أصواتكم عندي.
قال أبو رِشْدين كريب مولى ابن عباس: إن كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليجلّ العباس إجلال الولدِ والده، خاصة خص الله عزّ وجلّ العباس من بين الناس، وما ينبغي للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يجل أحداً إلا والداً أو عماً.
وعن عروة قال: أخذ العباس بن عبد المطلب بيد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في العقبة حين وافاه السبعون من الأنصار، فأخذ لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليهم واشترط له، وذلك والله في غرّة الإسلام وأوله من قبل أن يعبد الله أحد علانية.
وعن محمد بن علي قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوماً وهو في مجلس بالمدينة وهو يذكر ليلة العقبة فقال: " أيّدتُ تلك الليل بعمي العباس، وكان يأخذ على القوم ويعطيهم ".
وعن دحية الكلبي قال: قدمت من الشام فأهديتُ إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاكهة يابسة من فستق ولوز وكعك، فوضعته بين يديه، فقال: " اللهم، ائتني بأحبّ أهلي إليك أو قال: إليّ يأكل معي من هذا "، فطلع العباس، فقال: " ادنُ يا عم فني سألت الله عز وجل أن يأتيني بأحب أهلي إلي أو إليه يأكل معي من هذا فأتيت " قال: فجلس يأكل.
وعن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من لم يحبّ العباس بن عبد المطلب وأهل بيته فقد برىء اللهُ ورسولُه منه ".
وعن أبي الضحى قال: قال العباس للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إني لأعرف ضغائن في صدور أقوام بوقائع أوقعتُها فقال: " لن يبلغوا خيراً حتى يحبّوك لله ولقرابتي، ترجو سَلْهَم شفاعتي ولا ترجوها بنو عبد المطلب ".
وفي رواية: سَلهم: حيٌّ من مراد.
وعن عبد الله بن حارثة قال: لما قدم صفوان بن أمية المدينة أتى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: على من نزلت يا أبا وهب؟ قال: على العباس بن عبد المطلب، قال: نزلت على أشد قريش لقريش حباً.
وروى المنصور أبو جعفر عن أبيه عن جده عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " العباس وصيّي ووارثي ".
وعن ابن عباس قال: لما حاصر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطائف خرج رجل من الحصن فاحتمل رجلاً من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليدخله الحصن، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من يستنقذه فله الجنة، فقام العباس فمضى فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: امض ومعك جبريل وميكائيل، فمضى فاحتملهما جميعاً ووضعهما بين يدي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وفي حديث سمعناه عن جابر بن عبد الله قال: لقد بعث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم الطائف حنظلة بن الربيع إلى أهل الطائف يكلمهم، فاحتملوه ليدخلوه حصنهم فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من لهؤلاء وله مثل أجل غزاتنا هذه؟ فلم يقم إلا العباس بن عبد المطلب حتى أدركه في أيديهم قد كادوا أن يُدخلوه الحصن، فاحتضنه العباس، وكان رجلاً شديداً فاختطفه من أيديهم، وامطروا على العباس الحجارة من الحصن، فجعل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدعو له حتى انتهى به إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وعن أبي سفيان بن الحارث قال: اليوم علمت أن العباس سيد العرب بعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأنه أعظم الناس منزلة عند رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين أخطره قريشاً بأصلها فقال: لئن قتلوه لا أستبقي منهم أحداً أبداً. وقال في حمزة رضي الله عنه حين قتل ومُثِّل به: لئن بقيت لأمثلنّ بثلاثين من قريش. وقال المكثر: بسبعين.
وعن سعيد بن المسيب قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للعباس: يا أبا الفضل، ألا أبشرك؟ قال: بلى يا رسول الله، قال: لو قد متّ أعطاك الله حتى ترضى.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن الله تعالى اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً، فمنزلي ومنزل إبراهيم في الجنة تجاهين، والعباس بيننا مؤمن بين خليلين ".
وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أسعد الناس يوم القيامة العباس ".
وعن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، ما للعباس فضل؟ قال: " بلى. إن له في الجنة غرفة كما تكون الغرف، مُطِلّ عَلَيَّ يكلمني وأكلمه ".
قال عبد الله بن كثير: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أوصاني الله بذي القربى، وأمرني أن أبدأ بالعباس بن عبد المطلب ".
قال: وقال علي بن أبي طالب: أفضل هذه الأمة بعد نبيها أو بكر وعمر، ولو شئت أن أسمي لكم الثالث لسميته، وقال: لا يفضلني أحد على أبي بكر وعمر إلا جلدته جلداً وجيعاً، وسيكون في آخر
الزمان قوم ينتحلون محبتنا والتشيّع فينا، هم شرار عبد الله، الذي يشتمون أبا بكر وعمر.
قال: وقال علي: ولقد جاء سائل فسأل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأعطاه، وأعطاه أبو بكر، وأعطاه عمر، وأعطاه عثمان، فطلب الرجل من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يدعوا له فيما اعطوه بالبركة فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وكيف لا يبارك لك ولم يعطك إلا نبي أو صديق أو شهيد؟ ".
وعن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال:
كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا جلس جلس أبو بكر عن يمينه وعمر عن يساره، وعثمان بين يديه، وكان كاتبَ سِرّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإذا جاء العباس بن عبد المطلب تنحى أبو بكر وجلس العباس مكانه.
وعن المُجَمّع بن يعقوب الأنصاري عن أبيه قال: إن كانت حلقة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لتشتبك حتى تصير كالأسوار، وإن مجلس أبي بكر منها لفارغ منا يطمع فيه أحد من الناس، فإذا جاء أبو بكر جلس ذلك المجلس، وأقبل عليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بوجهه وألقى إليها حديثه، وسمع الناس، فطلع العباس فتزحزح له أبو بكر من مجلسه فعرف السرور في وجه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لتعظيم أبي بكر العباس.
وعن جابر بن عبد الله قال: جاء العباس بن عبد المطلب إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعليه ثياب بيض. فلما نظر إليه تبسم، فقال العباس: يا رسول الله، ما الجمال؟ قال: صواب القول بالحق، قال: فما الكمال؟ قال: حسن الفعال بالصدق.
وعن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين قال: أقبل العباس بن عبد المطلب وهو أبيض بضّ، وعليه حُلَّةٌ وله ضفيرتان. فلما رآه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تبسم فقال له العباس: مم ضحكت يا رسول الله أضحك الله سنك؟
قال أعجبني جمالك يا عم، فقال العباس: يا رسول الله، ما الجمال في الرجل؟ قال: اللسان.
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لكل شيء أسّ، وأسّ الإيمان الورع، ولكل شيء فرع وفرع الإيمان الصبر، ولكل شيء سنام وسنام هذه الأمة عمي العباس، ولكل شيء سِبط، وسبط هذه الأمة حبيباي الحسن والحسين، ولكل شيء جناح وجناح هذه الأمة أبو بكر وعمر، ولكل شيء مجنّ ومجن هذه الأمة علي بن أبي طالب ".
وعن أبي هريرة قال:
بعث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى عمه العباس بن عبد المطلب وإلى علي بن أبي طالب فأتياه في منزل أم سلمة فنهاهما عن بعض الأمر وأمرهما ببعض الأمر، فاختلفا وامتريا حتى ارتفعت أصواتهما، واشتد اختلافهما بين يدي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يا علي، مَهْ " وأقبل عليه وقال: " هل تدري لمن اغلظت؟! أبي وعمي وبقيتي وأصلي وعنصري وبقية نسل آبائي، خير أخصل الجاهلية محتداً، وأفضل أهل الإسلام نفساً وديناً بعدي، من جهل حقه فقد ضيع حقي، أما علمت أن الله جلّ ذكره مخرج من صلب عمي العباس أولاداً ولاة أمر أمتي يجعلم خلفاء ملوكاً ناعمين ومنهم مهديّ أمتي، يا علي، لست أنا ذكرتهم، ولكن الله هو الذي ذكرهم ورفع أصواتهم، فيخذل من ناوأهم، يجعل الله عز وجل فيهم نوراً ساطعاً، عبداً صالحاً، مهدياً سيداً، يبعثه الله حين فرقة من الأمر واختلاف شديد، فيحيي الله به كتابه وسنتي، ويعز به الدين وأولياءه في الأرض، يحبه الله في سمائه وملائكته وعباده الصالحون في شرق الأرض وغربها، وذلك يا علي بعد اختلاف الأخوين من ولد العباس فيقتل أحدهما صاحبه، ثم تقع الفتنة ويخرج قوم من ولدك يا علي فيفسدون عليهم البلدان ويعادونهم، ويفترون عليهم في قطر الأرض، ويفسد عليهم فيكن ذلك أشهراً أو تمام السنة، ثم يرد الله عز وجل النعمة
على ولد العباس، فلا يزال فيهم حتى يخرج مهدي أمتي منهم، شاب حدث السن، فيجمع الله به الكلمة ويحيي به الكتاب والسنة، ويعيش في زمانه كل مؤمن متمسك بكتاب الله وسنته، ينزل الله به رحمته، ويفرج به كل كربة كان في أمتي، يحبه ساكن السماء وساكن الأرض، فلا يزال ذلك فيه وفي نسله حتى ينزل عيسى بن مريم روح الله وكلمته فيقبض ذلك منهم. يا علي، أما علمت أن للعباس ولآل العباس من الله حافظاً، أعطاني الله ذلك فيهم، أما علمت أن عدوهم مخذول ووليهم منصور؟ قال: وغضب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غضباً شديداً حتى درّ عرق بين عينيه واحمرّ وجهه ودرت عروقه، فما كاد يقلع في المقالة في العباس وولده عامة نهاره. فلما رأى ذلك عليّ وثب إلى العباس فعانقه وقبل رأسه وقال: أعوذ بالله من سخط الله وسخط رسوله وسخط عمي، فما زال كذلك حتى سكن غضب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم قال: " يا علي، إنه من لم يعرف حق أبي وعمي وبقيتي وبقيتك العباس بن عبد المطلب ومكانه من الله ورسوله فقد جهل حقي، يا علي، احفظ عترته وولده فإن لهم من الله حافظاً، يَلُون أمر أمتي، يشد الله بهم الدين ويعز بهم الإسلام بعدما أُكفِىء الإسلام وغُيرت سنتي، يخرج ناصرهم من أرض يقال لها: خراسان برايات سود، فلا يلقاهم أحد إلا هزموه وغلبوا على ما في أيديهم حتى تضرب رايات ببيت المقدس ". ثم أمرهما رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فانصرفا. فلما أدبرا دعا لهما رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعاء كثيراً، وخرجا راضيين غير مختلفين.
وعن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال للعباس بن عبد المطلب: " فيكم النبوة والمملكة ".
وعن علي بن أبي طالب قال: لقي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العباس بن عبد المطلب يوم فتح مكة وهو على بغلته الشهباء فقال: " يا عم، ألا أحبوك ألا أجيزك؟ " قال: بلى فداك أبي وأمي يا رسول الله، قال: " إن الله فتح هذا الأمر بي ويختمه بولدك ".
وعن ابن عباس قال: قال العباس: يا رسول الله، ما لنا في هذا الأمر؟ قال: " لي النبوة ولكم الخلافة، بكم يفتح هذا الأمر، وبكم يختم ".
زاد غيره: وقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للعباس: " من أَحبَّك نالته شفاعتي، ومن أبغضك فلا نالته شفاعتي ".
وعن عمار بن ياسر قال: بينما النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ راكب إذ حانت منه التفاتة فإذا هو بالعباس فقال: يا عباس، قال: لبيك، قال: يا عم، قال: لبيك، قال: " إن الله بدأ الإسلام بي، وسيختمه بغلام من ولدك، وهو الذي يصلي بعيسى عليه السلام ".
وفي حديث: " وسيختمه بغلام من ولدك يملأها عدلاً كما ملئت جوراً، وهو الذي يصلي بعيسى ".
وعن أبي ميسرة قال: سمعت العباس يقول: كنت عند رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذات ليلة فقال: انظر هل ترى في السماء من شيء؟ قال: قلت: نعم. قال: ما ترى؟ قال: قلت: أرى الثريا. قال: أما إنه يملك هذه الأمة بعددها من صلبك.
وعن ابن عباس قال: حدثتني أم الفضل بنت الحارث الهلالية قالت: مررت بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو في الحجر، قال: يا أم الفضل، إنك حامل بغلام، قلت: يا رسول الله، وكيف وقد تحالف الفريقان ألا يأتوا النساء؟! قال: هو ما أقول لك، فإذا وضعتيه فائتني به. قالت: فلما وضعته أتيت به رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأذن في أذنه اليمنى، وأقام في أذنه اليسرى فقال: اذهبي بأبي الخلفاء. قالت: فأتيت العباس فأعلمته، وكان رجلاً جميلاً لباساً، فأتى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فلما رآه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قام إليه فقبّل ما بين عينيه ثم
أقعده عن يمينه ثم قال: هذا عمي، فمن شاء فليباه بعمه. قلت: يا رسول الله، بعض القول. فقال: يا عباس، لم لا أقول هذا وأنت عمي وصنو أبي وبقية آبائي وخير من أخلّف بعدي من أهلي، فقلت: يا رسول الله، ما شيء أخبرّتْني به أم الفضل عن مولودنا هذا؟ قال: نعم، يا عباس، إذا كانت سنة خمس وثلاثين ومئة فهي لك ولولدك منهم السفاح ومنهم المنصور ومنهم المهدي.
وعن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هبط عليّ جبريل وعليه قباء أسود، وعمامة سوداء فقلت: ما هذه الصورة التي لم أرك هبطت عليّ فيها قطّ؟ قال: هذه صورة الملوك من ولد العباس عمك. قلت: وهم على حق؟ قال جبريل نعم، قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللهم، اغفر للعباس وولده حيث كانوا، وأين كانوا. قال جبريل: ليأتين على أمتك زمان يُعزّ الله الإسلام بهذا السواد. قلت: رئاستهم ممن؟ قال: من ولد العباس، قلت: وتبّاعهم؟ قال: من أهل خراسان. قلت: وأي شيء يملك ولد العباس؟ قال: يملكون الأصفر والأخضر، والحجر والمدر، والسرير والمنبر، والدنيا إلى المحشر، والملك إلى المنشر.
وعن عامر الشعبي قال: قال العباس لعلي بن أبي طالب حين مرض النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن أكاد أعرف في وجه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الموت، فانطلق بنا إليه نسأله مَنْ يستخلف، فإن يستخلف منا فذاك، وإلا أوصى بنا. قال: فقال علي للعباس كلمة فيها جفاء، فلما قبض صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال العباس لعليّ: ابسط يدك فلنبايعك قال: فقبض يده.
فقال عامر: لو أن علياً أطاع العباس في أحد البابين كان خيراً من حُمْر النَّعم.
قال عامر: لو أن العباس شهد بدراً ما فضله أحد من الناس رأياً ولا عقلاً.
وحدث إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص هو وغيره قالا: ما أدركنا أحداً من الناس إلا وهو يقدم العباس بن عبد المطلب في العقل في الجاهلية والإسلام.
وروي أن العباس بن عبد المطلب لم يمر قط بعمر بن الخطاب ولا بعثمان بن عفان وهما راكبان إلا نزلا حتى يجوز العباس بهما، إجلالاً له أن يمرّ بهما عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهما راكبان وهو يمشي.
وعن أنس قال: كانوا إذا قُحطوا على عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استسقَوا بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسقوا. فلما كان بعد وفاة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في إمارة عمر قحطوا فأخرج عمر العباس يستسقي به فقال: اللهم، إنا كنا إذا قحطنا على عهد نبيك استسقينا به فستسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبيك فاسقنا. قال: فسُقُوا.
وعن ابن عباس أن عمر استسقى بالناس بالمصلى، فقال عمر للعباس: قم فاستسق، فقام العباس فقال: اللهم، إن عندك سحاباً وعندك ماء، فانشر السحاب ثم أنزل فيه الماء، ثم أنزله علينا فاشدد به الأصل، وأطل به الفرع، وأدْرِر به الضرع، اللهم، إنا شفعاء إليك عمَّن لا ينطق من بهائمنا وأنعامنا، اللهم، شفعنا في أنفسنا وأهالينا، اللهم، إنا نشكو إليك جوع كل جائع، وعُري كل عار، وخوف كل خائف، اللهم، اسقنا سقيا وادعةً نافعةً طبعاً مجلّلاً عامّاً.
وعن أبي صالح
أن العباس بن عبد المطلب يوماً استسقى به عمر بن الخطاب. فلما فرغ عمر من دعائه، قال العباس: اللهم، إنه لم ينزلْ بلاء من السماء إلا بذنب، ولا يُكشف إلا بتوبة، وقد توجّه بي القوم إليك لمكاني من نبيك صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهذه أيدينا إليك بالذنوب
ونواصينا بالتوبة، وأنت الراعي لا تُهمل الضالة، ولا تدع الكسير بدار مَضِيعةٍ، فقد ضرع الصغير ورقّ الكبير، وارتفعت الشكوى، وأنت تعلم السر وأخفى، اللهم، فأغثهم بغياثك قبل أن يقنطوا فيهلكوا فإنه لا ييأس من رحمتك إلا القوم الكافرون، قال: فما تمّ كلامه حتى أرخت السماء مثل الحبال.
وفي ذلك يقول عباس بن عتبة بن أبي لهب: " الطويل "
بعمّي سقى الله الحجاز وأهلَه ... عشيةَ يستسقي بشيبته عُمَرْ
توجّه بالعباس في الجدب راغباً ... إليه فما إنْ رامَ حتى أتى المطرْ
ومنّا رسول الله فينا تُراثُه ... فهل فوق هذا للمفاخِر مُفْتَخرْ
وعن جابر بن عبد الله قال: أصابتنا سنة الرمادة فاستسقينا فلم نُسْق ثم استسقينا فلم نُسق، ثم استسقينا فلم نُسق. فقال عمر: لأستسقين غداً بمن يسقيني الله، فقال الناس: بمن؟ بعلي، بحسن، بحسين؟ فلما أصبح غدا إلى منزل العباس فدقّ عليه، فقال: من؟ فقال: عمر، قال: ما حاجتك؟ قال: اخرج حتى نستسقي الله بك، قال: اقعد، فأرسلَ إلى بني هاشم أن تطهروا والبسوا من صالح ثيابكم، فأتوه، فأخرج إليهم طيباً فطيَّبهم، ثم خرج وعليٌّ أمامه بين يديه، والحسن عن يمينه، والحسين عن يساره، وبنو هاشم خلف ظهره، فقال: يا عمر، لا تخلط بنا غيرنا، قال: ثم أتى المصلى، فوقف فحمد الله وأثنى عليه وقال: اللهم، إنك خلقتنا ولم تؤامرنا، وعلمت ما نحن عاملون قبل ان تخلقنا، فلم يمنعك علمك فينا عن رزقنا، اللهم، فكما تفضَّلْتَ علينا في أوله فتفضّلْ علينا في آخره، فما برحنا حتى سحَّت السماء علينا سحّاً، فما وصلنا إلى منازلنا إلا خوضاً. فقال العباس: أنا المُسقى ابن المسقى ابن المُسقى، خمس مرات. فقال سعيد: فقلت لموسى بن جعفر: كيف ذاك؟ قال: استسقى فسقي عام الرمادة، واستسقى
عبد المطلب فسقي زمزم، فنافسته قريش، فقالوا: ائذن لنا فيه فأبى، فقالوا: بيننا وبينك راهب إيلياء، فخرجوا معه، وخرج مع عبد المطلب نفر من أصحابه. فلما كانوا في الطريق نفِد ماء عبد المطلب وأصحابه فقال للقرشيين، اسقونا، فأبوا، فقال عبد المطلب: علام نموت حسرة؟ فركب راحلته. فلما نهضت انبعث من تحت خفّها عين، فشرب وسقى أصحابه، واستسقوه القرشيون فسقاهم فقالوا: إن الذي أسقاك في هذه الفلاة هو الذي أسقاك زمزم، فارجع فلا خصومة لنا معك.
وكان لعبد المطلب مال بالطائف يقال له: ذو الجذم، فغلبت عليه بنو ذباب وكلاب، وغلَبَ عليه، ثم أتى فقال: هذا المال لي فجُحده، فقال: بيني وبينكم سطيح، فخرجوا وخرج معه نفر من قومه حتى إذا كانوا في فلاً من الأرض عطش وفني ماؤه، فاستسقى بني كلاب وبني ذباب فأبوا أني سقوه وقالوا: موتوا عطشاً، فركب راحلته وخرج. فبينا هو يسير إذ انبعثت عين، فلوَّح بسيفه إلى أصحابه فأتوه، فلما رأوا ذباب كثرة الماء أهراقوا ماءهم، فاستسقوه، فقال القرشيون: والله لا نسقيكم، فقال عبد المطلب: لا تتحدث العرب أن قوماً من العرب ماتوا عطشاً وأنا أقدر على الماء فسقاهم ثم رحلوا إلى سطيح، فقالت بنو ذباب: والله ما ندري أصادق فيما يقضي بيننا؟ فخبّأ رجل منهم ساق جرادة. فلما قدموا عليه قال الرجل، إني خبأت لك خبيئاً فما هو؟ قال: ظهر كالفقار، طار فاستطار، واسق كالمنشار، ألق ما في يدك، فالقى ساق جرادة، قال: وخبّأ رجل منهم تمرة فقال: قد خبأت خبيئة، قال: طالب فبسَق وأينع فأطعم، ألق التمرة، وخبأ له رجل آخر رأس جرادة، خرزها في مزادة، فعلقها في عنق كلب يقال له: يسار. فقال: خبأت خبيئاً فما هو؟ فقال: رأس جرادة خرزت في مزادة في عنق كلبك يسار، ثم اختصموا إليه فقضى لعبد المطلب بالمال. فغرموا لعبد المطلب مئة ناقة، وغرموا لسطيح مئة ناقة، فقدم عبد المطلب فاستعار قدوراً، فنحر وأطعم الناس حوله، ثم أرسل إلى جبال مكة فنحر، فأكلته السباع والطير والناس، والخامسة أسقى الله إسماعيل زمزم.
وعن ابن عباس قال:
كانت للعباس دار إلى جنب المسجد بالمدينة، فقال له عمر بن الخطاب: بعنيها أو هبْها لي حتى أدخلها في المسجد فأبى، فقال: اجعل بيني وبينك رجلاً من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجعلا بينهما أبيًّ بن كعب، فقضى للعباس على عمر، فقال عمر: ما أحدٌ من أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أجرأ علي منك، فقال أبيُّ بن كعب: أو أنصح لك مني. ثم قال: يا أمير المؤمنين، أما بلغك حديث داود أن الله أمره ببناء بيت المقدس، فأدخل فيه بيت امرأة بغير إذنها، فلما بلغ حِجْز الرجال منعه الله بناءه قال داود: أي ربّي، إن منعتني بناءه فاجعله في خلفي، فقال العباس: أليس قد قضيتَ لي بها وصارت لي؟ قال: بلى، قال: فإني أشهدك أني قد جعلتها لله عزّ وجلّ.
وعن عدي بن سهيل قال: لما استمدَّ أهل الشام عمر على أهل فلسطين استخلف علياً وخرج ممدّاً لهم، فقال له عليٌّ: أين تخرج بنفسك؟ إنك تريد عدواً كلباً، فقال: إني أبادر بجهاد العدو موت العباس، إنكم لو قد فقدتم العباس لا نتقض بكم الشر كما ينتقض الحبل، فمات العباس لست سنين خلت من إمارة عثمان، فانتقض والله بالناس الشر.
وعن صهيب مولى العباس قال: رأيت علياً يقبل يد العباس ورجله ويقول: يا عم، ارض عني.
وعن الأحنف بن قيس قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما يقول: إن قريشاً رؤوس الناس، وأن ليس أحد منهم يدخل في باب إلا دخل معه طائفة من الناس، فلما طُعن أمر صُهيباً أن يصلي بالناس ويطعمهم ثلاثة أيام حتى يجتمعوا على رجل. فلما وضعوا الموائد كفّ الناس عن الطعام، فقال العباس: يا أيها الناس، إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد مات فأكلنا بعده وشربنا، وبعد أبي بكر، وأنه لابد للناس من الأكل، فأكل وأكل الناس، فعرفت فضل قول عمر.
زاد في حديث غيره: فعُرف فضل قول عمر: إن قريشاً رؤساء الناس.
وعن سعيد بن المسيب أنه قال: العباس خير هذه الأمة، وارث النبي وعمه.
وعن ابن شهاب قال: لقد جاء الله بالإسلام وإن جَفْنَة العباس لتدور على فقراء بني هاشم، وإن سوطه وقيده لمعد لسفهائهم. قال: فكان ابن عمر يقول: هذا والله الشرف: يطعم الجائع، ويؤدب السفيه.
وعن ابن عباس قال: كان العباس بن عبد المطلب كثيراً ما يقول: ما رأيت أحداً أحسنت إليه إلا أضاء ما بيني وبينه، وما رأيت أحداً أسأت إليه إلا أظلم ما بيني وبينه، فعليك بالإحسان واصطناع المعروف، فإن ذلك يقي مصارع السوء.
وكان العباس بن عبد المطلب تكون له الحاجة إلى غلمانه وهم بالغابة، فيقف على سَلْعٍ، وذلك من آخر الليل فيناديهم فيسمعهم. قال: وذلك نحو من تسعة أميال.
وكان العباس قد عمي قبل موته.
وعن علي بن عبد الله بن عباس قال: أعتق العباس عند موته سبعين مملوكاً.
وعن عبد الله بن إبراهيم القرشي قال: لما نزل بالعباس بن عبد المطلب الموت قال لابنه: يا عبد الله، إن والله ما متُّ موتاً ولكنني فنيت فناء، وإني موصيك بحب الله وحب طاعته، وخوف الله وخوف معصيته، فإنك إذا كنت كذلك لم تكره الموت متى أتاك. وإن استودعتك الله يا بني، ثم استقبل القبلة فقال: لا إله إلا الله ثم شخص ببصره فمات.
وعن عبد الرحمن بن يزيد بن حارثة قال: جاءنا مؤذن يؤذنا بموت العباس بن عبد المطلب بقباء على حمار، ثم جاءنا آخر على حمار فقلت: ما الأول؟ قال: مولى لبني هاشم، والثاني رسول عثمان بن عفان، فاستقبل قرى الأنصار قرية قرية حتى انتهى إلى السافلة: بني حارث وما والاها، فحشد الناس فما غادرنا النساء ... فلما أُتي به إلى موضع الجنائز تضايق فتقدموا به إلى البقيع، فلقد رأيتنا يوم صلينا عليه بالبقيع وما رأت مثل ذلك الخروج على أحد من الناس قط، وما يستطيع أحد من الناس أن يدنو إلى سريره، وغلب عليه بنو هاشم. فلما انتهوا إلى اللحد ازدحموا عليه فأرى عثمان اعتزل وبعث الشرطة يضربون الناس عن بني هاشم حتى خلص بنو هاشم، فكانوا هم الذين نزلوا في حفرته ودلّوه في اللحد، ولقد رأيت على سريره بُرْدَ حِبَرةٍ قد تقطع من زحامهم.
وتوفي في ست من خلافة عثمان.
قال عيسى بن طلحة: رأيت عثمان يكبّر على العباس بالبقيع وما يقدر من لغط الناس، ولقد بلغ الناس الحِشّان، وما تخلف أحد من الرجال والنساء والصبيان.
وتوفي العباس وهو ابن سبع وثمانين. وقيل: توفي سنة تسع وعشرين وله ست وثمانون، وقيل: توفي سنة اثنتين وثلاثين، وهو ابن ثمان وثمانين سنة. ودفن بالبقيع في مقبرة بني هاشم. وقيل: سنة ثلاث وثلاثين. وقيل: سنة أربع وثلاثين، وجلس عثمان على قبره حين دفن.
قال ابن عباس: ولد أبي قبل الفيل بثلاث سنين، وكان أسن من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بثلاث سنين،
وتوفي وهو ابن ثمان وثمانين سنة. سنة اثنتين وثلاثين، وهو معتدل القناة، وكان يخبرنا عن عبد المطلب أنه مات وهو أعدل قناة منه. قال خالد: ورأيت علي بن عبد الله بن العباس معتدل القناة.
الْعَبَّاسُ بْنُ عبد المطلب
- الْعَبَّاسُ بْنُ عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بْنِ قُصَيِّ بْنُ كِلابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْن مالك بْن النَّضْر بْن كنانة بْن خُزَيْمة بْن مدركة بْنُ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ معد بْن عدنان. وأم العباس نُتَيْلَةُ بِنْتُ جَنَابِ بْنِ كُلَيْبِ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ عَامِرٍ. وَهُوَ الضِّحْيَانُ بْنُ سَعْدِ بْنِ الْخَزْرَجِ بْنِ تَيْمِ اللَّهِ بْنِ النَّمِرِ بْنِ قَاسِطِ بْنِ هِنْبِ بْنِ أَفْصَى بْنِ دُعْمِيِّ بْنِ جَدِيلَةَ بْنِ أَسَدِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ نزار بْن معد بْن عدنان. وكان العباس يكنى أبا الفضل. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْبَيَاضِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي شُعْبَةُ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: وُلِدَ أَبِي الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَبْلَ قَدُومِ أَصْحَابِ الْفِيلِ بِثَلاثِ سِنِينَ. وَكَانَ أَسَنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِثَلاثِ سِنِينَ. قَالُوا: وَكَانَ لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مِنَ الْوَلَدِ الْفَضْلُ وَكَانَ أَكْبَرَ وَلَدِهِ وَبِهِ كَانَ يُكْنَى. وَكَانَ جَمِيلا. وَأَرْدَفَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - في حجته ومات بالشام في طَاعُونِ عَمَوَاسَ وَلَيْسَ لَهُ عَقِبٌ. وَعَبْدُ اللَّهِ وَهُوَ الْحَبْرُ دَعَا لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَاتَ بِالطَّائِفِ وَلَهُ عَقِبٌ. وَعُبَيْدُ اللَّهِ كَانَ جَوَّادًا سَخِيَّا ذَا مَالٍ مَاتَ بِالْمَدِينَةِ وَلَهُ عَقِبٌ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ مَاتَ بِالشَّامِ وَلَيْسَ لَهُ عَقِبٌ. وَقُثَمُ وَكَانَ يُشَبَّهُ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ خَرَجَ إلى خراسان مجاهدا فمات بسمرقند وليس وَلَيْسَ لَهُ عَقِبٌ. وَمَعْبَدٌ قُتِلَ بِإِفْرِيقِيَّةَ شَهِيدًا وَلَهُ عَقِبٌ. وَأُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ الْعَبَّاسِ. وَأُمُّهُمْ جميعا جَمِيعًا أُمُّ الْفَضْلِ وَهِيَ لُبَابَةُ الْكُبْرَى بِنْتُ الحارث بن حزن بن بخير بْنِ الْهُزَمِ بْنِ رُؤَيْبَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن هلال بن عامر بْنِ صَعْصَعَةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرِ بْنِ هوازن بن منصور بن عكرمة بن خفضة بْنِ قَيْسِ بْنِ عَيْلانَ بْنِ مُضَرَ. وَفِي وَلَدِ أُمِّ الْفَضْلِ هَؤُلاءِ مِنَ الْعَبَّاسِ يَقُولُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْهِلالِيُّ: مَا وَلَدَتْ نجيبة من فحل ... بجبل تعلمه أَوْ سَهْلٍ كَسِتَّةٍ مِنْ بَطْنِ أُمِّ الْفَضْلِ ... أَكْرِمْ بِهَا مِنْ كَهْلَةٍ وَكَهْلٍ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عن أبيه قَالَ: كَانَ يُقَالُ: مَا رَأَيْنَا بَنِي أَبٍ وَأُمٍّ قَطُّ أَبْعَدَ قُبُورًا مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مِنْ أُمِّ الْفَضْلِ. وَكَانَ لِلْعَبَّاسِ أَيْضًا مِنَ الْوَلَدِ مِنْ غَيْرِ أُمِّ الفضل كثير بن عباس بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَكَانَ فَقِيهًا مُحَدِّثًا. وَتَمَّامُ بْنُ الْعَبَّاسِ وَكَانَ مِنْ أَشَدِّ أَهْلِ زَمَانِهِ. وَصَفِيَّةُ وَأُمَيْمَةُ وَأُمُّهُمْ أُمُّ وَلَدٍ. وَالْحَارِثُ بْنُ الْعَبَّاسِ وَأُمُّهُ حُجَيْلَةُ بِنْتُ جُنْدُبِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ تَمِيمِ بْنِ سَعْدِ بْنِ هُذَيْلِ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسِ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارٍ. وَلِلْحَارِثِ عَقِبٌ مِنْهُمُ السَّرِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَالِي الْيَمَامَةِ وَلَيْسَ لكثير وتمام اليوم عقب. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْهُذَلِيُّ عَنْ أَبِي الْبَدَّاحِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُوَيْمِ بْنِ سَاعِدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ قَالَ لِي سَعْدُ بْنُ خَيْثَمَةَ وَمَعْنُ بْنُ عَدِيٍّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُبَيْرٍ: يَا عُوَيْمُ انْطَلِقْ بِنَا حَتَّى نَأْتِيَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنُسَلِّمَ عَلَيْهِ فَإِنَّا لَمْ نَرَهْ قَطُّ وَقَدْ آمَنَّا بِهِ. فَخَرَجْتُ مَعَهُمْ فَقِيلَ لِيَ هُوَ فِي مَنْزِلِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَرَحَلْنَا عَلَيْهِ فَسَلَّمْنَا وَقُلْنَا لَهُ: مَتَى نَلْتَقِي؟ فَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: إِنَّ مَعَكُمْ مِنْ قَوْمِكُمْ مَنْ هُوَ مُخَالِفٌ لَكُمْ فَاخْفُوا أَمْرَكُمْ حَتَّى يَنْصَدِعَ هَذَا الْحَاجُّ وَنَلْتَقِيَ نَحْنُ وَأَنْتُمْ فَنُوَضِّحَ لَكُمُ الأَمْرَ فَتَدْخُلُونَ عَلَى أَمْرٍ بَيِّنٍ. فَوَعَدَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اللَّيْلَةَ الَّتِي فِي صُبْحِهَا النَّفَرُ الآخِرُ أَنْ يُوَافِيَهُمْ أَسْفَلَ الْعَقَبَةِ حَيْثُ الْمَسْجِدُ الْيَوْمَ وَأَمَرَهُمْ أَنْ لا ينهبوا نَائِمًا وَلا يَنْتَظِرُوا غَائِبًا. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ عُبَيْدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ قال: فخرج القوم تلك الليلة النَّفْرِ الأَوَّلِ بَعْدَ هَذِهِ يَتَسَلَّلُونَ وَقَدْ سَبَقَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - إلى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَمَعَهُ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ غَيْرُهُ. وَكَانَ يَثِقُ بِهِ فِي أَمْرِهِ كُلِّهِ. فَلَمَّا اجْتَمَعُوا كَانَ أَوَّلَ مَنْ تَكَلَّمَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْخَزْرَجِ. وَكَانَتِ الأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ تُدْعَى الْخَزْرَجِ. إِنَّكُمْ قَدْ دَعَوْتُمْ مُحَمَّدًا إِلَى مَا دَعَوْتُمُوهُ إِلَيْهِ وَمُحَمَّدٌ مِنْ أَعَزِّ النَّاسِ فِي عَشِيرَتِهِ يَمْنَعُهُ وَاللَّهِ مَنْ كَانَ مِنَّا عَلَى قَوْلِهِ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنَّا عَلَى قَوْلِهِ مَنَعَةً لِلْحَسَبِ وَالشَّرَفِ. وَقَدْ أَبَى مُحَمَّدٌ النَّاسَ كُلَّهُمْ غَيْرَكُمْ فَإِنْ كُنْتُمْ أَهْلَ قُوَّةٍ وَجَلَدٍ وَبَصَرٍ بِالْحَرْبِ وَاسْتِقْلالٍ بِعَدَاوَةِ الْعَرَبِ قَاطِبَةً فإنها سترميكم عن قوس واحدة فارتأوا رَأْيَكُمْ وَأْتَمِرُوا أَمْرَكُمْ وَلا تَفْتَرِقُوا إِلا عَنْ مَلإٍ مِنْكُمْ وَاجْتِمَاعٍ فَإِنَّ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ أَصْدَقُهُ. وَأُخْرَى. صِفُوا لِيَ الْحَرْبَ كَيْفَ تُقَاتِلُونَ عَدُوَّكُمْ. قَالَ فَأَسْكَتَ الْقَوْمُ وَتَكَلَّمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ فَقَالَ: نَحْنُ وَاللَّهِ أَهْلُ الْحَرْبِ غُذِّينَا بِهَا وَمُرِّنَّا عَلَيْهَا وَوَرِثْنَاهَا عَنْ آبَائِنَا كَابِرًا فَكَابِرًا. نَرْمِي بِالنَّبْلِ حَتَّى تَفْنَى. ثم نطاعن بالرماح حتى تكسر بالرماح. ثُمَّ نَمْشِي بِالسُّيُوفِ فُنَضَارِبُ بِهَا حَتَّى يَمُوتَ الأَعْجَلُ مِنَّا أَوْ مِنْ عَدُوِّنَا. فَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: أَنْتُمْ أَصْحَابُ حَرْبٍ فَهَلْ فِيكُمْ دُرُوعٌ؟ قَالُوا: نَعَمْ شَامِلَةٌ. وَقَالَ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ: قَدْ سَمِعْنَا مَا قُلْتَ. إِنَّا وَاللَّهِ لَوْ كَانَ فِي أَنْفُسِنَا غَيْرُ مَا يَنْطِقُ بِهِ لَقُلْنَاهُ وَلَكِنَّا نُرِيدُ الْوَفَاءَ وَالصِّدْقَ وَبَذْلَ مُهَجِ أَنْفُسِنَا دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ وَتَلا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْقُرْآنَ ثُمَّ دَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ وَرَغَّبَهُمْ فِي الإِسْلامِ وَذَكَرَ الَّذِي اجْتَمَعُوا لَهُ فَأَجَابَهُ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ بِالإِيمَانِ وَالتَّصْدِيقِ فَبَايَعَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ذَلِكَ. وَالْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ آخِذٌ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُؤَكِّدُ لَهُ الْبَيْعَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ عَلَى الأَنْصَارِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي الْعَوْجَاءِ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ حَضَرَهُمْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَالْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ آخِذٌ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَقُولُ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ أَخْفُوا جَرْسَكُمْ فَإِنَّ عَلَيْنَا عُيُونًا. وَقَدِّمُوا ذَوِي أَسْنَانِكُمْ فَيَكُونُونَ الذي يَلُونَ كَلامَنَا مِنْكُمْ فَإِنَّا نَخَافُ قَوْمَكُمْ عَلَيْكُمْ. ثُمَّ إِذَا بَايَعْتُمْ فَتَفَرَّقُوا إِلَى مَجَالِسِكُمْ وَاكْتُمُوا أَمْرَكُمْ فَإِنْ طَوَيْتُمْ هَذَا الأَمْرَ حَتَّى يَنْصَدِعَ هَذَا الْمَوْسِمُ فَأَنْتُمُ الرِّجَالُ وَأَنْتُمْ لِمَا بَعْدَ الْيَوْمِ. فَقَالَ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ: يَا أَبَا الْفَضْلِ اسْمَعْ مِنَّا. فَسَكَتَ الْعَبَّاسُ فَقَالَ الْبَرَاءُ: لك والله عِنْدَنَا كِتْمَانُ مَا تُحِبُّ أَنْ نَكْتُمَ وَإِظْهَارُ مَا تُحِبَّ أَنْ نُظْهِرَ وَبَذْلُ مُهَجِ أَنْفُسِنَا ورضا ربنا عندنا. إِنَّا أَهْلُ حَلْقَةٍ وَافِرَةٍ وَأَهْلُ مَنَعَةٍ وَعِزٍّ. وَقَدْ كُنَّا عَلَى مَا كُنَّا عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَةِ حَجَرٍ وَنَحْنُ كَذَا فَكَيْفَ بِنَا الْيَوْمَ حِينَ بَصَّرَنَا اللَّهُ مَا أَعْمَى عَلَى غَيْرِنَا وأيدنا بمحمد. ص؟ ابْسُطْ يَدَكَ. فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ ضَرَبَ عَلَى يَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ. وَيُقَالُ أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيِّهَانِ. وَيُقَالُ أَسْعَدُ بْنُ زرارة. قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بن عبد الله بن أبي سَبْرَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سُحَيْمٍ قَالَ: تَفَاخَرَتِ الأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ فِيمَنْ ضَرَبَ عَلَى يَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ أَوَّلَ النَّاسِ فَقَالُوا: لا أَحَدَ أَعْلَمُ بِهِ مِنَ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. فَسَأَلُوا الْعَبَّاسَ فَقَالَ: مَا أَحَدٌ أَعْلَمَ بِهَذَا مِنِّي. أَوَّلُ مَنْ ضَرَبَ عَلَى يَدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ تِلْكِ اللَّيْلَةِ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ ثُمَّ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ ثُمَّ أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ. وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَأَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ عَنْ زَكَرِيَّاءَ بْنِ أبي زائدة عن عامر الشعبي قال: انطلق النبي. ع. بِالْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَكَانَ الْعَبَّاسُ ذَا رَأْيٍ. إِلَى السَّبْعِينَ مِنَ الأَنْصَارِ عِنْدَ الْعَقَبَةِ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَقَالَ الْعَبَّاسُ: لِيَتَكَلَّمْ مُتَكَلِّمُكُمْ وَلا يُطِلِ الْخُطْبَةَ فَإِنَّ عَلَيْكُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ عَيْنًا وَإِنْ يَعْلَمُوا بِكُمْ يَفْضَحُوكُمْ. فَقَالَ قَائِلُهُمْ وَهُوَ أَبُو أُمَامَةَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ: يَا مُحَمَّدُ سَلْ لِرَبِّكَ مَا شِئْتَ ثُمَّ سَلَ لِنَفْسِكَ وَلأَصْحَابِكَ مَا شِئْتَ ثُمَّ أَخْبِرْنَا مَا لَنَا مِنَ الثَّوَابِ عَلَى اللَّهِ وَعَلَيْكُمْ إِذَا فَعَلْنَا ذَلِكَ. قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ فِي حَدِيثِهِ: فَكَانَ الشَّعْبِيُّ إِذَا حَدَّثَ هَذَا الْحَدِيثَ يَقُولُ مَا سَمِعَ الشَّيْبُ وَالشُّبَّانُ بِخُطْبَةٍ أقصر ولا أبلغ منها. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ أَبِيهِ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَمِّهِ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنَّ قُرَيْشًا لَمَّا تَفَرَّقُوا إِلَى بَدْرٍ فَكَانُوا بِمَرِّ الظَّهْرَانِ هَبَّ أَبُو جَهْلٍ مِنْ نَوْمِهِ فَصَاحَ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أَلا تَبًّا لِرَأْيِكُمْ مَاذَا صَنَعْتُمْ. خَلَّفْتُمْ بَنِي هَاشِمٍ وَرَاءَكُمْ فَإِنْ ظَفَرَ بِكُمْ مُحَمَّدٌ كَانُوا مِنْ ذَلِكَ بِنَحْوِهِ. وَإِنْ ظَفِرْتُمْ بِمُحَمَّدٍ أَخَذُوا آثَارَكُمْ مِنْكُمْ مِنْ قَرِيبٍ مِنْ أولادكم وأهليكم. فلا تدروهم فِي بَيْضَتِكُمْ وَفِنَائِكُمْ وَلَكِنْ أَخْرِجُوهُمْ مَعَكُمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ غَنَاءٌ. فَرَجَعُوا إِلَيْهِمْ فَأَخْرَجُوا الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وطالبا وعقيلا كرها. قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَدْ كَانَ مَنْ كَانَ مِنَّا بِمَكَّةَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ قَدْ أَسْلَمُوا فَكَانُوا يَكْتُمُونَ إِسْلامَهُمْ وَيَخَافُونَ يُظْهِرُونَ ذَلِكَ فَرَقًا مِنْ أَنْ يَثِبَ عَلَيْهِمْ أَبُو لَهَبٍ وَقُرَيْشٌ فَيُوثَقُوا كَمَا أَوْثَقَتْ بَنُو مَخْزُومٍ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ وَعَبَّاسَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ وَغَيْرَهُمَا فَلِذَلِكَ . قَالَ: أَخْبَرَنَا رُؤَيْمُ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ أَبِي عِيسَى الشَّامِيُّ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ جَمِيعًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بن الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: قال أبو رافع مولى رسول الله. ص: كُنْتُ غُلامًا لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَكَانَ الإِسْلامُ قَدْ دَخَلَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ فَأَسْلَمَ الْعَبَّاسُ وَأَسْلَمَتْ أُمُّ الْفَضْلِ وَأَسْلَمْتُ. فَكَانَ الْعَبَّاسُ يَهَابُ قَوْمَهُ وَيَكْرَهُ خِلافَهُمْ فَكَانَ يَكْتُمُ إِسْلامَهُ. وَكَانَ ذَا مَالٍ مُتَفَرِّقٍ فِي قَوْمِهِ فَخَرَجَ مَعَهُمْ إِلَى بَدْرٍ وَهُوَ عَلَى ذَلِكَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا رُؤَيْمُ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ قَالَ: حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ أَبِي عِيسَى قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ. عَلَيْهِ السَّلامُ. . قَالَ فَقَالَ أَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ: نَقْتُلُ آبَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا وَإِخْوَانَنَا وَعَشَائِرَنَا وَنَتْرُكُ الْعَبَّاسَ؟ وَاللَّهِ لَئِنْ لَقِيتُهُ لأُلْحِمَنَّهُ السَّيْفَ. قَالَ فَبَلَغَتْ مَقَالَتُهُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ وَنَدِمَ أَبُو حُذَيْفَةَ عَلَى مَقَالَتِهِ فَكَانَ يَقُولُ: وَاللَّهِ مَا أَنَا بِآمِنٍ مِنْ تِلْكَ الْكَلِمَةِ الَّتِي قُلْتُ يَوْمَئِذٍ وَلا أَزَالُ مِنْهَا خَائِفًا إِلا أَنْ يُكَفِّرَهَا اللَّهُ. عَزَّ وَجَلَّ. عَنِّي بِالشَّهَادَةِ. فَقُتِلَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ شَهِيدًا. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ لَقِيَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ فَقَالَ أَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ: وَاللَّهِ لا أَلْقَى رَجُلا مِنْهُمْ أَلا قَتَلْتُهُ. فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: . أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّوْفَلِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمِّهِ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ جَمَعَتْ قُرَيْشٌ بَنِي هَاشِمٍ وَحُلَفَاءَهُمْ فِي قُبَّةٍ وَخَافُوهُمْ فَوَكَّلُوا بِهِمْ مَنْ يَحْفَظُهُمْ وَيُشَدِّدُ عَلَيْهِمْ. مِنْهُمْ حَكِيمُ بن حزام. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ: حدثنا عبيد بن أوس قرن مِنْ بَنِي ظُفُرٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ أَسَرْتُ الْعَبَّاسَ بْن عَبْد الْمُطَّلِبِ وَعُقَيْلَ بْن أَبِي طَالِبٍ وَحَلِيفًا لِلْعَبَّاسِ فِهْرِيًّا فَقَرَنْتُ الْعَبَّاسَ وَعَقِيلا. فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . قَالَ: أَخْبَرَنَا رُؤَيْمُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ أَبِي عيسى الشامي قال: وأخبرنا أحمد بن محمد قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ جَمِيعًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ مِقْسَمٍ أَبِي الْقَاسِمِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ الَّذِي أَسَرَ الْعَبَّاسَ أَبُو الْيَسَرِ كَعْبُ بْنُ عَمْرٍو أَخُو بَنِي سَلَمَةَ. وَكَانَ أَبُو الْيَسَرِ رَجُلا مَجْمُوعًا وَكَانَ الْعَبَّاسُ رَجُلا جَسِيمًا. . قَالُوا: وَقَالَ غَيْرُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ فِي حَدِيثِهِ: انْتَهَى أَبُو الْيَسَرِ إِلَى الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَوْمَ بَدْرٍ وَهُوَ قَائِمٌ كَأَنَّهُ صَنَمٌ فَقَالَ له: جزتك الجوازي. أنقتل ابْنَ أَخِيكَ؟ فَقَالَ الْعَبَّاسُ: مَا فَعَلَ مُحَمَّدٌ أَمَا بِهِ الْقَتْلُ. قَالَ أَبُو الْيَسَرِ: اللَّهُ أعز وأنصر. فَقَالَ الْعَبَّاسُ: كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلا مُحَمَّدًا خَلَلٌ فَمَا تُرِيدُ؟ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ قَتَلِكَ. فَقَالَ الْعَبَّاسُ: لَيْسَ بِأَوَّلِ صِلَتِهِ وَبِرِّهِ. قَالَ: وَأَخْبَرَنَا رُؤَيْمُ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ. قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ أَبِي عِيسَى قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ جَمِيعًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا أَمْسَى الْقَوْمُ يَوْمَ بَدْرٍ وَالأُسَارَى مَحْبُوسُونَ فِي الْوَثَاقِ . قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ الأَصَمِّ قَالَ: لَمَّا كَانَتْ أُسَارَى بَدْرٍ كَانَ فِيهِمُ الْعَبَّاسُ عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَهِرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلَتَهُ . قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ: كَانَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ حِينَ قُدِمَ بِهِ فِي الأُسَارَى طُلِبَ لَهُ قَمِيصٌ فَمَا وَجَدُوا لَهُ قَمِيصًا بِيَثْرِبَ يُقْدَرُ عَلَيْهِ أَلا قَمِيصَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ أَلْبَسَهُ إِيَّاهُ فكان عَلَيْهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا أُسِرَ الْعَبَّاسُ لَمْ يُوجَدْ لَهُ قَمِيصٌ يُقْدَرُ عَلَيْهِ إِلا قَمِيصَ ابْنِ أُبَيٍّ. قَالَ: أَخْبَرَنَا رُؤَيْمُ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ قَالَ: أَخْبَرَنَا هَارُونُ بْنُ أَبِي عِيسَى. وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ جَمِيعًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: . قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ ابْنُ أَخِي مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ من الأنصار لرسول الله. ص: . قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى النَّوْفَلِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمِّهِ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: فَدَى الْعَبَّاسُ نَفْسَهُ وَابْنَ أَخِيهِ عَقِيلا بِثَمَانِينَ أُوقِيَّةَ ذَهَبٍ. وَيُقَالُ أَلْفُ دِينَارٍ. قَالُوا: وَخَرَجَ الْعَبَّاسُ إِلَى مَكَّةَ فَبَعَثَ بِفِدَائِهِ وَفِدَاءِ ابْنِ أَخِيهِ وَلَمْ يَبْعَثْ بِفِدَاءِ حَلِيفِهِ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ فَأَخْبَرَهُ وَرَجَعَ أَبُو رَافِعٍ فَكَانَ رَسُولَ الْعَبَّاسِ بِفِدَائِهِ فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ: مَا قَالَ لَكَ؟ فَقَصَّ عَلَيْهِ الأَمْرَ فَقَالَ: وَأَيُّ قَوْلٍ أَشَدُّ مِنْ هَذَا؟ احْمِلِ الْبَاقِي قَبْلَ أَنْ تَحُطَّ رحلك. فحمله ففداهم العباس. قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِ الله. عز وجل: «يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ» الأنفال: . نَزَلَتْ فِي الأَسْرَى يَوْمَ بَدْرٍ. مِنْهُمُ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَنَوْفَلُ بْنُ الْحَارِثِ وَعَقِيلُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. وَكَانَ الْعَبَّاسُ مَنْ أُسِرَ يَوْمَئِذٍ وَمَعَهُ عِشْرُونَ أُوقِيَّةً مِنْ ذَهَبٍ. قَالَ أَبُو صَالِحٍ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ: فَسَمِعْتُ الْعَبَّاسَ يَقُولُ فَأُخِذَتْ مِنِّي فَكَلَّمْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يَجْعَلَهَا مِنْ فِدَايَ فَأَبَى عَلَيَّ. فَأَعْقَبَنِي اللَّهُ مَكَانَهَا عِشْرِينَ عَبْدًا كُلُّهُمْ يَضْرِبُ بِمَالٍ مَكَانَ عِشْرِينَ أُوقِيَّةً. وَأَعْطَانِي زَمْزَمَ وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِيَ بِهَا جَمِيعَ أَمْوَالِ أَهْلِ مَكَّةَ. وَأَنَا أَرْجُو الْمَغْفِرَةَ مِنْ رَبِّي. وَكَلَّفَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِدَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَرَكْتَنِي أَسْأَلُ النَّاسَ مَا بَقِيَتْ. : . فَأَعْطَانِي مَكَانَ عِشْرِينَ أُوقِيَّةً عِشْرِينَ عَبْدًا وَأَنَا أَنْتَظِرُ المغفرة من ربي. قَالَ: أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ أَبُو النَّضْرِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ الْعَدَوِيِّ أَنَّ الْعَلاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ بَعَثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - من الْبَحْرَيْنِ بِثَمَانِينَ أَلْفًا فَمَا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَالٌ كَانَ أَكْثَرَ مِنْهُ لا قَبْلُ وَلا بَعْدُ. فَأَمَرَ بِهَا فنشرت على حصير وَنُودِيَ بِالصَّلاةِ. فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَثُلَ عَلَى الْمَالِ قَائِمًا وَجَاءَ النَّاسُ حِينَ رَأَوُا الْمَالَ وَمَا كَانَ يَوْمَئِذٍ عَدَدٌ وَلا وَزْنٌ. مَا كَانَ إِلا قَبْضًا. . فَفَعَلَ فَانْطَلَقَ بِذَلِكَ الْمَالِ وَهُوَ يَقُولُ: أَمَّا إِحْدَى اللَّتَيْنِ وَعَدَنَا اللَّهُ فَقَدْ أَنْجَزَهَا وَلا أَدْرِي مَا يَصْنَعُ فِي الأُخْرَى. يَعْنِي قَوْلَهُ: «قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ» الأنفال: . فَهَذَا خَيْرٌ مِمَّا أُخِذَ مِنِّي وَلا أَدْرِي مَا يَصْنَعُ فِي الْمَغْفِرَةِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَسْلَمُ كُلُّ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ. فَادَى الْعَبَّاسُ نَفْسَهُ وَابْنَ أَخِيهِ عَقِيلا ثُمَّ رَجَعُوا جَمِيعًا إِلَى مَكَّةَ ثُمَّ أَقْبَلُوا إِلَى الْمَدِينَةِ مُهَاجِرِينَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى النَّوْفَلِيُّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ أَشْيَاخِهِ قَالَ: قَالَ عقيل بن أبي طالب للنبي. ع. مَنْ قَبِلْتَ مِنْ أَشْرَافِهِمْ. أَنَحْنُ فِيهِمْ؟ . فَلَمَّا أَتَاهُمْ عَقِيلٌ بِهَذِهِ الْمَقَالَةِ خَرَجُوا وَذُكِرَ أَنَّ الْعَبَّاسَ وَنَوْفَلا وَعَقِيلا رَجَعُوا إِلَى مَكَّةَ. أُمِرُوا بِذَلِكَ لِيُقِيمُوا مَا كَانُوا يُقِيمُونَ مِنْ أَمْرِ السِّقَايَةِ وَالرِّفَادَةِ وَالرِّئَاسَةِ. وَذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِي لَهَبٍ. وَكَانَتِ السِّقَايَةُ وَالرِّفَادَةُ وَالرِّئَاسَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فِي بَنِي هَاشِمٍ ثُمَّ هَاجَرُوا بَعْدُ إِلَى المدينة فقدموها بأولادهم وأهاليهم. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَخِيهِ الْعَبَّاسِ بْنِ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا الْقُرَشِيُّونَ الْمَكِّيُّونَ الشَّيْبِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ أَنَّ قَدُومَ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَنَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مَكَّةَ كَانَ أَيَّامَ الْخَنْدَقِ. وَشَيَّعَهُمَا رَبِيعَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي مَخْرَجِهِمَا إِلَى الأبواء ثم أراد الرجوع إلى مكة فقال لَهُ عَمُّهُ الْعَبَّاسُ وَأَخُوهُ نَوْفَلُ بْنُ الْحَارِثِ: أين ترجع إلى دار الشرك يقاتلون رسول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُكَذِّبُونَهُ وَقَدْ عَزَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَثُفَ أَصْحَابُهُ. امْضِ مَعَنَا. فَسَارَ رَبِيعَةُ مَعَهُمَا حَتَّى قَدِمُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - مسلمين مهاجرين. قال: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عن ابن عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ جَدَّهُ عَبَّاسًا قَدِمَ هُوَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ فِي رَكْبٍ يُقَالُ لَهُمْ رَكْبُ أَبِي شِمْرٍ فَنَزَلُوا الْجُحْفَةَ يَوْمَ فَتْحِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيْبَرَ فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ نَزَلُوا الْجُحْفَةَ وَهُمْ عَامِدُونَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَذَلِكَ يَوْمَ فَتْحِ خَيْبَرَ. قَالَ فَقَسَمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْعَبَّاسِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ فِي خَيْبَرَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِمُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ فَقَالَ: هَذَا عِنْدَنَا وَهَلٌ لا يَشُكُّ فِيهِ أَهْلُ الْعِلْمِ وَالرِّوَايَةِ. أَنَّ الْعَبَّاسَ كَانَ بِمَكَّةَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَيْبَرَ قَدْ فَتَحَهَا. وَقَدِمَ الْحَجَّاجُ بْنُ عِلاطٍ السُّلَمِيُّ مَكَّةَ فَأَخْبَرَ قُرَيْشًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا أَحَبُّوا أَنَّهُ قَدْ ظُفِرَ بِهِ وَقُتِلَ أَصْحَابُهُ فَسُّرُوا بِذَلِكَ. وَأَقْطَعَ الْعَبَّاسَ خَبَرُهُ وَسَاءَهُ وَفَتَحَ بَابَهُ وَأَخَذَ ابْنَهُ قُثَمَ فَجَعَلَهُ عَلَى صَدْرِهِ وَهُوَ يَقُولُ: يَا قُثَمُ يَا قُثَمُ ... يَا شِبْهَ ذِي الْكَرْمِ حَتَّى أَتَاهُ الْحَجَّاجُ فَأَخْبَرَهُ بِسَلامَةِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّهُ قَدْ فَتَحَ خَيْبَرَ وَغَنَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَا فِيهَا. فَسُرَّ بِذَلِكَ الْعَبَّاسُ وَلَبِسَ ثِيَابَهُ وَغَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ فَدَخَلَهُ وَطَافَ بِالْبَيْتِ وَأَخْبَرَ قُرَيْشًا بِمَا أَخْبَرَهُ بِهِ الْحَجَّاجُ مِنْ سَلامَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّهُ فَتَحَ خَيْبَرَ وَمَا غَنَّمَهُ اللَّهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ. فَكُبِتَ الْمُشْرِكُونَ وَسَاءَهُمْ ذَلِكَ وَعَلِمُوا أَنَّ الْحَجَّاجَ قَدْ كَانَ كَذَبَهُمْ فِي خَبَرِهِ الأَوَّلِ. وَسَرَّ ذَلِكَ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ بِمَكَّةَ وأتوا العباس فهنؤوه بسلامة رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ خَرَجَ الْعَبَّاسُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَحِقَ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَدِينَةِ فَأَطْعَمَهُ بِخَيْبَرَ مِائَتَيْ وَسْقِ تَمْرٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ. ثُمَّ خَرَجَ مَعَهُ إِلَى مَكَّةَ فَشَهِدَ فَتْحَ مَكَّةَ وَحُنَيْنٍ وَالطَّائِفِ وَتَبُوكَ. وَثَبَتَ مَعَهُ يَوْمَ حُنَيْنٍ فِي أهل بيته حين انكشف الناس عنه. قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَمِّهِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ كَثِيرِ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ حُنَيْنٍ فَلَزِمْتُهُ أَنَا وَأَبُو سُفْيَان بْن الْحَارِثِ بْن عَبْد الْمُطَّلِبِ فَلَمْ نُفَارِقْهُ. وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى بَغْلَةٍ لَهُ بَيْضَاءَ أَهْدَاهَا لَهُ فَرْوَةُ بْنُ نُفَاثَةَ الْجُذَامِيُّ. فَلَمَّا الْتَقَى الْمُسْلِمُونَ وَالْكُفَّارُ وَلَّى الْمُسْلِمُونَ مُدْبِرِينَ وَطَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَرْكُضُ بَغْلَتَهُ نَحْوَ الْكُفَّارِ. قَالَ عَبَّاسٌ: وَأَنَا آخِذٌ بِلِجَامِ بَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكُفُّهَا إِرَادَةَ أَنْ لا تُسْرِعَ. وَأَبُو سُفْيَانَ آخِذٌ بِرِكَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - . قَالَ عَبَّاسٌ: وَكُنْتُ رَجُلا صَيِّتًا فَقُلْتُ بِأَعْلَى صَوْتِي أين أصحاب السمرة؟ قال فو الله لَكَأَنَّ عَطْفَتَهُمْ حِينَ سَمِعُوا صَوْتِي عَطْفَةُ الْبَقَرِ على أولادها فَقَالُوا: يَا لَبَّيْكَ يَا لَبَّيْكَ. قَالَ فَاقْتَتَلُوا هُمْ وَالْكُفَّارُ وَالدَّعْوَةُ فِي الأَنْصَارِ يَقُولُونَ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ. ثُمَّ قَصُرَتِ الدَّعْوَةُ عَلَى بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ فَقَالُوا: يَا بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ يَا بَنِي الْحَارِثِ. قَالَ فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ عَلَى بَغْلَتِهِ وَهُوَ كَالْمُتَطَاوِلِ عَلَيْهَا إِلَى قِتَالِهِمْ. قَالَ . قَالَ ثُمَّ أَخَذَ حَصَيَاتٍ فَرَمَى بِهِنَّ وُجُوهَ الْكُفَّارِ ثُمَّ قَالَ: انْهَزَمُوا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ! قَالَ فَذَهَبْتُ أَنْظُرُ فَإِذَا القتال على هيئته فيما أرى. قال فو الله مَا هُوَ إِلا أَنْ رَمَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحَصَيَاتِهِ ثُمَّ رَكِبَ فَإِذَا حَدُّهُمْ كَلَيْلٌ وَأَمْرُهُمْ مُدْبِرٌ حَتَّى هَزَمَهُمُ اللَّهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَوْمَ حنين إذ انْهَزَمَ النَّاسُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - . قَالَ: أَخْبَرَنَا زَيْدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الأَيْلِيِّ قَالَ: جَاءَ أَسْقُفُ غَزَّةَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتَبُوكَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَ عندي هاشم وعبد شمس وَهُمَا تَاجِرَانِ وَهَذِهِ أَمْوَالُهُمَا. قَالَ فَدَعَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّوْفَلِيُّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ أَنَّ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ المطلب ونوفل بن الحارث لما قدما المدينة على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُهَاجِرَيْنِ آخَى بَيْنَهُمَا وَأَقْطَعَهُمْا جَمِيعًا بِالْمَدِينَةِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَفَرَعَ بَيْنَهُمَا بِحَائِطٍ فَكَانَا مُتَجَاوِرَيْنِ فِي مَوْضِعٍ وَكَانَا شَرِيكَيْنِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مُتَفَاوِضَيْنِ فِي الْمَالِ مُتَحَابَّيْنِ مُتَصَافِيَيْنِ. وَكَانَتْ دَارُ نَوْفَلٍ الَّتِي أَقْطَعَهُ إِيَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَوْضِعٍ رَحَبَةِ الْفَضَاءِ وَمَا يَلِيَهَا إِلَى الْمَسْجِدِ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ الْيَوْمُ رَحَبَةُ الْفَضَاءِ وَهِيَ تُقَابِلُ دَارَ الإِمَارَةِ الَّتِي يُقَالُ لَهَا الْيَوْمَ دَارُ مَرْوَانَ. وَكَانَتْ دَارَ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الَّتِي أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدِيدَهَا وَهِيَ الَّتِي فِي دَارِ مَرْوَانَ إِلَى الْمَسْجِدِ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ دَارُ الإِمَارَةِ الَّتِي يُقَالُ لَهَا الْيَوْمَ دَارُ مَرْوَانَ. وَأَقْطَعَ الْعَبَّاسَ أَيْضًا دَارَهُ الأُخْرَى الَّتِي بِالسُّوقِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُسَمَّى مُحْرَزَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ. قال: أَخْبَرَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ لِلْعَبَّاسِ مِيزَابٌ عَلَى طَرِيقِ عُمَرَ فَلَبِسَ عُمَرُ ثِيَابَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَقَدْ كَانَ ذَبَحَ لِلْعَبَّاسِ فَرْخَانِ. فَلَمَّا وَافَى الْمِيزَابَ صَبَّ فِيهِ مَاءً فِيهِ مِنْ دَمِ الْفَرْخَيْنِ فَأَصَابَ عُمَرُ فَأَمَرَ عُمَرُ بِقَلْعِهِ. ثُمَّ رَجَعَ عُمَرُ فَطَرَحَ ثِيَابَهُ وَلَبِسَ غَيْرَهَا ثُمَّ جَاءَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ. فَأَتَاهُ الْعَبَّاسُ فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنَّهُ لَلْمَوْضِعُ الَّذِي وَضَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالُ عُمَرُ لِلْعَبَّاسِ: فَأَنَا أَعْزِمُ عَلَيْكَ لَمَّا أصعدت عَلَى ظَهْرِي حَتَّى تَضَعَهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي وَضَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَفَعَلَ ذَلِكَ الْعَبَّاسُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ الْكِلابِيُّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَرَجَ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ وَقَطَرَ عَلَيْهِ مِيزَابُ الْعَبَّاسِ. وَكَانَ عَلَى طَرِيقِ عُمَرَ إِلَى الْمَسْجِدِ. فَقَلَعَهُ عُمَرُ فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ: قَلَعْتَ مِيزَابِي. وَاللَّهِ مَا وَضَعَهُ حَيْثُ كَانَ إِلا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِهِ. قَالَ عُمَرُ: لا جَرَمَ أَنْ لا يَكُونَ لَكَ سُلَّمٌ غَيْرِي وَلا يَضَعَهُ إِلَّا أَنْتَ بِيَدِكَ. قَالَ فحمل عمر الْعَبَّاسَ عَلَى عُنُقِهِ فَوَضَعَ رِجْلَيْهِ عَلَى مَنْكَبَيْ عُمَرَ ثُمَّ أَعَادَ الْمِيزَابَ حَيْثُ كَانَ فَوَضَعَهُ موضعه. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أُمَيَّةَ بْنُ يَعْلَى عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ قَالَ: لَمَّا كَثُرَ الْمُسْلِمُونَ فِي عَهْدِ عُمَرَ ضَاقَ بِهِمُ الْمَسْجِدُ فَاشْتَرَى عُمَرُ مَا حَوْلَ الْمَسْجِدِ مِنَ الدُّورِ إِلا دَارَ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَحُجَرَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ عُمَرُ لِلْعَبَّاسِ: يَا أَبَا الْفَضْلِ إِنَّ مَسْجِدَ الْمُسْلِمِينَ قَدْ ضَاقَ بِهِمْ وَقَدِ ابْتَعْتُ مَا حَوْلَهُ مِنَ الْمَنَازِلِ نَوَسِّعُ بِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي مَسْجِدِهِمْ إِلا دَارَكَ وَحُجَرَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ. فَأَمَّا حُجَرُ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ فَلا سَبِيلَ إِلَيْهَا وَأَمَّا دَارُكَ فَبِعْنِيهَا بِمَا شِئْتَ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ أَوَسِّعُ بِهَا فِي مَسْجِدِهِمْ. فَقَالَ الْعَبَّاسُ: مَا كُنْتُ لأَفْعَلَ. قَالَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: اخْتَرْ مِنِّي إِحْدَى ثَلاثٍ. إِمَّا أَنْ تَبِيعَنِيهَا بِمَا شِئْتَ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ. وَإِمَّا أَنْ أَخْطُطَكَ حَيْثُ شِئْتَ مِنَ الْمَدِينَةِ وَأَبْنِيَهَا لَكَ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ. وَإِمَّا أَنْ تَصَّدَّقَ بِهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَنُوَسِّعَ بِهَا فِي مَسْجِدِهِمْ. فَقَالَ: لا وَلا وَاحِدَةً مِنْهَا. فَقَالَ عُمَرُ: اجْعَلْ بَيْنِي وَبَيْنَكَ مَنْ شِئْتَ. فَقَالَ: أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ. فَانْطَلَقَا إِلَى أُبَيٍّ فَقَصَّا عَلَيْهِ الْقِصَّةَ فَقَالَ أُبَيٌّ: إِنْ شِئْتُمَا حدثتكما بحديث سمعته من النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالا: حَدِّثْنَا. فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فَأَخَذَ عُمَرُ بِمَجَامِعِ ثِيَابِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَقَالَ: جِئْتُكَ بِشَيْءٍ فَجِئْتَ بِمَا هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ. لِتَخْرُجَنَّ مِمَّا قُلْتَ. فَجَاءَ يَقُودُهُ حَتَّى أَدْخَلَهُ الْمَسْجِدَ فَأَوْقَفَهُ عَلَى حَلْقَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِمْ أَبُو ذَرٍّ فَقَالَ: إِنِّي نَشَدْتُ اللَّهَ رَجُلا سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَذْكُرُ حَدِيثَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ حِينَ أَمَرَ اللَّهُ دَاوُدَ أَنْ يَبْنِيَهُ إِلا ذَكَرَهُ. فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: أَنَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقال آخر: أنا سمعته. وقال آخَرُ: أَنَا سَمِعْتُهُ. يَعْنِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فَأَرْسَلَ عُمَرُ أُبَيًّا. قَالَ وَأَقْبَلَ أُبَيٌّ عَلَى عُمَرَ فَقَالَ: يَا عُمَرُ أَتَتَّهِمُنِي عَلَى حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ. ص؟ فَقَالَ عُمَرُ: يَا أَبَا الْمُنْذِرِ لا وَاللَّهِ مَا أَتَّهَمْتُكَ عَلَيْهِ وَلَكِنِّي كَرِهْتُ أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ظَاهِرًا. قَالَ وَقَالَ عُمَرُ لِلْعَبَّاسِ: اذْهَبْ فَلا أَعْرِضُ لَكَ فِي دَارِكَ. فَقَالَ الْعَبَّاسُ: أَمَّا إِذْ فَعَلْتَ هَذَا فَإِنِّي قَدْ تَصَدَّقْتُ بِهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ أُوَسِّعُ بِهَا عَلَيْهِمْ فِي مَسْجِدِهِمْ فَأَمَّا وَأَنْتَ تُخَاصِمُنِي فَلا. قَالَ فَخَطَّ عمر لهم دارهم التي هي لهم الْيَوْمُ وَبَنَاهَا مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَعَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَتْ لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ دَارٌ إِلَى جُنُبِ الْمَسْجِدِ بِالْمَدِينَةِ فَقَالَ عُمَرُ: هَبْهَا لِي أَوْ بِعْنِيهَا حَتَّى أُدْخِلَهَا فِي الْمَسْجِدِ. فَأَبَى. قَالَ: فَاجْعَلْ بَيْنِي وَبَيْنَكَ رَجُلا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَعَلا أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ بَيْنَهُمَا. قَالَ فَقَضَى أُبَيٌّ عَلَى عُمَرَ. قَالَ فَقَالَ عُمَرُ: مَا فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَدٌ أَجْرَأُ عَلَيَّ مِنْ أبي. قال: أوأنصح لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ أَمَا عَلِمْتَ قِصَّةَ الْمَرْأَةِ أَنَّ دَاوُدَ لَمَّا بَنَى بَيْتَ الْمَقْدِسِ أَدْخَلَ فِيهِ بَيْتَ امْرَأَةٍ بِغَيْرِ إِذْنِهَا. فَلَمَّا بَلَغَ حُجَرَ الرِّجَالِ مُنِعَ بِنَاؤُهُ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ إِذْ مَنَعْتَنِي فَفِي عَقِبِي مِنْ بَعْدِي. فَلَمَّا كَانَ بَعْدُ قَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ: أَلَيْسَ قَدْ قَضَيْتَ لِي؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: فَهِيَ لك قد جعلتها لله. قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ الْمَكِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّ الْعَبَّاسَ جَاءَ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ لَهُ: إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقْطَعَنِي الْبَحْرَيْنِ. قَالَ: مَنْ يَعْلَمُ ذَلِكَ؟ قَالَ: الْمُغِيرَةُ بْنُ شعبة. فجاء به فشهد له. قال فلم يُمْضِ لَهُ عُمَرُ ذَلِكَ كَأَنَّهُ لَمْ يَقْبَلْ شَهَادَتَهُ. فَأَغْلَظَ الْعَبَّاسُ لِعُمَرَ فَقَالَ عُمَرُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ خُذْ بِيَدِ أَبِيكَ. وَقَالَ سُفْيَانُ عَنْ غَيْرِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ عُمَرُ وَاللَّهِ يَا أَبَا الْفَضْلِ لأَنَا بِإِسْلامِكَ كُنْتُ أَسَرَّ مِنِّي بِإِسْلامِ الْخَطَّابِ لَوْ أَسْلَمَ لِمَرْضَاةِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أويس قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيُّ ثُمَّ التَّيْمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَارِثَةَ بْنُ النُّعْمَانِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَارِثَةَ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ الْجُمَحِيُّ قَالَ . قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ هِنْدَ بِنْتِ الْحَارِثِ عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ أَنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل عَلَيْهِمْ وَعَبَّاسٌ عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَشْتَكِي. فَتَمَنَّى عَبَّاسٌ الْمَوْتَ فَقَالَ له رسول الله. ص: . قال: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ النَّهْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا كَامِلٌ عَنْ حَبِيبٍ. يَعْنِي ابْنَ أَبِي ثَابِتٍ. قَالَ: كَانَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَقْرَبَ الناس شحمة أذن إلى السماء. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ بَيْنَ العباس وبين ناس شيء . قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالا: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَقُولُ: أَخْبَرَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلا وَقَعَ فِي أَبٍ لِلْعَبَّاسِ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَلَطَمَهُ الْعَبَّاسُ فَاجْتَمَعَ قَوْمُهُ فَقَالُوا: وَاللَّهِ لَنَلْطِمَنَّهُ كَمَا لَطَمَهُ. وَلَبِسُوا السِّلاحَ. فَبَلَغَ . قَالَ فَجَاءَ الْقَوْمُ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ غَضَبِكَ. استغفر لنا يا رسول اللَّهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: صَعِدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَيُّ أَهْلِ الأَرْضِ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ؟ قَالُوا: أَنْتَ. قَالَ: فَإِنَّ الْعَبَّاسَ مِنِّي وَأَنَا . قال: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ رَجُلا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ لَقِيَ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ: يَا أَبَا الْفَضْلِ أَرَأَيْتَ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ بْنَ هَاشِمٍ وَالْغَيْطَلَةَ كَاهِنَةَ بَنِي سَهْمٍ جَمَعَهُمَا اللَّهُ جَمِيعًا فِي النَّارِ؟ فَصَفَحَ عَنْهُ. ثُمَّ لَقِيَهُ الثَّانِيَةَ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ فَصَفَحَ عَنْهُ. ثُمَّ لَقِيَهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ فَرَفَعَ الْعَبَّاسُ يَدَهُ فَوَجَأَ أَنْفَهُ فَكَسَرَهُ. فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ كَمَا هُوَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَزِينٍ عَنْ أَبِي رَزِينٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قُلْتُ لِلْعَبَّاسِ سَلْ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الحجابة. قال . قَالَ: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ اللَّيْثِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ الْهَمْدَانِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: اسْتَأْذَنَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَبِيتَ لَيَالِيَ مِنًى بمكة من أجل سقايته فأذن له. قال: أخبرنا محمد بن الفضل عن غَزْوَانٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: طَافَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على نَاقَتِهِ بِالْبَيْتِ مَعَهُ مِحْجَنٌ يَسْتَلِمُ بِهِ الْحَجَرَ كلما مر عليه. ثم أتى السقاية يستسقي. قَالَ . قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مِنْدَلُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ تَمَامٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: أَرَأَيْتَ مَا تَسْقُونَ النَّاسَ مِنْ نَبِيذِ هَذَا الزَّبِيبِ. أَسُنَّةٌ تَتَّبِعُونَهَا أَمْ تَجِدُونَ هَذَا أَهْوَنَ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّبَنِ وَالْعَسَلِ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: . قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ عَنْ غَزْوَانَ عَنِ الْحَجَّاجِ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: اشْرَبْ مِنْ سِقَايَةِ آلِ الْعَبَّاسِ فَإِنَّهَا مِنَ السُّنَّةِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بن زكرياء الأَسَدِيُّ عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ حُجَيَّةَ بْنِ عَدِيٍّ عَنْ . قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَلَى الصَّدَقَةِ فَأَتَى الْعَبَّاسَ يَسْأَلُهُ صَدَقَةَ مَالِهِ. قَالَ: قَدْ عَجَّلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَدَقَةَ سَنَتَيْنِ. فَرَافَعَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - . قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْرَائِيلَ عَنِ الْحَكَمِ قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عُمَرَ عَلَى السِّعَايَةِ فَأَتَى الْعَبَّاسَ يَطْلُبُ مِنْهُ صَدَقَةَ مَالِهِ فَأَغْلَظَ لَهُ. فَأَتَى عَلِيًّا فَاسْتَعَانَ بِهِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: . قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ بَيْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَبَيْنَ الْعَبَّاسِ قَوْلٌ فَأَسْرَعَ إِلَيْهِ الْعَبَّاسُ. فَجَاءَ عُمَرُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ قَالَ: . أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ عَنْ عَبْدِ الله الوراق قال: . . . قال: أَخْبَرَنَا أَبُو سُفْيَانَ الْحِمْيَرِيُّ الْحَذَّاءُ الْوَاسِطِيُّ عَنِ الضحاك بن حمزة قَالَ: قَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَعْمِلْنِي. . قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ الْحَبْحَابِ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ أَنَّ الْعَبَّاسَ ابْتَنَى غرفة . قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو يُونُسَ حَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرَةَ الْقُشَيْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فَأَتَيْنَاهُ فَأَخْبَرَنَا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي الْعَبَّاسُ أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا عَمُّكَ. كَبُرَتْ سِنِّي وَاقْتَرَبَ أَجَلِي. فَعَلِّمْنِي شَيْئًا يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهِ. . قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: . قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الأَخْنَسِيِّ وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالا: مَا أَدْرَكْنَا أَحَدًا مِنَ النَّاسِ إِلا وَهُوَ يَقَدِّمُ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي الْعَقْلِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالإِسْلامِ. أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْيَمَانِ بْنِ هَارُونَ الْمَكِّيُّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي عَوْنٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قَحَطُوا عَلَى عَهْدِ عُمَرَ خَرَجَ بِالْعَبَّاسِ فَاسْتَسْقَى بِهِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إليك بنبينا. ع. إِذَا قَحَطْنَا فَتَسْقِيَنَا وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نبينا. ع. فاسقنا. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي الْمِقْدَامِ عَنْ يَحْيَى بْنِ مُقْلَةٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُمَرَ قَالَ: أَصَابَ النَّاسَ قَحْطٌ فَخَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسْتَسْقِي فَأَخَذَ بِيَدِ الْعَبَّاسِ فَاسْتَقْبَلَ به القبلة فقال: هذا عم نبيك. ع. جِئْنَا نَتَوَسَّلُ بِهِ إِلَيْكَ فَاسْقِنَا. قَالَ فَمَا رجعوا حتى سقوا. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حَاطِبٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ آخِذًا بِيَدِ الْعَبَّاسِ فَقَامَ بِهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَشْفِعُ بِعَمِّ رَسُولِكَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَيْكَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ قَالَ: فَرَضَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي الدِّيوَانَ سَبْعَةَ آلافٍ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَقَدْ رَوَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ فَرَضَ لَهُ خَمْسَةَ آلافٍ كَفَرَائِضِ أَهْلِ بَدْرٍ لِقَرَابَتِهِ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَلْحَقَهُ بِفَرَائِضِ أَهْلِ بَدْرٍ وَلَمْ يُفَضِّلْ أَحَدًا عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ إِلا أَزْوَاجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَعَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالُوا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ إِنَّ قريشا رؤوس النَّاسِ لا يَدْخُلُ أَحَدٌ مِنْهُمْ فِي بَابٍ إِلا دَخَلَ مَعَهُ فِيهِ. قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: نَاسٌ. وَقَالَ عَفَّانُ وَسُلَيْمَانُ. طَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ. فَلَمْ أَدْرِ مَا تَأْوِيلُ قَوْلِهِ فِي ذَا حَتَّى طُعِنَ فَلَمَّا احْتُضِرَ أَمَرَ صُهَيْبًا أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يَجْعَلَ لِلنَّاسِ طَعَامًا فَيَطْعَمُوا. وَقَالَ عَفَّانُ وَسُلَيْمَانُ: حَتَّى يَسْتَخْلِفُوا إِنْسَانًا. فَلَمَّا رَجَعُوا مِنَ الْجَنَازَةِ جِيءَ بِالطَّعَامِ وَوُضِعَتِ الْمَوَائِدُ فَأَمْسَكَ النَّاسُ عَنْهَا. قَالَ يَزِيدُ: لِلْحُزْنِ الَّذِي هُمْ فِيهِ. فَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - قد مَاتَ فَأَكَلْنَا بَعْدَهُ وَشَرِبْنَا. وَمَاتَ أَبُو بَكْرٍ فَأَكَلْنَا بَعْدَهُ وَشَرِبْنَا. قَالَ عَفَّانُ وَسُلَيْمَانُ: وَإِنَّهُ لا بُدَّ مِنَ الأَجَلِ فَكُلُوا مِنْ هَذَا الطَّعَامِ. ثُمَّ مَدَّ الْعَبَّاسُ يَدَهُ فَأَكَلَ. وَمَدَّ النَّاسُ أَيْدِيَهُمْ فَأَكَلُوا. فَعَرَفْتُ قَوْلَ عُمَرَ إنهم رؤوس الناس. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وهيب عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ عَامِرٍ أَنَّ الْعَبَّاسَ تَحَفَّى عُمَرَ فِي بَعْضِ الأَمْرِ فَقَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. أَرَأَيْتَ أَنْ لَوْ جَاءَكَ عَمُّ مُوسَى مُسْلِمًا مَا كُنْتَ صَانِعًا بِهِ؟ قَالَ: كُنْتُ وَاللَّهِ مُحْسِنًا إِلَيْهِ. قَالَ: فَأَنَا عَمُّ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: وَمَا رَأْيُكَ يَا أَبَا الفضل؟ فو الله لأَبُوكَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَبِي. قَالَ: اللَّهَ اللَّهَ لأَنِّي كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ أَحَبُّ إِلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أَبِي فَأَنَا أُوثِرُ حُبَّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - على حبي. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: بَقِيَ فِي بَيْتِ مَالِ عمر شيء بعد ما قَسَمَ بَيْنَ النَّاسِ فَقَالَ الْعَبَّاسُ لِعُمَرَ وَلِلنَّاسِ: أَرَأَيْتُمْ لَوْ كَانَ فِيكُمْ عَمُّ مُوسَى أَكُنْتُمْ تُكْرِمُونُهُ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: فَأَنَا أَحَقُّ بِهِ. أَنَا عَمُّ نَبِيِّكُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَلَّمَ عُمَرُ النَّاسَ فَأَعْطُوهُ تِلْكَ الْبَقِيَّةَ الَّتِي بقيت. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ لَيْثٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مُجَاهِدٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَعْتَقَ الْعَبَّاسُ عِنْدَ مَوْتِهِ سَبْعِينَ مملوكا. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْبَيَاضِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي شُعْبَةُ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: كَانَ الْعَبَّاسُ مُعْتَدِلَ الْقَنَاةِ وَكَانَ يُخْبِرُنَا عَنْ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنَّهُ مَاتَ وَهُوَ أَعْدَلُ قَنَاةً مِنْهُ. وَتُوُفِّيَ الْعَبَّاسُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لأَرْبَعَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَجَبٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ فِي خِلافَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً. وَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ فِي مَقْبَرَةِ بَنِي هَاشِمٍ. قَالَ خَالِدُ بْنُ الْقَاسِمِ: وَرَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ مُعْتَدِلَ الْقَنَاةِ. يَعْنِي طَوِيلا. حَسَنَ الانْتِصَابِ عَلَى كِبَرٍ ليس فيه حناء. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَدْ أَسْلَمَ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - إِلَى الْمَدِينَةِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَسْلَمَ الْعَبَّاسُ بِمَكَّةَ قَبْلَ بَدْرٍ وَأَسْلَمَتْ أُمُّ الْفَضْلِ مَعَهُ حِينَئِذٍ. وَكَانَ مُقَامُهُ بِمَكَّةَ. إِنَّهُ كَانَ لا يُغَبِّي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَكَّةَ خَبَرًا يَكُونُ إِلا كَتَبَ بِهِ إِلَيْهِ. وَكَانَ مَنْ هُنَاكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يَتَقَوُّونَ بِهِ وَيَصِيرُونَ إِلَيْهِ. وَكَانَ لَهُمْ عَوْنًا عَلَى إِسْلامِهِمْ. وَلَقَدْ كَانَ يَطْلُبُ أَنْ يَقْدَمَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَتَبَ إِلَيْهِ رسول الله. ع: إِنَّ مُقَامَكَ مُجَاهِدٌ حَسَنٌ. فَأَقَامَ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ قَالَ: لَمَّا دَوَّنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابَ الدِّيوَانَ كَانَ أَوَّلُ مَنْ بَدَأَ بِهِ فِي الْمَدْعَى بَنِي هَاشِمٍ. ثُمَّ كَانَ أَوَّلُ بَنِي هَاشِمٍ يُدْعَى الْعَبَّاسَ بْنَ عبد المطلب في ولاية عمر وعثمان. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ الَّذِي يَلِي أَمْرَ بَنِي هَاشِمٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ الْعَلاءِ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ عَنْ نَمْلَةَ بْنِ أَبِي نَمْلَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا مَاتَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بَعَثَتْ بَنُو هَاشِمٍ مُؤَذِّنًا يُؤْذِنُ أَهْلَ الْعَوَالِي: رَحِمَ اللَّهُ مَنْ شَهِدَ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. قَالَ فَحَشَدَ النَّاسُ وَنَزَلُوا مِنَ العوالي. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابن أَبِي سَبْرَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رُقَيْشٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ حَارِثَةَ قَالَ: جَاءَنَا مُؤَذِّنٌ يُؤْذِنَّا بِمَوْتِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بِقُبَاءَ عَلَى حِمَارٍ. ثُمَّ جَاءَنَا آخَرُ عَلَى حِمَارٍ فَقُلْتُ: مَنِ الأَوَّلُ؟ فَقَالَ: مَوْلًى لِبَنِي هَاشِمٍ وَالثَّانِي رَسُولُ عُثْمَانَ. فَاسْتَقْبَلَ قُرَى الأَنْصَارِ قَرْيَةً قَرْيَةً حَتَّى انْتَهَى إِلَى سَافِلَةِ بَنِي حَارِثَةَ وَمَا وَلاهَا فَحَشَدَ النَّاسُ فَمَا غَادَرْنَا النِّسَاءَ. فَلَمَّا أُتِيَ بِهِ إِلَى مَوْضِعِ الْجَنَائِزِ تَضَايَقَ فَتَقَدَّمُوا بِهِ إِلَى الْبَقِيعِ. وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا يَوْمَ صَلَّيْنَا عَلَيْهِ بِالْبَقِيعِ وَمَا رَأَيْتُ مِثْلَ ذَلِكَ الْخُرُوجِ عَلَى أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ قَطُّ وَمَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ أَنْ يَدْنُوَ إِلَى سَرِيرِهِ. وَغُلِبَ عَلَيْهِ بَنُو هَاشِمٍ فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَى اللَّحْدِ ازْدَحَمُوا عَلَيْهِ فَأَرَى عُثْمَانَ اعْتَزَلَ وَبَعَثَ الشُّرْطَةَ يَضْرِبُونَ النَّاسُ عَنْ بَنِي هَاشِمٍ حَتَّى خَلُصَ بَنُو هَاشِمٍ. فَكَانُوا هُمُ الَّذِينَ نَزَلُوا فِي حُفْرَتِهِ وَدَلَّوْهُ فِي اللَّحْدِ. وَلَقَدْ رَأَيْتُ عَلَى سَرِيرِهِ بُرْدَ حِبَرَةٍ قد تقطع من زحامهم. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدَةُ بِنْتُ نَابِلٍ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ قَالَتْ: جَاءَنَا رَسُولُ عُثْمَانَ. رَحِمَهُ اللَّهُ. وَنَحْنُ بِقَصْرِنَا عَلَى عَشْرَةِ أَمْيَالٍ مِنَ الْمَدِينَةِ أَنَّ الْعَبَّاسَ قَدْ تُوُفِّيَ. فَنَزَلَ أَبِي وَنَزَلَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ وَنَزَلَ أَبُو هُرَيْرَةَ مِنَ السَّمُرَةِ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَجَاءَنَا أَبِي بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ فَقَالَ: مَا قَدَرْنَا عَلَى أَنْ نَدْنُوَ مِنْ سَرِيرِهِ مِنْ كَثْرَةِ النَّاسِ. غُلِبْنَا عَلَيْهِ. وَلَقَدْ كُنْتُ أُحِبُّ حَمْلَهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ أُمِّ عُمَارَةَ قَالَتْ: حَضَرْنَا نِسَاءُ الأَنْصَارِ طُرًّا جَنَازَةَ الْعَبَّاسِ وَكُنَّا أَوَّلَ مَنْ بَكَى عليه ومعنا المهاجرات الأول المبايعات. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: لَمَّا مَاتَ الْعَبَّاسُ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ عُثْمَانُ إِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ أَحْضُرَ غُسْلَهُ فَعَلْتُمْ. فَأَذِنُوا لَهُ. فَحَضَرَ فَكَانَ جَالِسًا نَاحِيَةَ الْبَيْتِ. وَغَسَّلَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. ع. وَعَبْدُ اللَّهِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ وَقُثَمُ بَنُو الْعَبَّاسِ. وحدت نساء بني هاشم سَنَةً. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَوْصَى الْعَبَّاسُ أَنْ يُكَفَّنَ فِي بُرْدِ حِبَرَةٍ وَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُفِّنَ فِيهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: رَأَيْتُ عُثْمَانَ يُكَبِّرُ عَلَى الْعَبَّاسِ بِالْبَقِيعِ وَمَا يَقْدِرُ مِنْ لَفْظِ النَّاسِ. وَلَقَدْ بَلَغَ النَّاسُ الْحَشَّانَ وَمَا تَخَلَّفَ أَحَدٌ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ.
العباس بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم: من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
العباس بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم كنيته أبو الفضل وأمه ابنة جناب بن
كلب بن مالك بن النمر بن قاسط كان مولده قبل الفيل بثلاث سنين ومات سنة ثنتين وثلاثين في خلافة عثمان بن عفان رضه وهو بن ثمان وثمانين سنة بالمدينة وصلى عليه عثمان بن عفان رضه الله عنه
العباس بن عبد المطلب
عم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

- قال [ابن] عمر: حدثني خالد بن القاسم البياضي قال: سمعت شعبة - مولى عباس - يقول: قال ابن عباس: ولد أبي العباس قبل الفيل
بثلاث سنين وكان أسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث سنين. وتوفي بالمدينة وهو ابن ثمان وثمانين سنة وكان معتدل [القناة].
قال ابن عباس: توفي العباس سنة ثلاث وثلاثين.

- حدثنا عبيد الله بن عمر ونصر بن علي قالا: أخبرنا جرير عن مغيرة عن أبي رزين قال: قيل للعباس: أيما أكبر أنت أو النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: هو أكبر مني وأنا ولدت قبله وهذا لفظ حديث عبد الله بن عمر وقال نصر بن علي في حديثه: هو أكبر مني وولدت أنا قبله.
- حدثنا داود بن عمرو نا ابن أبي الزناد عن موسى بن عقبة قال: قال أبو رشدين كريب - مولى ابن عباس -: أن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحل العباس إجلال الولد والده خاصة خص الله عز وجل العباس من بين الناس وما ينبغي للنبي صلى الله عليه وسلم أن يجل أحدا إلا [والدا] أو عما.

- حدثنا داود بن عمرو نا ابن أبي الزناد عن هشام بن [عروة عن أبيه: أن العباس كان آخذ] بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم في العقبة حين وافاه [
السبعون من الأنصار] فأخذ لرسول الله صلى الله عليه وسلم واشترط له وذلك في غرة الإسلام وأوله من [قبل أن يعبد الله أحد علانية].

- حدثني إبراهيم بن سعيد الجوهري نا إسماعيل بن قيس قال: ثنا [أبو حازم] عن سهل بن سعد قال: كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر القيظ فقام [يغتسل فقام] العباس يستره فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " اللهم استر العباس وولده من [النار]. ////.
- [حدثني أحمد بن عبد الصمد أبو أيوب الأنصاري نا إسماعيل بن قيس الأنصاري عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في القيظ فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ليقضي حاجته فقام إليه العباس فستره بكساء من صوف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من؟ " فقال: عمك العباس يا رسول الله قال: فكأني أنظر إليه من خلل الكساء وهو رافع رأسه إلى السماء وهو يقول: " اللهم استر العباس وولد العباس من النار ".

- [] رسول الله فصعد المنبر ثم قال: " أيها الناس أي الناس أجود على الله [؟] فتوة ولا جبانا. وهذا لفظ [. . . . .]
- [حدثني] إبراهيم بن [هانىء نا] عبد العزيز بن الخطاب نا علي بن هاشم عن محمد [بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جده] قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس: " ولك يا عم من [الله حتى ترضى "].

- [نا عبد الله بن عمر نا يحيى بن يمان نا العباس بن عوسجة عن عطاء الخراساني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " العباس عمي وصنو أبي من آذاه فقد آذاني "].

- [حدثنا أبو طالب زيد بن أخرم الطائي نا إسحاق بن إدريس نا محمد بن طلحة عن أبي سهيل عم مالك عن سعيد بن المسيب عن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " هذا العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس كفا وأحناه عليهم "].

- [حدثنا محمد بن] يزيد الرفاعي نا [وهب بن جرير] نا أبي نا الأعمش عن عمرو بن [مرة عن أبي البختري عن علي] قلت لعمر: أما
تذكر حين شكوت العباس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: [أما علمت أن عم] الرجل صنو أبيه.

- حدثنا عبد الله بن عمر نا أبو سان نا العباس بن [] عن عطاء [] قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " العباس مني وأنا منه لا تؤذوا العباس فتؤذوني من سب العباس فقد سبني.
- [نا داود بن عمرو بن خالد بن عبد الله عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من آذى العباس فقد آذاني إن عم الرجل صنو أبيه.

- [نا الوليد بن شجاع بن الوليد السكوني نا عبد الرحيم بن سليمان نا إسرائيل بن يونس عن عبد الأعلى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: أن رجلا وقع في أب للعباس كان في الجاهلية فلطمه العباس فجاء قومه فقالوا: والله لنلطمنه كما لطمه حتى لبسوا السلاح فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعد المنبر فقال: " يأيها الناس أي الناس تعلمون أكرم على الله عز وجل؟ " قالوا: أنت، قال: " فإن العباس مني وأنا منه لا تسبوا أمواتنا فتؤذوا أحياءنا "].

- [حدثني يحيى بن جعفر الواسطي نا عبد الوهاب الخفاف نا إسرائيل عن عبد الأعلى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " العباس مني وأنا منه لا تؤذوا العباس فتؤذوني من سب العباس فقد سبني "].
- [حدثني سعيد بن يحيى الأموي حدثني أبو عبد الرحمن الكوفي نا شعيب بن إبراهيم نا سيف بن عمر نا عمرو بن محمد عن الشعبي عن أبي هياج عن أبيه [أبي] سفيان بن الحارث قال: اليوم علمت أن العباس سيد العرب بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه أعظم الناس منزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أخطره قريشا بأصلها فقال: " لئن قتلوه لا أستبقي منهم أحدا أبدا " وقال في حمزة رضي الله عنه حين قتل ومثل به: " لئن بقيت لأمثلن بثلاثين من قريش " وقال المكثر: بسبعين].
حدثنا علي بن جعفر أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء عن ثور بن يزيد عن مكحول عن سعيد بن المسيب أنه قال: العباس خير هذه الأمة وارث النبي صلى الله عليه وسلم وعمه.

- حدثنا محمد بن بكار نا عبد الرحمن بن عبد الله بن ذكوان عن هشام بن عروة عن أبيه: أن عائشة قالت: يا ابن أختي
لقد رأيت من تعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس أمرا عجيبا! قال عروة: والعباس والله آخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وافاه [الأنصار في] العقبة يأخذ لرسول الله صلى الله عليه وسلم ويشترط عليهم وذلك في غرة الإسلام وأوله [من قبل أن يعبد] الله عز وجل أحد علانية.

- حدثني زيد بن أخزم الطائي نا أبو داود الطيالسي [عن زائدة] عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث عن العباس بن عبد المطلب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا عم رسول الله سل الله العفو والمعافاة في الدنيا والآخرة.

- [نا داود بن عمرو الضبي ح.]
[نا محمد بن بكار قالا: نا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن هشام بن عروة قال: قال لي أبي عروة: إن عائشة رضي الله عنها قالت له: يا ابن أختي لقد رأيت من تعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم العباس أمرا عجبا.
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تأخذه الخاصرة فتشتد به جدا قالت: فكنا نقول: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم عرق الكلية ولا نهتدي للخاصرة قالت: فاشتد به صلى الله عليه وسلم حتى أغمي عليه ففزع الناس إليه قالت: فظننا أن به ذات الجنب فلددناه. قالت: ثم سرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرف أن قد لددناه ووجد أثر اللدود فقال صلى الله عليه وسلم: " أظننتم أن الله عز وجل سلطها علي؟ ما كان الله ليسلطها علي والذي نفسي بيده لا يبقى أحد في البيت إلا لد إلا عمي " قالت عائشة: فلقد رأيتهم يلدون رجلا رجلا، قالت: ومن في البيت يومئذ يذكر فضلهم قالت: فلد الرجال أجمعون قالت: ثم بلغنا والله اللدود أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: فلددنا والله امرأة امرأة، قالت: حتى بلغ اللدود امرأة منا، قالت: إني والله صائمة قلنا لها: بئس ما ظننت أن تتركين وقد أقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلددناها والله يا ابن أخي وإنها لصائمة].

- حدثنا الحماني عبد العزيز بن محمد عن يزيد بن الهاد عن محمد بن [إبراهيم] عن [أم كلثوم بنت] العباس بن عبد المطلب عن العباس بن عبد المطلب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" [إذا اقشعر جلد] العبد من خشية الله تعالى تحاتت عنه ذنوبه كما تحات عن الشجرة إذا //// [يبس ورقها].

- حدثني محمد بن زنبور المكي نا عبد العزيز بن أبي حازم [عن محمد بن إبراهيم] عن عامر بن سعد عن العباس [أن] النبي صلى الله عليه وسلم [قال: إذا سجد العبد سجد معه سبعة آراب: وجهه] وكفاه وركبتاه وقدماه.

- حدثني محمد بن [] عن يزيد بن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن عامر بن سعد عن العباس
[بن عبد المطلب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا].

- [] ابن المغيرة عن عمرو بن أبي قيس عن سماك بن حرب عن [عكرمة] عن [ابن عباس عن العباس قال: قال] رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نهيت أن [أمشي عريانا].
[. . . . . عن الشعبي.

- [حدثني جدي نا جرير عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث عن عبد المطلب بن ربيعة قال: دخل العباس على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إنا مخرج فنرى قريشا تتحدث فإذا رأونا
سكتوا فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم فدر عرق بين عينيه ثم قال: " والله لا يدخل قلب امرىء الإيمان حتى يحبكم الله تعالى ولقرابتي "].

حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام

حسان بن ثَابت بن الْمُنْذر بن حرَام بن عَمْرو بن زيد مَنَاة بن عدي بن مَالك النجاري أَبُو عبد الرَّحْمَن وَيُقَال أَبُو الْوَلِيد الْأنْصَارِيّ النجاري الخزرجي الْمدنِي سمع النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم
رَوَى عَنهُ أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن فِي الصَّلَاة وَفِي الْأَدَب قَالَ الْوَاقِدِيّ مَاتَ فِي خلَافَة مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان عَاشَ فِي الْجَاهِلِيَّة سِتِّينَ سنة وَفِي الْإِسْلَام سِتِّينَ سنة وَمَات وَهُوَ ابْن عشْرين وَمِائَة سنة
حسان بن ثَابت بن الْمُنْذر بن حرَام بن عَمْرو بن زيد مَنَاة بن عدي بن عَمْرو بن مَالك بن النجار النجاري الخزرجي الْأنْصَارِيّ الْمَدِينِيّ كنيته أَبُو الْمُنْذر وَيُقَال أَبُو عبد الرحمن وَقيل أَبُو الحسام
مَاتَ وَهُوَ ابْن مائَة وَأَرْبع سِنِين أَيَّام قتل عَليّ بن ابي طَالب
ورى عَن سعيد بن الْمسيب وَأَبُو سَلمَة بن عبد الرحمن وَقَالَ ابْن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة (أَن عمر مر بِحسان وَهُوَ ينشد فَالْتَفت حسان الى أبي هُرَيْرَة فَقَالَ أنْشدك الله) الحَدِيث
حسان بْن ثَابت بْن الْمُنْذر بْن حرَام بْن عَمْرو بْن زيد مَنَاة بْن عدي بْن عَمْرو بْن مَالك بْن النجار بْن ثَعْلَبَة بْن عَمْرو بْن الْخَزْرَج بْن حَارِثَة بْن ثَعْلَبَة بْن عَمْرو بْن عَامر مَاء السَّمَاء بْن حَارِثَة بْن الغطريف بْن امْرِئ الْقَيْس بْن ثَعْلَبَة بْن مَازِن بْن الأزد بْن الغوت بْن نبت بْن مَالك بْن زيد بْن كهلان بْن سبأ بن يشجب بن يعرب
بْن قحطان من الْقَوْم الَّذين يُقَال لَهُم بَنو مغالة وهم بَنو عدي بْن عَمْرو بْن مَالك بْن النجار ومغالة أمّهم كنيته أَبُو الْوَلِيد قَالَ لَهُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اهجهم وَجِبْرِيل مَعَك وَهُوَ بن مائَة وَأَرْبع سِنِين وَقد قيل لكل وَاحِد مِنْهُم عشرُون وَمِائَة سنة
حَسَّانُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ حَرَامِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ تَيْمِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْخَزْرَجِ
حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقَتَّاتُ، نا مِنْجَابٌ، نا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: مَرَّ عُمَرُ بِحَسَّانَ وَهُوَ يُنْشِدُ فِي الْمَسْجِدِ فَوَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ: تُنْشِدُ الشَّعْرَ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ لَهُ حَسَّانُ: «قَدْ كُنْتُ أُنْشِدُ فِيهِ بِمَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» فَانْصَرَفَ عُمَرُ عَنْهُ
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ الصَّفَّارُ، نا أَبُو كُرَيْبٍ، نا عُبَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، نا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بَهْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ»
حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار الأنصاري
الشاعر، يكنى أبا الوليد. وقيل:
يكنى أبا عَبْد الرحمن. وقيل: أبا الحسام، وأمه الفريعة بنت خالد بن خنيس بن لوذان بن عبد ود بن زيد بن ثعلبة بن الخزرج بن كعب ابن ساعدة الأنصارية كان يقال له شاعر رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ.
روينا عن عائشة رضي الله عنها أنها وصفت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فقال: كان والله كما قَالَ فيه شاعره حسان بن ثابت رضى الله عنه :
متى يبد في الداجي البهيم جبينه ... يلح مثل مصباح الدجى المتوقد
فمن كان أو من قد يكون كأحمد ... نظام لحق أو نكال لملحد
وَرَوَيْنَا عَنْ حَدِيثِ عَوْفٍ الأَعْرَابِيِّ وجرير بن حازم عن محمد ابن سِيرِينَ، وَمِنْ حَدِيثِ السُّدِّيِّ عَنِ الْبَرَاءِ، وَمِنْ حَدِيثِ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ وَأَبي إِسْحَاقَ- دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ: أَنَّ الَّذِينَ كَانُوا يهجون رسول الله صلى الله عليه وسلم من مُشْرِكِي قُرَيْشٍ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزِّبَعْرَى، وَأَبُو سفيان ابن الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، وضرار بن الخطاب،
فقال قائل لعلىّ بن أبى طالب: اهْجُ عَنَّا الْقَوْمَ الَّذِينَ يَهْجُونَنَا. فَقَالَ:
إِنْ أذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فَعَلْتُ. فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذِنْ لَهُ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّ عَلِيًّا لَيْسَ عِنْدَهُ مَا يُرَادُ فِي ذلك منه، أو: ليس في ذلك لك.
ثُمَّ قَالَ: مَا يَمْنَعُ الْقَوْمُ الَّذِينَ نَصَرُوا رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ بِسِلاحِهِمْ أَنْ يَنْصُرُوهُ بِأَلْسِنَتِهِمْ؟ فَقَالَ حَسَّانٌ: أَنَا لَهَا، وَأَخَذَ بِطَرْفِ لِسَانِهِ وَقَالَ: وَاللَّهِ ما يسرّنى به مقول بَيْنَ بُصْرَى وَصَنْعَاءَ.
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ: كَيْفَ تَهْجُوهُمْ وَأَنَا مِنْهُمْ؟ وَكَيْفَ تَهْجُو أَبَا سُفْيَانَ وَهُوَ ابْنُ عَمِّي؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ لأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنَ الْعَجِينِ. فَقَالَ لَهُ: إِيتِ أَبَا بَكْرٍ، فَإِنَّهُ أَعْلَمُ بِأَنْسَابِ الْقَوْمِ مِنْكَ.
فَكَانَ يَمْضِي إِلَى أَبِي بَكْرٍ لِيَقِفَ عَلَى أَنْسَابِهِمْ، فَكَانَ يَقُولُ لَهُ: كُفَّ عَنْ فُلانَةَ وَفُلانَةَ، وَاذْكُرْ فُلانَةَ وَفُلانَةَ، فَجَعَلَ حَسَّانٌ يَهْجُوهُمْ. فَلَمَّا سَمِعَتْ قُرَيْشٌ شِعْرَ حَسَّانٍ قَالُوا: إِنَّ هَذَا الشِّعْرَ مَا غَابَ عَنْهُ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ، أَوْ: مِنْ شِعْرِ ابْنِ أَبِي قُحَافَةَ.
فَمِنْ شِعْرِ حَسَّانٍ فِي أبى سفيان بن الحارث :
وَإِنَّ سَنَامَ الْمَجْدِ مِنْ آلِ هَاشِمٍ ... بَنُو بنت مخزوم ووالدك العبد
وَمَنْ وَلَدَتْ أَبْنَاءَ زُهْرَةَ مِنْهُمُ ... كِرَامٌ وَلَمْ يَقْرَبْ عَجَائِزَكَ الْمَجْدُ
وَلَسْتَ كَعَبَّاسٍ وَلا كَابْنِ أُمِّهِ ... وَلَكِنْ لَئِيمٌ لا تُقَامُ لَهُ زَنْدُ
وَإِنَّ امْرَأً كَانَتْ سُمَيَّةُ أُمَّهُ ... وَسَمْرَاءُ- مَغْمُورٌ إِذَا بَلَغَ الْجَهْدُ
وَأَنْتَ هَجِينٌ نِيطَ فِي آلِ هَاشِمٍ ... كَمَا نِيطَ خَلْفَ الرَّاكِبِ الْقَدَحُ الْفَرْدُ
فَلَمَّا بَلَغَ هَذَا الشِّعْرُ أَبَا سُفْيَانَ قَالَ: هَذَا كَلامٌ لَمْ يَغِبْ عَنْهُ ابْنُ أبى أَبِي قُحَافَةَ.
قَالَ أبو عمر: يعني بقوله بنت مخزوم فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران ابن مخزوم فيما ذكر أهل النسب، وهي أم أبي طالب، وعبد الله، والزبير، بني عَبْد المطلب. وقوله: ومن ولدت أبناء زهرة منهم، يعني حمزة وصفية، أمهما هالة بنت وهيب بن عَبْد مناف بن زهرة والعباس، وابن أمه شقيقه ضرار بن عَبْد المطلب، أمهما نتيلة امرأة من النمر بن قاسط، وسمية أم أبي سفيان وسمراء أم أبيه.
ومن قول حسان أيضا في أبى سفيان :
هجوت محمدا فأجبت عنه ... وعند الله في ذاك الجزاء
هجوت مطهرًا برًا حنيفًا ... أمين الله شيمته الوفاء
أتهجوه ولست له بكفء ... فشرّكما لخير كما الفداء
فإن أبي ووالدتي وعرضي ... لعرض محمد منكم وقاء
وهذا الشعر أوله :
عفت ذات الأصابع فالجواء ... إلى عذراء منزلها خلاء
قَالَ مصعب الزبيري: هذه القصيدة قَالَ حسان صدرها في الجاهلية وآخرها في الإسلام.
قَالَ: وهجم حسان على فتية من قومه يشربون الخمر، فعيرهم في ذلك، فقالوا: يا أبا الوليد، ما أخذنا هذه إلا منك، وإنا لنهم بتركها ثم يثبطنا عن ذلك قولك:
ونشربها فتتركنا ملوكا ... وأسدا ما ينهنهنا اللقاء
فقال: هذا شيء قتله في الجاهلية، والله ما شربتها منذ أسلمت.
قَالَ ابن سيرين: وانتدب لهجو المشركين ثلاثة من الأنصار: حسان ابن ثابت، وكعب بن مالك، وعبد الله بن رواحة، فكان حسان وكعب ابن مالك يعارضانهم بمثل قولهم في الوقائع والأيام والمآثر، ويذكران مثالبهم، وكان عَبْد الله بن رواحة يعيرهم بالكفر وعبادة ما لا يسمع ولا ينفع، فكان قوله يومئذ أهون القول عليهم، وكان قول حسان وكعب أشد القول عليهم، فلما أسلموا وفقهوا كان أشد القول عليهم قول عبد الله ابن رواحة.
وروينا من وجوه كثيرة عن أبي هريرة وغيره أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول لحسان: اهجهم- يعني المشركين- وروح القدس معك. وإنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لحسان: اللَّهمّ أيده بروح القدس لمناضلته عن المسلمين.
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: إنّ قوله فيهم أشدّ من وقع النبل. ومر عمر بن الخطاب رضي الله عنه بحسان وهو ينشد الشعر في مسجد رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فقال: أتنشد الشعر؟ أو قَالَ: مثل هذا الشعر في مسجد رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ؟ فقال له حسان: قد كنت أنشد وفيه من هو خير منك- يعني النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ.
فسكت عمر.
وروي عن عمر رضي الله أنه نهى أن ينشد الناس شيئًا من مناقضة الأنصار ومشركي قريش، وقال: في ذلك شتم الحي والميت، وتجديد الضغائن، وقد هدم الله أمر الجاهلية بما جاء من الإسلام.
وَرَوَى ابْنُ دُرَيْدٍ عَنْ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ: فُضِّلَ حَسَّانٍ عَلَى الشُّعَرَاءِ بِثَلاثٍ: كَانَ شَاعِرَ الأَنْصَارِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَشَاعِرَ النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ فِي [أَيَّامِ] النُّبُوَّةِ، وَشَاعِرَ الْيَمَنِ كُلِّهَا فِي الإِسْلامِ.
قَالَ أبو عبيدة: واجتمعت العرب على أن أشعر أهل المدر أهل يثرب، ثم عَبْد القيس، ثم ثقيف، وعلى أن أشعر أهل المدر حسّان بن ثابت.
وقال أبو عبيدة: حسان بن ثابت شاعر الأنصار في الجاهلية، وشاعر أهل اليمن في الإسلام، وهو شاعر أهل القرى.
وعن أبي عبيدة وأبي عمرو بن العلاء أنهما قالا: حسان بن ثابت أشعر أهل الحضر. وقال أحدهما: أهل المدر.
وقال الأصمعي: حسان بن ثابت أحد فحول الشعراء، فقال له أبو حاتم: تأتي له أشعار لينة. فقال الأصمعي: تنسب إليه أشياء لا تصح عنه.
وروى ابن أخي الأصمعي عن عمه قَالَ: الشعر نكد يقوى في الشر ويسهل، فإذا دخل في الخير ضعف ولان، هذا حسان فحل من فحول الشعراء في الجاهلية، فلما جاء الإسلام سقط شعره.
وقال مرة أخرى: شعر حسان في الجاهلية من أجود الشعر.
وقيل لحسان: لان شعرك أو هرم شعرك في الإسلام يا أبا الحسام.
فقال للقائل: يا بن أخي، إن الإسلام يحجز عن الكذب، أو يمنع من الكذب، وإن الشعر يزينه الكذب، يعنى إن شأن التجويد في الشعر الإفراط في لوصف والتزيين بغير الحق، وذلك كله كذب.
وقال الحطيئة: أبلغوا الأنصار أن شاعرهم أشعر العرب حيث يقول :
يغشون حتى ما تهر كلابهم ... لا يسألون عن السواد المقبل
وقال عَبْد الملك بن مروان: إن أمدح بيت قالته العرب بيت حسان هذا.
وقال قوم في حسان: إنه كان ممن خاض في الإفك على عائشة رضي الله عنها، وإنه جلد في ذلك وأنكر قوم أن يكون حسان خاض في الإفك أو جلد فيه، ورووا عن عائشة رضي الله عنها أنها برأته من ذلك ذَكَرَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنِ ابن جريج، عن محمد بن السائب ابن بَرَكَةَ، عَنْ أُمِّهِ، أَنَّهَا كَانَتْ مَعَ عَائِشَةَ فِي الطَّوَافِ، وَمَعَهَا أُمُّ حَكِيمِ بِنْتُ خَالِدِ بن العاصي، وَأُمُّ حَكِيمِ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، فَتَذَاكَرَتَا حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ [فَابْتَدَرْنَاهُ] بِالسَّبِّ، فقالت عائشة: ابْنُ الْفُرَيْعَةَ تَسُبَّانِ؟
إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يُدْخِلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِذَبِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم بلسانه، أليس القائل :
هجوت محمدا فأجبت عنه ... وعند الله في ذَاكَ الْجَزَاءُ
فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَتِي وَعِرْضِي ... لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمُ وِقَاءُ
فَبَرَّأَتْهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ افترى عليها، فَقَالَتَا: أَلَيْسَ مِمَّنْ لَعَنَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ بِمَا قَالَ فِيكِ؟ فَقَالَتْ: لَمْ يَقُلْ شيئا، ولكنه الّذي يقول :
حصان رزان مَا تزن بريبة ... وتصبح غرثى مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِلِ
فَإِنْ كَانَ مَا قَدْ قِيلَ عَنِّي قُلْتُهُ ... فَلا رَفَعَتْ سَوْطِي إِلَيَّ أَنَامِلِي
وَقَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الأَخْبَارِ وَالسِّيَرِ: إِنَّ حَسَّانًا كَانَ مِنْ أَجْبَنِ النَّاسِ، وَذَكَرُوا مِنْ جُبْنِهِ أَشْيَاءَ مُسْتَشْنَعَةً أَوْرَدُوهَا عَنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ حَكَاهَا عَنْهُ، كَرِهْتُ ذِكْرَهَا لِنَكَارَتِهَا.
وَمَنْ ذَكَرَهَا قَالَ: إِنَّ حَسَّانًا لَمْ يَشْهَدْ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ شَيْئًا مِنْ مَشَاهِدِهِ، لِجُبْنِهِ، وَأَنْكَرَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْخَبَرِ ذَلِكَ، وَقَالُوا:
لَوْ كَانَ حَقًّا لَهُجِيَ بِهِ.
وَقِيلَ: إِنَّمَا أَصَابَهُ ذَلِكَ الْجُبْنُ مُنْذُ ضَرَبَهُ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ بِالسَّيْفِ.
وقال مُحَمَّد بن إسحاق، عن مُحَمَّد بن إبراهيم التيمي: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ أعطى حسانًا عوضًا من ضربة صفوان الموضع الذي بالمدينة، وهو قصر بني جديلة، وأعطاه سيرين أمة قبطية، فولدت له عَبْد الرحمن ابن حسان.
وقال أبو عمر رضي الله عنه: أما إعطاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم سير بن أخت مارية لحسان فمروي من وجوه، وأكثرها أن ذلك ليس لضربة صفوان، بل لذبه بلسانه عن النبي صلى الله عليه وسلم في هجاء المشركين له، والله أعلم.
ومن جيد شعر حسان ما ارتجله بين يدي النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حين قدوم وفي بني تميم، إذا أتوه بخطيبهم وشاعرهم، ونادوه من وراء الحجرات أن اخرج إلينا يا مُحَمَّد، فأنزل الله فيهم : إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ، وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ ... 49: 4- 5 الآية. وكانت حجراته صلى الله عليه وَسَلَّمَ تسعًا، كلها من شعر مغلقة من خشب العرعر . فخرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم إليهم، وخطب خطيبهم مفتخرا، فلما سكت أمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثابت بن قيس بن شماس أن يخطب بمعنى ما خطب به خطيبهم، فخطب ثابت بن قيس فأحسن، ثم قام شاعرهم، وهو الزبرقان ابن بدر فقال:
نحن الملوك فلا حي يقاربنا ... فينا العلاء وفينا تنصب البيع
ونحن نطعمهم في القحط ما أكلوا ... من العبيط إذا لم يؤنس القزع
وننحر الكوم عبطا في أرومتنا ... للنازلين إذا ما أنزلوا شبعوا
تلك المكارم حزناها مقارعة ... إذا الكرام على أمثالها اقترعوا
ثم جلس. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ لحسان بن ثابت: قم، فقام وقال :
إنّ الذّوائب من فهر وإخوتهم ... قد بينوا سنة للناس تتبع
يرضي بها كل من كانت سريرته ... تقوى الإله وبالأمر الذي شرعوا
قوم إذا حاربوا ضروا عدوهم ... أو حاولوا النفع في أشياعهم نفعوا
سجية تلك منهم غير محدثة ... إن الخلائق فاعلم شرها البدع
لو كان في الناس سباقون بعدهم ... فكل سبق لأدنى سبقهم تبع
لا يرقع الناس ما أوهت أكفهم ... عند الدفاع ولا يوهون ما رقعوا
ولا يضنّون عن جار بفضلهم ... ولا يمسّهم في مطمع طبع
أعفة ذكرت للناس عفتهم ... لا يبخلون ولا يرديهم طمع
خذ منهم ما أتوا عفوًا إذا عطفوا ... ولا يكن همك الأمر الذي منعوا
فإن في حربهم فاترك عداوتهم ... شرًا يخاض إليه الصاب والسلع
أكرم بقوم رسول الله شيعتهم ... إذا تفرقت الأهواء والشيع
فقال التميميون عند ذلك: وربكم أن خطيب القوم أخطب من خطيبنا، وإن شاعرهم أشعر من شاعرنا، وما انتصفنا ولا قاربنا.
الصَّامِتِ كَانَ عَلَى قِتَالِ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ، وَكَانَ مَنَعَهُمْ مِنَ الْقِتَالِ فَقَاتَلُوا، فَقَالَ:
أَدْرِكِ النَّاسَ يَا جُنَادَةَ، فَذَهَبْتُ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَقُتِلَ أَحَدٌ؟
فَقُلْتُ: لا. فَقَالَ: الْحَمْدُ للَّه الَّذِي لم يقتل منهم أحدٌ عَاصِيًا. قال أبو عمر: ولجنادة بن أبي أمية أيضًا حديث عن النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ في صوم يوم الجمعة، وتوفي بالشام سنة ثمانين.
حَسَّانُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ الْمُنذِرِ بْنِ حَرَامِ بْنِ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْخَزْرَجِ شَاعِرُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُنَافِحُ عَنْهُ، وَالْمُنَاضِلُ الْمُؤَيَّدُ بِرُوحِ الْقُدُّوسِ، يُكَنَّى: أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَقِيلَ: أَبَا الْوَلِيدِ، وَكَانَ يُكَنَّى أَيْضًا بِأَبِي الْحُسَامِ لِمُنَاضَلَتِهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلِسَانِهِ الْغَازِي بِهِ أَعْرَاضَ الْمُشْرِكِينَ، عَاشَ مِائَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً، سِتِّينَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَسِتِّينَ فِي الْإِسْلَامِ، وَكَذَلِكَ عَاشَ أَبُوهُ وَأَبُو أَبِيهِ: جَدُّهُ وَأَبُو جَدِّهِ حَرَامٌ، لَا يُعْرَفُ فِي الْعَرَبِ أَرْبَعَةٌ تَنَاسَلُوا مِنْ صُلْبٍ وَاحِدٍ اتَّفَقَتْ مُدَّةُ تَعْمِيرِهِمْ مِائَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً غَيْرُهُمْ، شُجَاعُ اللِّسَانِ، جَبَانُ الْجَنَانِ، لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَشْهَدُ الْوَغَى، وَلَا يَهْتَزُّ إِلَى اللِّقَاءِ لِيَتَحَصَّنَ بِالْآطَامِ وَيُنَاضِلَ بِالْكَلَامِ رَوَى عَنْهُ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةُ، وَابْنُهُ
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَبَلَةَ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى الْفَزَارِيُّ، ثنا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضَعُ لِحَسَّانَ مِنْبَرًا فِي الْمَسْجِدِ يَقُومُ عَلَيْهِ قَائِمًا يُفَاخِرُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَقُولُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ يُؤَيِّدُ حَسَّانَ بِرُوحِ الْقُدُسِ بِمَا نَافَحَ أَوْ فَاخَرَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامِ بْنِ أَبِي الدَّمِيكِ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ زِيَادٍ سَبَلَانُ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُجَالِدٍ، عَنْ هِلَالٍ الْوَزَّانِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَعَ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ مِنْبَرًا يَنْشُدُ عَلَيْهِ هِجَاءَ الْمُشْرِكِينَ " وَرَوَاهُ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ مُخْتَصَرًا
- حَدَّثَنَاهُ أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى، ثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتِ: اسْتَأْذَنَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هِجَاءِ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ: «كَيْفَ بِنَسَبِي فِيهِمْ» قَالَ: لَأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنَ الْعَجِينِ" وَقِيلَ: إِنَّهُ اسْتَأْذَنَ فِي أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَيْفَ بِقَرَابَتِي مِنْهُ» فَقَالَ لَأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ" وَمِمَّا هَجَا بِهِ أَبَا سُفْيَانَ:

[البحر الطويل]

إِنَّ سَنَامَ الْمَجْدِ مِنْ آلِ هَاشِمٍ ... بَنُو بِنْتِ مَخْزُومٍ وَوَالِدُكَ الْعَبْدُ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مِلْحَانَ، ثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، ح وَحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَا: ثنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، ثنا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اهْجُوا قُرَيْشًا فَإِنَّهُ أَشَدَّ عَلَيْهِمْ مِنْ رَشْقِ النَّبْلِ» فَأَرْسَلَ إِلَى ابْنِ رَوَاحَةَ، فَقَالَ: «اهْجُهُمْ» ، فَهَجَاهُمْ، فَلَمْ يَرْضَ، فَأَرْسَلَ إِلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ، فَلَمَّا دَخَلَ حَسَّانُ قَالَ: قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تُرْسِلُوا إِلَى هَذَا الْأَسَدِ الضَّارِبِ بِذَنَبِهِ، ثُمَّ دَلَعَ لِسَانَهُ فَجَعَلَ يُحَرِّكُهُ ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَأَفْرِيَنَّهُمْ فَرْيَ الْأَدِيمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَعْجَلْ فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ أَعْلَمُ قُرَيْشٍ بِأَنْسَابِهَا، وَإِنَّ لِي فِيهِمْ نَسَبًا حَتَّى يَخْلُصَ لَكَ نَسَبِي» ، فَأَتَاهُ حَسَّانُ، ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ خَلَصَ لِي نَسَبُكَ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَأَنْسِلَنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنَ الْعَجِينِ قَالَتْ عَائِشَةُ: فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِحَسَّانَ: «إِنَّ رَوْحَ الْقُدُسِ لَا يَزَالُ يُؤَيِّدُكَ مَا نَافَحْتَ عَنْ الَّلهِ وَرَسُولِهِ» قَالَتْ: فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «هَجَاهُمْ حَسَّانُ فَشَفَى وَاشْتَفَى» فَقَالَ حَسَّانُ:

[البحر الوافر]

هَجَوْتَ مُحَمَّدًا فَأَجَبْتُ عَنْهُ ... وَعِنْدَ اللهِ فِي ذَاكَ الْجَزَاءُ

هَجَوْتَ مُحَمَّدًا بَرًّا حَنِيفًا ... رَسُولَ اللهِ شِيمَتُهُ الْوَفَاءُ

فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي ... لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ

ثَكَلْتُ بُنَيَّتِي إِنْ لَمْ تَرَوْهَا ... تُثِيرُ النَّقْعَ مَوْعِدُهَا كَدَاءُ

يُنَازِعْنَ الْأَعِنَّةَ مُصْعِدَاتٍ ... عَلَى أَكْتَافِهَا الْأَسَلُ الظِّمَاءُ

تَظَلُّ جِيَادُنَا مُتَمَطِّرَاتٍ تُلَطِّمُهُنَّ بِالْخُمُرِ النِّسَاءُ

فَإِنْ أَعْرَضْتُمْ عَنَّا اعْتَمَرْنَا ... وَكَانَ الْفَتْحُ وَانْكَشَفَ الْغِطَاءُ

وَإِلَّا فَاصْبِرُوا لِضِرَابِ يَوْمٍ ... يُعِزُّ اللهُ فِيهِ مَنْ يَشَاء ُ

وَقَالَ اللهُ قَدْ أَرْسَلْتُ عَبْدًا ... يَقُولُ الْحَقَّ لَيْسَ بِهِ خَفَاءُ

وَقَالَ اللهُ قَدْ يَسَّرْتُ جُنْدًا ... هُمُ الْأَنْصَارُ عُرْضَتُهَا اللِّقَاءُ

تُلَاقِي مِنْ مَعَدٍّ كُلَّ يَوْمٍ ... سِبَابٌ أَوْ قِتَالٌ أَوْ هِجَاءُ

فَمَنْ يَهْجُو رَسُولَ اللهِ مِنْكُمْ ... وَيَمْدَحُهُ وَيَنْصُرُهُ سَوَاءُ

وَجِبْرِيلٌ رَسُولُ اللهِ فِينَا ... وَرُوحُ الْقُدُسِ لَيْسَ لَهُ كِفَاءُ"
- حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ، ثنا نُوحُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، ثنا أَبُو غَزِيَّةَ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْزَّبَيْرِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ جَدَّتِهَا أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: " مَرَّ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ بِمَجْلِسٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَسَّانُ يُنْشِدُهُمْ مِنْ شَعْرِهِ وَهُمْ غَيْرُ نُشَاطٍ مِمَّا يَسْمَعُونَ مِنْهُ، فَجَلَسَ الزُّبَيْرُ وَقَالَ: مَالِي أَرَاكُمْ غَيْرَ أَذِنِينَ بِمَا تَسْمَعُونَ مِنْ شِعْرِ ابْنِ الْفُرَيْعَةِ فَلَقَدْ كَانَ يَعْرِضُ بِهِ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُحْسِنُ اسْتِمَاعَهُ وَيُجْزِلُ عَلَيْهِ ثَوَابَهُ وَلَا يُشْغَلُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فَقَالَ حَسَّانُ:

[البحر الطويل]

أَقَامَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ وَهَدْيِهِ ... حَوَارِيُّهُ وَالْقَوْلُ بِالْفِعْلِ يُعْدِلُ

أَقَامَ عَلَى مِنْهَاجِهِ وَطَرِيقِهِ ... يُوَالِي وَلِيَّ الْحَقِّ وَالْحَقُّ أَعْدَلُ

هُوَ الْفَارِسُ الْمَشْهُورُ وَالْبَطَلُ الَّذِي ... يَصُولُ إِذَا مَا كَانَ يَوْمٌ مُحَجَّلُ

إِذَا كَشَفَتْ عَنْ سَاقِهَا الْحَرْبُ حَشَّهَا ... بِأَبْيَضَ سَبَّاقٍ إِلَى الْمَوْتِ يَرْفُلُ

فَمَا مِثْلُهُ فِيهِمْ وَلَا كَانَ قَبْلَهُ ... وَلَيْسَ يَكُونُ الدَّهْرُ مَا دَامَ يَذْبُلُ

ثَنَاؤُكَ خَيْرٌ مِنْ فَعَالِ مَعَاشِرَ ... وَفِعْلُكَ يَا ابْنَ الْهَاشِمِيَّةِ أَفْضَل ُ

وَإِنَّ امْرَأً كَانَتْ صَفِيَّةُ أُمَّهُ ... وَمَنْ أَسَدٍ فِي بَيْتِهَا لَمُرْقَلُ

فَكَمْ كُرْبَةٍ ذَبَّ الزُّبَيْرُ بِسَيْفِهِ ... عَنِ الْمُصْطَفَى وَاللهُ يُعْطِي فَيُجْزِلُ"

قَالَ الشَّيْخُ: وَزَادَ غَيْرُهُ:

لَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ قُرْبِي قُرَيْبَةٌ ... وَمِنْ نُصْرَةِ الْإِسْلَامِ مَجْدٌ مُؤَثَّلُ
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَارِيُّ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُسَيَّبِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ أَبِيهِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: " بَدَتْ لَنَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ إِلَى الْوَالِي حَاجَةٌ وَكَانَ الَّذِي طَلَبْنَا إِلَيْهِ أَمْرًا صَعْبًا فَمَشَيْنَا إِلَيْهِ بِرِجَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ فَكَلَّمُوهُ وَذَكَرُوا لَهُ وَصِيَّةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَا فَتَذَكَّرَ صُعُوبَةَ الْأَمْرِ فَعَذَرَهُ الْقَوْمُ وَخَرَجُوا وَأَلَحَّ عَلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ فَوَاللهِ مَا وَجَدَ بُدًّا مِنْ قَضَاءِ حَاجَتِنَا، فَخَرَجْنَا حَتَّى دَخَلْنَا الْمَسْجِدَ فَإِذَا الْقَوْمُ أُنَدِّيَةٌ قَالَ حَسَّانُ: فَصِحْتُ وَأَنَا أَسْمَعَهُمْ إِنَّهُ وَاللهِ كَانَ أَوْلَاكُمْ بِهَا، إِنَّهَا وَاللهِ صُبَابَةُ النُّبُوَّةِ وَوِرَاثَةُ أَحْمَدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَهْذِيبُ أَعْرَاقِهِ وَانْتِزَاعِ شِبْهَ طَبَائِعِهِ، فَقَالَ الْقَوْمُ: أَجْمِلْ يَا حَسَّانُ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: صِدْقًا فَأَجْمَلَ حَسَّانُ وَأَنْشَأَ يَمْدَحُ ابْنَ عَبَّاسٍ:

[البحر الطويل]

إِذَا مَا ابْنُ عَبَّاسٍ بَدَا لَكَ وَجْهُهُ ... رَأَيْتَ لَهُ فِي كُلِّ مَجْمَعَةٍ فَضْلَا

إِذَا قَالَ لَمْ يَتْرُكْ مَقَالًا لِقَائِلٍ ... بِمُلْتَقَطَاتٍ لَا تَرَى بَيْنَهَا فَصْلَا

كَفَى وَشَفَى مَا فِي النُّفُوسِ فَلَمْ يَدَعْ ... لِذِي إِرْبَةٍ فِي الْقَوْلِ جِدًّا وَلَا هَزْلَا

سَمَوْتَ إِلَى الْعُلْيَا بِغَيْرِ مَشَقَّةٍ ... فَنِلْتَ ذُرَاهَا لَا جَبَانًا وَلَا وَغْلَا

خُلِقْتَ خَلِيقًا لِلْمُرُوءَةِ وَالنَّدَى ... بَلِيجًا وَلَمْ تُخْلَقْ كَهَامًا وَلَا جَبَلَا

فَقَالَ الْوَالِي: وَاللهِ مَا أَرَادَ بِالْكَهَامِ وَالْجَبَلِ غَيْرِي، وَاللهُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ"
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الصَّائِغُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَفٍ الْحَدَّادِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الرَّازِيُّ الْأَعْرَجُ، خَتَنُ سَلَمَةَ، ثنا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: «عَاشَ حَرَامٌ أَبُو الْمُنْذِرِ عِشْرِينَ وَمِائَةً وَعَاشَ ابْنُهُ الْمُنْذِرُ بْنُ حَرَامٍ عِشْرِينَ وَمِائَةً، وَعَاشَ ابْنُهُ ثَابِتُ بْنُ الْمُنْذِرِ عِشْرِينَ وَمِائَةً، وَعَاشَ ابْنُهُ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ عِشْرِينَ وَمِائَةً، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَّانَ إِذَا ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثُ اسْتَلْقَى عَلَى فِرَاشِهِ وَضَحِكَ وَتَمَدَّدَ، فَمَاتَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ»
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ، ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا يَعْقُوبُ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حُرَيْمِلَةَ، رِوَايَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ قَالَ: أَتَيْتُ حَسَّانَ فَقُلْتُ: يَا أَبَا الْحُسَامِ
- حَدَّثَنَا فَاروقٌ الْخَطَّابِيُّ، ثنا أَبُو مُسْلِمٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ الطَّوِيلُ، ثنا صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَتَى عَلَى حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ وَهُوَ يُنْشِدُ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: أَهَاهُنَا، فَقَالَ: قَدْ كُنْتُ أُنْشِدُ فِيهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ، فَوَلَّى عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ خَشْيَةَ أَنْ يَقُولَ: رَسُولُ اللهِ وَأَقْبَلَ حَسَّانُ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللهِ أَتَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: " يَا حَسَّانُ أَجِبْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ» قَالَ: نَعَمْ " اخْتُلِفَ عَلَى الزُّهْرِيِّ فِيهِ، فَرَوَاهُ الزُّبَيْرُ وَابْنُ أَبِي عَتِيقٍ وَصَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ وَعُبَيْدُ اللهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ وَيُونُسُ وَعُقَيْلٌ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ مَرَّ بِحَسَّانَ وَرَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرَوَاهُ الْحَكَمُ بْنُ أَيُّوبَ الْأَصْبَهَانِيُّ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ عُمَرَ مَرَّ بِحَسَّانَ، وَمِمَّا أَسْنَدَ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ الرَّيَّانِ، قَالَا: ثنا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، ثنا قَبِيصَةُ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خَيْثَمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بَهْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَائِرَاتِ الْقُبُورِ»
حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام
ابن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار، وهو تيم الله بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج، أبو الوليد، ويقال أبو عبد الرحمن، ويقال أبو الحسام الأنصاري الخزرجي النجاري.
شاعر سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفد على عمرو بن الحارث بن أبي شمر، ووفد على جبلة بن الأيهم، ووفد على معاوية حين بويع سنة أربعين.
وأم حسان الفريعة بنت خالد بن خنيس بن لوذان بن عبد ود بن
زيد بن ثعلبة بن الخزرج بن كعب بن ساعدة، وكان حسان يعرف بابن الفريعة، وهي أمه.
حكى محمد بن سعد قال: عاش في الجاهلية ستين سنة، وفي الإسلام ستين سنة، ومات في خلافة معاوية، وهو ابن عشرين ومئة سنة.
وكان حسان بن ثابت قديم الإسلام، ولم يشهد مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مشهدا، وكان يجبن. وقال بعض الناس: توفي قبل الأربعين.
عن حسان بن ثابت قال: إني والله لغلام يفعة، ابن سبع سنين أو ثمان سنين، أعقل كل ما سمعت يعني إذ سمعت يهودياً يصرخ على أطم يثرب: يا معشر يهود، إذ اجتمعوا إليه قالوا: ويلك مالك؟ قال: طلع الليلة نجم أحمد الذي به ولد.
قال ابن إسحق: فسألت سعيد بن عبد الرحمن بن حسان: ابن كم كان حسان بن ثابت مقدم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة؟ قال: ابن ستين. وقدمها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو ابن ثلاث وخمسين سنة، فسمع حسان ما سمع وهو ابن سبعين.
حدث سعيد بن المسيب، أن عمر بن الخطاب مر على حسان، وهو ينشد في مسجد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فانتهره عمر، فأقبل حسان فقال: كنت أنشد فيه من هو خير منك، فانطلق عمر حينئذ، وقال حسان لأبي هريرة: أنشدك الله، هل سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: يا حسان، أجب عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اللهم أيده بروح القدس؟ قال: اللهم، نعم.
روى البراء بن عازب قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحسان بن ثابت: اهجهم وهاجهم وجبريل معك.
وفي رواية عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحسان: إن روح القدس معك ما هاجيتهم.
وعن عائشة قالت: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يضع لحسان بن ثابت منبراً في المسجد، ينشد عليه قائماً، ينافح عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم يقول رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن الله يؤيد حسان بروح القدس ما نافح عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال جابر بن عبد الله: لما كان يوم الأحزاب، وردّ الله المشركين بغيظهم لم ينالوا خيراً قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من يحمي أعراض المسلمين؟ قال كعب بن مالك: أنا. وقال ابن رواحة: أنا يا رسول الله. قال: إنك لحسن الشعر. وقال حسان بن ثابت: أنا، يا رسول الله. قال: نعم، اهجهم أنت، وسيعينك عليهم روح القدس.
وعن عروة قال: سببت ابن فريعة عند عائشة فقالت: يا ابن أخي، لأقسم عليك لما كففت عنه، فإنه كان ينافح عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال عطاء بن أبي رباح: دخل حسان بن ثابت على عائشة بعدما عمي، فوضعت له وسادة، فدخل عبد الرحمن بن أبي بكر فقال: أجلسته على وسادة، وقد قال ما قال! فقالت: إنه - تعني كان يجيب عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويشفي صدره من أعدائه - وقد عمي، وإني لأرجو ألا يعذّب في الآخرة.
وعن عائشة قالت: مشت الأنصار إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالوا: يا رسول الله إن قومك قد تناولوا منا، فإن أذنت لنا أن نرد عليهم فعلنا. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما أكره أن تنتصروا ممن ظلمكم، وعليكم بابن أبي قحافة، فإنه أعلم القوم بهم. قال: فمشوا إلى عبد الله بن رواحة، فقالوا: إن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أذن لنا أن ننتصر من قريش فقل، فقال عبد الله بن رواحة في ذلك شعراً، فلم يبلغ منهم الذي أرادوا. فأتوا كعب بن مالك فقالوا له: إن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أذن لنا أن ننتصر من قريش، فقال كعب في ذلك شعراً، هو أمتن من شعر عبد الله بن
رواحة، فلم يبلغ منهم الذي أرادوا. فأتوا حسان بن ثابت فقالوا له، إن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أذن لنا أن ننتصر من قريش، فقل: فقال حسان: لست فاعلاً حتى أسمع ذلك من نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فانطلق معهم حتى أتى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: يا رسول الله، أنت أذنت لهؤلاء؟ فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما أكره أن ينتصروا ممن ظلمهم، وأنت يا حسان لن تزال مؤيداً بروح القدس ما نافحت عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وفي حديث الترمذي: ما كافحت.
وفي رواية أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لحسان: إني أخاف أن تصيبني معهم، تهجو من بني عمي - يعني أبا سفيان بن الحارث بن عبد المطلب - فقال حسان: لأسلّنّك منهم سلّ الشعرة من العجين، ولي مقول ما أحب أنّ لي به مقول أحد من العرب، وإنه ليفري ما لا تفريه الحربة. قال: ثم أخرج لسانه، فضرب به أنفه، كأنه لسان شجاع، بطرفه شامة سوداء، ثم ضرب به ذقنه. قال: فأذن له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وفي رواية فهجاهم حسان، فقال لهم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لقد شفيت يا حسان واشتفيت.
وعن محمد بن بركة عن أمه عن عائشة أنها طافت بالبيت، فقرنت بين ثلاثة أسابيع، ثم صلت بعد ذلك ست ركعات، قالت - وذكر لها حسان بن ثابت في الطواف - قالت: فابتدرنا نسبّه، فقالت عائشة: مه، وبرأته أن يكون فيمن قال عليها، وقالت: إني لأرجو أن يدخله الله الجنة بقوله:
هجوت محمداً فأجبت عنه ... وعند الله في ذاك الجزاء
فإنّ أبي ووالده وعرضي ... لعرض محمد منكم وقاء
فأنشدت عائشة هذين البيتين وهي تطوف بالبيت.
وعن مسروق قال: دخلت على عائشة رضي الله عنها، وعندها حسان بن ثابت ينشدها شعراً..... بأبيات له فقال:
حصان رزان ما تزن بريبة ... وتصبح غرثى من لحوم الغوافل
فقالت عائشة: لكنك لست كذلك. قال مسروق: فقلت لها: لم تأذنين له يدخل عليك؟ وقد قال الله عز وجل: " والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم " فقالت: فأي عذاب أشد من العمى؟ وقالت: إنه كان ينافح أو يهاجي عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وعن هشام بن عروة، عن أبيه أن حسان بن ثابت ذكر عند عائشة رضي الله عنها، فانتبهت فقالت: من تذكرون؟ فقالوا: حسان. قال: فنهتهم وقالت: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: لا يحبه إلا مؤمن، ولا يبغضه إلا منافق.
وعن حمزة بن عبد الله بن عمر أنه سمع عائشة تقول: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: حسان حجاز بين المؤمنين والمنافقين، لا يحبه منافق ولا يبغضه مؤمن.
وعن سعيد بن جبير قال: قيل لابن عباس: قد قدم حسان اللعين. قال: فقال ابن عباس: ما هو بلعين، قد جاهد مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بنفسه ولسانه.
وعن محمد بن عباد عن أبيه قال: لما أنشد حسان بن ثابت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
عفت ذات الأصابع فالجواء........
فانتهى إلى قوله:
هجوت محمداً فأجبت عنه ... وعند الله في ذاك الجزاء
فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: جزاؤك على الله الجنة ياحسان.
وعن يزيد بن عياض بن جعدبة: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما قدم المدينة تناولته قريش بالهجاء، فقال لعبد الله بن رواحة: رد عني فذهب في قديمهم وأولهم، ولم يصنع في الهجاء شيئاً، فأمر كعب بن مالك فذكر الحرب فقال:
نصل السيوف إذا قصرن بخطونا ... قدماً ونلحقها إذا لم تلحق
ولم يصنع في الهجاء شيئاً، فدعا حسان بن ثابت فقال: اهجهم وائت أبا بكر يخبرك بمعايب القوم، فأخرج حسان لسانه حتى ضرب به على صدره وقال: والله ما أحب أن لي به مقولاً في العرب، فصب على قريش منه شآبيب شر، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اهجهم كأنك تنضحهم بالنبل.
وعن عبد الله بن بريدة: أن جبريل أعان حسان بن ثابت على مدحه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسبعين بيتاً.
وعن عروة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تسبوا حساناً، فإنه ينافح عن الله وعن رسوله ".
قال محمد بن المكرم: في الأصل هنا، حديث جابر بن عبد الله الأنصاري: لما جاءت بنو تميم إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشاعرهم وبخطيبهم، وأمر ثابت يا قيس أن يجاوب خطيبهم، وأمر حسان بن ثابت أن يجاوب شاعرهم. وقد تقدم هذا الحديث مستوفى في ترجمة الأقرع بن حابس، في حرف الألف. والله أعلم.
حدث أبو هريرة قال: جاء الحارث الغطفاني المري إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا محمد، شاطرني تمر المدينة، ولأملأنها عليك خيلاً ورجالاً. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حتى أستأذن السعود. فدعا سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة، وأسعد بن زرارة فقال: ها قد تعلمون أن العرب قد رمتكم عن قوس واحدة، وهذا الحارث الغطفاني يسألكم أن تشاطروه تمر المدينة فادفعوها إليه إلى يوم ما، قالوا: يا رسول الله، إن كان هذا أمراً من أمر الله عز وجل فالتسليم لأمر الله، وإن كان هذا أمراً من أمرك أو هوى من هواك، فأمرنا لأمرك تبع وهوانا لهواك تبع، وإلا فوالله لقد كنا نحن وهم في الجاهلية على سواء، ما كانوا ينالون تمرة ولا بسرة، إلا شرى أو قرى، فكيف وقد أعزنا الله بك وبالإسلام! فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ها يا حارث قد تسمع. فقال: يا محمد، عذرت فأنشأ حسان يقول:
يا حار من يغدر بذمة جاره ... منكم فإن محمداً لم يغدر
وأمانة المري حيث لقيتها ... كسر الزجاجة صدعها لا يجبر
إن تغدروا فالغدر من عاداتكم ... واللؤم ينبت في أصول السخبر
قالوا: يا محمد اكفف عنا لسانه، فوالله لو مزج بماء البحر مازجه.
والسخبر حشيش ينبت حول المدينة.
حدث معن بن عيسى قال: بينما حسان بن ثابت في أطمه فارع، وذلك في الجاهلية، إذ قام من جوف الليل فصاح: يا آل الخزرج، فجاؤوه وقد فزعوا: فقالوا: مالك يابن الفريعة؟ قال: بيت قلته، فخشيت أن أموت قبل أن أصبح فيذهب ضيعة، خذوه عني قالوا: وما قلت؟ قال: قلت:
رب حلم أضاعه عدم الما ... ل وجهل غطى عليه النعيم
وعن ابن عباس: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج وقد رش حسان فناء أطمه، وأصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سماطين، وبينهم جارية لحسان يقال لها شيرين، ومعها مزهر لها تغنيهم، وهي تقول في غنائها:
هل علي ويحكم ... إن لهوت من حرج
فتبسم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال: لا حرج.
وعن خارجة بن زيد بن ثابت وغيره، يزيد بعضهم على بعض، وهذا لفظ ابن دريد قال: كانت مأدبة في زمن عثمان، فدعي لها الناس، وكان فيهم عدة من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفيهم زيد بن ثابت وخارجة بن زيد وحسان بن ثابت وعبد الرحمن بن حسان، وقد كف حسان وثقل سمعه، وكان إذا دعي قال: أخرس أم عرس أم إعذار؟ ثم يجيب. قال خارجة: فأتينا بالطعام، فجعل حسان يقول لابنه: أطعام يد أم طعام يدين؟ فإذا قيل طعام يد أكل، وإذا قيل طعام يدين أمسك. فلما فرغ القوم، بنيت له وسادة، وأقبلت الميلاء وهي يومئذ شابة، فوضع في حجرها مزهر فضربت، ثم غنت فكان أول ما بدأت بشعر حسان:
انظر حبيبي بباب جلق هل ... تؤنس دون البلقاء من أحد
أجمال شعثاء إذ هبطن من ال ... محضر بين الكثبان فالسند
يحملن حور العيون يرفلن في الري ... ط حسان الوجوه كالبرد
من دون بصرى، وخلفها جبل الثل ... ج عليه السحاب كالقدد
إني وأيدي المخيسات وما ... يقطعن من كل سربخ جدد
والبدن إذ قربت لمنحرها ... حلفة بر اليمين مجتهد
ما حلت عن عهد ما علمت ولا ... أحببت حبي إياك من أحد
تقول شعثاء لو صحوت عن ال ... خمر لأصبحت مثري العدد
أهوى حديث الندمان في وضح ال ... فجر وصوت المسامر الغرد
لا أخدش الخدش بالنديم ولا ... يخشى نديمي إذا انتشيت يدي
يأبى لي السيف والسنان وقو ... م لم يضاموا كلبدة الأسد
فطرب حسان وبكى وقال: لقد أراني هناك سميعاً بصيراً، وعيناه تنضحان على خديه، وهو مصغ لها. وجعل عبد الرحمن يشير إليها ويقول: أعيدي وأسمعي الشيخ. قال خارجة: فيعجبني لعمر الله ما يعجب عبد الرحمن من بكاء أبيه.
قال أبو غزية: لحسان بن ثابت مواضع، هو شاعر الأنصار، وشاعر اليمن، وشاعر أهل القرى، وأفضل ذلك كله هو شاعر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غير مدافع.
قال محمد بن يونس: كنا عند الأصمعي فسئل: ما أراد حسان بقوله:
أولاد جفنة عند قبر أبيهم ... قبر ابن مارية الكريم المفضل
ما في هذا ما يمدحهم به! قال: أراد أنهم ملوك حلول في موضع واحد، وهم أهل مدر وليسوا بأهل عمد ينتقلون.
قال هشام بن محمد الكلبي: قال حسان بن ثابت الأنصاري: خرجت أريد عمرو بن الحارث بن أبي شمر الغساني، فلما كنت في بعض الطريق
وقفت على السعلاة في جوف الليل فقالت: أين تريد يابن الفريعة؟ فقلت لها: أريد الملك. قالت: أتعرفني؟ قلت لها: لا. قالت: أنا السعلاة صاحبة النابغة، وأختي المعلاة صاحبة علقمة بن عبدة، وإني مقترحة عليك بيتاً، فإن أنت أجزته شفعت لك إلى أختي، وإن لم تجزه قتلتك. فقلت: هات. قالت:
إذا ما ترعرع فينا الغلام ... فما إن يقال له من هوه
قال: فتبعتها من ساعتي فقلت:
فإن لم يسد قبل شد الإزار ... فذلك فينا الذي لاهوه
ولي صاحب من بني الشيصبان ... فحيناً أقول وحيناً هوه
فقالت أولى لك نجوت، فاسمع مقالتي واحفظها: عليك بمدارسة الشعر، فإنه أشرف الآداب وأكرمها وأنورها، به يسخو الرجل، وبه يتظرف، وبه يجالس الملوك، وبه يخدم، وبتركه يتضع. ثم قالت: إنك إذا وردت على الملك وجدت عنده النابغة، وسأصرف عنك معرته، وعلقمة بن عبدة، وسأكلم المعلاة أختي حتى ترد عنك سورته. قال حسان: فقدمت على عمرو بن الحارث، فاعتاص علي الوصول إليه فقلت للحاجب بعد مدة: إن أنت أذنت لي عليه وإلا هجوت اليمن كلها، ثم انتقلت عنها. فأذن عليه، فلما وقفت بين يديه وجدت النابغة جالساً عن يمينه، وعلقمة جالساً عن يساره، فقال لي: يابن الفريعة قد عرفت عيصك ونسبك في غسان فارجع، فإني باعث إليك بصلة سنية، ولا أحتاج إلى الشعر، فإني أخاف عليك هذين السبعين أن يفضحاك، وفضيحتك فضيحتي، وأنت اليوم لا تحسن أن تقول:
رقاق النعال طيب حجزاتهم ... يحيون بالريحان يوم السباسب
فقلت: لا بد منه. فقال: ذلك إلى عميك؛ فقلت: أسألكما بحق الملك الحراب، إلا ما قدمتماني عليكما. فقالا: قد فعلنا. فقال: هات. فأنشأت أقول والقلب وجل:
أسالت رسم الدار أم لم تسأل ... بين الجوابي فالبضيع فحومل
حتى أتيت على آخرها، فلم يزل عمرو بن الحارث يزحل عن مجلسه سروراً، حنى شاطر البيت وهو يقول: هذه والله البتارة، التي قد بترت المدائح، هذا وأبيك الشعر، لا ما تعللاني به منذ اليوم، يا غلام، ألف دينار مرموجة. فأعطيت ألف دينار، في كل دينار عشرة دنانير، ثم قال: لك مثلها في كل سنة، قم يا زياد بن ذبيان، فهات الثناء المسجوع. فقام النابغة فقال: ألا انعم صباحاً أيها الملك المبارك، السماء غطاؤك والأرض وطاؤك، ووالدي فداؤك، والعرب وقاؤك، والعجم حماؤك، والحكماء وزراؤك، والعلماء جلساؤك، والمقاول سمارك، والحلم دثارك، والسكينة مهادك، والصدق رداؤك، واليمن حذاؤك، والبر فراشك، وأشرف الآباء آباؤك، وأطهر الأمهات أمهاتك، وأفخر الشبان أبناؤك، وأعف النساء حلائلك، وأعلى البنيان بنيانك، وأكرم الأجداد أجدادك، وأفضل الأخوال أخوالك، وأنزه الحدائق حدائقك، وأعذب المياه مياهك، قد لازم الردن أوقك، وحالف الإضريج عاتقك، ولاوم المسك مسكك، وقابل الصرف ترائبك، العسجد قواريرك، واللجين صحافك، والشهاد إدامك، والخرطوم شرابك، والأبكار مستراحك، والصبر سواسك، والخير بفنائك، والشر في ساحة أعدائك، والذهب عطاؤك، وألف دينار مرموجة إيتاؤك، والنصر منوط بأبوابك، زين قولك فعلك، وطحطح عدوك غضبك، وهزم مغايبهم مشهدك، وسار في الناس عدلك، وسكن تباريح البلاء ظفرك، أيفاخرك ابن المنذر اللخمي! فوالله لقفاك خير من وجهه، ولشمالك خير من يمينه، ولصمتك خير من كلامه، ولأمك خير من أبيه،
ولخدمك خير من علية قومه. فهب لي أسارى قومي، واسترهن بذلك شكري، فإنك من أشراف قحطان، وأنا من سروات عدنان.
فرفع عمرو بن الحارث رأسه إلى جارية كانت على رأسه قائمة فقالت: مثل ابن الفريعة فليمدح الملوك، ومثل زياد فليثن على الملوك.
وهذه القصيدة:
أسألت رسم الدار أم لم تسأل ... بين الجوابي فالبضيع فحومل
فالمرج مرج الصفرين فجاسم ... فديار بثنى درّساً لم تحلل
دار لقوم قد أراهم مرة ... فوق الأعزة عزّهم لم ينقل
لله درّ عصابة نادمتهم ... يوماً بجلّق في الزمان الأول
أولاد جفنة عند قبر أبيهم ... قبر ابن مارية الكريم المفضل
مارية: أمهم. المفضل: الذي يفضل ما ملك. ومعنى حول قبر أبيهم: أي هم آمنون، لا يبرحون ولا يخافون كما يخاف العرب، وهم مخصبون لا ينتجعون.
يسقون من ورد البريص عليهم ... برداً يصفّق بالرّحيق السّلسل
برداً: أراد ثلجاً. يصفق: يمزج. الرحيق: الخمرة البيضاء. السلسل: تنسل في الحلق تذهب ويروى: بردى - ممال - وهو نهر.
يسقون درياق المدام ولم تكن ... تغدو ولائدهم لنقف الحنظل
أي شرابهم في الأشربة بمنزلة الدرياق في الدواء. ولم تكن تغدو ولائدهم لنقف الحنظل: أي هم ملوك يخدمون، وهم في سعة، لا يحتاجون إلى ما يحتاج إليه العرب من نقف الحنظل وغيره.
بيض الوجوه كريمة أحسابهم ... شمّ الأنوف من الطّراز الأوّل
يقول: هم أصحاب كبر وتيه. والأشم: المرتفع. وإنما خص الأنف بذلك، لأن الأنفة والحمية والغضب فيه. ولم يرد بذلك طول الأنف. والعرب تقول: شمخ بأنفه. فيضرب المثل بالأنف للكبر والعزة. ومنه قوله عز وجل: " سنسمه على الخرطوم ". ومن الطراز الأول: يقول هم مثل آبائهم الأشراف المتقدمين، الذين لا تشبه خلائقهم وأفعالهم هذه الأفعال المحدثة.
يغشون حتى ما تهر كلابهم ... لا يسألون عن السواد المقبل
يقول: إن منازلهم لا تخلو من الضياف والطراق والعفاة، فكلابهم لا تهر على من يقصد منازلهم. وقوله: لا يسألون عن السواد المقبل: أي هم في سعة لا يبالون كم نزل بهم من الناس، ولا يهولهم الجمع الكبير وهو السواد، إذا قصدوا نحوهم.
فلبثت أزماناً طوالاً فيهم ... ثم ادّكرت كأنني لم أفعل
أي: بقيت دهراً فيهم، ثم انتقلت فتذكرت ما كنت فيه، فكأنه شيء لم يكن، فلم يبق إلا الحديث والذكر.
إما تري رأسي تغير لونه ... شمطاً فأصبح كالثغام الممحل
يخاطب امرأة. والثغامة: شجرة بيضاء نورها وورقها كأنها القطن. شبه الشيب بها. والثغامة إذا قل المطر كان أشد لبياضها، لأنها تيبس وتجف، فيخلص بياضها ولا تخضر.
فلقد يراني الموعدي وكأنني ... في قصر دومة أو سواء الهيكل
يقول: كان يراني الذي يتوعدني ويتهددني في العز والمنعة، كأنني مع أولاد جفنة في دومة الجندل وهو منزل بالشام وأصحاب الحديث يقولونه بفتح الدال: دومة الجندل.
وأهل الأعراب: بضم الدال. وقوله: سواء الهيكل: أي وسط الهيكل. والهيكل: بيت للنصارى يعظمونه.
ولقد شربت الخمر في حانوتها ... صهباء صافية كطعم الفلفل
يسعى عليّ بكأسها متنطف ... فيعلني منها وإن لم أنهل
المتنطف: الذي في أذنه قرط. ويروى: متنطق: أي في وسطه منطقة. فيعلني: يسقيني مرة بعد مرة. والنهل: الري هاهنا. والعلل: الشرب الثاني.
إن الذي عاطيتني فرددتها ... قتلت قتلت فهاتها لم تقتل
قتلت: أي صب فيها الماء فمزجت، فهاتها صرفاً غير ممزوج.
كلتاهما حلب العصير فعاطني ... بزجاجة أرخاهما للمفصل
كلتاهما: يعني، الخمر والماء. أرخاهما للمفصل: أي الصرف. والمفصل بكسر الميم: اللسان، والمفصل: واحد المفاصل.
بزجاجة رقصت بما في جوفها ... رقص القلوص براكب مستعجل
المعنى رقص مافي جوفها. ويروى قعرها.
حسبي أصيل في الكرام ومذودي ... تكوي مراسمه جنوب المصطلي
مذوده: لسانه. يقول: من اصطلى بناري، أي من يعرض لي وسمت جنبه بلساني، أي بهجائي.
ولقد تقلدنا العشيرة أمرها ... ونسود يوم النائبات ونعتلي
أي إن عشيرتهم تفوض أمرها إليهم وتطيعهم. والتقليد هاهنا: الطاعة.
ويسود سيدنا جحاجح سادة ... ويصيب قائلنا سواء المفصل
الجحاجح: السادة. فقال: سادة سادة تأكيداً. وقائلهم: خطيبهم. وسواء المفصل: وسط المفصل. والسواء: الوسط.
وتزور أبواب الملوك ركابنا ... ومتى نحكم في العشيرة نعدل
وفتى يحب الحمد يجعل ماله ... من دون والده وإن لم يسأل
يعطي العشيرة حقها ويزيدها ... ويحوطها في النائبات المعضل
وعن صفية بنت عبد المطلب: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما خرج إلى أحد، جعل نساءه في أطم يقال له فارع، وجعل معهن حسان بن ثابت. فكان حسان ينظر إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا شد على المشركين شد معه وهو في الحصن، فإذا رجع رجع، وأنه قال: فجاء إنسان من اليهود فرقي في الحصن حتى أطل علينا، فقلت لحسان: قم فاقتله. فقال: ما ذاك فيّ، لو كان فيّ ذاك كنت مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قالت صفية: فقمت إليه فضربته حتى قطعت رأسه، فلما طرحته قلت لحسان: قم إلى رأسه فاطرحه على اليهود وهم أسفل الحصن. فقال: والله ما ذاك فيّ. قالت: فأخذت رأسه فرميت به عليهم فقالوا: قد والله علمنا أن هذا لم يكن ليترك أهله خلوفاً ليس معهم أحد. قالت: فتفرقوا فذهبوا.
قال: قوله يوم أحد: وهم إنما كان ذلك يوم الخندق، كما روي من وجه آخر عن صفية.
وروى ابن الكلبي: أن حسان بن ثابت كان لسنا شجاعاً، فأصابته علة أحدثت فيه الجبن، فكان بعد ذلك لا يقدر أن ينظر إلى قتال ولا يشهده.
قال أبو عبيد القاسم بن سلام: سنة أربع وخمسين، فيها توفي حكيم بن حزام، وحويطب بن عبد العزى، وسعد بن يربوع المخزومي، وحسان بن ثابت الأنصاري، ويقال: إن هؤلاء الأربعة ماتوا وقد بلغ
كل واحد منهم عشرين ومئة سنة.
وقيل: توفي حسان سنة أربعين.
وقال المداتني: توفي حسان بن ثابت وهو ابن مئة وأربع سنين محجوباً.

عبد الله بن عمر

عبد الله بن عمر شيخ مَجْهُول خراساني قَالَ ابْن عدي يحدث عَن اللَّيْث بن سعد بمناكير
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ
- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بْنِ نُفَيْلَ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ رِيَاحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطِ بْنِ رَزَّاحِ بْنِ عدي بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فهر. وأمه زينب بِنْت مظعون بْن حبيب بن وهب بن حُذَافَةَ بْنِ جُمَحِ بْن عَمْرو بْن هَصِيصِ. وكان إسلامه بمكّة مع الإسلام أبيه عُمَر بْن الخطاب ولم يكن بلغ يومئذٍ. وهاجر مع أَبِيهِ إِلَى المدينة. وكان يكنى أَبَا عَبْد الرَّحْمَن. وكان لعبد الله بْن عُمَر من الولد اثنا عشر وأربع بنات: أبو بكر وأبو عبيدة وواقد وعبد الله وعُمَر وحفصة وسودة وأمهم صَفِيَّةُ بِنْت أبي عُبَيْد بْن مَسْعُود بْنِ عَمْرو بْن عمير بْن عوف بْن عقدة بن غيرة بن عوف بن قسي وهو ثقيف. وعبد الرَّحْمَن وبه كان يكنى وأمه أم علقمة بِنْت علقمة بْن ناقش بْن وهب بْن ثَعْلَبَةَ بْنِ وَائِلَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ شَيْبَانَ بن محارب بن فهر. وسالم وعبيد الله وحمزة وأمهم أم وُلِدَ. وزيد وعائشة وأمهما أم وُلِدَ. وبلال وأمه أم وُلِدَ. وأبو سَلَمَة وقلابة وأمهما أم وُلِدَ. ويقال إنّ أم زَيْد بْن عَبْد الله سهلة بِنْت مالك بن الشحاح من بني زَيْد بْن جشم بْن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو معشر عن نَافِعٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: عُرِضْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ بَدْرٍ وَأَنَا ابْنُ ثَلاثَ عَشْرَةَ سَنَةً فَرَدَّنِي. وَعُرِضْتُ عَلَيْهِ يَوْمَ أُحُدٍ وَأَنَا ابن أربع عشرة فَرَدَّنِي. وَعُرِضْتُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خمس عشرة فَقَبِلَنِي. قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: وَهُوَ فِي الْخَنْدَقِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ابْنَ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً لأَنَّ بَيْنَ أُحُدٍ وَالْخَنْدَقَ بَدْرًا الصُّغْرَى. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ الْهَمْدَانِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عن ابن عُمَرَ قَالَ: عَرَضَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْقِتَالِ يَوْمَ أُحُدٍ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً فَلَمْ يُجِزْنِي. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْخَنْدَقِ عَرَضَنِي وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَأَجَازَنِي. قَالَ نَافِعٌ: فَقَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ خَلِيفَةٌ فَحَدَّثْتُهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الْحَدَّ بَيْنَ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ. وَكَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ أَنْ يفرضوا لابن خمس عشرة ويلحقوا ما دون ذلك في العيال. قال: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنِ الْعُمَرِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: عُرِضْتُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ أُحُدٍ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ فَلَمْ يُجِزْنِي. وَعُرِضْتُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ فأجازني. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو قَطَنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لابْنِ عُمَرَ: مَنْ أَنْتُمْ؟ قَالَ: مَا تَقُولُونَ؟ قَالَ: نَقُولُ إِنَّكُمْ سَبِطٌ وَإِنَّكُمْ وَسَطٌ. فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! إِنَّمَا كَانَ السَّبْطُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ وَالأَمَّةُ الْوَسَطُ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ جَمِيعًا وَلَكِنَّا أَوْسَطُ هَذَا الْحَيِّ مِنْ مُضَرَ فَمَنْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ فَقَدْ كذب وفجر. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ عَنْ مَنْ حَدَّثَهُ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا رَآهُ أَحَدٌ كَانَ بِهِ شَيْءٌ مِنَ اتِّبَاعِهِ آثَارَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَمَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ النَّهْدِيُّ وموسى بن داود قَالُوا: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سُوقَةَ يَذْكُرُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: لَمْ يَكُنْ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - أَحَدٌ أَحْذَرَ إِذَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا أَلَّا يَزِيدَ فِيهِ وَلا يُنْقِصَ مِنْهُ وَلا وَلا مِنْ عبد الله بْنُ عُمَرَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ عَنْ شَيْءٍ فَقَالَ: لا عَلِمَ لِي بِهِ. فَلَمَّا أَدْبَرَ الرَّجُلُ قَالَ لِنَفْسِهِ: سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ عَمَّا لا علم له لَهُ فَقَالَ لا عِلْمَ لِي بِهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ وَيَعْلَى وَمُحَمَّدٌ ابنا عبيد قَالُوا: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّ أَمْلَكَ شَبَابِ قُرَيْشٍ لنفسه عن الدنيا ابن عمر. قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَيُّوبَ عن مُحَمَّدٍ قَالَ: نُبِّئْتُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: إِنِّي لَقِيتُ أَصْحَابِي عَلَى أَمْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ إِنْ خَالُفْتُهُمْ خَشْيَةَ أَلا أَلْحَقَ بِهِمْ. قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَيُّوبَ عن مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: اللَّهُمَّ أَبْقِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ مَا أَبْقَيْتَنِي أَقْتَدِي بِهِ فَإِنِّي لا أَعْلَمُ أَحَدًا عَلَى الأَمْرِ الأَوَّلِ غيره. قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَيُّوبَ عن مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: مَا أَحَدٌ مِنَّا أَدْرَكَتْهُ الْفِتْنَةُ إِلا لَوْ شِئْتُ لَقُلْتُ فيه غير ابن عمر. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: جَالَسْتُ ابْنَ عُمَرَ سَنَةً فَمَا سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالا: أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ حُدَيْرٍ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِلَيْكُمْ عَنِّي فَإِنِّي قَدْ كُنْتُ مَعَ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنِّي وَلَوْ عَلِمْتُ أَنِّي أَبْقَى فِيكُمْ حَتَّى تقتضوا إلي لتعلمت لكم. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا كَانَ أَحَدٌ يَتْبَعُ آثَارَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَنَازِلِهِ كَمَا كَانَ يَتْبَعُهُ ابن عمر. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: كَانَ أَشْبَهَ وَلَدِ عُمَرَ بِعُمَرَ عَبْدُ اللَّهِ وَأَشْبَهُ وَلَدِ عبد الله بعبد الله سالم. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى حَدَّثَهُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ كَانَ فِي سَرِيَّةٍ مِنْ سَرَايَا رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَحَاصَ. يَعْنِي النَّاسَ. حَيْصَةً فَكُنْتُ فِيمَنْ حَاصَ. فَقُلْنَا كَيْفَ نَصْنَعُ وَقَدْ فَرَرْنَا مِنَ الزَّحْفِ وَبُؤْنَا بِالْغَضَبِ؟ فَقُلْنَا نَدْخُلُ الْمَدِينَةَ فَنَبِيتُ بِهَا ثُمَّ نَذْهَبُ فَلا يَرَانَا أَحَدٌ. ثُمَّ دَخَلْنَا فَقُلْنَا لَوْ عَرَضْنَا أَنْفُسَنَا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَإِنْ كَانَتْ لَنَا تَوْبَةٌ أَقَمْنَا وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ ذَهَبْنَا. قَالَ فَجَلَسْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ صَلاةِ الْفَجْرِ فَلَمَّا خَرَجَ قُمْنَا إِلَيْهِ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ نَحْنُ الْغَرَّارُونَ. . قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَسَاهُ حُلَّةً سِيَرَاءَ وَكَسَا أُسَامَةَ قُبْطِيَّتَيْنِ ثُمَّ . قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - بَعَثَ سَرِيَّةً قِبَلَ نَجْدٍ فِيهِمُ ابْنُ عُمَرَ وَأَنَّ سِهَامَهُمْ بَلَغَتِ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا. ثُمَّ نفلوا سوى ذلك بعيرا بعيرا فلم يعيره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سُمَيْرٍ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ. إِمَّا سَمَّاهُ وَإِمَّا كَنَّاهُ. وَاللَّهِ إِنِّي لأَحْسَبُهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي عَهِدَهُ إِلَيْهِ لَمْ يَفْتِنْ بَعْدَهُ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ. وَاللَّهِ مَا اسْتَغْرَتْهُ قُرَيْشٌ فِي فِتْنَتِهَا الأُولَى. فَقُلْتُ فِي نَفْسِي إِنَّ هَذَا لَيَزْرِي عَلَى أَبِيهِ فِي مَقْتَلِهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سِنَانٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ مَوْهَبٍ أَنَّ عُثْمَانَ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: اقْضِ بَيْنَ النَّاسِ. فَقَالَ: لا أَقْضِي بَيْنَ اثْنَيْنِ وَلا أَؤُمُّ اثْنَيْنِ. قَالَ فَقَالَ عُثْمَانُ: أَتَقْضِينِي؟ قَالَ: لا وَلَكِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ الْقُضَاةَ ثَلاثَةٌ: رَجُلٌ قَضَى بِجَهْلٍ فَهُوَ فِي النَّارِ. وَرَجُلٌ حَافَ وَمَالَ بِهِ الْهَوَاءُ فَهُوَ فِي النَّارِ. وَرَجُلٌ اجْتَهَدَ فَأَصَابَ فَهُوَ كَفَافٌ لا أَجْرَ لَهُ وَلا وِزْرَ عَلَيْهِ. فَقَالَ: فَإِنَّ أَبَاكَ كَانَ يَقْضِي. فَقَالَ: إِنَّ أَبِي كَانَ يَقْضِي فَإِذَا أَشْكَلَ عَلَيْهِ شَيْءٌ سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِذَا أَشْكَلَ عَلَى النَّبِيِّ سَأَلَ جَبْرَائِيلَ. وَإِنِّي لا أَجِدُ مَنْ أَسْأَلُ. فَقَالَ عُثْمَانُ: بَلَى. فَقَالَ: فَإِنِّي أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تَسْتَعْمِلَنِي فأعفاه وقال: لا تخبر بهذا أحدا. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - كان بيدي قطعة إستبرق وكأنني لا أُرِيدُ مَكَانًا مِنَ الْجَنَّةِ إِلا طَارَتْ بِي إِلَيْهِ. قَالَ وَرَأَيْتُ كَأَنَّ اثْنَيْنِ أَتَيَانِي أَرَادَا أَنْ يَذْهَبَا بِي إِلَى النَّارِ فَتَلَقَّاهُمَا مَلَكٌ فَقَالَ لا تُرَعْ. فَخَلَّيَا عَنِّي. قَالَ فَقَصَّتْ حَفْصَةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - رؤياي . قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَجْلِسُ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى يَرْتَفِعَ الضُّحَى وَلا يُصَلِّي. ثُمَّ يَنْطَلِقُ إِلَى السُّوقِ فَيَقْضِي حَوَائِجَهُ ثُمَّ يَجِيءُ إِلَى أَهْلِهِ فَيَبْدَأُ بِالْمَسْجِدِ فيصلي ركعتين ثم يدخل بيته. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ الْقُرْقُسَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ عَنْ خُصَيْفٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: تَرَكَ النَّاسُ أَنْ يَقْتَدُوا بِابْنِ عُمَرَ وَهُوَ شاب فلما كبر اقتدوا بِهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو جَعْفَرٍ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ: كَيْفَ أَخَذْتُمْ قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ مِنْ بَيْنِ الأَقَاوِيلِ؟ فَقُلْتُ لَهُ: بَقِيَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَكَانَ لَهُ فَضْلٌ عِنْدَ النَّاسِ وَوَجَدْنَا مَنْ تَقَدَّمَنَا أَخَذَ بِهِ فَأَخَذْنَا بِهِ. قَالَ: فَخُذْ بِقَوْلِهِ وَإِنْ خَالَفَ عليا وابن عباس. قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: . قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَمَا بِتُّ لَيْلَةً مُنْذُ سَمِعْتُهَا إِلا وَوَصِيَّتِي عِنْدِي. قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: أُتِيَ ابْنُ عُمَرَ بِبِضْعَةٍ وَعِشْرِينَ أَلْفًا فَمَا قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ حَتَّى أَعْطَاهَا وَزَادَ عَلَيْهَا. قَالَ لَمْ يَزَلْ يُعْطِي حَتَّى أَنْفَذَ مَا كَانَ عِنْدَهُ فَجَاءَهُ بَعْضُ مَنْ كَانَ يُعْطِيهِ فاستقرض من بعض من كان أعطاه فأعطاه. قَالَ مَيْمُونٌ: وَكَانَ يَقُولُ لَهُ الْقَائِلُ بِخِيلٌ. وَكَذَبُوا وَاللَّهِ مَا كَانَ بِبَخِيلٍ فِيمَا يَنْفَعُهُ. قال: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي رَيْحَانَةَ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَشْتَرِطُ عَلَى مِنْ صَحِبَهُ فِي السَّفَرِ الْفِطْرَ وَالأَذَانَ وَالذَّبِيحَةَ. يَعْنِي الْجَزْرَةَ يَشْتَرِيهَا لِلْقَوْمِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَيُّوبَ عن نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ لا يَصُومُ فِي السَّفَرِ وَلا يَكَادُ يُفْطِرُ فِي الْحَضَرِ إِلا أَنْ يَمْرَضَ أَوْ أَيَّامَ يَقْدَمُ فَإِنَّهُ كَانَ رَجُلا كَرِيمًا يُحِبُّ أَنْ يُؤْكَلَ عِنْدَهُ. قَالَ: وَكَانَ يَقُولُ: وَلأَنْ أُفْطِرَ فِي السَّفَرِ فأخذ برخصة الله أحل إلي من أن أصوم. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ قَالَ: كان ابن عمر يشترط على من صحبه أَنْ لا تَصْحَبَنَا بِبَعِيرٍ جُلالٍ وَلا تُنَازِعَنَا الأذان ولا تصوم إلا بإذننا. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ لَمْ يَكُنْ يَصُومُ فِي السَّفَرِ. وَكَانَ مَعَهُ صَاحِبٌ لَهُ مِنْ بَنِي لَيْثٍ يَصُومُ فَلَمْ يَكُنْ عَبْدُ اللَّهِ يَنْهَاهُ وكان يأمره أن يتعاهد سحوره. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْقَارِئِ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَكَانَ لَهُ جَفْنَةٌ مِنْ ثَرِيدٍ يَجْتَمِعُ عَلَيْهَا بَنَوْهُ وَأَصْحَابُهُ وَكُلُّ مَنْ جَاءَ حَتَّى يَأْكُلَ بَعْضُهُمْ قَائِمًا. وَمَعَهُ بَعِيرٌ لَهُ عَلَيْهِ مَزَادَتَانِ فِيهِمَا نَبِيذٌ وَمَاءٌ مَمْلُوءَتَانِ. فَكَانَ لِكُلِّ رَجُلٍ قَدَحٌ مِنْ سَوِيقٍ بِذَلِكَ النَّبِيذِ حتى يتضلع منه شبعا. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ مَعْنٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا صَنَعَ طَعَامًا فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ لَهُ هَيْئَةٌ لَمْ يَدْعُهُ وَدَعَاهُ بَنَوْهُ أَوْ بَنُو أَخِيهِ. وَإِذَا مَرَّ إِنْسَانٌ مِسْكِينٌ دَعَاهُ وَلَمْ يَدْعُوهُ وَقَالَ: يَدْعُونَ مَنْ لا يَشْتَهِيهِ وَيَدَعُونَ مَنْ يَشْتَهِيهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ رَجُلٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُطَيِّبَ زَادَهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عُمَرَ قَالَ: قُلْتُ لِنَافِعٍ أَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُصِيبُ دِقَّ هَذَا الطَّعَامِ؟ فَقَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَأْكُلُ الدَّجَاجَ وَالْفِرَاخَ والخبيص في البرمة. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُطَرِّفٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ فِي زَمَانِ الْفِتْنَةِ لا يَأْتِي أَمِيرٌ إِلا صَلَّى خَلْفَهُ وَأَدَّى إِلَيْهِ زكاة ماله. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مِهْرَانَ الْكِنْدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَيْفٌ الْمَازِنِيُّ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: لا أُقَاتِلُ فِي الْفِتْنَةِ وَأُصَلِّي وَرَاءَ مَنْ غَلَبَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ وَأَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ جَمِيعًا عَنْ جَابِرٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُصَلِّي مَعَ الْحَجَّاجِ بِمَكَّةَ فَلَمَّا أَخَّرَ الصَّلاةَ تَرَكَ أن يشهدها معه وخرج منها. قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: سَمِعْتُ حَفْصَ بْنَ عَاصِمٍ يَقُولُ: ذَكَرَ ابْنُ عُمَرَ مَوْلاةً لَهُمْ فَقَالَ: يَرْحَمُهَا اللَّهُ إِنْ كانت لتقوتنا من الطعام بكذا وكذا. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمْرَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو كَعْبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: أَتَى رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ بِصُرَّةٍ فَقَالَ: مَا هَذِهِ؟ قَالَ: هَذَا شَيْءٌ إِذَا أَكَلْتَ طَعَامَكَ فَكَرَبَكَ أَكَلْتَ مِنْ هَذَا شَيْئًا فَهَضَمَهُ عَنْكَ. قَالَ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: مَا مَلأْتُ بَطْنِي مِنْ طَعَامٍ مُنْذُ أربعة أشهر. قال: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ. قَالَ مَالِكُ بْنُ مغول عَنْ نَافِعٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عُمَرَ بِجَوَارِشَ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: هَذَا يَهْضِمُ الطَّعَامَ. قَالَ: إِنَّهُ لَيَأْتِي عَلَيَّ شَهْرٌ مَا أَشْبَعُ مِنَ الطَّعَامِ فَمَا أَصْنَعُ بِهَذَا؟. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ كَانَ يُرْسِلُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بِالْمَالِ فَيَقْبَلُهُ وَيَقُولُ: لا أَسْأَلُ أَحَدًا شَيْئًا ولا أرد ما رزقني الله. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا خاتم بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ الْمُخْتَارُ يَبْعَثُ بِالْمَالِ إِلَى ابْنِ عُمَرَ فَيَقْبَلُهُ وَيَقُولُ: لا أَسْأَلُ أَحَدًا شيئا ولا أرد ما رزقني الله. قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ عَنِ ابْنِ عَجْلانَ عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ قَالَ: كَتَبَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ هَارُونَ إِلَى ابْنِ عُمَرَ أَنِ ارْفَعْ إِلَيَّ حَاجَتَكَ. قَالَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ: وَإِنِّي لا أَحْسَبُ الْيَدَ الْعُلْيَا إِلا الْمُعْطِيَةَ وَالسُّفْلَى إِلا السَّائِلَةَ. وَإِنِّي غَيْرُ سَائِلِكَ وَلا رَادٌّ رِزْقًا سَاقَهُ اللَّهُ إِلَيَّ مِنْكَ. أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: كَيْفَ تَرَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ لَوْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ شَيْئًا؟ فَقَالَ أَسْلَمُ: مَا رَجُلٌ قَاصِدٌ لِبَابِ الْمَسْجِدِ دَاخِلٌ أَوْ خَارِجٌ بِأَقْصَدَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ لِعَمَلِ أبيه. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ: لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَيَّ أمة محمد إلا رجلين ما قاتلتهما. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ لِرَجُلٍ: إِنَّا قَاتَلْنَا حَتَّى كَانَ الدِّينُ لِلَّهِ وَلَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ. وَإِنَّكُمْ قَاتَلْتُمْ حَتَّى كَانَ الدِّينُ لِغَيْرِ الله وحتى كانت فتنة. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا سَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يُحَدِّثُ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ قَالُوا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: إِنَّكَ سَيِّدُ النَّاسِ وَابْنُ سَيِّدٍ فَاخْرُجْ نُبَايِعْ لَكَ النَّاسَ. قَالَ: إِنِّي وَاللَّهِ لَئِنِ اسْتَطَعْتُ لا يُهَرَاقُ فِي سَبَبِي مِحْجَمَةٌ مِنْ دَمٍ. فَقَالُوا: لَتَخْرُجَنَّ أَوْ لَنَقْتُلَنَّكَ عَلَى فِرَاشِكَ. فَقَالَ لَهُمْ مِثْلَ قَوْلِهِ الأَوَّلِ. قَالَ الْحَسَنُ: فَأَطْمَعُوهُ وَخَوَّفُوهُ فَمَا اسْتَقْبَلُوا منه شيئا حتى لحق بالله. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سُمَيْرٍ قَالَ: قِيلَ لابْنِ عُمَرَ: لَوْ أَقَمْتَ لِلنَّاسِ أَمْرَهُمْ فَإِنَّ النَّاسَ قَدْ رَضُوا بِكَ كُلُّهُمْ. فَقَالَ لَهُمْ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ خَالَفَ رَجُلٌ بِالْمَشْرِقِ؟ قَالُوا: إِنْ خَالَفَ رَجُلٌ قُتِلَ. وَمَا قَتْلُ رَجُلٍ فِي صَلاحِ الأُمَّةِ؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أُحِبُّ لَوْ أَنَّ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَتْ بِقَائِمَةِ رُمْحٍ وَأَخَذْتُ بِزُجِّهٍ فَقُتِلَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَلِيَ الدُّنْيَا وما فيها. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ الْبَرَاءِ قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي خَلْفَ ابْنِ عُمَرَ وَهُوَ لا يَشْعُرُ وَهُوَ يَقُولُ: وَاضِعِينَ سُيُوفَهُمْ عَلَى عَوَاتِقِهِمْ يَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا يَقُولُونَ يَا عبد الله بن عمر أعط بيدك. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ قَطَنٍ قَالَ: أَتَى رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ: مَا أَحَدٌ شر لأمة محمد منك. قال: لم؟ فو الله مَا سَفَكْتُ دِمَاءَهُمْ وَلا فَرَّقْتُ جَمَاعَتَهُمْ وَلا شَقَقْتُ عَصَاهُمْ. قَالَ: إِنَّكَ لَوْ شِئْتَ مَا اخْتَلَفَ فِيكَ اثْنَانِ. قَالَ: مَا أُحِبُّ أَنَّهَا أَتَتْنِي وَرَجُلٌ يَقُولُ لا وَآخَرُ يَقُولُ بَلَى. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا مالك بن أنس عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لا يَرُوحُ إِلَى الْجُمُعَةِ إِلا ادَّهَنَ وَتَطَيَّبَ إِلا أَنْ يَكُونَ حَرَامًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا ابن أبي ذئب عن ابن شهاب أن ابن عمر كان يتطيب للعيد. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ في ثلاثة آلاف. يعني في العطاء. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: مَا كَانَ أَحَدٌ يَبْدَأُ أَوْ يبدر ابن عمر بالسلام. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا العمري عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يقول لغلمانه: إذا كتبتم إلي فابدأوا بِأَنْفُسِكُمْ. وَكَانَ إِذَا كَتَبَ لَمْ يَبْدَأْ بِأَحَدٍ قبله. قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَكْتُبُ إِلَى مَمْلُوكِيهِ بِخَيْبَرَ يَأْمُرُهُمْ أن يبدءوا بأنفسهم إذا كتبوا إليه. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ: كَتَبَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فَبَدَأَ بِاسْمِهِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَمَّا بَعْدُ فَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ. إِلَى آخِرِ الآيَةِ. وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ الْمُسْلِمِينَ اجْتَمَعُوا عَلَى الْبَيْعَةِ لَكَ وَقَدْ دَخَلْتُ فِيمَا دخل فيه المسلمون والسلام. قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي مَرْزُوقٍ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ خَلِيفَةٌ: مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ. فَقَالَ مَنْ حَوْلَ عَبْدِ الْمَلِكِ. بَدَأَ بِاسْمِهِ قَبْلَ اسْمِكَ. فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِنَّ هَذَا من أبي عبد الرحمن كثير. قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إِذَا كَتَبَ إِلَى أَبِيهِ كَتَبَ: مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْعُمَرِيُّ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كُنْتُ أَطْلِي ابْنَ عُمَرَ فِي الْبَيْتِ وَعَلَيْهِ إِزَارُهُ فَإِذَا فَرَغْتُ خَرَجْتُ وَطَلَى هُوَ مَا تَحْتَ الثَّوْبِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كُنْتُ أَطْلِي ابْنَ عُمَرَ فِي الْبَيْتِ فَإِذَا بَلَغَ الْعَوْرَةَ وَلِيَهَا بِنَفْسِهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا نَافِعٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ لَمْ يَتَنَوَّرْ قَطُّ إِلا مَرَّةً وَاحِدَةً. أَمَرَنِي وَمَوْلًى لَهُ فَطَلَيْنَاهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ لا يَدْخُلُ الْحَمَّامَ وَلَكِنْ يَتَنَوَّرُ فِي بَيْتِهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ رَبِيعَةَ الْكِلابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَطْلِيهِ صَاحِبُ الْحَمَّامِ فَإِذَا بَلَغَ العانة وليها بيده. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ نُصَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَتَكِيُّ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: ذَهَبْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ إِلَى الْحَمَّامِ فَاتَّزَرَ بِشَيْءٍ وَاتَّزَرْتُ أَنَا بِشَيْءٍ. قَالَ فَدَخَلْتُ وَدَخَلَ عَلَى أَثَرِي ثُمَّ فَتَحْتُ الْبَابَ الثَّانِي فَدَخَلْتُ وَدَخَلَ عَلَى أَثَرِي. فَلَمَّا فَتَحْتُ الْبَابَ الثَّالِثَ رَأَى رِجَالا عُرَاةً فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى عَيْنَيْهِ ثُمَّ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ أَمْرٌ عَظِيمٌ فَظِيعٌ فِي الإِسْلامِ! فَخَرَجَ عَوْدًا عَلَى بَدْءٍ فَلَبِسَ ثِيَابَهُ وَذَهَبَ. قَالَ فَقَالَ لِصَاحِبِ الْحَمَّامِ فَطَرَدَ النَّاسَ وَغَسَلَ الْحَمَّامَ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَيْسَ فِي الْحَمَّامِ أَحَدٌ. قَالَ فَجَاءَ وَجِئْتُ مَعَهُ فَدَخَلْتُ وَدَخَلَ عَلَى أَثَرِي فَدَخَلْتُ الْبَيْتَ الثَّانِي فَدَخَلَ عَلَى أَثَرِي. فَدَخَلْتُ الْبَيْتَ الثَّالِثَ فدخل على أثري. فلما مس الماء وَجَدَهُ حَارًّا جِدًّا فَقَالَ بِئْسَ الْبَيْتُ نُزِعَ مِنْهُ الْحَيَاءُ وَنِعْمَ الْبَيْتُ يَتَذَكَّرُ مَنْ أَرَادَ أن يتذكر. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ دِينَارٍ أَبِي كَثِيرٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ مَرِضَ فَنُعِتَ لَهُ الْحَمَّامُ فَدَخَلَهُ بِإِزَارٍ فَإِذَا هُوَ بِغَرَامِيلِ الرِّجَالِ فَنَكَسَ وَقَالَ: أَخْرِجُونِي. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سِكِّينُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعَبْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَإِذَا جَارِيَةٌ تَحْلِقُ عَنْهُ الشَّعْرَ فَقَالَ: إِنَّ النَّوْرَةَ تُرِقُّ الْجِلْدَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مِنْدَلٌ عَنْ أَبِي سِنَانٍ قَالَ: حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّيْبَانِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ إِذَا مَشَى إِلَى الصَّلاةِ دَبَّ دَبِيبًا لَوْ أَنَّ نَمْلَةً مَشَتْ مَعَهُ قُلْتُ لا يَسْبِقُهَا. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ فَخَدِرَتْ رِجْلُهُ فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا لِرَجْلِكَ؟ قَالَ: اجْتَمَعَ عَصَبُهَا مِنْ هَاهُنَا. هَذَا فِي حَدِيثِ زُهَيْرٍ وَحْدَهُ. قَالَ قُلْتُ: ادْعُ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَيْكَ. قَالَ: يَا محمد. فبسطها. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الأَسَدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو شُعَيْبٍ الأَسَدِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ بِمِنًى قَدْ حَلَقَ رَأْسَهُ وَالْحَلاقُ يَحْلِقُ ذِرَاعَيْهِ. فَلَمَّا رَأَى النَّاسَ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ قَالَ: أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ بِسُنَّةٍ وَلَكِنِّي رَجُلٌ لا أَدْخَلُ الْحَمَّامَ. فَقَالَ رَجُلٌ: مَا يَمْنَعُكَ مِنَ الْحَمَّامِ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ قَالَ: إِنِّي أَكْرَهُ أَنْ تُرَى عَوْرَتِي. قَالَ: فَإِنَّمَا يَكْفِيكَ مِنْ ذَلِكَ إِزَارٌ. قَالَ: فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَرَى عَوْرَةَ غَيْرِي. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ حَلَقَ رَأْسَهُ ثُمَّ لَطَّخَهُ بخلوق. قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ حَلَقَ رَأْسَهُ عَلَى الْمَرْوَةِ ثُمَّ قَالَ لِلْحَلاقِ: إِنَّ شَعْرِي كَثِيرٌ وَإِنَّهُ قَدْ آذَانِي وَلَسْتُ أَطَّلِي. أَفَتَحْلِقُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ فَقَامَ فَجَعَلَ يَحْلِقُ صَدْرَهُ. وَاشْرَأَبَّ النَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ هَذَا لَيْسَ بِسُنَّةٍ وَلَكِنَّ شَعْرِي كَانَ يُؤْذِينِي. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابن عمر كَانَ يَسْمَعُ بَعْضَ وَلَدِهِ يَلْحَنُ فَيَضْرِبُهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عن ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ وَجَدَ مَعَ بَعْضِ أَهْلِهِ الأربع عشرة فضرب بها رأسه. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أبو إسرائيل عن فضيل أن ابن الْحَجَّاجِ أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ حَلَقَ رَأْسَهُ بِمِنًى ثُمَّ أَمَرَ الْحَجَّامَ فَحَلَقَ عُنُقَهُ. فَاجْتَمَعَ النَّاسُ يَنْظُرُونَ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَيْسَ بِسُنَّةٍ وَلَكِنِّي تَرَكْتُ الْحَمَّامَ إِنَّهُ. أَوْ فَإِنَّهُ. من رقيق العيش. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عِيسَى بْنِ أَبِي عِيسَى عَنْ أُمِّهِ قَالَتْ: اسْتَسْقَانِي ابْنُ عُمَرَ فَأَتَيْتُهُ بِقَدَحٍ مِنْ قَوَارِيرَ فَأَبَى أَنْ يَشْرَبَ. فَأَتَيْتُهُ بِقَدَحٍ مِنْ عِيدَانَ فَشَرِبَ. وَسَأَلَ طَهُورًا فَأَتَيْتُهُ بِتَوْرٍ وَطَسْتٍ فَأَبَى أَنْ يَتَوَضَّأَ. وَأَتَيْتُهُ بركوة فتوضأ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ شَيْخٍ قَالَ: أَتَى ابْنَ عُمَرَ شَاعِرٌ فَأَعْطَاهُ دِرْهَمَيْنِ فَقَالُوا لَهُ فقال: إنما أفتدي به عرضي. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ قَالَ: قَالَ ابن عمر: إني لأخرج إلى السوق ما لي حَاجَةٌ إِلا أَنْ أُسَلِّمَ وَيُسَلَّمَ عَلَيَّ. قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ وَاضِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرَى وهو جالس. قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: لَمَّا غَزَا ابْنُ عُمَرَ نَهَاوَنْدَ أَخَذَهُ رَبْوٌ فَجَعَلَ يَنْظُمُ الثُّومَ فِي الْخَيْطِ ثُمَّ يَجْعَلُهُ فِي حَسْوَةٍ فَيَطْبُخُهُ فَإِذَا أَخَذَ طَعْمَ الثُّومِ طَرَحَهُ ثُمَّ حَسَاهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ كَثِيرٍ الأَسَدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا نَافِعٌ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدَأَ بِقَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَيَقُولُ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا بَكْرٍ. السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَبَتَاهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُقَاتِلٍ الْقُشَيْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ ثُمَّ أَتَى القبر فسلم عَلَيْهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي بَزَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَطَاءٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ لا يَمُرُّ عَلَى أَحَدٍ إِلا سَلَّمَ عَلَيْهِ. فَمَرَّ بِزِنْجِيٍّ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ فَقَالُوا: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّهُ زِنْجِيُّ طَمْطَمَانِيُّ. قَالَ: وَمَا طَمْطَمَانِيُّ؟ قَالُوا: أُخْرِجَ مِنَ السُّفُنِ الآنَ. قَالَ: إِنِّي أَخْرُجُ مِنْ بَيْتِي مَا أَخْرُجُ إِلا لأُسَلِّمَ أَوْ لِيُسَلَّمَ عَلَيَّ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالا: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عمر لبس الدرع يوم الدار مرتين. قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ عَنِ ابْنِ عَجْلانَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْقَارِئِ أَنَّهُ كَانَ يَجْلِسُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ فَإِذَا سَلَّمَ عَلَيْهِ الرَّجُلُ رَدَّ عَلَيْهِ ابْنُ عُمَرَ: سَلامٌ عَلَيْكُمْ. قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ عَنِ ابْنِ عَجْلانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ عَمِّهِ وَاسِعِ بْنِ حَبَّانَ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُحِبُّ أَنْ يَسْتَقْبِلَ كُلَّ شَيْءٍ مِنْهُ الْقِبْلَةَ إِذَا صَلَّى حَتَّى كَانَ يَسْتَقْبِلُ بإبهامه القبلة. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مِينَا أَنَّ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ مَرْوَانَ بَعَثَ إِلَى ابْنِ عُمَرَ بِمَالٍ فِي الْفِتْنَةِ فَقَبِلَهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ قَالَ: حَدَّثَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ السَّرَّاجُ عِنْدَ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ يَكْرَهُ التَّرَجُّلَ كُلَّ يَوْمٍ. قَالَ فَغَضِبَ نَافِعٌ وَقَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَدْهُنُ في اليوم مرتين. قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: مَا رَدَّ ابْنُ عُمَرَ عَلَى أَحَدٍ وَصِيَّةً وَلا رَدَّ عَلَى أَحَدٍ هَدِيَّةً إِلا على المختار. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عِمْرَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَرْسَلَتْ عَمَّتِي رَمْلَةُ إِلَى ابْنِ عُمَرَ بِمِائَتَيْ دِينَارٍ فَقَبِلَهَا وَدَعَا لها بالخير. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَزْهَرُ بْنُ سَعْدٍ السَّمَّانُ عَنِ ابن عون عن نافع أن ابن عمر سَارَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ ثَلاثًا وَذَلِكَ أنه استصرخ على صفية. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رُقِيَ مِنَ الْعَقْرَبِ وَرُقِيَ ابْنٌ لَهُ وَاكْتَوَى مِنَ اللقوة وكوى ابنا له من اللقوة. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: دَفَعَتْ صَفِيَّةُ لابْنِ عُمَرَ لَيْلَةَ عَرَفَاتٍ رَغِيفَيْنِ حَتَّى إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ مَضْجَعَهُ جَاءَتْهُ بِهِ لِيَأْكُلَهُ. قَالَ فَأَرْسَلَ إِلَيَّ وَقَدْ نِمْتُ فَأَيْقَظَنِي فَقَالَ: اجْلِسْ فَكُلْ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: أَفْطَرْتُ على ثلاث ولو أصبت طريقا لازددت. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا صَاحِبٌ لَنَا عَنْ أَبِي غَالِبٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ نَزَلَ عَلَى آلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ أُسَيْدٍ ثَلاثًا فِي قُرَاهُمْ ثُمَّ يُرْسِلُ إِلَى السُّوقِ فَيُشْتَرَى لَهُ حوائجه. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ الصَّوَّافُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَتْ عَامَّةُ جِلْسَةِ ابْنِ عُمَرَ هَكَذَا. وَوَضَعَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى على اليسرى. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ فَقَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ لا يَصُومُهُ. قَالَ قُلْتُ: هَلْ غَيْرُهُ؟ قَالَ: حسبك به شيخا. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ لا يَكَادُ يَتَعَشَّى وحده. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عن ابْنَ عُمَرَ قَالَ: إِنِّي أَشْتَهِي حُوتًا. قَالَ فَشَوَوْهَا وَوَضَعُوهَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَجَاءَ سَائِلٌ. قَالَ فأمر بها فدفعت إليه. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ اشْتَكَى مَرَّةً فَاشْتُرِيَ لَهُ سِتٌّ عِنَبَاتٍ أَوْ خَمْسٍ بِدِرْهَمٍ فَأُتِيَ بِهِنَّ. قَالَ وَجَاءَ سَائِلٌ فَأَمَرَ بِهِنَّ لَهُ. قَالَ قَالُوا نَحْنُ نُعْطِيهِ. قَالَ فَأَبَى. قَالَ فَاشْتَرَيْنَاهُنَّ منه بعد. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ أَخِي الزُّهْرِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ وَجَدَ تَمْرَةً فِي الطَّرِيقِ فَأَخَذَهَا فَعَضَّ مِنْهَا ثُمَّ رَأَى سَائِلا فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ. أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مَيْمُونٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ أَبَاهُ قَالَ: مَا كُنْتُ بِشَيْءٍ بَعْدَ الإِسْلامِ أَشَدُّ فَرَحًا مِنْ أَنَّ قَلْبِي لَمْ يُشَرِّبْهُ شَيْءٌ مِنْ هذه الأهواء المختلفة. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: قَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: هَلْ تَدْرِي لِمَ سَمَّيْتُ ابْنِي سَالِمًا؟ قَالَ قُلْتُ: لا. قَالَ: بِاسْمِ سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ. قَالَ: فَهَلْ تَدْرِي لِمَ سَمَّيْتُ ابْنِي وَاقِدًا؟ قَالَ قُلْتُ: لا. قَالَ: بِاسْمِ وَاقِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْيَرْبُوعِيِّ. قَالَ: هَلْ تَدْرِي لِمَ سَمَّيْتُ ابْنِي عَبْدَ اللَّهِ؟ قَالَ قُلْتُ: لا. قَالَ: بِاسْمِ عبد الله بن رواحة. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وهيب بْنُ خَالِدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّهُ كَانَ مِنْ شَأْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِثِيَابِهِ فَتُجَمَّرُ كُلَّ جُمُعَةٍ وإذا حضر منه خروج حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا تَقَدَّمَ إِلَيْهِمْ أَلا يُجَمِّرُوا ثيابه. قَالَ: أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْحَوْضِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ ذَكْوَانَ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ أَنَّ الْحَجَّاجَ كَانَ يَخْطُبُ النَّاسَ وَابْنُ عُمَرَ فِي الْمَسْجِدِ فَخَطَبَ النَّاسَ حَتَّى أَمْسَى فَنَادَاهُ ابْنُ عُمَرَ: أَيُّهَا الرَّجُلُ الصَّلاةَ فَاقْعُدْ. ثُمَّ نَادَاهُ الثَّانِيَةَ فَاقْعُدْ. ثُمَّ نَادَاهُ الثَّالِثَةَ فَاقْعُدْ. فَقَالَ لَهُمْ فِي الرَّابِعَةِ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ نَهَضْتُ أَتَنْهَضُونَ؟ قَالُوا: نَعَمْ. فَنَهَضَ فَقَالَ الصَّلاةَ فَإِنِّي لا أَرَى لَكَ فِيهَا حَاجَةً. فَنَزَلَ الْحَجَّاجُ فَصَلَّى ثُمَّ دَعَا بِهِ فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ فَقَالَ: إِنَّمَا نَجِيءُ لِلصَّلاةِ فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ فَصَلِّ بِالصَّلاةِ لِوَقْتِهَا ثُمَّ بَقْبِقْ بَعْدَ ذَلِكَ مَا شِئْتَ مِنْ بَقْبَقَةٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَأَبُو مَعْمَرٍ الْمِنْقَرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْعَلاءِ الْخُزَاعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ مَوْلَى أُمِّ مِسْكِينِ بِنْتِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ خَرَجَ فَجَعَلَ يَقُولُ: السَّلامُ عَلَيْكُمُ السَّلامُ عَلَيْكُمْ. فَمَرَّ عَلَى زِنْجِيٍّ فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا جُعَلُ. قَالَ وَأَبْصَرَ جَارِيَةً مُتَزَيِّنَةً فَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَيْهِ. قَالَ فَقَالَ لَهَا: مَا تَنْظُرِينَ إِلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ قَدْ أَخَذَتْهُ اللَّقْوَةُ وَذَهَبَ مِنْهُ الأَطْيَبَانِ؟. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: أَشْتَهِي عِنَبًا فَقَالَ لأَهْلِهِ: اشْتَرُوا لِي عِنَبًا. فَاشْتَرَوْا لَهُ عُنْقُودًا مِنْ عِنَبٍ فَأُتِيَ بِهِ عِنْدَ فِطْرِهِ. قَالَ: وَوَافَى سَائِلٌ بِالْبَابِ فَسَأَلَ. فَقَالَ: يَا جَارِيَةُ نَاوِلِي هَذَا الْعُنْقُودَ هَذَا السَّائِلَ. قَالَ قَالَتِ الْمَرْأَةُ: سُبْحَانَ اللَّهِ. شَيْئًا اشْتَهَيْتَهُ! نَحْنُ نُعْطِي السَّائِلَ مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْ هَذَا. قَالَ: يَا جَارِيَةُ أَعْطِيهِ الْعُنْقُودَ. فَأَعْطَتْهُ العنقود. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ تَصَدَّقَ عَلَى أُمِّهِ بِغُلامٍ فَمَرَّ فِي السُّوقِ عَلَى شَاةٍ حَلُوبٍ تُبَاعُ فقال للغلام: أبتاع هَذِهِ الشَّاةَ مِنْ ضَرِيبَتِكَ. فَابْتَاعَهَا وَكَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ يُفْطِرَ عَلَى اللَّبَنِ فَأُتِيَ بِلَبَنٍ عِنْدَ فِطْرِهِ مِنَ الشَّاةِ فَوُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ: اللَّبَنُ مِنَ الشَّاةِ وَالشَّاةُ مِنْ ضَرِيبَةِ الْغُلامِ وَالْغُلامُ صَدَقَةٌ عَلَى أُمِّي. ارْفَعُوهُ لا حَاجَةَ لي فيه. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ قَالَ: أُتِيَ ابْنُ عُمَرَ بِإِنْجَانَةٍ مِنْ خَزَفٍ فَتَوَضَّأَ مِنْهَا. قَالَ وَأَحْسَبُهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يصب عليه. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: أَجْمَرْتُ لابْنِ عُمَرَ ثَوْبَيْنِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِالْمَدِينَةِ فَلَبِسَهُمَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ أَمَرَ بِهِمَا فَرُفِعَا فَخَرَجَ من الْغَدِ إِلَى مَكَّةَ. فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ دَعَا بِهِمَا فَوَجَدَ مِنْهُمَا رِيحَ الطِّيبِ فَأَبَى أَنْ يَلْبِسَهُمَا. وَهُمَا حُلَّةٌ بُرُودٌ. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا فليح عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَغْتَسِلُ لإحرامه ولدخوله مكة ولوقوفه بعرفة. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو قَطَنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ عمر قال: خذوا بحظكم من العزلة. قال: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ عَنِ الْمَسْعُودِيِّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ قَزَعَةَ قَالَ: أُهْدِيَتْ إِلَى ابْنِ عُمَرَ أَثْوَابٌ هَرْوَى فَرَدَّهَا وَقَالَ: إِنَّهُ لا يَمْنَعُنَا مِنْ لُبْسِهَا إِلا مخافة الكبر. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: قَبَّلَ ابْنُ عُمَرَ بُنَيَّةً لَهُ فَمَضْمَضَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا سفيان عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُصَلِّي الصَّلَوَاتِ بِوَضُوءٍ وَاحِدٍ. قَالَ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَرِثْتُ مِنْ أَبِي سَيْفًا شَهِدَ بِهِ بَدْرًا نَعْلُهُ كَثِيرَةُ الْفِضَّةِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الْوَازِعِ قَالَ: قُلْتُ لابْنِ عُمَرَ: لا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا أَبْقَاكَ اللَّهُ لَهُمْ. قَالَ فَغَضِبَ وَقَالَ: إِنِّي لأَحْسَبُكَ عِرَاقِيًّا وَمَا يُدْرِيكَ مَا يُغْلِقُ عَلَيْهِ ابْنُ أمك بابه؟. قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: أَرْسَلَنِي أَبِي إِلَى ابْنِ عُمَرَ فَرَأَيْتُهُ يَكْتُبُ بِسْمِ الله الرحمن الرحيم أما بعد. قال: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَلِيفِ بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَتَبَ إِنْسَانٌ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لِفُلانٍ. فَقَالَ: مَهْ إِنَّ اسْمَ اللَّهَ هو لَهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكٍ قَالَ: انْطَلَقْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ إِلَى عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ وَهُوَ يَقُصُّ عَلَى أَصْحَابِهِ. فَنَظَرْتُ إِلَى ابْنِ عُمَرَ فإذا عيناه تهراقان. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ أَبُو حُذَيْفَةَ النَّهْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَرَأَ: فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ. حَتَّى خَتَمَ الآيَةَ. فَجَعَلَ ابْنُ عُمَرَ يَبْكِي حَتَّى لَثِقَتْ لِحْيَتُهُ وَجَيْبُهُ مِنْ دُمُوعِهِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَحَدَّثَنِي الَّذِي كَانَ إِلَى جَنْبِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَقَدْ أَرَدْتُ أَنْ أَقُومَ إِلَى عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ فَأَقُولَ لَهُ أَقْصِرْ عَلَيْكَ فَإِنَّكَ قَدْ آذَيْتَ هَذَا الشَّيْخَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ عِنْدَ الْعَاصِ رَافِعًا يَدَيْهِ يَدْعُو حَتَّى تُحَاذِيَا مَنْكِبَيْهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَقَامَ بِأَذْرَبِيجَانَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ حَبَسَهُ بِهَا الثَّلْجُ فَكَانَ يَقْصُرُ الصلاة. قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ سالم أبي النَّضْرِ قَالَ: سَلَّمَ رَجُلٌ عَلَى ابْنِ عُمَرَ فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: جَلِيسُكَ. قَالَ: مَا هَذَا؟ مَتَى كَانَ بَيْنَ عَيْنَيْكَ؟ صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبَا بَكْرٍ مِنْ بَعْدِهِ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فَهَلْ تَرَى هَاهُنَا من شيء؟ يعني بين عينيه. قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نافع قال: كَانَ ابْنُ عُمَرَ لا يَدَعُ عُمْرَةَ رَجَبَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نافع قال: تَصَدَّقَ ابْنُ عُمَرَ بِدَارِهِ مَحْبُوسَةً لا تُبَاعُ وَلا تُوهَبُ وَمَنْ سَكَنَهَا مِنْ وَلَدِهِ لا يخرج منها. ثم سكنها ابن عمر. قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نافع قال: مَرَّ ابْنُ عُمَرَ عَلَى يَهُودٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ. فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُمْ يَهُودٌ. فَقَالَ: رُدُّوا عَلَيَّ سلامي. قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نافع قال: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا قَامَ لَهُ رَجُلٌ من مجلسه لم يجلس فيه. قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نافع قال: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقْذَرُ الْقِثَّاءَ وَالْبَطِّيخَ فَلَمْ يَكُنْ يَأْكُلُهُ لِلَّذِي كَانَ يُصْنَعُ فِيهِ مِنَ العذرة. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ سَمِعَ صَوْتَ زَمَّارَةِ رَاعٍ فَوَضَعَ إِصْبَعَهُ في أذنيه وَعَدَلَ بِرَاحِلَتِهِ عَنِ الطَّرِيقِ وَهُوَ يَقُولُ: يَا نَافِعُ أَتَسْمَعُ؟ وَأَقُولُ: نَعَمْ. فَيَمْضِي حَتَّى قُلْتُ: لا. قَالَ فَوَضَعَ يَدَيْهِ عَنْ أُذُنَيْهِ وَعَدَلَ إِلَى الطَّرِيقِ وَقَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَمِعَ صَوْتَ زَمَّارَةِ رَاعٍ فصنع مثل هذا. قَالَ: أَخْبَرَنَا زَيْدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَيْدٍ حَفْصُ بْنُ غَيْلانَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنِ مُوسَى عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ زَيْدٌ بِالْيَمَامَةِ دَفَعَ إِلَيْهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مَالَهُ. قَالَ نَافِعٌ: فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يُقْرِضُ مِنْهُ وَيَسْتَقْرِضُ لِنَفْسِهِ فَيَتْجَرُ لَهُمْ بِهِ في غزوة. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي مُزَرِّدٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يَغْدُو كُلَّ سَبْتٍ مَاشِيًا إِلَى قُبَاءَ وَنَعْلَيْهِ فِي يَدَيْهِ فَيَمُرُّ بِعَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ الْعُتْوَارِيِّ بَطْنٍ مِنْ كِنَانَةَ فَيَقُولُ: يَا عَمْرُو أغد بنا. فيغدوان جميعا يمشيان. قَالَ: أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ تَمِيمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُهَاجِرِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي ذَكَرَهُ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: كُنْتُ أُسَافِرُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَلَمْ يَكُنْ يُطِيقُ شَيْئًا مِنَ الْعَمَلِ إِلا عَمِلَهُ لا يَكِلْهُ إِلَيْنَا. وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَطَأُ عَلَى ذِرَاعِ نَاقَتِي حَتَّى أَرْكَبَهَا. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ الْقُرْقُسَانِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَكْسَرُ النَّرْدَ والأربعة عشر. قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: لَقَدْ بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَا نُكُثْتُ وَلا بَدَّلْتُ إِلَى يَوْمِي هَذَا وَلا بَايَعْتُ صَاحِبَ فِتْنَةٍ وَلا أَيْقَظْتُ مُؤْمِنًا مِنْ مَرْقَدِهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ عَنْ مَيْمُونٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: كَفَفْتُ يَدَيَّ فَلَمْ أَنْدَمْ والمقاتل على الحق أفضل. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ عَنْ مَيْمُونٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ تعلم سورة البقرة في أربع سنين. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ عَنْ مَيْمُونٍ قَالَ: دَسَّ مُعَاوِيَةُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ. وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَعْلَمَ مَا فِي نَفْسِ ابْنِ عُمَرَ. يُرِيدُ الْقِتَالَ أَمْ لا. فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَخْرُجَ فَنُبَايُعْكَ وَأَنْتَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - وابن أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْتَ أَحَقُّ النَّاسِ بِهَذَا الأَمْرِ؟ قَالَ: لَوْ لَمْ يَبْقَ إِلا ثَلاثَةُ أَعْلاجٍ بهجر لَمْ يَكُنْ لِي فِيهَا حَاجَةٌ. قَالَ فَعَلِمَ أَنَّهُ لا يُرِيدُ الْقِتَالَ. قَالَ: هَلْ لَكَ أَنْ تَبَايَعَ لِمَنْ قَدْ كَادَ النَّاسُ أَنْ يَجْتَمِعُوا عَلَيْهِ وَيُكْتَبَ لَكَ مِنَ الأَرَضِينَ وَمِنَ الأَمْوَالِ مَا لا تَحْتَاجُ أَنْتَ وَلا وَلَدُكَ إِلَى مَا بَعْدَهُ؟ فَقَالَ: أُفٍّ لَكَ. اخْرُجْ مِنْ عِنْدِي. ثُمَّ لا تَدْخُلْ عَلَيَّ! وَيْحَكَ إِنَّ دِينِي لَيْسَ بِدِينَارِكُمْ وَلا دِرْهَمِكُمْ وَإِنِّي أَرْجُو أَنْ أَخْرُجَ مِنَ الدُّنْيَا وَيَدِي بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ. قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْفُرَاتُ بْنُ سَلْمَانَ عَنْ مَيْمُونٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ عَنْ مَيْمُونٍ قَالَ: سَأَلْتُ نَافِعًا هَلْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَجْمَعُ عَلَى الْمَأْدُبَةِ؟ قَالَ: مَا فَعَلَ ذَلِكَ إِلا مَرَّةً. انْكَسَرَتْ نَاقَةٌ لَهُ فَنَحَرَهَا ثُمَّ قَالَ لِي: احْشُرْ عَلَيَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ. فَقُلْتُ: يَا سُبْحَانَ اللَّهِ! على أي شيء تحشرهم وليس عندك خبز؟ فقال: اللهم غفرا. تَقُولُ هَذَا لَحْمٌ وَهَذَا مَرَقٌ فَمَنْ شَاءَ أكل ومن شاء ترك. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ فَقَوَّمْتُ كُلَّ شَيْءٍ فِي بَيْتِهِ مِنْ فِرَاشٍ أَوْ لِحَافٍ أَوْ بساط وكل شيء عليه فَمَا وَجَدْتُهُ يَسْوَى ثَمَنَ طَيْلَسَانِيٍّ هَذَا. قَالَ أَبُو الْمَلِيحِ: فَبِيعَ طَيْلَسَانُ مَيْمُونٍ حِينَ مَاتَ فِي مِيرَاثِهِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ. قَالَ أَبُو الْمَلِيحِ: كَانَتِ الطَّيَالِسَةُ كُرْدَيَّةً يَلْبَسُ الرَّجُلُ الطَّيْلَسَانِ ثَلاثِينَ سنة ثم يقلبه أيضا. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ عَنْ مَيْمُونٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَجْمَعُ أَهْلَ بَيْتِهِ عَلَى جَفْنَتِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ. قَالَ فَرُبَّمَا سَمِعَ بِنِدَاءِ مِسْكِينٍ فَيَقُومُ إِلَيْهِ بِنَصِيبِهِ مِنَ اللَّحْمِ وَالْخُبْزِ فَإِلَى أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَيْهِ وَيَرْجِعُ قَدْ فَرَغُوا مِمَّا فِي الْجَفْنَةِ. فَإِنْ كُنْتَ أَدْرَكْتَ فِيهَا شَيْئًا فَقَدْ أَدْرَكَ فِيهَا. ثُمَّ يُصْبِحُ صَائِمًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي مَرْزُوقٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ اشْتَهَى سَمَكًا. قَالَ فَطَلَبَتْ لَهُ صَفِيَّةُ امْرَأَتُهُ فَأَصَابَتْ لَهُ سَمَكَةً فَصَنَعَتْهَا فَأَطَابَتْ صَنْعَتَهَا ثُمَّ قَرَّبَتْهَا إِلَيْهِ. قَالَ وَسَمِعَ نِدَاءَ مِسْكِينٍ عَلَى الْبَابِ فَقَالَ: ادْفَعُوهَا إِلَيْهِ. فَقَالَتْ صَفِيَّةُ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ لَمَّا رَدَدْتَ نَفْسَكَ منها بشيء. فقال: ادفعوها إليه. قالت: فنحن نُرْضِيهِ مِنْهَا. قَالَ: أَنْتُمْ أَعْلَمُ. فَقَالُوا لِلسَّائِلِ: إِنَّهُ قَدِ اشْتَهَى هَذِهِ السَّمَكَةَ. قَالَ: وَأَنَا وَاللَّهِ اشْتَهَيْتُهَا. قَالَ فَمَاكَسَهُمْ حَتَّى أَعْطُوهُ دِينَارًا. قَالَتْ: إِنَّا قَدْ أَرْضَيْنَاهُ. قَالَ: لِذَلِكَ قَدْ أَرْضَوْكَ وَرَضِيتَ وَأَخَذْتَ الثَّمَنَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: ادفعوها إليه. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَتَمَثَّلُ بِهَذَا الْبَيْتِ: يُحِبُّ الْخَمْرَ مِنْ مَالِ الندامى ... ويكره أن تفارقه الفلوس قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ أَنَّ امْرَأَةَ ابْنِ عُمَرَ عُوتِبَتْ فِيهِ فَقِيلَ لَهَا: مَا تَلْطُفِينَ بِهَذَا الشَّيْخِ؟ قَالَتْ: وَمَا أَصْنَعُ بِهِ؟ لا يُصْنَعُ لَهُ طَعَامٌ إِلا دَعَا عَلَيْهِ مَنْ يَأْكُلُهُ. فَأَرْسَلَتْ إِلَى قَوْمٍ مِنَ الْمَسَاكِينَ كَانُوا يَجْلِسُونَ بِطَرِيقِهِ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ فَأَطْعَمْتُهُمْ وَقَالَتْ: لا تَجْلِسُوا بِطَرِيقِهِ. ثُمَّ جَاءَ إِلَى بَيْتِهِ فَقَالَ: أَرْسِلُوا إِلَى فُلانٍ وَإِلَى فُلانٍ. وَكَانَتِ امْرَأَتُهُ قَدْ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِمْ بِطَعَامٍ وَقَالَتْ: إِنْ دَعَاكُمْ فَلا تَأْتُوهُ. فَقَالَ: أَرَدْتُمْ أَنْ لا أَتَعَشَّى اللَّيْلَةَ. فلم يتعش تلك الليلة. قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ عَطَاءٍ مَوْلَى ابْنِ سِبَاعٍ قَالَ: أَقْرَضْتُ ابْنَ عُمَرَ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَبَعَثَ إِلَيَّ بِأَلْفَيْ وَافٍ فَوَزَنْتُهَا فَإِذَا هِيَ تَزِيدُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَقُلْتُ: مَا أَرَى ابْنَ عُمَرَ إِلا يُجَرِّبُنِي. فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّهَا تَزِيدُ مِائَتَيْ درهم. قال: هي لك. قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ الْمَكِّيُّ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ أَبِي رَوَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا اشْتَدَّ عُجْبُهُ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ قَرَّبَهُ لِرَبِّهِ. قَالَ فَلَقَدْ رَأَيْتُنَا ذَاتَ عَشِيَّةٍ وَكُنَّا حُجَّاجًا وَرَاحَ عَلَى نَجِيبٍ لَهُ قد أخذه بمال أَعْجَبَتْهُ رَوْحَتُهُ وَسَرَّهُ إِنَاخَتُهُ ثُمَّ نَزَلَ عَنْهُ ثُمَّ قَالَ: يَا نَافِعُ. انْزِعُوا زِمَامَهُ وَرَحْلَهُ وجللوه وأشعروه وأدخلوه في البدن. قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ أَبِي رَوَّادٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ فَلَمَّا اشْتَدَّ عُجْبُهُ بِهَا أَعْتَقَهَا وَزَوَّجَهَا مَوْلًى لَهُ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ. قَالَ بَعْضُ النَّاسِ هُوَ نَافِعٌ. فَوَلَدَتْ غُلامًا. قَالَ نَافِعٌ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَأْخُذُ ذَلِكَ الصَّبِيَّ فَيُقَبِّلُهُ ثُمَّ يَقُولُ: وَاهًا لِرِيحِ فُلانَةَ. يَعْنِي الْجَارِيَةَ الَّتِي أعتق. قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ عَنْ عبد العزيز بن أبي رواد قال: أخبرني نَافِعٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا رَأَى مِنْ رَقِيقِهِ امْرَأً يُعْجِبُهُ أَعْتَقَهُ فَكَانَ رَقِيقُهُ قَدْ عَرَفُوا ذَلِكَ مِنْهُ. قَالَ نَافِعٌ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ غِلْمَانِهِ رُبَّمَا شَمَّرَ وَلَزِمَ الْمَسْجِدَ فَإِذَا رَآهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ الْحَسَنَةِ أَعْتَقَهُ. فَيَقُولُ لَهُ أَصْحَابُهُ: وَاللَّهِ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا هُمْ إِلا يَخْدَعُونَكَ. قَالَ فَيَقُولُ عَبْدُ اللَّهِ: من خدعنا بالله انخدعنا له. قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ عَنْ عبد العزيز بن أبي رواد قال: حدثني نَافِعٌ أَنَّهُ دَخَلَ الْكَعْبَةَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. قَالَ: فَسَجَدَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ لَوْلا مَخَافَتُكَ لَزَاحَمْنَا قومنا قريشا في أمر هذه الدنيا. قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ أَبِي رَوَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَدْرَكَهُ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ فِي الطَّوَافِ فَخَطَبَ إِلَيْهِ ابْنَتَهُ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ ابْنُ عُمَرَ شَيْئًا. فَقَالَ عُرْوَةٌ: لا أَرَاهُ وَافَقَهُ الَّذِي طَلَبْتُ مِنْهُ. لا جَرَمَ لأُعَاوِدَنَّهُ فِيهَا. قَالَ نَافِعٌ: فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ قَبْلَهُ وَجَاءَ بَعْدَنَا فَدَخَلَ عَلَى ابْنِ عُمَرَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: إِنَّكَ أَدْرَكَتْنِي فِي الطَّوَافِ فَذَكَرْتُ لِيَ ابْنَتِي وَنَحْنُ نَتَرَاءَى اللَّهَ بَيْنَ أَعْيُنِنَا فَذَلِكَ الَّذِي مَنَعَنِي أَنْ أُجِيبَكَ فِيهَا بِشَيْءٍ. فَمَا رَأْيُكَ فِيمَا طَلَبْتَ أَلَكَ بِهِ حَاجَةٌ؟ قَالَ فَقَالَ عُرْوَةُ: مَا كُنْتُ قَطُّ أَحْرَصَ عَلَى ذَلِكَ مِنِّي السَّاعَةَ. قَالَ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: يَا نَافِعُ ادْعُ لِي أَخَوَيْهَا. قَالَ فَقَالَ لِي عُرْوَةُ: وَمَنْ وَجَدَتَ مِنَ بني الزُّبَيْرِ فَادْعُهُ لَنَا. قَالَ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لا حَاجَةَ لَنَا بِهِمْ. قَالَ عُرْوَةُ: فَمَوْلانَا فُلانٌ. فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَذَلِكَ أَبْعَدُ. فَلَمَّا جَاءَ أَخَوَاهَا حَمِدَ اللَّهَ ابْنُ عُمَرَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: هَذَا عِنْدَكُمْ عُرْوَةُ وَهُوَ مِمَّنْ قَدْ عَرَفْتُمَا وَقَدْ ذَكَرَ أُخْتَكُمَا سَوْدَةَ فَأَنَا أُزَوِّجُهُ عَلَى مَا أَخَذَ اللَّهُ بِهِ عَلَى الرِّجَالِ لِلنِّسَاءِ. إِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ. وَعَلَى مَا يَسْتَحِلُّ بِهِ الرِّجَالُ فَرُّوجَ النِّسَاءِ. لَكَذَلِكَ يَا عُرْوَةُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ. قَالَ: قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ قَالَ لِي نَافِعٌ: فَلَمَّا أَوَلَمَ عُرْوَةُ بَعَثَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ يَدْعُوهُ. قَالَ فَجَاءَ فَقَالَ لَهُ: لَوْ كُنْتَ تَقَدَّمْتَ إِلَيَّ أَمْسِ لَمْ أَصُمِ الْيَوْمَ فَمَا رَأْيُكَ؟ أَقْعُدُ أَوْ أَنْصَرِفُ؟ قَالَ: بَلِ انْصَرِفْ راشدا. قال فانصرف. قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ أَنَّ رَجُلا سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَطَأْطَأَ ابْنُ عُمَرَ رَأْسَهُ وَلَمْ يُجِبْهُ حَتَّى ظَنَّ النَّاسُ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مَسْأَلَتَهُ. قَالَ فَقَالَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ أَمَا سمعت مسألتي؟ قال قَالَ: بَلَى وَلَكِنَّكُمْ كَأَنَّكُمْ تَرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِسَائِلِنَا عَمَّا تَسْأَلُونَنَا عَنْهُ. اتْرُكْنَا يَرْحَمْكَ اللَّهُ حَتَّى نَتَفَهَّمَ فِي مَسْأَلَتِكَ فَإِنْ كَانَ لَهَا جَوَابٌ عِنْدَنَا وَإِلا أَعْلَمْنَاكَ أَنَّهُ لا علم لنا به. قال: أَخْبَرَنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عَاصِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَا سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ ذَاكِرًا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَلا ابتدرت عيناه تبكيان. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ الْحَارِثِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ فَجَعَلَ النَّاسُ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى دَابَّتِهِ فَقَالَ لِيَ ابْنُ عُمَرَ: يَا مُجَاهِدُ إِنَّ النَّاسَ يُحِبُّونَنِي حُبًّا لَوْ كُنْتُ أُعْطِيهُمُ الذَّهَبَ وَالْوَرِقَ مَا زدت. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَتْ عَلَيْهِ دَرَاهِمُ فَقَضَى أَجْوَدَ مِنْهَا فَقَالَ الَّذِي قَضَاهُ: هَذِهِ خَيْرٌ مِنْ دَرَاهِمِي. فَقَالَ: قَدْ عرفت ولكن نفسي بذلك طيبة. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ شَيْخٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ زَمَنُ ابْنِ الزُّبَيْرِ انْتُهِبَ تَمْرٌ فَاشْتَرَيْنَا مِنْهُ فَجَعَلْنَاهُ خَلا فَأَرْسَلَتْ أُمِّي إِلَى ابْنِ عُمَرَ وَذَهَبْتُ مَعَ الرَّسُولِ فَسَأَلَ ابْنَ عُمَرَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: أَهْرِيقُوهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ عِنْدَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ وَهُوَ يَقُصُّ وَعَيْنَاهُ تُهْرَاقَانِ جَمِيعًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ. قَالَ مَرْوَانُ لابْنِ عُمَرَ: هَلُمَّ يَدَكَ نُبَايِعْ لَكَ فَإِنَّكَ سَيِّدُ الْعَرَبِ وَابْنُ سَيِّدِهَا. قَالَ قَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: كَيْفَ أَصْنَعُ بِأَهْلِ الْمَشْرِقِ؟ قَالَ: تَضْرِبُهُمْ حَتَّى يُبَايِعُوا. قَالَ: وَاللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنَّهَا دَانَتْ لِي سَبْعِينَ سَنَةً وَأَنَّهُ قُتِلَ فِي سَبَبِي رَجُلٌ وَاحِدٌ. قَالَ يَقُولُ مَرْوَانُ: إِنِّي أَرَى فِتْنَةً تَغْلِي مَرَاجِلُهَا ... وَالْمُلْكُ بَعْدَ أَبِي لَيْلَى لِمَنْ غَلَبَا أَبُو لَيْلَى مُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَكَانَ بَعْدَ يَزِيدَ أَبِيهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً بَايَعَ لَهُ أَبُوهُ النَّاسَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: قِيلَ لابْنِ عُمَرَ زَمَنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَالْخَوَارِجِ وَالْخَشَبَيَّةِ: أَتُصَلِّي مَعَ هَؤُلاءِ وَمَعَ هَؤُلاءِ وَبَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا؟ قَالَ فَقَالَ: مَنْ قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ أَجَبْتُهُ. وَمَنْ قَالَ حَيَّ عَلَى الْفَلاحِ أَجَبْتُهُ. وَمَنْ قَالَ حَيَّ عَلَى قتل أخيك المسلم وأخذ ماله قلت لا. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ غَزَا الْعِرَاقَ فَبَارَزَ دِهْقَانًا فَقَتَلَهُ وَأَخَذَ سَلَبَهُ فَسُلِّمَ ذَلِكَ لَهُ ثُمَّ أَتَى أَبَاهُ فسلمه له. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي حَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ قَالَ: قِيل لِنَافِعٍ: مَا كَانَ يَصْنَعُ ابْنُ عُمَرَ فِي مَنْزِلِهِ؟ قَالَ: لا يُطِيقُونَهُ. الْوُضُوءُ لِكُلِّ صَلاةٍ وَالْمُصْحَفُ فِيمَا بينهما. قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عن ابْنِ عُمَرَ قَالَ: مَا وَضَعْتُ لَبِنَةً عَلَى لَبِنَةٍ وَلا غَرَسْتُ نَخْلَةً مُنْذُ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: أَرَادَ ابْنُ عُمَرَ أَلا يَتَزَوَّجَ فَقَالَتْ لَهُ حَفْصَةُ: تَزَوَّجْ فَإِنْ مَاتُوا أُجِرْتَ فِيهِمْ وَإِنْ بَقُوا دَعَوُا اللَّهَ لك. قال: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَزْرَقِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ جَدِّهِ قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ عَنْ شَيْءٍ فَقَالَ: لا أَدْرِي. فَلَمَّا وَلَّى الرَّجُلُ أَفْتَى نَفْسَهُ فَقَالَ: أَحْسَنَ ابْنُ عُمَرَ. سُئِلَ عَمَّا لا يَعْلَمُ فَقَالَ لا أعلم. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: كَانَتْ لابْنِ عُمَرَ حَاجَةٌ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَأَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ إِلَيْهِ فَبَدَأَ بِنَفْسِهِ. فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى كَتَبَ بسم الله الرحمن الرحيم إلى معاوية. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: إِنِّي لأَخْرُجُ إِلَى السُّوقِ وَمَا بِي مِنْ حَاجَةٌ إِلا لأُسَلِّمَ أو يسلم علي. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ نُبَاتَةَ الْحُدَّانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي أَنَّهُ أَتَى ابْنَ عُمَرَ بِهَدِيَّةٍ مِنَ الْبَصْرَةِ فَقَبِلَهَا فَسَأَلْتُ مَوْلًى لَهُ: أَيَطْلُبُ الْخِلافَةَ؟ قَالَ: لا. هُوَ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذَاكَ. قَالَ: وَرَأَيْتُهُ صَائِمًا فِي ثَوْبَيْنِ مَمْشُقَيْنِ يَصُبُّ عليه الماء. قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّرَّاجِ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: اسْتَسْقَى ابْنُ عُمَرَ يَوْمًا فَأُتِيَ بِمَاءٍ فِي قَدَحٍ مِنْ زُجَاجٍ فَلَمَّا رآه لم يشرب. قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ: شَهِدْتُ سَالِمًا اسْتَسْقَى فَأُتِيَ بِمَاءٍ فِي قَدَحٍ مُفَضَّضٍ فَلَمَّا مَدَّ يَدَيْهِ إِلَيْهِ فَرَآهُ كَفَّ يَدَيْهِ وَلَمْ يَشْرَبْ فَقُلْتُ لِنَافِعٍ: مَا يَمْنَعُ أَبَا عُمَرَ أَنْ يَشْرَبَ؟ قَالَ: الَّذِي سَمِعَ مِنَ أَبِيهِ فِي الإِنَاءِ الْمُفَضَّضِ. قَالَ قُلْتُ: أَوَمَا كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَشْرَبُ فِي الإِنَاءِ الْمُفَضَّضِ؟ قَالَ فَغَضِبَ وقال: ابن عمر يشرب في المفضض؟ فو الله مَا كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَتَوَضَّأُ فِي الصُّفْرِ. قُلْتُ: فِي أَيِّ شَيْءٍ كَانَ يَتَوَضَّأُ؟ قَالَ: في الركاء وأقداح الخشب. قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنِ الْحَنْتَفِ بْنِ السِّجْفِ قَالَ: قُلْتُ لابْنِ عُمَرَ مَا يَمْنَعُكَ مِنْ أَنْ تَبَايَعَ هَذَا الرَّجُلَ؟ أَعِنِّي ابْنَ الزُّبَيْرِ. قَالَ: إِنِّي وَاللَّهِ مَا وَجَدْتُ بَيْعَتَهُمْ إِلا قِقَّةً. أَتَدْرِي مَا قِقَّةٌ؟ أَمَا رَأَيْتَ الصَّبِيَّ يَسْلَحُ ثُمَّ يَضَعُ يَدَهُ فِي سَلْحِهِ فَتَقُولُ لَهُ أمه ققة؟ قال: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ عَنْ هَارُونَ الْبَرْبَرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِنَّمَا كَانَ مَثَلُنَا فِي هَذِهِ الْفِتْنَةِ كَمَثَلِ قَوْمٍ كَانُوا يَسِيرُونَ عَلَى جَادَةٍ يَعْرِفُونَهَا فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ غَشِيَتْهُمْ سَحَابَةٌ وَظُلْمَةٌ فَأَخَذَ بَعْضُنَا يَمِينًا وَبَعْضُنَا شِمَالا. فَأَخْطَأْنَا الطَّرِيقَ وَأَقَمْنَا حَيْثُ أَدْرَكْنَا ذَلِكَ حَتَّى تَجَلَّى عَنَّا ذَلِكَ. حَتَّى أَبْصَرَنَا الطَّرِيقَ الأَوَّلَ فَعَرَفْنَاهُ فَأَخَذْنَا فِيهِ. إِنَّمَا هَؤُلاءِ فِتْيَانُ يَتَقَاتَلُونَ عَلَى هَذَا السُّلْطَانِ وَعَلَى هَذِهِ الدُّنْيَا. وَاللَّهِ مَا أُبَالِي أَلا يَكُونَ لِي مَا يقتل فيه بعضهم بعضا بنعلي. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الأَزْرَقِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. يَعْنِي ابْنَ عُيَيْنَةَ. عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: شَهِدَ ابْنُ عُمَرَ فَتْحَ مَكَّةَ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ جَرُورٍ وَمَعَهُ رُمْحٌ ثَقِيلٌ وَعَلَيْهِ بُرْدَةٌ فَلُوتٌ. قَالَ فَأَبْصَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَخْتَلِي لِفَرَسِهِ فَقَالَ: إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ إِنَّ عَبْدَ الله. يعني أثنى عليه خيرا. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الأَزْرَقِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: شَهِدَ ابْنُ عُمَرَ فَتْحَ مَكَّةَ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ سنة. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ الْكِلابِيُّ عَنْ مُوسَى الْمُعَلِّمِ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ دُعِيَ إِلَى دَعْوَةٍ فَجَلَسَ عَلَى فِرَاشٍ عَلَيْهِ ثَوْبٌ مُوَرَّدٌ. قَالَ فَلَمَّا وُضِعَ الطَّعَامُ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ. وَمَدَّ يَدَهُ ثُمَّ رَفَعَهَا وَقَالَ إِنِّي صَائِمٌ وَلِلدَّعُوَةِ حَقٌّ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ عَنْ يَحْيَى الْبَكَّاءِ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يُصَلِّي فِي إِزَارٍ وَرِدَاءٍ وَهُوَ يَقُولُ بِيَدَيْهِ هَكَذَا. وَيُدْخِلُ أَبُو جَعْفَرٍ يَدَهُ فِي إِبْطِهِ. وَيَقُولُ بِإِصْبَعِهِ هَكَذَا. فَأَدْخَلَ أَبُو جَعْفَرٍ إِصْبَعَهُ في أنفه. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ قَزَعَةَ الْعُقَيْلِيِّ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ وَجَدَ الْبَرْدَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَقَالَ: أَلْقِ عَلَيَّ ثَوْبًا. فَأَلْقَيْتُ عَلَيْهِ مِطْرِفًا فلما استيقظ جعل ينظر إلى طرائفه وَعَلَمَهُ. وَكَانَ عَلِمُهُ إِبْرِيسَمًا. فَقَالَ: لَوْلا هَذَا لم يكن به بأس. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا جويرية بن أسماء عن نافع قال: ربما رَأَيْتُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ الْمِطْرِفَ ثَمَنَ خَمْسِ مائة. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لا يَلْبَسُ الْخَزَّ وَكَانَ يَرَاهُ عَلَى بَعْضِ وَلَدِهِ فَلا يُنْكِرُهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَلْبَسُ الْمَصْبُوغَ بِالْمِشْقِ وَالْمَصْبُوغَ بِالزَّعْفَرَانِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ لا يَدْخُلُ حَمَّامًا وَلا مَاءً إِلا بِإِزَارٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا زهير عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّهُ رَأَى عَلَى ابْنِ عُمَرَ نَعْلَيْنِ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ شِسْعَانِ. قَالَ ورأيته بين الصفا والمروة عليه ثوبان أبيضان فَرَأَيْتُهُ إِذَا أَتَى الْمَسِيلَ يَرْمُلُ رَمَلا هَنِيئًا فَوْقَ الْمَشْيِ وَإِذَا جَاوَزَهُ مَشَى وَكُلَّمَا أَتَى عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَامَ مُقَابِلَ الْبَيْتِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالا: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى ابْنِ عُمَرَ فَرَأَى لَهُ فُسْطَاطَيْنِ وَسُرَادِقًا وَرَأَى عَلَيْهِ نَعْلَيْنِ بِقِبَالَيْنِ أَحَدُ الزِّمَامَيْنِ بَيْنَ الأَرْبَعِ مِنْ نِعَالٍ لَيْسَ عَلَيْهَا شَعْرٌ. مُلَسَّنَةٌ كُنَّا نُسَمِّيهَا الْحَمْصِيَّةَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَهِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ جَبَلَةَ بْنِ سُحَيْمٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ اشْتَرَى قَمِيصًا فَلَبِسَهُ فَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّهُ. فَأَصَابَ الْقَمِيصَ صُفْرَةٌ مِنْ لِحْيَتِهِ فَأَمْسَكَهُ مِنْ أَجْلِ تِلْكَ الصُّفْرَةِ. قَالَ عَفَّانُ وَلَمْ يَرُدَّهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ أَوْ سَالِمٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَتَّزِرُ فَوْقَ الْقَمِيصِ فِي السَّفَرِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْعُرْيَانِ قَالَ: سَمِعْتُ الأَزْرَقَ بْنَ قَيْسٍ قَالَ: قَلَّ مَا رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ وهو محلول الإزار. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ ابْنَ عمر يزر قميصه قط. قال: أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ الْمُزَنِيُّ الْكُوفِيُّ عَنْ جَمِيلِ بْنِ زَيْدٍ الطَّائِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ إِزَارَ ابْنِ عُمَرَ فَوْقَ الْعَرْقُوبَيْنِ وَدُونَ الْعَضَلَةٍ وَرَأَيْتُ عليه ثوبين أصفرين ورأيته يصفر لحيته. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ مُوسَى المعلم عن أبي المتوكل الناجي قَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى ابْنِ عُمَرَ يَمْشِي بَيْنَ ثَوْبَيْنِ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى عَضَلَةِ سَاقِهِ تحت الإزار والقميص فوق الإزار. قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُمَيْرٍ قَالَ: رَأَيْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَقَفَ عَلَى أَبِي وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ مُشَمَّرٌ فَأَمْسَكَ أَبِي بِطَرَفِ قَمِيصِهِ وَنَظَرَ إِلَى وَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ لَكَأَنَّهُ قَمِيصُ عَبْدِ اللَّهِ بن عُمَرَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْعِجْلِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي وَالِدِي قَالَ نَظَرْتُ إِلَى ابْنِ عُمَرَ فَإِذَا رَجُلٌ جُهَيْرٌ يَخْضِبُ بِالصُّفْرَةِ عَلَيْهِ قَمِيصٌ دَسْتُوَانِيُّ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ مُوسَى بْنِ دِهْقَانَ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يَتَّزِرُ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنِ الْعُمَرِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ اعْتَمَّ وَأَرْخَاهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنِ الْعُمَرِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُخْرِجُ يَدَيْهِ من البرنس إذا سجد. قال: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنِ النَّضْرِ أَبِي لُؤْلُؤَةَ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى ابْنَ عُمَرَ عِمَامَةً سَوْدَاءَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ حَيَّانَ الْبَارِقِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يُصَلِّي فِي إِزَارٍ مُؤْتَزِرًا بِهِ. أَوْ سَمِعْتُهُ يُفْتِي أَوْ يُصَلِّي فِي إِزَارٍ وَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنْ عِمْرَانَ النَّخْلِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يُصَلِّي فِي إِزَارٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عُثْمَانَ بن إبراهيم الحاطبي قال: رأيت ابن عمر يحفي شاربه ويعتم ويرخيها من خلفه. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي عُثْمَانَ القرشي قلت: أرأيت ابْنَ عُمَرَ يَرْفَعُ إِزَارَهُ إِلَى نِصْفِ سَاقِهِ؟ قَالَ: لا أَدْرِي مَا نِصْفُ سَاقِهِ وَلَكِنِّي قد رأيته يشمر قميصه تشميرا شديدا. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنَشٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ بُرْدَيْنِ مُعَافِرِيَّيْنِ ورأيت إزاره إلى نصف ساقه. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا حُمْرَانُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْقَيْسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو رَيْحَانَةَ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ بِالْمَدِينَةِ مُطْلِقًا إِزَارَهُ يَأْتِي أَسْوَاقَهَا فَيَقُولُ: كَيْفَ يُبَاعُ ذَا. كَيْفَ يُبَاعُ ذَا؟ قَالَ: أَخْبَرَنَا خَلادُ بْنُ يَحْيَى الْكُوفِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ كُلَيْبِ بْنِ وَائِلٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يُرْخِي عِمَامَتَهُ خَلْفَهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يُصَلِّي مَحْلُولَ الإِزَارِ. وَقَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَحْلُولَ الإِزَارِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُثَيْمُ بْنُ نِسْطَاسٍ قَالَ: رأيت ابن عمر لا يزر قميصه. قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ خَاتَمٌ فَكَانَ يَجْعَلَهُ عِنْدَ ابْنِهِ أَبِي عُبَيْدٍ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْتِمَ أَخَذَهُ فَخَتَمَ بِهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ خُلَيْفِ بْنِ عُقْبَةَ الْبَصْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: ذَكَرُوا عِنْدَ نَافِعٍ خَاتَمَ ابْنِ عُمَرَ فَقَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ لا يَتَخَتَّمُ إِنَّمَا كَانَ خَاتَمُهُ يكون عند صَفِيَّةَ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْتِمَ أَرْسَلَنِي فَجِئْتُ به. قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: كَانَ نَقْشَ خَاتَمِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: عَبْدُ الله بْنُ عُمَرَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ في خَاتَمُهُ عبد الله بن عمر. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ عَنْ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّ نَقْشَ خَاتَمِ ابْنِ عُمَرَ كَانَ عبد الله بن عُمَرَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبَانُ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ نَهَى أَنْ يَنْقُشَ فِي الْخَاتَمِ بِالْعَرَبِيَّةِ. قَالَ أَبَانُ: فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ فَقَالَ: كَانَ نَقْشُ خاتم عبد الله بن عمر: لله. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمَّانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُحْفِي شَارِبَهُ. وَإِزَارُهُ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمَّانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَاطِبِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ إِزَارُهُ إِلَى نِصْفِ سَاقَيْهِ وَرَأَيْتُهُ يُحْفِي شَارِبَهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كُنَاسَةَ الأَسَدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يُحْفِي شَارِبَهُ. قَالَ وَأَجْلَسَنِي فِي حِجْرِهِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كُنَاسَةَ: وَأُمُّ عُثْمَانَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ابْنَةُ قُدَامَةَ بْنِ مَظْعُونٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى وَمُحَمَّدٌ ابْنَا عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيَّانُ قَالا: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَاطِبِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يُحْفِي شَارِبَهُ حَتَّى كنت أظنه ينتفه. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَاطِبِيُّ قال: ما رأيت ابن عمر إلا محلل الإِزَارِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ. قَالَ عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يُحْفِي شَارِبَهُ. قَالَ يَزِيدُ: لا أَعْلَمُهُ إِلا قَالَ حَتَّى أَرَى بَيَاضَ بشرته أو يستبين بياض بشرته. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ أَنَّهُ سَأَلَ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ: أَتَعْلَمُ أَحَدًا كَانَ يُحْفِي شَارِبَيْهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ؟ فَقَالَ: لا إِلا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ فَإِنَّهُمَا كَانَا يَفْعَلانِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ الْعُمَرِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُحْفِي شَارِبَهُ حَتَّى تَنْظُرَ إِلَى بَيَاضِ الْجِلْدَةِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَجُزُّ شَارِبَهُ حَتَّى يحفيه ويفشو ذلك في وجهه. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي عُثْمَانَ الْقُرَشِيَّ: هَلْ رَأَيْتَ ابْنَ عُمَرَ يُحْفِي شَارِبَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: أَنْتَ رَأَيْتَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْبَجَلِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يحفي شاربيه. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ قَالَ: كَانَ مَيْمُونٌ يُحْفِي شَارِبَهُ وَيَذْكُرُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُحْفِي شَارِبَهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَارَةَ الْجَرْمِيُّ الرَّقِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ هَاتَيْنِ السَّبْلَتَيْنِ. يَعْنِي مَا طَالَ مِنَ الشَّارِبِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ الريان قال: رأيت ابن عمر قد جَزَّ شَارِبَهُ حَتَّى كَأَنَّمَا قَدْ حَلَقَهُ. وَرَفَعَ إِزَارَهُ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ. قَالَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِمَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ فَقَالَ: صَدَقَ حَبِيبٌ. كَذَلِكَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَزْهَرُ بْنُ سَعْدٍ السَّمَّانُ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَأْخُذُ مِنْ هَذَا وَمِنْ هَذَا. وَأَشَارَ أَزْهَرُ إِلَى شَارِبَيْهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلانَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يُحْفِي شَارِبَهُ أَخِي الْحلق. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ جَعْفَرٍ وَحَفْصٌ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابن عمر يعفي لحيته إلا في حج أو عمرة. قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقْبِضُ عَلَى لِحْيَتِهِ ثُمَّ يَأْخُذُ مَا جَاوَزَ الْقَبْضَةَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقْبِضُ هَكَذَا. وَيَأْخُذُ مَا فَضَلَ عَنِ الْقَبْضَةِ وَيَضَعُ يده عند الذقن. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي الْحَجَّامُ الَّذِي كَانَ يَأْخُذُ مِنْ لِحْيَةِ ابْنِ عُمَرَ مَا فَضَلَ عَنِ الْقَبْضَةِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ اللَّيْثِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ الدَّوْسِيُّ أَنَّهُ رَأَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ نَوْفَلِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ بِالْخَلُوقِ وَرَأَيْتُ فِيَ رِجْلَيْهِ نَعْلَيْنِ فِيهِمَا قِبَالانِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عمر أَنَّهُ كَانَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ الْعُمَرِيُّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يدهن بالخلوق يغير به شيبة. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ بِالصُّفْرَةِ حَتَّى تُمْلأَ ثِيَابُهُ مِنَ الصُّفْرَةِ فَقِيلَ لَهُ: لِمَ تَصْبُغُ بِالصُّفْرَةِ؟ فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصْبُغُ بِهَا. قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ حَكِيمٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يَخْضِبُ بِالصُّفْرَةِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ أَصْفَرَ اللِّحْيَةِ. وَرَأَيْتُهُ مُحَلِّلا أَزْرَارَ قَمِيصِهِ. وَرَأَيْتُهُ وَاضِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرَى. وَرَأَيْتُهُ مُعْتَمًّا قَدْ أَرْسَلَهَا مِنْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ فَمَا أَدْرِي الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ أَطْوَلُ أَوِ الَّذِي خَلْفَهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلَ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ حَتَّى قَدْ رَدَغَ ذَا مِنْهُ. وَأَشَارَ إلى جيب قميصه. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ سَعِيدٍ المقبري عَنِ ابْنِ جُرَيْجِ. يَعْنِي عُبَيْدَ بْنَ جُرَيْجٍ. قُلْتُ لابْنِ عُمَرَ: رَأَيْتُكَ تُصَفِّرُ لِحْيَتَكَ. قَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ. قُلْتُ: وَرَأَيْتُكَ تَلْبَسُ هَذِهِ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ. قَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَلْبَسُهَا وَيَسْتَحِبُّهَا وَيَتَوَضَّأُ فيها. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ الْحَارِثِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَصْبُغُ بِالزَّعْفَرَانِ. فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصْبُغُ بِهِ. أَوْ قَالَ: رأيته أحب الصبغ إليه. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَصْبُغُ لِحْيَتَهُ بِالصُّفْرَةِ حَتَّى تَمْتَلِئَ ثِيَابُهُ مِنَ الصُّفْرَةِ. فَقِيلَ لَهُ: لِمَ تَصْبُغُ بِالصُّفْرَةِ؟ فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصْبُغُ بِهَا وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنَ الصِّبْغِ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْهَا. وَلَقَدْ كَانَ يَصْبُغُ بِهَا ثِيَابَهُ كُلَّهَا حَتَّى عِمَامَتَهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا عُثَيْمُ بْنُ نِسْطَاسٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ. وَرَأَيْتُهُ لا يَزَرُ قَمِيصَهُ. وَرَأَيْتُهُ مَرَّ فَسَهَا أَنْ يُسَلِّمَ فَرَجَعَ فَقَالَ: إِنِّي سَهَوْتُ. السَّلامُ عَلَيْكُمْ. قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ بِخَلُوقِ الْوَرْسِ حَتَّى يَمْلأَ مِنْهُ ثِيَابَهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ رَأَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يُصَفِّرُ بِالْخَلُوقِ وَالزَّعْفَرَانِ لِحْيَتَهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالا: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَطَاءٌ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يُصَفِّرُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو قَطَنٍ عَنِ ابن أَبِي ذِئْبٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ وَنَحْنُ فِي الْكُتَّابِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْبَجَلِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ بِالزَّعْفَرَانِ وَالْوَرْسِ فِيهِ الْمِسْكُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَخْضِبُ بِالصُّفْرَةِ حَتَّى تُرَى الصُّفْرَةُ عَلَى قميصه من لحيته. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ الْعُمَرِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدٍ. يَعْنِي ابْنِ جُرَيْجٍ. أَنَّهُ قَالَ لابْنِ عُمَرَ: أَرَاكَ تُصَفِّرُ لِحْيَتَكَ وَأَرَى النَّاسَ يَصْبُغُونَ وَيُلَوِّنُونَ. فَقَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ الْمُزَنِيُّ عَنْ جَمِيلِ بْنِ زَيْدٍ الطَّائِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي عُثْمَانَ الْقُرَشِيَّ قُلْتُ: رَأَيْتَ ابْنَ عُمَرَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ؟ قَالَ: لَمْ أَرَهْ يُصَفِّرُهَا وَلَكِنِّي قَدْ رَأَيْتُ لِحْيَتَهُ مُصْفَرَّةً لَيْسَتْ بِالشَّدَيدَةِ وَهِيَ يَسِيرَةٌ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلانَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عمر يعفي لحيته إلا في حج أو عُمْرَةٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْعِجْلِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: تَرَكَ ابْنُ عُمَرَ الْحَلْقَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ فَقَصَّرَ نَوَاحِي مُؤَخَّرِ رَأْسِهِ. قَالَ وَكَانَ أَصْلَعَ. قَالَ فَقُلْتُ لِنَافِعٍ: أَفَمِنَ اللِّحْيَةِ؟ قَالَ: كَانَ يَأْخُذُ مِنْ أَطْرَافِهَا. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْعُمَرِيُّ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ لَمْ يَحُجَّ سَنَةً فَضَحَّى بِالْمَدِينَةِ وَحَلَقَ رَأْسَهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ قَالا: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ لَهُ جُمَّةٌ. قَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ فِي حَدِيثِهِ: طَوِيلَةٌ. وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ: جُمَّةٌ مُفْرُوقَةٌ تَضْرِبُ مَنْكِبَيْهِ. قَالَ هِشَامٌ: فَأُتِيَ بِهِ إِلَيْهِ وَهُوَ عَلَى الْمَرْوَةِ فَدَعَانِي فَقَبَّلَنِي. وَأَرَاهُ قَصَّرَ يَوْمَئِذٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَارِقِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ صَلْعَةَ ابْنِ عُمَرَ وهو يطوف بالبيت. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا كَانَ من موعد علي ومعاوية بدومة الجندل مَا كَانَ أَشْفَقَ مُعَاوِيَةُ أَنْ يَخْرُجَ هُوَ وَعَلِيٌّ مِنْهَا. فَجَاءَ مُعَاوِيَةُ يَوْمَئِذٍ عَلَى بُخْتِيٍّ عَظِيمٍ طَوِيلٍ فَقَالَ: وَمَنْ هَذَا الَّذِي يَطْمَعُ فِي هَذَا الأَمْرِ أَوْ يَمُدُّ إِلَيْهِ عُنُقَهُ؟ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَمَا حَدَّثْتُ نَفْسِي بِالدُّنْيَا إِلا يَوْمَئِذٍ فَإِنِّي هَمَمْتُ أَنْ أَقُولَ: يَطْمَعُ فِيهِ مَنْ ضَرْبَكَ وَأَبَاكَ عَلَيْهِ حَتَّى أَدْخَلَكُمَا فِيهِ. ثُمَّ ذَكَرْتُ الجنة ونعيمها وثمارها فأعرضت عنه. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ أَنَّ مُعَاوِيَةَ قَالَ: وَمَنْ أَحَقُّ بِهَذَا الأَمْرِ مِنَّا؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ أَحَقُّ مِنْكَ مَنْ ضَرْبَكَ وَأَبَاكَ عَلَيْهِ. ثُمَّ ذَكَرْتُ مَا فِي الْجِنَّانِ فخشيت أن يكون في ذاك فساد. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: لَمَّا اجْتُمِعَ عَلَى مُعَاوِيَةَ قَامَ فَقَالَ: وَمَنْ كَانَ أَحَقَّ بِهَذَا الأَمْرِ مِنِّي؟ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَتَهَيَّأَتْ أَنْ أَقُومَ فَأَقُولَ أَحَقُّ بِهِ مَنْ ضَرْبَكَ وَأَبَاكَ عَلَى الْكُفْرِ. فَخَشِيتُ أن يظن بي غير الذي بي. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بَعَثَ إِلَى ابْنِ عُمَرَ بِمِائَةِ أَلْفٍ. فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يُبَايِعَ لِيَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ قَالَ: أَرَى ذَاكَ أَرَادَ. إِنَّ دِينِي عِنْدِي إِذًا لَرَخِيصٌ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: لَمَّا بُويِعَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ فَبَلَغَ ذَاكَ ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ: إِنْ كَانَ خَيْرًا رَضِينَا وإن كان بلاء صبرنا. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا نَافِعٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ لَمَّا ابْتَزَّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بِيَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَخَلَعُوهُ دَعَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بَنِيهِ وَجَمَعَهُمْ فَقَالَ: إِنَّا بَايَعْنَا هَذَا الرَّجُلَ عَلَى بَيْعِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: إِنَّ الْغَادِرَ يُنْصَبُ لَهُ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ هَذِهِ غَدْرَةُ فُلانٍ. وَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْغَدْرِ إِلا أَنْ يَكُونَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ أَنْ يُبَايِعَ رَجُلٌ رَجُلا عَلَى بَيْعِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ يَنْكُثَ بَيْعَتَهُ. فَلا يَخْلَعَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ يَزِيدَ وَلا يُسْرِعَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ فِي هَذَا الأَمْرِ فتكون الصيلم بيني وبينه. قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ مُعَاوِيَةُ الْمَدِينَةَ حَلَفَ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيُقْتَلَنَّ ابْنَ عُمَرَ. فَلَمَّا دَنَا مِنْ مَكَّةَ تَلَقَّاهُ النَّاسُ وَتَلَقَّاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ فيمن تلقاه فقال: أيهن مَا جِئْتَنَا بِهِ. جِئْتَنَا لِتَقْتُلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ! قَالَ: وَمَنْ يَقُولُ هَذَا وَمَنْ يقول هذا ومن يقول هذا؟ ثلاثا. قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ مُعَاوِيَةُ الْمَدِينَةَ حَلَفَ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيُقْتَلَنَّ ابْنُ عُمَرَ. قَالَ فَجَعَلَ أَهْلُنَا يَقْدُمُونَ عَلَيْنَا. وَجَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ إِلَى ابْنِ عُمَرَ فَدَخَلا بَيْتًا وَكُنْتُ عَلَى بَابِ الْبَيْتِ. فَجَعَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ يَقُولُ: أَفَتَتْرُكُهُ حَتَّى يَقْتُلَكَ؟ وَاللَّهِ لَوْ لَمْ يَكُنْ إِلا أَنَا وَأَهْلُ بَيْتِي لَقَاتَلْتُهُ دُونَكَ. قَالَ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَفَلا أَصْبِرُ فِي حَرَمِ اللَّهِ؟ قَالَ وَسَمِعْتُ نَجِيَّهُ تِلْكَ اللَّيْلةَ مَرَّتَيْنِ فَلَمَّا دَنَا مُعَاوِيَةُ تَلَقَّاهُ النَّاسُ وَتَلَقَّاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ فَقَالَ: أيهن ما جئتنا به. جئت لِتَقْتُلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ! قَالَ: وَاللَّهِ لا أقتله. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ: لَمَّا أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ كَتَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عُمَرَ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي قَدْ بَايَعْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ عَلَى سُنَّةِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ فِيمَا اسْتَطَعْتُ وَإِنَّ بني قد أقروا بذلك. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلا يُحَدِّثُ مُحَمَّدًا قَالَ: كَانَتْ وَصِيَّةُ عُمَرَ عِنْدَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ. يَعْنِي حَفْصَةَ. فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ صَارَتْ إِلَى ابْنِ عُمَرَ. فَلَمَّا حَضَرَ ابْنُ عُمَرَ جَعَلَهَا إِلَى ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَتَرَكَ سَالِمًا. وَكَانَ النَّاسُ عَنَّفُوهُ بِذَلِكَ. قَالَ فَدَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَلَى الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ. قَالَ فَقَالَ الْحَجَّاجُ: لَقَدْ كُنْتُ هَمَمْتُ أَنْ أَضْرِبَ عُنُقَ ابْنِ عُمَرَ. قَالَ: فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَمَا وَاللَّهِ إِنْ لَوْ فَعَلَتَ لكوَّسك اللَّهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ. رَأْسُكَ أَسْفَلَكَ. قَالَ فَنَكَّسَ الْحَجَّاجُ. قَالَ وَقُلْتُ يَأْمُرُ بِهِ الآنَ. قَالَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَقَالَ: أَيُّ قُرَيْشٍ أَكْرَمُ بَيْتًا. وأخذ في حديث غيره. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سُمَيْرٍ قَالَ: خَطَبَ الْحَجَّاجُ الْفَاسِقُ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: إِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ حَرَّفَ كِتَابَ اللَّهِ. فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: كَذَبْتَ كَذَبْتَ كَذَبْتَ. مَا يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ وَلا أَنْتَ مَعَهُ. فَقَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ: اسْكُتْ فَإِنَّكَ شَيْخٌ قَدْ خَرِفْتَ وَذَهَبَ عَقْلُكَ. يُوشِكُ شَيْخٌ أَنْ يُؤْخَذَ فَتُضْرَبَ عُنُقُهُ فَيُجَرَّ قَدِ انْتَفَخَتْ خُصْيَتَاهُ يَطُوفُ به صبيان أهل البقيع. قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ لَمْ يوص. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَزْهَرُ بْنُ سَعْدٍ السَّمَّانُ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: لَمَّا ثَقُلَ ابْنُ عُمَرَ قَالُوا لَهُ: أَوْصِ. قَالَ: وَمَا أُوصِي؟ قَدْ كُنْتُ أَفْعَلُ فِي الْحَيَاةِ مَا اللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ فَأَمَّا الآنَ فَإِنِّي لا أَجِدُ أَحَدًا أَحَقَّ بِهِ مِنْ هَؤُلاءِ. لا أدخل عليهم في رباعهم أحدا. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ اشْتَكَى فَذَكَرُوا لَهُ الْوَصِيَّةَ فَقَالَ: اللَّهُ أَعْلَمُ مَا كُنْتُ أَصْنَعُ فِي مَالِي. وَأَمَّا رِبَاعِيِّ وَأَرْضِي فَإِنِّي لا أُحِبُّ أن أشرك مع ولدي فيها أحدا. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ لا تَجْعَلْ مَنِيَّتِي بمكة. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالا: أَخْبَرَنَا فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ مَوْلًى لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ مَوْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ فَقَالَ: أَصَابَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ بِزُجِّهِ فِي رِجْلِهِ. قَالَ فَأَتَاهُ الْحَجَّاجُ يَعُودُهُ فَقَالَ: لَوْ أَعْلَمُ الَّذِي أَصَابَكَ لَضَرَبْتُ عُنُقَهُ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَنْتَ الَّذِي أَصَبْتَنِي. قَالَ: كَيْفَ؟ قَالَ: يَوْمَ أَدْخَلْتَ حَرَمَ اللَّهِ السلاح. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَيَّاشٌ الْعَامِرِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: لَمَّا أَصَابَ ابْنَ عُمَرَ الْخَبْلُ الَّذِي أَصَابَهُ بِمَكَّةَ فَرُمِيَ حَتَّى أَصَابَ الأَرْضَ فَخَافَ أَنْ يَمْنَعَهُ الأَلَمُ فَقَالَ: يَا ابْنَ أُمِّ الدَّهْمَاءِ اقْضِ بِيَ الْمَنَاسِكَ. فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعُهُ بَلَغَ الْحَجَّاجَ فَأَتَاهُ يَعُودُهُ فَجَعَلَ يَقُولُ: لَوْ أَعْلَمُ مَنْ أَصَابَكَ لَفَعَلْتُ وَفَعَلْتُ. فَلَمَّا أَكْثَرَ عَلَيْهِ قَالَ: أَنْتَ أَصَبْتَنِي. حَمَلْتَ السِّلاحَ فِي يَوْمٍ لا يُحْمَلُ فِيهِ السِّلاحُ. فَلَمَّا خَرَجَ الْحَجَّاجُ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: مَا آسَى مِنَ الدُّنْيَا إِلا عَلَى ثلاث: ظمء الْهَوَاجِرِ وَمُكَابَدَةِ اللَّيْلِ وَأَلا أَكُونَ قَاتَلْتُ هَذِهِ الفئة الباغية التي حلت بنا. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْذِ اللَّهِ شَيْخًا مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ يُحَدِّثُ قَالَ: لَمَّا أُصِيبَتْ رِجْلُ ابْنِ عُمَرَ أَتَاهُ الْحَجَّاجُ يَعُودُهُ فَدَخَلَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَهُوَ عَلَى فِرَاشِهِ. فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلامَ. فَقَالَ الْحَجَّاجُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ هَلْ تَدْرِي مَنْ أَصَابَ رِجْلَكَ؟ قَالَ: لا. قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَوْ عَلِمْتُ مَنْ أَصَابَكَ لَقَتَلْتُهُ. فَأَطْرَقَ ابْنُ عُمَرَ فَجَعَلَ لا يُكَلِّمُهُ وَلا يَلْتَفِتُ إِلَيْهِ. فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الْحَجَّاجُ وَثَبَ كَالْمُغْضَبِ فَخَرَجَ يَمْشِي مُسْرِعًا حَتَّى إِذَا كَانَ فِي صَحْنِ الدَّارِ الْتَفَتَ إِلَى مَنْ خَلْفَهُ فَقَالَ: إِنَّ هَذَا يَزْعُمُ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ نَأْخُذَ بِالْعَهْدِ الأَوَّلِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدٍ. يَعْنِي أَبَاهُ. قَالَ: دَخَلَ الْحَجَّاجُ يَعُودُ ابْنَ عُمَرَ وَعِنْدَهُ سَعِيدٌ. يَعْنِي سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ. وَقَدْ أَصَابَ رِجْلَهُ. قَالَ: كَيْفَ تَجِدُكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ أَمَا إِنَّا لَوْ نَعْلَمُ مَنْ أَصَابَكَ عَاقَبْنَاهُ. فَهَلْ تَدْرِي مَنْ أَصَابَكَ؟ قَالَ: أَصَابَنِي مَنْ أَمَرَ بِحَمْلِ السِّلاحِ فِي الْحَرَمِ لا يَحِلُّ فِيهِ حَمَلُهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَشْرَسُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: سَأَلْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَمَّا أَصَابَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ مِنْ جِرَاحَتِهِ فَقَالَ سَالِمٌ: قُلْتُ يَا أَبَتِ مَا هَذَا الدَّمُ يَسِيلُ عَلَى كَتِفِ النَّجِيبَةِ؟ فَقَالَ: مَا شَعَرْتُ بِهِ فَأَنِخْ. فَأَنَخْتُ فَنَزَعَ رِجْلَهُ مِنَ الْغَرْزِ وَقَدْ لَزِقَتْ قَدَمُهُ بِالْغَرْزِ فَقَالَ: مَا شَعَرْتُ بِمَا أصابني. قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هَادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: قُلْتُ لِنَافِعٍ: مَا كَانَ بَدْءُ مَوْتِ ابْنِ عُمَرَ؟ قَالَ: أَصَابَتْهُ عَارَضَةُ مَحْمَلٍ بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِهِ عِنْدَ الْجَمْرَةِ فِي الزِّحَامِ فَمَرِضَ. قَالَ فَأَتَاهُ الْحَجَّاجُ يَعُودُهُ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ فَرَآهُ غَمَّضَ ابْنُ عُمَرَ عَيْنَيْهِ. قَالَ فَكَلَّمَهُ الْحَجَّاجُ. فَلَمْ يُكَلِّمْهُ. قَالَ فَقَالَ لَهُ: مَنْ ضَرَبَكَ؟ مَنْ تَتَّهِمُ؟ قَالَ: فَلَمْ يُكَلِّمْهُ ابْنُ عُمَرَ. فَخَرَجَ الْحَجَّاجُ فَقَالَ: إِنَّ هَذَا يَقُولُ إِنِّي على الضرب الأول. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ سِيَاهٍ قَالَ: حَدَّثَنِي حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ: بَلَغَنِي عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ قَالَ: مَا أَجِدُنِي آسَى عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا إِلا أَنِّي لَمْ أُقَاتِلِ الْفِئَةَ الْبَاغِيَةَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَوْصَى رَجُلا أن يغسله فجعل يدلكه بالمسك. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عبد الله قَالَ: مَاتَ ابْنُ عُمَرَ بِمَكَّةَ وَدُفِنَ بِفَخٍّ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ. وَكَانَ يَوْمَ مَاتَ ابْنَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ سنة ثلاث وَسَبْعِينَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ زُجُّ رُمْحِ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ الْحَجَّاجِ قَدْ أَصَابَ رِجْلَ ابْنِ عُمَرَ فَانْدَمَلَ الْجُرْحُ. فلما صدر الناس انتقض عَلَى ابْنِ عُمَرَ جُرْحُهُ. فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ دَخَلَ الْحَجَّاجُ عَلَيْهِ يَعُودُهُ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ. الَّذِي أَصَابَكَ مَنْ هُوَ؟ قَالَ: أَنْتَ قَتَلْتَنِي. قَالَ: وَفِيمَ؟ قَالَ: حَمَلْتَ السِّلاحَ فِي حَرَمِ اللَّهِ فَأَصَابَنِي بَعْضُ أَصْحَابِكَ. فَلَمَّا حَضَرَتِ ابْنَ عُمَرَ الْوَفَاةُ أَوْصَى أَنْ لا يُدْفَنَ فِي الْحَرَمِ وَأَنْ يُدْفَنَ خَارِجًا مِنَ الْحَرَمِ. فَغُلِبَ فَدُفِنَ فِي الْحَرَمِ وَصَلَّى عَلَيْهِ الحجاج. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي شُرَحْبِيلُ بْنُ أَبِي عَوْنٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ ابْنَ عُمَرَ عِنْدَ الْمَوْتِ لِسَالِمٍ: يَا بُنَيَّ إِنْ أَنَا مِتُّ فَادْفِنِّي خَارِجًا مِنَ الْحَرَمِ فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُدْفَنَ فِيهِ بَعْدَ أَنْ خَرَجْتُ مِنْهُ مُهَاجِرًا. فَقَالَ: يَا أَبَتِ إِنْ قَدِرْنَا عَلَى ذَلِكَ. فَقَالَ: تَسْمَعُنِي أَقُولُ لَكَ وَتَقُولُ إِنْ قَدِرْنَا عَلَى ذَلِكَ؟ قَالَ: أَقُولُ الْحَجَّاجُ يَغْلِبُنَا فَيُصَلِّي عَلَيْكَ. قَالَ فَسَكَتَ ابن عمر. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ قَالَ: أَوْصَانِي أَبِي أَنْ أَدْفِنَهُ خَارِجًا مِنَ الْحَرَمِ فَلَمْ نَقْدِرْ فَدَفَنَّاهُ فِي الْحَرَمِ بِفَخٍّ فِي مقبرة المهاجرين. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عبد الله بن عمر عن نافع قال: لَمَّا صَدَرَ النَّاسُ وَنُزِلَ بِابْنِ عُمَرَ أَوْصَى عِنْدَ الْمَوْتِ أَنْ لا يُدْفَنَ فِي الْحَرَمِ. فَلَمْ يُقْدَرْ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْحَجَّاجِ. فَدَفَنَّاهُ بِفَخٍّ فِي مَقْبَرَةِ الْمُهَاجِرِينَ نَحْوَ ذِي طُوًى. وَمَاتَ بِمَكَّةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ.
عبد الله بن عمر، ذكر المقعدين وابنهما
س: عبد الله بن عمر ذكر المقعدين وابنهما.
(2143) أخبرنا أبو موسى بن أبي بكر المديني، كتابة، قال: أخبرنا محمد بن عمر بن هارون، عن كتاب أبي بكر بن ثابت، حدثنا أبو محمد بن رامين الأسترأباذي إملاء، حدثنا أبو بكر الإسماعيلي، حدثنا عياش بن محمد الجوهري، حدثنا داود بن رشيد، أخبرنا عبد الله بن جعفر، عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر قال: كان بمكة مقعدان، وكان لهما ابن يحملهما غدوة فيأتي بهما المسجد، فيضعهما فيه، فيكتسب عليهما، فإذا أمسيا احتملهما فأقلبهما، ففقده النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عنه، فقالوا: مات، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لو ترك أحد لأحد لترك ابن المقعدين "، ثم كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كثيرا يقول ذلك.
أخرجه أبو موسى عياش: بالياء تحتها نقطتان، وآخره شين معجمة.
عبد الله بن عمر ويعد من أهل الْحجاز قَالَ بَعضهم ابْن الْعَاصِ وَلَا يَصح
روى عَن عبد الله بن السَّائِب فِي الصَّلَاة
روى عَنهُ أَبُو سَلمَة بن سُفْيَان
عبد اللَّهِ بْنَ عُمَرَ
- عبد اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بْنِ حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ بن عمر بن الخطاب. وأمه فاطمة بنت عمر بن عاصم بن عمر بن الخطاب. فولد عبد الله بن عمر: القاسم. وأم عمر. وأم عاصم. وأمهم حفصة بنت أَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. وروى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ عَنْ نَافِعٍ رواية كثيرة. وبقي حتى لقيه الناس والأحداث. وخرج عبد الله بن عمر مع محمد بن عبد الله بن حسن. فلم يزل معه حتى انقضى أمره وقتل. واستخفى عبد الله بن عمر. ثم طلب فوجد فأتى به أبو جعفر المنصور فأمر بحبسه فحبس في المطبق سنتين. ثم دعا به فقال: ألم أفضلك وأكرمك ثم تخرج علي مع الكذاب؟ فقال: يا أمير المؤمنين. وقعنا في أمر لم نعرف له وجها والفتنة بعد. فإن رأى أمير المؤمنين أن يعفو ويصفح ويحفظ في عمر بن الخطاب فليفعل فتركه وخلى سبيله. وكان عبد الله بن عمر يكنى أبا القاسم فتركها وقال: لا أكتني بكنية رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إعظاما لها. واكتنى أبا عبد الرحمن. فكانت كنيته حتى مات. وتوفي بالمدينة سنة إحدى أو اثنتين وسبعين ومائة في أول خلافة هارون بن محمد. قَالَ: وإنما كتبناه في هذه الطبقة لأنا ألحقناه بأخيه عبيد الله بن عمر وإن كان أسن منه. وكان كثير الحديث يستضعف.
- عبد الله بن عمر بن الخطاب. حدثنا خليفة قال: حدثنا أمية بن خالد عن العمري عن نافع, في حديث ذكره, أن ابن عمر قدم على أبي موسى البصرة.
عَبْد اللَّه بْن عُمَر هو عَبْد اللَّه بْن أَبِي كبشة بْن سعد الأنماري
(2) عَنْ أَبِيه، روى عَنْهُ حبيب (3) ، ويُقَالُ لأَبِي كبشة أيضا سعد بْن عُمَر.
ومنهم أبو عبد الرحمن
عبد الله بن عمر
بن الخطاب: توفي بمكة سنة أربع أو ثلاث، وقيل اثنتين وسبعين، وهو ابن أربع وثمانين سنة. قال
ابن سيرين: كانوا يرون أعلم الناس بالمناسك ابن عمر بعد ابن عفان. وقال أبو إسحاق الهمداني: كنا عند ابن أبي ليلى في بيته فجاءه أبو سلمة ابن عبد الرحمن فقال: عمر كان عندكم أفضل أم ابنه؟ قالوا: لا بل عمر، فقال أبو سلمة: إن عمر كان في زمانه له فيه نظراء، وإن ابن عمر كان في زمانه ليس له فيه نظير. وقال مالك: أقام ابن عمر بعد النبي صلى الله عليه وسلم ستين سنة يفتي الناس في الموسم، وكان من أئمة الدين.
عَبد الله بن عُمَر شيخ مجهول خراساني.
يحدث عن الليث بن سعد بمناكير ويحدث عنه زهير بن عباد.
حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ موسى العكي، حَدَّثَنا زُهَيْرُ بْنُ عَبَّادٍ، حَدَّثَنا عَبد الله بن عُمَر
الخراساني، حَدَّثَنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَال رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ مَنْ أَكَلَ فُولَةً بِقِشْرِهَا أَخْرَجَ اللَّهُ مِنْهُ مِنَ الدَّاءِ مِثْلَهَا.
وهذا حديث باطل لا يَرْوِيهِ غَيرَ عَبد اللَّهِ بْنِ عُمَر الخراساني هذا، ولاَ يرويه عنه غير زهير.
حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بن عَبد الغفار الأزدي، حَدَّثَنا زُهَيْرُ بْنُ عَبَّادٍ، حَدَّثَنا عَبد اللَّهِ بْنُ عُمَر الْخُرَاسَانِيُّ عَنْ لَيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَإِذَا أَنَا بِقَصْرٍ مِنْ ذَهَبٍ وَدُرٍّ وَيَاقُوتٍ فَقُلْتُ لِمَنْ هَذَا فَقَالُوا لِلْخَلِيفَةِ مِنْ بَعْدِكَ الْمَقْتُولِ ظُلْمًا عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانٍ.
قال الشَّيْخُ: وَهَذَا أَيضًا بَاطِلٌ بِهَذَا الإسناد يرويه هذا الخراساني، ولاَ يرويه عنه غير زهير.
عبد الله بن عمر:
روى عن: أبي الزناد.
وروى عنه: بقيَّة بن الوليد.
قال الدارقطني في العلل (9/ 199 رقم 1718): "روى بقيَّة ابن الوليد عن شيخ له مجهول، سمّاه عبد الله بن عمر، قال بعضهم عبد الله بن عمر بن أنفع الحميري، عن أبي الزناد، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا نكاح إلا بإذن الرجل والمرأة".
لكن سأل ابنُ أبي حاتم أباه عن هذا الحديث في العلل (1/ 414 رقم 1242)، فنسبه عبد الله بن عمر العُمري، ونقل عن أبيه أنه قال عن الحديث: "هذا حديث منكر".
فإن كان هو عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم العُمري، فهو ضعيف من رجال (التهذيب).

محمد بن اسحاق بن يسار بن خيار

محمد بن إسحاق بن يسار بن خيار، وقيل: ابن يسار بن كوتان المديني، مولى قيس بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف:
قال الشيخ أبو بكر: لم أر في جملة المحمدين الذين كانوا في مدينة السّلام من أهلها الواردين إليها أكبر سنا أو أعلى إسنادا وأقدم موتا منه، ولهذه الأسباب المجتمعة فيه افتتحت كتابي بتسميته، وأتبعته بمن لحق به من أهل ترجمته، ولولا ذلك لكان أولى الأشياء تقديم ترجمة محمد بن أحمد على ما عداها من الأسماء، اقتداء بما رسمه أئمة شيوخنا، والله ولي عصمتنا وتوفيقنا.
ومحمد بن إسحاق، يكنى: أبا بكر. وقيل: أبا عبد الله، وله أخوان هما: أبو بكر وعمر ابنا إسحاق.
رأى محمد: أنس بن مالك، وسعيد بن المسيب، وسمع القاسم بْن مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر الصديق، وأبان بن عثمان بن عفان، ومُحَمَّد بن علي بن الْحُسَيْن بن علي بن أبي طالب، وأبا سلمة بْن عَبْد الرحمن، بْن عوف، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج، ونافعا مولى عبد الله بن عمر، ومحمد بن مسلم بن شهاب الأزهري، وغيرهم. وكان عالما بالسير والمغازي وأيام الناس، وأخبار المبتدأ، وقصص الأنبياء، وحدث عنه أئمة العلماء منهم: يحيى بن سعيد الأنصاري، وسفيان بن سعيد الثوري، وابن جريج، وشعبة بن الحجاج. وجرير بن حازم، والحمادان ابن سلمة وابن زيد، وإبراهيم بن سعد الزهري، وشريك بن عبد الله النخعي، وسفيان بن عيينة، ومن بعدهم. وكان ابن إسحاق قدم بغداد فنزلها حتى مات بها، ودفن بمقبرة الخيزران في الجانب الشرقي منها. وقد احتج بروايته في الإحكام قوم من أهل العلم، وصدف عنها آخرون. وأنا ذاكر ما حفظت من قول العلماء في عدالته، واختلافهم في الاحتجاج بروايته، والمشهور من تاريخ وفاته بعون الله ومشيئته.
أَخْبَرَنَا أبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل بْن شاذان الصيرفِي بنيسابور قَالَ:
سمعتُ أَبَا الْعَبَّاس مُحَمَّد بْن يعقوب الأصم يقول: سمعت العباس بْن مُحَمَّد الدوري يقول: سمعت يحيى بن معين، يقول: محمد بن إسحاق مولى قيس بن مخرمة.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن علي البزاز قال: نا عُمَر بن مُحَمَّد بن سيف الكاتب قَالَ: نا محمد بن العباس اليزيدي قَالَ: حَدَّثَنِي أبو جعفر أحمد بن محمد الزّيدي عميّ قال: أنبأنا مؤرج بن عمرو أبو فيد السدوسي، قَالَ: ومحمد بن إسحاق صاحب السيرة مولى لبني قيس بن مخرمة بن المطلب.
أَخْبَرَنَا محمد بن الحسين بن الفضل القطان قال: أنبأنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دَرَسْتَوَيْهِ النَّحْوِيُّ قال: نا يعقوب بن سفيان، قال: محمد بن إسحاق بن يسار صاحب السيرة مولى فارسي.
حَدَّثَنِي أبو القاسم الأزهري قَالَ: نا محمّد بن العبّاس الخزّاز قال: نا بدر بن الهيثم القاضي إملاء، قَالَ: محمد بن إسحاق، قالوا: هو محمد بن إسحاق بن يسار بن كوثان. وله أخ يقال له: عمر بن إسحاق، وموسى بن يسار الذي يروي عن أبي هريرة عمهما.
أخبرنا عبيد الله بن أبي الفتح الفارسي قال: أنبأنا أبو الحسن الدارقطني، قَالَ: وابن إسحاق صاحب المغازي هو محمّد بن يسار بن خيار، وكان خيار لقيس بن مخرمة ابن المطلب بن عبد مناف، قَالَ ذلك الهيثم بن عدي وأبو الحسن المدائني.
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ علي الصيمري قال: نبأنا على بن الحسين الورّاق الرّازيّ قال: نبأنا محمّد بن الحسين الزعفراني قال: نبأنا أحمد بن زهير قال نبأنا مصعب بن عبد الله، قَالَ: يسار مولى عبد الله بن قيس بن مخرمة بن المطلب، جد محمد بن إسحاق صاحب المغازي من سبي عين النّمر، وهو أول سبي دخل المدينة من العراق .
الاختلاف في كنية ابن إسحاق:
أَخْبَرَنَا أبو الحسين على بن بشران المعدّل قال: أنبأنا عثمان بن أحمد الدّقّاق قرئ على أبي الحسن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن البراء وأنا حاضر ح وأَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ مَنْصُورُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ أَحْمَدَ الزهري الخطيب بالدينور قال: أنبأنا علي بن أحمد بن علي بن راشد قال: أنبأنا أحمد بن يحيى بن الجارود قالا: قَالَ على بن المديني: محمّد بن إسحاق ابن يسار يكنى أبا بكر .
أَخْبَرَنَا ابن الفضل القطّان قال نا على بن إبراهيم المستملي قال: نا أبو أحمد محمد بن سليمان بن فارس الدلال قال: نا محمّد بن إسماعيل البخاريّ، قال محمّد ابن إسحاق مديني كنيته أبو بَكْر.
أَخْبَرَنَا أَبُو حازم عُمَر بْن أَحْمَد بْنُ إِبْرَاهِيم العبدوي بنيسابور قَالَ: سمعتُ مُحَمَّد ابن عبد الله الجوزقي يقول: أنبأنا مكي بن عبدان قَالَ: سمعت مسلم بن الحجاج، يقول: محمد بن إسحاق بن يسار أبو بكر.
أخبرنا الحسين بن على الجوهريّ قال: أنبأنا محمّد بن العبّاس الخزّاز قال: أنبأنا أحمد بن جعفر بن محمد بن المنادي، قَالَ: محمد بن إسحاق بن يسار أبو بكر.
أَخْبَرَنَا أبو سعيد الحسن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن حسنويه الكاتب بأصبهان قال:
أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بن جعفر بن حيّان قال: نبأنا عمر بن أحمد الأهوازي ثم أَخْبَرَنَا محمد بن أبي على الأصبهانيّ ببغداد قال: أنبأنا محمّد بن أحمد
ابن إسحاق الشاهد بالأهواز قال: نا عمر بن أحمد قال: نا خليفة بن خياط، قَالَ:
محمد بن إسحاق بن يسار يكنى أبا عبد الله.
أَخْبَرَنَا ابن بشران قال: أنبأنا الحسين بن صفوان البرذعيّ قال: نا عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا قال: نا محمد بن سعد، قَالَ: محمد بن إسحاق بن يسار يكنى أبا عبد الله.
أَخْبَرَنِي أبو القاسم الأزهري قال: نا عبد الرّحمن بن عمر الخلّال قال: نا محمد ابن أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوب بن شيبه قَالَ: نا جدي، قَالَ: محمد بن إسحاق بن يسار يكنى أبا عبد الله.
تسمية قدماء شيوخ ابن إسحاق الذين أدركهم وبعض حكاياته عنهم:
أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الله بن مهدي البزاز إجازة قَالَ:
أنبأنا محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة ثم أخبرني الأزهري قراءة قال نا عبد الرّحمن بن عمر الخلّال قال: نا محمّد بن أحمد بن يعقوب قال نا جدي قَالَ حَدَّثَنِي إسحاق بن إبراهيم ختن سلمة: قال نا سلمة، قَالَ: حَدَّثَنِي محمد بن إسحاق قَالَ:
رأيت أنس بن مالك عليه عمامة سوداء، والصبيان يشتدون ويقولون: هذا رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يموت حتى يلقى الدجال .
أخبرنا عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن الدَّقَّاق قَالَ: قرأنا على الْحُسَيْن بن هارون الضبي عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سَعِيدٍ قال: نا أحمد بن زهير قال: نا أبو داود المباركي قال نا أبو شهاب، قَالَ: قيل لمحمد بن إسحاق: أدركت سعيد بن المسيب؟
قَالَ: أدركته وأنا غلام.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن رزق البزّار قال: أنبأنا أحمد بن سلمان النجاد وَأَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ السكري قال: أنبأنا محمّد ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الشَّافِعِيُّ، قَالا: حَدَّثَنَا جعفر بن مُحَمَّد بن الأزهر قال: نا ابْن الغلابي قَالَ: سألت يَحْيَى بْن معين عن محمد بن إسحاق فقال: كان ثقة، وكان حسن الحديث. فقلت: إنهم يزعمون أنه رأى سعيد بن المسيب. فقال: إنه لقديم .
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيد الصيرفي قَالَ: سمعتُ أَبَا الْعَبَّاس محمد بن يعقوب الأصم يقول سمعت العباس بْن مُحَمَّد الدوري يقول سمعت يحيى بن معين يقول: قد سمع محمّد ابن إسحاق من أبان بن عثمان، وسمع من عطاء، وسمع من أبي سلمة بن عبد الرحمن، وسمع أيضا من القاسم بن محمد.
قال [الشيخ الحافظ أبو بكر قَالَ ] لنا أبو سعيد في موضع آخر: سمعت الأصم يقول: سمعت العباس يقول: سمعت يحيى يقول: قد سمع محمد بن إسحاق من القاسم بن محمد، وسمع من مكحول، وسمع من عبد الرحمن بن الأسود .
أَخْبَرَنِي عبد الله بن يحيى السكري قَالَ: أنبأنا أبو بكر الشّافعيّ قال: نا جعفر بن محمّد بن الأزهر قال: نا ابن الغلّابي قال نا يحيى بن معين قال: نبأنا سلمة بن الفضل الأبرش، قَالَ: حَدَّثَنِي محمد بن إسحاق قَالَ: رأيت سالم بن عبد الله بن عمر يلبس الصوف، وكان علج الخلق يعالج بيديه ويعمل.
أَخْبَرَنَا أبو سعيد الصّيرفيّ قال: نا محمّد بن يعقوب الأصم قال: نا عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن حنبل قَالَ: نا أبي قال نا إسحاق بن إبراهيم الرّازيّ قال: نبأنا سلمة بن الفضل، قَالَ: حَدَّثَنِي محمد بن إسحاق قَالَ رأيت أبا سلمة بن عبد الرحمن يأخذ بيد الصبي من الكتاب، فيذهب به إلى البيت فيملي عليه الحديث يكتب له.
مناقب ابن إسحاق ومعرفة حاله:
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن شاذة الأصبهانيّ بها قال نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حيّان قال: حدّثني حمويه بن أبي شداد قَالَ سمعت إبراهيم بن الحسين قال: سمعت على بن المديني يقول.
وَأَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن عَلَّان الشروطي قَالَ: نبأنا أبو الفتح محمّد ابن الحسين الأزدي الحافظ قَالَ حَدَّثَنِي هارون بن عيسى قال نبأنا أبو قلابة عبد الملك ابن محمّد قال سمعت على بن المديني، يقول: مدار حديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ستة، فذكرهم. ثم قَالَ: فصار علم الستة عند اثني عشر أحدهم ابن إسحاق ، هذا لفظ حديث الأصبهاني وحديث الشروطي بمعناه غير أنه قَالَ: ثلاثة عشر أحدهم ابن إسحاق.
أخبرنا ابن بشران قال أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْمِصْرِيُّ قَالَ: نبأنا عبد الله بن أبي مريم قال نبأنا نعيم بن حمّاد قال: أنبأنا سفيان بن عيينة. قَالَ: رأيت الزهري أتاه محمّد بن إسحاق فاستبطأه، قال له : أين كنت؟ فقال له محمد بن إسحاق: وهل يصل إليك أحد مع حاجبك؟ قَالَ فدعا حاجبه، فقال له: لا تحجبه إذا جاء .
قَالَ ابن عيينة قَالَ أبو بكر الهذلي سمعت الزهري يقول: لا يزال بالمدينة علم جم ما كان فيهم ابن إسحاق .
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أحمد بن غالب الخوارزمي البرقاني قَالَ:
قَرَأْتُ: عَلَى أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ حَمْدَانَ حدثكم تميم بن محمّد قال: نا أبو كريب قال نا ابن إدريس عن سفيان بن عيينة قَالَ: قال الأزهري لا يزال بالمدينة علم ما بقي- وذكر ابن إسحاق.
أَخْبَرَنَا علي بن أحمد بن عمر المقرئ قال: أنبأنا محمد بن عبد الله الشافعي أن معاذ بن المثنى حدّثهم قال: نبأنا على بن المديني قَالَ سمعت سفيان يقول: قَالَ ابن شهاب- وسئل عن مغازيه- فقال: هذا أعلم الناس بها- يعني ابن إسحاق.
أَخْبَرَنِي الأزهري قال: نبأنا محمّد بن العبّاس الخزّاز قال: أنبأنا إبراهيم بن محمّد ابن أحمد الفشني- قدم علينا- قال: نبأنا أبو الفضل العباس بن عزير القطان المروزي قَالَ: حَدَّثَنَا حرملة بْن يَحْيَى التجيبي قَالَ: سمعت مُحَمَّد بْن إدريس الشافعي، يقول:
من أراد أن يتبحر في المغازي فهو عيال على محمد بن إسحاق.
أَخْبَرَنَا الصيمري قَالَ: نبأنا على بن الحسن الرّازيّ قال: نبأنا محمّد بن الحسين الزعفراني قال: نبأنا أحمد بن زهير قَالَ: سألت يَحْيَى بْن معين عَن مُحَمَّد بْن إسحاق؟ فقال: قَالَ عاصم بن عمر بن قتادة: لا يزال في الناس علم ما عاش محمّد ابن إسحاق .
وَقَالَ أحمد بن زهير حَدَّثَنَا هارون بن معروف قَالَ: سمعت أبا معاوية يقول:
كان ابن إسحاق من أحفظ الناس، وكان إذا كان عند الرجل خمسة
أحاديث أو أكثر جاء فاستودعها محمد بن إسحاق، وَقَالَ: احفظها علي فإن نسيتها كنت قد حفظتها على .
أخبرنا الحسن بن الجوهريّ قال أنبأنا محمد بن العباس الخزاز قال: أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بن محمد الزهري قال: نبأنا أحمد بن سعد الزهري.
وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِم هِبَةُ اللَّه بْن الْحَسَن بْن مَنْصُور الطبري قال أنبأنا عبد الرّحمن ابن عمر قال: أنبأنا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أبي سعيد قَالَ: نبأنا أحمد بن سعد قال: نبأنا ابن نفيل قال: نبأنا عبد الله بن فائد قَالَ: كنا إذا جلسنا إلى محمد بن إسحاق فأخذ في فن من العلم، قضى مجلسه في ذلك الفن .
أَخْبَرَنَا أبو محمد عبيد الله بن الحسين بن نصر العطار قال: نبأنا على بن عمر الحافظ قال: نبأنا يزداد بن عبد الرّحمن الكاتب قال: نبأنا عبد الله بن شبيب قَالَ:
حَدَّثَنِي إبراهيم بن يحيى بن محمّد بن هاني الشجري عن أبيه، قَالَ: لما أراد محمد ابن إسحاق الخروج إلى العراق قَالَ له رجل من أصحابه: إني أحسب السفر غدا خسيسة يا أبا عبد الله. وكان ابن إسحاق قد رق فقال ابن إسحاق: والله ما أخلاقنا بخسيسة ولربما قصر الدهر باع الكريم.
أَخْبَرَنَا أبو بكر البرقانيّ قال: أنبأنا أبو أحمد الحسين بن علي التميمي قَالَ: أنبأنا أبو عوانة يعقوب بن إسحاق قال: نبأنا عبد الملك بن عبد الحميد بن ميمون بن مهران أبو الحسن الميموني قال: نبأنا أَبُو عبد اللَّه- يعني أَحْمَد بْن حنبل- بحديث استحسنه عن محمد بن إسحاق، فقلت له: يا أبا عبد الله ما أحسن هذه القصص التي يجيء بها ابن إسحاق؟ فتبسم إلى متعجبا .
أَخْبَرَنَا الأزهري قال: نبأنا عبيد اللَّه بْن عثمان بْن يحيى قَالَ: سمعت حامدا أبا علي الهروي يقول: سمعت الحسن بن محمد المؤدب قَالَ: سمعت عمارا يقول:
دخل محمد بن إسحاق على المهدي وبين يديه ابنه فقال له: أتعرف هذا يا ابن إسحاق؟ قَالَ: نعم هذا ابن أمير المؤمنين، قَالَ: اذهب فصنف له كتابا منذ خلق الله تعالى آدم عليه السلام إلى يومك هذا. قَالَ: فذهب فصنف له هذا الكتاب. فقال
له: لقد طولته يا ابن إسحاق اذهب فاختصره. قَالَ: فذهب فاختصره فهو هذا الكتاب المختصر، وألقى الكتاب الكبير في خزانة أمير المؤمنين قَالَ الحسن وسمعت أبا الهيثم يقول: صنف محمد بن إسحاق هذا الكتاب في القراطيس ثم صير القراطيس لسلمة- يعني ابن الفضل- فكانت تفضل رواية سلمة على رواية غيره لحال تلك القراطيس.
قال الشيخ أبو بكر: هكذا قَالَ هذا الراوي دخل ابن إسحاق على المهدي وبين يديه ابنه وفي ذلك عندي نظر، ولعله أراد أن يقول: دخل على المنصور وبين يديه المهديّ ابنه لأنه ذلك أشبه بالصواب والله أعلم.
أَخْبَرَنَا البرقاني قال: أنبأنا أبو عبد الله محمد بن الحسن السراجي السروي قال:
أنبأنا عبد الرّحمن بن أبي حاتم قال: نبأنا صالح بن أحمد قال: نبأنا علي قَالَ:
سمعت سفيان- وسئل عن محمد بن إسحاق- قيل له: لم يرو أهل المدينة عنه. قَالَ سفيان: جالست ابن إسحاق منذ بضع وسبعين سنة وما يتهمه أحد من أهل المدينة ولا يقول فيه شيئا. قلت لسفيان: كان ابن إسحاق جالس فاطمة بنت المنذر؟ فقال:
أَخْبَرَنِي ابن إسحاق أنها حدثته وأنه دخل عليها .
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بن الحسن الحرشي قال: نبأنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال نبأنا أَبُو زُرْعَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو بِدِمَشْقَ قال: نبأنا أحمد بن خالد الوهبي قال: نبأنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: سَمِعْتُ امْرَأَةً وَهِيَ تَسْأَلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: إِنَّ لِي ضَرَّةً وَإِنِّي أَسْتَشْبِعُ من زوجي بما لم يعطينيه لأَغِيظَهَا بِذَلِكَ. قَالَ: «الْمُسْتَشْبِعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كلابس ثوبي زور» .
قال المؤلف : فاطمة بنت المنذر هي زوجة هشام بن عروة بن الزبير؛ وكان هشام ينكر على ابن إسحاق روايته عنها. ويقول: لقد دخلت بها وهي بنت تسع سنين وما رآها مخلوق حتى لحقت بالله عز وجل.
أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إسحاق الحافظ بأصبهان قال: نا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ قال: نا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قَالَ: نا على بن المديني قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْن سَعِيد يَقُولُ: سألت هشام بن عروة عن محمّد ابن إسحاق فقلت: كان يدخل على فاطمة بنت المنذر؟ فقال: وهو كان يصل إليها؟
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّد بْنُ مُحَمَّد بْنِ عُثْمَانَ السواق قال: أنبأنا عيسى بن حامد الرخجي قال: نبأنا هيثم بن خلف الدوري قال: نبأنا أحمد بن إبراهيم قال: نبأنا أبو داود صاحب الطيالسة قَالَ: حَدَّثَنِي من سمع هشام بن عروة وقيل له إن ابن إسحاق يحدث بكذا وكذا عن فاطمة. فقال: كذب الخبيث.
أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن طلحة بْن مُحَمَّد الْمُقْرِئ قال: أنبأنا أبو الفتح محمد بن إبراهيم الطرسوسي قَالَ: أنبأنا محمّد بن داود الكرجي قال نبأنا عبد الرحمن بن يوسف بن خراش قَالَ: وروى يحيى عن سعيد القطان قَالَ: سمعت هشام بن عروة وذكر محمّد ابن إسحاق، فقال: ألعدو الله الكذاب يروي عن امرأتي من أين رآها؟
أخبرنا الحسن بن أبي بكر قال: أنبأنا أبو بكر بن خلاد قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْن سَعِيد يَقُولُ سَمِعْتُ هشام بن عروة، يقول: يحدث ابن إسحاق عن امرأتي فاطمة بنت المنذر، والله إن رآها قط. قَالَ عبد الله بن أحمد: فحدثت أبي بحديث ابن إسحاق فقال: وما ينكر هشام، لعله جاء فاستأذن عليها فأذنت له. أحسبه قَالَ: ولم يعلم .
وكان مالك بن أنس يسيء القول في ابن إسحاق:
أَخْبَرَنَا أبو بكر البرقانيّ قال: أنبأنا الحسين بن على التّميميّ قال نبأنا أبو عوانة يعقوب بن إسحاق قال نبأنا الميموني قَالَ: سمعت أبا الوليد هشام بن عبد الملك يقول: كان مالك بن أنس يسيء الرأي في ابن إسحاق.
أَخْبَرَنِي محمد بن الحسين القطّان قال: أنبأنا دعلج بن أحمد قال: أنبأنا أحمد بن على الأبّار قال: نبأنا إبراهيم بن زياد سبلان قال: نبأنا حسين بن عروة، قَالَ:
سمعت مالك بن أنس يقول: محمد بن إسحاق كذاب.
أَخْبَرَنَا البرقانيّ قال نبأنا محمّد بن الحسن السروي قال نبأنا عبد الرّحمن بن أبي
حاتم قال نبأنا أبو سعيد الأشج قال نبأنا ابن إدريس قَالَ: قلت لمالك بن أنس- وذكر المغازي- فقلت: قَالَ ابن إسحاق أنا بيطارها. فقال: قَالَ لك أنا بيطارها؟ نحن نفيناه عن المدينة.
وأخبرنا البرقانيّ قال: أنبأنا الحسين بن على التّميميّ قال: نبأنا أبو عوانة يعقوب ابن إسحاق عن أبي بكر الأثرم. قَالَ: سألته- يعني أَحْمَد بن حنبل- عن محمد بن إسحاق كيف هو؟ فقال: هو حسن الحديث. ولقد قَالَ مالك حين ذكره: دجال من الدجاجلة.
قال الشيخ أبو بكر الخطيب: قد ذكر بعض العلماء: أن مالكا عابه جماعة من أهل العلم في زمانه، بإطلاق لسانه في قوم معروفين بالصلاح والديانة والثقة والأمانة.
واحتج بما أَخْبَرَنِي الْبَرْقَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الملك الأدمي قَالَ: نَبَّأَنَا مُحَمَّد بْن عَلِيّ الإيادي قَالَ: نبأنا زكريّا الساجي قال حدّثني أحمد ابن محمّد البغدادي قال: نبأنا إبراهيم بن المنذر قال: نبأنا محمد بن فليح قَالَ: قَالَ لي مالك بن أنس: هشام بن عروة كذاب.
قَالَ [أحمد بن محمد ] : فسألت يحيى بن معين قال: عسى أراد في الكلام، فأما الحديث فهو ثقة، وهو من الرواة عنه. وَقَالَ إبراهيم: حَدَّثَنِي عبد الله بن نافع قَالَ:
كان ابن أبي ذئب، وعبد العزيز الماجشون، وابن أبي حازم، ومحمد بن إسحاق.
يتكلمون في مالك بن أنس وكان أشدهم فيه كلاما محمد بن إسحاق. كان يقول:
ائتوني ببعض كتبه حتى أبين عيوبه أنا بيطار كتبه .
قال المؤالف : أما كلام مالك في ابن إسحاق فمشهور غير خاف على أحد من أهل العلم بالحديث، وأما حكاية ابن فليح عنه في هشم بن عروة فليست بالمحفوظة إلا من الوجه الذي ذكرناه، وراويها عن إبراهيم بن المنذر غير معروف عندنا، فالله أعلم.
وقد أمسك عن الاحتجاج بروايات ابن إسحاق غير واحد من العلماء لأسباب منها أنه كان يتشيع، وينسب إلى القدر، ويدلس في حديثه فأما الصدق فليس بمدفوع عنه .
أخبرنا أبو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ القاسم الدمشقي في كتابه إلينا قال:
أنبأنا أبو الميمون البجلي. ثم أَخْبَرَنَا البرقاني قراءة، قال: أنبأنا محمد بن عثمان القاضي، قال: أنبأنا أَبُو الميمون عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه البجلي بدمشق قَالَ: قَالَ أَبُو زُرْعَةَ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَمْرٍو النَّصْري: ومحمد بن إسحاق رجل قد أجمع الكبراء من أهل العلم على الأخذ منه. منهم سفيان، وشعبة، وابن عيينة، وحمّاد بن يزيد، وحماد بن سلمة، وابن المبارك، وإبراهيم بن سعد. وروى عنه من الأكابر: يزيد بن أبي حبيب، وقد اختبره أهل الحديث فرأوا صدقا وخيرا، مع مدحة ابن شهاب له، وقد ذاكرت دحيما قول مالك: فرأى أن ذلك ليس للحديث إنما هو لأنه اتهمه بالقدر .
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ بْن مُحَمَّد بْن عليّ الكتاني لفظا بدمشق قال نبأنا عبد الوهّاب بن جعفر المدياني قال: نبأنا أَبُو هاشم عَبْد الجبار بْن عَبْد الصمد السلمي قال نبأنا أَبُو بكر القاسم بْن عيسى العصار قَالَ: نبأنا أَبُو إسحاق إبراهيم بْن يعقوب الجوزجاني، قَالَ: محمد بن إسحاق الناس يشتهون حديثه وكان يرمي بغير نوع من البدع .
أَخْبَرَنَا أبو حازم العبدوي قال أنبأنا أَبُو مُحَمَّدٍ الْقَاسِمُ بْنُ غَانِمِ بْنِ حَمُّوَيْهِ الصيدلاني المهلّبي قال: أنبأنا مُحَمَّد بْنُ إِبْرَاهِيمَ بن سعيد البوشنجي قَالَ: نبأنا ابن بكير قال: نبأنا هارون بن عبد الله القاضي عن ابن أبي حازم. قَالَ: كنا قعودا في المسجد معنا محمد بن إسحاق، إذ نعس ثم فتح عينه. فقال: رأيت الساعة كأن حمارا أخرج من دار مروان في عنقه حبل، فأدخل المسجد حتى أخرج من الباب الآخر، قَالَ: وكان قدم وال. قَالَ: فجاءه عون من قبل الوالي فقال: من هذا الجالس معكم؟ قلنا: محمد بن إسحاق. قَالَ: فأخذه، فرأيناه قد مرّ علينا في عنقه حبل من دار مروان حتى أدخل المسجد وأخرج من الباب الآخر.
أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْن عبد اللَّه بْن مهدي فيما أجاز لنا، وَحَدَّثَنَاه ثقة سمعه منه قال: أنبأنا محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة قال: نبأنا جدي قَالَ سمعت سعيد بن داود الزنبري قَالَ حَدَّثَنِي والله عبد العزيز بن محمد الدراوردي، قَالَ: كنا في مجلس محمد بن إسحاق نتعلم، فأغفى إغفاءة ثم انتبه ،
فقال: إني رأيت في المنام الساعة كأن إنسانا دخل المسجد ومعه حبل فوضعه في عنق حمار فأخرجه، فما لبثنا أن دخل المسجد رجل معه حبل حتى وضعه في عنق ابن إسحاق فأخرجه فذهب به إلى السلطان، فجلد . قَالَ ابن أبي زنبر من أجل القدر .
أَخْبَرَنَا الحسين بن علي الصيمري قال: نبأنا على بن الحسين الرّازيّ قال: نبأنا محمّد بن الحسين الزعفراني قال: نبأنا أَحْمَد بْن زهير قَالَ: سمعتُ هارون بْن معروف. يقول: كان محمد بن إسحاق قدريا.
أخبرنا عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن الدَّقَّاق قَالَ قرأنا على الْحُسَيْن بن هارون الضبي عن أبي العبّاس بن سعيد قال: نبأنا موسى بن هارون بن إسحاق قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نمير يقول: كان محمد بن إسحاق يرمى بالقدر، وكان أبعد الناس منه .
أخبرنا ابن الفضل قَالَ: أنبأنا عبد الله بن جعفر بن درستويه قال: نبأنا يعقوب بن سفيان، قَالَ: سمعت مكي بن إبراهيم يقول: جلست إلى محمد بن إسحاق وكان يخضب بالسواد فذكر أحاديث في الصفة أو في الصفات فنفرت منها. فلم أعد إليه.
أخبرنا محمّد بن الحسين القطّان قال أنبأنا دعلج بن أحمد قال أنبأنا أحمد بن على الأبّار قال: نبأنا عبد الرّحمن بن خازم قَالَ: قَالَ مكي بن إبراهيم: جعفر بن محمد، ومحمد بن إسحاق، والحجاج بن أرطأة، نبلوا بعد موتهم. قَالَ: وسمعته يقول: تركت حديث ابن إسحاق وقد سمعت منه بالري عشرين مجلسا، فسمعت منه شيئا فتركته.
أَخْبَرَنَا الْبَرْقَانِيّ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بن أَحْمَد الأدمى قال ثنا محمّد بن على الإياديّ قال نبأنا زكريا بن يحيى قَالَ: حدثت عن مفضل- يعني ابن غسان- قَالَ:
حضرت يزيد بن هارون في سنة ثلاث وتسعين ومائة بالمدينة وهو يحدث بالبقيع، وعنده ناس من أهل المدينة يسمعون منه شيئا بأخرة، فحدث بأحاديث حتى
حدثهم عن محمد بن إسحاق فأمسكوا. وقالوا: لا تحدثنا عنه نحن أعلم به، فذهب يزيد يحاولهم فلم يقبلوا، فأمسك يزيد.
أَخْبَرَنَا أبو القاسم الأزهري قال: أنبأنا محمّد بن العبّاس الخزّاز قال: أنبأنا إبراهيم ابن محمّد الكندي قال: نبأنا أبو موسى محمد بن المثنى قَالَ: ما سمعت يحيى- يعني القطان- يحدث عن محمد بن إسحاق شيئا قط.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْقَاسِمِ النَّرْسِيُّ قال نبأنا أبو بكر الشّافعيّ قال: نبأنا الهيثم بن مجاهد قَالَ حَدَّثَنَا أحمد بن الدورقي قَالَ حَدَّثَنِي يحيى بن معين عن يحيى القطان: أنه كان لا يرضى ابن إسحاق، ولا يروي عنه.
أَخْبَرَنَا أبو عمر بن مهدي فيما أجاز لنا روايته عنه قال: أنبأنا محمّد بن أحمد بن يعقوب قال نبأنا جدي قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نمير- وذكر ابن إسحاق- فقال: إذا حدث عمن سمع منه من المعروفين، فهو حسن الحديث صدوق، وإنما أوتى من أنه يحدث عن المجهولين أحاديث باطلة .
أخبرنا علي بن أبي علي قال: أنبأنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الحازمي قَالَ: نبأنا إسحاق بن أحمد بن خلف البخاري الحافظ قال: سمعت محمّد بن إسماعيل يقول:
محمّد بن إسحاق ينبغي أن يكون له ألف حديث ينفرد بها، لا يشاركه فيها أحد .
قَالَ: وسمعت محمد بن إسماعيل يقول: سمعت عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه يقول سمعت سفيان يقول: ما رأيت أحدا يتهم محمد بن إِسْحَاقَ .
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد العتيقي قَالَ: نبأنا محمّد بن العبّاس الخزّاز قال أنبأنا أَبُو أيوب سُلَيْمَان بْن إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم بن الخليل الجلاب قَالَ: سألت إبراهيم الحربي:
تكلم أحد في ابن إسحاق؟ فقال: أما سفيان- يعني ابن عيينة- فكان يقول: لا يزال بالمدينة علم ما عاش هذا الغلام- يعني ابن إسحاق- قَالَ إبراهيم: ولكن حَدَّثَنِي مصعب قَالَ: كانوا يطعنون عليه بشيء من غير جنس الحديث .
أخبرنا علي بن محمد الدَّقَّاق قَالَ قرأنا على الْحُسَيْن بْن هارون عن أبي العباس بن سعيد قال: أنبأنا عبد الله بن أحمد بن خزيمة قَالَ: نبأنا محمّد بن يحيى قال نبأنا أبو سعيد الجعفي قال: نبأنا محمّد ابن إدريس: وكان معجبا بابن إسحاق كثير الذكر له، ينسبه إلى العلم والمعرفة والحفظ.
أَخْبَرَنَا محمّد بن الحسين القطّان قال: أنبأنا دعلج بن أحمد قال: أنبأنا أحمد بن على الأبّار قال نبأنا إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة الحراني قال: نبأنا يزيد بن هارون عن شعبة. قَالَ: لو سوّد أحد في الحديث؛ لسوّد ابن إسحاق .
أخبرنا البرقانيّ قال: أنبأنا الحسين بن على النّيسابوريّ قال: أنبأنا أبو بكر بن خزيمة وأَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عبد الواحد بْن عَلِيّ البزاز، قال: أنبأنا عمر بن محمّد بن يوسف الكاتب قال نبأنا عبد الله بن أبي داود. قالا: نبأنا محمّد بن يزيد الأسفاطي قال نبأنا يحيى بن كثير العنبري يقول سمعت شعبة يقول: محمد بن إسحاق أمير المؤمنين في الحديث .
أنبأنا علي بن المحسن التنوخي قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ الرّازيّ قال ثنا الحسين بن إسماعيل المحامليّ قال: ثنا العبّاس بن يزيد البحراني قال ثنا سفيان بن عيينة قال سمعت شعبة، يقول: محمد بن إسحاق أمير المؤمنين في الحديث .
وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الصَّيْرَفِيُّ قَالَ: نبأنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال: نبأنا محمّد بن على الورّاق قال نبأنا عبيد بن يعيش قال: نبأنا يونس بن بكير قَالَ: سمعت شعبة، يقول: محمد بن إسحاق أمير المحدثين. فقيل له:
لم؟ فقال: لحفظه .
أَخْبَرَنَا البرقاني قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ حَمْدَانَ سمعت محمد بن أيوب يقول سمعت عبيد بن يعيش يقول: سمعت يونس بن بكير يقول قَالَ شعبة: ابن إسحاق سيد المحدثين لحال حفظه.
أَخْبَرَنَا ابْن الفضل قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن جعفر قال: نبأنا يعقوب بن سفيان قال
نبأنا مجاهد بن موسى قال: نبأنا يحيى بن آدم قال: نبأنا أبو شهاب قَالَ: قَالَ لي شعبة: عليك بالحجاج بن أرطاة، ومحمد بن إسحاق.
أَخْبَرَنَا أبو سعيد الصيرفي قَالَ نبأنا محمّد بن يعقوب الأصم قال: نبأنا عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن حنبل قَالَ: حَدَّثَنِي أبي قَالَ حَدَّثَنِي إبراهيم بن مهدي عن ابن عليّة قال شعبة.
وأخبرنا ابن الفضل قال: نبأنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد القطّان قال: نبأنا عبد الكريم بن الهيثم قال: نبأنا إبراهيم بن مهدي قَالَ سمعت ابن علية يقول في مسجده. قَالَ شعبة: أما محمد بن إسحاق وجابر الجعفي؛ فصدوقان.
زاد ابن حنبل، في الحديث.
أخبرني الأزهري قال: نبأنا عبد الرّحمن بن عمر الخلّال قال: نبأنا محمّد بن أحمد بن يعقوب قال: نبأنا جدي قال سألت على بن المديني عن ابن إسحاق.
فقلت: كيف حديث محمد بن إسحاق عندك صحيح؟ فقال: نعم حديثه عندي صحيح. قلت له: فكلام مالك فيه؟ قَالَ علي: مالك لم يجالسه ولم يعرفه. ثم قَالَ علي: ابن إسحاق أي شيء حدث بالمدينة؟ قلت له: فهشام بن عروة قد تكلم فيه.
فقال علي: الذي قَالَ هشام ليس بحجة، لعله دخل على امرأته وهو غلام فسمع منها.
وسمعت عليا يقول: إن حديث محمد بن إسحاق ليتبين فيه الصدق، يروي مرة حَدَّثَنِي أبو الزناد؛ ومرة ذكر أبو الزناد. وروى عن رجل عمن سمع منه يقول:
حَدَّثَنِي سفيان بن سعيد عن سالم أبي النضر عن عمر: «صوم يوم عرفة» وهو من أروى الناس عن أبي النضر. ويقول: حَدَّثَنِي الحسن بن دينار عن أيوب عن عمرو بن شعيب: «في سلف وبيع» . وهو من أروى الناس عن عمرو بن شعيب.
أَخْبَرَنَا ابْن الفضل قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جعفر قال: أنبأنا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ. قَالَ قَالَ عَلِيٌّ: لَمْ أَجِدْ لابْنِ إِسْحَاقَ إِلا حَدِيثَيْنِ مُنْكَرَيْنِ: نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ» وَالزُّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ: «إِذَا مَسَّ أَحَدُكُمْ فَرْجَهُ»
. هذان لم يروهما عن أحد، وفي الباقين يقول: ذكر فلان، ولكن هذا فيه حَدَّثَنَا. وقال يعقوب: سمعت بعض ولد جويرية بن أسماء- وكان ملازما لعلي- قَالَ سمعت عليا يقول: وقع إلي من حديث ابن إسحاق شيء فما أنكرت منه إلا أربعة أحاديث، ظننت أن بعضه منه وبعضه ليس منه.
أخبرنا البرقانيّ قال أنبأنا أبو حامد أحمد بن محمد بن حسنويه الهرويّ قال:
أنبأنا الحسين بن إدريس قال: نبأنا سليمان بن الأشعث قَالَ: سمعت أحمد- يعني ابن حنبل- ذكر محمد بن إسحاق فقال: كان رجلا يشتهي الحديث فيأخذ كتب الناس فيضعها في كتبه.
أخبرنا ابن الفضل قَالَ: أنبأنا عبد الله بن جعفر قال: نبأنا يعقوب بن سفيان قال نبأنا الفضل بْن زياد قَالَ: سمعت أبا عبد الله- وسأله جعفر- أيما أحب إليك، موسى ابن عبيدة الزبدي، أو محمد بن إسحاق؟ قَالَ: لا محمد بن إسحاق.
أخبرنا البرقانيّ قال: أنبأنا الحسين بن على التّميميّ قال: نبأنا أبو عوانة الإسفراييني قال: نبأنا أبو بكر المروزيّ قَالَ قيل لَهُ: يَعْنِي أَحْمَد بْن حنبل- أيما أحب إليك: موسى ابن عبيدة، أم محمد بن إسحاق؟ فقال: محمد بن إسحاق. وَقَالَ: قَالَ أحمد بن حنبل: كان ابن إسحاق يدلس إلا أن كتاب إبراهيم بن سعد إذا كان سماع قَالَ:
حَدَّثَنِي، وإذا لم يكن قَالَ قَالَ، وقَالَ أبو عبد الله: قدم محمد بن إسحاق إلى بغداد، وكان لا يبالي عمن يحكي عن الكلبي وغيره.
أخبرنا ابن رزق قال: أنبأنا عثمان بن أحمد قال نبأنا حنبل بن إسحاق. قَالَ سمعت أبا عبد الله يقول: ابن إسحاق ليس بحجة.
أَخْبَرَنَا علي بن محمد الدَّقَّاق قَالَ قرأنا على الْحُسَيْن بْن هارون عَن أَبِي الْعَبَّاس بْن سَعِيد قَالَ: سمعت عبد الله بن أحمد- وسأله رجل عن محمد بن إسحاق- فقال:
كان أبي يتتبع حديثه ويكتبه كثيرا بالعلو والنزول، ويخرجه في المسند وما رأيته أنفى حديثه قط. قيل له: يحتج به؟ قَالَ: لم يكن يحتج به في السنن.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِم إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن سليمان المؤدّب بأصبهان قال: أنبأنا أبو بكر بن المقرئ قال: نبأنا سلامة بن محمّد القيسي بعسقلان قال: نبأنا أيوب بن إسحاق بن سافري قَالَ: سألت أحمد بْنِ حنبل، فقلت: يا أبا عَبْد اللَّهِ، ابن إسحاق إذا تفرد بحديثه تقبله؟ قَالَ: لا والله إني رأيته يحدث عن جماعة بالحديث الواحد، ولا يفصل كلام ذا من كلام ذا. قَالَ: وأما علي بن المديني فكان يثني عليه ويقدمه.
أَخْبَرَنَا أبو نعيم الحافظ قال: نبأنا أَبُو القاسم مُوسَى بْن إِبْرَاهِيم بْن النضر بن مروان العطّار ببغداد قال: نبأنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، قَالَ: سألت عليّا-
يعني ابن المديني- عن محمد بن إسحاق بن يسار مولى [آل ] مخرمة، فقال: هو صالح وسط.
أَخْبَرَنَا عبد الكريم وعَبْد الصمد ابنا عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن المأمون الهاشمي. قالا:
أَنْبَأَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مُوسَى الملاحمي قَالَ: حَدَّثَنَا محمود بن إسحاق قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بن إسماعيل البخاري قَالَ: رأيت علي بن عبد الله يحتج بحديث ابن إسحاق. وَقَالَ علي: عن ابن عيينة ما رأيت أحدا يتهم ابن إسحاق .
وَقَالَ لي علي بن عبد الله: نظرت في كتاب ابن إسحاق فما وجدت عليه إلا في حديثين، ويمكن أن يكونا صحيحين.
أنبأنا أَبُو طاهر حمزة بْن مُحَمَّد بْن طاهر الدقاق قال نبأنا أبو العبّاس الوليد بن أبي بكر الأندلسي قال: نبأنا علي بن أحمد بن زكريا الهاشمي بأطرابلس المغرب قال:
نبأنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله بن صالح العجلي قَالَ حَدَّثَنِي أبي: قَالَ:
محمد بن إسحاق مدني ثقة .
أَخْبَرَنِي عَبْد اللَّهِ بْن يَحْيَى السكري قال: أنبأنا محمّد بن عبد الله الشّافعيّ قال: نبأنا جعفر بن محمّد بن الأزهر قال: نبأنا المفضل بن غسان الغلابي قَالَ: قَالَ يحيى بن معين: ابن إسحاق ثبت في الحديث.
أخبرني الأزهري قال: نبأنا عبد الرّحمن بن عمر قال: أنبأنا محمّد بن أحمد بن يعقوب قال: نبأنا جدي قَالَ: سألت يحيى بن معين عنه- يعني ابن إسحاق- فقلت في نفسك من صدقه شيء؟ فقال: لا هو صدوق .
أَخْبَرَنَا البرقاني قَالَ: أنبأنا الحسين بن على التّميميّ قال: نبأنا أبو عوانة الإسفراييني قال: نبأنا الميموني قَالَ: سمعت يحيى بن معين يقول: محمد بن إسحاق ضعيف.
أَخْبَرَنِي علي بن عبد العزيز الطاهري قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَضْلِ عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن الزُّهْرِيّ قَالَ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِ جَدِّي مُحَمَّدِ بْنِ عبد الله عن يحيى بن معين.
قَالَ: محمد بن إسحاق ليس بذاك.
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيد الصيرفي قَالَ: سمعتُ أَبَا الْعَبَّاس محمد بن يعقوب الأصم يقول سمعت العباس بْن مُحَمَّد الدوري يقول سمعت يحيى بن معين يقول: محمد بن إسحاق ثقة، ولكنه ليس بحجة.
كتب إِلَى عَبْد الرَّحْمَنِ بن عُثْمَان الدمشقي يذكر أن أبا الميمون البجلي أخبرهم قَالَ أنبأنا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو قَالَ: قلت ليحيى بن معين- وذكرت له الحجة- فقلت: محمد بن إسحاق منهم؟ فقال: كان ثقة، إنما الحجة عبيد الله بن عمر، ومالك بن أنس، وذكر قوما آخرين.
أَخْبَرَنَا الحسين بن علي الصيمري قال: نبأنا على بن الحسن الرّازيّ قال: نبأنا محمّد بن الحسين الزعفراني قال: نبأنا أحمد بن زهير قَالَ: سمعت يحيى بن معين يقول: محمد بن إسحاق ليس به أي بأس. وسئل يحيى بن معين عنه مرة أخرى قال ليس بذاك، ضعيف. وسمعته يقول مرة أخرى، محمد بن إسحاق عندي سقيم ليس بالقوي.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ غَالِبٍ الْفَقِيهُ قال: نبأنا أَحْمَد بْن سعيد بْن سعد وكيل دعلج قال: نبأنا عبد الكريم بن أحمد بن شعيب النسائي قال: نبأنا أبي قال: محمّد ابن إسحاق ليس بالقوي.
وأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر البرقاني قَالَ: سألت أبا الحسن علي بن عمر الحافظ عن محمد ابن إسحاق بن يسار [وعن أبيه ] فقال: جميعا لا يحتج بهما، وإنما يعتبر بهما.
الاختلاف في تاريخ وفاة محمد بن إسحاق:
أَخْبَرَنَا علي بن أحمد الرزاز قال أنبأنا محمّد بن أحمد بن الحسين الصّوّاف قال:
نبأنا بشر بن موسى قال نبأنا أبو حفص عمر بن علي. قَالَ: مات محمد بن إسحاق ابن يسار صاحب السيرة سنة خمسين ومائة .
أَخْبَرَنِي أبو القاسم الأزهري قال أنبانا أحمد بن إبراهيم بن الحسين قال نبأنا إبراهيم ابن محمد بن عرفة الأزدي، قَالَ: مات محمد بن إسحاق سنة مائة وخمسين.
أخبرنا ابن الفضل قال: نبأنا عبد الله بن جعفر قال: نبأنا يعقوب بن سفيان قال
نبأنا عبد الرحمن بْن عمرو قَالَ: سمعت أَحْمَد بن خالد الوهبي يقول: مات ابن إسحاق سنة إحدى وخمسين ومائة .
أَخْبَرَنِي الأزهري قَالَ نبأنا عبد الرّحمن بن عمرو قال نبأنا محمّد بن أحمد بن يعقوب قال نبأنا جدي، قَالَ: توفي محمد بن إسحاق بن يسار سنة إحدى وخمسين ومائة ببغداد. ويقال: إنه دفن في مقابر الخيزران.
أخبرنا بن بشران قال أنبأنا الحسين بن صفوان قال: نبأنا ابن أبي الدّنيا قال: نبأنا محمد بن سعد قَالَ: قَالَ الهيثم بن عدي: توفي- يعني ابن إسحاق- سنة إحدى وخمسين ومائة. وَقَالَ ابنه: توفي سنة خمسين ومائة.
أَخْبَرَنَا على بن محمّد بن الحسين السّمسار قال: أنبأنا محمّد بن إسماعيل الورّاق قال: نبأنا محمّد بن مخلد. وأخبرني الأزهري قال: أنبأنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْمُقْرِئُ قال: أنبأنا محمد بن مخلد قَالَ: قرأت على علي بْن عَمْرو الأنصاري: حدثكم الهيثم بن عدي. قَالَ: محمد بن إسحاق بن يسار سنة إحدى وخمسين ومائة- يعني مات- .
أخبرنا ابن بشران قَالَ: أنبأنا عُثْمَان بْن أَحْمَد الدقاق قَالَ قرئ على أبي الحسن بْن البراء وأنا حاضر قَالَ: قَالَ علي بن المديني: ومحمد بن إسحاق بن يسار مولى بني خزيمة، مات سنة اثنتين وخمسين ومائة.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفتح منصور بْن ربيعة الزُّهْرِيّ الخطيب بالدينور قال: أنبأنا علي بن أحمد بن علي بن راشد قال: أنبأنا أَحْمَد بْن يَحْيَى بْن الجارود قَالَ: قَالَ على بن المديني: ومات محمد بن إسحاق بن يسار سنة أربع وأربعين ومائة .
قال الشيخ أبو بكر الخطيب: وهم ابن جارود على علي في هذا القول أو من دونه، والصواب ما ذكره ابن البراء عن علي.
أَخْبَرَنِي الْبَرْقَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الأدمي قال: نبأ محمّد بن على الإياديّ قال: نبأنا زكريا بن يحيى الساجي. قَالَ: محمد بن إسحاق بن يسار مولى قيس بن مخرمة من سبي عين التمر، توفي سنة اثنتين وخمسين ومائة . انظر الخبر في: تهذيب الكمال 24/427.
ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
- انظر الخبر في: تهذيب الكمال 24/427.
- انظر الخبر في: تهذيب الكمال 24/427.
- انظر الخبر في: تهذيب الكمال 24/427.
أخبرنا الصّيمريّ قال: نبأنا على بن الحسن الرّازيّ قال: نبأنا محمّد بن الحسين قال: نبأنا أحمد بن زهير قَالَ: سمعت يحيى بن معين يقول: محمد بن إسحاق مات سنة اثنتين وخمسين وَمائة .
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيد بْن حسنويه قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْن مُحَمَّدِ بن جعفر قَالَ:
نبأنا عمر بن أحمد الأهوازيّ قال: نبأنا خليفة بن خياط. قال: محمّد بن يسار توفي سنة ثلاث أو اثنتين وخمسين ومائة .

حمزة بن عبد المطلب

حمزة بن عبد المطلب: يكنى أبا عمارة، ويقال: أبو يعلى، قتل يوم أحد.
حمزة بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم يكنى بأبي عمارة ويقال أبو يعلى سمعت أبي يقول ذلك.
حمزة بْن عَبْد المطلب
- حمزة بْن عَبْد المطلب. أسد اللَّه وأسد رسوله وعمه. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. ابن عَبْد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي. وأمه هالة بِنْت أهيب بْن عَبْد مناف بْن زهرة بْن كلاب بْن مُرَّة. وكان يكنى أَبَا عمارة. وكان له من الولد يَعْلَى وكان يكنى به حَمْزَة أَبَا يَعْلَى. وعامر درج. وأمهما بِنْت الملة بْن مالك بن عباده بن حجر ابن فائد بْن الْحَارِث بْن زَيْد بْن عُبَيْد بْن زَيْد بْن مالك بْن عوف بْن عمرو بن عوف من الأَنْصَار. من الأوس. وعمارة بْن حَمْزَة. وقد كان يكنى به أيضًا. وأمه خولة بنت قيس ابن قهد الأنصارية من بني ثَعْلَبَة بْن غنم بْن مالك بْن النجار. وأمامة بِنْت حَمْزَة وأمها سلمى بِنْت عميس أخت أسماء بِنْت عميس الخثعمية. وأمامة الّتي اختصم فيها علي وجعفر وزَيْد بْن حارثة. وأراد كل واحد منهم أن تكون عنده فقضى بها رسول الله. ص. لجعفر من أجل أن خالتها أسماء بِنْت عميس كانت عنده. وزوجها رسول الله. ص. سلمة بْن أبي سَلَمَة بْن عَبْد الأسد المخزومي. وقال: وقد كان ليعلى بْن حَمْزَة أولاد. عمارة والفضل والزبير وعقيل ومحمد. درجوا فلم يبق لحمزة بْن عَبْد المطلب وُلِدَ ولا عقب. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَوْهَبٍ. قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ الْقُرَظِيَّ. قَالَ: نَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَدِيُّ بْنُ الْحَمْرَاءِ وَابْنُ الأَصْدَاءِ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمًا وَشَتَمُوهُ وَآذَوْهُ. فَبَلَغَ ذَلِكَ حمزة بن عبد المطلب. فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ مُغْضَبًا فَضَرَبَ رَأْسَ أَبِي جَهْلٍ بِالْقَوْسِ ضَرْبَةً أَوْضَحَتْ فِي رَأْسِهِ. وَأَسْلَمَ حَمْزَةُ فَعَزَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُسْلِمُونَ وَذَلِكَ بَعْدَ دُخُولِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَارَ أَرْقَمَ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ مِنَ النُّبُوَّةِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مَنَّاحٍ. قَالَ: لَمَّا هَاجَرَ حمزة بن عبد المطلب إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى كُلْثُومِ بْنِ الْهِدْمِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ. وَقَالَ عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ: نَزَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَزَيْدِ بن حارثة. وإليه أوصى حَمْزَة بْن عَبْد المطلب يوم أحد حين حَضَرَ الْقِتَالُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ: حَدَّثَنِي شُعَيْبُ بْنُ عُبَادَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ قَالَ: أَوَّلَ لِوَاءٍ عَقَدَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ لِحَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. بَعَثَهُ سَرِيَّةً فِي ثَلاثِينَ رَاكِبًا حَتَّى بَلَغُوا قَرِيبًا مِنْ سَيْفِ الْبَحْرِ. يَعْتَرِضُ لِعِيرِ قُرَيْشٍ وَهِيَ مُنْحَدِرَةٌ إِلَى مَكَّةَ قَدْ جَاءَتْ مِنَ الشَّامِ وَفِيهَا أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ فِي ثَلاثِمِائَةِ رَاكِبٍ. فَانْصَرَفَ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ. قَالَ مُحَمَّدُ بن عمر. وهو الْخَبَرُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا. إِنَّ أَوَّلَ لِوَاءٍ عَقَدَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِحَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ. قَالَ: كَانَ حَمْزَةُ مُعَلَّمًا يَوْمَ بَدْرٍ بِرِيشَةِ نَعَامَةٍ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَحَمَلَ حَمْزَةُ لِوَاءَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي غَزْوَةِ بَنِي قَيْنُقَاعَ وَلَمْ يَكُنِ الرَّايَاتُ يَوْمَئِذٍ. وَقُتِلَ. رَحِمَهُ اللَّهُ. يَوْمَ أُحُدٍ عَلَى رَأْسِ اثْنَيْنِ وَثَلاثِينَ شَهْرًا مِنَ الْهِجْرَةِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً. كَانَ أَسَنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَرْبَعِ سِنِينَ. وَكَانَ رَجُلا لَيْسَ بِالطَّوِيلِ وَلا بِالْقَصِيرِ. قَتَلَهُ وَحْشِيُّ بْنُ حَرْبٍ وَشَقَّ بَطْنَهُ. وَأَخَذَ كَبِدَهُ فَجَاءَ بِهَا إِلَى هِنْدِ بِنْتِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ. فَمَضَغَتْهَا. ثُمَّ لَفَظَتْهَا. ثُمَّ جَاءَتْ فَمَثَّلَتْ بِحَمْزَةَ. وَجَعَلَتْ مِنْ ذَلِكَ مَسْكَتَيْنِ وَمَعْضَدَيْنِ وَخَدْمَتَيْنِ حَتَّى قَدِمَتْ بِذَلِكَ وَبِكَبِدِهِ مَكَّةَ. وَكُفِّنَ حَمْزَةُ فِي بُرْدَةٍ. فَجَعَلُوا إِذَا خَمَّرُوا بِهَا رَأْسَهُ بَدَتْ قَدَمَاهُ. وَإِذَا خَمَّرُوا بِهَا . قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ كُفِّنَ فِي ثَوْبٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ الْجَحْشِيُّ عَنْ آبَائِهِ. قَالُوا: دُفِنَ حمزة بْن عَبْد المطلب وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ. وَحَمْزَةُ خَالُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ. . . قَالَ: أَخْبَرَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ الْعَبْدِيُّ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ وَرْدٍ عَنِ الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ: لَمَّا أَرَادَ مُعَاوِيَةُ أَنْ يُجْرِيَ عَيْنَهُ الَّتِي بِأُحُدٍ كَتَبُوا إِلَيْهِ: إِنَّا لا نَسْتَطِيعُ أَنْ نُجْرِيَهَا إِلا عَلَى قُبُورِ الشُّهَدَاءِ. قَالَ فَكَتَبَ: انْبُشُوهُمْ. قَالَ: فَرَأَيْتُهُمْ يُحْمَلُونَ عَلَى أَعْنَاقِ الرِّجَالِ كَأَنَّهُمْ قَوْمٌ نِيَامٌ. وَأَصَابَتِ الْمِسْحَاةُ طَرَفَ رِجْلِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَانْبَعَثَتْ دَمًا. . قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ. قَالا: أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ سَعْدِ ابن عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ما لي أَرَاكَ تَتُوقُ فِي نِسَاءِ قُرَيْشٍ وَتَدَعُنَا؟ قَالَ: عِنْدَكَ شَيْءٌ؟ قَالَ قُلْتُ: نَعَمْ ابْنَةُ حَمْزَةَ. قَالَ: تِلْكَ ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ. . . . قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ وَإِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ. عَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ. قَالَ: كَانَ حَمْزَة بْن عَبْد المطلب يُقَاتِلُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ أُحُدٍ بِسَيْفَيْنِ. وَيَقُولُ: أَنَا أَسَدُ اللَّهِ. وَجَعَلَ يُقْبِلُ وَيُدْبِرُ. قَالَ: فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ عَثَرَ عَثْرَةً فَوَقَعَ عَلَى ظَهْرِهِ. وَبَصُرَ بِهِ الأَسْوَدُ. قَالَ أَبُو أُسَامَةَ: فَزَرَقَهُ بِحَرْبَةٍ فَقَتَلَهُ. وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ: فَطَعَنَهُ الْحَبَشِيُّ بِحَرْبَةٍ أَوْ رُمْحٍ فَبَقَرَهُ. . . . . . قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ هَاشِمِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ كُفِّنَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُهَاجِرِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ. قَالَ: قَالَ خَبَّابٌ: كُفِّنَ حَمْزَةُ فِي بُرْدَةٍ. إِذَا غُطِّيَ رَأْسُهُ خَرَجَتْ رِجْلاهُ وَإِذَا غُطِّيَتْ رِجْلاهُ خَرَجَ رَأْسُهُ. فَغُطِّيَ رَأْسُهُ وَجُعِلَ عَلَى رِجْلَيْهِ إِذْخِرٌ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ زَيْدٍ. عَنْ أَبِي أَسِيدٍ السَّاعِدِيِّ. قَالَ: أَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى قَبْرِ حَمْزَةَ. فَجَعَلُوا يَجُرُّونَ النَّمِرَةَ فَتَنْكَشِفُ قَدَمَاهُ وَيَجُرُّونَهَا عَلَى قدميه فينكشف وجهه. . قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ. قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ. قَالَ: أَقْبَلَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَمَعَهَا ثَوْبَانِ تُرِيدُ أَنْ تُكَفِّنَ أَخَاهَا حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِيهِمَا. قَالَ: . . قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ أَبِي مَالِكٍ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ عَشَرَةً عَشَرَةً. يُصَلِّي عَلَى حَمْزَةَ مَعَ كُلِّ عَشَرَةٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ. قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى حَمْزَةَ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ تِسْعًا. ثُمَّ جِيءَ بِأُخْرَى فَكَبَّرَ عَلَيْهَا سَبْعًا. ثُمَّ جِيءَ بِأُخْرَى فَكَبَّرَ عَلَيْهَا خَمْسًا. حَتَّى فَرَغَ مِنْ جَمِيعِهِمْ غَيْرَ أَنَّهُ وَتَرَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. قَالَ أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. قَالَ أَخْبَرَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: وُضِعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَمْزَةَ فَصَلَّى عَلَيْهِ وَجِيءَ بِرَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَوُضِعَ إِلَى جَنْبِهِ فَصَلَّى عَلَيْهِ. فَرُفِعَ الأَنْصَارِيُّ وَتُرِكَ حَمْزَةُ. ثُمَّ جِيءَ بِآخَرَ فَوُضِعَ إِلَى جَنْبِ حَمْزَةَ فَصَلَّى عَلَيْهِ. فَرُفِعَ الأَنْصَارِيُّ وَتُرِكَ حَمْزَةُ. حَتَّى صَلَّى عَلَيْهِ يَوْمَئِذٍ سَبْعِينَ صَلاةً. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ. قَالَ أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنِ الشَّعْبِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ثُمَّ جِيءَ بِرَجُلٍ فَوُضِعَ فَصَلَّى عَلَيْهِمَا جَمِيعًا. ثُمَّ رُفِعَ الرَّجُلُ وَجِيءَ بِآخَرَ. فَمَا زَالَ يَفْعَلُ ذَلِكَ حَتَّى صَلَّى يَوْمَئِذٍ عَلَى حَمْزَةَ سَبْعِينَ صَلاةً. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ. قال أخبرنا أبو الأَحْوَصِ. قَالَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ عَنْ أَبِي الضُّحَى. قَالَ فِي قَوْلِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: «وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ» آل عمران: . قَالَ: نَزَلَتْ فِي قَتْلَى أُحُدٍ. وَنَزَلَ فِيهِمْ: «وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ» آل عمران: . قَالَ: قُتِلَ يَوْمَئِذٍ سَبْعُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَرْبَعَةٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ حَمْزَة بْن عَبْد المطلب. وَمُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ أَخُو بَنِي عَبْدِ الدَّارِ. وَالشَمَّاسُ بْنُ عُثْمَانَ الْمَخْزُومِيُّ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ الأَسَدِيُّ. وَسَائِرُهُمْ مِنَ الأَنْصَارِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي هَاشِمٍ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ عَنْ قيس ابن عَبَّادٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ يُقْسِمُ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَاتُ: «هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا» الحج: . إِلَى قَوْلِهِ: «إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ» الحج: . فِي هَؤُلاءِ الرَّهْطِ السِّتَّةِ يَوْمَ بَدْرٍ: حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. وَعَبِيدَةَ بْنِ الْحَارِثِ. وَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ. وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ. وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ. . . . . .
حمزة بن عبد المطلب
ب د ع: حمزة بْن عبد المطلب بْن هاشم بن عبد مناف بْن قصي أَبُو يعلى، وقيل: أَبُو عمارة، كنى بابنيه: يعلى، وعمارة.
وأمه: هالة بنت وهيب بْن عبد مناف بْن زهرة، وهي ابنة عم آمنة بنت وهب أم النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو شقيق صفية بنت عبد المطلب أم الزبير، وهو عم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأخوه من الرضاعة، أرضعتهما ثويبة مولاة أَبِي لهب، وأرضعت أَبُو سلمة بْن عبد الأسد، وكان حمزة، رضي اللَّه عنه وأرضاه، أسن من رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسنتين، وقيل: بأربع سنين، والأول أصح.
وهو سيد الشهداء، وآخى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بينه وبين زيد بْن حارثة.
أسلم في السنة الثانية من المبعث، وكان سبب إسلامه ما أخبرنا به أَبُو جَعْفَر عبيد اللَّه بْن أحمد بِإِسْنَادِهِ إِلَى يونس بْن بكير، عن مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاق، قال: إن أبا جهل اعترض رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فآذاه وشتمه، ونال منه ما يكره من العيب لدينه والتضعيف له، فلم يكلمه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومولاة لعبد اللَّه بْن جدعان التيمي في مسكن لها فوق الصفا تسمع ذلك، ثم انصرف عنه، فعمد إِلَى ناد لقريش عند الكعبة، فجلس معهم، ولم يلبث حمزة بْن عبد المطلب رضي اللَّه عنه، أن أقبل متوحشًا قوسه راجعًا من قنص له، وكان صاحب قنص يرميه ويخرج له، وكان إذا رجع من قنصه لم يرجع إِلَى أهله حتى يطوف بالكعبة، وكان إذ فعل ذلك لم يمر عَلَى ناد من قريش إلا وقف وسلم وتحدث معهم، وكان أعز قريش وأشدها شكيمة، وكان يومئذ مشركًا عَلَى دين قومه، فلما مر بالمولاة، وقد قام رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرجع إِلَى بيته، فقالت له: يا أبا عمارة، لو رأيت ما لقي ابن أخيك مُحَمَّد من أَبِي الحكم آنفًا، وجده ههنا فآذاه وشتمه وبلغ منه ما يكره، ثم انصرف عنه ولم يكلمه مُحَمَّد.
فاحتمل حمزة الغضب لما أراد اللَّه تعالى به من كرامته، فخرج سريعًا لا يقف عَلَى أحد، كما كان يصنع يريد الطواف بالبيت، معدًا لأبي جهل أن يقع به، فلما دخل المسجد نظر إليه جالسًا في القوم، فأقبل نحوه حتى إذا قام عَلَى رأسه رفع القوس، فضربه بها ضربة شجه شجة منكرة، وقامت رجال من قريش من بني مخزوم إِلَى حمزة لينصروا أبا جهل، فقالوا: ما نراك يا حمزة إلا قد صبأت، فقال حمزة: وما يمنعني، وقد استبان لي منه ذلك؟ أنا أشهد أَنَّهُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأن الذي يقول الحق، فوالله لا أنزع، فامنعوني إن كنتم صادقين، قال أَبُو جهل: دعوا أبا عمارة، فإني والله لقد سببت ابن أخيه سبًا قبيحًا.
وتم حمزة عَلَى إسلامه، فلما أسلم حمزة عرفت قريش أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد عز وامتنع، وأن حمزة سيمنعه فكفوا عن بعض ما كانوا يتناولون منه.
ثم هاجر إِلَى المدينة، وشهد بدرًا، وأبلى فيها بلاء عظيمًا مشهورًا، قتل شيبة بْن ربيعة بْن عبد شمس مبارزة، وشرك في قتل عتبة بْن ربيعة، اشترك هو وعلي رضي اللَّه عنهما في قتله، وقتل أيضًا طعيمة بْن عدي بْن نوفل بْن عبد مناف، أخا المطعم بْن عدي.
قال أَبُو الحسن المدائني: أول لواء عقده رَسُول اللَّهِ لحمزة بْن عبد المطلب رضي اللَّه عنه، بعثه في سرية إِلَى سيف البحر من أرض جهينة، وخالفه ابن إِسْحَاق، فقال: أول لواء عقده لعبيدة بْن الحارث بْن المطلب.
وكان حمزة يعلم في الحرب بريشة نعامة.
وقاتل يَوْم بدر بين يدي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسيفين، وقال بعض أساري الكفار: من الرجل المعلم بريشة نعامة؟ قَالُوا: حمزة رضي اللَّه عنه.
قال: ذاك فعل بنا الأفاعيل.
وشهد أحدًا، فقتل بها يَوْم السبت النصف من شوال، وكان قتل من المشركين قبل أن يقتل واحدًا وثلاثين نفسًا، منهم: سباع الخزاعي، قال له حمزة: هلم إلي يا ابن مقطعة البظور، وكانت أمه ختانة، فقتله.
قال ابن إِسْحَاق: كان حمزة يقاتل يومئذ بسيفين، فقال قائل: أي أسد هو حمزة، فبينما هو كذلك إذ عثر عثرة وقع منها عَلَى ظهره، فانكشف الدرع عن بطنه، فزرقه وحشي الحبشي، مولى جبير بْن مطعم، بحربة فقتله.
ومثل به المشركون، وبجميع قتلى المسلمين إلا حنظلة بْن أَبِي عامر الراهب، فإن أباه كان مع المشركين فتركوه لأجله، وجعل نساء المشركين: هند وصواحباتها يجدعن أنف المسلمين وآذانهم ويبقرون بطونهم، وبقرت هند بطن حمزة رضي اللَّه عنه فأخرجت كبده، فجعلت تلوكها فلم تسغها فلفظتها، فقال النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لو دخل بطنها لم تمسها النار ".
فلما شهده النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشتد وجده عليه، وقال: " لئن ظفرت لأمثلن بسبعين منهم "، فأنزل اللَّه سبحانه {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرينَ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلا بِاللَّهِ} .
وروى أَبُو هريرة قال: وقف رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حمزة، وقد مثل به، فلم ير منظرًا كان أوجع لقلبه منه فقال: رحمك اللَّه، أي عم، فلقد كنت وصولًا للرحم فعولًا للخيرات.
وروى جابر قال: لما رَأَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حمزة قتيلًا بكى، فلما رَأَى ما مثل به شهق، وقال: " لولا أن تجد صفية لتركته حتى يحشر من بطون الطير والسباع ".
وصفية هي أم الزبير وهي أخته.
وروى مُحَمَّد بْن عقيل، عن جابر قال: لما سمع النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما فعل بحمزة شهق، فلما رَأَى ما فعل به صعق.
ولما عاد النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى المدينة سمع النوح عَلَى قتلى الأنصار، قال: " لكن حمزة لا بواكي له ".
فسمع الأنصار فأمروا نساءهم أن يندبن حمزة قبل قتلاهم، ففعلن ذلك، قال الواقدي: فلم يزلن يبدأن بالندب لحمزة حتى الآن.
وقال كعب بْن مالك يرثي حمزة، وقيل هي لعبد اللَّه بْن رواحة:
بكت عيني وحق لها بكاها وما يغني البكاء ولا العويل
عَلَى أسد الإله غداة قَالُوا لحمزة: ذاكم الرجل القتيل
أصيب المسلمون به جميعًا هناك وقد أصيب به الرسول
أبا يعلى لك الأركان هدت وأنت الماجد البر الوصول
عليك سلام ربك في جنان يخالطها نعيم لا يزول
ألا يا هاشم الأخيار صبرًا فكل فعالكم حسن جميل
رَسُول اللَّهِ مصطبر كريم بأمر اللَّه ينطق إذ يقول
ألا من مبلغ عني لؤيا فبعد اليوم دائلة تدول
وقبل اليوم ما عرفوا وذاقوا وقائعنا بها يشفى الغليل
نسيتم ضربنا بقليب بدر غداة أتاكم الموت العجيل
غدادة ثوى أَبُو جهل صريعًا عليه الطير حائمة تجول
وعتبة وابنه خرا جميعًا وشيبة غضه السيف الصقيل
ألا يا هند لا تبدي شماتًا بحمزة إن عزكم ذليل
ألا يا هند فابكي لا تملي فأنت الواله العبرى الثكول
وكان مقتل حمزة للنصف من شوال من سنة ثلاث، وكان عمره سبعًا وخمسين سنة، عَلَى قول من يقول: إنه كان أسن من رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسنتين، وقيل: كان عمره تسعًا وخمسين سنة، عَلَى قول من يقول: كان أسن من رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأربع سنين، وقيل: كان عمره أربعًا وخمسين سنة، وهذا يقوله من جعل مقام النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمكة بعد الوحي عشر سنين، فيكون للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اثنتان وخمسون سنة، ويكون لحمزة أربع وخمسون سنة، فإنهم لا يختلفون في أن حمزة أكبر من النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(345) أخبرنا أَبُو جَعْفَرٍ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْبَغْدَادِيُّ، بِإِسْنَادِهِ عن يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ، عن ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِي، عن مِقْسَمٍ، وَقَدْ أَدْرَكَهُ، عن ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " صَلَّى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حَمْزَةَ فَكَبَّرَ سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ، ثُمَّ لَمْ يُؤْتَ بِقَتِيلٍ إِلا صَلَّى عَلَيْهِ مَعَهُ، حَتَّى صَلَّى عَلَيْهِ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ صَلاةً "
(346) وَأخبرنا فِتْيَانُ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ سَوْدَانَ، أخبرنا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْقَاهِرِ، أخبرنا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ النَّقُّورِ، أخبرنا أَبُو الْقَاسِم عِيسَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى بْنِ الْجَرَّاحِ، أخبرنا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْوَرْكَانِيُّ، أخبرنا سَعِيدُ بْنُ مَيْسَرَةَ الْبَكْرِيُّ، عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَبَّرَ عَلَى جِنَازَةٍ كَبَّرَ عَلَيْهَا أَرْبَعًا، وَأَنَّهُ كَبَّرَ عَلَى حَمْزَةَ سَبْعِينَ تَكْبِيرَةً " وقال أَبُو أحمد العسكري: وكان حمزة أول شهيد صلى عليه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(347) أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَرَايَا بْنِ عَلِيٍّ الشَّاهِدُ وَمِسْمَارُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْعُوَيْسِ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ، قَالُوا بِإِسْنَادِهِمْ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْجُعْفِيِّ الإِمَامِ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أخبرنا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ، يَقُولُ: " أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ؟ " فَإِذَا أُشِيرَ إِلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ، وَقَالَ: " أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ".
وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ فِي دِمَائِهِمْ، فَلَمْ يُغَسَّلُوا، وَدُفِنَ حَمْزَةُ وَابْنُ أُخْتِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ، وَكُفِّنَ حَمْزَةُ فِي نَمِرَةٍ فَكَانَ إِذَا تُرِكَتْ عَلَى رَأْسِهِ بَدَتْ رِجلاهُ، وَإِذا غَطَّى بِهَا رِجْلاهُ بَدَا رَأْسُهُ، فَجُعِلَتْ عَلَى رَأْسِهِ، وَجُعِلَ عَلَى رِجْلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ الإِذْخِرِ
وروى يونس بْن بكير، عن ابن إِسْحَاق، قال: كان ناس من المسلمين قد احتملوا قتلاهم إِلَى المدينة ليدفنوهم بها، فنهى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك، وقال: " ادفنوهم حيث صرعوا ".
وقد روى عن حمزة، عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديث:
(348) أخبرنا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَبَرْزُدَ، أخبرنا أَبُو الْقَاسِمِ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ، أخبرنا أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ غَيْلانَ الْبَزَّازُ، أخبرنا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، قَالَ: وَفِي كِتَابِي عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ نَاجِيَةَ، حدثنا عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ، أَخْبَرَنَاهُ سلمى بْنُ عِيَاضِ بْنِ مُنْقِذِ بْنِ سُلْمَى بْنِ مَالِكٍ، َمَالِكُ بْنُ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي مَرْثَدٍ كَنَّازِ بْنِ الْحُصَيْنِ، حَدَّثَنِي مُنْقِذُ بْنُ سُلْمَى، عن حَدِيثِ جَدِّهِ أَبِي مَرْثَدٍ، عن حَدِيثِ حَلِيفِهِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حَدِيثًا مُسْنَدًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " الْزَمُوا هَذَا الدُّعَاءَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الأَعْظَمِ وَرِضْوَانِكَ الأَكْبَرِ "
(349) أخبرنا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ الدِّمَشْقِيُّ، فِي كِتَابِهِ، أخبرنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ، قَالا: أخبرنا سَهْلُ بْنُ بِشْرٍ، أخبرنا عَلِيُّ بْنُ مُنِيرٍ، أخبرنا أَبُو طَاهِرٍ الذُّهْلِيُّ، أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شُعَيْبٍ، أخبرنا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ، أخبرنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عن أَبِي الزُّبَيْرِ، عن جَابِرٍ، قَالَ: " اسْتَصْرَخْنَا عَلَى قَتْلانَا يَوْمَ أُحُدٍ، يَوْمَ حَفَرَ مُعَاوِيَةُ الْعَيْنَ، فَوَجَدْنَاهُمْ رِطَابًا يَنْثَنُونَ "، زَادَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: وَذَلِكَ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، قَالا: وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: وَزَادَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عن أَيُّوبَ: فَأَصَابَ الْمرُّ رِجْلَ حَمْزَةَ، فَطَارَ مِنْهَا الدَّمُ.
أَخْرَجَهُ الثَّلاثَةُ سُلْمَى.
بِضَمِّ السِّينِ وَالإِمَالَةِ، وَحَازِمٌ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ.
حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ أَبُو عُمَارَةَ وَقِيلَ: أَبُو يَعْلَى، كَانَ عَمَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَخَاهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ، أَسَدُ اللهِ وَأَسَدُ رَسُولِهِ، تَزَوَّجَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ هَالَةَ بِنْتَ أُهَيْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ، فَوَلَدَتْ لَهُ حَمْزَةَ وَصَفِيَّةَ، وَكَانَتْ ثُوَيْبَةُ مَوْلَاةُ أَبِي لَهَبٍ، أَرْضَعَتْ حَمْزَةَ وَرَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ حَمْزَةُ

أَسَنَّ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَنَتَيْنِ، أَسْلَمَ بِمَكَّةَ حَمِيَّةً، وَكَانَ إِسْلَامُهُ عِزًّا وَمَنَعَةً لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهِدَ بَدْرًا، وَاسْتُشْهِدَ بِأُحُدٍ، آخَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَوْلَاهُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ يُقَاتِلُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَيْفَيْنِ، وَهُوَ الْمُعَلَّمُ بِرِيشَةِ نَعَامَةٍ يَوْمَ بَدْرٍ، فِيهِ وَفِي أَصْحَابِهِ نَزَلَتْ: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} [الحج: 19] ، سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَتَلَهُ وَحْشِيٌّ الْحَبَشِيُّ، مَوْلَى جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمِ بْنِ عَدِيٍّ، وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً، يَوْمَ السَّبْتِ فِي النِّصْفِ مِنْ شَوَّالٍ، مِنْ سَنَةِ ثَلَاثٍ قَتَلَ اللهُ بِيَدِهِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، قَبْلَ أَنْ يُقْتَلَ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ نَفْسًا، وَكَبَّرَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعِينَ تَكْبِيرَةً، وَكُفِّنَ فِي نَمِرَةٍ غُطِّيَ بِهَا رَأْسُهُ، وَجُعِلَ عَلَى رِجْلَيْهِ الْإِذْخِرُ، وَكَانَ أَحَدَ سَادَةِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَأَحَبَّ النَّاسِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَخَيْرَ أَعْمَامِهِ، اشْتَدَّ عَلَيْهِ وَجَدُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَآهُ قَتِيلًا، حَتَّى شَهِقَ فَقَالَ: «رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْكَ، فَإِنَّكَ مَا عُلِمْتَ فَعُولًا لِلْخَيْرَاتِ، وَصُولًا لِلرَّحِمِ» فَحَلَفَ لَيُمَثِّلَنَّ بِسَبْعِينَ مِنْهُمْ، ثُمَّ صَبَّرَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فَاسْتَلَمَ وَكَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ، أَسْنَدَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَيْنِ
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، ثنا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ الْقُرَظِيَّ، يَقُولُ: «إِنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يُكَنَّى أَبَا عُمَارَةَ»
- حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَن مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ أَسْلَمَ كَانَ وَاعِيَةً لِلْعِلْمِ أَنَّ أَبَا جَهْلٍ نَالَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآذَاهُ وَشَتَمَهُ، وَكَانَ حَمْزَةُ فِي قَنْصٍ لَهُ، فَأَقْبَلَ مُتَوَحِّشًا فَرَجَعَ إِلَى بَيْتِهِ، قَالَتْ لَهُ مَوْلَاتُهُ: يَا أَبَا عُمَارَةَ، لَوْ رَأَيْتَ مَا لَقِيَ ابْنُ أَخِيكَ آنِفًا مِنْ أَبِي الْحَكَمِ بْنِ هِشَامٍ، فَاحْتَمَلَ حَمْزَةَ الْغَضَبُ لِمَا أَرَادَ اللهُ بِهِ مِنْ كَرَامَتِهِ، فَخَرَجَ سَرِيعًا، حَتَّى إِذَا قَامَ عَلَى رَأْسِهِ رَفَعَ قَوْسَهُ، فَضَرَبَ بِهَا أَبَا جَهْلٍ ضَرْبَةً شَجَّهُ شَجَّةً مُنْكَرَةً وَقَالَ: «أَتَشْتُمُهُ وَأَنَا عَلَى دِينِهِ، أَقُولُ مَا يَقُولُ، فَرُدَّ عَلَيَّ إِنِ اسْتَطَعْتَ، وَتَمَّ حَمْزَةُ عَلَى إِسْلَامِهِ، فَلَمَّا أَسْلَمَ حَمْزَةُ، عَرَفَتْ قُرَيْشٌ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ عَزَّ وَامْتَنَعَ، وَأَنَّ حَمْزَةَ سَيَمْنَعُهُ، فَكَفُّوا عَنْ بَعْضِ مَا كَانُوا يَنَالُونَ مِنْهُ»
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا عَبَّاسُ بْنُ حَمْدَانَ الْحَنَفِيُّ، ثنا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْجَوَارِبِيُّ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ بُنْدَارٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْبَصْرِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَا: ثنا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، عَن ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «إِنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ قَدِمَ مِنَ الْيَمَنِ فِي رِحْلَةِ الشِّتَاءِ، فَتَزَوَّجَ بِهَالَةَ بِنْتِ وُهَيْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ، فَوَلَدَتْ لَهُ حَمْزَةَ وَصَفِيَّةَ»
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، ثنا يُوسُفُ الْقَاضِي، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ يَا رَسُولَ اللهِ، هَلْ لَكَ فِي ابْنَةِ حَمْزَةَ عَمِّكَ أَجْمَلِ فَتَاةٍ مِنْ قُرَيْشٍ؟ فَقَالَ: «أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ حَمْزَةَ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ؟» رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ مِثْلَهُ. رَوَاهُ عَنْ عَلِيٍّ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَأَبُو صَالِحٍ الْحَنَفِيُّ وَرَوَاهُ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ أَبُو الشَّعْثَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرَوَاهُ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْأَسَدِيُّ، ثنا أَبِي، ثنا زِيَادٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: «كَانَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَسَنَّ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَنَتَيْنِ»
- حَدَّثَنَا فَارُوقٌ الْخَطَّابِيُّ، ثنا زِيَادُ بْنُ الْخَلِيلِ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، ثنا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: «وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قُرَيْشٍ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ»
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا أَبُو شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ، ثنا أَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَن مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: «وَرَاحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ صَلَّى الْجُمُعَةَ، فَأَصْبَحَ بِالشِّعْبِ مِنْ أُحُدٍ يَوْمَ السَّبْتِ فِي النِّصْفِ مِنْ شَوَّالٍ، سَنَةَ ثَلَاثٍ»
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَضْرَمِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، قَالَ: «يَا رَسُولَ اللهِ، آخَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَ حَمْزَةَ»
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَضْرَمِيُّ، ثنا أَبُو كُرَيْبٍ، ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَن عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: " كَانَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يُقَاتِلُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَيْفَيْنِ وَيَقُولُ: «أَنَا أَسَدُ اللهِ وَأَسَدُ رَسُولِهِ»
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا شُعْبَةُ، وَقَيْسٌ، عَنِ أَبِي هَاشِمٍ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ، يَقُولُ: " أُقْسِمُ بِاللهِ أَنْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} [الحج: 19] فِي هَؤُلَاءِ النَّفَرِ السِّتَّةِ، حَمْزَةَ، وَعَلِيٍّ، وَعُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ، وَعُتْبَةَ، وَشَيْبَةَ، وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ "
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَنْبَرٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ التَّيْمِيُّ، حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَوْمَ بَدرٍ مُعَلَّمًا بِرِيشِ نَعَامَةٍ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ: مَنْ رَجُلٌ أُعْلِمَ بِرِيشِ نَعَامَةٍ؟ فَقِيلَ: حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ: «ذَاكَ الَّذِي فَعَلَ بِنَا الْأَفَاعِيلَ»
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْفَضْلِ الْهَاشِمِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ، قَالَ: أَقْبَلْنَا مِنَ الرُّومِ، فَلَمَّا أَنْ قَرُبْنَا مِنْ حِمْصٍ قُلْنَا: " لَوْ مَرَرْنَا بِوَحْشِيٍّ، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ قَتْلِ حَمْزَةَ، فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِ، وَقَدْ أُلْقِيَ لَهُ شَيْءٌ عَلَى بَابِهِ وَهُوَ جَالِسٌ، قُلْنَا: جِئْنَاكَ نَسْأَلُكَ عَنْ قَتْلِ حَمْزَةَ، فَقَالَ: لُذْتُ بِشَجَرَةٍ، وَمَعِي حَرْبَتِي، حَتَّى إِذَا اسْتَمْكَنْتُ مِنْهُ، هَزَزْتُ الْحَرْبَةَ، حَتَّى رَضِيتُ مِنْهَا، ثُمَّ أَرْسَلْتُهَا، فَوَقَعَتْ بَيْنَ ثَنْدُوَتَيْهِ وَذَهَبَ لَيَقُومَ فَلَمْ يَسْتَطِعْ، فَقَتَلْتُهُ ثُمَّ أَخَذْتُ حَرْبَتِي، مَا قَتَلْتُ أَحَدًا وَلَا قَاتَلْتُ، مُخْتَصَرًا "
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الْأُمَوِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ، قَالَ: خَرَجْتُ أَنَا وَعُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ، فَأَدْرَبْنَا مَعَ النَّاسِ، فَلَمَّا قَفَلْنَا مَرَرْنَا بِحِمْصَ، وَكَانَ وَحْشِيٌّ مَوْلَى جُبَيْرٍ قَدْ سَكَنَهَا، فَذَكَرَ مَقْتَلَهُ بِطُولِهِ
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ، ثنا أَبُو أَيُّوبَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ح، وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ دُحَيْمٌ قَالَا: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ، قَالَ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ أُرَاهُ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَرَجْتُ أَنَا وَعُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ، فِي زَمَانِ مُعَاوِيَةَ فَأَدْرَبْنَا، فَذَكَرَ مِثْلَهُ بِطُولِهِ
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدُوسِ بْنِ كَامِلٍ ثنا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ، قَالَ: «قُتِلَ حَمْزَةُ يَوْمَ أُحُدٍ، وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ»
- حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، ثنا بَقِيَّةُ، عَنْ بَحِيرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي بِلَالٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ الشَّيَّابِ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَوْمَ الشِّعْبِ آخِرَ أَصْحَابِهِ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَدُوِّ غَيْرُ حَمْزَةَ، يُقَاتِلُ الْعَدُوَّ، فَرَصَدَهُ وَحْشِيٌّ فَقَتَلَهُ، وَقَدْ قَتَلَ اللهُ بِيَدِ حَمْزَةَ مِنَ الْكُفَّارِ وَاحِدًا وَثَلَاثِينَ، وَكَانَ يُدْعَى أَسَدَ اللهِ "
- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ جَنَاحٍ الْمُحَارِبِيُّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْوَرْكَانِيُّ، ثنا سَعِيدُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَن أَنَسٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَبَّرَ عَلَى حَمْزَةَ سَبْعِينَ تَكْبِيرَةً»
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الطَّلْحِيُّ، ثنا أَبُو حُصَيْنٍ، ثنا مِنْجَابٌ، ثنا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ، عَن خَبَّابٍ، قَالَ: «لَقَدْ رَأَيْتُ حَمْزَةَ، وَمَا وَجَدْنَا لَهُ ثَوْبًا يُكَفَّنُ فِيهِ غَيْرَ بُرْدَةٍ مَلْحَاءَ إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ خَرَجَتْ رِجْلَاهُ، وَإِذَا غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ خَرَجَ رَأْسُهُ، حَتَّى مُدَّتْ عَلَى رَأْسِهِ، وَجُعِلَ عَلَى رِجْلَيْهِ إِذْخِرٌ»
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَغْدَادِيُّ ثنا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَنْبَسَةَ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْأَنْصَارِيُّ، ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ قُرَيْبٍ الْأَصْمَعِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ كِدَامَ بْنَ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَن أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «نَحْنُ سِتَّةٌ بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ سَادَاتُ أَهْلِ الْجَنَّةِ، أَنَا وَعَمِّي حَمْزَةُ، وَأَخِي عَلِيٌّ، وَجَعْفَرٌ، وَالْحَسَنُ، وَالْحُسَيْنُ» رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ «وَرَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ مِثْلَهُ» سِتَّةٌ
- حَدَّثَنَا فَارُوقٌ الْخَطَّابِيُّ، ثنا هِشَامُ بْنُ عَلِيٍّ السِّيرَافِيُّ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْخَطَّابِ، ثنا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ رَجُلٍ، مِنَ الْأَنْصَارِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ وُلِدَ لِي غُلَامٌ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: وُلِدَ لِي غُلَامٌ، فَمَا أُسَمِّيهِ؟ قَالَ: «سَمِّهِ بِأَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ حَمْزَةَ» رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُظَفَّرِ، وَأَبُو أَحْمَدَ الْغِطْرِيفِيُّ قَالَا: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ كَاسِبٍ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: وُلِدِ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلَامٌ فَذَكَرَ مِثْلَهُ
- ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُبَيْشٍ، ثنا هَيْثَمُ بْنُ خَلَفٍ، ثنا عَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ، عَنْ أَبِيهِ عَابِسِ بْنِ رَبِيعَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُ أَعْمَامِي حَمْزَةُ»
- حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، ثنا أَبُو حَمَّادٍ الْحَنَفِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَن جَابِرٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَأَى حَمْزَةَ بَكَى، فَلَمَّا رَأَى مَا مُثِّلَ بِهِ شَهِقَ»
- ثنا فَارُوقٌ الْخَطَّابِيُّ، ثنا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَشِّيُّ، ثنا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ثنا صَالِحٌ الْمُرِّيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنِ ابْنَيْ عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَفَ عَلَى حَمْزَةَ حَيْثُ اسْتُشْهِدَ، وَقَدْ مُثِّلَ بِهِ فَنَظَرَ إِلَى أَمْرٍ لَمْ يَنْظُرْ إِلَى أَوْجَعَ لِقَلْبِهِ مِنْهُ، فَقَالَ: «يَرْحَمُكَ اللهُ، إِنْ كُنْتَ لَوَصُولًا لِلرَّحِمِ، فَعُولًا لِلْخَيْرَاتِ، وَلَوْلَا حُزْنُ مَنْ بَعْدِي عَلَيْكَ، لَسَرَّنِي أَنْ أَدَعَكَ حَتَّى تُحْشَرَ مِنْ أَفْوَاجٍ شَتَّى، وَأَيْمُ اللهِ لَأُمَثِّلَنَّ بِسَبْعِينَ مِنْهُمْ مَكَانَكَ» ، قَالَ: فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاقِفٌ بَعْدُ بِخَوَاتِيمِ سُورَةِ النَّحْلِ: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} [النحل: 126] إِلَى آخِرِ السُّورَةِ. قَالَ: فَصَبَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ، وَأَمْسَكَ عَمَّا أَرَادَ "
- أَسْنَدَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَيْنِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، أَخْبَرَنِي حَرَامُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَن أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَوْمًا وَلَمْ يَجِدْهُ، فَسَأَلَ امْرَأَتَهُ عَنْهُ، وَكَانَتْ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ، فَقَالَتْ: خَرَجَ بِأَبِي أَنْتَ آنِفًا عَامِدًا نَحْوَكَ، وَأَظُنُّهُ أَخْطَأَكَ فِي بَعْضِ أَزِقَّةِ بَنِي النَّجَّارِ، أَفَلَا تَدْخُلُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَدَخَلَ فَقَدَّمَتْ إِلَيْهِ حَيْسًا، فَأَكَلَ مِنْهُ. فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ هَنِيئًا لَكَ وَمَرِيئًا، لَقَدْ جِئْتَ وَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ آتِيَكَ أُهَنِّئَكَ وَأُمَرِّيَكَ، أَخْبَرَنِي أَبُو عُمَارَةَ أَنَّكَ أُعْطِيتَ نَهْرًا فِي الْجَنَّةِ يُدْعَى الْكَوْثَرَ، قَالَ: «أَجَلْ، وَعَرْصَتُهُ يَاقُوتٌ، وَمَرْجَانٌ وَزَبَرْجَدٌ وَلُؤْلُؤٌ» ، فَقَالَتْ: أَحْبَبْتُ أَنْ تَصِفَ لِي حَوْضَكَ بِصِفَةٍ أَسْمَعُهَا مِنْكَ، فَقَالَ: «هُوَ مَا بَيْنَ أَيْلَةَ وَصَنْعَاءَ، فِيهِ أَبَارِيقُ مِثْلُ عَدَدِ النُّجُومِ، وَأَحَبُّ وَارِدِهَا عَلَيَّ قَوْمُكِ يَا بِنْتَ فَهْدٍ» يَعْنِي الْأَنْصَارَ "
- حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْغِطْرِيفِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، ح وَثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ التَّاجِرُ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادٍ، قَالَا: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ أَبُو عُمَرَ، ح وَثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الرَّازِيُّ، ثنا ابْنُ خَلَّادٍ، وَعُمَرُ بْنُ شَبَّةَ، قَالَا: ثنا سَلْمُ بْنُ عِيَاضِ بْنِ مُنْقِذِ بْنِ سُلْمَى بْنِ مَالِكٍ الْغَنَوِيُّ، وَكَانَتْ أُمُّ مَالِكٍ فَاطِمَةَ بِنْتَ كِنَانٍ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي جَدِّي مُنْقِذُ بْنُ سُلْمَى، عَنْ أَبِيهِ، سُلْمَى قَالَ: حَدَّثَنِي جَدِّي أَبُو مَرْثَدٍ، عَن حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَكَانَ، حَلِيفَهُ مَا أَبَسَّ عَبْدٌ بِلَقُوحٍ، وَلَا نَادَى مِنْ غُلَامٍ أَبَاهُ، وَمَا أَقَامَ أَحَدٌ مَكَانَهُ، حَدِيثًا مُسْنَدًا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الدُّعَاءِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْأَعْظَمِ وَرِضْوَانِكَ الْأَكْبَرِ» وَزَادَ سُلَيْمَانُ فِي حَدِيثِهِ: وَمَا بَلَّ بَحْرٌ صُوفَهُ
حَمْزَة بن عبد الْمطلب عَم النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرَضي عَنهُ قتل يَوْم أحد
حمزة بن عبد المطلب
قال صالح: قال أبي: حمزة بن عبد المطلب، أبو عمارة.
"مسائل صالح" (798)، "الأسامي والكنى" (315)

قال عبد اللَّه: سمعت أبي ذكر أن حكيم بن حزام كنيته أبو خالد، وحمزة بن عبد المطلب أبو عمارة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4587)، (4588)
حرف الخاء
أبو عمارة حمزة بن عبد المطلب
ويقال: أبو يعلى حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه عم النبي صلى الله عليه وسلم وأخوه من الرضاعة وأسد الله وأسد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال أبو القاسم: قال أبو عبد الله أحمد بن حنبل: حمزة بن عبد المطلب أبو عمارة.
حدثني ابن زنجويه قال: سمعت أبا صالح كاتب [الليث يقول:] حمزة بن عبد المطلب أبو يعلى.
حدثني سعيد بن يحيى الأموي قال: حدثني أبي عن محمد بن [إسحاق] في تسمية من شهد بدرا من المهاجرين من قريش ثم من بني هاشم حمزة بن عبد المطلب بن هاشم أسد الله وأسد رسوله صلى الله عليه وسلم.
قال الزبير: وكان الزبير أسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع سنين وكان رضيع رسول الله صلى الله عليه وسلم أرضعتهما ثويبة مولاة أبي لهب.
قال الزبير: حدثني إبراهيم بن حمزة عن جابر بن إسماعيل عن يحيى بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة عن جده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " والذي نفسي بيده إنه لمكتوب عند الله في السماء السابعة حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله.

- حدثني جدي نا إسماعيل بن علية ثني علي بن يزيد عن سعيد بن المسيب عن علي رضوان الله عليه أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم ح
وحدثني مجاهد بن موسى نا ابن عبيد عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب قال قال علي رضي الله عنه ح
وحدثني ابن زنجويه نا عبد الرزاق [] قالا: نا سفيان عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن علي رضي الله عنه قال: قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: " ألا تزوج ابنة حمزة فإنها أحسن فتاة في قريش؟ فقال: " أليس قد علمت أنها ابنة أخي من الرضاعة وأن الله حرم من الرضاعة ما حرم من النسب؟.
ولفظ الحديث على حديث جدي عن ابن علية.

- حدثنا ابن أبي شيبة نا علي بن مسهر عن ابن أبي عروبة عن قتادة عن جابر بن زيد عن ابن [عباس]: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد على ابنة حمزة بن عبد المطلب فقال: " إنها ابنة أخي من الرضاعة // // ويحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب.

- حدثنا عبد الرحمن بن [صالح] ثنا يونس بن بكير عن
يونس بن عمرو عن أبيه عن البراء عن زيد بن حارثة أنه قال: يارسول الله [آخيت] بيني وبين حمزة بن عبد المطلب.
قال أبو القاسم: يونس بن عمرو الذي روى عنه يونس بن بكير هذا الحديث هو يونس بن أبي إسحاق السبيعي واسم أبي إسحاق عمرو بن عبد الله وهذا حديث غريب.

- حدثنا محمد بن جعفر أبو عمران الوركاني نا سعيد بن ميسرة عن أنس بن مالك قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى على جنازة كبر عليها أربعا وإنه كبر على حمزة رضي الله عنه سبعين تكبيرة.

- حدثنا أبو زيد عمر بن شبة النميري نا سلمى بن عياض بن منقذ بن سلمى بن مالك ومالك بن فاطمة بنت أبي مرثد بن كناز بن حصين ابن نفر بن يربوع قال: حدثني جدي منقذ بن سلمى عن حديث جده أبي مرثد عن حديث حليفة حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه حديثا مسندا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إالزموا هذا الدعاء: اللهم إني أسألك باسمك الأعظم ورضوانك الأكبر ". قال: وكان حليفه ما أنس عبد بلقوح وما
نادى غلام أباه وما أقام أحد مكانه.

زيد بن ثابت بن الضحاك بن زيد

زيد بن ثَابت بن الضَّحَّاك بن زيد بن لوذان بن عَمْرو بن عبدعوف بن غنم بن مَالك بن النجار الخزرجي النجاري الْأنْصَارِيّ الْمَدِينِيّ كَاتب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كنيته أَبُو سعيد وَيُقَال أَبُو خَارِجَة وَيُقَال أَبُو عبد الرحمن
مَاتَ سنة إِحْدَى وَخمسين فِي ولَايَة مُعَاوِيَة وَقيل إِنَّه مَاتَ سنة خمس وَأَرْبَعين وَصلى عَلَيْهِ مَرْوَان
روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ لَهُ ابْن عَبَّاس فِي حَدِيث سل فُلَانَة الْأَنْصَارِيَّة فَسَأَلَهَا فَرجع إِلَى ابْن عَبَّاس يضْحك فَقَالَ مَا أَرَاك إِلَّا قد صدقت
روى عَنهُ ابْنه خَارِجَة فِي الْوضُوء وَعَطَاء بن يسَار فِي الصَّلَاة وَبسر بن سعيد فِي الصَّلَاة وَأنس بن مَالك فِي الصَّوْم وَطَاوُس فِي الْحَج وعبد الله بن يزِيد فِي الْحَج وَابْن عمر فِي الْبيُوع وَأَبُو سعيد الْخُدْرِيّ فِي عَذَاب الْقَبْر
زيد بْن ثَابت بْن الضَّحَّاك بْن زيد بْن لوذان بْن عَمْرو بْن عَبْد بْن عَوْف بْن غنم بْن مَالك بْن النجار بْن عَمْرو بْن الْخَزْرَج أَخُو يزِيد بْن ثَابت كنيته أَبُو سعيد وَقد قيل أَبُو عَبْد اللَّه وَقد قيل أَبُو عَبْد الرَّحْمَن وَقيل أَيْضا أَبُو خَارِجَة مَاتَ سنة إِحْدَى وَخمسين فِي ولَايَة
مُعَاوِيَة وَقد قيل إِنَّه مَاتَ سنة خمس وَأَرْبَعين وَصلى عَلَيْهِ مَرْوَان وَقتل لزيد بْن ثَابت يَوْم الْحرَّة سَبْعَة من أَوْلَاده لصلبه وَله بِالْمَدِينَةِ عقب وَهُوَ أَخُو يزِيد بْن ثَابت قدم رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَة وَزيد لَهُ حِينَئِذٍ إِحْدَى عشرَة سنة
زَيْدُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ بْنِ زَيْدِ بْنِ لَوْذَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ عَوْفِ بْنِ غَنْمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ تَيْمِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْخَزْرَجِ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْبَرَاءِ، نا الْمُعَافَى بْنُ سُلَيْمَانَ، نا زُهَيْرٌ، نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَزَلَتْ عَلَيْهِ: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرِ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ} [النساء: ] فَقَالَ عَمْرُو بْنُ مَكْتُومٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بِي ضَرَرٌ فَقَالَ: " اكْتُبْ {غَيْرَ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء: ] "
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، نا عَمْرُو بْنُ حَكَّامٍ، نا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ هَذِهِ الآيَةَ: «وَالشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ»
زيد بن ثابت بن الضحاك بن زيد بن لوذان بن عمرو بن عبد عوف ابن غنم بن مالك بن النجار الأنصاري النجاري
وأمّه النوار بنت مالك ابن معاوية بن عدي بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار، يكنى أبا سعيد.
وقيل: يكنى أبا عبد الرحمن، قاله الهيثم بن عدي. وقيل: يكنى أبا خارجة بابنه خارجة، يقَالُ: إنه كان في حين قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ابن إحدى عشرة سنة، وكان يوم بعاث ابن ست سنين، وفيها قتل أبوه. وَقَالَ الواقدي: استصغر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم بدر جماعة فردهم، منهم زيد بن ثابت، فلم يشهد بدرا.
قَالَ أبو عمر: [ثم ] شهد أحدا وما بعدها من المشاهد. وقيل:
إن أول مشاهده الخندق. قبل: وكان ينقل التراب يومئذ مع المسلمين، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أما إنه نعم الغلام! وكانت راية بني مالك ابن النجار في تبوك مع عمارة ابن حزم ، فأخذها رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ودفعها إلى زيد بن ثابت، فَقَالَ عمارة: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أبلغك عني شيء؟
قَالَ: لا، ولكن القرآن مقدم، وزيد أكثر أخذا منك للقرآن. وهذا عندي خبر لا يصحّ، والله أعلم.
وأما حديث أنس [بن مالك ] إن زيد بن ثابت أحد الذين جمعوا القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم- يعني من الأنصار- فصحيح، وقد عارضه قوم بحديث ابن شهاب عن عبيد بن السباق، عن زيد بن ثابت، أن أبا بكر أمره في حين مقتل القراء باليمامة بجمع القرآن من الرقاع والعسب وصدور الرجال، حتى وجدت آخر آية من التوبة مع رجل يقال له: خزيمة أو أبو خزيمة.
قالوا: فلو كان زيد قد جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأملاه من صدره، وما احتاج إلى ما ذكره . قالوا: وأما خبر جمع عثمان للمصحف فإنما جمعه من الصحف التي كانت عند حفصة من جمع أبي بكر.
وكان زيد يكتب لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الوحي وغيره، وكانت ترد على رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب بالسريانية، فأمر زيدا فتعلمها في بضعة عشر يوما، وكتب بعده لأبي بكر، وعمر، وكتب لهما معيقيب الدوسي معه أيضا.
واستخلف عمر بن الخطاب زيد بن ثابت على المدينة ثلاث مرات في الحجتين وفي خروجه إلى الشام، وكتب إليه من الشام إلى زيد بن ثابت من عمر بن الخطاب.
وَقَالَ نافع، عن ابن عمر، قَالَ: كان عمر يستخلف زيدا إذا حج، وكان عثمان يستخلفه أيضا على المدينة إذا حج. ورمي يوم اليمامة بسهم فلم
يضره، وكان أحد فقهاء الصحابة الجلة الفراض، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفرض أمتي زيد بن ثابت. وكان أبو بكر الصديق قد أمره بجمع القرآن في الصحف ، فكتبه فيها، فلما اختلف الناس في القراءة زمن عثمان، واتفق رأيه ورأي الصحابة على أن يرد القرآن إلى حرف واحد، وقع اختياره على حرف زيد، فأمره أن يملي المصحف على قوم من قريش جمعهم إليه، فكتبوه على ما هو عليه اليوم بأيدي الناس، والأخبار بذلك متواترة المعنى، وإن اختلفت ألفاظها، وكانوا يقولون: غلب زيد بن ثابت الناس على اثنين : القرآن والفرائض.
وَقَالَ مسروق: قدمت المدينة فوجدت زيد بن ثابت من الراسخين في العلم.
وروى حميد بن الأسود، عن مالك بن أنس، قَالَ: كان إمام الناس عندنا بعد عمر بن الخطاب زيد بن ثابت- يعني بالمدينة. قَالَ: وكان إمام الناس بعده عندنا عبد الله بن عمر.
وروى أبو معاوية، عن الأعمش، عن ثابت بن عبيد، قَالَ: كان زيد بن ثابت من أفكه الناس إذا خلا مع أهله، وأصمتهم إذا جلس مع القوم.
وَرَوَى الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ وُهَيْبٍ عَبْدٌ كَانَ لِزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَكَانَ زَيْدٌ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ فِي خِلافَةِ عُثْمَانَ، فَدَخَلَ عُثْمَانُ فَأَبْصَرَ وُهَيْبًا يُعِينُهُمْ فِي بَيْتِ الْمَالِ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ زَيْدٌ: مَمْلُوكٌ لِي
فَقَالَ عُثْمَانَ: أَرَاهُ يُعِينُ الْمُسْلِمِينَ وَلَهُ حَقٌّ. وَإِنَّا نَفْرِضُ لَهُ، فَفَرَضَ لَهُ أَلْفَيْنِ فَقَالَ زَيْدٌ: وَاللَّهِ لا نَفْرِضُ لِعَبْدٍ أَلْفَيْنِ، فَفَرَضَ لَهُ أَلْفًا.
قَالَ أبو عمر: كان عثمان يحب زيد بن ثابت، وكان زيد عثمانيا، ولم يكن فيمن شهد شيئا من مشاهد علي مع الأنصار، وكان مع ذَلِكَ يفضل عليا ويظهر حبه. وكان فقيها رحمه الله.
اختلف في وقت وفاة زيد بن ثابت. فقيل: مات سنة خمس وأربعين.
وقيل: سنة اثنتين وقيل: سنة ثلاث وأربعين، وهو ابن ست وخمسين. وقيل: ابن أربع وخمسين. وقيل: بل توفي سنة إحدى أو اثنتين وخمسين. [وقيل سنة خمسين ] . وقيل سنة خمس وخمسين، وصلى عليه مروان. وَقَالَ المدائني: توفي زيد بن ثابت سنة ست وخمسين.
زيد بن ثابت بن الضحاك بن زيد
ابن لوذان بن عمرو بن عبد بن عوف بن غنم بن مالك بن النجار أبو خارجة الأنصاري الخزرجي النجاري المدني الصحابي.
كان مع عمر بن الخطاب لما قدم الشام وخطب بالجابية عند خروجه لفتح بيت المقدس، وهو الذي تولى قسمة غنائم اليرموك.
حدث زيد بن ثابت قال: تسحرنا مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم قام إلى الصلاة، قال: قلت: كم كان بين الأذان والسحور؟ قال: قدر قراءة خمسين آية.
وعن مكحول: أن عبادة بن الصامت دعا نبطياً يمسك له دابته عند بيت المقدس، فأبى، فضربه فشجه، فاستعدى عليه عمر بن الخطاب، فقال له: ما دعاك إلى ما صنعت بهذا؟ فقال: يا أمير
المؤمنين، أمرته أن يمسك دابتي فأبى، وأنا رجل في حدة، فضربته. فقال: اجلس للقصاص. فقال زيد بن ثابت: أتقيد عبدك من أخيك؟ فترك عمر القود، وقضى عليه بالدية.
وزيد بن ثابت أمه النوار بنت مالك بن معاوية بن عدي بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار.
وقيل: كانت كنية زيد بن ثابت أبو سعيد، وكان كاتب سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم كان كاتب عمر بن الخطاب، وله القراءة والفرائض.
قال زيد بن ثابت: قدم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة وأنا ابن إحدى عشرة سنة.
قال زيد بن ثابت: أتي بي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مقدمه المدينة، فقالوا: يا رسول الله، هذا غلام من بني النجار، وقد قرأ مما أنزل إليك سبع عشرة سورة. قال: فقرأت على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأعجبه ذلك، فقال: يا زيد، تعلم لي كتاب يهود، فإني والله ما آمن يهود على كتابي، قال: فتعلمته، فما مضى لي نصف شهر حتى حذقته، فكنت أكتب لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا كتب إليهم، وإذا كتبوا إليه قرأت له.
وعن زيد بن ثابت قال: قال له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
إنها تأتيني كتب لا أحب أن يقرأها كل أحد، فهل تستطيع أن تعلم كتاب العبرانية أو قال السريانية؟ فقلت: نعم، قال: فتعلمتها في سبع عشرة ليلة.
قال زيد بن ثابت: كنت أكتب الوحي لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان إذا نزل عليه أخذته برحاء شديدة، وعرق عرقاً مثل الجمان، ثم سري عنه.
وعن البراء عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: ادع لي زيداً، وقل له: تجيء بالكتف والدواة أو اللوح والدواة فقل: اكتب: " لا يستوي القاعدون من المؤمنين ". أحسبه قال: والمجاهدون قال: فقال ابن أم مكتوم: يا رسول الله، بعيني ضرر. فنزلت قبل أن يبرح: " غير أولي الضرر ".
وعن زيد بن ثابت قال: أرسل إلي أبو بكر مقتل أهل اليمامة، فإذا عمر بن الخطاب عنده، فقال أبو بكر الصديق: إن عمر أتاني فقال لي: إن القتل قد استحر بأهل اليمامة من قراء المسلمين، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن، فيذهب كثير من القرآن لا يوعى، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن. فقلت لهم: كيف أفعل شيئاً لم يفعله رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال عمر: هو والله خير. فلم يزل يراجعني بذلك حتى شرح الله بذلك صدري، فرأيت فيه الذي رأى عمر، فقال زيد بن ثابت، وعمر جالس عنده لا يتكلم: فقال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل، ولا تنهمك، وكنت تكتب الوحي لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاتبع القرآن فاجمعه. قال زيد: فوالله لو كلفوني ثقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن. قال: فقلت: كيف تفعلون شيئاً لم يفعله رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: هو والله خير، فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر. قال: فكنت أتبع القرآن أجمعه من الرقاع والأكتاف، والعسب، وصدور الرجال، حتى وجدت آخر سورة التوبة آيتين مع خزيمة الأنصار لم أجدهما مع أحدٍ غيره: " لقد جاءكم رسولٌ من أنفسك.. " فكانت الصحيفة التي جمعنا فيها القرآن عند أبي بكر حياته حتى توفاه الله، ثم عند عمر بن الخطاب حياته حتى توفاه الله، ثم عند حفصة بنت عمر.
قال ابن شهاب: ثم أخبرني أنس: أنه اجتمع لغزو أذربيجان وإرمينية أهل الشام وأهل العراق، فتذاكروا القرآن، فاختلفوا فيه حتى كاد يكون بينهم فتنة. قال: فركب حذيفة بن اليمان لما رأى اختلافهم في القرآن إلى عثمان بن عفان، فقال: إن الناس قد اختلفوا في القرآن حتى إني والله لأخشى أن يصيبهم ما أصاب اليهود والنصارى من الاختلاف. قال: ففزع لذلك عثمان بن عفان فزعاً شديدا، ً وأرسل إلى حفصة، فاستخرج الصحف التي كان أبو بكر أمر زيداً بجمعها، فنسخ منها المصاحف، فبعث بها إلى الآفاق، ثم لما كان مروان أمير المدينة أرسل إلى حفصة يسألها عن الصحف ليمزقها، وخشي أن يخالف بعض الكتاب بعضاً، فمنعته إياها. قال ابن شهاب: فحدثني سالم بن عبد الله قال: فلما توفيت حفصة أرسل إلي عبد الله بن عمر
بعزيمةٍ ليرسلن بها. فساعة رجعوا من جنازة حفصة أرسل بها عبد الله بن عمر إلى مروان، فغسلها، ومزقها مخافة أن يكون في شيء من ذلك اختلاف لما نسخ عثمان.
وعن أنس قال: جمع القرآن على عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أربعةٌ كلهم من الأنصار، ومعاذ، وزيد بن ثابت، وأبو زيد رجل من الأنصار.
وعن عطية بن قيس الكلابي قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من أحب أن يقرأ غضاً أو غريضاً فليقرأه بقراءة زيد.
قال ابن سيرين: غلب زيد بن ثابت الناس بخصلتين: بالقرآن والفرائض.
وعن أبي محجن قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن أرأف الناس بهذه الأمة أبو بكر، وإن أقواها في أمر الله عمر، وإن أصدقها حياء عثمان، وإن أعلمها بفصل القضاء علي. وإن أقرأها أبي، وإن أفرضها زيد، وإن أعلمها بالناسخ والمنسوخ معاذ، وإن لكل أمة أميناً، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح.
وعن زيد بن ثابت قال: كانت وقعة بعاث وأنا ابن ست سنين، وكانت قبل هجرة رسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بخمس سنين، فقدم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة، وأنا ابن إحدى عشرة سنة، وأتي بي إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالوا: غلامٌ من الخزرج قد قرأ ست عشرة سورة، فلم أجز في بدر ولا أحد، وأجزت في الخندق.
قال محمد بن عمر:
كان زيد بن ثابت يكتب الكتابين جميعاً: كتاب العربية، وكتاب العبرانية. وأول مشهدٍ شهده زيد بن ثابت مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الخندق، وهو ابن خمس عشرة سنة، وكان ممن ينقل التراب يومئذ مع المسلمين، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أما إنه نعم الغلام، وغلبته عيناه يومئذ، فرقد، فجاء عمارة بن حزم فأخذ سلاحه، وهو لا يشعر، فقال له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا رقاد، نمت حتى ذهب سلاحك، وقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من له علمٌ بسلاح
هذا الغلام؟ فقال عمارة بن حزم: يا رسول الله، أنا أخذته. فرده، فنهى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يومئذ أن يروع المؤمن، أو أن يؤخذ متاعه لاعباً جداً.
قال: وكانت راية بني مالك بن النجار في تبوك مع عمارة بن حزم، فأدركه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخذها منه، فدفعها إلى زيد بن ثابت، فقال عمارة: يا رسول الله، بلغك عني شيءٌ؟ قال: لا ولكن القرآن يقدم، وكان زيد أكثر أخذاً منك للقرآن.
وفي حديث آخر بمعناه: والقرآن يقدم وإن كان عبداً أسود مجدعاً.
وعن أبي سعيد قال: لما توفي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قام خطباء الأنصار، فجعل بعضهم يقول: يا معشر المهاجرين، إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا بعث رجلاً منكم قرنه برجل منا، فنحن نرى أن يلي هذا الأمر رجلان: رجل منكم، ورجل منا، فقام زيد بن ثابت فقال: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان من المهاجرين، وكنا أنصار رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإنما يكون الإمام من المهاجرين، ونحن أنصاره كما كنا أنصار رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فقال أبو بكر: جزاكم الله خيراً من حي يا معشر الأنصار، وثبت قائلكم، والله لو قلتم غير هذا ما صالحناكم.
قال مسروق: كان أصحاب الفتوى من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عمر، وابن مسعود، وزيد، وأبي بن كعب، وأبو موسى الأشعري.
قال الشعبي: القضاة أربعة، والدهاة أربعة، فأما القضاة فعمر، وعلي، وزيد، وابن مسعود، وأما الدهاة فمعاوية، وزياد، وعمرو، والمغيرة.
وقال مسروق: انتهى علم أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى ستة، فسمى عمر، وعلياً، وابن مسعود، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وأبا موسى.
وعن القاسم قال: كان عمر يستخلف زيد بن ثابت في كل سفر أو كل سفر يسافره وكان يفرق
الناس في البلدان، ويوجهه في الأمور المهمة، ويطلب إليه الرجال المسمون، فيقال له: زيد بن ثابت. فيقول: لم يسقط علي مكان زيد، ولكن أهل البلد يحتاجون إلى زيد فيما يجدون عنده فيما يحدث لهم ما لا يجدون عند غيره.
قال سليم بن يسار: ما كان عمر وعثمان يقدمان على زيد بن ثابت أحداً في القضاء، والفتوى، والفرائض، والقراءة.
وقال عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: لما رد عبد الله بن الأرقم المفتاح استخزن عثمان زيد بن ثابت.
وعن خارجة: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يستخلف زيد بن ثابت إذا خرج إلى بعض أسفاره، فقلما رجع إلا أقطع زيداً حديقةً من نخل.
قال الشعبي: تنازع في جذاذ نخلٍ أبي بن كعب وعمر بن الخطاب، فبكى أبي، ثم قال: أفي سلطانك يا عمر؟ قال عمر: اجعل بيني وبينك رجلاً من المسلمين، قال أبي: زيد. قال: رضًى. فانطلقا حتى دخلا على زيد، فلما رأى زيد عمر تنحى عن فراشه، فقال له عمر: في بيته يؤتى الحكم. فعرف زيد أنهما جاءا ليتحاكما إليه، فقال عمر لأبي يقص. فقص، فقال له عمر: تذكر لعلك نسيت شيئاً فتذكر، ثم قص حتى قال: ما أذكر شيئاً. ثم قص عمر، فقال زيد: بينتك يا أبي. قال: ما لي بينة. قال: فأعف أمير المؤمنين من اليمين. فقال عمر: لا تعف أمير المؤمنين من اليمين إن رأيتها عليه.
زاد في حديث آخر بمعناه: ثم أقسم لا يدرك زيد بن ثابت القضاء حتى يكون عمر ورجل من عرض المسلمين عنده سواء.
وعن نافع قال: استعمل عمر بن الخطاب زيد بن ثابت على القضاء، وفرض له رزقاً.
حدث سعيد بن عبد الرحمن بن رقيش قال: كان بنو عمرو بن عوف قد أجلبوا على عثمان، وكان زيد بن ثابت يذب عنه، فقال له قائل منهم: وما يمنعك؟ ما أقل والله من الخزرج من له من عضدان العجوة مالك! قال: فقال له زيد بن ثابت، اشتريت بمالي، وقطع لي إمامي عمر بن الخطاب، وقطع لي إمامي عثمان بن عفان.
فقال له ذلك الرجل: أعطاك عمر بن الخطاب عشرين ألف دينار؟ قال: لا، ولكن عمر كان يستخلفني على المدينة، فوالله ما رجع من مغيب قط إلا قطع لي حديقة من نخل.
ولما حصر عثمان أتاه زيد بن ثابت، فدخل عليه الدار، فقال له عثمان: أنت خارجٌ أنفع لي منك ههنا، فذب عني. فخرج، فكان يذب الناس، ويقول لهم فيه، حتى رجع لقوله أناس من الأنصار، وجعل يقول: يا للأنصار! كونوا أنصار الله مرتين انصروه، والله إن دمه لحرام. فجاء أبو حبة المازني مع ناس من الأنصار، فقال: ما يصلح لنا معك أمر، فكان بينهما كلام، ثم أخذ تلبيب زيد بن ثابت هو وأناسٌ معه، فمر به ناس من الأنصار، فلما رأوهم أرسلوه، وجعل رجل منهم يقول لأبي حبة: أتصنع هذا برجل له مات الليلة ما دريت ما ميراثك من أبيك؟! قال ابن شهاب: لو هلك عثمان وزيد في بعض الزمان لهلك علم الفرائض، لقد أتى على الناس زمان وما يعلمها غيرها.
وعن الحسين بن الفهم وبكير بن عبد الله الأشج قال: جل ما أخذ بن سعيد بن المسيب من القضاء ما يفتي به، وقال ابن الفهم: وما كان يفتي به عن زيد بن ثابت، وكان قل قضاء أو فتوى جليلةٌ ترد على ابن المسيب تحكى له عن
بعض من هو غائب عن المدينة من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وغيرهم إلا قال: فأين زيد بن ثابت عن هذا؟ إن زيد بن ثابت أعلم الناس بما تقدمه من قضاء، وأبصرهم بما يرد عليه مما لم يسمع فيه بشيء، ثم يقول ابن المسيب: لا أعلم لزيد بن ثابت قولاً لا يعمل به، يجمع عليه في المشرق والمغرب، أو يعمل به أهل مصرٍ، وإنه ليأتينا عن غيره أحاديث وعلم ما رأيت أحداً من الناس يعمل بها، ولا من هو بين ظهرانيهم.
قال الزهري: لولا أن زيد بن ثابت كتب الفرائض لرأيت أنها ستذهب من الناس.
قال ابن عباس: لقد علم المحفوظون من أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن زيد بن ثابت كان من الراسخين في العلم.
وعن عمار بن أبي عمار: أن زيد بن ثابت ركب يوماً، فأخذ ابن عباس بركابه، فقال: تنح يا بن عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فقال: هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا وكبرائنا. فقال زيد: أرني يدك. فأخرج يده فقبلها، فقال: هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا.
قال ثابت بن عبيد: كان زيد بن ثابت من أفكه الناس في أهله، وأزمته عند القوم.
قال يحيى بن سعيد: لما مات زيد بن ثابت قال أبو هريرة: مات خبر هذه الأمة، ولعل الله أن يجعل في ابن عباس منه خلفاً.
وعن سعيد بن المسيب قال: شهدت جنازة زيد بن ثابت، فلما دلي في قبره قال ابن عباس: من سره أن يعلم كيف ذهاب العلم فهكذا ذهاب العلم، والله لقد دفن اليوم علم كثير.
قال عوف: بلغني أن ابن عباس قال لما دفن زيد بن ثابت: هكذا يذهب العلم وأشار إلى قبره يموت الرجل الذي يعلم الشيء لا يعلمه غيره فيذهب ما كان معه.
قال خارجة بن زيد: توفي أبي زيد قبل أن تصفر الشمس، فكان رأيي دفنه قبل أن أصبح، فجاءت الأنصار فقالت: لا يدفن إلا نهاراً يجتمع له الناس. فسمع مروان الأصوات، فأقبل يمشي حتى دخل علي فقال: عزيمةٌ مني أن يدفن حتى تصبح، فلما أصبحنا غسلناه ثلاثاً: الأول بالماء، والثانية بالماء والسدر، والثالثة بالماء والكافور، وكفناه في ثلاثة أثواب: أحدها برد كان كساه إياه معاوية، وصلينا عليه بعد طلوع الشمس، صلى عليه مروان بن الحكم، وأرسل مروا بجزرٍ فنحرت، وأطعمنا الناس. قال أبو الزناد: نزل نساء العوالي، وجاء نساء البلد من الأنصار، فجعل خارجة يذكرهن الله، ويقول: لا تبكين عليه. فقلن: لا نسمع كلامك في هذا، ولنبكين عليه ثلاثاً، فغلبنه، فبكين عليه ثلاثاً. قال: وأطعموا.
قال محمد بن عمر: ومات زيد بن ثابت بالمدينة سنة خمس وأربعين. وقيل: سنة خمس وخمسين، وقيل: سنة ثمان وأربعين، وقيل غير ذلك، وقال حسان بن ثابت: من الطويل
فمن للقوافي بعد حسان وابنه ... ومن للمثاني بعد زيد بن ثابت

عبد الله بن عثمان ابو بكر الصديق

عبد الله بن عثمان أبو بكر الصديق صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعثمان يكنى بأبي قحافة وهو عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي روى عنه عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وعبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت وعبد الله بن عباس وعبد الله ابن عمر وحذيفة بن اليماني وعبد الله بن عمرو [بن العاص - ] وزيد ابن أرقم والبراء بن عازب وأنس بن مالك وأبو سعيد الخدري وأبو هريرة وعقبة بن عامر وأبو برزة وأبو أمامة الباهلي ومعقل بن يسار وعمرو بن حريث.
عبد الله بن عثمان أبو بكر الصديق رضي الله عنه
- حدثنا محمد بن عبد الرحمن المقرىء نا سفيان بن عيينة عن عتبة قال: حدثني من سمع ابن الزبير يقول: كان اسم أبي بكر عبد الله بن عثمان.
أخبرت أن عتبة الذي روى هذا الحديث يقال له: عتبة اللقاط روى هذا الحديث عنه مسعر.

- حدثني به أبو بكر بن زنجويه نا الحميدي عن سفيان عن
مسعر عن عتبة قال سفيان: وقد سمعته من عتبة ولكنه عن مسعر أنفق.
حدثني سعيد//// بن يحيى الأموي قال: حدثني أبي عن ابن إسحاق ح
وحدثني هارون بن موسى الفروي نا محمد بن فليح عن موسى بن عقبة عن الزهري قال فيمن شهد بدرا في حديث ابن إسحاق: عتيق.
وفي حديث الزهري: عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بلغني وأم أبي بكر: أم الخير سلمى بنت صخر بنت عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة.
وقال مصعب الزبيري: سمي أبو بكر عتيقا لأنه لم يكن في نسبه شيء يعاب به. قال: ويقال: كان له أخوان يقال لهما: عتيقا وعتيق فسمي بأحدهما رضوان الله عليه.

- حدثنا عبد الله بن سعد الكندي نا عقبة بن خالد عن شعبة عن الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال: قال أبو بكر: ألست أحق الناس بها، ألست أول من أسلم ألست صاحب كذا الست
[صاحب] كذا.

- حدثني سريج بن يونس نا يوسف بن الماجشون قال: أدركت مشيختنا منهم: محمد بن المنكدر وربيعة بن أبي عبد الرحمن وصالح بن كيسان وعثمان وعمار بن محمد [لا] يشكون [أن أول القوم إسلاما] أبو بكر.
- حدثنا محمد بن عباد المكي نا سفيان وسئل: من أكبر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: حسبت ابن جدعان أظنه عن أنس قال: أبو بكر وسهيل بن [بيضاء].

- حدثني أحمد بن منصور نا أبو صالح الحراني نا ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكبر من أبي بكر بسنتين وشيء.

- حدثنا علي بن الجعد أخبرنا شعبة عن حميد عن أنس: أن أبا بكر كان يخضب بالحناء والكتم.

- حدثنا أبو خيثمة نا جرير عن حصين عن المغيرة بن شبيل عن قيس بن أبي حازم قال: رأيت أبا بكر كأن رأسه ولحيته ضرام عرفج.
- حدثنا عبد الله بن عمر نا وكيع عن الأعمش عن ثابت بن عبيد عن أبي جعفر الأنصاري قال: رأيت أبا بكر في غزوة السلاسل كأن رأسه ولحيته جمر الغضا.

- حدثني زهير بن محمد قال: أخبرني صدقة بن سابق نا محمد بن إسحاق قال: آخا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه فكان أبو بكر الصديق وخارجة بن زيد بن أبي زهير أحد بني الحارث بن الخزرج أخوين.

- حدثني محمد بن إسحاق نا عبد الله بن صالح عن الليث بن سعد عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن ربيعة بن سيف قال: كنا عند شفي الأصبحي فقال: سمعت عبد الله بن عمرو يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " يكون خلفي اثنا عشر خليفة أبو بكر لا يلبث إلا قليلا.

- حدثني جدي رحمه الله نا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة نا
نافع بن عمر عن ابن أبي مليكة قال: قيل لأبي بكر يا خليفة الله، فقال: ////أخبرنا خليفة محمد صلى الله عليه وسلم وأنا أرضى بذلك يعني وكره أن يقال: خليفة الله.

- حدثني أبو خيثمة نا يحيى بن سليم الطائفي نا جعفر بن محمد عن أبيه عن عبد الله بن جعفر قال: ولينا أبو بكر رحمه الله وارحمه بنا وأحناه علينا.

- حدثنا داود بن عمر الضبي نا عبد الجبار بن الورد عن ابن أبي مليكة قال: قالت عائشة: دعاني أبي - يعني في مرضه - فقال: يا بنية إني كنت أعز قريش وأكثرهم مالا، فلما شغلتني الإمارة رأيت أن أصيب من المال فأصبت هذه العباءة القطوانية و [لقحة] وعبدا فإذا مت فأسرعي به إلى ابن الخطاب يا بنيتي ثيابي ثيابي هذه كفنيني فيها قالت: فبكيت وقلت: يا أبت نحن أيسر من ذلك فقال: غفر الله لك وهل ذلك إلا للمهل، قالت: فلما مات بعثت بذلك إلى ابن الخطاب،
فقال: يرحم الله أباك لقد أحب أن لا يترك لقائل مقالا.

- حدثنا محمد بن بكار نا أبو معشر عن زيد بن أسلم عن أبيه وعن عمر - مولى غفرة - وعن محمد بن مريفع قالوا: توفي أبو بكر لثمان بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة.

- حدثني أبو بكر بن زنجويه نا الفريابي نا سفيان عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت: توفي أبو بكر يوم الاثنين عشية.
حدثني أبو بكر بن زنجويه ثني صالح قال: حدثني الليث قال: توفي أبو بكر لليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة ثلاث عشرة.
حدثنا علي بن مسلم نا زياد البكائي عن محمد بن إسحاق قال: كانت خلافة أبي بكر سنتين وثلاثة أشهر واثنتين وعشرين يوما توفي في حمادى الأولى.
- حدثنا أبو خيثمة وهارون بن عبد الله وغيرهما قالوا: نا حبان بن هلال ح
ونا أبو بكر بن أبي شيبة وهارون وابن زنجويه وغيرهم قالوا: نا عفان قالا: نا همام نا ثابت نا أنس بن مالك: أن أبا بكر حدثه قال: نظرت على أقدام المشركين على رؤوسنا ونحن في الغار فقلت: يا رسول الله لو أن أحدا نظر إلى قدميه أبصرنا تحت قدميه، فقال: " يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما.
وهذا لفظ حديث أبي خيثمة عن حبان.
أبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد المخزومي
رضيع رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمته توفي سنة أربع من الهجرة بالمدينة.
حدثني عمي عن أبي عبيد: اسم أبي سلمة: عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم.
حدثني هارون بن موسى الفروي نا محمد بن فليح عن موسى بن عقبة عن الزهري في مهاجرة الحبشة وفيمن هاجر إلى المدينة وفيمن شهد بدرا: أبو سلمة بن عبد الأسد امرأته أم سلمة بنت أبي أمية ولدت له بأرض الحبشة عمر بن أبي سلمة.////.
- حدثنا منصور بن أبي مزاحم نا إبراهيم بن سعد عن الزهري عن قبيصة بن ذؤيب: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى أبا سلمة يعوده وهو ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأول من هاجر بظعينة إلى أرض الحبشة ثم إلى المدينة بعد.

- حدثنا أبو خيثمة نا يعقوب بن إبراهيم نا ابن أخي ابن شهاب عن عمته قال: أخبرني عروة بن الزبير قال: إن زينب بنت أبي سلمة أخبرته أن أم حبيبة - زوج النبي صلى الله عليه وسلم - أخبرتها قالت: قلت: يا رسول الله إنا لنتحدث أنك تريد أن تنكح درة بنت أبي سلمة؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ابنة أم سلمة؟! " قالت: نعم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وأيم الله لو أنها لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي إنها ابنة أخي من الرضاعة أرضعتني وأبا سلمة ثويبة فلا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن ".
- حدثنا هدبة بن خالد نا سليمان بن المغيرة عن ثابت قال: حدثني ابن أم سلمة: أن أبا سلمة جاء إلى أم سلمة فقال: لقد سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا أحب إلي من كذا وكذا لا أدري ما أعدل به سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا تصيب أحدا مصيبة فيسترجع عند ذلك ثم يقول: اللهم عندك احتسب مصيبتي هذه اللهم اخلفني فيها بخير منها إلا أعطاه الله " قالت أم سلمة: فلما أصيب أبو سلمة قلت: اللهم عندك احتسبت مصيبتي هذه ولم تطب نفسي أن أقول: اللهم اخلفني منها بخير منها ثم قالت: من خير من أبي سلمة أليس؟ أليس؟ ثم قالت ذلك فلما انقضت عدتها أرسل إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت لابنها: زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوجه.
- حدثنا عبد الرحمن بن صالح الأزدي نا عجلان بن عبد الله من بني عدي عن مالك بن دينار عن أنس: أن أبا سلمة لما ثقل قالت أم سلمة: إلى من تكلني؟ قال أبو سلمة: إلى الله، اللهم أبدل أم سلمة بخير من أبي سلمة.

- حدثني جدي نا يزيد بن هارون أخبرنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني قال: حدثني ابن عمر بن أبي سلمة بمني عن أبيه عن أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أصابته مصيبة ... " فذكر الحديث.
وزاد فيه ابن عمر: ابن أبي سلمة عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقل عن أبي سلمة.
قال أبو بكر بن زنجويه: توفي أبو سلمة واسمه: عبد الله بن عبد الأسد في سنة أربع من الهجرة بعد منصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحد انتقض به جرح أصابه بأحد فمات فشهده رسول الله صلى الله عليه وسلم.
عبد الله بن عثمان أبو بكر الصديق
ب د ع: عَبْد اللَّه بْن عثمان بْن عَامِر بْن عَمْرو بْن كعب بْن سعد بْن تيم بْن مرة بْن كعب بْن لؤي الْقُرَشِيّ التيمي، أَبُو بَكْر الصديق بْن أَبِي قُحافة، واسم أَبِي قحافة: عثمان وأمه أم الخير سلمى بِنْت صخر بْن عَامِر بْن كعب بْن سعد بْن تيم بْن مرة، وهي ابْنَة عم أَبِي قحافة، وقيل اسمها: ليلى بِنْت صخر بْن عَامِر، قاله مُحَمَّد بْن سعد، وقَالَ غيره: اسمها سلمى بِنْت صخر بْن عَامِر بْن عَمْرو بْن كعب بْن سعد بْن تيم، وهذا ليس بشيء، فإنها تكون ابْنَة أخيه، ولم تكن العرب تنكح بنات الإخوة، والأول أصح، وهو صاحبُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الغار وفي الهجرة، والخليفة بعده.
روى عن: النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ: عُمَر، وعثمان، وعلي، وعبد الرَّحْمَن بْن عوف، وابن مَسْعُود، وابن عُمَر، وابن عَبَّاس، وحذيفة، وزيد بْن ثابت، وغيرهم.
وَقَدْ اختلف فِي اسمه، فقيل: كَانَ عَبْد الكعبة، فسماه رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْد اللَّه، وقيل: إن أهله سموه عَبْد اللَّه، وَيُقَالُ لَهُ: عتيق أيضًا، واختلفوا فِي السبب الَّذِي قيل لَهُ لأجله عتيق، فَقَالَ بعضهم، قيل لَهُ: عتيق لحسن وجهه وجماله، قاله الليث بْن سعد وجماعة معه، وقَالَ الزُّبَيْر بْن بكار، وجماعة معه، إنَّما قيل لَهُ: عتيق لأنَّه لم يكن فِي نسبه شيء يعاب بِهِ، وقيل: إنَّما سمي عتيقًا، لأن رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: " أنت عتيق اللَّه من النار ".

(792) أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مِهْرَانَ الْفَقِيهُ، وَغَيْرُهُ، قَالُوا: بِإِسْنَادِهِمْ إِلَى أَبِي عِيسَى التِّرْمِذِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا مَعْنٌ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ عَمِّهِ إِسْحَاقَ بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ: " أَنْتَ عَتِيقٌ مِنَ النَّارِ "، فَيَوْمَئِذٍ سُمِّيَ عَتِيقًا، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ مَعْنٍ، وَقَالَ: مُوسَى بْنُ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ
(793) وَقِيلَ لَهُ: الصِّدِّيقُ أَيْضًا، لِمَا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ الدِّمَشْقِيُّ، إِذْنًا، أَنْبَأَنَا أَبِي، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدٍ الْمُطَرِّزُ وَأَبُو عَلِيٍّ الْحَدَّادُ، قَالا: أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ غَسَّانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " لَمَّا أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى، أَصْبَحَ يُحَدِّثُ بِذَلِكَ النَّاسَ، فَارْتَدَّ نَاسٌ مِمَّنْ كَانَ آمَنَ وَصَدَّقَ بِهِ وَفُتِنُوا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنِّي لأُصَدِّقُهُ فِيمَا هُوَ أَبْعَدُ مِنْ ذَلِكَ، أُصَدِّقُهُ بِخَبَرِ السَّمَاءِ غَدْوَةً أَوْ رَوْحَةً، فَلِذَلِكَ سُمِّيَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقَ " وقَالَ أَبُو محجن الثقفي:
وسميت صديقًا وكل مهاجر سواك يسمى باسمه غير منكر
سبقت إلى الْإِسْلَام والله شاهد وكنت جليسًا فِي العريش المشهر
[إسلامه]
كَانَ أَبُو بَكْر رَضِي اللَّه عَنْهُ، من رؤساء قريش فِي الجاهلية، محببًا فيهم، مألفًا لهم، وكان إِلَيْه الأشناق فِي الجاهلية، والأشناق: الديات، وكان إِذَا حمل شيئًا صدقته قريش وأمضوا حمالته وحمالة من قام معه، وإن احتملها غيره خذلوه ولم يصدقوه.
فلما جاء الْإِسْلَام سبق إِلَيْه، وأسلم عَلَى يده جماعة لمحبتهم لَهُ، وميلهم إِلَيْه، حتَّى إنه أسلم عَلَى يده خمسة من العشرة، وَقَدْ ذكرناه عند أسمائهم، وَقَدْ ذهب جماعة من العلماء إلى أَنَّهُ أول من أسلم، منهم ابْنُ عَبَّاس، من رواية الشَّعْبِيّ، عَنْهُ، وقَالَ حسان بْن ثابت فِي شعره، وعمرو بْن عبسة، وإبراهيم النخعي، وغيرهم.
(794) أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ السَّمِينِ، بِإِسْنَادِهِ إِلَى يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُصَيْنِ التَّمِيمِيُّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَا دَعَوْتُ أَحَدًا إِلَى الإِسْلامِ إِلا كَانَتْ لَهُ عَنْهُ كَبْوَةٌ، وَتَرَدُّدٌ وَنَظَرٌ، إِلا أَبَا بَكْرٍ مَا عَتَمَ حِينَ ذَكَرْتُهُ لَهُ، مَا تَرَدَّدَ فِيهِ "
(795) أَخْبَرَنَا الْحَافِظُ الْقَاسِمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ، كِتَابَةً، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ بَيَانٍ، قَالَ عَلِيٌّ: ثُمَّ أَخْبَرَنَا أَبُو الْبَرَكَاتِ الأَنْمَاطِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ خَيْرُونٍ، قَالا: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ بِشْرَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الصَّوَّافِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا الْمِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا خَلَفٌ الْعُرْفُطِيُّ أَبُو أُمَيَّةَ، مِنْ وَلَدِ خَالِدِ بْنِ عُرْفُطَةَ، عَنِ ابْنِ دَابٍ، يَعْنِي عِيسَى بْنَ يَزِيدَ، قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ " كُنْتُ جَالِسًا بِفِنَاءِ الْكَعْبَةِ، وَكَانَ زَيْدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ قَاعِدًا، فَمَرَّ بِهِ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ، فَقَالَ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ؟ قَالَ: بِخَيْرٍ، قَالَ: هَلْ وَجَدْتَ؟ قَالَ: لا، وَلَمْ آلُ مِنْ طَلَبٍ، فَقَالَ:
كُلُّ دِينٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلا مَا قَضَى اللَّهُ وَالْحَنِيفَةُ بُورُ
أما إن هَذَا النَّبِيّ الَّذِي ينتظر منا، أَوْ منكم، أَوْ من أهل فلسطين، قَالَ: ولم أكن سَمِعْتُ قبل ذَلِكَ بنبي ينتظر، أَوْ يبعث، قَالَ: فخرجت أريد ورقة بْن نوفل، وكان كَثِير النظر فِي السماء، كَثِير همهمة الصدر، قَالَ: فاستوقفته، ثُمَّ اقتصصت عَلَيْهِ الحديث، فَقَالَ: نعم يا ابْنَ أخي، أَبَى أهل الكتاب والعلماء إلا أن هَذَا النَّبِيّ الَّذِي ينتظر من أوسط العرب نسبًا، ولي علم بالنسب، وقومك أوسط العرب نسبًا، قَالَ: قلت: يا عم، وما يَقُولُ النَّبِيّ؟ قلت: يَقُولُ ما قيل لَهُ، إلا أَنَّهُ لا ظلم ولا تظالم، فلما بعث النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آمنت وصدقت "
(796) وَأَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ نَصْرُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عُمَرَ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عُمَرَ الْغَازِي النَّيْسَابُورِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الرَّازِيُّ، بِمَكَّةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو يَعْقُوبَ الْقَزْوِينِيُّ الصُّوفِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ الرَّاسِبِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ يَحْيَى بْنُ حُمَيْدٍ التِّكَكِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْجَرَّاحِ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، مِنْ وَلَدِ عَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ زَيْدٍ، عَنْ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: إِنَّهُ خَرَجَ إِلَى الْيَمَنِ قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلَتْ عَلَى شَيْخٍ مِنَ الأَزْدِ عَالِمٍ قَدْ قَرَأَ الْكُتُبَ، وَعَلِمَ مِنْ عِلْمِ النَّاسِ كَثِيرًا، فَلَمَّا رَآنِي، قَالَ: أَحْسَبُكَ حَرَمِيًا؟ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: قُلْتُ: نَعَمْ، أَنَا مِنْ أَهْلِ الْحَرَمِ، قَالَ: وَأَحْسَبُكَ قُرَشِيًّا؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، أَنَا مِنْ قُرَيْشٍ، قَالَ: وَأَحْسَبُكَ تَيْمِيًّا، قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، أَنَا مِنْ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ، مِنْ وَلَدِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: بَقِيَتْ لِي فِيكَ وَاحِدَةٌ، قُلْتُ: مَا هِيَ؟ قَالَ: تَكْشِفُ عَنْ بَطْنِكَ، قُلْتُ: لا أَفْعَلُ أَوْ تُخْبِرُنِي لِمَ ذَلِكَ؟ قَالَ: أَجِدُ فِي الْعِلْمِ الصَّحِيحِ الصَّادِقِ أَنَّ نَبِيًّا يُبْعَثُ فِي الْحَرَمِ، يُعَاوِنُ عَلَى أَمْرِهِ فَتًى وَكَهْلٌ، فَأَمَّا الْفَتَى فَخَوَّاضُ غَمَرَاتٍ وَدَفَّاعُ مُعْضِلاتٍ، وَأَمَّا الْكَهْلُ فَأَبْيَضُ نَحِيفٌ، عَلَى بَطْنِهِ شَامَةٌ، وَعَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى عَلامَةٌ، وَمَا عَلَيْكَ أَنْ تُرِيَنِي مَا سَأَلْتُكَ، فَقَدْ تَكَامَلَتْ لِي فِيكَ الصِّفَةُ إِلا مَا خَفِيَ عَلَيَّ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَكَشَفْتُ لَهُ عَنْ بَطْنِي، فَرَأَى شَامَةً سَوْدَاءَ فَوْقَ سُرَّتِي، فَقَالَ: أَنْتَ هُوَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، وَإِنِّي مُتَقَدِّمٌ إِلَيْكَ فِي أَمْرٍ فَاحْذَرْهُ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ، قُلْتُ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: إِيَّاكَ وَالْمَيْلَ عَنِ الْهُدَى، وَتَمَسَّكْ بِالطَّرِيقَةِ الْمُثْلَى الْوُسْطَى، وَخَفِ اللَّهَ فِيمَا خَوَّلَكَ وَأَعْطَاكَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَقَضَيْتُ بِالْيَمَنِ أُرَبِّي، ثُمَّ أَتَيْتُ الشَّيْخَ لأُوَدِّعَهُ، فَقَالَ: أَحَامِلٌ عَنِّي أَبْيَاتًا مِنَ الشِّعْرِ قُلْتُهَا فِي ذَلِكَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ: نَعَمْ، فَذَكَرَ أَبْيَاتًا،
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَقَدِمْتُ مَكَّةَ، وَقَدْ بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَنِي عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ، وَشَيْبَةُ، وَرَبِيعَةُ، وَأَبُو جَهْلٍ، وَأَبُو الْبَخْتَرِيِّ، وَصَنَادِيدُ قُرَيْشٍ، فَقُلْتُ لَهُمْ: هَلْ نَابَتْكُمْ نَائِبَةٌ، أَوْ ظَهَرَ فِيكُمْ أَمْرٌ؟ قَالُوا: يَا أَبَا بَكْرٍ، أَعْظَمُ الْخَطْبِ: يَتِيمُ أَبِي طَالِبٍ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، وَلَوْلا أَنْتَ مَا انْتَظَرْنَا بِهِ، فَإِذْ قَدْ جِئْتَ، فَأَنْتَ الْغَايَةُ وَالْكِفَايَةُ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَصَرَفْتُهُمْ عَلَى أَحْسَنِ مَسٍّ، وَسَأَلْتُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقِيلَ: فِي مَنْزِلِ خَدِيجَةَ، فَقَرَعْتُ عَلَيْهِ الْبَابَ، فَخَرَجَ إِلَيَّ، فَقُلْتُ: يَا مُحَمَّدُ، فَقَدْتَ مِنْ مَنَازِلِ أَهْلِكَ، وَتَرَكْتَ دِينَ آبَائِكَ وَأَجْدَادِكَ؟ قَالَ: " يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ وَإِلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ، فَآمِنْ بِاللَّهِ "، فَقُلْتُ: مَا دَلِيلُكَ عَلَى ذَلِكَ؟ قَالَ: " الشَّيْخُ الَّذِي لَقِيتُ بِالْيَمَنِ "، قُلْتُ: وَكَمْ مِنْ شَيْخٍ لَقِيتَ بِالْيَمَنِ؟ قَالَ: " الشَّيْخُ الَّذِي أَفَادَكَ الأَبْيَاتَ "، قُلْتُ: وَمَنْ خَبَّرَكَ بِهَذَا يَا حَبِيبِي؟ قَالَ: " الْمَلِكُ الْمُعَظَّمُ الَّذِي يَأْتِي الأَنْبِيَاءَ قَبْلِي "، قُلْتُ: مُدَّ يَدَكَ، فَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّه،
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَانْصَرَفْتُ وَمَا بَيْنَ لابَتَيْهَا أَشَدَّ سُرُورًا مِنْ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِسْلامِي
(797) أَخْبَرَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ إِجَازَةً، قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو غَالِبِ بْنُ الْبَنَّاءِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ حُمَيْدِ بْنِ الْمُجَدَّرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مِغْرَاءٍ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ مَنْ أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ؟ قَالَ: " أَبُو بَكْرٍ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ حَسَّانٍ:
إِذَا تَذَكَّرْتَ شَجْوًا مِنْ أَخِي ثِقَةٍ فَاذْكُرْ أَخَاكَ أَبَا بَكْرٍ بِمَا فَعَلا
خَيْرَ الْبَرِيَّةِ أَتْقَاهَا وَأَعْدَلَهَا بَعْدَ النَّبِيِّ وَأَوْفَاهَا بِمَا حَمَلا
وَالثَّانِيَ التَّالِيَ الْمَحْمُودَ مَشْهَدُهُ وَأَوَّلَ النَّاسِ مِنْهُمْ صَدَّقَ الرُّسُلا "

(798) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ مَحْمُودِ بْنِ سَعْدٍ، إِجَازَةً بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مَخْلَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُصَفًّى، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلاءِ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلامٍ الْحَبَشِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ عَمْرَو بْنَ عَنْبَسَةَ السُّلَمِيَّ، يَقُولُ: أُلْقِيَ فِي رَوْعِي أَنَّ عِبَادَةَ الأَوْثَانِ بَاطِلٌ، فَسَمِعَنِي رَجُلٌ وَأَنَا أَتَكَلَّمُ بِذَلِكَ، فَقَالَ: يَا عَمْرُو بِمَكَّةَ رَجُلٌ يَقُولُ كَمَا تَقُولُ، قَالَ: فَأَقْبَلْتُ إِلَى مَكَّةَ أَسْأَلُ عَنْهُ، فَأُخْبِرْتُ أَنَّهُ مُخْتَفٍ لا أَقْدِرُ عَلَيْهِ إِلا بِاللَّيْلِ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَقُمْتُ بَيْنَ الْكَعْبَةِ وَأَسْتَارِهَا، فَمَا عَلِمْتُ إِلا بِصَوْتِهِ يُهَلِّلُ اللَّهَ، فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: مَا أَنْتَ؟ قَالَ: " رَسُولُ اللَّهِ "، فَقُلْتُ: وَبِمَ أَرْسَلَكَ؟ قَالَ: " أَنْ يُعْبَدَ اللَّهُ وَلا يُشْرَكَ بِهِ شَيْءٌ، وَتُحْقَنُ الدِّمَاءُ، وَتُوصَلُ الأَرْحَامُ "، قَالَ: قُلْتُ: وَمَنْ مَعَكَ عَلَى هَذَا؟ قَالَ: " حُرٌّ، وَعَبْدٌ "، فَقُلْتُ: أَبْسِطْ يَدَكَ أُبَايِعْكَ، فَبَسَطَ يَدَهُ فَبَايَعْتُهُ، فَلَقْد رَأَيْتُنِي وَإِنِّي رَابِعُ الإِسْلامِ
(799) وَأَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيٍّ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ بِإِسْنَادِهِمْ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى السُّلَمِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ " أَلَسْتَ أَحَقَّ النَّاسِ بِهَا؟ يَعْنِيَ الْخِلافَةَ، أَلَسْتَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ؟ أَلَسْتَ صَاحِبَ كَذَا؟ أَلَسْتَ صَاحِبَ كَذَا "؟ ، وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
[هجرته مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]
هاجر أَبُو بَكْر الصديق رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصحبه فِي الغار لما سارا مهاجرين، وآنسه فِيهِ، ووقاه بنفسه، قَالَ بعض العلماء: لو قَالَ قائل: إن جميع الصحابة، ما عدا أبا بَكْر ليست، لَهُ صحبة لم يكفر، ولو قَالَ: إن أبا بَكْر لم يكن صاحب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كفر، فإن القرآن العزيز قَدْ نطق أَنَّهُ صاحبه.
(800) أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ، بِإِسْنَادِهِ إِلَى يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: وَأَقَامَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ يَنْتَظِرُ أَمْرَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَجَاءَ جِبْرِيلُ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ مَكَّةَ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ فِي الْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَاجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ، فَمَكَرَتْ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ وَأَمَرَهُ أَنْ لا يَبِيتَ مَكَانَهُ فَفَعَلَ، وَخَرَجَ عَلَى الْقَوْمِ وَهُمْ عَلَى بَابِهِ، وَمَعَهُ حَفْنَةٌ مِنْ تُرَابٍ، فَجَعَلَ يَنْثُرُهَا عَلَى رُءُوسِهِمْ، وَأَخَذَ اللَّهُ أَبْصَارَهُمْ،

وَكَانَ مَخْرَجُ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الْعَقَبَةِ بِشَهْرَيْنِ، وَأَيَّامَ بُويِعَ أَوْسَطَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَخَرَجَ لِهِلالِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ، قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَدْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُهُ فِي الْخُرُوجِ، فَيَقُولُ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تَعْجَلْ، لَعَلَّ اللَّهَ يَجْعَلُ لَكَ صَاحِبًا "، فَلَمَّا كَانَتِ الْهِجْرَةُ جَاءَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَهُوَ نَائِمٌ فَأَيْقَظَهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قَدْ أَذِنَ لِي فِي الْخُرُوجِ "، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَلَقْد رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ يَبْكَي مِنَ الْفَرَحِ، ثُمَّ خَرَجَا حَتَّى دَخَلَ الْغَارَ، فَأَقَامَا فِيهِ ثَلاثًا
(801) أَخْبَرَنَا أَبُو يَاسِرٍ، بِإِسْنَادِهِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ حَدَّثَهُ، قَالَ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الْغَارِ، وَقَالَ مَرَّةً: وَنَحْنُ فِي الْغَارِ: لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ إِلَى تَحْتِ قَدَمَيْهِ لأَبْصَرَنَا! قَالَ، فَقَالَ: " يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا "
(802) أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحُسَيْنُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ مَحْفُوظِ بْنِ صَصَرَى التَّغْلِبِيُّ الدِّمَشْقِيُّ، أَخْبَرَنَا الشَّرِيفُ أَبُو طَالِبٍ عَلِيُّ بْنُ حَيْدَرَةَ بْنِ جَعْفَرٍ الْعَلَوِيُّ الْحُسَيْنِيُّ وَأَبُو الْقَاسِمِ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الأَسَدِيُّ، قَالا: أَخْبَرَنَا الْفَقِيهُ أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الْعَلاءِ الْمِصِّيصِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَن خَيْثَمَةُ بْنُ سَلْمَانَ بْنِ حَيْدَرَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ: " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا خَرَجَ مُهَاجِرًا إِلَى الْمَدِينَةِ، كَانَ أَبُو بَكْرٍ مَعَهُ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْرَفَ بِذَلِكَ الطَّرِيقِ، وَكَانَ الرَّجُلُ لا يَزَالُ قَدْ عَرَفَ أَبَا بَكْرٍ مَعَهُ، فَيَقُولُ: يَا أَبَا بَكْرٍ، مَنْ هَذَا مَعَكَ؟ فَيُقوُل: هَذَا يَهْدِينِي السَّبِيلَ "
(803) أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْقَاهِرِ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ بَدْرَانَ الْحُلْوَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْفَارِسِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقَطِيعِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: اشْتَرَى أَبُو بَكْرٍ مِنْ عَازِبٍ سَرْجًا بِثَلاثَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا، قَالَ: فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعَازِبٍ: مُرِ الْبَرَاءَ فَلْيَحْمِلْهُ إِلَى مَنْزِلِي، فَقَالَ: لا حَتَّى تُحَدِّثَنَا كَيْفَ صَنَعْتَ حَيْثُ خَرَجَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْتَ مَعَهُ، قَالَ: فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: " خَرَجْنَا فَأَدْلَجْنَا فَأَحْيَيْنَا يَوْمَنَا وَلَيْلَتَنَا، حَتَّى أَظْهَرْنَا وَقَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ، فَضَرَبْتُ بِبَصَرِي: هَلْ أَرَى ظِلا نَأْوِي إِلَيْه؟ فَإِذَا أَنَا بِصَخْرَةٍ، فَأَهْوَيْتُ إِلَيْهَا فَإِذَا بَقِيَّةُ ظِلِّهَا، فَسَوَّيْتُهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَرَشْتُ لَهُ فَرْوَةً، وَقُلْتُ: اضْطَجِعْ يَا رَسُولَ اللَّه فَاضْطَجَعَ، ثُمَّ خَرَجْتُ أَنْظُرُ هَلْ أَرَى أَحَدًا مِنَ الطَّلَبِ؟ فَإِذَا أَنَا بِرَاعِي غَنَمٍ، فَقُلْتُ: لِمَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَسَمَّاهُ فَعَرَفْتُهُ، فَقُلْتُ: هَلْ فِي غَنَمِكَ مِنْ لَبَنٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: هَلْ أَنْتَ حَالِبٌ لِي؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَمَرْتُهُ فَاعْتَقِلْ شَاةً مِنْهَا، ثُمَّ أَمَرْتُهُ فَنَفِّضْ ضَرْعَهَا، ثُمَّ أَمَرْتُهُ فَنَفِّضْ كَفَّيْهِ مِنَ الْغُبَّارِ، وَمَعِي إِدَاوَةٌ عَلَى فَمِهَا خِرْقَةٌ، فَحَلَبَ لِي كُثْبَةً مِنَ اللَّبَنِ، فَصَبَبْتُ عَلَى الْقَدَحِ، حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ، ثُمَّ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَافَيْتُهُ وَقَدِ اسْتَيْقَظَ، فَقُلْتُ: اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ، ثُمَّ قُلْتُ: هَلْ آنَ الرَّحِيلُ؟ قَالَ: فَارْتَحَلْنَا، وَالْقَوْمُ يَطْلُبُونَنَا، فَلَمْ يُدْرِكْنَا أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلا سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ عَلَى فَرَسٍ لَهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّه، هَذَا الطَّلَبُ قَدْ لَحِقَنَا؟ قَالَ: {لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} حَتَّى إِذَا دَنَا مِنَّا، فَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ قَدْرُ رُمْحٍ أَوْ رُمْحَيْنِ، أَوْ قَالَ: رُمْحَيْنِ أَوْ ثَلاثَةٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّه، هَذَا الطَّلَبُ قَدْ لَحِقَنَا وَبَكَيْتُ، قَالَ: لِمَ تَبْكِي؟، قَالَ: قُلْتُ: وَاللَّهِ مَا عَلَى نَفْسِي أَبْكِي، وَلَكِنِّي أَبْكِي عَلَيْكَ، قَالَ: فَدَعَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ اكْفِنَاهُ بِمَا شِئْتَ، فَسَاخَتْ فَرَسُهُ إِلَى بَطْنِهَا فِي أَرْضٍ صَلْدٍ، وَوَثَبَ عَنْهَا، وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ هَذَا عَمَلُكَ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يُنَجِّيَنِي مِمَّا أَنَا فِيهِ، فَوَاللَّهِ لأَعْمِيَنَّ عَلَى مَنْ وَرَائِي مِنَ الطَّلَبِ، وَهَذِهِ كِنَانَتِي فَخُذْ مِنْهَا سَهْمًا، فَإِنَّكَ سَتَمُرُّ عَلَى إِبِلِي وَغَنَمِي فِي مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا، فَخُذْ مِنْهَا حَاجَتَكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا حَاجَةَ لِي فِيهَا، قَالَ: وَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَطْلَقَ وَرَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ، وَمَضَى رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مَعَهُ، حَتَّى قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، فَتَلَقَّاهُ النَّاسُ فِي الطَّرِيقِ عَلَى الأَجَاجِيرِ، وَاشْتَدَّ الْخَدَمُ وَالصِّبْيَانُ فِي الطَّرِيقِ، يَقُولُونَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، جَاءَ رَسُولُ اللَّه، جَاءَ مُحَمَّدٌ، قَالَ: وَتَنَازَعَ الْقَوْمُ أَيُّهُمْ يَنْزِلُ عَلَيْهِ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْزِلُ اللَّيْلَةَ عَلَى بَنِي النَّجَّارِ، أَخْوَالِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أُكْرِمُهُمْ بِذَلِكَ، قَالَ: وَقَالَ الْبَرَاءُ: أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، أَخُو بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْنَا ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ الأَعْمَى، أَخُو بَنِي فِهْرٍ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي عِشْرِينَ رَاكِبًا، فَقُلْنَا: مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: هُوَ عَلَى أَثَرِي، ثُمَّ قَدِمَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ مَعَهُ، قَالَ الْبَرَاءُ: وَلَمْ يَقْدَمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى قَرَأْتُ سُوَرًا مِنَ الْمُفَصَّلِ، قَالَ إِسْرَائِيلُ: وَكَانَ الْبَرَاءُ مِنَ الأَنْصَارِ مِنْ بَنِي حَارِثَةَ
(804) أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهُ، بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَبِي عِيسَى التِّرْمِذِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى الْقَطَّانُ الْبَغَّداِدُّي، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ أَبِي الأَسْوَدِ، قَالَ: حَدَّثَنِي كَثِيرٌ أَبُو إِسْمَاعِيلَ، عَنْ جُمَيْعِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لأَبِي بَكْرٍ: " أَنْتَ أَخِي، وَصَاحِبِي فِي الْغَارِ "
[شهوده بدرًا وغيرها]
(805) أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحُسَيْنُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ مَحْفُوظِ بْنِ صَصَرَى التَّغْلِبِيُّ، أَخْبَرَنَا الشَّرِيفُ أَبُو طَالِبٍ عَلِيُّ بْنُ حَيْدَرَةَ بْنِ جَعْفَرٍ الْحُسَيْنِيُّ وَأَبُو الْقَاسِمِ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الأَسْدِيُّ، قَالا: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الْعَلاءِ الْمِصِّيصِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ خَيْثَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ حَيْدَرٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأُبَلِّيُّ الْعَطَّارُ بِالْبَصْرَةِ، أَخْبَرَنَا الْمُقَدَّمِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسْدِيُّ، أَخْبَرَنَا مِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ الْحَنَفِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ يَوْمَ بَدْرٍ: " مَعَ أَحَدِكُمَا جِبْرِيلُ، وَمَعَ الآخَرِ مِيكَائِيلُ وَإِسْرَافِيلُ، مَلِكٌ عَظِيمٌ، يَشْهَدُ الْقِتَالَ، وَيَكُونُ فِي الصَّفِّ "
(806) أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ السَّمِينِ، بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَبِي يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، أَنَّ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ، قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا الْتَقَى النَّاسُ يَوْمَ بَدْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلا نَبْنِي لَكَ عَرِيشًا، فَتَكُونُ فِيهِ وَنُنِيخُ إِلَيْكَ رَكَائِبَكَ، وَنَلْقَى عَدُوَّنَا، فَإِنْ أَظْفَرَنَا اللَّهُ وَأَعَزَّنَا، فَذَاكَ أَحَبُّ إِلَيْنَا، وَإِنْ تَكُنِ الأُخْرَى تَجْلِسْ عَلَى رَكَائِبِكَ، فَتَلْحَقْ بِمَنْ وَرَاءَنَا؟ فَأَثْنَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرًا، وَدَعَا لَهُ، فَبُنِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرِيشٌ، فَكَانَ فِيهِ أَبُو بَكْرٍ، مَا مَعَهُمَا غَيْرُهُمَا، قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَاشِدُ رَبَّهُ وَعْدَهُ وَنَصْرَهُ، وَيَقُولُ: " اللَّهُمَّ إِنْ تَهْلَكْ هَذِهِ الْعِصَابَةُ لا تُعْبَدْ "، وَأَبُو بَكْرٍ، يَقُولُ: بَعْضُ مُنَاشَدَتِكَ رَبَّكَ، فَإِنَّ اللَّهَ مُوَفِّيكَ مَا وَعَدَ مِنْ نَصْرِهِ
وقَالَ مُحَمَّد بْن سعد: قَالُوا: وشهد أَبُو بَكْر بدرًا، وأحدًا، والخندق، والحديبية والمشاهد كلها مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ودفع رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاَيْته العظمى يَوْم تبوك إِلَى أَبِي بَكْر، وكانت سوداء، وأطعمه رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من خيبر مائة وسق، وكان فيمن ثبت مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم أحد، ويوم حنين حين ولى النَّاس،

ولم يختلف أهل السير فِي أن أبا بَكْر الصديق رَضِي اللَّه عَنْهُ، لم يتخلف عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مشهد من مشاهده كلها.
[فضائله رَضِي اللَّه عَنْهُ]
(807) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَطِيبُ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ السَّرَّاجُ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَاهِينَ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الدَّقَّاقُ، حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ سَهْلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا جُنْدُبٌ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ قَبْلَ أَنْ يُتَوَفَّى بِيَوْمٍ: " قَدْ كَانَ لِي فِيكُمْ أُخْوَةٌ وَأَصْدِقَاءُ، وَإِنِّي أَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ أَنْ أَكُونَ اتَّخَذْتُ مِنْكُمْ خَلِيلا، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلا لاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلا، وَإِنَّ رَبِّي اتَّخَذَنِي خَلِيلا، كَمَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمُ خَلِيلا "
(808) قَالَ: وَأَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْمُحَسِّنِ التَّنُوخِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْحُسَيْنُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَضَّاحِ الْحُرْفِيُّ السِّمْسَارُ، حَدَّثَنَا أَبُو شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَابُلُتِّيُّ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قُلْتُ: أَخْبِرْنِي بِأَشَدِّ شَيْءٍ رَأَيْتَهُ صَنَعَهُ الْمُشْرِكُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَقْبَلَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي عِنْدَ الْكَعْبَةِ، فَلَوَى ثَوْبَهُ فِي عُنُقِهِ فَخَنَقَهُ خَنْقًا شَدِيدًا، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ، فَأَخَذَ مَنْكِبَهُ فَدَفَعَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: " يَا قَوْمُ: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ}
الحرفي: بضم الحاء المهملة، وسكون الراء، وبالفاء
(809) أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ مُسْلِمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ السِّيحِيُّ الْعَدْلُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْبَرَكَاتِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَمِيسٍ الْجُهَنِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ طَوْقٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ نَصْرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْخَلِيلِ الْمَرْجِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَبُو بَكْرٍ فِي الْجَنَّةِ، وَعُمَرُ فِي الْجَنَّةِ، وَعُثْمَانُ فِي الْجَنَّةِ، وَعَلِيٌّ فِي الْجَنَّةِ، وَطَلْحَةُ فِي الْجَنَّةِ، وَالزُّبَيْرُ فِي الْجَنَّةِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِي الْجَنَّةِ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فِي الْجَنَّةً، وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ فِي الْجَنَّةِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فِي الْجَنَّةِ "
(810) أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُعَمَّرِ بْنِ طَبَرْزَدَ، وَغَيْرُهُ، قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَرِيرِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْبَرْمَكِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُخَيْتٍ الدَّقَّاقُ، حَدَّثَنَا أَبُو هَاشِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَلَطِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى بْنِ مَعْدَانَ الْكَرَابِيسِيُّ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ رُوَيْدٍ الْكِنْدِيُّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ أَنَسٍ، قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَحْيٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللَّهَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلامَ، وَيَقُولُ لَكَ: قُلْ لِعَتِيقِ بْنِ أَبِي قُحَافَةَ: إِنَّهُ عَنْهُ رَاضٍ
(811) قال: وأَخْبَرَنَا ابْنُ بخيت، حَدَّثَنَا سُلَيْمَان بْن دَاوُد بْن كَثِير بْن وقدان، حَدَّثَنَا سوار بْن عَبْد اللَّه العنبري، قَالَ: قَالَ ابْنُ عيينة عاتب اللَّه سبحانه المسلمين كلهم فِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا أبا بَكْر، فإنه خرج من المعاتبة: {إِلا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ}
(812) أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ يَعِيشُ بْنُ صَدَقَةَ بْنِ عَلِيٍّ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ الطّراحِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْمُهْتَدِي، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ حُبَابَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْجَهْمِ الْعَلاءُ بْنُ مُوسَى الْبَاهِلِيُّ، حَدَّثَنَا سَوَّارُ بْنُ مُصْعَبٍ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ لِي وَزِيرَيْنِ مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ، وَوَزِيرَيْنِ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ، فَأَمَّا وَزِيرَايَ مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ فَجِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا وَزِيرَايَ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ فَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ "، ثُمَّ رَفَعَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ: " إِنَّ أَهْلَ عِلِّييَن لَيَرَاهُمْ مَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْهُمْ كَمَا تَرَوْنَ النُّجُومَ، أَوِ الْكَوَكْبَ فِي السَّمَاءِ، وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ مِنْهُمْ وَأَنْعَمَا "، قُلْتُ لأَبِي سَعِيدٍ: وَمَا أَنْعَمَا؟ قَالَ: أَهْلُ ذَاكَ هُمَا
وأسلم عَلَى يد أَبِي بَكْر: الزُّبَيْر، وعثمان، وعبد الرَّحْمَن بْن عوف، وطلحة، وأعتق سبعةً كانوا يعذبون فِي اللَّه تَعَالَى، منهم: بلال، وعامر بْنُ فهيرة، وغيرهما يذكرون فِي مواضعهم، وكان رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِير الثقة إِلَيْه وبما عنده من الْإِيمَان واليقين، ولهذا لما قيل لَهُ: إن البقرة تكلمت، قَالَ: " آمنت بذلك أَنَا، وَأَبُو بَكْر، وعمر "، وما هُماَ فِي القوم.

(813) أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَغَيْرُهُ، بِإِسْنَادِهِمْ إِلَى أَبِي عِيسَى مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بَيْنَمَا رَجُلٌ يَرْكَبُ بَقَرَةً إِذْ قَالَتْ: لَمْ أُخْلَقْ لِهَذَا، إِنَّمَا خُلِقْتُ لِلْحَرْثِ "، فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " آمَنْتُ بِذَلِكَ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ "، قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: وَمَا هُمَا فِي الْقَوْمِ
(814) أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورِ بْنُ مُكَارِمِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ سَعْدٍ الْمُؤَدِّبُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ نَصْرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ صَفْوَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ السَّرَّاجُ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَنَسٍ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ طَوْقٍ، حَدَّثَنَا أَبُو جَابِرٍ زَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ حَيَّانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا الْمُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَسِيدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ، ثُمَّ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، وَلَقْد أُعْطَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ثَلاثَةَ خِصَالٍ، لأَنْ أَكُونَ أُعْطِيتُهُنَّ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ حُمُرِ النَّعَمِ: زَوَّجَهُ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنَتَهُ، وَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَسَدَّ الأَبْوَابَ مِنَ الْمَسْجِدِ إِلا بَابَ عَلِيٍّ "
(815) أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَرَجِ بْنُ أَبِي الرَّجَاءِ الثَّقَفِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا حَاضِرٌ أَسْمَعُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلادٍ، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ.
ح قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ بُنْدَارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، قَالا: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: صَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُحُدًا، وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، فَرَجَفَ بِهِمُ الْجَبَلُ، فَقَالَ: " اثْبُتْ فَمَا عَلَيْكَ إِلا نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ "
(816) أَخْبَرَنَا أَبُو الْبَرَكَاتِ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هِبَةَ الدِّمَشْقِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَشَائِرِ مُحَمَّدُ بْنُ الْخَلِيلِ بْنِ فَارِسٍ الْقَيْسِيُّ، أَخْبَرَنَا الْفَقِيهُ أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الْعَلاءِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الْعَلاءِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ مَعْرُوفٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ دَاوُدَ الْقَنْطَرِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَظَرَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَقَالَ: " هَذَانِ سَيِّدَا كُهُولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ، إِلا النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ، لا تُخْبِرْهُمَا يَا عَلِيُّ "
(817) قال: وأَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّد عَبْد الرَّحْمَن بْن عثمان، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَن خيثمة بْن سُلَيْمَان بْن حيدرة الأطرابلسي، حَدَّثَنَا يَحيى بْن أَبِي طَالِب، حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن مَنْصُور، حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد المحاربي، عَنْ جويبر، عَنِ الضحاك فِي قولُه تَعَالى: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} " مَعَ أَبِي بَكْر وعمر
(818) قَالَ: وَأَخْبَرَنَا خَيْثَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ السُّوَائِيِّ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: " يَا وَهْبُ، أَلا أُخْبِرُكَ بِخَيْرِ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا؟ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَرَجُلٌ آخَرُ "، وَقَدْ رَوَى نَحْوَ هَذَا مُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ أَبِيهِ
(819) قَالَ: وَأَخْبَرَنَا خَيْثَمَةُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الصٍّورِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصَفًّى، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْقَافْلانِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: " تَنَاوَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الأَرْضِ سَبْعَ حَصَيَاتٍ فَسَبَّحْنَ فِي يَدِهِ، ثُمَّ نَاوَلَهُنَّ أَبَا بَكْرٍ فَسَبَّحْنَ فِي يَدِهِ، كَمَا سَبَّحْنَ فِي يَدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ نَاوَلَهُنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرَ، فَسَبَّحْنَ فِي يَدِهِ كَمَا سَبَّحْنَ فِي يَدِ أَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ نَاوَلَهُنَّ عُثْمَانَ، فَسَبَّحْنَ فِي يَدِهِ كَمَا سَبَّحْنَ فِي يَدَيْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ "
(820) أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحُسَيْنُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ مَحْفُوظِ بْنِ صَصَرَى التَّغْلِبِيُّ، أَخْبَرَنَا الشَّرِيفُ أَبُو طَالِبٍ عَلِيُّ بْنُ حَيْدَرَةَ الْعَلَوِيُّ وَأَبُو الْقَاسِمِ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الأَسْدِيُّ، قَالا: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الْعَلاءِ الْمِصِّيصِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ خَيْثَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَلانِسِيُّ، بِالرَّمْلَةِ، أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ مصححٍ، أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ صَائِمًا؟ "، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، قَالَ: " مَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ؟ "، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، قَالَ: " مَنْ شَهِدَ جِنَازَةً؟ "، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، قَالَ: " مَنْ أَطْعَمَ الْيَوْمَ مِسْكِينًا؟ "، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، قَالَ: " مَنْ جَمَعَهُنَّ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ وَجَبَتْ لَهُ، أَوْ غُفِرَ لَهُ "
(821) قَالَ: وَحَدَّثَنَا خَيْثَمَةُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحُنَيْنِيُّ، أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: وَفَدَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَنَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: فَلَمَّا نَزَلُوا الْمَدِينَةَ تَحَدَّثَ الْقَوْمُ بَيْنَهُمْ إِلَى أَنْ ذَكَرُوا أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، فَفَضَّلَ بَعْضُ الْقَوْمِ أَبَا بَكْرٍ عَلَى عُمَرَ، وَفَضَّلَ بَعْضُ الْقَوْمِ عُمَرَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ، وَكَانَ الْجَارُودُ بْنُ الْمُعَلَّى مِمَّنْ فَضَّلَ أَبَا بَكْرٍ عَلَى عُمَرَ، فَجَاءَ عُمَرُ، وَمَعَهُ دِرَّتُهُ، فَأَقْبَلَ عَلَى الَّذِينَ فَضَّلُوهُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ، فَجَعَلَ يَضْرِبُهُمْ بِالدِّرَّةِ، حَتَّى مَا يَتَّقِي أَحَدُهُمْ إِلا بِرِجْلِهِ، فَقَالَ لَهُ الْجَارُودُ: أَفِقْ أَفِقْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَكُنْ يَرَانَا نُفَضِّلُكَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ، أَبُو بَكْرٍ أَفْضَلُ مِنْكَ فِي كَذَا، وَأَفْضَلُ مِنْكَ فِي كَذَا، فَسُرِّيَ عَنْ عُمَرَ، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْعَشِيِّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: " أَلا إِنَّ أَفْضَلَ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ، فَمَنْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ بَعْدَ مُقَامِي هَذَا فَهُوَ مُفْتَرٍ عَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُفْتَرِي "
(822) قَالَ: وَحَدَّثَنَا خَيْثَمَةُ، حَدَّثَنَا هِلالُ بْنُ الْعَلاءِ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ، حَدَّثَنَا أَبُو سِنَانٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ، عَنِ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ الْهِلالِيِّ، قَالَ: وَافَقْنَا مِنْ عَلِيٍّ طِيبَ نَفْسٍ وَمُزَاحٍ، فَقُلْنَا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، حَدِّثْنَا عَنْ أَصْحَابِكَ، قَالَ: " كُلُّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابِي، قُلْنَا: حَدِّثْنَا عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ، قَالَ: سَلُونِي، قُلْنَا: حَدِّثْنَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: ذَاكَ امْرُؤٌ سَمَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ صِدِّيقًا عَلَى لِسَانِ جِبْرِيلَ وَلِسَانِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الصَّلاةِ، رَضِيَهُ لِدِينِنَا، فَرَضِينَاهُ لِدُنْيَانَا "
[علمه رَضِيَ اللهُ عَنْهُ]
(823) أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَاسِبُ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ حَيُّوَيْهِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَعْرُوفٍ، أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَهْمِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ الأَسْلَمِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ سُئِلَ: مَنْ كَانَ يُفْتِي النَّاسَ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، مَا أَعْلَمُ غَيْرَهُمَا "
(824) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي عَلِيٍّ الْمُقْرِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو رُشَيْدٍ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَسْعُودٍ سُلَيْمَانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدُوَيْهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا دَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ وَبُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ يَوْمًا، فَقَالَ: " إِنَّ رَجُلا خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ الدُّنْيَا، وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، فَاخْتَارَ مَا عِنْدَهُ "، فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ، فَتَعَجَّبْنَا لِبُكَائِهِ، أَنْ يُخْبِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رَجُلٍ قَدْ خُيِّرَ، وَكَانَ هُوَ الْمُخَيَّرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا بِهِ، فَقَالَ: " لا تَبْكِ يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلا لاتَّخَذْتُهُ خَلِيلا، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلامِ وَمَوَدَّتُهُ، لا يَبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ بَابٌ إِلا سُدَّ، إِلا بَابَ أَبِي بَكْرٍ "
[زهده وتواضعه وَإِنفاقه رَضِيَ اللهُ عَنْهُ]
(825) أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْقَاسِمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ نَصْرُ بْنُ أَحْمَدَ الْهَمْدَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ خَلِيلُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ الْخَلِيلِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ دُرُسْتُوَيْهِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ الْجُوزَجَانِيُّ، حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنِي أَسْلَمُ الْكُوفِيُّ، عَنْ مُرَّةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَ: دَعَا أَبُو بَكْرٍ بِشَرَابٍ، فَأُتِيَ بِمَاءٍ وَعَسَلٍ، فَلَمَّا أَدْنَاهُ مِنْ فِيهِ نَحَّاهُ، ثُمَّ بَكَى حَتَّى بَكَّى أَصْحَابُهُ، فَسَكَتُوا وَمَا سَكَتَ، ثُمَّ عَادَ فَبَكَى حتَّى ظَنُّوا أَنَّهُمْ لا يَقْوُونَ عَلَى مَسْأَلَتِهِ، ثُمَّ أَفَاقَ، فَقَالُوا: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ، مَا أَبْكَاكَ؟ قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَيْتُهُ يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ شَيْئًا، وَلَمْ أَرَ أَحَدًا مَعَهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا هَذَا الَّذِي تَدْفَعُ، وَلا أَرَى أَحَدًا مَعَكَ؟ قَالَ: " هَذِهِ الدُّنْيَا تَمَثَّلَتْ فَقُلْتُ لَهَا: إِلَيْكِ عَنِّي، فَتَنَحَّتْ ثُمَّ رَجَعَتْ، فَقَالَتْ: أَمَا إِنَّكَ إِنْ أَفْلَتَّ فَلَنْ يُفْلِتَ مَنْ بَعْدَكَ "، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ فَمَقَتُّ أَنْ تَلْحَقَنِيَ
(826) قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا أَبُو السّعُودِ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمجْلِيِّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْعُكْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الطَّيِّبِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ خَلَفِ بْنِ خَاقَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ دُرَيْدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَاتِمٍ، عَنِ الأَصْمَعِيِّ، قَالَ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا مُدِحَ، قَالَ: " اللَّهُمَّ أَنْتَ أَعْلَمُ بِي مِنْ نَفْسِي، وَأَنَا أَعْلَمُ بِنَفْسِي مِنْهُمْ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي خَيْرًا مِمَّا يَظُنُّونَ، وَاغْفِرْ لِي مَا لا يَعْلَمُونَ، وَلا تُؤَاخِذْنِي بِمَا يَقُولُونَ "
(827) قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ السَّمَرْقَنْدِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الطَّبَرِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ صَفْوَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ السَّكُونِيُّ، وَغَيْرُهُ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، سَمِعَ أَبَا السَّفَرِ، قَالَ: دَخَلُوا عَلَى أَبِي بَكْرٍ فِي مَرَضِهِ، فَقَالُوا: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ أَلا نَدْعُوا لَكَ طَبِيبًا يَنْظُرُ إِلَيْكَ؟ قَالَ: " قَدْ نُظِرَ إِلَيَّ "، قَالُوا: مَا قَالَ لَكَ؟، قَالَ: " إِنِّي فَعَّالٌ لِمَا أُرِيدُ "
(828) أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو رُشَيْدٍ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَسْعُودٍ سُلَيْمَانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى بْنِ مَرْدُوَيْهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا مَيْمُونُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ الْحَسَنِ الْحَنَفِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْعُطَارِدِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا نَفَعَنِي مَالٌ قَطُّ مَا نَفَعَنِي مَالُ أَبِي بَكْرٍ "، فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ: وَهَلْ أَنَا وَمَالِي إِلا لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟
(829) قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدُوَيْهِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيم، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُمَيْرٍ الْقُرَشِيُّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ} ...
إِلَى آخِرِ الآيَةِ، قَالَ: جَاءَ عُمَرُ بِنِصْفِ مَالِهِ يَحْمِلُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ، وَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ بِمَالِهِ أَجْمَعَ يَكَادُ يُخْفِيهِ مِنْ نَفْسِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا تَرَكْتَ لأَهْلِكَ؟ "، قَالَ: عِدَّةُ اللَّهِ وَعِدَّةُ رَسُولِهِ، قَالَ: يَقُولُ عُمَرُ لأَبِي بَكْرٍ: بِنَفْسِي أَنْتَ وَبِأَهْلِي أَنْتَ، مَا اسْتَبَقْنَا بَابَ خَيْرٍ قَطُّ إِلا سَبَقْتَنَا إِلَيْهِ
وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ، عَنْ هَارُونَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَزَّازِ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ دُكَيْنٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَتَصَدَّقَ، وَوَافَقَ ذَلِكَ مَالا عِنْدِي، فَقُلْتُ، الْيَوْمَ أَسْبِقُ أَبَا بَكْرٍ إِنْ سَبَقْتُهُ، قَالَ: فَجِئْتُ بِنِصْفِ مَالِي، فَقَالَ: " مَا أَبْقَيْتَ لأَهْلِكَ؟ "، قُلْتُ: مِثْلُهُ، وَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ بِكُلِّ مَا عِنْدَهُ، فَقَالَ: " يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا أَبْقَيْتَ لأَهْلِكَ؟ "، قَالَ: أَبْقَيْتُ لَهُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، قُلْتُ: لا أَسْبِقُهُ إِلَى شَيْءٍ أَبَدًا.
(830) أَخْبَرَنَا الْقَاسِم بْن عليّ بْن الْحَسَن الدمشقي، إجازة، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِم بْن السَّمَرْقَنْدِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر بْن الطبري، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْن بْن الفضل، حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن جَعْفَر، حَدَّثَنَا يعقوب، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر الحميدي، حَدَّثَنَا سُفْيَان، عَنْ هشام بْن عروة، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أسلم أَبُو بَكْر، وله أربعون ألفًا، فأنفقها فِي اللَّه، وأعتق سبعة كلهم يعذب فِي اللَّه: أعتق بلالًا، وعامر بْن فهيرة، وزنيرة، والنهدية وابنتها، وجارية بني مؤمل، وأم عبيس زنيرة: بكسر الزاي، والنون المشددة، وبعدها ياء تحتها نقطتها، ثُمَّ راء وهاء، وعبيس: بضم العين المهملة، وفتح الباء الموحدة، والياء الساكنة تحتها نقطتان، وآخره سين مهملة.
(831) قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْوَاسِطِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ، حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْوَاعِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَبِيبٍ الْبُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ نَصْرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَايِحِ بْنِ قوامَةَ، بِبُخَارَى، أَخْبَرَنَا جِبْرِيلُ بْنُ منجَاعٍ الْكُشَانِيُّ بِهَا، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا رِشْدِينُ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ شَدَّادٍ الْمُرَادِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ الْغِفَارِيِّ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَتَعَاهَدُ عَجُوزًا كَبِيرَةً عَمْيَاءَ، فِي بَعْضِ حَوَاشِي الْمَدِينَةِ مِنَ اللَّيْلِ، فَيَسْتَقِي لَهَا وَيَقُومُ بِأَمْرِهَا، فَكَانَ إِذَا جَاءَ وَجَدَ غَيْرَهُ قَدْ سَبَقَهُ إِلَيْهَا، فَأَصْلَحَ مَا أَرَادَتْ، فَجَاءَهَا غَيْرَ مَرَّةٍ كَيْلا يُسْبَقَ إِلَيْهَا، فَرَصَدَهُ عُمَرُ، فَإِذَا هُوَ بِأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ الَّذِي يَأْتِيهَا، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ خَلِيفَةٌ، فَقَالَ عُمَرُ: أَنْتَ هُوَ لَعَمْرِي
(832) قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَقِيلِ بْنِ الأَزْهَرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، سَمِعَ عَمَّتَهُ أُنَيْسَةَ، قَالَتْ: نَزَلَ فِينَا أَبُو بَكْرٍ ثَلاثَ سِنِينَ: سَنَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَخْلَفَ، وَسَنَةً بَعْدَ مَا اسْتُخْلِفَ، فَكَانَ جَوَارِي الْحَيِّ يَأْتِينَهُ بِغَنَمِهِنَّ، فَيَحْلِبْهُنَّ لَهُنَّ

(833) قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَعْرُوفٍ، أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَهْمِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ مُوَرِّقٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صبيحَةَ، عَنْ أَبِيهِ.
ح، قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: بُويِعَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ يَوْمَ قُبِضَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الإِثْنَيْنِ، لاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ رَبِيعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ، وَكَانَ مَنْزِلُهُ بِالسُّنُحِ عِنْدَ زَوْجَتِهِ حَبِيبَةَ بِنْتِ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ، مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، وَكَانَ قَدْ حُجِرَ عَلَيْهِ حَجْرَةٌ مِنْ شِعْرٍ، فَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى تَحَوَّلَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَأَقَامَ هُنَاكَ بِالسُّنُحِ، بَعْدَمَا بُويِعَ لَهُ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ، يَغْدُو عَلَى رِجْلَيْهِ وَرُبَّمَا رَكِبَ عَلَى فَرَسٍ لَهُ، فَيُوَافِي الْمَدِينَةَ فَيُصَلِّي الصَّلَوَاتِ بِالنَّاسِ، فَإِذَا صَلَّى الْعِشَاءَ الآخِرَةَ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ، وَكَانَ يَحْلِبُ لِلْحَيِّ أَغْنَامَهُمْ، فَلَمَّا بُويِعَ لَهُ بِالْخِلافَةِ، قَالَتْ جَارِيَةٌ مِنَ الْحَيِّ: الآنَ لا يُحْلَبُ لَنَا مَنَائِحُنَا، فَسَمِعَهَا أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: بَلَى، لَعَمْرِي لأَحْلِبَنَّهَا لَكُمْ، وَإِنِّي لأَرْجُو أَنْ لا يُغَيِّرَنِي مَا دَخَلْتُ فِيهِ عَنْ خُلُقٍ كُنْتُ عَلَيْهِ، فَكَانَ يَحْلِبُ لَهُمْ، فَرُبَّمَا قَالَ لِلْجَارِيَةِ: أَتُحِبِّينَ أَنْ أُرْغِيَ لَكُمْ أَوْ أَنْ أُصَرِّحَ؟ فَرُبَّمَا قَالَتْ: أَرْغِ، وَرُبَّمَا، قَالَتْ: صَرِّحْ فَأَيَّ ذَلِكَ قَالَتْ فَعَلَ
وله فِي تواضعه أخبار كثيرة، نقتصر منها عَلَى هَذَا القدر
[خلافته]
(834) أَخْبَرَنَا أَبُو الْبَرَكَاتِ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ الدِّمَشْقِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَشَائِرِ مُحَمَّدُ بْنُ الْخَلِيلِ بْنِ فَارِسٍ الْقَيْسِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الْعَلاءِ الْمِصِّيصِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ مَعْرُوفِ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ بَكْرَوَيْهِ الْبَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَدَنِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " رَأَيْتُنِي عَلَى حَوْضٍ، فَوَرَدَتْ عَلَيَّ غَنَمٌ سُودٌ وَبِيضٌ، فَأَوَّلْتُ السُّودَ: الْعَجَمَ، وَالْعُفْرَ: الْعَرَبُ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ الدَّلْوَ مِنِّي، فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ، وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ، وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ، فَجَاءَ عُمَرُ فَمَلأَ الْحَوْضَ وَأَرْوَى الْوَارِدَ "
(835) قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ خَيْثَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ حَيْدَرَةَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الْخَزَّازُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الزَّعْرَاءِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اقْتَدُوا بِالَّذِينَ مِنْ بَعْدِي: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ "
(836) قال: وحَدَّثَنَا خيثمة، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن ملاعب الْبَغْدَادِيّ، أَخْبَرَنَا خلف بْن الْوَلِيد، أَخْبَرَنَا المبارك بْن فضالة، حَدَّثَني مُحَمَّد بْن الزُّبَيْر، قَالَ: أرسلني عُمَر بْن عَبْد العزيز إِلَى الْحَسَن الْبَصْرِيّ أسأله عَنْ أشياء، فصعدت إِلَيْه، فإذا هُوَ متكئٌ عَلَى وسادة من أدم، فقلت: أرسلني إليك عُمَر أسألك عَنْ أشياء، فأجابني فيما سَأَلْتُهُ عَنْهُ، وقلت: اشفني فيما اختلف النَّاس فِيهِ: هَلْ كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استخلف أبا بَكْر؟ فاستوى الْحَسَن قاعدًا، فَقَالَ: أَوْ فِي شك هُوَ لا أبا لَكَ؟ إي والله الَّذِي لا إله إلا هُوَ، لقد استخلفه، ولهو كَانَ أعلم بالله، وأتقى لَهُ، وأشد مخافة من أن يموت عليها لو لم يأمره
(837) أَخْبَرَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ الطَّبَرِيُّ، بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَبِي يَعْلَى، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دِينَارٍ الْمَكِّيُّ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لِيُصَلِّ أَبُو بَكْرٍ بِالنَّاسِ "، قَالُوا: لَوْ أَمَرْتَ غَيْرَهُ؟ قَالَ: " لا يَنْبَغِي لأُمَّتِي أَنْ يَؤُمَّهُمْ إِمَامٌ، وَفِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ "
(838) أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيٍّ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَغَيْرُهُمَا، بِإِسْنَادِهِمْ إِلَى أَبِي عِيسَى السُّلَمِيِّ، حَدَّثَنَا النَّصْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكُوفِيِّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ مَيْمُونٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يَنْبَغِي لِقَوْمٍ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَؤُمَّهُمْ غَيْرُهُ "
(839) قَالَ: وَحَدَّثَنَا أَبُو عِيسَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، أَنَّ أَبَاهُ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّ امْرَأَةً أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَيْءٍ، فَأَمَرَهَا بِأَمْرٍ، فَقَالَتْ: أَرَأَيْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ لَمْ أَجِدْكَ؟ قَالَ: " إِنْ لَمْ تَجِدِينِي فَأْتِي أَبَا بَكْرٍ "

(840) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي عَلِيٍّ الْمُقْرِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو رُشَيْدٍ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَسْعُودٍ سُلَيْمَانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى بْنِ مَرْدُوَيْهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمَالِكِيُّ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانٍ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّخَعِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: " قَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ فَصَلَّى بِالنَّاسِ، وَإِنِّي لَشَاهِدٌ غَيْرُ غَائِبٍ، وَإِنِّي لَصَحِيحٌ غَيْرُ مَرِيضٍ، وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُقَدِّمَنِي لَقَدَّمَنِي، فَرَضِينَا لِدُنْيَانَا مَنْ رَضِيَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ لِدِينِنَا "
(841) أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ يَعِيشُ بْنُ صَدَقَةَ بْنِ عَلِيٍّ الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ السَّمَرْقَنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْبَزَّازُ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى الْوَزِيرُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُبَيْطٍ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ نُبَيْطٍ يَعْنِيَ ابْنَ شُرَيْطٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عُبَيْدٍ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا اشْتَدَّ مَرَضُهُ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا أَفَاقَ، قَال: " مُرُوا بِلالا فَلْيُؤَذِّنْ، وَمُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ "، قَالَ: ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّ أَبِي رَجُلٌ أَسِيفٌ، فَلَوْ أَمَرْتَ غَيْرَهُ، فَقَالَ: " أُقِيمَتِ الصَّلاةُ؟ "، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبِي رَجُلٌ أَسِيفٌ، فَلَوْ أَمَرْتَ غَيْرَهُ؟، قَالَ: " إِنَّكُنَّ صَوَاحِبَاتُ يُوسُفَ، مُرُوا بِلالا فَلْيُؤَذِّنْ، وَمُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ " ثُمَّ أَفَاقَ، فَقَالَ: " أُقِيمَتِ الصَّلاةُ؟ "، قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: " ادْعُوا إِلَيَّ إِنْسَانًا أَعْتَمِدُ عَلَيْهِ "، فَجَاءَتْ بُرَيْرَةُ، وَإِنْسَانٌ آخَرُ، فَانْطَلَقُوا يَمْشُونَ بِهِ، وَإِنَّ رِجْلَيْهِ تَخُطَّانِ فِي الأَرْضِ، قَالَ: " فَأَجْلِسُوهُ إِلَى جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ، فَذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ يَتَأَخَّرُ، فَحَبَسَهُ حتَّى فَرَغَ النَّاسُ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ، قَالَ: وَكَانُوا قَوْمًا أُمِّيِّينَ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ نَبِيٌّ قَبْلَهُ، قَالَ عُمَرُ: لا يَتَكَلَّمُ أَحَدٌ بِمَوْتِهِ إِلا ضَرَبْتُهُ بِسَيْفِي هَذَا، قَالَ: فَقَالُوا لَهُ: اذْهَبْ إِلَى صَاحِبِ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَادْعُهُ، يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ، قَالَ: فَذَهَبْتُ فَوَجَدْتُهُ فِي الْمَسْجِدِ، قَالَ: فَأَجْهَشْتُ أَبْكِي، قَالَ: لَعَلَّ نَبِيَّ اللَّهِ تُوُفِّيَ؟ قُلْتُ: إِنَّ عُمَرَ، قَالَ: لا يَتَكَلَّمُ أَحَدٌ بِمَوْتِهِ إِلا ضَرَبْتُهُ بِسَيْفِي هَذَا! قَالَ: فَأَخَذَ بِسَاعِدِي ثُمَّ أَقْبَلَ يَمْشِي، حَتَّى دَخَلَ، فَأَوْسَعُوا لَهُ، فَأَكَبَّ عَلَى رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى كَادَ وَجْهُهُ يَمَسُّ وَجْهَ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَظَرَ نَفْسَهُ حَتَّى اسْتَبَانَ أَنَّهُ تُوُفِّيَ، فَقَالَ: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} ، قَالُوا: يَا صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: نَعَمْ، فَعَلِمُوا أَنَّهُ كَمَا قَالَ، قَالُوا: يَا صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ، هَلْ يُصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: يَجِيءُ نَفَرٌ مِنْكُمْ، فَيُكَبِّرُونَ فَيَدْعُونَ وَيَذْهَبُونَ حَتَّى يَفْرَغَ النَّاسُ، فَعَلِمُوا أَنَّهُ كَمَا قَالَ، قَالُوا: يَا صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ، هَلْ يُدْفَنُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: نَعَمْ، قَالُوا: أَيْنَ يُدْفَنُ؟ قَالَ: حَيْثُ قَبَضَ اللَّهُ رُوحَهُ، فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ، إِلا فِي مَوْضِعٍ طَيِّبٍ، قَالَ: فَعَرَفُوا أَنَّهُ كَمَا قَالَ، ثُمَّ قَالَ: عِنْدَكُمْ صَاحِبُكُمْ، ثُمَّ خَرَجَ، فَاجْتَمَعَ إِلَيْه الْمُهَاجِرُونَ أَوْ مَنِ اجْتَمَعَ إِلَيْه مِنْهُمْ، فَقَالَ: انْطَلِقُوا إِلَى إِخْوَانِنَا مِنَ الأَنْصَارِ، فَإِنَّ لَهُمْ فِي هَذَا الْحَقِّ نَصِيبًا، قَالَ: فَذَهَبُوا حَتَّى أَتَوُا الأَنْصَارَ، قَالَ: فَإِنَّهُمْ لَيَتَآمَرُونَ إِذْ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: مِنَّا أَمِيرٌ، وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ، فَقَامَ عُمَرُ وَأَخَذَ بِيَدِ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ: سَيْفَانِ فِي غِمْدٍ إِذَنْ لا يَصْطَحِبَانِ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ لَهُ هَذِهِ الثَّلاثَةُ: {إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} مَعَ مَنْ؟ فَبُسِطَ يَدُ أَبِي بَكْرٍ، فَضُرِبَ عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ: بَايِعُوا، فَبَايَعَ النَّاسُ أَحْسَنَ بَيْعَةً
(842) أَخْبَرَنَا أَبُو يَاسِرِ بْنُ أَبِي حَبَّةَ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتِ الأَنْصَارُ: مِنَّا أَمِيرٌ، وَمِنْكُم أَمِيرٌ، فَأَتَاهُمْ عُمَرُ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يَؤُمَّ النَّاسَ "؟ فَأَيُّكُمْ تَطِيبُ نَفْسُهُ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ؟، فَقَالُوا: نَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ نَتَقَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ
(843) أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ عَلِيٍّ الدِّمَشْقِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَالِبٍ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْخِلَعِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ النَّحَّاسِ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الأَعْرَابِيِّ، حَدَّثَنَا مشرفُ بْنُ سَعِيدٍ الْوَاسِطِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قال: كَانَ رُجُوعُ الأَنْصَارِ يَوْمَ سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ بِكَلامٍ، قَالَهُ عُمَرُ، قَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ، " أَمَرَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ "؟، قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ، قَالَ: فَأَيُّكُمْ تَطِيبُ نَفْسُهُ أَنْ يُزِيلَهُ عَنْ مُقَامِهِ الَّذِي أَقَامَهُ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا: كُلُّنَا لا تَطِيبُ أَنْفُسُنَا، نَسْتَغْفِرُ اللَّهَ.
وَقَدْ وَرَدَ فِي الصَّحِيحِ حَدِيثَ عُمَرَ، فِي بَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَهُوَ حَدِيثٌ طَوِيلٌ، تَرَكْنَاهُ لِطُولِهِ وَشُهْرَتِهِ
ولما توفي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارتجت مكَّة، فسمع بذلك أَبُو قحافة، فَقَالَ: ما هَذَا؟ قَالُوا: قبض رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أمر جليل، فمن ولي بعده؟ قَالُوا: ابنك، قَالَ: فهل رضيت بذلك بنو عَبْد مناف، وبنو المغيرة؟ قَالُوا: نعم، قَالَ: لا مانع لما أعطى اللَّه، ولا معطي لما منع،
وكان عُمَر بْن الخطاب أول من بايعه، وكانت بيعته فِي السقيفة يَوْم وفاة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ كانت بيعة العامة فِي الغد، وتخلف عَنْ بيعته: عليّ، وبنو هاشم، والزبير بْن العوام، وخالد بْن سَعِيد بْن العاص، وسعد بْن عبادة الْأَنْصَارِيّ، ثُمَّ إن الجميع بايعوا بعد موت فاطمة بِنْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا سعد بْن عبادة، فإنه لم يبايع أحدًا إِلَى أن مات، وكانت بيعتهم بعد ستة أشهر عَلَى القول الصحيح، وقيل غير ذَلِكَ،
وقام فِي قتال أهل الردة مقامًا عظيمًا، ذكرناه فِي الكامل فِي التاريخ.
(844) أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ، بِإِسْنَادِهِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ وَسُفْيَانُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ بْنِ الْحَكَمِ الْفَزَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا، يَقُولُ: كُنْتُ إِذَا سَمِعْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا نَفَعَنِي اللَّهُ بِمَا شَاءَ أَنْ يَنْفَعَنِي، فَإِذَا حَدَّثَنِي عَنْهُ غَيْرُهُ أَسْتَحْلِفُهُ، فَإِذَا حَلَفَ لِي صَدَّقْتُهُ، وَإِنَّهُ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ، وَصَدَقَ أَبُو بَكْرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَا مِنْ رَجُلٍ يُذْنِبُ فَيَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ الْوُضُوءَ قَالَ مِسْعَرٌ: وَيُصَلِّي، وَقَالَ سُفْيَانُ: ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إِلا غَفَرَ لَهُ "
[وفاته]
قَالَ ابْنُ إِسْحَاق: توفي أَبُو بَكْر رَضِي اللَّه عَنْهُ، يَوْم الجمعة، لسبع ليال بقين من جمادى الآخرة، سنة ثلاث عشرة، وصلى عَلَيْهِ عُمَر بْن الخطاب، وقَالَ غيره: توفي عشي يَوْم الاثنين، وقيل: ليلة الثلاثاء، وقيل: عشي يَوْم الثلاثاء، لثمان بقين من جمادى الآخرة.
(845) وأَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّد بْن أَبِي الْقَاسِمِ إجازة، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ يُوسُفُ بْن عَبْد الواحد، حَدَّثَنَا شجاع بْن عليّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْد اللَّه بْن منده، قَالَ: وُلد يعني أَبا بَكْر بعد الفيل بسنتين وأربعة أشهر إلا أيامًا، ومات بعد النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسنتين وأشهر بالمدينة، وهو ابْنُ ثلاث وستين سنة، وكان رجلًا أبيض نحيفًا، خفيف العارضين، معروق الوجه غائر العينين، ناتئ الجبهة، يخضب بالحناء والكتم، وكان أول من أسلم من الرجال، وأسلم أبواه لَهُ، ولوالديه ولولده، وولد ولده صحبة رَضِي اللَّه عَنْهُمْ
(846) قَالَ: وأَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر الفرضي، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّد الجوهري، أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَر بْن حيوية، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن معروف، أَخْبَرَنَا الْحُسَيْن بْن القهم، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سعد، حَدَّثَنَا عَبْد العزيز بْن عَبْد اللَّه الأويسي، حَدَّثَني ليث بْن سعد، عَنْ عقيل، عَنِ ابْنِ شهاب، أن أبا بَكْر، والحارث بْن كلدة كانا يأكلان خزيرة أهديت لأبي بَكْر، فَقَالَ الحارث: ارفع يدك يا خليفة رَسُول اللَّه، والله إن فيها لسم سنة، وأنا وأنت نموت فِي يَوْم واحد، قَالَ: فرفع يده، فلم يزالا عليلين حتَّى ماتا فِي يَوْم واحد، عند انقضاء السنة
(847) قَالَ: وأَخْبَرَنَا أَبِي بِإِسْنَادِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سعد، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عُمَر، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه، عَنِ الزُّهْرِيّ، عَنْ عروة، عَنْ عَائِشَة، قَالَتْ: " كَانَ أول ما بدئ مرض أَبِي بَكْر، أَنَّهُ اغتسل يَوْم الاثنين، لسبع خلون من جمادى الآخرة، وكان يومًا باردًا، فحم خمسة عشر يومًا، لا يخرج إِلَى صلاة، وكان يأمر عُمَر يصلي بالناس، ويدخل النَّاس عَلَيْهِ يعودونه وهو يثقل كل يَوْم، وهو نازل يومئذ فِي داره التي قطع لَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجاه دار عثمان بْن عفان اليوم، وكان عثمان ألزمهم لَهُ فِي مرضه، وتوفي مساء ليلة الثلاثاء لثمان ليال بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة، فكانت خلافته سنتين، وثلاثة أشهر وعشر ليال، وكان أَبُو معشر، يَقُولُ: سنتين وأربعة أشهر إلا أربع ليال، وتوفي وهو ابْنُ ثلاث وستين سنة، مجمع عَلَى ذَلِكَ فِي الروايات كلها، استوفى سن رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكان أَبُو بَكْر ولد بعد الفيل بثلاث سنين
وهو أول خليفة كَانَ فِي الْإِسْلَام، وأول من حج أميرا فِي الْإِسْلَام، فإن رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتح مكَّة سنة ثمان، وسير أبا بَكْر يحج بالناس أميرًا سنة تسع، وهو أول من جمع القرآن، وقيل: عليّ بْن أَبِي طَالِب أولُ من جمعه، وكان سبب جمع أَبِي بَكْر للقرآن ما ذكرناه فِي ترجمة عثمان بْن عفان، وهو أول خليفة ورثه أَبُوهُ ".
وقَالَ زياد بْن حنظلة: كَانَ سببُ موت أَبِي بَكْر الكمد عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومثله قَالَ عَبْد اللَّه بْن عُمَر،
ولما حضره الموت استخلف عُمَر بْن الخطاب رَضِي اللَّه عَنْهُمَا، وَقَدْ ذكرنا ذلك فِي ترجمة عُمَر رَضِي اللَّه عَنْهُ.
عَبْدُ اللهِ بْنُ عُثْمَانَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ فِي الْعَشَرَةِ
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى ثَعْلَبٌ النَّحْوِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ الْجُمَحِيُّ، ثنا أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى، عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، سَمِعْتُ أَبَا رِفَاعَةَ الْفَهْمِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ»
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْمِصِّيصِيُّ، ثنا الْهَيْثَمُ بْنُ خَالِدٍ، ثنا عَبْدُ الْكَبِيرِ بْنُ الْمُعَافَى، ثنا صَالِحُ بْنُ مُوسَى الطَّلْحِيُّ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَتْ: أَقْبَلَ أَبِي فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى عَتِيقٍ مِنَ النَّارِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ» وَاسْمُهُ الَّذِي سَمَّاهُ بِهِ أَهْلُهُ يَوْمَ وُلِدَ: عَبْدُ اللهِ بْنُ عُثْمَانَ فَغَلَبَ عَلَيْهِ اسْمُ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ

سفيان الثوري

ومن العلماء الجهابدة النقاد بالكوفة سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري أبو [عبد الله - 1]
وهو ثور بن عبد مناة بن اد بن طانحة باب ما ذكر من علم سفيان الثوري وفقهه حدثنا عبد الرحمن (16 ك) نا حماد بن الحسن (2) بن عنبسة نا إسحاق بن الصباح الأسدي (3) قال سمعت أبا الحارث يقول سمعت سفيان بن عيينة يقول: ما رأيت رجلا أعلم بالحلال والحرام من سفيان الثوري.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا أحمد بن عبد الله بن يونس قال ذكر سفيان الثوري عند زائدة فقال: ذلك أعلم الناس في أنفسنا.
حدثنا عبد الرحمن أنا العباس بن الوليد بن مزيد قراءة عليه قال أخبرني أبي عن الأوزاعي أنه كتب إلى عبد الله (4) بن يزيد: بلغني كتابك تذكر دروسا من العلم وذهاب العلماء، وإن كنت لم تعرف ذهاب العلماء الا في عاملك هذا فقد أغفلت النظر فأنه قد أسرع بهم منذ حين
وذهب بقاياهم منذ أعوام من كل جند وأفق فلم يبق منهم رجل واحد يجتمع عليه العامة بالرضا والصحة إلا ما كان من رجل واحد بالكوفة.
قال عباس: يعني الثوري.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن علي بن سعيد النسائي نا محمد بن علي ابن الحسن بن شقيق قال سمعت أبي قال عبد الله - يعني ابن المبارك: لا أعلم على وجه الأرض أعلم من سفيان الثوري.
حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ نا أحمد بن سنان الواسطي قال سمعت وكيعا وحدث عن شعبة عن الحكم وحماد في باب - ثم قال: أيما أفقه عندكم الحكم وحماد أو سفيان؟ فسكت الناس فلم يجبه أحد، فقال: كان سفيان بحرا.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن خالد أبو هارون الخراز نا مقاتل بن محمد: يحكى عن الوليد بن مسلم قال: رأيت الثوري بمكة يستفتى ولما يخط وجهه بعد.
حدثنا عبد الرحمن ثنا أبي ثنا الحسن بن الربيع قال سمعت ابن المبارك قال: ما رأيت أحدا خيرا من سفيان.
حدثنا عبد الرحمن نا عبد الملك بن أبي عبد الرحمن المقرئ قال سمعت عبد الرحمن - يعني ابن الحكم بن بشير - قال: كان نوفل - يعني ابن مطهر - يحكي عن ابن المبارك قال: ما رأيت مثل سفيان.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن سعيد المقرئ قال سمعت عبد الرحمن
- يعني ابن الحكم بن بشير - يذكر عن نوفل قال قال ابن المبارك: ما رأيت مثل سفيان، كأنه خلق لهذا الشأن.
حدثنا عبد الرحمن [نا - 1] عبد الملك قال وسمعت عبد الرحمن *
يعني ابن الحكم - يقول: ما سمعت بعد التابعين بمثل سفيان.
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن الهسنجاني قال سمعت نعيم ابن حماد يقول: سمعت ابن وهب يقول: ما رأيت مثل سفيان الثوري.
حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ نا محمد بن يحيى أنا محمد قال سمعت ابن المبارك قال: كنت إذا اعياني الشئ أتيت سفيان أساله فكأنما أغتمسه من بحر.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي - يعني ابن المديني - قال سألت يحيى يعني - ابن سعيد - فلت: أيما أحب إليك رأى مالك أو رأى سفيان؟ قال سفيان لا نشك في هذا، ثم قال يحيى: وسفيان فوق مالك في كل شئ.
حدثنا عبد الرحمن نا سهل بن بحر العسكري نا محمد بن عبد الحميد نا مطرف بن مازن قال قال لنا معمر لما بلغه أن سفيان قادم عليهم اليمن قال لنا معمر: أنه قد قدم عليكم محدث العرب.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن مسلم نا الحسن بن الربيع عن ابن المبارك قال: ما نعت لي أحد فرأيته إلا وجدته دون نعته إلا سفيان الثوري.
حدثنا عبد الرحمن أخبرنا أبي نا احمد بن ابراهيم الدورقي حدثي محمد بن كثير الصنعاني عن أبي إسحاق الفزاري قال قال الأوزاعي:
إنما بقى هذان الرجلان - يعني ابن عون وسفيان.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا إسماعيل بن مسلمة القعنبي حدثني محمد بن المعتمر بن سليمان قال قلت لأبي: من فقيه العرب؟ قال سفيان الثوري.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو سعيد الأشج نا أحمد بن حميد سمعت
ابن إدريس يقول: ما رأيت بالكوفة أحدا أود إني في مسلاخه إلا سفيان الثوري.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو سعيد الأشج قال سمعت أبا داود الحفري وسأله رجل عن سفيان والحسن بن صالح ففضل سفيان على الحسن.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن مسلم قال سمعت الفريابي يقول: سألت ابن عيينة عن مسألة فأجابني فيها فقلت: خالفك فيها الثوري فقال لا ترى بعينك مثل سفيان أبدا.
حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي نا ابن أبي رزمه أنا أبو أسامة قال: من أخبرك أنه نظر بعينه (1) إلى مثل سفيان الثوري فلا تصدقه.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل قال قال أبي قال سفيان بن عيينة لن ترى بعينك مثل سفيان حتى تموت قال أبي: هو كما قال.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن أحمد بن البراء قال قال علي ابن المديني: أصحاب عبد الله - يعني ابن مسعود: ستة الذين يقرءون ويفتون ومن بعدهم أربعة ومن بعد هؤلاء سفيان الثوري كان يذهب مذهبهم ويفتى بفتواهم وكان أعلم الناس بأبي إسحاق (2) والأعمش بحديثهم وطريقتهم.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا شهاب بن عباد قال سمعت هشام الصيدناني قال سمعت الحسن بن صالح قال كنا في حلقة (18 د) ابن ابي ليلى (17 ك) فتذاكروا مسألة وطلع سفيان الثوري فقال: ألقوها عليه، قال حسن فجاء فجلس قريبا مني فأجاب فيها فأصاب [فيها - 3] فسمعته يحمد الله عزوجل فيما بينه وبين نفسه، قال حسن: فكنت أراه يطلبه بنية يعني العلم.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن حمويه بن الحسن قال سمعت أبا طالب أحمد بن حميد قال قال أبو عبد الله بن حنبل قال: دخل على مالك الأوزاعي وسفيان فلما خرجا من عنده قال: أحدهما أكثر علما من صاحبه ولا يصلح للإمامة، والآخر يصلح للإمامة.
قلت لأبي عبد الله فالذي عني مالك أنه أعلم الرجلين هو سفيان؟ قال، نعم.
قال أبو عبد الله: أجل، سفيان أوسعهما علما.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يحيى أنا محمد بن المنهال قال سمعت يزيد - يعني - ابن زريع - قال: وكان سفيان راويا (1) مفتيا.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي أخبرني قطبة بن العلاء قال سمعت سفيان الثوري يقول: أنا في هذا الحديث منذ ستين سنة.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن منصور الرمادي ثنا الأخنسي - يعني أحمد بن عمران - قال سمعت يحيى بن يمان يقول: ما رأينا مثل سفيان ولا رأى سفيان مثله، كان سفيان في الحديث أمير المؤمنين.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن منصور الرمادي نا عثمان بن أبي شيبة قال سمعت ابن إدريس قال قال لي ابن أبي ذئب: ما رأيت رجلا من أهل العراق يشبه ثوريكم هذا.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن منصور نا مسدد قال سمعت ابن داود - يعني الخريبي - قال سمعت ابن أبي ذئب - وذكر سفيان - فقال: لم يأتنا من هذه الناحية أحد يشبهه.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن أحمد بن البراء قال علي ابن المديني: نظرت فإذا الإسناد يدور على ستة، الزهري وعمرو بن دينار وقتادة
ويحيى بن أبي كثير وأبو إسحاق والأعمش: ثم صار علم هؤلاء الستة من أهل الكوفة إلى سفيان الثوري.
[باب - 1] ما ذكر من براعة فهم سفيان الثوري وفطنته وفراسته
حدثنا عبد الرحمن نا أبو سعيد بن يحيى القطان حدثني عبيد الله ابن عمر القوايري قال سمعت يحيى بن سعيد يقول كنا على باب إسماعيل ابن أبي خالد فقال - يعني سفيان - يا يحيى تعال حتى أحدثك عنه بعشرة أحاديث لم تسمعها، فسرد ثمانية كأنه قد علم إني لم أسمعها.
حدثنا عبد الرحمن ثنا أبو سليم الجبيلي قال سمعت الفريابي يقول رأينا سفيان الثوري بالكوفة وكان جماعة من أهل الحديث ننزل في دار فلما حضرت صلاة الظهر دلونا له دلوا من بئر في الدار فإذا الماء متغير فقال ما بال مائكم هذا؟ قلنا هو كذا منذ نزلنا هذه الدار، فقال ادلوا
دلوا من بئر الدار التي قبليكم، فإذا ماء أبيض، ثم قال ادلوا دلوا من بئر الدار، اتى شرقيكم، فإذا ماء أبيض، ثم قال ادلوا دلوا من بئر الدار التي شأمكم، فإذا ماء أبيض، فقال ادلوا دلوا من بئر الدار التي غربكم، فإذا ماء أبيض، فقال إن لبئركم هذه لشأنا، فحفرنا فأصبنا عرق كنيف ينز فيه فقال لنا منذ كم نزلتم هذه الدار؟ فقلنا أربع سنين، فأمرنا بإعادة صلاة أربع سنين فيها ركعتا الفجر وركعتان بعد الغروب والوتر.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان قال قال أبو معاوية لقيني سفيان الثوري بعد موت الأعمش فقال لي كيف أنت يا محمد؟ كيف حالك؟ ثم قال لي: سمعت من الأعمش كذا؟ قلت: لا، قال: فسمعت
منه كذا؟ قلت: لا، فجعل يحدثني بأحاديث كأنه علم إني لم أسمعها [سفيان الثوري - 1] .
حدثنا عبد الرحمن نا أبي قال سمعت حسن بن الربيع قال سمعت محمد بن السماك قال نظر إلي سفيان الثوري فتفرس في فقال: ما أراك تموت حتى تصير قاصا.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا محمد بن عيسى ابن الطباع قال قال عبد الرحمن بن مهدي كنت أذاكر سفيان الثوري بحديث حماد ابن زيد ولا أسميه فإذا جاءه حماد بن زيد سأله عن تلك الأحاديث فجعل يتعجب (2) من فطنته.

باب ما ذكر من تخوف الثوري على نفسه
من العلم أن لا يسلم منه حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت عبد الرحمن يقول سمعت سفيان يقول: ما من عملي شئ أنا أخوف منه من هذا - يعني الحديث.
حدثنا عبد الرحمن نا عبد الله بن محمد بن عمرو الغزي (3) قال سمعت الفريابي وقبيصة يقولان سمعنا سفيان يقول: وددت أني نجوت من هذا العلم كفانا لالي ولا علي.
حدثنا عبد الرحمن نا عبد الله بن محمد بن عمرو قال سمعت قبيصة
قال سمعت سفيان بعد ذلك يقول: وما على الرجل أن يكون هذا العلم من كلامه.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا أبو عمر عيسى بن محمد النحاس الرملي قال قال ضمرة سمعت سفيان الثوري يقول (18 ك) : وددت إني أنفلت من هذا الامر لالي ولا علي، أنا اليوم اطلب العلم، فهذا لاي شئ هو؟.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا علي بن ميسرة نا الحسن بن الحكيم الناجي (1) قال سمعت ابن عيينة يقول قال سفيان الثوري: قد ألقى الينا من هذا الامر شئ فوددت إني أصبت من ألقى إليه.
قال
أبو محمد يعني العلم.
حدثنا عبد الرحمن نا حجاج بن حمزة نا عبد الرحمن بن مصعب المعنى قال سمعت سفيان يقول: لو لم اعلم كان اقل لحزني.
(19 د) حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا شهاب بن عباد قال سمعت أبا غسان قال قيل للحسن بن صالح أن سفيان يقول: ليتني لم أسمع من هذا العلم بشئ (2) قال الحسن: ولو لم؟ قال أبو محمد كانوا يتخوفون من افضل اعمالهم.

باب ما ذكر من حفظ الثوري وإتقانه حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا أبو بكر بن أبي شيبة قال سمعت يحيى
ابن سعيد القطان يقول: ما رأيت أحدا أحفظ من سفيان الثوري، قلت له - أو قيل له - ثم من؟ قال ثم شعبة، قيل ثم من؟ قال ثم هشيم (1) .
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان قال سمعت عبد الرحمن - يعني ابن مهدي - يقول قدمت على سفيان بن عيينة فجعل يسألني عن المحدثين فقال: ما بالعراق أحد يحفظ الحديث إلا سفيان الثوري.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي قال: كان وهيب يقدم سفيان في الحفظ - يعني على مالك.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يحيى أنا يوسف بن موسى التستري قال سمعت أبا داود يقول سمعت شعبة يقول: إذا خالفني سفيان في حديث فالحديث حديثه.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت يحيى بن سعيد يقول: ليس أحد أحب إلي من شعبة ولا يعدله أحد عندي، وإذا خالفه سفيان أخذت بقول سفيان.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو عبد الله الطهراني أنا عبد الرزاق قال كان سفيان يقول: ما استودعت قلبي شيئا قط فخانه (2) .
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان الواسطي قال سمعت عبد الرحمن ابن مهدي يقول ما (3) رأيت سفيان لشئ من حديثه أحفظ منه لحديث الأعمش.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي حدثني أبو بكر بن أبي عتاب الأعين قال سمعت أحمد بن حنبل وقلت: من أحب الناس إليك في حديث
الأعمش؟ قال: سفيان، قلت شعبة؟ قال: سفيان.
حدثنا عبد الرحمن أنا أبو بكر بن أبي خيثمة فيما كتب إلي قال سمعت يحيى بن معين يقول: لم يكن أحد أعلم بحديث الأعمش من الثوري.
حدثنا عبد الرحمن أنا أبو بكر بن أبي خيثمة فيما كتب إلي قال
سمعت يحيى بن معين يقول: لم يكن أحد أعلم بحديث أبي إسحاق من الثوري، ولم يكن أحد أعلم بحديث منصور من سفيان الثوري.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن إبراهيم نا عمرو بن علي قال سمعت (1) أبا معاوية يقول: كان سفيان يأتيني ههنا فيذاكرني حديث الأعمش فما رأيت أحدا أعلم بحديث الأعمش منه.
حدثنا عبد الرحمن سمعت أبي يقول: أحفظ أصحاب الأعمش (2) الثوري.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان الواسطي قال سمعت عبد الرحمن ابن مهدي يقول لما حدث سفيان عن حماد عن عمرو بن عطية التيمي عن سلمان قال: إذا حكمت جسدك فلا تمسحه ببزاق فأنه ليس بطهور، قلت له هذا حماد يروى عن ربعي بن حراش عن سلمان، قال: من يقول ذا؟ قلت: حدثنا حماد بن سلمة، قال امضه، قلت: حدثنا شعبة، قال: امضه، قلت: حدثنا هشام الدستوائي، قال: هشام؟ قلت نعم، فأطرق هنيهة ثم قال: امضه، سمعت حمادا يحدثه (3) عن عمرو (4)
ابن عطية عن سلمان.
قال عبد الرحمن فمكثت زما نا أحمل الخطأ على سفيان، نظرت في كتاب غندر (1) عن شعبة فإذا هو عن حماد عن ربعي بن حراش عن سلمان، قال شعبة: وقد قال حماد مرة: عن
عمرو بن عطية التيمي عن سلمان.
فعلمت ان سفيان إذا حفظ الشئ (2) لم يبال من خالفه.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان سمعت عبد الرحمن - يعني ابن مهدي - يقول: ربما كنا (3) عند سفيان فكأنه قد أوقف للحساب فلا نجترئ نسأله عن شئ، فنعرض له بذكر الحديث فإذا جاء [به - 4] الحديث ذهب ذلك الخشوع فإنما هو: حدثنا، حدثنا.
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن الهسنجاني ثنا يحيى بن أيوب الزاهد نا معاذ بن معاذ قال قال يحيى بن سعيد القطان: كان سفيان الثوري ما شئت من صلاة وقراءة فإذا جاء الحديث (19 ك) فكأنه ليس الذي [كان - 5] .
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سلمة النيسابوري نا محمد بن أبان - يعني البلخي الوكيعي - قال سمعت وكيعا يقول: ذكر شعبة حديثا عن أبي إسحاق، فقال رجل: إن سفيان خالفك فيه فقال: دعوه، سفيان أحفظ مني.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت معاذا - يعني ابن معاذ - وقيل له: أي أصحاب أبي
إسحاق أثبت؟ قال: شعبة وسفيان، ثم سكت.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن حمويه بن الحسن قال سمعت أبا طالب قال قال أبو عبد الله - يعني أحمد بن حنبل -: سفيان أحفظ للإسناد وأسماء الرجال من شعبة.
حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي عن إسحاق بن منصور عن يحيى ابن معين أنه قال: سفيان الثوري ثقة.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول: سفيان فقيه حافظ زاهد، إمام أهل العراق، وأتقن أصحاب أبي إسحاق، وهو أحفظ من شعبة، وإذا اختلف الثوري وشعبة فالثوري.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن منصور (20 د) الرمادي نا احمد ابن عمران الأخنسي نا الوليد بن عقبة الشيباني قال قيل لسفيان بن سعيد: لو جلست لنا مجلسا، وذاك قبل خروجه إلى البصرة - فاستقبل القبلة ثم ابتدأ، فكتبت بيدي ثلثمائة حديث.
حدثنا عبد الرحمن سمعت أبا زرعة يقول: أثبت أصحاب ابي اسحاق الثوري وشعبة واسراءيل، ومن بينهم الثوري أحب إلي، كان الثوري أحفظ من شعبة في إسناد الحديث وفي متنه.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي - يعني ابن المديني - قال قال يحيى قال لي سفيان بعد ثماني عشرة سنة أو تسع عشرة سنة في حديث عمرو بن مرة: هذا أليس قد حدثتك به مرة؟.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن احمد نا علي ابن المديني قال سمعت يحيى يقول: سألت سفيان عن حديث عاصم قول ابن عباس في المرتدة، فأنكره وقال: ليس من حديثي.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي [ابن المديني - 1] قال سمعت يحيى يقول: كان سفيان إذا حدثني بالحديث فلم يتقنه قال: لا تكتبه.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت عبد الرحمن - يعني ابن مهدي - قال سألت سفيان قلت حدثنا شعبة عن الأعمش عن مسروق في المحرم يتزوج، قال: لعلك وهمت على شعبة، قلت إن جرير بن حازم يروى عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الله، قال دع جريرا إنما حدثني الأعمش ومنصور عن مسلم عن مسروق: سحتجم المحرم ولا يحتجم الصائم.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت عبد الرحمن - يعني ابن مهدي - قال سألت سفيان عن حديث الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله قال: لا يزال الرجل في فسحة من دينه ما لم يسفك دما حراما.
فأنكر أن يكون عن أبي وائل، وقال: إنما سمعه من عبد الملك بن عمير أنا ذهبت به إليه.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يحيى (2) أنا محمود بن غيلان نا أبو داود الطيالسي عن شعبة قال: ما حدثني أحد عن شيخ إلا وإذا سألته - يعني ذلك الشيخ - يأتي بخلاف ما حدث عنه ما خلا سفيان الثوري فأنه لم يحدثني عن شيخ إلا وإذا سألته وجدته على ما قال سفيان.
حدثنا عبد الرحمن نا إسماعيل بن أبي الحارث (3) نا أحمد - يعني ابن حنبل عن يحيى بن بكير (4) قال سمعت شعبة يقول: ما حدثني سفيان
عن إنسان بحديث فسألته عنه الا كان كما حدثي.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سلمة نا محمد بن أبان - يعني البلخي قال سمعت وكيعا يقول قال شعبة: ما أطرف لي - يعني ما أعطاني طرف حديث عن شيخ فسألت الشيخ إلا وجدته كما قال سفيان.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو سعيد الأشج سمعت (1) عقبة - يعني ابن خالد - قال كنت عنه عبيد الله فلما تفرق أصحاب الحديث انقحم سفيان الثوري وانقحمت معه فسأله عن سبعين حديثا ما كتب منها شيئا وأخرجت ألواحا معي نحو من ذراع فلم يفتني منها شئ فما صبر أن قال: إنما قلب أحدهم ألواحه.
حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي نا ابن أبي رزمه نا (2) الفضل ابن موسى قال سمعت عبد الله بن المبارك يقول: تبا لمن خالف سفيان الثوري في الحديث وان كان محقا.

باب ما ذكر من جودة أخذ سفيان للحديث حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي - يعني ابن
المديني - قال سمعت عبد الرحمن - يعني ابن مهدي - قال: كنت مع سفيان عند عكرمة فجعل يوقفه على كل حديث على السماع.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد نا علي قال سمعت عبد الرحمن قال: شهدت سفيان عند العمري فجعل يوقفه في كل حديث توقيفا شديدا.
باب ما ذكر من تزكية الثوري لمن أجمل القول في السلف حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا عثمان بن مطيع حدثني عبد العزيز بن أبي عثمان قال أصيب سفيان بن سعيد (20 ك) بأخ له يسمى عمر وكان مقدما فلما سووا عليه قبره قال: رحمك الله يا أخي إن كنت لسليم الصدر للسلف، وإن كنت لتحب أن تخفى علمك - اي لا تحب الرياسة.

باب ما ذكر من معرفة سفيان الثوري برواة الأخبار وناقلة الآثار وكلامه فيهم حدثنا عبد الرحمن نا صالح بناحمد بن حنبل ثنا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت يحيى بن سعيد يقول سألت سفيان عن حديث حماد عن إبراهيم في الرجل يتزوج المجوسية، فجعل لا يحدثني به مطلني (1) به أياما ثم قال: إنما حدثني به جابر - يعني الجعفي - عن حمال، ما ترجو به منه
قال أبو محمد كأنه لم يرض جابرا الجعفي.
حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ نا صالح بن أحمد نا علي - يعني ابن المديني - قال سَأَلْتُ (2) يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ عَنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ (إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ كَسْبُكُمْ) قَالَ لِي سُفْيَانُ: هَذَا وَهْمٌ.
قَالَ يَحْيَى وَقَدْ حَمَلْتُهُ عَنْهُ، وَهُوَ عِنْدِي هَكَذَا كَمَا قَالَ
سُفْيَانُ، وَهْمٌ.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: كان سفيان يعجب من حفظ عبد الملك.
قال صالح قلت لأبي هو عبد الملك بن عمير؟ قال: نعم.
قال أبو محمد فذكرته لأبي فقال: هذا وهم، إنما هو عبد الملك بن أبي سليمان، وعبد الملك بن عمير لم يوصف بالحفظ.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي سمعت عبد الرحمن بن مهدي قال قال سفيان بن سعيد: لم أر ههنا شيخا مثل هذا - يعني سلام بن مسكين.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت (1) عبد الرحمن ابن مهدي قال سمعت سفيان وذكر منصورا [يوما - 2] فقال: ربما حدث عن رجلين عن إبراهيم.
كأنه يقول لا يرسل شيئا.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد نا علي قال سمعت عبد الرحمن ابن مهدي قال (3) أخبرني سفيان بحديث زهير عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب عن عمر أنه قال: للفارس سهمان فأنكره.
(21 د) حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت عبد الرحمن يقول أخبرني الحسين (4) بن عياش قال كنا تاتي سفيان إذا سمعنا من الأعمش فنعرضها عليه بالعشي فيقول: هذا من حديثه، وليس هذا من حديثه، (5) .
حدثنا عبد الرحمن نا حماد بن الحسن بن عنبسة ثنا أبو داود عن زائدة قال كنا نأتي الأعمش فيحدثنا فيكثر ونأتي سفيان الثوري فنذكر تلك الأحاديث له فيقول: ليس هذا من حديث الأعمش، فنقول هو حدثنا به الساعة فيقول: اذهبوا فقولوا له إن شئتم، فنأتي الأعمش فنخبره بذلك فيقول: صدق سفيان ليس هذا من حديثنا.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت عبد الرحمن - يعني ابن مهدي - يقول حدثت (1) سفيان احاديث اسراءيل عن عبد الأعلى عن ابن الحنفية، (2) قال: كانت من كتاب [قلت - 3] يعني أنها ليست بسماع.
حدثنا عبد الرحمن، نا صالح، نا علي قال سمعت عبد الرحمن - يعني ابن مهدي - قال روى شعبة عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله، وعن الأعمش عن إبراهيم عن مسروق عن عبد الله - في رجل طلق امرأته مائة، قال عبد الرحمن فذكرت لسفيان فأنكره وقال: إنما هو منصور والأعمش جميعا عن إبراهيم عن علقمة - يعني عن عبد الله.
حدثنا عبد الرحمن [نا صالح - 4] نا علي قال سمعت عبد الرحمن قال سألت سفيان عن حديث عاصم عن علي وعبد الله في المتلاعنين، فأنكره وقال: لو كان هذا عن عاصم.
قال أبو محمد ذكرته لأبي فقال هذا حديث رواه قيس بن الربيع عن عاصم - عن زر عن علي،
وعن عاصم عن أبي وائل عن عبد الله في المتلاعنين فأنكر الثوري ذلك وهو كما قال الثوري منكر.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد نا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول قال لي سفيان: إن الأعمش لم يسمع حديث إبراهيم عن النبي صلى الله عليه وسلم في الضحك في الصلاة.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت ابن داود قال سمعت سفيان يقول: فقهاؤنا ابن شبرمة وابن أبي ليلى.
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن الهسنجاني حدثني أخي عبد الله أنا أبو بكر بن أبي الأسود أنا عبد الرحمن بن مهدي قال: كان سفيان يقدم سعيد بن جبير على إبراهيم - يعني النخعي.
[حدثنا محمد بن مسلم وعبد الله بن أبي عبد الرحمن قالا ثنا عبد الرحمن بن الحكم ثنا نوفل - يعني ابن مطهر - عن ابن المبارك عن سفيان قال: حفاظ الناس ثلاثة إسماعيل بن أبي خالد وعبد الملك بن أبي سليمان العرزمي ويحيى بن سعيد الأنصاري، وحفاظ البصريين ثلاثة سليمان التيمي وعاصم الأحول وداود بن أبي هند وكان عاصم أحفظهم.
حدثنا سلمة بن كهيل وكان ركنا من الأركان - وشد قبضته، وحدثنا حبيب بن أبي ثابت وكان دعامة - أو كلمة شبهها - 1] .
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن الهسنجاني نا أخي عبد الله بن الحسن أنا عبد الرزاق عن ابن عيبنة قال قال لي سفيان الثوري: رأيت منصورا وعبد الكريم الجزري وأيوب السختياني وعمرو بن دينار؟
هؤلاء الأعين الذين لا يشك فيهم.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا علي بن محمد الطنافسي قال سألت وكيعا عن حديث ليث بن أبي سليم فقال: كان سفيان لا يسمى ليثا.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا علي بن ميسرة نا صالح بن أبي خالد
قال قلت لعثمان بن زائدة: إلى من أجلس بعدك؟ قال: ما أعرف أحدا.
قال فأعدت عليه فقلت الله الله، فقال: تأدب بأبي حفص الفارسي، وليس هو بصاحب حديث.
قال عثمان بن زائدة (21 ك) وقلت لسفيان: إلى من أجلس بعدك؟ فأطرق ساعة ثم قال: ما أعرف أحدا.
فقلت الله الله، أو كما قلت، قال: لا عليك إن تكتب الحديث من ثلاثة من زائدة بن قدامة وأبي بكر بن عياش وابن عيينة.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يحيى أنا يحيى بن مغيرة قال قال جرير: كان سفيان إذا أصاب في الباب حديث منصور بدأ به قبل الناس.
حدثنا عبد الرحمن أنا أحمد بن سليمان الرهاوي فيما كتب إلي قال سمعت زيد بن الحباب يقول سمعت سفيان الثوري يقول: عجبا لمن يروى عن الكلبي فذكرته لأبي وقلت له: إن الثوري يروى عن الكلبي، قال: لا يقصد الرواية عنه ويحكي حكاية تعجبا فيعلقه من حضره ويجعلونه رواية عنه.
حدثنا عبد الرحمن نا عمر بن شبة نا أبو عاصم النبيل قال زعم لي سفيان الثوري قال قال لنا الكلبي: ما حدثت عني عن أبي صالح عن ابن عباس فهو كذب فلا تروه.
حدثنا عبد الرحمن أنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني فيما كتب
إلي قال سمعت علي بن الحسن بن شقيق يقول قال عبد الله - يعني ابن المبارك - سئل سفيان بن سعيد عن ثور بن يزيد الشامي فقال: خذوا عنه واتقوا قرنيه - يعني أنه كان قدريا.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن عثمان بن حكيم قال سمعت أبا نعيم
قال سمعت سفيان يقول: إذا قال جابر حدثنا وأخبرنا فذلك.
(1) حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا أبو غسان التستري قال سمعت أبا داود قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول سمعت سفيان الثوري يقول: كان جابر ورعا في الحديث ما رأيت أورع في الحديث من جابر.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن إبراهيم بن شعيب (22 د) نا عمرو ابن علي قال قال عبد الرحمن - يعني ابن مهدي - قال سفيان: كان إبراهيم بن مهاجر لا بأس به.
حدثنا عبد الرحمن أنا أبو بكر بن أبي خيثمة فيما كتب إلي ثنا المثنى ابن معاذ بن معاذ نا بشر بن المغضل قال لقيت سفيان الثوري بمكة فقال: ما خلفت بعدي بالكوفة آمن على الحديث من منصور بن المعتمر.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا عبد العزيز بن الخطاب الكوفي بالبصرة قال سألت عبد الله بن داود: ما كان أبو الجحاف عند سفيان؟ فقال: كان يوثقه ويعظمه.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت يحيى [يعني - 2] القطان - قال قال سفيان: شعبة يروى عن داود بن يزيد الأودي؟ تعجبا منه.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي حدثني سليمان بن عبد الجبار قال سمعت عبد الله بن داود الخريبي قال قال سفيان الثوري كنا إذا اختلفنا
في شئ سألنا مسعرا عنه.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي قال سمعت محمد بن كثير العبدي يقول كنت عند سفيان الثوري فذكر حديثا فقال رجل حدثني فلان بغير هذا، فقال، من هو؟ قال: أبو حنيفة، قال: أحلتني على غير ملئ.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي حدثني عبد الله بن عمران نا أبو داود قال ذكر سفيان لشعبة حديثا لقتادة فقال سفيان: وكان في الدنيا مثل قتادة؟.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو هارون محمد بن خالد الخراز قال سمعت عبد الصمد المقرئ يقول دخل الرازيون على الثوري فسألوه الحديث فقال: أليس عندكم الأزرق؟ يعني عمرو بن أبي قيس - قال عبد الصمد: وكان أزرق.
حدثنا عبد الرحمن نا النضر بن هشام الأصبهاني سمعت الحسين ابن حفص قال قال سفيان: أخرج إليكم كتاب خير رجل بالكوفة، قلنا يخرج كتاب منصور، فأخرج كتاب محمد بن سوقة.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي قال سمعت أحمد بن يونس قال سمعت الثوري وذكر المعافي بن عمران فقال: ياقوتة العلماء.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد نا علي - يعني ابن المديني - قال ذكرت ليحيى بن سعيد حديث أبي إسحاق عن علي بن ربيعة، قال لا أراه سمعه من علي بن ربيعة، ثم قال يحيى: كان سفيان يوهنه (1) .
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال قلت ليحيى: كان سفيان
يوثقه؟ يعني جبله بن سحيم - فقال برأسه، أي نعم.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن منصور الرمادي ثنا عبد الرزاق قال قيل للثوري مالك لم ترتحل إلى الزهري؟ قال: لم تكن عندي دراهم ولكن قد كفانا معمر (1) الزهري، وكفانا ابن جريج عطاء.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي ثنا إبراهيم بن موسى أخبرني مهران - يعني ابن أبي عمر العطار - قال كنت مع سفيان الثوري في المسجد الحرام فمر عبد الوهاب بن مجاهد فقال سفيان: هذا كذاب.
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن الهسنجاني نا أحمد بن حنبل نا مؤمل بن إسماعيل نا سفيان نا عبد الملك بن أبي بشير قال سفيان: وكان شيخ صدق (2) .
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت يحيى ذكر واقدا مولى زيد بن خليدة فقال، أثنى سفيان عليه خيرا.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت يحيى بن سعيد يقول حدثني سعيد بن عبيد بن مسلم - جار ليحيى - عن عمرو بن الوليد الأغضف قال كنت جالسا مع سفيان فقال حدثني البري (3) عن منصور عن أبي وائل عن عبد الله في المسح على الخفين، فقال: كذب [ثم قال: كذب - 4] .
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سألت يحيى: حديث مهدي ابن ميمون (22 ك) عن واصل عن أبي وائل قال أتينا عبد الله قبل طلوع الشمس؟ فقال يحيى قال سفيان: ليس هذا عن أبي وائل.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن سعيد المقرئ الرازي ثنا عبد الرحمن ابن الحكم بن بشير يقول سمعت شيخا يحدث أبي قال قلت لسفيان الثوري: مالك لا تحدث عن أبان بن أبي عياش؟ أو مالك قليل الحديث عن أبان؟ قال: كان أبان نسيا للحديث.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن سعيد المقرئ سمعت عبد الرحمن - يعني ابن الحكم بن بشير بن سلمان - يذكر عن مهران قال مر عبد الوهاب - يعني ابن مجاهد - فسألت سفيان عنه فأعرض عني بوجهه.
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن الهسنجاني نا إبراهيم بن موسى قال قال [لي - 1] ابن مسهر قال لي الثوري: من أحفظ من رأيت؟ قلت: الأعمش، فذكر الثوري اربعه، منهم إسماعيل بن أبي خالد.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يحيى أخبرني يوسف بن موسى التستري قال سمعت أبا داود - يعني الطيالسي - يقول سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول سمعت سفيان الثوري يقول: ما رأيت أورع من جابر الجعفي في الحديث.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يحيى أنا محمود بن غيلان نا أبو داود عن وكيع قال قال سفيان: ما رأيت رجلا أورع [في الحديث - 1] من جابر الجعفي ولا منصور.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يحيى أخبرني زنيج - يعني محمد بن عمرو
الطيالسي - قال سمعت يحيى بن الضريس يقول: كان سفيان الثوري يدل على زائدة بن قدامة في كتاب الحديث.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يحيى نا يحيى بن المغيرة قال قال جرير: لم يكن أحد يجترئ أن يرد على منصور الحديث إلا سفيان وزائدة وأنا.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنِي عُقْبَةُ بْنُ قَبِيصَةَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ سُفْيَانَ فِي النَّوْمِ فَقَالَ: غَلَطَ عَلَيَّ أَبُو الْحُسَيْنِ - يَعْنِي زَيْدَ بْنَ الْحُبَابِ - فِي حَدِيثِ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابن عباس (23 د) أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ الله عَنْهُ لَبَّى حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، فَقُلْتُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَنْتَ حَدَّثْتَنَا عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَبَّى حَتَّى رَمَى الْجَمْرَةَ، وَعَنْ هِلالِ بْنِ خَبَّابٍ (1) عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - 2] أَنَّ عُمَرَ لَبَّى حَتَّى رَمَى الْجَمْرَةَ.
فَقَالَ: عَرَفْتَ فَالْزَمْ عَرَفْتَ فَالْزَمْ.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يحيى أخبرني عبيد بن يعيش نا خلاد ابن يزيد الجعفي قال جاءني سفيان بن سعيد [إلى ههنا - 3] قال: عمرو بن شيمر هذا أكثر عن جابر وما رأيته عنده قط.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن إبراهيم بن شعيب نا عمرو بن علي قال سمعت سفيان بن زياد يقول ليحيى في حديث أشعث بن أبي
الشعثاء عن زيد (4) بن معاوية العبسي عن علقمة عن عبد الله (ختامه
مسك) فقال يا أبا سعيد خالف أربعة، قال من؟ قال: زائدة وابو الاحوص واسراءيل وشريك، فقال يحيى: لو كانوا أربعة آلاف مثل هؤلاء كان سفيان أثبت منهم.
وسمعت سفيان بن زياد يسأل عبد الرحمن عن هذا فقال عبد الرحمن: هؤلاء أربعة قد اجتمعوا وسفيان أثبت منهم، والإنصاف لا بأس به.
حدثنا عبد الرحمن نا عبد الملك بن أبي عبد الرحمن نا عبد الرحمن - يعني ابن الحكم بن بشير - نا وكيع قال: كان سفيان لا يعجبه هؤلاء الذين يفسرون السورة من أولها إلى آخرها مثل الكلبي.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن سعيد المقرئ قال سمعت عبد الرحمن ابن الحكم يذكر عن وكيع قال: كان سفيان يصحح تفسير ابن ابي بحيح، ويعجبه من التفسير ما كان حرفا حرفا - ثم ذكر باقي الحديث نحو ذلك.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا علي بن اسحاق السمرقندي ونعيم ابن حماد قالا نا عبد الله - يعنيان ابن المبارك - أنا سفيان قال: أخبرني
نهشل بن مجمع الضبي وكان مرضيا (1) .
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت عبد الرحمن - يعني ابن مهدي - يقول قال سفيان، يحدثون عن حبيب بن أبي ثابت عن عاصم ابن ضمرة عن علي أنه صلى وهو على غير وضوء قال يعيد ولا يعيدون، ما سمعت حبيبا يحدث عن عاصم بن ضمرة حديثا قط.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت يحيى بن سعيد القطان قال قال لي سفيان: هات
كتبك اعرضها على.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان قال سمعت عبد الرحمن ابن مهدي يقول عرض زائدة كتبه على سفيان، فقلت: كان في هذا ضعفا، قال: لا، لم يختلفا إلا في قدر عشرة أحاديث.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن منصور الرمادي نا مسدد قال سمعت يحيى بن سعيد قال قال لي سفيان بن سعيد: ائتني بكتبك انظر فيها، فقلت له تريد أن تصنع بي كما صنعت بزائدة؟ قال: وما ضر زائدة؟ قال يحيى: لوددت أني كنت فعلت.
حدثنا عبد الرحمن نا عبد الملك بن أبي عبد الرحمن [المقرئ - 1] نا عبد الرحمن - يعني ابن الحكم بن بشير - ثنا نوفل - يعني ابن مطهر (2) عن ابن المبارك عن سفيان الثوري، نا سلمة بن كهيل وكان ركنا من الأركان - وشد قبضته، وحدثنا حبيب بن أبي ثابت وكان دعامة - أو كلمة تشبهها.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي - يعني ابن
المديني - قال سمعت يحيى بن سعيد (23 ك) القطان قال قال سفيان: كنا نعرف فضل حديث عاصم بن ضمرة على حديث الحارث - يعني الأعور.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو هارون محمد بن خالد الخراز قال سمعت أبا نعيم يقول سمعت سفيان الثوري يقول، قدمت الري وعليها الزبير بن
عدي (1) قاضيا فكتبت عنه خمسين حديثا، ثم مررت بجرجان وبها جواب التيمي فلم أكتب عنه ثم كتبت عن رجل عنه.
قلت لأبي نعيم ولم لم يكتب عنه؟ قال: لأنه كان مرجئا.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان الواسطي نا موسى بن داود قال سمعت عثمان بن زائدة الرازي قال قدمت الكوفة قدمة فقلت لسفيان الثوري: من ترى أن أسمع منه؟ قال عليك بزائدة وسفيان ابن عيينة، قال قلت: فأين أبو بكر بن عياش؟ قال: إن أردت التفسير فعنده.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يحيى أنا مسدد قال قال لي يحيى بن سعيد قال لي سفيان بن سعيد: كان ابن أبي ليلى مؤديا (2) .
قال أبو محمد يعني أنه لم يكن بحافظ.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت يحيى - يعني ابن سعيد - قال: أنكر سفيان في حديث عبد الله بن السائب عن زاذان (والأمانة في كل شئ في الوضوء وفي الركوع) قال سفيان: أنا ذهبت بالأعمش إلى عبد الله بن السائب.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت يحيى يقول قلت لسفيان في أحاديث عبد الاعلى عن محمد ابن الحنفية فوهنها.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا [علي - 3] قال سمعت يحيى يقول كان جبلة بن سحيم ثقة قلت ليحيى: كان سفيان يوثقه؟ فقال برأسه - أي نعم.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد نا علي - يعني ابن المديني - قال
سمعت يحيى - يعني ابن سعيد القطان - قال: [كان - 1] سفيان بن سعيد يحمل على عبد الحميد بن جعفر.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي سمعت يحيى يقول شهدت سفيان يقول لابي الا شهب قل: سمعت، قل سمعت.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي سمعت يحيى يقول قال سفيان: حديث الأعمش عن أبي صالح (الإمام ضامن) لا أراه سمعه من أبي صالح.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي سمعت يحيى بن سعيد [قال:
كان سفيان الثوري يحسن الثناء على موسى بن أبي عائشة.
حدثنا صالح نا علي سمعت يحيى بن سعيد - 2] يقول ذكرت لسفيان حديث الأعمش قال قال شقيق قال عبد الله (إن هذا الصراط محتضر) فأنكره وقال: هذا حديث منصور.
حدثنا عبد الرحمن نا حجاج بن حمزة نا علي بن الحسن بن شقيق (24 - د) نا عبد الله بن المبارك قال وسئل سفيان الثوري عن سفيان بن عيينة فقال: ذاك احد الا حدين.
وسئل عن عبد الملك بن أبي سليمان فقال: ذاك ميزان.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي سمعت عبد الرحمن قال سألت سفيان عن حديث الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله (لا يزال الرجل في فسحة من دينه) فأنكر أن يكون عن أبي وائل قال: لما سمع من عبد الملك بن عمير أنا ذهبت به إليه.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن سعيد المقرئ نا عبد الرحمن يعني - ابن
الحكم بن بشير - نا وكيع قال سمعت سفيان يقول: كان عمر بن عبد العزيز من ائمة الهدى.
[باب - 1] ما ذكر من تعظيم العلماء لسفيان الثوري ونزولهم عند قوله وفتواه.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو هارون الخراز (2) محمد بن خالد نا علي
ابن سهل العطار قال سمعت أبا زنبور الشيخ الذي ينسب إليه سكة أبي زنبور قال: رأيت سفيان الثوري بالري في سكة الزبير بن عدي والزبير على القضاء والزبير يستفتى الثوري في قضايا ترد عليه ويفتيه الثوري ويقضى به.
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن شهاب (3) الرازي نا عبد الرحمن بن الحكم بن بشير عن عبد العزيز ختن عثمان بن (4) زائدة عن أبي بدل (5) - قال عبد الرحمن: وكان فاضلا، وكان اسمه عمر بن أبي زنبور - قال: رأيت الزبير بن عدي يسأل سفيان عما يحتاج إليه في أمر الحكم.
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن شهاب نا عبد الرحمن بن الحكم بن بشير عن يحيى بن الضريس عن سفيان قال اتاني عاسم بن بهدلة في حاجة فقلت له إلا تبعث إلي فآتيك قال: (في بيته يؤتى الحكم) .
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت يحيى - يعني ابن سعيد - يقول قال سفيان كنت آتى حمادا - يعني ابن أبي سليمان - فقال حماد: إن في هذا الفتى مصطنعا.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد [بن حنبل - 1] نا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت يحيى -[يعني - 1] ابن سعيد - يقول: ما سمعت من سفيان عن الأعمش أحب إلى مما سمعت أنا من الأعمش لأن الأعمش كان يمكن سفيان مالا يمكنني.
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن الهسنجاني نا أبو توبة قال قال سلمة بن كلثوم جاء سفيان الثوري فدخل على الأوزاعي فجلسا من الأولى إلى العصر قد أطرق كل واحد منهما توقيرا لصاحبه.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن مسلم نا علي بن المعافي الموصلي نا يحيى ابن اليمان عن سفيان قال كان عاصم بن بهدلة يأتيني في منزلي فيحدثني ثم يقول (في بيته يؤتى الحكم) .
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن الهسنجاني نا الوليد بن شجاع أبو همام نا المبارك (24 ك) بن سعيد قال رأيت عاصم بن أبي النجود يجئ إلى سفيان يستفتيه ويقول: يا سفيان أتيتنا صغيرا وأتيناك كبيرا.
حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي قال كتب إلى عبد الله بن خبيق نا يوسف بن أسباط عن سفيان الثوري قال كان إسماعيل بن أمية إذا حدث بحديث قال لسفيان: عندك شئ يشده.
(2) حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن نا يحيى بن أيوب حدثني أسود بن سالم قال كنا عند أبي بكر بن عياش فسمعته يقول: لارى
الرجل [قد - 1] صحب سفيان فيعظم في عيني.
[باب - 1] ما ذكر من زهد سفيان الثوري وورعه حدثنا عبد الرحمن نا أبو سعيد الأشج قال سمعت أبا نعيم قال سمعت سفيان يقول: أني لأفرح بالليل إذا جاء.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان نا عبد الرحمن - يعني ابن مهدي - عن زائدة قال قال سفيان: إذا جاء الليل فرحت، وإذا جاء النهار حزنت.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو سعيد الأشج نا أبو نعيم قال كان سفيان إذا ذكر الموت مكث أياما لا ينتفع به فإذا سئل عن شئ قال: ما أدري، ما أدري.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو سعيد نا أبو خالد الأحمر قال كان سفيان يتمنى الموت فلما نزل به قال: ما أشده.
حدثنا عبد الرحمن ثنا أبو سعيد الأشج نا أبو اسامة قال كثيرا ماكنت أسمع سفيان يقول: اللهم سلم سلم، رب بارك لي في الموت وفيما بعد الموت.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو بكر بن أبي الدنيا نا يحيى بن يوسف الزمي نا أبو الأحوص قال سمعت سفيان الثوري يقول: عليك بعمل الأبطال، الاكتساب من الحلال (2) والإنفاق على العيال.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو عبد الله الطهراني أنا عبد الرزاق عن رجل قال كان سفيان الثوري تغدى وأتي برطب فأكل ثم قال إلى الصلاة فصلى ما بين الظهر والعصر ثم قال يقال: إذا زدت (3) في قضيم
الحمار فزد في عمله.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو سعيد الأشج قال نا أبو خالد الأحمر قال أكل سفيان ليلة فشبع فقال: إن الحمار إذا زيد في علفه زيد في عمله.
فقام حتى أصبح.
قال أبو سعيد فحدثت به أبا زكريا المراوحي فحدثني أبو زكريا عن أبي خالد قال صحبت سفيان في طريق مكة فكان يقرأ في المصحف كل يوم فإذا لم يقرأ فيه فتحه فنظر فيه وأطبقه.
حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي قال كتب إلى عبد الله بن خبيق الأنطاكي قال سمعت يوسف بن أسباط يقول سمعت سفيان الثوري يقول: أفضل الأعمال الزهد في الدنيا.
قال وحدثنا يوسف قال كان سفيان إذا كتب إلى رجل كتب بسم الله الرحمن الرحيم من سفيان بن سعيد إلى فلان بن فلان، سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو وهو للحمد أهل، تبارك وتعالى له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير، أما بعد فإني أوصيك ونفسي بتقوى الله العظيم فأنه من يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب، جعلنا الله وإياك من المتقين.
[قال - 1] وقال سفيان: إن دعاك هؤلاء الملوك تقرأ عليهم [قل هو الله احد] (25 د) فلا تجتهم فان قربهم مفسدة للقلب.
رسالة الثوري إلى عباد بن عباد حدثنا عبد الرحمن نا إسماعيل بن اسراءيل السلال (2) نا الفريابي قال كتب سفيان بن سعيد إلى عباد بن عباد فقال:.
من سفيان بن سعيد إلى عباد بن عباد، سلام عليك فإني أحمد
إليك الله الذي لا إله إلا هو.
أما بعد فإني أوصيك بتقوى الله فإن اتقيت الله عزوجل كفاك الناس، وإن اتقيت الناس لم يغنوا عنك من الله شيئا، سألت أن أكتب إليك كتابا اصف لك فيه خلا لا تصحب بها أهل زمانك وتؤدى إليهم ما يحق لهم عليك وتسأل الله عزوجل الذي لك، وقد سألت عن أمر جسيم، الناظرون فيه اليوم المقيمون (1) به قليل، بل لا أعلم مكان أحد، وكيف يستطاع ذلك؟ وقد كدر هذا الزمان، أنه ليشتبه الحق والباطل، ولا ينجو (2) من شره إلا من دعا بدعاء الغريق، فهل تعلم مكان أحد هكذا؟ وكان يقال: يوشك أن يأتى على الناس زمان لا تقر فيه عين حكيم، فعليك بتقوى الله عزوجل (3) (1 م) والزم العزلة واشتغل بنفسك واستأنس بكتاب الله عزوجل، واحذر الأمراء، وعليك بالفقراء والمساكين والدنو (4) منهم فإن استطعت أن تأمر بخير في رفق فإن قبل منك حمدت الله عزوجل وإن رد عليك أقبلت على نفسك فإن لك فيها شغلا، واحذر المنزلة وحبها فإن الزهد فيها أشد من الزهد في الدنيا.
وبلغني أن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا يتعوذون أن يدركوا (5) هذا الزمان وكان [لهم] من العلم ما ليس لنا، فكيف بنا حين أدركنا علي قلة علم وبصر وقلة صبر وقلة أعوان على الخير مع كدر من الزمان وفساد من الناس.
وعليك بالأمر الأول والتمسك به وعليك بالخمول فإن هذا زمان خمول وعليك بالعزلة وقلة مخالطة
الناس فان عمر (25 ك) بن الخطاب رضي الله عنه قال: إياكم والطمع فإن الطمع فقر واليأس غنى وفي العزلة راحة من خلاط السوء وكان سعيد بن المسيب يقول: العزلة عبادة.
وكان الناس إذا التقوا انتفع بعضهم ببعض فأما اليوم فقد ذهب ذلك والنجاة (1) في تركهم فيما نرى، وإياك والأمراء والدنو منهم وأن تخالطهم في شئ من الأشياء، وإياك أن تخدع فيقال لك: تشفع فترد عن مظلوم أو مظلمة - فإن تلك خدعة إبليس وإنما اتخذها فجار القراء سلما.
وكان يقال: اتقوا فتنة العابد الجاهل وفتنة العالم الفاجر فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون.
وما كفيت المسألة والفتيا فاغتنم ذلك ولا تنافسهم، وإياك أن تكون ممن يحب أن يعمل بقوله وينشر قوله أو يسمع منه، وإياك وحب الرياسة فإن من الناس من تكون الرياسة أحب إليه من الذهب والفضة، وهو باب غامض لا يبصره إلا البصير (2) من العلماء السما سمرة، واحذر الرئاء فإن الرئاء أخفى من دبيب النمل.
وقال حذيفة: سيأتي على الناس زمان يعرض على الرجل الخير (2 م) والشر فلا يدرى أيما (3) يركب.
وقد ذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم [قال - 4] :
لا تزال يد الله عزوجل على هذه الأمة وفي كنفه وفي جواره وجناحه ما لم يمل قراؤهم إلى أمرائهم وما لم يبر خيارهم أشرارهم وما لم يعظم أبرارهم فجارهم فإذا فعلوا ذلك رفعها عنهم وقذف في قلوبهم [الرعب - 5] وانزل بهم الفاقة وسلط عليهم جبابرتهم فساموهم سوء العذاب، وقال: إذا كان ذلك لا يأتيهم أمر يضجون منه إلا أردفه بآخر يشغلهم (6) عن ذلك.
فليكن الموت من شأنك ومن بالك، وأقل الأمل، وأكثر ذكر الموت، فإنك إن أكثرت (1) ذكر الموت هان عليك أمر دنياك، وقال عمر: أكثروا ذكر الموت فإنكم إن ذكرتموه في كثير قلله، وإن ذكرتموه في قليل كثره، واعلموا انه قدحان للرجل يشتهي (2) الموت.
أعاذنا الله وإياك من المهالك وسلك بنا وبك سبيل الطاعة.
حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي رحمه الله قال كتب إلى عبد الله ابن خبيق الأنطاكي قال وسمعت يوسف بن اسباط (26 د) (3) [يقول سمعت سفيان الثوري يقول: أفضل الأعمال الزهد في الدنيا، قال ونا يوسف بن أسباط قال كان سفيان الثوري إذا كتب إلي كتب:
بسم الله الرحمن الرحيم من سفيان بن سعيد إلى فلان بن فلان، سلام عليكم فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو وهو للحمد أهل تبارك وتعالى له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير، أما بعد فإني أوصيك ونفسي بتقوى الله العظيم فأنه من يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب، جعلنا الله وإياك من المتقين.
قال قال سفيان: إن دعاك هؤلاء الملوك تقرأ عليهم (قل هو الله احد) فلا تجبهم فإن قربهم مفسدة للقلب.
قال وسمعت يوسف بن أسباط (4) يقول كان سفيان إذا أخذ في الفكرة يبول الدم.
قال وسمعت يوسف بن أسباط - 5] يقول اراد (3 م) سليمان الخواص أن يركب البحر فقالوا له لا بد لنا من أمير فقال: أنا أميركم، فبلغ ذلك سفيان الثوري فكتب إليه: الزهد في الرياسة أشد من الزهد في الدنيا.
فلما قرأ الكتاب قال: لست لكم بأمير.
قال يوسف بن
سباط قال لي سفيان الثوري: لأن اخلف عشرة آلاف درهم يحاسبني لله عزوجل عليها أحب إلي من أن احتاج إلى الناس.
حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي قال كتب إلى عبد الله بن خبيق قال حدثني ابن أبي الدرداء قال قال سفيان الثوري: أكرموا الناس على
قدر تقواهم، وتذللوا عند أهل الطاعة، وتعززوا عند أهل المعصية، وأعلموا أن القراءة لا تحلو إلا بالزهد في الدنيا.
حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي قال كتب إلى عبد الله بن خبيق: وقال يوسف قال لي سفيان الثوري: ناولني المطهرة أتوضأ - ونحن في المسجد - فناولته فوضع يمينه على خده الأيمن ووضع يساره على خده الآخر ثم نمت [أنا - 1] فاستيقظت وقد طلع الفجر وهو على حاله فَقُلْتُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قد طلع الفجر، فقال [لي - 2] :
ما زلت أفكر في أمر الآخرة منذ [ناولتني المطهرة إلى الساعة.
قال وسمعت يوسف ابن أسباط قال سمعت [سفيان - 1] الثوري يقول: إذا أحب الرجل أخاه في الله عزوجل ثم أحدث حدثا في الإسلام فلم يبغضه عليه فلم يحبه في الله عزوجل.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن سعيد المقرئ نا عبد الرحمن [بن الحكم - 1] ابن بشير أخبرني منصور بن سابق قال: ألح على سفيان رجل من إخوانه من أهل البصرة في التزويج فقال له: فزوجني، قال فخرج سفيان إلى مكة وأتى الرجل البصرة فخطب عليه امرأة من كبار أهل البصرة ممن لها المال والشرف فأجابوه وهيأت قطارا (3) من الحشم والمال حتى قدمت (4) مكة على سفيان فأتى الرجل سفيان فقال له: أخطب عليك؟
فقال من؟ قال: ابنه فلان، فقال: مالي فيها حاجة، إنما سألتك أن تزوجني امرأة مثلي، قال: فانهم قد (4 م) أجابوا، فقال له: مالي فيها حاجة، قال: فتضحني عند القوم، قال: مالي فيها حاجة، قال فكيف أصنع؟ قال: ارجع إليهم فقل لهم: لا حاجة لي فيها.
قال فرجع فأخبرهم فقالت المرأة فبأي شئ يكرهني؟ قال قلت: المال، قالت: فإني اخرج من كل مال لي وأصبر معه، قال فجاء الرجل فرحا نشيطا [فأخبره - 1] فقال: لا حاجة لي فيها، امرأة نشأت في الخير ملكة لا تصبر على هذا، قال فأبي أن يقبلها، فرجعت.
قال وقيل لسفيان اي شئ تكرهه من التزويج؟ قال: أخاف أن يكون لي ولد.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بنسعيد نا عبد الرحمن عن عبد العزيز ابن أبي عثمان قال خرجت إلى مكة فبعث معي المبارك بن سعيد إلى سفيان الثوري بجراب من دقيق وهو مختف بمكة قال فلما قدمت (26 ك) مكة جعلت أسال عنه فلم يدلوني حتى قلت لبعض أصحابه أنه ليسره لو قد رآني.
قال فدلني (2) عليه فدخلت عليه فقلت له إن المبارك بعث إليك بجراب من دقيق فقال عجل به على (3) فإن بنا إليه حاجة شديدة.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يحيى نا محمد بن عصام سمعت أبي يقول ربما كان سفيان يأخذ في التفكر فينظر إليه الناظر فيقول مجنون.
حدثنا عبد الرحمن نا (4) أبي نا الفضل بن يعقوب الرخامي نا الفريابي قال قال سفيان: العلماء ثلاثة، عالم بالله عزوجل عالم بأمره فذلك العالم الكامل، وعالم بالله ليس بعالم بأمر الله عزوجل، وعالم بامر الله
ليس بعالم بالله عزوجل فذلك العالم الفاجر.
قال سفيان: كان يقال اتقوا فتنة العابد الجاهل والعالم الفاجر فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن مسلم نا عبد الله بن عمر بن أبان قال سمعت أبا أسامة يقول اشتكى (1) سفيان فذهبت بمائة في قارورة فأريته الديراني - يعني المتطبب - فنظر إليه فقال لي: بول من هذا؟ ينبغي أن يكون هذا بول راهب، هذا بول رجل قد فرث (2) الحزن كبده، ما أرى لهذا دواء.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن (5 م) مسلم قال قال لي أحمد بن جواس هذا ما حدثتك عن بكر العابد عن سفيان قال سمعته قال (3) : لا يطوى لي ثوب أبدا، ولا يبنى لي بيت أبدا، ولا اتخذ مملوكا أبدا.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن مسلم نا محمد بن يزيد (4) الرفاعي نا النضر بن أبي زرعة قال قال لي المبارك - يعني ابن سعيد - بالموصل ائت سفيان فأخبره أن نفقتي قد نفدت وثيابي قد تخرقت فقل له يكتب (5) إلى وإلى الموصل لعله يصلني بمال أكتسي به وأتجمل.
قال فقدمت الكوفة فأتيت سفيان فأخبرته بما قال مبارك قال (27 د) فدخل الدار فأخرج دورقا فيه كسر يابسة فنثرها على الأرض ثم قال: لو رضي مبارك بمثل هذا لم يكن له بالموصل عمل، ماله عندنا كتاب.
حدثنا عبد الرحمن نا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنِي أحمد بن جواس قال سمعت أصحابنا يخبرون عن أبي شهاب الحناط (6) قال أرسل المبارك بن سعيد إلى سفيان وهو بمكة بجراب من خبز مدقوق قال فلقيته في
المسجد وهو متكئ فسلم على (7) وهو متكئ [سلم - 8] كأنه ضعيف
قلت إن معي جرابا أرسل به مبارك قال فقعد قال فقلت: سلمت عليك وأنت مضطجع ثم قلت معي شئ فقعدت؟ قال فكأنه استحيا وقال (1) : ويحك إنه أتاني على حاجة، اي شئ هو؟ قلت جراب خبز قال أتاني على حاجة قال وارى (2) أنه قال: ما نلت [شيئا - 3] منذ يومين.
حدثنا عبد الرحمن نا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنِي أحمد بن جواس قال سمعت أصحابنا يقولون تناول مبارك [بن سعيد - 3] مملوكا لهم كان لسفيان فيه نصيب، فقال: أتضرب المملوك؟ [نصيبي - 4] منه لك، لا تعودن فيه.
حدثنا عبد الرحمن [نا الأشج - 5] نا حسن بن مالك الضبي عن بكر بن محمد العابد قال قال لي سفيان الثوري: يؤمر بالرحل يوم القيامة إلى النار فيقال هذا عياله أكلوا حسناته.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو سعيد الأشج نا حسن بن مالك عن بكر
العابد قال قال سفيان: إن القراءة لا تصلح (6) الا بالزهد [بالدنيا - 4] فازهد (6 م) ونم وصل الخمس.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو سعيد الأشج قال حدثني رجل لا أحفظ اسمه أن سفيان الثوري مر في زقاق عمرو بن حريث ومعه رجل فجعل الرجل ينظر يمنه ويسرة إلى تلك الفواكه فلما وصل إلى باب موسى ابن طلحة لقى أحمرة عليها عذرة فقال له سفيان [الثوري: إن - 7] ذاك الذي كنت تنظر إلى هذا يصير.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا علي بن محمد الطنافسي نا وكيع قال
سمعت سفيان يقول: لو أن اليقين استقر في القلوب لطارت شوقا أو حزنا، إما شوقا إلى الله عزوجل وإما فرقا من النار.
حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي قال كتب إلى عبد الله بن خبيق الأنطاكي نا يوسف - يعني ابن أسباط - عن سفيان الثوري قال بلغني أن الله عزوجل يقول (1) : إن أهون ما أصنع بالعالم إذا آثر الدنيا أن
أنزع حلاوة مناجاتي من قلبه.
حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي قال كتب إلى عبد الله بن خبيق نا يوسف بن أسباط - 2] قال قال سفيان: كثرة الإخوان من سخافة الدين.
حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي قال كتب إلى عبد الله بن خبيق [نا يوسف - يعني ابن أسباط - قال وسمعت الثوري يقول: لم يفقه عندنا من لم يعد البلاء نعمة، والرخاء مصيبة.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن منصور الرمادي نا أحمد بن عمران قال سمعت يحيى بن يمان يقول سمعت سفيان يقول: بالفقر تخوفوني؟ إنما يخاف سفيان أن تصب عليه الدنيا صبا.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن منصور الرمادي نا أحمد بن عمران قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول ربما كنا مع سفيان فيقول: النهار يذهب ونحن في غير عمل.
ثم يقوم فزعا فما نراه يومنا.
حدثنا عبد الرحمن (27 ك) نا أحمد بن منصور الرمادي نا مسدد عن عبد الله بن داود قال شهدت مالك بن أنس (3) فذكر سفيان فقال: أرجو أن يكون كان رجلا صالحا.
حدثنا عبد الرحمن نا حجاج بن حمزة الخشابي (1) أبو يزيد - يعني عبد الرحمن بن مصعب - قال كان سفيان الثوري يكره
الطيلسان الطرازي والثوب المروي وقال أنهما (2) من ثياب المترفين.
قال وسمعت سفيان يقول: ما ملحت (7 م) العبادة لحريص قط.
قال وسمعت سفيان يقول: لا يكاد يفلح صاحب عيال.
حدثنا عبد الرحمن نا حجاج بن حمزة نا أبو يزيد - يعني عبد الرحمن ابن مصعب - قال برز سفيان الثوري على الناس لأنه كان صحيح الأديم بعيدا من الأهواء [عابدا - 3] يقول الحق ويريده إن شاء الله.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي (4) [قال نا أبو بكر بن أبي عتاب الأعين قال حدثني يوسف بن موسى القطان قال سمعت أبا يزيد المعنى يقول: كان سفيان الثوري إذا أصبح مد رجليه إلى الحائط ورأسه إلى الأرض كي يرجع الدم إلى مكانه من قيام الليل.
حدثني أبي نا أبو بكر بن أبي عتاب الأعين قال سمعت خالد بن تميم قال مسعت سفيان الثوري يقول: وجدت قلبي يصلح بمكة والمدينة مع قوم ولي اصحاب بيوت وغنا (؟) .
حدثني أبي نا أبو بكر بن أبي عتاب الأعين قال سمعت أبا عاصم النبيل يقول سمعت سفيان يقول: كان الرجل إذا أراد أن يطلب العلم تعبد قبل ذلك عشرين سنة.
حدثني أبي نا أبو بكر بن ابي عتاب الاعيين نا اسماعيل بن عمرو
أبو المنذر قال رأيت سفيان الثوري ورأى رجلا يتوضأ بعد ما أقام المؤذن الصلاة فقال: هذه الساعة تتوضأ؟ لا كلمتك أبدا.
نا أبي - 1] نا يزيد بن عبد الرحمن المعنى قال سمعت أبي يقول كان ساق سفيان كأنها كيمخت (2) يعني من التورك في الصلاة [عليها - 3] ورأيت سفيان ساجدا ما على اليتيه من ردائه شئ - يعني من قصر الرداء.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا أحمد بن إبراهيم الدورقي نا علي بن الحسن ابن شقيق قال قال عبد الله - يعني ابن المبارك - أنا سفيان قال كان يقال: ذكر الموت غنى، وما اطلق أحد العبادة إلا بالخوف.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا أحمد بن إبراهيم الدورقي نا العباس ابن عبد الله نا محمد بن يوسف قال كان سفيان الثوري يقيمنا بالليل يقول: قوموا يا شباب صلوا ما دمتم شبابا.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن القاسم بن عطية نا عبد الله بن احمد ابن شبويه قال سمعت قتيبة (8 م) بن سعيد يقول: لولا الثوري لمات الورع.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يحيى نا نوح بن حبيب نا سليمان بن قريش نا عبد الرزاق قال أضاف سفيان (4) برجل من أهل مكة فقرب إليه الطعام فأكل أكلا جيدا ثم قرب إليه التمر فأكل أكلا جيدا، ثم قرب إليه الموز فأكل اكلا جيدا (28 د) ثم قام فشد وسطه فقال: يقال أشبع الحمار ثم كده.
فلم يزل منتصبا حتى أصبح.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن احمد نا علي ابن المديني قال
سمعت عبد الرحمن [يعني - 1] ابن مهدي قال: ما سمعت سفيان يسب أحدا من السلطان قط في شدته عليهم.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح [بن أحمد - 2] نا علي قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي قال سمعت سفيان يقول: اني لادعو للسطان - يعني بالصلاح - ولكن لا أستطيع أن أذكر إلا ما فيهم (3) .
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن مسلم حدثني محمد بن عمران بن أبي ليلى عن حميد بن عبد الرحمن قال كان سفيان إذا بلغه شئ هرب إلى مسجد فخلا فيه فكنا نجتمع إليه وكان ذكر له أنه أنفذ إليه [مال - 4] فقام فخرج على وجهه.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن مسلم حدثني محمد بن يزيد الرفاعي نا يحيى بن يمان قال كان الفقراء هم الأمراء (5) في مجلس سفيان وما رأيت الغني أذل منه في مجلس سفيان.
حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي قال نا [أحمد بن - 6] عثمان ابن حكيم قال سمعت أبا نعيم يقول سمعت سفيان غير مرة كتب: من سفيان بن سعيد إلى محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد اوصيك بتقوى الله عزوجل فإنك إن اتقيت الله كفاك الناس وإن اتقيت الناس لم (7)
يغنوا عنك من الله شيئا، وعليك بتقوى الله عزوجل.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا أحمد بن أبي الحواري قال سمعت مروان بن معاوية يقول شهدت سفيان الثوري وسألوه عن مسألة في
الطلاق فسكت وقال: إنما هي (1) الفروج.
حدثنا عبد الرحمن نا طاهر بن خالد بن نزار (2) قال قال أبي: كثيرا ما كنت اسمع سفيان الثوري (9 م) يتمثل بهذين البيتين،.
نروح ونغدو لحا جاتنا * وحاجة من عاش لا تنقضي تموت مع المرء حاجاته * وتبقى له حاجة ما بقى حدثنا عبد الرحمن نا أبي قال سمعت أبا نعيم (3) عبد الرحمن بن هانئ النخعي قال كان سفيان الثوري يتمثل بهذه الأبيات: سيكفيك مما أغلق الباب دونه * وضن به الأقوام ملح وجردق ونشرب من ماء الفرات ونغتدي * نعارض اصحاب الثريد الملبق (4) بحشأ إذا ماهم تجشوا كأنما * ظللت بألوان الخبيص تفتق حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ نا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنِي أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ كَتَبَ
الثَّوْرِيُّ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ زَائِدَةَ: أَمَّا بَعْدُ السَّلامُ (5) عَلَيْكَ قَدْ كُنْتَ تَذْكُرُ الرَّيَّ (6) وَفِي الأَرْضِ مَسَكَةٌ (7) وَقَدْ هَاجَ الْفِتَنُ فَانْجُ بِنَفْسِكَ ثُمَّ انْجُ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنُ.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن مسلم قال سمعت قبيصة يقول كنا نأتي سفيان بعد العصر لا يتكلم بشئ حتى يمسي، ولقد أتيته ذات يوم فرأيت باب المسجد مردودا وظننت أنه ليس في المسجد أحد فلما دخلت المسجد فإذا المسجد (8) غاص بأهله وهم سكوت وسفيان ساكت لا يتكلم (9) .
حدثنا عبد الرحمن نا أبي رضي الله عنه نا الحسن بن الربيع قال سمعت أبا الأحوص قال كنا عند سفيان ومعنا شميط فقال سفيان ذهب الناس وبقينا على حمر دبرة (28 ك) فقال شميط يا أبا عبد الله
إن كانت على الطريق ما أسرع ما نلحق.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا علي بن محمد الطتافسي ثنا بعض أصحابنا عن خالي (1) محمد بن عبيد قال كان سفيان الثوري إذا أبطأت (2) عليه بضاعته نقض جذوع بيته فباعها فإذا رجعت بضاعته أعادها.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي ناعلي بن محمد نا أبو داود الحفري قال رأيت سفيان الثوري يوما وقد (3) اضطجع على شقه (4) الايمن ويقول (5) : هكذا (10 م) نكون في القبر.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا علي بن محمد قال سمعت أخي الحسن يحكي قال قدم على سفيان رجل بمكة فقال قد بعث إليك معي دقيق (6) .
فقال سفيان: عجل به علينا فإن بنا إليه حاجة.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا علي بن محمد الطنافسي نا عبد الرحمن بن مصعب قال كان رجل أعمى (7) يجالس سفيان فكان إذا كان شهر رمضان خرج إلى السواد فيصلي بالناس فيكسى ويوهب له فقال سفيان: إذا كان يوم القيامة أثيب أهل القرآن من قراءتهم ويقال لمثل هذا: قد تعجلت ثوابك.
فقال له الرجل: يا أبا عبد الله تقول هذا لي وأنا جليس لك؟ قال: إني أتخوف أن يقال لي يوم القيامة: انه كان جليس (8)
لك أفلا نصحته؟.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن مسلم نا أحمد بن جواس الحنفي سمعت محمد بن عبد الوهاب السكري قال ما رأيت الفقير في مجلس قط كان أعز منه في مجلس [سفيان - 1] الثوري، ولا رأيت الغني في مجلس كان أذل منه في مجلس سفيان الثوري.
حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ نا أبي نا علي بن محمد الطنافسي نا الحارث بن مسلم الرازي (2) قال رأيت سفيان وعليه رداء [من - 2] بين يديه إلى ثدييه ومن خلفه لا يبلغ أليته.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا قبيصة قال رأيت على الثوري كساء ما يساوي درهما، ورأيت عليه نعلين مخصوفتين قومتهما دينارا.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا علي بن محمد الطنافسي قال سمعت أخي الحسن يذكر قال كتب مبارك [بن سعيد - 4] أخو سفيان إلى سفيان يشكو إليه ذهاب بصره قال فكتب إليه سفيان (29 د) أتاني كتابك تكثر شكاتك لربك فاذكر الموت يهون (5) عليك ذهاب بصرك.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا علي بن ميسرة قال ذكره عبد العزيز ابن أبي عثمان قال قال سفيان الثوري: لا تتعرف إلى من لا تعرف وأنكر (6) معرفة من تعرف.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا علي بن ميسرة قال سمعت عبد الله
ان عيسى - يعني الوسواس - قال قال لي عثمان بن زائدة كتب إلى سفيان
: احذر الناس.
قال فبعث عثمان بن زائدة إلى أبي وكان ادرك طاوسا: ان سفيان (11 م) كتب إلي أن أحذر الناس فما معنى (1) احذر الناس؟ قال احذر ما وراء جيبك (2) .
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا القاسم بن عثمان الجوعي قال سمعت حسين بن روح قال أتى سفيان الثوري رجل فقال إني مررت بفلان (3) فأعطاني صرة فيها ألف دينار أعطيك إياها، قال يقول له سفيان فمررت بأختي فأعطتك شيئا من دقيقة؟ [قال نعم - 4] قال فأتني بصرة الدقيق ورد صرة الدنانير، قال فكان يختبز منها أقراصا ويأكل.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا أبو عمير بن النحاس الرملي نا وكيع عن سفيان قال: الزهد في الدنيا قصر الأمل، ليس بأكل الغليظ ولا لبس العباء.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن مسلم نا أحمد بن جواس حدثني ابن عم لسفيان الثوري يقال له عمرو بن حمزة بن سعيد ابن عمه لحا (5) قال كنا إذا قلنا لسفيان قد وكف البيت قال اطرجوا فوقه رمادا -
ولا يأمر بتطيينه.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل قال سمعت أبي يقول [قال ابن أبي ذئب - 6] :
ما رأيت مشرقيا خيرا من سفيان الثوري.
حدثنا عبد الرحمن نا سعد (7) بن محمد البيروتي نا محمد بن ابي داود
الأزدي نا عبد الرزاق قال اجتمع سفيان الثوري ووهيب بن الورد فقال سفيان لوهيب: يا أبا محمد تحب أن تموت؟ قال [وهيب - 1] أحب أن أعيش لعلي أتوب، ثم قال وهيب لسفيان يا أبا عبد الله فأنت تحب أن تموت؟ قال [سفيان - 2] وهو مقابل البيت: ورب هذه البنية (3) وددت إني مت الساعة، أظلتك أمور عظائم (4) أظلتك أمور عظائم (4) أظلتك أمور عظائم (4) .
حدثنا عبد الرحمن نا أبو سعيد الأشج حدثني عبد الملك بن سعيد الأشجعي قال كان سفيان الثوري يقول: (5) إذا كان لك بر فتعبد وإذا
لم يكن لك فالتمسه - يعني من حله.
حدثنا بعد الرحمن نا أبو سعيد الأشج نا ابن فضيل قال سمعت سفيان يقول: السرائر، السرائر.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو سعيد الأشج نا أبو خالد قال سمعت سفيان الثوري يقول: أنه (12 م) ليمر بين يدي المسكين وأنا أصلي فادعه، فإذا مر أحدهم وعليه الثياب [يتمشى - 6] لم أدعه.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو سعيد الأشج نا يحيى بن اليمان قال (29 ك) سمعت سفيان يقول: كنت أشتهي أمرض فأموت فأما اليوم فليتني مت (7) فجاءة.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو سعيد الأشج نا يحيى بن اليمان قال [كثيرا ما - 8] كنت أرى سفيان الثوري مقنع الرأس يشتد في
أثر جنازة العبد والأمة.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان قال سمعت عبد الله بن صالح ابن مسلم العجلي يقول ليزيد بن هارون يا أبا خالد رأيت سفيان الثوري
يوم الجمعة وعليه كساء كذا وممطرا (1) يعني كساء صوف وهو راكب حمار فقلت لرجل [يمشى - 2] إلى جنبه ما لسفيان اليوم ركب حمارا؟ قال حم اليوم فكره أن يترك الجمعة فبعث إلى جار له فاستعار حمارا فركب.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو هارون الخراز (3) سمعت إبراهيم بن موسى وعبد الرحمن بن الحكم يتذاكران قدوم الثوري الري فقال عبد الرحمن بن الحكم: كان استأجره أبو إسحاق السبيعي لميراث له كان بخوارزم، قلت: بكراء؟ قال: نعم بكراء.
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن شهاب نا إبراهيم بن محمد الشافعي أبا عبد الله بن رجاء - يعني المكي - قال: ما رأيت أحدا أكثر ذكرا للموت من سفيان الثوري.
حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ نا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنِي أحمد بن عبد الصمد الأنصاري حدثني عاصم بن فروة قال سمعت الضحاك أبا ياسين قال سمعت سفيان الثوري يقول: لا تنظروا إلى قصورهم فإنما بنوها من أجلكم.
قال وسمعت سفيان الثوري يقول: لولا مجانين الدنيا لخربت الدنيا.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو سعيد الأشج [نا أبو خالد قال سمعت سفيان يقول: لا تنظروا إلى دورهم ولا إليهم إذا مروا على المراكب.
نا أبو سعيد
الأشج - 1] [الكندي - 2] نا يحيى بن يمان قال سمعت سفيان الثوري يقول: إنما مثل الدنيا مثل رغيف عليه عسل مر به ذباب فقطع جناحه (3) ومثل رغيف يابس مر به (13 م) فلم يصبه شئ (4) .
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا أبو صالح الأحول - يعني أحمد (5) بن إسماعيل الضراري (6) قال سمعت أبا أحمد الزبيري يقول كتب [بعض - 7] إخوان سفيان إلى سفيان ان عظي وأوجز، فكتب إليه: بسم الله الرحمن الرحيم عافانا الله وإياك من السوء (8) أعلم يا أخي إن الدنيا غمها لا يفنى، وفكرها لا ينقضي وفرحها لا يدوم فلا توان فتعطب، والسلام عليك.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا علي بن محمد الطنافسي نا سهل أبو الحسن
قال سمعت يوسف بن أسباط يقول: ما رأيت رجلا قط اترك للدنيا من سفيان الثوري ومحمد بن النضر الحارثي.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا علي بن محمد الطنافسي أنا أبو أسامة قال سمعت سفيان الثوري يقول: إني لأبغض الجص لأنه من زينة الدنيا.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا علي بن محمد (30 د) الطنافسي نا عبد الرحمن بن مصعب قال سمعت سفيان يقول: أنا مهون (1) على لا أبالي ما أكلت ولا أبالي ما لبست، قال ورأيت سفيان جالسا ملتحقا بردائه فلم يمس الأرض منه شئ.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا علي بن محمد الطنافسي قال سمعت وكيعا يقول كان سفيان الثوري يلبس الفرو ويلبس العباء (2) ومات وله بضاعة مائة وخمسون دينارا.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا [علي بن محمد - 3] الطنافسي نا عمرو ابن محمد العنقزي قال رأيت سفيان [الثوري - 4] بمكة وعليه إزار ورداء قد لونهما بمدر وخفان قد خيطهما بخيوط شعر، وقلنسوة
قد بلغ نصفها أو قال بعضها الوسخ فقومت جميع ما عليه درهما ونصف.
[باب - 5] ما ذكر من دخول الثوري على السلطان ومنا صحته [إياه - 6] في أمر الأمة حدثنا عبد الرحمن نا أبو نشيط محمد بن هارون قال سمعت الفريابي
بقول سمعت سفيان الثوري يقول أدخلت (1) على أبي جعفر بمنى فقلت له: اتق الله فإنما أنزلت هذه المنزله وصرت في هذا الموضع بسيوف المهاجرين والأنصار، وأبناؤهم يموتون جوعا، حج عمر بن الخطاب فما انفق إلا خمسه عشر دينارا (14 م) وكان ينزل تحت الشجر، فقال [لي - 2] فإنما تريد أن أكون مثلك؟ قال قلت: لا تكن مثلي، ولكن كن دون ما أنت فيه وفوق ما أنا فيه.
فقال لي: اخرج.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا نشيط يقول فحدثت به بشر بن الحارث فكتبه عني وقال: لقد ابلغ.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول سمعت سفيان يقول: لما أخذت بمكة وأدخلت على
المهدي قال قلت في نفسي قد وقعت يا نفس فاستمسكي، قال عبد الرحمن قد كنت أحب أن يقول غير هذا - يعني من التوكل وأشباهه - قال وإلى جنبه أبو عبيد الله فقال لي أبو عبيد الله: ألست سفيان؟ قلت: بلى، قال، إن كتبك لتأتينا أحيانا، قال قلت: ما كتبت إليك كتابا قط.
[قال - 2] فأي شئ دخله.
حدثنا عبد الرحمن، نا عبد الله بن محمد بن عبيد (3) القرشي نا حسين بن عبد الرحمن الوراق قال قال أبو عبيد الله (4) ما أعلقنا مخالينا هذه في عنق أحد الاقضم منها إلا سفيان الثوري.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي رضي الله عنه حدثني الربيع بن سليمان قال سمعت الشافعي يقول: دخل سفيان الثوري على أمير المؤمنين فجعل
يتجان عليهم (1) ويمسح البساط ويقول ما أحسنه، ما أحسنه، بكم أخذتم هذا؟ ثم قال البول البول - حتى اخرج.
قال أبو محمد (30 ك) قلت يعني أنه احتال بما فعل ليزهدوا فيه فيتباعد منهم ويسلم من شرهم (2) .
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن مسلم حدثني مقاتل بن محمد عن ابن (3) جبر - يعني محمد بن عصام بن يزيد - عن أبيه قال قال لي سفيان
احمل كتابي هذا إلى المهدي، قال فَقُلْتُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إن رأيت أن تعفيني - وجعلت امتنع - فقال لي خذ كتابي هذا واحمله فإن حولي جماعة لو قلت لهم لبادروا حمله إلى أبي عبيد الله (4) قال فحملت الكتاب وصرت إلى أبي عبيد الله (4) فقلت: رسول سفيان؟ قال فأمر بي فأنزلت وسأل عني في سر وقال لي بكر بالغداة بالدخول (5) على أمير المؤمنين قال فاستعفيت (15 م) فقال لا بد، ثم بكرت فدخلت عليه فإذا مجلس بيت قد لبد فناولته الكتاب قال فجعل ينظر فيه فإذا في الكتاب: إني أظهر على أن لي الأمان ولكل من طولب بسبي وعلي أن (6) أحل من بلاد الله [حيث أشاء فإني أرجو أن يخير الله لي قبل ذلك.
قال فأعطاني مالا أحمله إليه فأبيت ولم أقبله وقال: له الأمان ولمن طولب بسببه ويحل من بلاد الله حيث شاء - 7] ولكن يوافيني بالموسم، وما على أبي عبد الله يضع يده في يدي فيأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
قال فرجعت إلى سفيان فقلت قد (8) جاء الله بما تحب قال أمير المؤمنين كيت وكيت فقال: اسكت قل له يستعمل ما يعلم حتى إذا استعمل ما علم اتيناه
فعلمناه ما لا يعلم.
قال فخار الله له فتوفي قبل ذلك.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن سعيد المقرئ قال سمعت عبد الرحمن ابن الحكم يذكر عن مهران عن سفيان أنه أخذ في المسجد الحرام فادخل على [أبي - 1] هارون وهو في إزار ورداء والنعلان في يده قال فلما دخلت سلمت وقعدت فقال أبو عبيد الله إني أظن أن له رأى سوء - يعني [رأى - 2] الخوارج - فقلت لأبي هارون من هذا؟ قال: هذا معاوية بن عبيد الله (3) فقلت له احذر هذا وأصحابه، ثم قلت له: كم أنفقت في حجتك هذه؟ قال يا أبا عبد الله ونحصى كم أنفقنا؟ قلت لكن عمر بن الخطاب حج فلم ينفق في مجيئه (4) وذهابه إلا سبعة عشر (5) دينارا.
ثم قمت فقال لي إلى أين؟ أنا نريد أن نسألك عن أشياء، قال قلت البول البول، قال فأين نجدك؟ قلت المسجد - وتوارى عنهم وطلب فخرج مع حاج البصرة إلى البصرة فنودي: من جاء به فله ديته، ومن وجد في منزلة فقد برئت منه الذمة.
حدثنا عبد الرحمن نا أبى نا الحسن بن ربيع نا يحيى بن أبي غنية قال: ما رأيت رجلا قط اصفق وجها في الله عزوجل من سفيان الثوري.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن سعيد (31 د) نا عبد الرحمن بن الحكم قال فاخبرنا عبد العزيز (16 م) ابن أبي عثمان عن عصام الأصبهاني أنه بعثه إلى أبي هارون وكتب إليه يسأله الأمان وكتب إلى يعقوب بن داود في ذلك قال: فلما صرت إلى يعقوب وثب فدخل قال فأدخلت بيتا
كنا نسمع كلام النساء والصبيان بيتا ليس فيه شئ قال فجاء بكرسي فوضع فخرج أبو هارون فجلس عليه قال وكان (1) في كتابه: اجعل [لي - 2] الأمان أو يخير الله لي قبل ذلك، قال فلما قرأ الكتاب قال: نعم بل لك الأمان (3) انزل حيث شئت واذهب حيث شئت، قال وقل له يوافينا بالموسم، قال فلما خرجنا قال [لي - 2] يعقوب قل لأبي عبد الله سبحان الله يذهب (4) هذا؟ مظلمة يردها خير من كذا وكذا، قال فقلت: لا نعرف سفيان وهو يتكلم في شئ ويسكت عن شئ.
قال أبو عبد الله فمات في نحو من رجب.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يحيى قال نا محمد بن عصام قال سمعت أبي يقول أرسلني سفيان إلى المهدي بكتابه بأن نأخذ له الأمان (3) منه فدخلت على المهدي فقال لي فيما يقول: لو جاءنا أبو عبد الله لكنا نتزر بإزار ونرتدي بآخر ونضع أيدينا في يده ونخرج إلى السوق فنأمر: بالمعروف وننهى عن المنكر، فحكيت ذلك لسفيان فقال [لي - 5] لو عمل بما يعلم لكان لا يسعنا إلا أن نذهب فنعلمه مالا يعلم.
حدثنا عبد الرحمن نا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنِي (6) مقاتل بن محمد (7) حدثني محمد بن جبر الأصبهاني - وكان أبوه عصام صاحب سفيان - عن
أبيه قال كتب معي سفيان بكتاب أمانة إلى المهدي فقلت يا أبا عبد الله إن رأيت (8) أن تعفيني فقال ترى هؤلاء الذين عندي ما أحد منهم أدفع إليه هذا الكتاب إلا هو يرى أني قد أسديت إليه خيرا فانطلق فقل ما تعلم، واسكت عما لا تعلم.
قال وكتب معي إلى المهدي فحملت الكتاب
وصرت إلى أبي عبيد الله (1) وقلت: رسول سفيان، فأمر بي فأنزلت وسأل عني في سر وقال بكر بالغداة للدخول على امير المؤمنين فاستعفيت، قال: لا بد، ثم بكرت فدخلت عليه فإذا مجلس [بيت - 2] قد لبد (17 م) فناولته الكتاب فجعل ينظر فيه فإذا في الكتاب: إني أظهر على أن لي الأمان ولكل من طولب بسبي وعلي أن أحل من بلاد الله عزوجل حيث أشاء (3) فإني أرجو أن يخير الله لي قبل ذلك، قال فأعطاني مالا أحمله إليه فأبيت ولم أقبله، فقال: له الأمان ولمن طولب بسببه ويحل من بلاد الله حيث يشاء (4) ولكن (31 ك) يوافيني بالموسم، وما على أبي عبد الله أن يضع يده في يدي (5) فيأمر بالمعروف وينهى عن المنكر،
فرجعت إلى سفيان فقلت قد جاء الله بما تحب قال أمير المؤمنين كيت وكيت، قال: اسكت، قل له يستعمل ما يعلم حتى إذا استعمل ما علم أتيناه فعلمناه ما لا يعلم.
قال فخار الله عزوجل له فتوفي قبل ذلك.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن مُسْلِمٍ حَدَّثَنِي أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ قال يحيى ابن سعيد أملى على سفيان إلى المهدي (6) : من سفيان بن سعيد إلى المهدي، فقلت له لو بدأت به، قال فأبى، وقال: أكتب كما أقول، قال أبو الوليد فاحتججت عليه بكتابه إلى عثمان بن زائدة وأنه بدأ بعثمان فقال: كان عثمان رجلا صالحا.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا أبو جميل أحمد بن عبد الله بن عياض المكي قال سمعت عبد الرزاق يقول: قدمنا مكة وقدمها الذي يقال له المهدي فحضرت الثوري وقد خرج من عنده وهو مغضب فقال أدخلت آنفا
علي ابن أبي جعفر فقال لي يا أبا عبد الله طلبناك فأعجزتنا فأمكننا الله منك في أحب المواضع إليه فارفع إلينا حوائجك قال فقلت وأي حاجة تكون لي إليك؟ وأولاد المهاجرين وأولاد الأنصار يموتون خلف بابك جوعا.
فقال لي أبو عبيد الله يا أبا عبد الله لا تكثر الفضول واطلب حوائجك من
أمير المؤمنين، فقلت: مالي إليه من حاجة، لقد أخبرني إسماعيل بن أبي خالد أن عمر بن الخطاب حج فقال لصاحب نفقته كم أنفقنا في حجنا هذا؟ قال اثنا عشر دينارا، قال: أكثرنا، أكثرنا، أو قال: اسرفنا (18 م) أسرفنا، وعلى أبوابكم أمور لا تقوم لها الجبال الراسيات.
قال فقال لي ابن أبي جعفر: يا أبا عبد الله أفرأيت إن لم أقدر أن أوصل إلى كل ذي حق حقه فما أصنع؟ قال: تفر بدينك وتلزم بيتك وتترك الأمر ومن يقدر أن يوصل إلى كل ذي حق حقه، قال فسكت، وقال لي أبو عبيد الله أراك تكثر الفضول إن كانت لك حاجه فاطلبها وإلا فانصرف، قال فانصرفت.
حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي قال كتب إلى عبد الله بن خبيق (32 د) قال حدثني الهيثم بن جميل قال حدثني حماد بن زيد قال دخلت على سفيان الثوري وهو مختف بالبصرة فقال قد ملني أصحابي وما أراني إلا صائرا إليه - يعني الخليفة - وواضع يدي في يده، قلت ماذا أنت قائل (1) له؟ قال أقول: اعتزل هذا الأمر فلست من شأنه حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ نا أبو سعيد الأشج قال نا إبراهيم بن أعين البجلي قال كنت مع سفيان الثوري والأوزاعي وإسحاق بن القاسم الأشعثي بمكة فدخل علينا عبد الصمد بن علي وهو أمير مكة عند المغرب
وسفيان يتوضأ وأنا أصب عليه وهو يتوضأ كأنه بطة وهو يقول لا تنظروا إلي فإني مبتلى، فيدخل البيت الذي فيه الأوزاعي فسلم، ثم أتى عبد الصمد بن علي فسمعت الأوزاعي يقول: مرحبا مرحبا [ثم جاء - 1]
فسلم على سفيان فقال له سفيان من أنت؟ فقال: انأ عبد الصمد، [فقال له كيف أنت - 1] اتق الله اتق الله إذا كبرت فأسمع (2) .
حدثنا عبد الرحمن قال ذكر محمد بن مسلم قال نا حبان [بن موسى - 3] قال ذكر عبد الله - يعني ابن المبارك - أن سفيان دخل على أبي جعفر فقال حاجتك، فقال: حاجتي أن لا تدعوني حتى آتيك.
حدثنا عَبْدُ الرحمن قال ذكر محمد بن مُسْلِمٍ قَالَ وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ ابن أَحْمَدَ بْنِ شنبَوَيْهِ (4) قَالَ وَقَالَ أَبُو رَجَاءٍ طَلَبَ سُفْيَانُ حَتَّى أُدْخِلَ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ، وَالْمَهْدِيُّ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِهِ فَدَخَلَ سُفْيَانُ وَسَلَّمَ ثُمَّ دَنَا مِنَ الْبِسَاطِ فَنَحَّاهُ بِرِجْلِهِ وَجَلَسَ، قَالَ فَقَالَ الْمَهْدِيُّ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (19 م) حدث امير المؤمنين بشئ ينفعه الله عزوجل بِهِ، قَالَ إِنْ سَأَلْتُمُونَا عَنْ شئ علم ذلك عند نا أَخْبَرْنَاكُمْ، فَأَعَادَ عَلَيْهِ، فَقَالَ إِنِّي لَسْتُ بِقَاصٍّ، ثُمَّ قَالَ حدثنا ايمن بن نا بل عَنْ قُدَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمِي الْجِمَارَ عَلَى نَاقَةٍ صَهْبَاءَ مِنْ بَطْنِ (5) الْوَادِي بِلا ضَرْبٍ وَلا طَرْدٍ وَلا إِلَيْكَ إِلَيْكَ.
قَالَ ثُمَّ قَالَ الْمَهْدِيُّ حَدِّثْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بشئ ينفعه الله عزوجل به فقال اعوذ بالله السمع الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (أَلَمْ تَرَ كيف فعل ربك بعاد
إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ) [قَرَأَ - 1] إِلَى قوله (ان ربك لبالمرصاد) ثُمَّ قَالَ بِيَدِهِ عَلَى خِصْرِهِ: بِي بَوْلٌ بِي بَوْلٌ، ثُمَّ قَطَعَ.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن مسلم حدثني عبيد الله بن سعيد أبو قدامة نا عبد الصمد - يعني ابن حسان - قال قال سفيان الثوري إني (2) أدخلت على المهدي فقلت [له - 3] انظر عمر بن الخطاب، فقال: عمر كان له أصحاب، فقلت: فعمر بن عبد العزيز فقد كان في فتنة وفي ما كان فيه فما تكلم بشئ إلا صار سنة، فقال: إن لم أطق؟ فقلت اجلس في بيتك.
حدثنا عبد الرحمن نا (4) محمد بن مسلم قال قلت لأبي نعيم إن الفريابي ذكر أن سفيان دخل على أبي جعفر بمنى فقال اتق الله فإنك إنما أنزلت هذه المنزلة بأسياف المهاجرين والأنصار، وأبناؤهم يموتون جوعا وهزلا، حج عمر بن الخطاب فبلغت نفقته ستة (5) عشر دينارا وأنت فيما أنت، قال فتأمر (6) أن أكون مثلك؟ قال [لا - 7] تكون دون ما أنت فيه وفوق ما أنا فيه، قال فأخرجت، ولم أحفظه عن الفريابي حدثنيه محمد بن (32 ك) هارون عنه.
فقال لي أبو نعيم: إنما دخل على المهدي في ولاية عهده بمنى لا على أبي جعفر.
حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي نا أبو الدرداء عبد العزيز بن منيب قال سمعت الفضل - يعني ابن مقاتل - البلخي (8) قال سمعت النضر ابن زرارة (20 م) يقول طلب أبو جعفر الثوري حتى قدم عليه فادخل
عليه، قال فأقبل [على سفيان - 1] بالملامة فقال: تبغضنا وتبغض دعوتنا وتبغض عترة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال والثوري يقول سلام سلام، قال ثم رفع الثوري رأسه فقال أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ ارم) إِلَى قَوْلِهِ (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ) قال فنكس أبو جعفر رأسه وجعل ينكت بقضيب في يده الأرض فقال سفيان: الوضوء الوضوء، ثم قام (2) فخرج عنه.
حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي ثنا أبو الدرداء عبد العزيز بن منيب (3) قال قال عبد الرزاق كان رجل صحب الثوري يقال له يوسف إلى صنعاء فلم يشعر إذ جاءته الولاية من أبي جعفر فقال له الثوري ويحك يا يوسف شحطوك بغير سكين كيف إذا قيل يوم القيامة أين أبو جعفر وأتباعه قمت فيهم؟ باب ما ذكر في ترك الثوري قبول بر الأمراء حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن منصور الرمادي ثنا القعنبي قال
سمعت يحيى بن سليم الطائفي يحدث سفيان بن عيينة أن محمد بن ابراهيم - يعني الهاشمي اليا كان على مكة - بعث إلى سفيان الثوري بمائتي دينار فأبى أن يقبلها، قلت [له - 4] يا أبا عبد الله كأنك لا تراها حلالا؟ قال: بلى، ولكن أكره أن أذل.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن مسلم حدثني محمد بن عمران بن أبي ليلى عن حميد بن عبد الرحمن قال كان سفيان ذكر له أنه أنفذ إليه مال
فقام فخرج على وجهه.

باب ما ذكر من كثرة حديث الثوري (33 د) حدثنا عبد الرحمن ثنا أبو سعيد الأشج نا أبو عبد الرحمن الحارثي قال خاف سفيان شيئا فطرح كتبه، فلما آمن ارسل إلى والي يزيد ابن ثوير المرهبي (1) فقال أخرجوا الكتب فدخلنا البئر فجعلنا نخرجها فأقول يا أبا عبد الله (وفي الركاز الخمس) وهو يضحك فأخرجنا تسع قمطرات كل واحد إلى هنا (21) وأشار إلى أسفل ثندوته قال فقلت اعزل كتابا تحدثني به قال فعزل [لي - 2] كتابا فحدثني به، قال أبو محمد (3) كذا حدثنا أبو سعيد الأشج، وحدثنا أبي عن أبي سعيد بهذا [الحديث - 4] وزاد فيه فألقى (5) في بئر ماء اشكنك (6) وتراب وألقى (7) فيها كتبه، ثم آمن
فأرسل إلي وإلى يزيد بن توبة (8) - وفي سماعنا: يزيد بن ثوير.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن منصور الرمادي قال سمعت عبد الرزاق يقول قال [لي - 9] ابن المبارك كنت اقعد إلى سفيان الثوري فيحدث فأقول ما بقى من علمه شئ إلا وقد سمعته، ثم اقعد عنده مجلسا آخر [فيحدث - 4] فأقول: ما سمعت من علمه شيئا.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن سعيد المقرئ نا عبد الرحمن بن الحكم بن
بشير قال حدثني نوفل - يعني ابن مطهر - قال أوصى سفيان إلى عمار ابن سيف في كتبه فقال: ما كان بحبر فاغسله [وزاد فيه - 1] وما كان بأنفس فامحه قال فسخنا الماء واستعان بنا قال فاخرج كتبا كثيرة قال فجعلنا نمحوها ونغسلها.
[باب - 2] ما ذكر من قرآن (3) الثوري بين تلاوة القرآن وحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
حدثنا عبد الرحمن قال ذكره ابي قال أبو الدرداء عبد العزيز بن منيب قال قال عبد الرزاق كان الثوري جعل على نفسه لكل (4) ليلة جزءا من القرآن وجزءا من الحديث قال فيقرأ جزأه (5) من القرآن ثم يجلس على الفراس فيقرأ جزأه (5) من الحديث ثم ينام.

باب ما ذكر من علم الثوري بتفسير القرآن حدثنا عبد الرحمن نا أبي رحمه الله حدثني شهاب بن عباد أبو عمر (6) قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول كان سفيان يأخذ المصحف فلا يكاد يمر بآية إلا فسرها فربما (7) مر بالآية فيقول اي شئ عندك في هذه؟ فأقول ما عندي فيها شئ، فيقول (تضيع مثل هذه لا يكون عندك فيها شئ؟.
(1) حدثنا عبد الرحمن نا أبو عبد الله الطهراني نا عبد الرزاق قال كان الثوري يقول: سلوني عن المناسك والقرآن فإني بهما عالم.

باب ما ذكر من آداب سفيان الثوري وتواضعه حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن الهسنجاني قال سمعت يحيى ابن ايوب قال سمعت علي (22 م) بن ثابت الجزري يقول: ما رأيت سفيان يقعد في صدر مجلس قط إنما كان يقعد إلى جانب حائط ويجمع بين ركبتيه.

باب ما ذكر من حرص الثوري على كتابة العلم حدثنا عبد الرحمن نا المقدام بن داود [ابن - 2] أخي سعيد بن عيسى بن تليد المصري نا خالد بن نزار قال سمعت سليمان بن المغيرة البصري يقول قدم علينا الثوري فأرسل إلي: أنه بلغني عنك أحاديث وأنا على ما ترى من الحال فائتني إن خف عليك فأتيته فسمع (3) مني وفعل ذلك بغير واحد من أصحابي.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا أبو قدامة (33 ك) عبيد الله بن سعيد السرخسي (4) قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي قال قال لي سفيان الثوري بمعنى: مر بنا إلى عكرمة بن عمار اليمامي، قال فجعل يملى على سفيان ويوقفه عند كل حديث: قل حدثني: سمعت.
[باب - 1] ما ذكر من إمامة الثوري في السنة والحديث حدثنا عبد الرحمن نا أبو بكر محمد بن خلف الحداد (2) نا يعقوب ابن إسحاق الحضرمي نا شعبة بن الحجاج حدثني سفيان بن سعيد الثوري، قال يعقوب سمعت شعبة يقول: سفيان أمير المؤمنين في الحديث، ثم قال يعقوب كبير عن كبير حدثني الضخم عن الضخام، شعبة الخير أبو بسطام.
حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي قال حدثني مقاتل بن محمد قال سمعت أبا أسامة قال: كان زائدة يرى الثوري سيد المسلمين.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن مسلم قال سمعت أبا زياد يقول سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: الناس على وجوه، فمنهم من هو إمام في السنة إمام (3) في الحديث (4) ، ومنهم من هو إمام في السنة وليس بإمام في الحديث، ومنهم من هو إمام في الحديث ليس بإمام في السنة، فأما من هو إمام في السنة وإمام في الحديث فسفيان الثوري.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا عبد الرحمن بن عمر الأصبهاني قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي (23 م) يقول: أئمة الناس في زمانهم أربعة سفيان الثوري بالكوفة، ومالك بالحجاز، والاوزاعي بالشام، وحماد
ابن زيد بالبصرة.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو بكر بن أبي خيثمة فيما كتب إلي [قال سمعت يحيى بن معين يقول: سفيان أمير المؤمينين في الحديث.
حدثنا عبد الرحمن - 1] نا أبي نا أحمد بن عبد الله بن يونس قال كان يقال: الناس ثلاثة، ابن عباس في زمانه، والشعبي في زمانه، والثوري في زمانه.
[2 - باب ما ذكر من علم سفيان بتفسير القرآن نا أبو عبد الله الطهراني أنا عبد الرزاق قال كان الثوري يقول: سلوني عن المناسك والقرآن فإني بهما عالم - 3] .

باب ما ذكر من الرؤيا للثوري بعد وفاته (34 د) حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي نا أبو الدرداء عبد العزيز بن منيب حدثني (1) الفضل بن مقاتل البلخي قال سمعت يزيد بن أبي حكيم يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام (5) فقلت يارسول الله أن رجلا
من أمتك يقال له سفيان الثوري لا بأس به، قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم لا بأس به، قلت: حدثنا عن أبي هارون عن أبي سعيد عنك أنك لقيت ليلة الإسراء يوسف في السماء؟ قال: صدق.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن مسلم حدثني محمد بن يزيد الرفاعي حدثني داود بن يحيى بن اليمان قال رأيت موسى بن سعيد الرفاعي في
النوم فقلت له: ما صنع الله بك؟ فذكر خيرا، فقلت.
اي شئ وجدت أفضل؟ قال: قول سفيان.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا علي بن محمد الطنافسي نا أبو أسامة عن ابن عيينة قال رأيت الثوري في النوم فقلت له.
أوصني، فقال: أقل من معرفة الناس.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو بكر أحمد بن عمير (1) الطبري نا أبو جعفر الجمال محمد بن مهران قال سمعت الوليد بن مسلم يقول رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقلت يا رسول الله بمن تأمر؟ قال: عليك بسفيان الثوري.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن مسلم حدثني إبراهيم بن موسى قال رأيت فيما يرى النائم كأن قائلا يقول (24 م) : الأمر ما كان عليه
الثوري.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو سعيد الأشج حدثني إبراهيم بن أعين [البجلي - 2] وكان من خيار الناس قال رأيت سفيان الثوري في المنام ولحيته صفراء [حمراء - 3] فَقُلْتُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ما صنعت فديتك؟ قال أنا مع السفرة، قلت: وما السفرة؟ قال: الكرام البررة.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا أحمد بن إبراهيم الدورقي نا مؤمل - يعني ابن إسماعيل - ثنا بعض أصحابنا أنه رأى سفيان الثوري فيما يرى النائم كأن في وجنتيه نكتة سوداء فقلت له يا أبا عبد الله ما هذه النكتة السوداء التي أراها (4) في وجهك؟ قال هذا الكتاب الذي
وضعته للناس.
قال أحمد: يعني جامع الصغير.
قال مؤمل: فأنا رأيت سفيان بعد ذلك في النوم ليس في وجهه [شئ من ذلك حسن الوجه فقلت يا أبا عبد الله إن فلانا حدثني أنهم رأوا في وجهك - 1] نكته سوداء [ولا أراها - 2] ، قال: فأنها عادت أشد بياضا من القطن، أو قال: من الفضة.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا رباح (3) بن الجراح أبو الوليد (4) قال رأيت سفيان الثوري في المنام فقلت ما صنع الله بك؟ قال عفا عني حتى (5) طلب الحديث.
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن شهاب الرازي نا محمد بن مهران - يعني أبا جعفر (6) الجمال - نا عبد الرحمن الدشتكي عن عثمان بن زائدة قال رأيت فيما يرى النائم كأني دخلت مسجد الحرام فإذا أنا بزق من عسل فحركته برجلي فإذا هو سفيان الثوري.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا أحمد بن إبراهيم الدورقي نا مؤمل ابن إسماعيل قال رأيت سفيان الثوري لما أتانا نعيه وذلك في رمضان فملا فرغنا من القيام وضعت رأسي في المسجد فدخل من بعض أبواب المسجد فلما رأيته قمت إليه فقلت يا أبا عبد الله ما صنع بك ربك؟ قال: غفر لي أو قال ادخل الجنة، قلت يا أبا عبد الله لقيت محمدا صلى الله عليه وسلم وحزبه؟ قال: نعم.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو سعيد (25 م) الاشج نا أبو اسامة
قال كنت (34 ك) بالبصرة حين مات سفيان الثوري فلقيت يزيد ابن إبراهيم التستري فقال [لي - 1] قيل لي في منامي الليلة مات
أمير المؤمنين، فقلت للذي يقول في المنام: أمات سفيان الثوري؟.
فقلت له قد مات الليلة.
وقد كان مات تلك اليلة ولم يكن علمه.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو سعيد الأشج نا عمران بن غياث الفزاري حدثني عبد الله بن شيرزاذ الواسطي قال كنت بعبادان فرأيت رجلا جئ به في ثياب بياض قد مات فوضع في سفينة فقلت من هذا الذي [قد - 1] مات على السنة ونجا وصار في الآخرة؟ فلما ارتفع النهار جاءنا الخبر أن سفيان الثوري مات في تلك الليلة.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن مسلم نا عبيد الله بن سعيد أبو قدامة نا يحيى بن أيوب نا أبو كريمة المعبر الكوفي قال قال رجل ذكر أنه رأى فيما يرى النائم أنه ادخل الجنة فإذا هو بيونس (2) بن عبيد وابن عون وأيوب وسليمان التيمي - وذكر قوما من أهل البصرة من أهل الحديث لم أحفظ إلا هؤلاء الأربعة - يتحدثون في روضة من رياض الجنة قال فخطر بقلبي ذكر سفيان الثوري فقلت لهم: لقد كان سفيان عندنا (3) من خيار الناس فما لي لا أراه فيكم؟ فقالوا بأبصارهم إلى السماء فقالوا ما نرى سفيان إلا كما نرى النجم.

باب ما ذكر من المراثي في سفيان الثوري حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان الواسطي قال سمعت عبد الرحمن ابن مهدي يقول جاءني حماد بن زيد وجرير بن حازم من الغد يوم
دفنا سفيان وقالا لي اخرج بنا إلى قبر سفيان، قال فخرجت معهما قال فبينا نحن نمشي [إذ - 1] قال جرير: من كان باك على حي بمنزلة * يبك (2) الغداة على الثوري سفيان قال ثم سكت فظننت أنه كان هيأ أبياتا (3) ليقولها ثم سكت (26 م) قال أحمد بن سنان وكان (4) معنا عبد الله بن الصباح البغدادي وكان رفيقا لنا فلما ذكر هذا البيت الذي قال جرير [بن حازم - 5] فقال هو: أبكي عليه وقد ولى وسودده * وفضله ناضر كالغصن ريان (35 د) حدثنا عبد الرحمن نا أبو سعيد الأشج نا عبد الله (6) بن وهب الحضرمي إن شاء الله قال قال أبو زياد الفقيمي رحمه الله.
لقد مات سفيان حميدا مبرزا * على كل قار هجنته المطامع يلوذ بأبواب الملوك بنية * مبهرجة والزي فيه التواضع يشمر عن ساقيه والرأس فوقه * مبركة (7) فيها اللصيص المخادع جعلتم فداء للذي صان دينه * وفر به حتى حوته المضاجع على غير ذنب كان إلا تنزها * عن الناس حتى أدركته المصارع بعيد من أبواب الملوك مجانبا * وإن طلبوه لم تنله الأصابع فعيني (8) على سفيان تبكي حزينة * شجاها طريد نازح الدار شاسع يقلب طرفا لا يرى عند رأسه * قريبا حميما أو جعته الفواجع على مثله تبكي العيون لفقده * على واصل الأرحام والخلق واسع
فجعنا به حبرا فقيها مؤدبا * بفقه جميع الناس قصد الشرائع (1) باب ما ذكر من أمر سفيان بالمعروف ونهيه عن المنكر حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن الهسنجاني قال سمعت أبا توبة يقول قال يوسف بن أسباط قال رجل لسفيان الثوري اني جعلت في جدة [في - 2] بناء يبنونه.
يعني السلطان قال (3) ألست تمنى بقاءهم إلى أن يعطوك أجرك؟ قال أبو محمد يعني كم ظلما يجرى الله على أيديهم إلى أن تقبض أجرك (4) .
حدثنا عبد الرحمن نا سهل بن بحر (5) العسكري نا أبو هشام - يعني محمد بن يزيد الرفاعي قال سمعت يحيى (6) بن يمان يقول لقيت سفيان عند بني فزارة (27 م) فقال تدرى من أين جئت؟ قلت لا، قال مررت بدار الصيدنانيين (7) فنهيتهم عن بيع الدادي (8) ، واني لارى الشئ يجب على أن آمر فيه وأنهى فأبول دما.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا علي بن ميسرة قال سمعت أبا النضر قيصر قال قال سفيان الثوري اؤمر بالمعروف في رفق فإن قبل منك حمدت الله عزوجل وإلا أقبلت على نفسك فإن لك في نفسك شغلا
وكان الناس إذا التقوا انتفعوا بعضهم ببعض، فأما اليوم فالنجاة في تركهم.

باب ما ذكر من بر سفيان لأبيه (1) حدثنا عبد الرحمن نا سهل بن بحر (2) العسكري نا أبو هشام - يعني الرفاعي - قال سمعت ابن يمان يقول تجهزت إلى مكة وسفيان بها فقال لي سعيد أبو قل لابني (3) يقدم، فلقيني سفيان فسألني عنه قلت هو صالح ويقول لك اقدم، فتجهز للقدوم ثم قال: إنما سموا الأبرار لأنهم بروا الآباء والأبناء.

باب ما ذكر من معرفه سفيان الثوري بالحساب حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول سمعت محمد بن مهران الجمال يقول كان بالري رجل يقال له حجاج وكان ينزل الأزدان (4) (35 ك) وكان حاسبا فقدم حجاج هذا على الثوري (5) فسأله عن مسألة من الحساب فنظر إليه الثوري فقال من اين اخذت
هذه المسألة؟ فإن هذه المسألة لا يحسنها إلا رجل بالري يقال له حجاج.
قال: فأنا حجاج، قال فرحب به (1) ثم ألقى عليه عشر مسائل من الحساب وجعل الثوري يعد ويجيب فيها حجاج فلما فرغ قال له الثوري: أخطأت فيها كلها.
سفيان الثوري مشهور به.
سفيان الثوري
مشهور به [بالتدليس]

معاوية بن صخر أبي سفيان بن حرب

معاوية بن صخر أبي سفيان بن حرب
ابن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف أبو عبد الرحمن، الأموي خال المؤمنين، وكاتب وحي رب العالمين، أسلم يوم الفتح.
وروي عنه أنه قال: أسلمت يوم القضية وكتمت إسلامي خوفاً من أبي، وصحب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وروى عنه أحاديث، وروى عن أخته أم حبيبة، وولاه عمر بن الخطاب الشام، وأقره عثمان بن عفان عليها، وبنى بها الخضراء وسكنها أربعين سنة.
عن ابن عباس، أن معاوية أخبره أنه رأى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قصر من شعره بمشقص. فقلنا لابن عباس: ما بلغنا هذا إلا عن معاوية. فقال: ما كان معاوية على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ متهماً.
عن معاوية بن أبي سفيان، أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن الرجل يسألني الشيء فأمنعه حتى تشفعوا فتؤجروا ". وأن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " اشفعوا تؤجروا ".
قال أبو نعيم الحافظ: معاوية بن أبي سفيان، واسم أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية ين عبد شمس، يكنى أبا عبد الرحمن، وأمه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وأمها صفية بنت أمية بن حارثة بن الأوقص من بني سليم، وأمها بنت نوفل بن عبد مناف.
كان من الكتبة الحسبة الفصحة، أسلم قبيل الفتح، وقيل: عام القضية وهو ابن ثمان عشرة، عده ابن عباس من الفقهاء وقال: كان فقيهاً؛ توفي للنصف من رجب سنة ستين؛ وسنه نحو ثمانين سنة، وقيل: ثمان وسبعين.
كان أبيض طويلاً، أجلح، أبيض الرأس واللحية، أصابته لقوة في آخر عمره، وكان يقول: رحم الله عبداً دعا لي بالعافية وقد رميت في أحسني وما يبدو مني، ولولا
هواي في يزيد لأبصرت رشدي؛ ولما اعتل قال: وددت أني لا أعمر فوق ثلاث؛ فقيل: إلى رحمة الله ومغفرته. فقال: إلى ما شاء وقضى، قد علم أني لم آل، وما كره الله غير.
وكان عنده قميص رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإزاره ورداؤه وشعره، فأوصاهم عند موته فقال: كفنوني في قميصه، وأدرجوني في ردائه، وآزروني بإزاره، واحشوا منخري وشدقي بشعره، وخلوا بيني وبين رحمة أرحم الراحمين.
كان حليماً وقوراً، ولي العمالة من قبل الخلفاء عشرين سنةً، واستولى على الإمارة بعد قتل علي عشرين سنةً، فكانت الجماعة عليه عشرين سنة، من سنة أربعين إلى سنة ستين.
فلما نزل به الموت قال: ليتني كنت رجلاً من قريش بذي طوى وأني لم أل من هذا الأمر شيئاً وكان يقول لا حلم إلا التجربة وقال ابن عباس ما رأيت رجلاً هو أخلق للملك من معاوية، لم يكن بالضيق الحصر. وقال ابن عمر: ما رأيت أحداً كان أسود من معاوية. وكان يقول: ما رأيت أطمع منه.
قال: قال لي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يا معاوية، إذا ملكت فأسجح " فملك الناس كلهم عشرين سنة يسوسهم بالملك، يفتح الله به الفتوح، ويغزوا الروم، ويقسم الفيء والغنيمة، ويقيم الحدود، والله لايضيع أجر من أحسن عملاً.
وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بعد رجوعه من صفين: لا تكرهوا إمارة معاوية، والله لئن فقدتموه لكأني أنظر إلى الرؤوس تندر عن كواهلها كالحنظل.
قال أبو بكر الخطيب: أسلم وهو ابن ثمان عشرة سنة، وكان يقول: أسلمت عام القضية، ولقيت الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فوضعت عنده إسلامي، واستكتبه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وولاه عمر بن الخطاب الشام
بعد وفاة أخيه يزيد بن أبي سفيان، فلم يزل عليها مدة خلافة عمر، وأقره عثمان بن عفان على عمله، ولما قتل علي بن أبي طالب سار معاوية من الشام إلى العراق فنزل بمسكن ناحية حربى إلى أن وجه إليه الحسن بن علي فصالحه، وقدم معاوية الكوفة، فبايع له الحسن بالخلافة، وسمي عام الجماعة.
عن إسماعيل بن علي، قال: وكانت صفته - يعني معاوية - فيما حدثني البربري عن ابن أبي السري؛ طويلاً أبيض، جميلاً، إذا ضحك انقلبت شفته العليا، يخضب بالحناء والكتم.
عن إبراهيم بن قارط، قال: سمعت معاوية بن أبي سفيان وهو على المنبر بالمدينة يقول: أين فقهاؤكم يا أهل المدينة؟ إني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن هذه القصة، ثم وضعها على رأٍسه فلم أر على عروس ولا على غيرها أجمل منها على معاوية ثم قال: لعن الله الواصلة والموصولة، والنامصة والمنموصة، والواشمة والموشومة.
عن صالح بن حسان، قال: رأى بعض متفرسي العرب معاوية وهو صبي صغير، فقال: إني لأظن هذا الغلام سيسود قومه. فقالت هند: ثكلته إن كان لا يسود إلا قومه.
وعن علي بن محمد بن عبد الله بن أبي سيف، قال: نظر أبو سفيان يوماً إلى معاوية وهو غلام، فقال لهند: إن ابني هذا لعظيم الرأس، وإنه لخليق أن يسود قومه. فقالت هند: قومه فقط؟ ثكلته إن لم يسد العرب قاطبة.
وكانت هند تحمل معاوية وهو صغير، وتقول: " من الرجز "
إن بني معرق كريم ... محبب في أهله حليم
ليس بفحاش ولا لئيم ... ولا بطحرور لا سؤوم
صخر بني فهر به زعيم ... لا يخلف الظن ولا يخيم
قال: فلما ولى عمر بن الخطاب يزيد بن أبي سفيان ما ولاه من الشام خرج إليه معاوية، فقال أبو سفيان لهند: كيف رأيت ابنك صار تابعاً لابني. فقالت: إن اضطرب حبل العرب فستعلم أين يقع ابنك مما يكون فيه ابني.
قال الزبير بن بكار: وركب البحر غازياً بالمسلمين في خلافة عثمان بن عفان إلى قبرص.
قال معاوية بن أبي سفيان: لما كان عام الحديبية وصدت قريش رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن البيت، ودافعوه بالراح، وكتبوا بينهم القضية وقع الإسلام في قلبي، فذكرت ذلك لأمي هند بنت عتبة فقالت: إياك أن تخالف أباك، وأن تقطع أمراً دونه فيقطع عنك القوت، وكان أبي يومئذ غائباً في سوق حباشة.
قال: فأسلمت وأخفيت إسلامي، فوالله لقد رحل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الحديبية وإني مصدق به، وأنا على ذلك أكتمه من أبي سفيان، ودخل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عمرة القضية وأنا مسلم مصدق به؛ وعلم أبو سفيان بإسلامي فقال لي يوماً: لكن أخوك خير منك، وهو على ديني. فقلت: لم آل نفسي خيراً.
قال: فدخل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عام الفتح فأظهرت إسلامي ولقيته فرحب بي، وكتبت له.
قال محمد بن عمر:
وشهد معاوية بن أبي سفيان مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من غنائم حنين مئة من الإبل وأربعين أوقية وزنها بلال.
عن جابر، قال: قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أتاني جبريل فقال: أتخذ معاوية كاتباً ".
عن عائشة، قالت: لما كان يوم أم حبيبة من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دق الباب داق، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " انظروا من هذا " قالوا: معاوية. قال: " ائذنوا له " فدخل وعلى أذنه قلم لم يخط به، فقال: " ما هذا القلم على أذنك يا معاوية؟ " قال: قلم أعددته لله ولرسوله. فقال: " جزاك الله عن نبيك خيراً، والله ما استكتبتك إلا بوحي من الله، وما أفعل من صغيرة ولا كبيرة إلا بوحي من الله عز وجل، كيف بك لو قمصك الله قميصاً - يعني الخلافة -؟ " فقامت أم حبيبة فجلست بين يديه فقالت: يا رسول الله، وإن الله مقمص أخي قميصاً؟ قال: " نعم، ولكن فيه هنات وهنات وهنات " فقالت: يا رسول الله، فأدع الله له. فقال: " اللهم اهده بالهدى، وجنبه الردى، واغفر له في الآخرة والأولى ".
عن يزيد بن عبد الله الطبري، عن أبيه، عن جده، قال: رأيت علي بن أبي طالب بخطب على منبر الكوفة وهو يقول: والله لأخرجنها من عنقي ولأضعنها في رقابكم، ألا إن خير الناس بعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبو بكر الصديق ثم عمر ثم عثمان ثم أنا، ما قلت ذلك من قبل نفسي، ولأخرجن ما في عنقي لمعاوية بن أبي سفيان، لقد استكتبه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا جالس بين يديه، فأخذ القلم فجعله في يده، فلم أجد من ذلك في قلبي إذ علمت أن ذلك لم يكن من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكان من الله عز وجل، ألا إن المسلم من سلم من قصتي وقصته.
عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هبط علي جبريل ومعه قلم من ذهب إبريز فقال لي: إن العلي الأعلى يقرئك السلام وهو يقول لك: حبيبي، قد أهديت القلم من فوق عرشي إلى معاوية بن أبي سفيان، فأوصله إليه، ومره أن يكتب آية الكرسي بخطه بهذا القلم، ويشكله ويعجمه، ويعرضه عليك، فإني قد كتبت له من الثواب بعدد كل من قرأ آية الكرسي من ساعة يكتبها إلى يوم القيامة ". فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من يأتيني بأبي عبد الرحمن؟ " فقام أبو بكر الصديق ومضى حتى أخذ بيده وجاءا جميعاً إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسلموا عليه، فرد السلام، ثم قال لمعاوية: " أدن مني يا أبا عبد الرحمن، أدن مني يا أبا عبد الرحمن ". فدنا من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فدفع إليه القلم، ثم قال له: "
يا معاوية، هذا قلم قد أهداه إليك ربك من فوق عرشه لتكتب به آية الكرسي بخطك، وتشكله وتعجمه وتعرضه علي، فأحمد الله واشكره على ما أعطاك، فإن الله قد كتب لك من الثواب بعدد من قرأ آية الكرسي من ساعة تكتبها إلى يوم القيامة ".
قال: فأخذ القلم من يد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فوضعه فوق أذنه، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اللهم إنك تعلم أني قد أوصلته إليه، اللهم إنك تعلم أني قد أوصلته إليه ثلاثاً ".
قال: فجثا معاوية بين يدي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يزل يحمد الله على ما أعطاه من الكرامة ويشكره حتى أتي بطرس ومحبرة، فأخذ القلم ولم يزل يخط به آية الكرسي أحسن ما يكون من الخط، حتى كتبها وشكلها وعرضها على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يا معاوية، إن الله قد كتب لك من الثواب بعدد كل من يقرأ آية الكرسي من ساعة كتبتها إلى يوم القيامة ".
نجز الجزء الرابع والعشرون ويتلوه في الخامس والعشرين تتمة معاوية بن أبي سفيان اختصره على نهج ابن منظور الفقير إلى رحمة ربه إبراهيم بن حسين بن صالح، عقا الله عنه وفرغ منه صبيحة الإثنين لتسع بقين من ذي الحجة الحرام وذلك سنة تسع وأربعمئة وألف من هجرة سيد الأنام الحمد لله رب العالمين كما هو أهله، وصلواته على سيدنا محمد وآله وسلامه حسبنا الله ونعم الوكيل.
وعن سعيد بن المسيب قال: دخل أبو سفيان بن حرب على عثمان بن عفان فقال: يا أمير المؤمنين! كيف رضاك عن معاوية؟ قال: كيف لا أرضى وقد سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يقول: هنيئاً لك يا معاوية، لقد أصبحت أنت أميناً على خبر السماء.
وعن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
الأمناء عند الله ثلاثة: جبريل، وأنا، ومعاوية.
قال الخطيب: هذا الحديث بهذا الإسناد باطل.
وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ائتمن الله على وحيه ثلاثة: جبريل في السماء: ومحمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الأرض؛ ومعاوية بن أبي سفيان.
قال ابن عدي: وهذا باطل بهذا الإسناد.
وعن ابن عباس وحيان بن عبد الله الأنصاري قالا: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الأمناء عند الله سبعة. قيل: يا رسول الله، من هم؟ قال: القلم، واللوح، وإسرافيل، وميكائيل، وجبريل، وأنا، ومعاوية بن أبي سفيان، فإذا كان يوم القيامة يقول الله عز وجل للقلم: إلى من أديت الوحي؟ فيقول: إلى اللوح، فيقول الله للوح: إلى من أديت الوحي؟ فيقول: إلى إسرافيل. فيقول الله لإسرافيل: إلى من أديت الوحي؟ فيقول: إلى ميكائيل. فيقول الله لميكائيل: إلى من أديت الوحي؟ فيقول: الله أعلم إلى جبريل. فيقول الله لجبريل: إلى من أديت الوحي؟ فيقول: إلى محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فيقول الله لمحمد: من ائتمنت على الوحي؟ فأقول: معاوية، كذا أخبرني جبريل عنك يا رب أنك قلت: إنه أمين في الدنيا والآخرة. فيقول الله: صدق القلم، وصدق اللوح، وصدق إسرافيل، وصدق ميكائيل، وصدق جبريل، وصدق محمد، وصدقت أنا، إن معاوية أمين في الدنيا والآخرة.
قال: هذا على إنكاره غير متصل الإسناد.
وعن قيس بن أبي حازم قال: جاء رجل إلى معاوية فسأله عن مسألة فقال: سل عنها علي بن أبي طالب فهو أعلم. فقال: أريد جوابك يا أمير المؤمنين فيها. فقال: ويحك! لقد كرهت رجلاً كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يغره بالعلم غراً ولقد قال له: أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي. ولقد كان عمر بن الخطاب يسأله فيأخذ عنه، وكان إذا أشكل على عمر شيء قال: ها هنا علي. قم لا أقام الله رجليك. ومحا أسمه من الديوان، فبلغ ذلك علياً فقال: جزاه الله خيراً، سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأذني وإلا صمتا يقول له: أنت يا معاوية أحد أمناء الله، اللهم علمه الكتاب ومكن له في البلاد.
وعن واثلة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن الله ائتمن على وحيه جبريل وأنا معاوية، وكاد أن يبعث معاوية نبياً من كثرة حلمه وائتمانه على كلام ربي فغفر لمعاوية ذنوبه ووفاه حسابه، وعلمه كتابه، وجعله هادياً مهدياً وهدى به.
وعن العرباض بن سارية السلمي قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يدعو نا إلى السحور في شهر رمضان وهو يقول: هلموا إلى الغداء المبارك. قال: وسمعته يقول: اللهم علم معاوية الكتاب والحساب، وقه العذاب.
وعن مسلمة بن مخلد: أنه قال لعمرو بن العاص ورأى معاوية يأكل فقال: إن ابن عمك هذا لمخضد! ثم قال: أما إني أقول ذلك وقد سمعت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: اللهم علمه الكتاب، ومكن له في البلاد، وقه العذاب.
وعن الزهري: أن معاوية كان يكتب لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فنظر إليه فأعجبه كتابه فقال: اللهم علمه الكتاب والحساب، وقه العذاب.
وعن عروة بن رويم قال: دعا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمعاوية فقال: اللهم أهده وأهد به، وعلمه والكتاب والحساب، وقه العذاب.
وعن ربيعة بن يزيد: أن بعثاً من أهل الشام كانوا مرابطين بآمد، وكان على حمص عمير بن سعد، فعزله عثمان وولى معاوية، فبلغ ذلك أهل حمص، فشق عليهم، فقال عبد الرحمن بن أبي عميرة المزني: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول لمعاوية: اللهم أجعله هادياً مهدياً، وأهده وأهد به.
وفي رواية: وأهده وأهد على يديه.
قال: تكون بيعة ببيت المقدس بيعة هدى. فكانت بيعة معاوية.
وعن عبد الله بن بسر قال: أستشار رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبا بكر وعمر في أمر أراده، فقالا: الله ورسوله أعلم.
فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أدعوا لي معاوية. فلما وقف عليه قال: أحضروه أمركم، حملوه أمركم، أشهدوه أمركم فإنه قوي.
زاد في آخر: معناه فإنه قوي أمين.
وعن ابن عمر قال: كنت مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورجلان من أصحابه فقال: لو كان معاوية عندنا لشاورناه في بعض أمرنا. فكأنهما دخلهما من ذلك شيء! فقال: إنه أوحي إلي أن أشاور ابن أبي سفيان في بعض أمري.
وعن موسى بن طلحة قال:
بعثني أبي أدعو له معاوية، فوجدته مشغولاً بالنساء، فقال: قل له: أفرغ ثم آتيك. فرجعت إلى أبي فأخبرته فقال: أرجع فقل له: أعجل. فرجعت فإذا هو قد أقبل، فرجعت إلى أبي فقلت: هو ذا قد جاء مقبلاً. فلما رآه قال: أما إني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: إنه لموفق الأمر أو رشيد الأمر.
وعن رويم قال: جاء أعرابي إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله صارعني؛ فقام إليه معاوية فقال: يا أعرابي! أنا أصارعك. فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لن يغلب معاوية أبداً. فصرع الأعرابي. قال: فلما كان يوم صفين قال علي: لو ذكرت هذا الحديث ما قاتلت معاوية.
وعن أبي هريرة قال: أردف النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معاوية فقال له: يا معاوية! ما يليني منك؟ قال: وجهي. فقال له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وقاه الله النار. ثم قال: يا معاوية! ما يليني منك؟ قال: صدري قال: حشاه الله علماً وإيماناً ونوراً. ثم قال: يا معاوية! ما يليني منك؟ قال: بطني. قال: عصمه الله يما عصم به الأولياء. ثم قال: يا معاوية! ما يليني منك؟ قال: كلي. قال: غفر الله لك، ووقاك الحساب، وعلمك الكتاب، وجعلك هادياً مهدياً، وهداك وهدى بك.
وعن شداد بن أوس قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: معاوية أحلم أمتي وأجودها.
وعن أنس بن مالك قال: دخلت على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي ومعاوية جلوس عنده، ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأكل الرطب وهم يأكلون معه، والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يلقمهم، قال معاوية: يا رسول الله! تأكل وتلقمنا!؟ قال: نعم، هكذا نأكل في الجنة، ويلقم بعضنا بعضاً.
وعن أبي موسى الأشعري قال: دخل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أم حبيبة ورأس معاوية في حجرها تفليه، فقال لها: أتحبينه؟ قالت: وما لي لا أحب أخي؟ فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فإن الله ورسوله يحبانه.
وعن أبي الدرداء قال: دخل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أم حبيبة ومعاوية عندنا نائم على السرير، فقال: من هذا يا أم حبيبة؟ فقالت: أخي معاوية يا رسول الله. قال: فتحبينه؟ فقالت: إي والله إني لأحبه. فقال: يا أم حبيبة! فإني أحب معاوية وأحب من يحب معاوية، وجبريل وميكائيل يحبان معاوية، والله أشد حباً لمعاوية من جبريل وميكائيل.
وعن ابن عباس قال: جاء جبريل إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بورقة آس أخضر، مكتوب عليها لا إله إلا الله، حب معاوية بن أبي سفيان فرض مني على عبادي.
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الشاك في فضلك يا معاوية تنشق الأرض عنه يوم القيامة وفي عنقه طوق من نار، له ثلاث مئة شعبة، على كل شعبة شيطان يكلح في وجهه مقدار عمر الدنيا.
وعن ابن عمر قال: كنا عند رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: ليلين بعض مدائن الشام رجل عزيز منيع هو مني وأنا منه. فقال له رجل: من هو يا رسول الله؟ قال: فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقضيب كان بيده في قفا معاوية: هو هذا.
هذا الحديث منكر الإسناد.
وعن عبد الرحمن بن عوف الجرشي قال: ذكر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشام، قال رجل من القوم: كيف لنا بالشام يا رسول الله وفيها الروم ذات القرون؟ فقال: أجل إن فيها لأقواماً أنتم أحقر في أعينهم من القردان في أستاه الإبل. قال: ثم ذكر الشام أيضاً فقال: لعل أن يكفيناها غلام من غلمان قريش. وبيد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عصا، فأهوى بها إلى منكب معاوية.
وفي حديث بمعناه: وفي يد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عصا فضرب بها كتف معاوية وقال: لعل هذا إذاً كافيناها هو.
عن ابن عمر قال: كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع زوجته أم حبيبة في قبة من أدم، فأقبل معاوية فقال لها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا أم حبيبة! هذا أخوك قد أقبل، أما إنه يبعث يوم القيامة عليه رداء من نور الإيمان.
وعن سعد بن أبي وقاص يقول لحذيفة: ألست شاهد يوم قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمعاوية: يحشر يوم القيامة معاوية بن أبي سفيان وعليه حلة من نور، ظاهرها من الرحمة، وباطنها من الرضا، يفتخر بها في الجمع، لكتابة الوحي بين يدي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال حذيفة: نعم.
وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
يخرج معاوية من قبره وعليه رداء من السندس والإستبرق، مرصع بالدر والياقوت، عليه مكتوب: لا إله إلا الله محمد رسول الله، أبو بكر الصديق، عمر بن الخطاب، عثمان بن عفان، علي بن أبي طالب.
وعن أبي بكر قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين الركن والمقام، رافعاً يديه إلى السماء حتى رأيت بياض إبطيه وهو يقول: اللهم حرم بدن معاوية على النار، اللهم حرم النار على معاوية.
وعن مكحول قال: دفع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى معاوية سهمين فقال: هذه السهمان سهم الإسلام، خذها فتلقني بهما في الجنة. فلما مات معاوية جعلا معه في قبره. ولما حلق النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأسه بمنى دفع إلى معاوية من شعره فصانه، فلما مات معاوية جعل شعر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على عينيه.
وعن يعيش بن هشام قال: كنت عند مالك بن أنس، فجاءه رسول أمير المؤمنين فقال له: أمير المؤمنين يقول لك: لا تحدث هذا الحديث. فقال مالك بن أنس: " إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب " الآية، لأحدثن به الساعة ثم لا أحدث به أبداً:
حدثني نافع عن ابن عمر أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أهدي له سفرجل، فأعطي أصحابه سفرجلة سفرجلة، وأعطي معاوية ثلاث سفرجلات، قال: ألقني بهن في الجنة.
وعن أبي هريرة قال: قدم جعفر بن أبي طالب من بعض أسفاره ومعه شيء من السفرجل، فأهداه إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يومئذ في منزل أبي بكر الصديق - إذ دخل معاوية بن أبي سفيان فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لجعفر: أني لك هذا؟ فقال: أهداه إلي رجل شاب حسن الهيئة في بعض أسفاري، فأحببت أن أهديه إليك يا رسول الله. فأكل منه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأخذ منه واحدة وأعطاها معاوية وقال: هاك، توافيني في الجنة مثلها. وقال: يا معاوية! من مثلك؟! أخذت اليوم من هدايا ثلاثة كلهم في الجنة، وأنت رابعهم؛ يا جعفر! هل تدري من المهدي إليك السفرجل؟ قال: لا. قال: ذاك جبريل وهو سيد الملائكة، وأنا سيد الأنبياء، وجعفر سيد الشهداء، وأنت يا معاوية سيد الأمناء.
قال أبو هريرة: فو الله لا زلت أحبه بعد ذلك مما سمعت من فضله من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وعن ابن عمر قال: كنت عند النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يطلع عليكم رجل من أهل الجنة. فطلع معاوية، ثم قال الغد مثل ذلك، فطلع معاوية، فقمت إليه، فأقبلت بوجهه إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلت: يا رسول الله! هو هذا؟ قال: نعم يا معاوية، أنت مني وأنا منك لتزاحمني على باب الجنة كهاتين. وقال بأصبعه السبابة والوسطى يحركهما.
حدث عمرو بن يحيى عن جده: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ محمداً المصطفى نبي الرحمة، كان ذات يوم جالساً بين أصحابه إذ قال: يدخل عليكم من باب المسجد في هذا اليوم رجل من أهل الجنة يفرحني الله به. فقال أبو هريرة: فتطاولت لها، فإذا نحن بمعاوية بن أبي سفيان قد دخل، فقلت: يا رسول
الله! هذا هو؟ فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نعم يا أبا هريرة، هو هو. يقولها ثلاثاً، ثم قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا أبا هريرة! إن في جهنم كلاباً زرق الأعين، على أعرافها شعر كأمثال أذناب الخيل، لو أذن الله تبارك وتعالى لكلب منها أن يبلغ السماوات السبع في لقمة واحدة لهان ذلك عليه، يسلط يوم القيامة على من لعن معاوية بن أبي سفيان.
قال: هذا منقطع.
وعن ابن عباس قال: إذا كان يوم القيامة يدعى بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومعاوية فيوقفان بين يدي الله، فيطوق النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بطوق ياقوت أحمر، ويسور بثلاثة أسورة من لؤلؤ، فيأخذ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطوق، فيطوق معاوية ثم يسوره بثلاثة أسورة، فيقول الله: يا محمد! تتسخى علي وأنا السخي، وأنا الذي لا أبخل! فيقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا هي وسيدي، كنت ضمنت لمعاوية في دار الدنيا ضماناً فأوفيته ما ضمنت له بين يديك يا رب. فتبسم الرب إليهما ثم يقول: خذ بيد صاحبك وأنطلقا إلى الجنة جميعاً.
وعن أنس قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
لا أفتقد أحداً من أصحابي غير معاوية بن أبي سفيان، فإني لا أراه ثمانين عاماً أو سبعين عاماً، فإذا كان بعد ثمانين عاماً أو سبعين عاماً يقبل علي على ناقة من المسك الأذفر، حشوها من رحمة الله، قوائمها من الزبرجد فأقول: معاوية؟ فيقول: لبيك يا محمد فأقول: أين كنت من ثمانين عاماً؟ فيقول: في روضة تحت عرش ربي، يناجيني وأناجيه ويحييني وأحييه ويقول: هذا عوض مما كنت تشتم في دار الدنيا.
هذا حديث موضوع، باطل إسناداً ومتناً.
وعن أم حبيبة قالت: دخل علي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأخي معاوية راقداً على فراشه، قالت: فذهبت لأنحيه، قال: دعيه، كأني أنظر إليه في الجنة يتكئ على أريكته.
وعن ابن عباس: في هذه الآية: " عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة " قال: كانت المودة التي جعل الله تعالى بينهم تزويج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أم حبيبة بنت أبي سفيان، فصارت أم المؤمنين، وصار معاوية خال المؤمنين.
قال البيهقي: كذا في رواية الكلبي، وذهب علماؤنا إلى أن هذا حكم لا يتعدى أزواج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهن يصرن أمهات المؤمنين في التحريم، ولا يتعدى هذا التحريم إلى إخوتهن ولا إلى أخواتهن، ولا إلى بناتهن، والله أعلم.
وعن عياض الأنصاري - وكانت له صحبة - قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أحفظوني في أصحابي وأصهاري، فمن حفظني فيهم حفظه الله في الدنيا والآخرة، ومن لم يحفظني فيهم تخلى الله منه، ومن تخلى الله منه أوشك أن يأخذه.
وعن أنس بن مالك قال: قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دعوا لي أصحابي وصهري.
وعن أنس بن مالك قال: دخل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد أن صلى العصر إلى بيت أم حبيبة فقال: يا أنس! صر إلى منزل فاطمة. وأعطاني أربع موزات فقال لي: يا أنس! واحدة للحسن، وواحدة للحسين، وأثنتين لفاطمة، وصر إلي. ففعلت، وصرت إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالت أم حبيبة: يا رسول الله! تفاضل أصحابك من قريش، ويفتخرون على أخي بما بايعوك تحت الشجرة! فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا يفتخرن أحد على أحد، فلقد بايع كما بايعوا. وخرج مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وخرجت معه فقعد على باب المسجد، فطلع أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وسائر الناس، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأبي بكر: يا أبا بكر! قال: لبيك يا رسول الله. قال: تحفظ من أول من بايعني ونحن تحت الشجرة؟ قال أبو بكر: أنا
يا رسول الله، وعمر، وعلي بن أبي طالب. فرفع عثمان رأسه، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا أبا بكر! إذا غبت أنا فعثمان، وإذا غاب عثمان فأنا. فضحك أبو بكر وقال: عثمان يا رسول الله، وعلي، وطلحة، والزبير، وسعد، وسعيد، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو عبيدة بن الجراح. قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ثم من؟ قال: هؤلاء الذين كانوا وكنا. قال: وأين معاوية؟ قال: لم يكن معنا بالحضرة، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: والذي بعثني بالحق نبياً لقد بايع معاوية بن أبي سفيان كما بايعتم. قال أبو بكر: ما علمنا يا رسول الله. قال: إنه في وقت ما قبض الله تعالى قبضة من الذر قال: في الجنة ولا أبالي، كنت أنت يا أبا بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وسعد، وسعيد، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو عبيدة بن الجراح، ومعاوية بن أبي سفيان في تلك القبضة؛ ولقد بايع كما بايعتم، ونصح كما نصحتم، وغفر الله له كما غفر لكم، وأباحه الجنة كما أباحكم.
وعن أبي هريرة قال:
خرجت من بيتي هارباً بجوعي، فقلت: أمضي إلى منزل أبي بكر، قلت: عثمان أطيب لقمة؛ فأنا مار إلى منزل عثمان إذ رأيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على باب الزبير بن العوام يأكل طعاماً فقلت: أشهد، لأعارضن بوجهي وجه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فعارضت بوجهي وجه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال لي: أقبل يا أبا هريرة، إني لأعرف من ضعف أسبابك ما أعرف، وبين يدي طعام طيب، أدن فكل. فدنوت فإذا هو يأكل البطيخ بالرطب، فو الله لقد أكلت بيدي وأكل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيده، وأكل الزبير بن العوام بيده ومعاوية لا يمد يده ولا يهوي إلى الطعام، إلا أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا رأى رطبة طيبة أخذها ووضع عليها قطعة بطيخ ووضعها في في معاوية وقال: كل على رغم أنف الراغمين. فطالت علي ليلتي حتى أصبحت، فجئت إلى الزبير فقلت: أرأيت ما فعل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمعاوية؟ قال: هو أوصاه بذلك. فقلت له: كيف كان؟ قال: جئت إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلت: يا رسول الله عندي طعام طيب، وقد أحببت أن تأكل منه. فأخذ بيد معاوية وقال له: هو ذا، نصير إلى منزل الزبير بن العوام، فيضع بين أيدينا طعاماً طيباً فبحقي عليك، لا تأكل حتى أطعمك بيدي.
قال إسحاق بن إبراهيم الحنظلي: لا يصح عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في فضل معاوية بن أبي سفيان شيء، وأصح ما روي في فضل معاوية حديث ابن عباس. أنه كان كاتب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وأخرجه مسلم في صحيحه؛ وبعده حديث العرباض: اللهم علمه الكتاب؛ وبعده حديث ابن أبي عميرة: اللهم أجعله هادياً مهدياً.
وعن عوف بن مالك الأشجعي قال: بينا أنا راقد في كنيسة يوحنا - وهي يؤمئذ مسجد يصلى فيها - إذ أنتبهت في نومي، فإذا أنا بأسد يمشي بين يدي، فوثبت إلى سلاحي، فقال الأسد: مه إنما أرسلت إليك برسالة لتبلغها. قلت: ومن أرسلك؟ قال: الله أرسلني إليك لتبلغ معاوية السلام وتعلمه أنه من أهل الجنة. فقال له: ومن معاوية؟ قال: معاوية بن أبي سفيان.
وفي رواية: أرسلني إليك الله لأن تعلم معاوية الرحال أنه من أهل الجنة. قلت: من معاوية؟ قال: ابن أبي سفيان.
لما قدم وفد بني حنيفة على عبد الملك بن مروان قال عبد الملك: هل فيكم من حضر قتل مسيلمة؟ فقال رجل منهم: نعم. فأنشأ يحدثه بالوقعة التي كانت بينهم. قال عبد الملك: فمن ولي قتل مسيلمة؟ قال: رجل أصبح الوجه، كذا وكذا. فقال عبد الملك: قضيت والله لمعاوية. قال خالد: وكان معاوية يدعي ذلك.
كان أبو هريرة يحمل الإداوة فمرض، فأخذها معاوية فحملها مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلما فرغ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رفع رأسه مرة أو مرتين فقال: يا معاوية! إن وليت أمراً فاتق الله وأعدل. قال: فما زلت أظن أني مبتلي بالعمل لقول رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى أبتليت.
وعن الحسن قال: سمعت معاوية يخطب وهو يقول: صببت يوماً على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وضوءه، فرفع
رأسه إلي فقال: أما إنك ستلي أمر أمتي بعدي، فإذا كان ذلك فأقبل من محسنهم وتجاوز عن مسيئهم. فما زلت أرجوها حتى قمت مقامي.
وعن عبد الملك بن عمير قال: قال معاوية: والله ما حملني على الخلافة إلا قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لي: يا معاوية! إن ملكت فأحسن.
ولما قدم عمر الجابية نزع شرحبيل، وأمر عمرو بن العاص بالمسير إلى مصر، وبقي الشام على أميرين: أبو عبيدة بن الجراج ويزيد بن أبي سفيان؛ ثم توفي أبو عبيدة في طاعون عمواس وأستخلف عياض بن غنم، ثم توفي يزيد بن أبي سفيان، فأمر معاوية بن أبي سفيان مكانه، ثم نعاه عمر لأبي سفيان فقال: يا أبا سفيان! أحتسب يزيد. قال: من أمرت مكانه؟ قال: معاوية. قال: وصلتك يا أمير المؤمنين رحم. فكان على الشام معاوية وعمير بن سعد حتى قتل عمر.
فأقر عمر معاوية وولي عمرو بن العاص فلسطين والأردن، ومعاوية دمشق وبعلبك والبلقاء، وولي سعيد بن عامر بن حذيم حمص، ثم جمع الشام كلها لمعاوية، وأقر عثمان معاوية على الشام.
ولما عزيت هند على يزيد بن أبي سفيان قيل: إن الله تعالى قد جعل معاوية خلفاً من يزيد وغيره. فقالت: أو مثل معاوية يجعل خلفاً من أحد؟! فو الله لو أن العرب
أجتمعت متوافرة ثم رمي به فيها لخرج من أي أعراضها شاء.
وعزى عمر أبا سفيان بابنه يزيد، فقال له أبو سفيان: من جعلت على عمله؟ قال: جعلت أخاه معاوية؛ وأبناك مصلحان، ولا يحل لنا أن ننزع مصلحاً.
وعن إسماعيل بن أمية: أن عمر بن الخطاب أفرد معاوية بالشام ورزقه ثمانين ديناراً في كل شهر.
وقيل: إن الذي أفرد معاوية بالشام عثمان بن عفان.
ذكر معاوية عند عمر بن الخطاب فقال: دعونا من ذم فتى قريش وابن سيدها، من يضحك في الغضب، ولا ينال على الرضا، ومن لا يأخذ ما فوق رأسه إلا من تحت قدميه.
ولما خرج عمر إلى الشام وقرب من دمشق تلقاه معاوية في موكب له رز، وعمر على حمار إلى جانبه عبد الرحمن بن عوف على حمار آخر، فلم يرهما معاوية فطواهما، فقيل له: خلفت أمير المؤمنين وراءك، فرجع، فلما رآه نزل عن دابته، فأعرض عنه عمر، ومشى حتى تعلق نفسه بأرنبته، فقال له عبد الرحمن: يا أمير المؤمنين! أجهدت الرجل، فقال: عمر: يا معاوية: نعم. فرفع عمر صوته فقال: ولم ويلك؟! فقال: إني في بلاد لا يمتنع فيها من جواسيس العدو، ولا بد لهم مما يرهبهم من آلة السلطان، فإن أمرتني أقمت عليه، وإن نهيتني عنه أنتهيت. فقال عمر: يا معاوية! والله ما بلغني عنك أمر أكرهه فأعاتبك عليه إلا تركتني منه في أضيق من رواجب الضرس، فإن كان ما قلت حقاً إنه لرأي أديب، وإن كان باطلاً إنها لخدعة أريب، لا آمرك به ولا أنهاك عنه. فقال عبد الرحمن: يا أمير المؤمنين! لأحسن الفتى المصدر فيما أوردته فيه! فقال عمر: لحسن مصادره وموارده جشمناه ما جشمناه.
وعن أسلم مولى عمر قال: قدم علينا معاوية بن أبي سفيان وهو أبيض - أو أبض - الناس وأجملهم، فخرج إلى الحج مع عمر وكان عمر ينظر إليه، فيعجب له، ثم يضع أصبعه على متنه ثم يرفعها عن مثل الشراك فيقول: بخ بخ! نحن إذاً خير الناس أن جمع لنا خير الدنيا والآخرة! فقال معاوية: يا أمير المؤمنين! سأحدثك: إنا بأرض الحمامات والريف. فقال عمر: سأحدثك: ما بك إلطافك نفسك بأطيب الطعام ونضيجه حتى نضرت الشمس متنيك، وذو الحاجات وراء الباب!. قال: فلما جئنا ذا طوى أخرج معاوية حلة فلبسها، فوجد عمر منها ريحاً كأنه ريح طيب فقال: يعمد أحدكم يخرج حاجاً تفلاً، حتى إذا جاء أعظم بلدان الله حرمة، أخرج ثوبيه كأنهما كانا في الطيب فلبسهما! فقال معاوية: إنما لبستهما لأن أدخل فيهما على عشيرتي - أو قومي - والله لقد بلغني أذاك هنا وبالشام، والله يعلم أني لقد عرفت الحياء فيه. ونزع معاوية الثوبين ولبس ثوبيه اللذين أحرم فيهما.
كان عمر بن الخطاب إذا رأى معاوية قال: هذا كسرى العرب.
وعن عمر أنه قال: تعجبون من دهاء هرقل وكسرى وتدعون معاوية!.
دخل معاوية على عمر بن الخطاب وعليه حلة خضراء، فنظر إليها أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلما رأى ذلك عمر وثب إليه ومعه الدرة، فجعل ضرباً لمعاوية ومعاوية يقول: الله الله يا أمير المؤمنين! فيم فيم؟ قال: فلم يكلمه حتى رجع فجلس في مجلسه فقال له القوم: لم ضربت الفتى يا أمير المؤمنين؟! ما في قومك مثله. فقال: والله ما رأيت إلا خيراً وما بلغني إلا خير، ولكني رأيته.. وأشار بيده، فأحببت أن أضع منه.
وفي سنة تسع عشرة فتحت قيسارية؛ أميرها معاوية بن أبي سفيان وسعيد بن عامر بن حذيم، كل أمير على جنده، فهزم الله المشركين، وقتل منهم مقتلة عظيمة.
وغزا معاوية قبرس سنة خمس وعشرين ومعه أمرأته فاختة ابنة قرظة.
وقيل: إن قبرس وإصطخر كانا في عام واحد، سنة ثمان وعشرين وأمير قبرس معاوية بن أبي سفيان.
وكان عام المضيق من قسطنطينية سنة ثنتين وثلاثين، وأميرها معاوية. وفي سنة ثلاث وثلاثين غزا معاوية ملطية وإفريطية، وحصن المرأة من أرض الروم.
ولما أستخلف عثمان أفراد معاوية بالشام جميعاً. فأستقضى فضالة بن عبيد بن نافذ الأنصاري. وشخص أبو سفيان ابن حرب إلى معاوية بالشام ومعه ابناه عتبة وعنبسة؛ فكتبت هند إلى معاوية: قد قدم عليك أبوك وأخواك فاحمل أباك على فرس، وأعطه أربعة آلاف درهم. ففعل معاوية ذلك؛ فقال أبو سفيان: أشهد بالله أن هذا لعن
رأي هند. فلما قتل عثمان كتبت نائلة ابنة الفرافصة إلى معاوية كتاباً تصف فيه كيف دخل على عثمان وكيف قتل، وبعثت إليه بقميصه الذي قتل وهو عليه، فيه دمه، فقرأ معاوية الكتاب على أهل الشام، وأمر بقميص عثمان فطيف به في أجناد الشام ونعى إليهم عثمان، وأخبرهم بما أتي إليه واستحل من حرمته؛ وحرضهم على الطلب بدمه فبايعوه على الطلب بدم عثمان، وبويع علي بن أبي طالب بالمدينة، فقال له عبد الله بن العباس والحسن بن علي: اكتب إلى معاوية فأقره على عمله ولا تحركه، وأطمعه فإنه سيطمع، ويكفيك عهد الله وميثاقه أن لا أعزله. فقالا: لا تعطه عهداً ولا ميثاقاً. وبلغ ذلك معاوية فقال: والله لا ألي له شيئاً أبداً ولا أبايعه ولا أقدم عليه. وأظهر بالشام أن الزبير بن العوام قادم عليهم وأنه يبايع له. فلما بلغه خروج الزبير وطلحة إلى الجمل أمسك عن ذكره؛ فلما بلغه قتل الزبير قال: يرحم الله أبا عبد الله، أما إنه لو قدم علينا لبايعنا له، وكان أهلاً أن نقدمه لها. فلما أنصرف علي من البصرة أرسل جرير بن عبد الله البجلي إلى معاوية، فكلمه وعظم عليه أمر علي وسابقته في الإسلام، ومكانه من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأجتماع الناس عليه؛ وأراده على الدخول في طاعته والبيعة له. فأبى، وجرى بينه وبين جرير كلام كثير. فأنصرف جرير إلى علي فأخبره بذلك، فذلك حين أجمع علي على الخروج إلى صفين، وبعث معاوية أبا مسلم الخولاني إلى علي بأشياء يطلبها منه، ويسأله أن يدفع إليه قتلة عثمان حتى يقتلهم به، فإنه إن لم يفعل ذلك أنهج للقوم - يعني أهل الشام - بصائرهم لقتاله. فأبى علي أن يفعل. فرجع أبو مسلم إلى معاوية، فأخبره بما رأى من علي وأصحابه.
وجرت بين علي ومعاوية كتب ورسائل كثيرة، ثم أجمع علي على الخروج من الكوفة يريد معاوية بالشام. وبلغ ذلك معاوية، فخرج في أهل الشام يريد علياً، فالتقوا بصفين لسبع ليال بقين من المحرم سنة سبع وثلاثين، فلما كان هلال صفر نشبت الحرب بينهم، فاقتتلوا أيام صفين قتالاً شديداً حتى هر الناس القتال وكرهوا الحرب، فرفع أهل الشام المصاحف وقالوا: ندعوكم إلى كتاب الله والحكم بما فيه. وكان ذلك مكيدة من
عمرو بن العاص، فاصطلحوا وكتبوا بينهم كتاباً على أن يوافوا رأس الحول أذرح، ويحكموا حكمين ينظران في أمور الناس فيرضون بحكمهما، فحكم علي أبا موسى الأشعري وحكم معاوية عمرو بن العاص، وتفرق الناس. فرجع علي إلى الكوفة بالاختلاف والدغل، واختلف عليه أصحابه، فخرج عليه الخوارج من أصحابه ومن كان معه وأنكروا تحكيمه وقالوا: لا حكم إلا لله. ورجع معاوية إلى الشام بالألفة واجتماع الكلمة عليه، ووافى الحكمان بعد الحول بأذرح في شعبان سنة ثمان وثلاثين.
واجتمع الناس إليهما وكان بينهما كلام اجتمعا عليه في السر، ثم خالفه عمرو بن العاص في العلانية، فقدم أبا موسى فتكلم وخلع علياً ومعاوية، ثم تكلم عمرو بن العاص فخلع علياً وأقر معاوية. فتفرق الحكمان ومن كان اجتمع إليهما، وبايع أهل الشام معاوية بالخلافة في ذي القعدة سنة ثمان وثلاثين، وبعث معاوية على الحج سنة تسع وثلاثين يزيد بن شجرة، وبعث علي في هذه السنة على الموسم عبيد الله بن العباس فاجتمعا بمكة فسأل كل واحد منهما صاحبه أن يسلم إليه؛ فأتيا جميعاً واصطلحا على أن يصلي بالناس ويحج بهم تلك السنة شيبة بن عثمان العبدري. وكان معاوية يبعث الغارات فيقتلون من كان في طاعة علي، ومن أعان على قتل عثمان؛ فبعث بسر بن أرطاة العامري إلى المدينة واليمن ومكة يستعرض الناس، فقتل باليمن عبد الرحمن وقثماً ابني عبيد الله بن عباس. ثم قتل علي بن أبي طالب في شهر رمضان سنة أربعين، فحج بالناس تلك السنة المغيرة بن شعبة بكتاب افتعله من معاوية بن أبي سفيان. وصالح الحسن بن علي معاوية وسلم له الأمر، وبايعه الناس جميعاً، فسمي عام الجماعة.
واستعمل معاوية المغيرة بن شعبة تلك السنة على الكوفة على صلاتها وحربها؛ واستعمل على الخراج عبد الله بن دراج مولاه، واستعمل على البصرة عبد الله بن عامر بن
كريز، واستعمل على المدينة أخاه عتبة بن أبي سفيان، ثم عزله واستعمل مروان بن الحكم سنة اثنتين وأربعين، واستعمل عمرو بن العاص على مصر، وأقر فضالة بن عبيد على قضائه بالشام، وكان يولي الحج كل سنة رجلاً من أهل بيته، ويولي الصوائف والمشاتي بأرض الروم كل سنة رجلاً. وحج بالناس معاوية سنة خمسين ومر بالمدينة وولى يزيد بن معاوية الموسم، فحج بالناس سنة إحدى وخمسين، ثم أعتمر معاوية في رجب سنة ست وخمسين، وقدم المدينة، فكان بينه وبين الحسين بن علي، وعبد الله بن عمر، وعبد الرحمن بن أبي بكر، وعبد الله بن الزبير ما كان من الكلام في البيعة ليزيد بن معاوية وقال: إني أتكلم بكلام فلا تردوا علي شيئاً فأقتلكم؛ فخطب الناس وأظهر أنهم قد بايعوا، وسكت القوم، فلم يقروا ولم ينكروا خوفاً منه.
ورحل معاوية من المدينة على هذا، وأدعى معاوية زياد بن أبي سفيان فولاه الكوفة بعد المغيرة بن شعبة فكتب إليه في حجر بن عدي وأصحابه، وحملهم إليه، فقتله معاوية بالشام بمرج عذراء، وضم معاوية البصرة إلى زياد، ومات زياد فولى معاوية الكوفة والبصرة ابنه عبيد الله بن زياد.
كان كعب يحدث فجاء معاوية فقال: ما هذه الأحاديث يا كعب ابن أم كعب؟ قال: نعم والله يا معاوية، إن لله داراً فيها سبعون ألف دار، على عمود من ياقوت ليس فيها صدع ولا وصل، ولا يسكنها إلا نبي أو صديق أو شهيد أو محكم في نفسه، أو إمام مقسط. فانظر من أيهم أنت يا معاوية. قال: فأدبر معاوية يبكي ويقول: وأني لمعاوية بالقسط!.
قال مقسم بن بجرة: حججت فقدمت المدينة حين قتل عثمان، وقد بويع لعلي بن أبي طالب، فسمعت علياً يقول: أما الهجين ابن النابغة - يعني عمرو بن العاص - فهو
أهون علي من عصاي هذه - وفي يده مخصرة - فقال عبد الله بن عباس: لا تقل في أبي عبد الله إلا خيراً. قال: وأما ابن عمي معاوية فأقره على الشام، وأزيده إن شاء.
هذا غريب، والمحفوظ: ما روي عن ابن عباس قال: دعاني عثمان فاستعملني على الحج، قال: فخرجت إلى مكة فأقمت للناس الحج، وقرأت عليهم كتاب عثمان إليهم، ثم قدمت المدينة وقد بويع لعلي، فقال: سر إلى الشام فقد وليتكها. فقال ابن عباس: ما هذا برأي، معاوية رجل من بني أمية، وهو ابن عم عثمان وعامله على الشام، ولست آمن أن يضرب عنقي بعثمان، أو أدنى ما هو صانع أن يحبسني فيتحكم علي. فقال له علي: ولم؟ قال: لقرابة ما بيني وبينك، وإن كل من حمل عليك حمل علي، ولكن اكتب إلى معاوية فمنه وعده. فأبى علي وقال: والله لا كان هذا أبدا.
قال الشعبي: لما قتل عثمان رضي الله عنه أرسلت أم حبيبة بنت أبي سفيان زوج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورضي عنها إلى أهل عثمان: أرسلوا إلي بثياب عثمان التي قتل فيها. فبعثوا إليها بقميصه مضرج بالدم، وبالخصلة الشعر التي نتفت من لحيته فعقدت الشعر في زر القميص، ثم دعت النعمان بن بشير فبعثت به إلى معاوية، فمضى بالقميص وبكتابها إلى معاوية. فصعد معاوية المنبر، وجمع الناس، ونشر القميص، وذكر ما صنع بعثمان، ودعا إلى الطلب بدمه. فقام أهل الشام فقالوا: هو ابن عمك وأنت وليه، ونحن الطالبون معك بدمه. فبايعوا له.
وعن الحسن قال: لقد تصنع معاوية للخلافة في ولاية عمر بن الخطاب.
قال أبو صالح: كان الحادي يحدو بعثمان ويقول:
إن الأمير بعده علي ... وفي الزبير خلف مرضي
فقال كعب: بل هو صاحب البغلة الشهباء - يعني معاوية. فبلغ ذلك معاوية فأتاه فقال: يا أبا إسحاق! تقول هذا وها هنا علي والزبير وأصحاب محمد؟! قال: أنت صاحبها.
زاد في رواية: ولكن والله لا تصل إليك حتى تكذب بحديثي هذا. فوقعت في نفس معاوية.
وروي عن ذي قربات قال: لما توفي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قيل: يا ذا قربات، من بعده؟ قال: الأمين - يعني أبا بكر - قيل: فمن بعده؟ قال: قرن من حديد - يعني عمر - قيل: فمن بعده؟ قال: يعني عثمان - قيل: فمن بعده؟ قال: الوضاح الأزهر المنصور - يعني معاوية.
قال البغوي: رواه عثمان بن عبد الرحمن - وهو ضعيف - عن سعيد بن عبد العزيز، قال: ولا أحسب سعيد بن عبد العزيز أدرك ذا قربات. ولا أحسب ذا قربات سمع من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيئاً.
وعن عمر قال: إياكم والفرقة بعدي، فإن فعلتم فأعلموا أن معاوية بالشام، وستعلمون إذا وكلتم إلى رأيكم كيف يستبرها دونكم.
وعن عمر: أنه قال لأهل الشورى: إن اختلفتم دخل عليكم معاوية بن أبي سفيان من الشام، وبعده عبد الله بن أبي ربيعة من اليمين، فلا يريان لكم فضلاً إلا سابقتكم.
وعن عبد الملك الحمطي قال: اجتمع أهل الشام بعد قتل عثمان، فأرسلوا وفوداً إلى عبد الله بن عمر، وعلى الشام يومئذ معاوية بن أبي سفيان وما يرجوها - يعني الخلافة - قال: فلما قدموا على عبد الله بن عمر وقد اجتمع أهل الشام على - إن رضي - أن يبايعوه، فقال عبد الله بن عمر: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: من أجلب فليس منا. فمعاذ الله أن أختار الدنيا على الآخرة. فلما كرهها عبد الله بن عمر ويئسوا منه بايعوا معاوية.
وعن زهدم الجرمي قال: كنا في سمر ابن عباس فقال: إني لمحدثكم بحديث ليس سر ولا علانية؛ إنه لما كان من أمر هذا الرجل ما كان - يعني عثمان - قلت لعلي: اعتزل، فلو كنت في جحر طلبت حتى تستخرج؛ فعصاني، وايم الله، ليتأمرن عليكم معاوية، وذلك أن الله يقول: " ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً فلا يسرف في القتل، إنه كان منصوراً " لتحملنكم قريش على سنة فارس والروم، وليتمنن عليكم النصارى واليهود والمجوس، فمن أخذ منكم يومئذ بما يعرف نجا، ومن ترك وأنتم تاركون كنتم كقرن من القرون هلك فيمن هلك.
وعن الحكم بن عمير الثمالي - وكانت أمه مريم بنت أبي سفيان بن حرب: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لأصحابه ذات يوم: يا أبا بكر! كيف بك إذا وليت؟، قال: لا يكون ذاك أبداً. قال: فأنت يا عمر؟، قال: حجراً إذا لقيت شراً. قال: فأنت يا عثمان؟، قال: آكل وأطعم وأقسم ولا أظلم. قال: فأنت يا علي؟، قال: أقسم التمرة وأحمي الجمرة، وآكل القوت. قال: أما إنكم كلكم سيلي، وسيرى الله عملكم. قال: فأنت يا معاوية؟ قال: الله ورسوله أعلم. قال: أنت رأس الخطم، ومفتاح
العظم، خفتاً خفتاً، يهرم فيها الكبير، ويربو فيها الصغير، وتتخذ السيئة حسنة، والحسنة قبيحة؛ أجلك يسير وجرمك عظيم إلا أن يرحمك ربك عز وجل.
قال ابن شهاب الزهري: لما بلغ معاوية وأهل الشام قتل طلحة والزبير، وهزيمة أهل البصرة، وظهور علي عليه السلام دعا أهل الشام معاوية للقتال معه على الشورى والطلب بدم عثمان. فبايع معاوية أهل الشام على ذلك أميراً غير خليفة. فخرج علي على رأس أربعة عشر شهراً من مقتل عثمان بأهل العراق يأم معاوية وأهل الشام. وخرج معاوية بأهل الشام، فالتقوا بصفين، فاقتتلوا بها قتالاً شديداً لم تقتتل هذه الأمة مثله قط، وغلب أهل العراق على قتلى أهل حمص، وفيهم عبد الله ابن عمر بن الخطاب وذو الكلاع وحوشب وجابس بن سعد الطائي؛ وغلب أهل الشام على قتلي أهل العالية وفيهم عمار بن ياسر وهاشم بن عتبة بن أبي وقاص وابنا بديل الخزاعي.
وكان علي أراد أن يبعث إلى معاوية بالشام رسولاً وكتاباً، فقال له جرير بن عبد الله البجلي: ابعثني إليه فإنه لم يزل لي مستنصحاً وواداً، فآتيه فأدعوه على أن يسلم هذا الأمر لك ويجامعك على الحق، وأن يكون أميراً من أمرائك، وعاملاً من عمالك ما عمل بطاعة الله، واتبع ما في كتاب الله؛ وأدعوا أهل الشام إلى طاعتك وولايتك، وإن جلهم قومي، وقد رجوت أن لا يعصوني. فقال له الأشتر: لا تبعثه ولا تصدقه فإني لأظن هواه هواهم ونيته نيتهم. فقال له: دعه حتى ننظر ما يرجع به إلينا. فبعثه علي إلى معاوية، فقال له حين أراد أن يوجهه: إن حولي من قد علمت من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أهل الدين والرأي، وقد اخترتك عليهم لقول رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيك:
من خير ذي يمن. فأت معاوية بكتابي، فإن دخل فيما دخل فيه المسلمون، وإلا فانبذ إليه على سواء، وأعلمه أني لا أرضى به أميراً، وأن العامة لا ترضى به خليفة.
فانطلق جرير حتى نزل بمعاوية فدخل عليه، فقام جرير فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد يا معاوية، فإنه قد اجتمع لابن عمك أهل الحرمين وأهل المصرين، وأهل الحجاز واليمن، ومصر وعمان والبحرين واليمامة، فلم يبق إلا هذه الحصون التي أنت فيها: لو سال عليها سيل من أوديته غرقها، وقد أتيتك أدعوك إلى ما يرشدك ويهديك إلى مبايعة أمير المؤمنين علي. ودفع إليه كتابه، وكانت نسخته: بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان، أما بعد فإن بيعتي لزمتك وأنت بالشام، لأنه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بايعوا عليه، فلم يكن لشاهد أن يختار ولا لغائب أن يرد، وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار، فإذا اجتمعوا على رجل وسموه إماماً كان ذلك رضي فإن خرج من أمرهم خارج بطعن أو رغبة ردوه إلى ما خرج منه، فإن أبى قاتلوه على أتباعه غير سبيل المؤمنين وولاه الله ما تولي، ويصله جهنم وساءت مصيراً، وإن طلحة والزبير بايعاني ثم نقضا بيعتي، وكان نقضهما كردهما، فجاهدتهما على ذلك حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون. فادخل فيما دخل فيه المسلمون، فإن أحب الأمور إلي فيك العافية، إلا أن تعرض للبلاء، فإن تعرضت له قاتلتك، واستعنت الله عليك، وقد أكثرت في قتلة عثمان، فادخل فيما دخل فيه الناس، ثم حاكم القوم إلي أحملك وإياهم على كتاب الله. فأما تلك التي تريدها يا معاوية فهي خدعة الصبي عن اللبن، ولعمري لئن نظرت بعقلك دون هواك لتجدني أبرأ قريش من دم عثمان؛ واعلم يا معاوية أنك من الطلقاء الذين لا تحل لهم الخلافة ولا تعرض فيهم الشورى، وقد أرسلت إليك وإلى من
قبلك جرير بن عبد الله، وهو من أهل الإيمان والهجرة. فبايع ولا قوة إلا بالله.
فلما قرأ معاوية الكتاب وعنده جماعة قام جرير خطيباً فحمد الله وأثنى على رسوله ثم قال: أيها الناس! إن أمر عثمان قد أعيا من شهده فما ظنكم بمن غاب عنه؟ وإن الناس بايعوا علياً غير واتر ولا موتور، وكان طلحة والزبير ممن بايعه ثم نقضا بيعته على غير حدث، ألا وإن الدين لا يحتمل الفتن، وإن العرب لا تحتمل السيف وقد كانت بالبصرة أمس ملحمة إن يشفع البلاء بمثلها فلا بقاء للناس بعدها، وقد بايعت العامة علياً، ولو أنا ملكنا أمورنا لم نختر لها غيره، فمن خالف هذا استعتب. فادخل يا معاوية فيما دخل الناس فيه، فإن قلت: استعملني عثمان ثم لم يعزلني، فإن هذا أمر لو جاز لم يقم لله دين، وكان لكل امرئ ما في يديه، ولكن الله جعل للآخر من الولاة حق الأول، وجعل تلك الأمور موطأة، وحقوقاً ينسخ بعضها بعضا.
فقال معاوية: أنظر وأنتظر وأستطلع رأي أهل الشام. وأمر معاوية منادياً فنادى: الصلاة جامعة. فلما اجتمع الناس صعد المنبر فخطب، فحمد الله وقال: الحمد لله الذي جعل الدعائم للإسلام أركاناً، والشرائع للإيمان برهاناً يتوقد قابسه في الأرض المقدسة التي جعلها الله محل الأنبياء والصالحين من عباده فأحلها الشام، ورضيهم لها ورضيها لهم بما سبق من مكنون علمه من طاعتهم ومناصحتهم أولياءه فيها، والقوام بأمره، الذابين عن دينه وحرماته، ثم جعلهم لهذه الأمة نظاماً، وفي أعلام الخير عظاماً، يردع الله به الناكثين، ويجمع ألفة المؤمنين، والله نستعين على ما تشعث من أمور المسلمين وتباعد بينهم بعد القرب والألفة؛ اللهم انصرنا على قوم يوقظون نائمناً
ويخيفون آمننا، ويريدون هراقة دمائنا وإخافة سبيلنا، وقد يعلم الله أنا لا نريد لهم عقاباً، ولا نهتك لهم حجاباً: غير أن الله الحميد كسانا من الكرامة ثوباً لن ننزعه طوعاً، ما جاوب الصدى، وسقط الندى، وعرف الهدى؛ حملهم على خلافنا البغي والحسد، فالله نستعين عليهم. أيها الناس! قد علمتم أني خليفة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وأني خليفة أمير المؤمنين عثمان عليكم، وأني لم أقم رجلاً منكم على خزاية قط، وإني ولي عثمان وابن عمه، وقد قال الله عز وجل في كتابه: " ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً " وقد علمتم أنه قتل مظلوماً، وأنا أحب أن تعلموني ذات أنفسكم في قتل عثمان.
فقال أهل الشام بأجمعهم: بل نطلب بدمه. فأجابوه إلى ذلك وبايعوه ووثقوا له أن يبذلوا في ذلك أنفسهم وأموالهم أو يدركوا بثأره أو يفني الله أرواحهم قبل ذلك.
وكان علي استشار الناس فأشاروا عليه بالمقام بالكوفة، غير الأشتر، وعدي بن حاتم، وشريح بن هانئ الحارثي، وهانئ بن عروة المرادي، فإنهم قالوا لعلي: إن الذين أشاروا عليك بالمقام بالكوفة إنما خوفوك حرب الشام، وليس في حربهم شيء أخوف من الموت وإياه نريد. فدعا علي الأشتر وعدياً وشريحاً وهانئاً فقال: إن استعدادي لحرب الشام، وجرير بن عبد الله عند القوم صرف لهم عن غي إن أرادوه، ولكني قد أرسلت رسولاً، فوقت لرسولي وقتاً لا يقيم بعده، والرأي مع الأناة فاتئدوا، ولا أكره لكم الأعذار.
فأبطأ جرير على علي حتى أيس منه. وإن جريراً لما أبطأ عليه معاوية بالبيعة لعلي كلمه في ذلك وقال له: إن هذا الأمر له ما بعده. فدعا معاوية ثقاته واستشارهم فقال له عقبة - وكان نظير معاوية -: استعن في هذا الأمر بعمرو بن العاص فإنه من عرفت، وقد اعتزل عثمان في حياته، وهو لأمرك أشد اتباعاً. فكتب إليه معاوية وعمرو بفلسطين: أما بعد فإنه قد كان من أمر علي وطلحة والزبير ما قد بلغك، وقد سقط الشام مروان بن الحكم في رافضة أهل البصرة، وقد قدم علي جرير بن عبد الله ببيعة علي،
فاقدم علي على بركة الله، فإني قد حبست نفسي، ولا غناء بنا عن رأيك. وإن معاوية قال لجرير: قد رأيت أن أكتب إلى صاحبك أن يجعل لي مصر والشام حياته، فإن حضرته الوفاة لم يجعل لأحد من بعده في عنقي بيعة وأسلم له هذا الأمر، وأكتب إليه بالخلافة. فقال جرير: اكتب ما شئت وأكتب معه إليه. فكتب معاوية بذلك، فلما أتى علياً كتابه عرف أنما هي خديعة منه. وكتب علي إلى جرير: أما بعد فإن معاوية إنما أراد بما طلب أن لا تكون في عنقه بيعة، وأن يختار من أمره ما أحب، وأراد أن يريثك حتى يذوق أهل الشام. وقد كان المغيرة بن شعبة أشار علي وأنا بالمدينة أن أستعمل معاوية على الشام فأبيت ذلك، ولم يكن الله ليراني أن أتخذ المضلين عضداً؛ فإن بايعك وإلا فأقبل. وفشا كتاب معاوية في الناس. فكتب إليه الوليد بن عقبة: من الطويل
معاوي إن الشام شامك فاعتصم ... بشامك لا تدخل عليك الأفاعيا
وحام عليها بالقنابل والقنا ... ولاتك محشوش الذراعين وانيا
فإن علياً ناظر ما تجيبه ... فأهد له حرباً تشيب النواصيا
وإلا فسلم إن في الأمر راحة ... لمن لا يريد الحرب فاختر معاويا
وإن كتاباً يا بن حرب كتبته ... على طمع جان عليك الدواهيا
سألت علياً فيه مالا تناله ... ولو نلته لم يبق إلا لياليا
إلى أن ترى منه التي ليس بعدها ... بقاء فلا تكثر عليك الأمانيا
ومثل علي تعتريه بخدعة ... وقد كان ما جربت من قبل كافيا
ولو نشبت أظفاره فيك مرة ... حذاك ابن هند بعض ما كنت حاذيا
جاء أبو مسلم الخولاني وأناس معه إلى معاوية فقالوا له: أنت تنازع علياً أم أنت مثله؟ فقال معاوية: لا والله إني لأعلم أن علياً أفضل مني، وإنه لأحق بالأمر مني، ولكن ألستم تعلمون أن عثمان قتل مظلوماً وأنا ابن عمه؟ وإنما أطلب بدم عثمان، فأتوه فقولوا له فليدفع إلي قتلة عثمان، وأسلم له. فأتوا علياً فكلموه بذلك، فلم يدفعهم إليهم.
ثم إن علياً كتب إلى معاوية: أما بعد: فقد رأيت الدنيا وتصرفها بأهلها؛ ومن يقس شأن الدنيا بالآخرة يجد بينهما بالآخرة يجد بينهما بوناً بعيداً؛ ثم إنك يا معاوية قد ادعيت أمراً لست من أهله، لا في قديم ولا في حديث، ولست تدعي أمراً بيناً، ولا لك عليه شاهد من كتاب الله عز وجل، ولا عهد من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكيف أنت صانع إذا انقشعت عنك جلابيب ما أنت فيه؟ من أمر دنيا دعتك فأجبتها، وقادتك فاتبعتها وأمرتك فأطعتها! فأي شيء من هذا الأمر وجدته ينجيك؟! ومتى كنتم يا معاوية ساسة الرعية؟ وولاة هذا الأمر؟ بغير قديم حسن، ولا شرف باسق؟ فلا تمكنن الشيطان من بغيته، مع أني أعلم أن الله ورسوله صادقين فيما قالا، فأعوذ بالله من لزوم الشقاء، فإنك يا معاوية مترف قد أخذ الشيطان منك مأخذاً، وجرى منك مجرى. اللهم أحكم بيننا وبين من خالفنا بالحق فأنت خير الحاكمين.
فكتب إليه معاوية: أما بعد يا علي فدعني من أحاديثك واكفف عني من
أساطيرك، فبالكذب غررت من قبلك، وبالخداع استدرجت من عندك، وتوشك أمورك أن تكشف فيعرفوها ويعلموا باطلها، وإن الباطل كان مضمحلاً.
فكتب إليه علي: أما بعد، فطالما دعوت أنت وكثير من أوليائك أولياء الشيطان الحق أساطير، وحاولتم إطفاءه بأفواهكم، ونبذتموه وراء ظهوركم، فأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون ولعمري ليتمن الله نوره بكرهك؛ فعقب من دنياك المنقطعة ما طاب لك، فكأن أجلك قد انقضى، وعملك قد هوى، والسلام على من اتبع الهدى.
ثم إن معاوية بعث إلى عتبة بن أبي سفيان - وكان من أسد قريش رأياً - فقال: إنا قد حبسنا جريراً حتى طمع فينا علي، وإنما حبسته لننظر ما يصنع أهل الشام، فإن تابعوني نبذت إليهم بالحرب، وإن حالفوني بعثت إليهم بالسلم؛ واعلم أن اختلاف القلوب على قدر اختلاف الصور، فلو أصبت رجلاً مصقعاً - يعني خطيباً بليغاً - جمعت أهل الشام على قلب واحد. فقال عتبة: لا يكون إلا يمانياً، وهما رجلان: أحدهما لك والآخر عليك؛ فأما الذي لك فشرحبيل بن السمط، له صحبة وهو عدو لجرير؛ وأما الذي عليك فالأشعث بن قيس، وشرحبيل خير لك من الأشعث لعلي. فعرف معاوية أن قد أتاه بالرأي. وكتب معاوية إلى شرحبيل يسأله القدوم عليه، وهيأ له رجالاً يخبرونه أن علياً قتل عثمان، منهم يزيد بن أسد البجلي، وبسر بن أرطاة، وأبو الأعور السلمي.
فلما جاء كتاب معاوية إلى شرحبيل استشار أهل اليمن - وكان شرحبيل من أهل حمص - فاختلفوا عليه، فقال له عبد الرحمن بن غنم: يا شرحبيل! إن الله أراد بك خيراً، قد هاجرت إلى يومك هذا، ولن ينقطع عنك المزيد من الله عز وجل حتى ينقطع من الناس، ولن يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. إنه قد فشت القالة عن معاوية بقوله إن علياً قتل عثمان، فإن يك فعل فقد بايعه المهاجرون والأنصار، وهم الحكام على الناس، وإن لم يكن فعل فعلى ما يصدق معاوية على علي وهو من قد علمت
فلا تهلكن نفسك وقومك. فأبى شرحبيل إلا أن يسير إلى معاوية. فقدم عليه فقال: إن جريراً قدم علينا يدعونا إلى بيعة علي، وعلي خير الناس لولا أنه قتل عثمان، وقد حبست عليك نفسي، وإنما أنا رجل من أهل الشام، أرضى بما رضوا وأكره ما كرهوا. فقال شرحبيل: أخرج فأنظر في ذلك.
فخرج شرحبيل، فلقيه النفر الذين وطأهم له معاوية، فأخبروه أن علياً قتل عثمان فقبل ذلك، فعاد إلى معاوية فقال له: يا معاوية! أبى الناس إلا أن علياً قتل عثمان، فلئن بايعت علياً ليخرجنك من الشام. فقال معاوية: ما أنا إلا رجل منكم، وما كنت لأخالف عليكم. قال: فاردد الرجل إلى صاحبه. فعرف معاوية أن شرحبيل قد ناصح، وأن أهل الشام معه.
ثم إن شرحبيل أتى حصين بن نمير في منزله، فبعث حصين إلى جرير: إن رأيت أن تأتينا فإن شرحبيل عندنا. فأتاهم جرير فقال له شرحبيل: إنك أتيتنا بأمر ملفف لتلقينا في لهوات الأسد، فأردت أن تخلط الشام بالعراق، وقد أطريت علياً وهو القاتل عثمان، والله سائلك عما قلت يوم القيامة. فقال جرير: أما قولك أني جئت بأمر ملفف، فكيف يكون ملففاً وقد اجتمع عليه المهاجرون والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان، وقاتلوا معه طلحة والزبير؟ وأما قولك أني ألقيك في لهوات الأسد ففي لهواته ألقيت نفسك؛ وأما خلط الشام بالعراق فخلطهما على حق خير من فرقتهما على باطل؛ وأما قولك أن علياً قتل عثمان فو الله ما في يديك من ذلك إلا قذف بالغيب من مكان بعيد، وإن ذلك لباطل، ولكنك ملت إلى الدنيا وأهلها، وأمر كان في نفسك.
فبلغ معاوية قولهما، فبعث إلى شرحبيل فقال له: إنه قد كان من إجابتك إلى الحق ما قد وقع فيه أجرك على الله، وقبله عنك صالح الناس، وإن هذا الأمر لا يتم إلا برضى العامة، فسر في مدائن الشام، فادعهم إلى ذلك وأخبرهم بما أنت عليه.
فسار شرحبيل فبدأ بأهل حمص فدعاهم إلى القيام في ذلك، وقال لهم: إن علياً قتل عثمان وحرضهم عليه وخوفهم منه، وإن معاوية ولي عثمان، فقوموا معه، فأجابه أهل
حمص إلا نفر من نسائكم وقرائهم فإنهم أبوا ولزموا بيوتهم، ثم إن شرحبيل استقوى مدائن الشام بذلك، فجعل لا يأتي قوماً إلا قبلوا ما أتاهم به.
ثم إن علياً كتب إلى جرير: أما بعد، فإذا أتاك كتابي هذا فاحمل معاوية على الفصل، ثم خيره بين حرب مجلية أو سلم مخزية. فإن اختار الحرب فانبذ إليه. فلما انتهى الكتاب إلى جرير أتى معاوية، فأقرأه إياه، فلما علم معاوية أن أهل الشام قد تابعوه، بعث إلى جرير أن الحق بصاحبك فقد أبى الناس إلا ما ترى. فانصرف جرير إلى علي فأخبره الخبر، وإن شرحبيل قدم على معاوية بأهل الشام فقال لمعاوية: ابسط يدك أبايعك على كتاب الله وسنة نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فبايعه وبايعه أهل الشام على ذلك، ثم إن معاوية قام فيهم خطيباً فقال: يا أهل الشام! إن علياً قتل خليفتكم، وفرق الجماعة، وأوقع بأهل البصرة، ولها ما بعدها، وقد تهيأ للمسير إليكم، وإيم الله لا يفل حدكم إلا قوم أصبر منكم، فاصبروا فإن الله مع الصابرين، وقد قال الله عز وجل: " ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً " فأنا ولي عثمان وابن عمه، وأنتم أعواني على ذلك، فأعدوا للحرب وتهيؤوا للقاء. فقام معاوية بن حديج السكوني، وحوشب فقالوا: يا أمير المؤمنين! قد أتتنا أمدادنا على علي فإذا شئت.
ولما ظهر أمر معاوية بالشام وتابعوه على أمره، دعا علي رجلاً فأمره أن يتجهز، وأن يسير إلى دمشق، وأمره إذا دخل إلى دمشق أناخ راحلته بباب المسجد، ثم يدخل المسجد ولا يحط عن راحلته من متاعها شيئاً، ولا يلقي عن نفسه من ثياب السفر شيئاً وقال له: إنك إذا فعلت ورأوا أثر الغربة والسفر عليك، سيسألونك من أين أقبلت؟ فقل من العراق، فإنك إذا قلت ذلك حشدوا إليك وسألوك ما الخبر وراءك؟
فقل لهم: تركت علياً قد نهد إليكم في أهل العراق. فإنهم سيحشدون إليك، ثم انظر ما يكون من أمرهم. قال: فسار الرجل حتى أتى دمشق، ثم دخل المسجد ولم يحلل عن راحلته ولم ينزع عنه شيئاً من ثيابه فلما دخل المسجد، عرفوا أنه غريب، وأنه مسافر، فسألوه: من أين أقبلت؟ فقال: من العراق. فحشدوا إليه فقالوا: ما الخبر وراءك؟ قال: تركت علياً قد حشد إليكم ونهد في أهل العراق. فكثر الناس عليه يسألونه، وبلغ ذلك معاوية، فأرسل إلى أبي الأعور السلمي: ما هذا القادم الذي قد أظهر هذا الخبر؟ انطلق حتى تكون أنت الذي تشافهه وتسأله، ثم ائتني بالخبر، فأتاه أبو الأعور فساءله فأخبره، فأتى معاوية فأخبره بأن الأمر على ما انتهى إليك؛ فقال لأبي الأعور: ناد في الناس الصلاة جامعة. فنادى في الناس فجاء الناس فقيل لمعاوية شحن الناس المسجد وامتلأ منهم فخرج معاوية فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس! إن علياً قد نهد إليكم في أهل العراق فما الرأي؟ فضرب الناس بأذقانهم على صدورهم ولم يرفع إليه أحد طرفه، ولم يتكلم منهم متكلم، فقام ذو الكلاع الحميري فقال: يا أمير المؤمنين! عليك الرأي وعلينا ام فعال - قال: وهي بالحميرية يعني الفعال - فنزل معاوية عن المنبر وأمر أبا الأعور السلمي أن ينادي في الناس: أن اخرجوا إلى معسكركم، فإن أمير المؤمنين قد أجلكم ثلاثاً، فمن تخلف فقد أحل بنفسه.
فخرج رسول علي فرجع إليه، فأخبره الخبر، فأمر علي قنبراً فنادى: الصلاة جامعة، فاجتمع الناس في المسجد، وصعد علي المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس إن رسولي الذي أرسلته إلى الشام قد قدم علي وأخبرني أن معاوية قد نهد إليكم في أهل الشام، فما الرأي؟ قال: فأضب أهل المسجد يقولون: يا أمير المؤمنين! الرأي كذا، يا أمير المؤمنين! الرأي كذا. فلم يفهم علي كلامهم من كثرة من تكلم، ولم يدر
المصيب من المخطئ. فنزل عن المنبر وهو يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون. ذهب بها ابن أكالة الأكباد - يعني معاوية.
قال الأعمش: حدثني من رأى علياً يوم صفين يصفق بيديه ويعض عليهما ويقول: يا عجباً! أعصى ويطاع معاوية!.
وعن علي قال: قنت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أربعين ليلة دعا على حي من أحياء العرب.
وقال علي: لا أزيد على قنوت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فقنت أربعين ليلة يدعو على معاوية بن أبي سفيان.
وعن أبي عبيدة قال: قال معاوية: لقد وضعت رجلي في الركاب وهممت يوم صفين بالهزيمة، فما منعني إلا قول ابن الإطنابة حيث يقول: من الوافر
أبت لي عفتي وأبى بلائي ... وأخذي الحمد بالثمن الربيح
وإكراهي على المكروه نفسي ... وضربي هامة البطل المشيح
وقولي كلما جشأت وجاشت ... مكانك تحمدي أو تستريحي
قال علي بن المديني: سمعت سفيان يقول: ما كانت في علي خصلة تقصر به عن الخلافة، ولا كانت في معاوية خصلة ينازع علياً بها.
قال إبراهيم بن سويد: قلت لأحمد بن حنبل: من الخلفاء؟ قال: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي. قلت:
فمعاوية؟ قال: لم يكن أحد أحق بالخلافة في زمان علي من علي رضي الله عنه، ورحم اله معاوية.
قال محمد بن سعيد: ذكر قوم معاوية عند شريك، فقال بعضهم: كان حليماً. فقال: ليس بحليم من سفه الحق وقاتل علي بن أبي طالب.
قال يزيد بن الأصم: لما وقع الصلح بين علي ومعاوية خرج علي فمشى في قتلاه فقال: هؤلاء في الجنة. ثم مشى في قتلى معاوية فقال: هؤلاء في الجنة، وليصير الأمر إلي وإلى معاوية، فيحكم لي ويغفر لمعاوية؛ هكذا خبرني حبيبي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أول من يختصم في هذه الأمة بين يدي الرب علي ومعاوية، وأول من يدخل الجنة أبو بكر وعمر.
قال ابن عباس: كنت جالساً عند النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعنده أبو بكر وعمر وعثمان ومعاوية إذ أقبل علي بن أبي طالب فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمعاوية: أتحب علياً يا معاوية؟ فقال معاوية: إي والله الذي لا إله إلا هو إني لأحبه في الله حباً شديداً. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنها ستكون بينكم هنيهة. قال معاوية: ما يكون بعد ذلك يا رسول الله؟ فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عفر الله ورضوانه، والدخول إلى الجنة. قال معاوية: رضينا بقضاء الله. فعند ذلك نزلت هذه الآية: " ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل مايريد ".
وعن عمر بن عبد العزيز قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأبو بكر وعمر جالسان عنده، فسلمت وجلست، فبينا أنا
جالس إذ أتي بعلي ومعاوية، فأدخلا بيتاً وأجيف عليهم الباب وأنا أنظر، فما كان بأسرع أن خرج علي وهو يقول: قضي لي ورب الكعبة. ثم ما كان بأسرع من أن خرج معاوية وهو يقول غفر لي ورب الكعبة.
قال أبو القاسم ابن أخي أبي زرعة الرازي: جاء رجل إلى عمي أبي زرعة فقال له: يا أبا زرعة! أنا أبغض معاوية. قال: لم؟ قال: لأنه قاتل علي بن أبي طالب. فقال له عمي: إن رب معاوية رب رحيم، وخصم معاوية خصم كريم، فأيش دخولك أنت بينهما رضي الله عنهم أجمعين؟.
سأل رجل أحمد بن حنبل عما جرى بين علي ومعاوية، فأعرض عنه، فقيل له: يا أبا عبد الله! هو رجل من بني هاشم، فأقبل عليه فقال: اقرأ: " تلك أمة قد خلت، لها ما كسبت ولكم ما كسبتم، ولا تسألون عما كانوا يعلمون ".
سأل النضر أبو عمر الحسن فقال: أبو بكر أفضل أم علي؟ قال: سبحان الله! ولا سواء سبقت لعلي سوابق شركه فيها أبو بكر، وأحدث علي أحداثاً لم يشركه فيها أبو بكر، أبو بكر أفضل. قال: فعمر أفضل أم علي؟ فذكر مثل قوله الأول. قال: عمر أفضل. قال: فعلي أفضل أم عثمان؟ فذكر مثل قوله الأول ثم قال: عثمان أفضل. فطمع السائل قال: علي أفضل أم معاوية؟ قال: سبحان الله! ولا سواء، سبقت لعلي سوابق لم يشركه فيها معاوية وأحدث علي أحداثاً شركه معاوية في أحداثه، علي أفضل من معاوية.
قال مغيرة: لما جاء قتل علي إلى معاوية جعل يبكي ويسترجع، فقالت له امرأته: تبكي عليه وقد كنت تقاتله؟! فقال لها: ويحك! إنك لا تدرين ما فقد الناس من الفضل والفقه والعلم.
قال معاوية: ما روى أحد في الأمور ترويتي قط، إذا استلقيت على قفاي ووضعت إحدى رجلي على الأخرى؛ وما باده الأمور مثل عمرو بن العاص؛ وما رميت في مصممة مثل أبي الحسن علي بن أبي طالب قط.
وعن أنس بن مالك قال:
تعاهد ثلاثة رهط من أهل العراق على قتل معاوية وعمرو بن العاص وحبيب بن مسلمة: فأقبلوا بعدما بويع معاوية على الخلافة حتى قدموا إيلياء يصلون من السحر ما قدر لهم، ثم سألوا بعض من حضر المسجد من أهل الشام عن ساعة يوافون فيها خلوة أمير المؤمنين وهو لنا فارغ وقالوا: إنا رهط من أهل العراق أصابنا غرم في أعطياتنا، فنريد أن نكلم أمير المؤمنين وهو لنا فارغ. فقالوا لهم: امهلوا حتى إذا ركب دابته فاعرضوا له فكلموه، فإنه يقف عليكم حتى تفرغوا من كلامه في حاجتكم. فعجلوا ذلك، فلما خرج معاوية لصلاة الفجر كبر، فلما سجد السجدة الأولى، انبطح أحدهم على ظهر الحرسي الساجد بينه وبين أمير المؤمنين، حتى طعن معاوية في مأكمته بخنجر في يده، فانصرف معاوية وقال للناس: أتموا صلاتكم.
وأخذ الرجل فأوثق منه، فدخل معاوية ودعي له الطبيب، فقال له الطبيب: إن لم يكن هذا الخنجر مسموماً فليس عليك بأس. فأعد الطبيب عقاقيره التي يشرب إن كان مسموماً، ثم أمر من يعرفها من تباعه أن يسقيه إن عقل لسانه حتى يلحس، ثم لحس الخنجر فلم يجده مسموماً، فكبر وكبر من عنده، فخرج خارجة - وهو أحد بني عدي إلى الناس من عند معاوية فقال: هذا أمر عظيم ليس بأمير المؤمنين بأس، فحمد الله وأخذ
يذكر الناس فشد عليه الحروريون الباقون بالسيف يحسبونه عمرو بن العاص، فضربه على الذؤابة فقتله، فرماه الناس بالثياب وتعاووا عليه حتى أخذوه وأوثقوه، واستل الثالث السيف فشد على أهل المسجد، فانكشف الناس، وصبر له سعيد بن مالك بن شهاب وعليه ممطر، تحته السبف مشرجاً على قائمه، فأدخل يده في الممطر يحل شرج السيف، فلم يفض لحله حتى غشيه الحروري، فنحاه لمنكبه الأيسر، فضربه الحروري ضربة خالطت سحره، ثم استل سعيد السيف فاختلف هو والحروري ضربتين، فضربه الحروري على عينه اليسرى ضربة ذهبت عينه، وضربه سعيد فطرح يمينه والسيف، ثم علاه سعيد بالسيف فقتل الحروري، ونزف سعيد فاحتمل نزيفاً، فدووي ثلاثين ليلة ثم توفي وهو يخبر من دخل عليه: أم والله لو شئت لانحزت مع الناس، ولكني تحرجت أن أوليه ظهري ومعي السيف. فدخل رجل من كلب على الذي طعن معاوية فقال: هذا طعن معاوية؟ قالوا: نعم. فامتلخ السيف فضرب عنقه، وأخذ الكلبي فسجن. وقالوا: قد اتهمت بنفسك. قال: إنما قتلته غضباً لله. فلما سئل عنه فوجد بريئاً أرسل، ودفع قاتل خارجة إلى أوليائه من بني عدي بن كعب، فقطعوا يده ورجله، وسمروا عينه، ثم حملوه حتى حلوا به العراق، فعاش كذلك حيناً، ثم تزوج امرأة فولدت له غلاماً فسمعوا به قد ولد له غلام، فقالوا: لقد عجزنا حين
يترك قاتل خارجة يولد له الغلمان. فكلموا فيه معاوية، فأذن لهم في قتله فقتلوه، وقال الحروري الذي قتل خارجة حين ذكر له أنه قتل خارجة: أما والله ما أردت إلا عمرو بن العاص. فقال عمرو حين بلغته كلمته: ولكن أراد الله خارجة.
قال الدارقطني: البرك بن عبد الله الخارجي هو الذي أراد قتل معاوية، فضربه بالسيف ففلق أليته.
وهو بضم الباء وفتح الراء.
وعن عمر قال: هذا الأمر في أهل بدر ما بقي منهم أحد، ثم في أهل أحد ما بقي منهم أحد، وفي كذا وفي كذا، وليس فيها الطليق ولا لولد طليق ولا لمسلمة الفتح شيء.
قال الأسود بن يزيد: قلت لعائشة رضوان الله عليها: ألا تعجبين لرجل من الطلقاء ينازع أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الخلافة!؟ قالت: وما تعجب من ذلك؟ هو سلطان الله يؤتيه البر والفاجر؛ وقد ملك فرعون أهل مصر أربع مئة سنة.
وعن هزيل بن شرحبيل قال: صعد معاوية المنبر فقال: يا أيها الناس! ومن كان أحق بهذا الأمر مني؟ وهل بقي أحد أحق بهذا الأمر مني؟.
قال سعيد بن عبد العزيز: كان علي بالعراق يدعى أمير المؤمنين، وكان معاوية بالشام يدعى الأمير، فلما مات علي دعي معاوية بالشام أمير المؤمنين.
قال الليث بن سعد: بويع معاوية بإيلياء في رمضان بيعة الجماعة، ودخل الكوفة سنة أربعين، وهو عام الجماعة. وقيل كان دخوله سنة إحدى وأربعين، وبويع بأذرح، بايعه الحسن بن علي.
وقيل: إن أهل الشام بايعوا معاوية سنة سبع وثلاثين.
وكان نقش خاتم معاوية: لكل عمل ثواب. وقيل: لا قوة إلا بالله.
وكان آخر ما تكلم به معاوية: اتقوا الله فإنه لا يقين لمن لا يتقي الله.
وعن الزهري:
أن معاوية عمل سنتين ما يخرم عمل عمر، ثم إنه بعد.
وعن سعيد بن سويد قال: صلى بنا معاوية بالنخيلة الجمعة في الضحى، ثم خطبنا فقال: ما قاتلتكم لتصوموا ولا لتصلوا ولا لتحجوا ولا لتزكوا، قد عرفت أنكم تفعلون ذلك، ولكن إنما قاتلتكم لأتأمر عليكم، فقد أعطاني الله ذلك وأنتم كارهون.
قال سفيان بن الليل: قلت للحسن بن علي لما قدم من الكوفة إلى المدينة: يا مذل المؤمنين. قال: لا تقل ذاك، فإني سمعت أبي يقول: لا تذهب الأيام والليالي حتى يملك معاوية. فعلمت أن أمر الله واقع، فكرهت أن تهراق بيني وبينه دماء المسلمين.
قال الشعبي: قيل للحارث الأعور: ما حمل الحسن بن علي على أن يبايع لمعاوية وله الأمر؟ قال: إنه سمع علياً يقول: لا تكرهوا إمرة معاوية.
وعن الحارث قال: لما رجع علي من صفين علم أنه لا يملك، فتكلم بأشياء لم يكن يتكلم بها قبل ذلك، وقال أشياء لم يكن يقولها قبل ذلك، فقال: يا أيها الناس! لا تكرهوا إمارة معاوية، فو الله لو فقدتموه لقد رأيتم الرؤوس تندر من كواهلها كالحنظل.
وعن أبي الدرداء أنه قال: لا مدينة بعد عثمان ولا رخاء بعد معاوية.
ولما قدم معاوية المدينة يريد الحج دخل على عائشة فكلمها خاليين، لم يشهد كلامهما إلا ذكوان أبو عمرو مولى عائشة، فقالت له عائشة: أمنت أن أخبأ لك رجلاً يقتلك بقتلك أخي محمداً؟ قال معاوية: صدقت. فكلمها معاوية، فلما قضى كلامه تشهدت عائشة ثم ذكرت ما بعث الله به نبيه من الهدى ودين الحق، والذي سن الخلفاء بعده، وحضت معاوية على اتباع أمرهم فقالت في ذلك فلم تترك، فلما قضت مقالتها قال لها معاوية: أنت والله العالمة بأمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المناصحة المشفقة، البليغة الموعظة، حضضت على الخير وأمرت به، ولم تأمرينا إلا بالذي هو لنا، وأنت أهل أن تطاعي. فتكلمت هي ومعاوية كلاماً كثيراً. فلما قدم معاوية اتكأ على ذكوان، قال: والله ما سمعت خطيباً ليس رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبلغ من عائشة.
ولما قدم معاوية المدينة أرسل إلى عائشة رضوان الله عليها، أن أرسلي إلي
بأنبجانية رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وشعره، فأرسلت به، فأخذ الأنبجانية فلبسها، وأخذ شعره، فدعا بماء فغسله فشربه وأفاض على جلده.
قال الشعبي: لما قدم معاوية المدينة عام الجماعة تلقته رجال من وجوه قريش فقالوا: الحمد لله الذي أعز نصرك وأعلى أمرك. فما رد عليهم جواباً حتى دخل المدينة، فقصد المسجد وعلا المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإني والله ما وليت أمركم حين وليته إلا وأنا أعلم أنكم لا تسرون بولايتي ولا تحبونها، وإني لعالم بما في نفوسكم، ولكني خالستكم بسيفي هذا مخالسة، ولقد رمت نفسي على عمل ابن أبي قحافة فلم أجدها تقوم بذلك، وأردتها على عمل ابن الخطاب فكانت عنه أشد نفوراً، وحاولتها على مثل سنيات عثمان فأبت علي، وأين مثل هؤلاء؟ هيهات أن يدرك فضلهم أحد ممن بعدهم! رحمة الله ورضوانه عليهم، غير أني قد سلكت بها طريقاً لي فيه منفعة ولكم فيه مثل ذلك، ولكل فيه مؤاكلة حسنة، ومشاربة جميلة، ما استقامت السيرة وحسنت الطاعة، فإن لم تجدوني خيركم فأنا خيركم لكم؛ والله لا أحمل السيف على من لا سيف معه، ومهما تقدم مما قد علمتموه فقد جعلته دبر أذني، وإن لم تجدوني أقوم بحقكم كله فارضوا مني ببعضه، فإنها ليست بقائبة قوبها، وإن السيل إذا جاء يترى وإن قل أغثى. وإياكم والفتنة فلا تهموا بها فإنها تفسد المعيشة وتكدر النعمة، وتورث الأستئصال. وأستغفر الله لي ولكم. ثم نزل.
وعن صالح بن كيسان: أن معاوية قدم المدينة أول حجة حجها بعد اجتماع الناس عليه، فلقيه الحسن والحسين ورجال من قريش، فتوجه إلى دار عثمان بن عفان، فلما دنا إلى باب الدار صاحت عائشة ابنة عثمان وندبت أباها فقال معاوية لمن معه: انصرفوا إلى منازلكم، فإن لي حاجة في هذه الدار. فانصرفوا ودخل فسكن عائشة وأمرها بالكف وقال لها: يا بنة أخي، إن الناس أعطونا سلطاناً فأظهرنا لهم حلماً تحته غضب، وأظهروا لنا طاعة تحتها حقد، فبعناهم هذا وباعونا هذا، فإن أعطيناهم غير ما اشتروا شحوا على حقهم، ومع كل إنسان منهم شيعة، وهو يرى مكان شيعتهم، فإن نكثنا به نكثوا بنا، ثم لا ندري أتكون لنا الدائرة أم علينا، وأن تكوني ابنة عمر أمير المؤمنين خير من أن تكوني أمة من إماء المسلمين. ونعم الخلف أنا لك بعد أبيك والسلام.
وعن أبي سعيد أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: إذا رأيتم معاوية على هذه الأعواد فاقتلوه. فقام إليه رجل من الأنصار وهو يخطب بالسيف، فقال أبو سعيد: ما تصنع؟ قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: إذا رأيتم معاوية يخطب على الأعواد فاقتلوه. فقال له أبو سعيد: إنا قد سمعنا ما سمعت، ولكنا نكره أن يسل السيف على عهد عمر حتى نستأمره. فكتبوا إلى عمر في ذلك، فجاء موته قبل أن يجيء جوابه.
وعنه أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه.
قال حماد بن زيد: قيل لأيوب: إن عمرو بن عبيد روى عن الحسن أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: إذا رأيتم معاوية على المنبر فاقتلوه. فقال: كذب عمرو.
وروي عن جابر قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إذا رأيتم معاوية يخطب على منبري فاقبلوه، فإنه أمين مأمون.
في إسناده إنكار.
قال الأوزاعي: أدركت خلافة معاوية عدة من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، منهم سعد، وأسامة، وجابر، وابن عمر، وزيد بن ثابت، ومسلمة بن مخلد، وأبو سعيد، ورافع بن خديج، وأبو أمامة، وأنس بن مالك ورجال أكثر من سمينا بأضعاف مضاعفة، كانوا مصابيح الهدى وأوعية العلم، حضروا من الكتاب تنزيله، وأخذوا عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تأويله؛ ومن التابعين لهم بإحسان إن شاء الله، منهم المسور بن مخرمة، وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث، وسعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وعبد الله بن محيريز، في أشباه لهم لم ينزعوا يداً عن مجامعة في أمة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وعن سعيد بن عبد العزيز قال: لما قتل عثمان واختلف الناس، لم تكن للناس غازية ولا صائفة حتى اجتمعت الأمة على معاوية سنة أربعين، وهي سنة الجماعة. فأغزى معاوية الصوائف وشتاهم بأرض الروم، ستة عشر صائفة، تصيف بها وتشتو، ثم تقفل وتدخل معقبتها. ثم أغزاهم معاوية ابنه يزيد في سنة خمس وخمسين، في جماعة من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في البر والبحر، حتى أجاز بهم الخليج، وقاتلوا أهل القسطنطينية على بابها. ثم قفل.
قال سعد بن أبي وقاص: ما رأيت أحداً بعد عثمان أقضى بحق من صاحب هذا الباب - يعني معاوية.
قدم المسور بن مخرمة وافداً على معاوية، فقضى حاجته ثم دعاه، فأخلاه فقال: يا مسور! ما فعل طعنك على الأئمة؟ فقال المسور: دعنا من هذا وأحسن فيما قدمنا له. قال معاوية: لا والله لتكلمن بذات نفسك، والذي تعيب علي. قال المسور: فلم أترك
شيئاً أعيبه عليه إلا بينته له. قال معاوية - لا برئ من الذنب -: فهل تعد يا مسور ما نلي من الإصلاح في أمر العامة؟ فإن الحسنة بعشر أمثالها؛ أم تعد الذنوب وتترك الحسنات؟ قال المسور: لا والله ما نذكر إلا ما نرى من هذه الذنوب. قال معاوية: فإنا نعترف لله بكل ذنب أذنبناه، فهل لك يا مسور ذنوب في خاصتك تخشى أن تهلكك إن لم يغفرها الله؟ قال مسور: نعم. قال معاوية: فما يجعلك أحق أن ترجو المغفرة مني، فو الله لما ألي من الإصلاح أكثر مما تلي، ولكني والله لا أخير بين أمرين بين الله، وبين غيره إلا اخترت الله على ما سواه، وأنا على دين يقبل الله فيه العمل، ويجزي فيه بالحسنات، ويجزي فيه بالذنوب، إلا أن يعفو عمن شاء، فأنا أحتسب كل حسنة عملتها بأضعافها، وإذا رأى أموراً عظاماً لا أحصيها ولا يحصيها من عمل لله في إقامة صلوات المسلمين، والجهاد في سبيل الله، والحكم بما أنزل الله؛ والأمور التي ليست تحصيها وإن عددتها لك؛ فتفكر في ذلك، قال المسور: فعرفت أن معاوية قد خصمني حين ذكر لي ما ذكر.
قال عروة: فلم نسمع المسور بعد ذلك يذكر معاوية إلا صلى عليه.
قال ثابت مولى سفيان: سمعت معاوية وهو يقول: إني لست بخيركم، وإن فيكم من هو خير مني، عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، وغيرهما من الأفاضل، ولكني عسيت أن أكون أنكاكم في عدوكم وأنعمكم لكم ولاية، وأحسنكم خلقاً.
وفي رواية: أن أكون أنفعكم ولاية وأدركم حلباً.
قال يونس بن حلبس: سمعت معاوية على منبر دمشق يوم الجمعة يقول: يا أيها الناس! اعقلوا قولي، فلن تجدوا أعلم بأمور الدنيا والآخرة مني، أقيموا وجوهكم وصفوفكم في الصلاة، فلتقيمن وجوهكم وصفوفكم في الصلاة، أو ليخالفن الله بين قلوبكم. خذوا على أيدي سفهائكم، فلتأخذن
على أيدي سفهائكم، أو ليسلطن الله عليكم، فليسومنكم سوء العذاب. تصدقوا، ولا يقول الرجل إني مقل، فإن صدقة المقل أفضل من صدقة الغني. إياي وقذف المحصنات، وأن يقول الرجل سمعت وبلغني، فلو قذف امرأة على عهد نوح لسئل عنها يوم القيامة.
وعنه قال: سمعت معاوية على منبر دمشق يقول: يا أهل قردا! يا أهل زاكية! يا داني البثنية! الجمعة الجمعة.
وربما قال: يا أهل فنن! يا قاصي الغوطة! الجمعة الجمعة، لا تدعوها.
وعن أيوب بن ميسرة: أن معاوية كان يبعث حرساً من حرسه إلى كناكر وزاكية وقردا فيقول: إن هذا يوم عاشوراء، وكان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصومه ونحن صائمون، فمن أحب أن يصومه فليصمه.
وعن ابن أبي ملكية قال: أوتر معاوية بعد العشاء بركعة، وعنده مولى لابن عباس، فأتى ابن عباس فأخبره بذلك، فقال: دعه فإنه قد صحب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وفي رواية أن ابن عباس قال: أصاب أي بني! ليس أحد منا أعلم من معاوية، هي واحدة، أو خمس، أو سبع، إلى أكثر من ذلك، الوتر ما شاء.
وفي رواية: أنه قيل لابن عباس: إن معاوية لم يوتر حتى أصبح، فأوتر بركعة. فقال: إن أمير المؤمنين عالم.
وعن القاسم بن محمد قال: قال معاوية: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إذا صلى الأمير جالساً فصلوا جلوساً.
قال القاسم: فتعجب الناس من صدق معاوية! قال البيهقي: فهذا جعفر بن محمد يرويه ويصدق القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، فيما يحكيه من تصديق الناس معاوية، والناس إذ ذاك، من بقي من الصحابة، ثم أكابر التابعين، ونحن نزعم أنه كان منسوخاً.
وعن محمد بن سيرين قال: كان معاوية لايتهم في الحديث عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وكان معاوية قليل الحديث عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال رجاء بن حيوة: كان معاوية ينهى عن الحديث يقول: لا تحدثوا عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال: وما سمعته يروي عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا يوماً واحداً.
وعن أبي قبيل حيي بن هانئ:
أن معاوية صعد المنبر يوم الجمعة فقال عند خطبته: أيها الناس! إن المال مالنا، والفيء فيئنا، من شئنا أعطيناه، ومن شئنا منعناه. فلم يحبه أحد. فلما كان الجمعة الثانية قال مثل ذلك، فلم يجبه أحد. فلما كانت الجمعة الثالثة قال مثل مقالته، فقام إليه رجل ممن حضر المسجد فقال: يا معاوية! كلا، إنما المال مالنا، والفيء فيئنا، من حال
بيننا وبينه حاكمناه إلى الله بأسيافنا. فنزل معاوية، فأرسل إلى الرجل، فأدخل عليه فقال القوم: هلك الرجل. ففتح معاوية الأبواب، فدخل الناس عليه، فوجدوا الرجل معه على السرير، فقال معاوية للناس إن هذا أحياني أحياه الله، سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: سيكون أئمة من بعدي، يقولون فلا يرد عليهم قولهم، يتقاحمون في النار كما تقاحم القردة. وإني تكلمت أول جمعة فلم يرد علي أحد، فخشيت أن أكون منهم؛ ثم تكلمت الثانية فلم يرد علي أحد، فقلت في نفسي: إني من القوم. فتكلمت الجمعة الثالثة، فقام هذا الرجل فرد علي، فأحياني أحياه الله، فرجوت أن يخرجني الله منهم. فأعطاه وأجازه.
قيل: إن هذا القائل لمعاوية هذا القول أبو بحرية عبد الله بن قيس السكوني.
وعن أبي مسلم الخولاني عن معاوية: أنه خطب الناس، وقد حبس العطاء شهرين أو ثلاثة، فقال له أبو مسلم: يا معاوية! إن هذا المال ليس بمالك ولا مال أبيك ولا مال أمك. فأشار معاوية إلى الناس أن امكثوا؛ فنزل واغتسل، ثم رجع فقال: أيها الناس! إن أبا مسلم ذكر أن هذا المال ليس بمالي ولا مال أبي ولا مال أمي، وصدق أبو مسلم، إني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: الغضب من الشيطان والشيطان من النار، والماء يطفئ النار، فإذا غضب أحدكم فليغتسل. اغدوا على عطائكم على بركة الله عز وجل.
وعن عطية بن قيس قال: خطبنا معاوية فقال: إن في بيت مالكم فضلاً عن عطائكم، وإني قاسم بينكم ذلك، فإن كان فيه قابلاً فضل قسمته عليكم، وإلا فلا عتيبة علي، فإنه ليس مالي، وإنما هو فيء الله الذي أفاء عليكم.
وعن قتادة قال: لما انتهى كتاب الحكم بن عمرو إلى زياد كتب بذلك إلى معاوية، وجعل كتاب الحكم في جوف كتابه، فلما قدم الكتاب على معاوية خرج إلى الناس فأخبرهم بكتاب زياد وصنيع الحكم فقال: ما ترون؟ فقال بعضهم: أرى أن تصلبه. وقال بعضهم: أرى أن تقطع يديه ورجليه. وقال بعضهم: أرى أن تغرمه المال الذي أعطي. فقال معاوية: لبئس الوزراء أنتم! لوزراء فرعون كانوا خيراً منكم، أتأمروني أن أعمد إلى رجل آثر كتاب الله تعالى على كتابي، وسنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على سنتي، فأقطع يديه ورجليه؟! بل أحسن وأجمل وأصاب! فكانت هذه مما يعد من مناقب معاوية.
قال أبو قبيل: كان معاوية قد جعل في كل قبيل رجلاً، وكان رجل منا يكنى أبا الجيش، يصيح في كل يوم، فيدور على المجالس: هل ولد فيكم الليلة ولد؟ هل حدث الليلة حدث؟ هل نزل بكم اليوم نازل؟ فيقولون: ولد لفلان غلام، ولفلان. فيقول: فما سمي؟ فيقال له، فيكتب، فيقول: هل نزل بكم الليلة نازل؟ فيقولون: نعم، نزل رجل من أهل اليمن، يسمونه وعياله، فإذا فرغ من القبيل كله أتى الديوان فأوقع أسماءهم في الديوان.
قال عبيد بن سلمان الطابخي: كنت جالساً عند معاوية، فرأيته متواضعاً، ولم أر له سياطاً غير مخاريق كمخاريق الصبيان، من رقاع قد فتلت يفقعون بها.
قال يونس بن حلبس: رأيت معاوية في سوق دمشق، على بغلة له، وخلفه وصيف قد أردفه، عليه قميص مرقوع الجيب، وهو يسير في أسواق دمشق.
قال أبو إسحاق: ما رأيت بعد معاوية مثله. قال أبو بكر: وما ذكر عمر بن عبد العزيز! وفي رواية: وما استثنى أبو إسحاق عمر بن عبد العزيز! وقال مجاهد: لو رأيتم معاوية لقلتم هذا المهدي.
وعن العتبي قال: قال معاوية: لا أضع لساني حيث يكفيني مالي، ولا أضع سوطي حيث يكفيني لساني، ولا أضع سيفي حيث يكفيني سوطي. فإذا لم أجد من السيف بداً ركبته.
وعنه، قال معاوية: أفضل ما أعطي الرجل العقل والحلم، وإذا ذكر ذكر، وإذا أعطي شكر، وإذا ابتلي صبر، وإذا غضب كظم، وإذا قدر غفر، وإذا أساء استغفر، وإذا وعد أنجز.
وعن ابن عمر قال: ما رأيت أحداً بعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أسود من معاوية.
وعنه قال:
ما رأيت أحداً كان أسود من معاوية! قال: قلت: ولا عمر؟ قال: كان عمر خيراً من معاوية، وكان معاوية أسود منه.
وفي حديث: قلت: هو كان أسود من أبي بكر؟ قال: أبو بكر كان خيراً منه، وكان هو أسود منه. قلت: فهو كان أسود من عمر؟ قال: عمر والله كان خيراً منه، وكان
هو أسود منه. قلت: هو كان أسود من عثمان؟ قال: رحمة الله على عثمان، كان خيراً منه وهو أسود من عثمان.
وعن ابن عباس قال: ما رأيت أحداً أخلق للملك من معاوية! كان الناس يردون منه أرجاء واد رحب، ليس بالضيق الحصر العصعص المتغضب - يعني ابن الزبير.
زاد في رواية: العقص ابن الزبير.
قوله: يردون منه أرجاء واد رحب: شبهه بواد واسع لا يضيق على من ورده للشرب. والرجا: حرفه وشفيره. والحصر: الممسك البخيل.
والحصور: الضيق من الرجال. والعقص: السيئ الخلق، والمتلوي العسر. وفيه لغة أخرى: عكص، والشكس مثله.
قال جعدة بن هبيرة لجلسائه وعواده: إني قد علمت ما لم تعلموا، وأدركت ما لم تدركوا، وإنه سيجيء بعد هذا - يعني معاوية - أمراء ليسوا من رجاله، ولا من ضربائه، ليس فيهم إلا أصعر أو أبتر، حتى تقوم الساعة. هذا السلطان سلطان الله جعله، وليس أنتم تجعلونه، ألا وإن للراعي على الرعية حقاً، وللرعية على الراعي حق، فأدوا إليهم حقهم، وإن ظلموكم فكلوهم إلى الله تبارك وتعالى، فإنكم وإياهم تختصمون يوم القيامة، ألا وإن الخصم لصاحبه الذي أدى إليه الحق الذي عليه في الدنيا ثم قرأ: "
فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين ". حتى بلغ: " والوزن يومئذ القسط " وكذا قرأ " القسط ".
قال كعب: لن يملك أحد من هذه الأمة ما ملك معاوية.
قال معاوية: أنا أول الملوك.
وقال: أنا أول ملك وآخر خليفة.
وعن ابن عمر قال: معاوية من أحلم الناس. قالوا: يا أبا عبد الرحمن! وأبو بكر؟ قال: أبو بكر خير من معاوية، ومعاوية من أحلم الناس.
قال مسلمة بن محارب: ذكر عبد الملك يوماً معاوية فقال: ما رأيت مثل ابن هند في حلمه واحتماله وكرمه! لقد خرج حاجبه في يوم رهان إلى المقصورة، وأنا وحدي فيها، فنظر إلي، ثم دخل وخرج معاوية، فقمت إليه فتوكأ علي حتى انتهى إلى الخيل، فأرسلت، فسبق، ثم خرج في الحلبة الأخرى، وصنع مثلها فسبق، ثم خرج في الحلبة الثالثة، فخفت أن يتشاءم بي فتنحيت، فطلبني فجئت، وتوكأ علي، وأجرى الخيل فسبق، فأقبل علي فقال: يا بن مروان، هكذا القرح، هات حوائجك. قلت: ما لي حاجة. قال: عزمت عليك. فما سألته شيئاً إلا أنعم لي وأضعف.
قال قبيصة بن جابر: ما رأيت رجلاً أعظم حلماً، ولا أكثر سؤدداً، ولا ألين مخرجاً في أمر من معاوية.
وقال: أيضاً: صحبت معاوية بن أبي سفيان، فما رأيت رجلاً أثقل حلماً، ولا أبطأ جهلاً، ولا أبعد أناة منه! وعن معاوية أنه قال: إني لأرفع نفسي أن يكون ذنب أوزن من حلمي.
أسمع رجل مرة معاوية كلاماً شديداً غضب منه أهله، فقيل له: لو سطوت عليه لكان له نكالاً، قال: إني لأستحي أن يضيق حلمي عن ذنب أحد من رعيتي.
قال رجل لمعاوية: يا أمير المؤمنين ما أحملك! قال: إني لأستحي أن يكون جرم رجل أعظم من حلمي.
وعن سفيان قال: قال معاوية: إني لأستحي أن يكون ذنب أعظم من عفوي، أو يكون جهل أكثر من حلمي، أو تكون عورة لا أواريها بستري.
وقال معاوية: ما شيء أحمد عاقبة من جرعة غيظ أتجرعها.
خرج الحسين من عند معاوية، فلقي ابن الزبير، والحسين مغضب، فذكر الحسين أن معاوية ظلمه في حق له، فقال له الحسين: أخيره في ثلاث خصال، والرابعة الصيلم: أن يجعلك أو ابن عمر بيني وبينه، أو يقر بحقي ثم يسألني فأهبه له، أو يشتريه مني، فإن لم يفعل فو الذي نفسي بيده لأهتفن بحلف الفضول.
فقال
ابن الزبير: والذي نفسي بيده لئن هتف به وأنا قاعد لأقومن، أو قائم لأمشين، أو ماش لأشتدن، حتى تفنى روحي مع روحك، أو ينصفك. ثم ذهب ابن الزبير إلى معاوية فقال: لقيني الحسين فخيرني في ثلاث خصال، والرابعة الصيلم. قال معاوية: لا حاجة لنا بالصيلم، إنك لقيته مغضباً، فهات الثلاث خصال. قال: تجعلني أو ابن عمر بينك وبينه. فقال: قد جعلتك بيني وبينه أو ابن عمر، أو جعلتكما جميعاً. قال: أو تقر له بحقه. قال: فأنا أقر له بحقه وأسأله إياه. قال: أو تشتريه منه. قال: فأنا أشتريه منه. قال: فلما انتهى إلى الرابعة قال لمعاوية كما قال للحسين: إن دعاني إلى حلف الفضول أجبته. قال معاوية: لا حاجة لنا بهذه. قال: وبلغني أن عبد الرحمن بن أبي بكر ومسور بن مخرمة قالا للحسين مثل قول ابن الزبير، فبلغ ذلك معاوية وعنده جبير بن مطعم، فقال له معاوية: يا أبا محمد! كنا في حلف الفضول. قال له جبير: لا.
وحكى الزبير نحو هذه القصة للحسن بن علي مع معاوية.
قال العتبي: قدم معاوية المدينة، فخرج إلى العقيق وخرج الناس إليه، فضربت له أبنية، فجاء
أبو غليط بن عتبة بن أبي لهب، فعمد إلى جمل أجرب، فهنأه بالقطران، وركب وأداره في الشمس حتى هرج، ثم قصد به نحو معاوية، فلما نظر إلى الأبنية حمل الجمل عليها، والناس عنده جلوس فأقبل الجمل يقطع تلك الأبنية، وفزع الناس! فقال معاوية: أيها الناس! اجلسوا، إن هذا بعض جنون آل أبي لهب. فقال أبو عليط: والله ما أنا بالمجنون، وما أتانا الجنون إلا من قبل حرب بن أمية! ما زال الشيطان يخنقه حتى مات. وكان حرب بن أمية مات مخنوقاً، ذكروا أن الجن خنقته فمات.
دخل قوم من الأنصار على معاوية فقال لهم: يا معشر الأنصار! قريش لكم خير منكم لها؛ فإن يكن ذلك لقتلي أحد، فقد نلتم يوم بدر مثلهم؛ وإن يكن ذلك للأثرة، فو الله ما تركتم إلى صلتكم سبيلاً، لقد خذلتم عثمان يوم الدار، وقتلتم أنصاره يوم الجمل، وصليتم بالأمر يوم صفين. فتكلم رجل منهم فقال: أقلت قريش خير لنا منا لها؟ فإن فعلوا فقد أسكناهم الدار، وقاسمناهم الأموال، وبذلنا لهم الديار، ودفعنا عنهم العدو وأنت سيد قريش، فهل لهذا عندك جزاء؟ وأما قولك إن يكن ذلك لقتلى أحد، فإن قتيلنا وحينا ثائر؛ وأما ذكرك الأثرة، فإن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمرنا بالصبر عليها، وأما خذلان عثمان فإن الأمر في عثمان ما كان إلا جفلى - يريد الجمع - وأما قتل أنصاره يوم الجمل فما لا يعتذر منه؛ وأما قولك إنا صلينا بالأمر يوم صفين فإنا كنا مع رجل لم نأله خيراً. وقاموا وخرجوا، فقال معاوية: ردوهم، فو الله ما فرغ من كلامه حتى ضاق بي مجلسي! أما كان فيكم رجل يجيبه؟! فردوهم فترضاهم ووصلهم.
جرى بين معاوية وبين أبي الجهم كلام، حتى كان من أبي الجهم إلى معاوية كلام غمه، فأطرق ثم رفع رأسه فقال: يا أبا الجهم! إياك والسلطان، فإنه يغضب غضب
الصبيان، ويعاقب عقاب الأسد، وإن قليله يغلب كثير الناس. ثم أمر له بمال، فأنشأ أبو الجهم يقول: من الوافر
نميل على جوانبه كأنا ... إذا ملنا نميل على أبينا
نقلبه لنخبر حالتيه ... فنخبر منهما كرماً ولينا
طاف الحسن بن علي مع معاوية، فكان يمشي بين يديه فقال: ما أشبه أليتيه بأليتي هند! فسمعه معاوية، فالتفت إليه فقال: أما إنه كان يعجب أبا سفيان.
قال عبد الرحمن بن أبي الحكم لمعاوية: يا أمير المؤمنين! إن فلاناً يشتمني. قال: تطأطأ لها، تمر، فتجاوزك.
قال رجل لمعاوية: ما رأيت أنذل منك! قال: بلى من واجه الرجال بمثله.
قال معاوية: ما يسرني بذل الكرم حمر النعم.
قال معاوية: يا بني أمية! قاربوا قريشاً بالحلم، فو الله إن كنت لألقى الرجل منهم في الجاهلية فيوسعني شتماً وأوسعه حلماً، فأرجع وهو صديقي، أستنجده فينجدني، وأثور به فيثور معي، وما رفع الحلم عن شريف شرفه ولا زاده إلا كرماً.
قال معاوية: آفة الحلم الذل.
قال معاوية: لا يبلغ الرجل مبلغ الرأي حتى يغلب حلمه جهله، وصبره شهوته، ولا يبلغ ذلك إلا بقوة الحلم.
قال معاوية: العقل عقلان، عقل تجارب، وعقل نحيزة؛ فإذا اجتمعا في رجل، فذاك الذي لا يقام انفراداً له، وإذا انفردا كانت النحيزة أولاهما.
قال أبو عبيدة:
كان الرجل يقول لمعاوية: فو الله لتستقيمن يا معاوية، أو لنقومنك. فيقول: بماذا؟ فيقول: بالخشب. فيقول: إذاً أستقيم.
قال هشام بن عروة: صلى بنا عبد الله بن الزبير الغداة ذات يوم، فوجم بعد الصلاة وجوماً لم يكن يفعله، ثم أقبل علينا بوجهه فقال: لله در ابن هند! أما والله إن كنا نتخدعه فيتخادع لنا، وما ابن ليلة بأدهى منه، لله در ابن هند! أما والله إن كنا نفرقه فيتفارق لنا، وما الليث الحرب بأجرأ منه! كان والله كما قال بطحاء العذري: من المتقارب
ركوب المنابر وثابها ... معن بخطبته مجهر
تريع إليه فصوص الكلام ... إذا نثر الخطل المهمر
كان والله كما قالت بنت رقيقة: من الهزج
ألا ابكيه ألا ابكيه ... ألا كل الفتى فيه
والله لوددت أنه بقي ما بقي أبو قبيس؛ لا يتحول له عقل، ولا تنتقص له قوة. قال: فعرفنا أن الشيخ قد استوحش له.
قيل لمعاوية: من أسود الناس؟ قال: أسخاهم نفساً حين يسأل، وأحسنهم في المجالس خلقاً، وأحلمهم حين يستجهل.
كان معاوية يتمثل بهذه الأبيات: من الوافر
فما قتل السفاهة مثل حلم ... يعود به على الجهل الحليم
فلا تسفه وإن ملئت غيظاً ... على أحد فإن الفحش لوم
ولا تقطع أخاً لك عند ذنب ... فإن الذنب يغفره الكريم
ذكر معاوية عند ابن عباس فقال: لله تلاد ابن هند، ما أكرم حسبه! وأكرم مقدرته! والله ما شتمنا على منبر قط، ولا بالأرض، ضناً منه بأحسابنا وحسبه.
قال ابن عباس: قد علمت بما كان معاوية يغلب الناس، كانوا إذا طاروا وقع، وإذا وقعوا طار.
قال زياد: ما غلبني معاوية في السياسة إلا في أمر واحد، استعمل رجلاً من بني تميم، فكسر
الخراج، ولحق بمعاوية. فكتب إليه إن هذا أدب سوء، فابعث به إلي. فكتب إليه: لا يصلح أن نسوس الناس أنا وأنت بسياسة واحدة؛ فإنا إن نشتد نهلك الناس، ونخرجهم إلى أسوأ أخلاقهم، وإن لنا جميعاً أبطرهم ذلك، ولكن ألين وتشتد، وتلين وأشتد، فإذا خاف خائف وجد باباً يدخله.
وفي حديث آخر: ولتكن للشدة والفظاظة والغلظة، وأكون أنا للين والألفة والرحمة.
كتب عمرو بن العاص إلى معاوية يعاتبه في التأني، فكتب إليه معاوية: أما بعد؛ فإن التفهم زيادة ورشد، وإن الرشيد من رشد عن العجلة، وإن الخائب من خاب عن الأناة، وإن المتثبت مصيب، أو كاد يكون مصيباً، وإن العجل يخطئ، أو كاد يكون مخطئاً، وإنه من لا ينفعه الرفق يضره الخرق، ومن لا تنفعه التجارب لا يدرك المعالي، ولا يبلغ الرجل مبلغ الرأي حتى يغلب حلمه جهله، وصبره شهوته، ولا يبلغ ذلك إلا بقوة الحلم.
قيل لمعاوية: إنا نراك تقدم حتى نقول يقبل، وتتأخر حتى نقول لا يرجع! قال: أتقدم ما كان التقدم غنماً، وأتأخر ما كان التأخر حزماً.
قال بعض الشعراء: من الطويل
شجاع إذا ما أمكنتني فرصة ... وإن لم يكن لي فرصة فجبان
قيل لمعاوية: من أحلم أنت أو زياد؟ قال: إن زياداً لا يترك إلا من يفترق عليه، وأنا أتركه يفترق علي ثم أجمعه.
قال الشعبي: كان دهاة العرب أربعة. فذكر أحدهم معاوية: فأما معاوية فكان يدبر الأمر فيقع بعد عشرين سنة.
خرج عبد الملك بن مروان ومعه نافع بن جبير بن مطعم، فوقف على راهب فذكر الراهب الخلفاء، فأطرى معاوية، فقال عبد الملك لنافع: لشد ما أطرى ابن هند! فقال نافع: إن ابن هند أصمته الحلم وأنطقه العلم، بجأش ربيط، وكف ندية.
قال قبيصة بن جابر قال: لم أعاشر أحداً كان أرحب باعاً بالمعروف منك يا معاوية.
وعن جويرية قال: قعد معاوية وعمرو ذات يوم، فقال معاوية: ما شيء أصبته أحب إلي من عين فوارة في أرض خوارة أصبتها من صاحبها بطيب نفسه. فقال عمرو: لكني لست هكذا، ما شيء أصبته أحب إلي من أن أصبح عروساً بعقيلة من عقائل العرب. ورجل جالس فقال: لكني لست هكذا، ما شيء أصبته أحب إلي من الفضل على الإخوان. فقال معاوية: أنا أحق بها منك لا أم لك. قال: فقد قدرت يا أمير المؤمنين.
قال سعيد بن عبد العزيز: قضى معاوية عن عائشة ثمانية عشر ألف دينار.
بعث معاوية إلى عائشة مرة بمئة ألف، فما أمست من ذلك اليوم حتى فرقتها، فقالت مولاة لها: لو اشتريت لنا من هذه الدراهم بدرهم لحماً. فقالت: لو قلت لي قبل أن أفرقها فعلت.
قال عطاء: قدمت عائشة مكة، فأرسل إليها معاوية بطوق قيمته مئة ألف فقبلته.
دخل الحسن بن علي بن أبي طالب على معاوية فقال: أما والله لأجيزنك اليوم بجائزة لم أجزها أحداً من قبلك من العرب، ولا أجيزها بعدك. قال: فأعطاه أربع مئة ألف فأخذها.
دخل الحسن والحسين على معاوية فأمر لهما في وقته بمئتي ألف درهم وقال: خذاها وأنا ابن هند، ما أعطاها أحد قبلي، ولا يعطيها أحد بعدي. قال: فأما الحسن فكان رجلاً مسكيناً، وأما الحسين فقال: والله ما أعطى أحد قبلك ولا أحد بعدك لرجلين أشرف ولا أفضل منا.
أرسل الحسن بن علي وابن جعفر إلى معاوية يسألانه المال. فبعث بمئة ألف درهم، أو لكل رجل منهما بمئة ألف فبلغ ذلك علياً فقال لهما: ألا تستحيان! رجل يطعن في عينه غدوة وعشية، تسألانه المال! قال: لأنك حرمتنا وجاد لنا.
كان معاوية إذا تلقى الحسن بن علي قال له: مرحباً وأهلاً بابن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإذا تلقى عبد الله بن الزبير قال له: مرحباً بابن عمة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وأمر للحسن بن علي بثلاث مئة ألف، ولعبد الله بن الزبير بمئة ألف.
أمر معاوية للحسن بن علي بمئة ألف درهم، فذهب بها إليه، فقال لمن حوله: من أخذ شيئاً فهو له. وأمر للحسين بن علي بمئة ألف فذهب بها إليه وعنده عشرة فقسمها عليهم عشرة آلاف عشرة آلاف، وأمر لعبد الله بن جعفر بمئة ألف فذهب بها إليه. فأرسلت إليه امرأته أرسل بها إلي. فأرسل إليها: تعالي أنت وجواريك، وصفقن وخذنها. ففعلن، فأخذنها. فقال معاوية: ما كان عليه لو لم يفعل هذا. فأمر لمروان بن
الحكم بمئة ألف، فذهب بها إليه فقسم خمسين ألفاً وحبس خمسين ألفاً، وأمر لعبد الله بن عمر بمئة ألف، فقسم تسعين ألفاً وحبس عشرة آلاف فقال معاوية: مقتصد يحب الاقتصاد. وأمر لعبد الله بن الزبير بمئة ألف، فذهب بها إليه الرسول فقال: من أمرك أن تجيء بها بالنهار؟ ألا جئت بها بالليل. فبلغت معاوية فقال: خب ضب، كأنك به قد رفع ذنبه فقطع.
وكان الحسن والحسين رضي الله عنهما يقبلان جوائز معاوية.
كان لعبد الله بن جعفر من معاوية ألف ألف في كل عام ومئة حاجة، يختم معاوية على أصل الأديم ثم يقول: اكتب يا بن جعفر ما بدا لك فقضى عاماً حوائجه وبقيت حاجة لأهل الحجاز. وقدم أصبهبذ سجستان يطلب إلى معاوية أن يملكه سجستان ويعطي من قضاء حاجته ألف ألف درهم، وعند معاوية يومئذ وفد العراق: الأحنف بن قيس، والمنذر بن الجارود، ومالك بن مسمع، فأتاهم الأصبهبذ فقال له الأحنف: أيسرك أن نغرك؟ قال: لا. قال: فإنا لسنا بأصحابك، ولكن ائت عبد الله بن جعفر، فإن كان بقي لك شيء من حوائجه جعله لك. فأتى ابن جعفر فذكر له حاجته. فقال: بقيت لي حاجة كانت لغيرك، فأما إذ قصدتني فهي لك. ودخل ابن جعفر على معاوية يودعه فقال: بقيت لي حاجة كنت جعلتها لأهل الحجاز فعرض فيها أصبهبذ سجستان، فأنا أحب أن تملكه. فقال معاوية: إنه يعطى على حاجته هذه ألف ألف درهم. قال أبن جعفر: فذاك أحرى أن تقضيها. فقال: قد قضيت حاجتك؛ يا سعد! اكتب له عهده على سجستان. فكتب له عهده، فأخذه ابن جعفر والدهقان على الباب ينتظر ابن جعفر، فخرج فأعطاه العهد، فحمل له الأصبهبذ إليه من غد ألف ألف درهم وسجد له، فقال له ابن جعفر: اسجد لله عز وجل، واحمل هذا المال إلى رحلك، فإنا أهل بيت لا نبيع المعروف بالمن. فبلغ معاوية فقال: لأن يكون يزيد قالها
أحب إلي من خراج العراق! أبت بنو هاشم إلا كرماً. فقال ابن الزبير الأسدي: من الوافر
تواكل حاجة الدهقان قوم ... هم الشفعاء من أهل العراق
الأحنف وابن مسمع والمنادى ... به حين النفوس لدى التراقي
وكان المنذر المأمول منهم ... وليس الدلو إلا بالعراق
وقد أعطي عليها ألف ألف ... بنجح قضائها قبل الفراق
فقالوا لا نطيق لها قضاء ... وليس لها سوى الضخم السياق
فدونكها ابن جعفر فارتصدها ... وقد بقى من الحاجات باق
فقد أدركت ما أملت منه ... فراح بنجحها رخو الخناق
وجاء المرزبان بألف ألف ... فما زلت بصاحبنا المراقي
فقال خدبها إنا أناس ... نرى الأموال كالماء المراق
ولسنا نتبع المعروف منا ... ولا نبغي به ثمن المذاق
كان لعبد الله بن جعفر من معاوية في كل سنة ألف ألف، فاجتمع عليه خمس مئة ألف دينار، فألح عليه غرماؤه فيها فاستأجلهم إلى أن يرحل إلى معاوية فأجلوه، فرحل إليه فمر بالمدينة على ابن الزبير فقال له: إلى أين؟ قال: أردت أمير المؤمنين يصل قرابتي ويقضي ديني. قال: لتجدنه متعبساً. فقال: بالله الثقة وعليه التوكل. فقال له ابن الزبير: هل لك في صاحب صدق؟ فقال: بالرحب والسعة. فرحلا جميعاً، فاستشرف أهل الشام عبد الله بن جعفر فقالوا: قدم ابن جعفر في غير وقته. فلما وصل استأذن على معاوية فأذن له، وأجلسه عن يمينه، ثم أذن لابن الزبير فأجلسه عن يمين ابن جعفر فساءله فأنعم السؤال ثم قال: ما أقدمك يا بن جعفر؟ قال: يا أمير المؤمنين
تصل قرابتي وتقضي ديني. قال: وما دينك؟ قال: خمس مئة ألف. قال: قد فعلت. فأقبل عبد الله بن جعفر على ابن الزبير فقال: من الطويل
لعمرك ما ألفيته متعبساً ... ولا ماله دون الصديق حراماً
إذا ما ملمات الأمور احتوينه ... يفرج عنها كالهلال حسما
فقال معاوية: كأنك مررت بابن الزبير فقال لك: أين تريد؟ فقلت: أمير المؤمنين يصل قرابتي ويقضي ديني، فقال لك لتجدنه متعبساً! فقال ابن جعفر: لا تظن إلا الخير يا أمير المؤمنين. فقال معاوية: يا ابن جعفر! من الكامل
إني سمعت مع الصباح منادياً ... يا من يعين لما جد معوان
طلب المروءة بالمروءة كلها ... حتى تحلق قي ذرى البنيان
ما أقدمك يا بن الزبير؟ قال: يا أمير المؤمنين! تصل قرابتي وتقضي ديني. قال: وما دينك؟ قال: مئة ألف. قال: قد فعلت. ثم نهضا لقبضها فقال معاوية: يا بن جعفر، إن الألف ألف تأتيك لوقتها.
قال ابن عباس لمعاوية: لا يخزيني الله ولا يسوؤني ما أبقى الله أمير المؤمنين. فأعطاه ألف ألف رقة وعروضاً وأشياء، وقال: خذها فاقسمها في أهلك.
وعن قتادة قال: قال معاوية: واعجباً للحسن! شرب شربة من عسل يمانية بماء رومة فقضى نحبه! ثم قال لابن عباس: لا يخزيك الله ولا يسوؤك، ولا يخزيك في الحسن.
فقال: أما ما أبقى الله لي أمير المؤمنين، فلن يسوءني الله، ولن يخزيني. فأعطاه ألف ألف ما بين عروض وعين. فقال: اقسم هذا في أهلك.
قال عبد الله بن جعفر: كنت مع معاوية في خضراء دمشق، إذ طلعت رؤوس إبل من نقب المدينة فقال: مرحباً وأهلاً بفتيان من قريش، أنفقوا أموالهم في مروآتهم وأدنوا فيها، ثم قالوا: نأتي أمير المؤمنين فيخلف لنا أموالنا، ويقضي عنا ديوننا. والله لا يحلون عنده حتى يرجعوا بجميع ما سألوا. قال: فدخلوا على معاوية وأنيخت ركابهم، فخرجوا من عنده بحوائجهم حتى عادوا إلى ظهور رواحلهم منصرفين إلى أوطانهم.
ثم شهدت عبد الملك بن مروان في تيك الخضراء، إذ طلعت رؤوس إبل من نقب المدينة، فقال عبد الملك: لا مرحباً ولا سهلاً، فتيان من فتيان المدينة، أنفقوا أموالهم وأدانوا فيها. فقالوا: نأتي أمير المؤمنين فيقضي عنا ديوننا، ويقرعنا للذاتنا. والله لا يحلون عنده حتى يرجعوا كما جاؤوا. قال: ثم أمر بهم فنخس بهم. قال: فعجبت لتباعد الأمرين مع قربهما.
قيل لمعاوية: أيكم كان أشرف، أنتم أو بنو هاشم؟ قال: كنا أكثر أشرافاً وكانوا أشرف واحداً، لم يكن في بني عبد مناف مثل هاشم، فلما هلك كنا أكثر عدداً وأكثر أشرافاً، وكان فيهم عبد المطلب، ولم يكن فينا مثله، فصرنا أكثر عدداً وأكثر أشرافاً، ولم يكن فيهم واحد كواحدنا، وما كان إلا كقرار العين، حتى جاء شيء لم يسمع الأولون بمثله ولا يسمع الآخرون بمثله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وعن مجالد بن سعيد أنه قال: رحم الله معاوية، ما كان أشد حبه للعرب! وعن ابن عباس:
أن عمرو بن العاص قال لمعاوية بن أبي سفيان: رأيت فيما يرى النائم أبا بكر كئيباً حزيناً قد أخذ بضبعيه رجلان، قلت: بأبي أنت وأمي يا خليفة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! ما شأنك؟ أراك كئيباً حزيناً! قال: وكل بي هذان الرجلان ليحاسباني بما ترى. وإذا صحف ليس بالكثيرة، ورأيت عمر بن الخطاب كئيباً حزيناً، وقد أخذ بضبعيه رجلان، فقلت: بأبي وأمي أنت يا أمير المؤمنين! مالي أراك كئيباً حزيناً؟ قال: وكل بي هذان الرجلان ليحاسباني بما ترى. وإذا صحف مثل الحزورة - جبيل ليس بالضخم - ثم رأيت عثمان بن عثمان كئيباً حزيناً، فقال: وكل بي هذان يحاسباني بما ترى. وإذا صحف مثل الخندمة - جبل إذا دخلت البطحاء عن يسارك - ورأيتك يا معاوية كئيباً حزيناً وقد أخذ بضبعيك رجلان قد ألجمك العرق، فقلت: بأبي وأمي يا أمير المؤمنين! مالي أراك كئيباً حزيناً؟ فقلت: وكل بي هذان ليحاسباني بما ترى.
وإذا صحف مثل أحد وثبير فقال معاوية: أما رأيت ثم دنانير مصر؟ قال العتبي: دخل عمرو بن العاص على معاوية وقد ورد عليه كتاب بعض ولاته فيه نعي رجل من السلف، فاسترجع معاوية فقال عمرو: من الوافر
يموت الصالحون وأنت حي ... تخطأك المنايا لا تموت
فقال معاوية: من الوافر
أترجو أن أموت وأنت حي ... فلست بميت حتى تموت
انحدر عبد الله وعمرو ابنا عتبة إلى البصرة، فلقيا معاوية بالكوفة قالا: فقال لنا: يا أبناء أخي اتقيا الله، فإنها تكفي من غيرها، واشتريا بالمعروف عرضكما من الأذى، وذللا ألسنتكما بالوعد، وصدقاها منكما بالفعال، واعلما أن الطلب وإن قل أعظم من الحاجة قدراً وإن عظمت، واعلماً أن أغنى الناس من كثرت حسناته وأفقرهم من كثرت سيئاته، وأنه لا وجع أشد من الذنوب، وأن الدهر ليس بغافل عن من غفل.
قيل لابن السماك: أي الأعداء لا يحب أن يعود صديقاً؟ قال: من سبب عداوته النعمة؛ يعني الحاسد. ثم قال ابن السماك: قال معاوية: كل الناس أستطيع أن أرضيه إلا حاسد نعمة، فإنه لا يرضيه إلا زوالها.
قال معاوية: المروءة ترك اللذة، وعصيان الهوى.
وقال معاوية: المروءة في أربع: العفاف في الإسلام، واستصلاح المال، وحفظ الإخوان، وعون الجار.
وقال معاوية لبنيه: يا بني إنكم تجار قوم لا تجارة لهم غيركم، فلا يكون تجار أربح منكم، فإن أدنى ما يرجع به الخائب عنكم تخطئة ظنه فيكم.
كان عبد الصمد بن علي لا يخضب، فقيل له: لو خضبت؛ قال أتشبه بشيخ من بني عبد مناف، كان له شأن، فقيل له: علي؟ قال: لم أرد علياً، إنما عنيت معاوية، كان لا يخضب.
كان معاوية يقول الشعر، فلما ولي الخلافة أتاه أهله فقالوا: قد بلغت الغاية فما تصنع بالشعر؟ ثم ارتاح يوماً فقال: من الوافر
سرحت سفاهتي وأرحت حلمي ... وفي على تحملي اعتراض
على أني أجيب إذا دعتني ... إلى حاجاتها الحدق المراض
قال الشعبي: أول من خطب جالساً معاوية، حين كثر شحمه، وعظم بطنه.
وقال ميمون: أول من جلس على المنبر معاوية، واستأذن الناس في القعود، فأذنوا له.
قال إبراهيم: أول من جلس في الخطبة يوم الجمعة معاوية.
قال سعيد بن المسيب: أول من أذن وأقام يوم الفطر والنحر معاوية، ولم يكن قبل ذلك أذان ولا إقامة.
وعن أبي هريرة: أنه حدث خلاد بن رافع عن صلاة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فوصفها له، يكبر إذا سجد، وإذا رفع رأسه كصلاة الهاشميين. قال له خلاد: فمن أول من ترك ذلك؟ قال: معاوية.
وعن ابن شهاب قال: أول من أخذ الزكاة من الأعطية معاوية بن أبي سفيان.
وعن أبي كريب قال: تمتع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبو بكر وعمر، وأول من نهى عنها معاوية. يعني متعة الحج.
قالوا: ولم يكن للدور أبواب، كان أهل العراق وأهل مصر يأتون بقطراتهم، فيدخلون دور مكة فيربطون بها، وأول من بوب معاوية.
سئل الزهري عن أول من قضى: لا يرث المسلم الكافر؟ قال: مضت السنة من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبي بكر وعمر وعثمان، أن لا يرث المسلم
الكافر ولا الكافر المسلم؛ وكان معاوية أول من قضى بأن المسلم يرث الكافر، وأن الكافر لا يرث المسلم؛ ثم قضى بذلك بنو أمية بعد معاوية حتى كان عمر بن عبد العزيز، فراجع السنة الأولى، وقضى بأن لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم، ثم رد ذلك هشام بن عبد الملك إلى قضاء معاوية، وبنو أمية بعد.
وقال الزهري: كانت السنة الأولى أن دية المعاهد كدية المسلم، فكان معاوية أول من قصرها إلى نصف الدية، وأخذ نصف الدية لنفسه.
وقال ميمون: أول من وضع شرف العطاء فصيرها إلى عشرين ألفاً، وأول من قتل صبراً معاوية.
وعن البراء قال: مر أبو سفيان بن حرب برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومعاوية خلفه، ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قنة، وكان معاوية رجلاً مستهاً فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللهم عليك بصاحب الأسنة.
قال محمد بن كعب: إنا لجلوس مع البراء في مسجد الكوفة إذ دخل قاص، فجلس فقص، ثم دعا للخاصة والعامة، ثم دعا للخليفة، ومعاوية يومئذ الخليفة، فقلنا للبراء: يا أبا إبراهيم! دخل هذا فدعا للخاصة والعامة، ثم دعا لمعاوية فلم نسمعك قلت شيئاً! فقال: إنا شهدنا وغبتم، وعلمنا وجهلتم، إنا بينا نحن مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بحنين إذ أقبلت امرأة حتى وقفت على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: إن أبا سفيان وابنه معاوية أخذا بعيراً لي فغيباه علي. فبعث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلاً إلى أبي سفيان بن حرب ومعاوية: أن ردا على المرأة بعيرها. فأرسلا: إنا والله ما أخذناه، وما ندري أين هو. فعاد إليها الرسول فقالا: والله
ما أخذناه وما ندري أين هو. فغضب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى رأينا لوجهه ظلالاً ثم قال: انطلق إليهما فقل لهما: بل والله إنكما صاحباه، فأديا إلى المرأة بعيرها. فجاء الرسول إليهما وقد أناخا البعير وعقلاه فقالا: إنا والله ما أخذناه، ولكن طلبناه حتى أصبناه. فقال لهما رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اذهبا.
قال نبيح الغنزي: كنت عند أبي سعيد الخدري وهو متكئ، فذكرنا علياً ومعاوية، فتناول رجل معاوية، فاستوى جالساً ثم قال: كنا ننزل رفاقاً مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكنت في رفقة أبي بكر، فنزلنا على أهل أبيات - أو قال: بيت - قال: وفيهم امرأة حبلى، ومعنا رجل من أهل البادية، فقال لها البدوي: أيسرك أن تلدي غلاماً إن جعلت لي شاة؟ فولدت غلاماً فأعطته شاة، فسجع لها أساجيع، فذبحت الشاة وطبخت، فأكلنا منها ومعنا أبو بكر، فذكر أمر الشاة، فرأيت أبا بكر متبرزاً مستنتلاً يتقيأ، ثم أتي عمر بذلك الرجل البدوي يهجو الأنصار فقال عمر: لولا أن له صحبة من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا أدري ما نال فيها لكفيتكموه، ولكن له صحبة.
وعن الحسن قال: قلت: يا أبا سعيد! إن ناساً يشهدون على معاوية وذويه أنهم في النار! فقال: لعنهم الله، وما يدريهم أنهم في النار؟ وعن الزهري قال: سألت سعيد بن المسيب عن أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال لي: اسمع يا زهري من مات محباً لأبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وشهد للعشرة بالجنة، وترحم على معاوية، كان حقيقاً على الله عز وجل أن لا يناقشه الحساب.
وعن ابن يزيد قال: ذكر معاوية عند حسن بن حي، فنالوا منه، فقال حسن: لو لم تكفوا عن
معاوية، ألا إنه كان من عمال عمر بن الخطاب، وقد كانت له برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مصاهرة.
سئل ابن المبارك عن معاوية فقيل له: ما تقول فيه؟ قال: ما أقول في رجل قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سمع الله لمن حمده. فقال معاوية من خلفه: ربنا ولك الحمد. فقيل له: ما تقول في معاوية؟ هو عندك أفضل أم عمر بن عبد العزيز؟ فقال: لتراب في منخري معاوية مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خير - أو أفضل - من عمر بن عبد العزيز.
سأل رجل المعافي بن عمران فقال: يا أبا مسعود! أين عمر بن عبد العزيز من معاوية؟ فغضب من ذلك غضباً شديداً وقال: لا يقاس بأصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحد! معاوية صاحبه وصهره وكاتبه وأمينه على وحي الله عز وجل، وقد قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دعوا لي أصحابي وأصهاري، فمن سبهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.
وفي رواية: فغضب وقال: يوم من معاوية أفضل من عمر بن عبد العزيز عمره. ثم التفت إليه فقال: تجعل رجلاً من أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثل رجل من التابعين! وفي رواية عن الفضل بن عنبسة: أنه سئل: معاوية أفضل أم عمر بن عبد العزيز؟ فعجب من ذلك وقال: سبحان اللهّ أأجعل من رأى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كمن لم يره؟! قالها ثلاثاً.
وقال عبد الله بن المبارك: معاوية عندنا محنة، فمن رأيناه ينظر إلى معاوية شزراً اتهمناه على القوم، أعني على أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
جاء رجل سفيان فقال: ما تقول في شتم معاوية؟ قال: متى عهدك بشتيمة فرعون؟ قال: ما خطر ببالي. قال: ففرعون أولى بالشتم.
قال الربيع بن نافع: معاوية ستر أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإذا كشف الرجل الستر اجترأ على ما وراءه.
وعن أحمد بن حنبل أنه قال: إذا رأيت رجلاً يذكر أحداً من أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسوء فاتهمه على الإسلام.
سئل أبو عبد الله عن رجل انتقص معاوية وعمرو بن العاص، أيقال له رافضي؟ قال: إنه لم يجتر عليهما إلا وله خبيئة سوء، ما يبغض أحد أحداً من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا وله داخلة سوء.
قال وكيع: معاوية بمنزلة حلقة الباب، من حركه اتهمناه على من فوقه.
قال جعدة بن هبيرة في مرضه الذي هلك فيه لعواده وجلسائه: إني قد أدركت ما لم تدركوا، وعلمت ما لم تعلموا، إنه سيكون بعد هذا أمراء - يعني معاوية - ليسوا من ضربائه، ولا من رجاله، ليس منهم إلا أصعر أو أبتر، حتى تقوم الساعة، ألا وإن السلطان سلطان الله، جعله الله، ليس أنتم جعلتموه، ألا وإن للراعي على الرعية حقاً، وللرعية على الراعي حقاً، فأدوا إليهم حقهم، وإن ظلموكم حقكم فكلوهم إلى الله، فإنكم وإياهم مختصمون يوم القيامة، وإن الخصم لصاحبه، الذي أدى الحق الذي عليه في الدنيا. ثم قرأ: " فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين، فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين، والوزن يومئذ القسط ".
قال أبو جعفر الرازي: وقع إلينا شيخ بخراسان ممن لقي بعض أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسأله يزيد النخوي عن آية من كتاب الله، فقرأ فلحن، فقال يزيد: تلحن؟! فقال: إني سمعت
الله عير بالذنب ولم أسمعه عير باللحن. فقال له يزيد: ما شهادتك على معاوية؟ قال: أنا على دين نوح " إن حسابهم إلا على ربي لو تشعرون ".
قال إبراهيم بن ميسرة: ما رأيت عمر بن عبد العزيز ضرب إنساناً قط إلا إنساناً شتم معاوية، فإنه ضربه أسواطاً.
قال محمد بن الحسن: بينما أنا فوق جبل الأسود بالشام ناحية البحر إذ هتف هاتف وهو يقول: من أبغض الصديق فذاك زنديق، من أبغض عمر إلى جهنم زمر، من أبغض عثمان فذاك خصمه الرحمان، من أبغض علياً فذاك خصمه النبي، من أبغض معاوية تسحبه الزبانية، إلى نار الله الحامية، في السر والعلانية، ويرمى به في الهاوية، هكذا جزاء الرافضة، احذروا سلم العشرة، ممن سبقوا إلى الله وإلى الرسول، فهم خيرة الله من خلقه.
قال الفقيه أبو طاهر الحسين بن منصور بن محمد بن يعقوب - وكان رجلاً سنياً شفعوياً، إلا أنه كان يتشيع قليلاً - قال: كنت أبغض معاوية وألعنه، فرأيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في النوم كأنه دخل داري، وفي الدار حمام، دخل الحمام واغتسل، فلما خرج من الحمام ركب بغلة، وكان بين يديه رجل قائم أصفر اللون، فسلمت على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال لي: يا أبا طاهر لا تلعنه ولا تبغضه. قلت: من هو يا رسول الله؟ قال: هو معاوية بن أبي سفيان، أخي، كاتب الوحي.
قال محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب - وكان من الأبدال - قال:
رأيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في النوم جالساً، وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي جلوس معه،
ومعاوية قائم بين يديه، فأتي برجل، فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله! هذا يذكرنا وينتقصنا. فكأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انتهر الرجل - قال الحميدي: وكنت أعرف الرجل - فقال الرجل: أما هؤلاء فلا، ولكن هذا - يعني معاوية - فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ويلك! أو ليس معاوية من أصحابي؟! ويلك أو ليس معاوية من أصحابي؟! - ثلاثاً - وفي يد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حربة، فدفعها إلى معاوية وقال: جأ بهذه في لبته. فوجأ بها في لبته؛ وانتبهت، فبكرت إلي منزل الرجل، فإذا الذبحة قد طرقته ومات في الليل.
قال أبو عمرو: بلغني أن هذا الرجل راشد الكندي.
قال إبراهيم بن الأشعث: ما سمعت الفضيل قط ذكر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبا بكر وعمر وأبا عبيدة بن الجراح إلا بكى وتنفس، أو رئي فيه الحزن. وكان إذا ذكر علياً وعثمان دمعت عيناه وأكثر الترحم عليهما، وسمعته يترحم على معاوية ويقول: كان من العلماء الكبار، من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولكن ابتلي بحب الدنيا.
قال العتبي: قيل لمعاوية: أسرع إليك الشيب. فقال: كيف لا يسرع إلي الشيب، ولا أعدم رجلاً من العرب قائماً على رأسي، يلقح لي كلاماً يلزمني جوابه، فإن أنا أصبت لم أحمد وإن أنا أخطأت سارت به البرد.
وعن معاوية قال: لقد نتفت الشيب كذا وكذا سنة. وكان يخرج إلى مصلاه ورداؤه يحمل، فإذا دخل مصلاه جعل عليه، قال: وذاك من الكبر. ودخل عليه إنسان وهو يبكي فقال: ما يبكيك؟ قال: هذا الذي كنتم تمنون لي.
قال يزيد بن أبي زياد: خرج معاوية حاجاً، فاطلع في بئر عادية فأصابته اللقوة، فخرج على الناس معصباً وجهه، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس! إن ابن آدم بعرض بلاء؛ إما معافى فيشكر، وإما مبتلى فيصبر، وإما معاقب بذنب؛ ولست أعتذر من إحدى ثلاث: إن ابتليت فقد ابتلي الصالحون قبلي، وآمل أن أكون منهم، ولئن عوفيت فلقد عوفي الخطاؤون قبلي، وما آمن أن أكون أحدهم، ولئن ابتليت في أحسني فما أحصي صحيحي وإما أن تكون عقوبة من ربي.
زاد في غيره: ولو كان الأمر إلى نفسي ما كان لي على ربي أكثر مما أعطاني، فأنا ابن بضع وستين، فرحم الله عبداً دعا لي بالعافية، فو الله لئن عتب علي بعض خاصتكم لقد كنت حدباً على عامتكم. قال: فعج الناس يدعون له، فبكى معاوية، فلما خرجوا من عنده قال له مروان بن الحكم: يا أمير المؤمنين! لم بكيت؟ قال: يا مروان! كبر سني، ودق عظمي، وابتليت في أحسن ما يبدو مني، وخشيت أن تكون عقوبة من ربي، ولولا هواي في يزيد لأبصرت رشدي.
وعن عبادة بن نسي قال: خطبنا معاوية بالصنبرة، قال: لقد شهد معي صفين ثلاث مئة من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ما بقي منهم أحد غيري، وإنما ذلك فناء قربي، وإن فناء الرجل فناء قرنه. ثم ودعنا وصعد الثنية، فكان آخر العهد به.
ومن حديثين، عن عبادة بن نسي، وثمامة بن كلثوم: أن آخر خطبة خطبها معاوية أن قال: أيها الناس! إني من زرع قد استحصد، وقد طالت إمرتي عليكم حتى مللتموني ومللتكم، وتمنيت فراقكم وتمنيتم فراقي، وإني قد وليتكم ولن يليكم أحد بعدي إلا من هو شر مني، كما كان من قبلي خيراً مني، وقد قيل: من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه. اللهم إني قد أحببت لقاءك فأحب لقائي؛ ويا يزيد! إذا وفى أجلي فول غسلي رجلاً لبيباً، فإن اللبيب من الله بمكان فلينعم الغسل وليجهر بالتكبير، ثم اعمد إلى منديل في الخزانة، فيه ثوب من ثياب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقراضة من شعره وأظفاره، فاستودع القراضة أنفي وفمي وأذني وعيني، واجعل الثوب يلي جلدي دون أكفاني؛ ويا يزيد! احفظ وصية الله في الوالدين، فإذا أدرجتموني في جريدتي، ووضعتموني في حفرتي فخلوا معاوية وأرحم الراحمين.
وفي رواية: وقطعوا تلك القلامة، واسحقوها واجعلوها في عيني، فعسى.
كان أبو هريرة يمشي في سوق المدينة وهو يقول: اللهم لا تدركني سنة الستين، ويحكم، تمسكوا بصدغي معاوية، اللهم لا تدركني إمارة الصبيان.
ولما احتضر معاوية جعل يقول: من الطويل
لعمري لقد عمرت في الملك برهة ... ودانت لي الدنيا بوقع البواتر
وأعطيت جم المال والحكم والنهى ... وسلم قماقيم الملوك الجبابر
فأضحى الذي قد كان مما يسرني ... كحلم مضى في المزمنات الغوابر
فيا ليتني لم أعن في الملك ساعة ... ولم أعن في لذات عيش نواضر
وكنت كذي طمرين عاش ببلغة ... من الدهر حتى زار ضنك المقابر
وتمثل وقد تعرى ورأى تحول جسمه وتغيره فقال: من مجزوء الرجز
أرى الليالي مسرعات النقض
حنين طولي وركبن بعضي
أقعدنني من بعد طول النهض
قال عمرو بن عتبة: لما اشتكى معاوية شكاته التي هلك فيها أرسل إلى أناس من بني أمية، فخص ولم يعم فقال: يا بني أمية! إنه لما قرب مالم يكن بعيداً وخفت إن يسبقكم الموت إلي سبقته بالموعظة إليكم، لا لأرد قدراً، ولكن لأبلغ عذراً؛ لو وزنت بالدنيا لرجحت بها، ولكني وزنت بالآخرة فرجحت بي، إن الذي أخلف لكم من الدنيا أمر ستشاركون فيه، أو تغلبون عليه، والذي أخلف عليكم من رأي أمر مقصور عليكم نفعه إن فعلتموه، مخوف عليكم ضرره إن ضيعتموه، فاجعلوا مكافأتي قبول وصيتي: إن قريشاً شاركتكم في نسبكم، وبنتم منها بفعالكم، فقدمكم ما تقدمتم فيه، إذ أخر غيركم ما تأخروا له، وبالله لقد جهر لي فعلمت، ونغم لي ففهمت، حتى كأني أنظر إلى أبنائكم بعدكم نظري إلى آبائهم قبلهم، إن دولتكم ستطول، وكل طويل مملول وكل مملول مخذول، فإذا انقضت مدتكم كان أول
تخاذلكم فيما بينكم، واجتماع المختلفين عليكم، فيدبر الأمر بضد الحسن الذي أقبل به، فلست أذكر عظيماً يركب منه، ولا حرمة تنتهك إلا والذي أكف عن ذكره أعظم، فلا معول عليه عند ذلك أفضل من الصبر، وتوقع النصر، واحتساب الأجر فيما دكم القوم دولتهم، امتداد الغنانين في عنق الجواد، فإذا بلغ الله بالأمر أمده، وجاء الوقت المحتوم، كانت الولة كالإناء المكفو، فعندها أوصيكم بتقوى الله الذي لم يتقه غيركم فيكم، فجعل العافية لكم والعافية للمتقين.
ولما احتضر معاوية أوصى بنصف ماله أن يرد إلى بيت المال، كأنه أراد أن يطيب له، لأن عمر بن الخطاب قاسم عماله.
ولما كبر معاوية خرجت به قرحة في ظهره، فكان إذا لبس دثاراً ثقيلاً - والشام أرض باردة - أثقله ذلك وغمه، فقال: اصنعوا لي دثاراً خفيفاً دفياً من هذه السخال، فصنع له، فلما ألقي عليه سار إليه ساعة ثم غمه فقال: جافوه عني. ثم لبسه ثم غمه، فألقاه، ففعل ذلك مراراً ثم قال: قبحك الله من دار، ملكتك أربعين سنة، عشرين خليفة، وعشرين إمارة، ثم صيرتني إلى ما أرى! قبحك الله من دار.
وقيل: إنه أصابته قرة شديدة في مرضه، فألقي عليه ثوب حواصل، فأدفأه، وخف عليه فما لبث أن ثقل عليه فقال ما قال.
دخل عمرو بن سعيد على معاوية في مرضه الذي مات فيه فقال: يا أمير
المؤمنين! ما رأيت أحداً من أهل بيتك في مثل حالك إلا مات. فقال معاوية: من الوافر
فإن المرء لم يخلق حديداً ... ولا هضباً توقله الوبار
ولكن كالشهاب يرى ويخبو ... وحادي الموت عنه ما يحار
فهل من خالد إما هلكنا ... وهل بالموت يا للناس عار
قال عبد الملك بن عمير: لما ثقل معاوية، وتحدث الناس أنه بالموت قال لأهله: احشوا عيني إثمداً، وأوسعوا رأسي دهناً، ففعلوا وبرقوا وجهه بالدهن، ثم مهد له، فجلس فقال: أسندوني. ثم قال: ائذنوا للناس فليسلموا قياماً ولا يجلس أحد. فجعل الرجل يدخل فيسلم قائماً، فرآه متكحلاً متدهناً فيقول الناس: هو لما به، وهو أصح الناس! فلما خرجوا من عنده قال معاوية: من الكامل
وتجلدي للشامتين أريهم ... أني لريب الدهر لا أتضعضع
وإذا المنية أنشبت أظفارها ... ألفيت كل تميمة لاتنفع
قال: وكان به النفاثة، فمات من يومه ذلك.
ولما مرض معاوية أخرج يديه كأنهما عسيبا نخل فقال: هل الدنيا إلا ما ذقنا وجربنا؟ والله لوددت أني لم أغبر فيكم إلا ثلاثاً ثم ألحق بالله عز وجل. قالوا: يا أمير المؤمنين! إلى رحمة الله ورضوانه. فقال معاوية: إلى ما شاء الله من قضاء قضاه لي، قد يعلم الله أني لم آل. ولو أراد أن يغير لغير.
قال محمد بن عقبة:
كان معاوية أميراً عشرين سنة، وخليفة عشرين سنة، فلما نزل به الموت قال: ليتني كنت رجلاً من قريش بذي طوى وأني لم أل من هذا الأمر شيئاً.
قال أبو السائب المخزومي: لما حضرت معاوية الوفاة تمثل: من الخفيف
إن تناقش يكن نقاشك يا رب ... ب عذاباً لا طوق لي بالعذاب
أو تجاوز تجاوز العفو فاصفح ... عن مسيء ذنوبه كالتراب
قال أبو عبد الله بن المنادر: تمثل معاوية عند الموت: من المنسرح
لو فات شيء يرى لفات أبو ... حيان لا عاجز ولا وكل
الحول القلب الأريب ولا ... يدفع ريب المنية الحيل
وعن عوانة قال: لما حضرت معاوية الوفاة احتوشه أهله فقال لهم وهم يقلبونه: إنكم لتقلبون أمراً حولاً قلباً إن نجا من النار غداً. ثم قال: من البسيط:
لقد جمعت لكم من جمع ذي نشب ... وقد كفيتكم الترحال والنصبا
وقال أبو بردة: قال معاوية وهو يقلب في مرضه، وقد صار كأنه سعفة محترقة: أي شيخ تقلبون إن نجاه الله من النار غداً.
وفي رواية: إن وقي كبة النار.
قال ابن الأعرابي: تقدم رجلان إلى معاوية فادعى أحدهما على صاحبه مالاً، وكان المدعى قبله حولاً قلباً مخلطاً مزيلاً، فأنشأ معاوية يقول: من البسيط
أنى أتيح لها حرباء تنضبة ... لا يرسل الساق إلا ممسكاً ساقا
ثم دعا بمال، فأعطى المدعي وفرق بينهما.
قال محمد بن سيرين: لما مرض معاوية نزل عن السرير، فكشف ما بينه وبين الأرض، وجعل يلزق ذا الخد مرة بالأرض، وذا الخد مرة بالأرض، ويبكي ويقول: اللهم إنك قلت في كتابك الكريم: " إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء " فاجعلني ممن تشاء أن تغفر لهم.
ولما حضر معاوية الموت تمثل: من الطويل
هو الموت لا منجى من الموت والذي ... أحاذر بعد الموت أدهى وأفظع
ثم قال: اللهم أقل العثرة، واعف عن الزلة وعد بحلمك على من لا يرجو غيرك، فإنك واسع المغفرة، ليس من خطيئة مهرب إلا إليك.
قال ابن عباس: ولما احتضر معاوية قال: يا بني! إني كنت مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الصفا، وإني دعوت بمشقص، فأخذت من شعره وهو في موضع كذا وكذا، فإذا أنا مت فخذ ذلك الشعر، فاحشوا به فمي ومنخري. قالوا: ولما قال ذلك تمثلت ابنته: من الطويل
إذا مت مات الجود وانقطع الندى ... من الناس إلا من قليل مصرد
وردت أكف السائلين وأمسكوا ... من الدين والدنيا بخلف مجدد
كلا يا أمير المؤمنين، يدفع الله عنك. فقال معاوية متمثلا: من الكامل
وإذا المنية أنشبت أظفارها ... ألفيت كل تميمة لا تنفع
ثم أغمي عليه، ثم أفاق، فقال لمن حضره من أهله: اتقوا الله فإن الله يقي من اتقاه، ولا تقى لمن لا يتقي الله. ثم قضى رحمه الله.
قال مكحول: لما حضرت معاوية الوفاة جمع بنيه وولده ثم قال لأم ولد له: أريني الوديعة التي استودعتك إياها. قال: فجاءت بسفط مختوم، مقفلاً عليه، قال: فظننا أن فيه جوهراً، فقال: إنما كنت أدخر هذا لهذا اليوم. ثم قال: افتحيه. ففتحته فإذا منديل عليه ثلاثة أثواب فقال: هذا قميص رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كساني، وهذا رداء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كساني لما قدم من حجة الوداع. قال: ثم مكثت بعد ذلك ملياً ثم قلت: يا رسول الله! اكسني هذا الإزار الذي عليك. قال: إذا ذهبت إلى البيت أرسلت به إليك يا معاوية. قال: ثم إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أرسل به إلي، ثم إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعا الحجام، فأخذ من شعره ولحيته فقلت: يا رسول الله هب لي هذا الشعر. قال: خذه يا معاوية. فهو مصرور في طرف الرداء، فإذا أنا مت، فكفنوني في قميص رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأدرجوني في ردائه وأزروني بإزاره، وخذوا من شعر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاحشوا به شدقي ومنخري وذروا سائره على صدري، وخلوا بيني وبين رحمة أرحم الراحمين.
وعن الشافعي قال: كان يزيد في بعض المواضع، فجاءه الرسول بمرض معاوية، فركب وهو يقول: من البسيط
جاء البريد بقرطاس يخب به ... فأوجس القلب من قرطاسه فزعا
وقال: إنه حضر ودخل إلى معاوية وهو مغمور.
قالوا: والصحيح أن يزيد لم يدركه حياً وإنما جاء بعد موته.
ولما مات معاوية أخرجت أكفانه فوضعت على المنبر، ثم قام الضحاك بن قيس الفهري خطيباً، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن أمير المؤمنين معاوية كان في جد العرب، وعوذ العرب؛ وحد العرب، قطع الله به الفتنة وملكه على العباد، وسير جنوده في البر والبحر، وبسط به الدنيا، وكان عبداً من عبيد الله، دعاه الله فأجابه، فقد قضى نحبه رحمة الله عليه، وهذه أكفانه، فنحن مدرجوه فيها ومدخلوه قبره، ومخلوه وعمله فيما بينه وبين ربه، إن شاء رحمه، وإن شاء عذبه، ثم هو الهرج إلى يوم القيامة، فمن أراد حضوره بعد الظهر فليحضره، فإنا رائحون به. وصلى عليه الضحاك بن قيس الفهري، وكان يزيد غائباً حين مات معاوية بحوارين، فلما ثقل معاوية أرسل إليه الضحاك، فقدم وقد مات معاوية ودفن، فلم يأت منزله حتى أتى قبره، فصلى عليه ودعا له، ثم أتى منزله فقال: من البسيط
جاء البريد بقرطاس يخب به ... فأوجس القلب من قرطاسه فزعا
قلنا لك الويل ماذا في صحيفتكم ... قالوا الخليفة أمسى مثبتاً وجعا
فمادت الأرض أو كادت تميد بنا ... كأن أعين من أركانها انقلعا
لما انتهينا وباب الدار منصفق ... لصوت رملة ريع القلب فانصدعا
من لا تزل نفسه توفي على شرف ... توشك مقادير تلك النفس أن تقعا
أودى ابن هند وأودى المجد يتبعه ... كانا تكونا جميعاً قاطنين معاً
أغر أبلج يستسقي الغمام به ... لو قارع الناس عن أحلامهم قرعا
وما أبالي إذا أدركن مهجته ... ما مات منهن بالبيداء أو ظلعا
ثم خطب يزيد الناس فقال: إن معاوية كان عبداً من عبيد الله، أنعم الله عليه ثم قبضع الله، وهو خير ممن بعده، ودون من قبله، ولا أزكيه على الله، هو أعلم به، إن عفا عنه فبرحمته، وإن عاقبه فبذنبه، وقد وليت الأمر من بعده، ولست آسى على طلب، ولا أعتذر من تفريط، وإذا أراد الله شيئاً كان. اذكروا الله واستغفروه. فقال أبو الورد العنبري يرثي معاوية: من الوافر
ألا أنعى معاوية بن حرب ... نعاة الحل للشهر الحرام
نعاه الناعجات بكل فج ... خواضع في الأزمة كالسهام
فهاتيك النجوم وهن خرس ... ينحن على معاوية الشآمي
وقال أيمن بن خريم: من الوافر
رمى الحدثان نسوة آل حرب ... بمقدار سمدن له سمودا
ورد شعورهن السود بيضاً ... ورد وجوههن البيض سودا
فإنك لو شهدت بكاء هند ... ورملة إذ يصفقن الخدودا
بكيت بكاء معولة قريح ... أصاب الدهر واحدها الفريدا
قال سعيد بن حريث: لما كان الغداة التي مات معاوية في ليلتها فزع الناس إلى المسجد، ولم يكن خليفة قبله في الشام غيره، فلما ارتفع النهار وهم يبكون في الخضراء، وابنه يزيد غائب في البرية، وهو ولي عهده، وكان خليفته على دمشق الضحاك بن قيس إذ قعقع باب النحاس الذي يخرج إلى المسجد من الخضراء، فدلف الناس إلى المقصورة، فبينا نحن كذلك إذ خرج علينا رجل على يده اليسرى ثياب ملفوفة، فإذا هو الضحاك بن قيس، فاتكأ على المنبر بيده اليسرى، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس! إني قائل لكم قولاً، فرحم الله امرأ وعى ما سمع مني، تعلمون أن معاوية كان حد العرب، مكن الله له في البر والبحر، وأذاقكم معه الخفض والطمأنينة، ولذاذة العيش - وأهوى بيده إلى فيه - وإنه هلك رحمه الله وهذه أكفانه على يدي ونحن مدرجوه فيها ودافنوه وإياها، ثم هي البلايا والملاحم والفتن، وما توعدون إلى يوم القيامة.
ثم دخل الخضراء، فلم يخرج إلا لصلاة الظهر، فصلى ثم أخرجوا جنازة معاوية،
فدفنوه، فلبثنا حتى كان مثل يوم الجمعة، فبلغنا أن ابن الزبير خرج بالمدينة وحارب، وكان معاوية قد غشي عليه قبل ذلك غشية، فركب به الركبان، فلما بلغ ذلك ابن الزبير خرج، ثم كان مثل ذلك اليوم الجمعة المقبلة صلى بنا الضحاك بن قيس الظهر، ثم أقبل علينا بوجهه فقال: تعلمون أن خليفتكم يزيد بن معاوية، قد أظلكم، ونحن خارجون غداً وملتقوه، فمن أحب أن يتلقاه معنا فعل.
فركبنا الصبح، وسار إلى ثنية العقاب، وما بين باب توما وبين ثنية العقاب بيت مبني بقرى إلى قرى العجم، فلما صعدنا في ثنية العقاب إذا بأثقال يزيد قد تحدرت في الثنية، ثم سرنا غير كثير، فإذا يزيد في ركب من أخواله من كلب، وهو على بختي له رحل ورائطة مثنية في عنقه، ليس عليه سيف ولا عمامة، وكان رجلاً كثير اللحم، عظيم الجسم، كثير الشحم، كثير الشعر، وقد أجفل شعره وشعث، فسلم الناس عليه وعزوه، ودنا منه الضحاك بن قيس بين أيديهم فليس منا أحد يتبين كلامه، إلا أنا نرى فيه الكآبة والحزن وخفض الصوت، والناس يعيبون منه ذلك ويقولون: هذا الأعرابي الذي ولاه أمر الناس، والله سائله عنه! وسار مقبلاً إلى دمشق فقلنا: يدخل من باب توما، حتى دنا منها فلم يفعل، ومضى مع الحائط إلى باب الشرقي، فقال الناس: يدخل من باب الشرقي، فإنه باب خالد بن الوليد الذي دخل منه حين فتح. فلما دنا من الباب أجازه إلى باب كيسان، ثم أجاز باب كيسان إلى باب الصغير، فلما وافى الباب رمى بزمام بختيته فاستناخ ثم تورك فبرك، ونزل الضحاك بن قيس، ومضى يمشي بين يديه إلى قبر معاوية، فصلى عليه وصففنا خلفه، وكبر أربعاً ثم أمر بنعليه حين خرج من المقابر فركبها حتى أتى الخضراء ثم أذن المؤذن الصلاة جامعة، لصلاة الظهر، وقد اغتسل ولبس ثياباً نقية وجلس على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وذكر موت معاوية قال: إن
معاوية كان يغزيكم البر والبحر، ولست حاملاً أحداً من المسلمين في البحر؛ وإن معاوية كان يشتيكم بأرض الروم، ولست مشتياً أحداً من المسلمين بأرض الروم؛ وإن معاوية كان يخرج لكم العطايا أثلاثاً، وأنا أجمعه لكم كله. قال: فافترقوا وما يفضلون عليه أحداً.
وقف مروان بن الحكم على قبر معاوية فقال: رحمك الله يا أبا عبد الرحمن! أكل على مائدته وأطعم عليها أربعين سنة، عشرين أميراً وعشرين خليفة ثم قال: من الطويل
وما الدهر والأيام إلا كما أرى ... رزية مال أو فراق حبيب
فلا خير فيمن لا يوطن نفسه ... على نائبات الدهر حين تنوب
دخل علي بن عبد الله بن عباس على عبد الملك بن مروان في يوم بارد وبين يديه وقود قد ألقي عليه عود مقد دخن، فقال عبد الملك: ها هنا، إلي يا أبا محمد! فأجلسه معه فقال علي: احمد الله يا أمير المؤمنين فيما أنت فيه من الإدفاء، والناس فيما هم فيه من شدة البرد - وفي رواية: وهو في فرش قد كاد يغيب فيها - فقال: يا أبا محمد! أبعد ابن هند بالشام أربعين سنة أميراً وخليفة أمسى يهتز على قبره ينبوتة؟! ثم دعا بالغداء فتغديا جميعاً.
وفي رواية: ثم هو ذاك على قبره ثمامة نابتة، وكانت خلافة معاوية عشرين سنة إلا أشهر.
ودفن بين باب الجابية وباب الصغير.
وكان محارباً لأهل العراق خمس سنين، وهلك وهو ابن ثمان وسبعين سنة، ومات سنة ستين.
توفي سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعشر سنين من التاريخ، وولي أبو بكر رضي الله عنه سنتين وأشهراً، وولي عمر رضي الله عنه عشر سنين وأشهراً، وولي عثمان رضي الله عنه ثنتي عشرة سنة، وكانت الفتنة لخمس سنين، وملك معاوية عشرين سنة.
خطب معاوية فقال: توفي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو ابن ثلاث وستين، وأبو بكر وهو ابن ثلاث وستين، وعمر وهو ابن ثلاث وستين، وأنا ابن ثلاث وستين.
ولكنه عمر بعد هذا حتى بلغ الثمانين، وقد قيل: إنه توفي ابن اثنتين وثمانين سنة.
جاء نعي معاوية إلى ابن عباس والمائدة بين يديه فقال لغلامه: ارفع، ارفع. ثم قال: اللهم أنت أوسع لمعاوية. ثم قال: خير ممن يكون بعده، وشر ممن كان قبله. ثم قال: من الكامل
جبل تزعزع ثم مال بجمعه ... في البحر لارتقت عليك الأبحر
ولما نعي معاوية قال عبد الله بن الزبير: ذهب والله عز بني أمية، كان والله كما قال الشاعر: من المتقارب
ركوب المنابر ذو همة ... معن بخطبته مجهر
تثوب إليه هوادي الكلام ... إذا ضل خطبته المهمر
وقيل: إن ابن الزبير لما بلغه خطب فقال: رحم الله ابن هند، لوددت أنه بقي لنا ما بقي من أبي قبيس حجر، على مثل ما فارقنا عليه، كان كما قال بطحاء العذري:
ركوب المنابر ذو همة ... معن بخطبته مجهر
تثوب إليه هوادي الكلام ... إذا ضل خطبته المهمر
ولد معاوية بمكة في دار أبي سفيان، وقيل: في دار عتبة بن ربيعة.

عبد الله بن عمر بن الخطاب

عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب
قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: من كنيته من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أبو عبد الرحمن: عبد اللَّه بن مسعود أبو عبد الرحمن، ومعاذ بن جبل أبو عبد الرحمن، وعبد اللَّه بن عمر أبو عبد الرحمن.
"العلل" رواية عبد اللَّه (393)، (1761)

قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا سفيان قال: كان ابن عمر ابن عشرين سنة يوم دخل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الكعبة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1551)

قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو داود قال: أخبرنا شعبة، عن أبي إسحاق قال: سمعت أبا سلمة يقول: مات ابن عمر وهو مثل عمر يوم قتل. قال عبد اللَّه: يعني في الفضل.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1827)

قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا هشام بن عروة قال: رأيت جابر بن عبد اللَّه وابن عمر ولكل واحد منهما جمة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1969)

قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو بكر قال: لم يبايع ابن الزبير، ولا حسين، ولا ابن عمر يزيد بن معاوية في حياة معاوية، قال: فتركهم معاوية.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4748)
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا الحارث بن عمير، عن أيوب، عن محمد بن سيرين قال: كانوا يرون أنه ليس أحد أعلم بالمناسك بعد ابن عفان من ابن عمر. وقال مرة: كان ابن عمر أعلم أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالمناسك بعد ابن عفان.
"العلل" رواية عبد اللَّه (5886)
عبد الله بن عمر بن الخطاب
ب د ع: عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن الخطاب الْقُرَشِيّ العدوي، يرد نسبه عند ذكر أَبِيهِ إن شاء اللَّه تَعَالى أمه، وأم أخته حفصة: زينب بِنْت مظعون بْن حبيب الجمحية.
أسلم مَعَ أَبِيهِ وهو صغير لم يبلغ الحلم، وَقَدْ قيل: إن إسلامه قبل إسلام أَبِيهِ، ولا يصح، وَإِنما كانت هجرته قبل هجرة أَبِيهِ، فظن بعضُ النَّاس، أن إسلامه قبل إسلامه أَبِيهِ، وأجمعوا عَلَى أَنَّهُ لم يشهد بدرًا، استصغره النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فردَّه، واختلفوا فِي شهوده أحدًا، فقيل: شهدها، وقيل: رده رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ غيره ممن لم يبلغ الحلمُ.
(850) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ، بِإِسْنَادِهِ إِلَى يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: لَمَّا أَسْلَمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ: أَيُّ أَهْلِ مَكَّةَ أَنْقَلُ لِلْحَدِيثِ؟، قَالُوا: جَمِيلُ بْنُ مَعْمَرٍ الْجُمَحِيُّ، فَخَرَجَ عُمَرُ، وَخَرَجْتُ وَرَاءَهُ، وَأَنَا غُلَيْمٌ أَعْقِلُ كُلَّ مَا رَأَيْتُ، حَتَّى أَتَاهُ، فَقَالَ: يَا جَمِيلُ، أَشَعَرْتَ أَنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ؟، فَوَاللَّهِ مَا رَاجَعَهُ الْكَلامَ حَتَّى قَامَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ، وَخَرَجَ عُمَرُ يَتْبَعُهُ، وَأَنَا مَعَهُ، حَتَّى إِذَا قَامَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ صَرَخَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنَّ عُمَرَ قَدْ صَبَأَ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنِّي أَسْلَمْتُ ...
وَذَكَرَ الْحَدِيثَ والصحيح أن أول مشاهدة الخندق، وشهد غزوة مؤتة مَعَ جَعْفَر بْن أَبِي طَالِب رَضِي اللَّه عَنْهُمْ أجمعين، وشهد اليرموك، وفتح مصر، وَإِفريقية، وكان كَثِير الأتباع لآثار رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتَّى إنه ينزل منازله، ويصلي فِي كل مكان صلى فِيهِ، وحتى إن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نزل تحت شجرة، فكان ابْنُ عُمَر يتعاهدها بالماء لئلا تيبس.
(851) أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيٍّ، وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادِهِمْ إِلَى أَبِي عِيسَى مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّمَا بِيَدِي قِطْعَةُ إِسْتَبْرَقٍ، وَلا أُشِيرُ بِهَا إِلَى مَوْضِعٍ مِنَ الْجَنَّةِ إِلا طَارَتْ بِي إِلَيْهِ، فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " إِنَّ أَخَاكِ رَجُلٌ صَالِحٌ "، أَوْ " إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ "
(852) أَخْبَرَنَا الْحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ عَلَيَّ، إِجَازَةً، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بْنُ طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا الْخُنَيْسِيُّ يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: خَرَجَ ابْنُ عُمَرَ فِي بَعْضِ نَوَاحِي الْمَدِينَةِ، وَمَعَهُ أَصْحَابٌ لَهُ، وَوَضَعُوا السُّفْرَةَ لَهُ، فَمَرَّ بِهِمْ رَاعِي غَنَمٍ فَسَلَّمَ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: هَلُمَّ يَا رَاعِي، فَأَصِبْ مِنْ هَذِهِ السُّفْرَةِ، فَقَالَ لَهُ: إِنِّي صَائِمٌ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَتَصُومُ فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ الْحَارِّ الشَّدِيدِ سَمُومُهُ، وَأَنْتَ فِي هَذِهِ الْحَالِ تَرْعَى هَذِهِ الْغَنَمَ؟، فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنِّي أُبَادِرُ أَيَّامِي هَذِهِ الْخَالِيَةَ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَخْتَبِرَ وَرَعَهُ: فَهَلْ لَكَ أَنْ تَبِيعَنَا شَاةً مِنْ غَنَمِكَ هَذِهِ فَنُعْطِيَكَ ثَمَنَهَا وَنُعْطِيَكَ مِنْ لَحْمِهَا مَا تُفْطِرُ عَلَيْهِ؟، قَالَ: إِنَّهَا لَيْسَتْ لِي بِغَنَمٍ، إِنَّهَا غَنَمُ سَيِّدِي، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: فَمَا يَفْعَلُ سَيِّدُكَ إِذَا فَقَدَهَا؟، فَوَلَّى الرَّاعِي عَنْهُ، وَهُوَ رَافِعٌ أُصْبُعَهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَهُوَ يَقُولُ: فَأَيْنَ اللَّهُ؟ قَالَ: فَجَعَلَ ابْنُ عُمَرَ يُرَدِّدُ قَوْلَ الرَّاعِي، يَقُولُ: قَالَ الرَّاعِي: فَأَيْنَ اللَّهُ؟، قَالَ: فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ بَعَثَ إِلَى مَوْلاهُ، فَاشْتَرَى مِنْهُ الْغَنَمِ وَالرَّاعِي، فَأَعْتَقَ الرَّاعِي، وَوَهَبَ مِنْهُ الْغَنَمَ
(853) قال: وأَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا أَبُو المعالي مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر البيهقي، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْد اللَّه الحافظ، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن سهل الفقيه، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن معقل، حَدَّثَنَا حرملة، حَدَّثَنَا ابْنُ وهب، قَالَ: قَالَ مَالِك: " قَدْ أقام ابْنُ عُمَر بعد النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ستين سنة يفتي النَّاس فِي الموسم، وغير ذَلِكَ، قَالَ مَالِك: وكان ابْنُ عُمَر من أئمة المسلمين "
(854) قَالَ: وأَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر بْن عَبْد الباقي، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّد الجوهري، وأَخْبَرَنَا أَبُو عُمَر بْن حيوية، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر بْن معروف، حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن القهم، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سعد، قَالَ: أخبرت عَنْ مجالد، عَنِ الشَّعْبِيّ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَر جيد الحديث، ولم يكن جيد الفقه.
وكان ابْنُ عُمَر شديد الاحتياط، والتوقي لدينه فِي الفتوى، وكل ما تأخذ بِهِ نفسه، حتَّى إنه ترك المنازعة فِي الخلافة مَعَ كثرة ميل أهل الشام إِلَيْه ومحبتهم لَهُ، ولم يقاتل فِي شيء من الفتن، ولم يشهد مَعَ عليّ شيئًا من حروبه، حين أشكلت عَلَيْهِ، ثُمَّ كَانَ بعد ذَلِكَ يندم عَلَى ترك القتال معه.
(855) أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو غَانِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي جَرَادَةَ، أَخْبَرَنَا عَمِّي أَبُو الْمَجْدِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي جَرَادَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّمِرِ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ بْنِ رَغْبَانَ الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ خَالَوَيْهِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ يَحْيَى الْكُوفِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَبِيبٍ، أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ: " مَا أَجِدُ فِي نَفْسِي مِنَ الدُّنْيَا، إِلا أَنِّي لَمْ أُقَاتِلِ الْفِئَةَ الْبَاغِيَةَ ".
أَخْرَجَهُ أَبُو عُمَرَ، وَزَادَ فِيهِ: مَعَ عَلِيٍّ.
وَكَانَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: مَا مِنَّا إِلا مَنْ مَالَتْ بِهِ الدُّنْيَا وَمَالَ بِهَا، مَا خَلا عُمَرَ، وَابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ.
وقَالَ لَهُ مروان بْن الحكم ليبايع لَهُ بالخلافة، وقَالَ لَهُ: إن أهل الشام يريدونك، قَالَ: فكيف أصنع بأهل العراق؟ قَالَ: نقاتلهم، قَالَ: والله لو أطاعني النَّاس كلهم إلا أهل فدك، فإن قاتلتهم يقتل منهم رَجُل واحد، لم أفعل، فتركه.
وكان بعد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكثر الحج، وكان كَثِير الصدقة، وربما تصدق فِي المجلس الواحد بثلاثين ألفًا.
قَالَ نافع: كَانَ ابْنُ عُمَر إِذَا اشتد عجبه بشيء من ماله قربه لربه، وكان رقيقه قَدْ عرفوا ذَلِكَ مِنْهُ، فربما لزم أحدهم المسجد، فإذا رآه ابْنُ عُمَر عَلَى تلك الحال الحسنة أعتقه، فيقول لَهُ أصحابه: يا أبا عَبْد الرَّحْمَن، والله ما بهم إلا أن يخدعوك، فيقول ابْنُ عُمَر: من خدعنا بالله انخدعنا لَهُ.
قَالَ نافع: ولقد رأيتنا ذات عشية، وراح ابْنُ عُمَر عَلَى نجيب لَهُ قَدْ أخذه بمال، فلما أعجبه سيره أناخه بمكانه، ثُمَّ نزل عَنْهُ، فَقَالَ: يا نافع، انزعوا عَنْهُ زمامه، ورحله وأشعروه وجللوه وأدخلوه فِي البدن.
وقَالَ نافع: دخل ابْنُ عُمَر الكعبة، فسمعته وهو ساجد، يَقُولُ: قَدْ تعلم يا ربي ما يمنعني من مزاحمة قريش عَلَى الدنيا إلا خوفك.
وقَالَ نافع: كَانَ ابْنُ عُمَر إِذَا قَرَأَ هَذِهِ الآية: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} بكى حتَّى يغلبه البكاء.
وقَالَ ابْنُ عُمَر: البرّ شيء هين، وجه طلق، وكلام لين.
وروى ابْنُ عُمَر، عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأكثر.
وروى عَنْ: أَبِي بَكْر، وعمر، وعثمان، وأبي ذر، ومعاذ ابْنُ جبل، ورافع بْن خديج، وأبي هُرَيْرَةَ، وعائشة.
روى عَنْهُ: ابْنُ عَبَّاس، وجابر، والأغر المزني من الصحابة.
وروى عَنْهُ من التابعين بنوه: سالم، وعبد اللَّه، وحمزة، وَأَبُو سَلَمة، وحُميد ابنا عَبْد الرَّحْمَن، ومصعب بْن سعد، وسعيد المسيب، وأسلم مَوْلَى عُمَر، ونافع مولاه، وخلق كَثِير.
(856) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْقَاهِرِ الطُّوسِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ بَدْرَانَ الْحُلْوَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ قَفَرْجَلٍ، حَدَّثَنَا جَدِّي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَفَعَهُ، قَالَ: " كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، وَمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا مَاتَ، وَهُوَ مُدْمِنُهَا، لَمْ يَشْرَبْ مِنْهَا فِي الآخِرَةِ "
(857) وَأَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ مُسْلِمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ السِّيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْبَرَكَاتِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَمِيسٍ الْجُهَنِيُّ الْمَوْصِلِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ طَوْقٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ نَصْرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْخَلِيلِ الْمَرْجِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ نَصْرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْخَلِيلِ الْمَرْجِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بِبَعْضِ جَسَدِي، وَقَالَ: " يَا عَبْدَ اللَّهِ، كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ، أَوْ كَأَنَّكَ عَابِرُ سَبِيلٍ، وَعُدَّ نَفْسَكَ فِي أَهْلِ الْقُبُورِ "، ثُمَّ قَالَ لِي: " يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلا دِرْهَمٌ، إِنَّما هِيَ حَسَنَاتٌ وَسَيِّئَاتٌ، جَزَاءٌ بِجَزَاءٍ، وَقِصَاصٌ بِقِصَاصٍ، وَلا تَتَبَرَّأْ مِنْ وَلَدِكَ فِي الدُّنْيَا، فَيَتَبَرَّإِ اللَّهُ مِنْكَ فِي الآخِرَةِ، فَيَفْضَحْكَ عَلَى رُءُوسِ الأَشْهَادِ، وَمَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " توفي عَبْد اللَّه بْن عُمَر سنة ثلاث وسبعين، بعد قتل ابْنُ الزُّبَيْر بثلاثة أشهر، وكان سبب قتله أن الحجاج أمر رجلًا فسم زج رمح وزحمه فِي الطريق، ووضع الزج فِي ظهر قدامه، وَإِنما فعل الحجاج ذَلِكَ، لأنَّه خطب يومًا وأخر الصلاة، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَر: إن الشمس لا تنتظرك، فَقَالَ لَهُ الحجاج: لقد هممت أن أضرب الَّذِي فِيهِ عيناك، قَالَ: إن تفعل فإنك سفيه مسلط.
وقيل: إن الحجاج حج مَعَ عَبْد اللَّه بْن عُمَر، فأمره عَبْد الملك بْن مروان، أن يقتدي بابن عُمَر، فكان ابْنُ عُمر يتقدم الحجاج فِي المواقف بعرفه وغيرها، فكان ذَلِكَ يشق عَلَى الحجاج، فأمر رجلًا معه حربة مسمومة، فلصق بابن عُمَر عند دفع النَّاس، فوضع الحربة عَلَى ظهر قدمه، فمرض منها أيامًا، فأتاه الحجاج يعوده، فَقَالَ لَهُ: من فعل بك؟ قَالَ: وما تصنع؟ قَالَ: قتلني اللَّه إن لم أقتله، قَالَ: ما أراك فاعلًا، أنت أمرت الذي نخسني بالحرية، فَقَالَ: لا تفعل يا أبا عَبْد الرَّحْمَن، وخرج عَنْهُ، ولبث أيامًا، ومات وصلى عَلَيْهِ الحجاج.
ومات وهو ابْنُ ست وثمانين سنة، وقيل: أربع وثمانين سنة، وقيل: توفي سنة أربع وسبعين، ودفن بالمحصب، وقيل بذي طوي، وقيل: بفج، وقيل: بسرف.
قيل: كَانَ مولده قبل المبعث بسنة، وهذا يستقيم عَلَى قول من يجهل مقام النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمكة بعد المبعث عشر سنين، لأنه توفي سنة ثلاث وسبعين، وعمره أربع وثمانون سنة، فيكون لَهُ فِي الهجرة إحدى عشرة سنة، فيكون مولده قبل المبعث بسنة، وأمَّا عَلَى قول من ذهب إِلَى أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يُجزه يَوْم أُحد، وكان لَهُ أربع عشرة سنة، وكانت أُحد فِي السنة الثالثة، فيكون لَهُ فِي الهجرة إحدى عشرة سنة، وأمَّا عَلَى قول من يَقُولُ: إن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقام بعد المبعث بمكة ثلاث عشرة سنة، وأن عُمَر عَبْد اللَّه أربع وثمانون سنة، فيكون مولده بعد المبعث بسنتين، وأمَّا عَلَى قول من يجعل عمره ستًا وثمانين سنة، فيكون مولده وقت المبعث، والله أعلم
عبد الله بن عمر بن الخطاب، أحد حفّاظ هذه الأمّة، وقدوة الحفّاظ، أحاديثه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ألفان ومئتان وعشرة.
عبد الله بن عمر بن الخطّاب بن نفيل بن عبد العزّى بن رياح بن عبد الله ابن قرط بن رزاح بن عدىّ بن كعب بن لؤى القرشى العدوىّ : يكنى أبا عبد الرحمن. شهد فتح مصر ، واختط بها . روى عنه أكثر من أربعين رجلا من أهل مصر .
عبد الله بن عمر بن الخطاب كنيته أبو عبد الرحمن كان مولده قبل الوحي بسنة لم يشهد بدرا وعرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وهو بن أربع عشرة سنة فلم يجزه ولم يره بلغ ثم عرض عليه يوم الخندق وهو بن خمس عشرة فأجازه وكان من صالحي الصحابة وقرائهم وزهادهم ولم يشتغل في هذه الدنيا بالصفراء ولا بالتمتع بالبيضاء ولا ضم درهما إلى درهم وكان من أكثرهم تتبعا لآثار رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكثرهم استعمالا لها اعتزل الفتن وقعد في البيت عن الناس إلا أن يخرج حاجا أو معتمرا أو غازيا إلا أن أدركته المنية على حالته تلك بمكة وهو حاج سنة ثلاث وسبعين وبها دفن رضه
عبد الله بن عمر بن الخطاب أبو عبد الرحمن
قال محمد بن عمر: عبد الله بن عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رباح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب وأمه زينب بنت مظعون أخت عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح.
وكان إسلام عبد الله بمكة مع إسلام أبيه ولم يكن بلغ يومئذ وهاجر مع أبيه إلى المدينة.
حدثني ابن زنجويه قال: سمعت يعلى بن عبيد يذكر عن الأعمش عن عطية بن سعد: أن عبد الله بن عمر يكنى أبا عبد الرحمن.

- حدثني محمد بن عبد الملك بن زنجويه نا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب
قال: كان عبد الله بن عمر يشبه أباه عمر بن الخطاب وكان سالم أشبه أباه عبد الله بن عمر.

- حدثني زهير بن محمد نا حسين بن محمد نا إسرائيل عن أبي إسحاق قال: رأيت ابن عمر في السعي بين الصفا والمروة فإذا هو رجل ضخم آدم.

- حدثني جدي نا ابن زنجويه نا هشام بن عروة قال: رأيت بن عمر له جمة.

- حدثنا علي بن الجعد نا شريك عن محمد بن قيس قال: رأيت ابن عمر يصفر لحيته.
- حدثنا عبد الأعلى بن حماد نا عبد العزيز بن محمد عن محمد بن زيد قال: رأيت ابن عمر يصفر لحيته بالخلوق والزعفران.

- حدثنا [محرز] بن عون نا خالد بن عبد الله عن عبد العزيز بن أبي حكيم قال: رأيت ابن عمر ////يخضب بالورس.

- حدثني ابن المقرىء نا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: شهد ابن عمر فتح مكة وهو ابن عشرين سنة.

- حدثني علي بن مسلم الطوسي نا عبد الصمد عن عبد الوارث نا حماد - يعني ابن سلمة - عن علي بن زيد عن أنس وسعيد بن المسيب قالا: ابن عمر شهد بدرا.
- حدثني إسماعيل بن إسحاق نا محمد بن أبي بكر نا حماد بن زيد عن عبيد الله بن نافع عن ابن عمر: أنه عرض على النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر فلم يقبله.
قال أبو القاسم: وهذا وهم وقد رواه عن عبيد الله جماعة لم يقولوا يوم بدر وقالوا: يوم أحد.

- حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة نا عبد الله بن إدريس وعبد الرحيم ح
وثني سويد بن سعيد نا علي بن مسهر ح
وحدثني يعقوب بن إبراهيم نا يحيى بن سعيد القطان ح
وحدثني علي بن مسلم نا ابن نمير ح
وحدثني علي بن مسلم نا محمد بن بكر أخبرنا ابن جريج كلهم عن عبد الله عن نافع عن ابن عمر قال: عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة فلم يجزني وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني.
قال أبو القاسم: ورواه مسدد عن حماد بن زيد عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: قبلنا النبي صلى الله عليه وسلم أنا ورافع بن خديج يوم الخندق وأنا وهو ابنا خمس عشرة.

- حدثنيه إسماعيل عن مسدد.

- حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة نا ابن إدريس عن مطرف عن أبي إسحاق عن البراء قال: عرضت أنا وابن عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر فاستصغرنا وشهدنا أحدا.

- حدثني عمي عن الزبير قال: هاجر عبد الله بن عمر مع أبيه
وأمه إلى المدينة وهو ابن عشر سنين.

- حدثنا علي بن الجعد أخبرنا شريك عن محمد بن قيس قال: رأيت ابن عمر محلل أزرار القميص.

- حدثنا شجاع نا أبو معاوية وابن نمير ح
وحدثني زياد بن المبارك نا عبدة كلهم عن الأعمش عن ثابت بن عبيد قال: ما رأيت ابن عمر ولا ابن عباس زرا قميصا قط.

- حدثني جدي نا يزيد أنا عبد الملك عن سعيد بن جبير قال: رأيت ابن عمر متوسدا مرفقه من أدم حشوها ليف.

- حدثنا أبو الربيع الزهراني نا حماد بن زيد ح
وحدثني جدي وزياد بن أيوب قالا: نا إسماعيل بن إبراهيم ح
ونا عبد الأعلى نا وهيب قالوا: نا أيوب عن نافع عن ابن عمر
قال: رأيت في المنام كأن في يدي سرقة من حرير لا أهوى بها إلى مكان من الجنة غلا طار بي إليه فقصصتها على حفصة فقصتها حفصة على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " إن ////أخاك رجل صالح أو إن عبد الله رجل صالح.
واللفظ لحديث [عبد الأعلى]

- حسين بن محمد الذراع نا عبد الأعلى بن عباد نا يزيد بن معن عن عبد الله بن شرحبيل عن زيد بن أبي أوفى: أن النبي صلى الله عليه وسلم نظر إلى عبد الله بن عمر فقال: " الحمد لله الذي هدى من الضلالة ويلبس الضلالة على من يحب ".

- حدثنا خلف بن هشام البزار نا خالد بن عبد الله ح
وحدثني جدي نا عباد بن العوام جميعا عن حصين عن سالم بن أبي الجعد عن جابر قال: ما منا من أحد أدرك الدنيا إلا مالت به ومال بها إلا ابن عمر.
- حدثنا ابن فروخ نا أبو هلال نا قتادة عن سعيد بن المسيب قال: لو شهدت لأحد أنه من أهل الجنة لشهدت لعبد الله بن عمر.
قال الزبير: وكان عبد الله بن عمر يحفظ ما يسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا لم يحضر يسأل من حضر عما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعل، وكان يتتبع آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل مسجد صلى فيه وكان يعترض براحلته في كل طريق مر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقال له في ذلك فيقول: أتحرى أن تقع أخفاف راحلتي على بعض أخفاف راحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

- حدثنا أحمد بن حنبل وجدي قالا: نا إسماعيل بن إبراهيم ح ونا أبو الربيع الزهراني نا حماد بن زيد نا أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: دفعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خطب ونزل عن منبره. قال حماد في حديثه: فقلت لأصحابي وفي حديث إسماعيل: فقلت: ما قام به
رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم؟ قالوا: نهى عن الدباء والمزفت.

- حدثنا محمد بن أبي عبد الرحمن نا سفيان عن عمر عن محمد بن علي قال: كان ابن عمر إذا سمع الحديث لم يزد فيه ولم ينقص منه ولم يجاوزه ولم يقصر عنه.

- حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى القطان نا محمد بن بشر قال: سمعت خالد عن سعيد يذكر عن أبيه قال: ما رأيت أحدا كان أشد اتقاء لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من ابن عمر.

- حدثنا عمرو الناقد نا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: صحبت ابن عمر إلى المدينة فما سمعته يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا حديثا واحدا.
- حدثنا هدبة نا مهدي بن ميمون قال: سمعت غيلان بن جرير قال: جعل رجل يقول لابن عمر: أرأيت أرأيت؟ فقال ابن عمر: اجعل أرأيت عند الثريا.

- حدثنا أبو همام الوليد بن شجاع نا عمر بن عبد الواحد العمري عن نافع قال: ما مات ابن عمر حتى أعتق ألف إنسان أو زاد.

- حدثني عيسى بن سالم أبو سعيد الشاشي نا أبو المليح عن ميمون ////قال: بعث عبد الله بن عامر حين حضرته الوفاة إلى مشيخة من أهل المدينة وفيهم ابن عمر فقال: أخبروني كيف كانت سيرتي؟ قالوا: كنت تصدق وتعتق وتصل رحمك. قال: وابن عمر ساكت فقال: يا أبا عبد الرحمن مالك ما منعك أن تتكلم؟ قال: قد تكلم القوم. قال: عزمت عليك لتكلمن. قال: فقال: إذا طابت المكسبة زكت النفقة وستقدم فترى.

- حدثنا شيبان نا سلام بن مسكين قال: سمعت الحسن قال: لما كان من اختلاف الناس ما كان أتوا عبد الله بن عمر فقالوا: أنت سيد الناس وابن سيدهم أخرج يبايعك الناس فكلهم بك راض فقال: والله لا تراق محجمة من دم في سببي ما كان في الروح ثم أتى فقيل له: لتخرجن او لتقتلن على فراشك، فقال مثلها، فوالله ما استقلوا منه شيئا حتى
لحق بالله تعالى.

- حدثنا عيسى بن سالم نا أبو المليح عن ميمون قال: دخلت على ابن عمر فقومت كل شيء في بيته فما وجدته يساوي طيلساني، قال: ودخلت على سالم من بعده فوجدته على مثل حاله.

- حدثنا محمد بن بكار نا أبو معشر عن عبد الرحمن بن يسار قال: سمعت الحجاج يخطب وهو يقول: إن عبد الله بن الزبير قد بدل كلام الله فقال ابن عمر: كذبت ليس تبديل كلام الله بيدك ولا بيد ابن الزبير كتاب الله أعز من أن يبدل قال: فقال الناس لابن عمر: أخرج أخرج فأبا أن يخرج حتى صلى معه.
حدثنا أحمد بن إبراهيم العبدي قال: سمعت أبا نعيم يقول: توفي ابن عمر سنة ثلاث وسبعين.
وقال محمد بن عمر: حدثني خالد بن أبي بكر عن سالم بن عبد الله بن عمر قال: مات ابن عمر ودفن بفخ سنة أربع وسبعين في خلافة عبد الملك بن مروان وكان يوم مات ابن أربع وثمانين سنة.
وقال ابن عمر: حدثني معمر عن الزهري عن سالم قال: أوصاني أبي أن أدفنه خارجا من الحرم فلم نقدر فدفناه في الحرم بفخ في مقبرة المهاجرين.
حدثنا أحمد بن منصور نا يحيى بن بكير قال: توفي عبد الله بن عمر بمكة بعد الحج ودفن بالمحصب وبعض الناس يقول: بفخ وسنة يوم توفي أربع وثمانون.
حدثني أحمد بن منصور نا عبد الحكم بن عبد الله بن عبد الحكم أنا ابن وهب عن ابن القاسم عن مالك قال: أقام ابن عمر
بعد النبي صلى الله عليه وسلم ستين سنة تقدم عليه وفود الناس.
قال ابن عبد الحكم وأخبرني أبي عن ابن القاسم عن مالك قال: سن ابن عمر سبع وثمانون سنة.
وقال ابن عمر: أخبرنا مالك بن أنس قال: قال أبو جعفر أمير المؤمنين: كيف أخذتم بقول ابن عمر من بين الأقاويل؟ قلت: لأنه تقي يا أمير المؤمنين وكان له فضل//// عند الناس ووجدنا من تقدمنا أخذ به فأخذنا به قال: فخذ بقوله وإن خالف عا [] وابن عباس رضي الله عنهم.
حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال: سمعت سفيان بن [عيينة] يقول: قال عمر: ما منكم إلا وأنا أحب أن أقول عليه: إنا لله وإنا إليه
راجعون خلا [عبد الله] فإني أحب أن يبقى ليأخذ به الناس.
[عن قتادة قال: سمعت ابن المسيب يقول: كان ابن عمر يوم مات خير من بقي].
عبد الله بن عمر بن الخطاب
ابن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح أبو عبد الرحمن القرشي العدوي من المهاجرين، شهد مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الخندق وما بعده من المشاهد، وشهد غزوة مؤتة مع زيد وجعفر، وشهد يوم اليرموك.
عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلي قبل الظهر ركعتين، وبعدها ركعتين، وبعد المغرب ركعتين - زاد في رواية: في بيته - وبعد العشاء ركعتين، وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف، فيصلي ركعتين في بيته.
عن ابن عمر قال: بينا الناس في مسجد قباء، في صلاة الصبح إذ جاء رجل فقال: أنزل على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قرآن، فأمر أن يتحول إلى الكعبة، فقال: هكذا يوصف أنهم استداروا إلى القبلة.
عن ابن عمر: أن عمر بن الخطاب خطب بالجابية، قال: قام فينا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مقامي، فسلم، فقال: " استوصوا بأصحابي خيراً، ثم الذين يلونهم، ثم يفشو الكذب حتى إن الرجل يبتدئ بالشهادة قبل أن يُسألها، وباليمين قبل أن يُسألها، فمن أراد بحبحة الجنة فليلزم الجماعة، فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد، لا يخلون أحدكم بامرأةٍ، فإن الشيطان ثالثهما، ومن سرته حسنته، وساءته سيئته فهو مؤمن ".
عن ابن عمر قال: أَصَبنا يوم اليرموك طعاماً وعلفاً فلم يقسم.
قال الزبير بن بكار:
فمن ولد عمر بن الخطاب: عبد الله بن عمر، استُصغر يوم أحد، وشهد الخندق مع رسول الله، وهاجر مع أبيه إلى المدينة، وهو ابن عشر سنين، وبقي حتى مات سنة ثلاثٍ وسبعين، وأخته لأبيه وأمه حفصة بنت عمر، زوج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعبد الرحمن الأكبر؛ وأمهم: زينب بنت مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح، كانت من المهاجرات وكان عبد الله بن عمر يتوجه في السرايا على عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
كان إسلام عبد الله بمكة مع إسلام أبيه، ولم يكن بلغ يومئذٍ، وكان ربعةً يخضب بالصفرة، وتوفي بمكة، ودفن بذي طوى، ويقال: دفن بفخ مقبرة المهاجرين، وكان لابن عمر مَقْدَم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة إحدى عشر سنةً.
قال أبو نعيم الحافظ: خال المؤمنين، من أملك شباب قريش عن الدنيا، كان آدم طالاً، له جمة مفروقة تضرب قريباً من منكبيه، يقص شاربه، ويصفر لحيته ويشمر إزاره، أعطي القوة في العبادة، وفي الجماع، كان من التمسك بآثار النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالسبيل المبين، وأعطي المعرفة بالآخرة، والإيثار لها، لم تغيره الدنيا، ولم تفتنه كان من البكّائين الخاشعين، وعدّه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الصالحين، نقش خاتمه عبد الله لله، أصاب رجله زج رمحٍ، فورمت رجلاه، فتوفي منها بمكة سنة أربع - وقيل: سنة ثلاث - وسبعين، ودفن بالمُحصِّب، وقيل: بذي طوى، وقيل: بفخ، وقيل: بسرف، مات وهو ابن ست وثمانين.
قال الخطيب: خرج إلى العراق، فشهد يوم القادسية، ويوم جلولاء، وما بينهما من وقائع الفرس، وورد المدائن غير مرة.
عن الحارث بن جزء الزبيدي قال: توفي صاحب لي، فكنا على قبره أنا، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وكان اسمي العاص، واسم ابن عمر العاص، واسم ابن عمرو العاص، فقال لنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " انزلوا واقبروه، وأنتم عبيد الله " قال: فنزلنا فقبرنا أخانا، وصعدنا من القبر وقد بدلت أسماؤنا.
قال أبو إسحاق: رأيت ابن عمر رجلاً آدم جسيماً ضخماً في إزارٍ إلى نصف الساقين.
قال ابن عمر: إنما جاءتنا الأُدمة من قبل أخوالي، والخال أنزع شيءٍ، وجاءني البُضْع من
أخوالي؛ فهاتان الخصلتان لم تكونا في أبي، رحمه الله؛ كان أبي أبيض، لا يتزوج النساء شهوةً إلا لطلب الولد - وفي رواية: لشهوة.
وقال: عُرضْتُ على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم بدرٍ وأنا ابن ثلاث عشرة فردني، ثم عرضت عليه يوم أحدٍ، وأنا ابن أربع عشرة فردني، ثم عرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمسة عشر فأجازني.
قال يزيد بن هارون: وهو في الخندق ينبغي أن يكون ابن ست عشرة سنةً؛ لأن بين أحدٍ والخندق بدراً الصغرى.
عن البراء قال: عرضت أنا وابن عمر على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم بدرٍ، فاستصغرنا، وشهدنا أحداً.
قال ابن عمر: شهدت الفتح وأنا ابن عشرين سنةً.
وكان ابن عمر يوم مات النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابن اثنتين وعشرين سنةً.
عن عطاء بن أبي رباح قال: قلت لابن عمر: أشهدت بيعة الرضوان مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: نعم، قلت: فما كان عليه؟ قال: قميص من قطنٍ، وجبة محشوة، ورداء وسيف، ورأيت النعمان بن مقرن المزني قائماً على رأسه، قد رفع أغصان الشجرة عن رأسه، والناس يبايعونه.
عن ابن عمر قال: كان الرجل في حياة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا رأى رؤيا قصها على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتمنيت أن أرى رؤيا أقصها على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكنت غلاماً عزباً شاباً، وكنت أنام في
المسجد على عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: فرأيت في المنام كأن ملكين أتياني، فذهبا بي إلى النار، فإذا هي مطوية كطي البئر، فإذا لها قرنان كقرني - وفي رواية: قرن كقرن - البئر، قال: فرأيت فيها ناساً قد عرفتهم، فجعلت أقول: أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار، قال: فلقينا ملك، فقال: لن تراع، قال: فقصصتها على حفصة، فقصتها حفصة على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " نِعْم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل " قال: فكان بعد لا ينام من الليل إلا قليلاً.
وفي رواية أخرى قال:
رأيت في المنام كأن في يدي سَرَقَةً من حرير، فما أهوي بها إلى مكانٍ من الجنة إلا طارت بي إليه، فقصصتها على حفصة، فقصَّتها على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " إن أخاكِ رجل صالح، أو قال: إن عبد الله رجل صالح ".
وفي رواية أخرى قال: رأيت في المنام كأن بيدي قطعة إستبرق، ولا أشير بها إلى مكانٍ من الجنة إلا طارت بي إليه.
قال ابن عمر: كنت شاهد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حائط نخلٍ، فاستأذن أبو بكرٍ، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ائذنوا له، وبشروه بالجنة " ثم استأذن عمر، فقال: " ائذنوا له، وبشروه بالجنة " ثم استأذن عثمان، فقال: " ائذنوا له وبشروه بالجنة على بلوى تصيبه " قال: فدخل يبكي ويضحك.
قال عبد الله: فأنا يا نبي الله، قال: " أنت مع أبيك ".
عن أنس بن مالك وسعيد بن المسيب: أن عمر بن الخطاب كتب المهاجرين على خمسة آلاف، والأنصار على أربعة آلاف، ومن لم يشهد بدراً من أبناء المهاجرين على أربعة آلاف؛ وكان منهم: عمر بن أبي سلمة بن عبد الأسدي المخزومي، وأسامة بن زيد، ومحمد بن عبد الله بن جحش الأسدي، وعبد الله بن عمر، فقال عبد الرحمن بن عوف: إن ابن عمر ليس من هؤلاء؛ إنه وإنه! فقال ابن عمر: إن كان لي حق فأعطنيه، وإلا فلا تعطني، فقال عمر لابن عوف: اكتبه على خمسة آلاف، واكتبني على أربعة آلاف، فقال عبد الله: لا أريد هذا، فقال عمر: والله لا أجتمع أنا وأنت على خمسة آلاف!.
قال عبد الله بن عمر: كساني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حلة من حلل السير أهداها له فيروز، فلبست الإزار، فأغرقني طولاً وعرضاً، فسجبته، ولبست الرداء، فتقنعت به، وأخذ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعاتقي، فقال: " يا عبد الله بن عمر، ارفع الإزار، فإن ما مست الأرض من الإزار إلى ما أسفل من الكعبين في النار "، فلم يُرَ أشد تشميراً من عبد الله بن عمر.
قال حذيفة: ما منا أحد يفتش إلا فُتّش عن جانفةٍ أو مثقلةٍ إلا عمر وابنه.
قال جابر بن عبد الله: من سره أن ينظر إلى أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذين مضوا قبله وبعده، ولم يغيروا، ولم يبدلوا فلينظر إلى هذا - يعني عبد الله بن عمر - وفي رواية: ما أحد منا أدرك الدنيا إلا مالت به، ومال بها إلا ابن عمر.
قالت عائشة: ما رأيت أحداً ألزم للأمر الأول من عبد الله بن عمر.
وقالت عائشة لابن عمر: ما منعك أن تنهاني عن مسيري؟ قال: رأيت رجلاً قد استولى على أمرك، وظننت أنك لن تخالفيه - يعني ابن الزبير - قالت: أما إنك لو نهيتني ما خرجت، قال: وكانت تقول: إذا مر ابن عمر فأرونيه، فإذا مر قيل لها: هذا ابن عمر، فلا تزال تنظر إليه.
عن السدي قال: رأيت نفراً من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، منهم أبو سعيد الخدري، وأبو هريرة، وابن عمر، كانوا يرون أنه ليس أحد منهم على الحال التي فارق عليها محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا عبد الله بن عمر.
قال أبو سلمة: مات ابن عمر، وهو مثل عمر في الفضل.
وقال: إن عمر كان في زمَانٍ له فيه نظراء، وإن ابن عمر كان في زمان ليس له فيه نظير.
وقال سعيد بن المسيب: لو شهدت لأحدٍ أنه من أهل الجنة لشهدت لعبد الله بن عمر.
وسئل عن العلم يكون في العمامة، فقال: كان عبد الله بن عمر يكرهه، وسئل عن الحرير، فقال: كان ابن عمر يوم مات خير من بقي، وكان يقول: إنه ثياب من لا خلاق له، وقال: مات ابن عمر يوم مات وما في الأرض أحد أحب إلي أن ألقى الله بمثل عمله منه، وسئل عن صوم يوم عرفة فقال: كان ابن عمر لا يصومه، قلت له: فغيره؟ قال: حسبك به شيخاً.
عن سالم قال: كان عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عمر لا يُعرف فيهما البِرُّ حتى يقولا أو يفعلا - يعني أنهما لم يكونا مؤنثين ولا متماوتين.
قال طاوس: ما رأيت رجلاً أورغ من ابن عمر.
قال بعض الخلفاء لمالك - يظن أنه هارون -: يا أبا عبد الله، ما لكم أقبلتم على عبد الله بن عمر، وتركتم ابن عباس؟ قال: لا على أمير المؤمنين ألا يسأل عن هذا، قال: فإن أمير المؤمنين يريد أن يعلم ذلك، قال: كان أورع الرجلين.
كان يقال: ما رجل أضل بعيره بأرض فلاةٍ؛ فهو في طلبه بأتبع له من عبد الله بن عمر لعمر.
عن القاسم بن محمد قال: كان ابن عمر قد أتعب أصحابه، فكيف من بعدهم؟! عن ابن عمر قال:
ما وضعت لبنةً على لبنةٍ ولا غرست نخلةً منذ توفي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
عن أبي جعفر قال: لم يكن أحد من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا سمع من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديثاً أجدر ألا يزيد فيه، ولا ينقص منه، ولا، ولا، من عبد الله بن عمر بن الخطاب.
وعن نافع: أن ابن عمر كان يتبع آثار رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في كل مكان صلى فيه، حتى أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نزل تحت شجرةٍ، فكان ابن عمر يتعاهد تلك الشجرة فيصب في أصلها الماء لكيلا تيبس؛ قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لو تركنا هذا الباب للنساء " فلم يدخل فيه ابن عمر حتى مات.
قال الزبير بن بكار: كان عبد الله بن عمر يتحفظ ما سمع من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويسأل إذا لم يحضر من حضر عما قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو فعل، وكان يتبع آثار رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في كل مسجد صلى فيه، وكان يعترض براحلته في كل طريق مر بها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيقال له في
ذلك، فيقول: إني أتحرى أن تقع أخفاف راحلتي على بعض أخفاف راحلة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان قد شهد مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حجة الوداع، فوقف معه بالموقف بعرفة، فكان يقف في ذلك الموقف كلما حج، وكان كثير الحج، حج عام قتل ابن الزبير مع الحجاج، وكان عبد الملك بن مروان كتب إلى الحجاج بن يوسف يأمره ألا يخالف ابن عمر في الحج، فأتى ابن عمر حين زالت الشمس يوم عرفة، ومعه ابنه سالم، فصاح به عند سرادقه: الرواح، فخرج عليه الحجاج في معصفرةٍ، فقال: هذه الساعة؟ قال: نعم، قال: فأمهلني أصب علي ماءً، فدخل ثم خرج، قال سالم: فسار بيني وبين أبي، فقلت له: إن كنت تحب أن تصيب السنة فعجل الصلاة، وأوجز الخطبة، فنظر إلى عبد الله ليسمع ذلك منه، فقال عبد الله: صدق، ثم انطلق حتى وقف في موقفه الذي كان يقف فيه، فكان ذلك الموقف بين يدي الحجاج، فأمر من نخس به حتى نفرت به ناقته فسكنها ابن عمر حتى سكنت، ثم ردها إلى ذلك الموقف، فوقف فيه، فأمر الحجاج أيضاً بناقته، فنخست، فنفرت بابن عمر، فسكّنها ابن عمر حتى سكنت، ثم ردها إلى ذلك الموقف، فثقل على الحجاج أمره، فأمر رجلاً معه حربة، يقال إنها كانت مسمومة، فلما دفع الناس من عرفة لصق به ذلك الرجل، فأَمَرَّ الحربة على قدمه، وهي في غرز رحله، فمرض منها أياماً، ثم مات بمكة، فدفن بها وصلى عليه الحجاج.
عن الشعبي قال: صحبت ابن عمر سنة، ما رأيته يحدث عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا حديثاً واحداً.
وفي رواية: جالست ابن عمر قريباً من سنتين، فما سمعته يحدث عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشيءٍ، غير أنه قال يوماً: كان ناس من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأكلون ضباً فيهم سعد بن مالك، فنادتهم امرأة من أزواج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنه ضب، فأمسكوا، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كلوا فإنه حلال، ولا بأس به، ولكنه ليس من طعام قومي ".
وعن زيد بن عبد الله بن عمر: ما ذكر ابن عمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا بكى، وما مر على ربعهم إلا غمض عينيه.
عن يوسف بن ماهك قال: رأيت ابن عمر وهو عند عبيد بن عمير، وعمير يقص، فرأيت ابن عمر عيناه تُهراقان دمعاً.
وعن عبيد بن عمير: أنه قرأ: " فكيف إذا جئنا من كل أمةٍ بشهيدٍ " حتى ختم الآية، فجعل ابن عمر يبكي حتى لثقت لحيته وجيبه من دموعه، قال الذي كان إلى جنب ابن عمر: لقد أردت أن أقوم إلى عبيد بن عمير، فأقول له: أقصر عليك، فإنك قد آذيت هذا الشيخ!.
عن نافعٍ قال: وكان ابن عمر إذا قرأ هذه الآية: " ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله " بكى حتى يغلبه البكاء.
عن القاسم بن أبي بزة، حدثني من سمع ابن عمر قرأ: " ويل للمطففين " فلما بلغ " يوم يقوم الناس لرب العالمين " بكى حتى خر، وامتنع من قراءة ما بعده.
عن ابن أبي مليكة قال: مر رجل على عبد الله بن عمر وهو ساجد في الحجر، وهو يبكي، فقال: أتعجب أن أبكي من خشية الله وهذا القمر يبكي من خشية الله! ونظر إلى القمر حين شفَّ أن يغيب.
قيل لنافع: ما كان يصنع ابن عمر في منزله؟ قال: لا يطيقونه، الوضوء لكل صلاة، والمصحف فيما بينهما.
وعن نافع:
أن ابن عمر كان يحيي الليل، ثم يقول: يا نافع أسحرنا؟ فأقول: لا، فيعاود الصلاة، فإذا قلت: نعم قعد يستغفر الله، ويدعو حتى يصبح.
وكان ابن عمر إذا فاتته صلاةً في جماعة صلى إلى الصلاة الأخرى، فإذا فاتته العصر سبَّح إلى المغرب، ولقد فاتته صلاة عشاء الآخرة في جماعة فصلى حتى طلع الفجر.
قال: كان ابن عمر لا يصوم في السفر، ولا يكاد يفطر في الحضر؛ إلا أن يمرض، أو أيام يَقْدَم؛ فإنه كان رجلاً كريماً يحب أن يؤكل عنده، قال: وكان يقول: ولأن أفطر في السفر، وآخذ برخصة الله أحب إلي من أن أصوم.
وعن سالم قال: ما لعن ابن عمر خادماً قط إلا مرة فأعتقه.
وعن نافع: أن عبد الله بن عمر كانت له جارية، فلما اشتد عجبه بها أعتقها وزوجها مولى له، فولدت غلاماً؛ فلقد رأيت عبد الله بن عمر يأخذ ذلك الصبي، فيقبِّله، ثم يقول: واهاً لريح فلانة - يعني الجارية التي أعتق.
قال زيد بن أسلم: مر عبد الله بن عمر براعٍ، فقال: يا راعي الغنم، هل من جزرةٍ؟ قال الراعي: ليس ها هنا ربها، فقال له ابن عمر: تقول إنه أكلها الذئب، قال: فرفع الراعي رأسه إلى السماء، ثم قال: فأين الله؟ قال ابن عمر: فأنا والله أحق أن أقول: فأين الله! فاشترى ابن عمر الراعي، واشترى الغنم، فأعتقه، وأعطاه الغنم.
عن نافع قال: خرج ابن عمر في بعض نواحي المدينة، ومعه أصحاب له، فوضعوا له سفرة له، فمر بهم راعي غنمٍ، قال: فسلم، فقال له ابن عمر: هلم يا راعي، هلم فأصب من هذه السُّفرة، فقال له: إني صائم، فقال له ابن عمر: أتصوم في مثل هذا اليوم الحار الشديد سمومه، وأنت في هذه الحال ترعى هذه الغنم؟ فقال له: إني والله أبادر أيامي هذه الخالية، فقال له ابن عمر وهو يريد يختبر ورعه: فهل لك أن تبيعنا شاة من غنمك هذه فنعطيك ثمنها ونعطيك من لحمها، فتفطر عليه - وساق الخبر.
وقال: كان ابن عمر إذا اشتد عجبه بشيءٍ من ماله قربه لربه عز وجل وكان رقيقه قد عرفوا ذلك منه، فربما شمر أحدهم، ولزم المسجد، إذا رآه ابن عمر على تلك الحال الحسنة أعتقه، فيقول له أصحابه: يا أبا عبد الرحمن، والله ما بهم إلا أن يخدعوك! فيقول ابن عمر: فمن خدعنا بالله انخدعنا له.
قال ميمون بن مهران: مر أصحاب نجدة الحروري على إبلٍ لعبد الله بن عمر، فاستاقوها، فجاء راعيها، فقال: يا أبا عبد الرحمن، احتسب الإبل، قال: ما لها؟ قال: مر بها أصحاب نجدة، فذهبوا بها، قال: كيف ذهبوا بالإبل وتركوك؟ قال: قد كانوا ذهبوا بي معها، لكني انفلت منهم، فما حملك على أن تركتهم وجئتني؟ قال: أنت أحب إلي منهم، قال: الله الذي لا إله إلا هو لأنا أحب إليك منهم؟ قال: فحلف له، قال: فإني أحتسبك معها؛ فأعتقه، فمكث ما مكث، ثم أتاه آتٍ، فقال: هل لك في ناقتك الفلانية؟ - سماها باسمها - ها هي بالسوق تباع، قال: أرني ردائي، فلما وضعه على منكبه وقام جلس، فوضع رداءه، ثم قال: كنت احتسبتها، فلِمَ أطلبها؟ وكاتب غلاماً له، ونجّمها عليه نجوماً، فلما حل أول النجم أتاه المكاتب به، فسأله ابن عمر: من أين أصبت هذا؟ قال: كنت أعمل وأسأل، قال: فجئتني بأوساخ الناس تريد أن تطعمنيها؟! أنت حر، ولك ما جئت به.
عن زاذان قال: كنت عند ابن عمر، فدعا غلاماً له، فأعتقه، ثم قال: ما لي فيه من أجرٍ ما يسوى هذا، أو يزن هذا - وتناول شيئاً من الأرض - سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من ضرب عبداً له حداً لم يأته، أو ظلمه - أو لطمه، شك الراوي - فإن كفارته أن يعتقه ".
عن محمد العمري قال: أعطى عبد الله بن جعفر عبد الله بن عمر بنافعٍ عشرة آلاف درهم إلى ألف دينار، فدخل عبد الله على صفية امرأته، فقال: إنه أعطاني ابن جعفر بنافع عشرة آلاف درهم، أو ألف دينار، فقالت: يا أبا عبد الرحمن، فما تنتظرنّ؟! تبيع! قال: فهلا ما هو خير من ذلك؛ هو حر لوجه الله تعالى، قال: فكان يخيل إلي أن ابن عمر كان ينوي قول الله عز وجل " لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ".
وروى سالم أنه لم يسمع عبد الله يلعن خادماً له قط، غير مرة واحدة غضب فيها على بعض خدمه، فقال له: لعنة الله عليك، كلمة لم أكن أحب أن أقولها.
عن نافع قال:
أُتي ابن عمر ببضعةٍ وعشرين ألفاً، فما قام من مجلسه حتى أعطاها، وزاد عليها، ولم يزل يعطي حتى أنفد ما كان عنده، فجاءه بعض من كان يعطيه، فاستقرض من بعض من كان أعطاه، فأعطاه.
وقال: عن ابن عمر أنه ربما تصدق في الشهر بثلاثين ألف درهم، وما يأكل فيه أكلة لحم، واشترى سمكة طرية بدرهم ونصف، فأتاه سائل، فتصدق بها عليها، وقال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " أيما امرئٍ اشتهى شهوةً، فرد شهوته، وآثر على نفسه غفر الله له ".
واشتكى ابن عمر فاشتهى العنب في غير زمانه، فطلبوه، فلم يجدوه له إلا عند رجلٍ سبع حباتٍ بدرهم، فأُشتري له، فجاء سائل، فأمر له به، ولم يذقه.
عن أبي بكر بن حفص قال: كان ابن عمر لا يحبس عن طعامه بين مكة والمدينة مجذوماً، ولا أبرص، ولا مبتلى حتى يقعدوا معه على مائدته؛ فبينما هو يوماً قاعداً على مائدته أقبل موليان من موالي أهل المدينة، فسلما، فرحبوا بهما، وحيوهما، وأوسعوا لهما، فضحك عبد الله بن عمر، فأنكر الموليان ضحكه، فقالا: يا أبا عبد الرحمن، ضحكت، أضحك الله سنك، فما الذي أضحكك؟ قال: عجباً من بنيّ هؤلاء، يجيء هؤلاء الذين تدمى أفواههم من الجوع، فيضيقون عليهم، حتى لو أن أحدهم يأخذ مكان اثنين فعل، جئتما أنتما قد أوقرتما الزاد، فأوسعوا لكما، وحيوكما؛ يطعمون طعامهم من لا يريده، ويمنعونه من يريده.
دخل سائل إلى ابن عمر، فقال لابنه: أعطه ديناراً، فأعطاه فلما انصرف قال ابنه: تقبل الله منك يا أبتاه، فقال: لو علمت أن الله تقبل مني سجدة واحدة، أو صدقة درهم لم يكن غائب أحب إلي من الموت، تدري ممن يتقبل الله؟ إنما يتقبل الله من المتقين.
عن ميمون بن مهران: أن امرأة ابن عمر عوتبت فيه، فقيل لها: ما تلطفين بهذا الشيخ، قالت: وما أصنع به؟ لا نصنع له طعاماً إلا ما دعا عليه من يأكله، فأرسلت إلى قومٍ من المساكين كانوا يجلسون بطريقه إذا خرج من المسجد، فأطعمتهم وقالت: لا تجلسوا بطريقه، ثم جاء إلى بيته فقال: أرسلوا إلى فلان وإلى فلان، وكانت امرأته قد أرسلت إليهم بطعام، وقالت: إن دعاكم فلا تأتوه، فقال: أردتم ألا أتعشى الليلة، فلم يتعش تلك الليلة.
عن نافع: أن ابن عمر أُتي بجوارشٍ، فكرهه، وقال: ما شبعت من كذا وكذا.
عن ميمون بن مهران: دخلت منزل عبد الله بن عمر، فما كان فيه ما يسوى طيلساني هذا.
وسئل عبد الله بن دينار: كيف كان طعام ابن عمر؟ قال: كان يطعمنا ثريداً، فإن لم نشبع زادنا آخر، فقيل: كيف كان لباس ابن عمر؟ قال: كان يلبس ثوبين ثمن عشرين درهماً، وكان يلبس ثوبين قطريين ثمن عشرة دراهم.
عن ميمون بن مهران: أن رجلاً من بني عيد الله بن عمر استكساه إزاراً، وقال: تخرق إزاري، فقال له: اقطع إزارك، ثم انكسه، فكره الفتى ذلك، فقال له عبد الله بن عمر: ويحك! اتق الله، ولا تكونن من القوم الذين يجعلون ما رزقهم الله في بطونهم، وعلى ظهورهم.
كتب عبد العزيز بن مروان إلى ابن عمر قال: ارفع إلي حاجتك، قال: فكتب إليه ابن عمر: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول: " إن اليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول " ولست أسألك شيئاً، ولا أرد رزقاً رزقنيه الله منك.
عن نافع قال: نزل ابن عمر بقومٍ، فلما مضت ثلاثة أيامٍ قال: يا نافع، أنفق علينا من مالنا، لا حاجة لنا أن يُتصدَّق علينا.
وقال: عن ابن عمر أنه كان ليلةً على الصفا، فقال: اللهم اعصمني بدينك وطاعتك وطاعة رسولك صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، واستعملني بسنة نبيك، وتوفني على ملته، وأعذني من شر مضلات الفتن.
وقال: لا يصيب عبد من الدنيا شيئاً إلا انتقص من درجاته عند الله، وإن كان على الله كريماً.
وعن وهب: أن ابن عمر حماراً، فقيل له: لو أمسكته، قال: لقد كان لنا موافقاً ولكنه أذهب شُعبةً من قلبي، فكرهت أن أشغل قلبي بشيء.
عن نافع قال: سمع ابن عمر شيئاً، فضحك، وهو عند قبر ابنه يوم مات، وكان أحب الناس إليه، فقال: إنما نفرح بهم، ونحزن عليهم ما داموا معنا، فإذا انقرضوا، وصاروا إلى الله انقطعوا منا.
ومرض ابن له، فجزع جزعاً شديداً، فلما مات خرج على أصحابه مكتحلاً، مدهناً، فقالوا: لقد أشفقنا عليك يا أبا عبد الرحمن! فقال: إذا وقع القضاء فليس إلا التسليم.
قال خالد بن أسلم مولى عمر:
آذى رجل من قريش عبد الله بن عمر، فأبى عبد الله أن يقول له شيئاً، فجئت، فقلت: أبا عبد الرحمن، بلغني أن فلاناً آذاك، فإما أن تنصر وإما أن ننتصر لك منه، فقال عبد الله: إني وأخي عاصماً لا نُسابُّ الناس.
عن نافع أو غيره: أن رجلاً قال لابن عمر: يا خير الناس، أو ابن خير الناس، فقال ابن عمر: ما أنا بخير الناس، ولا ابن خير الناس، ولكني عبد من عباد الله، أرجو الله وأخافه، والله لن تزالوا بالرجل حتى تهلكوه.
قال وبرة: أتى رجل ابن عمر، فقال: أيصلح أن أطوف بالبيت وأنا محرم؟ قال: ما يمنعك
من ذلك؟ قال: إن فلاناً ينهانا عن ذلك، حتى ترجع الناس من الموقف، ورأيته كأنه مالت به الدنيا أعجب إلينا منه، قال ابن عمر: حج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فطاف بالبيت، وسعى بين الصفا والمروة، وسنة الله ورسوله أحق أن تتبع من سنة ابن فلان، إن كنت صادقاً.
قيل لابن عمر: لا يزال الناس بخيرٍ ما أبقاك الله لهم، فغضب ابن عمر وقال: إني لأحسبك عراقياً، وما يدريك علام يغلق عليه ابن أمك بابه - وفي رواية: وما يدريك ما يغلق عليه ابن أمك بابه؟! عن حصين قال: قال ابن عمر: إني لأخرج، وما لي أن أسلم على الناس، ويسلموا عليَّ.
عن أبي بردة عن أبيه قال: صليت إلى جانب ابن عمر، فسمعته حين سجد يقول: اللهم اجعل حبك أحب الأشياء إلي، وخوفك أخوف الأشياء عندي، وسمعته حين سجد يقول: " رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيراً للمجرمين " وقال: ما صليت صلاة مذ أسلمت إلا وأنا أرجو أن تكون كفارةً.
وقال لأبي بردة: علمت أن أبي لقي أباك فقال له: يا أبا موسى، أيسرك أن عملك الذي كان مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خلص لك، لا عليك، ولا لك؟ قال: لا؛ قرأت القرآن، وعلَّمت الناس، قال: قال عمر: ليت أن علمي خلص لي كفافاً لا عليَّ، ولا لي.
قال أبو بردة: إن أباك أفقه من أبي.
عن عبد الجبار بن موسى، عن أبيه: أن رجلاً أتى ابن عمر يسأله، فألقى إليه عمامته، فقال له بعض القوم: لو أعطيته درهماً لأجزأه، فقال ابن عمر: إني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إن من أبر البِر أن يصل الرجل أهل ود أبيه " وإن هذا كان من أهل ود عمر.
قال نافع: دخلت مع ابن عمر الكعبة وهو يومئذ مُضَيَّق، فسمعته وهو ساجد يتضرع إلى ربه، يقول: يا رب، وقد تعلُم، لولا خوفك لزاحمنا قريشاً على هذه الدنيا.
قال عبد الله بن عمر: ساعة للدنيا، وساعة للآخرة، وبين ذلك؛ اللهم اغفر لنا.
ومكث عبد الله بن عمر على سورة البقرة ثماني سنين يتعلمها.
وقال: لقد عشنا برهة من دهرنا وأحدنا يرى الإيمان قبل القرآن، وتنزل السورة على محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فنتعلم حلالها وحرامها، وآمرها وزاجرها، وما ينبغي أن نقف عنده منها كما تعلَّمون أنتم اليوم القرآن، ثم لقد رأيت اليوم رجلاً لا يرى أحدهم القرآن قبل الإيمان، فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته، وما يدري ما آمره، ولا زاجره، ولا ما ينبغي أن يقف عنده منه، فينثر نثر الدقل.
قال عمر: ما منكم أحد إلا وأنا أحب أن أقول عليه: إنا لله وإنا إليه راجعون خلا عبد الله؛ فإني أحب أن يبقى ليأخذ به الناس.
وكانوا يرون أن أعلم الناس بالمناسك ابن عفان، وبعده ابن عمر.
قال مجاهد: ترك الناس أن يقتدوا بابن عمر وهو شاب، فلما كبُر اقتدوا به.
قال سعيد بن عبد العزيز: كان العلماء بعد معاذ بن جبل: عبد الله بن مسعود، وأبو الدرداء، وسلمان، وعبد الله بن سلام، ثم كان العلماء بعد هؤلاء: زيد، ثم كان بعد زيد بن ثابت: ابن عمر، وابن عباس، وكان بعد هذين سعيد بن المسيب.
قال مسعود بن سليمان: أتينا معاوية بالأبطح مجلساً، فجلس عليه، ومعه ابنه قرظة، فإذا هو بجماعة على رحالٍ لهم، وإذا شاب قد رفع عقيرته يغني: من الرمل
من يساجلني يساجل ماجداً ... أخضر الجلدة في بيت العربْ
فقال: من هذا؟ قالوا: عبد الله بن جعفر، قال: خلوا له الطريق فليذهب، قال: ثم إذا هو بجماعةٍ فيهم غلام يغني: من الرمل
بينما يذكرنني أبصرنني ... عند قيد الميل يسعى بي الأغرّ
قلن: تعرفن الفتى؟ قلن: نعم ... قد عرفناه، وهل يخفى القمرْ؟
قال: من هذا؟ قالوا: عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة، قال: خلوا له الطريق، فليذهب، ثم إذا هو بجماعةٍ، فإذا رجل منهم يُسأل، فقال له: رميت قبل أن أحلق، وحلقت قبل أن أرمي؛ لأشياء أشكلت عليهم من مناسك الحج: فقال: من هذا؟
فقالوا: عبد الله بن عمر، فالتفت إلى ابنة قرظة، فقال: هذا وأبيك الشرف، هذا والله شرف الدنيا والآخرة.
قال مالك بن أنس: لا يعدلن برأي ابن عمر، فإنه أقام بعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ستين سنةً، فلم يذهب عنه من أمره، ولا من أمور أصحابه شيء.
قال ابن سيرين: قال رجل: اللهم أبقني ما أبقيت ابن عمر أقتدي به، وقال رجل: لقد رأيت هذه الفتنة وما فينا أحد إلا فيه غير عبد الله بن عمر.
عن نافع قال: كان عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس يجلسان للناس عند قدوم الحاج، فكنت أجلس إلى هذا يوماً وإلى هذا يوماً، وكان ابن عباس يجيب ويفتي في كل ما قال عنه، وكان ابن عمر ما يرد أكثر مما يفتي.
وسأل رجل ابن عمر عن مسألة فطأطأ ابن عمر رأسه، ولم يجبه حتى ظن الناس أنه لم يسمع مسألته: قال: فقال له: يرحمك الله، أما سمعت مسألتي؟ قال: بلى، ولكنكم كأنكم ترون أن الله ليس بسائلنا عما تسألونا عنه، اتركنا، يرحمك الله، حتى نتفهم في مسألتك، فإن كان لها جواب عندنا، وإلا أعلمناك أنه لا علم لنا به.
عن عقبة بن مسلم: أن ابن عمر سئل عن شيءٍ فقال: لا أدري، ثم أتبعها فقال: أتريدون أن تجعلوا ظهورنا لكم جسوراً في جهنم أن تقولوا: أفتانا ابن عمر؟ وعن نافع عن ابن عمر: انه سئل عن أمرٍ فقال: لا أعلمه، ثم قال: نِعْمَ ما قال ابن عمر، سئل عن أمرٍ لا يعلمه، فقال: لا أعلمه.
عن الشعبي قال: كان ابن عمر جيد الحديث ولم يكن جيد الفقه.
عن الليث قال: كتب رجل إلى ابن عمر: اكتب إليّ بالعلم كله، فكتب إليه ابن عمر: إن العلم كثير، ولكن إن استطعت أن تلقى الله خفيف الظهر من دماء الناس، خميص البطن من أموالهم، كافاً لسانك عن أعراضهم، لازماً لأمر جماعتهم فافعلِ، والسلام.
عن أبي عبد الرحمن القرشي قال: بعثت أم ولدٍ لعبد الملك بن مروان إلى وكيلٍ لها بالمدينة تستهديه غلاماً وقالت له: يكون على هذه الصفة: عالماً بالسنة، قارئاً لكتاب الله، فصيح اللسان، حسن البيان، عفيف الفرج، كثير الحياء، قليل المراء، قال: فكتب إليها: قد طلبت الغلام الذي استهديتني على ما وصفت، فلم أجد غلاماً بهذه الصفة إلا عبد الله بن عمر بن الخطاب، وقد ساومت به أهله فأبوا أن يبعوه!! عن نافع قال: كنا مع ابن عمر - في سفر -، فقيل: إن السبع في الطريق قد حبس الناس، فاستخف ابن عمر راحلته، فلما بلغ إليه نزل، فعرك أذنه وقعّده، وقال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " لو أن ابن آدم لم يخف إلا الله لم يسلط عليه غيره، ولو أن ابن آدم لم يرج إلا الله لم يكله إلى سواه ".
عن الشعبي قال:
لقد رأيت عجباً؛ كنا بفناء الكعبة أنا وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، ومصعب بن الزبير، وعبد الملك بن مروان، فقال القوم بعد أن فرغوا من حديثهم: ليقم
كل رجلٍ منكم، فليأخذ بالركن اليماني، ويسأل الله حاجته؛ فإنه يعطى من ساعته. قم يا عبد الله بن الزبير فإنك أول مولودٍ ولد في الهجرة، فقام، فأخذ بالركن اليماني، ثم قال: اللهم إنك عظيم، ترجى لكل عظيم، أسألك بحرمة وجهك، وحرمة عرشك، وحرمة نبيك صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ألا تميتني من الدنيا حتى توليني الحجاز، ويسلم عليّ بالخلافة، وجاء حتى جلس، فقالوا: قم يا مصعب بن الزبير، فقام حتى أخذ بالركن اليماني، فقال: اللهم إنك رب كل شيءٍ، وإليك يصير كل شيء، أسألك بقدرتك على كل شيء ألا تميتني من الدنيا حتى توليني العراق، وتزوجني سكينة بنت الحسين، وجاء حتى جلس، فقالوا: قم يا عبد الملك بن مروان، فقام، فأخذ بالركن اليماني، فقال: اللهم رب السموات السبع، ورب الأرضين ذات النبت بعد الفقر، أسألك بما سألك عبادك المطيعون لأمرك، وأسألك بحرمة وجهك، وأسألك بحقك على جميع خلقك، وبحق الطائفين حول عرشك ألا تميتني من الدنيا حتى توليني شرق الأرض وغربها، ولا ينازعني أحد إلا أتيت برأسه، ثم جاء حتى جلس، فقالوا: قم يا عبد الله بن عمر، فقام حتى أخذ بالركن اليماني، ثم قال: اللهم إنك رحمن رحيم، أسألك برحمتك التي سبقت غضبك، وأسألك بقدرتك على جميع خلقك ألا تميتني من الدنيا حتى توجب لي الجنة.
قال الشعبي: فما ذهبت عيناي حتى رأيت كل رجلٍ منهم قد أعطي ما سأل.
قال مصعب بن عثمان بن مصعب بن عروة بن الزبير: خطب عروة بن الزبير إلى عبد الله بن عمر ابنته سودة بنت عبد الله، وهو بمكة، فلم يرد عليه شيئاً، فلما قدم المدينة أتاه عروة وهو في المسجد، فسلم عليه، فقال له عبد الله بن عمر: أرأيت ما ذكرت لي بمكة، أهو من شأنك اليوم؟ قال له عروة: نعم، ولقد عجبت من سكاتك عني بمكة! فقال: إني خرجت حاجاً، فكرهت أن أخلط حجي بشيءٍ، فتشهد عبد الله بن عمر، ثم زوجه.
عن عبد الله بن واقد قال: رأيت ابن عمر يفت المسك في الدهن يدَّهِن به.
قال زيد بن عبد الله الشيباني: رأيت ابن عمر إذا مشى إلى الصلاة دب دبيباً، لو أن نملة مشت معه قلت: لا يسبقها.
عن مجاهد قال: مررت مع عبد الله بن عمر بخربةٍ، فقال: يا مجاهد، ناد، يا خربة أين أهلك، أو قال: ما فعل أهلك؟ قال: فناديت، فقال ابن عمر: ذهبوا، وبقيت أعمالهم.
قال إبراهيم بن أدهم: مر عبد الله بن عمر على قومٍ مجتمعين، وعليه بردة حسناء، فقال رجل من القوم: إن أنا سلبته بردته فما لي عندكم؟ فجعلوا له شيئاً، فأتاه فقال: يا أبا عبد الرحمن، بردتك هذه هي لي. قال: فقال: فإني اشتريتها بالأمس! قال: قد أعلمتك وأنت في حرج من لبسها، قال: فهتكتها ليدفعها إليه، قال: فضحك القوم، فقال: ما لكم؟ فقالوا له: هذا رجل بطال، قال: فالتفت إليه فقال: يا أخي أما علمت أن الموت أمامك لا تدري متى يأتيك صباحاً أو مساءً، ليلاً أو نهاراً؟! ثم القبر، وهول المطلع، ومنكر ونكير، وبعد ذلك القيامة، يوم يخسر فيه المبطلون!؟ فأبكاهم ومضى.
قال أبو عبد الله بن الأعرابي: أراد رجل أن يعتزل الناس، فقال له عبد الله بن عمر: إنه لا بد لك من الناس، ولا بد للناس منك، ولكن كن كأصم يسمع، وأعمى يبصر، وسكوت ينطق.
عن ابن سيرين: أن ابن عمر كان إذا خرج في سفرٍ أخرج معه سفيهاً، فإن جاءه سفيه رده عنه.
عن قتادة قال: كان ابن عمر يقول: إن الحليم ليس من ظلم ثم حلم حتى إذا هيجه قوم اهتاج، ولكن الحليم من قدر ثم عفا، وإن الوصول ليس من وصل - يعني من وصله - فتلك مجازاة، ولكن الوصول من قطع ثم وصل، وعطف على من لم يصله.
عن حميد الطويل قال: قال ابن عمر: البِر شيء هين، وجه طليق وكلام لين.
قال ابن عمر: ما حمل الرجال حملاً أثقل من المروءة، فقال له أصحابه: أصلحك الله، صف لنا المروءة، فقال: ما لذلك عندي حد أعرفه، فألح عليه رجل منهم، فقال: ما أدري ما أقول: إلا أني ما استحييت من شيءٍ علانيةً إلا استحييت منه سراً.
عن مالكٍ قال:
اشترى ابن عمر جاريةً رومية، فأحبها حباً شديداً، فوقعت يوماً عن بغلةٍ كانت عليها، فجعل ابن عمر يمسح التراب عنها، ويفديها، فكانت تقول له: - أي رجل صالح - ثم هربت منه، فقال ابن عمر: من البسيط
قد كنت أحسبني قالون، فانطلقت ... فاليوم أعلم أني غير قالون
قال المغيرة بن شعبة لعمر: ألا أدلك على القوي الأمين؟ قال: بلى، قال: عبد الله بن عمر، قال: ما أردت بقولك هذا؟ ولأن يموت فأكفِّنه بيدي أحب إلي من أوليه وأنا أعلم أن في الناس من هو خير منه.
عن عبد الله بن موهب: أن عثمان قال لابن عمر: اذهب قاضياً، قال: أوتعفيني يا أمير المؤمنين؟ قال: عزمت عليك إلا ذهبت، فقضيت، قال: لا تعجل، سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من عاذ بالله فقد عاذ بمَعَاذٍ " قال: نعم، قال: إني أعوذ بالله أن أكون قاضياً، قال: ما يمنعك، وقد كان أبوك يقضي؟ قال: لأني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من كان قاضياً فقضى بجهلٍ كان من أهل النار، ومن كان قاضياً عالماً فقضى بحقٍ أو بعدلٍ سأل الله أن ينقلب كفافاً " فما أرجو منه بعد؟!
قال مصعب بن عبد الله: جاءت جماعة من بني عدي إلى عبد الله بن عمر، وهو عند عثمان في الدار يوم قتل عثمان، قبل قتله فاحتملوا عبد الله بن عمر من الدار، فخرجوا به.
قال نافع: لما قتل عثمان جاء علي ابن عمر، فقال: إنك محبوب إلى الناس؛ فسر إلى الشام، فقال ابن عمر: بقرابتي وصحبتي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والقرابة التي بيننا، فلم يعاوده.
قال مصعب بن عبد الله: لما قتل عثمان، وبويع علي أُتي بعبد الله بن عمر، فقيل: بايع، فأبى، فشد به أصحاب علي، فقال عبد الله بن عمر لعلي: ما تصنع بهذا، لا والله؟ لا أبسط يدي ببيعة في فرقةٍ، ولا أقبضها في جماعة أبداً، فقال علي: خلوه، وأنا كفيله، وخرج بعد قتل عثمان إلى مكة ليلاً، فلما أصبح علي فقده، وظنه خرج إلى الشام، فنهض إلى سوق الظهر، وقال: عليَّ بالإبل، فأمر بجمعها ليرسل في طلبه، فأرسلت إليه ابنته أم كلثوم: لا تعن بطلبه، فلم يخرج إلى الشام وإنما خرج إلى مكة، وأنا عذيرتك منه، فوقف عن طلبه.
قال ابن عمر: دخلت علي حفصة ونوساتها تنطف، فقلت: قد كان من الناس ما ترين، ولم يجعل لي من الأمر شيء، قالت: فالحق بهم، فإنهم ينتظرونك، وإني أخشى أن يكون في احتباسك عنهم فرقة، فلم تدعه حتى ذهب، فلما تفرق الحكمان خطب معاوية، فقال: من كان يريد أن يتكلم في هذا الأمر فليطلع إلي قرنه، فلنحن أحق بذلك منه ومن أبيه - يعرض بابن عمر - فحلَلْتُ حبوتي، فهممت أن أقول: أحق بذلك من قاتلك وأباك على الإسلام، فخشيت أن أقول كلمة تفرق الجمع، ويسفك فيها الدم، وأحمل فيها على غير رأيي؛ فذكرت ما أعد الله في الجنان.
قال معاوية لعبد الله بن جعفر: بلغني أن ابن عمر يريد هذا الأمر، وفيه ثلاث خصالٍ لا يصلحن في خليفة: هو
رجل غيور، وهو رجل عييٍّ وهو رجل بخيل، قال: فذهب ابن جعفر فأخبر ابن عمر، فقال ابن عمر: أما قوله: إني رجل غيور، فإني كنت أغلق بابي على أهلي، فما حاجة الناس إلى ما وراء ذلك؟ وأما قوله: إني لرجل عييٍّ فإني كنت أعلم الناس بكتاب الله، ولا كلام أبلغ منه، وأما قوله: إني رجل بخيل؛ فإني كنت أقسم على الناس فيئهم بكتاب الله، فإذا فعلت ذلك فما حاجة الناس إلى ما أورثني ابن الخطاب؟ فأخبر ابن جعفر معاوية بها، فقال معاوية: عزمت عليك ألا يسمع هذا منك أحد.
وقد روي نحو هذه المقالة عن الحجاج.
عن قطن قال: أتى رجل ابن عمر، فقال: ما أحد شر لأمة محمد منك، فقال: لمَ؟ فوالله ما سفكت دماءهم، ولا فرقت جماعتهم، ولا شققت عصاهم! قال: إنك لو شئت ما اختلف فيك اثنان، قال: ما أحب أنها أتتني ورجل يقول: لا، وآخر يقول: بلى.
وعن ميمون قال:
دس معاوية عمرو بن العاص، وهو يريد ما في نفس ابن عمر: يريد القتال أم لا، فقال: يا أبا عبد الرحمن، ما يمنعك أن تخرج فنبايعك، وأنت صاحب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وابن أمير المؤمنين، وأنت أحق الناس بهذا الأمر؟ قال: وقد اجتمع الناس كلهم على ما تقول؟ قال: نعم إلا نفر يسير، قال: لو لم يبق إلا ثلاثة أعلاج بهَجَرَ لم يكن لي فيها حاجة، قال: فعلم أنه لا يريد القتال، قال: فهل لك أن تبايع لمن قد كاد الناس أن يجتمعوا عليه، ويكتب لك من الأرضين، ومن الأموال ما لا تحتاج أنت ولا ولدك إلى ما بعده؟ فقال: أفٍّ لك اخرج من عندي ثم لا تدخل عليّ، ويحكّ! إن ديني ليس بديناركم ولا درهمكم، وإني لأرجو أن أخرج من الدنيا ويدي بيضاء نقية.
وعن نافع عن ابن عمر: أنه أتاه رجل، فقال: يا أبا عبد الرحمن، أنت ابن عمر، وصاحب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فذكر مناقبه - فما يمنعك من هذا الأمر؟ قال: يمنعني أن الله حرم دم المسلمين، قال: فإن الله تعالى يقول: " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة، ويكون الدين لله "؟ قال: قد فعلنا، قد قاتلناهم حتى كان الدين لله، وأنتم تريدون أن تقاتلوهم حتى يكون الدين لغير الله.
عن أبي العالية: أن عبد الله بن الزبير وعبد الله بن صفوان كانا ذات يوم قاعدين في الحِجر، فمر بهما ابن عمر، وهو يطوف بالبيت، فقال أحدهما لصاحبه: أتراه بقي أحد خير من هذا؟ ثم قالا لرجل: ادعه لنا إذا قضى طوافه، فلما قضى طوافه، وصلى ركعتين أتاه رسولهما، فقال: هذا عبد الله ابن الزبير وعبد الله بن صفوان يدعوانك إليهما؛ فقال عبد الله بن صفوان: أبا عبد الرحمن ما يمنعك أن تبايع أمير المؤمنين؟ - يعني ابن الزبير - فقد بايع له أهل العروض، وأهل العراق، وعامة أهل الشام، فقال: والله لا أبايعكم وأنتم واضعون سيوفكم على عواتقكم، تصيب أيديكم من دماء المسلمين! عن نافع عن عبد الله بن عمر: أن رجلاً أتاه، فقال: يا أبا عبد الرحمن، ما الذي يحملك على أن تحج عاماً وتعتمر عاماً، وتترك الجهاد في سبيل الله، وقد علمت ما رغب الله فيه؟ قال: يا بن أخي، بُني الإسلام على خمسة: إيمان بالله ورسوله، وصلاة الخمس، وصيام شهر رمضان، وأداء الزكاة، وحج البيت، فقال: يا أبا عبد الرحمن ألا تسمع ما ذكر الله في كتبه: " وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما، فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله " فما يمنعك أن تقاتل الفئة الباغية
كما أمرك الله عز وجل في كتابه؟ فقال: يا بن أخي لأن أعتبر بهذه الآية فلا أقاتل أحب إلي من أن أعتبر بالآية التي يقول الله عز وجل فيها: " ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم " قال: فما قولك في علي وعثمان؟ قال ابن عمر: قولي في علي وعثمان؛ أما عثمان فكان الله عفا عنه وكرهتم أن يعفو الله، وأما علي فابن عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وختنه، وأشار بيده: هذا بيته حيث ترون! عن نافع قال: دخل ابن عمر الكعبة، فسمعته وهو ساجد يقول: قد تعلم ما يمنعني من مزاحمة قريشٍ على هذه الدنيا إلا خوفك.
وكتب إلى عبد الله بن الزبير: إنك انبريت على رقاب الناس بغير شورى، فدع ما أنت فيه، فإنك لست في شيءٍ.
عن الأوزاعي: أن ابن عمر قال: لقد بايعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فما نكثت، ولا بدلت إلى يومي هذا، ولا بايعت صاحب فتنة، ولا أيقظت مؤمناً من مرقده.
قال حبيب بن أبي مرزوق: بلغني أن عبد الله بن عمر كتب إلى عبد الملك بن مروان وهو يومئذٍ خليفة: من عبد الله بن عمر إلى عبد الملك بن مروان، فقال مَنْ حول عبد الملك: بدأ باسمه قبل اسمك! فقال عبد الملك: هذا من أبي عبد الرحمن كثير.
عن عبد الرحمن بن يسار قال: سمعت الحجاج وهو يقول: إن عبد الله بن الزبير قد بدل كلام الله، فقال
ابن عمر: كذبت، ليس تبديل كلام الله بيدك، ولا بيد ابن الزبير، كتاب الله أعز من أن يبدَّل، قال: فقال الناس لابن عمر: اخرج، فأبى أن يخرج حتى صلى معه.
عن محمد بن سيرين قال: كان ابن عمر يأتي العمال، ثم قعد عنهم، فقيل له: لو أتيتهم، فلعلهم يجدون في أنفسهم، فقال: أرهب إن تكلمت أن يروا أن الدين غير الذي بي، وإن سكت رهبت أن آثم.
سئل نافع عن بدء مرض ابن عمر وموته، فقال: أصابته عارضة محمل بمكة بين إصبعين من أصابعه عند الجمرة، فمرض، فدخل عليه الحجاج، فلما رآه ابن عمر غمّض عينيه، فكلمه الحجاج، فلم يكلمه، قال: فغضب الحجاج وقال: إن هذا يقول: إني على الضرب الأول.
وقال سعيد بن عمرو: قدم ابن عمر حاجاً، فدخل عليه الحجاج وقد أصابه زج رمحٍ، فقال: من أصابك؟ فقال: أصابني من أمرتموه بحمل السلاح في مكانٍ لا يحل فيه حمله.
عن نافع قال: ذكرت الوصية لابن عمر في مرضه، فقال ابن عمر: أما مالي فالله أعلم ما كنت أفعل فيه، وأما رباعي وأرضي فإني لا أحب أن يشارك ولدي فيها أحد.
عن سعيد بن جبير قال: لما حضر ابن عمر الموت قال: ما آسى على شيءٍ من الدنيا إلا على ثلاث: ظمأ الهواجر، ومكابدة الليل، وأني لم أقتل هذه الفئة التي نزلت بنا - يعني الحجاج.
قال ابن عمر عند الموت لسالم: يا بني، إن أنا مت فادفني خارجاً من الحرم؛ فإني أكره أن أدفن فيه بعد أن
خرجت منه مهاجراً، فقال: يا أبه، إن قدرنا على ذلك، فقال: تسمعني أقول لك، وتقول: إن قدرنا؟! قال: أقول: الحجاج يغلبنا يصلي عليك، قال: فسكت ابن عمر.
وكان آخر أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ موتاً بمكة عبد الله بن عمر، مات سنة أربع وسبعين، وبلغ من السن سبعاً وثمانين، وقيل: أربعاً وثمانين، ودفن بالمحصب، وبعض الناس يقول: بفخ، وقيل بذي طوى.
وقيل إنه توفي سنة ثلاث وسبعين بعد ابن الزبير بشهرين أو ثلاثة أشهر.
عن رجاء بن حيوة قال: نعي إلينا ابن عمر في مجلس ابن محيريز، فقال ابن محيريز: إن كنت لأعد بقاء عبد الله بن عمر أماناً لأهل الأرض.
عبد الله بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وكان قد عمر.
عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن الْخَطَّاب أَبُو عَبْد الرَّحْمَن الْقُرَشِيّ ثم العدوي.

قَالَ الْحَسَن بْن واقع (4) عَنْ ضمرة: مات سنة ثلاث وسبعين،
وَقَالَ عَبْد العزيز عَنْ مالك بْن أنس: بلغ ابن عُمَر سبعا وثمانين سنة.
وَقَالَ هشام بْن عَبْد الملك حَدَّثَنَا علي بْن سحيم عَنِ ابْن عون قَالَ: كتبت إلى نافع أسألَهُ عَنِ الدعوة قبل القتال فكتب أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أغار على بني المصطلق وهم غارون فِي (1) أنعامهم تسقى على الماء فقتل (2) المقاتلة وسبى الذرية وسبى يومئذ جويرية بنت الحارث، حَدَّثَنِي بذلك عَبْد اللَّه بْن عُمَر وَكَانَ فِي ذلك الجيش.

ابراهيم ابن النبي

فَمِنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ ابْنُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُلِدَ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنَ الْهِجْرَةِ، تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَقِيلَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْرًا، دُفِنَ بِالْبَقِيعِ، أُمُّهُ مَارِيَةُ الْقِبْطِيَّةُ، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ عَاشَ إِبْرَاهِيمُ لَوَضَعْتُ الْجِزْيَةَ عَنْ كُلِّ قِبْطِيٍّ»
- حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَوْ عَاشَ إِبْرَاهِيمُ - ابْنُهُ - لَوَضَعْتُ الْجِزْيَةَ عَنْ كُلِّ قِبْطِيٍّ» كَذَا رَوَاهُ جَعْفَرٌ مُرْسَلًا. وَرُوِيَ مَرْفُوعًا مِنْ حَدِيثِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيمَا تَفَرَّدَ بِهِ عَنْهُ أَبُو شَيْبَةَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ
- حَدَّثَنَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ الْمَكِّيُّ، ثنا دَاوُدُ بْنُ شَبِيبٍ، ثنا أَبُو شَيْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِيمُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: «إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا تُرْضِعُهُ فِي الْجَنَّةِ» وَقَالَ: «لَوْ عَاشَ لَعَتَقْتُ أَخْوَالَهُ الْقِبْطَ وَمَا اسْتُرِقَّ قِبْطِيٌّ»
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ، ثنا أَبُو عَامِرٍ، ثنا سُفْيَانُ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: تُوُفِّيَ إِبْرَاهِيمُ ابْنُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ادْفِنُوهُ بِالْبَقِيعِ، فَإِنَّ لَهُ مُرْضِعًا تُتِمُّ رَضَاعَهُ فِي الْجَنَّةِ» وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنِ الثَّوْرِيِّ مُخْتَصَرًا
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا، يَقُولُ: «لَوْ عَاشَ إِبْرَاهِيمُ ابْنُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكَانَ نَبِيًّا صَدِّيقًا» وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ أَيْضًا عَنْ فِرَاسِ بْنِ يَحْيَى الْهَمْدَانِيِّ الْمُكْتِبِ
- حَدَّثَنَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الطَّلْحِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَضْرَمِيُّ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَا: ثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ فِرَاسٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: تُوُفِّيَ إِبْرَاهِيمُ ابْنُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ادْفِنُوهُ فِي الْبَقِيعِ، فَإِنَّ لَهُ مُرْضِعًا تُتِمُّ رَضَاعَهُ فِي الْجَنَّةِ» وَرَوَاهُ عَنِ الْبَرَاءِ عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ
- حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، سَمِعْتُ الْبَرَاءَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمَّا مَاتَ ابْنُهُ إِبْرَاهِيمُ: «إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِي الْجَنَّةِ» وَرَوَى شُعْبَةُ أَيْضًا حَدِيثَ الشَّعْبِيِّ، عَنِ الْبَرَاءِ، مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ

- حَدَّثَنَاهُ فَارُوقٌ الْخَطَّابِيُّ، ثنا أَبُو مُسْلِمٍ، ثنا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ الْبَرَاءِ، مِثْلَهُ. وَرَوَاهُ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَنَسٍ، نَحْوَهُ
- حَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ثنا أَيُّوبُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ إِبْرَاهِيمُ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ إِبْرَاهِيمَ ابْنِي، وَإِنَّهُ مَاتَ فِي الثَّدْيِ، وَإِنَّ لَهُ ظِئْرَيْنِ يُكْمِلَانِ رَضَاعَهُ فِي الْجَنَّةِ» وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي أَوَفَى، نَحْوَهُ
- حَدَّثَنَاهُ الْقَاضِي أَبُو أَحْمَدَ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَأَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ، قَالَا: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الضَّبِّيُّ، ثنا دَاوُدُ بْنُ حَمَّادِ بْنِ فُرَافِصَةَ ح وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ السِّنْدِيِّ، ثنا جَعْفَرٌ الْفِرْيَابِيُّ، ثنا قُتَيْبَةُ، قَالَا: ثنا عَتَّابُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَوْذَبٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوَفَى، قَالَ: لَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَرْضَعُ بَقِيَّةَ رَضَاعِهِ فِي الْجَنَّةِ»
- حَدَّثَنَا فَارُوقٌ الْخَطَّابِيُّ، ثنا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَشِّيُّ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، ثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوَفَى: " رَأَيْتَ إِبْرَاهِيمَ ابْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: مَاتَ وَهُوَ صَغِيرٌ، وَلَوْ قُدِّرَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَهُ نَبِيُّ لَكَانَ " رَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُجَالِدٍ، وَوَكِيعٌ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ الرُّوَاسِيُّ فِي آخَرِينَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ نَحْوَهُ
إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم
ب د ع: إِبْرَاهِيم ابن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأمه مارية القبطية، أهداها لرسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المقوقس صاحب الإسكندرية هي وأختها سيرين.
فوهب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سيرين لحسان بْن ثابت، فولدت له عبد الرحمن بْن حسان، فهو، وإِبْرَاهِيم ابن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابنا خالة.
وكان مولده في ذي الحجة سنة ثمان من الهجرة، وسر النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بولادته كثيرًا، وولد بالعالية، وكانت قابلته سلمى مولاة النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امرأة أَبِي رافع، فبشر أَبُو رافع النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فوهب له عبدًا، وحلق شعر إِبْرَاهِيم يَوْم سابعه، وسماه، وتصدق بزنته ورقًا، وأخذوا شعره فدفنوه، كذا قال الزبير، ثم دفعه إِلَى أم سيف، امرأة قين بالمدينة يقال له: أَبُو سيف، ترضعه.
(4) أخبرنا أَبُو الْفَضْلِ الْمَنْصُورُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الطَّبَرِيُّ الْمَخْزُومِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالدِّينِيِّ، بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَبِي يَعْلَى أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ، حدثنا شَيْبَانُ وَهُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، قَالا: حدثنا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، أخبرنا ثَابِتٌ، عن أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وُلِدَ لِي اللَّيْلَةَ وَلَدٌ، فَسَمَّيْتُهُ بِاسْمِ أَبِي إِبْرَاهِيمَ، ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَى أُمِّ سَيْفٍ امْرَأَةِ قَيْنٍ بِالْمَدِينَةِ.
وَفِي حَدِيثِ شَيْبَانَ: فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِابْنِهِ فَاتَبِعْتُهُ، فَانْتَهَى إِلَى أَبِي سَيْفٍ، وَهُوَ يَنْفُخُ فِي كِيرِهِ، وَقَدِ امْتَلأَ الْبَيْتُ دُخَانًا، فَأَسْرَعْتُ الْمَشْيَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى أَبِي سَيْفٍ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا سَيْفٍ، أَمْسِكْ، جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمْسَكَ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَمَّهُ إِلَيْهِ، وَقَالَ: مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، قَالَ: فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَهُوَ يُكِيدُ بِنَفْسِهِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي حَدِيثِ هُدْبَةَ: وَعَيْنُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَدْمَعُ.
وَفِي حَدِيثِ شَيْبَانَ: فَدَمَعَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَدْمَعُ الْعَيْنُ، وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ، وَلا نَقُولُ إِلا مَا يُرْضِي رَبَّنَا.
وَفِي حَدِيثِ شَيْبَانَ: وَاللَّهِ إِنَّا بِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ
وقال الزبير أيضًا: إن الأنصار تنافسوا فيمن يرضعه، وأحبوا أن يفرغوا مارية للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لميله إليها، فجاءت أم بردة، اسمها: خولة بنت المنذر بْن زيد بْن لبيد بْن خداش بْن عامر بْن غنم بْن عدي بْن النجار زوج البراء بْن أوس بْن خَالِد بْن الجعد بْن عوف بْن مبذول بْن عمرو بْن غنم بْن مازن بْن النجار، فكلمت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أن ترضعه، فكانت ترضعه بلبن ابنها في بني مازن بْن النجار، وترجع به إِلَى أمه، وأعطى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أم بردة قطعة من نخل.
وتوفي وهو ابن ثمانية عشر شهرًا، قاله الواقدي.
وقال مُحَمَّد بْن مؤمل المخزومي: كان ابن ستة عشر شهرًا، وثمانية أيام.
وصلى عليه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال: ندفنه عند فرطنا عثمان بْن مظعون، ودفنه بالبقيع.
روى جابر، أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخذ بيد عبد الرحمن بْن عوف، فأتى به النخل، فإذا ابنه إِبْرَاهِيم في حجر أمه يجود بنفسه، فأخذه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فوضعه في حجره، ثم قال: يا إِبْرَاهِيم، إنا لا نغني عنك من اللَّه شيئًا ثم ذرفت عيناه، ثم قال: يا إِبْرَاهِيم، لولا أَنَّهُ أمر حق، ووعد صدق، وأن آخرنا سيلحق أولنا، لحزنا عليك حزنًا هو أشد من هذا، وَإِنا بك يا إِبْرَاهِيم لمحزونون، تبكي العين، ويحزن القلب، ولا نقول ما يسخط الرب.
(5) أخبرنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْقَاهِرِ الطُّوسِيُّ بِإِسْنَادِهِ، عن أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ، عن شُعْبَةَ، عن عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِيمُ: إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِي الْجَنَّةِ.
ولما توفي إِبْرَاهِيم اتفق أن الشمس كسفت يومئذ، فقال قوم: إن الشمس انكسفت لموته، فخطبهم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: إن الشمس والقمر آيتان من آيات اللَّه، لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك، فافزعوا إِلَى ذكر اللَّه والصلاة.
وروى البراء، أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى عليه، وكبر أربعًا، هذا قول جمهور العلماء، وهو الصحيح
(6) أخبرنا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الأَمِينُ، بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيِّ، حدثنا هَنَّادُ بْنُ السُّرِّيِّ، أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، عن وَائِلِ بْنِ دَاوُدَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْبَهِيَّ، قَالَ: لَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِيمُ ابْنُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَقَاعِدِ
(7) وبالإسناد عن أَبِي داود، قال: قرأت عَلَى سَعِيد بْن يعقوب الطالقاني، حدثكم ابن المبارك، عن يعقوب بْن القعقاع، عن عطاء، أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى عَلَى إِبْرَاهِيم وروى ابن إِسْحَاق، عن عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي بكر، عن عمرة، عن عائشة، أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يصل عَلَى إِبْرَاهِيم.
قال أَبُو عمر: وهذا غير صحيح، والله أعلم، لأن جمهور العلماء قد أجمعوا عَلَى الصلاة عَلَى الأطفال إذا استهلوا وراثة، وعملًا مستفيضًا عن السلف والخلف.
قيل: إن الفضل بْن العباس غسل إِبْرَاهِيم، ونزل في قبره هو، وأسامة بْن زيد، وجلس رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى شفير القبر.
قال الزبير: ورش عَلَى قبره ماء، وعلم قبره بعلامة، وهو أول قبر رش عليه الماء.
وروي عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قال: لو عاش إِبْرَاهِيم لأعتقت أخواله، ولوضعت الجزية عن كل قبطي.
وروي عن أنس بْن مالك، أَنَّهُ قال: لو عاش إِبْرَاهِيم لكان صديقًا نبيا.
قال أَبُو عمر: لا أدري ما هذا القول؟ فقد ولد نوح غير نبي، ولو لم يلد النَّبِيّ إلا نبيًا لكان كل أحد نبيًا، لأنهم من ولد نوح عليه السلام.
أخرجه ثلاثتهم.

القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق

القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق
قال صالح: قال أبي: القاسم بن محمد أبو عبد الرحمن.
"مسائل صالح" (798)، "الأسامي والكنى" (335).

قال ابن أبي خيثمة: وسمعت أحمد بن حنبل يقول: والقاسم بن محمد بعد المائة -يعني: مات بعدها.
"تاريخ ابن خيثمة" (2196).

قال عبد اللَّه: سمحت أبي يقول: القاسم بن محمد، أبو عبد الرحمن.
"العلل" رواية عبد اللَّه (15)، (353).

قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا سفيان عن مسعر، عن محارب قال: صحبنا القاسم ففضلنا بثلاث: سخاء النفس، وطول الصصت، ونسي أبي الثالثة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1553).

وقال عبد اللَّه: حدثني ألي قال: حدثنا حماد الخياط قال: زعم عبد اللَّه -هو العمري- أن القاسم وسالمًا مات أحدهم في سنة ست والآخر في سنة خمس ومائة.
قال: أرى سالمًا في سنة خمس.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1907).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن يحيى ابن سعيد الأنصاري قال: كانت عائشة رحمة اللَّه عليها ترخص في المنطقة للمحرم. قال يحيى: فقلت ليحيى: من حدثك؟ قال: ابن أخيها القاسم.
"العلل" رواية عبد اللَّه (2491)
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا مؤمل قال: حدثنا حماد بن زيد قال: سمعت عبيد اللَّه بن عمر يقول: أدركت بالمدينة رجالًا فرأيتهم يعظمون القول في التفسير ويهابونه، منهم القاسم وسالم ونافع.
"العلل" رواية عبد اللَّه (2663).
القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق
عبد الله بن عثمان أبي قحافة بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة أبو محمد، ويقال: أبو عبد الرحمن القرشي التيمي المدني وفد على سليمان بن عبد الملك، وعلى عمر بن عبد العزيز.
عن القاسم بن محمد، عن عائشة زوج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قالت: طيبت رسول الله صلى اله عليه وسلم لحرمه حين أحرم وكله حين أحل قبل أن يطوف بالبيت عن القاسم عن عائشة قالت: كانوا يتخوفون أن تحيض صفية. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أحابستنا هي "؟ فقيل: إنما قد أفاضت يوم النحر، قال: " فلا إذاً ".
عن القاسم عن عائشة أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يغتسل من جنابته، فيأخذ جفنة لشق رأسه الأيمن، ثم يأخذ جفنة لشق رأسه الأيسر.
قال عمر بن عبد العزيز لسليمان بن عبد الملك: اكتب إلى القاسم بن محمد يقدم عليك، ففعل، فلما قدم عليه عرض بأبيه، وشتمه، وبلغ به، فخرج مغضباً، فركب رواحله ورجع. فلما استخلف عمر بن عبد العزيز بعث إليه، فبلغه المائتين، وأجازه، وأحسن إليه. فهلك في ولاية يزيد بن عبد الملك.
كان القاسم بن محمد من خيار التابعين، حمل عنه العلم. وأمه أم ولد يقال لها: سودة. ذهب بصره وهو ابن سبعين - أو اثنتين وسبعين - وكان ثقة، عالماً، فقيهاً، إماماً كثير الحديث، ورعاً وكان من أفضل أهل زمانه. قتل أبوه بعد عثمان وبقي يتيماً في حجر عائشة.
عن محمد بن خالد بن الزبيرقال: كنت عند عبد الله بن الزبير، فاستأذن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، فقال عبد الله بن الزبير: أوليس عهده بي قريباً. قال: فقال القاسم: إني أردت أن أكلمه بحاجة لي، قال: ائذن له. فلما دخل عليه، قال له ابن الزبير: مهيم؟ قال: مات فلان، وكنا نقول: إنه مولى عائشة، فقال: لا، ليس مولى لكم، هو مولى بني جندع. فولى القاسم، فلما ولى نظر إليه عبد الله بن الزبير، وقال: ما رأيت أبا بكر ولد ولداً أشبه به من هذا الفتى.
عن القاسم أبي عبد الرحمن قال: كانت عائشة قد استقلت بالفتوى في خلافة أبي بكر، وعمر، وعثمان، - هلم جرا - إلى أن ماتت يرحمها الله، وكنت ملازماً لها مع ترهاتي. وكنت أجالس البحر بن عباس. وقد جلست مع أبي هريرة، وابن عمر، فأكثرت، فكان هناك - يعني ابن عمر - ورع، وعلم جم، ووقوف عما لا علم له به.
عن محمد بن علي قال: قال لي سعيد بن المسيب: إذا أردت أن تنكح فاخبرني، فإني عالم بأنساب قريش. قال: فنكحت بنت القاسم بن محمد، ولم أجده، فبلغه ذلك، فقال: جاد ما وضع الحسيني نفسه.
قال ابن أبي عتيق للقاسم يوماً: يا بن قاتل عثمان، فقال له سعيد بن المسيب: أتقول هذا؟ فوالله إن القاسم لخيركم، وإن أباه محمد لخيركم، فهو خيركم وابن خيركم.
قال ابن عيينة: كان أعلم الناس بحديث عائشة ثلاثة: القاسم بن محمد، وعروة بن الزبير، وعمرة بنت عبد الرحمن.
وعن أبي الزناد أن سبعة نفر من أهل المدينة مشيخة نظراء، إذا اختلفوا أخذ بقول أكبرهم وأفضلهم: سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وأبو بكر بن عبد الرحمن، والقاسم بن محمد، وعبيد الله بن عبد الله، وخارجة بي زيد بن ثابت، وسليمان بن يسار: قال يحيى بن سعيد فقهاء أهل المدينة عشرة قلت ليحيى: عدهم قال: سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وعروة بن الزبير وسليمان بن يسار عبيد الله بن عبد الله بن عتبة وقبيعة بن ذؤيب وخارجة بن زيد وأبان بن عثمان بن عفان عن مالك بن أنس قال: ذكر فضل القاسم بن محمد وابنه، وهو قاعد، فقال الرجل: كيف لا يكون ذلك وهو ابن أبي بكر الصديق؟ فقال القاسم: فضل الله يؤتيه من يشاء.
وقد جعل في رواية من قول مالك.
عن عبيد الله بن موهب قال: سمعت القاسم بن محمد سأله رجل عن مسائل، فلما قام الرجل قال له القاسم بن محمد: لا تذهبن فتقول: إن القاسم قال: هذا هو الحق، إني لا أقول لك هو الحق، ولكن إذا اضطررت إليه عملت به.
وقال: إنكم تسألوننا عما لا نعلم، والله لو علمنا ما كتمناه، ولا استحللنا كتمانه.
عن يحيى بن سعيد قال: سمعت القاسم يقول: ما نعلم كل ما نسأل عنه، ولأن يعيش الرجل جاهلاً بعد أن يعرف حق الله عليه خير من أن بقول مالا يعلم.
قال مالك: أتى القاسم أميراً من أمراء المدينة، فسأله عن شيء، فقال القاسم: إن من إكرام المرء نفسه ألا يقول إلا ما أحاط به علمه.
وقال مالك: إن عمر بن عبد العزيز قال: لو كان لي من الأمر شيء لوليت القاسم الخلافة. قال: وكان القاسم قليل الحديث قليل الفتيا. وما حدث القاسم مائة حديث.
قال ابن عون: كان القاسم بن محمد، وابن سيرين، ورجاء بن حيوة يحدثون بالحديث على حروفه، وكان الحسن، وإبراهيم، والشعبي يحدثون بالمعاني.
وقال: لقيت ثالثة كأنهم اجتمعوا، فتواصوا: ابن سيرين بالبصرة، ورجاء بالشام، والقاسم بن محمد بالمدينة.
قال القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق - وسمع رجلاً يقول: ما أجرأ فلان على الله! فقال القاسم: ابن آدم أهون وأضعف ممن يكون جريئاً على الله، ولكن قل: ما أقل معرفته بالله.
ونظر القاسم بن محمد إلى رجل يسأل يوم عرفة بعرفة. قال: فقال له القاسم بن محمد: ويحك يا سائل! أتسأل في هذا اليوم غير الله، عز وجل.
وقال: كنا عند القاسم بن محمد جلوساً، فقيل له: كان بين قتادة وبين أبي بكر كلام في الولدان، قال: فتكلم ربيعة - وكان رجلاً له منطق - فلما فرغ ربيعة قال القاسم: إذا انتهى الله إلى شيء فانتهوا عنده.
عن عكرمة بن عمارة قال: سمعت القاسم بن محمد وسأله رجل: ما يقطع الصلاة؟ الله دون كل شيء.
عن سفيان قال: اجتمعوا إلى القاسم بن محمد في صدقة قسمها. قال: وهو يصلي، فجعلوا يتكلمون. فقال ابنه: إنكم اجتمعتم إلى رجل، والله، ما نال منها درهماً، ولا دانقاً. قال: فأوجز القاسم، ثم قال: قل يا بني، فيما علمت.
قال سفيان: صدق ابنه، ولكنه أراد تأديبه في المنطق وحفظه.
أرسل عمر بن عبيد الله بن معمر القرشي إلى القاسم بن محمد بخمسمائة دينار، فأبى أن يقبلها.
عن مالك بن أنس قال: لقي عمر بن عبد العزيز القاسم بن محمد، وعمر قادم من مكة قد اعتمر، والقاسم خارج من المدينة قريباً منها، يريد العمرة، فقال له عمر: إن معنا فضلاً من ظهر وأزواد، فلو صرفنا ذلك إليك، فقال: إني لا آخذ من أحد شيئاً.
عن أيوب قال: رأيت على القاسم بن محمد قلنسوة من خز أخضر، ورداء سابرياً له علم ملون مصبوغ بشيء من زعفران. ويدع مائة ألف يتلجلج في نفسه منها شيء.
عن عبد الله بن العلاء بن زبر قال: دخلت على القاسم بن محمد وهو في قبة معصفرة، وتحته فراش معصفر، ومرافق حمر، فقال: يا أبا عبد الرحمن، هذا مما أردت أن أسألك عنه، فقال: لا بأس بما امتهن منه.
قال القاسم بن محمد: قد جعل الله في الصديق البار عوضاً من الرحم المدبرة.
وقال: إن من أعظم الذنب أن يستخف المرء بذنبه.
عن أبي عمر الباهلي قال: جاء بنو مروان إلى عمر، فقالوا: إنك قصرت بنا عما كان يصنعه بنا من قبلك، وعاتبوه، فقال: إن عدتم إلى هذا المجلس لأشدن ركابي، ثم لأقدمن المدينة، ولأجعلنها - أو أصيرها - شورى، أنا إني أعرف صاحبها الأعمش - يعني القاسم بن محمد.
عن سليمان بن عبد الرحمن أنه كان مع القاسم في شكواه حين أقام بقديد، فقال: ائتني بقرطاس ودواة أكتب وصيتي، قال: فجئت به، فأخذت أكتب، فقال لي: أي شيء تكتب ولم أملي عليك بشيء؟ قلت: التشهد، قال: لقد شقينا إن لم نكن تشهدنا إلا اليوم! بعده، اكتب أسفل من هذا: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أوصى به القاسم بن محمد إن حدث به حدث في شكواه هذه أن كذا في كذا - حتى فرغ من حاجته.
عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه القاسم بن محمد أنه نهى عن موته أن يتبع بنار، ولا يقولون خيراً ولا شراً. ثم قال: اتل هذه الآية: " ألم ترى إلى الذين يزكون أنفسهم، بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلا. انظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به إثماً مبينا ".
عن عمر بن حسين قال: سهدت موت القاسم، ومات بقديد، فدفن بالمشلل، وبين ذلك نحو من ثلاثة أميال، ووضع ابنه السرير على كاهله، ومشى حتى بلغ المشلل.
عن رجاء بن جميل الأيلي قال: توفي القاسم بن محمد في ولاية يزيد بن عبد الملك بعد عمر بن عبد العزيز سنة إحدى - أو اثنتين - ومائة قال خليفة بن خياط: مات القاسم بن محمد بن أبي بكر في آخر السنة - يعني سنة سبع ومائة.
وقيل غير ذلك في وفاته.
القاسم بن محمّد بن أبي بكر الصّديق، أحد الأعلام الحفّاظ، توفي سنة (157).
القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق: وكان من خيار التابعين وفقهائهم: "مدني"، تابعي، ثقة، نزه، رجل صالح.
القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ
ابْنُ خَلِيْفَةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي قُحَافَةَ، الإِمَامُ،
القُدْوَةُ، الحَافِظُ، الحُجَّةُ، عَالِمُ وَقْتِهِ بِالمَدِيْنَةِ مَعَ سَالِمٍ وَعِكْرِمَةَ، أَبُو مُحَمَّدٍ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ القُرَشِيُّ، التَّيْمِيُّ، البَكْرِيُّ، المَدَنِيُّ.وُلِدَ: فِي خِلاَفَةِ الإِمَامِ عَلِيٍّ، فَرِوَايَتُهُ عَنْ أَبِيْهِ عَنْ جَدِّهِ انْقطَاعٌ عَلَى انْقطَاعٍ، فَكُلٌّ مِنْهُمَا لَمْ يُحِقَّ أَبَاهُ، وَرُبِّيَ القَاسِمُ فِي حَجْرِ عَمَّتِهِ أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ عَائِشَةَ، وَتَفَقَّهَ مِنْهَا، وَأَكْثَرَ عَنْهَا.
وَرَوَى عَنِ: ابْنِ مَسْعُوْدٍ - مُرْسَلاً -.
وَعَنْ: زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ - مُرْسَلاً -.
وَعَنْ: فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ جَدَّتِهِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَرَافِعِ بنِ خَدِيْجٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ خَبَّابٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، وَمُعَاوِيَةَ، وَطَائِفَةٍ.
وَعَنْ: صَالِحِ بنِ خَوَّاتٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُجَمِّعِ؛ ابْنَيْ يَزِيْدَ بنِ جَارِيَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَالشَّعْبِيُّ، وَنَافِعٌ العُمَرِيُّ، وَسَالِمُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ حَزْمٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَسَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ، وَأَيُّوْبُ، وَرَبِيْعَةُ الرَّأْيُ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَوْنٍ، وَرَبِيْعَةُ بنُ عَطَاءٍ، وَثَابِتٌ بنُ عُبَيْدٍ، وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَأَخُوْهُ؛ سَعْدُ بنُ سَعِيْدٍ، وَشَيْبَةُ بنُ نِصَاحٍ، وَطَلْحَةُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ، وَعَاصِمُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ أَبِي الزِّنَادِ القَدَّاحُ، وَعُمَرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُرْوَةَ، وَعِيْسَى بنُ مَيْمُوْنٍ الوَاسِطِيُّ، وَمُوْسَى بنُ سَرْجِسَ، وَأَفْلَحُ بنُ حُمَيْدٍ، وَحَنْظَلَةُ بنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَأُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ العَلاَءِ بنِ زَبْرٍ، وَصَالِحُ بنُ كَيْسَانَ، وَأَيْمَنُ بنُ نَابِلٍ، وَعَبَّادُ بنُ مَنْصُوْرٍ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: لَهُ مائَتَا حَدِيْثٍ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ، يُقَالُ لَهَا: سَوْدَةُ، وَكَانَ ثِقَةً، عَالِماً، رَفِيْعاً، فَقِيْهاً، إِمَاماً، وَرِعاً، كَثِيْرَ الحَدِيْثِ.مُوْسَى بنُ عُقْبَةَ: عَنْ مُحَمَّدِ بنِ خَالِدِ بنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ، فَاسْتَأْذَنَ القَاسِمَ بنَ مُحَمَّدٍ.
فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: ائْذَنْ لَهُ.
فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ، قَالَ لَهُ: مَهْيَم ؟
قَالَ: مَاتَ فُلاَنٌ ... ، فَذَكَرَ قصَّته.
قَالَ: فَوَلَّى، فَنَظَرَ إِلَيْهِ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَقَالَ: مَا رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَلَدَ وَلداً أَشْبَهَ بِهِ مِنْ هَذَا الفَتَى.
وَعَنِ القَاسِمِ، قَالَ:
كَانَتْ عَائِشَةُ قَدِ اسْتَقَلَّتُ بِالفَتْوَى فِي خِلاَفَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَإِلَى أَنْ مَاتَتْ، وَكُنْتُ مُلاَزِماً لَهَا مَعَ تُرَّهَاتِي، وَكُنْتُ أَجَالِسُ البَحْرَ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَقَدْ جَلَسْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، فَأَكْثَرْتُ.
فَكَانَ هُنَاكَ -يَعْنِي: ابْنَ عُمَرَ- وَرَعٌ وَعِلْمٌ جَمٌّ، وَوُقُوْفٌ عَمَّا لاَ عِلْمَ لَهُ بِهِ.
ابْنُ شَوْذَبٍ: عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، قَالَ: مَا أَدْرَكْنَا بِالمَدِيْنَةِ أَحَداً نُفَضِّلُهُ عَلَى القَاسِمِ.
وُهَيْبٌ: عَنْ أَيُّوْبَ - وَذَكَرَ القَاسِمَ - فَقَالَ:
مَا رَأَيْتُ رَجُلاً أَفْضَلَ مِنْهُ، وَلَقَدْ تَرَكَ مائَةَ أَلْفٍ وَهِيَ لَهُ حَلاَلٌ.
البُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ القَاسِمِ - وَكَانَ أَفْضَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ - أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ - وَكَانَ أَفْضَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ - يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُوْلُ: طَيَّبْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ... ، الحَدِيْثَ.
وَرَوَى: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَعْلَمَ بِالسُّنَّةِ مِنَ القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ، وَمَا كَانَ الرَّجُلُ يُعَدُّ رَجُلاً حَتَّى يَعْرِفَ السُّنَّةَ، وَمَا رَأَيْتُ أَحَدَّ ذِهْناً مِنَ القَاسِمِ، إِنْ كَانَ لَيَضْحَكُ مِنْ أَصْحَابِ الشُّبَهِ كَمَا يَضْحَكُ الفَتَى.
وَرَوَى: خَالِدُ بنُ نِزَارٍ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ:
أَعْلَمُ النَّاسِ بِحَدِيْثِ عَائِشَةَ ثَلاَثَةٌ: القَاسِمُ، وَعُرْوَةُ، وَعَمْرَةُ.
وَقَالَ جَعْفَرُ بنُ أَبِي عُثْمَانَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ:
عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، عَنِ القَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ: تَرْجَمَةٌ مُشَبَّكَةٌ بِالذَّهَبِ.
وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: كَانَ القَاسِمُ، وَابْنُ سِيْرِيْنَ، وَرَجَاءُ بنُ حَيْوَةَ يُحَدِّثُوْنَ بِالحَدِيْثِ عَلَى حُرُوْفِهِ، وَكَانَ الحَسَنُ، وَإِبْرَاهِيْمُ، وَالشَّعْبِيُّ يُحَدِّثُوْنَ بِالمَعَانِي.
يُوْنُسُ بنُ بُكَيْرٍ: عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ:
رَأَيْتُ القَاسِمَ بنَ مُحَمَّدٍ يُصَلِّي، فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: أَيُّمَا أَعْلَمُ، أَنْتَ أَمْ سَالِمٌ؟
فَقَالَ: سُبْحَانَ اللهِ، كُلٌّ سَيُخْبِرُكَ بِمَا عَلِمَ.
فَقَالَ: أَيُّكُمَا أَعْلَمُ؟
قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ!
فَأَعَادَ، فَقَالَ: ذَاكَ سَالِمٌ، انْطَلِقْ، فَسَلْهُ، فَقَامَ عَنْهُ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: كَرِهَ أَنْ يَقُوْلَ: أَنَا أَعْلَمُ، فَيَكُوْنُ تَزْكِيَةً، وَكَرِهَ أَنْ يَقُوْلَ: سَالِمٌ أَعْلَمُ مِنِّي، فَيَكْذِبُ.
وَكَانَ القَاسِمُ أَعْلَمَهُمَا.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: ذَكَرَ مَالِكٌ القَاسِمَ بنَ مُحَمَّدٍ، فَقَالَ: كَانَ مِنْ فُقَهَاءِ هَذِهِ
الأُمَّةِ، ثُمَّ حَدَّثَنِي مَالِكٌ: أَنَّ ابْنَ سِيْرِيْنَ كَانَ قَدْ ثَقُلَ وَتَخَلَّفَ عَنِ الحَجِّ، فَكَانَ يَأْمُرُ مَنْ يَحُجَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى هَدْيِ القَاسِمِ، وَلَبُوْسِهِ، وَنَاحِيَتِهِ، فَيُبَلِّغُوْنَهُ ذَلِكَ، فَيَقْتَدِي بِالقَاسِمِ.قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: القَاسِمُ مِنْ خِيَارِ التَّابِعِيْنَ.
وَقَالَ العِجْلِيُّ: كَانَ مِنْ خِيَارِ التَّابِعِيْنَ وَفُقَهَائِهِم.
وَقَالَ: مَدَنِيٌّ، تَابِعِيٌّ، ثِقَةٌ، نَزِهٌ، رَجُلٌ صَالِحٌ.
قَالَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ: سَمِعْتُ القَاسِمَ بنَ مُحَمَّدٍ يَقُوْلُ:
لأَنْ يَعِيْشَ الرَّجُلُ جَاهِلاً بَعْد أَنْ يَعْرِفَ حَقَّ اللهِ عَلَيْهِ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَقُوْلَ مَا لاَ يَعْلَمُ.
وَقَالَ هِشَامُ بنُ عَمَّارٍ: عَنْ مَالِكٍ، قَالَ:
أَتَى القَاسِمَ أَمِيْرٌ مِنْ أُمَرَاءِ المَدِيْنَةِ، فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ، فَقَالَ: إِنَّ مِنْ إِكْرَامِ المَرْءِ نَفْسَهُ أَنْ لاَ يَقُوْلَ إِلاَّ مَا أَحَاطَ بِهِ عِلْمُهُ.
وَعَنْ أَبِي الزِّنَادِ، قَالَ: مَا كَانَ القَاسِمُ يُجِيْبُ إِلاَّ فِي الشَّيْءِ الظَّاهِرِ.
ابْنُ وَهْبٍ: عَنْ مَالِكٍ:
أَنَّ عُمَرَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ، قَالَ: لَوْ كَانَ إِلَيَّ مِنْ هَذَا الأَمْرِ، شَيْءٌ مَا عَصَّبْتُهُ إِلاَّ بِالقَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ.
قَالَ مَالِكٌ: وَكَانَ يَزِيْدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ قَدْ وَلِيَ العَهْدَ قَبْلَ ذَلِكَ.
قَالَ: وَكَانَ القَاسِمُ قَلِيْلَ الحَدِيْثِ، قَلِيْلَ الفُتْيَا، وَكَانَ يَكُوْنَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّجُلِ المُدَارَاةُ فِي الشَّيْءِ، فَيَقُوْلُ لَهُ القَاسِمُ:
هَذَا الَّذِي تُرِيْدُ أَنْ تُخَاصِمَنِي فِيْهِ هُوَ لَكَ، فَإِنْ كَانَ حَقّاً، فَهُوَ لَكَ، فَخُذْهُ، وَلاَ تَحْمَدْنِي فِيْهِ، وَإِنْ كَانَ لِي، فَأَنْتَ مِنْهُ فِي حِلٍّ، وَهُوَ لَكَ.
وَرَوَى: مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ البَكْرِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ:
قَالَ القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ: قَدْ جَعَلَ اللهُ فِي الصَّدِيْقِ البَارِّ المُقْبِلِ عِوَضاً مِنْ ذِي الرَّحِمِ العَاقِّ المُدْبِرِ.
رَوَى: حَمَّادُ بنُ خَالِدٍ الخَيَّاطُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ العُمَرِيِّ، قَالَ:مَاتَ القَاسِمُ وَسَالِمٌ، أَحَدُهُمَا سَنَةَ خَمْسٍ وَمائَةٍ، وَالآخَرُ سَنَةَ سِتٍّ.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ: مَاتَ فِي آخِرِ سَنَةِ سِتٍّ أَوْ أَوَّلِ سَنَةَ سَبْعٍ.
وَقَالَ الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ، وَيَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ: مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ.
زَادَ يَحْيَى: بِقُدَيْدٍ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَعَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، وَالوَاقِدِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَالفَلاَّسُ:
سَنَة ثَمَانٍ وَمائَةٍ.
زَادَ الوَاقِدِيُّ: وَهُوَ ابْنُ سَبْعِيْنَ، أَوِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً، وَقَدْ عَمِيَ.
وَشَذَّ ابْن سَعْدٍ، فَقَالَ: تُوُفِيَّ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَمائَةٍ، وَلَمْ يَبْقَ إِلَى هَذَا الوَقْتِ أَصْلاً.
وَكَذَا نَقَلَ: أَبُو الحَسَنِ بنُ البَرَاءِ، عَنْ عَلِيٍّ.
وَقِيْلَ غَيْرُ ذَلِكَ.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بنُ طَارِقٍ، أَخْبَرَنَا يُوْسُفُ بنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ خَلاَّدٍ، حَدَّثَنَا الحَارِثُ بنُ أَبِي أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ سَخْبَرَةَ، عَنِ القَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ:
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُنَّ مُؤْنَةً ) .
أَخْرَجَهُ: النَّسَائِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عُلَيَّةَ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ.
قَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: فُقَهَاءُ المَدِيْنَةِ عَشْرَةٌ ... ، فَذَكَرَ مِنْهُمُ القَاسِمَ.
وَقَالَ مَالِكٌ: مَا حَدَّثَ القَاسِمُ مائَةَ حَدِيْثٍ.
وَرَوَى: مُحَمَّدُ بنُ الضَّحَّاكِ الحِزَامِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:قَالَ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: لَوْ كَانَ إِلَيَّ أَنْ أَعْهَدَ مَا عَدَوْتُ صَاحِبَ الأَعْوَصِ -يَعْنِي: إِسْمَاعِيْلَ بنَ أُمَيَّةَ- أَوْ أُعَيْمِشَ بَنِي تَمِيْمٍ -يَعْنِي: القَاسِمَ-.
فَرَوَى: الوَاقِدِيُّ، عَنْ أَفْلَحَ بنِ حُمَيْدٍ، أَنَّهَا بَلَغَتِ القَاسِمَ، فَقَالَ:
إِنِّي لأَضْعُفُ عَنْ أَهْلِي، فَكَيْفَ بِأَمْرِ الأُمَّةِ؟!
قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: كَانَ القَاسِمُ مِمَّنْ يَأْتِي بِالحَدِيْثِ بِحُرُوْفِهِ.
قَالَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ: كَانَ القَاسِمُ لاَ يَكَادُ يَعِيْبُ عَلَى أَحَدٍ، فَتَكَلَّمَ رَبِيْعَةُ يَوْماً، فَأَكْثَرَ، فَلَمَّا قَامَ القَاسِمُ، قَالَ - وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَيَّ -:
لاَ أَبَا لِغَيْرِكَ، أَتُرَاهُم كَانُوا غَافِلِيْنَ عَمَّا يَقُوْلُ صَاحِبُنَا -يَعْنِي: عَمَّا يَقُوْلُ رَبِيْعَةُ بِرَأْيِهِ-.
حُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ: عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ قَتَّةَ، قَالَ:
أَرْسَلَنِي عُمَرُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ التَّيْمِيُّ إِلَى القَاسِمِ بِخَمْسِ مائَةِ دِيْنَارٍ، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا.
وَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ: كَانَ القَاسِمُ لاَ يُفَسِّرُ القُرْآنَ.
وَقَالَ عِكْرِمَةُ بنُ عَمَّارٍ: سَمِعْتُ القَاسِمَ وَسَالِماً يَلْعَنَانِ القَدَرِيَّةَ.
قَالَ زَيْدُ بنُ يَحْيَى: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ العَلاَءِ، قَالَ:
سَأَلْتُ القَاسِمَ أَنْ يُمْلِيَ عَلَيَّ أَحَادِيْثَ، فَمَنَعَنِي، وَقَالَ:
إِنَّ الأَحَادِيْثَ كَثُرَتْ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ، فَنَاشَدَ النَّاسَ أَنْ يَأْتُوْهُ بِهَا، فَلَمَّا أَتَوْهُ بِهَا، أَمَرَ بِتَحْرِيْقِهَا، ثُمَّ قَالَ: مَثْنَاةَ كَمَثْنَاةِ أَهْلِ الكِتَابِ.
رَوَى: أَفْلَحُ بنُ حُمَيْدٍ، عَنِ القَاسِمِ، قَالَ: اخْتِلاَفُ الصَّحَابَةِ رَحْمَةٌ.أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ إِلْيَاسَ، قَالَ:
رَأَيْتُ عَلَى القَاسِمِ جُبَّةَ خَزٍّ، وَكِسَاءَ خَزٍّ، وَعِمَامَةَ خَزٍّ.
وَقَالَ أَفْلَحُ بنُ حُمَيْدٍ: كَانَ القَاسِمُ يَلْبَسُ جُبَّةَ خَزٍّ.
وَقَالَ عَطَّافُ بنُ خَالِدٍ: رَأَيْتُ القَاسِمَ وَعَلَيْهِ جُبَّةُ خَزٍّ صَفْرَاءُ، وَرِدَاءٌ مَثْنِيٌّ.
وَقَالَ مُعَاذُ بنُ العَلاَءِ: رَأَيْتُ القَاسِمَ وَعَلَى رَحْلِهِ قَطِيْفَةٌ مِنْ خَزٍّ غَبْرَاءُ، وَعَلَيْهِ رِدَاءٌ مُمَصَّرٌ.
وَقَالَ ابْنُ زَبْرٍ: دَخَلْتُ عَلَى القَاسِمِ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ مُعَصْفَرَةٍ، وَتَحْتَهُ فِرَاشٌ مُعَصْفَرٌ.
وَقَالَ خَالِدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ: رَأَيْتُ عَلَى القَاسِمِ عِمَامَةً بَيْضَاءَ، قَدْ سَدَلَ خَلْفَهُ مِنْهَا أَكْثَرَ مِنْ شِبْرٍ.
وَقِيْلَ: كَانَ يَخْضِبُ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ بِالحِنَّاءِ، وَكَانَ قَدْ ضَعُفَ جِدّاً.
وَقِيْلَ: كَانَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ مَاتَ بِقُدَيْدٍ، فَقَالَ: كَفِّنُوْنِي فِي ثِيَابِي الَّتِي كُنْتُ أُصَلِّي فِيْهَا، قَمِيْصِي وَرِدَائِي.
هَكَذَا كُفِّنَ أَبُو بَكْرٍ.
وَأَوْصَى أَنْ لاَ يُبْنَى عَلَى قَبْرِهِ.

ابن أم مكتوم

ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ
- ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ أما أَهْل المدينة فيقولون: اسمه عبد الله. وأما أهل العراق وهشام بْن مُحَمَّد بْن السائب فيقولون: اسمه عَمْرو. ثُمَّ اجتمعوا على نسبه فقالوا: ابن قَيْس بْن زائدة بْن الأصم بْنِ رَوَاحَةَ بْنِ حُجْرِ بْنِ عَبْدِ بْنِ معيص بْن عامر بْن لؤي. وأمه عاتكة وهي أم مكتوم بِنْت عَبْد الله بْن عنكشة بْن عامر بْن مخزوم بْن يقظة. أسلم ابن أم مكتوم بمكّة قديمًا وكان ضرير البصر وقدم المدينة مهاجرًا بعد بدْر بيسير فنزل دار القراء وهي دار مخرمة بْن نوفل. وكان يؤذن للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالمدينة مع بلال. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يستخلفه على المدينة يصلي بالناس فِي عامة غزوات رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَالِمٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: غَزَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلاثَ عَشْرَةَ غَزْوَةً مَا مِنْهَا غَزْوَةٌ إِلا يَسْتَخْلِفُ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ عَلَى الْمَدِينَةِ. وَكَانَ يُصَلِّي بِهِمْ وَهُوَ أَعْمَى. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ وَيَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالُوا: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: اسْتَخْلَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمْرَو ابن أُمِّ مَكْتُومٍ يَؤُمُّ النَّاسَ. وَكَانَ ضَرِيرَ الْبَصَرِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ وَجَابِرٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَخْلَفَ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ فِي غَزْوَةِ تبوك يؤم الناس. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: اسْتَخْلَفَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ مَرَّتَيْنِ عَلَى الْمَدِينَةِ وَهُوَ أَعْمَى. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُجَالِدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّعْبِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ مُجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: اسْتَخْلَفَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ حِينَ خَرَجَ إِلَى بَدْرٍ فَكَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ وَهُوَ أَعْمَى. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: وَقَدْ رُوِيَ لَنَا أَنَّ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ وَقَبْلَ بَدْرٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ أَخُو بَنِي عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ. فَقُلْنَا لَهُ: مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ. ص؟ فَقَالَ: هُوَ مَكَانَهُ وَأَصْحَابُهُ عَلَى أَثَرِي. ثُمَّ أتانا بعده عمرو ابن أُمِّ مَكْتُومٍ الأَعْمَى فَقَالُوا لَهُ: مَا فَعَلَ مَنْ وَرَاءَكَ رَسُولُ اللَّهِ وَأَصْحَابُهُ؟ فَقَالَ: هُمْ أولى على أثري. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَقُولُ: أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَجَعَلا يُقْرِئَانِ النَّاسَ الْقُرْآنَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو ظِلالٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَقَالَ: مَتَى ذَهَبَتْ عَيْنُكَ؟ قَالَ: ذَهَبَتْ وَأَنَا صَغِيرٌ. فَقَالَ أَنَسٌ: إِنَّ جَبْرَائِيلَ أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَعِنْدَهُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَقَالَ: مَتَى ذَهَبَ بَصَرُكَ؟ قَالَ: وَأَنَا غُلامٌ. . قال: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ اللَّيْثِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابن أُمِّ مَكْتُومٍ أَنَّهُ كَانَ مُؤَذِّنًا لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وهو أعمى. قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ كَانَ مُؤَذِّنًا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو أعمى. قال: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنِ الْحَجَّاجِ قَالَ: حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَنْ بَعْضِ بَنِي مُؤَذِّنِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا مالك بن شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . قَالَ وكان ابن أم مكتوم رجلا أعمى حتى يقال له أصبحت أصبحت. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: . قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دينار عن ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ أَبِي عَبْدِ الْعَزِيزِ الرَّبَذِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ يُؤَذِّنُ لِرَسُولِ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلالُ بْنُ رَبَاحٍ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ. قَالَ فَكَانَ بِلالٌ يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ وَيُوقِظُ النَّاسَ. وَكَانَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ يَتَوَخَّى الْفَجْرَ فَلا يُخْطِئُهُ. فَكَانَ يَقُولُ: كُلُوا وَاشْرَبُوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بن جارية بن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: جَاءَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ يَا رسول الله إن مَنْزِلِي شَاسِعٌ. وَأَنَا مَكْفُوفُ الْبَصَرِ وَأَنَا أَسْمَعُ الأَذَانَ. قَالَ: . قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ زِيَادِ بْنِ فَيَّاضٍ عَنْ إبراهيم قال: أتى عمرو ابن أُمِّ مَكْتُومٍ رَسُولَ اللَّهِ فَشَكَا قَائِدَهُ وَقَالَ: إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ شَجَرًا. . قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ جَارِيَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَتْلِ كِلابِ الْمَدِينَةِ فَأَتَاهُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ مَنْزِلِي شَاسِعٌ وَأَنَا مَكْفُوفُ الْبَصَرِ وَلِي كَلْبٌ. قَالَ فَرَخَّصَ لَهُ أَيَّامًا ثُمَّ أَمَرَهُ بِقَتْلِ كلبه. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بن عروة عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَالِسًا مَعَ رِجَالٍ مِنْ قُرَيْشِ فِيهِمْ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ وَنَاسٌ مِنْ وُجُوهِ قُرَيْشٍ وَهُوَ يَقُولُ لَهُمْ: أَلَيْسَ حَسَنًا أَنْ جِئْتُ بِكَذَا وَكَذَا؟ قَالَ فَيَقُولُونَ: بَلَى وَالدِّمَاءِ. قَالَ فَجَاءَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَهُوَ مُشْتَغِلٌ بِهِمْ فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ فَأَعْرَضَ عَنْهُ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: «عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى» عبس: - . يَعْنِي ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ. «أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى» عبس: . يَعْنِي عُتْبَةَ وَأَصْحَابَهُ. «فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى» عبس: . «وَأَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى وَهُوَ يَخْشى فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى» عبس: - . يعني ابن أم مكتوم. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا جُوَيْبِرٌ عَنِ الضَّحَّاكِ فِي قَوْلِهِ: «عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى» عبس: - . قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَصَدَّى لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ يَدْعُوهُ إِلَى الإِسْلامِ فَأَقْبَلَ عَبْدُ الله ابن أُمِّ مَكْتُومٍ الأَعْمَى فَجَعَلَ يَسْأَلُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْرِضُ عَنْهُ وَيَعْبَسُ فِي وَجْهِهِ وَيُقْبِلُ عَلَى الآخَرِ. وَكُلَّمَا سَأَلَهُ عَبَسَ فِي وَجْهِهِ وَأَعْرَضَ عَنْهُ. فَعَيَّرَ اللَّهُ رَسُولَهُ فَقَالَ: «عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى» عبس: - . إِلَى قَوْلِهِ: «فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى» عبس: . فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ دَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَكْرَمَهُ وَاسْتَخْلَفَهُ عَلَى المدينة مرتين. قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَامِرًا أَيَؤُمُّ الأَعْمَى الْقَوْمَ؟ فَقَالَ: اسْتَخْلَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمْرَو ابن أم مكتوم. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُوحٍ الْحَارِثِيُّ عَنْ أَبِي عُفَيْرٍ. يَعْنِي مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ. قَالَ: اسْتَخْلَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمَدِينَةِ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ حِينَ خَرَجَ فِي غَزْوَةِ قَرْقَرَةَ الْكُدْرِ إِلَى بَنِي سُلَيْمٍ وَغَطَفَانَ. وَكَانَ يَجْمَعُ بِهِمْ وَيَخْطُبُ إلى جنب المنبر. يَجْعَلُ الْمِنْبَرَ عَنْ يَسَارِهِ. وَاسْتَخْلَفَهُ أَيْضًا حِينَ خَرَجَ فِي غَزْوَةِ بَنِي سُلَيْمٍ بِبَحْرَانَ نَاحِيَةَ الْقَرْعِ. وَاسْتَخْلَفَهُ حِينَ خَرَجَ إِلَى غَزْوَةِ أُحُدٍ. وَحِينَ خَرَجَ إِلَى حَمْرَاءِ الأَسَدِ وَإِلَى بَنِي النَّضِيرِ وَإِلَى الْخَنْدَقِ وَإِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ وَفِي غَزْوَةِ بَنِي لِحْيَانَ وَغَزْوَةِ الْغَابَةِ وَفِي غَزْوَةِ ذي قرد وفي عمرة الحديبية. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الأَسْوَدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثابت قال: . قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ قَالَ: نَزَلَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ عَلَى يَهُوَدِيَّةٍ بِالْمَدِينَةِ عَمَّةِ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَكَانَتْ تُرْفِقُهُ وَتُؤْذِيهِ فِي اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَتَنَاوَلَهَا فَضَرَبَهَا فَقَتَلَهَا فَرُفِعَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ كَانَتْ لَتُرْفِقُنِي وَلَكِنَّهَا آذَتْنِي فِي اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَضَرَبْتُهَا فَقَتَلْتُهَا. . قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ زِيَادِ بْنِ فَيَّاضٍ عَنْ أبي عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: «لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ» النساء: فَقَالَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ: يَا رَبِّ ابْتَلَيْتَنِي فَكَيْفَ أَصْنَعُ؟ فَنَزَلَتْ: «غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ» النساء: . قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: نزلت «يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» النساء: . فقال عبد الله ابن أُمِّ مَكْتُومٍ: أَيْ رَبِّ أَنْزِلْ عُذْرِي أَنْزِلْ عُذْرِي. فَأَنْزَلَ اللَّهُ: «غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ» النساء: . فَجُعِلَتْ بَيْنَهُمَا. وَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ يَغْزُو فَيَقُولُ: ادْفَعُوا إِلَيَّ اللِّوَاءَ فَإِنِّي أَعْمَى لا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَفِرَّ وَأَقِيمُونِي بَيْنَ الصَّفَّيْنِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرِ قَالا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. قَالَ عَفَّانُ قَالَ شُعْبَةُ أَبُو إِسْحَاقَ أَنْبَأَنِي قَالُ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ. وَقَالَ وَهْبٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: «لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ... وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» النساء: . دَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَيْدًا وَأَمَرَهُ فَجَاءَ بِكَتِفٍ وَكَتَبَهَا. فَجَاءَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَشَكَا ضَرَارَتَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَزَلَتْ: «غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ» النساء: . قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَجُلٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: «لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ» النساء: . دَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْكَتِفِ وَدَعَانِي وَقَالَ: اكْتُبْ. وَجَاءَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَذَكَرَ مَا بِهِ مِنَ الضَّرَرِ. فَنَزَلَتْ: «غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ» النساء: . قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: كُنْتُ إِلَى جَنْبِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَغَشِيَتْهُ السَّكِينَةُ فَوَقَعَتْ فَخِذُهُ عَلَى فَخِذِي فَمَا وَجَدْتُ شَيْئًا أَثْقَلَ مِنْ فَخِذِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ قَالَ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ قَالَ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: حَدَّثَنِي سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ فَأَقْبَلْتُ حَتَّى جَلَسْتُ إِلَى جَنْبِهِ فَأَخْبَرَنَا أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمْلَى عَلَيْهِ: «لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» النساء: . قَالَ فَجَاءَهُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَهُوَ يُمْلِيهَا فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَسْتَطِيعُ الْجِهَادَ لَجَاهَدْتُ. وَكَانَ رَجُلا أَعْمَى. قَالَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وفخذه على فخذي فثقلت علي حَتَّى هَمَمْتُ تُرَضَّ فَخِذِي. ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ: «غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ» النساء: . قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلَهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مالك أن عبد الله ابن أُمِّ مَكْتُومٍ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ كَانَتْ مَعَهُ رَايَةٌ له سوداء وعليه درع له. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هِلالٍ الرَّاسِبِيُّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ خَرَجَ يوم القادسية عليه درع سابغة. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هِلالٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَائِدَةَ. وَهُوَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ. كَانَ يُقَاتِلُ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ وَعَلَيْهِ دِرْعٌ له حصينة سابغة. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا عامر عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ شَهِدَ الْقَادِسِيَّةَ وَمَعَهُ الرَّايَةُ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَمَاتَ بِهَا وَلَمْ يُسْمَعْ لَهُ بِذِكْرٍ بَعْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. وَمِنْ بَنِي فِهْرِ بن مالك

الحسن بن علي بن شبيب

الحسن بن علي بن شبيب
أبو علي المعمري البغدادي الحافظ صاحب كتاب اليوم والليلة، له رحلة.
حدث عن هشام بن عمار بسنده عن ابن عمر: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا عجل به السير جمع بين الصلاتين.
سئل أحمد بن حنبل عن المعمري فقال: لا يتعمد الكذب، ولكن أحسب أنه صحب قوماً يوصّلون الحديث، وقد وثّقه قوم، وجرّحه آخرون.
توفي أبو علي المعمري في المحرم سنة خمس وتسعين ومئتين، وكان في الحديث وجمعه وتصنيفه إماماً ربانياً، وكان قد شد أسنانه بالذهب، ولم يغير شيبه. وقيل: بلغ اثنتين وثمانين سنة، وكان يكنى بأبي القاسم، ثم اكتنى بأبي علي، كره أن يذكر بكنيته، فيسب فنزه الكنية عن ذلك والله أعلم.
/الحسن بن علي بن أبي طالب أبو محمد سبط سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وريحانته، وأحد سيدي شباب أهل الجنة. ولد نصف شعبان، وقيل: نصف رمضان سنة ثلاث من الهجرة. وفد على معاوية غير مرة.
قال أبو الجوزاء: قلت للحسن بن علي: ما تذكر من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: أذكر من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أني أخذت تمرة من تمر الصدقة. فجعلتها في فيّ. قال: فنزعها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بلعابها فجعلها في التمر، فقيل: يا رسول الله، ما كان عليك من هذه التمرة لهذا الصبي؟! قال: إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة.
قال: وكان يقول: دع ما يربيك إلى مالا يربيك، فإن الصدق طمأنينة، وإن الكذب ريبة.
وكان يعلمنا هذا الدعاء: اللهم، اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، تباركت ربنا وتعاليت.
وفي حديث أن الحسن قال: علمني جدي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلمات أقولهن في قنوت الوتر وذكر الدعاء: رب اهدني فيمن هديت، إلى آخره.
قال عبد الله بن بريدة: قدم الحسن بن علي بن أبي طالب على معاوية فقال: لأجيزنك بجائزة ما أجزت بها أحداً قبلك، ولا أجيز بها أحداً بعدك، فأعطاه أربع مئة ألف.
حدث أبو المنذر هشام بن محمد عن أبيه قال: أضاق الحسن بن علي، وكان عطاؤه في كل سنة مئة ألف، فحبسها عنه معاوية في إحدى السنين؛ فأضاق إضاقة شديدة. قال: فدعوت بدواة لأكتب إلى معاوية لأذكره بنفسي، ثم أمسكت، فرأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام فقال لي: كيف أنت يا حسن؟ فقلت: بخير يا أبه. وشكوت إليه نأخر المال عني فقال ادعوت بدواة لتكتب إلى مخلوق مثلك تذكرة ذلك قلت: نعم يا رسول الله فكيف أصنع؟. قال: اللهم اقذف في قلبي رجاءك واقطع رجائي عمن سواك حتى لا أرجو أحداً غيرك، اللهم وما ضعفت عنه قوتي وقصر عنه عملي ولم تنته إليه رغبتي ولم تبلغه مسألتي، ولم يجر على لساني مما أعطيت أحداً من الأولين والآخرين من اليقين، فخصني به يا رب العالمين.
قال: فوالله ما ألححت به أسبوعاً حتى بعث إلي معاوية بألف ألف وخمس مئة ألف. فقلت: الحمد لله الذي لا ينسى من ذكره، ولا يخيب من دعاه.
فرأيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام، فقال: يا حسن كيف أنت؟ فقلت: بخير يا رسول الله وحدثته حديثي. فقال: يا بني، هكذا من رجا الخالق ولم يرج المخلوق.
وعن سودة بنت مسرح قالت: كنت فيمن حضر فاطمة بنت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين ضربها المخاض. قالت: فأتانا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: كيف هي، كيف هي ابنتي، فديتها؟.
قالت: قلت: إنها لتجهد يا رسول الله. قال: فإذا وضعت فلا تسبقيني به بشيء. قالت: فوضعت فسررته ولففته في خرقة صفراء. فجاء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: ما فعلت ابنتي فديتها، وما حالها؟ وكيف بني؟ فقلت: يا رسول الله، وضعته وسررته وجعلته في خرقة صفراء. فقال: لقد عصيتني.
قالت: قلت: أعوذ بالله ورسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من معصية، سررته يا رسول الله ولم أجد من ذلك بداً. قال: ائتني به. قالت: فأتيته به فألقى عنه الخرقة الصفراء، ولفه في خرقة بيضاء وتفل في فيه، وألبأه بريقه.
قالت: فجاء علي فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما سميته يا علي؟ قال: سميته جعفراً يا رسول الله. قال: لا، ولكنه حسن، وبعده حسين، وأنت أبو الحسن والحسين.
وفي رواية: وأنت أبو الحسن الخير.
وعن علي بن أبي طالب عليه السلام: أنه سمى ابنه الأكبر حمزة وسمى حسيناً بعمه جعفر. قال: فدعا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علياً فقال: إني قد غيرت اسمي ابني هذين، قال: الله ورسوله أعلم، فسمى حسناً وحسيناً.
وعن علي عليه السلام قال: لما ولد الحسن جاء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: أروني ابني. ما سميتموه؟ قلت: سميته حرباً. قال: بل هو حسن. فلما ولد الحسين قال: أروني ابني. ما سميتموه؟ قلت: سميته حرباً. قال: بل هو حسين. فلما ولد الثالث جاء النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فال: أروني ابني ما سميتموه؟ قلت: حرباً. قال: هو محسن، ثم قال: إني سميتهم بأسماء ولد هرون: شبر وشبير ومشبر.
قال عمران بن سليمان:
الحسن والحسين اسمان من أسماء أهل الجنة لم يكونا في الجاهلية.
وأم الحسين سيدتنا فاطمة بنت سيدنا محمد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأم فاطمة سيدتنا خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى.
وولد الحسن محمداً الأكبر، وبه كان يكنى.
وعن عقبة بن الحارث قال: خرجت مع أبي بكر من صلاة العصر بعد وفاة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بليال وعلي يمشي إلى جنبه، فمر بحسن بن علي يلعب مع غلمان فاحتمله على رقبته وهو يقول: من منهوك الرجز
وا بأبي شبه النبي ... ليس شبيهاً بعلي
قال: وعلي يضحك.
وعن ابن أبي مليكة قال: كانت فاطمة تنقز الحسن بن علي وتقول: من منهوك الرجز
بأبي شبه النبي ... ليس شبيهاً بعلي
قال البهي مولى الزبير: تذاكرنا من أشبه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أهله، فدخل علينا عبد الله بن الزبير فقال: أنا أحدثكم بأشبه أهله إليه وأحبهم إليه: الحسن بن علي؛ رأيته يجيء وهو ساجد فيركب رقبته أو قال: ظهره، فما ينزله حتى يكون هو الذي ينزل، ولقد رأيته يجيء وهو راكع فيفرج له بين رجليه حتى يخرج من الجانب الآخر.
وقل فيه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنه ريحانتي من الدنيا، وإن ابني هذا سيد، وعسى الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين.
وقال: اللهم إني أحبه فأحبه وأحب من يحبه.
وسئل الحسن: ماذا سمعت من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: سمعته يقول لرجل: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإن الشر ريبة، وإن الخير طمأنينة.
وحفظت عنه: أني بينا أنا أمشي معه إلى جنب جرين للصدقة تناولت تمرة فألقيتها في فمي، فأدخل أصبعه فاستخرجها بلعابها فألقاها، وقال: إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة.
وعقلت عنه الصلوات الخمس، وعلمني كلمات أقولهن عند انقضائهن: اللهم، اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، تباركت وتعاليت.
وعن أنس بن مالك قال: ما كان منهم يعني أهل البيت أشبه برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الحسن بن علي.
قال أو جحيفة: رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبيض قد شاب، وكان الحسن بن علي يشبهه.
وعن علي عليه السلام قال: كان الحسن أشبه الناس برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من وجهه إلى سرته، وكان الحسين أشبه الناس برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما أسفل من ذلك.
وعن أسامة بن زيد قال: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأخذ بيد الحسن والحسين ثم يقول: اللهم إني أحبهما فأحبهما.
وعنه قال: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأخذني فيقعدني على فخذه، ويقعد الحسن على فخذه الأخرى ثم يضمنا، ثم يقول: اللهم ارحمهما فإني أرحمهما.
وعن البراء قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حاملاً الحسن بن علي وهو يقول: اللهم، إني أحبه فأحبه، وأحب من يحبه.
وعنه قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حامل الحسن أو الحسين على عاتقه، وهو يقول: اللهم، إني أحبه فأحبه.
وعن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: من أحب الحسن والحسين فقد أحبني، ومن أبغضهما فقد أبغضني.
وعن أبي هريرة قال: ما رأيت الحسن بن علي إلا فاضت عيناي دموعاً رحمة، وذلك أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج يوماً فوجدني في المسجد، فأخذ بيدي، فاتكأ علي، ثم انطلقت معه حتى جئنا سوق بني قينقاع، فما كلمني، فطاف فيه، ونظر ثم رجع، ورجعت معه، فجلس في المسجد فاحتبي ثم قال: ادع لي لكاع، فأتى حسن بشدة حتى وقع في حجره، فجعل يدخل يده في لحية رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جعل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفتح فمه ويدخل فمه في فمه، ويقول: اللهم إني أحبه فأحبه، وأحب من يحبه. ثلاثاً.
وفي حديث آخر عنه: والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدخل لسانه في فمه، أو لسان الحسن في فمه.
وعنه قال: سمعت أذناي هاتان، وأبصرت عيناي هاتان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو آخذ بكفيه جميعاً، يعني حسناً أو حسيناً، وقدماه على قدم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو يقول: من الرجز
حزقة حزقة ... ترق عين بقسه
فيرقى الغلام حتى يضع قدميه على صدر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم قال له: افتح فاك، ثم قبله، ثم قال: اللهم، أحبه فإني أحبه.
قال أبو نعيم: الحزقة: المتقارب الخطا والقصير الذي يقرب خطاه. وعين بقة: أشار إلى البقة ولا شيء أصغر من عينها لصغرها.
وقيل: أراد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالبقة فاطمة، فقال له: ترق ياقرة عين بقة.
وعن علي قال: دخل علينا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: أين لكع؟ ههنا لكع؟ قال: فخرج إليه الحسن بن علي، وعليه سخاب قرنفل، وهو ماد يده، قال: فمد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يده فالتزمه وقال: بأبي أنت وأمي من أحبني فليحب هذا.
وعن علي عليه السلام: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخذ بيد حسن وحسين فقال: من أحبني وأحب هذين وأباهما وأمهما كان معي في درجتي يوم القيامة.
وعن زهير بن الأقمر، قال: بينما الحسن بن علي يخطب بعدما قتل علي، إذ قام رجل من الأزد آدم طوال فقال: لقد رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واضعه في حبوته يقول: من أحبني فليحبه، فليبلغ الشاهد الغائب، ولولا عزمة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما حدثتكم.
وعن أبي هريرة قال: خرج علينا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومه حسن وحسين، هذا على عاتقه وهذا على عاتقه، وهو يلثم هذا مرة ويلثم هذا مرة، حتى انتهى إلينا. فقال له رجل: يا رسول الله، إنك لتحبهما. فقال: من أحبهما فقد أحبني، ومن أبغضهما فقد أبغضني.
وعن زر بن حبيش عن عبد الله قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هذان ابناي، من أحبهما فقد أحبني.
وعنه قال: كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي، فإذا سجد وثب الحسن والحسين على ظهره، فإذا أرادوا أن يمنعوهما أشار إليهم أن دعوهما، فلما صلى وضعهما في حجره ثم قال: من أحبني فليحب هذين.
وعن أبي بكرة قال: كان الحسن والحسين يثبان على ظهر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يصلي فيمسكهما بيده حتى يرفع صلبه، ويقومان على الأرض، فلما فرغ أجلسهما في حجره، ثم قال: إن ابني هذين ريحانتي من الدنيا.
وعن أم سلمة أنها قالت: بينا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بيتي يوماً إذ قالت الخادم: إن علياً وفاطمة بالسدة قالت: فقال لي: قومي فتنحي لي عن أهل بيتي، قالت: فقمت فتنحيت في البيت قريباً، فدخل علي وفاطمة ومعهما الحسن والحسين وهما صبيان صغيران، فأخذ الصبيين فوضعهما في حجره فقبلهما. قالت: واعتنق علياً بإحدى يديه وفاطمة باليد الأخرى، فقبل فاطمة وقبل علياً فأغدق عليهم خميصة سوداء فقال: اللهم إليك لا إلى النار، أنا وأهل بيتي. قالت: فقلت: وأنا يا رسول الله. فقال: وأنت.
وعنها أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لفاطمة: ائتني بزوجك وابنيك فجاءت بهم، فألقى عليهم كساء فدكيا ثم وضع يديه عليه فقال: اللهم إن هؤلاء آل محمد فاجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد فإنك حميد مجيد. قالت: فرفعت الكساء لأدخل معهم، فجذبه وقال: إنك على خير.
وعن أم سلمة: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان في بيتها فأتته فاطمة ببرمة فيها خزيرة فدخلت بها عليه فقال لها: ادعي زوجك وابنيك. قالت: فجاء علي وحسن وحسين، فدخلوا عليه فجلسوا يأكلون من تلك الخزيرة، وهو على منامة له، على دكان تحته كساء خيبري. قالت: وأنا في الحجرة أصلي، فأنزل الله عز وجل هذه الآية: " إنّما يُريدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهيراً " قالت: فأخذ فضل الكساء فغشاهم به، ثم أخرج بيده فألوى بها إلى السماء، ثم قال: اللهم، هؤلاء أهل بيتي وحامتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، اللهم، هؤلاء أهل بيتي وحامتي، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. قالت: فأدخلت رأسي البيت فقلت: وأنا معكم يا رسول الله؟ قال: إنك إلى خير، إنك إلى خير.
وعن أبي سعيد قال: نزلت هذه الآية في خمسة نفر، وسماهم: " إِنَّما يُريدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهيراً " في رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعلي وفاطمة والحسن والحسين.
وعن حذيفة قال:
قالت لي أمي: متى عهدك بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقلت: مالي به عهد مذ كذا وكذا.
فقالت: متى؟ فقلت لها: دعيني فإني آتيه وأصلي معه المغرب، وأسأله أن يستغفر لي. قال: فأتيته وهو يصلي المغرب. فقال: ما رأيت العارض الذي عرض بي؟ قلت: بلى. قال: فذلك ملك لم يهبط إلى الأرض قبل الساعة، استأذن ربه عز وجل في السلام علي فسلم علي، وبشرني بأن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة.
وعن علي قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأبوهما خير منهما.
وعن جابر قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من سره أن ينظر إلى سيد شباب أهل الجنة فلينظر إلى الحسن بن علي.
وعن يعلى بن مرة قال: جاء الحسن والحسين يسعيان إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخذ أحدهما فضمه إلى إبطه، وأخذ الآخر فضمه إلى إبطه الآخر، وقال: هذان ريحانتاي من الدنيا، من أحبني فليحبهما. ثم قال: الولد مبخلة مجبنة مجهلة.
وعن أبي هريرة قال: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي صلاة العشاء، وكان الحسن والحسين يثبان على ظهره، فلما صلى قال أبو هريرة: يا رسول الله ألا أذهب بهما إلى أمهما؟ فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا، فبرقت برقة فما زالا في ضوئها حتى دخلا إلى أمهما.
وعن بريدة قال: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخطب فجاء الحسن والحسين وعليهما قميصان أحمران يعثران ويقومان، فنزل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إليهما، فأخذهما فوضعهما في حجره على المنبر، فقال: صدق الله " إنِّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةً "، رأيت هذين الصبيين فلم أصبر عنهما. ثم أخذ في خطبته.
وعن زيد بن أرقم قال: خرج الحسن بن علي وعليه بردة ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخطب، فعثر الحسن فسقط، فنزل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من المنبر، وابتدره الناس فحملوه، وتلقاه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فحمله ووضعه في حجره، وقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن الولد لفتنة ولقد نزلت إليه وما أدري أين هو.
وعن أنس بن مالك قال: لقد رأيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والحسن على ظهره، فإذا سجد نحاه، فإذا رفع رأسه، يعني أعاده.
وعن عبد الله بن شداد عن أبيه قال: خرج علينا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في إحدى صلاتي العشي، الظهر أو العصر، وهو حامل حسناً أو حسيناً، فتقدم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فوضعه، ثم كبر في الصلاة، فسجد بين ظهري صلاته سجدة أطالها. قال أبي: فرفعت رأسي فإذا الصبي على ظهر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو ساجد، فرجعت في سجودي، فلما قضى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصلاة، قال الناس: يا رسول الله، إنك سجدت بين ظهري صلاتك سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر وأنه يوحى إليك، قال: كل ذلك لم يكن، ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته.
وعن جابر بن عبد الله قال: دخلت على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو حامل الحسن والحسين على ظهره، وهو يمشي بهما فقلت: نعم الجمل جملكما، قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نعم الراكبان هما.
وعنه قال: دخلت على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والحسن والحسين على ظهره، وهو يمشي بهما على أربع، وهو يقول: نعم الجمل جملكما، ونعم العدلان أنتما.
وعن ابن عباس قال: خرج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حامل الحسن على عاتقه فقال له رجل: يا غلام نعم المركب ركبت. فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ونعم الراكب هو.
وعن زيد بن أرقم قال: إني لعند رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ مر علي وفاطمة والحسن والحسين، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنا حرب لمن حاربهم وسلم لمن سالمهم.
وعن المقدام بن معد يكرب قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: الحسن مني والحسين من علي.
وعن البراء بن عازب قال: قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للحسن أو الحسين: هذا مني وأنا منه وهو يحرم عليه ما يحرم علي.
وعن عمير بن إسحاق قال: كنت أمشي مع الحسن بن عي قي بعض طرق المدينة فلقيه أبو هريرة فقال له: أرني أقبل منك حيث رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل. قال: فقال بقميصه فكشف عن سرته فقبلها.
وعن معاوية قال:
رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمص لسانه أو قال: شفته يعني الحسن بن علي وإنه لن يعذب لسان أو شفتان مصهما رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وعن ابن جعفر قال: بينما الحسن مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ عطش فاشتد ظمؤه، فطلب له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ماء فلم يجد، فأعطاه لسانه، فمصه حتى روي.
وعن أبي هريرة: أن مروان بن الحكم أتى أبا هريرة في مرضه الذي مات فيه، فقال مروان لأبي هريرة: ما وجت عليك في شيء منذ اصطحبنا إلا في حبك الحسن والحسين. قال: فتحفز أبو هريرة فجلس فقال:
أشهد لخرجنا مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى إذا كنا ببعض الطريق سمع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صوت الحسن والحسين، وهما يبكيان، وهما مع أمهما، فأسرع السير حتى أتاهما، فسمعته يقول: ما شأن ابني؟ فقالت: العطش. قال: فأخلف رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى شنة يتوضأ بها، فيها ماء، وكان الماء يومئذ إعذاراً، والناس يريدون الماء، فنادى: هل أحد منكم معه ماء؟ فلم يبثق أحد إلا أخلف يده إلى كلاله يبتغي الماء في شنه، فلم يجد أحد منهم قطرة، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ناوليني أحدهما، فناولته إياه من تحت الخدر فرأيت بياض ذراعيهما حين ناولته، فأخذه فضمه إلى صدره وهو يصغو ما يسكت، فأدلع له لسانه فجعل يمصه حتى هدأ وسكن، فلم أسمع له بكاء، والآخر يبكي كما هو ما يسكت. فقال: ناوليني الآخر فناولته إياه، ففعل به كذلك فسكتا، فما اسمع لهما صوتاً، ثم قال: سيروا. فصدعنا يميناً وشمالاً عن الظعائن حتى لقيناه على قارعة الطريق. فأنا لا أحب هذين وقد رأيت هذا من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! وعن أنس قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يفرج بين رجلي الحسن، ويقبل ذكره.
وعن أبي هريرة قال: رأيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حامل الحسن بن علي على عاتقه ولعابه يسيل عليه.
وعنه قال: رأيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمص لعاب الحسن والحسين كما يمص الرجل التمرة.
وعن ابن عباس قال: اتخذ الحسن والحسين عند رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجعل يقول: هي يا حسن، خذ يا حسن، فقالت عائشة: تعين الكبير على الصغير؟ فقال: إن جبريل يقول: خذ يا حسين.
وعن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل على ابنته فاطمة وابناها إلى جانبها، وعلي نائم، فاستسقى الحسن، فأتى ناقة لهم فحلب منها، ثم جاء به فنازعه الحسين أن يشرب قبله حتى بكى، فقال: يشرب أخول ثم تشرب. فقالت فاطمة: كأنه آثر عندك منه؟! قال: ما هو بآثر عندي منه، وإنهما عندي بمنزلة واحدة، وإنك وهما وهذا المضجع معي في مكان واحد يوم القيامة.
وعن ابن مسعود: أنه كان مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إذ مر الحسن والحسين وهما صبيان، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هاتوا ابني أعوذهما بما عوذ به إبراهيم ابنيه إسماعيل وإسحاق، فضمهما إلى صدره، وقال: أعيذكما بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة، وكل عين لامة.
وكان إبراهيم النخعي يستحب أن يواصل هؤلاء الكلمات بفاتحة الكتاب. وقال منصور: تعوذ بها فإنها تنفع من العين والفزعة ومن الحمى ومن كل وجع.
وعن ابن عمر قال: كان على الحسن والحسين تعويذان فيهما زغب من زغب جناح جبريل.
وعن الحسن بن علي بن أبي طالب قال: رأيت عيسى بن مريم عليه السلام في النوم، فقلت: يا روح الله، إني أريد أن أنقش
على خاتمي فما أنقش عليه؟ قال: انقش عليه لا إله إلا الله الحق المبين فإنه يذهب الهم والغم.
وعن محمد بن سيرين قال: نظر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الحسن بن علي فقال: يا بني، اللهم سلمه وسلم منه.
وعن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنه لم يكن نبي قبلي إلا وقد أعطي سبعة رفقاء، نجباء، وزراء، وإني أعطيت أربعة عشر: حمزة، وجعفر، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وحسن وحسين، وعبد الله بن مسعود، وأبو ذر، والمقداد، وحذيفة، وعمار، وسلمان.
وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا يقومن أحد من مجلسه إلا للحسن أو الحسين أو ذريتهما.
وعن علي بن أبي طالب عليه السلام قال:
خطبت إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابنته فاطمة، قال: فباع علي درعاً له؛ وبعض ما باع من متاعه، فبلغ أربع مئة وثمانين درهماً، قال: وأمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يجعل ثلثيه في الطيب، وثلثه في الثياب، ومج في جرة من ماء وأمرهم أن يغتسلوا به. قال: وأمرها ألا تسبقه برضاع ولدها. قال: فسبقته برضاع الحسين وأما الحسن فإنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صنع في فيه شيئاً لا يدري ما هو. فكان أعلم الرجلين.
وعن علي قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنا وفاطمة والحسن والحسين مجتمعون، هذه فاطمة وهذان الحسن والحسين ومن أحبنا يوم القيامة في الجنة، نأكل ونشرب حتى يفرق بين العباد.
وعن علي قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لفاطمة: إني وإياك وهذا، يعنيني، وهذين الحسن والحسين يوم القيامة في مكان واحد.
وعن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لما استقر أهل الجنة في الجنة، قالت الجنة: يا رب أليس وعدتني أن تزينني بركنين
من أركانك؟ قال: ألم أزينك بالحسن والحسين؟ قال: فمات الجنة ميساً كما تميس العروس.
وعن حذيفة بن اليمان أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ألا إن الحسن بن علي قد أعطي من الفضل ما لم يعط أحد من ولد آدم، ما خلا يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الله.
وعن ابن عباس قال: صلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاة العصر، فلما كان في الرابعة أقبل الحسن والحسين حتى ركبا على ظهر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلما سلم وضعهما بين يديه، وأقبل الحسن فحمل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحسن على عاتقه الأيمن والحسين على عاتقه الأيسر، ثم قال: أيها الناس: ألا أخبركم بخير الناس جداً وجدة؟ ألا أخبركم بخير الناس عما وعمة؟ ألا أخبركم بخير الناس خالاً وخالة؟ ألا أخبركم بخير الناس أباً وأماً؟ الحسن والحسين: جدهما رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وجدتهما خديجة بنت خويلد، وأمهما فاطمة بنت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأبوهما علي بن أبي طالب، وعمهما جعفر بن أبي طالب، وعمتهما أم هانىء بنت أبي طالب، وخالهما القاسم بن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وخالاتهما: زينب ورقية وأم كلثوم، بنات رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ جدهما في الجنة، وجدتهما في الجنة، وأبوهما في الجنة وأمهما في الجنة، وعمهما في الجنة، وعمتهما في الجنة، وخالهما في الجنة، وخالاتهما في الجنة، وهما في الجنة، ومن أحبهما في الجنة.
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن فاطمة وعلياً والحسن والحسين في حظيرة القدس، في قبة بيضاء سقفها عرش الرحمن.
وعن زينب بنت أبي رافع قالت: رأيت فاطمة بنت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتت بابنيها إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في شكواه الذي توفي فيه، فقالت: يا رسول الله، هذان ابناك فورثهما، فقال: أما حسن فإن له هيبتي وسؤددي، وأما حسين فإن له جرأتي وجودي.
وعن سعيد بن أبي سعيد المقبري قال: كنا مع أبي هريرة إذ جاء الحسن بن علي فسلم فرددنا عليه ولم يعلم أبو هريرة فمضى، فقلنا: يا أبا هريرة هذا الحسن بن علي قد سلم علينا، قال: فتبعه فلحقه قال: وعليك السلام يا سيدي، قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: إنه سيد.
وعن جابر عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: إن ابني هذا سيد يعني الحسن بن علي وليصلحن الله على يديه بين فئتين من المسلمين عظيمتين.
قال سفيان: قوله: بين فئتين من المسلمين يعجبنا جداً.
وعن أبي بكرة قال: بينا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخطب جاء الحسن حتى صعد المنبر فقال: إن ابني هذا سيد، وإن الله سيصلح به بين فئتين من المسلمين عظيمتين. قال: فنظر إليهم أمثال الجبال في الحديد. قال: أضرب هؤلاء بعضهم ببعض في ملك من ملك الدنيا، لا حاجة لي به.
قال الحسن راوي الحديث عن أبي بكرة: فما أهريق في ولايته محجمة من دم.
وعن عمر بن الخطاب: أنه لما دون الدواوين وفرض العطاء ألحق الحسن والحسين بفريضة أبيهما مع أهل بدر لقرابتهما من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ففرض لكل واحد منهما خمسة آلاف درهم.
وعن مدرك أبي زياد قال:
كنا في حيطان ابن عباس، فجاء ابن عباس وحسن وحسين، فطافوا في البستان
فنظروا، ثم جاؤوا إلى ساقية فجلسوا على شاطئها، فقال لي حسن: يا مدرك عندك غداء؟ قلت: قد خبزنا. قال: ائت به. قال: فجئته بخبز وشيء من ملح جريش وطاقتي بقل، فأكل ثم قال: يا مدرك ما أطيب هذا! ثم أتي بغدائه، وكان كثير الطعام طيبه، فقال: يا مدرك، اجمع لي غلمان البستان قال: فقدم إليهم فأكلوا، ولم يأكل، فقلت: ألا تأكل؟ فقال: ذاك عندي أشهى من هذا، ثم قاموا فتوضؤوا، ثم قدمت دابة الحسن، فأمسك له ابن عباس بالركاب وسوى عليه، ثم جيء بدابة الحسين فأمسك له ابن عباس بالركاب وسوى عليه.
فلما مضيا قلت: أنت أكبر منهما تمسك لهما وتسوي عليهما؟ فقال: يالكع، أتدري من هذان؟ هذان ابنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أوليس هذا مما أنعم الله علي به أن أمسك لهما وأسوي عليهما؟.
وعن عبد الله بن مصعب قال: كان رجل عندنا قد انقطع في العبادة، فإذا ذكر عبد الله بن الزبير بكى، وإذا ذكر علياً نال منه. قال: فقلت: ثكلتك أمك، لروحة من علي أو غدوة في سبيل الله خير من عمر عبد الله بن الزبير حتى مات، ولقد أخبرني أبي أن عبد الله بن عروة أخبره، قال: رأيت عبد الله بن الزبير قعد إلى الحسن بن علي في غداة من الشتاء باردة. قال: فوالله ما قام حتى تفسخ جبينه عرقاً، فغاظني ذلك، فقمت إليه، فقلت: يا عم، قال: ما تشاء؟ قال: قلت: رأيتك قعدت إلى الحسن بن علي فما قمت حتى تفسخ جبينك عرقاً. قال: يا بن أخي إنه ابن فاطمة، لا والله ما قامت النساء عن مثله.
قال أبو الحسن المدائني: قال معاوية وعنده عمرو بن العاص وجماعة من الأشراف: من أكرم الناس أباً وأماً وجداً وجدة وخالاً وخالة وعماً وعمة؟ فقام النعمان بن العجلان الزرقي، فأخذ بيد الحسن فقال: هذا، أبوه علي، وأمه فاطمة، وجده رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وجدته خديجة، وعمه جعفر، وعمته أم هانىء بنت أبي طالب، وخاله القاسم، وخالته زينب. فقال عمرو بن العاص: أحب بني هاشم دعاك إلى ما عملت؟ قال ابن العجلان: يابن العاص أما علمت أنه من التمس رضا مخلوق بسخط
الخالق حرمه الله أمنيته وختم له بالشقاء في آخر عمره؟ بنو هاشم أنضر قريش عوداً، وأقعدها سلفاً، وأفضل أحلاماً.
وعن أبي سعيد أن معاوية قال لرجل من أهل المدينة: أخبرني عن الحسن بن علي. قال: يا أمير المؤمنين؛ إذا صلى الغداة جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس، ثم يساند ظهره فلا يبقى في مسجد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجل، له شرف، إلا أتاه، فيتحدثون حتى إذا ارتفع النهار صلى ركعتين، ثم ينهض فيأتي أمهات المؤمنين فيسلم عليهن، فربما أتحفنه، ثم ينصرف إلى منزله، ثم يروح فيصنع مثل ذلك. فقال: ما نحن معه في شيء.
قال أبو هاشم الجعفي: فاخر يزيد بن معاوية الحسن بن علي، فقال معاوية ليزيد: فاخرت الحسن؟ قال: نعم. قال: لعلك تقول: إن أمك مثل أمه، وأمه فاطمة بنت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولعلك تقول: إن جدك مثل جده، وكان جده رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأما أبوك وأبوه فقد تحاكما إلى الله جل وعز فحكم لأبيك على أبيه.
وعن مجالد: أن رجلاً بعث مولاة له إلى الحسن بن علي في حاجة، قالت: فرأيته يتوضأ، فلما فرغ مسح رقبته برقعة فمقته. فرأيت في منامي كأني قئت كبدي وعن محمد بن علي قال: قال الحسن بن علي: إني أستحي من ربي عز وجل أن ألقاه ولم أمش إلى بيته، فمشى عشرين مرة من المدينة على رجليه.
قال عبد الله بن عباس: ما ندمت على شيء فاتني في شبابي إلا أني لم أحج ماشياً. ولقد حج الحسن بن علي
خمساً وعشرين حجة ماشياً، وإن النجائب لتقاد معه، ولقد قاسم الله ماله ثلاث مرات حتى إنه يعطي النعل ويمسك النعل.
وفي رواية: وخرج من ماله مرتين.
وعن أم موسى قالت: كان الحسن بن علي إذا أوى إلى فراشه بالليل أتى بلوح فيه سورة الكهف فيقرؤها، قالت فكان يطاف بذلك اللوح معه حيث طاف من نسائه.
قال أبو جعفر: قال علي: قم فاخطب الناس يا حسن، قال: إني أهابك، لن أخطب وأنا أراك، فتغيب عنه حيث يسمع كلامه ولا يراه، فقام الحسن فحمد الله وأثنى عليه، وتكلم ثم نزل، فقال علي: ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم.
وعن سعيد بن عبد الرحمن عن أبيه قال:
تفاخر قوم من قريش فذكر كل رجل ما فيهم. فقال معاوية للحسن: يا أبا محمد، ما يمنعك من القول، فما أنت بكليل اللسان؟ قال: يا أمير المؤمنين، ما ذكروا مكرمة ولا فضيلة إلا ولي محضها ولبابها، ثم قال: من الكامل
فيم الكلام وقد سبقت مبرزاً ... سبق الجياد من المدى المتنفس
قال أبو هشام القناد: كنت أحمل المتاع من البصرة إلى الحسن بن علي، وكان يماكسني، فلعلي لا أقوم من عنده حتى يهب عامته، ويقول: إن أبي حدثني أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: المغبون لا محمود ولا مأجور.
وعن ابن سيرين: أن الحسن بن علي كان يجيز الرجل الواحد بمئة ألف.
وعن سعيد بن عبد العزيز: أن الحسن بن علي سمع إلى جنبه رجلاً يسأل أن يرزقه الله عشرة آلاف، فانصرف فبعث بها إليه.
وعن علي أنه خطب الناس، ثم قال: إن ابن أخيكم الحسن بن علي قد جمع مالاً، وهو يريد أن يقسمه بينكم، فحضر الناس، فقام الحسن فقال: إنما جمعته للفقراء، فقام نصف الناس، ثم كان أول من أخذ منه الأشعث بن قيس.
قال إبراهيم بن إسحاق الحربي، وقد سئل عن حديث عباس البقال، فقال: خرجت إلى الكيس ووزنت لعباس البقال دانقاً إلا فلساً فقال لي: يا أبا إسحاق، حدثني حديثاً في السخاء، فلعل الله عز وجل يشرح صدري فأعمل شيئاً.
قال: فقلت له: نعم: روي عن الحسن بن علي: أنه كان ماراً في بعض حيطان المدينة فرأى أسود، بيده رغيف، يأكل لقمة ويطعم الكلب لقمة، إلى أن شاطره الرغيف، فقال له الحسن: ما حملك على أن شاطرته، فلم يعاينه فيه بشيء؟ قال: استحت عيناي من عينيه أن أعاينه، فقال له: غلام من أنت؟ قال: غلام أبان بن عثمان، فقال: والحائط؟ فقال: لأبان بن عثمان، فقال له الحسن، أقسمت عليك لابرحت حتى أعود إليك.
فمر فاشترى الغلام والحائط، وجاء إلى الغلام فقال: يا غلام قد اشتريتك، فقام قائماً فقال: السمع والطاعة لله ولرسوله ولك يا مولاي، قال: وقد اشتريت الحائط، وأنت لوجه الله والحائط هبة مني إليك، قال: فقال الغلام: يا مولاي، قد وهبت الحائط للذي وهبتني له. قال: فقال عباس البقال: حسن والله يا أبا إسحاق، لأبي إسحاق دانق إلا فلساً، أعطه بدانق ما يريد، قلت: والله لا أخذت إلا بدانق إلا فلساً.
حدث رجل من أهل الشام قال: قدمت المدينة فرأيت رجلاً بهرني جماله، فقلت: من هذا؟ قالوا: الحسن بن علي، قال: فحسدت علياً أن يكون له ابن مثله، قال: فأتيته فقلت: أنت ابن أبي طالب؟ قال: إني ابنه فقلن بك وبأبيك وبك وبأبيك، قال: وأرم لا يرد إلي شيئاً، ثم قال: أراد غريباً فلوا استحملتنا حملناك، وإن استرفدتنا رفدناك، وإن استعنت بنا أعناك، قال: فانضرفت عنه وما في الأرض أحد أحب إلي منه.
قال صالح بن سليمان: قدم رجل المدينة وكان يبغض علياً، فقطع به، فلم يكن له زاد ولا راحلة، فشكا ذلك إلى بعض أهل المدينة، فقال له: عليك بحسن بن علي، فقال الرجل: ما لقيت هذا إلا في حسن وأبي حسن، فقيل له: فإنك لا تجد خيراً منه، فأتاه فشكا إليه؛ فأمر له بزاد وراحلة، فقال الرجل: الله أعلم حيث يجعل رسالاته، وقيل للحسن: أتاك رجل يبغضك ويبغض أباك فأمرت له بزاد وراحلة؟! قال: أفلا أشتري عرضي منه بزاد وراحلة؟!.
قال أبو جعفر: جاء رجل إلى الحسين بن علي فاستعان به على حاجة فوجده معتكفاً فقال: لولا اعتكافي لخرجت معك فقضيت حاجتك، ثم خرج من عنده فأتى الحسن بن علي فذكر له حاجته، فخرج معه لحاجته فقال: أما إني قد كرهت أن أعنيك في حاجتي ولقد بدأت بحسين فقال: لولا اعتكافي لخرجت معك، فقال الحسن: لقضاء حاجة أخ لي في الله أحب إلي من اعتكاف شهر.
وعن عي بن الحسين قال: خرج الحسن يطوف بالكعبة فقام إليه رجل فقال: يا أبا محمد، اذهب معي في حاجتي إلى فلان، فترك الطواف وذهب معه، فلما ذهب قام إليه رجل حاسد للرحل الذي ذهب معه، فقال: يا أبا محمد، تركت الطواف وذهبت مع فلان إلى حاجته؟! قال: فقال له حسن: وكيف لا أذهب معه، ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: من ذهب في حاجة أخية المسلم فقضيت حاجته كتبت له حجة وعمرة، وإن لم تقض كتبت له عمرة.
فقد اكتسبت حجة وعمرة، ورجعت إلى طوافي.
وعن أبي هارون قال:
انطلقنا حجاجاً فدخلنا المدينة فقلنا: لو دخلنا على ابن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحسن فسلمنا عليه، فدخلنا عليه فحدثناه بمسيرنا وحالنا، فلما خرجنا من عنده بعث إلى كل رجل منا بأربع مئة، أربع مئة، فقلنا للرسول: إنا أغنياء وليس بنا حاجة فقال: لا تردوا عليه معروفه؛ فرجعنا إليه فأخبرناه بيسارنا وحالنا، فقال: لا تردوا علي معروفي، فلو كنت على غير هذه الحال كان هذا لكم يسيراً، أما إني مزودكم: إن الله يباهي ملائكته بعباده يوم عرفة فيقول: عبادي جاؤوني شعثاً يتعرضون لرحمتي، فأشهدكم أني قد غفرت لمحسنهم وشفعت محسنهم في مسيئهم. وإذا كان يوم الجمعة فمثل ذلك.
قال ابن أبي مليكة: تزوج الحسن بن علي خولة بنة منظور، فبات ليله على سطح أجم، فشدت خمارها برجله، والطرف الآخر بخلخالها، فقام من الليل فقال: ما هذا؟ قالت: خفت أن تقوم من الليل بوسنك فتسقط فأكون أشأم سخلة على العرب، فأحبها، فأقام عندها سبعة أيام، فقال ابن عمر: لم نر أبا محمد منذ أيام، فانطلقوا بنا إليه، فأتوه، فقالت له خولة: احتبسهم حتى نهيىء لهم غداء، قال ابن عمر: فابتدأ الحسن حديثاً ألهانا بالاستماع إعجاباً به حتى جاءنا الطعام.
وقيل: إن التي شدت خمارها برجله هند بنت سهيل بن عمرو.
وكان الحسن أحصن بسبعين امرأة. وكان الحسن قلما تفارقه أربع حرائر، فكان صاحب ضرائر، فكانت عنده ابنة منظور بن سيار الفزاري، وعنده امرأة من بني أسد من آل جهم، فطلقهما، وبعث إلى كل واحدة منهما بعشرة آلاف درهم وزقاق من عسل متعة، وقال لرسوله يسار أبي سعيد بن يسار وهو مولاه: احفظ ما تقولان لك، فقالت الفزارية:
بارك الله فيه وجزاه خيراً، وقالت الأسدية: متاع قليل من حبيب مفارق، فرجع فأخبره، فراجع الأسدية وترك الفزارية.
وعن جعفر بن محمد عن أبيه قال: قال علي: يا أهل الكوفة، لا تزوجوا الحسن بن علي فإنه رجل مطلاق، فقال رجل من همدان: والله لنزوجنه فما رضي أمسك، وما كره طلق.
قال محمد بن سيرين: تزوج الحسن بن علي امرأة فبعث إليها بمئة جارية مع كل جارية ألف درهم.
قال سويد بن غفلة: كانت عائشة الخثعمية عند الحسن بن علي، فلما قتل علي قالت: لتهنك الخلافة. قال: بقتل علي تظهرين الشماتة؟ اذهبي فأنت طالق ثلاثاً، قال فتلفعت بثيابها وقالت: والله ما أردت هذا، وقعدت حتى انقضت عدتها، فبعث إليها ببقية صداقها وبمئة عشرين ألف درهم، فلما جاءها الرسول ورأت المال قالت: متاع قليل من حبيب مفارق، فأخبر الرسول الحسن بن علي فبكى وقال: لولا أني سمعت أبي يحدث عن جدي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: من طلق امرأته ثلاثاً لم تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، لراجعتها.
ولما خطب الحسن بن علي إلى منظور بن سيار بن زبان الفزاري ابنته فقال: والله إني لأنكحك، وإني لأعلم أنك علق طلق ملق غير أنك أكرم العرب بيتاً وأكرمه نسباً.
وكان حسن بن عي مطلاقاً للنساء، وكان لا يفارق امرأة إلا وهي تحبه.
قال أبو رزين: خطبنا الحسن بن علي يوم جمعة فقرأ إبراهيم على المنبر حتى ختمها.
قال ابن سيرين: كان الحسن بن علي لا يدعو إلى طعامه أحداً يقول: هو أهون من أن يدعى إليه أحد.
قال جويرية بن أسماء: لما مات الحسن بن علي بكى مروان في جنازته، فقال له حسين: أتبكيه وقد كنت تجرعه ما تجرعه؟! فقال: إني كنت أفعل ذلك إلى أحلم من هذا، وأشار بيده إلى الجبل.
قال عمير بن إسحاق: ما تكلم عندي أحد كان أحب إلي إذا تكلم ألا يسكت من الحسن بن علي، وما سمعت منه كلمة فحش قط إلا مرة، فإنه كان بين حسين بن علي وعمرو بن عثمان بن عفان خصومة في أرض، فعرض حسين أمراً لم يرضه عمرو، فقال الحسن: فليس له عندنا إلا ما رغم أنفه، قال: فهذا أشد كلمة فحش سمعتها منه قط.
قال رزيق بن سوار: كان بين الحسن بن علي وبين مروان كلام، فأقبل مروان فجعل يغلظ له، وحسن ساكت، فامتخط مروان بيمينه، فقال له الحسن: ويحك! أما علمت أن اليمين للوجه والشمال للفرج، أف لك، فسكت مروان.
قال محمد بن يزيد المبرد:
قيل للحسن بن علي: إن أبا ذر يقول: الفقر أحب إلي من الغنى، والسقم أحب إلي من الصحة، فقال: رحم الله أبا ذر، أما أنا فأقول: من اتكل على حسن اختيار الله له لم يتمن أنه في غير الحالة التي اختار الله تعالى له، وهذا حد الوقوف على الرضا بما تصرف به القضاء.
وعن جعيد بن همدان أن الحسن بن علي قال: يا جعيد بن همدان، إن الناس أربعة: فمنهم من له خلاق وليس له خلق، ومنهم من له خلق وليس له خلاق، ومنهم من ليس له خلق ولا خلاق، فذلك أشر الناس، ومنهم من له خلق وخلاق فذلك أفضل الناس.
حدث محمد بن كيسان أبو بكر الأصم قال: قال الحسن بن علي ذات يوم لأصحابه: إني أخبركم عن أخ لي، وكان من أعظم الناس في عيني، وكان رأس ما عظمه في عيني صغر الدنيا في عينه، كان خارجاً من سلطان بطنه فلا يشتهي ما لا يجد ولا يكنز إذا وجد، وكان خارجاً من سلطان فرجه فلا يستخف له عقله ولا رأيه، وكان خارجاً من سلطان الجهلة فلا يمد يداً إلا على ثقة المنفعة، كان لا يسخط ولا يتبرم، كان إذا جاء مع العلماء يكون على أن يسمع أحرص منه على أن يتكلم، كان إذا غلب على الكلام لم يغلب على الصمت، كان أكثر دهره صامتاً فإذا قال بذ القائلين، كان لا يشارك في دعوى ولا يدخل في مراء، ولا يدلي بحجة حتى يرى قاضياً، كان يقول ما يفعل، ويفعل ما لا يقول تفضلاً وتكرماً، كان لا يغفل عن إخوانه ولا يستخص بشيء دونهم، كان لا يلوم فيما يقع العذر في مثله، كان إذا ابتدأه أمران لا يدري أيهما أقرب إلى الحق نظر فيما هو أقرب إلى هواه فخالفه.
وعن الحارث الأعور: أن علياً عليه السلام سأل ابنه الحسن عن أشياء من أمر المروءة فقال: يا بني ما السداد؟ قال: يا أبه، السداد دفع المنكر بالمعروف.
قال: فما الشرف؟ قال: اصطناع العشيرة وحمل الجريرة.
قال: فما المروءة؟ قال: العفاف وإصلاح المرء حاله.
قال: فما الدقة؟ قال: النظر في اليسير ومنع الحقير.
قال: فما اللؤم؟ قال: إحراز المرء نفسه وبذله عرسه من اللؤم.
قال: فما السماحة؟ قال: العدل في اليسر والعسر.
قال: فما الشح؟ قال: أن ترى ما في يديك شرفاً وما أنفقته تلفاً.
قال: فما الإخاء؟ قال: الوفاء في الشدة والرخاء.
قال: فما الجبن؟ قال: الجرأة على الصديق والنكول عن العدو.
قال: فما الغنيمة؟ قال: الرغبة في التقوى والزهادة في الدنيا هي الغنيمة الباردة.
قال: فما الحلم؟ قال: كظم الغيظ وملك النفس.
قال: فما الغنى؟ قال: رضاء النفس بما قسم الله عز وجل لها وإن قل، فإنما الغنى غنى النفس.
قال: فما الفقر؟ قال: شره النفس في كل شيء.
قال: فما المنعة؟ قال: شدة البأس ومقارعة أشد الناس.
قال: فما الذل؟ قال: الفزع عند المصدوقة.
قال: فما الجرأة؟ قال: موافقة الأقران.
قال: فما الكلفة؟ قال: كلامك فيما لا يعنيك.
قال: فما المجد؟ قال: أن تعطي في الغرم وأن تعفو عن الجرم.
قال: فما العقل؟ قال: حفظ القلب كل ما استرعيته.
قال: فما الخرق؟ قال: معاداتك لإمامك ورفعك عليه كلامك.
قال: فما لسنا؟ قال: إتيان الجميل وترك القبيح.
قال: فما الحزم؟ قال: طول الأناة والرفق بالولاة، والاحتراس من الناس بسوء الظن هو الحزم.
قال: فما الشرف؟ قال: موافقة الإخوان وحفظ الجيران.
قال: فما السفه؟ قال: اتباع الدناة ومصاحبة الغواة.
قال: فما الغفلة؟ قال: تركك المسجد وطاعتك المفسد.
قال: فما الحرمان؟ قال: تركك حظك وقد عرض عليك.
قال: فما السيد؟ قال: السيد: الأحمق في المال المتهاون في عرضه، يشتم فلا يجيب، المتحزن بأمر عشيرته هو السيد.
قال: ثم قال علي عليه السلام: يا بني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: لا فقر أشد من الجهل، ولا مال أعود من العقل، ولا وحدة أوحش من العجب، ولا مظاهرة أوثق من المشاورة، ولا عقل كالتدبير، ولا حسب كحسن الخلق، ولا ورع كالكف، ولا عبادة كالتفكر، ولا إيمان كالحياء والصبر، وآفة الحديث الكذب، وآفة العلم النسيان، وآفة الحلم السفه، وآفة العبادة الفترة، وآفة الظرف الصلف، وآفة الشجاعة البغي، وآفة السماحة المن، وآفة الجمال الخيلاء، وآفة الحسب الفخر.
يا بني لا تستخفن برجل تراه أبداً، فإن كان أكبر منك فعد أنه أبوك، وإن كان مثلك فهو أخوك، وإن كان أصغر منك فاحسب أنه ولدك.
قال القاضي أبو الفرج: في هذا الجزء من جوابات الحسن أباه عما ساءله عنه من الحكمة وجزيل الفائدة ما ينتفع به من راعاه وحفظه، ووعاه وعمل به، وأدب نفسه بالعمل عليه، وهذبها بالرجوع إليه، وتتوفر فائدته بالوقوف عنده، وفيما رواه أمير المؤمنين عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مالا غنى كلل لبيب عن حفظه وتأمله والمسعود من هدي لتقبله.
قال المدائني: قال معاوية للحسن بن علي: ما المروءة يا أبا محمد؟ قال: فقه الرجل في دينه، وإصلاح معيشته، وحسن مخالقته.
قال: فما النجدة؟ قال: الذب عن الجار، والإقدام على الكريهة، والصبر على النائبة. قال: فما الجود؟ قال: التبرع بالمعروف والإعطاء قبل السؤال والإطعام في المحل.
قال معاوية يوماً في مجلسه: إذا لم يكن الهاشمي سخياً لم يشبه حسبه، وإذا لم يكن الزبيري شجاعاً لم يشبه حسبه، وإذا لم يكن المخزومي تائهاً لم يشبه حسبه، وإذا لم يكن الأموي حليماً لم يشبه حسبه.
فبلغ ذلك الحسن بن علي فقال: والله ما أراد الحق، ولكنه أراد أن يغري بني هاشم بالسخاء فيفنوا أموالهم ويحتاجوا إليه، ويغري آل الزبير بالشجاعة فيفنوا بالقتل، ويغري بني مخزوم بالتيه فيبغضهم الناس، ويغري بني أمية بالحلم فيحبهم الناس.
قال شرحبيل: دعا الحسن بن علي بنيه وبني أخيه فقال: يا بني وبني أخي إنكم صغار قوم يوشك أن تكونوا كبار آخرين، فتعلموا العلم فمن لم يستطع منكم أن يرويه أو يحفظه فليكتبه وليضعه في بيته.
وعن شعبة عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: الخلافة من بعدي ثلاثون سنة.
قال رجل كان حاضراً في المجلس: قد دخلت من هذه الثلاثين ستة شهور في خلافة معاوية. فقال: من ههنا أتيت! تلك الشهور كانت البيعة للحسن بن علي، بايعه أربعون ألفاً واثنان وأربعون ألفاً.
قال جرير: لما قتل علي بايع أهل الكوفة الحسن بن علي، وأطاعوه وأحبوه أشد من حبهم لأبيه. حدث جماعة من أهل العلم قالوا: بايع أهل العراق بعد علي بن أبي طالب الحسن بن علي ثم قالوا له: سر إلى هؤلاء القوم الذين عصوا الله ورسوله وارتكبوا العظيم، وابتزوا الناس أمورهم، فإنا نرجو أن يمكن الله منهم.
فسار الحسن إلى أهل الشام وجعل على مقدمته قيس بن سعد بن عبادة في اثني عشر ألفاً وكانوا يسمون شرطة الخميس.
وقيل: وجه إلى الشام عبيد الله بن العباس ومعه قيس بن سعد، فسار فيهم قيس حتى نزل مسكن والأنبار وناحيتها، وسار الحسن حتى نزل المدائن.
وأقبل معاوية في أهل الشام يريد الحسن حتى نزل جسر منبج.
فبينا الحسن بالمدائن إذ نادى مناد في عسكره: ألا إن قيس بن سعد قد قتل. قال: فشد الناس على حجرة الحسن فانتهبوها حتى انتهبت بسطه وجواريه وأخذوا رداءه من ظهره، وطعنه رجل من بني أسد، يقال له: ابن أقيصر، بخنجر مسموم في إليته، فتحول من مكانه الذي انتهب فيه متاعه فنزل الأبيض قصر كسرى، فقال: عليكم لعنه الله من أهل قرية فقد علمت أنه لا خير فيكم، قتلتم أبي بالأمس، واليوم تفعلون بي هذا!! ثم دعا عمرو بن سلمة الأرحبي فأرسله، وكتب معه إلى معاوية بن أبي سفيان يسأله الصلح، ويسلم له الأمر على أن يسلم له ثلاث خصال: يسلم له بيت المال فيقضي منه دينه ومواعيده التي عليه، ويتحمل منه هو ومن معه من عيال أبيه وولده وأهل بيته، ولا يسب علي وهو يسمع، وأن يحمل إليه خراج فسا ودرا بجرد من أرض فارس كل عام إلى المدينة ما بقي.
فأجابه معاوية إلى ذلك وأعطاه ما سأل.
ويقال: إن الذي أرسله الحسن إلى معاوية هو عبد الله بن الحارث بن نوفل، وأرسل معاوية عبد الله بن عامر بن كريز، وعبد الرحمن بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس، فقدما المدائن إلى الحسن فأعطياه ما أراد ووثقا له.
فكتب إليه الحسن أن أقبل، فأقبل من جسر منبج إلى مسكن في خمسة أيام وقد دخل يوم السادس، فسلم إليه الحسن الأمر وبايعه ثم سارا جميعاً حتى قدما الكوفة فنزل الحسن القصر، ونزل معاوية النخيلة، فأتاه الحسن في عسكره غير مرة، ووفى معاوية للحسن ببيت المال، وكان فيه يومئذ سبعة آلاف ألف درهم، فاحتملها الحسن وتجهز بها هو وأهل بيته إلى المدينة، وكف معاوية عن سب علي والحسن يسمع، ودس معاوية إلى أهل البصرة فطردوا وكيل الحسن وقالوا: لا نحمل فيئنا إلى غيرنا يعنون خراج فسا ودرابجرد فأجرى معاوية على الحسن كل سنة ألف ألف درهم، وعاش الحسن بعد ذلك عشر سنين.
وروى الزهري في حديث: أن معاوية لم ينفذ للحسن من الشرط الذي شرطه له شيئاً.
وفي رواية: أن الحسن بايع معاوية على أن جعل العهد للحسن من بعده، فكان أصحاب الحسن يقولون: يا عار المؤمنين، فيقول لهم: العار خير من النار.
قال هشام: لما قتل علي بايع الناس الحسن بن علي فوليها سبعة أشهر وأحد عشر يوماً.
وقال غيره: كان صلح معاوية والحسن بن علي ودخول معاوية الكوفة في ربيع الأول سنة إحدى وأربعين.
قال هزان: قيل للحسن بن علي: تركت إمارتك وسلمتها إلى رجل من الطلقاء وقدمت المدينة.
فقال: إني اخترت العار على النار.
وقيل: إن الحسن بن علي لما قدم الكوفة قال له أبو عامر سفيان بن ليلى: السلام عليك يا مذل المؤمنين. فقال: لا تقل ذلك، يا أبا عامر، لست بمذل المؤمنين، ولكني كرهت أن أقتلكم على الملك.
قال أبو بكر بن دريد: قام الحسن بعد موت أبيه، أمير المؤمنين، فقال بعد حمد الله عز وجل: إنا والله ما ثنانا عن أهل الشام شك ولا ندم، وإنما كنا نقاتل أهل الشام بالسلامة والصبر، فشيبت السلامة بالعداوة، والصبر بالجزع، وكنتم في مبتدئكم إلى صفين ودينكم أمام دنياكم، فأصبحتم اليوم ودنياكم أمام دينكم، ألا وإنا لكم كما كنا، ولستم لنا كما كنتم. ألا وقد أصبحتم
بين قتيلين: قتيل بصفين تبكون له، وقتيل بالنهروان تطلبون بثأره، فأما الباقي فخاذل، وأما الباكي فثائر. ألا وإن معاوية دعانا إلى أمر ليس فيه عز ولا نصفة، فإن أردتم الموت رددناه عليه، وحاكمناه إلى الله جل وعز بظبا السيوف. وإن أردتم الحياة قبلناها وأخذنا لكم الرضا، فناداه القوم من كل جانب: التقية، التقية، فلما أفردوه أمضى الصلح.
قال أبو جميلة عن الحسن بن علي: أنه بينا هو ساجد إذ وجأه إنسان في وركه؛ فمرض منها شهرين، فلما برأ خطب الناس بعد قتل علي فقال: يا أيها الناس إنما نحن أمراؤكم ضيفانكم، ونحن أهل البيت الذين قال الله عز وجل: أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، فكررها حتى ما بقي في المسجد أحد إلا وهو يخن بكاء.
حدث هلال بن خباب عن فلان قال: جمع الحسن بن علي رؤوس أهل العراق في قصر المدائن فقال: يا أهل العراق، لو لم تذهل نفسي عنكم إلا لثلاث لذهلت: مقتلكم أبي، ومطعنكم بطني، واستلابكم ثقلي أو ردائي عن عاتقي، وإنكم قد بايعتموني أن تسالموا من سالمت، وتحاربوا من حاربت، وإني قد بايعت معاوية فاسمعوا له وأطيعوا، ثم قام فدخل القصر وأغلق الباب دونهم.
قال الشعبي: لما صالح الحسن بن علي معاوية، قال له معاوية: قم فتكلم، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإن أكيس الكيس التقي، وإن أعجز العجز الفجور، ألا وإن هذا الأمر الذي اختلفت فيه أنا ومعاوية حق امرىء كان أحق به مني، أو حق لي تركته لمعاوية إرادة إصلاح المسلمين وحقن دمائهم " وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين ". ثم استغفر ونزل.
قال ابن شهاب: كان عمرو بن العاص حين اجتمعوا بالكوفة كلم معاوية، وأمره أن يأمر الحسن بن علي أن يقوم فيخطب الناس فكره ذلك معاوية، وقال: ما أريد أن يخطب، فقال عمرو: ولكني أريد أن يبدو عيه في الناس فإنه يتكلم في أمور لا يدري ما هي. فلم يزل بمعاوية حتى أطاعه، فخرج معاوية فخطب الناس وأمر رجلاً فنادى الحسن بن علي. قم يا حسن فكلم الناس.
فقام الحسن فتشهد في بديهة أمر لم يتروه فقال: أما بعد، أيها الناس: فإن الله هداكم بأولنا وحقن دماءكم بآخرنا، إن لهذا الأمر مدة والدنيا دول، وإن الله تعالى قال لنبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون، إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون، وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين ".
فلما قالها قال له معاوية: اجلس، ثم جلس، ثم خطب معاوية، ولم يزل ضمراً على عمرو، وقال: هذا عن رأيك.
وعن طحرب العجلي قال: قال الحسن بن علي: لا أقاتل بعد رؤيا رأيتها، رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واضعاً يده على العرش، ورأيت أبا بكر واضعاً يده على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ورأيت عمر واضعاً يده على أبي بكر، ورأيت عثمان واضعاً يده على عمر، ورأيت دونهم دماً فقلت: ما هذا؟ فقالوا: دم عثمان يطلب الله به.
قال يوسف بن مازن: عرض للحسن بن علي رجل فقال: يا مسود وجوه المسلمين، فقال: لا تعذلني، فإن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أريهم يلمون على منبره رجلاً فرجلاً، فأنزل الله تعالى " إنا أعطيناك الكوثر "، نهر في الجنة، " إنا أنزلناه في ليلة القدر، وما أدراك ما ليلة القدر، ليلة القدر خير من ألف شهر " يملكونه بعدي، يعني بني أمية.
قال فضيل بن مرزوق: أتى مالك بن ضمرة الحسن بن علي فقال: السلام عليك يا مسخم وجوه المؤمنين، قال: يا مالك، لا تقل ذلك، إني لما رأيت الناس تركوا ذلك إلا أهله خشيت أن يجتثوا عن وجه الأرض؛ فأردت أن يكون للدين في الأرض ناع، فقال: بأبي أنت وأمي " ذرية بعضها من بعض ".
قال جبير بن نفير الحضرمي: قلت للحسن بن علي: إن الناس يزعمون أنك تريد الخلافة، فقال: كانت جماجم العرب بيدي، يسالمون من سالمت، ويحاربون من حاربت، فتركتها ابتغاء وجه الله ثم أثيرها باتئاس أهل الحجاز؟!.
قال زيد بن أسلم: دخل رجل على الحسن المدينة وفي يده صحيفة، فقال: ما هذه؟ قال: من معاوية يعد فيها ويتوعد، قال: قد كنت على النصف منه، قال: أجل، ولكني خشيت أن يأتي يوم القيامة سبعون ألفاً أو ثمانون ألفاً أو أكثر أو أقل كلهم تنضح أوداجهم دماً، كلهم يستعدي الله فيم هريق دمه.
قال عمران بن عبد الله: رأى الحسن بن علي في منامه أنه مكتوب بين عينيه: " قل هو الله أحد ". ففرح بذلك، قال: فبلغ سعيد بن المسيب فقال: إن كان رأى هذه الرؤيا فقل ما بقي من أجله، قال: فلم يلبث الحسن بعدها إلا أياماً حتى مات.
قال عمير بن إسحاق: دخلت أنا ورجل من قريش على الحسن بن علي، فقام فدخل المخرج ثم خرج، فقال: لقد لفظت طائفة من كبدي أقلبها بهذا العود، ولقد سقيت السم مراراً، وما سقيته
مرة هي أشد من هذه، قال: وجعل يقول لذلك الرجل: سلني قبل أن لا تسألني، قال: ما أسألك شيئاً، يعافيك الله.
قال: فخرجنا من عنده ثم عدنا إليه من غد، وقد أخذ في السوق، فجاء حسين حتى قعد عند رأسه فقال: أي أخي من صاحبك؟ قال: تريد قتله؟ قال: نعم. قال: لئن كان صاحبي الذي أظن لله أشد له نقمة، وإن لم يكنه ما أحب أن تقتل بي بريئاً.
قالت أم بكر بنت المسور: لما مات الحسن أقام نساء بني هاشم عليه النوح شهراً.
قال عبد الله بن حسين: كان الحسن بن علي رجلاً كثير نكاح النساء، وكن قلما يحظين عنده، وكان كل امرأة تزوجها إلا أحبته وضنت به، فيقال: إنه كان سقي، ثم أفلت ثم سقي فأفلت، ثم كانت الآخرة توفي فيها. فلما حضرته الوفاة قال الطبيب وهو يختلف إليه: هذا رجل قد قطع السم أمعاءه.
فقال الحسين: يا أبا محمد خبرني من سقاك؟ قال: ولم يا أخي؟ قال: أقتله، والله، قبل أن أدفنك، أولا أقدر عليه؟ أو يكون بأرض أتكلف الشخوص إليه؟ فقال: يا أخي، إنما هذه الدنيا ليال فانية، دعه حتى ألتقي أنا وهو عند الله، فأبى أن يسميه: قال: فقد سمعت بعض من يقول: كان معاوية قد تلطف لبعض خدمه أن يسقيه سماً.
وعن أم موسى: أن جعدة بنت الأشعث بن قيس سقت الحسن السم، فاشتكى منه شكاة، قال: فكان يوضع تحته طست وترفع أخرى نحواً من أربعين يوماً.
قال ابن جعدبة: كانت جعدة بنت الأشعث تحت الحسن بن علي، فدس إليها يزيد أن سمي حسناً، إني زوجك؛ ففعلت.
فلما مات الحسن بعثت جعدة إلى يزيد تسأله الوفاء بما وعدها فقال: إنا والله لم نرضك للحسن فنرضاك لأنفسنا، فقال كثير ويرى للنجاشي: من السريع
يا جعد بكيه ولا تسأمي ... بكاء حق ليس بالباطل
لن تستري البيت على مثله ... في الناس من حاف ولا ناعل
أعني الذي أسلمه أهله ... للزمن المستخرج الماحل
كان إذا شبت له ناره ... يرفعها بالنسب الماثل
كيما يراها بائس مرمل ... أو فرد قوم ليس بالآهل
يغلي بني اللحم حتى إذا ... أنضج لم يغل على آكل
قال رقبة بن مصقلة: لما حضر الحسن بن علي قال: أخرجوا فراشي إلى الصحن حتى أنظر في ملكوت السموات، فأخرجوا فراشه، فرفع رأسه، فنظر فقال: اللهم إني أحتسب نفسي عندك، فإنها أعز الأنفس علي، قال: فكان مما صنع الله له أن احتسب نفسه عنده.
وفي رواية: اللهم إني أحتسب نفسي عندك فإني لم أصب بمثلها.
قال عبد الرحمن بن مهدي: لما اشتد بسفيان المرض جزع جزعاً شديداً، فدخل عليه مرحوم بن عبد العزيز، وكان شيخاً عاقلاً فقال: يا أبا عبد الله ما هذا الجزع؟ تقدم على رب عبدته ستين سنة، صمت له، صليت له، حججت له، أرأيتك لو كان لك عند رجل يد، أليس كنت تحب أن تلقاه حتى يكافئك؟ قال: فسري عنه.
قال أبو جعفر: حدث بهذا السندي ونحن مع أبي نعيم، فقال أبو نعيم: لما اشتد المرض بالحسن بن علي بن أبي طالب جزع، قال: فدخل عليه رجل
فقال: يا أبا محمد، ما هذا الجزع؟ ما هو إلا أن تفارق روحك جسدك فتقدم على أبويك علي وفاطمة، وعلى جديك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وخديجة، وعلى أعمامك: حمزة وجعفر، وعلى أخوالك: القاسم والطيب ومطهر وإبراهيم، وعلى خالاتك: رقية وأم كلثوم وزينب. قال: فسري عنه.
وفي حديث بمعناه: فقال له الحسن: أي أخي إني أدخل في أمر من أمر الله، لم أدخل في مثله، وأرى خلقاً من خلق الله لم ار مثله قط، قال: فبكى الحسين.
وعن جعفر بن محمد عن أبيه قال: لما أن حضر الحسن بن علي الموت بكى بكاء شديداً، فقال له الحسين: ما يبكيك يا أخي؟ وإنما تقدم على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعلى علي وفاطمة وخديجة، وهم ولدوك، وقد أجرى الله لك على لسان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنك سيد شباب أهل الجنة، وقاسمت الله مالك ثلاث مرات، ومشيت إلى بيت الله على قدميك خمس عشرة مرة حاجاً، وإنما أراد أن يطيب نفسه. قال: فوالله ما زاده إلا بكاء وانتحاباً. وقال: يا أخي إني أقدم على أمر عظيم مهول لم أقدم على مثله قط.
قال أبو حازم: لما حضر الحسن، قال للحسين: ادفنوني عند أبي يعني النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إلا أن تخافوا الدماء، فإن خفتم الدماء فلا تهريقوا في دماً؛ ادفنوني عند مقابر المسلمين. قال: فلما قبض تسلح الحسين، وجمع مواليه، فقال أبو هريرة: أيدك الله، ووصية أخيك؟ فإن القوم لن يدعوك حتى تكون بينكم دماء. قال: فلم يزل به حتى رجع. قال: ثم دفنوه في بقيع الغرقد. فقال أبو هريرة: أرأيتم لو جيء بابن موسى ليدفن مع أبيه فمنع، أكانوا قد ظلموه؟ قال: فقالوا: نعم. قال: فهذا ابن نبي الله، قد جيء به ليدفن مع أبيه.
وعن محمد بن جعفر عن أبيه قال: سمعت أبا هريرة يقول يوم دفن الحسن بن علي: قاتل الله مروان قال: والله ما كنت لأدع ابن أبي تراب يدفن مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد دفن عثمان بالبقيع. فقلت: يا مروان! اتق الله ولا تقل لعلي إلا خيراً، فأشهد لسمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يقول يوم خيبر:
لأعطين الراية رجلاً يحبه الله ورسوله، ليس بفرار.
وأشهد لسمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول في حسن: اللهم إني أحبه فأحبه وأحب من يحبه.
قال مروان: إنك والله قد أكثرت على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحديث، فلا أسمع منك ما تقول، فهلم غيرك يعلم ما تقول، قال: قلت: هذا أبو سعيد الخدري. فقال مروان: لقد ضاع حديث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى لا يرويه إلا أنت وأبو سعيد الخدري. والله ما أبو سعيد الخدري يوم مات رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا غلام، ولقد جئت أنت من جبال دوس قبل وفاة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فاتق الله يا أبا هريرة! قال: قلت: نعم ما أوصيت به وسكت عنه.
وعن أبي رافع وغيره: أن حسن بن علي بن أبي طالب أصابه بطن، فلما عرف بنفسه الموت أرسل إلى عائشة زوج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تأذن له أن يدفن مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بيتها، فقالت: نعم بقي موضع قبر واحد قد كنت أحب أن أدفن فيه، وأنا أوثرك به.
فلما سمعت بنو أمية ذلك لبسوا السلاح فاستلأموا، وكان الذي قام بذلك مروان بن الحكم فقال: والله لا يدفن عثمان بن عفان بالبقيع، ويدفن حسن مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولبست بنو هاشم السلاح وهموا بالقتال، وبلغ ذلك الحسن بن علي فأرسل إلى بني هاشم فقال لهم رسوله: يقول لكم الحسن: أما إذا بلغ الأمر هذا، فلا حاجة لي به، ادفنوني إلى جنب أمي فاطمة بالبقيع، فدفن إلى جنب فاطمة ابنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال محمد بن الضحاك الحرامي: لما بلغ مروان بن الحكم أنهم قد أجمعوا أن يدفنوا الحسن بن علي مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، جاء إلى سعيد بن العاص وهو عامل المدينة، فذكر ذلك له، وقال: ما أنت صانع في أمرهم؟ فقال: لست منهم في شيء، ولست حائلاً بينهم وبين ذلك، قال: فخلني وإياهم. فقال: أنت وذاك. فجمع لهم مروان من كان هناك من بني أمية وحشمهم ومواليهم. وبلغ
ذلك حسيناً، فجاء هو ومن معه في السلاح ليدفن حسناً في بيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأقبل مروان في أصحابه وهو يقول: من الرجز يا رب هيجا هي خير من دعه أيدفن عثمان بالبقيع ويدفن حسن في بيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! والله لا يكون ذلك أبداً وأنا أحمل السيف، فلما صلوا على حسن خشي عبد الله بن جعفر أني يقع في ذلك ملحمة عظيمة، فأخذ بمقدم السرير ثم مضى به نحو البقيع، فقال له حسين: ما تريد؟ قال: عزمت عليك بحقي ألا تكلمني كلمة واحدة، فصار به إلى البقيع، فدفنه هناك، رحمه الله، وانصرف مروان ومن معه.
وبلغ معاوية ما كانوا أرادوا في دفن حسن في بيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: ما أنصفتنا بنو هاشم حين يزعمون أنهم يدفنون حسناً مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد منعوا عثمان أن يدفن إلا في أقصى البقيع، إن يك ظني بمروان صادقاً لا يخلصون إلى ذلك، وجعل يقول: ويهاً مروان أنت لها.
قال الحسن بن محمد بن الحنفية: لما مرض حسن بن علي مرض أربعين ليلة، فلما استعز به وحضرت بنو هاشم، فكانوا لا يفارقونه، يبيتون عنده بالليل، وعلى المدينة سعيد بن العاص فكان سعيد يعوده، فمرة يؤذن له ومرة يحجب عنه، فلما استعز به بعث مروان بن الحكم رسولاً إلى معاوية يخبره بثقل الحسن بن علي.
وكان حسن رجلاً قد سقي وكان مبطوناً، إنما كان تختلف أمعاؤه، فلما حضر، كان عنده إخوته، عهد أن يدفن مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إن استطيع ذلك، فإن حيل بينه وبينه وخيف أن يهراق فيه محجمة من دم، دفن مع أمه بالبقيع.
وجعل حسن يوعز إلى الحسين: يا أخي إياك أن تسفك الدماء في، فإن الناس سراع إلى الفتنة، فلما توفي الحسن ارتجت المدينة صياحاً، فلا تلقى أحداً إلا باكياً.
وأبرد مروان إلى معاوية يخبره بموت حسن وأنهم يريدون دفنه مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأنهم لا يصلون إلى ذلك أبداً وأنا حي.
فانتهى حسين بن علي إلى قبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: احفروا ههنا، فسكت عنه سعيد بن العاص وهو الأمير، فاعتزل ولم يحل بينه وبينه، وصاح مروان في بني أمية ولفها، وتلبسوا السلاح وقال مروان: لا كان هذا أبداً، فقال له حسين: يا بن الزرقاء مالك ولهذا أوال أنت؟ قال: لا كان هذا ولا خلص إليه وأنا حي، فصاح حسين بحلف الفضول؛ فاجتمعت هاشم وتيم وزهرة وأسد وبنو جعونة بن شعوب من بني ليث قد تلبسوا السلاح، وعقد مروان لواء، وعقد حسين بن علي لواء.
فقال الهاشميون: يدفن مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حتى كانت بينهم المراماة بالنبل وابن جعونة بن شعوب يومئذ شاهر سيفه، فقام في ذلك رجال من قريش: عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، والمسور بن مخرمة بن نوفل، وجعل عبد الله بن جعفر يلح على حسين وهو يقول: يا بن عم ألم تسمع إلى عهد أخيك: إن خفت أن يهراق في محجمة دم فادفني بالبقيع مع أمي؟ أذكرك الله أن تسفك الدماء، وحسين يأبى دفنه إلا مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو يقول: ويعرض مروان لي ماله ولهذا؟
قال: فقال المسور بن مخرمة: يا أبا عبد الله اسمع مني: قد دعوتنا بحلف الفضول وأجبناك، تعلم أني سمعت أخال يقول قبل أن يموت بيوم: يا بن مخرمة إني قد عهدت إلى أخي أن يدفنني مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن وجد إلى ذلك سبيلاً، فإن خاف أن يهراق في ذلك محجمة من دم فليدفني مع أمي بالبقيع، وتعلم أني أذكرك الله في هذه الدماء، ألا ترى ما ههنا من السلاح والرجال؟ والناس سراع إلى الفتنة.
قال: فجعل الحسين يأبى وجعلت بنو هاشم والحلفاء يلغطون ويقولون: لا يدفن إلا مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال الحسن بن محمد: سمعت أبي يقول: لقد رأيتني يومئذ، وإني لأريد أن أضرب عنق مروان، ما حال بيني وبين ذلك إلا أن أكون أراه مستوجباً لذلك، إلا أني سمعت أخي يقول: إن خفتم أن يهراق في محجمة من دم فادفنوني بالبقيع، فقلت: يا أخي، يا أبا عبد الله، وكنت أرفقهم به، إنا لا ندع قتال هؤلاء القوم جبناً عنهم، ولكنا إنما نتبع وصية أبي محمد، إنه والله لو قال ادفنوني مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمتنا من آخرنا أو ندفنه مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولكنه خاف ما قد ترى، فقال: إن خفتم أن يهراق في محجم من دم فادفنوني مع أمي، فإنما نتبع عهده وننفذ أمره.
قال: فأطاع حسين بعد أن ظننت أنه لا يطيع، فاحتملناه حتى وضعناه بالبقيع، وحضر سعيد بن العاص ليصلي عليه فقالت بنو هاشم: لا يصلي عليه أبداً إلا حسين، قال: فاعتزل سعيد بن العاص، فوالله ما نازعنا في الصلاة، وقال: أنتم أحق بميتكم، فإن قدمتموني تقدمت، فقال حسين بن علي: تقدم، فلولا أن الأئمة تقدم ما قدمناك.
قال عباد بن عبد الله بن الزبير: سمعت عائشة تقول يومئذ: هذا الأمر لا يكون أبداً، ببقيع الغرقد ولا يكون لهم رابعاً؟ والله إنه لبيتي أعطانيه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حياته، وما دفن فيه عمر وهو خليفة إلا بأمري، وما آثر علي عندنا بحسن.
قال نملة بن أبي نملة: أعظم الناس يومئذ أن يدفن معهم أحد، وقالوا لمروان: أصبت يا أبا عبد الملك لا يكون معهم رابع أبداً.
قال أبو حازم: إني لشاهد يوم مات الحسن بن علي، فرأيت الحسين بن علي يقول لسعيد بن العاص، ويطعن في عنقه، ويقول: تقدم، فلولا أنها سنة ما قدمت، وكان بينهم شيء فقال أبو هريرة: أتنفسون على ابن نبيكم بتربة تدفنونه فيها؟ وقد سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: من أحبهما فقد أحبني ومن أبغضهما فقد أبغضني.
قالت عائشة بنت سعد: حد نساء بني هاشم على حسن بن علي سنة.
قال عمرو بن بعجة: أول ذل دخل على العرب موت الحسن بن علي.
قال مساور مولى سعد بن بكر: رأيت أبا هريرة قائماً على مسجد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم مات الحسن بن علي، ويبكي وينادي بأعلى صوته: يا أيها الناس! مات اليوم حب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فابكوا.
قال سلام أبو المنذر: قال معاوية لابن عباس: مات الحسن بن علي ليبكته بذلك. قال: فقال: لئن كان مات فإنه لا يسد بجسده حفرتك، ولا يزيد موته في عمرك، ولقد أصبنا بمن هو أشد علينا فقداً منه فجبر الله مصيبتنا.
قال ابن السماك: قال الحسين بن علي عند قبر أخيه الحسن يوم مات: رحمك الله أبا محمد، إن كنت لتناصر الحق مظانه، وتؤثر الله عند مداحض الباطل في مواطن التقية بحسن الروية، وتستشف جليل معاظم الدنيا بعين لها حاقرة، وتفيض عيها يداً طاهرة، وتردع بادرة أعدائك بأيسر المؤنة عليك، وأنت ابن سلالة النبوة، ورضيع لبان الحكمة، وإلى روح وريحان وجنة نعيم، أعظم الله لنا ولكم الأجر عليه، ووهب لنا ولكم السلوة وحسن الاتساء عليه.
قال عمر بن علي بن أبي طالب: لما قبض الحسن بن علي، ووقف على قبره أخوه محمد بن علي قال: يرحمك الله أبا محمد، فإن عزت حياتك لقد هدت وفاتك، ولنعم الروح روح تضمنه بدنك، ولنعم البدن بدن تضمنه كفنك، وكيف لا يكون هكذا وأنت سليل الهدى، وحليف أهل التقى، وخامس أصحاب الكساء، غذتك أكف الحق، وربيت في حجر الإسلام، ورضعت ثدي
الإيمان، وطبت حياً وميتاً وإن كانت أنفسنا غير طيبة بفراقك، فلا نشك في الخيرة لك، رحمك الله ثم انصرف عن قبره.
قال جهم بن أبي جهم:
لما مات الحسن بن علي عليها السلام، بعث بنو هاشم إلى العوالي صائحاً يصيح في كل قرية من قرى الأنصار بموت حسن، فنزل أهل العوالي ولم يتخلف أحد عنه.
قال ثعلبة بن أبي مالك: شهدنا حسن بن علي يوم مات ودفناه بالبقيع، فلقد رأيت البقيع، ولو طرحت إبرة ما وقعت إلا على إنسان.
قال أبو نجيح: بكى على حسن بن علي بمكة والمدينة سبعاً: النساء والصبيان والرجال.
قال سفيان بن عيينة: سمعت الهذلي يسأل جعفر بن محمد: كم كان لعلي حين قتل؟ قال: قتل وهو ابن ثمان وخمسين سنة ومات لها الحسن، وقتل لها الحسين يعني ولهما هذا السن وهو توفي وهو ابن سبع واربعين، وكان يخضب بالوسمة، وقيل: توفي في سنة تسع وأربعين وهو ابن ست وأربعين سنة، وقيل: توفي في سنة خمسين وولد سنة ثلاث، وكانت ولايته سبعة أشهر وسبعة أيام.
قال الأعمش: أحدث رجل على قبر الحسن فجن، فجعل ينبح كما تنبح الكلاب، ومات فسمع من قبره يعوي ويصيح.

زيد بن ارقم بن قيس بن النعمان

زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ بْنِ قَيْسِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ مَالِكِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ الْخَزْرَجِ، وَقِيلَ: زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ بْنِ زَيْدِ بْنِ قَيْسٍ، كَانَ فِي حِجْرِ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ، وَخَرَجَ مَعَهُ إِلَى مُؤْتَةَ، شَهِدَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعَ عَشْرَةَ غَزْوَةً، رَمِدَتْ عَيْنَاهُ فَعَادَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:
- «يَا زَيْدُ أَرَأَيْتَ لَوَ كَانَ عَيْنَاكَ لِمَا بِهِمَا» ، اخْتُلِفَ فِي كُنْيَتِهِ، فَقِيلَ: أَبُو عَمْرٍو، وَقِيلَ: أَبُو عَامِرٍ، وَقِيلَ: أَبُو سَعْدٍ، وَقِيلَ: أَبُو أُنَيْسَةَ، اسْتُصْغِرَ عَنْ أُحُدٍ فَكَانَ بِالْمَدِينَةِ فِيمَنْ يَحْفَظُ الذَّرَارِيَّ، سَكَنَ الْكُوفَةَ، وَتُوُفِّيَ بِهَا سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ، حَدَّثَ عَنْهُ مِنَ الصَّحَابَةِ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُعَاوِيَةُ، وَأَبُو الطُّفَيْلِ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَمِنَ التَّابِعِينَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ حَيَّانَ، وَحَبِيبُ بْنُ يَسَارٍ، وَغَيْرُهُمْ
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: قُلْتُ لِزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ: كَمْ غَزَوْتَ أَنْتَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: «سَبْعَ عَشْرَةَ غَزْوَةً»
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، ثنا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبَانَ، ثنا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ، ثنا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَ: أَصَابَنِي رَمَدٌ فَعَادَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا بَرَأْتُ خَرَجْتُ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرَأَيْتَ لَوَ كَانَتْ عَيْنَاكَ لِمَا بِهِمَا، مَا كُنْتَ صَانِعًا؟» قَالَ: قُلْتُ: صَبَرْتُ وَاحْتَسَبْتُ، قَالَ: «لَوْ صَبَرْتَ وَاحْتَسَبْتَ لَلَقِيتَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا ذَنْبَ لَكَ» وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ: «لَأَوْجَبَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَكَ الْجَنَّةَ» . رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ خَيْثَمَةَ الْبَصْرِيِّ، عَنْ زَيْدٍ
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَضْرَمِيُّ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ: «يَا أَبَا عَامِرٍ»
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ، ثنا أَبُو أُسَامَةَ، ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي طَلْحَةُ مَوْلَى أَبِي قَرَظَةَ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: قُلْتُ لِزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ: «يَا أَبَا عَمْرٍو»
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنِي أَبُو يُونُسَ الْمَدَنِيُّ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، قَالَ: «زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ بِالْكُوفَةِ»
- مَا أَسْنَدَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنبأ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي حَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ طَاوُسٍ، قَالَ: قَدِمَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ يَسْتَذْكِرُهُ: كَيْفَ أَخْبَرْتَنِي عَنْ لَحْمٍ أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ حَرَامٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، أَهْدَى لَهُ رَجُلٌ عُضْوًا مِنْ لَحْمِ صَيْدٍ فَرَدَّهُ، وَقَالَ: «إِنَّا لَا نَأْكُلُهُ، إِنَّا حُرُمٌ»
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ، ثنا مُوسَى بْنُ هَارُونَ التَّوْزِيُّ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ، ثنا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ الْقَاضِي، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَدِمَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ يَسْتَذْكِرُهُ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً
- حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ الْحَسَنِ، وَفَارُوقٌ الْخَطَّابِيُّ، فِي آخَرِينَ قَالُوا: ثنا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَشِّيُّ، ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَدِمَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ فَسَأَلَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ لَحْمِ طَيْرٍ أُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَدَّهُ، وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَقَالَ: «إِنَّا حُرُمٌ» وَرَوَاهُ زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ زَيْدٍ
- حَدَّثَنَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْحَاقَ التُّسْتَرى، ثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَ: أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رِجْلُ حِمَارٍ، فَقَالَ: " اقْرَأْ عَلَيْهِ السَّلَامَ وَقُلْ لَهُ: لَوْلَا أَنَّا حُرُمٌ لَمْ نَرُدَّهُ " وَرَوَاهُ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
- حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْغِطْرِيفِيُّ وَغَيْرُهُ، قَالُوا: ثنا أَبُو خَلِيفَةَ، ثنا أَبُو الْوَلِيدِ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قُلْتُ لِزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أُهْدِيَ لَهُ عُضْوُ صَيْدٍ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَرَدَّهُ؟ قَالَ: نَعَمْ "
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الشَّامِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ، يَخْطُبُ وَهُوَ يَقُولُ: يَا أَهْلَ الشَّامِ، حَدَّثَنِي الْأَنْصَارِيُّ يَعْنِي زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ، وَإِنِّي أَرَاكُمُوهُمْ يَا أَهْلَ الشَّامِ»
- حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الْأَحْمَسِيُّ، ثنا أَبُو حُصَيْنٍ الْوَادِعِيُّ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، ثنا شَرِيكٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ، اللهُمَّ وَالِ مَنْ وَالِاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ» رَوَاهُ حَكِيمُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَفِطْرِ بْنِ خَلِيفَةَ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ زَيْدٍ نَحْوَهُ وَرَوَاهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ: أَبُو سُلَيْمَانَ زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ، وَأَبُو الضُّحَى، وَيَحْيَى بْنُ جَعْدَةَ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي الْحَسْنَاءِ وَأَبُو إِسْحَاقَ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ الْمُؤَذِّنُ، وَأَبُو عُبَيْدِ اللهِ الشَّيْبَانِيُّ، وَأَبُو لَيْلَى الْحَضْرَمِيُّ، وَأَبُو صَالِحٍ وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مَيْمُونٌ، وَعَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ، وَثُوَيْرُ بْنُ أَبِي فَاخِتَةَ، فِي آخَرِينَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ
- حَدَّثَنَا فَارُوقٌ الْخَطَّابِيُّ، ثنا زِيَادُ بْنُ الْخَلِيلِ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْفَضْلِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: كَتَبَ إِلَيَّ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ وَبَلَغَهُ حُزْنِي عَلَى مَنْ أُصِيبَ بِالْحِيرَةِ مِنْ قَوْمِي: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «اللهُمَّ اغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ وَأَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ» وَشَكَّ ابْنُ الْفَضْلِ فِي «أَبْنَاءِ أَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ» وَرَوَاهُ قَتَادَةُ، وَعَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ زَيْدٍ مِثْلَهُ وَرَوَاهُ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ زَيْدٍ مِثْلَهُ
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ح وَحَدَّثَنَا فَارُوقٌ الْخَطَّابِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَشِّيُّ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ح وَحَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا أَبُو خَلِيفَةَ، ثنا أَبُو الْوَلِيدِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَالُوا: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: خَرَجَ النَّاسُ يَسْتَسْقُونَ، وَخَرَجَ فِيهِمْ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، قَالَ: فَدَنَوْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: كَمْ غَزَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: تِسْعَ عَشْرَةَ غَزْوَةً، قَالَ: قُلْتُ: كَمْ غَزَوْتَ مَعَهُ؟ قَالَ: سَبْعَ عَشْرَةَ، وَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ زَادَ أَبُو دَاوُدَ فِي حَدِيثِهِ: قُلْتُ لِزَيْدٍ: مَا أَوَّلُ غَزْوَةٍ غَزَاهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: ذَاتُ الْعُسَيْرَةِ، أَوْ ذَاتُ الْعَشِيرَةِ رَوَاهُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: زُهَيْرٌ، وَإِسْرَائِيلُ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، وَيُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَالْجَرَّاحُ أَبُو وَكِيعٍ وَوَهِمَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ فَصَحَّفَهَا فَقَالَ: ذَاتُ الْعَنْبَرِ، أَوِ الْعُسَيْرِ، وَإِنَّمَا هُوَ ذَاتُ الْعَشِيرِ، أَوِ الْعُسَيْرِ، الشَّكُّ فِي السِّينِ وَالشِّينِ، فَأَمَّا الْعَنْبَرُ، فَمَا قَالَهُ أَحَدٌ غَيْرُهُ
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا أَبُو مَسْعُودٍ أَحْمَدُ بْنُ الْفُرَاتِ، ثنا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ» رَوَاهُ عَنْ أَبِي حَيَّانَ: إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ
- فَأَمَّا حَدِيثُ إِسْمَاعِيلَ: فَحَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ حَيَّانَ التَّيْمِيُّ، قَالَ: انْطَلَقْتُ إِلَى زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَدْ سَمِعَتْ أُذُنَايَ، وَوَعَاهُ قَلْبِي مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ جَهَنَّمَ»
- وَأَمَّا حَدِيثُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ: فَحَدَّثَنَاهُ فَارُوقٌ الْخَطَّابِيُّ، ثنا أَبُو مُسْلِمٍ، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ التَّيْمِيِّ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ حَيَّانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَ: أَمَا إِنِّي سَمِعَتْ أُذُنَايَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»
- وَحَدِيثُ جَرِيرٍ: فَحَدَّثَنَاهُ أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شِيرَوْيهِ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ وَاسْمُهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَ: أَمَا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ كَذَبَ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ جَهَنَّمَ» وَرَوَاهُ عَمْرُو بْنُ أَبِي الْمِقْدَامِ، وَقَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَيَّانَ مِثْلَهُ
- حَدَّثَنَاهُ أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَاشِمٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، ثنا عَمْرُو بْنُ أَبِي الْمِقْدَامِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» وَرَوَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ
- حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ، ثنا مُوسَى بْنُ عُثْمَانَ الْحَضْرَمِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، ثنا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبَانَ، ثنا هِشَامٌ، ثنا الْقَاسِمُ الشَّيْبَانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ، يَقُولُ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَهْلِ قُبَاءَ وَهُمْ يُصَلُّونَ الضُّحَى فَقَالَ: «إِنَّ صَلَاةَ الْأَوَّابِينَ إِذَا رَمِضَتِ الْفِصَالُ» رَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، وَوَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، مِنْ رِوَايَةِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، عَنْ وَكِيعٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْقَاسِمِ وَرَوَاهُ وَكِيعٌ عَنْ هِشَامٍ أَيْضًا فَقَالَ: عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْقَاسِمِ وَحَدِيثُ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ
- حَدَّثَنَاهُ أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ، ثنا يَزِيدُ، ثنا هِشَامٌ، سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ عَوْفٍ، أَنَّهُ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ، يَقُولُ: سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ
- وَحَدِيثُ وَكِيعٍ عَنِ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا وَكِيعٌ، ثنا هِشَامٌ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ زَيْدٍ، نَحْوَهُ.
- وَحَدِيثُ وَكِيعٍ عَنْ قَتَادَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ، ثنا ابْنُ شِيرَوَيْهِ، ثنا إِسْحَاقُ، ثنا وَكِيعٌ، ثنا هِشَامٌ، صَاحِبُ الدَّسْتُوَائِيِّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَرَوَاهُ يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، عَنْ وَكِيعٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ زَيْدٍ مَوْقُوفًا وَرَوَاهُ عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْقَاسِمِ: الْحَجَّاجُ بْنُ الْحَجَّاجِ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وَحُسَامُ بْنُ مِصَكٍّ، وَأَبُو مَرْزُوقٍ، وَغَيْرُهُمْ وَرَوَاهُ أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَوْفٍ نَحْوَهُ
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْهَيْثَمِ، قَالَ: ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَاكِرٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ، ثنا يُوسُفُ بْنُ صُهَيْبٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَ: كُنَّا نَقْرَأُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ لَابْتَغَى ثَالِثًا، وَلَا يَمْلَأُ بَطْنَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللهُ عَلَى مَنْ تَابَ» رَوَاهُ مَعْمَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ أَبُو الْمُنْذِرِ، وَعَفِيفُ بْنُ سَالِمٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ صُهَيْبٍ مِثْلَهُ
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا يُوسُفُ بْنُ صُهَيْبٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ شَارِبِهِ فَلَيْسَ مِنَّا» وَرَوَاهُ مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَجَرِيرٌ، وَحَمْزَةُ الزَّيَّاتُ، وَمَنْدَلُ بْنُ عَلِيٍّ فِي آخَرِينَ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ صُهَيْبٍ وَرَوَاهُ الزِّبْرِقَانُ السَّرَّاجُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ مِثْلَهُ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْمُؤَدِّبُ، ثنا عُبَيْدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا كَامِلُ أَبُو الْعَلَاءِ، حَدَّثَنِي حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا بَعَثَ اللهُ نَبِيًّا إِلَّا عَاشَ نِصْفَ مَا عَاشَ الَّذِي كَانَ قَبْلَهُ» رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ كَامِلٍ مُطَوَّلًا
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ رِشْدِينَ، ثنا عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ بَشِيرٍ الْأَنْصَارِيُّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَنَسِيُّ، مِنْ وَلَدِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنْ قَالَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ: سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَقَدِ اكْتَالَ بِالْجَرِيبِ الْأَوْفَى مِنَ الْأَجْرِ "
- حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا عَمَّارُ بْنُ هَارُونَ، ثنا الْهَيْثَمُ بْنُ حَيَّانَ، ثنا نُفَيْعُ بْنُ الْحَارِثِ، سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ، يَقُولُ: بَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي فِي بَعْضِ سِكَكِ الْمَدِينَةِ، إِذْ مَرَّ بِشَابٍّ وَهُوَ يُغَنِّي، فَوَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ: «وَيْحَكَ يَا شَابُّ، هَلَّا بِالْقُرْآنِ تُغَنِّي؟» قَالَهَا مِرَارًا "

سلمان الفارسي

أبو عبد الله سلمان الفارسي مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم
سكن الكوفة والمدائن.
- حدثني زهير بن محمد المروزي نا صدقة بن سابق عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن ابن عباس عن سلمان قال: كنت رجلا من أهل أصبهان من قرية يقال لها جي.
- حدثني أحمد بن زهير نا أبو سلمة نا حرب بن ثابت عن مروان الأصفر: أن سلمان كان من أهل رام هرمز.

- حدثني شجاع بن مخلد نا ابن نمير عن الأعمش عن أبي ظبيان عن جرير قال: قلت لسلمان: يا أبا عبد الله! سمعت منه؟

- حدثني عباس بن محمد نا هارون بن عبد الله نا سعيد بن عامر عن عوف عن أبي عثمان قال: قال لي سلمان: ياأبا عثمان تدري من أين أنا؟ قال: قلت: لا. قال: أنا من قرية بالأهواز يقال لها: رام هرمز.

- حدثني ابن زنجويه نا الفريابي عن سفيان عن عوف عن أبي عثمان قال: سمعت سلمان يقول: أنا من رام هرمز.

- حدثنا قطن بن نسير (*) عن أبي عباد الغبري نا جعفر بن
سليمان عن ثابت، عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم آخا بين سلمان وبين أبي الدرداء.

- حدثنا شيبان نا سليمان بن المغيرة نا حميد - يعني ابن هلال - قال: أوخي بين سلمان وبين أبي الدرداء فسكن أبو الدرداء الشام وسكن سلمان الكوفة. قال: فكتب أبو الدرداء إلى سلمان: سلام عليك أما بعد: فإن الله عز وجل رزقني بعدك مالا وولدا، ونزلت في الأرض المقدسة. قال: فكتب إليه سلمان: سلام عليك أما بعد: فإنك كتبت إلي أن الله رزقك مالا وولدا واعلم أن الخير ليس بكثرة المال والولد ولكن الخير أن يعظم حلمك وأن ينفعك علمك. وكتبت إلي أنك نزلت الأرض المقدسة وأن الأرض لا تعمل لأحد عملا اعمل كأنك ترى واعدد نفسك مع الموتى.
- حدثنا عبد الرحمن بن صالح الأزدي، حدثنا شعيب بن راشد عن عمرو بن خالد الهمداني عن أبي هاشم عن زاذان: أن سلمان قال: عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم - ل/أ - فقال: " ياسلمان! شفى الله سقمك وغفر ذنبك وعافاك في دينك وجسدك إلة مدة أجلك ".

- حدثني جدي، حدثنا حجاج بن محمد، عن ابن جريج قال: أخبرني أبو حرب بن أبي الأسود عن أبي الأسود. قال ابن جريج: ورجل عن زاذان قال: سئل علي عن سلمان؟ فقال: ذاك امرؤ لنا أهل البيت من لكم بمثل لقمان الحكيم //// علم العلم الأول وأدرك العلم الآخر [وقرأ] الكتاب الأول والكتاب الآخر وكان بحرا لا [ينزف].
- حدثنا شيبان نا أبو الأشهب نا الحسن قال: لما نزل بسلمان الموت بكى، فقيل له: ما يبكيك ياأبا عبد الله؟ قال: أخشى أن لا نكون حفظنا وصية نبينا صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول لنا: " ليكن بلاغكم من الدنيا كزاد الراكب.

- حدثنا سريج بن يونس نا هشيم عن منصور عن الحسن قال: لما حضر سلمان الموت بكى فقيل له: ما يبكيك ياأبا عبد الله وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أما أني لا أبكي جزعا على الدنيا ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلينا عهدا فتركنا عهده أن يكون بلغة أحدنا من الدنيا كزاد الراكب فلما مات نظر فيما ترك فإذا هو نحو من قيمة ثلاثين درهما.
- حدثنا يحيى بن عثمان الحربي نا أبو المليح الرقي عن حبيب - أظنه ابن أبي مرزوق - عن هريم - أو هذيم - قال: رأيت سلمان الفارسي على حمار عري وعليه قميص سنبلاني ضيق الأسفل وكان رجلا طويل الساقين كثير شعر الساقين يتبعه الصبيان فقلت للصبيان: تنحوا عن الأمير. قال: دعهم فإن الخير والشر فيما بعد اليوم.

- حدثنا كامل بن طلحة نا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أبي عثمان قال: كنت مع سلمان تحت شجرة فأخذ منها غصنا يابسا فهزها حتى تحات ورقه ثم قال: ياأبا عثمان ألا تسألني لم أفعل هذا؟ قلت: ولم فعلته؟ فقال: هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه تحت شجرة أخذ غصنا يابسا فهزه حتى تحات ورقه وقال: " ألا تسألني ياسلمان لم أفعل هذا؟ " قلت: ولم تفعله؟ قال: " إن المسلم إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم صلى الصلوات الخمس تحاتت خطاياه كما تحات هذا الورق " ثم قرأ هذه الآية {وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل} إلى آخر الآية.
- حدثنا محمد بن الفرج مولى بني هاشم نا محمد بن الزبرقان نا يونس عن علي بن زيد عن أبي عثمان قال. صلى بنا سلمان صلاة ثم قام إلى غصن شجرة يابسة فنفضها. ثم ضحك.
فقال: أتدرون لم فعلت هذا؟ صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة ثم قبض على غصن شجرة يابسه فحركها فتحات ورقها ثم قال: " إن العبد إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم صلى فأحسن الصلاة تحاتت عنه ذنوبه كما تحات ورق هذه الشجرة.

- حدثنا محمد بن الفرج نا محمد بن الزبرقان نا سليمان التيمي عن أبي عثمان عن سلمان قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الجراد فقال: " أكثر جنود الله //// لا آكله ولا أحرمه.
- حدثنا أحمد بن إبراهيم بن علي، وأبو الربيع قالا: نا سيف بن هارون عن سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي عن سلمان الفارسي قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السمن - ل/ب - والفرى والجبن فقال: " الحلال ما أحل الله والحرام ما حرم الله في كتابه وما سكت عنه فهو مما عفا عنه.

- حدثنا الحكم بن موسى أبو صالح نا الهيثم بن حميد نا
النعمان يعني ابن المنذر عن مكحول عن شرحبيل بن السمط عن سلمان: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من مات مرابطا في سبيل الله عز وجل أومن عذاب القبر ونمى له أجره إلى يوم القيامة ".

- حدثني يحيى الحماني نا عمرو بن حريث نا برذعة بن عبد الرحمن عن أبي الخليل عن سلمان عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " سميتهما - يعني الحسن والحسين - بأسماء ابني هارون شبرا وشبيرا.

- حدثني جدي وجماعة قالوا: نا أبو بدر عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن سلمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ياسلمان لا تبغضني فتفارق دينك ". قلت: وكيف أبغضك يارسول الله وبك هدانا الله؟ قال: " تبغض العرب فتبغضني.
- حدثني جدي نا ابن أبي زائدة عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن ابن عباس قال: حدثني سلمان قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بطعام فقلت: هذا صدقة وأنا مملوك فأمر أصحابه أن يأكلوا ولم يأكل معهم. ثم أتيته بطعام فقلت: هذا [أهديه كرامة لك] فإني أراك لا تأكل الصدقة فأمر أصحابه أن يأكلوا وأكل معهم.

- حدثنا شيبان وطالوت بن عباد قالا: نا داود بن أبي الفرات عن محمد بن زيد عن أبي شريح عن أبي مسلم مولى زيد بن صوحان قال: كنت مع سلمان الفارسي فرأى رجلا قد أحدث وهو يريد أن ينزع
خفيه للوضوء فأمره أن يمسح على خفيه وعلى عمامته ويمسح بناصيته وقال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على خفيثه وخماره.
رأيت في " كتاب محمد بن سعد ": أخبرنا محمد بن عمر قال: توفي سلمان بالمدائن في خلافة عثمان.
وقال ابن زنجويه بلغني أن سلمان توفي سنة ست وثلاثين قبل الجمل.
وقد روى سلمان عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث صالحة.
سلمان الفارسي
ب د ع: سلمان الفارسي أَبُو عَبْد اللَّهِ ويعرف بسلمان الخير مولى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسئل عن نسبه، فقال: أنا سلمان بْن الإسلام.
أصله من فارس، من رامهرمز، وقيل: إنه من جي، وهي مدينة أصفهان، وكان اسمه قبل الإسلام مابه بْن بوذخشان بْن مورسلان بْن بهبوذان بْن فيروز بْن سهرك، من ولد آب الملك.
وكان ببلاد فارس مجوسيًا سادن النار، وكان سبب إسلامه
(560) مَا أخبرنا أَبُو الْمَكَارِمِ مَنْصُورُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَعْدٍ الْمُؤَدِّبُ، أخبرنا أَبُو الْقَاسِمِ نَصْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَفْوَانَ الْمُعَدَّلُ، أخبرنا أَبُو الْبَرَكَاتِ سَعْدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ وَالْخَطِيبُ أَبُو الْفَضَائِلِ الْحَسَنُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ، قَالا: أخبرنا أَبُو الْفَرَجِ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ، أخبرنا أَبُو مَنْصُورٍ الْمُظَفَّرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطُّوسِيُّ، أخبرنا أَبُو زَكَرِيَّاءَ يَزِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِيَاسِ بْنِ الْقَاسِمِ الأَزْدِيُّ الْمَوْصِلِيُّ، أخبرنا عَلِيُّ بْنُ جَابِرٍ، أخبرنا يُوسُفَ بْنُ بُهْلُولٍ، أخبرنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ.
ح قَالَ أَبُو زَكَرِيَّاءَ: أخبرنا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى، أخبرنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ، أخبرنا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَكَّائِيُّ، عن ابْنِ إِسْحَاقَ، عن عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عن مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، عن ابْنِ عَبَّاسٍ.
ح قَالَ أَبُو زَكَرِيَّاءَ: وَحدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ غَنَّامِ بْنِ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، وَأخبرنا نُمَيْرٌ، أخبرنا يُونُسُ، عن ابْنِ إِسْحَاقَ، عن عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عن مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، عن ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَلْمَانُ، قَالَ: " كُنْتُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ فَارِسَ مِنْ أَصْبَهَانَ، مِنْ جَيّ، ابْنَ رَجُلٍ مِنْ دَهَاقِينِهَا، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ إِدْرِيسَ: وَكَانَ أَبِي دِهْقَانَ أَرْضِهِ، وَكُنْتُ أَحَبَّ الْخَلْقَ إِلَيْهِ: وَفِي حَدِيثِ الْبَكَّائِيِّ: أَحَبَّ عِبَادِ اللَّهِ إِلَيْهِ، فَأَجْلَسَنِي فِي الْبَيْتِ كَالْجَوَارِي، فَاْجتَهَدْتُ فِي الْفَارِسِيَّةِ، وَفِي حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ عَامِرٍ: فِي الْمَجُوسِيَّةِ، فَكُنْتُ فِي النَّارِ الَّتِي تُوقَدُ فَلا تَخْبُو، وَكَانَ أَبِي صَاحِبَ ضَيْعَةٍ، وَكَانَ لَهُ بِنَاءٌ يُعَالِجُهُ، زَادَ ابْنُ إِدْرِيسَ فِي حَدِيثِهِ: فِي دَارِهِ، فَقَالَ لِي يَوْمًا: يَا بُنَيَّ، قَدْ شَغَلَنِي مَا تَرَى فَانْطَلِقْ إِلَى الضَّيْعَةِ، وَلا تَحْتَبِسْ فَتَشْغِلْنِي عن كُلِّ ضَيْعَةٍ بِهَمِّي بِكَ، فَخَرَجْتُ لِذَلِكَ فَمَرَرْتُ بِكَنِيسَةِ النَّصَارَى وَهُمْ يُصَلُّونَ، فَمِلْتُ إِلَيْهِمْ وَأَعْجَبَنِي أَمْرُهُمْ، وَقُلْتُ، هَذَا وَاللَّهِ خَيْرٌ مِنْ دِينِنَا.
فَأَقَمْتُ عِنْدَهُمْ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ، لا أَنَا أَتَيْتُ الضَّيْعَةَ، وَلا رَجَعْتُ إِلَيْهِ، فَاسْتَبْطَأَنِي وَبَعَثَ رُسُلًا فِي طَلَبِي، وَقَدْ قُلْتُ لِلنَّصَارَى حِينَ أَعْجَبَنِي أَمْرُهُمْ: أَيْنَ أَصْلُ هَذَا الدِّينِ؟ قَالُوا: بِالشَّامِ.
فَرَجَعْتُ إِلَى وَالِدِي، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ، قَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكَ رُسُلًا، فَقُلْتُ: مَرَرْتُ بِقَوْمٍ يُصَلِّونَ فِي كَنِيسَةٍ، فَأَعْجَبَنِي مَا رَأَيْتُ مِنْ أَمْرِهِمْ، وَعَلِمْتُ أَنَّ دِينَهُمْ خَيْرٌ مِنْ دِينِنَا.
فَقَالَ: يَا بُنَيَّ، دِينُكَ وَدِينُ آبَائِكَ خَيْرٌ مِنْ دِينِهِمْ، فَقُلْتُ: كَلا وَاللَّهِ.
فَخَافَنِي وَقَيَّدَنِي.
فَبَعَثْتُ إِلَى النَّصَارَى وَأَعْلَمْتُهُمْ مَا وَافَقَنِي مِنْ أَمْرِهِمْ، وَسَأَلْتُهُمْ إِعْلامِي مَنْ يُرِيدُ الشَّامَ، فَفَعَلُوا.
فَأَلْقَيْتُ الْحَدِيدَ مِنْ رِجْلِي، وَخَرَجْتُ مَعَهُمْ، حَتَّى أَتَيْتُ الشَّامَ، فَسَأَلْتُهُمْ عن عَالِمِهِمْ، فَقَالُوا: الأُسْقُفُّ، فَأَتَيْتُهُ، فَأَخْبَرْتُهُ، وَقُلْتُ: أَكُونُ مَعَكَ أَخْدِمُكَ وَأُصَلِّي مَعَكَ؟ قَالَ: أَقِمْ.
فَمَكَثْتُ مَعَ رَجُلٍ سُوءٍ فِي دِينِهِ، وَكَانَ يَأْمُرُهُمْ بِالصَّدَقَةِ، فَإِذَا أَعْطَوْهُ شَيْئًا أَمْسَكَهُ لِنَفْسِهِ، حَتَّى جَمَعَ سَبْعَ قِلالٍ مَمْلُوءَةٍ ذَهَبًا وَوَرِقًا، فَتُوُفِّيَ، فَأَخْبَرْتُهُمْ بِخَبَرِهِ، فَزَبَرُونِي، فَدَلَلْتُهُمْ عَلَى مَالِهِ فَصَلَبُوهُ، وَلَمْ يُغَيِّبُوهُ وَرَجَمُوهُ، وَأَحَلُّوا مَكَانَهُ رَجُلًا فَاضِلًا فِي دِينِهِ زُهْدًا وَرَغْبَةً فِي الآخِرَةِ وَصَلاحًا، فَأَلْقَى اللَّهُ حُبَّهُ فِي قَلْبِي، حَتَّى حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، فَقُلْتُ: أَوْصِينِي، فَذَكَرَ رَجُلًا بِالْمَوْصِلِ، وَكُنَّا عَلَى أَمْرٍ وَاحِدٍ حَتَّى هَلَكَ.
فَأَتَيْتُ الْمَوْصِلَ، فَلَقِيتُ الرَّجُلَ، فَأَخْبَرْتُهُ بِخَبَرِي، وَأَنَّ فُلانًا أَمَرَنِي بِإِتْيَانِكَ، فَقَالَ: أَقِمْ، فَوَجَدْتُهُ عَلَى سَبِيلِهِ وَأَمْرِهِ حَتَّى حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، فَقُلْتُ لَهُ: أَوْصِينِي، فَقَالَ: مَا أَعْرِفُ أَحَدًا عَلَى مَا نَحْنُ عَلَيْهِ إِلا رَجُلًا بِعَمُورِيَّةَ.
فَأَتَيْتُهُ بِعَمُورِيَّةَ، فَأَخْبَرْتُهُ بِخَبَرِي، فَأَمَرَنِي بِالْمَقَامِ وَثَابَ لِي شَيْءٌ، وَاتَّخَذْتُ غَنِيمَةً وَبُقَيْرَاتٍ، فَحَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، فَقُلْتُ: إِلَى مَنْ تُوصِي بِي؟ فَقَالَ: لا أَعْلَمُ أَحَدًا الْيَوْمَ عَلَى مِثْلِ مَا كُنَّا عَلَيْهِ، وَلَكِنْ قَدْ أظلك نبي يبعث بدين إِبْرَاهِيم الحنيفية، مهاجره بأرض ذات نخل، وبه آيات وعلامات لا تخفى، بين منكبيه خاتم النبوة، ويأكل الهدية، ولا يأكل الصدقة، فإن استطعت فتخلص إليه فتوفي.
فمر بي ركب من العرب، من كلب، فقلت: أصحبكم وأعطيكم بقراتي وغنمي هذه، وتحملوني إِلَى بلادكم؟ فحملوني إِلَى وادي القرى، فباعوني من رجل من اليهود، فرأيت النخل، فعلمت أَنَّهُ البلد الذي وصف لي، فأقمت عند الذي اشتراني، وقدم عليه رجل من بنى قريظة فاشتراني منه، وقدم بي المدينة، فعرفتها بصفتها، فأقمت معه أعمل في نخله، وبعث اللَّه نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وغفلت عن ذلك حتى قدم المدينة، فنزل في بني عمرو بْن عوف، فأني لفي رأس نخلة إذ أقبل ابن عم لصاحبي، فقال: أي فلان، قاتل اللَّه بني قيلة، مررت بهم آنفًا، وهم مجتمعون عَلَى رجل قدم عليهم من مكة، يزعم أَنَّهُ نبي، فوالذي ما هو إلا أن سمعتها، فأخذني القر، ورجفت بي النخلة، حتى كدت أن أسقط، ونزلت سريعًا، فقلت: ما هذا الخبر؟ فلكمني صاحبي لكمة، وقال: وما أنت وذاك؟ أقبل عَلَى شأنك.
فأقبلت عَلَى عملي حتى أمسيت، فجمعت شيئًا فأتيته به، وهو بقباء عند أصحابه، فقلت: اجتمع عندي، أردت أن أتصدق به، فبلغني أنك رجل صالح، ومعك رجال من أصحابك ذوو حاجة، فرأيتكم أحق به، فوضعته بين يديه، فكف يديه، وقال لأصحابه: كلوا.
فأكلوا، فقلت: هذه واحدة، ورجعت.
وتحول إِلَى المدينة، فجمعت شيئًا فأتيته به، فقلت: أحببت كرامتك فأهديت لك هدية، وليست بصدقة، فمد يده فأكل، وأكل أصحابه، فقلت: هاتان اثنتان، ورجعت.
فأتيته وقد تبع جنازة في بقيع الغرقد، وحوله أصحابه، فسلمت، وتحولت أنظر إِلَى الخاتم في ظهره، فعلم ما أردت، فألقى رداءه، فرأيت الخاتم، فقبلته، وبكيت، فأجلسني بين يديه، فحدثته بشأني كله كما حدثتك يا ابن عباس، فأعجبه ذلك، وأحب أن يسمعه أصحابه، ففاتني معه بدر وأحد بالرق، فقال لي: " كاتب يا سلمان عن نفسك "، فلم أزل بصاحبي حتى كاتبته، عَلَى أن أغرس له ثلثمائة ودية، وعلى أربعين أوقية من ذهب، فقال النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أعينوا أخاكم بالنخل "، فأعانوني بالخمس والعشر، حتى اجتمع لي، فقال لي: " فقر لها ولا تضع منها شيئًا حتى أضعه بيدي "، ففعلت، فأعانني أصحابي حتى فرغت، فأتيته، فكنت آتيه بالنخلة فيضعها، ويسوي عليها ترابًا، فانصرف، والذي بعثه بالحق فما ماتت منها واحدة، وبقي الذهب، فبينما هو قاعد إذ أتاه رجل من أصحابه بمثل البيضة من ذهب، أصابه من بعض المعادن، فقال: " ادع سليمان المسكين الفارسي المكاتب "، فقال: أد هذه، فقلت: يا رَسُول اللَّهِ، وأين تقع هذه مما علي؟ وروى أَبُو الطفيل، عن سلمان، قال: أعانني رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ببيضة من ذهب، فلو وزنت بأحد لكانت أثقل منه "
وقيل: إنه لقي بعض الحواريين، وقيل: إنه أسلم بمكة، وليس بشيء.
وأولُ مشاهده مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الخندق، ولم يتخلف عن مشهد بعد الخندق، وآخى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بينه وبين أَبِي الدرداء.
(561) أُخبرنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْقَاهِرِ، قَالَ: أخبرنا أَبُو مُحَمَّدٍ جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَارِي، أخبرنا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَاذَانَ، أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ السَّمَّاكِ، أخبرنا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ، أخبرنا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ، أخبرنا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عن سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَدِيعَةَ، عن سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَتَطَهَّرَ بِمَا اسْتَطَاعَ مِنَ الطُّهْرِ، ثُمَّ ادَّهَنَ مِنْ دُهْنِهِ أَوْ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ اثْنَيْنِ، فَإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ أَنْصَتَ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الأُخْرَى ".
رَوَاهُ آدَمُ بْنُ إِيَاسٍ، عن ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عن سَعِيدٍ، عن أَبِيهِ، عن ابْنِ وَدِيعَةَ، عن سَلْمَانَ.
وَرَوَاهُ ابْنُ عَجْلانَ، عن سَعِيدٍ، عن أَبِيهِ، عن ابْنِ وَدِيعَةَ، عن أَبِي ذَرٍّ
(562) وأخبرنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مِهْرَانَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَأَبُو جَعْفَرٍ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ، بِإِسْنَادِهِمْ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى السُّلَمِيِّ، قَالَ: حدثنا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، أخبرنا أَبِي، عن الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، عن أَبِي رَبِيعَةَ الإِيَادِيِّ، عن الْحَسَنِ، عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ الْجَنَّةَ تَشْتَاقُ إِلَى ثَلاثَةٍ عَلِيٍّ، وَعَمَّارٍ، وَسَلْمَانَ "
وكان سلمان من خيار الصحابة زهادهم وفضلائهم، وذوي القرب من رَسُول اللَّهِ، قالت عائشة: " كان لسلمان مجلس من رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالليل، حتى كاد يغلبنا عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".
وسئل عَلَى عن سلمان، فقال: علم العلم الأول والعلم الآخر، وهو بحر لا ينزف، وهو منا أهل البيت.
وكان رَسُول اللَّهِ قد آخى بين سلمان وأبي الدرداء، وسكن أَبُو الدرداء الشام، وسكن سلمان العراق، فكتب أَبُو الدرداء إِلَى سلمان: سلام عليك، أما بعد، فإن اللَّه رزقني بعدك مالًا وولدًا، ونزلت الأرض المقدسة.
فكتب إليه سلمان: سلام عليك، أما بعد، فإنك كتبت إلي أن اللَّه رزقك مالًا وولدًا، فاعلم أن الخير ليس بكثرة المال والولد، ولكن الخير أن يكثر حلمك، وأن ينفعك علمك، وكتبت إِلَى أنك نزلت الأرض المقدسة، وَإِن الأرض لا تعمل لأحد، اعمل كأنك ترى، واعدد نفسك من الموتى.
وقال حذيفة لسلمان: ألا نبني لك بيتًا؟ قال: لم؟ لتجعلني ملكًا، وتجعل لي درًا مثل بيتك الذي بالمدائن، قال: لا، ولكن نبني لك بيتًا من قصب ونسقفه بالبردي، وَإِذا قمت كاد أن يصيبك رأسك، وَإِذا نمت كاد أن يصيب طرفيك، قال: فكأنك كنت في نفسي.
وكان عطاؤه خمسة آلاف، فإذا خرج عطاؤه فرقه، وأكل من كسب يده وكان يسف الخوص.
وهو الذي أشار عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بحفر الخندق لما جاءت الأحزاب، فلما أمر رَسُول اللَّهِ بحفره احتج المهاجرون والأنصار في سلمان، وكان رجلًا قويًا، فقال المهاجرون: سلمان منا، وقال الأنصار: سلمان منا، فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " سلمان منا أهل البيت ".
وروى عنه ابن عباس، وأنس، وعقبة بْن عامر، وَأَبُو سَعِيد، وكعب بْن عجرة، وَأَبُو عثمان النهدي، وشرحبيل بْن السمط، وغيرهم.
(563) أخبرنا أَبُو مَنْصُورِ بْنُ السِّيحِيِّ، أخبرنا أَبُو الْبَرَكَاتِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَمِيسٍ، أخبرنا أَبُو نَصْرِ بْنُ طَوْقٍ، أخبرنا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ الْمُرَجَّى، أخبرنا أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ، أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حدثنا جَرِيرٌ، عن مَنْصُورٍ، عن إِبْرَاهِيمَ، عن عَلْقَمَةَ، عن قَرْثَعٍ الضَّبِّيِّ، عن سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هَلْ تَدْرِي مَا يَوْمُ الْجُمُعَةِ؟ " قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: " هُوَ الَّذِي جَمَعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ أَبَاكُمْ، أَوْ أَبَاكَ، آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ، مَا مِنْ عَبْدٍ يَتَطَهَّرُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ يَأْتِي الْجُمُعَةَ لا يَتَكَلَّمُ، حَتَّى يَقْضِيَ الإِمَامُ صَلاتَهُ، إِلا كَانَ كَفَّارَةً لِمَا قَبْلَهَا " وتوفي سنة خمس وثلاثين، في آخر خلافة عثمان، وقيل: أول سنة ست وثلاثين، وقيل: توفي في خلافة عمر، والأول أكثر.
قال العباس بْن يَزِيدَ: قال أهل العلم: عاش سلمان ثلثمائة وخمسين سنة، فأما مائتان وخمسون فلا يشكون فيه.
قال أَبُو نعيم: كان سلمان من المعمرين، يقال: إنه أدرك عِيسَى بْن مريم، وقرأ الكتابين، وكان له ثلاث بنات: بنت بإصبهان، وزعم جماعة أنهم من ولدها، وابنتان بمصر.
أخرجه الثلاثة.
وسلمان الفارسي، يكنى أبا عَبْد الله :
من أهل مدينة أصبهان، ويقال من رامهرمز أسلم في السنة الأولى من الهجرة، وأول مشهد شهده مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم الخندق، وإنما منعه عَنْ حضور ما قبل ذلك أنه كان مسترقا لقوم من اليهود وكاتبهم، وأدى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتابته وعتق، ولم يزل بالمدينة حتى غزا المسلمون العراق فخرج معهم، وحضر فتح المدائن ونزلها حتى مات بها، وقبره الآن ظاهر معروف بقرب إيوان كسرى عليه بناء، وهناك خادم مقيم لحفظ الموضع وعمارته والنظر في أمر مصالحه، وقد رأيت الموضع وزرته غير مرة.
أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: نا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْقَاسِمِ الْعَبْدِيُّ بِجُرْجَانَ قال: نا المنيعي- يَعْنِي عَبْد الله بْن مُحَمَّد البغوي- قال نا ابن زنجويه قال: نا الفريابي عَنْ سفيان عَنْ عوف عَنْ أَبِي عثمان قَالَ: سمعت سلمان الفارسي يقول: أنا من أهل رامهرمز.
أخبرنا ابن بشران قال: أنبأنا الحسين بن صفوان قال: نبأنا ابن أبي الدّنيا قال: نبأنا مُحَمَّدُ بْنُ سعد قَالَ: سلمان الفارسي يكنى أبا عَبْد الله، أسلم عند قدوم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة، وكان قبل ذلك يقرأ الكتب ويطلب الدين. وكان عبدا لقوم من بني قريظة فكاتبهم، فأدى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتابته وعتق، فهو إِلَى بني هاشم، وأول مشاهده الخندق، وتوفي في خلافة عثمان بالمدائن.
أخبرني الأزهري قال: نبأنا عبد الرّحمن بن عمر الخلّال قال: نبأنا محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة قال: نبأنا جدي قَالَ: قد كان سلمان الفارسي نزل الكوفة في خلافة عثمان، وتوفي بالمدائن، وقبره هناك.
أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: نبأنا عبد الله بن محمد بن جعفر قَالَ: سمعت جعفر ابن أَحْمَد بْن فارس قَالَ: سمعت العباس بْن يزيد يقول لمحمد بْن النعمان، يقول أهل العلم: عاش سلمان ثلاثمائة وخمسين سنة، فأما [إلى ] مائتين وخمسين فلا يشكون فيه وكان من المعمرين، قيل إنه: أدرك وصي عِيسَى بْن مريم وأعطي علم الأول والآخر وقرأ الكتابين.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْبَرْقَانِيُّ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى إِسْحَاقَ النِّعَالِيِّ أَخْبَرَكُمُ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ ابن شعبة قال: أنبأنا أبو الخطّاب زياد بن يحيى قال: نا الْمُعْتَمِرُ.
وَأَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ- وَاللَّفْظُ لَهُ- قَالَ: نا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ قال: نا أبو القاسم الجصاص قال: نا إسحاق بن إبراهيم قال: نا معتمر قال:
سمعت أبي قال: نا أَبُو عُثْمَانَ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: تَنَاوَلَنِي بِضْعَ عَشْرَةَ مِنْ رَبٍّ إِلَى رَبٍّ.
خَبَرُ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ وَابْتِدَاءُ أَمْرِهِ وَشَرْحُ مَا لَقِيَ فِي طُولِ عُمْرِهِ:
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أبو بكر بن أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ الْحَرَشِيُّ قَالَ: نبأنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال: نبأنا أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْعُطَارِدِيُّ قال: نبأنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ.
وأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ مِيَاحٍ السُّكَّرِيُّ وعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الإِيَادِيُّ. قَالَ أَحْمَدُ أَخْبَرَنَا. وَقَالَ عَلِيٌّ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ هَارُونَ بْنِ أَبِي عِيسَى قَالَ: نا أَبِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ.
وَأَخْبَرَنِي عَلِيُّ بن محمّد الإياديّ أيضا قال: أنبأنا أبو بكر الشّافعيّ إملاء قال: نبأنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ الْقَاضِي الفارسي قال: نبأنا شهاب بن معمر البلخيّ قال: نبأنا أبو يحيى بكر بن محمّد بْنُ سُلَيْمَانَ الأُسْوَارِيُّ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ.
وأَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن أَحْمَد بن رزق البزاز قَالَ: أنبأنا عثمان بن أحمد الدقاق قَالَ:
أنبأنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَرَاءُ.
وَأَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ محمّد المالكيّ قال: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أنبأنا محمّد بن محمّد الشطوي أو أحمد قالا: نبأنا الفضل. زاد الشطوي: ابن غانم وقال نبأنا سلمة. قال الشطوي: وقال ابن الفضل حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ- وَلَفْظُ الْحَدِيثِ وَسِيَاقُهُ لِيُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ- قَالَ: حدّثني عاصم بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ قَالَ: كُنْتُ رَجُلا مِنْ أَهْلِ فَارِسَ مِنْ أَهْلِ أَصْبَهَانَ مِنْ قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا جَيٌّ، وَكَانَ أَبِي دِهْقَانَ قَرْيَتِهِ، وَكَانَ يُحَبُّنِي حُبًّا شَدِيدًا لَمْ يُحِبَّهُ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ وَلا وَلَدِهِ، فَمَا زَالَ بِهِ حُبُّهُ إِيَّايَ حَتَّى حَبَسَنِي فِي الْبَيْتِ كَمَا تُحْبَسُ الْجَارِيَةُ، وَاجْتَهَدْتُ فِي المجوسية حتى كنت قطن النار التي يوقدها فلا يتركها تخبو ساعة، وكنت كَذَلِكَ لا أَعْلَمُ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ شَيْئًا إِلا مَا أَنَا فِيهِ، حَتَّى بَنَى أَبِي بُنْيَانًا لَهُ وَكَانَتْ لَهْ ضَيْعَةٌ فِيهَا بَعْضُ الْعَمَلِ. فَدَعَانِي فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ، إِنَّهُ قَدْ شَغَلَنِي مَا تَرَى من بنياني [هذا ] عَنْ ضَيْعَتِي هَذِهِ، وَلا بُدَّ لِي مِنَ اطِّلاعِهَا، فَانْطَلَقَ إِلَيْهِمْ فَمُرْهُمْ بِكَذَا وَكَذَا وَلا تَحْتَبِسْ عَنِّي فَإِنَّكَ إِنِ احْتَبَسْتَ عَنِّي شَغَلْتَنِي عَنْ كُلِّ شَيْءٍ، فَخَرَجْتُ أُرِيدُ ضَيْعَتَهُ. فَمَرَرْتُ بِكَنِيسَةِ النَّصَارَى فَسَمِعْتُ أَصْوَاتَهُمْ فِيهَا.
فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ فَقَالُوا: هَؤُلاءِ النَّصَارَى يُصَلُّونَ. فَدَخَلْتُ أَنْظُرُ فَأَعْجَبَنِي مَا رَأَيْتُ من حالهم، فو الله مَا زِلْتُ جَالِسًا عِنْدَهُمْ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وبعث أبي فِي كُلِّ وَجْهٍ حَتَّى جِئْتُهُ حِينَ أَمْسَيْت، وَلَمْ أَذْهَبْ إِلَى ضَيْعَتِهِ. فَقَالَ أَبِي: أَيْنَ كُنْتَ؟ أَلَمْ أَكُنْ قُلْتُ لَكَ؟ فَقُلْتُ: يَا أَبَتَاهُ مَرَرْتُ بِنَاسٍ يُقَالُ لَهُمُ: النَّصَارَى، فَأَعْجَبَنِي صَلاتُهُمْ ودعاؤهم
فَجَلَسْتُ أَنْظُرُ كَيْفَ يَفْعَلُونَ. فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ، دِينُكَ وَدِينُ آبَائِكَ خَيْرٌ مِنْ دِينِهِمْ.
فَقُلْتُ: لا وَاللَّهِ مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ دِينِهِمْ. هَؤُلاءِ قَوْمٌ يَعْبُدُونَ اللَّهَ وَيَدْعُونَهُ وَيُصَلُّونَ لَهُ، ونحن نعبد نارا نوقدها بأيدينا إذا تركناها مَاتَتْ.
فَخَافَنِي فَجَعَلَ فِي رِجْلِي حَدِيدًا وَحَبَسَنِي فِي بَيْتٍ عِنْدَهُ، فَبَعَثْتُ إِلَى النَّصَارَى فَقُلْتُ لَهُمْ: أَيْنَ أَصِلُ هَذَا الدِّينَ الَّذِي أَرَاكُمْ عَلَيْهِ؟ فَقَالُوا: بِالشَّامِ. فَقُلْتُ لَهُمْ: إِذَا قَدِمَ عَلَيْكُمْ مِنْ هُنَاكَ نَاسٌ فَآذِنُونِي. قَالُوا: نَفْعَلُ فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ نَاسٌ مِنْ تُجَّارِهِمْ فَبَعَثُوا إِلَيَّ أَنَّهُ قَدْ قَدِمَ عَلَيْنَا تُجَّارٌ مِنْ تُجَّارِنَا، فبعثت إليهم إذا قضوا حاجة من حوائجهم وأرادوا الخروج فآذنوني بهم. فقالوا: نَفْعَلُ فَلَمَّا قَضَوْا حَوَائِجَهُمْ وَأَرَادُوا الرَّحِيلَ بَعَثُوا إِلَيَّ بِذَلِكَ، فَطَرَحْتُ الْحَدِيدَ الَّذِي فِي رِجْلِي وَلَحِقْتُ بِهِمْ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُمْ حَتَّى قَدِمْتُ الشَّامَ، فَلَمَّا قَدِمْتُهَا قُلْتُ: مَنْ أَفْضَلُ أَهْلِ هَذَا الدِّينِ؟ قَالُوا: الأَسْقُفُّ صَاحِبُ الْكَنِيسَةِ، فَجِئْتُهُ فَقُلْتُ لَهُ: إِنِّي قَدْ أَحْبَبْتُ أَنْ أَكُونَ مَعَكَ فِي كَنِيسَتِكَ، وَأَعْبُدُ اللَّهَ فِيهَا مَعَكَ، وَأَتَعَلَّمُ مِنْكَ الْخَيْرَ. قَالَ: فَكُنْ مَعِي.
قَالَ: فَكُنْتُ مَعَهُ، وَكَانَ رَجُلَ سُوءٍ، كَانَ يَأْمُرُهْم بِالصَّدَقَةِ وَيُرَغِّبُهُمْ فِيهَا. فَإِذَا جَمَعُوهَا إِلَيْهِ اكْتَنَزَهَا وَلَمْ يعط المساكين منها شيئا، فَأَبْغَضْتُهُ بُغْضًا شَدِيدًا لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حَالِهِ، فَلَمْ يَنْشَبْ أَنْ مَاتَ، فَلَمَّا جَاءُوا لِيَدْفِنُوهُ قُلْتُ لَهُمْ: إِنَّ هَذَا رَجُلُ سُوءٍ، كَانَ يَأْمُرُكُمْ بِالصَّدَقَةِ وَيُرَغِّبُكُمْ فِيهَا؛ حَتَّى إِذَا جَمَعْتُمُوهَا إِلَيْهِ اكْتَنَزَهَا إِلَيْهِ وَلَمْ يُعْطِهَا الْمَسَاكِينَ. فَقَالُوا: وَمَا عَلامَةُ ذَلِكَ؟ فَقُلْتُ: أَنَا أُخْرِجُ إِلَيْكُمْ كَنْزَهُ. فَقَالُوا: فَهَاتِهِ؛ فَأَخْرَجْتُ لَهُمْ سَبْعَ قِلالٍ مَمْلُوءَةٍ ذَهَبًا وَوَرِقًا؛ فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَالُوا: وَاللَّهِ لا يُدْفَنُ أَبَدًا، فَصَلَبُوهُ عَلَى خَشَبَةٍ وَرَمَوْهُ بِالْحِجَارَةِ، وَجَاءُوا بِرَجُلٍ آخَرَ فَجَعَلُوهُ مَكَانَهُ؛ فلا والله يا ابن العبّاس ما رأيت رجلا قط يصلي الخمس أرى أنه أفضل منه؛ ولا أشد اجْتِهَادًا؛ وَلا أَزْهَدَ فِي الدُّنْيَا؛ وَلا أَدْأَبَ لَيْلا وَنَهَارًا مِنْهُ. مَا أَعْلَمُنِي أَحْبَبْتُ شَيْئًا قط قبل حُبَّهُ، فَلَمْ أَزَلْ مَعَهُ حَتَّى حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ. فَقُلْتُ: يَا فُلانُ قَدْ حَضَرَكَ مَا تَرَى مِنْ أَمْرِ اللَّهِ وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَحْبَبْتُ شيئا قط حبي لك فَمَاذَا تَأْمُرُنِي؟ وَإِلَى مَنْ تُوصِينِي؟ فَقَالَ لِي: أَيْ بُنَيَّ وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُهُ إِلا رَجُلا بِالْمَوْصِلِ فَأْتِهِ فَإِنَّكَ سَتَجِدُهُ عَلَى مِثْلِ حَالِي؛ فَلَمَّا مَاتَ وَغُيَّبَ لَحِقْتُ بِالْمَوْصِلِ.
فَأَتَيْتُ صَاحِبَهَا، فَوَجَدْتُهُ عَلَى مِثْلِ حَالِهِ مِنَ الاجْتِهَادِ وَالزَّهَادَةِ فِي الدُّنْيَا. فَقُلْتُ لَهُ إِنَّ فُلانًا أَوْصَانِي إليك أن آتيك وأكون معك. فقال: فَأَقِمْ أَيْ بُنَيَّ، فَأَقَمْتُ عِنْدَهُ عَلَى
مِثْلِ أَمْرِ صَاحِبِهِ حَتَّى حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ. فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ فُلانًا أَوْصَانِي إِلَيْكَ وقَدْ حَضَرَكَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ مَا تَرَى، فَإِلَى مَنْ توصي بي ؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُهُ أَيْ بُنَيَّ إِلا رَجُلا بِنَصِيبِينَ وَهُوَ عَلَى مِثْلِ مَا نَحْنُ عَلَيْهِ فَالْحَقْ بِهِ. فَلَمَّا دَفَنَّاهُ لَحِقْتُ بِالآخَرِ. فَقُلْتُ لَهُ يَا فلان إن فلانا قد أَوْصَى بِي إِلَى فُلانٍ، وَفُلانٌ أَوْصَى بِي إِلَيْكَ. قَالَ: فَأَقِمْ أَيْ بُنَيَّ.
قَالَ: فَأَقَمْتُ عِنْدَهُمْ عَلَى مِثْلِ حَالِهِمْ حَتَّى حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ. فَقُلْتُ لَهُ: يَا فُلانُ إِنَّهُ قَدْ حَضَرَكَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ مَا تَرَى، وَقَدْ كَانَ فُلانٌ أَوْصَى بِي إِلَى فُلانٍ، وَأَوْصَى بِي فُلانٌ إِلَيْكَ. فَإِلَى مَنْ؟ قَالَ: أَيْ بُنَيَّ وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا عَلَى مِثْلِ مَا كُنَّا عليه؛ إلا رجلا بِعَمُورِيَّةَ مِنْ أَرْضِ الرُّومِ فَأْتِهِ فَإِنَّكَ سَتَجِدُهُ عَلَى مِثْلِ مَا كُنَّا عَلَيْهِ.
فَلَمَّا وَارَيْتُهُ خَرَجْتُ حَتَّى قَدِمْتُ عَلَى صَاحِبِ عَمُورِيَّةَ فَوَجَدْتُهُ عَلَى مِثْلِ حَالِهِمْ فَأَقَمْتُ عِنْدَهُ وَاكْتَسَبْتُ حَتَّى كَانَتْ لِي غَنِيمَةٌ وَبَقَرَاتٌ؛ ثُمَّ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ فَقُلْتُ: يَا فُلانُ إِنَّ فُلانا كَانَ أَوْصَى بِي إِلَى فُلانٍ وَفُلانٌ إِلَى فُلانٍ وَفُلانٌ إِلَيْكَ، وقَدْ حَضَرَكَ مَا تَرَى مِنْ أَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِلَى مَنْ تُوصِينِي. قَالَ: أَيْ بُنَيَّ وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُهُ بَقِيَ أَحَدٌ عَلَى مِثْلِ مَا كُنَّا عَلَيْهِ آمُرُكَ أَنْ تَأْتِيَهُ؛ وَلَكِنَّهُ قَدْ أَظَلَّكَ زَمَانُ نَبِيٍّ يُبْعَثُ مِنَ الْحَرَمِ، مُهَاجَرُهُ بَيْنَ حَرَّتَيْنِ إِلَى أَرْضِ سَبَخَةٍ ذَاتِ نَخْلٍ، وَإِنَّ فِيهِ عَلامَاتٍ لا تُخْفَى، بَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ، يَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ وَلا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ. فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَخْلُصَ إِلَى تِلْكَ البلاد فَافْعَلْ؛ فَإِنَّهُ قَدْ أَظَلَّكَ زَمَانُهُ.
فَلَمَّا وَارَيْنَاهُ أَقَمْتُ حَتَّى مَرَّ رِجَالٌ مِنْ تُجَّارِ الْعَرَبِ مِنْ كَلْبٍ. فَقُلْتُ لَهُمْ: تَحْمِلُونِي مَعَكُمْ حَتَّى تَقْدُمُوا بِي إِلَى أَرْضِ الْعَرَبِ، وَأُعْطِيكُمْ غُنَيْمَتِي هَذِهِ وَبَقَرَاتِي. قَالُوا: نَعَمْ فَأَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا وَحَمَلُونِي حَتَّى إِذَا جَاءُوا بِي وَادِي الْقُرَى، ظلموني فَبَاعُونِي عَبْدًا مِنْ رَجُلٍ مِنْ يَهُودَ بِوَادِي القرى. فو الله لقد رأيت النخل وطمعت أن تكون الْبَلَدُ الَّذِي نَعَتَ لِي صَاحِبِي، وَمَا حَقَّتْ عِنْدِي حَتَّى قَدِمَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ مِنْ يَهُودِ وَادِي الْقُرَى، فَابْتَاعَنِي مِنْ صَاحِبي الَّذِي كُنْتُ عِنْدَهُ، فَخَرَجَ بِي حَتَّى قَدِمَ بي المدينة؟ فو الله مَا هُوَ إِلا أَنْ رَأَيْتُهَا فَعَرَفْتُ نَعْتَهُ.
فَأَقَمْتُ فِي رِقِّي مَعَ صَاحِبِي وَبَعَثَ اللَّهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ لا يُذْكَرُ لِي شَيْءٌ مِنْ أَمْرِهِ مَعَ مَا أَنَا فِيهِ مِنَ الرِّقِّ. حَتَّى قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُبَاءَ وَأَنَا أعمل في نخلة له، فو الله إِنِّي لَفِيهَا إِذْ جَاءَ ابْنُ عَمٍّ لَهُ. فَقَالَ: يَا فُلانُ قَاتَلَ اللَّهُ بَنِي قَيْلَةَ، والله إنهم الآن لفي قباء
مُجْتَمِعُونَ عَلَى رَجُلٍ جَاءَ مِنْ مَكَّةَ يَزْعُمُونَ أنه نبي، فو الله ما هو إلا أَنْ سَمِعْتُهَا فَأَخَذَتْنِي الْعُرَوَاءُ يَقُولُ: الرِّعْدَةُ- حَتَّى ظَنَنْتُ لأَسْقُطَنَّ عَلَى صَاحِبِي وَنَزَلْتُ أَقُولُ مَا هَذَا الْخَبَرُ؟ مَا هُوَ؟ فَرَفَعَ مَوْلايَ يَدَهُ فلكمني لكمة شديدة. وقال: مالك وهذا، أقبل على عملك. فقلت: لأي شَيْءٌ إِنَّمَا سَمِعْتُ خَبَرًا فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَعْلَمَهُ. قَالَ: فَلَمَّا أَمْسَيْتُ وَكَانَ عِنْدِي شَيْءٌ مِنْ طَعَامٍ فَحَمَلْتُهُ وَذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ وَهُوَ بِقُبَاءَ، فَقُلْتُ: إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكَ رَجُلٌ صَالِحٌ وَأَنَّ مَعَكَ أَصْحَابًا لَكَ غُرَبَاءَ، وَقَدْ كَانَ عِنْدِي شَيْءٌ لِلصَّدَقَةِ فَرَأَيْتُكُمْ أَحَقَّ مَنْ بِهَذِهِ البلاد، فها هو فَكُلْ مِنْهُ. فَأَمْسَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ وَقَالَ لأَصْحَابِهِ: كُلُوا. وَلَمْ يَأْكُلْ. فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: هَذِهِ خَلَّةٌ مِمَّا وَصَفَ لِي صَاحِبِي، ثُمَّ رَجَعْتُ وَتَحَوَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَجَمَعْتُ شَيْئًا كَانَ عِنْدِي ثُمَّ جِئْتُهُ بِهِ. فقلت: إني رَأَيْتُكَ لا تَأْكُلُ الصَّدَقَةَ وَهَذِهِ هَدِيَّةٌ وَكَرَامَةٌ لَيْسَتْ بِالصَّدَقَةِ، فَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم وأكل أصحابه. فقلت: هاتان خَلَّتَانِ. ثُمَّ جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَتْبَعُ جِنَازَةً وَعَلَيَّ شَمْلَتَانِ لِي وَهُوَ فِي أَصْحَابِهِ، فَاسْتَدَرْتُ بِهِ لأَنْظُرَ إِلَى الْخَاتَمِ فِي ظَهْرِهِ، فَلَمَّا رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ اسْتَدْبَرْتُهُ عَرَفَ أَنِّي أَسْتَثَبْتُ شَيْئًا قَدْ وُصِفَ لِي، فَرَفَعَ رِدَاءَهُ عَنْ ظَهْرِهِ فَنَظَرْتُ إِلَى الْخَاتَمِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ كَمَا وَصَفَ لِي صَاحِبِي، فَأَكْبَبْتُ عَلَيْهِ أُقَبِّلُهُ وَأَبْكِي. فَقَالَ: «تَحَوَّلْ يَا سَلْمَانَ هَكَذَا» فَتَحَوَّلْتُ فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ وأحبّ أن يسمع أصحابه حديثي عنه، فحدّثته يا ابن العبّاس كَمَا حَدَّثْتُكَ.
فَلَمَّا فَرَغْتُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَاتِبْ يَا سَلْمَانُ» ، فكاتبت صاحبي على ثلاثمائة نَخْلَةٍ أُحْيِيهَا وَأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً، فَأَعَانَنِي أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّخْلِ ثَلاثِينَ وَدِيَّةً، وَعِشْرِينَ وَدِيَّةً، وَعَشْرًا، كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ عَلَى قَدْرِ مَا عِنْدَهُ. فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«فَقِّرْ لَهَا فَإِذَا فَرَغْتَ فَآذِنِّي، حَتَّى أَكُونَ أَنَا الَّذِي أَضَعُهَا بِيَدِي» . فَفَقَّرْتُهَا وَأَعَانَنِي أَصْحَابِي. يَقُولُ: حَفَرْتُ لَهَا حَيْثُ تُوضَعُ- حَتَّى فَرَغْنَا مِنْهَا؛ فَخَرَجَ مَعِي حَتَّى جَاءَهَا فَكُنَّا نَحْمِلُ إِلَيْهِ الْوَدِيَّ فيضعه بيده ويسوي عليها؛ فو الذي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ مَا مَاتَتْ مِنْهَا وَدِيَّةٌ وَاحِدَةٌ، وَبَقِيَتْ عَلِيَّ الدَّرَاهِمُ. فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ بَعْضِ الْمَعَادِنِ بِمِثْلِ الْبَيْضَةِ مِنَ الذَّهَبِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيْنَ الْفَارِسِيُّ الْمُسْلِمُ الْمُكَاتِبُ؟» فَدُعِيتُ لَهُ. فَقَالَ:
«خُذْ هَذِهِ يَا سَلْمَانُ فَأَدِّ بِهَا مَا عَلَيْكَ» . فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَيْنَ تَقَعُ هَذِهِ مِمَّا عَلِيَّ؟
قَالَ: «فَإِنَّ اللَّهُ سَيُؤَدِّي بِهَا عَنْكَ» . فو الذي نفس سلمان بيده لوزنت لَهُمْ مِنْهَا أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً فَأَدَّيْتُهَا إِلَيْهِمْ. وَعَتَقَ سلمان.
وَكَانَ الرِّقُّ قَدْ حَبَسَنِي حَتَّى فَاتَنِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدْرٌ وَأُحُدٌ، ثُمَّ عَتَقْتُ فَشَهِدْتُ الْخَنْدَقَ ثُمَّ لَمْ يَفُتْنِي مَعَهُ مَشْهَدٌ .
أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ قَالَ: أنبأنا أبو أحمد الغطريفي قال: نبأنا عبد الرّحمن بن أحمد بن عبدوس الهمداني.
قال أبو نعيم: ونبأنا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ- وَالسِّيَاقُ لَهُ- قَالَ نبأنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُؤَدِّبُ قَالا: نبأنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدُوسٍ قَالَ: نبأنا قطن بن إبراهيم قال: نبأنا وَهْبُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلْمَانَ الْفَارِسِيُّ قَالَ حَدَّثَتْنِي أمي عن أبي كثير بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْلَى الْكُتَّابَ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: هَذَا مَا فَادَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَسُولُ اللَّهِ فَدَى سَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ مِنْ عُثْمَانَ ابن الأشهل اليهودي ثم القرظي بغرس ثلاثمائة نَخْلَةٍ وَأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً ذَهَبًا، وَقَدْ بَرِئَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَسُولُ اللَّهِ لِثَمَنِ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ وَوَلاؤُهُ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَسُولِ اللَّهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ فَلَيْسَ لأَحَدٍ عَلَى سَلْمَانَ سَبِيلٌ. شَهِدَ عَلَى ذَلِكَ: أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَحُذَيْفَةُ بْنُ سَعْدِ بْنِ الْيَمَانِ، وَأَبُو ذَرٍّ الْغِفَارِيُّ، وَالْمِقْدَادُ بْنُ الأَسْوَدِ، وَبِلالٌ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ. وَكَتَبَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يَوْمَ الاثْنَيْنِ فِي جُمَادَى الأُولَى مِنْ سَنَةِ مُهَاجَرِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
. قَالَ عَبْد الله بْن مُحَمَّدِ بْن الحجاج: وذكر هذا الحديث لأبي بكر بْن أَبِي داود فقال: لسلمان ثلاث بنات بنت بأصبهان، قد زعم جماعة أنهم من ولدها، وابنتان بمصر .
قال الخطيب: في هذا الحديث نظر، وذلك أن أول مشاهد سلمان مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غزوة الخندق، وكانت في السنة الخامسة من الهجرة، ولو كان يخلص سلمان من الرق في السنة الأولى من الهجرة. لم يفته شيء من المغازي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وأيضا فإن التاريخ بالهجرة لم يكن فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وأول من أرخ بها عُمَر بْن الخطاب في خلافته والله أعلم .
وقد ذكرنا فيما تقدم من القول بأن سلمان توفي في خلافة أمير المؤمنين عثمان بْن عفان.
أنبأنا على بن محمّد السّمسار قال: أنبأنا عبد الله بن عثمان الصّفّار قال: نبأنا عَبْدُ الباقي بْن قانع: أن سلمان توفي بالمدائن سنة ست وثلاثين؛ فعلى هذا القول كانت وفاته في خلافة أمير المؤمنين عَلِيّ بن أبي طالب، والله أعلم.
سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ
- سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ عَنْ جَرِيرٍ. يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ. وَالأَعْمَشِ عَنْ أبي سُفْيَانَ عَنْ أَشْيَاخِهِ أَنَّ سَلْمَانَ كَانَ يُكْنَى أبا عَبْدِ الله. قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ عَنْ عَوْفٍ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ: قَالَ لِي سَلْمَانُ أَتَعْلَمُ مَكَانَ رَامَ هُرْمُزَ؟ قُلْتُ: نعم. قال: فإني من أهلها. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عُبَيْدٍ أَبِي الْعَلاءِ عَنْ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: أنا من أهل جي. قال: أَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ الْبُهْلُولِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ حَدِيثَهُ مِنْ فِيهِ قَالَ: كُنْتُ رَجُلا مِنْ أَهْلِ أَصْبَهَانَ مِنْ قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا جِيُّ. وَكَانَ أَبِي دِهْقَانَ أُرْضِهِ. وَكُنْتُ مِنْ أَحَبِّ عِبَادِ اللَّهِ إِلَيْهِ فَمَا زَالَ فِي حُبِّهِ إِيَّايَ حَتَّى حَبَسَنِي فِي الْبَيْتِ كَمَا تُحْبَسُ الْجَارِيَةُ. قَالَ فَاجْتَهَدْتُ فِي الْمَجُوسِيَّةِ حَتَّى كُنْتُ قَاطِنَ النَّارِ الَّتِي نُوقِدُهَا لا نَتْرُكُهَا تَخْبُو. وَكَانَتْ لأَبِي ضَيْعَةٌ فِي بَعْضِ عَمَلِهِ وَكَانَ يُعَالِجُ بُنْيَانًا لَهُ فِي دَارِهِ فَدَعَانِي فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ إِنَّهُ قَدْ شَغَلَنِي بُنْيَانِي كَمَا تَرَى فَانْطَلِقْ إِلَى ضَيْعَتِي فَلا تَحَبَّسَ عَلَيَّ فَإِنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ شَغَلَتْنِي عَنْ كُلِّ ضَيْعَةٍ وَكُنْتَ أَهَمَّ عِنْدِي مِمَّا أَنَا فِيهُ. فَخَرَجْتُ فَمَرَرْتُ بِكَنِيسَةٍ لِلنَّصَارَى فسمعت صلاتهم فيها فدخلت عليهم انظر مَا يَصْنَعُونَ فَلَمْ أَزَلْ عِنْدَهُمْ. وَأَعْجَبَنِي مَا رَأَيْتُ مِنَ صَلاتِهِمْ وَقُلْتُ فِي نَفْسِي: هَذَا خَيْرٌ مِنْ دِينِنَا الَّذِي نَحْنُ عَلَيْهِ. فَمَا بَرِحْتُهُمْ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ وَمَا ذَهَبْتُ إِلَى ضَيْعَةِ أَبِي وَلا رَجَعْتُ إِلَيْهِ حَتَّى بَعَثَ الطَّلَبَ فِي أَثَرِي. وَقَدْ قُلْتُ لِلنَّصَارَى حِينَ أَعْجَبَنِي مَا رَأَيْتُ مِنَ أَمْرِهِمْ وَصَلاتِهُمْ: أَيْنَ أَصْلُ هَذَا الدِّينِ؟ قَالُوا: بِالشَّامِ. قَالَ ثُمَّ خَرَجْتُ فَرَجَعْتُ إِلَى أَبِي فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ أَيْنَ كُنْتَ؟ قَدْ كُنْتُ عَهِدْتُ إِلَيْكَ وَتَقَدَّمْتُ أَلا تُحْتَبَسَ. قَالَ قُلْتُ: إِنِّي مَرَرْتُ عَلَى نَاسٍ يُصَلُّونَ فِي كَنِيسَةٍ لَهُمْ فَأَعْجَبَنِي مَا رَأَيْتُ مِنَ أَمْرِهِمْ وَصَلاتِهُمْ وَرَأَيْتُ أَنَّ دِينَهُمْ خَيْرٌ مِنْ دِينِنَا. قَالَ فَقَالَ لِي: أَيْ بُنَيَّ دِينُكَ وَدِينُ آبَائِكَ خَيْرٌ مِنْ دِينِهُمْ. قَالَ قُلْتُ: كَلا وَاللَّهِ. قَالَ فَخَافَنِي فَجَعَلَ فِي رِجْلِي حَدِيدًا وَحَبَسَنِي. وَأَرْسَلْتُ إِلَى النَّصَارَى أُخْبِرُهُمْ أَنِّي قَدْ رَضِيتُ أَمَرَهُمْ وَقُلْتُ لَهُمْ: إِذَا قَدِمَ عَلَيْكُمْ رَكْبٌ مِنَ الشَّامِ فَآذِنُونِي. فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ رَكْبٌ مِنْهُمْ مِنَ التُّجَّارِ فَأَرْسَلُوا إِلَيَّ فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِمْ: إِنْ أَرَادُوا الرُّجُوعَ فَآذِنُونِي. فَلَمَّا أَرَادُوا الرُّجُوعَ أَرْسَلُوا إِلَيَّ فَرَمَيْتُ بِالْحَدِيدِ مِنْ رِجْلِي ثُمَّ خَرَجْتُ فَانْطَلَقْتُ مَعَهُمْ إِلَى الشَّامِ. فَلَمَّا قَدِمْتُ سَأَلْتُ عَنْ عَالِمِهِمْ فَقِيلَ لِي صَاحِبُ الْكَنِيسَةِ أَسْقُفَهُمْ. قَالَ فَأَتَيْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ خَبَرِي وَقُلْتُ: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ مَعَكَ أَخْدُمُكَ وَأُصَلِّي مَعَكَ وَأَتَعَلَّمُ مِنْكَ فَإِنِّي قَدْ رَغِبَتْ فِي دِينِكَ. قَالَ: أَقِمْ. فَكُنْتُ مَعَهُ. وَكَانَ رَجُلَ سُوءٍ فِي دِينِهِ. وَكَانَ يَأْمُرَهُمْ بِالصَّدَقَةِ وَيُرَغِّبُهُمْ فِيهَا فَإِذَا جَمَعُوا إِلَيْهِ الأَمْوَالَ اكْتَنَزَهَا لِنَفْسِهِ حَتَّى جَمَعَ سَبْعَ قِلالِ دَنَانِيرٍ وَدَرَاهِمَ. ثُمَّ مَاتَ فَاجْتَمَعُوا لِيَدْفِنُوهُ. قَالَ قُلْتُ: تَعْلَمُونَ أَنَّ صَاحِبَكُمْ هَذَا كَانَ رَجُلَ سُوءٍ. فَأَخْبَرْتُهُمْ مَا كَانَ يَصْنَعُ فِي صَدَقَتِهِمْ. قَالَ فَقَالُوا: فَمَا عَلامَةُ ذَلِكَ؟ قَالَ قُلْتُ: أَنَا أَدُلُّكُمُ عَلَى ذَلِكَ. فَأَخْرَجْتُهُ فَإِذَا سَبْعُ قِلالٍ مَمْلُوءَةٍ ذَهَبًا وَوَرِقًا. فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا: وَاللَّهِ لا نغيبه أَبَدًا. ثُمَّ صَلَبُوهُ عَلَى خَشَبَةٍ وَرَجَمُوهُ بِالْحِجَارَةِ وجاؤوا بِآخَرَ فَجَعَلُوهُ مَكَانَهُ. قَالَ سَلْمَانُ: فَمَا رَأَيْتُ رَجُلا لا يُصَلِّي الْخُمُسَ كَانَ خَيْرًا مِنْهُ أَعْظَمَ رَغْبَةً فِي الآخِرَةِ وَلا أَزْهَدَ فِي الدُّنْيَا وَلا أَدْأَبَ لَيْلا وَلا نَهَارًا مِنْهُ. وَأَحْبَبْتُهُ حُبًّا مَا عَلِمْتُ أَنِّي أَحْبَبْتُ شَيْئًا كَانَ قَبْلَهُ. فَلَمَّا حَضَرَهُ قَدَرُهُ قُلْتُ لَهُ: إِنَّهُ قَدْ حَضَرَكَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ مَا تَرَى فَمَاذَا تَأْمُرُنِي وَإِلَى مَنْ تُوصِي بِي؟ قَالَ: أَيْ بُنَيَّ مَا أَرَى أَحَدًا مِنَ النَّاسِ عَلَى مِثْلِ مَا أَنَا عَلَيْهِ إِلا رَجُلا بِالْمَوْصِلِ. فَأَمَّا النَّاسُ فَقَدْ بَدَّلُوا وَهَلَكُوا. فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَتَيْتُ صَاحِبَ الْمَوْصِلِ فَأَخْبَرْتُهُ بِعَهْدِهِ إِلَيَّ أَنْ أَلْحَقَ بِهِ وَأَكُونَ مَعَهُ. قَالَ: أَقِمْ. فَأَقَمْتُ مَعَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أُقِيمَ عَلَى مِثْلِ مَا كَانَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ. ثُمَّ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ فَقُلْتُ: إِنَّهُ قَدْ حَضَرَكَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ مَا تَرَى فَإِلَى مَنْ تُوصِي بِي؟ قَالَ: أَيْ بُنَيَّ وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا عَلَى أَمْرِنَا إِلا رَجُلا بِنَصِيبِينَ وَهُوَ فُلانٌ فَالْحَقْ بِهِ. قَالَ فَأَتَيْتُ عَلَى رَجُلٍ عَلَى مِثْلِ مَا كَانَ عَلَيْهِ صَاحِبَاهُ فَأَخْبَرْتُهُ خَبَرِي فَأَقَمْتُ مَعَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أُقِيمَ. فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قُلْتُ لَهُ: إِنَّ فُلانًا كَانَ أَوْصَى بِي إِلَى فلان وفلان إلى فلان وفلان إِلَيْكَ. فَإِلَى مَنْ تُوصِي بِي؟ قَالَ: أَيْ بُنَيَّ. وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ عَلَى مَا نَحْنُ عَلَيْهِ إِلا رَجُلا بِعَمُّورِيَّةَ مِنْ أَرْضِ الرُّومِ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَلْحَقَ بِهِ فَالْحَقْ. فَلَمَّا تُوُفِّيَ لَحِقْتُ بِصَاحِبِ عَمُّورِيَّةَ فَأَخْبَرْتُهُ خَبَرِي وَخَبَرَ مَنْ أَوْصَى بِي حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ: أَقِمْ. فَأَقَمْتُ عِنْدَهُ فَوَجَدْتُهُ عَلَى مِثْلِ مَا كَانَ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ. فَمَكَثْتُ عِنْدَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَمْكُثَ وَثَّابَ لِي شَيْءٌ حَتَّى اتَّخَذْتُ بَقَرَاتٍ وَغَنِيمَةً. ثُمَّ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ فَقُلْتُ لَهُ: إِلَى مَنْ تُوصِي بِي؟ فَقَالَ لِي: أَيْ بُنَيَّ. وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ أَنَّهُ أَصْبَحَ فِي الأَرْضِ أَحَدٌ عَلَى مِثْلِ مَا كُنَّا عَلَيْهِ آمُرُكَ أَنْ تَأْتِيَهُ. وَلَكِنَّهُ قَدْ أَظَلَّكَ زَمَانُ نَبِيٍّ يُبْعَثُ بِدَيْنِ إبراهيم الحنيفية يَخْرُجُ مِنْ أَرْضِ مُهَاجَرِهِ وَقَرَارِهِ ذَاتِ نَخْلٍ بَيْنَ حَرَّتَيْنِ. فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَخْلُصَ إِلَيْهِ فَاخْلُصْ وَإِنَّ بِهِ آيَاتٍ لا تَخْفَى. إِنَّهُ لا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ وَهُوَ يَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ وَإِنَّ بَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمَ النُّبُوَّةِ إِذَا رَأَيْتَهُ عَرَفْتَهُ. قَالَ: وَمَاتَ فَمَرَّ بِي رَكْبٌ مِنْ كَلْبٍ فَسَأَلْتُهُمْ عَنْ بِلادِهِمْ فَأَخْبَرُونِي عَنْهَا فَقُلْتُ: أُعْطِيكُمْ بَقَرَاتِي هَذِهِ وَغَنَمِي عَلَى أَنْ تَحْمِلُونِي حَتَّى تَقْدُمُوا بِي أَرْضَكُمْ. قَالُوا: نَعَمْ. فَاحْتَمَلُونِي حَتَّى قَدِمُوا بِي وَادِي الْقُرَى فَظَلَمُونِي فَبَاعُونِي عَبْدًا مِنْ رَجُلٍ مِنْ يَهُودَ فَرَأَيْتُ بِهَا النَّخْلَ. وَطَمِعْتُ أَنْ تَكُونَ الْبَلْدَةَ الَّتِي وُصِفَتْ لِي وَمَا حَقَّتْ لِي وَلَكِنِّي قَدْ طَمِعْتُ حِينَ رَأَيْتُ النَّخْلَ. فَأَقَمْتُ عِنْدَهُ حَتَّى قَدِمَ رَجُلٌ مِنْ يَهُودِ بَنِي قُرَيْظَةَ فَابْتَاعَنِي مِنْهُ ثُمَّ خرج بي حتى قدمت المدينة. فو الله مَا هُوَ إِلا أَنْ رَأَيْتُهَا فَعَرَّفْتُهَا بِصِفَةِ صَاحِبِي وَأَيْقَنْتُ أَنَّهَا هِيَ الْبَلْدَةُ الَّتِي وُصِفَتْ لِي. فَأَقَمْتُ عِنْدَهُ أَعْمَلُ لَهُ فِي نَخْلِهِ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ رَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخَفِيَ عَلَيَّ أَمْرُهُ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَنَزَلَ بِقُبَاءَ فِي بَنِي عمرو بن عوف. فو الله إِنِّي لَفِي رَأْسِ نَخْلَةٍ وَصَاحِبِي جَالِسٌ تَحْتِي إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ يَهُودَ مِنْ بَنِي عَمِّهِ حَتَّى وَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ: أَيْ فُلانُ. قَاتَلَ اللَّهُ بَنِي قَيْلَةَ إِنَّهُمْ آنِفًا لَيَتَقَاصَفُونَ على رجل بقباء قدم من مكة فَرَجِفَتِ النَّخْلَةُ حَتَّى ظَنَنْتُ لأَسْقُطَنَّ عَلَى صَاحِبِي. ثُمَّ نَزَلْتُ سَرِيعًا أَقُولُ: مَاذَا تَقُولُ. مَا هَذَا الْخَبَرُ؟ قَالَ فَرَفَعَ سَيِّدِي يَدَهُ فَلَكَمَنِي لَكْمَةً شَدِيدَةً ثُمَّ قَالَ: مَا لَكَ وَلِهَذَا؟ أَقْبِلْ عَلَى عَمَلِكَ. قُلْتُ: لا شَيْءَ إِنَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَسْتَثْبِتَهُ هَذَا الْخَبَرَ الَّذِي سَمِعْتُهُ يَذْكُرُ. قَالَ: أَقْبِلْ عَلَى شَأْنِكَ. قَالَ: فَأَقْبَلْتُ عَلَى عَمَلِي وَلَهِيتُ مِنْهُ. فَلَمَّا أَمْسَيْتُ جَمَعْتُ مَا كَانَ عِنْدِي ثُمَّ خَرَجْتُ حَتَّى جِئْتُ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ بِقُبَاءَ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقُلْتُ: إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكَ لَيْسَ بِيَدِكَ شَيْءٌ وَإِنَّ مَعَكَ أَصْحَابًا لَكَ. وَأَنَّكُمْ أَهْلُ حَاجَةٍ وَغُرْبَةٍ وَقَدْ كَانَ عِنْدِي شَيْءٌ وَضَعْتُهُ لِلصَّدَقَةِ فَلَمَّا ذُكِرَ لِي مَكَانُكُمْ رَأَيْتُكُمْ أَحَقَّ النَّاسِ بِهِ فَجَئْتُكُمْ بِهِ. ثُمَّ وَضَعْتُهُ لَهُ . وَأَمْسَكَ هُوَ. قَالَ قُلْتُ فِي نَفْسِي: هَذِهِ وَاللَّهِ وَاحِدَةٌ. ثُمَّ رَجَعْتُ وَتَحَوَّلَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة وجمعت شيئا ثم جئته فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَقُلْتُ لَهُ: إِنِّي قَدْ رَأَيْتُكَ لا تَأْكُلُ الصَّدَقَةَ وَقَدْ كَانَ عِنْدِي شَيْءٌ أُحِبُّ أَنْ أُكْرِمَكَ بِهِ مِنْ هَدِيَّةٍ أَهْدَيْتُهَا كَرَامَةً لَكَ لَيْسَتْ بِصَدَقَةٍ. فَأَكَلَ وَأَكَلَ أَصْحَابُهُ. قَالَ قُلْتُ فِي نَفْسِي: هَذِهِ أُخْرَى. قَالَ ثُمَّ رَجَعْتُ فَمَكَثْتُ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَوَجَدْتُهُ فِي بَقِيعِ الْغَرْقَدِ قَدْ تَبِعَ جَنَازَةً وَحَوْلَهُ أَصْحَابُهُ وَعَلَيْهِ شَمْلَتَانِ مُؤْتَزِرًا بِوَاحِدَةٍ مُرْتَدِيًا بِالأُخْرَى. قَالَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ عَدَلْتُ لأَنْظُرَ فِي ظَهْرِهِ فَعَرَفَ أَنِّي أُرِيدُ ذَلِكَ وَأَسْتَثْبِتُهُ. قَالَ فَقَالَ بِرِدَائِهِ فَأَلْقَاهُ عَنْ ظَهْرِهِ فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتَمِ النُّبُوَّةِ كَمَا وَصَفَ لِي صَاحِبِي. قَالَ فَأَكْبَبْتُ عَلَيْهِ أُقَبِّلُ الْخَاتَمَ مِنْ ظَهْرِهِ وَأَبْكِي. قَالَ فَقَالَ: تَحَوَّلْ عَنْكَ. فَتَحَوَّلْتُ فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَحَدَّثْتُهُ حَدِيثِي كَمَا حَدَّثْتُكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ فَأَعْجَبَهُ ذَلِكَ. فَأَحَبَّ أَنْ يُسْمِعَهُ أَصْحَابَهُ. ثُمَّ أَسْلَمْتُ وَشَغَلَنِي الرِّقُّ وَمَا كُنْتُ فِيهِ حَتَّى فَاتَنِي بَدْرٌ وَأُحُدٌ. . فَقُمْتُ فِي تَفْقِيرِي فَأَعَانَنِي أَصْحَابِي حَتَّى فَقَّرْنَا شَرَبًا ثَلاثَمِائَةِ شَرْبَةٍ. وَجَاءَ كُلُّ رَجُلٍ بِمَا أَعَانَنِي بِهِ مِنَ النَّخْلِ. ثُمَّ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ فَجَعَلَ يَضَعُهَا بِيَدِهِ وَجَعَلَ يُسَوِّي عَلَيْهَا شَرَبَهَا وَيُبَرِّكُ حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا رَسُولُ اللَّهِ جَمِيعًا. فلا والذي نفس سلمان بِيَدِهِ مَا مَاتَتْ مِنْهُ وَدِيَّةٌ وَبَقِيَتِ الدَّرَاهِمُ. فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ يَوْمٍ فِي أَصْحَابِهِ إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ بِمِثْلِ الْبَيْضَةِ مِنْ ذَهَبٍ أَصَابَهَا مِنْ بَعْضِ الْمَعَادِنِ فَتَصَدَّقَ بِهَا إِلَيْهِ. . . ثُمَّ عَادَ حَدِيثُ ابن عباس ويزيد أيضا. قال سلمان: فو الذي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوَزَنْتُ لَهُ مِنْهَا أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً حَتَّى وَفَّيْتُهُ الَّذِي لَهُ. وَعَتَقَ سَلْمَانُ وَشَهِدَ الْخَنْدَقَ وَبَقِيَّةَ مَشَاهِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُرًّا مُسْلِمًا حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ. قال: أَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ الْبُهْلُولِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ: حَدَّثَنِي مَنْ حَدَّثَهُ سَلْمَانُ أَنَّهُ كَانَ فِي حَدِيثِهِ حِينَ سَاقَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّ صَاحِبَ عَمُّورِيَّةَ قَالَ لَهُ: أَرَأَيْتَ رَجُلا بِكَذَا وَكَذَا مِنْ أَرْضِ الشَّامِ بَيْنَ غَيْضَتَيْنِ يَخْرُجُ مِنْ هَذِهِ الْغَيْضَةِ إِلَى هَذِهِ الْغَيْضَةِ فِي كُلِّ سَنَةٍ لَيْلَةً ثُمَّ يَخْرُجُ مِثْلَهَا مِنَ الْعَامِ الْقَابِلِ لَيْلَةً مِنَ السَّنَةِ معلومة فَيَتَعَرَّضُهُ النَّاسُ يُدَاوِي الأَسْقَامَ يَدْعُو لَهُمْ فَيُشْفَوْنَ فَأْتِ فَسَلْهُ عَنْ هَذَا الَّذِي تُلْتَمَسُ. قَالَ فَجِئْتُ حَتَّى أَقَمْتُ مَعَ النَّاسِ بَيْنَ تَيْنِكَ الْغَيْضَتَيْنِ. فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلَةُ الَّتِي يَخْرُجُ فِيهَا مِنَ الْغَيْضَةِ إِلَى الْغَيْضَةِ الَّتِي يَدْخُلُ. خَرَجَ وَغَلَبُونِي عَلَيْهِ حَتَّى دَخَلَ الْغَيْضَةِ الأُخْرَى. وَتَوَارَى مِنِّي إِلا مَنْكَبَهُ. فَتَنَاوَلْتُهُ فَأَخَذْتُ بِمَنْكِبِهِ فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيَّ وَقَالَ: مَا لَكَ؟ قُلْتُ: أَسْأَلُكَ عَنْ دِينِ إِبْرَاهِيمَ الْحَنِيفِيَّةِ. قَالَ: إِنَّكَ تَسْأَلُ عَنْ شَيْءٍ مَا يَسْأَلُ عَنْهُ النَّاسُ الْيَوْمَ. قَدْ أَظَلَّكَ نَبِيٌّ يَخْرُجُ مِنْ عِنْدِ هَذَا الْبَيْتِ يَأْتِي بِهَذَا الدِّينِ الَّذِي تَسْأَلُ عَنْهُ فَالْحَقْ بِهِ. ثُمَّ انْصَرَفْتُ. . قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: كَاتَبْتُ أَهْلِي عَلَى أَنْ أَغْرِسَ لَهُمْ خَمْسَمِائَةِ فُسَيْلَةٍ فَإِذَا عَلِقَتْ فَأَنَا حُرٌّ. فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . قَالَ فَآذَنْتُهُ فَغَرَسَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِهِ إلا واحدة غرستها بيدي فعلقن جمع إلا الواحدة التي غرست. قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي قُرَّةَ الْكِنْدِيِّ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ: كُنْتُ مِنْ أَبْنَاءِ أَسَاوِرَةَ فَارِسٍ وَكُنْتُ فِي كُتَّابٍ. وَكَانَ مَعِي غُلامَانِ. فَكَانَا إِذَا رَجَعَا مِنْ عِنْدِ مُعَلِّمِهِمِا أَتَيَا قِسًّا فَدَخَلا عَلَيْهِ فَدَخَلْتُ مَعَهُمَا فَقَالَ لَهُمَا: أَلَمْ أَنْهَكُمَا أَنْ تَأْتِيَانِي بِأَحَدٍ؟ قَالَ فَجَعَلْتُ أَخْتَلِفُ إِلَيْهِ حَتَّى كُنْتُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْهُمَا فَقَالَ لِي: إِذَا سَأَلَكَ أهلك ما حبسك؟ فقل معلمي. وإذا سَأَلَكَ مُعَلِّمُكَ مَا حَبَسَكَ؟ فَقُلْ أَهْلِي. ثُمَّ إِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَتَحَوَّلَ فَقُلْتُ: أَنَا أَتَحَوَّلُ مَعَكَ. فَتَحَوَّلْتُ مَعَهُ فَنَزَلَ قَرْيَةً فَكَانَتِ امْرَأَةٌ تَأْتِيَهِ. فَلَمَّا حُضِرَ قَالَ: يَا سَلْمَانُ احْفِرْ عِنْدَ رَأْسِي. فَحَفَرْتُ فَاسْتَخْرَجْتُ جَرَّةً مِنْ دَرَاهِمَ فَقَالَ لِي: صُبَّهَا عَلَى صَدْرِي. فَصَبَبْتَهَا عَلَى صَدْرِهِ. ثُمَّ إِنَّهُ مَاتَ فَهَمَمْتُ بِالدَّرَاهِمَ أَنْ أَحْوِيَهَا أَوْ أُحَوِّلَهَا شَكَّ عُبَيْدُ اللَّهِ. ثُمَّ إِنِّي ذَكَرْتُ ثُمَّ آذَنْتُ الْقِسِّيسِينَ وَالرُّهْبَانَ بِهِ فحضروه فَقُلْتُ: إِنَّهُ قَدْ تَرَكَ مَالا. فَقَامَ شَبَابٌ فِي الْقَرْيَةِ فَقَالُوا: هَذَا مَالُ أَبِينَا كَانَتْ سَرِيَّتُهُ تَأْتِيَهِ. فَأَخَذُوهُ فَقُلْتُ لِلرُّهْبَانِ: أَخْبِرُونِي بِرَجُلٍ عَالِمٍ أَتْبَعَهُ. فَقَالُوا: مَا نَعْلَمُ الْيَوْمَ فِي الأَرْضِ رَجُلا أَعْلَمَ مِنْ رَجُلٍ بِحِمْصَ. فَانْطَلَقْتُ إليه فلقيته فقصصت عليه القصة فقال: وَمَا جَاءَ بِكَ إِلا طَلَبُ الْعِلْمِ. قَالَ فَإِنِّي لا أَعْلَمُ الْيَوْمَ فِي الأَرْضِ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْ رَجُلٍ يَأْتِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ كُلَّ سَنَةٍ وَإِنِ انْطَلَقْتَ الآنَ وَافَقْتَ حِمَارَهُ. قَالَ فَانْطَلَقْتُ فَإِذَا بِحِمَارِهِ عَلَى بَابِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَجَلَسْتُ عِنْدَهُ حَتَّى خَرَجَ فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ قَالَ: وَمَا جَاءَ بِكَ إِلا طَلَبُ الْعِلْمِ. قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: اجْلِسْ. فَانْطَلَقَ فَلَمْ أَرَهُ حَتَّى الْحَوْلِ فَجَاءَ فَقُلْتُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ مَا صَنَعْتَ بِي؟ قَالَ: وَإِنَّكَ هَاهُنَا؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ الْيَوْمَ فِي الأَرْضِ رَجُلا أَعْلَمَ مِنْ رَجُلٍ خَرَجَ بِأَرْضِ تَيْمَاءَ. وَإِنْ تَنْطَلِقِ الآنَ تُوَافِقْهُ. فِيهِ ثَلاثُ آيَاتٍ: يَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ. وَلا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ. وَعِنْدَ غُضْرُوفِ كَتِفِهِ الْيُمْنَى خَاتَمُ النُّبُوَّةِ مِثْلُ بَيْضَةِ الْحَمَامَةِ لَوْنُهَا لَوْنُ جِلْدِهِ. قَالَ فَانْطَلَقْتُ تَرْفَعُنِي أَرْضٌ وَتَخْفِضُنِي أُخْرَى حَتَّى مَرَرْتُ عَلَى قَوْمٍ مِنَ الأَعْرَابِ فَاسْتَعْبَدُونِي فَبَاعُونِي فَاشْتَرَتْنِي امْرَأَةٌ بِالْمَدِينَةِ. فَسَمِعْتُهُمْ يَذْكُرُونَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ الْعَيْشُ عَزِيزًا فَقُلْتُ لَهَا: هَبِي لِي يَوْمًا. فَقَالَتْ: نَعَمْ. فَانْطَلَقْتُ فَاحْتَطَبْتُ حَطَبًا فَبِعْتُهُ . قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: . قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ قَالَ: حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطَّ الْخَنْدَقَ مِنْ أُجُمِ الشَّيْخَيْنِ طَرَفَ بَنِي حَارِثَةَ عَامَ ذُكِرَتِ الأَحْزَابُ خُطَّةً مِنَ الْمَذَادِ فَقَطَعَ لِكُلِّ عَشَرَةٍ أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا فَاحْتَجَّ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارَ فِي سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ. وَكَانَ رَجُلا قَوِيًّا. فَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ: سلمان منا. وقالت الأنصار: لا بل سلمان منا. . قَالَ عَمْرُو بْنُ عَوْفٍ: فَدَخَلْتُ أَنَا وَسَلْمَانُ وَحُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ وَنُعْمَانُ بْنُ مُقَرِّنٍ الْمُزَنِيُّ وَسِتَّةٌ مِنَ الأَنْصَارِ تَحْتَ أَصْلِ ذُبَابٍ فَضَرَبْنَا حَتَّى بَلَغَنَا النَّدَى فَأَخْرَجَ اللَّهُ صَخْرَةً بَيْضَاءَ مُرْوَةً مِنْ بَطْنِ الْخَنْدَقِ فَكَسَرَتْ حَدِيدَنَا وَشَقَّتْ عَلَيْنَا فَقُلْتُ لِسَلْمَانَ: ارْقَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ ضَارِبٌ عَلَيْهِ قُبَّةً تُرْكِيَّةً. فَرَقَى إِلَيْهِ سَلْمَانُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صَخْرَةٌ بَيْضَاءُ خَرَجَتْ مِنْ بَطْنِ الْخَنْدَقِ فَكَسَرَتْ حَدِيدَنَا وَشَقَّتْ عَلَيْنَا فَإِمَّا أَنْ نَعْدِلَ عَنْهَا وَالْمَعْدِلُ قَرِيبٌ أَوْ تَأْمُرَنَا بِهَا بِأَمْرِكَ فَإِنَّا لا نُحِبُّ أَنْ نُجَاوِزَ خَطَّكَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آخَى بَيْنَ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ. وَكَذَلِكَ قال محمد بن إسحاق. قال: أَخْبَرَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ قال: أوخي بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ فَسَكَنَ أَبُو الدَّرْدَاءِ الشام وسكن سلمان الكوفة. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ آخَى بَيْنَ سَلْمَانَ وَحُذَيْفَةَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُمَا كَانَا يُنْكِرَانِ كُلَّ مُؤَاخَاةٍ كَانَتْ بَعْدَ بَدْرٍ وَيَقُولانِ: قَطَعَتْ بَدْرٌ الْمَوَارِيثَ. وَسَلْمَانُ يَوْمَئِذٍ فِي رَقٍّ. وَإِنَّمَا عُتِقَ بَعْدَ ذلك. وأول غزاة غزاها الخندق سنة خمس من الهجرة. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ قَالَ: نَزَلَ سَلْمَانُ عَلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ. وَكَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ مَنَعَهُ سَلْمَانُ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَصُومَ مَنَعَهُ. فَقَالَ: أَتَمْنَعُنِي أَنْ أَصُومَ لِرَبِّي وَأُصَلِّيَ لِرَبِّي؟ فَقَالَ: إِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَإِنَّ لأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا فَصُمْ وَأَفْطِرْ وَصَلِّ وَنَمْ. . قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: دَخَلَ سَلْمَانُ عَلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ فَقِيلَ لَهُ هُوَ نَائِمٌ. قَالَ: فقال مَا لَهُ؟ قَالُوا: إِنَّهُ إِذَا كَانَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ أَحْيَاهَا وَيَصُومُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. قَالَ: فَأَمَرَهُمْ فَصَنَعُوا طَعَامًا فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ ثُمَّ أَتَاهُمْ فَقَالَ: كُلْ. قَالَ: إِنِّي صَائِمٌ. فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى أَكَلَ. ثُمَّ أَتَيَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَا لَهُ ذَلِكَ . قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ أَنَّ سَلْمَانَ أَتَى أَبَا الدَّرْدَاءِ فَشَكَتْ إِلَيْهِ أُمُّ الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ يَقُومُ اللَّيْلَ وَيَصُومُ النَّهَارَ. فَبَاتَ عِنْدَهُ فَلَمَّا أَرَادَ الْقِيَامَ حَبَسَهُ حَتَّى نَامَ. فَلَمَّا أَصْبَحَ صَنَعَ لَهُ طَعَامًا فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى أَفْطَرَ. فَأَتَى أَبُو الدَّرْدَاءِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ قَالَ: . قَالَ: أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ زَاذَانَ قَالَ: . قال: أخبرنا حماد بن عمرو النصيبي قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ رُفَيْعٍ عَنْ مَعْبَدٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَمِيرَةَ السَّكْسَكِيِّ وَكَانَ تِلْمِيذًا لِمُعَاذٍ أَنَّ مُعَاذًا أَمَرَهُ أَنْ يَطْلُبَ الْعِلْمَ مِنْ أربعة أحدهم سلمان الفارسي. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ شِمْرِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَامِرٍ عَنْ خَالٍ لَهُ أَنَّ سَلْمَانَ لَمَّا قَدِمَ عَلَى عُمَرَ قَالَ لِلنَّاسِ: اخْرُجُوا بنا نتلق سلمان. قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سُمَيْعٍ عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ أَنَّ عُمَرَ جَعَلَ عَطَاءَ سَلْمَانَ سِتَّةَ آلافٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سُمَيْعٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: كَانَ عَطَاءُ سَلْمَانَ الفارسي أربعة آلاف. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سُمَيْعٍ عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ قَالَ: كَانَ عَطَاءُ سَلْمَانَ أَرْبَعَةَ آلاف. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ قَالَ: كَانَ عَطَاءُ سَلْمَانَ أربعة آلاف. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ عَنْ مَيْمُونٍ قَالَ: كَانَ عَطَاءُ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ أَرْبَعَةَ آلافٍ وَعَطَاءُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ثَلاثَةَ آلافٍ وَخَمْسَمِائَةٍ. فَقُلْتُ: مَا شَأْنُ هَذَا الْفَارِسِيِّ فِي أَرْبَعَةِ آلافٍ وَابْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فِي ثَلاثَةِ آلافِ وَخَمْسِمِائَةٍ؟ قَالُوا: إِنَّ سَلْمَانَ شَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَشْهَدًا لَمْ يشهده ابن عُمَرَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَارَةَ الْجَرْمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: كَانَ عَطَاءُ سَلْمَانَ خَمْسَةَ آلافٍ وَكَانَ عَلَى ثَلاثِينَ أَلْفًا مِنَ النَّاسِ يَخْطُبُ فِي عَبَاءَةٍ يَفْتَرِشُ نِصْفَهَا وَيَلْبَسُ نِصْفَهَا. وَكَانَ إِذَا خَرَجَ عَطَاؤُهُ أَمْضَاهُ وَيَأْكُلُ مِنْ سَفِيفِ يديه. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد بن مردانبة عَنْ خَلِيفَةَ بْنِ سَعِيدٍ الْمُرَادِيِّ عَنْ عَمِّهِ قَالَ: رَأَيْتُ سَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ بِالْمَدَائِنِ فِي بَعْضِ طُرُقِهَا يَمْشِي فَزَحِمَتْهُ حَمَلَةٌ مِنْ قَصَبٍ فَأَوْجَعَتْهُ فَتَأَخَّرَ إِلَى صَاحِبِهَا الَّذِي يَسُوقُهَا فَأَخَذَ بِعَضُدِهِ فَحَرَّكَهُ ثُمَّ قَالَ: لا مِتَّ حَتَّى تُدْرِكَ إمارة الشباب. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا سَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ عَنْ ثَابِتٍ أَنُّ سَلْمَانَ كَانَ أَمِيرًا عَلَى الْمَدَائِنِ وَكَانَ يَخْرُجُ إِلَى النَّاسِ فِي أَنْدَرْوَرْدَ وَعَبَاءَةٍ فَإِذَا رَأَوْهُ قَالُوا: كُرْكَ آمَذْ كُرْكَ آمَذْ. فَيَقُولُ سَلْمَانُ: مَا يَقُولُونَ؟ قَالُوا: يُشَبِّهُونَكَ بِلُعْبَةٍ لَهُمْ. فَيَقُولُ سَلْمَانُ: لا عَلَيْهِمُ فَإِنَّمَا الْخَيْرُ فِيمَا بَعْدَ الْيَوْمِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي مَرْزُوقٍ عَنْ هُرَيْمٍ قَالَ: رَأَيْتُ سَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ عَلَى حِمَارٍ عُرْيٍ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ سُنْبُلانِيُّ قَصِيرٌ ضَيِّقُ الأَسْفَلِ. وَكَانَ رَجُلا طَوِيلَ السَّاقَيْنِ كَثِيرَ الشَّعْرِ. وَقَدِ ارْتَفَعَ الْقَمِيصُ حَتَّى بَلَغَ قَرِيبًا مِنْ رُكْبَتَيْهِ. قَالَ وَرَأَيْتُ الصِّبْيَانَ يَحْضُرُونَ خَلْفَهُ فَقُلْتُ: أَلا تَنَحَّوْنَ عَنِ الأَمِيرِ؟ فَقَالَ: دَعْهُمْ فَإِنَّمَا الْخَيْرُ وَالشَّرُّ فِيمَا بَعْدَ الْيَوْمِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي مَرْزُوقٍ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ قَالَ: كُنْتُ مَعَ سَلْمَانَ الفارسي وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى سَرِيَّةٍ فَمَرَّ بِفِتْيَانٍ مِنْ فِتْيَانِ الْجُنْدِ فَضَحِكُوا وَقَالُوا: هَذَا أَمِيرُكُمْ؟ فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَلا تَرَى هَؤُلاءِ مَا يَقُولُونَ؟ قَالَ: دَعْهُمْ فَإِنَّمَا الْخَيْرُ وَالشَّرُّ فيما بعد الْيَوْمِ. إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَأْكُلَ مِنَ التُّرَابِ فَكُلْ مِنْهُ وَلا تَكُونَنَّ أَمِيرًا عَلَى اثْنَيْنِ. واتق دعوة المظلوم والمضطر فإنها لا تحجب. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا سَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ قَالَ: كَانَ سَلْمَانُ أَمِيرًا عَلَى الْمَدَائِنِ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ مِنْ بَنِي تَيْمِ اللَّهِ مَعَهُ حِمْلُ تِينٍ. وَعَلَى سَلْمَانَ أَنْدَرْوَرْدُ وَعَبَاءَةٌ. فَقَالَ لِسَلْمَانَ: تَعَالَ احْمِلْ. وَهُوَ لا يَعْرِفُ سَلْمَانَ. فَحَمَلَ سَلْمَانُ فَرَآهُ النَّاسُ فَعَرَفُوهُ فَقَالُوا: هَذَا الأَمِيرُ. قَالَ: لَمْ أَعْرِفْكَ. فَقَالَ لَهُ سلمان: لا حتى أبلغ منزلك. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ شَيْخًا مِنْ بَنِي عَبْسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَيْتُ السُّوقَ فَاشْتَرَيْتُ عَلَفًا بِدِرْهَمٍ فَرَأَيْتُ سَلْمَانَ وَلا أَعْرِفُهُ فَسَخَّرْتُهُ فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ الْعَلَفَ. فَمَرَّ بِقَوْمٍ فَقَالُوا: نَحْمِلُ عَنْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ. فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا سَلْمَانُ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْتُ: لَمْ أَعْرِفْكَ. ضَعْهُ عَافَاكَ اللَّهُ. فَأَبَى حَتَّى أَتَى بِهِ مَنْزِلِي فَقَالَ: قَدْ نَوَيْتُ فِيهِ نِيَّةً فَلا أَضَعُهُ حَتَّى أَبْلُغَ بَيْتَكَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ خَالِدِ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ مَيْسَرَةَ أَنَّ سَلْمَانَ كَانَ إِذَا سَجَدَتْ لَهُ الْعَجَمُ طأطأ رأسه وقال: خشعت لله. قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّهُ قِيلَ لِسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ: مَا يُكْرِهُكَ الإِمَارَةَ؟ قَالَ: حَلاوَةُ رضاعتها ومرارة فطامها. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْغَازِي عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ أَنَّ سَلْمَانَ كَانَ لَهُ حُبًّى مِنْ عَبَاءٍ وَهُوَ أمير الناس. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ أَنَّ سَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ كَانَ يستظل بالفيء حيث ما دَارَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ بَيْتٌ. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَلا أَبْنِي لَكَ بَيْتًا تَسْتَظِلُّ بِهِ مِنَ الْحَرِّ وَتَسْكُنُ فِيهِ مِنَ الْبَرْدِ؟ فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: نَعَمْ. فَلَمَّا أَدْبَرَ صَاحَ بِهِ فَسَأَلَهُ سَلْمَانُ: كَيْفَ تَبْنِيهِ؟ فَقَالَ: أَبْنِيهِ إِنْ قمت فيه أصابك رَأْسَكَ وَإِنِ اضْطَجَعْتَ فِيهِ أَصَابَ رِجْلَكَ. فَقَالَ سلمان: نعم. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ وَيَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالا: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ سِمَاكٍ قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ حُمَيْدٍ يَقُولُ: دَخَلْتُ مَعَ خَالِي عَلَى سَلْمَانَ بِالْمَدَائِنِ وَهُوَ يَعْمَلُ الْخُوصَ. فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: أَشْتَرِي خُوصًا بدرهم فأعمله فأبيعه دَرَاهِمَ فَأُعِيدُ دِرْهَمًا فِيهِ وَأَنْفِقُ دِرْهَمًا عَلَى عِيَالِي وَأَتَصَدَّقُ بِدِرْهَمٍ. وَلَوْ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخطاب نهاني عنه ما انتهيت. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ قَالَ: كَانَ سَلْمَانُ إِذَا أَصَابَ الشَّيْءَ اشْتَرَى بِهِ لَحْمًا ثُمَّ دَعَا الْمُحَدِّثِينَ فأكلوه معه. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ قَالَ: كَانَ سَلْمَانُ إِذَا وَضَعَ الطَّعَامَ بَيْنَ يديه قال: الحمد لله الذي كفانا المؤونة وأحسن الرزق. قال: أخبرنا للفضل بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ: كَانَ سَلْمَانُ إِذَا أَكَلَ قَالَ: الْحَمْدُ لله الذي كفانا المؤونة وأوسع علينا في الرزق. قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ أَنْبَأَنِي قَالُ: سَمِعْتُ حَارِثَةَ بْنَ مُضَرِّبٍ قَالَ: سَمِعْتُ سَلْمَانَ يَقُولُ إِنِّي لأَعُدُّ الْعُرَاقَةَ عَلَى الْخَادِمِ خَشْيَةَ الظن. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْفَرَّاءِ عَنْ أَبِي لَيْلَى الْكِنْدِيِّ قَالَ: قَالَ غُلامُ سَلْمَانَ: كَاتِبْنِي. قَالَ: أَلَكَ شَيْءٌ؟ قَالَ: لا. قَالَ: فَمِنْ أَيْنَ؟ قَالَ: أَسْأَلُ النَّاسَ. قَالَ: تريد أن تطعمني غسالة الناس. قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: سَمِعْتُ أبا ليلى قال: قال غلام لسلمان: كَاتِبْنِي. قَالَ: أَلَكَ مَالٌ؟ قَالَ: لا. قَالَ: أَتَأْمُرُنِي أَنْ آكُلَ غُسَالَةَ أَيْدِي النَّاسِ؟ قَالَ وَسُرِقَ عَلَفُ دَابَّتِهِ فَقَالَ لِجَارِيَتِهِ أَوْ لِغُلامِهِ: ولولا أني أخاف القصاص لضربتك. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِي قِلابَةَ أَنَّ رَجُلا دَخَلَ عَلَى سَلْمَانَ وَهُوَ يَعْجِنُ. قَالَ فَقَالَ: أَيْنَ الْخَادِمُ؟ قَالَ: بَعَثْنَاهَا لِحَاجَةٍ فَكَرِهْنَا أَنْ نَجْمَعَ عَلَيْهَا عَمَلَيْنِ. قَالَ: إِنَّ فُلانًا يُقْرِئُكَ السَّلامَ. فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: مُنْذُ كَمْ قَدِمْتَ؟ قَالَ: مُنْذُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ. قَالَ: أَمَا إِنَّكَ لَوْ لَمْ تُؤَدِّهَا لكانت أمانة لم تؤدها. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي قُرَّةَ قَالَ: قَالَ سَلْمَانُ لا نَؤُمُّكُمْ فِي مَسَاجِدِكُمْ وَلا نَنْكِحُ نِسَاءَكُمْ. يَعْنِي الْعَرَبَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ وَغَيْرِهِ قَالُوا: كَانَ سَلْمَانُ يَقُولُ لِنَفْسِهِ: سَلْمَانُ بِمِيرِ. يَقُولُ: مُتْ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ أَشْيَاخِهِ قَالُوا: دَخَلَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ عَلَى سَلْمَانَ يَعُودُهُ. قَالَ فَبَكَى سَلْمَانُ فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: مَا يُبْكِيكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ عَنْكَ رَاضٍ. وَتَلْقَى أَصْحَابَكَ. وَتَرِدُ عَلَيْهِ الْحَوْضَ. قَالَ سَلْمَانُ: وَاللَّهِ مَا أَبْكِي جَزَعًا مِنَ الْمَوْتِ وَلا حِرْصًا عَلَى الدُّنْيَا وَلَكِنَّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَهْدٌ إِلَيْنَا عَهْدًا . قَالَ وَإِنَّمَا حَوْلَهُ جَفْنَةٌ أَوْ مَطْهَرَةٌ أَوْ إِجَّانَةٌ. قَالَ فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ اعْهَدْ إِلَيْنَا بِعَهْدٍ نَأْخُذُهُ بَعْدَكَ. فَقَالَ: يَا سَعْدُ اذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ هَمِّكَ إِذَا هَمَمْتَ وَعِنْدَ حُكْمِكَ إِذَا حكمت وعند يدك إذا قسمت. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ سَعْدَ بْنَ مَسْعُودٍ وَسَعْدَ بْنَ مَالِكٍ دَخَلا عَلَى سَلْمَانَ يَعُودَانِهِ فَبَكَى فَقَالا لَهُ: مَا يُبْكِيكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟ قَالَ: عَهْدٌ عَهِدَهُ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَحْفَظْهُ مِنَّا أَحَدٌ. قَالَ: . قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَبَلَةُ بْنُ عَطِيَّةَ عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ قَالَ: قَالَ أَصْحَابُ سَلْمَانَ لِسَلْمَانَ: أَوْصِنَا. فَقَالَ: مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَمُوتَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا أَوْ غَازِيًا أَوْ فِي نَقْلِ الْقِرَاءَةِ فَلْيَمُتْ. وَلا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ فَاجِرًا وَلا خَائِنًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْحَوْضِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَشْهَبِ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: لَمَّا حَضَرَ سَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ وَنَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ بَكَى فَقِيلَ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ مَا أَبْكِي جَزَعًا مِنَ الْمَوْتِ وَلا حِرْصًا عَلَى الرَّجْعَةِ وَلَكِنْ إِنَّمَا أَبْكِي لأَمْرٍ عَهِدَهُ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْشَى أَنْ لا نَكُونَ حَفِظْنَا وَصِيَّةَ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّهُ قَالَ . قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَشْهَبِ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: عَادَ الأَمِيرُ سَلْمَانَ فِي مَرَضِهِ فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: أَمَّا أَنْتَ أَيُّهَا الأَمِيرُ فَاذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ هَمِّكَ إِذَا هَمَمْتَ وَعِنْدَ لِسَانِكَ إِذَا حَكَمْتَ وَعِنْدَ يَدِكَ إِذَا قَسَمْتَ. قُمْ عَنِّي. وَالأَمِيرُ يَوْمَئِذٍ سعد بن مالك. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُوقَةَ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ سَلْمَانَ الْوَفَاةُ قَالَ لِصَاحِبَةِ مَنْزِلِهِ: هَلُمِّي خبيك الَّذِي اسْتَخْبَأْتُكِ. قَالَتْ: فَجِئْتُهُ بِصُرَّةِ مِسْكٍ. قَالَ فَقَالَ: ائْتِينِي بِقَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ. فَنَثَرَ الْمِسْكَ فِيهِ ثُمَّ مَاثَهُ بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ: انْضَحِيهِ حَوْلِي فَإِنَّهُ يَحْضُرْنِي خَلَقٌ مِنْ خَلَقِ اللَّهِ يَجِدُونَ الرِّيحَ وَلا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ ثُمَّ اجْفَئِي عَلَيَّ الْبَابَ وَانْزِلِي. قَالَتْ فَفَعَلْتُ وَجَلَسْتُ هُنَيْهَةً فَسَمِعْتُ هَسْهَسَةً. قَالَتْ ثُمَّ صَعِدْتُ فَإِذَا هُوَ قد مات. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ الأَجْلَحِ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ قَالَ: أَصَابَ سَلْمَانُ صُرَّةَ مِسْكٍ يَوْمَ فُتِحَتْ جَلُولاءُ فَاسْتَوْدَعَهَا امْرَأَتَهُ. فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ: هَاتِي هَذِهِ الْمِسْكَةَ. فَمَرَسَهَا فِي مَاءٍ ثُمَّ قَالَ: انْضَحِيهَا حَوْلِي فَإِنَّهُ يَأْتِينِي زُوَّارٌ الآنَ. قَالَ فَفَعَلْتُ فَلَمْ يَمْكُثْ بَعْدَ ذَلِكَ إِلا قَلِيلا حَتَّى قُبِضَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ فِرَاسٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي الْجَزْلُ عَنِ امْرَأَةِ سَلْمَانَ بُقَيْرَةَ أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ. يَعْنِي سَلْمَانَ. دَعَانِي وَهُوَ فِي عُلَيَّةٍ لَهُ لَهَا أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ فَقَالَ: افْتَحِي هَذِهِ الأَبْوَابَ يَا بُقَيْرَةُ فَإِنَّ لِيَ الْيَوْمَ زُوَّارًا لا أَدْرِي مِنْ أَيِّ هَذِهِ الأَبْوَابِ يَدْخُلُونَ عَلَيَّ. ثُمَّ دَعَا بِمِسْكٍ لَهُ فَقَالَ: أَدِيفِيهِ فِي تَنُّورٍ. فَفَعَلْتُ ثُمَّ قَالَ: انْضَحِيهِ حَوْلَ فِرَاشِي ثُمَّ انْزِلِي فَامْكُثِي فَسَوْفَ تَطَّلِعِينَ فَتَرَي عَلَى فِرَاشِي. فَاطَّلَعْتُ فَإِذَا هُوَ قَدْ أُخِذَ رُوحُهُ فَكَأَنَّمَا هُوَ نَائِمٌ عَلَى فِرَاشِهِ وَنَحْوًا مِنْ هَذَا. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ قَالا: حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ أَنَّ سَلْمَانَ حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ دَعَا بِصُرَّةٍ مِنْ مِسْكٍ كَانَ أَصَابَهَا مِنْ بَلَنْجَرَ فَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُدَافَ وَتُجْعَلَ حَوْلَ فِرَاشِهِ. وَقَالَ: فَإِنَّهُ يَحْضُرُنِي اللَّيْلَةَ مَلائِكَةٌ يَجِدُونَ الريح ولا يأكلون الطعام. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ أَنَّ سَلْمَانَ قَالَ لَهُ: أَيْ أُخَيَّ. أَيُّنَا مَاتَ قَبْلَ صَاحِبِهِ فَلْيَتَرَاءَ لَهُ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ: أَوَيَكُونُ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ إِنَّ نَسَمَةَ الْمُؤْمِنِ مُخَلاةٌ تَذْهَبُ فِي الأَرْضِ حَيْثُ شَاءَتْ وَنَسَمَةُ الْكَافِرِ فِي سِجْنٍ. فَمَاتَ سَلْمَانُ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَبَيْنَمَا أَنَا ذَاتَ يَوْمٍ قَائِلٌ بِنِصْفِ النَّهَارِ عَلَى سَرِيرٍ لِي فَأَغْفَيْتُ إِغْفَاءَةً إِذْ جَاءَ سَلْمَانُ فقال: السلام عليك وَرَحْمَةُ اللَّهِ. فَقُلْتُ: السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ. كَيْفَ وَجَدْتَ مَنْزِلَكَ؟ قَالَ: خَيْرًا وَعَلَيْكَ بِالتَّوَكُّلِ فَنِعْمَ الشَّيْءُ التَّوَكُّلُ. وَعَلَيْكَ بِالتَّوَكُّلِ فَنِعْمَ الشَّيْءُ التَّوَكُّلُ. وَعَلَيْكَ بِالتَّوَكُّلِ فَنِعْمَ الشيء التوكل. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ أَنَّ سَلْمَانَ مَاتَ قَبْلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ فَرَآهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ فِي الْمَنَامِ فَقَالَ لَهُ: كَيْفَ أَنْتَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟ قَالَ: بِخَيْرٍ. قَالَ: أَيُّ الأَعْمَالِ وَجَدْتَهَا أَفْضَلَ؟ قَالَ: وَجَدْتُ التَّوَكُّلَ شَيْئًا عجيبا. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: تُوُفِّيَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ فِي خِلافَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ بِالْمَدَائِنِ. ومن بني عبد شمس بن عبد مناف
وسلمان الفارسي
- وسلمان الفارسي. من أهل أصبهان, ويقال: من أهل رامهرمز. أتى الكوفة ومات سنة ست وثلاثين, ومات بالمدائن. يكنى أبا عبد الله.
سلمان الفارسي
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا معاوية بن هشام قال: حدثنا سفيان، عن عبيد المكتب، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، عن سلمان قال: أنا من جَيّ (1).
"العلل" رواية عبد اللَّه (5579)
سلمان الفارسي
- سلمان الفارسي ويكنى أبا عبد الله. أسلم عند قَدُومِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ وكان قبل ذلك يقرأ الكتب ويطلب الدين. وكان عبدا لقوم من بني قريظة فكاتبهم فأدى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتابته. وعتق وهو إلى بني هاشم. وأول مشاهده الخندق. وقد كان نزل الكوفة وتوفي بالمدائن في خلافة عثمان بن عفان.
سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْبَلَدِيُّ، نا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسَ، نا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَدِيعَةَ، عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيَتَنَظَّفُ بِمَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ وَيَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ وَيَمَسُّ مِنْ طِيِبِ بَيْتِهِ ثُمَّ يَرُوحُ فَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الْإِمَامُ إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى»
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْمُثَنَّى بْنِ مُعَاذٍ، نا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، نا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ الذَّارِعُ، نا فَايِدٌ أَبُو الْعَوَّامِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ سَلْمَانَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الْجَرَادِ فَقَالَ: «ذَلِكَ أَكْثَرُ جُنُودِ اللَّهِ لَا آكُلُهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ»
سَلْمَانُ الْبَاهِلِيُّ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَهْمِ بْنِ عَمْرِو بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ غَنْمِ بْنِ قُتَيْبَةَ بْنِ مَعْنِ بْنِ مَالِكِ بْنِ أَعْصَرَ وَهُوَ مُنَبِّهُ بْنُ سَعْدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ غَيْلَانَ بْنِ مُضَرَ وَبَاهِلَةُ أُمُّ مَعْنِ بْنِ مَالِكٍ
حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ إِسْحَاقَ التُّسْتَرِيُّ، نا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، نا ابْنُ حِمْيَرٍ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ سَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ قَسْمًا فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَغَيْرُ هَؤُلَاءِ كَانُوا أَحَقَّ بِهَا أَهْلُ الصُّفَّةِ فَقَالَ: «إِنَّهُمْ يُخَيِّرُونِي بَيْنَ أَنْ يَسْأَلُونِي وَبَيْنَ أَنْ يُبَخِّلُونِيَ وَلَسْتُ بِبَخِيلٍ»
سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ
- سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ أبي ظَبْيَانَ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَالأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ أَشْيَاخِهِ أَنَّ سَلْمَانَ كَانَ يُكْنَى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَوْفٍ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ: قَالَ لِي سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ: أَتَعْلَمُ مَكَانَ رَامَهُرْمُزَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَإِنِّي مِنْ أهلها. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عُبَيْدٍ أَبِي الْعَلاءِ عَنْ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: أَنَا مِنْ أَهْلِ جِيٍّ. أَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ الْبُهْلُولِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ قَالَ: كُنْتُ رَجُلا مِنْ أَهْلِ أَصْبَهَانَ مِنْ أَهْلِ قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا جِيُّ. وَكَانَ أَبِي دِهْقَانَ أَرْضِهِ فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ أَلْتَمِسُ الدِّينَ فَأَخَذَنِي قَوْمٌ مِنْ كَلْبٍ فَبَاعُونِي مِنْ رَجُلٍ يَهُودِيٍّ. ثُمَّ بَاعَنِي ذَلِكَ الرَّجُلُ مِنْ رَجُلٍ يَهُودِيٍّ مِنْ يَهُودِ بَنِي قُرَيْظَةَ فَقَدِمَ بِيَ الْمَدِينَةَ. وَهَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَشُغِلْتُ عَنْهُ بِالرِّقِّ حَتَّى فَاتَنِي بَدْرٌ وَأُحُدٌ. ثُمَّ قَالَ لِي رسول الله. ص: كَاتِبْ. فَكَاتَبْتُ وَأَعَانَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي كِتَابِي بِمِثْلِ الْبَيْضَةِ مِنْ ذَهَبٍ فَأَدَّيْتُ مَا عَلَيَّ مِنَ الْمَالِ وَعُتِقْتُ وشهدت الخندق وبقية مشاهد رسول الله ص. حُرًّا مُسْلِمًا. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ . أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ قَالَ: حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: . أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا سَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ قُطْبَةَ قَالَ: كَانَ سَلْمَانُ أَمِيرًا عَلَى الْمَدَائِنِ. قَالَ: وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: تُوُفِّيَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ فِي خِلافَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ بِالْمَدَائِنِ. وكان بالمدائن من المحدثين والفقهاء
سلمان الفارسي، أبو عبد الله
يقَالُ: إنه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعرف بسلمان الخير، كان أصله من فارس من رامهرمز، من قرية يقال لها جيّ. ويقال: بل كان أصله من أصبهان لخبر قد ذكرته في التمهيد، وهناك ذكرت حديث إسلامه بتمامه، وكان إذا قيل له: ابن من أنت؟ قال: أنا سلمان ابن الإسلام من بني آدم.
وروى أبو إسحاق السبيعي، عن أبي قرة الكندي، عن سلمان الفارسي، قَالَ: كنت من أبناء أساورة فارس- في حديث طويل ذكره.
وكان سلمان يطلب دين الله تعالى، ويتبع من يرجو ذَلِكَ عنده، فدان بالنصرانية وغيرها، وقرأ الكتب، وصبر في ذَلِكَ على مشقات نالته، وذلك كله مذكور في خبر إسلامه.
وذكر سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان الفارسي أنه تداوله في ذَلِكَ بضعة عشر ربا، من رب إلى رب، حتى أفضى إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومن الله عليه بالإسلام.
وقد روي من وجوه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتراه على العتق.
وَرَوَى زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ. قَالَ : حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، عَنْ عَبْدِ الله ابن بريدة، عن أبيه، أنّ سلمان الْفَارِسِيّ أَتَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَدَقَةٍ، فَقَالَ: هَذِهِ صَدَقَةٌ عَلَيْكَ وَعَلَى أَصْحَابِكَ. فَقَالَ: يَا سَلْمَانُ، إِنَّا- أَهْلَ الْبَيْتِ- لا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ. فَرَفَعَهَا ثُمَّ جَاءَ مِنَ الْغَدِ بِمِثْلِهَا، فَقَالَ: هَذِهِ هَدِيَّةٌ. فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَصْحَابِهِ: كُلُوا، فَاشْتَرَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من قوم، من
الْيَهُودِ بِكَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا، وَعَلَى أَنْ يَغْرِسَ لهم كذا وكذا من النخل بعمل فِيهَا سَلْمَانُ حَتَّى تُدْرِكَ، فَغَرَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّخْلَ كُلَّهُ إِلا نَخْلَةً وَاحِدَةً غَرَسَهَا عُمَرُ، فَأَطْعَمَ النَّخْلَ كُلَّهُ إِلا تِلْكَ النَّخْلَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
مَنْ غَرَسَهَا؟ فَقَالُوا: عُمَرُ. فَقَلَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَرَسَهَا، فَأَطْعَمَتْ مِنْ عَامِهَا. وَذَكَرَ مَعْمَرٌ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، قَالَ: دَخَلَ قَوْمٌ عَلَى سَلْمَانَ، وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى الْمَدَائِنِ وَهُوَ يَعْمَلُ هَذَا الْخُوصَ، فَقِيلَ لَهُ: لِمَ تَعْمَلُ هَذَا وَأَنْتَ أَمِيرٌ يَجْرِي عَلَيْكَ رِزْقٌ؟ فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ آكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِي.
وَذَكَرَ أَنَّهُ تَعَلَّمَ عَمَلَ الْخُوصِ بِالْمَدِينَةِ مِنَ الأَنْصَارِ عِنْدَ بَعْضِ مَوَالِيهِ.
أول مشاهده الخندق، وهو الذي أشار بحفره، فَقَالَ أبو سفيان وأصحابه، إذ رأوه: هذه مكيدة ما كانت العرب تكيدها. وقد قيل: إنه شهد بدرا، وأحدا، إلا أنه كان عبدا يومئذ، والأكثر أن أول مشاهده الخندق، ولم يفته بعد ذَلِكَ مشهد مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان خيرا فاضلا حبرا عالما زاهدا متقشفا.
ذكر هشام بن حسان، عن الحسن، قَالَ: كان عطاء سلمان خمسة آلاف، وكان إذا خرج عطاؤه تصدق به ويأكل من عمل يده، وكانت له عباءة يفترش بعضها ويلبس بعضها.
وذكر ابن وهب وابن نافع عن مالك قَالَ: كان سلمان يعمل الخوص بيده، فيعيش منه، ولا يقبل من أحد شيئا. قَالَ: ولم يكن له بيت، وإنما كان يستظل بالجذور والشجر، وإن رجلا قَالَ له: ألا أبنى لك بيتا تسكن فيه؟ فقال:
ما لي به حاجة، فما زال به الرجل حتى قَالَ له: إني أعرف البيت الذي يوافقك.
قَالَ: فصفه لي. قَالَ: أبني لك بيتا إذا أنت قمت فيه أصاب رأسك سقفه، وإن أنت مددت فيه رجليك أصاب أصابعهما الجدار. قَالَ: نعم، فبنى له [بيتا كذلك ] .
وروى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من وجوه أنه قَالَ: لو كان الدين عند الثريا لناله سلمان. وفي رواية أخرى: لناله رجال من فارس. وروينا عن عائشة [أم المؤمنين ] رضي الله عنها، قالت: كان لسلمان مجلس من رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينفرد به بالليل حتى كاد يغلبنا على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: أَمَرَنِي رَبِّي بِحُبِّ أَرْبَعَةٍ، وَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ سُبْحَانَهُ يُحِبُّهُمْ: عَلِيٌّ، وَأَبُو ذَرٍّ، وَالْمِقْدَادُ، وَسَلْمَانُ. وَرَوَى قَتَادَةُ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: [كَانَ ] سَلْمَانُ صَاحِبَ الْكِتَابَيْنِ. قَالَ قَتَادَةُ: يَعْنِي الإِنْجِيلَ وَالْفُرْقَانَ.
أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُفَسِّرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ سُئِلَ عن سلمان. فقال: علم
الْعِلْمَ الأَوَّلَ وَالآخِرَ، بَحْرٌ لا يَنْزِفُ، وَهُوَ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ. هَذِهِ رِوَايَةُ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ.
وَفِي رِوَايَةِ زَادَانَ [أَبِي عُمَرَ ] عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ مِثْلُ لُقْمَانَ الْحَكِيمِ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ خَبَرِ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ. وَقَالَ كَعْبُ الأَحْبَارِ: سَلْمَانُ حُشِيَ عِلْمًا وَحِكْمَةً.
وَذَكَرَ مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، أَخْبَرَنَا بهز، أَخْبَرَنَا بَهْزُ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثابت، عن معاوية بن قرة، عن عائذ بْنِ عَمْرٍو- أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَتَى عَلَى سَلْمَانَ، وَصُهَيْبٍ وَبِلالٍ فِي نَفَرٍ، فَقَالُوا: مَا أَخَذَتْ سُيُوفُ اللَّهِ مِنْ عُنُقِ عَدُوِّ اللَّهِ مَأْخَذَهَا. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَتَقُولُونَ هَذَا لِشَيْخِ قُرَيْشٍ وَسَيِّدِهِمْ. وَأَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، لَعَلَّكَ أَغْضَبْتَهُمْ، لِئَنْ كُنْتَ أَغْضَبْتَهُمْ لَقَدْ أَغْضَبْتَ رَبَّكَ جَلَّ وَعَلا، فَأَتَاهُمْ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: يَا إِخْوَتَاهُ، أَغْضَبْتُكُمْ؟ قَالُوا: لا، يَا أَبَا بَكْرٍ، يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قد آخى بينه وبين أَبِي الدَّرْدَاءِ، فَكَانَ إِذَا نَزَلَ الشَّامَ نَزَلَ عَلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ.
وَرَوَى أَبُو جُحَيْفَةَ أَنَّ سَلْمَانَ جَاءَ يَزُورُ أَبَا الدَّرْدَاءِ فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُبْتَذَلَةً فَقَالَ: مَا شَأْنُكِ؟ قَالَتْ: إِنَّ أَخَاكَ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي شَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا. قَالَ:
فَلَمَّا جَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رَحَّبَ سلمان وَقَرَّبَ لَهُ طَعَامًا. قَالَ سَلْمَانُ: اطْعَمْ. قَالَ:
إِنِّي صَائِمٌ. قَالَ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ إِلا مَا طَعِمْتَ، إِنِّي لَسْتُ بِآكِلٍ حَتَّى تَطْعَمَ.
قَالَ: وَبَاتَ سَلْمَانُ عِنْدَ أَبِي الدَّرْدَاءِ، فَلَمَّا كَانَ الليل قام أبو الدرداء فحبسه سلمان.
قَالَ: يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ، إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ. قال: فلما كان وجه الصبح قال:
قُمِ الآنِ. فَقَامَا فَصَلَّيَا، ثُمَّ خَرَجَا إِلَى الصَّلاةِ. قَالَ: فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ إِلَيْهِ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالَ سَلْمَانُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ مَا قَالَ سَلْمَانُ.
ذَكَرَهُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَوْنٍ عَنْ أَبِي الْعُمَيْسِ، عَنْ عَوْنِ ابن أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ، وَلَهُ أَخْبَارٌ حِسَانٌ وَفَضَائِلُ جَمَّةٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
توفي سلمان رضي الله عنه في آخر خلافة عثمان سنة خمس وثلاثين. وقيل:
بل توفي سنة ست وثلاثين في أولها. وقيل: توفى في [آخر ] خلافة عمر.
والأول أكثر، والله أعلم.
قَالَ الشعبي: توفي سلمان في علية لأبي قرة الكندي بالمدائن.
روى عنه من الصحابة ابن عمر، وابن عباس، وأنس، وأبو الطفيل.
يعد في الكوفيين. روينا عن سلمان أنه تلا هذه الآية ... «الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ » . 6: 82 فَقَالَ له زيد بن صوحان: يا أبا عبد الله، وذكر الخبر.

اسرائيل بن يونس بن ابي اسحاق السبيعي

إِسْرَائِيل بن يُونُس بن أبي إِسْحَاق السبيعِي الْهَمدَانِي من أهل الْكُوفَة أَخُو عِيسَى بن يُونُس يروي عَن أبي إِسْحَاق وَسماك يروي عَنهُ أهل الْعرَاق ولد سنة مائَة وَمَات سنة سِتِّينَ وَمِائَة وَقد قيل سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَمِائَة كنيته أَبُو يُوسُف سَمِعت بن خُزَيْمَة يَقُول سَمِعت الدَّوْرَقِي يَقُول سَمِعت بن مهْدي يَقُول قَالَ عِيسَى بن يُونُس قَالَ إِسْرَائِيل كنت أحفظ حَدِيث يُونُس بن أبي إِسْحَاق كَمَا أحفظ السُّورَة من الْقُرْآن
إسرائيل بْن يُونُس بن أبي إسحاق السبيعي الكوفي.
قَالَ الشَّيْخُ: قَالَ لَنَا عَبد اللَّهِ البغوي بلغني أن كنيته أبو يوسف.
حَدَّثَنَا زكريا الساجي سمعتُ ابن المثنى يقول ما سمعت يَحْيى بْن سَعِيد يحدث عَن إسرائيل، ولاَ شَرِيك وَكَانَ عَبد الرَّحْمَنِ يحدث عنهما.
حَدَّثَنَا ابْن حَمَّاد، حَدَّثَنا العباس، عَن يَحْيى، قَال: كَانَ يَحْيى بْن سَعِيد لا يروي عَن إسرائيل، ولاَ عَن شَرِيك وَكَانَ يستضعف عاصما الأحول وكان يروي عَمَّن هُوَ دونهم مجالد بْن سَعِيد.
حَدَّثَنَا ابن حماد، حَدَّثَنا العباس سَمِعْتُ يَحْيى يَقُولُ: قَالَ يَحْيى بن سَعِيد لو لم أر إِلا عَنْ كُلِّ مَنْ أَرْضَى ما رويت إلا عن خمسة
قَالَ يَحْيى وَكَانَ يَحْيى يروي عن قوم ما كانوا يسوون عنده شيء.
حَدَّثَنَا ابن حماد، حَدَّثني صالح، حَدَّثَنا عَلِيّ سَمِعْتُ يَحْيى يَقُولُ إسرائيل فوق أَبِي بَكْر بْن عياش.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الصُّوفيّ، حَدَّثَنا ابْن عمار الموصلي كَانَ يَحْيى بْن سَعِيد لا يعبأ بإسرائيل.
حَدَّثَنَا عَبد اللَّهِ بْن مُحَمد بْنِ عَبد الْعَزِيزِ، حَدَّثني صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثني عَلِيٌّ قَالَ يَحْيى بْن سَعِيد إسرائيل فوق أَبِي بَكْر بْن عياش.
وقيل ليحيى إن إسرائيل روى عن إبراهيم بن مهاجر ثلاثمِئَة وعن الثقات ثلاثمِئَة قَالَ لم يؤت مِنْهُ ما أتي منهما جميعًا.
حَدَّثَنَا عَبد الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بكر، حَدَّثَنا عباس سمعت يَحْيى يَقُولُ إسرائيل وشَرِيك أحب إلي من مجالد، وَهو أثبت حديثا من شَرِيك وكان يَحْيى بن القطان لا يحدث عَن إسرائيل، ولاَ عَن شَرِيك.
وقال يَحْيى بْن آدم كنا نكتب عنده من حفظه قَالَ يَحْيى وقد كَانَ إسرائيل لا يحفظ ثم حفظ بعده.
وإسرائيل أثبت فِي أَبِي إِسْحَاق من شيبان وَكَانَ يَحْيى لا يحدث عَن إسرائيل وَكَانَ يروي عَمَّن دونه مجالد.
حَدَّثَنَا ابْن أبي عصمة، حَدَّثَنا الفضل بن زِيَادٍ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ إسرائيل وزهير أصغر من سفيان.
قال مؤمل قلت لسفيان إن إسرائيل حَدَّث عَن أَبِي إِسْحَاق بحديث ذكره فَقَالَ سفيان صبيان فمد صوته.
حَدَّثَنَا مُحَمد بن علي المروزي، حَدَّثَنا عثمان بن سَعِيد، قلتُ ليحيى بن مَعِين: شَرِيك أحب إليك فيه يعني فِي أَبِي إِسْحَاق أو إسرائيل قَالَ شَرِيك أحب إلي، وَهو أقدم وإسرائيل صدوق
حَدَّثَنَا البغوي، حَدَّثَنا عَبَّاس سَمِعْتُ يَحْيى يَقُولُ زكريا وزهير وإسرائيل حديثهم، عَن أَبِي إِسْحَاق قريبا من السواء، وإِنَّما أصحاب أبي إسحاق سفيان وشعبة.
حَدَّثَنَا مُحَمد بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنا عثمان بن سَعِيد، قالَ: قُلتُ ليحيى بْن مَعِين يُونُس بْن أَبِي إِسْحَاق أحب إليك أو إسرائيل فَقَالَ كل ثقة.
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنا أحمد بن سعد بن أَبِي مَرْيَمَ سَمِعْتُ يَحْيى يَقُولُ إسرائيل ثقة.
حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَلِيٍّ الْمَدَائِنِيُّ، حَدَّثَنا اللَّيْثُ بْنُ عبدة وسمعت يَحْيى بْن مَعِين يَقُولُ إسرائيل قريب من جرير.
حَدَّثَنَا عَبد اللَّه بْنُ مُحَمد بن عَبد العزيز، حَدَّثني أحمد بْن زهير سَمِعْتُ يَحْيى بْن معني يقول إسرائيل ثقة.
حَدَّثَنَا عَبد الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْر، حَدَّثَنا عَبَّاس، حَدَّثَنا حجين بْن المثنى أَبُو أَحْمَد قَالَ قدم علينا إسرائيل بغداد فاجتمع الناس عَلَيْهِ فأقعد فوق موضع مرتفع فقام رجل معه دفتر فجعل يسأله مِنْهُ، ولاَ ينظر فيه الناس فلما قام إسرائيل قعد الرجل فأملاه عَلَى الناس.
حَدَّثَنَا مُحَمد بْنُ مُحَمد بْنِ النفاح، حَدَّثَنا عَبد الرَّحْمَنِ بْن خالد، حَدَّثَنا حجاج قلنا لشعبة، حَدَّثَنا حديث بن إسحاق قال سلوا عنها إسرائيل فإنه أثبت فيها مني.
وسمعت زكريا الساجي يَقُولُ: سَمعتُ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبد الْعَظِيمِ يَقُولُ، حَدَّثَنا عَلِيّ بْن عَبد اللَّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبد الرَّحْمَنِ بْن مهدي يَقُولُ: قَال لي عيسى بْن يُونُس إسرائيل يحفظ حديث أَبِي إِسْحَاق كما يحفظ الرجل السورة من القرآن.
حَدَّثَنَا عَبد اللَّهِ بْن مُحَمد البغوي، قَالَ: رأيتُ فِي كتاب عَلِيّ بْن المديني إلى أَحْمَد بْن حنبل وحدثني صَالِح بْن أَحْمَد بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبد الرَّحْمَنِ بْن مهدي يَقُولُ: قَال لي عيسى بْن يُونُس قَال لي إسرائيل كنت حفظت حديث أَبِي إِسْحَاق كما أحفظ السورة من القرآن.
حَدَّثَنَا السَّاجِيُّ، حَدَّثَنا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: سَمِعْتُ عَبد الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ يَقُولُ ما فاتني شيء من حديث سُفيان، عَن أَبِي إِسْحَاق إلا أني كنت اتكل عليها من قبل
إسرائيل لأنه كَانَ يجيء بها تامة.
حَدَّثَنَا عَبد اللَّهِ بْنُ أَبِي سفيان، حَدَّثَنا مُحَمد بْن مخلد سَمِعْتُ عَبد الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ يَقُولُ إسرائيل فِي أَبِي إِسْحَاق أثبت من شُعْبَة والثوري.
حَدَّثَنَا عَبد اللَّهِ بْنُ سَعِيد بْنِ عَبد الرَّحْمَنِ الزُّهْريّ بِمِصْرَ، حَدَّثَنا أَسَدُ بْنُ مُوسَى السُّنَّةُ، حَدَّثَنا إِسْرَائِيلُ، عَن أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَبد الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَجْوَدِ مَا تَجِدُ مِنَ الطِّيبِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ حَتَّى إِنِّي لأَرَى الطِّيبَ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ.
حَدَّثَنَا عَبد اللَّهِ، حَدَّثَنا أَسَدٌ، حَدَّثَنا إِسْرَائِيلُ، عَن أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْتَسِلُ مِنَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ يَأْتِي الْمَسْجِدَ، وَهو يُرِيدُ الصِّيَامَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ ثم يتم صومه.
حَدَّثَنَا مُحَمد بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُوَيْدٍ، حَدَّثَنا عَبد اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، أَخْبَرنا إِسْرَائِيلُ، عَن أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرو بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَتْ لَنَا شَاةٌ فَأَرَادَتْ أَنْ تَمُوتَ فَذَبَحْنَاهَا فَقَسَّمْنَاهَا فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ، فَقَالَ، يَا عَائِشَةُ مَا فَعَلَتْ شَاتُكُمْ قَالَتْ أَرَادَتْ أَنْ تَمُوتَ فَذَبَحْنَاهَا فَقَسَّمْنَاهَا وَلَمْ يَبْقَ إِلا كَتِفُهَا قَالَ شَاتُكُمْ كُلُّهَا لَكُمْ إِلا الْكَتِفَ.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبد الْجَبَّارِ، حَدَّثَنا خَالِدُ بْنُ سَالِمٍ الْمَخْرَمِيُّ، حَدَّثَنا يَحْيى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنا إِسْرَائِيلُ، عَن أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَبد الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبد اللَّهِ قَالَ قرانا المفصل بمكة حججا نقرأه ليس فيه يا أيها الذين آمنوا.
حَدَّثَنَا ابْنُ صَاعِدٍ، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ عَبد اللَّهِ الْمَخْرَمِيُّ، حَدَّثَنا يَحْيى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنا إِسْرَائِيلُ، عَن أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ، قَال: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الَّذِينَ يصلون صفوف هكذا
قَالَ إِسْرَائِيلُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، عَن أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ وَرَوَاهُ غَيْرُهُ، عَن أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ عَنْ عَبد الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْسَجَةَ عَنِ الْبَرَاءِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَجْعَلْ بَيْنَ عَبد الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْسَجَةَ، وأَبُو إِسْحَاقَ طَلْحَةَ.
سَمِعْتُ الْفَضْلَ بْنَ الْحُبَابِ يَقُولُ: سَمعتُ عَبد اللَّهِ بن رجاء أبو عَمْرو الْغُدَانِيُّ يَقُولُ، حَدَّثَنا إِسْرَائِيلُ، عَن أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ اشْتَرَى أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ الله عَنْهُ مِنْ عَازِبٍ رَحْلا فَقَالَ مُرِ الْبَرَاءَ حَتَّى يَحْمِلَهُ إِلَى بَيْتِي؟ فَقَالَ: لاَ حَتَّى تُحَدِّثَنَا كَيْفَ صَنَعْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ كُنْتَ مَعَهُ فِي الْغَارِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ.
قَالَ الشَّيْخُ: وَهَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَأْتِ بِهِ أَحَدٌ، عَن أَبِي إِسْحَاقَ أَطْوَلَ مِمَّا أَتَى بِهِ إِسْرَائِيلُ وَذَكَرَ فِيهِ أَيضًا قِصَّةَ الْقِبْلَةِ.
سَمِعْتُ زَكَرِيَّا بْنَ جَعْفَرٍ يَقُولُ: سَمعتُ مُحَمد بْنَ الْوَلِيدِ بْنِ أَبَان يَقُولُ: سَمعتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَيَحْيَى بْنَ مَعِين يَقُولانِ لَيْسَ فِي أحاديث أبي بكر أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ الرَّحْلِ.
حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنا عَبد اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، حَدَّثَنا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَسْرُوقٍ، قالَ: سَألتُ عَائِشَةَ أَيُّ الْعَمَلِ كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ أَدْوَمُهُ، وَإِنْ قَلَّ.
حَدَّثَنَا الْفَضْلُ، حَدَّثَنا عَبد اللَّهِ، أَخْبَرنا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَسْرُوقٍ، قالَ: سَألتُ عَائِشَةَ أَيُّ اللَّيْلِ كَانَ يُؤْثِرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ إِذَا سَمِعَ الصَّارِخَ تعني الديك
حَدَّثَنَا مُحَمد بْنُ أَحْمَدَ بْنِ هَارُونَ الدَّقَّاقُ، حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى البَزَّازُ، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ سَابِقٍ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا زَفَّتِ امْرَأَةً إِلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ يَا عَائِشَةُ مَا كَانَ مَعَكُمْ مِنْ لَهْوٍ فَإِنَّ الأَنْصَارَ يُعْجِبُهُمُ اللَّهْوَ أَخْرَجَهُ البُخارِيّ فِي الصَّحِيحِ.
حَدَّثَنَا السَّاجِيُّ، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنا عَبد الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنا إِسْرَائِيلُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبد الأَعْلَى عَنْ جَدَّتِهِ عَنْ أَبِيهَا سُوَيْدِ بْنِ حَنْظَلَةَ قَالَ خَرَجْنَا نُرِيدُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ وَمَعَنَا وَائِلُ بْنُ حَجَرٍ فَأَخَذَهُ عَدُوٌّ لَهُ فَتَحَرَّجَ الْقَوْمُ أَنْ يَحْلِفُوا وَحَلَفْتُ أَنَّهُ أَخِي فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ صَدَقْتَ الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ.
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّا، حَدَّثَنا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، حَدَّثَنا إِسْرَائِيلُ، عَن أَبِي الْعَنْبَسِ عَنِ الأَغَرِّ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلا سَأَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ عَنِ الْمُبَاشَرَةِ لِلصَّائِمِ فَرَخَّصَ لَهُ ثُمَّ سَأَلَهُ فَنَهَاهُ فَإِذَا الَّذِي رَخَّصَ لَهُ شَيْخٌ، وَإذا الَّذِي نَهَاهُ شَابٌ.
حَدَّثَنَا عَبد الرَّحْمَنِ بْنُ عَبد الْمُؤْمِنِ، أَخْبَرنا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّارُ، حَدَّثَنا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: رأيتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ مُتَّكِئًا عَلَى وِسَادَةٍ عَلَى يَسَارِهِ.
قَالَ الشَّيْخُ: وَهَذَا الْحَدِيثُ يُعْرَفُ بِإِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ إِسْرَائِيلَ زَادَ فِي مَتْنِهِ عَلَى يَسَارِهِ حَتَّى وَجَدْنَاهُ فِي حَدِيثِ حُسَيْنِ بْنِ حَفْصٍ عَنْ إسرائيل مثله
وَرَوَاهُ وَكِيعٌ عَنْ إِسْرَائِيلَ فَلَمْ يَقُلْ فِيهِ عَلَى يَسَارِهِ.
حَدَّثَنَا مُحَمد بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَصْبَهَانِيُّ بِدِمَشْقَ، حَدَّثَنا أُسَيْدُ بْنُ عَاصِمٍ، حَدَّثَنا حُسَيْنُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنا إِسْرَائِيلُ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: رأيتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ مُتَّكِئًا عَلَى يَسَارِهِ.
قَالَ الشَّيْخُ: وَحَدِيثُ وَكِيعٍ حَدَّثَنَاهُ مُحَمد بْنُ الْحَسَنِ الْقَصِيرُ، حَدَّثَنا عَبَّاسُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، حَدَّثَنا وَكِيعٌ، حَدَّثَنا إِسْرَائِيلَ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ دَخَلَتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ فِي بَيْتٍ فَرَأَيْتُهُ مُتَّكِئًا عَلَى وِسَادَةٍ.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الصُّوفيّ، حَدَّثَنا مَالِكُ بْنُ سَعْدٍ أَبُو غَسَّانَ الْقَيْسِيُّ، حَدَّثَنا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنا شُعْبَة، حَدَّثَنا إِسْرَائِيلُ بْنُ يُونُس، عَن أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سَالِمٍ وَقَدْ سَمَّاهُ عَنْ جَابِرٍ قَال: كنتُ مَعَ النَّبِيِّ فِي سَفَرٍ فَرَآنِي كَأَنِّي أُرِيدُ أَنْ أَتَعَجَّلَ إِلَى أَهْلِي فَقَالَ لِي مَا لَكَ يَا جَابِرُ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي حديث عهد بعرس فَقَالَ أَيُّمَا تَزَوَّجْتَ فَقُلْتُ امْرَأَةٌ فَقَالَ هَلا بِكْرًا تُلاعِبُكَ وَتُلاعِبُهَا.
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ الأَهْوَازِيُّ، حَدَّثَنا سُلَيْمَانُ بْنُ أَيُّوبَ صَاحِبُ الْبَصْرِيِّ وَعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّرْسِيُّ وَيَحْيَى بْنُ دُرُسْتَ قَالُوا، حَدَّثَنا أَبُو عَوَانة، عَن أَبِي إِسْحَاقَ، عَن أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَن النَّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وسَلَّم قَال: لا نِكَاحَ إِلا بِوَلِيٍّ قَالَ عَبَّاس كَانَ مُحَمد بْنُ الْفَضْلِ جَارًا لَنَا يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَيَقُولُ إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ وَحَدِيثَ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ إِنَّمَا حَدَّثَ بِهِ أَبُو عَوَانة عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَن أَبِي إِسْحَاقَ.
حَدَّثَنَا زكريا بن جعفر السلال، حَدَّثَنا جَدِّي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْرَائِيلَ السلال، حَدَّثَنا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنا إِسْرَائِيلُ، حَدَّثَنا أَبُو إِسْحَاقَ عَنِ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ: لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُلْتَمَسَ الرَّجُلُ مِنْ أَصْحَابِي كَمَا تُلْتَمَسُ الضَّالَةُ فَلا يُوجَدُ.
قَالَ الشَّيْخُ: وَإِسْرَائِيلُ بْنُ يُونُس بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ كَثِيرُ الْحَدِيثِ مُسْتَقِيمُ الْحَدِيثِ فِي حَدِيثِ أَبِي إِسْحَاقَ وغيرهم وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ الأَئِمَّةُ وَلَمْ يَتَخَلَّفْ أَحَدٌ فِي الرِّوَايَةِ عَنْهُ وَهَذِهِ الأَحَادِيثُ الَّتِي ذَكَرْتُهَا مِنْ أنكر أحاديثه رَوَاهَا وَكُلُّ ذَلِكَ يُحْتَمَلُ.
فَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ فَقَدْ قَالَ مَعَ إِسْرَائِيلَ أَبُو سِنَانٍ وَغَيْرُهُ، عَن أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ، وإِنَّما هُوَ، عَن أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ عَنْ عَبد الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْسَجَةَ عَنِ الْبَرَاءِ، وقِيلَ: عَن أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَبد الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْسَجَةَ.
وَحَدِيثُ سِمَاكٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ مُتَّكِئًا عَلَى وِسَادَةٍ عَلَى يَسَارِهِ لَمْ يَقُلْهُ إِلا إِسْرَائِيلُ وَلَمْ يَقُلْهُ عَلَى يَسَارِهِ عَنْ إِسْرَائِيلَ غَيْرُ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ وَحُسَيْنِ بْنِ حَفْصٍ وَقَدْ ذَكَرْتُ حَدِيثَ وَكِيعٍ وَلَيْسَ فِيهِ عَلَى يَسَارِهِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ الرَّحْلِ فرواه مع بن رَجَاءٍ عَنْ إِسْرَائِيلَ عُبَيد اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَمُخَوَّلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنا الْحَسَنُ بْنُ سُفيان، عَن أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عُبَيد اللَّهِ بْنِ مُوسَى.
وَحَدِيثُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَن أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ: لاَ نِكَاحَ إِلا بِوَلِيٍّ الَّذِي رَوَى، عَن أَبِي عَوَانة عَنْهُ فَهُوَ مَعْرُوفٌ بِإِسْرَائِيلَ لا يُوصِلُهُ غَيْرُهُ وَمِنَ الأَئِمَّةِ مَنْ لَمْ يُثْبِتْ فِي هَذَا الْبَابِ إِلا حَدِيثَ إِسْرَائِيلَ هَذَا لِحِفْظِهِ لِحَدِيثِ أَبِي إِسْحَاقَ.
وَسَائِرُ مَا ذَكَرْتُ مِنْ حَدِيثِهِ وَمَا لَمْ أَذْكُرْهُ كُلُّهَا مُحْتَمَلَةٌ وَأَحَادِيثُهُ عَامَّتُهَا مُسْتَقِيمَةٌ، وَهو مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ وَالْحِفْظِ.
حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنا عَبد اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، حَدَّثَنا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ أَبِيهِ أَظُنُّهُ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ فِي كُلِّ شَيْءٍ
حَتَّى فِي التَّرَجُّلِ وَالانْتِعَالِ.
قَالَ الشَّيْخُ: وَلإِسْرَائِيلَ أَخْبَارٌ كَثِيرَةٌ غَيْرَ مَا ذَكَرْتُهُ وَأَضْعَافُهَا عَنِ الشُّيُوخِ الَّذِينَ يَرْوِي عَنْهُمْ وَحَدِيثُهُ الْغَالِبُ عَلَيْهِ الاسْتِقَامَةُ، وَهو مِمَّنْ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ وَيُحْتَجُّ بِهِ.

براء بن معرور

براء بن معرور
توفي على عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
حدثني أحمد بن زهير قال سمعت سعد بن عبد الحميد بن جعفر الأنصاري يقول: البراء بن معرور من الخزرج أول من استقبل القبلة وأول من أوصى بثلث ماله وهو أحد النقباء ليلة العقبة.
- حدثنا سعيد بن يحيى الأموي قال ثني أبي عن محمد بن إسحاق قال ثني معبد بن كعب بن مالك عن أخيه عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه كعب أو غيره أنهم واعدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من العام المقبل [يعني العقبة] قال كعب: حتى إذا كنا بظاهر البيداء قال البراء بن معرور بن صخر بن حنساء بن سيار بن عبيد بن عدي بن كعب بن سلمة وكان كبيرنا وسيدنا: إني قد رأيت رأيا والله ما أدري أتوافقوني عليه أم لا؟ قد رأيت أني لا أجعل هذه البنية مني بظهر - يريد الكعبة - قال: فقلنا: والله لا تفعل وما بلغنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم يصلي إلا إلى الشام وما كنا نصلي إلى غير قبلته قال: فأبينا ذلك عليه، قال: وخرجنا في سفرنا ذلك [فكنا] إذا حانت الصلاة صلى إلى الكعبة وصلينا إلى الشام
حتى قدمنا مكة. قال كعب: قال لي البراء بن معرور: والله ياابن أخي لقد وقع في نفسي مما صنعت في سفري منه شيء.
قال: وكنا لا نعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنا نعرف العباس كان // // يختلف إلينا في التجارة ونراه فخرجنا حتى إذا كنا بالبطحاء لقينا رجلا فسألناه عنه فقال: هل تعرفانه؟ قلنا: لا، قال: هل تعرفان العباس بن عبد المطلب؟ قلنا: نعم، قال: فإذا دخلتم المسجد فانظروا الرجل الذي مع العباس جالس فهو هو تركته الآن معه جالسا قال: فخرجنا حتى جئناه فإذا هو مع العباس فسلمنا عليه وجلسنا إليهما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هل تعرف هذين الرجلين ياعباس؟ " فقال: نعم هذان رجلان من الخزرج، هذا البراء بن معرور، وهو رجل من رجال قومه،
وهذا كعب بن مالك فوالله ما أنسى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: الشاعر؟ قال: نعم، فقال البراء بن معرور: يارسول الله إني قد صنعت في سفري هذا أشياء إني أحب أن ب تجيبني فيها] فإنه قد وقع في نفسي منه شيء إني قد رأيت أن لا أجعل هذه البنية مني بظهر فصليت إليها فعنفني أصحابي وخالفوني حتى وقع في نفسي ما وقع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إما إنك قد كنت على قبلة لأو صبرت عليها ". لم يزده على ذلك.
قال أبو القاسم: وبلغني أن البراء بن معرور توفي قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم
بنحو من شهر فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليه.
وليس للبراء بن معرور مسند.
-

يحيى بن سعيد القطان

- يحيى بن سعيد القطان. يكنى أبا سعيد, مات سنة ثمان وتسعين ومائة.
يحيى بن سعيد القطّان.
* ويحيى بن سعيد لا يحدّث إلا عن الثّقات عنده (السنن الكبرى: 2/ 202).
[يحيى بن سعيد القطان] ومن العلماء الجهابذة النقاد من أهل البصرة من الطبقة الثانية يحيى ابن سعيد القطان
ما ذكر من علم يحيى بن سعيد بناقلة - (2) الأخبار ومعرفته بأحوالهم (3) وبصحة (4) الآثار وسقيمها (5) (102 م) (6)
حدثنا عبد الرحمن قال ذكره ابي نا عبد الرحمن ابن عمر رستة الأصبهاني قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: اختلفوا يوما عند شعبة فقالوا اجعل بيننا وبينك حكما، فقال قد رضيت بالأحول - يعني يحيى بن سعيد القطان - فما برحنا حتى جاء يحيى فتحاكموا [إليه - 7] فقضى على شعبة، فقال [له - 8] شعبة، ومن يطيق نقدك - أو من له مثل نقدك يا أحول.
قال أبو محمد هذه غاية المنزلة إذ اختاره
شعبة من بين أهل العلم ثم بلغ من دالته بنفسه وصلابته في دينه إن قضى على شعبة.
حدثنا عبد الرحمن أنا عبد الله بن أحمد بن حنبل فيما كتب إلي قال قال أبي - يعني أحمد بن حنبل -: ما رأينا مثل يحيى بن سعيد في هذا الشأن - يعني في معرفة الحديث ورواته - هو كان صاحب هذا الشأن، فقلت له ولا هشيم؟ فقال: هشيم شيخ، وما رأينا مثل يحيى - وجعل يرفع أمره جدا.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن حمويه بن الحسن قال سمعت أبا طالب - يعني أحمد بن حميد - قال قال أحمد بن حنبل: لم يكن [في زمان يحيى القطان مثله، كان تعلم من شعبة.
نا محمد بن سعيد المقرئ قال سمعت عبد الرحمن - يعني ابن الحكم بن بشير - يقول: لم يكن - 1] بالبصرة بعد شعبة مثل يحيى بن سعيد - وجعل يثني عليه.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد [بن حنبل - 2] نا علي -
يعني ابن المديني - قال سمعت عبد الرحمن قال قال سفيان: يحيى بن سعيد يريد شقيقا عن عبد الله.
قال أبو محمد - يعني أنه لا يرضى إلا برواية الحفاظ المتقنين.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي قال سئل أحمد بن حنبل عن يحيى ابن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي ووكيع فقال: كان يحيى أبصرهم بالرجال وأنقاهم حديثا - وأظنه قال - واثبتهم.
حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي نا أبو الدرداء عبد العزيز بن مثيب قال سمعت محمد بن الأزهر الجوزجاني قال قلت لاحمد (103 م)
ابن حنبل: لم لا تقول ليحيى بن سعيد قل (1) حدثنا؟ فقال: مثل يحيى يقال له: قل (1) (65 ك) حدثنا؟.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن أحمد بن البراء قال قال علي ابن المديني، كان من بعد سفيان الثوري يحيى بن سعيد القطان، كان يذهب مذهب سفيان الثوري وأصحاب عبد الله بن مسعود.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول: إذا اختلف ابن المبارك ويحيى بن سعيد وسفيان بن عيينة في حديث أخذ يقول يحيى بن سعيد.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو سعيد بن يحيى بن سعيد القطان قال سمعت يزيد بن هارون [يقول وهو - 2] يحدثنا بحديث شريك عن جابر الجعفي فقال: يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي لم اسقطا جابر [الجعفي - 3] ؟ أما يخافان أن يأخذهما في القيامة فيقول لهما لم أسقطتما
عدلي؟ ثم فكر ساعة ثم رفع رأسه فقال: والله ما [ارى - 3] حملهما على ذلك إلا الورع.
قال أبو سعيد رأيت جدي في المنام فقصصت عليه ما سمعت من يزيد بن هارون فلما بلغت ذكر جابر الجعفي قال: سبحان الله لم يكن بعدل.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن أحمد بن البراء قال قال علي [بن عبد الله - 2] ابن المديني: نظرت فإذا الإسناد يدور على ستة، الزهري وعمرو بن دينار وقتادة ويحيى بن أبي كثير وأبي إسحاق - يعني الهمداني - وسليمان الأعمش، ثم صار علم هؤلاء الستة إلى أصحاب الأصناف فممن صنف من أهل الحجاز مالك بن أنس وابن جريح ومحمد بن إسحاق وسفيان بن عيينة، ومن أهل البصرة شعبة وسعيد بن
أبي عروبة وحماد بن سلمة ومعمر وأبو عوانة، ومن أهل الكوفة سفيان الثوري، ومن أهل الشام الأوزاعي، ومن أهل واسط هشيم: ثم صار علم [هؤلاء - 1] الاثني عشر إلى ستة، إلى يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي ووكيع بن الجراح ويحيى بن أبي زائدة ويحيى ابن آدم وعبد الله بن المبارك.
(104 م) باب ما ذكر من كلام يحيى بن سعيد في علل الحديث حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي - يعني ابن
المديني - قال ذكرت (65 د (2) ليحيى بن سعيد حديث أبي إسحاق عن علي بن (3) ربيعة قال: لا أراه سمعه من عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ حدثنا عَبْدُ الرحمن نا صالح [بن أحمد بن حنبل - 1] نا علي قال قلت ليحيى: حديث حماد بن زيد عن أبي عبد الله الشقري عن إبراهيم في العبد يتسرى فقال: بينه [أرى - 1] وبين إبراهيم ثلاثة - أي لم يسمعه من إبراهيم.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح [نا علي - 4] قال عرضت على يحيى ابن سعيد حديث [ابن - 5] أبي عروبة عن محمد بن عبد الرحمن عن سعيد بن المسيب: القضاء ما قضت.
فقال هذا رواه عن البري يعني (6) عثمان عن أبي جابر البياضي.
قال أبو محمد:
وكانا متروكي الحديث (7) .
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت يحيى يقول: لم يسمع قتادة من أبي سنان (1) حديث البدن، قال علي قلت ليحيى: وكيف علمت
ذاك؟ قال سمعنا يعني سنان (2) بن سلمة الهذلي حديث ذؤيب الخزاعي.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سألت يحيى عن أحاديث عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير فضعفها وقال: ليست بصحاح.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال قلت ليحيى إن يزيد بن هارون روى عن حسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلا تزوج امرأة على عمتها؟ فقال يحيى: كنا نعرف حسين المعلم بهذا الحديث مرسلا.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال ذكرت ليحيى حديث ابن أبي عروبة عن قتادة عن أبي مجلز قال: كتب عمر إلى عثمان بن حنيف - الحديث الطويل في الجزية.
فقال يحيى: هذا ملزق، عن أبي مجلز قلت لحيى: ليس هو من صحيح حديث قتادة؟ قال: لا.
حدثنا عبد الرحمن [نا صالح - 3] نا علي اقل ذاكرت يحيى نقض الوتر عن أبي بكر، فقال: ضعيف، إنما هو الحسن عن أبي بكر.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت (105 م) يحيى يقول: كان عند عثمان بن غياث كتاب عن عكرمة فلم يصححه لنا.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت يحيى يقول: كان معي أطراف عوف عن الحسن عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وخلاس
ومحمد عن أبي هريرة أن موسى عليه السلام كان رجلا حييا فقال بنو اسراءيل هو آدر، قال: فسألت عوفا فترك محمدا وقال: خلاس مرسل حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت يحيى قال سمعت الأعمش يحدث بحديث أبي إسحاق شكونا (1) عن حارثة بن مضرب (2) قال علي إنما ذكره يحيى على أن الأعمش كان مضطربا (3) في حديث أبي إسحاق.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت يحيى وذكر عنده شئ يروي عن اسماعيل عن عامل أن المغيرة بن شعبة لما شهد عليه الثلاثة، قال [يحيى - 4] ليس بصحيح.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت يحيى قال كان شعبة يحدث بحديث ابن أبي ليلى عن أبيه عن أبي أيوب في العطاس، قال يحيى حدثنا ابن أبي ليلى قال حدثني أخي عن ابن أبي ليلى (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا عطس أحدكم - قال يحيى فرددته على ابن أبي ليلى غير مرة فقال: عن علي بن أبي طالب.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي (66 ك) قال وسألت يحيى عن حديث التيمي عن أنس في القبلة للصائم؟ فقال: لا شئ، لم يسمعه.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سألت يحيى عن حديث ابن
أبي عروبة عن أبي رجاء عن أبي موسى في القنوت، فقال: لم يسمعه من أبي رجاء [إنما - 1] هذا حديث البراء الغنوي وكأنه لم يرض البراء.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت يحيى يقول: حديث التيمي عن الحسن أن ابن عباس كان يعرف، لم يسمعه من الحسن، كان يقول: رجل عن الحسن، قال يحيى فبلغني أنه رواه عن أبي بكر الهذلي.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال وسمعت يحيى يقول: حديث إسماعيل بن أبي خالد: إذا فجئتك جنازة - ليس هو من صحيح حديثه.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سألت (106 م) يحيى عن حديث عيسى بن أبي عزة عن الشعبي عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم: تقطع اليد في كذا - فضعف الحديث.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت يحيى يقول في حديث ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس في رجل آجر نفسه في الحج - قال: أملى على من حفظه: حدثنا عطاء عن ابن عباس، وكان في كتابه حدثت عن سعيد بن جبير، وقال: عطاء عن ابن عباس، قلت ليحيى تراه (2) حديث مسلم البطين؟ قال: نعم، وليس من صحيح حديثه عن عطاء.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سألت يحيى عن حديث هشام عن يحيى بن أبي كثير عن سوار الكوفي عن ابن مسعود في العزل، قال: شبه لا شئ.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت يحيى وذكر عنده
حديثا (1) الأَعْمَشِ عَنْ حَبِيبٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ: تُصَلِّي الْمُسْتَحَاضَةِ وَإِنْ قَطَرَ الدَّمُ عَلَى الْحَصِيرِ، وَفِي الْقُبْلَةِ - يَعْنِي حَدِيثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَبَّلَ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلاةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ، فَقَالَ يَحْيَى: احْكِ عَنِّي انهما شبه لا شئ.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال قلت ليحيى: أيما أحسن، حديث سفيان أو شعبة عن يحيى بن وثاب في الغسل يوم الجمعة؟ قال: حديث سفيان هو أقرب إلى حديث نافع.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت يحيى يقول حدثنا المسعودي عن رجل عن زيد بن رفيع عن أبي عبيدة عن عبد الله: النجاة في اثنتين، قال يحيى: لم يسمعه المسعودي من زيد بن رفيع.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال قلت ليحيى: قول عامر في طلاق الصبي (66 د) سمعه إسماعيل من عامر؟ قال: لا، قلت ليحيى: سألته عنه؟ قال: نعم - فيما أعلم - فضعفه، قلت ليحيى: فطلاق السكران قول عامر من صحيح حديثه؟ قال: لا، قلت: سألته عنه؟ قال برأسه أي نعم، قلت فلم يصححه؟ قال: لا، قلت: فقول عامر إذا فاته العيد؟
قال: اراه (2) من حديثه، قلت (107 م) سألته عنه؟ قال: لا أدري إلا إني كنت رأيت في كتاب عنة شعبة.
قال قلت ليحيى: فينتظر خفق النعال؟ فضعفه يحيى بن سعيد.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت يحيى يقول: كل شئ حدثنا شعبة عن قتادة عن أنس فهو على السماع من أنس، إلا حديث إقامة الصف، قال قلت ليحيى: شعبة أجمل هذا لك؟ قال: نعم.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت يحيى وذكر له حديث عيسى الحناط عن الشعبي عن ثلاثة عشر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: هو أحق بها ما لم تغتسل - فقال يحيى: والله - فحلف - ما يسرني إني حدثت بهذا الحديث وأني تصدقت بمالي كله.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سألت يحيى عن حديث سُفْيَانَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ في القصار لا يضمن قال: هذا غلط خالف أصحاب إبراهيم منصور وسليمان.
قال يحيى: وكان هشام يوقفه على حماد.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت يحيى يقول: كَانَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ يَقُولُ: حَدِيثُ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم بزق في ثوبه ثم ذلك بَعْضَهُ بِبَعْضٍ، إِنَّمَا رَوَاهُ حُمَيْدٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ.
قَالَ يَحْيَى: وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا هَذَا قَدْ رَوَاهُ قَتَادَةُ عَنْ أنس.
حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ نا صالح نا علي قال سمعت يحيى وقيل له: تحفظ حديث قتادة: أن هذه الحشوش محتضرة؟ قال: لا، فقلت أنا له: كان
شعبة يحدث عن قتادة عن النضر بن أنس عن زيد بن [أرقم - 1) وكان ابن أبي عروبة يحدث عن قتادة عن القاسم بن عوف عن زيد بن أرقم - 2] فقال يحيى: شعبة لو علم أنه عن القاسم بن عوف لم يحمله، [قال علي - 3] قلت لم؟ قال: أنه رآه وتركه.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي (4) قال سمعت يحيى بن سعيد يقول: سعيد بن أبي عروبة لم يسمع التفسير من قتادة.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت يحيى يقول: اخذت
أطراف بحر بن مرار عن عبد الرحمن بن أبي بكرة فسألته عنها فلم يصحح منها (108 م) شيئا، قلت ليحيى: اي شئ منها؟ قال: حديث: شهرا عيد لا ينقصان.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن إبراهيم بن شعيب نا أبو حفص عمرو ابن علي الصيرفي قال سمعت يحيى بن سعيد [القطان - 1] يقول: كتبت عن الاعمش (67 ك) أحاديث عن مجاهد كلها ملزقة لم يسمعها.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن إبراهيم نا عمرو بن علي قال سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول: أحاديث ابن جريج عن ابن أبي مليكة كلها صحاح - وجعل يحدثني بها ويقول ثنا (2) ابن جريج قال حدثني
ابن أبي مليكة فقال في واحد منها: عن ابن أبي مليكة، فقلت: قل (3) حدثني، قال: كلها صحاح.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن إبراهيم بن شعيب نا عمرو بن علي قال سمعت يحيى سئل (4) عن حديث عريف بن درهم الجمال فقال: [روى - 5] حديثا منكرا عن جبلة بن سحيم عن ابن عمر قال: الجزور والبقرة عن سبعة - فتمنع به ثم حدثنا به (6) .
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت يحيى بن سعيد يقول قَالَ مَالِكٌ فِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ عُمَرَ (7) بْنِ عُثْمَانَ يَعْنِي عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم: لا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، فَأَبَى أَنْ يَرْجِعَ، وَقَالَ: قَدْ كَانَ لِعُثْمَانَ ابن يقال له
عُمَرُ، هَذِهِ دَارُهُ.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح [بن أحمد - 1] نا علي [ابن المديني - 1]
قال قلت ليحيى [بن سعيد - 2] :
حملت حديث شعبة عن ابي حمزة (3) عن هلال بن حصن (4) عن أبي سعيد: من استعف؟ فقال يحيى: كان عندي، أخذته من كتاب إسماعيل أو وهيب - يعني عن شعبة عن قتادة عن نصر بن عمران (5) عن هلال بن حصن (4) عن أبي سعيد، فلا ادري سألت شعبة عنه أم لا؟ قال قلت ليحيى (6) لاي شئ تركته؟ هو عندك بإسناد (7) أجود من هذا؟ قال: نعم، من هلال بن حصن (4) ؟ محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي سعيد، وإسماعيل بن مسلم عن أبي المتوكل عن أبي سعيد.
(109 م) قال قلت ليحيى: حديث إسماعيل أجود إسنادا من محمد بن عمرو؟ قال: ما أقربهما.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا حماد بن زاذان أبو زياد القطان قال سألنا يحيى بن سَعِيدٍ عَنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ عَنْ ابي اسحاق عن علي ابن رَبِيعَةَ قَالَ كُنْتُ رِدْفَ عَلِيٍّ.
هذا الحديث لا (8) أدري كيف هو؟ قلت: يرون أن علي بن ربيعة كان ردف على تنكره؟ قال: علي بن ربيعة كان حدثا (9) وما أدري؟ قلت تنكره؟ قال: اي والله - (10) .
باب ما ذكر من كلام يحيى بن سعيد في مراسيل ناقلة الأخبار (1) حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل قال نا علي - يعني ابن المديني - قال قلت (67 د) ليحيى -[يعني - 2] ابن سعيد القطان [أن - 2] الفزاري روى عن ابن أبي خالد عن هلال بن يساف قال سمعت أبا مسعود؟ قال يحيى: أنكر أن يكون هلال سمع من أبي مسعود، وقال يحيى: مات أبو مسعود أيام علي.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علقال سمعت يحيى [يعني - 3] ابن سعيد القطان يقول: مرسلات مجاهد أحب إلي من مرسلات عطاء بكثير، كان عطاء يأخذ عن كل ضرب.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح قال قال (4) على قلت ليحيى بن سعيد: [سعيد - 5] بن المسيب عن أبي بكر؟ قال: ذاك شبه الريح.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت يحيى وقيل له: كان الحسن يقول سمعت عمران بن حصين؟ فقال: أما عن ثقة فلا.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت يحيى يقول: أول
ما طلبت الحديث وقع في يدي كتاب فيه مرسلات عن أبي مجلز فجعلت لا أشتهيها وأنا يومئذ غلام.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت يحيى يقول: مالك عن سعيد بن المسيب أحب إلي [من - 6] سفيان عن إبراهيم، قال
يحيى: وكل ضعيف.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت يحيى يقول: سفيان عن ابراهيم شبه لا شئ لأنه [لو - 1] كان فيه إسناد صاح به.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت يحيى يقول: مرسلات سعيد بن جبير أحب إلي من (110 م) مرسلات عطاء.
قلت مرسلات مجاهد أحب إليك أو مرسلات طاوس؟ قال: ما أقربهما.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت يحيى يقول: مرسلات أبي إسحاق عندي شبه لا شئ والأعمش والتيمي ويحيى بن أبي كثير.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت يحيى يقول: مرسلات ابن عيينة شبه الريح، ثم قال: أي والله وسفيان بن سعيد.
قلت (2) مرسلات مالك بن أنس؟ قال: هي أحب إلي، ثم قال: ليس في القوم
أصح حديثا من مالك.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي: قال يحيى: أما مجاهد عن علي فليس به (3) بأس، قد أسند [عن - 4] ابن أبي ليلى عن علي، وإما عطاء - يعني عن علي - فأخاف أن يكون من كتاب.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت يحيى يقول: مرسلات ابن أبي خالد ليس بشئ، ومرسلات عمرو بن دينار أحب إلي.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال قلت ليحيى بن سعيد: بسر ابن سعيد لقي زيد بن ثابت؟ قال: وما ينكر أن يكون قد لقيه؟.
قلت روى عن أبي صالح عن زيد بن ثابت؟ قال قد روى شقيق (5) عن رجل عن عبد الله.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت يحيى يقول: مرسلات معاوية بن قرة أحب إلى من مرسلات زيد بن أسلم.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن إبراهيم بن شعيب نا عمرو بن علي قال ذكرت ليحيى حديث موسى بن عبيدة عن عمر بن الحكم قال سمعت سعدا يحدث عن النبي (68 ك) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: صلاة في
مسجدي هذا فأنكر أن يكون عمر بن الحكم سمع من سعد، ولم يرض موسى بن عبيدة.
حدثنا عَبْدُ الرحمن نا محمد بن إبراهيم بن شعيب نا عمرو بن علي قال قلت ليحيى بن سَعِيدٍ نا وَكِيعُ نا الْمُغِيرَةُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَيْسَ عَلَى النَّائِمِ جَالِسًا وُضُوءٌ حَتَّى يَضَعَ جَنْبَهُ فَأَنْكَرَهُ وَقَالَ: هَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ حدثنا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عطاء.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن إبراهيم نا عمرو بن علي نا يحيى عن شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الحارث عن علي قال: لا يجد العبد (1) طعم الإيمان حتى (111 م) يؤمن بالقدر خيره وشره وهذا خطأ من شعبة، نا يحيى نا سفيان عن أبي إسحاق عن الحارث عن عبد الله، وهو الصواب.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن إبراهيم نا عمرو بن علي قال سمعت يحيى يقول: كان ابن جريج لا يصحح أنه سمع من الزهري [شيئا - 2] قال فجهدت به في حديث أن ناسا من اليهود غزوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسهم لهم فلم يصحح أنه سمع من الزهري، ولم يسمع ابن جريج من مجاهد إلا حديثا واحدا: فطلقوهن في قبل عدتهن، ولم يسمع ابن جريج من ابن طاوس (3) إلا حديثا في محرم اصاب ذرات قال:
فيها قبضات من طعام، ولم يسمع الحجاج بن أرطاة من الشعبي إلا حديثا: لا تجوز صدقة حتى تقبض.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان الواسطي قال كان يحيى بن سعيد القطان لا يرى إرسال الزهري وقتادة شيئا، ويقول: هو يمنزلة الريح، ويقول: هؤلاء قوم حفاظ كانوا إذا سمعوا الشئ علقوه.
ما ذكر من نفع يحيى بن سعيد [القطان - 1] للإسلام وأهله حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سلمة النيسابوري قال سمعت محمد بن بندار الجرجاني المعروف بالسباك قال قلت لعلي ابن المديني: من أنفع من رأيت للإسلام وأهله؟ قال: ما رأيت أحدا أنفع للإسلام وأهله من يحيى بن سعيد القطان.
ما ذكر من إتقان يحيى بن سعيد [القطان - 1] وتثبته - (2) في الحديث حدثنا عبد الرحمن نا أبو بكر عبد الله بن محمد بن الفضل (68 د) الأسدي قال سمعت أحمد بن حنبل يقول: يحيى بن سعيد القطان إليه المنتهى في التثبت بالبصرة.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل قال قال أبي: يحيى بن سعيد أثبت من هؤلاء - يعني من وكيع وعبد الرحمن ابن مهدي ويزيد بن هارون وأبي نعيم - وقد روى يحيى عن خمسين شيخا ممن روى عنهم سفيان، - قلت (3) كان يكثر عن سفيان؟
قال: إنما كان يتتبع ما لم يكن سمعه فيكتبه.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن (112 م) حمويه بن الحسن قال سمعت أبا طالب قال قال أحمد بن حنبل: ما رأيت [أحدا] أثبت في الحديث من يحيى بن سعيد، ولم يكن في زمان يحيى القطان مثله، كان تعلم من شعبة.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا معاوية بن صالح بن عبيد الله الدمشقي قال قلت ليحيى بن معين: من أثبت شيوخ البصريين؟ قال: يحيى بن سعيد - مع جماعة سماهم.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي قال سألت علي ابن المديني قلت: من أوثق أصحاب الثوري؟ قال: يحيى القطان.
حدثنا عبد الرحمن نا عبد الله بن أحمد بن حنبل فيما كتب إلي قال قال أبي: ما رأينا مثل يحيى بن سعيد (1) في هذا الشأن - يعني في الحديث -، هو كان صاحب هذا الشان، فقت له: ولا هشيم؟ قال: هشيم شيخ، وما رأينا مثل يحيى - وجعل يرفع أمره جدا.

باب ما ذكر من جلالة يحيى بن سعيد عند أهل العلم حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت يحيى بن سعيد قال قال لي شعبة: لولاك ما حدثت - يعني سفيان بن حبيب.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح [بن أحمد بن حنبل - 2] نا علي قال سمعت يحيى يقول: كنت أكتب عن سفيان ههنا وحدي بالبصرة،
وعامة ما كتب عنه ههنا ما كان يبتدئني به.
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن الهسنجاني نا مسدد قال قال يحيى بن سعيد: جاءني أبو أسامة فذهبت معه إلى شعبة فحدثه بأربعين أو خمسين حديثا في فضائل علي، ثم قال: لولا مكانك ما حدثته بحديث.

باب ما ذكر من حفظ يحيى بن سعيد حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا عمرو بن علي قال سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول كنت أنا وخالد - يعني ابن الحارث - ومعاذ - يعني ابن معاذ - وما تقدماني في شئ قط [يعني - 1] من العلم، وكنت أذهب أنا ومعاذ وخالد بن الحارث إلى ابن عون فيخرج فيقعدان ويكتبان وأجئ فاكتبها في البيت.
(113 م) حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي [يعني ابن المديني - 1] قال ذكرت (2) ليحيى أصحاب شعبة فقال: أنا لا أسمي لك أحدا، كان عامتهم يميلها عليهم رجل إلا خالد ومعاذ، قال كنا إذا قمنا من عند شعبة جلس خالد ناحية ومعاذ ناحية فكتب كل واحد منهما بحفظه، وأما أنا فكنت لا اكتب حتى اجئ البيت.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي - يعني ابن المديني - قال قلت ليحيى: أخبرني عن ابن أبي ذئب ومن كنت (3) تحفظه (4) عنه كيف كان يصنع فيه؟ يعني عبد الله بن سلمة الأفطس، قال
كنت أتحفظها (5) وأكتبها ثم ينسخها من كتابي.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول: يحيى بن سعيد القطان حافظ ثقة.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول (69 ك) : يحيى بن سعيد من الثقات (1) الحفاظ.

باب ما ذكر من ملازمة يحيى بن سعيد لشعبة وكثرة اختلافه إليه وتعلمه منه معرفة الحديث حدثنا عبد الرحمن [نا أبي - 2] قال سمعت أبا الوليد الطيالسي قال سمعت يحيى بن سعيد يقول: اختلفت إلى شعبة عشرين سنة.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن حمويه ين الحسن قال سمعت أبا طالب أحمد بن حميد قال قال أحمد بن حنبل: لم يكن في زمان يحيى بن سعيد القطان مثله، كان تعلم من شعبة.

باب ما ذكر من وصف [طلب - 3] يحيى بن سعيد للعلم وصبره عليه حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا سعيد أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد [القطان - 4] يقول قال والدي قال أبو سعيد - يعني يحيى بن سعيد [القطان - 4] :
كنت اخرج من البيت وأنا أطلب الحديث فلا
أرجع إلا بعد العتمة.

باب ما ذكر من معرفة يحيى بن سعيد بتاريخ ناقلة الآثار ورواة الأخبار حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن إبراهيم [بن شعيب - 1] نا عمرو ابن علي قال سمعت أزهر السمان يقول سمعت (114 م) ابن عون يقول قدمت (2) الكوفة سنة إحدى وتسعين (3) وخرجت سنة أربع وتسعين (3) فرأيت عبد الرحمن بن أبي ليلى، ورأيت كردوسا وكان قاضي (4) الجماعة، وكان عمران الخياط ينقل إلي حديث زيد بن وهب - فذكرت هذا ليحيى بن سعيد فأنكره وقال: غلط بعشر سنين، كيف يرى عبد الرحمن بن أبي ليلى وهو فقد في الجماجم؟ قال أبو حفص والجماجم سنة ثمان وثمانين (5) .
قال أبو محمد يعني أن أزهر السمان غلط بعشر سنين كان قدومه [الكوفة - 6] سنة إحدى وثمانين فقال
إحدى وتسعين.
ما ذكر من زهد يحيى [بن سعيد - 7] وورعه حدثنا عبد الرحمن نا أبو سعيد أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد [القطان - 8] قال لم يكن أبو سعيد - يعني جده [يحيى بن سعيد - 9] يمزح ولا (10) يضحك إلا تبسما وما أعلم [أني - 11] رأيته قهقه قط
ولا دخل (69 د) حماما قط ولا اكتحل ولا ادهن وكان يخضب خضابا حسنا كنت أسمعه يقول: ما عسى بقاء رجل لم يبق من أترابه (1) إلا أزهر السمان.
يحيى بن سعيد القطان يكنى أبا سعيد: "بصري", ثقة، نقي الحديث، وكان لا يحدث إلا عن ثقة، وهو أثبت في سفيان من جماعة ذكرهم.
يحيى بن سعيد القطان
قال يحيى بن معين: كان يحدث بحديث يغلط فيه عن سفيان، عن أبى إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن على قال: إذا زادت الإبل على عشرين ومائة يستأنف الفريضة.
قال: وحدث به وكيع عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، وهذا أصح الحديثين.
قال جعفر بن سليمان الضبعى : ثقة. وكان يحيى لا يكتب حديثه. قال: وكان
يحيى يروى عن أبان بن يزيد العطار ومات وهو يروى عنه، وكان لا يروى عن همام وكان همام عندنا أفضل من أبان.
قال: وكان يروى عن قوم ما كانوا يساوون عنده شيئاً. قال: وأخطأ فى حديثه عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: حدثتنى بسرة.
قال ابن المدينى: قال سليمان: العجب من يحيى بن سعيد، يطعن على صرد الحجاج ابن أرطاة، وعلى حماد بن سلمة، وهمام، ويروى عن يحيى بن عبيد الله كتابًا.
قال المؤمل: بلغنى أن يحيى بن سعيد ذكر عنده عمارة بن زاذان فقال: قد رأينا ذاك الصيدلانى.
قال: فأتيته فقلت: بلغنى أنك قلت كذا وكذا، وكان والله خيرًا منك لقد رأيتك فى النوم فقلت: كيف حالك؟ فقال: قد دخلت الجنة ومررت على الصراط فنوديت فلم ألتفت فأدخلت الجنة .
قال ابن المدينى قال يحيى: تركت العلاء بن خالد الأسدى على عمد عين، ثم
كتبت عن سفيان عنه ، وتركت إسماعيل بن عبد الملك وكتبت عن سفيان عنه.
ابن أبى خيثمة قال: رأيت فى كتاب ابن المدينى: كان يحيى بن سعيد ينكر مجاهد سمع عائشة. قال: وكان فى كتابه: سألت يحيى مرسلات مجاهد أحب إليك أم مرسلات طاووس؟ فقال: ما أقربهما .
قال: وقال يحيى: قال شعبة: مجاهد عن على وعطاء، عن على إنما هى من كتاب، فاسترجعت أنا فقلت: يا أبا سعيد سمعت هذا من شعبة. فقال: فيما أعلم. قلت: يشك فيه.
قال: لم أكتبه عندى، ثم قال يحيى من قبله: أما مجاهد عن [ / أ] على فليس به بأس أنه قد اشتد، عن ابن أبى ليلى، عن على وأما عطاء فأخاف أن أقول من كتاب.
قال: فكان يحيى بن معين يأخذ هذا الذى كتبته من كتاب على وينظر فيه كثيرًا ويعجب، وقال لى مرة: إن كان هذا يحيى الذى رأيناه فقد وسوس .
أبو بكر قال: سألت يحيى بن معين، عن أبى هلال الراسبى قال: لا بأس به.
فقلت: إن يحيى بن سعيد لم يكن يرضاه، قال: لن آخذ بكلام يحيى فإن يحيى لم يكن يرضاه حميد الطويل .
ابن أبى خيثمة قال: سمعت يحيى ين معين يقول: قال مرة يحيى القطان عائذ بن نظة وإنما هو عائذ بن نضلة .
قال: وسمعته يقول: حدث يومًا يحيى بن سعيد، عن عوف، عن أبى رجاء، رأيت طلحة غشيه الناس فصحف، فأتيت غندر فقال: أخطأ أستاذك اليوم أنا سمعت عوفًا يحدث عن أبى رجاء، رأيت طلحة وقد غشيه الناس .
قال: وحدثنا عبيد الله بن عمر قال: خالد بن الحرب وعبد الوارث ومعتمر بن سليمان وعبد الله بن داود كلهم لا يستحلون أن يتركوا من الحديث شيئًا إذا حدثوا حدثوا به كله، وإلا لم يحدثوا به، وذكر ابن عيينة ويحيى بن سعيد وعبد الرحمن. فقال: يحرفون الأحاديث .
على قال: ما رأيت فى الحديث أشد من يحيى وكان ربما حدث عن قوم ضعفاء مجالد، وفطر، والأجلح ونحوهم .

شعبة بن الحجاج أبو بسطام الواسطي

شعبة بن الحجاج، أبو بسطام الواسطي
قال البخاري: قال أحمد: روى شعبة عن أبي الأزهر من جهينة وهو صالح بن درهم.
"التاريخ الكبير" 4/ 278

قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة قال: سمعتُ العباس الجريري يحدث عمن سمع ابن عمر يقول: إذا قلت للرجل ما ليس فيه فهي فرية، فإذا قلت ما فيه فهي غيبة.
وقال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة، عن عباس الجريري قال: سمعت أبا عثمان -يعني: النهدي- يحدث عن أبي هريرة أنهم أصابهم جوع، قال: ونحن سبعة، فأعطانا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- سبع تمرات، لكل إنسان تمرة (1).
قال أبي: لا أعلم شعبة حدث عن عباس الجريري إلا هذين الحديثين.
"مسائل صالح" (786)، (787)

وقال صالح: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، قال: سمعت بكر بن وائل يحدث، عن الزهري، عن عبد اللَّه بن ثعلبة بن الأصعر -أو: ابن أبي صعير- قال: كان عمر بن الخطاب إذا صعد المنبر يكلمنا حتى يخطب.
قال أبي: ليس في كتاب غندر، عن شعبة عن بكر بن وائل إلا هذا الحديث.
"مسائل صالح" (799)

وقال صالح: قال أبي: حدثنا يزيد بن هارون، عن شعبة، عن أشعث بن سليم، عن عمرو بن ميمون، عن أبي هريرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أحب أن يجد طعم الإيمان. . " (1).
قال أبي: فقلت ليزيد بن هارون: إنما هو يحيى بن أبي سليم أبو بلج.
قال: سمعته منه ببغداد، وأنا في آخر الناس، ومنه سمعته، أنا أشك فيه، فقال لهم: اجعلوه عن رجل.
"مسائل صالح" (797)
قال صالح: قال أبي: سمع شعبة من يزيد بن البراء بن عازب حديثًا واحدًا.
"مسائل صالح" (891).

وقال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: سألت شعبة: كم سمعت من أبي معشر؟ قال: أربعة بُتر.
"مسائل صالح" (904)

قال صالح: حدثني أبي قال: سمعت يزيد قال: شعبة مولى الأزد عتاقة، قال يزيد: أبو عقيل الذي روى عنه شعبة اسمه هاشم بن بلال.
"الأسامي والكنى" (245)، (246)

قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه ذكر قول شعبة: ما أخاف أن يُدْخلني النّار غيرُه -يعني: الحديث.
فقال: نعلم أنه كان صافي العمل. أو نحو هذا.
"سؤالات الأثرم" (51)

قال أبو داود: وسمعت أحمد قال: كان الحسن بن مسلم بن يناق مات قبل طاوس، وأبوه مسلم بن يناق بقي حتى سمع منه شعبة.
"سؤالات أبي داود" (20)

وقال أبو داود: سمعت أحمد يقول: ما رأيت قومًا سود الرءوس في هذا الشأن مثل أهل البصرة -يعني: الحديث والألفاظ- كأنهم تعلموه من شعبة.
"سؤالات أبي داود" (140)

وقال أبو داود: سمعت أحمد قيل له: إن شعبة قال: قدمت المدينة قبل موت نافع، ولمالك حلقة فأنكره، ابن واحد وعشرين -أي: شيء [. . .] (1).
"سؤالات أبي داود" (199).
وقال أبو داود: سمعت أحمد قال: قال ابن عيينة: شهدت أبا الزبير يُقرأ عليه صحيفة.
وقال: سمعت أحمد، قيل له: شعبة ترك أبا الزبير لهذا؟
قال: لا، كانت معه قصة أخرى.
"سؤالات أبي داود" (213)

وقال أبو داود: سمعت أحمد قال: قال يعلى بن عطاء لشعبة: لا تأخذ عني، عن أبي، وقد أدرك فلانًا وفلانًا.
فقيل لأحمد: فحدث عن أبيه غيره من أصحابه؟
قال: لا.
"سؤالات أبي داود" (242)

وقال أبو داود: سمعت أحمد يقول: زعموا أن آدم كان مكينًا عند شعبة.
"سؤالات أبي داود" (267)

وقال أبو داود: قلت لأحمد: بحير بن سعد؟
قال: ثقة، وزعموا أن شعبة قال لبقية: اكتب إلى أحاديث بحير.
قال أحمد: كان يعجبه الإسناد.
قال أحمد: أي أسانيد منها.
"سؤالات أبي داود" (287)

وقال أبو داود: سمعت أحمد قال: سمع مسكين من شعبة ببغداد.
"سؤالات أبي داود" (317)

وقال أبو داود: سمعت أحمد قال: قال ابن إدريس، هو عبد اللَّه بن إدريس الأودي: قال لي شعبة: كان أبوك يفيدني.
"سؤالات أبي داود" (352)
وقال أبو داود: قلت لأحمد: سيار، فقال: نسبه هشيم مرة، فقال: سيار بن أبي سيار العنزي، روى عنه شعبة نحوًا من ثلاثين حديثًا.
"سؤالات أبي داود" (355)

وقال أبو داود: سمعت أحمد قال: روى شعبة عن سلمة نحوًا من ستين حديثًا.
"سؤالات أبي داود" (364)

وقال أبو داود: سمعت أحمد قال: عثمان الثقفي ثقة الحديث، سمع منه شعبة.
"سؤالات أبي داود" (391)

وقال أبو داود: سمعت أحمد قال: قال وكيع: كان شعبة رفعه إلى علي -يعني: حديث سهمان الخيل. فقيل له: إن سفيان يوقفه على هانئ ابن هانئ، فقال: سفيان أحفظ مني.
"سؤالات أبي داود" (402)

وقال أبو داود: قال أحمد: الأربعة، زائدة، وسفيان، وزهير، وشعبة أراهم متقنين.
"سؤالات أبي داود" (404/ أ)

وقال أبو داود: قلت لأحمد: عمرو بن هرم؟
قال: ثقة، سمع منه شعبة حديثًا.
"سؤالات أبي داود" (447)

وقال أبو داود: قال أحمد: وقد روى شعبة عن معاوية بن قرة، عن شهر.
"سؤالات أبي داود" (536)

وقال أبو داود: سئل أحمد، من الذي قال: تجوزت عن أربعة أحاديث لقتادة؟
قال: شعبة، أحدها أقيموا صفوفكم.
"سؤالات أبي داود" (538)

وقال أبو داود: سمعت أحمد يقول: أخاف أن شعبة لم يكن يقوم على الألفاظ هو ذا يختلف عليه.
"سؤالات أبي داود" (548)

وقال أبو داود: ذكرت لأحمد حديث قيس بن الربيع، عن شعبة، عن خالدٍ الحذاء، عن عبد اللَّه بن شقيق، عن عائشة: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا فاته الأربع قبل الظهر صلاها بعد الظهر (1)، فقال أحمد: يرويه غير واحدٍ ليس يذكرون هذا فيه -يعني: يروون حديث خالدٍ، عن عبد اللَّه بن شقيقٍ: سألت عائشة عن تطوع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (2)، أي: فليس هذا فيه (3).
"مسائل أبي داود" (1876)
وقال أبو داود: سمعت أحمد يقول في حديث يعلى بن عطاء -يعني: عن علي البارقي، عن ابن عمر، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "صلاة الليل والنهار مثنى مثنى" -قال: كان شعبة يفرقه.
"مسائل أبي داود" (1947)

وقال أبو داود: سمعت أحمد قال: قال يحيى: قلتُ لشعبة: سمعت من أبي معشر شيئًا؟ قال: أربعة بتر.
"مسائل أبي داود" (1973)
وقال أبو داود: سمعت أحمد بن محمد بن حنبل يقول: اختلف شعبة وسعيد وهشام في حديث أنس: كان أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- تخفق رءوسهم، ثم يصلون ولا يتوضئون (1)، في اللفظ، وكلهم ثقات.
"مسائل أبي داود" (2014)

وقال أبو داود: سمعت أحمد ذكر حديث شعبة، عن يزيد بن خمير، عن عبد اللَّه بن أبي موسى، عن عائشة: لأن أصوم يومًا من شعبان أحب إلى من أن أفطر يومًا من رمضان (2)، فقال: أخطأ فيه شعبة؛ إنما هو عبد اللَّه بن أبي قيس: روى عنه: معاوية بن صالح، ومحمد بن زياد الألهاني.
وقال أبو داود: قلت لأحمد: الوليد الذي روى عنه شعبة، عن سلمة -أعني ابن كهيل؟
قال: اختلفوا على شعبة قال بعضهم: الوليد، وقال بعضهم: بكار، وقال بعضهم: ولاد، شاب من أهل الكوفة.
قال أحمد: كان شعبة يضطرب فيه -يعني: في اسم الوليد هذا.
"مسائل أبي داود" (2025)

قال ابن هانئ: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: كان شعبة يكرم يحيى بن سعيد، وكان هو وعبد الرزاق ومعاذ إخوانًا.
"مسائل ابن هانئ" (2058)
قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: كان شعبة أكبر من سفيان الثوري، بعشر سنين.
وقال أبو عبد اللَّه: كتب شعبة عن ثلاثين شيخًا بالكوفة، لم يكتب عنهم الثوري.
وقال أبو عبد اللَّه: سمعت غندر -محمد بن جعفر- يقول: لزمت شعبة عشرين سنة، وقال لي غندر: تطاولت يومًا، وشعبة يحدث بحديث، فقال لي: أي ويحك، قد سمعته.
"مسائل ابن هانئ" (2096)

وقال ابن هانئ: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: مات شعبة، سنة ستين ومائة، ومات ابن المبارك، سنة اثنتين وثمانين ومائة.
"مسائل ابن هانئ" (2115)

وقال ابن هانئ: وسمعته يقول: قدم شعبة إلى بغداد، في دين كان على أخيه، فبلغ ذلك سفيان الثوري، فقال الثوري: هذا شعبة قد قدم بغداد، كأنه يعيبه بذلك، قال: فبلغ شعبة قول سفيان، فقال: ليس على أخيه دين.
قال أبو عبد اللَّه: فوصل شعبة بدراهم كثيرة، فأبى أن يقبلها.
"مسائل ابن هانئ" (2117)

وقال ابن هانئ: وسمعته يقول: كان سفيان يقول: كان شعبة يأتيني، فيسألني عن شيء من المناسك.
قال أبو عبد اللَّه: كان شعبة من أوثق الناس.
"مسائل ابن هانئ" (2187)

وقال ابن هانئ: وسمعته يقول: لمن نقل شعبة وحدثه مكتوبًا عندي؛
لأنه كان يحفظ الحديث من في الرجل.
"مسائل ابن هانئ" (2279)

وقال ابن هانئ: قلت لأبي عبد اللَّه: شعبة يقول: نُبيط بن شريط؟
قال: كان في لسانه لثغة، إذا أراد أن يقول: شريط، قال: شييط.
"مسائل ابن هانئ" (2305)

وقال ابن هانئ: وسئل عن حديثٍ حدَّث به أبو عوانة، عن خالد ابن علقمة، فقال: كان شعبة حدث به عن خالد بن عرفطة، فلما أخبر أبو عوانة تابع شعبة، فقال: خالد بن عرفطة، وقال: لعل شعبة أحفظ له مني، فلما قيل له: إن شعبة أخطأ فيه، رجع إلى قوله الأول، فقال: خالد بن علقمة.
"مسائل ابن هانئ" (2373)

وقال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: ما أكثر ما يخطئ شعبة في أسامي الرجال.
"مسائل ابن هانئ" (2374)

وقال ابن هانئ: وسمعته وذكر خطأ شعبة في الأسماء فقال: جعل سلم بن عبد الرحمن، عبد اللَّه بن يزيد.
قيل له: في حديث الشكال (1)؟
قال: نعم.
"مسائل ابن هانئ" (2376)

قال المروذي: قلت: من أصحاب أبي إسحاق المتثبتون؟
قال: شعبة وسفيان.
"العلل" رواية المروذي وغيره (23)
وقال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: أصحاب قتادة، سعيد وهشام وشعبة، إلا أن شعبة لم يبلغ علم هؤلاء. وكان سعيد يكتب كل شيء.
"العلل" رواية المروذي وغيره (35)

وقال: قال أبو عبد اللَّه: كان شعبة يتشدد في التدليس.
"العلل" رواية المروذي وغيره (36)

وقال المروذي: وسئل عن شعبة، عن أبي إسحاق، عن عمر بن أبي حسين، قال: ليس هو عمر، كان شعبة يقلب أسامي الرجال.
"العلل" رواية المروذي وغيره (40)

قال المروذي: قال أحمد: تدري من الحجة؟ شعبة وسفيان حجة.
"العلل" رواية المروذي وغيره (45)

وقال المروذي: قيل له: فزائدة وزهير؟
قال: هؤلاء وسفيان وشعبة وزائدة وزهير هؤلاء الثقات.
"العلل" رواية المروذي وغيره (304)

قال ابن أبي خيثمة: حدثنا أحمد بن حنبل قال: نا حجاج بن محمد، عن شعبة قال: قال لي أيوب السختياني: أنت تحب الإسناد.
"تاريخ ابن أبي خيثمة" (1834)

قال حرب: قال أحمد: روح، عن شعبة، عن ابن أبي بكر، عن أبيه كان ينفر يوم الثاني. وقال عبد الرحمن، عن شعبة قال: سمعت أبا بكر.
قال أبو عبد اللَّه: هذا خطأ؛ لأن شعبة لم يلق أبا بكر، ولم يرو شعبة عن مشايخ المدينة، إلا عن المقبري لقيه بعدما كبر.
"مسائل حرب" ص 450
وقال حرب: قال أحمد: أصحاب قتادة، شعبة وسعيد وهشام، إلا أن شعبة لم يبلغ علم هؤلاء، كان سعيد يكتب كل شيء.
"مسائل حرب" ص 457

وقال حرب: قال أحمد: لم يرو شعبة عن محمد بن عمرو إلا حديثًا واحدًا.
"مسائل حرب" ص 481

قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يزيد بن هارون، عن شعبة، عن أشعث بن سليم، عن عمرو بن ميمون، عن أبي هريرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من أحب أن يجد طعم الإيمان فليحب المرء لا يحبه إلا للَّه" (1).
قال أبي: فقلت ليزيد: أي شيء اسم أبي بلج؟ قال: يحيى بن أبي سليم، قال يزيد: لقد سمعته. فرجع يزيد عنه، وقال: اكتبوه عن رجل.
"العلل" رواية عبد اللَّه (283)، (1237)

قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن جعفر غندر قال: حدثنا شعبة عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن أبي هريرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من أحب أن يجد طعم الإيمان فليحب المرء لا يحبه إلا للَّه" (2).
"العلل" رواية عبد اللَّه (284)
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: سمعت يحيى بن آدم قال: حدث سفيان بهذا الحديث عن حكيم بن جبير، حديث ابن مسعود في المسألة: "من سأل جاء وفي وجهه خدوش أو كدوح" (1)؛ فقال سفيان لعبد اللَّه بن عثمان -يعني: صاحب شعبة: أبو بسطام، يحدث عن حكيم بن جبير؟ فقال عبد اللَّه بن عثمان: لا. فقال سفيان: حدثناه زبيد الإيامي، عن محمد بن عبد الرحمن.
قال أبي: وكان شعبة لا يحدث عن حكيم بن جبير، وكان عبد الرحمن لا يحدثنا عنه، ترك حديثه، وهو أبو جعفر المدايني هو ابن مسور.
"العلل" رواية عبد اللَّه (317)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي، عن قراد أبي نوح، قال: كنت آتي عبد اللَّه ابن عثمان -يعني: صاحب شعبة- فأكتب حديث شعبة، ثم آتي شعبة فأسأله، فيحدثني كما أملي عليّ.
"العلل" رواية عبد اللَّه (380)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: سألت شعبة: كم سمعت من أبي معشر؟ قال: أربعة بتر -يعني: مراسيل.
"العلل" رواية عبد اللَّه (480)، (1270)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن سعيد سمعته يقول: كان شعبة ينكر حديث أبي إسحاق عن أبي الأحوص، عن عبد اللَّه في التسليم عن يمينه وعن شماله (2)، وكان ينكر حديث حماد عن إبراهيم،
عن عبد اللَّه مرفوع (1).
"العلل" رواية عبد اللَّه (532)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو قطن قال: حدثنا شعبة، عن سلمة، عن أبي عمرو الشيباني، عن عبد اللَّه بن مسعود قال: السائبة يضع ماله حيث شاء.
قال أبي: قال أبو قطن: قال شعبة: لم يسمع سفيان هذا -يعني: من سلمة.
قال أبي: وحدثناه وكيع قال: حدثنا شعبة مثله.
"العلل" رواية عبد اللَّه (661)

وقال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: كان شعبة حبس أخوه، فجاء إلى أبي جعفر في شأن أخيه. فقال سفيان: هو ذا شعبة قد جاء إليهم، فبلغ شعبة، فقال: هو لم يحبس أخوه، قال: فأمر له بشيء فلم يأخذه -يعني: شعبة- حتى مات.
"العلل" رواية عبد اللَّه (992)
وقال عبد اللَّه: سألت أبي عن حديث هشيم، عن حصين، عن عمرو ابن مرة، عن علقمة بن وائل، عن أبيه، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الرفع (1). قال: رواه شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن عبد الرحمن اليحصبي، عن وائل عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (2). خالف حصين شعبة.
فقال: شعبة أثبت في عمرو بن مرة من حصين، القول قول شعبة من أين يقع شعبة على أبي البختري، عن عبد الرحمن اليحصبي، عن وائل؟
"العلل" رواية عبد اللَّه (1058)

قال عبد اللَّه: قال أبي: وهؤلاء من روى عنه شعبة، ولم يسمع منهم سفيان: المنهال بن عمرو، وطلحة بن مصرف، والحكم بن عتيبة، وأبو عمر يحيى بن عبيد، وعائذ بن نصيب، وعلي بن مدرك، والوليد ابن العيزار، وعبد الملك بن ميسرة، وعبد اللَّه بن أبي المجالد، وسماك الحنفي، ويزيد بن البراء بن عازب، وعدي بن ثابت، وحيان البارقي، وعقبة بن حريث، وعبد اللَّه بن عبد اللَّه بن جبر، والحر بن الصياح، وأبو المختار الأسدي -سمع من ابن أبي أوفى- وزائدة بن عمير، والعلاء بن بدر، وعلي أبو الأسد، وأبو السفر، ومحل بن خليفة، ويحيى بن الحصين، وسعيد بن أبي بردة، ويزيد بن أبي مريم،
وأبو الهيثم -وليس هو صاحب القصب- وإسماعيل بن رجاء، ونعيم بن أبي هند، ويسير بن الربيع بن عميلة، وهيثم بن حبيب الصيرفي، وحمزة الأعور أبو عمارة بن حمزة، وحجاج المحاربي، وأبو بكر بن حفص، وبشير بن ثابت الأنصاري، ومجزأة بن زاهر، وميسر بن عمران بن عمير، وربيع بن الركين بن الربيع، وجعدة من ولد أم هانئ، وعاصم ابن عمرو البجلي، وعبيد بن الحسن.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1092)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو عامر -عبد الملك بن عمرو- عن شعبة قال: رأيت محمد بن المنتشر، وحبيب بن سالم، والحسن بن أبي الحسن البصري، وقتادة بن دعامة، ومحمد بن زياد، وعمار بن أبي عمار، ومروان الأصفر، وثابت البناني، وأبو عمران الجوني، وعقيل بن طلحة، وعطاء بن أبي ميمونة، ومحمد بن عبد اللَّه ابن أبي يعقوب، وأبو شمر الضبعي، ومسلم القري، وميمون أبو عبد اللَّه، وبديل بن ميسرة، وأبو التياح، وأبو ذبيان خليفة بن كعب، وعبد العزيز بن صهيب، ويزيد بن زاذي عم يزيد بن هارون، وأبو إسرائيل سمع منه في بيت قتادة، ويعلى بن مسلم، وأبو سفيان طلحة بن نافع، ومنصور بن زاذان، وأبو عقيل هاشم بن بلال قاضي واسط، وأبو جمرة الضبعي، وسيار بن سلامة، وعبيد اللَّه بن أبي بكر ابن أنس، وحبيب بن الشهيد، وشعيب بن الحبحاب، وأنس بن سيرين، وشمسية، والأزرق بن قيس، وتميم بن حويص، وهشام بن زيد ابن أنس، وموسى بن أنس، وحميد بن هلال، وأبو نوفل بن أبي عقرب، وخليد بن جعفر، وغيلان بن جرير، ويزيد الرشك، ومعاوية بن
قرة، وإياس بن معاوية، وواصل مولى أبي عيينة، وأبو هارون الغنوي، وخالد بن أبي الصلت، وحبيب بن الزبير، وعمرو بن أبي حكيم، وأبو رجاء محمد بن سيف، وإسحاق بن سويد، وأبو قزعة سويد بن حجير، وغالب التمار، وأوس بن ثابت، وأبو المعلى العطار، وصالح بن أبي سليمان، وقاسم بن أبي أيوب الأعرج، وعياض أبو خالد، والنعمان بن سالم، وجبر بن حبيب، وخبيب بن عبد الرحمن الأنصاري، وحبيب بن زيد الأنصاري، وداود بن فراهيج، وسعيد المقبري، وأبو بكر بن عمرو بن حزم. وقال روح: عن شعبة، عن ابن أبي بكر أن أباه كان ينفر في اليوم الثالث. وزعم عبد الرحمن بن مهدي أنه سمع -يعني: شعبة- من أبي بكر بن حزم. ومحمد بن عبد الرحمن ابن سعد بن زرارة، وأبو زياد الطحان، وأبو الضحاك، وعطاء الخراساني، وحميد بن نافع، والقاسم بن أبي بزة، ومسلم بن يناق، وعبيد اللَّه بن أبي يزيد، وأبو جعفر الخطمي، والعلاء بن عبد الرحمن، ويزيد بن خمير، وسليمان بن عبد الرحمن، وأبو الفيض شامي، وأبو الجودي، وأبو عبد اللَّه الشامي -سمع النعمان بن بشير- وأبو عبد اللَّه العسقلاني، وعبد الرحمن بن العداء -سمع أبا أمامة- وإبراهيم بن ميمون، وبكر بن وائل بن داود ويحيى بن يزيد الهنائي، وعباس الجريري، والقاسم بن مهران -روى عن أبي رافع- وعبد الحميد بن كرديد صاحب الزيادي، والعوام بن مراجم القيسي، وعلي بن الحكم البناني، وعامر الأحول، وموسى السبلاني -أبو سلمة سمع الشعبي- وأبو شعيب سمع طاوسًا وسلمة بن علقمة والجلاس.
قال أبي: وإنما هو أبو الجلاس عقبة بن سيار، ولكن شعبة كذا يقول،
وحذيفة أبو اليمان، وسليمان العطار وعبد اللَّه بن هانئ ابن أخي مطرف، ومنصور الغداني، وأبو مسلمة سعيد بن يزيد، وعبد الخالق بن سلمة، وعثمان بن أبي رواد -أخو عبد العزيز- وأبو أميمة أبان بن تغلب، وأبو النضر شيخ له، وأبو ريحانة -عبد اللَّه بن مطر- ومهند العتكي، وأبو صدقة العجلي، وسوادة القشيري، وغالب القطان، وحميد الأوزاير، ويزيد أبو خالد -وليس هو الدالاني- ومسعود بن علي الشيباني، وأبو الأزهر صالح بن درهم، وعمارة بن عبد اللَّه بن يسار العبسي، وشهاب أبو جعفر، وإبراهيم بن محمد بن حاطب، وعياش الكليبي، ووضاح -سمع جابر بن زيد- ومحمد بن مرة، وأبو علقمة.
حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة قال: سمعت أبا علقمة قال: سألت سعيد بن المسيب عن المعاذة فقال: إذا كانت في قصبة أو في أديم أو في فضة فلا بأس.
وزياد بن مخراق، وأبو صدقة مولى أنس، ونعمان الكسكري، وعبيد اللَّه بن عمران، وحمزة الضبي، والمغيرة بن مالك، وحبيب التميمي، وأبو حمزة جارهم، ومسعود جارهم، وأسامة جارهم، والحسن بن مسلم الهذلي، ومحمد بن ذكوان، وعتاب مولى هرمز، وشرقي، وأبو شرقي، ومشاش، وجراد الضبي، وعاصم قريب لإبراهيم، وعاصم مولى قريبة، وعقبة بن أبي ثبيت الراسبي، وتوبة الهلالي، ونصر عن عطاء، وسفيان بن حسين، وحسين أبو سفيان بن حسين، ومطر الوراق، وحاتم بن أبي صغيرة، وعبد السلام مولى قريش، والجعد أبو عثمان، وعبد اللَّه بن صبيح، وسلم عن ابن أبي الهذيل -وليس سلم بن عبد الرحمن- وعبد الحميد بن واصل، والعوام
ابن حوشب، وعبد الواحد الهالكي، وعمر بن سليمان من ولد عمر بن الخطاب، وسيار بن أبي سيار، -وهو سيار أبو الحكم- ويقال: ابن وردان، وصالح بن مسلم العجلي وشبيل الضبعي، ويحيى بن أبي إسحاق، وعمارة بن أبي حفصة، وأبو عوانة، وهشيم، وابن علية.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1093)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا حماد بن مسعدة قال: قال شعبة: لا تدع حظك من أحسبه.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1152)، (4251)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم قال: حدثنا شعبة قال: قرئ علينا كتاب عمر بن عبد العزيز إلى أهل السواد أن يجمعوا.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1167)، (4342)

وقال عبد اللَّه: قال أبي: أخطأ شعبة في اسم خالد بن علقمة فقال: مالك بن عرفطة. وأخطأ أيضا في سلم بن عبد الرحمن فقال: عبد اللَّه بن يزيد. في حديث الشكال من الخيل (1)، قلب اسمه، وأخطا شعبة في اسم أبي الثورين فقال: أبو السوار، وإنما هو أبو الثورين.
قلت لأبي: من هذا أبو الثورين؟
فقال: رجل من أهل مكة مشهور، اسمه محمد بن عبد الرحمن من قريش.
قلت لأبي: إن عبد الرحمن بن مهدي زعم أن شعبة لم يخطئ في كنيته، فقال: هو السوار؟
قال أبي: عبد الرحمن لا يدري. أو كلمة نحوها.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1210)

وقال عبد اللَّه: ذكرت لأبي حديث مسعر عن عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: كان رجل جالس عند كعب بن عجرة. .، فقال أبي: ليس -يعني: هذا الحديث- عند شعبة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1422)

وقال عبد اللَّه: قال أبي: قال سفيان: قال لي شعبة: ليس أحدث بحديث أجود من ذا -يعني: بحديث علي- كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يحجبه من قراءة القرآن إلا أن يكون جنبًا (1).
"العلل" رواية عبد اللَّه (1556)

وقال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: سمع شعبة من الأعمش ومن أبي
إسحاق قبل سفيان وأقدم، سمع منهم في حياة الحكم بن عتيبة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1580)

وقال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: كان أبو الربيع السمان يحدث بهذا الحديث عن أبي بشر، فقال له: شعبة أنكره عليه، وقال: ليس هذا بشيء، وأنكره عليه، فقال له هشيم: قد سمعته أنا من أبي بشر. قال: إنما هذا حديث المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر، فلما حدث به هشيم سكت.
حدثني أبي قال: حدثناه هشيم قال: أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير قال: خرجت مع ابن عمر من منزله فمررنا بفتيان من قريش قد نصبوا طيرًا وهم يرمونه، وقد جعلوا لصاحب الطير كل خاطئة من نبلهم. قال: فلما رأوا ابن عمر تفرقوا فقال ابن عمر: من فعل هذا؟ لعن اللَّه من فعل هذا، إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لعن من اتخذ شيئًا فيه الروح غرضًا (1).
"العلل" رواية عبد اللَّه (1626)، (1627)

وقال عبد اللَّه: سمعته يقول: سمع شعبة من يزيد بن البراء بن عازب حديثًا واحدًا.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1693)

وقال عبد اللَّه: قرأت على أبي فأقر به: أبو سعيد مولى بني هاشم قال: حدثنا شعبة قال: حدثنا أبو إسحاق، عن سعيد بن جبير قال: تُوفي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وابن عباس ابن خمس عشرة سنة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1714)
وقال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: حديث شعبة كأنه يوافق حديث الزهري، عن عبيد اللَّه، عن ابن عباس: جئت على أتان وقد ناهزت الاحتلام (1).
قال أبي: حدثناه عبد الرحمن عن مالك، عن الزهري، عن عبيد اللَّه، عن ابن عباس (2).
قال أبي: وحدثناه يعقوب، عن ابن أخي الزهري، عن عمه فقال: ناهزت الحُلم (3).
"العلل" رواية عبد اللَّه (1715)

وقال عبد اللَّه: رأيت أبي يختار حديث الزهري ويعجبه، وقال: يوافق حديث شعبة، عن أبي إسحاق.
قال أبي: وابن عباس يقول: بت عند النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (4)، ويروي عنه هذِه الأحاديث، سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1716)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قبض النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأنا ابن عشر سنين مختون، قد قرأت محكم القرآن.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1720)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا سليمان بن داود قال: حدثنا
شعبة، عن أبي إسحاق قال: سمعت سعيد بن جبير يحدث عن ابن عباس قال: توفي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأنا ابن خمس عشرة سنة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1722)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا حجاج بن محمد قال: حدثنا شعبة قال: وجدت منذ أيام في كتابٍ عندي عن منصور، عن مجاهد قال: لم يحتجم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو محرم (1)، قال شعبة: ما أدري كيف كتبته، ولا أذكر أني سمعته.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1799)، (5209)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو داود، عن شعبة قال: كان حماد يقول لي: أنت منا إلا قطرة -يعني: في الإرجاء.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1823)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: أخبرنا عبد الرحمن بن مهدي، عن شعبة، عن عبد اللَّه بن يزيد، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي" (2)، وكان يكره الشكال (3) من الخيل.
قال أبي: هو سلم بن عبد الرحمن (1)، ولكن أخطأ شعبة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1858)، (5695)

وقال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: أخطأ شعبة في حديث علي بن زيد عن يوسف بن مهران، فقال: يوسف بن ماهك، وهو خطا، إنما هو ابن مهران.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1859)

وقال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: كذا قال غندر، وأظن شعبة أخطأ في اسمه في حديث شعبة عن محمد بن إسحاق، عن عمر بن عاصم بن قتادة، عن محمود، عن رافع، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أسفروا بصلاة الصبح" (2).
قال أبي: وإنما هو عاصم بن عمر بن قتادة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1867)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا غندر قال: حدثنا شعبة، عن مصعب، عن الشعبي قال: طلاق الصبيان ليس بشيء.
قال عبد اللَّه: سألت أبي عن مصعب، فقال: ليس هو مصعب بن سليم.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1872)
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: قيل لغندر: كان شعبة يرفعه، قال: كان يرى أنه مرفوع ولكنه كان يهابه -يعني: حديث شعبة عن الحكم، عن القاسم بن مخيمرة، عن شريح بن هانئ، عن علي في المسح.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1880)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا غندر قال: حدثنا شعبة عن حماد، عن إبراهيم قال: ليس بين العبيد قصاص.
قال أبي: وليس هو مما سمعه شعبة من حماد، وكان في نسختنا عن غندر، عن شعبة، عن عبد الخالق أو الهيثم. فلم يقل: وقال: حدثنا عن حماد.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1888)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: حدثنا شعبة عن أبي بكير، عن زياد بن حدير قال: ما رأيت أحدًا أكثر يستاك وهو صائم من عمر.
قال أبي: وإنما هو أبو نهيك، فأخطأ شعبة فيه فقال: أبو بكير.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1903)

وقال عبد اللَّه: قال أبي: في حديث شعبة عن ابن أبي نجيح، عن محمد بن إسماعيل -كذا قال غندر- قال: حدثني من رأى على سعد وطلحة -وذكر ستة أو سبعة من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خواتيم الذهب (1).
قال أبي: وهذا خطأ إنما هو إسماعيل بن محمد.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1918)

وقال عبد اللَّه: قال أبي: ولم يسمع شعبة من طلحة بن مصرف إلا حديثًا واحدًا: "من منح بمنيحة" (1).
"العلل" رواية عبد اللَّه (1919)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا غندر قال: حدثنا شعبة عن سليمان -يعني: الأعمش- عن صالح بن خباب، عن حصين بن سمرة، عن سلمان أنه قال: ما من شيء أحق بطول سجن من لسان.
قال أبي: قال أبو معاوية: عن الأعمش، عن صالح بن خباب
الكيشمي، عن حصين بن عقبة.
قال أبي: أخطأ شعبة فيه، وإنما هو ما قال أبو معاوية حصين بن عقبة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1932)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا غندر قال: حدثنا شعبة عن عمرو بن دينار، عن أبي السوار يقول: سألت ابن عمر عن صوم يوم -يعني: عرفة- فنهى عنه.
قال أبي: وقال ابن عييثة عن عمرو، عن أبي الثورين، أخطأ شعبة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1935)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا غندر قال: حدثنا شعبة قال: سمعت يونس بن عبيد قال: سمعت رجلًا سأل ابن عمر.
قال أبي: إنما هو زياد بن جبير، ولكن أخطأ فقال: يونس بن جبير.
قال عبد اللَّه: لا أدري أخطأ فيه شعبة أو غندر.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1936)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: قال لي كهمس: أنكرناه -يعني: الجريري- أيام الطاعون، قال شعبة: لم يصحب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أحد من بكر بن وائل ولا من بني تميم.
قال أبي: وما يدريه؟ ! حيث قال: لم يصحب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أحد من بكر ابن وائل ولا من بني تميم.
"العلل" رواية عبد اللَّه (2345)

وقال عبد اللَّه: قال أبي: حدثنا يحيى بحديث عياض بن حمار، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في القدر (1)، عن هشام.
قال: وحدثنا يحيى قال: حدثنا شعبة، عن قتادة قال: سمعت مطرفًا في هذا الحديث -يعني: حديث القدر.
"العلل" رواية عبد اللَّه (2469)

وقال عبد اللَّه حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن سعيد عن سليمان -يعني: التيمي- عن أبي عثمان، عن سلمان قال: تدنى الشمس، وقص الحديث: وأما الكفار -أو قال: الآخرون- فإنهم تطبخهم فأما أجوافهم، فتقول: غق.
قال أبي: بلغني أن شعبة كان يقول عن التيمي: عو عو، وإنما هو غق غق.
قال أبي: وكان شعبة ألثغ، فلا أدري صحف في هذا الحرف أم من قبل لثغته.
"العلل" رواية عبد اللَّه (2504)

وقال عبد اللَّه: سمعته يقول: أقام شعبة على الحكم بن عتيبة ثمانية عشر شهرًا، حتى باع جذوع بيته.
"العلل" رواية عبد اللَّه (2515)

وقال عبد اللَّه: قال أبي: شعبة أكبر من سفيان بعشر سنين.
"العلل" رواية عبد اللَّه (2540)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثني يحيى بن سعيد قال: مات سفيان الثوري سنة إحدى وستين في أولها، وشعبة سنة ستين وهو ابن خمس وسبعين.
"العلل" رواية عبد اللَّه (2619)
قال عبد اللَّه: قال أبي: قال يحيى بن سعيد: ما رأيت أحدًا أحسن حديثًا من شعبة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (2630)

وقال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: كان شعبة أمة وحده في هذا الشأن -يعني: في الرجال- وبصره بالحديث وتثبته وتنقيه للرجال.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3557)

وقال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول في حديث شعبة، عن يزيد بن خمير قال: سمعتُ عبد اللَّه بن أبي موسى.
سمعت أبي يقول: يزيد بن خمير صالح الحديث.
قال أبي: عبد اللَّه بن أبي موسى خطأ، أخطأ شعبة، هو عبد اللَّه بن أبي قيس.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3659)، (3660)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن شعبة قال: سألت منصورًا وأيوب عن القراءة. فقالا: جيد -يعني: العرض.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4287)

وقال عبد اللَّه: قال أبي: كان شعبة يقول: فلان حدثنيه يهوى.
قلت لأبي: ما يهوى؟
قال: مرسل.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4342)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا حجاج قال: حدثني شعبة، عن أبي مسلمة سعيد بن يزيد، عن رجل من قومه يقال له: أبو إدريس قال: رأيت على ابن الزبير مظلة. وقال شعبة: ورأيت على أيوب ويونس مظلة، قال شعبة: كان فقهاء أهل البصرة يلبسونها، فرآني يونس بن عبيد
يومًا وليست علي، قال: فأين المظلة؟ قلت: لم ألبسها. قال: لا تدعها.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4629)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى القطان قال: كان شعبة ينكر القنوت في الوتر، وفي الفجر، فيما أعلم، يحيى يقول: وكان ينكر -يعني: شعبة- التسليم عن عبد اللَّه، عن إبراهيم وأبي إسحاق.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4682)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عفان قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: سألت شعبة وسفيان بن سعيد وسفيان بن عيينة، ومالك بن أنس عن: الرجل لا يحفظ أو يتهم في الحديث. قالوا لي جميعًا: بيِّن أمره.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4684)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا روح قال: حدثنا سعيد وعبد الوهاب قال: حدثنا سعيد عن قتادة، عن أبي الطفيل قال: كان معاوية لا يأتي على ركن من أركان البيت إلا استلمه، فقال ابن عباس: إنما كان نبي اللَّه يستلم هذين الركنين.
قال أبي: قال عبد الوهاب: في حديثه الحجر الأسود واليماني، فقال معاوية: ليس من أركانه مهجورًا (1).
حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن شعبة قال: حدثني قتادة عن أبي الطفيل قال: حج ابن عباس ومعاوية فجعل ابن عباس يستلم الأركان كلها، فقال معاوية: إنما استلم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- هذين الركنين
الأيمنين، فقال ابن عباس: ليس من أركانه مهجور (1).
حدثني أبي قال: حدثنا حجاج قال: حدثني شعبة ومحمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة قال: سمعت قتادة يحدث قال: حجاج قال: سمعت أبا الطفيل قال: قدم معاوية وابن عباس فطاف ابن عباس فذكر مثله (2).
وقال حجاج: قال شعبة: الناس يخالفونني في هذا الحديث يقولون: معاوية هو الذي قال: ليس من البيت شيء مهجورًا، ولكني حفظته من قتادة هكذا.
حدثني أبي قال: حدثنا حسن بن موسى قال: حدثنا أبو خيثمة -يعني: زهيرًا- عن عبد اللَّه بن عثمان بن خثيم، عن أبي الطفيل قال: رأيت معاوية يطوف بالبيت عن يساره عبد اللَّه بن عباس وأنا أتلوهما في ظهورهما أسمع كلامهما فطفق معاوية يستلم ركني الحجر، فقال له عبد اللَّه بن عباس: إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يستلم هذين الركنين، فقال معاوية: دعني منك يا ابن عباس، فإنه ليس منها شيء مهجورًا فطفق ابن عباس لا يذره كلما وضع يده على شيء من الركنين، قال له ذاك (3).
"العلل" رواية عبد اللَّه (5403 - 5407)
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن سعيد القطان عن أبي عوانة، عن أبي بشر، عن مجاهد: كره صيد الطير.
"العلل" رواية عبد اللَّه (5430)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: كان شعبة يضعف حديث أبي بشر، عن مجاهد. وقال: حديث الطير هو حديث المنهال.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1271)، (5431)

وقال عبد اللَّه: حدثني محمد بن بشار بندار قال: حدثنا محمد بن أبي عدي، عن شعبة، عن منصور، عن سدوس، عن البراء بن قيس، عن حذيفة قال: ما أبالي إياه مسست أو أذني (1).
سألت أبي عن هذا الحديث، فقال: أخطأ فيه شعبة على منصور، إنما هو منصور عن إياد بن لقيط السدوسي، فأخطأ فقال: سدوس.
"العلل" برواية عبد اللَّه (5489)، (5490)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا سفيان وعبد الرحمن، عن سفيان، عن سماك، عن سويد بن قيس قال: جلبت أنا (ومخرفة) (2) العبدي بزًا من هجر، فأتانا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فساومنا بسراويل وعندنا وزان يزن بالأجرة، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- للوزان:
"زن وارجح" (1) وزاد عبد الرحمن في حديثه ونحن بمنى.
قال أبي: وحدثناه محمد بن جعفر وعبد الرحمن قالا: حدثنا شعبة، عن سماك بن حرب قال: سمعت أبا صفوان. قال ابن جعفر في حديثه: سمعت أبا صفوان مالك بن عميرة (2).
وحدثنا به أبي قال: حدثنا يزيد قال: أخبرنا شعبة عن سماك قال: سمعت أبا صفوان مالك بن عمير الأسدي يقول: بعت من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رجل سراويل. .، فذكر الحديث.
"العلل" رواية عبد اللَّه (5791 - 5793)

قال الفضل بن زياد: سئل أحمد بن حنبل: شعبة أحب إليك حديثًا أو سفيان؟
فقال: شعبة أنبل رجالًا، وأنسق حديثًا.
"المعرفة والتاريخ" 2/ 163، "تاريخ بغداد" 9/ 264، "تهذيب الكمال" 12/ 490

وقال الفضل بن زياد: وسئل عن زهير، وعن زائدة، فقال: هؤلاء
ثقات، شعبة، وزا ئدة، وسفيان، وزهير.
"المعرفة والتاريخ" 2/ 167 - 168

وقال الفضل بن زياد: قلت له: روى شعبة عن موسى بن عبيدة؟
قال: نعم.
فقال: أبو جعفر: يقول شعبة عن أبي عبد العزيز الربذي.
قال: نعم لم يرو عنه شعبة حديثًا منكرًا.
"المعرفة والتاريخ" 2/ 169

قال الفضل: قال أحمد: وأبو عوانة أكثر رواية عن أبي بشر من شعبة وهشيم في جميع الحديث.
"المعرفة والتاريخ" 2/ 169

قال أبو طالب: قلت لأحمد بن حنبل: يقولون: إن شعبة رضي بكتابه، قال: لا ليس هذا بشيء، إنما سمع بالموسم فنسي.
"المعرفة والتاريخ" 2/ 201

قال الفضل بن زياد: وسمعت أبا عبد اللَّه وذكر خطأ شعبة فقال: إنما وهم شعبة في الأسماء، جعل حديث سليمان بن عبد الرحمن عبيد اللَّه بن يزيد، فقال له أبو جعفر: حديث الشكال (1)؟ فقال: نعم.
وسألت أبا عبد اللَّه: من أثبت الناس عندك في أبي إسحاق؟
قال: سفيان وشعبة.
قلت: فالأعمش أحب إليك أو سفيان في أبي إسحاق؟
فقال: سفيان أكثر، وسفيان وشعبة هما أثبت عندنا من الأعمش عن كل من روى عنه، ممن روى عنهم الأعمش.
"المعرفة والتاريخ" 2/ 202 - 203
قال سلمة: حدثنا أحمد قال: سمعت يزيد بن هارون يقول: شعبة مولى الأزد.
وقال سلمة: ثنا أحمد، ثنا أبو قطن قال: قال شعبة: ما أنا بمقيم على شيء أخاف أن يدخلني النار غيره -يعني: الحديث.
وقال سلمة: حدثنا أحمد، حدثنا عفان قال: كنا عند شعبة فجعلوا يقولون: يا أبا بسطام يا أبا بسطام، فقال: واللَّه لا أحدث من قال: يا أبا بسطام يا أبا بسطام، ثم ذكر حديث عوف عن وهب بن منبه قال: المنافق يحب المدح ويكره الذم (1).
"المعرفة والتاريخ" 2/ 284 - 285

قال عبد اللَّه (2): حدثني أبي قال: سمعت يزيد بن هارون يقول: شعبة مولى الأزد.
"مسند ابن الجعد" ص 18

قال البغوي: سمعت أحمد يقول: ثنا يزيد بحديث: ثنا شعبة، عن أشعث بن سليم.
قال: وإنما كان -يعني: الحديث- عن يحيى بن أبي سليم أبي بلج قال: فقال: قد سمعت الحديث (3)، وأنا فيه شاك منذ سمعته، وسمعته
ببغداد -يعني: من شعبة- وكنت في آخر الناس، اجعلوه عن رجل.
"مسائل البغوي" (32)

قال أبو طالب: قال أحمد بن حنبل: شعبة أثبت في الحَكَم من الأعمش وأعلم بحديث الحكم، ولولا شعبة ذهب حديث الحكم. وشعبة أحسن حديثًا من الثوري، لم يكن في زمن شعبة مثله في الحديث، ولا أحسن حديثًا منه، كان قسم له من هذا حظ، وروى عن ثلاثين رجلًا من أهل الكوفة لم يرو عنهم سفيان.
"الجرح والتعديل" 4/ 370، "تهذيب الكمال" 12/ 489 - 490

قال الزعفراني: سمعت أحمد بن حنبل يسأل عفان: أيهما أكثر غلطًا، سفيان أو شعبة؟
قال: شعبة بكثير.
فقال أحمد: في أسماء الرجال.
"الكامل" لابن عدي 1/ 156، "سير أعلام النبلاء" 7/ 247

قال أبو بكر الأثرم سمعت أبا عبد اللَّه يقول: كان شعبة يحفظ، لم يكتب إلا شيئًا قليلًا، وربما وهم في الشيء.
وقال: سبق شعبة الثوري في نحو ثلاثين شيخًا -أراه يعني: من الكوفيين.
"تاريخ بغداد" 9/ 259

قال محمد بن العباس النسائي: سألت أبا عبد اللَّه من أثبت شعبة أو سفيان؟
فقال: كان سفيان رجلًا حافظًا وكان رجلًا صالحًا، وكان شعبة أثبت منه وأنقى رجالًا، وسمع من الحكم قبل سفيان بعشر سنين.
"تاريخ بغداد" 9/ 263، "تهذيب الكمال" 12/ 490

قال الفلاس: سمعت ابن مهدي، حدثنا أبو خلدة، فقال له أحمد بن حنبل: كان ثقة؟
فقال: كان مؤدبًا، وكان خيارًا، الثقة شعبة ومسعر.
"سير أعلام النبلاء" 7/ 173

قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه: أيما أحب إليك في حديث قتادة: سعيد بن أبي عروبة، أو همام، أو شعبة، أو الدستوائي؟ فسمعته يقول: قال عبد الرحمن بن مهدي: سعيد عندي في الصدق مثل قتادة، وشعبة ثبت، ثم همام.
"شرح علل الترمذي" لابن رجب 2/ 504، "بحر الدم" (364)

قال الميموني: قلت لأبي عبد اللَّه: من أكبر في أبي إسحاق؟
قال: ما أجد في نفسي أكبر من شعبة فيه ثم الثوري، قال: وشعبة أقدم سماعًا من سفيان، قلت: وكان أبو إسحاق قد تأخر، قال: إي واللَّه! هؤلاء الصغار -زهير وإسرائيل- يزيدون في الإسناد وفي الكلام.
"شرح علل الترمذي" لابن رجب 2/ 520

ذو الغرة الجهني

ذو الغرة الجهني
ب د ع: ذو الغرة الجهني وقيل: الطائي، وقيل: الهلالي، قيل: اسمه يعيش.
(411) أخبرنا أَبُو يَاسِرِ بْنُ أَبِي حَبَّةَ، بِإِسْنَادِهِ عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ، حدثنا عُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ الضَّبِّيُّ، عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيِّ، عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عن ذِي الْغُرَّةِ، قَالَ: عَرَضَ أَعْرَابِيٌّ لِرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَسِيرُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تُدْرِكُنَا الصَّلاةُ وَنَحْنُ فِي أَعْطَانِ الإِبِلِ، أَنُصَلِّي فِيهَا؟ قَالَ: " لا "، قَالَ: فَنَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِهَا؟ قَالَ: " نَعَمْ "، قَالَ: أَفَنُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ؟ قَالَ: " نَعَمْ ".
قَالَ: فَنَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِهَا؟ قَالَ: " لا ".
رَوَاهُ عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عن حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عن أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ، أَوْ عن الْبَرَاءِ، مِثْلَهُ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: قِيلَ: إِنَّ الْبَرَاءَ كَانَ فِي وَجْهِهِ بَيَاضٌ، أَوْ نَحْوُهُ، فَسُمِّيَ ذَا الْغُرَّةِ وَقَالَ ابْنُ مَاكُولا: قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِنَّ الْبَرَاءَ هُوَ ذُو الْغُرَّةِ، سُمِّيَ بِهِ لِبَيَاضٍ كَانَ فِي وَجْهِهِ، وَهَذَا عِنْدِي فِيهِ نَظَر ٌ، لأَنَّ الْبَرَاءَ لَمْ يَكُنْ طَائِيًّا، وَلا هِلاليًّا، ولا جُهَنِيًّا.
ورواه مُحَمَّد بْن عمران بْن أَبِي ليلى، عن أبيه، عن عبد الرحمن بْن أَبِي ليلى، عن يعيش الجهني، يعرف بذي الغرة، أن أعرابيًا سأل النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الصلاة في أعطان الإبل.
فذكر نحوه.
ورواه الأعمش، عَبْد اللَّهِ بْن عَبْد اللَّهِ، عن عبد الرحمن بْن أَبِي ليلى، عن البراء بْن عازب.
أخرجه الثلاثة.
ذُو الْغُرَّةِ الْجُهَنِيُّ وَقِيلَ: إِنَّ اسْمَهُ يَعِيشُ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ، ثنا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ، ح وَحَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا جَعْفَرٌ الْفِرْيَابِيُّ، ثنا مُوسَى بْنُ يَحْيَى الْمَرْوَزِيُّ، ثنا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنِي عُبَيْدَةُ الضَّبِّيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الرَّازِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ ذِي الْغُرَّةِ، قَالَ: " عَرَضَ أَعْرَابِيٌّ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسِيرُ، فَقَالَ: تُدْرِكُنَا الصَّلَاةُ وَنَحْنُ فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ، نُصَلِّي فِيهَا؟ قَالَ: «لَا» ، قَالَ: فَنَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ» ، قَالَ: فَنُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ؟ قَالَ: «نَعَمْ» ، قَالَ: فنَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِهَا؟ قَالَ: «لَا» رَوَاهُ عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ أَوْ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، مِثْلَهُ وَرَوَاهُ عِيسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، نَحْوَهُ
- حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، فِي جَمَاعَةٍ، قَالُوا: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَضْرَمِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي لَيْلَى، ثنا أَبِي، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عِيسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ يَعِيشَ الْجُهَنِيِّ يُعْرَفُ بِذِي الْغُرَّةِ: أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ؟ فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَقِيلَ: إِنَّ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ كَانَ فِي وَجْهِهِ بَيَاضٌ أَوْ نَحْوُهُ فَسُمِّيَ: ذَا الْغُرَّةِ
ذو الغرة الجهني
ويقَالَ الطائي الهلالي ، روى عنه عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم في النهي عن الصلاة في أعطان الإبل، والأمر بالوضوء من لحومها، وَقَالَ: لا توضئوا من لحوم الغنم، وصلوا في مراحها. ويقَالَ: إن اسم ذي الغرة يعيش، والله أعلم.

ابراهيم بن عمر بن ابان

إبراهيم بن عمر بن أبان بصري سمع أباه يحدث عن عمر وعثمان بن عفان. روى عنه أبو معبد البراد روى عن الزهري حديثاً لم يتابع عليه.
إِبْرَاهِيم بن عمر بن أبان بَصرِي
سمع أَبَاهُ قَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ ضَعِيف الحَدِيث مُنكر وَقَالَ البُخَارِيّ فِي حَدِيثه بعض الْمَنَاكِير وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ روى عَن الزُّهْرِيّ حَدِيثا لم يُتَابع عَلَيْهِ وَهُوَ ضَعِيف
إِبْرَاهِيم بْن عمر بْن أبان
أَخْبَرَناه الْحسن بْن سُفْيَان، قَالَ: ثَنَا أَبُو معشر الْبَراء حَاشِيَة: سقط رجل بَين ابْن سُفْيَان والبراء.
يَقُول إِبْرَاهِيم بْن أَحْمد: إِبْرَاهِيم بْن عمر بْن أبان بْن عمر فِي حَدِيث بعض الْمَنَاكِير.
إِبْرَاهِيم بْن عُمَر بْن أبان عداده فِي أهل الْبَصْرَة يروي عَن أَبِيهِ عَن عَمْرو بْن عُثْمَان روى عَنهُ يُوسُف بن يزي الْبَراء لَيْسَ مِمَّن يحْتَج بِخَبَرِهِ إِذَا انْفَرد وَهُوَ الَّذِي رَوَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَان سَمِعت بن عُمَرَ يَقُولُ بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْبَيْتِ وَعَائِشَةُ وَرَاءَهُ إِذِ اسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ فَدَخَلَ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ فَدَخَلَ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عَلِيٌّ فَدَخَلَ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ فَدَخَلَ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَدَّثُ كَاشِفٌ عَنْ رُكْبَتِهِ فَمَدَّ ثَوْبَهُ عَلَى رُكْبَتِهِ وَقَالَ لامْرَأَتِهِ اسْتَأْخِرِي عَنِّي فَتَحَدَّثُوا سَاعَةً ثُمَّ خَرَجُوا فَقَالَتْ عَائِشَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ دَخَلَ أَبِي وَأَصْحَابُكَ فَلَمْ تُؤَخِّرْنِي عَنْكَ وَلَمْ تُصْلِحْ ثَوْبَكَ عَلَى رُكْبَتِكَ فَقَالَ يَا عَائِشَةُ أَلا اسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلائِكَةُ وَالَّذِي نفس مُحَمَّد
بِيَدِهِ إِنَّ الْمَلائِكَةَ تَسْتَحِي مِنْ عُثْمَانَ كَمَا تَسْتَحِي مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَلَوْ دَخَلَ وَأَنْتِ قَرِيبَةٌ مِنِّي لَمْ يَتَحَدَّثْ وَلَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ حَتَّى يَخْرُجَ أَخْبَرَنَاهُ الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ ثَنَا الْمُقَدَّمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ الْبَرَاءُ ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبَانٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ بن عمر فِي نُسْخَة كتبناه عَنْهُ بِهَذَا الإِسْنَادِ وَرُبَّمَا أَدْخَلَ أَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ فِي الإِسْنَادِ وَرُبَّمَا أَسْقَطَهُ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عمر عَن أَبِيه عَن بن عُمَرَ
إبراهيم بن عُمَر بن أبان.
سمعت مُحَمد بن أَحْمَدَ بْنِ حَمَّادٍ يَقُولُ: إِبْرَاهِيمُ بن عُمَر بن أَبَان روى عنه يوسف البراء، في حديثه بعض المناكير سكتوا عنه قاله البخاري.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ المثنى الموصلي، حَدَّثَنا مُحَمد بن أبي بكر المقدمي، حَدَّثَنا أبو معشر البراء، حَدَّثَنا إبراهيم بن عُمَر بن أَبَان، عنِ ابن شهاب، عن أبيه، عن عَبد الرحمن بن عوف حديث تجهيز عثمان جيش العسرة.
أَخْبَرنا أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ، حَدَّثَنا مُحَمد بن أبي بكر المقدمي، حَدَّثَنا أَبُو مَعْشَرٍ، حَدَّثَنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُمَر بْنِ أَبَان، حَدَّثني أَبِي عَنْ أَبَان بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عَبد اللَّهِ بْنِ عُمَر قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ وَعَائِشَةُ وَرَاءَهُ إِذِ اسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ فَدَخَلَ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَر فَدَخَلَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَدَخَلَ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ فَدَخَلَ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، فَدَخَلَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَدَّثُ كَاشِفًا عَنْ رُكْبَتَيْهِ فَمَدَّ ثَوْبَهُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَقَالَ لامْرَأَتِهِ: اسْتَأْخِرِي عَنِّي، فَتَحَدَّثُوا سَاعَةً ثُمَّ خَرَجُوا، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، دَخَلَ عَلَيْكَ أَصْحَابُكَ فَلَمْ تُصْلِحْ ثَوْبَكَ عَلَى رُكْبَتَيْكَ، ولم تأخرني حَتَّى دَخَلَ عُثْمَانُ؟ فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ، أَلا أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلائِكَةُ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ الْمَلائِكَةَ لَتَسْتَحِي مِنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، كَمَا تَسْتَحِي مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَلَوْ دَخَلَ وأنت قريبة مِنِّي لَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ وَلَمْ يتحدث حتى يخرج.
حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَنا أَبُو مَعْشَرٍ، حَدَّثَنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُمَر، حَدَّثني أَبِي، عَنْ عَبد اللَّهِ بْنِ عُمَر، عَنْ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أَنَّهَا كَانَتْ قَاعِدَةً وَعَائِشَةُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَدِدْتُ أَنَّ مَعِي بَعْضَ أَصْحَابِي يَتَحَدَّثُ، قَالَتْ عَائِشَةُ: أُرْسِلُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ يَتَحَدَّثُ مَعَكَ؟ قَال: لاَ، قَالَتْ حَفْصَةُ: أُرْسِلُ إِلَى عُمَر يَتَحَدَّثُ مَعَكَ؟ قَال: لاَ، وَلَكِنْ أَرْسِلِي إِلَى عُثْمَانَ، فَجَاءَ عُثْمَانُ فَدَخَلَ فَقَامَتَا فَأَرْخَتَا السِّتْرَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُثْمَانَ: إِنَّكَ مَقْتُولٌ مُسْتَشْهِدٌ، فَاصْبِرْ، صَبَّرَكَ اللَّهُ، ولاَ تَخْلَعَنَّ قَمِيصًا قَمَصَّكَ اللَّهُ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ حَتَّى تَلْقَى اللَّهُ، وَهو عَلَيْكَ رَاضٍ، قَالَ عُثْمَانُ: إِنْ دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِي بِالصَّبْرِ، قَالَ: اللَّهُمَّ صَبِّرْهُ، صَبَّرَكَ اللَّهُ، فَإِنَّكَ سَوْف تُسْتَشْهَدُ وَتَمُوتُ وَأَنْتَ صَائِمٌ وَتُفْطِرُ مَعِي.
قَالَ إِبْرَاهِيمُ: وَحَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عَبد الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ؛ أَنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ.
قال الشيخ: وهذه الأحاديث بهذه الأسانيد في فضائل عثمان بن عفان لا يرويها غير إبراهيم بن عُمَر هذا، وعن إبراهيم يروي أبو معشر البراء واسمه يوسف بن يزيد بصري وأحاديثه متقاربة.

ام مبشر الانصارية امراة زيد بن حارثة

أُمُّ مُبَشِّرٍ الْأَنْصَارِيَّةُ امْرَأَةُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، وَقِيلَ: إِنَّهَا بِنْتُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ. رَوَى عَنْهَا: جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَكَعْبُ بْنُ مَالِكٍ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَمُجَاهِدٌ، وَعَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، ح وَحَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، ثنا أَبُو حَصِينٍ، ثنا يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، ح، وَحَدَّثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، قَالُوا: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ، ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أُمِّ مُبَشِّرٍ، امْرَأَةِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ، فَقَالَ: «لَا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ شَهِدَ بَدْرًا وَالْحُدَيْبِيَةَ» فَقَالَتْ حَفْصَةُ: أَلَيْسَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم: 71] ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَمَهْ» {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} [مريم: 72] " رَوَاهُ زَائِدَةُ، وَأَبُو عَوَانَةَ، وَجَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، نَحْوَهُ وَرَوَاهُ أَبُو الْزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ نَحْوَهُ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا، يَقُولُ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ مُبَشِّرٍ، أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عِنْدَ حَفْصَةَ: «لَا يَدْخُلُ النَّارَ إِنْ شَاءَ اللهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ الَّذِينَ بَايَعُوا تَحْتَهَا» فَقَالَتْ حَفْصَةُ: بَلَى، فَانْتَهَرَهَا، فَقَالَتْ حَفْصَةُ: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم: 71] ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قَدْ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا. .} [مريم: 72] الْآيَةُ "
أم مبشر الأنصارية، امرأة زيد بن حارثة
ع س: أم مبشر الأنصارية، امرأة زيد بن حارثة.
قيل: إنها المتقدمة الذكر بنت البراء بن معرور.
وقيل: هي غيرها.
وأخرج أبو نعيم، وأبو موسى هذه غير الأولى بنت البراء، وقد تقدم القول فيها في الأولى.
وقد فرق ابن أبي عاصم أيضا بينهما، جعلهما اثنتين، فذكر في ترجمة بنت البراء فضل من شهد بدراً، وذكر في هذه
(2492) ما أخبرنا به ابن أبي حبة، وأبو الفرج بن أبي الرجاء، بإسنادهما إلى مسلم بن الحجاج: حدثنا قتيبة، حدثنا الليث ح، قال مسلم: وحدثنا محمد بن رمح، أخبرنا الليث، عن أبي الزبير، عن جابر، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل على أم مبشر الأنصارية في نخل لها، فقال لها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من غرس هذا النخيل، أمسلم أم كافر؟ " قالت: بل مسلم، فقال: " لا يغرس مسلم غرساً، ولا يزرع زرعاً، فيأكل منه إنسان أو دابة أو شيء إلا كانت له صدقة " وقد ذكر أحمد بن حنبل في مسنده الحديثين في ترجمة أم مبشر امرأة زيد بن حارثة، إلا أنه لم ينسبها إلى البراء بن معرور، بل قال: أم مبشر، امرأة زيد بن حارثة.
وروى لها الحديثين، وهذا يدل أنه رآهما واحدة، والله أعلم.

ابو بردة بن نيار

أبو بردة بن نيار اسمه هانئ بن نيار بن عقبة ممن شهد بدرا وهو خال البراء بن عازب مات بالمدينة سنة خمس وأربعين
أبو بردة بن نيار ، هانى بن نيار بن عبيد بن كلاب بن غنم بن هبيرة بن ذهل البلوى هذا قول أهل الحديث. وقيل: هانئ بن عمرو، قاله ابن إسحاق . وقيل: بل اسمه الحارث بن عمرو. وقيل: مالك بن هبيرة. ولم يختلفوا أنه من بلى حليف للانصار، كان عقبيًا بدريا. شهد العقبة وشهد بدرا .
أبو بردة بن نيار
ب د ع: أبو بردة هانئ بن نيار وقال ابن إسحاق: هانئ بن عَمْرو.
وروى هشيم، عن الأشعث، عن عدي بن ثابت، عن البراء، قَالَ: مر بي خالي، وهو الحارث بن عَمْرو.
قَالَ أبو عمر: والأكثر ينسبونه هانئ بن نيار بن عَمْرو بن عُبَيْد بن كلاب بن دهما بن غنم بن ذبيان بن هميم بن كاهل بن ذهل بن هني بن بلي بن عَمْرو بن الحاف بن قضاعة، وحلفه فِي بني حارثة من الأنصار، شهد العقبة الثانية مع السبعين، وشهد بدرا، وأحدا والمشاهد كلها مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(1767) أخبرنا عُبَيْد الله بن السمين، بإسناده، عن يونس، عن ابن إسحاق، فِي تسمية من شهد العقبة الثانية: ومن بني حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عَمْرو بن مالك بن الأوس: وَأَبُو بردة بن نيار، واسمه هانئ بن نيار بن عَمْرو بن عُبَيْد بن عَمْرو بن كلاب بن دهمان بن غنم بن ذبيان بن هميم بن كاهل بن ذهل بن هني بن بلي حليف لَهُم
(1768) وبهذا الإسناد فيمن شهد بدرا من بني حارثة بن الحارث، من حلفائهم من بلي: أبو بردة بن نيار، واسمه: هانئ.
لا عقب لَهُ وشهد الفتح، وكانت معه راية بني حارث بن الحارث يوم الفتح، وشهد مع عَليّ بن أبي طالب حروبه، وتوفي أول خلافة معاوية، قاله الواقدي: وقال أيضا: لَمْ يكن مع المسلمين يوم أحد غير فرسين، فرس لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفرس لأبي بردة بن نيار.
أخرجه الثلاثة، وقد تقدم فِي هانئ أكثر من هَذَا.
أبو بردة بن نيار.
اسمه هاني بْن نيار. هَذَا قول أهل الحديث. وقيل:
هاني بْن عَمْرو. هَذَا قول ابْن إِسْحَاق. وقيل: بل اسمه الحارث بْن عَمْرو، وذكره هشيم، عَنِ الأشعث، عَنْ عدي بْن ثابت، عَنِ البراء، قَالَ: مر بي خالي، وَهُوَ الحارث بْن عَمْرو، وَهُوَ أَبُو بردة بْن نيار. وقيل: مالك بْن هبيرة- قاله إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّهِ الخزاعي. ولم يختلفوا أنه من بلىّ، وينسبونه: هاني ابن عَمْرو بْن نيار، والأكثر يقولون: هاني بْن نيار بْن عبيد بْن كلاب بْن غنم بْن هبيرة بْن ذهل بْن هاني بْن بلىّ بن عمرو بن حلوان بن الحالف بْن قضاعة البلوي، حليف للأنصار، لبني حارثة منهم، كان رضى الله عنه عقيبا بدريًا.
وشهد أَبُو بردة بْن نيار العقبة الثانية مَعَ السبعين فِي قول مُوسَى بْن عُقْبَةَ وابن إِسْحَاق والواقدي. وَقَالَ أَبُو معشر: شهد بدرًا وأحدًا وسائر المشاهد، وكانت معه راية بني حارثة فِي غزوة الفتح. قَالَ الْوَاقِدِيّ: توفي فِي أول خلافة معاوية بعد شهوده مَعَ علي حروبه كلها. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: انخذل عَبْد اللَّهِ بْن أبي بْن سلول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فِي حين خروجه إِلَى أحد بثلاثمائة، وبقي رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبعمائة، وَكَانَ المشركون ثلاثة آلاف، والخيل مائتا فارس، والظعن خمس عشرة امرأة، وَكَانَ فِي المشركين سبعمائة دارع، وَكَانَ فِي المسلمين مائة دارع، ولم يكن معهم من الخيل إلا فرسان:
فرس لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفرس لأبي بردة بْن نيار الحارثي- يعني حليفا لهم.
أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ اسْمُهُ هَانِي بْنُ نِيَارِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدِ بْنِ غَنْمٍ وَهُوَ خَالُ الْبَرَاءِ
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادٍ الدَّلَّالُ، نا أَبُو بِلَالٍ الْأَشْعَرِيُّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ: ذَبَحْتُ شَاةً لِبَعْضِ أَهْلِي , وَغَدَوْتُ إِلَى الْمُصَلَّى فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاتَهُ أَخَذْتُ بِيَدِهِ وَقُلْتُ: ذَبَحْتُ شَاةً قَبْلَ الصَّلَاةِ قَالَ: «شَاةُ لَحْمٍ» قُلْتُ: عِنْدِي عَنَاقٌ خَيْرٌ مِنْهَا فَقَالَ: «اذْبَحْهَا وَلَا يَجْزِي عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ»
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، نا هَنَّادٌ، نا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ وَهُوَ ابْنُ نِيَارٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اشْرَبُوا فِي الظُّرُوفِ وَلَا تَسْكَرُوا»
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، وَمُطَيَّنٌ قَالَا: نا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ الْوَاسِطِيُّ، نا شَرِيكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى، عَنِ ابْنِ عُمَيْرٍ أَوْ عُمَيْرِ بْنِ جُمَيْعٍ، عَنْ خَالِهِ أَبِي بُرْدَةَ، وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ , قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْكَسْبِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ أَوْ بَيْعٌ مَبْرُورٌ» حَدَّثَنَاهُ الْحَمَّارُ، نا ابْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ، نا شَرِيكٌ، عَنْ وَائِلٍ التَّيْمِيِّ، عَنْ خَالِهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ
حَدَّثَنَاهُ بِشْرُ بْنُ مُوسَى، نا ابْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ، نا شَرِيكٌ، عَنْ وَائِلٍ، عَنِ التَّيْمِيِّ، عَنْ خَالِهِ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْكَسْبِ أَطْيَبُ قَالَ: «عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ وَبَيْعٌ مَبْرُورٌ»

اسماعيل بن ابراهيم بن مقسم ابو بشر الاسدي ابن علية

إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم، أبو بشر الأسدي مولاهم، ويعرف بابن علية :
من أهل البصرة وأصله كوفي، سمع من أبي التياح الضبعي حديثا واحدا. وروى الكثير عن عبد العزيز بن صهيب وأيوب السختياني، وابن عون، وسليمان التيمي، وداود بن أبي هند، وحميد الطويل، وعبد الله بن أبي نجيح، وسهيل بن أبي صالح،
وليث بن أبي سليم، وغيرهم. حدث عنه ابن جريج، وشعبة، وإبراهيم بن طهمان، وحماد بن زيد، وعبد الرحمن بن مهدي، وَأحمد بْن حَنْبَل، وَيحيى بْن معين، وَعلي ابن المديني، وزهير بن حرب، وداود بن رُشَيْد، وأحمد بن منيع، وبندار بن بشار، ومحمد بن المثنى، ويعقوب الدورقي، والحسن بن عرفة، في آخرين. ولي ابن علية المظالم ببغداد في أيام هارون الرشيد، وحدث بها إلى أن توفي.
أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَهْدِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ المحامليّ- إملاء- حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ الدَّوْرَقِيُّ، حدّثنا ابن عليّة، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ فِرَاسٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثَلاثَةٌ يؤتون أجورهم مَرَّتَيْنِ؛ رَجُلٌ آمَنَ بِالْكِتَابِ الأَوَّلِ وَالْكِتَابِ الآخَرِ، وَرَجُلٌ كَانَتْ لَهُ أَمَةٌ فَأَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَتَزَوَّجَهَا، وَعَبْدٌ مَمْلُوكٌ أَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ وَنَصَحَ لِسَيِّدِهِ»
. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ رِزْقٍ وَمُحَمَّدُ بن الحسين بن الفضيل فِي آخَرِينَ قَالُوا:
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصّفّار، حدّثنا الحسن بن عرفة، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُلَيَّةَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، وَمَا أَسْكَرَ الْفَرَقُ فَالْحَسْوَةُ حَرَامٌ»
. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ إِسْمَاعِيل المحاملي، أخبرنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي، حدّثنا موسى بن سهل، حدّثنا إسماعيل بن عليّة، أَخْبَرَنَا عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَزَعْفَرَ الرَّجُلُ.
أَخْبَرَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بن روح النهرواني، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَابِدٍ الخلال، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَرَاثِيُّ، حدّثنا علي بن الجعد، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُلَيَّةَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ.
قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ التَّزَعْفُرِ.
أَخْبَرَنَا الْحَسَن بْن عَلِيّ الجوهري، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس، أخبرنا أَحْمَد بْن
معروف الخشّاب، حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن فهم، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سعد. قال: إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم مولى عبد الرحمن بن قطبة الأسدي- أسد خزيمة- من أهل الكوفة، وكان مقسم من سبى القيقانية ما بين خراسان وزابلستان، وكان إبراهيم بن مقسم تاجرا من أهل الكوفة، وكان يقدم البصرة بتجارته فيبيع ويرجع، فتخلف فتزوج علية بنت حسان مولاة لبني شيبان- وكانت امرأة نبيلة عاقلة برزة لها دار بالعوقة تعرف بها، وكان صالح المري وغيره من وجوه البصرة وفقهائها يدخلون عليها فتبرز لهم وتحادثهم وتسائلهم، فولدت لإبراهيم إسماعيل سنة عشر ومائة فنسب إليها وأقام بالبصرة، وولدت لإبراهيم بعد إسماعيل ربعي بن إبراهيم، وكان إسماعيل يكنى أبا بشر وكان ثقة ثبتا في الحديث حجة، وقد ولي صدقات البصرة، وولى ببغداد المظالم في آخر خلافة هارون، ونزل هو وولده بغداد، واشترى بها دارا، وتوفي ببغداد ودفن فِي مقابر عَبْد الله بْن مالك، وصلى عليه ابنه إبراهيم بن إسماعيل .
أخبرنا أبو نعيم الحافظ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي، أخبرنا محمّد ابن إسحاق السراج قال: سمعت إسماعيل بن أبي الحارث يقول: حدثنا أحمد بن حنبل. قال: ولد ابن علية سنة عشر ومائة.
أخبرنا أحمد بن أبي جعفر، أخبرنا محمد بن عدي البصري في كتابه، حدثنا أبو عبيد محمد بن علي الآجري قَالَ: سمعت أبا داود سُلَيْمَان بْن الأشعث قال: كان ابن علية يكره أن يقال له ابن علية، هو رجل من أهل الكوفة بزاز هو مولى بني أسد.
قال: وسمعت أبا داود يقول: إسماعيل بن علية ولي المظالم.
أخبرنا أبو الحسين بن بشران- إجازة- أخبرنا دعلج بن أحمد قَالَ: سمعت أحمد ابن سلمة قال: سمعت العلاء بن عمرو يقول: إسماعيل بن إبراهيم يقول: من قال ابن علية فقد اغتابني.
قلت: وزعم علي بن حجر؛ أن علية ليست أمه، وإنما هي جدته أم أمه، وقد سقنا الخبر بذلك في كتاب «الجامع» .
أخبرنا أبو نعيم الحافظ، أخبرنا إبراهيم بن محمّد المزكيّ، أخبرنا محمد بن إسحاق السراج قَالَ: سمعت مؤملا- يعني ابن هشام- يقول: سمعت إسماعيل
يقول: لقيت محمد بن المنكدر وسمعت منه أربعة أحاديث، فقلت: ذا شيخ، فلما قدمت البصرة فإذا أيوب يقول: حدثنا محمد بن المنكدر.
أخبرنا أحمد بن محمد العتيقي، حدّثنا محمّد بن العبّاس الخزاز، حَدَّثَنَا أَبُو أَيُّوبَ سُلَيْمَانُ بْنُ إِسْحَاقَ الْجَلابُ قَالَ: سمعت إبراهيم الحربي يقول: سمعت عبيد الله بن عائشة يقول: قال لي عبد الوارث: أتتني علية بابنها. فقالت: هذا ابني يكون معك ويأخذ بأخلاقك؛ قال: وكان من أجمل غلام بالبصرة، قال: فكنت إذا مررت بقوم جلوس قلت له تقدم، فكنت أجيء بعده إلى المحدث، قال إبراهيم: فخرج [ابن] عليه وأهل البصرة لا يشكون أنه أثبت من عبد الوارث.
أخبرنا عبيد الله بن عمر الواعظ، حدّثنا أبي، حدّثنا محمّد بن مخلد، حدّثنا العبّاس بن محمّد، حدّثني أبو بكر بن أبي الأسود.
وأخبرني الأزهري، حدّثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر الخلال، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أحمد ابن يعقوب، حدّثنا جدي، حدثني أبو بكر بن أبي الأسود قال: سمعت غندرا يقول:
نشأت في الحديث يوم نشأت، وليس أحد يقدم في الحديث على إسماعيل بن عليّة .
أخبرنا ابن الفضل، حَدَّثَنَا عبد اللَّه بْن جعفر بْن درستويه، أخبرنا يعقوب بن سفيان، حدثني محمد- يعنى ابن عبد الرحيم- قال: قال على: ما أقول إن أحدا أثبت في الحديث من إسماعيل. قال علي: قال يحيى: أنا لم أر إسماعيل يطلب الحديث، وكنا نعلم به قد سمع وترك. قال علي: وما رأى عبد الرحمن لإسماعيل كتابا قط.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْبَرْقَانِيُّ قَالَ: قُرِئَ عَلَى أَبِي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن يَحْيَى المزكي- وأنا أسمع- حدثكم أبو العباس السراج قال: سمعت زياد بن أيوب. قال:
ما رأيت لابن علية كتابا قط، وكان يقال: ابن علية يعد الحروف .
أخبرنا أبو نعيم الحافظ، حدّثنا إبراهيم بن يحيى، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن إِسْحَاق الثقفي قَالَ: سمعتُ عبيد الله بن جرير بن جبلة يقول: قال أبو سلمة: قال وهيب: حفظ إسماعيل بن عليّة، وكتاب عبد الوهّاب.
وأخبرنا أبو نعيم، أخبرنا إبراهيم قال: أخبرنا محمد بن إسحاق، حدثنا قتيبة بن سعيد. قال: كانوا يقولون: الحفاظ أربعة؛ إسماعيل بن عليّة، وعبد الوارث، ويزيد ابن زريع، ووهيب .
أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق، أخبرنا عثمان بن أحمد الدّقّاق، حدّثنا حنبل بن إسحاق، حدّثنا علي- وهو ابن المديني- قال: سمعت يحيى يقول: إسماعيل بن علية أثبت من وهيب .
أخبرنا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يعقوب، حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد الرحيم قَالَ: سَمِعْتُ عليا قال: سمعت حاتم بن وردان. قال: كان يحيى وإسماعيل ووهيب وعبد الوهاب يجلسون إلى أيوب، وإذا قاموا جلسوا كلهم حول إسماعيل يسألونه كلهم كيف قال؟ قال: وابن عليّة يرد!.
أخبرنا أحمد بن أبي جعفر، أخبرنا محمد بن عدي البصري- في كتابه- حدثنا أبو عبيد محمد بن علي الآجري قال: سمعت أبا داود يقول: أرواهم عن الجريري إسماعيل بن علية.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِم هِبَةُ اللَّه بْن الْحَسَن بْن مَنْصُور الطبري، أخبرنا علي بن محمّد بن عمر، أخبرنا عبد الرّحمن بن أبي حاتم، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن سنان قَالَ: سَمِعْتُ عَبْد الرحمن بْن مهدي يقول: ابن علية أثبت من هشيم .
أخبرني الأزهري، حدّثنا عبد الرّحمن بن عمر، حدّثنا محمّد بن أحمد بن يعقوب، حدثنا جدي. قال: حدثني الهيثم بن خالد. قال: اجتمع حفاظ أهل البصرة، فقال أهل الكوفة لأهل البصرة: نَحُّوا عنا إسماعيل وهاتوا من شئتم .
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن عثمان التّميميّ- بدمشق- أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ يُوسُفُ بْنُ الْقَاسِمِ الميانجي قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْر بْن أبي داود: سمعت أبي يقول: أخطأ الناس إلا بشر بن المفضل، وإسماعيل بن عليّة .
أَخْبَرَنَا الْبَرْقَانِيّ قَالَ: قرئ عَلَى عُمَر بْن نوح البجلي- وأنا أسمع- سمعت عبد الله ابن سليمان يقول: سمعت أبي يقول: ما أحد من المحدثين إلا وقد أخطأ إلا إسماعيل بن علية، وبشر بن المفضل.
أخبرنا أبو سعد الماليني- قراءة- أخبرنا عبد الله بن عدي الحافظ، أخبرنا الحسن ابن علي بن زفر قال: سمعت عباس بن عبد العظيم يقول: سمعت علي بن المديني يقول: المحدثون صحفوا وأخطئوا ما خلا أربعة: يزيد بن زريع، وابن علية، وبشر بن المفضل، وعبد الوارث بن سعيد.
أخبرنا محمد بن أحمد بن يعقوب، أخبرنا محمّد بن نعيم الضّبيّ، أخبرني يحيى ابن منصور القاضي، حدثنا أحمد بن سلمة قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَد بْن سَعِيد الدارمي يَقُولُ: لا يعرف لابن علية غلط إلا في حديث جابر، حديث المدبر، جعل اسم الغلام اسم المولى، واسم المولى اسم الغلام.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ رِزْقٍ، وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُعَدَّلُ. قَالا:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، حدثنا عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن حنبل قَالَ: قال أبي:
كان حماد بن زيد لا يعبأ إذا خالفه الثقفي ووهيب، وكان يهاب- أو يتهيب- إسماعيل بن عليّة إذا خالفه .
أخبرنا أبو نعيم، حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن يحيى، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن إِسْحَاق الثقفي قَالَ: سمعتُ زياد بن أيوب يقول: سمعت يزيد بن هارون يقول: وذكر حديثا عن حماد بن زيد عن أيوب عن مجاهد. قال: خرجه علينا عليٌّ فقلت له ابن علية رواه عن أيّوب عن مجاهد، قال: خرجه علي، قال: وظن أني قلت ابن عيينة.
فقال: ليس ابن عيينة عندنا في أيوب مثل حماد، فقلت: إنما قلت ابن علية، فقال:
ابن علية! ابن علية! ثم سكت.
أخبرنا الصيمري، حدّثنا علي بن الحسن الرّازيّ، حدّثنا محمّد بن الحسين، حدّثنا أحمد بن زهير، حدثنا يحيى بن معين. قال: سمعت من سأل عبد الرحمن بن مهدي عن إسماعيل بن علية. فقال: ثقة قال أحمد بن زهير: يقال أنه مات ببغداد، ودفن فِي مقابر عَبْد الله بْن مالك.
أَخْبَرَنَا البرقاني، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بن خميرويه الهروي، أخبرنا الحسين بْن إدريس قَالَ: سمعت ابْن عمار يقول: إسماعيل بن علية كنيته أبو بشر، وكان حجة.
قرأت على البرقاني عن محمد بن العباس. قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بن محمد بن مسعدة الفزاري، حدّثنا جعفر بن درستويه [حدّثنا] ابن المرزبان، حدّثنا أحمد ابن مُحَمَّد بْن القاسم بْن محرز قَالَ: سمعت يحيى بن معين يقول: ابن علية كان ثقة مأمونا صدوقا مسلما ورعا تقيا .
أخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق، أخبرنا أبو علي بن الصواف، حدثنا عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن حنبل قَالَ: قال أبي: قال لي زيد بن الحباب: أفدني عن ابن علية؟ قال:
فأتيته بكتب من حديث إسماعيل، فجعل لا يكاد يكتب إلا آراء الرجال- الشيء الصغير- ابن عون عن محمّد، وخالد عن أبي قلابة، ورأى الرجال. ثم ذهب إلى ابن علية فسأله عن تلك الأحاديث، وكان ابن علية يحب إذا سئل أن يسأل عن الأحاديث المسندة أو الإسناد.
أخبرنا البرقاني، أخبرنا عبد الرحمن بن عمر الخلال قال: سمعت أبا بكر بن شيبة يقول: سمعت عَبْد اللَّهِ بْن أَحْمَد بْن حنبل يقول: سمعت أبي يقول: فاتني مالك، فأخلف الله عليّ سفيان بن عيينة، وفاتني حماد بن زيد، فأخلف الله عليّ إسماعيل ابن علية .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَتُّوثِيُّ، وَالحسن بْن أَبِي بَكْر. قَالا: أَخْبَرَنَا أَبُو سهل أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن عبد الله بن زياد القطّان، حَدَّثَنَا عبد الكريم بن الهيثم قال:
سمعت عبيد بن يعيش يقول: سمعت يونس بن بكير يقول: سمعت شعبة يقول: ابن علية سيد المحدثين .
أخبرنا البرقاني. قال: قرأت على زاهر السرخسي حدثكم محمد بن عبد الرحمن الدغولي، حدّثنا عمران بن موسى، حدّثنا أحمد بن إبراهيم، حدثني عفان بن مسلم قال: سمعت حماد بن سلمة يقول: كنا نشبه إسماعيل بن عليّة بشمائل يونس بن عبيد .
قَالَ أَبُو عبد اللَّه- يعني أَحْمَد بْن إبراهيم- أخبرني بعض أصحابنا أن ابن علية لم يضحك منذ عشرين سنة! أنبأنا أَبُو الْحَسَن بْن رزقويه وَأبو الْحُسَيْن بْن بشران. قالا: أخبرنا دعلج بن أحمد قال: سمعت أبا الفضل أحمد بن سلمة النيسابوري قال: سمعت ابن عمرو بن زرارة يقول: صحبت ابن علية أربع عشرة سنة، فما رأيته ضحك فيها، وصحبته سبع سنين فما رأيته تبسم فيها .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ رزق- قراءة- أخبرنا عُثْمَان بْن أَحْمَدَ الدَّقَّاق، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن أحمد بن البراء، حدثنا ابن المديني. قال: بت عند إسماعيل بن علية ليلة، فكان يقرأ ثلث القرآن، وما رأيته ضحك قط.
أخبرنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطيّ، حدثنا أبو الفوارس إبراهيم بن أحمد بن محمّد الفارسيّ، حدثنا أبو الحسين يحيى بن محمد بن قلب، حدّثنا مسبح ابن حاتم، حَدَّثَنَا عبيد الله بن محمد بن حفص بن عائشة، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ؛ أن عبد الله بن المبارك كان يتجر في البز، كان يقول: لولا خمسة ما اتجرت، فقيل له: يا أبا محمد من الخمسة؟ فقال: سفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، والفضيل بن عياض، ومحمد بن السماك، وابن علية، قال: وكان يخرج فيتجر إلى خراسان، فكلما ربح من شيء أخذ القوت للعيال ونفقة الحج، والباقي يصل به إخوانه الخمسة. قال: فقدم سنة فقيل له قد ولي ابن علية القضاء، فلم يأته ولم يصله بالصرة التي كان يصله بها في كل سنة، فبلغ ابن علية أن ابن المبارك قد قدم، فركب إليه فتنكس على رأسه فلم يرفع به عبد الله رأسا، ولم يكلمه فانصرف. فلما كان من غد كتب إليه رقعة: بسم الله الرحمن الرحيم، أسعدك الله بطاعته، وتولاك بحفظه، وحاطك بحياطته، قد كنت منتظرا لبرك وصلتك أتبرك بها، وجئتك أمس فلم تكلمني، ورأيتك واجدا عليّ، فأي شيء رأيت منه؟. فلما وردت الرقعة على عبد الله ابن المبارك دعا بالدواة والقرطاس وقال: يأبَى هذا الرجل إلا أن نقشر له العصا، ثم كتب إليه: بسم الله الرحمن الرّحيم،
يا جاعل الدين له بازيا ... يصطاد أموال المساكين
احتلت للدنيا ولذاتها ... بحيلة تذهب بالدين
فصرت مجنونا بها بعد ما ... كنت دواء للمجانين
أين رواياتك في سردها ... عن ابن عون وابن سيرين
أين رواياتك في سردها ... لترك أبواب السلاطين
إن قلت أكرهت فذا باطل ... زل حمار العلم في الطين
فلما وقف ابن علية على هذه الأبيات قام من مجلس القضاء، فوطئ بساط هارون وقال: يا أمير المؤمنين! الله الله ارحم شيبتي فإني لا أصبر للخطأ، فقال له هارون:
لعل هذا المجنون أغرى عليك؟ فقال: الله الله أنقذني أنقذك الله، فأعفاه من القضاء، فلما اتصل بعبد الله بن المبارك ذلك، وجه إليه بالصرة! أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق، أخبرنا عثمان بن أحمد، حدّثنا محمّد بن أحمد ابن البراء، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ. قَالَ: لما ولي ابن علية صدقات البصرة كتب إليه عبد الله بن المبارك هذه الأبيات:
يا جاعل الدين له بازيا ... يصطاد أموال المساكين
احتلت للدنيا ولذاتها ... بحيلة تذهب بالدين
فصرت مجنونا بها بعد ما ... كنت دواء للمجانين
أين رواياتك والقول في ... إتيان أبواب السلاطين
أين رواياتك في سردها ... عن ابن عون وابن سيرين
إن كنت أكرهت فماذا كذا ... زل حمار العلم في الطين
قال: فجعل ابن عليّة يقرؤها ويبكى.
وقال ابن البراء، أخبرنا علي بن المديني قال: بت عند ابن علية، وما رأيته ضحك بعد توليه صدقات البصرة.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّد بن عبد الله الدّقّاق، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَدَ بن شجاع البخاريّ، أخبرنا خلف بن محمّد الخيام، أخبرنا سهل بن شادويه قَالَ: سمعتُ عليًّا- يعني ابن خشرم- يَقُولُ: قلت لوكيع:
رأيت ابن علية يشرب النبيذ حتى يحمل على الحمار، يحتاج من يرده إلى منزله! إذا
رأيت البصري يشرب فاتهمه، وإذا رأيت الكوفي يشرب فلا تتهمه. قلت: وكيف؟! قال الكوفي يشربه تدينا، والبصري يتركه تدينا.
أخبرنا أبو نعيم الحافظ، حدّثنا إبراهيم بن محمّد المزكيّ، أخبرنا محمد بن إسحاق السراج قَالَ: سمعت علي بن سهل بن المغيرة قال: حدثنا عفّان، حدثنا حماد بن سلمة. قال: ما كنا نشبه شمائل إسماعيل بن علية إلا بشمائل يونس بن عبيد، حتى دخل فيما دخل فيه. قال عفان مرة أخرى: حتى أحدث ما أحدث. قال عفان: وكان ابن علية وهو شاب، من العباد بالبصرة.
قلت: والحدث الذي حفظ على ابن علية؛ شيء يتعلق بالكلام في القرآن.
أخبرنا أحمد بن أبي جعفر، حدّثنا محمّد بن العبّاس الخزاز، حَدَّثَنَا أَبُو أَيُّوبَ سُلَيْمَانُ بْنُ إِسْحَاقَ الْجَلابُ. قَالَ: قال إبراهيم الحربي- وسأله أبو يعقوب فقال- دخل ابن علية على محمد بن هارون فقال له: يا ابن كذا وكذا- أي شتمه- إيش قلت؟ فقال: أنا تائب إلى الله لم أعلم، أخطأت. فقال: إنما كان حدث بهذا الحديث «تجيء البقرة وآل عمران يوم القيامة كأنهما غمامتان- أو غيايتان، أو فرقان من طير صواف- يحاجان عن صاحبهما» . قال فقيل لابن علية، ألهما لسانان؟ قال: نعم، فكيف تكلما! فقيل: إنه يقول القرآن مخلوق، وإنما غلط.
كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ يذكر أن خيثمة بن سليمان القرشي أخبرهم قال: حدثنا أبو بكر يحيى بن أبي طالب. قال: كنا مع أبي سلمة منصور بن سلمة الخزاعي، فأراد أن يحدث عن زهير بن معاوية فسبقه لسانه فقال:
حدّثنا إسماعيل بن علية فقال: لا ولا كرامة أن يكون إسماعيل بن علية مثل زهير، ثم قال: أردت زهيرا، ثم قال: ليس من قارف الذنب كمن لا يقارفه، ثم قال: أنا والله استتبته- يعنى إسماعيل-.
أخبرنا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يعقوب بن سفيان، حَدَّثَنِي الفضل بْن زياد. قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْد اللَّه أَحْمَد بْن حنبل عن وهيب وإسماعيل بن إبراهيم بن علية. قلت: أيهما أحب إليك إذا اختلفا؟ فقال: وهيب، كان عبد الرّحمن ابن مهدي يختار وهيبا على إسماعيل. قلت: في حفظه؟ قال: في كل شيء ما زال
إسماعيل وضيعا من الكلام الذي تكلم به إلى أن مات. قلت: أليس قد رجع وتاب على رءوس الناس؟ فقال: بلى ولكن ما زال مبغضا لأهل الحديث بعد كلامه ذاك إلى أن مات، ولقد بلغني أنه أدخل على محمد بن هارون- ثم قال لي ابن هارون- قلت: نعم أعرفه قال: فلما رآه زحف إليه وجعل محمد يقول له: يا ابن.. يا ابن. تتكلم في القرآن!؟ قال: وجعل إسماعيل يقول له: جعله الله فداه زلة من عالم جعله الله فداه زلة من عالم ردده أبو عبد الله غير مرة وفخم كلامه، كأنه يحكى إسماعيل.
ثم قال لي أبو عبد الله: لعل الله أن يغفر له بها- يعني محمّد بن هارون- ثم ردد الكلام وقال: لعل الله أن يغفر له لإنكاره على إسماعيل. ثم قال: بعد هو ثبت- يعنى إسماعيل- قلت: يا أبا عبد الله إن عبد الوهاب قال: لا يحب قلبي إسماعيل أبدا لقد رأيته في المنام كأن وجهه أسود، فقال أبو عبد الله: عافى الله عبد الوهاب. ثم قال:
كان معنا رجل من الأنصار يختلف، فأدخلني على إسماعيل فلما رآني غضب وقال:
من أدخل هذا عليّ؟ فلم يزل مبغضا لأهل الحديث بعد ذاك الكلام، لقد لزمته عشر سنين إلا أن أغيب، ثم جعل يحرك رأسه كأنه يتلهف ثم قال: وكان لا ينصف في الحديث. قلت: كيف كان لا ينصف؟ قال: كان يحدث بالشفاعات، ما أحسن الإنصاف في كل شيء.
وأخبرنا ابن الفضل، أخبرنا عبد الله، حدثنا يعقوب قال: سمعت سليمان بن حرب يقول: حماد بن زيد في أيوب أكثر من كل من روى عن أيوب. قال: أما عبد الوارث فقد قال: كتبت حديث أيوب بعد موته بحفظي، ومثل هذا يجيء فيه ما يجيء وكان يثني على وهيب بن خالد، إلا أنه يعرض به أنه كان تاجرا قد شغله سوقه. وأما إسماعيل فكان يعرض فيما دخل فيه، فحضرته يوما وكهل من أهل بغداد يكلمه، ويفخم أمر إسماعيل ويعظمه، وسليمان يأبَى عليه، حتى قال: صار إليكم فرخص إليكم في شرب المسكر، وعن من أخذ الأمانة؟ أراد المذاهب، فقال البغدادي: يا أبا أيوب كنت إذا نظرت في وجهه رأيت ذاك الوقار. وإذا نظرت في قفاه رأيت الخشوع، فقال سليمان: وكان ينبغي أن ينسلخ من مجالسة أيوب ويونس وابن عون.
قلت: وقد روى عن ابن علية في القرآن قول أهل الحق.
أخبرنا الحسن بن علي الجوهري، أخبرنا محمّد بن المظفّر الحافظ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ قال: حَدَّثَنَا عبد الصمد بن يزيد مردويه قال: سمعت إسماعيل ابن علية يقول: القرآن كلام الله غير مخلوق.
أخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق، أخبرنا عثمان بن أحمد، حدّثنا حسن بن إسحاق قال: حدثني أبو عبد الله. قال: وابن علية- يعنى ولد- سنة عشر ومائة- سمعته منه. ومات سنة ثلاث وتسعين.
أخبرنا علي بن أَحْمَد الرزاز، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بن الحسن الصواف، حدّثنا بشر بن موسى، حدثنا عمرو بن علي. قال: وولد إسماعيل بن علية سنة عشر ومائة، ومات سنة ثلاث وتسعين.
أخبرنا أبو نعيم الحافظ، حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن يحيى، أخبرنا محمد بن إسحاق السراج قَالَ: سمعت زياد بن أيوب ومحمود بن خداش يقولان: مات ابن علية سنة ثلاث وتسعين .
أخبرنا محمّد بن الحسين بن الفضل، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يعقوب بْن سفيان، حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن فضيل. قال: كنا بمكة سنة ثلاث وتسعين ومائة، فقدم علينا راشد الخفاف فقال: دفنا إسماعيل ابن علية يوم الخميس لخمس أو ست بقين من ذي القعدة، وقال: سرنا تسعة أيام .
أخبرني الأزهري، حدّثنا عبد الرّحمن بن عمر، أَخْبَرَنَا محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة، حدّثنا جدي. قال: إسماعيل بن علية ثبت جدا، توفي يوم الثلاثاء لثلاث عشرة ليلة خلت من ذي القعدة سنة ثلاث وتسعين ومائة، ودفن يوم الأربعاء ببغداد .

خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة

خَالِد بْن زيد بْن كُلَيْب بْن ثَعْلَبَة بْن عَبْد عَوْف بْن غنم بْن مَالك بْن النجار من بني عَمْرو بْن الْخَزْرَج أَبُو أَيُّوب الْأنْصَارِيّ نزل عَلَيْهِ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ قدم الْمَدِينَة مَاتَ فِي زمن مُعَاوِيَة بِأَرْض الرّوم سنة ثِنْتَيْنِ وَخمسين فَقَالَ لَهُم إِذا أَنا مت فقدموني فِي بِلَاد الْعَدو مَا اسْتَطَعْتُم ثمَّ ادفنوني فَمَاتَ وَكَانَ الْمُسلمُونَ على حِصَار الْقُسْطَنْطِينِيَّة فقدموه حَتَّى دفن فِي جَانب حَائِط الْقُسْطَنْطِينِيَّة
وَأمه هِنْد بنت سعيد بْن قيس بْن عَمْرو بْن امْرِئ الْقَيْس بْن مَالك بْن ثَعْلَبَة
خَالِد بن زيد بن كُلَيْب بن ثَعْلَبَة بن عبد عَوْف بن غنم بن مَالك بن النجار أَبُو أَيُّوب الْأنْصَارِيّ الخزرجي شهد القعبة وبدرا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
مَاتَ بِأَرْض الرّوم قَالَ عَمْرو بن عَليّ مَاتَ أَبُو أَيُّوب بقسطنطينية
روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَن أبي بن كَعْب فِي الْوضُوء روى عُرْوَة عَنهُ وَعنهُ هِشَام وَقَالَ أَبُو سَلمَة عَن عُرْوَة عَن أبي أَيُّوب سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
روى عَنهُ مُوسَى بن طَلْحَة فِي الْإِيمَان وَعَطَاء بن يزِيد فِي الْوضُوء وَعُرْوَة بن الزبير وَذكر مَحْمُود بن الرّبيع عَنهُ إنكارا لحَدِيث عتْبَان وَقَالَ مَا أَظن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا قلت فِي الصَّلَاة وَعمر بن ثَابت الخزرجي فِي الصَّوْم وعبد الله بن حنين فِي الْحَج وعبد الله بن يزِيد الخطمي وَأَبُو عبد الرحمن الحبلي وَجَابِر بن سَمُرَة وأفلح مَوْلَاهُ وعبد الرحمن بن أبي ليلى فِي الدُّعَاء وَأَبُو صرمة والبراء بن عَازِب
خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة
أبو أيوب الأنصاري النجاري، من بني غنم بن مالك بن النجار، غلبت عليه كنيته، أمه هند بنت سعد بن عمرو بن امرئ القيس بن مالك بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج الأكبر، شهد العقبة وبدرا وسائر المشاهد، وعليه نزل رَسُول اللَّهِ صلّى الله عليه
وَسَلَّمَ في خروجه من بني عمرو بن عوف حين قدم المدينة مهاجرا من مكة، فلم يزل عنده حتى بنى مسجده في تلك السنة، وبنى مساكنه، ثم انتقل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى مسكنه.
وآخى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين مصعب بن عمير.
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ، قال: حدثنا قاسم بن أصبغ، قال: حدثنا ابْنُ وَضَّاحٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ اللَّيْثِ بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ أَبِي رُهْمٍ السَّمَاعِيِّ أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ الأَنْصَارِيَّ حَدَّثَهُ قَالَ: نَزَل رسول الله صلى الله عليه وسلم في بَيْتِنَا الأَسْفَلِ، وَكُنْتُ فِي الْغُرْفَةِ، فَأُهْرِيقَ مَاءٌ فِي الْغُرْفَةِ، فَقُمْتُ أَنَا وَأُمُّ أَيُّوبَ بِقَطِيفَةٍ نتتبع الْمَاءَ شَفَقَةً أَنْ يَخْلُصَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [مِنْهُ شَيْءٌ] ، وَنَزَلْتُ إلى رسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مُشْفِقٌ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ لَيْسَ يَنْبَغِي أَنْ نَكُونَ فَوْقَكَ، انْتَقِلْ إِلَى الْغُرْفَةِ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَتَاعِهِ أَنْ يُنْقَلَ، وَمَتَاعُهُ قَلِيلٌ ... وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ. وكان أبو أيوب الأنصاري مع علي بن أبي طالب في حروبه كلها، ثم مات بالقسطنطينية من بلاد الروم في زمن معاوية، وكانت غزاته تلك تحت راية يزيد، هو كان أميرهم يومئذ، وذلك سنة خمسين أو إحدى وخمسين من التاريخ.
وقيل: بل كانت سنة اثنتين وخمسين، وهو الأكثر في غزوة يزيد القسطنطينية.
حدثنا سعيد بن نصر، قال: حدثنا قاسم بن أصبغ، قال: حدثنا محمد بن
وَضَّاحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ عَنْ أَشْيَاخِهِ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ أَنَّهُ خَرَجَ غَازِيًا فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ فَمَرِضَ، فَلَمَّا ثَقُلَ قَالَ لأَصْحَابِهِ:
إِذَا أَنَا مِتُّ فَاحْمِلُونِي، فَإِذَا صَافَفْتُمُ الْعَدُوَّ فَادْفِنُونِي تَحْتَ أَقْدَامِكُمْ فَفَعَلُوا ...
وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ.
وقبر أبي أيوب قرب سورها معلوم إلى اليوم معظم يستسقون به فيسقون، وقد ذكرنا طرفا من أخباره في باب كنيته.
خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة بن عبد عوف بن غنم بن مالك بن النجار
أبو أيوب الأنصاري الخزرجي الذي نزل عليه النبي عليه السلام لما قدم المدينة، شهد بدرًا وأحدًا والعقبة، مات بالقسطنطينية سنة اثنتين وخمسين زمن يزيد بن معاوية.
أخبرنا محمد بن يعقوب، قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار، قال: حدثنا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق: في تسمية من شهد بدرًا من بني النجار: أبو أيوب خالد بن زيد.
أخبرنا محمد بن أحمد بن محبوب، قال: حدثنا سعيد بن مسعود، قال: حدثنا النظر بن شميل، ح: وأخبرنا أحمد بن محمد بن زياد، قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد الحارثي، قال: حدثنا يحيى بن سعيد القطان، ح: وحدثنا خيثمة بن سليمان، قال: حدثنا عبد الملك بن محمد الرقاشي، قال: حدثنا حجاج بن نصير.
قال خيثمة: وحدثنا عبد الرحمن بن مرزوق، قال: حدثنا عثمان بن عمر، قالوا: حدثنا شعبة، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، عن البراء بن عازب، عن أبي أيوب، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما غربت الشمس فسمع صوتًا، فقال: يهود تعذب في قبورها.
أخبرنا أحمد بن الحسن بن عتبة، قال: حدثنا عبد الله بن عيسى، قال: حدثنا إبراهيم بن المنذر، قال:
وأبو أيوب هو خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة بن عبد عوف بن غنم، نزل عليه النبي صلى الله عليه وسلم حين هاجر إلى المدينة، ومات بالقسطنطينية عام غزا يزيد بن معاوية بأصل سور المدينة لما نزل به الموت، جاء يزيد فسأله ما حاجتك؟ فقال: تعمق حفرتي وتغبي قبري ما استطعت، مات سنة اثنتين وخمسين.
أخبرنا سعيد بن يزيد الحمصي، قال: حدثنا أبو عتبة أحمد بن الفرج، قال: حدثنا بقية بن الوليد، قال: حدثنا بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن جبير بن نفير، عن أبي أيوب الأنصاري، أنه قال: إن الأنصار اقترعوا أيهم يأوي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرعهم أبو أيوب، فنزل عنده، فكان إذا أهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم طعام أهداه إلى أبي أيوب، قال فقال له: هلم، فوجد قصعة فيها بقل وبصل، فأرسل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاطلع أبو أيوب إلى رسول الله، فقال: ما منعك الذي كان في القصعة التي أهديت لك؟ قال: رأيت فيها بصلا، فقال أبو أيوب: أفلا تحل البصل؟ فقال: بلى، فكلوه، ثم أرسل إليه فقال: يغشاني مالا يغشاكم.
رواه شعبة وغيره، عن سماك بن حرب، عن جابر بن سمرة، عن
أبي أيوب.
أخبرنا أحمد بن الحسن بن عتبة، قال: حدثنا روح بن الفرج، قال: حدثنا سعيد بن عفير، قال: أخبرنا عبد الله بن عقبة، ح: وحدثنا عبد الرحمن بن أحمد بن يونس، قال: حدثنا إبراهيم بن عمرو بن ثور، قال: حدثنا أحمد بن صالح، قال: حدثنا عبد الله بن وهب، قال: حدثنا حيوة بن شريح، جميعا عن الوليد بن أبي الوليد، أن أيوب بن خالد بن أبي أيوب الأنصاري حدثه، عن أبيه، عن جده أبي أيوب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: أكتم الخطبة، ثم توضأ وضوءك للصلاة، ثم أحمد ربك ومجده، ثم قل: اللهم إنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، إن رأيت لي في فلانة، تسميها باسمها، خيرًا لي في ديني ودنياي وآخرتي فاقض لي، أو قال: فاقدرها لي.
هذا حديث غريب لا يعرف إلا من هذا الوجه، وهكذا نسبه الوليد بن أبي الوليد.
وقال عبد الرحمن بن يونس: أيوب هذا هو ابن خالد بن صفوان، وجده أبو أيوب من قبل أمه.
خَالِد بن زيد بن كُلَيْب بن ثَعْلَبَة أَبُو أَيُّوب الْأنْصَارِيّ النجاري الخزرجي الْمدنِي ثمَّ الشَّامي شهد بَدْرًا سمع النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَن أبي بن كَعْب رَوَى عَنهُ الْبَراء بن عَازِب وَعُرْوَة بن الزبير ومُوسَى بن طَلْحَة وَعَطَاء بن يزِيد فِي الْوضُوء وَغير
مَوضِع مَاتَ فِي زمن يزِيد بن مُعَاوِيَة وَيُقَال فِي زمن عبد الْملك بن مَرْوَان وَقَالَ الْخَلِيفَة مَاتَ بِأَرْض الشَّام سنة خمسين وَذَلِكَ فِي زمن مُعَاوِيَة وَقَالَ ابْن نمير مَاتَ بِأَرْض الرّوم فِي زمن مُعَاوِيَة وَقَالَ عَمْرو بن عَلّي وَأَبُو عِيسَى مَاتَ سنة 52 قَالَ الذهلي قَالَ يَحْيَى بن بكير مَاتَ بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ سنة 52 فِي غَزْوَة يزِيد بن مُعَاوِيَة وَزعم مُجَاهِد اأَنه حضر دفن أبي أَيُّوب بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ وَقَالَ الْوَاقِدِيّ والهيثم بن عدي نَحْو قَول ابْن بكير إِلَى قَوْله يزِيد بن مُعَاوِيَة

عمار بن ياسر بن عامر

عمار بن ياسر بن عامر بن مالك بن كنانة بن مالك كنيته أبو اليقظان قتل بصفين مع علي بن أبى طالب سنة سبع وثلاثين وله ثلاث وتسعون سنة وكان قد قال له النبي صلى الله عليه وسلم يا بن سمية يقتلك الفئة الباغية
عمار بن ياسر بن عامر
ابن مالك بن كنانة بن قيس بن الحصين بن الوذيم بن ثعلبة بن عوف بن حارثة بن عامر بن الأكبر بن تامر بن عنس وهو زيد بن مالك بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب ابن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان أبو اليقظان العنسي، مولى بني مخزوم، صاحب سيدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قديم إسلامه، طويلة صحبته. شهد بدراً والمشاهد بعدها، وقدم مع عمر الجابية. وأمه سمية بنت خباط، أمةٌ لبني مخزوم. شهد الجمل وصفين، وقتل يوم صفين مع علي بن أبي طالب.
حدث عمار بن ياسر عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:
" من كان ذا وجهين في الدنيا كان له لسانان من نار يوم القيامة ".
حدث محمد بن عمار بن ياسر قال: رأيت أبي عمار بن ياسر صلى بعد المغرب ست ركعات، فقلت: يا أبه، ما هذه الصلاة؟ فقال: رأيت حبيبي صلّى الله عليه وسلّم صلى بعد المغرب ست ركعات ثم قال: من صلى بعد المغرب ست ركعات غفرت له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر.
وكان ياسر بن عامر قدم وأخواه الحارث ومالك من اليمن إلى مكة يطلبون أخاً لهم، فرجع الحارث ومالك إلى اليمن وأقام ياسر بمكة، وحالف أبا حذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وزوّجه أبو حذيفة أمةً له يقال لها: سمية بنت خباط، فولدت له عماراً، فأعتقه أبو حذيفة، ولم يزل ياسر وعمار مع أبي حذيفة إلى أن مات،
وجاء الله بالإسلام، فأسلم ياسر وسمية وعمار وأخوه عبد الله بن ياسر، وكان لياسر ابن آخر أكبر من عمار وعبد الله يقال له حريث قتله بنو الدئل في الجاهلية، وخلف على سمية بعد ياسر الأزرق، وكان رومياً غلاماص للحارث بن كلدة الثقفي، وهو ممن خرج يوم الطائف إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم مع عبيد أهل الطائف، وفيهم أبو بكرة فأعتقهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فولدت سمية للأزرق سلمة بن الأزرق، وهو أخو عمار لأمه، ثم ادعى ولد سلمة وعمر وعقبة بني الأزرق أن الأزرق بن عمرو بن الحارث بن أبي شمر من غسان، وأنه حليف لبني أمية، وشرفوا بمكة، وتزوج الأزرق، وولده في بني أمية، وكان له منهم أولاد. وكان بنو الأزرق في أول أمرهم يدّعون أنهم من بني تغلب ثم من بني عكبّ، فأفسدتهم خزاعة ودعوهم إلى اليمن، وزينوا لهم ذلك، وقالوا: أنتم لا يغسل عنكم ذكر الروم إلا أن تدّعوا أنكم من غسان، فانتموا إلى غسان بعد.
قال ابن الكلبي: هو من عنس بن زيد بن مذحج، من السابقين الأولين، والمعذبين في الله، ذو الهجرتين، مختلف في هجرته إلى الحبشة، بدريّ، لم يشهد بدراً ابن مؤمنين غيره، وكانت سمية أول شهيدة في الإسلام طعنها أبو جهل بحربة في قبلها فقتلها وهي سمية بنت سلم بن لحي. وكان آدم، طوالاً، أصلع، في مقدم رأسه شعرات، وفي مؤخره شعرات، مجدّع الأنف، سماه النبي صلّى الله عليه وسلّم الطيّب الطيّب، ورحّب به وقال: ملئ إيماناً إلى مشاشه، وضرب خاصرته وقال: هذه خاصرة مؤمنة، وقال: من حقر عماراً حقره الله. شهد المشاهد كلها، بعثه عمر بن الخطاب إلى الكوفة أميراً، وقتل مع علي بصفين سنة سبع وثلاثين، وهو ابن نيف وتسعين سنة. ومرّ النبي صلّى الله عليه وسلّم بعمار وأبيه وأمه وهم يعذّبون فقال: اصبروا آل ياسر، فإن موعدكم الجنة. ونزل فيه آيات من القرآن، فمن ذلك أن المشركين أخذوه وعذبوه حتى سبّ النبي صلّى الله عليه وسلّم ثم جاءه وذكر ذلك له فأنزل الله فيه " إلاً من أكره وقلبه مطمئنٌّ بالإيمان " الآية. وآخى سيدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بينه وبين حذيفة بن اليمان.
وقال عمار: كنت ترباً لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم لسنّه، لم يكن أقرب به سناً مني.
قال عبد الله بن سلمة: رأيت عماراً يوم صفين شيخاً كبيراً، آدم، طوالاً، أخذ الحربة بيده، ويده ترعد فقال: والذي نفسي بيده لقد قاتلت بهذه الراية مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثلاث مرات وهذه الرابعة، والذي نفسي بيده لو ضربونا حتى يبلغوا بنا سعفات هجر لعرفت أن مصلحتنا على الحق وأنهم على الضلالة، وقال أبو بكر: على الباطل.
قال سليط بن سليط الحنفي: كنت مع علي بن أبي طالب، وأنا يومئذٍ حدث السن، ولحداثتي لا أعرف عماراً، فبينا أنا ذات يوم قاعد بالكناسة إذ خرج علينا رجل آدم، طوال، جعد الشعر، فيه حبشية، فسلّم ثم تأمّل الناس، قال: " ومن آياته أن خلقكم من ترابٍ ثمّ إذا أنتم بشرٌ تنتشرون " ما أحسن أن يقول العبد: سبحان الله، عدد كلّ ما خلق، فقلت كما قال، ثم انصرف، فوصفت صفته، فقالوا: هذه صفة عمار، أو قالوا: هذا عمار.
وكان عمار آدم، طوالاً، مضطرباً، أشهل العينين، بعيد ما بين المنكبين، لا يغير شيبه.
قال عمار بن ياسر: لقد رأيت النبي صلّى الله عليه وسلّم وما معه إلا خمسة أعبد وامرأتان وأبو بكر.
قال عمار بن ياسر:
لقيت صهيب بن سنان على باب دار الأرقم، ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيها، فقلت له: ما تريد؟ قال لي: ما تريد أنت؟ فقلت: أردت أن أدخل على محمد فأسمع كلامه، قال: وأنا أريد ذلك، فدخلنا عليه، فعرض علينا الإسلام، فأسلمنا، ثم مكثنا يومنا على ذلك حتى أمسينا، ثم خرجنا ونحن مستخفون. فكان إسلام عمار وصهيب بعد بضعة وثلاثين رجلاً.
قال مجاهد: أول من أظهر إسلامه سبعة: رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأبو بكر، وبلال، وخبّاب، وصهيب وعمار، وسمية أم عمار.
وفي رواية: والمقداد، ولم يذكر خباب.
فأما رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فمنعه الله بعمّه، وأما أبو بكر فمنعه الله بقومه، وأما الآخرون فأخذهم المشكرون فألبسهم أدارع الحديد، وصهروهم في الشمس، حتى بلغ الجهد منهم كلّ مبلغ، حتى جعل يسيل منهم الصديد، فأعطوهم ما سألوا، فجاء إلى كل رجل منهم قومه فأنطاع الأدم فيها الماء، فألقوهم فيها ثم حملوا بجوانبه إلا بلال. فلما كان العشيّ جاء أبو جهل، فجعل يشتم سمية ويرفث وفي رواية: فجاء أبو جهل عدو الله بحربته، فجعل يبوك بها في قبل سمية حتى قتلها، وكانت أول شهيدة قتلت في الإسلام إلا بلال، فإنه هانت عليه نفسه في الله عزّ وجلّ، فجعلوا في عنقه حبلاً، ثم أمروا صبيانهم فاشتدوا به بين أخشبي مكة، وجعل يقول: أحد أحد.
قال شيبان: فقال القوم ما أرادوا منهم غير بلال. فلما أعياهم كتفوه، وجعلوا في عنقه حبلاً من ليف، وأعطوه غلمانهم، فجعلوا يجرونه بمكة، ويلعبون. فلما أعياهم وأملّهم تركوه، فقال عمار: كلنا قد قال ما أريد منه غير بلال هانت عليه نفسه في الله، ولكن الله تداركنا منه برحمة.
قال عروة بن الزبير: كان عمار بن ياسر من المستضعفين الذين يعذّبون بمكة ليرجع عن دينه، والمستضعفون قوم لا عشائر لهم بمكة، وليست هم منعة ولا قوة، فكانت قريش تعذبهم في الرمضاء بأنصاف النهار ليرجعوا عن دينهم.
قال عمر بن الحكم: كان عمار بن ياسر يعذّب حتى لا يدري ما يقول، وكان صهيب يعذب حتى لا يدري ما يقولن وكان أبو فكيه يعذّب حتى لا يدري ما يقول، وبلال وعامر بن فهيرة وقوم من المسلمين وفيهم نزلت هذه الآية " والّذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا ".
وعن عثمان قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول لعمار ولأبيه ولأمه وهم بمكة والمشركون يعذبونهم: " صبراً آل ياسر، فإن موعدكم الجنة ".
وفي رواية أخرى: " اللهم، اغفر لآل ياسر وقد فعلت ".
قال مسدّد: ولم يكن من المهاجرين أحد أبواه مسلمان غير عمار بن ياسر. قالوا: وهذا وهم من مسدّد، فإن أبوي أبي بكر كانا مسلمين: أبو قحافة وأم الخير.
وعن عمرو بن ميمون قال: عذب المشركون عماراً بالنار، فكان النبي صلّى الله عليه وسلّم يمرّ به، فيمرّ يده على رأسه، ويقول: " يا نار كوني برداً وسلاماً على عمار كما كنت على إبراهيم، تقتلك الفئة الباغية ".
قال محمد بن كعب القرظي: أخبرني من رأى عمار بن ياسر متجرداً من سراويل، قال: فنظرت إلى ظهره فيه خيط كبير، فقلت: ما هذا؟ قال: هذا مما كانت تعذبني به قريش في رمضاء مكة.
وعن محمد بن عمار بن ياسر قال: أخذ المشركون عماراً فلم يتركوه حتى سبّ النبي صلّى الله عليه وسلّم وذكر آلهتهم بخيرفتركوه، فقال
له النبي صلّى الله عليه وسلّم: " يا عمار، ما وراءك؟ " قال: شرٌّ يا رسول الله، ما تركت حتى نلت منك، وذكرت آلهتهم، فقال: " فكيف تجد قلبك؟ " قال: مطمئناً بالإيمان قال: " إن عادوا فعد ". قال: فأنزل الله عزّ وجلّ " من كفر بالله من بعد إيمانه إلاّ من أكره وقلبه مطمئنٌّ بالإيمان " قال: ذاك عمار بن ياسر " ولكن من شرح بالكفر صدراً " عبد الله بن أبي سرح.
وعن محمد أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لقي عماراً، وهو يبكي، فجعل يمسح عن عينيه ويقول: " أخذك الكفار، فغطوك في النار، فقلت كذا وكذا، فإن عادوا فقل ذاك لهم ".
وعن قتادة: في قوله عزّ وجلّ " من كفر بالله من بعد إيمانه إلاّ من أكره وقلبه مطمئنٌّ بالإيمان " قال: ذكر لنا أنها نزلت في عمار. أخذه بنو المغيرة، فغطوه في بئر ميمون حتى أمسى، فقالوا: أكفر بمحمد، وأشرك، فتابعهم على ذلك، وقلبه كاره، فأنزل الله هذه الآية " ولكن من شرح بالكفر صدراً " يقول: من أتاه على خيار استحباباً له فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم.
قال ابن إسحاق: وبلغني أن عمار بن ياسر قال وهو يذكر بلال بن رباح وأمه حمامة وأصحابه، وما كانوا فيه من البلاء وعتاقة أبي بكر إياهم فقال: الطويل
جزى الله خيراً عن بلالٍ وصحبه ... عتيقاً وأخزى فاكهاً وأبا جهل
عشية همّا في بلالٍ بسوءةٍ ... ولم يحذروا ما يحذر المرء ذو العقل
بتوحيده ربّ الأنام وقوله: ... شهدت بأنّ الله ربّي على مهل
فإن يقتلوني يقتلوني ولم أكن ... لأشرك بالرحمن من خيفة القتل
فيا ربّ إبراهيم والعبد يونسٍ ... وموسى وعيسى نجّني ثم لا تمل
لمن ظلّ يهوى الغيّ من آل غالبٍ ... على غير برٍّ كان منه ولا عدل
وعن عكرمة " وأنذر به الّذين يخافون أن يحشروا إلى ربّهم " قال: جاء آل شيبة وعتبة ابنا ربيعة ونفرٌ معهما سمّاهم أبا طالب فقالوا: لو أن ابن أخيك محمداً يطرد موالينا وحلفاءنا، فإنما هم عبيدنا وعسفاؤنا كان أعظم في صدورنا، وأطوع له عندنا، فأتى أبو طالب النبي صلّى الله عليه وسلّم فحدثه بالذي كلموه، فانزل الله عزّ وجلّ " وأنذر به الّذين يخافون أن يحشروا إلى ربّهم ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ " قال: وكانوا بلالاً وعمار بن ياسر مولى حذيفة بن الغيرة، وسالم مولى أبي حذيفة بن عتبة، وصبيحاً مولى أسيد، ومن الحلفاء ابن مسعود، والمقداد بن عمرو وغيرهم.
وعن ابن جريج " ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلاّ قليلٌ منهم " في عبد الله بن مسعود، وعمار بن ياسر عن عكرمة.
وعن ابن عباس في قوله: " أمن هو قانتٌ آناء اللّيل ساجداً وقائماً " قال: نزلت في عمار بن ياسر.
وعن مجاهد في قوله: " ما لنا لا نرى رجالاً كنّا نعدّهم من الأشرار " قال: يقول أبو جهل في النار: أين عمار، أين بلال؟.
وعن عكرمة في قوله: " أفمن يلقى في النّار خيرٌ أم من يأتي آمناً يوم القيامة " قال: نزلت في عمار بن ياسر وفي أبي جهل.
وقال: في أبي جهل وعمار " أومن كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في النّاس كمن مثله في الظّلمات ليس بخارجٍ منها ".
وعن القاسم قال: أول من أفشى القرآن بمكة من في رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عبد الله بن مسعود، وأول من بنى مسجداً يصلى فيه عمار بن ياسر، وأول من أذّن للمسلمين بلال، وأول من عدا به فرسه في سبيل الله المقداد بن الأسود، وأول من رمى بسهم رمى به سعد بن أبي وقاص، وأول من قتل من المسلمين يوم بدر مهجع مولى عمر بن الخطاب، وأول حيّ ألفوا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جهينة، وأول حيّ أدوا الصدقات من قبل أنفسهم طائعين بنو عذرة بن سعد.
وفي حديث غيره: وأول من تغنّى بالحجاز المصطلق أبو خزاعة، وإنما سمي المصطلق لحسن صوته.
قال البراء: كان أول من قدم علينا من المهاجرين مصعب بن عمير أخو عبد الدار بن قصي، فقلت له: ما فعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ قال: هو مكانه، وأصحابه على أثري، ثم أتانا بعده عمرو بن أم مكتوم أخو بني فهر، فقال: ما فعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه؟ فقال: هم أولاء على أثري، ثم أتانا بعده عمار بن ياسر وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود وبلال، ثم أتانا بعده عمر بن الخطاب في عشرين راكباً، ثم أتانا بعدهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم
وأبو بكر معه. قال البراء: فلم يقدم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المدينة حتى قرأت سوراً من المفصّل ثم خرجنا نتلقى العير فوجدناهم قد برزوا.
وعن عبد الله قال: اشتركت أنا وعمار بن ياسر وسعد فيما نصيبه في يوم بدر، فلم أجئ أنا ولا عمار بشيء وجاء سعد برجلين.
وعن عمار بن ياسر قال:
قاتلت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الجن والإنس، قيل: وكيف قاتلت الجن والإنس؟! قال: كنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في سفر، فنزلنا منزلاً، فأخذت قربتي ودلوي لأستقي، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " أما إنه سيأتيك على الماء آت يمنعك منه ". فلما كنت على رأس البئر إذا رجل أسود كأنه مرس، فقال: والله لا تستقي منها اليوم ذنوباً واحداً، فأخذني وأخذته فصرعته، ثم أخذت حجراً فكسرت به وجهه وأنفه، ثم ملأت قربتي، فأتيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: " هل أتاك على الماء من أحد؟ " قالت: نعم، فقصصت عليه القصة، فقال: " أتدري من هو؟ " قلت: لا، قال: " ذاك الشيطان ".
وعن علي قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " ما من نبي إلا وقد أعطي سبعة نجباء، رفقاء، وزراء وأعطيت أنا أربعة عشر، سبعة من قريش: علي، وحمزة، وحسن، وحسين، وجعفر، وأبو بكر، وعمر، وسبعة من المهاجرين: عبد الله بن مسعود، وسلمان، وأبو ذر، وحذيفة، وعمار، والمقداد، وبلال ".
وعن أنس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " ثلاثة تساق إليهم الجنة: علي، وعمار، وسلمان ".
وعن علي قال: استأذن عمار على النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: " الطيّب المطيّب، ائذن له ".
وعن هانئ بن هانئ قال: استأذن عمار على علي عليه السلام فقال: ائذنوا له، مرحباً بالطيب المطيب، سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: " عمار ملئ إيماناً إلى مشاشه ".
وعن النزّال بن سبرة الهلالي قال: وافقنا من علي بن أبي طالب ذات يوم طيب نفس، فقلنا له: يا أمير المؤمنين حدثنا عن عمار بن ياسر، قال: ذاك امرؤ سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: " عمار خلط الله الإيمان ما بين قرنه إلى قدمه، وخلط الإيمان بلحمه ودمه، يزول مع الحق حيث زال، وليس ينبغي للنار أن تأكل منه شيئاً ".
وعن حذيفة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكر وعمر، واهتدوا بهدي عمار، وتمسّكوا بعهد ابن أم عبد: عبد الله بن مسعود ". قلت: ما هدي عمار؟ قال: " التقشف والتشمير ".
وعن حذيفة قال: بينما نحن عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذ قال: " إني لا أدري ما قدّر بقائي فيكم، فاقتدوا باللّذين من بعدي: يشير إلى أبي بكر وعمر، واهتدوا بهدي عمار، وعهد ابن أم عبد، يعني: عبد الله بن مسعود ".
وعن عثمان بن أبي العاص قال: رجلان مات رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يحبهما: عبد الله بن مسعود، وعمار بن ياسر.
جزع عمرو بن العاص عند الموت جزعاً شديداً، فقال له ابنه عبد الله: يا أبا عبد الله، ما هذا الجزع وقد كان رسول الله يستعملك ويدنيك؟! فقال: أي بني، سأخبرك عن ذلك: قد كان يفعل ذلك، فوالله ما أدري أحباً كان ذلك منه أو تألفاً كان يتألّفني ولكن أشهد على رجلين فارق الدنيا وهو يحبهما: ابن أم عبد وابن سمية.
وفي حديث بمعناه: ولكن أشهد على رجلين توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو يحبهما: عبد الله بن مسعود، وعمار بن ياسر، قالوا: فذاك والله قتيلكم يوم صفين. قال: صدقتم والله، لقد قتلناه.
وعن الحسن قال: قال عمرو بن العاص: إني لأرجو أن لا يكون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مات يوم مات وهوي حب رجلاً فيدخله الله النار، قال: فقالوا: قد كنا نراه يحبك، وكان يستعملك، قال: فقال: الله أعلم أحبّني أم تألّفني، ولكنا كنا نراه يحب رجلاً، قالوا: فمن ذلك الرجل؟ قال: عمار بن ياسر، قالوا: فذاك قتيلكم يم صفين، قال: قد والله قتلناه.
وعن ابن عباس قال:
بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خالد بن الوليد بن المغيرة في سرية قال: ومعه في السرية عمار بن ياسر إلى حيّ من قريش، أو من قيس حتى إذا دنوا من القوم جاءهم النذير فهربوا، وثبت رجل منهم كان قد أسلم وهو وأهل بيته، فقال لأهله: كونوا على رجل حتى آتيكم. قال: فانطلق حتى دخل في العسكر فدخل على عمار بن ياسر، فقال: يا أبا اليقظان، إني قد أسلمت وأهل بيتي فهل ذلك نافعي أم أذهب كما ذهب قومي؟ قال: فقال له عمار: أقم، فأنت آمن. قال: فرجع الرجل فأقام، وصبحهم خالد بن الوليد فوجد القوم قد أنذروا، وذهبوا، فأخذ الرج فقال له غمار: إنه ليس لك على الرجل سبيل، إني قد أمّنته، وقد أسلم، قال: وما أنت وذاك؟ أتجير عليّ وأنا الأمير؟! قال: نعم، أجير عليك، وأنت الأمير، إن الرجل قد أسلم، ولو شاء لذهب كما ذهب قومه، قال: فتنازعا في ذلك حتى قدما المدينة، فاجتمعا عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فذكر عمار للنبي صلّى الله عليه وسلّم الذي كان من أمر الرجل، فأجاز أمان عمار ونهى يومئذ أن يجير رجلٌ على أمير، فتنازع عمار وخالد عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى تشاتما، فقال خالد بن الوليد: أيشتمني هذا العبد عندك؟! أما والله لولاك ما شتمني. قال: فقال نبي الله صلّى الله عليه وسلّم: " كفّ يا خالد عن عمار، فإنه من يبغض عماراً يبغضه الله عزّ وجلّ، ومن يلعن عماراً يلعنه الله "، قال: وقام عمار فانطلق فاتّبعه خالد وأخذ بثوبه، فلم يزل يترضاه حتى رضي عنه. قال: وفيه نزلت: " يا أيّها الّذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرّسول وأولي الأمر منكم " يعني السرايا " فإن تنازعتم في شيءٍ فردّوه إلى الله والرّسول " حتى يكون الرسول هو الذي يقضي فيه " إن كتم تؤمنون بالله واليوم الآخر " حتى فرغ من الآية.
زاد في حديث آخر بمعناه: " ومن يعاد عماراً يعاده الله، ومن يسبّ عماراً يسبّه الله ".
وعن أوس بنأوس قال: كنت عند علي فسمعته يقول: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: " دم عمار ولحمه حرام على النار أن تأكله أو تمسه ".
وعن مجاهد قال: رآهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يحملون الحجارة على عمار، وهو يبني المسجد فقال: " ما لهم ولعمار؟ يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار، وذلك فعل الأشقياء الأشرار ".
وفي حديث بمعناه: " قاتله وسالبه في النار ".
وعن سالم بن أبي الجعد قال: جاء رجل إلى عبد الله بن مسعود فقال له: يا أبا عبد الرحمن، إن الله عزّ وجلّ قد أمننا من أن يظلمنا، ولم يؤمنّا من أن يفتنّا، أرأيت عن أدركت فتنة؟ قال: عليك بكتاب الله، قال: أرأيت إن كان كلهم يدعو إلى كتاب الله؟ قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: " إذا اختلف الناس كان ابن سمية مع الحق ".
وعن عبد الله بن مسعود قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: " لا يعرض على ابن سمية أمران إلا اتبع الأرشد منهما ". فلما هاجت الفتنة، وقتل عثمان قلت: والله لأتبعنّه مع من أحببت، ومع من كرهت، فإذا أنا به مع علي مقبل.
وفي حديث آخر بمعناه عنه قال: جاء رجل إلى عبد الله فقال: إن الله أجار أهل الإسلام من الظلم ولم يجرهم من الفتن، فإن وقع فما تأمرني؟ قال: انظر عمار بن ياسر أين يكون فكن معه، فإني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: " عمار يزول مع الحق حيث يزول ".
وعن بلال بن يحيى أن حذيفة أتى وهو ثقيل بالموت، فقيل له: إن هذا الرجل قد قتل لعثمان فما
تأمرنا؟ قال: أما إذا أبيتم فأجلسوني، فأسند إلى ظهر رجلٍ، فقال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: " أبو اليقظان على الفطرة، ثلاث مرات، لن يدعها حتى يموت أو ينسيه الهرم ".
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: انظروا عماراً، فإنه يموت على الفطرة إلا أن تدركه هفوة من كبر.
وعن علقمة قال:
أتينا الشام فقلت: اللهم، ارزقني جليساً صالحاً، فجلست إلى أبي الدرداء فقال: فمن أنت؟ فقلت: من أهل الكوفة، فقال: أليس كان فيكم صاحب السواك والوساد يعني: عبد الله بن مسعود أوليس كان فيكم الذي أعاذه الله على لسان نبيه صلّى الله عليه وسلّم من الشيطان يعني: عمار بن ياسر أوليس كان فيكم صاحب السر الذي لا يعلمه غيره: حذيفة، ثم قال: كيف كان عبد الله يقرأ " واللّيل إذا يغشى والنّهار إذا تجلّى "؟ قلت: " والذّكر والأنثى " قال: كاد هؤلاء أن يشككوني، وقد سمعتها من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
وعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: كم من ذي طمرين لا يؤبه له، لو أقسم على الله لأبرّه، منهم عمار بن ياسر.
وعن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يبني المسجد، فإذا نقل الناس حجراً نقل عمار حجرين وإذا نقلوا لبنةً نقل عمار لبنتين، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " ويح ابن سمية، تقتله الفئة الباغية ".
قال أبو عبد الرحمن السلمي: شهدنا صفين، فكنا إذا تواعدنا دخل هؤلاء في عسكر هؤلاء، وهؤلاء في عسكر هؤلاء، فرأيت أربعة يسيرون: معاوية بن أبي سفيان، وأبو الأعور السلمي، وعمرو بن العاص، وابنه، فسمعت عبد الله بن عمرو يقول لأبيه عمرو: قد قتل هذا الرجل، وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما قال. قال: أيّ رجل؟ قال: عمار بن ياسر، أما تذكر يوم بنى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المسجد، فكنا نحمل لبنة وعمار يحمل لبنتين وأنت ترحض، أما إنك ستقتلك الفئة الباغية، وأنت من أهل الجنة، فدخل عمرو على معاوية فقال: قتلنا هذا الرجل، فقد قال فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما قال، فقال: اسكت، فوالله ما تزال ترحض في بولك، أنحن قتلناه، إنما قتله علي وأصحابه، جاؤوا به حتى ألقوه بيننا.
وعن عبد الله بن أبي الهذيل قال: لما بنى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مسجده جعل القوم يحملون وجعل النّبي صلّى الله عليه وسلّم يحمل هو وعمار، فجعل عمار يرتجز ويقول:
نحن الملمون نبتني المساجدا
وجعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: " المساجدا ". وقد كان عمار اشتكى قبل ذلك، فقال بعض القوم: ليموتنّ عمار اليوم، فسمعهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فنفض لبنته وقال: " ويحك يا بن سمية، تقتلك الفئة الباغية ".
وعن الحين قال: لما قدم النّبي صلّى الله عليه وسلّم المدينة قال: " ابنوا لنا مسجداً "، قالوا: كيف يا رسول الله؟ قال: " عرش كعرش موسى، ابنوه لنا بلبن "، فجعلوا يبنون ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم يعاطيهم اللّبن على صدره، ما دونه ثوب، وهو يقول: " اللهم، إن العيش عيش الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة "، فمرّ عمار بن ياسر، فجعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ينفض التراب عن رأسه ويقول: " ويحك يا بن سمية، تقتلك الفئة الباغية ".
وقد روي أن ذلك في حفر الخندق، كما روي عن جابر بن عبد الله أن
رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والمسلمين لما أخذوا في حفر الخندق جعل عمار بن ياسر يحمل التراب والحجارة في الخندق، فيطرحه على شفيره، وكان ناقهاً من مرض، صائماً، فأدركه الغشي، فأتاه أبو بكر، فقال: اربع على نفسك يا عمار، فقد قتلت نفسك، وأنت ناقه من مرض، فسمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قول أبي بكر، فقام، فجعل يمسح التراب عن رأس عمار ومنكبه وهو يقول: " يزعمون أنك متّ، وأنك قد قتلت نفسك، كلا والله تقتلك الفئة الباغية ".
وفي حديث آخر بمعناه: " ولا والله ما أنت بميت حتى تقتلك الفئة الباغية ".
وعن عمار قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: " آخر زادك من الدنيا ضياح لبن ". وقال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " تقتلك الفئة الباغية ".
وعن مولاة لعمار بن ياسر قالت: اشتكى عمار شكوى ثقل منه، فغشي عله، فأفاق. ونحن نبكي حوله فقال: ما يبكيكم؟ أتحسبون أني أموت على فراشي؟ أخبرني حبيبي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه تقتلني الفئة الباغية، وأنّ آخر زادي من الدنيا مذقة لبن.
وفي حديث آخر بمعناه: إني لست ميتاً من وجعي هذا، إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عهد إلي أني مقتول بين فئتين من المؤمنين عظيمتين، تقتلني الباغية منهما.
وعن زيد بن وهب
أن عماراً قال لعثمان: حملت قريشاً على رقاب الناس عدواً فعدوا عليّ فضربوني،
فغضب عثمان ثم قال: ما لي ولقريش؟ عدوا على رجل من أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلّم فضربوه، سمعت النّبي صلّى الله عليه وسلّم يقول لعمار: " تقتلك الفئة الباغية، وقاتله في النار ".
وعن ابنة هشام بن الوليد بن المغيرة وكانت تمرّض عماراً قالت: جاء معاوية إلى عمار يعوده. فلما خرج من عنده قال: اللهم، لا تجعل منيّته بأيدينا، فإني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: " تقتل عماراً الفئة الباغية ".
وعن حنظلة بن خويلد العنزي قال: إني لجالس عند معاوية إذ أتاه رجلان يختصمان في رأس عمار، وكل واحد منهما يقول: أنا قتلته، فقال عبد الله بن عمرو: ليطب به أحدهما نفساً لصاحبه، فإني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: " تقتله الفئة الباغية "، فقال معاوية: لا تغني عنا مجنونك يا عمرو، فما بالك معنا؟ قال: إني معكم، ولست أقاتل، إن أبي شكاني إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " أطع أباك ما دام حياً، ولا تعصه "، فأنا معكم، ولست أقاتل.
وعن حذيفة: عليكم بالفئة التي فيها ابن سمية، فإني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: " تقتله الفئة الناكثة عن الحق ".
وعن حارثة قال: قرئ علينا كتاب عمر: السلام عليكم، أما بعد، فإني قد بعثت إليكم عماراً أميراً، وعبد الله قاضياً ووزيراً، وإنهما من نجباء أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلّم وممن شهد بدراً، فاسمعوا لهم وأطيعوا، وقد آثرتكم بهما على نفسي.
وقال أبو وائل: إن عمر بعث إليهم عماراً وعبد الله بن مسعود وعثمان بن حنيف، وجعلهم بينهم شاة: ربعاً لعبد الله، وربعاً لصاحبه، ونصفاً لعمار، لأنه على الصلاة وغيرها. وفي رواية أنه جعل لعمار شطرها وبطنها.
وعن ابن أبي الجعد أن عمر جعل عطاء ابن ياسر ستة آلاف.
وعن عبد الله بن مسعود قال: بينا نحن يوم الجمعة في مسجد الكوفة، وعمار بن ياسر أمير على الكوفة لعمر بن الخطاب، وعبد الله بن مسعود على بيت المال إذ نظر عبد الله بن مسعود إلى الظل فرآه قدر الشراك، فقال: إن يصب صاحبكم سنّة نبيكم صلّى الله عليه وسلّم يخرج الآن. قال: فوالله ما فرغ عبد الله بن مسعود من كلامه حتى خرج عمار بن ياسر يقول: الصلاة.
قال أبو وائل: خطبنا عمار فأبلغ وأوجز. فلما نزل قلنا: يا أبا اليقظان، لقد أبلغت وأوجزت، فلو كنت تنفست، قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: " إن طول صلاة الرج وقصر خطبته مئنّة من فقهه، فأطيلوا الصلاة، وأقصروا الخطبة، فإن من البيان سحراً ".
وعن إبراهيم أن عماراً كان يقرأ يوم الجمعة على المنبر ب " يس ".
وعن زر بن حبيش أنه رأى عمار بن ياسر قرأ " إذا السّماء انشقّت " وهو على المنبر، فنزل: فسجد.
وعن زر قال: صلّى عمار صلاة فيها خفة، فذكر ذلك له فقال: إني بادرت الوسواس.
وعنعبد الله بنعنمة قال: رأيت عمار بن ياسر دخل المسجد، فصلى، فأخف الصلاة. قال: فلما خرج قمت إليه فقلت: أبا اليقظان، لقد خففت! قال: فهل رأيتني انتقصت من حدودها شيئاً؟ قلت: لا، قال: فإني بادرت بها سهوة الشيطان، سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: " إن العبد ليصلي الصلاة ما يكتب له منها إلا عشرها، تسعها، ثمنها، سبعها، سدسها، خمسها، ربعها، ثلثها، نصفها ".
وعن خلاس بن عمرو قال: شهدت عمار بن ياسر وسأله رجل عن الوتر، فقال: ترضى بما أصنع؟ قال: إن فيك لمقنعاً أما أنا فأوتر من أول الليل، فإن رزقت من آخر الليل شيئاً صليت شفعاً حتى أصبح.
وعن طارق بن شهاب الأحمسي قال: غزت بنو عطارد ماء للبصرة وأمدّوا بعمار من الكوفة، فخرج قبل الوقعة، وقدم بعد الرقعة فقال: نحن شركاؤكم في الغنيمة، فقام رجل من بني عطارد فقال: أيها العبد المجدّع، تريد أن نقسم لك غنائمنا؟! وكانت أذنه أصيبت في سبيل الله، فقال: عيرتموني بأحبّ أذنيّ إليّ أو خير أذنيّ قال: فكتب في ذلك إلى عمر رضي الله عنه، فكتب: إن الغنيمة لمن شهد الوقعة.
حدث عبد الله بن نافع عن أبيه عن ابن عمر قال:
رأيت عمار بن ياسر يوم اليمامة على صخرة وقد أشرف يصيح: يا معشر المسلمين، أمن الجنة تفرّون، أنا عمار بن ياسر، هلمّ إليّ، وأنا أنظر إلى أذنه قد قطعت، فهي تذبذبن وهو يقاتل أشد القتال.
وعن عامر قال: سئل عمار عن مسألة فقال: هل كان هذا بعد؟ قالوا: لا، قال: فدعوها حتى يكون، فإذا كان تجشمناه لكم.
وعن عبد الله بن سلمة قال: مرّ عمار بن ياسر على ابن مسعود وهو يرسس داره، فقال: كيف ترى يا أبا اليقظان؟ قال: أراك بنيت شديداً، وأمّلت بعيداً، وتموت قريباً.
وعن الربيع بن عميلة قال: كنا مع عمار بن ياسر في المسجد، وعنده أعرابي، فذكروا المرض، فقال الأعرابي: ما مرضت قط، فقال عمار: ما أنت؟! أولست منا؟ إن المسلم يبتلى بالبلاء، فيكون كفارة خطاياه فتتحاتّ كما يتحاتّ ورق الشجر، وإن الكافر يبتلى، فيكون مثله كمثل البعير عقل، فلا يدري لم عقل، وأطلق فلا يدري لم أطلق.
قال ابن أبي الهذيل: رأيت عمار بن ياسر اشترى قتّاً بدرهم فاستزاد حبلاً فأبي فجاذبه حتى قاسمه نصفين، وحمله على ظهره، وهو أمير الكوفة.
وفي رواية: ثم حمله على عاتقه، فأدخله القصر.
قال يونس بن عبد الله الجرمي: أخبرني من نظر إلى عمار بن ياسر، وهو أمير الناس بالكوفة، فيأخذ نصيبه من اللحم الذي كان رزقه عمر فيحمله بيده.
وعن عكرة أن عماراً أخذ سارقاً قد سرق عيبته فقال: أستر عليه لعل الله يستر علي.
وفي رواية: أخذ سارقاً قد سرق عيبته فأرسله.
وعن أبي البختريّ الطائي قال: قاول عمار رجلاً، فاستطال الرجل عليه، فقال عمار: أنا إذاً كمن لا يغتسل يوم الجمعة، فعاد الرجل فاستطال عليه، فقال له عمار: إن كنت كاذباً فأكثر الله مالك وولدك وجعلك موطّأ عقبك.
وعن الحارث بن سويد قال: محل رجل بمولى لعمار عند عمر فقال: إن مولى لعمار يخاطر بالديوك فبلغ ذلك عماراً فشق عليه، فقال: اللهم، إن كان كاذباً فابسط له في الدنيا، واجعله موطّأ العقبين.
وعن عمار بن ياسر قال: ثلاث من الإيمان، من جمعهن جمع الإيمان: الإنفاق من الإقتار، تنفق وأنت تعلم أن الله سيخلف لك، وإنصاف الناس منك لا تلجئهم إلى قاض، وبذل السلام للعالم.
وقال عمر لعمار بعد عزله عن الكوفة: أبا الله، ساءك حين عزلتك؟ قال: تالله ما فرحت حين استعملتني، ولقد ساءني حين عزلتني.
وعن عمار قال: ثلاثة لا يستخفّ بحقهم إلا منافق بيّنٌ نفاقه: الإمام المقسط، ومعلم الخير، وذو الشيبة في الإسلام.
وعن موسى بن عقبة أن عمار بن ياسر كان يدعو فيقول: اللهم، اجعلني من عبادك الصالحين، وأعطني من صالح ما تعطي عبادك الصالحين، من الأمانة، والإيمان، والأجر، والعافية، والمال، والولد النافع غير الضار ولا المضر، ولا الضّال ولا المضلّ.
وكان عمار بن ياسر يقول: كفى بالموت موعظة، وكفى باليقين غنىً، وكفى بالعبادة شغلاً.
وعن قيس بن عباد قال: قلت لعمار بن ياسر: يا أبا اليقظان، أرأيت هذا الأمر الذي أتيتموه: برأيكم أو شيء عهده إليكم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ فقال: ما عهد إلينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما لم نعهده إلى الناس.
قال ابن عمر: ما أعلم أحداً خرج في الفتنة يريد الله إلا عمار بن ياسر، وما أدري ما صنع.
قال ابن عبس لحذيفة: إن أمي المؤمنين عثمان قد قتل فما تأمرنا؟ قال: الزموا عماراً، قال: إن عماراص لا يفارق علياً، قال: إن الحسد هو أهلك الجسد، وإنما ينفركم من عمار قربه من علي، فوالله لعلي أفضل من عمار أبعد ما بين التراب والسحاب، وإن عماراً من الأخيار. وهو يعلم إن لزموا عماراً كانوا مع علي.
وعن عمار بن ياسر قال: أمرت أن أقاتل الناكثين والمارقين والقاسطين.
وعن أبي نوفل بن أبي عقرب قال: كان عمار بن ياسر قليل الكلام، طويل السكوت وفي رواية: طويل الحزن
والكآبة وكان عامة أن يقول: عائذ بالرحمن من فتنة، عائذ بالرحمن من فتنة، قال: فعرضت له فتنة عظيمة.
وعن عمار بن ياسر أنه قال وهو يسير إلى صفين على شط الفرات:
اللهم، لو أعلم أنه أرضى لك أن أرمي بنفسي من هذا الجبل، فأتردّى فأسقط فعلت، ولو أعلم أنه أرضى لك أن أوقد ناراً عظيمة فأقع فيها فعلت، اللهم، لو أعلم أن أرضى لك عني أن ألقي بنفسي في الماء فأغرق نفسي فعلت، وإني لا أقاتل إلا أريد وجهك، وأنا أرجو ألاّ تخيّبني وأنا أريد وجهك.
وعن أبي وائل قال: دخل أبو موسى الأشعري وأبو مسعود على عمار، وهو يستنفر الناس فقالا له: ما رأينا منك منذ أسلمت أمراً أكره عندنا من إسراعك في هذا الأمر! فقال لهما: ما رأيت منكما منذ أسلمتما أمراً أكره عندي من إبطائكما عن هذا الأمر، وكساهما حلّة حلّة، وخرجوا إلى الصلاة يوم الجمعة.
وعن عمار بن ياسر قال: لقد سارت أمّنا مسيرها، وإنا لنعلم أنها زوجة نبيّنا في الدنيا والآخرة، ولكن الله ابتلانا بها لنعلم: إياه نطيع أو إياها.
سمع عمار بن ياسر رجلاً ينال من عائشة فلقال له: اسكت مقبوحاً منبوحاً، فأشهد أنها زوجة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الجنة.
وعن الشعبي قال: لم يشهد الجمل من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من المهاجرين والأنصار إلا علي وعمار وطلحة والزبير، فإن جاؤوا بخامس فأنا كذاب.
وعن ابن إسحاق أن عماراً قال: يا أمير المؤمنين، كيف تقول في أبناء من قتلناه؟! قال: لا سبيل عليهم، قال: لو قلت غير ذلك خالفناك.
وفي رواية: قال عمار لعلي يوم الجمل: ما تريد تصنع بهؤلاء. وذراريهم؟ قال: قال له علي: حتى ننظر لمن تصير عائشة، قال: فقال عمار: ونقسم عائشة؟! قال: فكيف نقسم هؤلاء؟ فقال له عمار: أما إنك لو أردت غير هذا ما تابعناك.
وعن عمار بن ياسر إن علياً مرّ بقوم يلعبون بالشطرنج، فوثب عليهم فقال: أما والله لغير هذا خلقتم، ولولا أن تكون سبّة لضربت بها وجوهكم، فخرج عليه رجلان من الحمام متزلّقين زاد في رواية: مدهنين فقال: من أنتما؟ فقالا: من المهاجرين، فقال: بل من المفاخرين، إنما المهاجر عمار بن ياسر.
قال بعض رواته: أحسب أن الرجلين ليسا من الصحابة، ولو كانا من الصحابة عرفهما، وإنما يعنيان من المهاجرين ممن جاء فقاتل معه.
قال عبد الله بن سلمة: كنا عند عمار بصفين وعنده شاعر ينشده هجاء، فقال له رجل: أينشد عندكم الشعر وأنتم أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلّم؟! فقال: إن شئت فاسمع، وإن شئت فاذهب، إنا لما هجانا المشركون شكونا ذلك إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال لنا: قولوا لهم كما يقولون لكم، فإن كنا لنعلّمه الإماء بالمدينة.
وعن عمار بن ياسر قال: قبلتنا واحدة، ودعوتنا واحدة، ولكنهم قوم بغوا علينا فقاتلناهم.
وعن أبي التحيى قال: إني لفي الصف بصفين إذ مرّ علينا علي على بغلة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يسوّي الصفوف، فقام عمار بن ياسر فأخذ باللجام فقال: يا أمير المؤمنين، أيوم العتيق هو؟ فمضى ولم يردّ عليه شيئاً، ثم رجع علينا يسوّيها، فقام إليه فأخذ اللجام فقال: يا أمير المؤمنين، أيوم العتيق هو؟ فقال: يا أمير المؤمنين، مالك لا تكلّم؟ أيوم العتيق هو؟ قال: نعم، فأرسل اللجام وهو يقول: اليوم ألقى الأحبة محمداً وحزبه.
وعن مسلم بن الأجدع الليثي وكان ممن شهد صفين قال: كان عمار يخرج بين الصفين، وقد أخرجت الرايات، فينادي حتى يسمعهم بأعلى صوته: روحوا إلى الجنة، قد تزينت الحور العين.
وعن أبي عاصم قال: خرج عمرو بن يثربي وهو يقول: الرجز
أنا لمن أنكرني ابن يثربيّ ... قاتل علباء وهند الجملي
وابن صوحان على دين علي
فبرز له عمار، وهو ابن ثلاث وتسعين عليه فروة مشدودة الوسط بشريطٍ، حمائل سيفه تسعة، فانتقضت ركبتاه، فجثا على ركبتيه، فأخذه أسيراً، فأتى به علياً عليه السلام، فقال: ابن يثربيّ، أدنّي منك، وهو يريد أن يثب عليه، فقال: لا ولكن أقتلك صبراً بالثلاثة الذي قتلتهم على ديني.
وعن سلمة بن كهيل قال: قال عمار بن ياسر يوم صفين: الجنة تحت البارقة، يعني: الظمآن قد يرد الماء موروداً. اليوم ألقى الأحبة: محمداً وحزبه، والله لو ضربونا حتى يبلغوا بنا سعفات هجر لعلمت أنا على حق، وأنهم على
باطل، والله لقد قاتلت بهذه الراية ثلاث مرات مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وما هذه المرة بأبرهنّ ولا أتقاهنّ.
وعن ابن البختري
أن عمار بن ياسر يوم صفين جعل يقاتل، فلا يقتل، فيجيء إلى علي فيقول: يا أمير المؤمنين، أليس هذا يوم كذا وكذا؟ فيقول: اذهب عنك؛ فقال ذلك مراراً، ثم أتي بلبن فشربه، فقال عمار: إن هذه لآخر شربة أشربها من الدنيا، أخبرني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن هذه آخر شربة أشربها من الدنيا، ثم تقدم فقاتل حتى قتل.
وحدث رجل من بني سعد قال: كنت واقفاً بصفين إلى جنب الأحنف، والأحنف إلى جنب عمار، فسمعت عماراً يقول: عهد إلي خليلي أن آخر زادي من الدنيا ضيحة لبن. فبينا نحن كذلك إذ سطع الغبار، وقالوا: جاء أهل الشام، جاء أهل الشام، وقامت السقاة يسقون الناس، فجاءته جارية، معها قدح، فناولته عماراً، فشرب ثم ناول عمار فضله الأحنف بن قيس ثم ناولني الأحنف وفي رواية: فإذا هو لبن فقلت: إن كان صاحبك صادقاً فخليق أن يقتل الآن، قال: فغشينا القوم، فتقدم عمار، فسمعته يقول: الجنة الجنة تحت الأسنّة، اليوم ألقى الأحبة محمداً وحزبه، ثم كان آخر العهد.
حدث ابن سعيد عن عمه قال: لما كان اليوم الذي أصيب فيه عمار كان الرجلان يضطربان بسيفهما حتى يفترا، فيجلسا، حتى يتروّحا، فيعودا، وربما قال: فانتصف النهار وقد ضرب الناس كلهم، فليس أحد يتحرك، فيختلطون هكذا، وشبك بين أصابعه حتى إذا زالت الشمس إذا رجل قد برز بين الصفين، جسيم، على فرس جسيم، ضخم، على ضخم، ينادي، يا عباد الله بصوت موجع يا عباد الله، ورحوا إلى الجنة، ثلاث مرات، الجنة تحت ظلال الأسل، فثار الناس فإذا هو عمار بن ياسر فلم يلبث أن قتل رحمه الله.
وعن عمارة بن خزيمة بن ثابت قال: شهد خزيمة بن ثابت الجمل وهو لا يسلّ سيفاً، وشهد صفين وقال: أنا لا أضلّ أبداً حتى يقتل عمار فأنظر من يقتله، فإني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: " تقتله الفئة الباغية ". قال: فلما قتل عمار بن ياسر قال خزيمة: قد بانت لي الضلالة، ثم اقترب فقاتل حتى قتل.
وكان الذي قتل عمار بن ياسر أو غادية المزني، طعنه برمح، فسقط، وكان يومئذ يقاتل في محفّة، فقتل يومئذٍ وهو ابن أربع وتسعين سنة. فلما وقع أكبّ عليه رجل آخر فاحتزّ رأسه، فأقبلا يختصمان فيه كلاهما يقول: أنا قتلته. فقال عمرو بن العاص: والله إن تختصمان إلا في النار، فسمعهما منه معاوية. فلما انصرف الرجلان قال معاوية لعمرو بن العاص: ما رأيت مثل ما صنعت! قوم بذلوا أنفسهم دوننا تقول لهما: إنكما تختصمان في النار؟! فقال عمرو: وهو والله ذاك، والله إنك لتعلمه، ولوددت أني متّ قبل هذا بعشرين سنة.
وقيل: إن عماراً قتل هو إحدى وتسعين سنة، وكان أقدم في الميلاد من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وكان أقبل إليه ثلاثة نفر: عقبة بن عامر الجهني، وعمر بن الحارث الخولاني، وشيك بن سلمة المرادي، فانتهوا إليه جميعاً وهو يقول: والله لو ضربتمونا حتى تبلغوا بنا سعفات هجر لعلمت أنا على حقّ، وأنتم على باطل، فحملوا عليه جميعاً، فقتلوه. وزعم بعضهم أن عقبة بن عامر هو الذي قتل عماراً، وهو الذي كان ضربه حين أمره عثمان بن عفان. ويقال: بل الذي قتله عمر بن الحارث الخولاني.
وعن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " بشّر قاتل ابن سمية بالنار، أو قاتل ابن سمية في النار ".
وعن أبي غادية قال: سمعت عمار بن ياسر يقع في عثمان، يشتمه بالمدينة، قال: فتوعدته بالقتل، قلت: لئن أمكنني الله منك لأفعلن. فلما كان يوم صفين جعل عمار يحمل على الناس، فقيل: هذا عمار، فرأيت فرجة بين الرأس وبين الساقين، قال: فحملت عليه، فطعنته
في ركبته، قال: فوقع، فقتلته، فقيل: قتل عمار بن ياسر، وأخبر عمرو بن العاص فقال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: " إن قاتله وسالبه في النار "، فقيل لعمرو بن العاص: هوذا أنت تقاتله، فقال: إنما قال: " قاتله وسالبه ".
وعن كلثوم بن جبير قال:
كنت بواسط القصب عند عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر، فقال: الإذن، هذا أبو غادية الجهني، فقال عبد الأعلى: أدخلوه، فدخل، عليه مقطّعات له، فإذا رجل طوال ضرب من الرجال، كأنه ليس من هذه الأمة. فلما أن قعد قال: بايعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قلت: بيمينك؟ قال: نعم، وخطبنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم العقبة فقال: " يا أيها الناس، ألا إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا هل بلغت؟ " فقلنا: نعم، فقال: " اللهم، اشهد "، ثم قال: " ألا لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض "، قال: ثم أتبع ذا فقال: إنا كنا نعدّ عمار بن ياسر فينا حناناً. فبينا أنا في مسجد قباء إذا هو يقول: ألا إن نعثلاً هذا لعثمان فتلفت فلو أجد عليه أعواناً لوطئته حتى أقتله، قال: قلت: اللهم، إنك إن تشأ تمكني من عمار، فلما كان يوم صفين أقبل يسير أول الكتيبة رجلاً، حتى إذا كان بين الصفين فأبصر رجل عورة، فطعنه في ركبته بالرمح، فعثر فانكشف المغفر عنه، فضربته، فإذا رأس عمار. قال: فلم أر رجلاً أبين ضلالة عندي منه، إنه سمع من النّبي صلّى الله عليه وسلّم ما سمع ثم قتل عماراً. قال: واستسقى أبو غادية، فأتي بماء في زجاج، فأبى أن يشرب فيها، فأتي بماء في قدح، فشرب، فقال رجل على رأس الأمير قائم
بالنبطية: أي يد كفتاه يتورع من الشراب في زجاج، ولم يتورع من قتل عمار؟! ولما استحلم القتال بصفين، وكادوا يتفانون قال معاوية: هذا يوم تفانى فيه العرب إلا أن تدركهم فيه خفة العبد يعني: عمار بن ياسر وكان القتال الشديد ثلاثة أيام ولياليهن، وآخرهن ليلة الهرير. فلما كان اليوم الثالث قال عمار لهاشم بن عتبة بن أبي وقاص، ومعه اللواء يومئذٍ: احمل فداك أبي وأمي، فقال هاشم: يا عمار، رحمك الله، إنك رجل تستخفّك الحرب، وإني إنما أزحف باللواء زحفاً رجاء أن أبلغ بذلك بعض ما أريد، وإني إن خففت لم آمن الهلكة، فلم يزل به حتى حمل، فنهض عمار في كتبيته، فنهض إليه ذو الكلاع في كتبيته، فاقتتلوا فقتلا جميعاً، واستؤصلت الكتيبتان، وحمل على عمار حويّ السكسكي وأبو الغادية المزني، فقتلاه، فقيل لأبي الغادية: كيف قتلته؟ قال: لما دلف إلينا في كتيبته، ودلفنا إليه نادى: هل من مبارز؟ فبرز إليه رجل من السكاسك فاضطربا بسيفيهما فقتل عمار السكسي ثم نادى: من يبارز؟ فبرز إليه رجل من حمير فاضطربا بسيفيهما فقتل عمارٌ الحميري، وأثخنه الحميري، ونادى: من يبارز؟ فبرزت إليه، فاختلفنا ضربتين، وقد كانت يده ضعفت، فانتحى عليه بضربة أخرى، فسقط، فضربته بسيفي حتى برد، قال: ونادى الناس: قتلت أبا اليقظان! قتلك الله، فقلت: اذهب إليك، فوالله ما أبالي من كنت، وتالله ما أعرفه يومئذٍ، فقال له محمد بن المنتشر: يا أبا الغادية، خصمك يوم القيامة مازندر يعني ضخماً فضحك.
وكان أبو الغادية شيخاً، كبيراً، جسيماً، أدلم، قال: فقال علي حين قتل عمار: إن امرأ من المسلمين لم يعظم عليه قتل ابن ياسر، وتدخ عليه المصيبة الموجعة لغير رشيد، رحم الله عماراً يوم أسلم، ورحم الله عماراً يوم قتل، ورحم الله عماراً يوم يبعث حياً. لقد رأيت عماراً وما يذكر أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أربعة كان رابعاً، ولا خمسة إلا كان خامساً، وما كان أحد من قدماء أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يشك أن عماراً قد وجبت له الجنة في غير موطن، ولا اثنين، فهينئاً لعمار بالجنة. ولقد قيل: إن عماراً مع الحق، والحق معه يدور، عمار مع الحق أينما دار، وقاتل عمار في النار.
قال حبيب بن أبي ثابت: قتل عمار يوم قتل وهو مجتمع العقل.
وعن قيس بن أبي حازم قال: قال عمار: ادفنوني في ثيابي، فإني مخاصم.
وعن أشياخ شهدوا عماراً قال: لا تغسلوا عني دماً، ولا تحثوا علي تراباً، فإني مخاصم.
وعن عاصم بن ضمرة أن علياً صلى على عمار، ولم يغسله.
وعن أبي إسحاق أن علياً صلى على عمار بن ياسر، وهاشم بن عتبة، فجعل عماراً مما يليه، وهاشماً أمام ذلك، وكبر عليهما تكبيراً واحداً، خمساً أو ستاً أو سبعاً. والشك في ذلك من أشعث، أحد رواته.
ولما بلغ أهل الشام يوم صفين أن عمار بن ياسر قد قتل بعثوا من يعرفه ليأتيهم بعلمه، فعاد إليهم، فأخبرهم أنه قد قتل، فنادى أهل الشام أصحاب عليّ: إنكم
لستم بأولى بالصلاة على عمار بن ياسر منا. قال: فتوادعوا عن القتال حتى صلّوا عليه جميعاً.
وعن مجاهد قال: لما قتل عمار قال عبد الله بن عمرو: إنا لله وإنا إليه راجعون. سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول لعمار: " تقتلك الفئة الباغية "، قال: فقال معاوية: لا تزال تبول، ثم تمرّغ في مبالك، نحن قتلناه؟! إنما قتله الذي أخرجوه.
وعن هنيّ مولى عمر بن الخطاب قال: كنت أول شيء مع معاوية على عليّ، فكان أصحاب معاوية يقولون: لا، والله لا نقتل عماراً أبداً، إن قتلناه فنحن كما يقولون. فلما كان يوم صفين ذهبنا ننظر في القتلى فإذا عمار بن ياسر مقتول. قال هني: فجئت إلى عمرو بن العاص، وهو على سريره، فقلت: أبا عبد الله، قال: ما تشاء؟ قلت: انظر أكلمك، فقام إليّ، فقلت عمار بن ياسر ما سمعت فيه؟ فقال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " تقتله الفئة الباغية "، فقلت: هوذا والله مقتول، فقال: هذا باطل، فقلت: بصر عينيّ مقتول، قال: فانطلق فأرينه، فذهبت به، فأوقفته عليه، فساعة رآه امتقع، ثم أعرض في شق وقال: إنما قتله الذي خرج به.
ولما قتل عمار نادى المنادي: أين الشاكّ في قتال أهل الشام؟ قد قتل عمار.
وقتل عمار وهو ابن نيف وتسعين سنة سنة سبعٍ وثلاثين بصفين، ودفن هناك. وكان لا يركب على سرج، وكان يركب راحلته من الكبر، وكان أبيض الرأس واللحية. فصلى عليه علي بن أبي طالب عليه السلام ولم يغسّله. وكانت وقعة صفين بين علي ومعاوية. وقتل بينهما جماعة كثيرة، يقال: إنهم سبعون ألفاً في صفين، منهم من أهل الشام خمسة وأربعون ألفاً، ومن أهل العراق خمسة وعشرون ألفاً. وكان عمار يقاتل في محفّة من فتق كان به.
رأى أبو ميسرة عمرو بن شرحبيل في منامه أنه أدخل الجنة، فإذا هو بقباب مضروبة، فقلت: لمن هذه؟ قالوا: لذي الكلاع وحوشب، وكانا قتلا مع معاوية، قال: فأين عمار وأصحابه؟ قالوا: أمامك، قال: وقد قتل بعضهم بعضاً! قالوا: نعم، إنهم لقوا الله، فوجدوه واسع المغفرة، قال: فما فعل أهل النهر؟ قال: لقوا برحاً.

عمرو بن عبد الله بن عبيد أبو إسحاق السبيعي الكوفي

عمرو بن عبد الله أبو إسحاق السبيعي: "كوفي"، تابعي، ثقة، ولم يسمع أبو إسحاق من علقمة شيئًا، ولم يسمع من حارث الأعور إلا أربعة أحاديث، وسائر ذلك إنما هو كتاب أخذه.
وروى أبو إسحاق السبيعي عن ثمانية وثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
حدثنا أبي: عبد الله، قال: كان أبو إسحاق يقول لإسرائيل: الزم هؤلاء الثلاثة، فإنهم أصحاب علم، وفصاحة: عبد الملك بن عمير، والأعمش، وسماك بن حرب.
وحدثني أبي: عبد الله، قال: كان أبو إسحاق يحرض الشباب، يقول: ما أستطيع أن أستوي قائمًا حتى أعتمد على رجلين، فإذا اعتدلت قائمًا قرأت القرآن.
وأبو إسحاق أكبر من عبد الملك بن عمر بسنتين.
عمرو بن عبد اللَّه بن عبيد، أبو إسحاق السبيعي الكوفي
قال صالح: حدثني أبي، ثنا أبو عبيدة الحداد عبد الواحد بن واصل البصري.
قال: واسم أبي إسحاق السبيعي عمرو بن عبد اللَّه.
"الأسامي والكنى" (186).

قال أبو داود: قلت لأحمد: أسمع أبو إسحاق السبيعي من أبي موسى الأشعري؟
فقال: من أين سمع منه؟ ! -أو كلمةً نحوها- فذكرت له حديث أنيس، عن أبي إسحاق: بعثني أبي إلى أبي موسى الأشعري فسقاني نبيذًا؟ فأنكر الحديث جدًا.
"مسائل أبي داود" (1892).

قال ابن هانئ: سألته أيما أثبت عندك في حديث أبي إسحاق؟
قال: شعبة، ثم سفيان الثوري، قال: زهير، إسرائيل، ويونس بن أبي إسحاق بآخرة.
"مسائل ابن هانئ" (2205).
قال حرب: قال أحمد: أبو إسحاق الهمداني اسمه عمرو بن عبد اللَّه.
"مسائل حرب" ص 482.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: سمعت موسى بن داود قال: سمعت سفيان الثوري يقول سنة ثمان وخمسين ومائة مات أبو إسحاق منذ ثلاثين سنة، وكان أبو إسحاق ربما قال: حدثنا صلة منذ ستين سنة، قال: سمعت سفيان يقول: تلك السنة لي واحد وستون سنة.
"العلل" برواية عبد اللَّه (146، 2363).

قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أسود بن عامر قال: حدثنا شريك، عن أبي إسحاق قال: رأيت ابن عباس طويل الشعر بعد أيام النحر مُنَرّبُه إذا سجد، وعليه إزار أصفر، فيه بعض الأشياء.
"العلل" رواية عبد اللَّه (198).

قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا زهير، عن أبي إسحاق قال: كنا نجلس عند البراء بعضنا خلف بعض.
"العلل" رواية عبد اللَّه (204).

قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا زهير، عن أبي إسحاق قال: رأيت نساء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يحجُجن زمن المغيرة بن شعبة في الهوادج، عليها الطيالسة، فقيل لي: أولاء نساء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.
"العلل" رواية عبد اللَّه (205).

قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا زهير، عن أبي إسحاق، عن البراء قال: أما نحن فنسمي التي تسمون فتح مكة، كنا نسميها يوم الحديبية بيعة الرضوان.
"العلل" رواية عبد اللَّه (206).
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع قال: قال أبي: قال حبيب ابن أبي ثابت: يا أبا إسحاق، ما أحب أن لي بحديثك هذا ملأ مسجدك هذا ذهبًا.
"العلل" برواية عبد اللَّه (225).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو أسامة، عن مفضل بن مهلهل، عن مغيرة قال: ما أفسد أحد حديث الكوفة إلا أبو إسحاق -يعني: السبيعي- وسليمان الأعمش.
"العلل" برواية عبد اللَّه (322).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا حسين بن حسن الأشقر قال: حدثنا زهير قال: سمعت أبا إسحاق يقول: كنت كثير المجالسة لرافع بن خديج، وكنت كثير المجالسة لابن عمر.
"العلل" برواية عبد اللَّه (930، 1956، 2480).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا سفيان قال: سألته عن حديث، فقال: حدثني صلة منذ سبعين سنة؛ قال سفيان: وحدثني هو هذا من أكثر من سبعين سنة.
"العلل" برواية عبد اللَّه (997)، (1006).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا سفيان عن أبي إسحاق، عن تمام بن عباس قال: كان على أشدنا برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لزوقًا وأولنا به لحوقا.
"العلل" برواية عبد اللَّه (998).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا سفيان عن أبي إسحاق قال: كانوا يرون السعة عونا على الدين، قيل لسفيان: سفيان الثوري ذكره؟ قال: نعم.
"العلل" يرواية عبد اللَّه (999).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا سفيان قال: قال عون بن عبد اللَّه لأبي إسحاق: ما بقي منك؟ قال: أصلي البقرة في ركعة. قال: ذهب شرك وبقي خيرك.
"العلل" برواية عبد اللَّه (1000).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا سفيان قال: استقرأني أبو إسحاق فقرأت، فقال: كان أصحاب عبد اللَّه يقرءون (يَلْحَدُون) (1).
"العلل" برواية عبد اللَّه (1001).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا سفيان قال: قال أبو إسحاق: إذا استيقظت بالليل لم أقل عيني.
"العلل" برواية عبد اللَّه (1002).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا سفيان قال: دخلت عليه وإذا هو في قبة تركية ومسجد على بابها وهو في المسجد، فقلت: كيف أنت يا أبا إسحاق؟
قال: مثل الذي أصابه الفالج ما تنفعني يد ولا رجل.
قلت له: سمعت يا أبا إسحاق من الحارث؟
فقال لي يوسف: هو قد رأى عليًّا فكيف لم يسمع من الحارث؟
قلت: يا أبا إسحاق، رأيت عليّا؟ قال: نعم.
"العلل" برواية عبد اللَّه (1004).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا سفيان قال: حدثني صاحب لنا
قال: قال لنا -يعني: أبا إسحاق- أيشتري الرجل طيلسانا ولم يحج؟ !
"العلل" برواية عبد اللَّه (1005).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا سفيان قال مشايخنا: اجتمع الشعبي وأبو إسحاق، فقال له الشعبي: أنت خير مني يا أبا إسحاق. فقال: لا واللَّه ما أنا خير منك، بل أنت خير مني وأسن مني.
"العلل" برواية عبد اللَّه (1007).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو أحمد الزبيري قال: حدثنا شريك عن أبي إسحاق عن حبشي بن جنادة قال: قلت لأبي إسحاق: أين سمعته منه؟ قال: وقف علينا على فرس له في مجلس في جبانة السبيع.
"العلل" برواية عبد اللَّه (1155، 4308).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو أحمد: حدثنا فطر عن أبي إسحاق قال: وقف علينا عروة بن أبي الجعد على فرس له: حديث الخيل عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (1).
"العلل" برواية عبد اللَّه (1156، 4309).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن قيس، عن أبي إسحاق، عن رجل، عن علي: ليس في الخضر زكاة، البقل والقثاء والتفاح. قال أبي: ورواه قيس ومعمر، عن أبي إسحاق.
وقال: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: سمعت سفيان في حديث أبي إسحاق في الخضر قال: ليس هذا من حديث أبي إسحاق.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1172)، (1173)، (2307).
وقال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: سراقة بن مالك، لم يسمع منه أبو إسحاق. يعني: السبيعي.
"العلل" برواية عبد اللَّه (1326).

وقال عبد اللَّه: قرأت على أبي فأقر به: أبو سعيد مولى بني هاشم قال: حدثنا إسرائيل، عن إسحاق، عن سعيد بن جبير قال: قيل لابن عباس: مثل من أنت يوم توفي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: أنا يومئذ مختون.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1710).

وقال عبد اللَّه: قرأت على أبي فأقر به، أبو سعيد مولى بني هاشم قال: حدثنا شعبة قال: حدثنا أبو إسحاق، عن سعيد بن جبير قال: تُوفي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وابن عباس ابن خمس عشرة سنة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1714).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا سليمان بن داود قال: حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق قال: سمعت سعيد بن جبير يحدث عن ابن عباس قال: توفى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأنا ابن خمس عشرة سنةً.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1722).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن عبد اللَّه بن يزيد الأنصاري وكان قد أدرك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1734).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو كامل والحسن بن موسى قالا: حدثنا زُهير قال: حدثنا أبو إسحاق أن عبد اللَّه بن يزيد الأنصاري قد رأى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1735).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا حسن بن موسى الأشيب قال: حدثنا زهير قال: حدثنا أبو إسحاق قال: حدثني حارثة بن وهب الخزاعي وكانت أمه تحت عمر فولدت عبيد اللَّه بن عمر.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1774)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو داود قال: أخبرنا شعبة، عن أبي إسحاق قال: سمعت أبا سلمة يقول: مات ابن عُمر وهو مثل عمر يوم قتل. قال عبد اللَّه: يعني في الفضل.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1827).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا حسين بن حسن قال: حدثنا زهير، عن أبي إسحاق قال: سمعت الأسود بن يزيد وهو يقرئ الصبيان في المسجد.
"العلل" برواية عبد اللَّه (1957).

قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي إسحاق قال: لما قدم معاوية عرض الناس على عطيةَ آبائِهم حتى انتهى إليَّ فأعطاني ثلاث مائة درهم.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1988).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو بكر قال: قل ما سمع أبو إسحاق من الحارث ثلاثة أحاديث.
"العلل" برواية عبد اللَّه (1989، 4626).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو يحيى إسحاق بن سليمان الرازي قال: سمعت أبا سنان يذكر عن أبي إسحاق قال: رأيت ناسًا من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- منهم: ابن عمر، وأسامة بن زيد، وزيد ابن أرقم،
والبراء بن عازب يتزرون على أنصاف سوقهم.
"العلل" برواية عبد اللَّه (1990).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا سفيان وذكر التشهد تشهد عبد اللَّه، فقال: حدثناه أبو إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد اللَّه، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (1)، ومنصور والأعمش وحماد، عن أبي وائل، عن عبد اللَّه، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مثله (2).
"العلل" رواية عبد اللَّه (2308).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا إسماعيل بن عمر قال: حدثنا يونس بن أبي إسحاق، عن ناجية أبي خفاف العنزي في سنة تسعين قال: يا أبا إسحاق تمارى عبد اللَّه وعمار في التيمم.
"العلل" رواية عبد اللَّه (2366).

وقال عبد اللَّه: سألته، قلت له: أيما أحب إليك شريك عن أبي إسحاق عن البهي، أو زائدة عن السدي عن البهي؟
قال: زائدة عن السدي عن البهي أحب إليَّ. كان زائدة إذا حدث بالحديث يتقنه، وكان شريك لا يبالي كيف حدث.
قلت له: أيما أحب إليك السدي أو أبو إسحاق؟
قال: أبو إسحاق رجل ثقة صالح، ولكن هؤلاء الذين حملوا عنه بآخرة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (2611).
وقال عبد اللَّه: سمعته يقول في حديث أبي إسحاق، عن عبد اللَّه بن أبي بصير، عن أبيه، عن أُبيّ، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في قصة الصلاة، فقال: سفيان وشعبة يقولان: عن أبي إسحاق، عن عبد اللَّه بن أبي بصير، لم يقولا: عن أبيه (1)، فذكره، وزهير وغيره يقولان: عن أبي إسحاق، عن عبد اللَّه بن أبي بصير، عن أبيه، عن أُبَيّ بن كعب، فذكر الحديث.
"العلل" رواية عبد اللَّه (2632).

وقال عبد اللَّه: وجدت في كتاب أبي بخط يده قال: حدثني عبد اللَّه -يعني: ابن عمر- قال: سمعت أبا بكر بن عياش قال: سمعت أبا إسحاق قال: صليت الجمعة مع علي بن أبي طالب، قال أبو بكر: قلت: أي ساعة؟ قال: بالهاجرة، ساعة زالت الشمس سواء.
"العلل" براوية عبد اللَّه (2713).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا الأعمش، عن أبي إسحاق، عن البراء قال: ما كل ما نحدثكم عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سمعناه من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولكن سمعناه وحدثنا أصحابنا ولكنا لا نكذب.
"العلل" رواية عبد اللَّه (2835).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو بكر بن عياش قال: حدثنا أبو إسحاق، عن سعد بن إياس البجلي قال: رأيت عبد اللَّه يخرج النساء من المسجد يوم الجمعة ويقول: اخرجن فإن هذا ليس لكن.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3082)
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو بكر بن عياش قال: سمعت أبا إسحاق يقول: ما رأيت رجلًا قط كان أعظم سجدة بين عينيه من عبد اللَّه ابن الزبير.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3084).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو أحمد الزبيري قال: حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن البراء قال: ما كل ما نحدثكموه سمعناه من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولكن حدثناه أصحابنا وكانت تشغلنا رعية الإبل.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3675).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا معاوية بن هشام قال: حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب قال: ما كل الحديث سمعناه من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، إنما كان أصحابنا يحدثوننا عنه، كانت تشغلنا رعية الإبل.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3676).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا ابن علية قال: حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق قال: سمعت عبد اللَّه بن يزيد يخطب، فقال: حدثنا البراء وكان غير كذوب.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3799).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا ابن عيينة، عن أبي إسحاق قال: كانوا يرون السعة عونًا على الدين، قيل لسفيان: سفيان الثوري ذكره؟ قال: نعم.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4210).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا ابن عيينة قال: كان أبو إسحاق يحدث به عنه فكان (الكوفيون) (1) يجون فيسألونه عنه، فسمعته كم من مرة -يعني: ابن أبي (حسين) (2): تعفو عمن ظلمك وتصل من قطعك وتعطي من حرمك.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4303).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: قال يحيى: كان يونس -يعني: ابن أبي إسحاق- يقول: أبو إسحاق: سمعت عديًّا، يعني: في حديث: "اتقوا النار ولو بشق تمرة" (3).
"العلل" رواية عبد اللَّه (4332)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، قال: سمعت عمرو بن ميمون يحدث عن عبد اللَّه قال: في هذه الآية {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ} [إبراهيم: 48] وقص الحديث. قال شعبة: ثم سمعته يقول: سمعت عمرو بن ميمون ولم يذكر عبد اللَّه ثم عاودته، فقال: حدثناه هبيرة عن عبد اللَّه.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4603).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن سليمان الأعمش، عن أبي وائل، عن حذيفة: لقد علم المحفوظون من أصحاب محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- أن ابن أمِّ عبد من أقربهم إلى اللَّه وسيلة -يعني: عبد اللَّه بن مسعود.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4713).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا حجاج، عن شعبة قال: سألت أبا إسحاق فقال: والإله ما كانوا ينامون حتى يُصلوا. يعني: في النوم قبل الصلاة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (5238).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن آدم، عن سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن عبد اللَّه بن يزيد الأنصاري، وكان قد أدرك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.
"العلل" رواية عبد اللَّه (5871)

قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو كامل والحسن بن موسى قالا: حدثنا زهير قال: وحدثنا أبو إسحاق أن عبد اللَّه بن يزيد الأنصاري قد رأى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.
"العلل" رواية عبد اللَّه (5873).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن عبد اللَّه بن سيف قال: قالت عائشة: من استعمل على الموسم؟
قالوا: ابن عباس.
قالت: هو أعلم الناس بالحج.
"العلل" رواية عبد اللَّه (5885).

قال ابن أبي خيثمة: وسمعت أحمد بن حنبل يقول: مات أبو إسحاق يوم دخل الضحاك بن قيس الكوفة سنة سبع وعشرين.
"مسند ابن الجعد" ص 77

يونس بن عبيد بن دينار العبدي

يونس بن عبيد بن دينار العبدي
قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه، وذكر أيوب، ويونس، وابن عون، والتيمي. فقال: هل في الدنيا مثل هؤلاء؟ !
"أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (269)

قال حرب: وسئل عن أصحاب الحسن؛ قال: لا يعدل أحد يونس.
"مسائل حرب" ص 481

قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد، عن يونس بن عبيد، قال: رأيت أبا عبيدة بن عبد اللَّه على رحاله، كأن وجهه دينار.
"العلل" رواية عبد اللَّه (62)
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا مؤمل قال: حدثنا حماد بن زيد فذكر حديثًا، قال: كنت أسأل يونس بن عبيد في مجلس أيوب فيقول بيده هكذا، ويضع يده على فيه، ووضع أبي يده على فيه.
"العلل" رواية عبد اللَّه (379)

وقال عبد اللَّه: قال أبي: لم يسمع يونس بن عبيد من نافع شيئًا، إنما سمع من ابن نافع عن أبيه.
"العلل" رواية عبد اللَّه (762)، (4033)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عفان قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد قال: حدثني يونس بن عُبيد، عن أمه قالت: رأيت أبا صفية -رجل من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قالت: وكان جارنا ههنا، قالت: فكان إذا أصبح يسبح بالحصى.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1796)، (5205)

وقال عبد اللَّه: سمعته يقول: وكان عند إسماعيل، عن يونس بن عبيد نحو من تسعمائة حديث.
"العلل" رواية عبد اللَّه (2609)

وقال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول في حديث ابن نُمير، عن سفيان قال: حدثنا يونس، عن الحسن، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا رأيتم معاوية على منبري هذا يخطب" (1) قال أبي: ليس هو من حديث يونس.
"العلل" رواية عبد اللَّه (2850)
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا رزق بن رزق بن أخي أكيدر دومة، قال: صلى سليمان بن علي على جنازة يونس بن عبيد فكبر عليها أربعًا.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3574)

وقال عبد اللَّه: قال أبي: عطاء بن فروخ مولى القرشيين، روى عنه يونس بن عبيد.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4452)

وقال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: يونس بن عبيد أبو عبد اللَّه.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4631)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: سألت إسماعيل ابن عليه: هل رأيت أحدًا من أصحابكم يرفع يديه في القنوت في الوتر؟
قال: لا.
قلت: ولا يونس، ولا أيوب؟
قال: لا.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4782)

قال سلمة بن شبيب: قال أحمد: قال يحيى بن سعيد: مات يونس في ثمان أو تسع وثلاثين ومائة.
"المعرفة والتاريخ" 1/ 120

قال الفضل بن زياد: قال أحمد: ما أحد في أصحاب الحسن أثبت من يونس، ولا أحد أسند عن الحسن من قتادة، قال: وكان عوف أقدم مجالسة للحسن من يونس.
"المعرفة والتاريخ" 2/ 165

قال سلمة بن شبيب: قال أحمد: حدثنا حجاج قال: قال شعبة: قال
يونس بن عبيد: ما كتبت شيئًا قط.
"المعرفة والتاريخ" 2/ 237

قال أبو طالب: قال أحمد بن حنبل: يونس بن عبيد ثقة.
"الجرح والتعديل" 9/ 242، "تهذيب الكمال" 32/ 520
يُوْنُسُ بنُ عُبَيْدِ بنِ دِيْنَارٍ العَبْدِيُّ مَوْلاَهُم
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، الحُجَّةُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ العَبْدِيُّ مَوْلاَهُم، البَصْرِيُّ.
مِنْ صِغَارِ التَّابِعِيْنَ، وَفُضَلاَئِهِم.
رَأَى: أَنَسَ بنَ مَالِكٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: الحَسَنِ، وَابْنِ سِيْرِيْنَ، وَعَطَاءٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَزِيَادِ بنِ جُبَيْرٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيِّ، وَعَمْرِو بنِ سَعِيْدٍ الثَّقَفِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ الجُمَحِيِّ، وَأَبِي بُرْدَةَ بنِ أَبِي مُوْسَى، وَحُمَيْدِ بنِ هِلاَلٍ، وَالحَكَمِ بنِ الأَعْرَجِ، وَحُصَيْنِ بنِ أَبِي الحُرِّ، وَثَابِتٍ البُنَانِيِّ، وَأَبِي العَالِيَةِ البَرَّاءِ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: حَجَّاجُ بنُ حَجَّاجٍ، وَشُعْبَةُ، وَسُفْيَانُ، وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، وَيَزِيْدُ بنُ زُرَيْعٍ، وَهُشَيْمٌ، وَعَبْدُ الوَارِثِ، وَحَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، وَعَبْدُ الأَعْلَى بنُ عَبْدِ الأَعْلَى، وَعَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي عَدِيٍّ، وَأَبُو هَمَّامٍ مُحَمَّدُ بنُ الزِّبْرِقَانِ، وَمُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَسَالِمُ بنُ نُوْحٍ، وَوُهَيْبٌ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: لَهُ نَحْوُ مائَتَيْ حَدِيْثٍ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً، كَثِيْرَ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِيْنٍ، وَالنَّاسُ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ هِشَامِ بنِ حَسَّانٍ، وَأَكْبَرُ مِنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، لاَ يَبلُغُ التَّيْمِيُّ مَنْزِلَةَ يُوْنُسَ.
وَعَنْ سَلَمَةَ بنِ عَلْقَمَةَ، قَالَ: جَالَستُ يُوْنُسَ بنَ عُبَيْدٍ، فَمَا اسْتَطَعْتُ أَنْ آخُذَ عَلَيْهِ كَلِمَةً.قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مَا كَتَبتُ شَيْئاً قَطُّ.
وَقَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: كَانَ يُوْنُسُ يُحَدِّثُ، ثُمَّ يَقُوْلُ: أَسْتَغْفِرُ اللهَ، أَسْتَغْفِرُ اللهَ - ثَلاَثاً -.
رَوَى: الأَصْمَعِيُّ، عَنْ مُؤَمَّلِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ، قَالَ:
جَاءَ رَجُلٌ شَامِيٌّ إِلَى سُوْقِ الخَزَّازِيْنَ، فَقَالَ: عِنْدَكَ مُطْرفٌ بِأَرْبَعِ مائَةٍ؟
فَقَالَ يُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ: عِنْدَنَا بِمائَتَيْنِ.
فَنَادَى المُنَادِي: الصَّلاَةَ.
فَانْطَلَقَ يُوْنُسُ إِلَى بَنِي قُشَيْرٍ لِيُصَلِّيَ بِهِم، فَجَاءَ وَقَدْ بَاعَ ابْنُ أُخْتِه المُطْرفَ مِنَ الشَّامِيِّ بِأَرْبَعِ مائَةٍ، فَقَالَ: مَا هَذِهِ الدَّرَاهِمُ؟
قَالَ: ثَمَنُ ذَاكَ المُطْرفِ.
فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللهِ! هَذَا المُطْرفُ الَّذِي عَرَضتُه عَلَيْكَ بِمائَتَيْ دِرْهَمٍ، فَإِنْ شِئْتَ، فَخُذهُ، وَخُذْ مائَتَيْنِ، وَإِنْ شِئْتَ، فَدَعْه.
قَالَ: مَنْ أَنْتَ؟
قَالَ: أَنَا رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِيْنَ.
قَالَ: أَسْأَلُكَ بِاللهِ مَنْ أَنْتَ، وَمَا اسْمُكَ؟
قَالَ: يُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ.
قَالَ: فَوَاللهِ إِنَّا لَنَكُوْنُ فِي نَحرِ العَدُوِّ، فَإِذَا اشْتَدَّ الأَمرُ عَلَيْنَا، قُلْنَا: اللَّهُمَّ رَبَّ يُوْنُسَ، فَرِّجْ عَنَّا، أَوْ شَبِيْهَ هَذَا ...
فَقَالَ يُوْنُسُ: سُبْحَانَ اللهِ، سُبْحَانَ اللهِ.
إِسْنَادُهَا مُرْسَلٌ.
وَقَالَ أُمَيَّةُ بنُ خَالِدٍ: جَاءتِ امْرَأَةٌ يُوْنُسَ بنَ عُبَيْدٍ بِجُبَّةِ خَزٍّ، فَقَالَتْ لَهُ: اشْتَرِهَا.
قَالَ: بِكَم؟
قَالَتْ: بِخَمْسِ مائَةٍ.
قَالَ: هِيَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ.
قَالَتْ: بِسِتِّ مائَةٍ.
قَالَ: هِيَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ.
فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى بَلَغَتْ أَلْفاً.
وَكَانَ يَشْتَرِي الإِبْرِيْسمَ مِنَ البَصْرَةِ، فَيَبْعَثُ بِهِ إِلَى وَكِيْلِه بِالسُّوْسِ، وَكَانَ وَكِيْلُه يَبْعَثُ إِلَيْهِ بِالخَزِّ، فَإِنْ كَتَبَ وَكِيْلُه إِلَيْهِ: إِنَّ المَتَاعَ عِنْدَهُم زَائِدٌ، لَمْ يَشتَرِ مِنْهُم أَبَداً حَتَّى يُخْبِرَهُم أَنَّ وَكِيْلَه كَتَبَ إِلَيْهِ أَنَّ المَتَاعَ عِنْدَهُم زَائِدٌ.
قَالَ بِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ: جَاءتِ امْرَأَةٌ بِمُطْرفٍ خَزٍّ إِلَى يُوْنُسَ بنِ عُبَيْدٍ تَعرِضُهُ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهَا: بِكَم؟قَالَتْ: بِسِتِّيْنَ دِرْهَماً.
فَأَلقَاهُ إِلَى جَارِهِ، فَقَالَ: كَيْفَ تَرَاهُ؟
قَالَ: بِعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
قَالَ: أَرَى ذَاكَ ثَمَنَه، أَوْ نَحْواً مِنْ ثَمَنِه.
فَقَالَ لَهَا: اذْهَبِي، فَاسْتَأْمِرِي أَهْلَكِ فِي بَيْعِه بِخَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
قَالَتْ: قَدْ أَمرُوْنِي أَنْ أَبِيْعَه بِسِتِّيْنَ.
قَالَ: ارْجِعِي، فَاسْتَأْمِرِيْهِم.
وَقَالَ سَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ الضُّبَعِيُّ: حَدَّثَنَا أَسْمَاءُ بنُ عُبَيْدٍ، سَمِعْتُ يُوْنُسَ بنَ عُبَيْدٍ يَقُوْلُ:
لَيْسَ شَيْءٌ أَعَزَّ مِنْ شَيْئَيْنِ: دِرْهَمٍ طَيِّبٍ، وَرَجُلٍ يَعْمَلُ عَلَى سُنَّةٍ.
وَقَالَ: بِئْسَ المَالُ مَالُ المُضَارَبَةِ، وَهُوَ خَيْرٌ مِنَ الدَّيْنِ، مَا خَطَّ عَلَى سَوْدَاءَ فِي بَيْضَاءَ قَطُّ، وَلاَ أَسْتَطِيْعُ أَنْ أَقُوْلَ لِمائَةِ دِرْهَمٍ أَصَبْتُهَا إِنَّهُ طَابَ لِي مِنْهَا عَشْرَةٌ، وَايْمُ اللهِ، لَوْ قُلْتُ: خَمْسَةٌ، لَبَرَرْتُ.
قَالَهَا غَيْرَ مَرَّةٍ.
وَسَمِعْتُه يَقُوْلُ: مَا سَارِقٌ يَسرِقُ النَّاسَ بَأْسوَأَ عِنْدِي مَنْزِلَةً مِنْ رَجُلٍ أَتَى مُسْلِماً، فَاشْتَرَى مِنْهُ مَتَاعاً إِلَى أَجَلٍ مُسَمَّىً، فَحَلَّ الأَجَلُ، فَانْطَلقَ فِي الأَرْضِ، يَضرِبُ يَمِيْناً وَشِمَالاً، يَطْلُبُ فِيْهِ مِنْ فَضْلِ اللهِ، وَاللهِ لاَ يُصِيْبُ مِنْهُ دِرْهَماً إِلاَّ كَانَ حَرَاماً.
الأَصْمَعِيُّ: حَدَّثَنَا سَكَنٌ صَاحِبُ الغَنَمِ، قَالَ:
جَاءنِي يُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ بِشَاةٍ، فَقَالَ: بِعْهَا، وَابْرَأْ مِنْ أَنَّهَا تَقْلِبُ العَلَفَ، وَتَنْزِعُ الوَتَدَ، فَبَيِّنْ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ البَيْعُ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُقْرِئُ: نَشَرَ يُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ ثَوْباً عَلَى رَجُلٍ، فَسَبَّحَ رَجُلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ، فَقَالَ: ارْفَعْ، أَحْسِبُهُ قَالَ: مَا وَجَدْتَ مَوْضِعَ التَّسْبِيْحِ إِلاَّ هَا هُنَا؟
وَعَنْ جَعْفَرِ بنِ بُرْقَانَ، قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ يُوْنُسَ فَضْلٌ وَصَلاَحٌ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ
أَكْتُبَ إِلَيْهِ أَسْأَلُه.فَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَتَانِي كِتَابُكَ، تَسْأَلُنِي أَنْ أَكْتُبَ إِلَيْكَ بِمَا أَنَا عَلَيْهِ، فَأُخْبِرُكَ أَنِّي عَرَضتُ عَلَى نَفْسِي أَنْ تُحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لَهَا، وَتَكْرَهَ لَهُم مَا تَكْرَهُ لَهَا، فَإِذَا هِيَ مِنْ ذَاكَ بَعِيْدَةٌ، ثُمَّ عَرَضتُ عَلَيْهَا مَرَّةً أُخْرَى تَرْكَ ذِكْرِهِم إِلاَّ مِنْ خَيْرٍ، فَوَجَدتُ الصَّومَ فِي اليَوْمِ الحَارِّ أَيسَرَ عَلَيْهَا مِنْ ذَلِكَ، هَذَا أَمْرِي يَا أَخِي، وَالسَّلاَمُ.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ: قِيْلَ: إِنَّ يُوْنُسَ بنَ عُبَيْدٍ قَالَ:
إِنِّي لأَعُدُّ مائَةَ خَصلَةٍ مِنْ خِصَالِ البِرِّ، مَا فِيَّ مِنْهَا خَصلَةٌ وَاحِدَةٌ.
ثُمَّ قَالَ سَعِيْدٌ: عَنْ جَسْرٍ أَبِي جَعْفَرٍ، قَالَ:
دَخَلْتُ عَلَى يُوْنُسَ بنِ عُبَيْدٍ أَيَّامَ الأَضْحَى، فَقَالَ: خُذْ لَنَا كَذَا وَكَذَا مِنْ شَاةٍ.
ثُمَّ قَالَ: وَاللهِ مَا أُرَاهُ يُتَقَبَّلُ مِنِّي شَيْءٌ، قَدْ خَشِيْتُ أَنْ أَكُوْنَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ.
قُلْتُ: كُلُّ مَنْ لَمْ يَخْشَ أَنْ يَكُوْنَ فِي النَّارِ، فَهُوَ مَغْرُوْرٌ، قَدْ أَمِنَ مَكْرَ اللهِ بِهِ.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ: عَنْ سَلاَّمِ بنِ أَبِي مُطِيْعٍ - أَوْ غَيْرِهِ - قَالَ:
مَا كَانَ يُوْنُسُ بِأَكْثَرِهِم صَلاَةً وَلاَ صَوماً، وَلَكِنْ - لاَ وَاللهِ - مَا حَضَرَ حَقٌّ للهِ إِلاَّ وَهُوَ مُتَهَيِّئٌ لَهُ.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ: قَالَ يُوْنُسُ: هَان عَلَيَّ أَنْ آخذَ نَاقِصاً، وَغَلَبَنِي أَنْ أُعْطِيَ رَاجِحاً.
وَقِيْلَ: إِنَّ يُوْنُسَ نَظَرَ إِلَى قَدَمَيْهِ عِنْدَ المَوْتِ، وَبَكَى، فَقِيْلَ: مَا يُبْكِيْكَ أَبَا عَبْدِ اللهِ؟
قَالَ: قَدَمَايَ، لَمْ تَغْبَرَّ فِي سَبِيْلِ اللهِ.
قَالَ: وَحَدَّثَنَا مُبَارَكُ بنُ فَضَالَةَ، عَنْ يُوْنُسَ بنِ عُبَيْدٍ، قَالَ:
لاَ تَجِدُ مِنَ البِرِّ شَيْئاً وَاحِداً يَتبَعُهُ البِرُّ كُلُّه غَيْرَ اللِّسَانِ، فَإِنَّكَ تَجِدُ الرَّجُلَ يُكثِرُ الصِّيَامَ، وَيُفْطِرُ
عَلَى الحَرَامِ، وَيَقُوْمُ اللَّيلَ، وَيَشْهَدُ بِالزُّورِ بِالنَّهَارِ ... - وَذَكَرَ أَشْيَاءَ نَحْوَ هَذَا - وَلَكِنْ لاَ تَجِدُه لاَ يَتَكَلَّمُ إِلاَّ بِحَقٍّ، فَيُخَالِفُ ذَلِكَ عَمَلُه أَبَداً.وَعَنْ جَارٍ لِيُوْنُسَ، قَالَ:
مَا رَأَيْتُ أَكْثَرَ اسْتِغْفَاراً مِنْ يُوْنُسَ، كَانَ يَرْفَعُ طَرْفَه إِلَى السَّمَاءِ، وَيَسْتَغْفِرُ.
قَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: سَمِعْتُ يُوْنُسَ يَقُوْلُ:
تُوشكُ عَيْنُكَ أَنْ تَرَى مَا لَمْ تَرَ، وَأَذُنُكَ أَنْ تَسْمَعَ مَا لَمْ تَسْمَعْ، ثُمَّ لاَ تَخْرُجَ مِنْ طَبَقَةٍ إِلاَّ دَخَلتَ فِيْمَا هُوَ أَشَدُّ مِنْهَا، حَتَّى يَكُوْنَ آخِرَ ذَلِكَ الجَوَازُ عَلَى الصِّرَاطِ.
وَقَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: شَكَا رَجُلٌ إِلَى يُوْنُسَ وَجَعاً فِي بَطْنِه، فَقَالَ لَهُ:
يَا عَبْدَ اللهِ! هَذِهِ دَارٌ لاَ تُوَافِقُكَ، فَالْتَمِسْ دَاراً تُوَافِقُكَ.
وَقَالَ غَسَّانُ بنُ المُفَضَّلِ الغَلاَبِيُّ: حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا، قَالَ:
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى يُوْنُسَ بنِ عُبَيْدٍ، فَشَكَا إِلَيْهِ ضِيقاً مِنْ حَالِهِ، وَمَعَاشِه، وَاغتِمَاماً بِذَلِكَ، فَقَالَ: أَيَسُرُّكَ بِبَصَرِكَ مائَةُ أَلْفٍ؟
قَالَ: لاَ.
قَالَ: فَبِسَمْعِكَ؟
قَالَ: لاَ.
قَالَ: فَبِلِسَانِكَ؟
قَالَ: لاَ.
قَالَ: فَبِعَقْلِكَ؟
قَالَ: لاَ ... ، فِي خِلاَلٍ، وَذَكَّرَه نِعَمَ اللهِ عَلَيْهِ.
ثُمَّ قَالَ يُوْنُسُ: أَرَى لَكَ مِئِيْنَ أُلُوفاً، وَأَنْتَ تَشكُو الحَاجَةَ؟!
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: سَمِعْتُ يُوْنُسَ بنَ عُبَيْدٍ يَقُوْلُ:
عَمدنَا إِلَى مَا يُصلِحُ النَّاسَ، فَكَتَبْنَاهُ، وَعَمدنَا إِلَى مَا يُصلِحُنَا، فَتَرَكْنَاهُ.
وَعَنْ يُوْنُسَ، قَالَ: يُرجَى لِلرَّهِقِ بِالبِرِّ الجَنَّةُ، وَيُخَافُ عَلَى المُتَأَلِّهِ بِالعُقُوقِ النَّارُ.
قَالَ حَزْمُ بنُ أَبِي حَزْمٍ: مَرَّ بِنَا يُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ عَلَى حِمَارٍ، وَنَحْنُ قُعُوْدٌ عَلَى بَابِ ابْنِ لاَحِقٍ، فَوَقَفَ، فَقَالَ:
أَصْبَحَ مَنْ إِذَا عُرِّفَ السُّنَّةَ عَرَفَهَا، غَرِيْباً، وَأَغرَبُ مِنْهُ الَّذِي يُعَرِّفُهَا.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ: حَدَّثَنَا جَسْرٌ أَبُو جَعْفَرٍ، قُلْتُ لِيُوْنُسَ:مَرَرْتُ بِقَوْمٍ يَخْتَصِمُوْنَ فِي القَدَرِ، فَقَالَ: لَوْ هَمَّتْهُم ذُنُوْبُهُم، مَا اخْتَصَمُوا فِي القَدَرِ.
قَالَ النَّضْرُ بنُ شُمَيْلٍ: غَلاَ الخَزُّ فِي مَوْضِعٍ كَانَ إِذَا غَلاَ هُنَاكَ غَلاَ بِالبَصْرَةِ، وَكَانَ يُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ خَزَّازاً، فَعَلِمَ بِذَلِكَ، فَاشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ مَتَاعاً بِثَلاَثِيْنَ أَلْفاً، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ، قَالَ لِصَاحِبِهِ: هَلْ كُنْتَ عَلِمتَ أَنَّ المَتَاعَ غَلاَ بِأَرْضِ كَذَا وَكَذَا؟
قَالَ: لاَ، وَلَوْ عَلِمتُ لَمْ أَبِعْ.
قَالَ: هَلُمَّ إِلَيَّ مَالِي، وَخُذْ مَالَكَ.
فَرَدَّ عَلَيْهِ الثَّلاَثِيْنَ الأَلْفَ.
قَالَ حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: سَمِعْتُ يُوْنُسَ يَقُوْلُ: مَا هَمَّ رَجُلاً كَسْبُهُ إِلاَّ هَمَّهُ أَيْنَ يَضَعُه؟
مَخْلَدُ بنُ الحُسَيْنِ: عَنْ هِشَامِ بنِ حَسَّانٍ، قَالَ:
مَا رَأَيْتُ أَحَداً يَطْلُبُ بِالعِلْمِ وَجْهَ اللهِ، إِلاَّ يُوْنُسَ بنَ عُبَيْدٍ.
عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ الحَسَنِ البَاهِلِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، قَالَ:
قَالَ يُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ: ثَلاَثَةٌ احْفَظُوهُنَّ عَنِّي: لاَ يَدْخُلْ أَحَدُكُم عَلَى سُلْطَانٍ يَقْرَأُ عَلَيْهِ القُرْآنَ، وَلاَ يَخْلُوَنَّ أَحَدُكُم مَعَ امْرَأَةٍ يَقْرَأُ عَلَيْهَا القُرْآنَ، وَلاَ يُمَكِّنْ أَحَدُكُم سَمْعَهُ مِنْ أَصْحَابِ الأَهْوَاءِ.
ضَمْرَةُ: عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ، سَمِعْتُ يُوْنُسَ وَابْنَ عَوْنٍ اجْتَمَعَا، فَتَذَاكَرَا الحَلاَلَ وَالحَرَامَ، فَكِلاَهُمَا قَالَ: مَا أَعْلَمُ فِي مَالِي دِرْهَماً حَلاَلاً.
قُلْتُ: وَالظَنُّ بِهِمَا أَنَّهُمَا لاَ يَعْرِفَانِ فِي مَالِهِمَا أَيْضاً دِرْهَماً حَرَاماً.
وَقَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ: سَمِعْتُ يُوْنُسَ يَقُوْلُ:
خَصْلَتَانِ إِذَا صَلَحَتَا مِنَ العَبْدِ، صَلُحَ مَا سِوَاهُمَا: صَلاَتُه، وَلِسَانُه.
وَرَوَى: سَلاَّمُ بنُ أَبِي مُطِيْعٍ، عَنْ يُوْنُسَ، قَالَ:رَحِمَ اللهُ الحَسَنَ، إِنِّي لأَحْسِبُ الحَسَنَ تَكَلَّمَ حُسبَةً، رَحِمَ اللهُ مُحَمَّداً، إِنِّي لأَحسِبُه سَكَتَ حُسبَةً.
سَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ: حَدَّثَنَا حَرْبُ بنُ مَيْمُوْنٍ الصَّدُوْقُ المُسْلِمُ، عَنْ خُوَيلٍ -يَعْنِي: خَتَنَ شُعْبَةَ- قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ يُوْنُسَ، فَجَاءهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ! تَنْهَانَا عَنْ مُجَالَسَةِ عَمْرِو بنِ عُبَيْدٍ، وَقَدْ دَخَلَ عَلَيْهِ ابْنُكَ؟!
قَالَ: ابْنِي؟!
قَالَ: نَعَمْ.
فَتَغَيَّظَ الشَّيخُ، فَلَمْ أَبرَحْ حَتَّى جَاءَ ابْنُه، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ! قَدْ عَرَفْتَ رَأْيِي فِي عَمْرٍو، ثُمَّ تَدخُلُ عَلَيْهِ؟!
قَالَ: كَانَ مَعِي فُلاَنٌ ... ، وَجَعَلَ يَعْتَذِرُ.
قَالَ: أَنْهَاكَ عَنِ الزِّنَى، وَالسَّرِقَةِ، وَشُربِ الخَمْرِ، وَلأَنْ تَلْقَى اللهَ بِهنَّ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ تَلقَاهُ بِرَأْيِ عَمْرٍو، وَأَصْحَابِ عَمْرٍو.
وَقَالَ سَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ: قَالَ يُوْنُسُ: إِنِّي لأَعُدُّهَا مِنْ نِعْمَةِ اللهِ أَنِّي لَمْ أَنْشَأْ بِالكُوْفَةِ.
وَقِيْلَ: الْتَقَى يُوْنُسُ وَأَيُّوْبُ، فَلَمَّا تَفَرَّقَا، قَالَ أَيُّوْبُ: قَبَّحَ اللهَ العَيْشَ بَعْدَك.
وَقَالَ فُضَيْلُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
أَرَادَ يُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ أَنْ يُلجِمَ حِمَاراً، فَلَمْ يُحسِنْ، فَقَالَ لِصَاحِبٍ لَهُ: تَرَى اللهَ كَتَبَ الجِهَادَ عَلَى رَجُلٍ لاَ يُلجِمُ حِمَاراً؟!
أَنْبَأَنِي أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ أَبِي المَكَارِمِ اللَّبَّانِ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ التُّسْتَرِيُّ البَزَّازُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ صُدْرَانَ، حَدَّثَنَا عَامِرُ بنُ أَبِي عَامِرٍ الخَرَّازُ، سَمِعْتُ يُوْنُسَ بنَ عُبَيْدٍ، وَهُوَ يَرثِي بِهَذِهِ الأَبْيَاتِ:
مِنَ المَوْتِ لاَ ذُوْ الصَّبْرِ يُنْجِيْهِ صَبْرُهُ ... وَلاَ لِجَزُوعٍ كَارهِ المَوْتِ مَجْزَعُ
أَرَى كُلَّ ذِي نَفْسٍ وَإِنْ طَالَ عُمْرُهَا ... وَعَاشَتْ، لَهَا سُمٌّ مِنَ المَوْتِ مُنْقَعُفَكُلُّ امْرِئٍ لاَقٍ مِنَ المَوْتِ سَكْرَةً ... لَهُ سَاعَةٌ فِيْهَا يَذِلُّ وَيَضْرَعُ
وَإِنَّك مَنْ يُعْجِبْكَ لاَ تَكُ مِثْلَهُ ... إِذَا أَنْتَ لَمْ تَصْنَعْ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ
قَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: وُلِدَ يُوْنُسُ قَبْلَ طَاعُوْنِ الجَارِفِ.
وَقِيْلَ: كَانَ يُوْنُسُ أَسَنَّ مِنْ أَبِي عَوْنٍ بِسَنَةٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: مَاتَ يُوْنُسُ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ فَهْدُ بنُ حَيَّانَ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ: رَأَيْتُ سُلَيْمَانَ وَعَبْدَ اللهِ ابْنَيْ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ، وَابْنَيْ سُلَيْمَانَ يَحْمِلُوْنَ سَرِيْرَ يُوْنُسَ بنِ عُبَيْدٍ عَلَى أَعْنَاقِهِم، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيٍّ: هَذَا -وَاللهِ- الشَّرَفُ!
قُلْتُ: كَانَ عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيٍّ بَعْدَ أَنْ بُوْيِعَ بِالخِلاَفَةِ بِالشَّامِ وَغَيْرِهَا، قَدْ عَمِلَ مَصَافّاً مَعَ أَبِي مُسْلِمٍ الخُرَاسَانِيِّ، فَانْهَزَمَ جَيْشُ عَبْدِ اللهِ، وَفَرَّ هُوَ إِلَى عِنْدِ أَخِيْهِ أَمِيْرِ البَصْرَةِ سُلَيْمَانَ، فَأَجَارَهُ مِنَ المَنْصُوْرِ.
فَأَمَّا يُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ: فَشَيْخٌ لاَ يُعْرَفُ، مِنْ مَوَالِي ثَقِيْفٍ.
لَهُ عَنِ البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ: كَانَتْ رَايَةُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَوْدَاءَ مِنْ نَمِرَةٍ.
لَمْ يَرْوِ عَنْهُ سِوَى أَبِي يَعْقُوْبَ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الثَّقَفِيِّ.
أَخْرَجَهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَه.
فَيَظُنُّه مَنْ لاَ يَدْرِي أَنَّهُ الإِمَامُ البَصْرِيُّ، صَاحِبُ التَّرْجَمَةِ.وَرَوَى: حُمَيْدُ بنُ هِلاَلٍ، عَنْ يُوْنُسَ، عَنِ البَرَاءِ: لَهُ فِي أَوَّلِ (غَرِيْبِ أَبِي عُبَيْدٍ) .
فَيُقَالُ لَهُ: إِنَّ صَاحِبَ التَّرْجَمَةِ لاَ يُدْرِكُ البَرَاءَ.
فَيَقُوْلُ: مَا المَانَعُ مِنْ أَنْ يَكُوْنَ رَوَى عَنِ البَرَاءِ مُرْسَلاً؟
فَيُقَالُ لَهُ: إِنَّ صَاحِبَ التَّرجَمَةِ مِنْ مَوَالِي عَبْدِ القَيْسِ، وَالرَّاوِي حَدِيْثَ الرَّايَةِ مِنْ مَوَالِي ثَقِيْفٍ.
وَقَدْ جَمَعَ أَبُو عَرُوْبَةَ الحَرَّانِيُّ حَدِيْثَ يُوْنُسَ بنِ عُبَيْدٍ الإِمَامِ، وَقَرَأْتُ مِنْ ذَلِكَ الجُزْءَ الأَوَّلَ وَالثَّانِي عَلَى أَبِي الفَضْلِ أَحْمَدَ بنِ هِبَةِ اللهِ بنِ تَاجِ الأُمَنَاءِ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ الهَرَوِيِّ، أَنْبَأَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَدِيْبُ، أَنْبَأَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَرُوْبَةَ بِحَرَّانَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ شَاهِيْنٍ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ يُوْنُسَ، عَنِ الحَكَمِ بنِ الأَعْرَجِ، عَنِ الأَشْعَثِ بن ثُرْمُلَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (مَنْ قَتَلَ مُعَاهِداً بِغَيْرِ حِلِّهِ، حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ أَنْ يَجِدَ رِيْحَهَا ) .
هَذَا حَدِيْثٌ صَالِحُ الإِسْنَادِ.
أَخْرَجَهُ: النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيْقِ ابْنِ عُلَيَّةَ، عَنْ يُوْنُسَ.

ايوب بن سويد ابو مسعود الرملي

أَيُّوبَ بْنِ سُوَيْدٍ أَبُو مَسْعُودٍ الرَّمْلِيُّ.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْممتنعِ الأَيْلِيُّ، حَدَّثَنا أَبُو الطَّاهِرِ بْنُ السَّرْحِ، حَدَّثَنا أَبُو مَسْعُودٍ أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنا عَبد الْوَهَّابِ بْنُ أَبِي عِصْمَةَ، حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي يَحْيى، قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَقُولُ أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ ضَعِيفٌ.
حَدَّثَنَا مُحَمد بن علي المروزي، حَدَّثَنا عثمان بن سَعِيد، قالَ: سَألتُ يَحْيى بْنُ مَعِين عَنْ أَيُّوبَ بْنِ سُوَيْدٍ أَعْنِي الرَّمْلِيُّ قَالَ ليس بشَيْءٍ.
حَدَّثَنَا ابن حماد، حَدَّثَنا الْعَبَّاسُ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيى يَقُولُ: أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ لَيْسَ بشَيْءٍ كَانَ يَسْرِقُ الأَحَادِيثَ قَالَ أَهْلُ الرَّمْلَةِ حَدَّثَ، عنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ بِأَحَادِيثَ ثُمَّ، قَال: حَدَّثني أُولَئِكَ الشُّيُوخُ الَّذِينَ حَدَّثَ ابْنُ المُبَارك عَنْهُمْ.
حَدَّثَنَا ابْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنا معاوية، عَن يَحْيى، قال: أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ كَانَ يَدَّعِي أَحَادِيثَ النَّاسِ.
حَدَّثَنَا الْجُنَيْدِيُّ، حَدَّثَنا البُخارِيّ قَالَ كُنْيَةُ أَيُّوبَ بْنِ سويد أبو مسعود الحميري
الشيباني الرملي رماه بن مَعِين.
قال عَبد اللَّه بْنُ أَيُّوبَ غَرِقَ فِي الْبَحْرِ.
سمعتُ ابن حماد يقول: قال البُخارِيّ أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ أَبُو مَسْعُودٍ الْحُمَيْرِيُّ الشَّيْبَانِيُّ، عَن يَحْيى بن أبي عَمْرو السيباني يَتَكَلَّمُونَ فِيهِ.
حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْبَرِيُّ، حَدَّثَنا أَبُو عِيسَى التِّرمِذِيّ، حَدَّثَنا أحمد بن عبدة الآمُلِيُّ عَنْ وَهْبِ بْنِ زَمْعَةَ عَنْ عَبد اللَّهِ بْنِ المُبَارك أَنَّهُ تَرَكَ حَدِيثَ أَيُّوبَ بْنِ سُوَيْدٍ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ لَيْسَ بِثِقَةٍ.
سمعتُ ابْنَ قُتَيْبَةَ يَقُولُ: سَمعتُ أَبَا عُمَير يَقُولُ كَانَ أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ إِذَا رَأَى حَدِيثَهُ مَعَ حَدِيثٍ غَيْرِهِ قَالَ لَقَدْ جَمَعْتُ بَيْنَ أَرْوَى وَالنّعام.
وَكَانَ أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ إِذَا غَضِبَ كَأَنَّهُ ثُعْبَانٌ وَكَانَ أَيُّوبُ إِذَا أَنْكَرَ حَدِيثًا قَالَ احْفُرُوا بِحَافِرِ حِمَارٍ وَكُنَّا إِذَا سَأَلْنَا أَيُّوبَ، عَن كِتَابٍ قَالَ ذَاكَ خَبَّأْتُهُ لابْنِي مُحَمد.
سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ الْغَزِّيَّ بِغَزَّةَ يَقُولُ: سَمعتُ أَبَا عُمَير يَقُولُ مَا كَانَ بَيْنَ ضَمْرَةَ وَأَيُّوبَ بْنِ سُوَيْدٍ تَبَاعُدٌ فَكَانَ ضَمْرَةُ إِذَا مَرَّ بِأَيُّوبَ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ انْظُرُوا إِلَيْهِ مَا أَبْيَنَ الْعُبُودِيَّةَ فِي رَقَبَتْهِ وَكَانَ أيوب إذا مر بصخرة قَالَ انْظُرُوا إِلَيْهِ لَوْ أُمِرَ أَنْ يَدْعُوَ لِلشَّيْطَانِ لَدَعَا لَهُ.
وَكَانَ أَيُّوبُ يَؤُمُّ النَّاسَ قَالَ وَكَانَ أَيُّوبُ يُحَدِّثُنَا وَيَقُولُ هَذِهِ والله أحاديث رافعة رؤوسها لَيْسَ كَمَا ضُرِبَ عَلَيْهَا بِالْجَرَسِ لَمْ تُعْرَفْ.
حَدَّثَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنا ابْنُ أَبِي السُّرِّيِّ، قَال: قَال لِي حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ مَا فَعَلَ أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ قُلْتُ فِي عَافِيَةٍ قَالَ إِنَّهُ قَدِمَ عَلَيْنَا أَيَّامَ مِسْعَرٍ وَلَهُ شِعْرٌ وَكَانَ يُكَاتِبُنَا ثُمَّ قَطَعَ قُلْتُ مِنْ أَجْلِ الْفِتْنَةِ يَا أَبَا عَبد اللَّهِ.
حَدَّثَنَا يَحْيى بْنُ زَكَرِيَّا بْنُ حَيْوَيْهِ، حَدَّثَنا يُونُس بْنُ عَبد الأَعْلَى قَالَ سَمِعَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ أَيُّوبَ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ يَعْنِي عَنِ الأَوْزاعِيّ، عنِ الزُّهْريّ عَنْ حَرَامِ بْنِ مُحَيِّصَةَ عَنِ الْبَرَاءِ أَنَّ نَاقَةً دَخَلَتْ حَائِطًا فَأَفْسَدَتْ لأَنَّ أَيُّوبَ اسنده إلى البراء
وَسَمِعْتُ حَدِيثَ يُونُس، عنِ الزُّهْريّ عَنْ سَعِيد بْنِ المُسَيَّب عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَتَيْتُ أَنَا وَعُثْمَانُ فِي سَهْمِ ذِي الْقُرْبَى.
قِيلَ لِيُونُسَ صَارَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيُّ؟ قَال: لاَ ولكن جيىء بِأَيُّوبَ إِلَى دَارِ بَنِي فُلانٍ فَسَمِعَ الشَّافِعِيُّ مِنْهُ أَحَادِيثَ مِنْ كِتَابِهِ وَاتَّخَذَ لَهُمْ طَعَامًا وَكَانَ هَذَا قَولَ الشَّافِعِيِّ فَأَحَبَّ أَنْ يَسْمَعَ الأَحَادِيثَ مِنْهُ وَكَانَ قَدْ حَمَلَ أَيُّوبُ مَعَهُ كِتَابِهِ فَنَظَرْنَا فِي كِتَابِهِ فَسَمِعَ مِنْهُ.
حَدَّثَنَا مُحَمد بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنا يُونُس بْنُ عَبد الأَعْلَى، حَدَّثَنا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ عَنِ الأَوْزاعِيّ، عنِ الزُّهْريّ عَنْ حَرَامِ بْنِ مُحَيِّصَةَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّ نَاقَةً لِرَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ دَخَلَتْ حَائِطًا فَأَفْسَدَتْ فِيهِ فَقَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ عَلَى أَهْلِ الْحَوَائِطِ حِفْظَهَا بِالنَّهَارِ وَعَلَى أَهْلِ الْمَوَاشِي مَا أَفْسَدَتْ مَوَاشِيهِمْ بِاللَّيْلِ.
حَدَّثَنَا مُحَمد بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ قُتَيْبَةَ وَالْفَضْلُ بن عَبد اللَّه بن سليمان، وَعَبد اللَّهِ بْنُ مُحَمد بْنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ، وَعَبد اللَّهِ بْنُ مُحَمد بْنِ مُسْلِمٍ، وَابْنُ حَمَّادٍ وَغَيْرُهُمْ قَالُوا، حَدَّثَنا جَعْفَرُ بْنُ مُسَافِرٍ، حَدَّثَنا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ عَنِ الأَوْزاعِيّ وَسُفْيَانُ الثَّوْريّ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَن أَنَس بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ بَزَقَ فِي ثَوْبِهِ.
قَالَ الشَّيْخُ: وَلَمْ أَرَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ غَيْرَ أَيُّوبَ بْنِ سُوَيْدٍ.
وَقَالَ الشَّيْخُ: وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ حَدِيثِ الثَّوْريّ عَنْ حُمَيْدٍ مَعْرُوفٌ وَعَنِ الأَوْزاعِيّ عَنْ حُمَيْدٍ لَمْ يُحَدِّثْ بِهِ غَيْرُ أَيُّوبَ هذا
حَدَّثَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ أَيُّوبَ بْنِ سُوَيْدٍ، حَدَّثني أَبِي عَنِ الأَوْزاعِيّ، عَن يَحْيى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَن أَبِي سَلَمَةَ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ يَقُولُ إِذَا تَنَاوَلَ الْعَبْدُ كاس من الْخَمْرِ فِي يَدِهِ نَادَاهُ الإِيمَانُ ناشدتك الله ان تُدْخِلَهُ عَلِيَّ فَإِنِّي لا أَسْتَقِرُّ أَنَا، وَهو فِي مَوْضِعٍ فَإِنْ شَرِبَهُ نَفَرَ مِنْهُ نَفْرَةً لَمْ يَعُدْ إِلَيْهِ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَبَهُ مِنْ عَقْلِهِ سَلْبًا لا يَرُدُّهُ إِلَيْهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
قَالَ الشَّيْخُ: ولاَ أَعْلَمُ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الأَوْزاعِيّ غَيْرَ أَيُّوبَ هَذَا وَعَنْ أَيُّوبَ ابْنُهُ مُحَمد.
حَدَّثَنَا مُحَمد بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثني أَبِي، حَدَّثَنا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ عَنِ الأَوْزاعِيّ، عَن يَحْيى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَن أَنَس بْنِ مَالِكٍ، قَال: قَال رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِأَنْ عَظَّمُوا مُلُوكَهُمْ بِأَنْ قَامُوا وَقَعَدُوا.
قَالَ الشَّيْخُ: وَهَذَا الْحَدِيثُ بَهَذَا الإِسْنَادِ لا يَرْوِيهِ عَنِ الأَوْزاعِيّ غَيْرُ أَيُّوبَ وَعَنْ أيوب والد بن قُتَيْبَةَ وَلَمْ نَكْتُبْهُ عَنْ أَحَدٍ إِلا عَنْ مُحَمد بْنِ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ عَنْ أَبِيهِ.
حَدَّثَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنا عَبد اللَّهِ بْن هَانِئِ بْنِ عَبد الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ، حَدَّثَنا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ عَنْ عَبد الْمَلِكِ بْنِ جُرَيج، عَن عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ مَشَى لِإِمَامٍ جَائِرٍ فِي حَاجَةٍ جَعَلَهُ اللَّهُ قَرِينَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَإِنْ دَلَّهُ عَلَى بَابِ ظُلْمٍ جَعَلَهُ اللَّهُ قَرِينَ هَامَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
قَالَ الشَّيْخُ: وَهَذَا الْحَدِيثُ بَهَذَا الإسناد ليس يَرْوِيهِ غَيْرُ أَيُّوبَ بْنِ سُوَيْدٍ.
حَدَّثَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ نُوحٍ الْحَذَّاءُ وَأَحْمَدُ بْنُ زيد الرملي، قَال: حَدَّثَنا
أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ، عنِ ابْنِ شَوْذَبٍ، عَن أَبِي التَّيَّاحِ، عَن أَنَس بْنِ مَالِكٍ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، ولاَ تَخُنْ مَنْ خَانَكَ.
قَالَ الشَّيْخُ: وَهَذَا الْحَدِيثُ بَهَذَا الإِسْنَادِ يَرْوِيهِ، عنِ ابْنِ شَوْذَبٍ غَيْرُ أَيُّوبَ بْنِ سُوَيْدٍ، وَهو مُنْكَرٌ بِهَذَا الإِسْنَادِ، وإِنَّما يُرْوَى هَذَا الْمَتْنُ، عَن أَبِي حُصَيْنٍ، عَن أَبِي صَالِحٍ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ.
حَدَّثَنَا مُحَمد بْنُ عُمَر بْنِ عَبد الْعَزِيزِ الْعَسْقَلانِيُّ وَجَمَاعَةٌ قَالُوا، أَخْبَرنا أَبُو عُمَير، حَدَّثَنا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ عَنْ سُفيان، عَن مُحَمد بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ قَال: مَا رأيتُ أَحْسَنَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ وَلَقَدْ دَخَلْتُ عَلَى الْحَجَّاجِ فَمَا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ.
قَالَ الشَّيْخُ: وَهَذَا الْحَدِيثُ أَخْطَأَ أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ عَلَى الثَّوْريّ حَيْثُ قَالَ عَنْ مُحَمد بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وإِنَّما رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ الثَّوْريّ، عَن أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْمَدَائِنِيُّ، حَدَّثَنا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ، حَدَّثَنا سُفيان، عَن جُويْبِرٍ عَنِ الضحاك عن النزال بن صبرة عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ أَيُّوبُ أَحْسَبُهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وسَلَّم قَال: لا طَلاقَ إِلا مِنْ بَعْدِ نِكَاحٍ، ولاَ عِتْقَ إِلا مِنْ بَعْدِ مِلْكٍ، ولاَ وِصَالَ فِي صِيَامٍ، ولاَ يُتْمَ بَعْدَ الاحْتِلامِ، ولاَ صَمْتَ يَوْمٍ إِلَى اللَّيْلِ، ولاَ رضاع بعد فطام
قَالَ الشَّيْخُ: وَهَذَا الْحَدِيثُ رَفَعَهُ عَنِ الثَّوْريّ أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ وَرَوَى عَنْهُ عَبد الرَّزَّاق لَوْنَيْنِ مَرَّةٌ عَنِ الثَّوْريّ عَنْ جُوَيْبِرٍ وَمَرَّةٌ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ جُوَيْبِرٍ مَرْفُوعًا وَغَيْرُهُمَا رَفَعَهُ عَنْ جُوَيْبِرٍ مَوْقُوفًا وَلِأَيُّوبَ بْنِ سُوَيْدٍ حَدِيثٌ صَالِحٌ، عَنْ شُيوخٍ مَعْرُوفِينَ مِنْهُمْ يُونُس بن يزيد الأيلي نسخة الزُّهْريّ، وَعَبد الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، وَابْنُ جُرَيج وَالأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَيَقَعُ فِي حَدِيثِهِ مَا يُوَافِقُهُ الثِّقَاتُ عَلَيْهِ وَيَقَعُ فِيهِ مَا لا يُوَافِقُوهُ عَلَيْهِ وَيُكْتَبُ حَدِيثُهُ فِي جُمْلَةِ الضُّعَفَاءِ وَأَنْكَرَ مَا وَجَدْتُ لَهُ مَا ذكرته.
ذكر بَعْضِ مَا أَكْتَبْنَاهُ أَيُّوبُ بْنُ سويد لابنه مُحَمد.
حَدَّثَنَا عَبد اللَّهِ بْنُ مُحَمد بْنِ سُلَيْمَانَ، وَمُحمد بْنُ بِشْرٍ الْقَزَّازُ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْغَزِّيُّ، وَعَبد اللَّهِ بْنُ مُحَمد بْنِ يُونُس قَالُوا، حَدَّثَنا أَبُو عُمَير، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ أَيُّوبَ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ الأَوْزاعِيّ، عَن يَحْيى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَن أَبِي سَلَمَةَ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا يَوْمَ خَمِيسَاتِهَا.
قَالَ الشَّيْخُ: قَالَ لَنَا مُحَمد بْنُ بِشْرٍ الْقَزَّازُ سَمِعْتُ أَبَا عُمَير يَقُولُ كُنَّا إِذَا سَأَلْنَا أَيُّوبَ بْنَ سُوَيْدٍ كِتَابًا قَالَ لَنَا خَبَّأْتُهُ لابْنِي مُحَمد.
وَهَذَا الْحَدِيثُ يُعْرَفُ بِمُحَمَّدِ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ مِمَّا خَبَّأَهُ لَهُ أَبُوهُ عَلَى إِنَّهُ قَدْ حَدَثَ بِهِ عَنْ أَيُّوبَ غَيْرُ ابْنِهِ مُحَمد وَقَدْ حَدَّثَ عَنْ مُحَمد غَيْرُ أبي عُمَير أحمد بن
الْوَلِيدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَغْدَادِيُّ عَنْ مُحَمد بْنِ أَيُّوبَ حَدَّثَنَاهُ عَبد الْمَلِكِ بْنُ مُحَمد عَنْهُ وَحَدَّثَ بِهِ أَبُو الأَحْوَصِ الْعُكْبَرِيُّ عَنْ مُحَمد بْنِ أَيُّوبَ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَلْوَانٍ وَسَأَذْكُرُهُ مِنْ بعد إنشاء اللَّهُ.
فَلَوْنٌ مِنْهُ هَذَا، عَنْ أَبِيهِ عَنِ الأَوْزاعِيّ، عَن يَحْيى، عَن أَبِي سَلَمَةَ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ.
حَدَّثَنَا مُحَمد بْنُ مُنِيرٍ الْمطيري، وَمُحمد بْنُ الْفَضْلِ خُرْشِيدُ، وَعَبد اللَّهِ بْنُ مُحَمد قَالُوا، حَدَّثَنا أَبُو الأَحْوَصِ بِذَلِكَ.
فَأَمَّا رِوَايَةُ غَيْرِ مُحَمد بْنِ أَيُّوبَ، عَن أَيُّوبَ بِهَذَا الْحَدِيثِ حَدَثَنَاهُ عَبد اللَّهِ بْنُ أَبَان بْنَ شَدَّادٍ الْعَسْقَلانِيُّ، وَعلي بْنُ مُحَمد بْنِ حَاتِمٍ، قَالا: حَدَّثَنا أَبُو هَارُونَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمد بْنِ كَثِيرِ بْنِ الْوَلِيدِ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنا أَبُو مَسْعُودٍ أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ، حَدَّثَنا الأَوْزاعِيّ، عَن يَحْيى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَن أَبِي سَلَمَةَ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُورِكَ لأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا أَيَّامِ خَمِيسَاتِهَا.
قَالَ الشَّيْخُ: وَاللَّوْنُ الثَّانِي الَّذِي حَدَّثَ بِهِ أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ مُحَمد بْنِ أَيُّوبَ بْنِ سُوَيْدٍ حَدَّثَنَاهُ مُحَمد بْنُ مُنِيرٍ، حَدَّثني أَبُو الأَحْوَصِ مُحَمد بْنِ الْهَيْثَمِ، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ أَيُّوبَ بْنِ سُوَيْدٍ، حَدَّثَنا أَبِي عَنِ الأَوْزاعِيّ عَنْ حَسَّانِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ مُحَمد بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ، أَن النَّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وسَلَّم قَال: اللَّهُمَّ بَارِكْ لأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا.
وَأَمَّا اللَّوْنُ الثَّالِثُ أَخْبَرَنَاهُ عَبد الْمَلِكِ بْنُ مُحَمد، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو الأَحْوَصِ، حَدَّثني مُحَمد بْنُ أَيُّوبَ بْنِ سُوَيْدٍ، حَدَّثَنا أَبِي عَنِ الأَوْزاعِيّ عَنْ حَسَّانِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ.
وَأَمَّا اللَّوْنُ الرَّابِعُ حَدَّثَنَاهُ مُحَمد وَأَحْمَدُ ابْنَا الْفَضْلِ بْنِ خُرْشِيدَ، وَعَبد الْمَلِكِ بْنُ مُحَمد قَالُوا، حَدَّثَنا أَبُو الأَحْوَصِ مُحَمد بْنُ الْهَيْثَمِ، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ أَيُّوبَ بْنِ سُوَيْدٍ، حَدَّثني أَبِي، حَدَّثني الأَوْزاعِيّ عَنْ مُحَمد بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اطْلُبُوا الْعِلْمَ كُلَّ اثْنَيْنِ وَخَمِيسٍ فَإِنَّهُ مُيَسَّرٌ لِمَنْ طَلَبَ، وَإذا أراد
أَحَدُكُمْ حَاجَةً فَلْيُبَكِّرْ إِلَيْهَا فَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي أَنْ يُبَارِكَ لأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا.
قَالَ الشَّيْخُ: ولاَ أَدْرِي التَّلَوُّنَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ أَبِي الأَحْوَصِ أَوْ مِنْ مُحَمد بْنُ أَيُّوبَ بْنِ سُوَيْدٍ عَلَى أَنَّهُ قَدْ رَوَى عَنْ مُحَمد بْنُ أَيُّوبَ بْنِ سُوَيْدٍ هَذَا الْحَدِيثَ.
لَوْنٌ خَامِسٌ أَخْبَرَنَاهُ عُمَر بْنُ سِنَانٍ الْمَنْبَجِيُّ، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ الْمُغِيرَةِ الشَهْرُزُورِيُّ، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ أَيُّوبَ الرَّمْلِيُّ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ الأَوْزاعِيّ، عنِ الزُّهْريّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ سَأَلْتُ رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى يُبَارِكُ لأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا وَيَجْعَلُ ذَلِكَ يَوْمَ الْخَمِيسِ.
حَدَّثَنَا مُحَمد بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ جُمْهُورٍ الْقَرْفِنْيَانِيُّ، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثني أَبِي عَنْ رَجَاءِ بْنِ رَوْحٍ حَدَّثَتْنِي ابْنَتَا وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أبيها، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وسَلَّم قَال: مَنْ تَزَوَّجَ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ فَقَدْ بَدَأَ الْمَعْصِيَةَ.
قَالَ مُحَمد بْنُ أَيُّوبَ قَال لِي أَبِي مَا حَدَّثْتُ هَذَا غَيْرَكَ.
قَالَ الشَّيْخُ: وَبَعْضُ رُوَايَاتِ أَيُّوبَ بْنِ سُوَيْدٍ أَحَادِيثُ لا يُتَابِعُهُ أَحَدٌ عَلَيْهِ.
حَدَّثَنَا مُحَمد بْنُ الْحَسَنِ بْنِ حَفْصٍ الأُشْنَانِيُّ، حَدَّثَنا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمد بْنُ الْعَلاءِ، حَدَّثَنا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ عَنِ الأَوْزاعِيّ عَنْ مُحَمد بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ يَرْفَعُهُ قَالَ مَنْ أَبْلَى خَيْرًا فَلَمْ يَجِدْ إِلا الثَّنَاءَ فَقَدْ شَكَرَهُ، ومَنْ كَتَمَهُ فَقَدْ كفره، ومَنْ تحلى باطلا
فَهُوَ كَلابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ.
قَالَ الشيخ: وحدث به عن أيوب، عَن الأَوْزاعِيّ عن مُحَمد بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ مِثْلَهُ.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ هَاشِمٍ الرَّمْلِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ الْمَقْدِسِيُّ، وَمُحمد بْنُ سَمَاعَةَ الرَّمْلِيُّ، وأَبُو عُمَير النَّحَّاسُ، وَمُحمد بْنُ خلف العسقلاني وغيرهم.
أخبرناه بْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ سَمَاعَةَ، حَدَّثَنا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ، حَدَّثَنا الأَوْزاعِيّ عَنْ مُحَمد بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ وَسُئِل رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بِرُّ الْحَجِّ قَالَ إِطْعَامُ الطعام وطيب الكلام
قَالَ الشَّيْخُ: وَقَدْ حَدَّثَ كَذَلِكَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ سُوَيْدٍ يَحْيى بْنُ عُثْمَانَ الْحِمْصِيُّ، وَمُحمد بْنُ أَبِي السُّرِّيِّ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمد بْنِ يُوسُفَ وَأَحْمَدُ بْنُ هَاشِمٍ الرَّمْلِيُّ، وَمُحمد بْنُ عَبد اللَّهِ بْنِ عَبد الْحَكَمِ وَغَيْرُهُمْ وَقَدْ رَوَاهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ الأَوْزاعِيّ عَنْ مُحَمد بْنِ الْمُنْكَدِرِ مُرْسَلا.
حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ دُحَيْمٍ، عن أبيه عن الوليد.

سعد بن معاذ

سعد بن معاذ
قال صالح: قال أبي: سعد بن معاذ، أبو عمرو.
"مسائل صالح" (798)، "الأسامي والكنى" (331)
سعد بن معاذ
ب د ع: سعد بْن معاذ بْن النعمان بْن امرئ القيس ابن زيد بْن عبد الأشهل بْن جشم بْن الحارث بْن الخزرج بْن النبيت واسمه عمرو بْن مالك بْن الأوس الأنصاري الأوسي، ثم الأشهلي، أَبُو عمرو، وأمه كبشة بنت رافع، لها صحبة.
أسلم عَلَى يد مصعب بْن عمير، لما أرسله النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى المدينة يعلم المسلمين، فلما أسلم، قال لبني عبد الأشهل: كلام رجالكم ونسائكم علي حرام حتى تسلموا.
فأسلموا، فكان من أعظم الناس بركة في الإسلام، وشهد بدرًا، لم يختلفوا فيه، وشهد أحدًا، والخندق.
(536) أخبرنا أَبُو جَعْفَرٍ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ السَّمِينِ، بِإِسْنَادِهِ إِلَى يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ، عن ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ، عن عَائِشَةَ، أَنَّهَا كَانَتْ فِي حِصْنِ بَنِي حَارِثَةَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَكَانَتْ أُمُّ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ مَعَهَا فِي الْحِصْنِ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ عَلَيْهِنَّ الْحِجَابُ، وَكَانَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ حِينَ خَرَجُوا إِلَى الْخَنْدَقِ قَدْ رَفَعُوا الذَّرَارِيَّ، وَالنُّسَاءَ فِي الْحُصُونِ، مَخَافَةً عَلَيْهِمْ مِنَ الْعَدُوِّ، قَالَتْ عَائِشَةُ: " فَمَرَّ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، عَلَيْهِ دِرْعٌ لَهُ مُقَلِّصَةٌ قَدْ خَرَجَتْ مِنْهَا ذِرَاعُهُ، وَفِي يَدِهِ حَرْبَةٌ، وَهُوَ يَقُولُ:
لَبِّثْ قَلِيلًا يَلْحَقِ الْهَيْجَا حَمَلْ لا بَأْسَ بِالْمَوْتِ إِذَا حَانَ الأَجَلْ
، فَقَالَتْ أُمُّ سَعْدٍ: الْحَقْ يَا بُنَيَّ، قَدْ وَاللَّهِ أَخَّرْتَ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ يَا أُمَّ سَعْدٍ، لَوَدِدْتِ أَنَّ دِرْعَ سَعْدٍ أَسْبَغَ مِمَّا هِيَ، فَخَافَتْ عَلَيْهِ حَيْثُ أَصَابَ السَّهْمُ مِنْهُ، قَالَ يُونُسُ، عن ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: فَرَمَاهُ فِيمَا حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ: حِبَّانُ بْنُ الْعَرِقَةِ، وَهُوَ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، فَقَطَعَ أَكْحَلَهُ، فَلَمَّا رَمَاهُ، قَالَ: خُذْهَا مِنِّي وَأَنَا ابْنُ الْعَرِقَةِ، فَقَالَ سَعْدٌ: عَرَّقَ اللَّهُ وَجْهَكَ فِي النَّارِ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ أَبْقَيْتَ مِنْ حَرْبِ قُرَيْشٍ شَيْئًا فَأَبْقِنِي لَهَا، فَإِنَّهُ لا قَوْمَ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أُجَاهِدَ مِنْ قَوْمٍ آذَوْا رَسُولَكَ وَكَذَّبُوهُ وَأَخْرَجُوهُ، وَإِنْ كُنْتَ وَضَعْتَ الْحَرْبَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ فَاجْعَلْهُ لِي شَهَادَةً، وَلا تُمِتْنِي حَتَّى تَقَرَّ عَيْنِي فِي بَنِي قُرَيْظَةَ "
وهذا حبان، بكسر الحاء، وبالباء الموحدة، وقيل غير ذلك، وهذا أصح، وهو ابن عبد مناف بْن عمرو بْن معيص بْن عامر بْن لؤي، وَإِنما قيل له: ابن العرقة، لأن أمه، وهي امرأة من بني سهم، كانت طيبة الريح.
قال: وحدثنا يونس، عن ابن إِسْحَاق، قال: حدثني من لا أتهم، عن عَبْد اللَّهِ بْن كعب بْن مالك، أَنَّهُ كان يقول: ما أصاب سعد يومئذ بالسهم، إلا أَبُو أسامة الجشمي حليف بني مخزوم.
قال: وكان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين أصاب سعدًا السهم أمر أن يجعل في خيمة رفيدة الأسلمية في المسجد، ليعوده من قريب.
فلما حضر رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قريظة، وأذعنوا أن ينزلوا عَلَى حكم سعد بْن معاذ.
(537) أخبرنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْقَاهِرِ الْخَطِيبُ، بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ، أخبرنا شُعْبَةُ، عن سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ بْنَ سَهْلِ بْنِ حَنِيفٍ يُحَدِّثُ عن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: لَمَّا أَرْسَلَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ لِيَحْضَرَ يَحْكُمُ فِي قُرَيْظَةَ، فَأَقْبَلَ عَلَى حِمَارٍ، فَلَمَّا دَنَا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ "، أَوْ قَالَ: " خَيْرِكُمْ، احْكُمْ فِيهِمْ ".
قَالَ: إِنِّي أَحْكُمُ فِيهِمْ أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتَهُمْ، وَتَسْبِيَ ذَرَارِيَّهُمْ، فَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " حَكَمْتَ بِحُكْمِ الْمَلِكِ " وأخبرنا أَبُو جَعْفَرٍ بِإِسْنَادِهِ، عن يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ، عن ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: فَقَامُوا إليه فَقَالُوا: يَا أَبَا عَمْرٍو، قَدْ وَلاكَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرَ مَوَالِيكَ لِتَحْكُمَ فِيهِم، فَقَالَ سَعْدٌ: عَلَيْكُمْ بِذَلِكَ عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: وَعَلَى مَنْ هَا هُنَا؟ مِنَ النَّاحِيَةِ الَّتِي فِيهَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ مَعَهُ، وَهُوَ مُعْرِضٌ عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِجْلالًا لَهُ، فَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " نَعَمْ "، فَقَالَ سَعْدٌ: أَحْكُمُ أَنْ تُقْتَلَ الرِّجَالُ، وَتُقْسَمُ الأَمْوَالُ، وَتُسْبَى الذَّرَارِيُّ
(538) أخبرنا أَبُو الْبَرَكَاتِ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ الدِّمَشْقِيُّ، أخبرنا أَبُو الْعَشَائِرِ مُحَمَّدُ بْنُ الْخَلِيلِ بْنِ فَارِسٍ الْقَيْسِيُّ، أخبرنا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الْعَلاءِ، أخبرنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، أخبرنا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، قَالَ: حدثنا يَزِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ، أخبرنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ، أخبرنا صَدَقَةُ، عن عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عن سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عن أَبِيهِ، عن جَدِّهِ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، فَقَالَ: " هَذَا سَيِّدُكُمْ " وكان سعد لما جرح، ودعا بما تقدم ذكره، انقطع الدم، فلما حكم في قريظة انفجر عرقه، وكان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعوده، وَأَبُو بكر، وعمر، والمسلمون، قالت عائشة: " فوالذي نفسي بيدي إني لأعرف بكاء أَبِي بكر من بكاء عمر، وقال عمرو بْن شرحبيل: إن سعد بْن معاذ لما انفجر جرحه احتضنه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجعلت الدماء تسيل عَلَى رَسُول اللَّهِ، فجاء أَبُو بكر، وانكسار ظهراه، فقال له النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مه "، فقال عمر: إنا لله وَإِنا إليه راجعون.
روى أن جبريل عليه السلام نزل إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معتجرا بعمامة من إستبرق، فقال: يا نبي اللَّه، من هذا الذي فتحت له أبواب السماء، واهتز له العرش؟ فخرج رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سريعًا يجر ثوبه، فوجد سعدًا قد قبض.
ولما دفنه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وانصرف من جنازته، جعلت دموعه تحادر عَلَى لحيته، ويده في لحيته، وندبته أمه، فقالت:
ويل أم سعد سعدا براعة ونجدا
ويل أم سعد سعدا صرامة وجدًا
فقال النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كل نادبة كاذبة إلا نادبة سعد ".
(539) أخبرنا أَبُو الْفَضْلِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الطُّوسِيُّ، أخبرنا نَصْرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْبَطَرِ إِجَازَةً إِنْ لَمْ يَكُنْ سَمَاعًا، أخبرنا أَبُو عَلِيِّ بْنُ شَاذَانَ، أخبرنا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الدَّقَّاقُ، أخبرنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَبُو قِلابَةَ الرَّقَاشِيُّ، أخبرنا أَبُو رَبِيعَةَ، أخبرنا أَبُو عَوَانَةَ، عن الأَعْمَشِ، عن أَبِي سُفْيَانَ، عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ "
قال الأعمش: وحدثنا أَبُو صالح، عن جابر، عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقيل لجابر: إن البراء يقول: اهتز السرير؟ فقال جابر: إنه كان بين هذين الحيين الأوس والخزرج ضغائن، سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " اهتز عرش الرحمن لموت سعد بْن معاذ "
(540) أخبرنا إِسْمَاعِيل بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ بِإِسْنَادِهِمْ، إِلَى أَبِي عِيسَى التِّرْمِذِيِّ، قَالَ: حدثنا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ، أخبرنا وَكِيعٌ، عن سُفْيَانَ، عن أَبِي إِسْحَاقَ، عن الْبَرَاءِ، قَالَ: أُهْدِيَ لِرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَوْبٌ حَرِيرٌ، فَجَعَلُوا يَعْجَبُونَ مِنْ لِينِهِ، فَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَتَعْجَبُونَ مِنْ هَذَا؟ لَمَنَادِيلُ سَعْدٍ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا "
(541) قَالَ: وأخبرنا التِّرْمِذِيُّ: أخبرنا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أخبرنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أخبرنا مَعْمَرٌ، عن قَتَادَةَ، عن أَنَسٍ، قَالَ: لَمَّا حُمِلَتْ جِنَازَةُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، قَالَ الْمُنَافِقُونَ: مَا أَخَفَّ جِنَازَتُهُ.
وَذَلِكَ لِحُكْمِهِ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " إِنَّ الْمَلائِكَةَ كَانَتْ تَحْمِلُهُ " وقال سعد بْن أَبِي وقاص عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قال: " لقد نزل من الملائكة في جنازة سعد بْن معاذ سبعون ألفًا ما وطئوا الأرض قبل، وبحق أعطاه اللَّه تعالى ذلك ".
ومقاماته في الإسلام مشهودة كبيرة، ولو لم يكن له إلا يَوْم بدر، فإن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما سار إِلَى بدر، وأتاه خبر نفير قريش، استشار الناس، فقال المقداد فأحسن، وكذلك أَبُو بكر، وعمر، وكان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يريد الأنصار، لأنهم عدد الناس، فقال سعد بْن معاذ: والله لكأنك تريدنا يا رَسُول اللَّهِ؟ قال: " أجل ".
قال سعد: فقد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به الحق، وأعطيناك مواثيقنا عَلَى السمع والطاعة، فامض يا رَسُول اللَّهِ لما أردت، فنحن معك، فوالذي بعثك بالحق، لو استعرضت بنا هذا البحر لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدًا، إنا لصبر عند الحرب، صدق عند اللقاء، لعل اللَّه يريك فينا ما تقر به عينك، فسر بنا عَلَى بركة اللَّه.
فسر رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لقوله، ونشطه ذلك للقاء الكفار، فكان ما هو مشهور، وكفي به فخرًا، دع ما سواه.
سعد بن معاذ [ويقال أبو عمرو الأوسي الأنصاري المدني بدري شهد بدرا مات في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة سمعت
أبي يقول ذلك.
سَعْدُ بْنُ مُعَاذِ
- سَعْدُ بْنُ مُعَاذِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل. ويكنى أَبَا عَمْرو. وأمه كبشة بِنْت رافع بْن مُعَاوِيَة بْن عُبَيْد بْن الأبجر. وهو خدرة بن عوف بن الحارث بن الخزرج وهي من المبايعات. وكان لسعد بْن مُعَاذ من الولد عَمْرو وعبد الله وأمهما هند بنت سماك بن عتيك بن امرئ القيس بْن زَيْد بْن عَبْد الأشهل. وهي من المبايعات خلف عليها سعد بعد أَخِيهِ أوس بْن مُعَاذ. وهي عمة أسيد بْن حضير بْن سماك. وكان لعمرو بْن سعد بْن مُعَاذ من الولد تسعة نفر وثلاث نسوة منهم عَبْد الله بْن عَمْرو قُتِلَ يوم الحرة. ولسعد بن معاذ الْيَوْمَ عَقِبٌ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ وَاقِدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ قَالَ: كَانَ إِسْلامُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَأُسَيْدِ بْنِ الْحُضَيْرِ عَلَى يَدِ مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ الْعَبْدَرِيِّ. وَكَانَ مُصْعَبٌ قَدِمَ الْمَدِينَةَ قَبْلَ السَّبْعِينَ أَصْحَابِ الْعَقَبَةِ الآخِرَةِ يَدْعُو النَّاسَ إِلَى الإِسْلامِ وَيُقْرِئُهُمُ الْقُرْآنَ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا أسلم سَعْدُ بْنُ معاد لَمْ يَبْقَ فِي بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ أَحَدٌ إِلا أسلم يَوْمَئِذٍ فَكَانَتْ دَارُ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ أَوَّلُ دَارٍ مِنَ الأَنْصَارِ أَسْلَمُوا جَمِيعًا رِجَالُهُمْ وَنِسَاؤُهُمْ. وَحَوَّلَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَأَبَا أُمَامَةَ أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ إِلَى دَارِهِ فَكَانَا يَدْعُوَانِ النَّاسَ إِلَى الإِسْلامِ فِي دَارِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ. وَكَانَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ وَأَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ ابْنَيْ خَالَةٍ. وَكَانَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ وَأُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ يَكْسِرَانِ أَصْنَامِ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَعَنِ ابْنِ أَبِي عَوْنٍ قَالا: آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ. قَالَ وَأَمَّا محمد بن إسحاق فقال: آخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ فَاللَّهُ أَعْلَمُ أَيُّ ذَلِكَ كَانَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحُصَيْنِ قَالَ: كَانَ لِوَاءُ الأَوْسِ يَوْمَ بَدْرٍ مَعَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ. وَشَهِدَ سَعْدٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم أُحُدٍ وَثَبَتَ مَعَهُ حِينَ وَلَّى النَّاسُ. وَشَهِدَ الْخَنْدَقَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ الْعَبْدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُتَوَكِّلِ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَكَرَ الْحُمَّى فَقَالَ: مَنْ كَانَتْ بِهِ فَهِيَ حَظُّهُ مِنَ النَّارِ. فَسَأَلَهَا سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ رَبَّهُ فَلَزِمَتْهُ فَلَمْ تُفَارِقْهُ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: خَرَجْتُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ أَقْفُو آثَارَ النَّاسِ فَسَمِعْتُ وَئِيدَ الأَرْضِ وَرَائِي. تَعْنِي حِسَّ الأَرْضِ. فَالْتَفَتُ فَإِذَا أَنَا بِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَمَعَهُ ابْنُ أَخِيهِ الْحَارِثُ بْنُ أَوْسٍ يَحْمِلُ مِجَنَّهُ. فَجَلَسْتُ إِلَى الأَرْضِ. قَالَتْ فَمَرَّ سَعْدٌ وَهُوَ يَرْتَجِزُ وَيَقُولُ: لَبِّثْ قَلِيلا يُدْرِكُ الْهَيْجَا حَمَلْ ... مَا أَحْسَنَ الْمَوْتَ إِذَا حَانَ الأَجَلْ! قَالَتْ وَعَلَيْهِ دِرْعٌ قَدْ خَرَجَتْ مِنْهُ أَطْرَافُهُ فَأَنَا أَتَخَوَّفُ عَلَى أَطْرَافِ سَعْدٍ. وَكَانَ سَعْدٌ مِنْ أَطْوَلِ الناس وأعظمهم. قَالَتْ فَقُمْتُ فَاقْتَحَمْتُ حَدِيقَةً فَإِذَا فِيهَا نَفَرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَفِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. رَحِمَهُ اللَّهُ. وَفِيهِمْ رَجُلٌ عَلَيْهِ تَسْبِغَةٌ لَهُ.. تَعْنِي الْمِغْفَرَ. قَالَتْ فَقَالَ لِي عُمَرُ: مَا جَاءَ بك؟ والله إنك لجرئة. وَمَا يُؤْمِنُكِ أَنْ يَكُونَ تَحَوُّزٌ أَوْ بَلاءٌ؟ قَالَتْ فَمَا زَالَ يَلُومُنِي حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنَّ الأَرْضَ انْشَقَّتْ سَاعَتَئِذٍ فَدَخَلْتُ فِيهَا. قَالَتْ فَرَفَعَ الرَّجُلُ التَّسْبَغَةَ عَنْ وَجْهِهِ فَإِذَا طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ. قَالَتْ فَقَالَ: وَيْحَكَ يَا عُمَرُ إِنَّكَ قَدْ أَكْثَرْتَ مُنْذُ الْيَوْمِ. وَأَيْنَ التَّحَوُّزُ أَوِ الْفِرَارُ إِلا إِلَى اللَّهِ؟ قَالَتْ وَيَرْمِي سَعْدًا رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ ابْنُ الْعَرِقَةِ بِسَهْمٍ فَقَالَ: خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الْعَرِقَةِ! فَأَصَابَ أَكْحَلَهُ فَدَعَا اللَّهَ سَعْدٌ فَقَالَ: اللَّهُمَّ لا تُمِتْنِي حَتَّى تَشْفِيَنِي مِنْ قُرَيْظَةَ. وَكَانُوا مَوَالِيهِ وَحُلَفَاءَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. قَالَتْ فَرَقَأَ كَلْمُهُ. تَعْنِي جُرْحَهُ. وَبَعَثَ اللَّهُ. تَبَارَكَ وَتَعَالَى. الرِّيحَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ فَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا. فَلَحِقَ أَبُو سُفْيَانَ بِمَنْ مَعَهُ بِتِهَامَةَ. وَلَحِقَ عُيَيْنَةُ بِمَنْ معه بنجد. ورجعت قُرَيْظَةَ فَتَحَصَّنُوا فِي صَيَاصِيهِمْ. وَرَجَعَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْمَدِينَةِ فَأَمَرَ بِقُبَّةٍ فَضُرِبَتْ عَلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْمَسْجِدِ. قَالَتْ فَجَاءَهُ جِبْرِيلُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى ثَنَايَاهُ النَّقْعُ فَقَالَ: أَقَدْ وَضَعْتَ السلاح؟ فو الله مَا وَضَعَتِ الْمَلائِكَةُ السِّلاحَ بَعْدُ. اخْرُجْ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ فَقَاتِلْهُمْ. قَالَتْ فَلَبِسَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأْمَتَهُ وَأَذَّنْ فِي الناس بالرحيل. قَالَتْ فَلَبِسَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى بَنِي غَنْمٍ وَهُمْ جِيرَانُ الْمَسْجِدِ فَقَالَ لَهُمْ: مَنْ مَرَّ بِكُمْ؟ قَالُوا: مَرَّ بِنَا دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ. وَكَانَ دِحْيَةُ تُشْبِهُ لِحْيَتُهُ وسنة وجهه بجبريل. ع. قالت فأتاهم رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَحَاصَرَهُمْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً. فَلَمَّا اشْتَدَّ حَصْرُهُمْ وَاشْتَدَّ الْبَلاءُ عَلَيْهِمْ قِيلَ لَهُمُ انْزِلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاسْتَشَارُوا أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنَّهُ الذَّبْحُ. فَقَالُوا: نَنْزِلُ عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ. فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ: انْزِلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ. فَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى سَعْدٍ فَحُمِلَ عَلَى حِمَارٍ عَلَيْهِ إِكَافٌ مِنْ لِيفٍ وَحَفَّ به قومه فجعلوا يقولون: يا أبا عمرو حُلَفَاؤُكَ وَمَوَالِيكَ وَأَهْلُ النِّكَابَةِ وَمَنْ قَدْ عَلِمْتَ. وَلا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا. حَتَّى إِذَا دَنَا مِنْ دُورِهِمُ الْتَفَتَ إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ: قَدْ أَنَى لِي أَنْ لا أُبَالِيَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: فَلَمَّا طَلَعَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - . قَالَ: فَإِنِّي أَحْكُمُ فِيهِمْ أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ وَتُقْسَمَ أَمْوَالُهُمْ. . قَالَتْ ثُمَّ دَعَا اللَّهَ سَعْدٌ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ أَبْقَيْتَ عَلَى نَبِيِّكَ مِنْ حَرْبِ قُرَيْشٍ شَيْئًا فَأَبْقِنِي لَهَا. وَإِنْ كُنْتَ قَطَعْتَ الْحَرْبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ. قَالَتْ فَانْفَجَرَ كَلْمُهُ وَقَدْ كَانَ بَرَأَ حَتَّى مَا يُرَى مِنْهُ شَيْءٌ إِلا مِثْلَ الْخَرْصِ. وَرَجَعَ إِلَى قُبَّتِهِ الَّتِي ضَرَبَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَتْ فَحَضَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. قالت فو الذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنِّي لأَعْرِفُ بُكَاءَ أَبِي بَكْرٍ مِنْ بُكَاءِ عُمَرَ وَأَنَا فِي حُجْرَتِي. وكانوا كما قال رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ. قَالَ فَقُلْتُ: فَكَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَصْنَعُ؟ قَالَتْ: كَانَتْ عَيْنُهُ لا تَدْمَعُ عَلَى أَحَدٍ وَلَكِنَّهُ كَانَ إِذَا وَجَدَ فَإِنَّمَا هُوَ أَخَذَ بِلِحْيَتِهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بن عمرو عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ: فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَتَاهُ مَلَكٌ. أَوْ قَالَ جِبْرِيلُ. حِينَ اسْتَيْقَظَ فَقَالَ: مَنْ رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِكَ مَاتَ اللَّيْلَةَ اسْتَبْشَرَ بِمَوْتِهِ أَهْلُ السَّمَاءِ؟ قَالَ: لا أَعْلَمُ إِلا أَنَّ سَعْدًا أَمْسَى دَنِفًا. مَا فَعَلَ سَعْدٌ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ قُبِضَ. وَجَاءَهُ فَاحْتَمَلُوهُ إِلَى دِيَارِهِمْ. قَالَ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصُّبْحَ ثُمَّ خَرَجَ وَمَعَهُ النَّاسُ فَبَتَّ النَّاسَ مَشْيًا حَتَّى إِنَّ شُسُوعَ نِعَالِهِمْ لَتَنْقَطِعُ مِنْ أَرْجُلِهِمْ وَإِنَّ أَرْدِيَتَهُمْ لَتَقَعُ عَنْ عَوَاتِقِهِمْ. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: . قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: رُئِيَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فِي بَعْضِ تِلْكَ الْمَوَاطِنِ وَعَلَى عَاتِقِهِ الدِّرْعُ وَهُوَ يَقُولُ: لا بَأْسَ بِالْمَوْتِ إِذَا حَانَ الأَجَلْ قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ قَالَ: رُمِيَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فِي أَكْحَلِهِ فلم يرقأ الدم حتى جاء النبي. ع. فَأَخَذَ بِسَاعِدِهِ فَارْتَفَعَ الدَّمُ إِلَى عَضُدِهِ. قَالَ فَكَانَ سَعْدٌ يَقُولُ: اللَّهُمَّ لا تُمِتْنِي حَتَّى تَشْفِيَنِي مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ. قَالَ فَنَزَلُوا عَلَى حكمه . ثُمَّ عَادُ الدَّمُ فَلَمْ يَرْقَأْ حَتَّى مَاتَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَامِرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: لَمَّا كان يوم قريظة . قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَيَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ وَهِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالُوا: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَنْبَأَنِي سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ بْنَ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ أَهْلَ قُرَيْظَةَ لَمَّا نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ أَرْسَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَاءَ عَلَى حِمَارٍ . قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ أَنَّ بَنِيَ قُرَيْظَةَ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَرْسَلَ رسول الله. ع. إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَأُتِيَ بِهِ مَحْمُولا عَلَى حِمَارٍ وَهُوَ مُضْنًى مِنْ جُرْحٍ أَصَابَهُ فِي الأَكْحَلِ مِنْ يَدِهِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ. قَالَ فَجَاءَ فَجَلَسَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُ: أَشِرْ عَلَيَّ فِي هَؤُلاءِ. قَالَ: إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَمَرَكَ فِيهِمْ بِأَمْرٍ أَنْتَ فَاعِلٌ مَا أَمَرَكَ اللَّهُ بِهِ. قَالَ: أَجَلْ. وَلَكِنْ أشر علي فيهم. فقال: فَقَالَ: لَوْ وُلِّيتُ أَمْرَهُمْ قَتَلْتُ مُقَاتِلَتَهُمْ وَسَبَيْتُ ذراريهم وقسمت أموالهم. . قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أُصِيبَ سَعْدُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ. رَمَاهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ حَبَّانُ بْنُ الْعَرِقَةِ. رَمَاهُ فِي الأَكْحَلِ فَضَرَبَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيْمَةً فِي الْمَسْجِدِ لِيَعُودَهُ مِنْ قَرِيبٍ. وَلَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْخَنْدَقِ وَضَعَ السِّلاحَ وَاغْتَسَلَ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَنْفُضُ رَأْسَهُ مِنَ الْغُبَارِ فَقَالَ: قَدْ وَضَعْتَ السِّلاحَ. وَاللَّهِ مَا وَضَعْنَاهُ. اخْرُجْ إِلَيْهِمْ. . قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ فَأَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ قَالَ: فَأَخْبَرَنِي أَبِي أَنَّهُمْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَدَّ الْحُكْمَ فِيهِمْ إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ. قَالَ: فَإِنِّي أَحْكُمُ فِيهِمْ أَنْ تُقْتَلَ الْمُقَاتِلَةُ وَتُسْبَى الذُّرِّيَّةُ وَالنِّسَاءُ وَتُقَسَّمَ أَمْوَالُهُمْ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ فَأَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ قَالَ: قَالَ أَبِي فَأُخْبِرْتُ أَنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: . قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْبَجَلِيُّ قَالَ: حدثني مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ التَّمَّارُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: سَمِعْتُ عَامِرَ بْنَ سَعْدٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: لَمَّا حَكَمَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ أَنْ تُقْتَلَ مَنْ جَرَتْ عَلَيْهِ الْمَوَاسِي وَأَنْ تُقْسَمَ أَمْوَالُهُمْ وَذَرَارِيُّهُمْ . قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ سَعْدًا كَانَ قَدْ تَحَجَّرَ كَلْمُهُ لِلْبُرْءِ. قَالَتْ فَدَعَا سَعْدٌ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أُجَاهِدَ فِيكَ مِنْ قَوْمٍ كَذَّبُوا رَسُولَكَ وَأَخْرَجُوهُ. اللهم فإني أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أُجَاهِدَ فِيكَ مِنْ قَوْمٍ كَذَّبُوا رَسُولَكَ وَأَخْرَجُوهُ. اللَّهُمَّ فَإِنِّي أَظُنُّ أَنَّكَ قَدْ وَضَعْتَ الْحَرْبَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ. فَإِنْ كَانَ بَقِيَ مِنْ حَرْبِ قُرَيْشٍ شَيْءٌ فَأَبْقِنِي لَهُمْ حَتَّى أُجَاهِدَهُمْ فِيكَ. وَإِنْ كُنْتَ قَدْ وَضَعْتَ الحرب فيما بيننا وبينهم فافجرها واجعل موتي فِيهَا. قَالَ فَفُجِرَ مِنْ لَيْلَتِهِ. قَالَ فَلَمْ يَرُعْهُمْ. وَمَعَهُمْ فِي الْمَسْجِدِ أَهْلُ خَيْمَةٍ مِنْ بَنِي غِفَارٍ. إِلا الدَّمُ يَسِيلُ إِلَيْهِمْ فَقَالُوا: يَا أَهْلَ الْخَيْمَةِ مَا هَذَا الدَّمُ الَّذِي يَأْتِينَا مِنْ قِبَلِكُمْ؟ فَإِذَا سَعْدٌ جُرْحُهُ يَعْدُو دَمًا فَمَاتَ مِنْهَا. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُعَاذُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا انْفَجَرَتْ يَدُ سَعْدٍ بِالدَّمِ قَامَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاعْتَنَقَهُ وَالدَّمُ يَنْفَحُ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِحْيَتِهِ لا يُرِيدُ أَحَدٌ أَنْ يَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الدَّمَ إِلا ازْدَادَ مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ قُرْبًا حَتَّى قَضَى. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ قَالَ: لَمَّا قَضَى سَعْدٌ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ ثُمَّ رَجَعَ انْفَجَرَ جُرْحُهُ. فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَتَاهُ فَأَخَذَ رَأْسَهُ فَوَضَعَهُ فِي حِجْرِهِ وَسُجِّيَ بِثَوْبٍ أَبْيَضَ إِذَا مُدَّ عَلَى وَجْهِهِ خَرَجَتْ رِجْلاهُ. وَكَانَ رَجُلا أَبْيَضَ جَسِيمًا. . فَلَمَّا سَمِعَ سَعْدٌ كَلامَ رَسُولِ اللَّهِ فَتْحَ عَيْنَيْهِ ثُمَّ قَالَ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. أَمَا إِنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ. . قَالَ وَأُمُّهُ تَبْكِي وَهِيَ تَقُولُ: وَيْلُ أُمِّكَ سَعْدَا ... حَزَامَةً وَجِدَّا فَقِيلَ لَهَا: أَتَقُولِينَ الشَّعْرَ عَلَى سَعْدٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: . أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْغِسِّيلِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عَمْرِو بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ: لَمَّا أُصِيبَ أَكْحَلُ سَعْدٍ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَثَقُلَ حَوَّلُوهُ عِنْدَ امْرَأَةٍ يُقَالُ لَهَا رُفَيْدَةُ. وَكَانَتْ تداوي الجرحى. فكان النبي. ع. إِذَا مَرَّ بِهِ يَقُولُ: كَيْفَ أَمْسَيْتَ؟ وَإِذَا أَصْبَحَ قَالَ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ فَيُخْبِرُهُ. حَتَّى كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي نَقَلَهُ قَوْمُهُ فِيهَا فَثَقُلَ فَاحْتَمَلُوهُ إِلَى بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ إِلَى مَنَازِلِهِمْ. وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا كَانَ يَسْأَلُ عَنْهُ. وَقَالُوا قَدِ انْطَلَقُوا بِهِ. فخرج رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخَرَجْنَا مَعَهُ فَأَسْرَعَ الْمَشْي حَتَّى تَقَطَّعَتْ شُسُوعُ نِعَالِنَا وَسَقَطَتْ أَرْدِيَتُنَا عَنْ أَعْنَاقِنَا. فَشَكَا ذَلِكَ إِلَيْهِ أَصْحَابُهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتْعَبْتَنَا فِي الْمَشْيِ. فَانْتَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْبَيْتِ وَهُوَ يُغْسَلُ وَأُمُّهُ تَبْكِيهِ وَهِيَ تَقُولُ: وَيْلُ أُمِّ سَعْدٍ سَعْدَا ... حَزَامَةً وَجِدَّا . ثُمَّ خَرَجَ بِهِ. قَالَ يَقُولُ لَهُ الْقَوْمُ أَوْ مَنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْهُمْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا حَمَلْنَا مَيِّتًا أَخَفَّ عَلَيْنَا مِنْ سَعْدٍ. فَقَالَ: . أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ أَسْلَمَ بْنِ حَرِيسٍ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَحْنُ عَلَى الْبَابِ نُرِيدُ أَنْ نَدْخُلَ عَلَى أَثَرِهِ فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ إِلا سَعْدٌ مُسَجًّى. قَالَ فَرَأَيْتُهُ يَتَخَطَّى فَلَمَّا رَأَيْتُهُ وَقَفْتُ. وَأَوْمَأَ إِلَيَّ: قِفْ. فَوَقَفْتُ وَرَدَدْتُ مَنْ وَرَائِي. وَجَلَسَ سَاعَةً ثُمَّ خَرَجَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا وَقَدْ رَأَيْتُكَ تتخطى. . أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: فَانْتَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَمُّ سَعْدٍ تَبْكِي وَهِيَ تَقُولُ: وَيْلُ أُمِّ سَعْدٍ سَعْدَا ... جَلادَةً وَجِدَّا فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: مَهْلا يَا أُمَّ سَعْدٍ لا تَذْكُرِي سَعْدًا. فقال النبي. ص: . أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: رُمِيَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ يَوْمَ الأَحْزَابِ فَقَطَعُوا أَكْحَلَهُ فَحَسَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ بالنار فانتفخت يده فنزفه. فحسمه أخرى. أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَكَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَوَى سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ مِنْ رَمْيَتِهِ. أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنِي سِمَاكٌ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ شَدَّادٍ يَقُولُ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَهُوَ يَكِيدُ بِنَفْسِهِ فَقَالَ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْ سَيِّدِ قَوْمٍ فَقَدْ أَنْجَزْتَ اللَّهَ مَا وَعَدْتَهُ وَلَيُنْجِزَنَّكَ اللَّهُ مَا وَعَدَكَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: لَمَّا أُخْرِجَ سَرِيرُ سَعْدٍ قَالَ نَاسٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ: مَا أَخَفَّ جَنَازَةَ سَعْدٍ. أَوْ سرير سعد. فقال رسول الله. ص: . قَالَ: وَحَضَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يُغْسَلُ فَقَبَضَ رُكْبَتَهُ فقال رسول الله. ص: قَالَ وَأُمُّهُ تَبْكِي وَهِيَ تَقُولُ: وَيْلُ أُمِّ سَعْدٍ سَعْدَا ... بَرَاعَةً وَنَجْدًا بَعْدَ أَيَادٍ يَا لَهُ وَمَجْدَا ... مُقَدَّمًا سَدَّ بِهِ مَسَدَّا . قَالَ: أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ قَالَ: لَمَّا مَاتَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ. وَكَانَ رَجُلا جَسِيمًا جَزْلا. جَعَلَ الْمُنَافِقُونَ وَهُمْ يَمْشُونَ خَلْفَ سَرِيرِهِ يَقُولُونَ: لَمْ نَرَ كَالْيَوْمِ رَجُلا أَخَفَّ. وَقَالُوا: أَتَدْرُونَ لِمَ ذَلِكَ؟ ذَاكَ لِحُكْمِهِ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ. فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: . قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّهُ شَهِدَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ لَمْ يَنْزِلُوا إِلَى الأرض. . أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: . يعني سعد بن معاذ. أَخْبَرَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو مَعْشَرٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ قَالَ: لَمَّا دَفَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَعْدًا قَالَ: . قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَعَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَيْمُونُ أَبُو حَمْزَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النخعي أن النبي. ع. مَدَّ عَلَى قَبْرِ سَعْدٍ ثَوْبًا أَوْ مُدَّ وهو شاهد. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ محمد بن عمرو بْنِ حَزْمٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمْشِي أَمَامَ جَنَازَةِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ شُيُوخٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَمَلَ جَنَازَةَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ مِنْ بَيْتِهِ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ حَتَّى خَرَجَ بِهِ مِنَ الدَّارِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَالدَّارُ تَكُونُ ثَلاثِينَ ذِرَاعًا. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ عَنْ رُبَيْحِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: كُنْتُ أَنَا مِمَّنْ حَفَرَ لِسَعْدٍ قَبْرَهُ بِالْبَقِيعِ وَكَانَ يَفُوحُ عَلَيْنَا الْمِسْكُ كُلَّمَا حَفَرْنَا قَتَرَةً مِنْ تُرَابٍ حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى اللَّحْدِ. قَالَ رُبَيْحٌ: وَلَقَدْ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المنكدر عن محمد بن شرحبيل بن حَسَنَةَ قَالَ: أَخَذَ إِنْسَانٌ قَبْضَةً مِنْ تُرَابِ قَبْرِ سَعْدٍ فَذَهَبَ بِهَا ثُمَّ نَظَرَ إِلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَإِذَا هِيَ مِسْكٌ. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بن عَمْرٍو عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ مُحَمَّدِ بن شرحبيل بن حَسَنَةَ أَنَّ رَجُلا أَخَذَ قَبْضَةً مِنْ تُرَابِ قَبْرِ سَعْدٍ يَوْمَ دُفِنَ فَفَتَحَهَا بَعْدُ فَإِذَا هِيَ مِسْكٌ. رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: فَطَلَعَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ فَرَغْنَا مِنْ حُفْرَتِهِ وَوَضَعْنَا اللِّبَنَ وَالْمَاءَ عِنْدَ الْقَبْرِ وَحَفَرْنَا لَهُ عِنْدَ دَارِ عَقِيلٍ الْيَوْمَ. وَطَلَعَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْنَا فَوَضَعَهُ عِنْدَ قَبْرِهِ ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهِ. فَلَقَدْ رَأَيْتُ مِنَ النَّاسِ مَا ملأ البقيع. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا انْتَهَوْا إِلَى قَبْرِ سَعْدٍ نَزَلَ فِيهِ أَرْبَعَةُ نَفَرٍ: الْحَارِثُ بْنُ أَوْسِ بْنِ مُعَاذٍ وَأُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ وَأَبُو نَائِلَةَ سِلْكَانُ بْنُ سَلامَةَ وَسَلَمَةُ بْنُ سَلامَةَ بْنِ وَقْشٍ. وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاقِفٌ عَلَى قَدَمَيْهِ. فَلَمَّا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ تَغَيَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَبِّحَ ثَلاثًا فَسَبَّحَ الْمُسْلِمُونَ ثَلاثًا حَتَّى ارْتَجَّ الْبَقِيعُ. ثُمَّ كَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلاثًا وَكَبَّرَ أَصْحَابُهُ ثَلاثًا حَتَّى ارْتَجَّ الْبَقِيعُ بِتَكْبِيرِهِ. فَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْنَا بِوَجْهِكَ تَغَيُّرًا وَسَبَّحْتَ ثَلاثًا. . قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: فَحَدَّثَنِي غَيْرُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحُصَيْنِ أَنَّ سَعْدًا غَسَّلَهُ الْحَارِثُ بْنُ أَوْسِ بْنِ مُعَاذٍ وَأُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ. وَسَلَمَةُ بْنُ سَلامَةَ بْنِ وَقْشٍ يَصُبُّ الْمَاءَ. وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَاضِرٌ. فَغُسِلَ بِالْمَاءِ الْغَسْلَةَ الأُولَى. وَالثَّانِيَةَ بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ. وَالثَّالِثَةَ بِالْمَاءِ وَالْكَافُورِ. ثُمَّ كُفِّنَ فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ صُحَارِيَّةٍ أُدْرِجَ فِيهَا إِدْرَاجًا وَأُتِيَ بِسَرِيرٍ كَانَ عِنْدَ النُّبَيْطِ يُحْمَلُ عَلَيْهِ الْمَوْتَى فَوُضِعَ عَلَى السَّرِيرِ فَرُئِيَ رَسُولُ اللَّهِ يَحْمِلُهُ بَيْنَ عَمُودَيْ سَرِيرِهِ حِينَ رُفِعَ مِنْ دَارِهِ إِلَى أَنْ خَرَجَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُصَيْنِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ قَالَ: جَاءَتْ أُمُّ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ تَنْظُرُ إِلَى سَعْدٍ فِي اللَّحْدِ فردها الناس. فقال رسول الله. ص: دَعُوهَا. فَأَقْبَلَتْ حَتَّى نَظَرَتْ إِلَيْهِ وَهُوَ فِي اللَّحْدِ قَبْلَ أَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ اللِّبَنُ وَالتُّرَابُ قالت: احْتَسَبْتُكَ عِنْدَ اللَّهِ. وَعَزَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى قَبْرِهِ وَجَلَسَ نَاحِيَةً. وَجَعَلَ الْمُسْلِمُونَ يَرُدُّونَ تُرَابَ الْقَبْرِ وَيُسَوُّونَهُ. وَتَنَحَّى رَسُولُ اللَّهِ فَجَلَسَ حَتَّى سُوِّيَ عَلَى قَبْرِهِ وَرُشَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ. ثُمَّ أَقْبَلَ فَوَقَفَ عَلَيْهِ فَدَعَا لَهُ ثُمَّ انْصَرَفَ. أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مخلد وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالا: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ مَوْلَى الْفِطْرِيِّينَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيُّ قَالَ: دُفِنَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ إِلَى أُسِّ دَارِ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا كَانَ أَحَدٌ أَشَدُّ فَقْدًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَاحِبَيْهِ. أَوْ أَحَدِهِمَا. مِنْ سَعْدِ بن معاذ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُتْبَةُ بْنُ جَبِيرَةَ عَنِ الْحُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ قال: كَانَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ رَجُلا أَبْيَضَ. طُوَالا. جَمِيلا. حَسَنَ الْوَجْهِ. أَعْيَنَ. حَسَنَ اللِّحْيَةِ. فَرُمِيَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ سَنَةَ خَمْسٍ مِنَ الْهِجْرَةِ فَمَاتَ مِنْ رَمْيَتِهِ تِلْكَ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ سَبْعٍ وَثَلاثِينَ سَنَةً. فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: اهْتَزَّ الْعَرْشُ لِحُبِّ لِقَاءِ اللَّهِ سَعْدًا. قَالَ إنما يَعْنِي السَّرِيرَ. قَالَ إِنَّمَا تَفَسَّخَتْ أَعْوَادُهُ. قَالَ وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْرَهُ فَاحْتُبِسَ فَلَمَّا خَرَجَ قِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا حَبَسَكَ؟ . أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: . أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ وَهَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالُوا: أَخْبَرَنَا عَوْفٌ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قال: . أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بن عمرو عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَدِمْنَا مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَتُلُقِّينَا بِذِي الْحُلَيْفَةِ. وَكَانَ غِلْمَانُ الأَنْصَارِ يَتَلَقَّوْنَ أَهْلِيهِمْ. فَلَقُوا أُسَيْدَ بْنَ الْحُضَيْرِ فَنَعَوْا لَهُ امْرَأَتَهُ فَتَقَنَّعَ وَجَعَلَ يَبْكِي. فَقُلْتُ: غَفَرَ اللَّهُ لَكَ أَنْتَ صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَلَكَ مِنَ السَّابِقَةِ وَالْقِدَمِ مَا لَكَ وَأَنْتَ تَبْكِي عَلَى امْرَأَةٍ؟ قَالَتْ فَكَشَفَ رَأْسَهُ وَقَالَ: صَدَقْتِ. لَعَمْرِي لَيَحِقَّنَّ أَنْ لا أَبْكِي عَلَى أَحَدٍ بَعْدَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَقَدْ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - مَا قَالَ. قَالَتْ: قُلْتُ وَمَا قَالَ لَهُ رسول الله. ص؟ قَالَ: . قَالَتْ: وَهُوَ يَسِيرُ بَيْنِي وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ عَنِ امْرَأَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهَا أَسْمَاءُ بِنْتُ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ . أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: . قَالَ: قَوْلُهُ فَرَحًا بِهِ تَفْسِيرٌ مِنَ الْحَسَنِ. أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ رَجُلٍ حَدَّثَهُ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: . أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْحَوْضِيُّ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِيُّ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ قَالا: أَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ جَدَّتِهِ رُمَيْثَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَوْ أَشَاءُ أَنْ أُقَبِّلَ الْخَاتَمَ الَّذِي بَيْنَ كَتِفَيْهِ مِنْ قُرْبِي مِنْهُ لَفَعَلْتُ. وَهُوَ يَقُولُ لِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ يَوْمَ مَاتَ: . أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ الأَصَمِّ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ وَحُمِلَتْ جنازته . أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ. ع. أُتِيَ بِثَوْبِ حَرِيرٍ فَجَعَلَ أَصْحَابُهُ يَتَعَجَّبُونَ مِنْ لينه . أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالا: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَوْبُ حَرِيرٍ فَجَعَلْنَا نَلْمَسُهُ وَنَتَعَجَّبُ مِنْهُ. . قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: وَأَلْيَنُ. وَقَالَ الْفَضْلُ: أَوْ أَلْيَنُ. أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بن عَمْرٍو عَنْ وَاقِدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَكَانَ وَاقِدٌ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ وَأَطْوَلِهِمْ. فَقَالَ لِي: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ قُلْتُ: أَنَا واقد بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ. قَالَ فَقَالَ: إِنَّكَ بِسَعْدٍ لَشَبِيهٌ. ثُمَّ بَكَى وَأَكْثَرَ الْبُكَاءَ. ثُمَّ قَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ سَعْدًا. كَانَ سَعْدٌ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ وَأَطْوَلِهِمْ. ثُمَّ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ جَيْشًا إِلَى أُكَيْدِرِ دُومَةَ فَبَعَثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ بِجُبَّةٍ مِنْ دِيبَاجٍ مَنْسُوجًا بِالذَّهَبِ فَلَبِسَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَعَلَ النَّاسُ يَمْسَحُونَهَا وَيَنْظُرُونَ إليها فقال .

أم سليم الغميصاء بنت ملحان الأنصارية

أُمُّ سُلَيْمٍ الغُمَيْصَاءُ بِنْتُ مِلْحَانَ الأَنْصَارِيَّةُ
وَيُقَالُ: الرُّمَيْصَاءُ.
وَيُقَالُ: سَهْلَةُ.
وَيُقَالُ: أُنَيْفَةُ.
وَيُقَالُ: رُمَيْثَةُ
بِنْتُ مِلْحَانَ بنِ خَالِدِ بنِ زَيْدِ بنِ حَرَامِ بنِ جُنْدُبِ بنِ عَامِرِ بنِ غَنْمِ بنِ عَدِيِّ بنِ النَّجَّارِ الأَنْصَارِيَّةُ، الخَزْرَجِيَّةُ.
أُمُّ خَادِمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ.
فَمَاتَ زَوْجُهَا مَالِكُ بنُ النَّضْرِ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا أَبُو طَلْحَةَ زَيْدُ بنُ سَهْلٍ الأَنْصَارِيُّ، فَوَلَدَتْ لَهُ أَبَا عُمَيْرٍ، وَعَبْدَ اللهِ.
شَهِدَتْ حُنَيْناً وَأُحُداً.
مِنْ أَفَاضِلِ النِّسَاءِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ: كَانَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ أُحُدٍ، وَمَعَهَا خِنْجَرٌ.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ:
أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ اتَّخَذَتْ خِنْجَراً يَوْمَ حُنَيْنٍ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! هَذِهِ أُمُّ سُلَيْمٍ مَعَهَا خِنْجَرٌ.
فَقَالَتْ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! إِنْ دَنَا مِنِّي مُشْرِكٌ بَقَرْتُ بِهِ بَطْنَهُ.
هَمَّامُ بنُ يَحْيَى: عَنْ إِسْحَاقَ بنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ سُلَيْمٍ: أَنَّهَا آمَنَتْ بِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.قَالَتْ: فَجَاءَ أَبُو أَنَسٍ وَكَانَ غَائِباً، فَقَالَ: أَصَبَوْتِ؟
فَقَالَتْ: مَا صَبَوْتُ، وَلَكِنِّي آمَنْتُ.
وَجَعَلَتْ تُلَقِّنُ أَنَساً: قُلْ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، قُلْ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُوْلَ اللهِ، فَفَعَلَ، فَيَقُوْلُ لَهَا أَبُوْهُ: لاَ تُفْسِدِي عَلَيَّ ابْنِي.
فَتَقُوْلُ: إِنِّي لاَ أُفْسِدُهُ.
فَخَرَجَ مَالِكٌ، فَلَقِيَهُ عَدُوٌّ لَهُ، فَقَتَلَهُ، فَقَالَتْ: لاَ جَرَمَ، لاَ أَفْطِمُ أَنَساً حَتَّى يَدَعَ الثَّدْيَ، وَلاَ أَتَزَوَّجُ حَتَّى يَأْمُرُنِي أَنَسٌ.
فَخَطَبَهَا أَبُو طَلْحَةَ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مُشْرِكٌ، فَأَبَتْ.
خَالِدُ بنُ مَخْلَدٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
خَطَبَ أَبُو طَلْحَةَ أُمَّ سُلَيْمٍ، فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ آمَنْتُ، فَإِنْ تَابَعْتَنِي تَزَوَّجْتُكَ.
قَالَ: فَأَنَا عَلَى مِثْلِ مَا أَنْتِ عَلَيْهِ.
فَتَزَوَّجَتْهُ أُمُّ سُلَيْمٍ، وَكَانَ صَدَاقَهَا الإِسْلاَمُ.
سُلَيْمَانُ بنُ المُغِيْرَةِ: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
خَطَبَ أَبُو طَلْحَةَ أُمَّ
سُلَيْمٍ، فَقَالَتْ: إِنَّهُ لاَ يَنْبَغِي أَنْ أَتَزَوَّجَ مُشْرِكاً، أَمَا تَعْلَمُ يَا أَبَا طَلْحَةَ أَنَّ آلِهَتَكُمْ يَنْحَتُهَا عَبْدُ آلِ فُلاَنٍ، وَأَنَّكُمْ لَو أَشْعَلْتُم فِيْهَا نَاراً لاحْتَرَقَتْ.قَالَ: فَانْصَرَفَ وَفِي قَلْبِهِ ذَلِكَ، ثُمَّ أَتَاهَا، وَقَالَ: الَّذِي عَرَضْتِ عَلَيَّ قَدْ قَبِلْتُ.
قَالَ: فَمَا كَانَ لَهَا مَهْرٌ إِلاَّ الإِسْلاَمُ.
مُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ: أَخْبَرَنَا رِبْعِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الجَارُوْدِ الهُذَلِيُّ، حَدَّثَنِي الجَارُودُ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بنُ مَالِكٍ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَزُوْرُ أُمَّ سُلَيْمٍ، فَتُتْحِفُهُ بِالشَّيءِ تَصْنَعُهُ لَهُ، وَأَخٌ لِي أَصْغَرُ مِنِّي، يُكْنَى أَبَا عُمَيْرٍ، فَزَارَنَا يَوْماً، فَقَالَ: (مَا لِي أَرَى أَبَا عُمَيْرٍ خَاثِرَ النَّفْسِ؟) .
قَالَتْ: مَاتَتْ صَعْوَةٌ لَهُ كَانَ يَلْعَبُ بِهَا.
فَجَعَلَ النَّبِيُّ يَمْسَحُ رَأْسَهُ، وَيَقُوْلُ: (يَا أَبَا عُمَيْرٍ، مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ ؟) .
هَمَّامٌ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
لَمْ يَكُنْ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدْخُلُ بَيْتاً غَيْرَ بَيْتِ أُمِّ سُلَيْمٍ، فَقِيْلَ لَهُ، فَقَالَ: (إِنِّي أَرْحَمُهَا، قُتِلَ
أَخُوْهَا مَعِي ) .قُلْتُ: أَخُوْهَا هُوَ حَرَامُ بنُ مِلْحَانَ الشَّهِيْدُ، الَّذِي قَالَ يَوْمَ بِئْرِ مَعُوْنَةَ : فُزْتُ وَرَبِّ الكَعْبَةِ، لَمَّا طُعِنَ مِنْ وَرَائِهِ، فَطَلَعَتِ الحَرْبَةُ مِنْ صَدْرِهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.
أَيُّوْبُ: عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، عَنِ أُمِّ سُلَيْمٍ، قَالَتْ:
كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقِيْلُ فِي بَيْتِي، وَكُنْتُ أَبْسُطُ لَهُ نِطْعاً، فَيَقِيْلُ عَلَيْهِ، فَيَعْرَقُ، فَكُنْتُ آخُذُ سُكّاً، فَأَعْجِنُهُ بِعَرَقِهِ.
قَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ: فَاسْتَوْهَبْتُ مِنْ أُمِّ سُلَيْمٍ مِنْ ذَلِكَ السُّكِّ، فَوَهَبَتْ لِي مِنْهُ.
قَالَ أَيُّوْبُ: فَاسْتَوْهَبْتُ مِنْ مُحَمَّدٍ مِنَ ذَلِكَ السُّكِّ، فَوَهَبَ لِي مِنْهُ، فَإِنَّهُ عِنْدِي الآنَ.
قَالَ: وَلَمَّا مَاتَ مُحَمَّدٌ، حُنِّطَ بِذَلِكَ السُّكِّ.
رَوَاهُ: ابْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ الرَّقِّيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، عَنْهُ.ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ عَبْدِ الكَرِيْمِ، عَنِ البَرَاءِ بنِ زَيْدٍ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ فِي بَيْتِ أُمِّ سُلَيْمٍ عَلَى نِطْعٍ، فَعَرِقَ، فَاسْتَيْقَظَ وَهِيَ تَمْسَحُ العَرَقَ، فَقَالَ: (مَا تَصْنَعِيْنَ؟) .
قَالَتْ: آخُذُ هَذِهِ البَرَكَةَ الَّتِي تَخْرُجُ مِنْكَ.
ابْنُ جُرَيْجٍ: عَنْ عَبْدِ الكَرِيْمِ بنِ مَالِكٍ، أَخْبَرَنِي البَرَاءُ ابْنُ بِنْتِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ عَلَى أُمِّ سُلَيْمٍ وَقِرْبَةٌ مُعَلَّقَةٌ، فَشَرِبَ مِنْهَا قَائِماً، فَقَامَتْ إِلَى فِيِّ السِّقَاءِ، فَقَطَعَتْهُ.
رَوَاهُ: عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو، فَزَادَ: وَأَمْسَكَتْهُ عِنْدَهَا.
عَفَّانُ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَحْلِقَ رَأْسَهُ بِمِنَى؛ أَخَذَ أَبُو طَلْحَةَ شِقَّ شَعْرِهِ، فَجَاءَ بِهِ إِلَى أُمِّ سُلَيْمٍ، فَكَانَتْ تَجْعَلُهُ فِي سُكِّهَا.
قَالَتْ: وَكَانَ يَقْيْلُ عِنْدِي عَلَى نِطْعٍ، وَكَانَ مِعْرَاقاً -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَجَعَلْتُ أَسْلِتُ العَرَقَ فِي قَارُوْرَةٍ، فَاسْتَيْقَظَ، فَقَالَ: (مَا تَجْعَلِيْنَ؟) .
قُلْتُ: أُرِيْدُ أَنْ أَدُوْفَ
بِعَرَقِكَ طِيْبِي.حُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ: عَنْ أَنَسٍ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ عَلَى أُمِّ سُلَيْمٍ، فَأَتَتْهُ بِسَمْنٍ وَتَمْرٍ، فَقَالَ: (إِنِّي صَائِمٌ) .
ثُمَّ قَامَ، فَصَلَّى، وَدَعَا لأُمِّ سُلَيْمٍ وَلأَهْلِ بَيْتِهَا، فَقَالَتْ: إِنَّ لِي خُوَيْصَّةٌ.
قَالَ: (مَا هِيَ؟) .
قَالَتْ: خَادِمُكَ أَنَسٌ.
فَمَا تَرَكَ خَيْرَ آخِرَةٍ وَلاَ دُنْيَا إِلاَّ دَعَا لِي بِهِ، وَبَعَثَتْ مَعِي بِمِكْتَلٍ مِنْ رُطَبٍ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَرَوَى: ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (دَخَلْتُ الجَنَّةَ، فَسَمِعْتُ خَشْفَةً بَيْنَ يَدَيَّ، فَإِذَا أَنَا بِالغُمَيْصَاءِ بِنْتِ مِلْحَانَ).
وَرَوَى: عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:وَلَدَتْ أُمِّي، فَبَعَثَتْ بِالوَلَدِ مَعِي إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ: هَذَا أَخِي.
فَأَخَذَهُ، فَمَضَغَ لَهُ تَمْرَةً، فَحَنَّكَهُ بِهَا.
قَالَ حُمَيْدٌ: قَالَ أَنَسٌ: ثَقُلَ ابْنٌ لأُمِّ سُلَيْمٍ، فَخَرَجَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى المَسْجِدِ، فَتُوُفِّيَ الغُلاَمُ، فَهَيَّأَتْ أُمُّ سُلَّيْمٍ أَمْرَهُ، وَقَالَتْ: لاَ تُخْبِرُوْهُ.
فَرَجَعَ، وَقَدْ سَيَّرَتْ لَهُ عَشَاءهُ، فَتَعَشَّى، ثُمَّ أَصَابَ مِنْ أَهْلِهِ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، قَالَتْ:
يَا أَبَا طَلْحَةَ! أَلَمْ تَرَ إِلَى آلِ أَبِي فُلاَنٍ اسْتَعَارُوا عَارِيَّةً، فَمَنَعُوْهَا، وَطُلِبَتْ مِنْهُم، فَشَقَّ عَلَيْهِم؟
فَقَالَ: مَا أَنْصَفُوا.
قَالَتْ: فَإِنَّ ابْنَكَ كَانَ عَارِيَّةً مِنَ اللهِ، فَقَبَضَهُ.
فَاسْتَرْجَعَ، وَحَمِدَ اللهَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمَّا رَآهُ، قَالَ: (بَارَكَ اللهُ لَكُمَا فِي لَيْلَتِكُمَا) .
فَحَمَلَتْ بِعَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي طَلْحَةَ، فَوَلَدَتْ لَيْلاً، فَأَرْسَلَتْ بِهِ مَعِي، وَأَخَذْتُ تَمَرَاتٍ عَجْوَةٍ، فَانْتَهَيْتُ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَهْنَأُ أَبَاعِرَ لَهُ، وَيَسِمُهَا، فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! وَلَدَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ اللَّيْلَةَ.
فَمَضَغَ بَعْضَ التَّمَرَاتِ بِرِيْقِهِ، فَأَوْجَرَهُ إِيَّاهُ، فَتَلَمَّظَ الصَّبِيُّ، فَقَالَ:
(حِبُّ الأَنْصَارِ التَّمْرُ) .فَقُلْتُ: سَمِّهِ يَا رَسُوْلَ اللهِ.
قَالَ: (هُوَ عَبْدُ اللهِ ) .
سَمِعَهُ: الأَنْصَارِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنِ بَكْرٍ، مِنْهُ.
وَرَوَى: سَعِيْدُ بنُ مَسْرُوْقٍ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبَايَةَ بنِ رِفَاعَةَ، قَالَ:
كَانَتْ أُمُّ أَنَسٍ تَحْتَ أَبِي طَلْحَةَ ... ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَفِيْهِ:
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمَا فِي لَيْلَتِهِمَا) .
قَالَ عَبَايَةُ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ لِذَلِكَ الغُلاَمِ سَبْعَ بَنِيْنَ، كُلُّهُمْ قَدْ خَتَمَ القُرْآنَ.
رَوَاهُ: أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْهُ.
رَوَتْ: أَرْبَعَةَ عَشَرَ حَدِيْثاً، اتَّفَقَا لَهَا عَلَى حَدِيْثٍ، وَانْفَرَدَ البُخَارِيُّ بِحَدِيْثٍ، وَمُسْلِمٌ بِحَدِيْثَيْنِ.

عبد الله بن عمر بن الخطاب ابو عبد الرحمن العدوي

عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَدَوِيُّ خَالُ الْمُؤْمِنِينَ، مِنْ أَمْلَكِ شَبَابِ قُرَيْشٍ عَنِ الدُّنْيَا، أُمُّهُ وَأُمُّ أُخْتِهِ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: زَيْنَبُ بِنْتُ مَظْعُونِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ وَهْبِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ جُمَحَ، هَاجَرَ مَعَ أَبِيهِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، كَانَ آدَمَ طُوَالًا لَهُ جُمَّةٌ مَفْرُوقَةٌ تَضْرِبُ قَرِيبًا مِنْ مَنْكِبَيْهِ، يَقُصُّ شَارِبَهُ، وَيُشَمِّرُ إِزَارَهُ، يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ، أُعْطِيَ الْقُوَّةَ فِي الْعِبَادَةِ، وَفِي الْبِضَاعِ، كَانَ مِنَ التَّمَسُّكِ بِآثَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسَّبِيلِ الْمُبِينِ، وَأُعْطِيَ الْمَعْرِفَةَ بِالْآخِرَةِ، وَالْإِيثَارَ لَهَا حَقَّ الْيَقِينِ، لَمْ تَغَيِّرْهِ الدُّنْيَا، وَلَمْ تَفْتِنْهُ، كَانَ مِنَ الْبَكَّائِينَ الْخَاشِعِينَ، وَعَدَّهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الصَّالِحِينَ، اسْتَصْغَرَهُ عَنْ بَدْرٍ فَغَلَبَهُ الْحُزْنُ وَالْبُكَاءُ، وَأَجَازَهُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، فَأَذْهَلَهُ عَنِ الْأَمْنِ وَالتُّكَى، نَقْشُ خَاتَمِهِ عَبْدُ اللهِ لِلَّهِ، أَصَابَ رِجْلَهُ زُجُّ رُمْحٍ فَوَرِمَتْ رِجْلَاهُ، فَتُوُفِّيَ مِنْهَا بِمَكَّةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ، وَقِيلَ: ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ، وَدُفِنَ بِالْمُحَصَّبِ، وَقِيلَ: بِذِي طُوًى، وَقِيلَ: بِسَرِفَ، مَاتَ وَهُوَ ابْنُ سِتٍّ وَثَمَانِينَ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، ثنا حُصَيْنٌ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا وَمَا أَدْرَكْتُ أَحَدًا إِلَّا وَقَدْ مَالَتْ بِهِ الدُّنْيَا أَوْ مَالَ بِهَا إِلَّا عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ»
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ، ثنا مَحْمُودُ بْنُ خِدَاشٍ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ: إِنَّ مِنْ أَمْلَكِ شَبَابِ قُرَيْشٍ عَنِ الدُّنْيَا لَعَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ، ثنا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ، ثنا سَلْمُ بْنُ قُتَيْبَةَ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ رَجُلًا طُوَالًا آدَمَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَقَدْ أَثَّرَ خَلُوقُ الْكَعْبَةِ بِصَدْرِهِ
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجُ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ لَهُ جُمَّةٌ مَفْرُوقَةٌ تَضْرِبُ قَرِيبًا مِنْ مَنْكِبَيْهِ
- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ، ثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مُهَاجِرِ بْنِ قُنْفُذٍ التَّيْمِيُّ، أَنَّهُ رَأَى عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ يُصَفِّرُ بِالْخَلُوقِ وَالزَّعْفَرَانِ لِحْيَتَهُ
- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا قُتَيْبَةُ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ يُصْبِغُ لِحْيَتَهُ حَتَّى يَمْتَلِئَ ثِيَابُهُ مِنَ الصُّفْرَةِ
- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، ثنا السَّرَّاجُ، ثنا قُتَيْبَةُ، ثنا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ، ثنا جَعْفَرٌ، ثنا مَيْمُونٌ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ يَقُصُّ شَارِبَهُ حَتَّى يُحْفِيَهُ، وَيُشَمِّرُ إِزَارَهُ حَتَّى يَكُونَ نَحْوًا مِنْ نِصْفِ السَّاقِ
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا عَارِمٌ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَنَشٍ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ثَوْبَيْنِ مُعَافِرَتَيْنِ، وَكَانَ ثَوْبُهُ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ "
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا أَبُو يَزِيدَ الْقَرَاطِيسِيُّ، ثنا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ ابْنِ جَابِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يُحْيِي اللَّيْلَ صَلَاةً ثُمَّ يَقُولُ: يَا نَافِعُ، أَسَحَرْنَا فَيَقُولُ: لَا، فَيُعِيدُ الصَّلَاةَ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا نَافِعُ أَسَحَرْنَا فَأَقُولُ: نَعَمْ، فَيَقْعُدُ فَيَسْتَغْفِرُ، وَيَدْعُو حَتَّى يُصْبِحَ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ: ذُكِرَ فَضْلُ ابْنِ عُمَرَ فَقَالَ: كَانَ كُلَّمَا اسْتَيْقَظَ مِنَ اللَّيْلِ صَلَّى
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ، ثنا أَبُو عَبَّادٍ يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ، عَنِ السَّرِيِّ بْنِ يَحْيَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، قَالَ: رُبَّمَا أَفْطَرَ ابْنُ عُمَرَ عَلَى الْجِمَاعِ
- وَعَنِ السَّرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَقَدْ أُعْطِيتُ مِنْهُ شَيْئًا لَا أَعْلَمُ أَحَدًا أُعْطِيهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، ثنا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ حَسَّانَ، ثنا خَارِجَةُ بْنُ مُصْعَبٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: لَوْ نَظَرْتَ إِلَى ابْنِ عُمَرَ إِذَا اتَّبَعَ أَثَرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقُلْتَ: هَذَا مَجْنُونٌ
- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجُ، ثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْخُنَيْسِيُّ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ حَدَّثَنِي نَافِعٌ، قَالَ: دَخَلَ ابْنُ عُمَرَ الْكَعْبَةَ فَسَمِعْتُهُ وَهُوَ سَاجِدٌ يَقُولُ: وَقَدْ تَعْلَمُ مَا يَمْنَعُنِي مِنْ مُزَاحَمَةِ قُرَيْشٍ عَلَى الدُّنْيَا إِلَّا خَوْفُكَ
- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ، ثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا اشْتَدَّ عَجَبُهُ مِنْ مَالِهِ قَرَّبَهُ لِرَبِّهِ، قَالَ نَافِعٌ: وَكَانَ رَقِيقُهُ قَدْ عَرَفُوا ذَلِكَ مِنْهُ فَرُبَّمَا شَمَّرَ أَحَدُهُمْ فَلْيَلْزَمِ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا رَآهُ ابْنُ عُمَرَ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ الْحَسَنَةِ أَعْتَقَهُ، فَيَقُولُ لَهُ أَصْحَابُهُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَاللهِ مَا هُمْ إِلَّا أَنْ يَخْدَعُوكَ، فَيَقُولُ ابْنُ عُمَرَ: فَمَنْ خَدَعَنَا بِاللهِ انْخَدَعْنَا لَهُ، قَالَ نَافِعٌ: فَلَقَدْ رَأَيْتُنَا ذَاتَ عَشِيَّةٍ وَرَاحَ ابْنُ عُمَرَ عَلَى نَجِيبٍ لَهُ قَدْ أَخَذَهُ بِمَالٍ فَلَمَّا أَعْجَبَهُ سَيْرُهُ أَنَاخَهُ بِمَكَانِهِ ثُمَّ نَزَلَ عَنْهُ، فَقَالَ: يَا نَافِعُ، انْزَعُوا زِمَامَهُ وَرِحْلَهُ، وَجَلِّلُوهُ وَأَشْعِرُوهُ وَأَدْخَلُوهُ فِي الْبُدْنِ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ أَعْيَنَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ لَا يُعْجِبُهُ شَيْءٌ مِنْ مَالِهِ إِلَّا خَرَجَ مِنْهُ لِلَّهِ، قَالَ: فَكَانَ رُبَّمَا تَصَدَّقَ فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ ثَلَاثِينَ أَلْفًا قَالَ: وَأَعْطَاهُ ابْنُ عَامِرٍ مَرَّتَيْنِ ثَلَاثِينَ أَلْفًا قَالَ: يَا نَافِعُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ تَفْتِنَنِي دَرَاهِمُ ابْنِ عَامِرٍ اذْهَبْ فَأَنْتَ حُرٌّ، قَالَ: وَكَانَ لَا يُدْمِنُ اللَّحْمَ شَهْرًا إِلَّا مُسَافِرًا أَوْ رَمَضَانَ، قَالَ: وَكَانَ يَمْكُثُ الشَّهْرَ لَا يَذُوقَ فِيهِ مُزْعَةَ لَحْمٍ
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجُ، ثنا هَمَّامٌ، ثنا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: بَعَثَ مُعَاوِيَةُ إِلَى ابْنِ عُمَرَ بِمِائَةِ أَلْفٍ فَمَا حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ عِنْدَهُ مِنْهَا شَيْءٌ
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا أَبُو هَمَّامٍ، ثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعُمَرِيِّ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: مَا مَاتَ ابْنُ عُمَرَ حَتَّى أَعْتَقَ أَلْفَ إِنْسَانٍ أَوْ زَادَ
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ، ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ} [الحديد: 16] بَكَى حَتَّى يَغْلِبَهُ الْبُكَاءُ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ، ثنا الْبَرَاءُ بْنُ سُلَيْمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ نَافِعًا، مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ يَقُولُ: مَا قَرَأَ ابْنُ عُمَرَ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ. . . إِلَى آخِرِ الْآيَةِ إِلَّا بَكَى ثُمَّ يَقُولُ: إِنَّ هَذَا الْإِحْصَاءَ شَدِيدٌ
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: رَأَيْتُ رُؤْيَا فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ عَبْدَ اللهِ رَجُلٌ صَالِحٌ» قَالَ نَافِعٌ: فَكَانَ عَبْدُ اللهِ بَعْدُ يُكْثِرُ صَلَاةَ اللَّيْلِ
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ، ثنا السَّرَّاجُ، ثنا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا أَبِي، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ فَمَرَّ بِنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ يَطُوفُ، فَقَالَ جَابِرٌ: إِذَا سَرَّكُمْ أَنْ تَنْظُرُوا إِلَى أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ لَمْ يُغَيِّرُوا، وَلَمْ يُبَدِّلُوا فَانْظُرُوا إِلَيْهِ، مَا مِنْ أَحَدٍ إِلَّا غَيَّرَ
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا أَبُو مَعْشَرٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: عُرِضْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ أُقْبَلْ وَأَنَا ابْنُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَعُرْضِتُ عَلَيْهِ يَوْمَ أُحُدٍ، وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، فَلَمْ أُقْبَلْ، وَعُرِضْتُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ فَقُبِلْتُ
- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: عَرَضَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ فَرَدَّنِي، وَعَرَضَنِي يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ فَأَجَازَنِي رَوَاهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ مِثْلَهُ، فَزَادَ: وَهُوَ أَوَّلُ مَشْهَدٍ شَهِدَهُ، وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي مَنَاقِبِهِ أَنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا عُمَرُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا أَبُو خَلَفٍ، ثنا يَحْيَى وَهُو الْبَكَّاءُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، قَالَ: عُرِضْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ فَاسْتَصْغَرَنِي فَلَمْ يَقْبَلْنِي، فَأَتَتْ عَلَيَّ لَيْلَةٌ لَمْ يَأْتِ عَلَيَّ لَيْلَةٌ قَطُّ مِثْلُهَا مِنَ السَّهَرِ وَالْحُزْنِ وَالْبُكَاءِ، إِذْ لَمْ يَقْبَلْنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ، عُرِضْتُ عَلَيْهِ فَقَبِلَنِي، فَحَمِدْتُ اللهَ عَلَى ذَلِكَ، قَالَ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، تَوَلَّيْتُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَعَفَا اللهُ عَنَّا جَمِيعًا، فَلَهُ الْحَمْدُ كَثِيرًا "
- وَرَوَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْسَجَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: اسْتُصْغِرْتُ أَنَا وَابْنُ عُمَرَ يَوْمَ بَدْرٍ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: شَهِدَ ابْنُ عُمَرَ الْفَتْحَ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً، وَمَعَهُ فَرَسٌ حُرُوزٌ، وَرُمْحٌ ثَقِيلٌ، فَذَهَبَ يَخْتَلِي لِفَرَسِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ عَبْدَ اللهِ، إِنَّ عَبْدَ اللهِ»
- حَدَّثَنَا الصَّرْصَرِيُّ، ثنا الْمَنِيعِيُّ، ثنا جَدِّي، ثنا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ، عَنْ. . . عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: كَانَ نَقْشُ خَاتَمِ ابْنِ عُمَرَ: عَبْدُ اللهِ لِلَّهِ
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ، عَنْ عَطِيَّةَ، قَالَ: قُلْتُ لِمَوْلًى لِابْنِ عُمَرَ: كَيْفَ كَانَ مَوْتُ ابْنِ عُمَرَ؟ قَالَ: أَصَابَهُ زُجُّ رُمْحِ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فِي رِجْلِهِ فَدَخَلَ عَلَيْهِ الْحَجَّاجُ يَعُودُهُ، فَقَالَ: لَوْ أَعْلَمُ الَّذِي أَصَابَكَ لَضَرَبْتُ عُنُقَهُ، قَالَ: «أَنْتَ الَّذِي أَصَبْتَنِي» ، قَالَ: كَيْفَ؟ قَالَ: «يَوْمَ أَدْخَلْتَ حَرَمَ اللهِ السِّلَاحَ»
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: مَاتَ ابْنُ عُمَرَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا أَبُو الزِّنْبَاعِ، ثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: تُوُفِّيَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، وَيُكْنَى أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِمَكَّةَ بَعْدَ الْحَجِّ، وَدُفِنَ بِالْمُحَصَّبِ، وَبَعْضُ النَّاسِ يَقُولُونَ: بِفَجٍّ، وَسِنُّهُ حِينَ أَجَازَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فِي الْقِتَالِ وَهُوَ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَكَانَ الْخَنْدَقُ فِي شَوَّالٍ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعٍ فَسِنُّهُ يَوْمَ تُوُفِّيَ أَرْبَعَةٌ وَثَمَانُونَ

سلامة بن روح بن خالد بن عقيل

سَلامَةُ بْنُ رَوْحِ بْنِ خَالِدِ بْن عُقَيْلٍ الأَيْلِي، يُكَنَّى أبا روح.
حَدَّثَنَا بن عدي، حَدَّثَنا السَّاجِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ شُعَيب الصَّيْرَفِيُّ، وَعَبد اللَّهِ بْنُ مُحَمد السِّمْنَانِيُّ، وَعلي بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ رِدَاءٍ، وَمُحمد بْنُ حَاتِمٍ النَّسَائِيُّ بِالرَّمْلَةِ وَالنُّعْمَانُ بْنُ هَارُونَ الْبَلَدِيُّ، وَعَبد اللَّهِ بْنُ يَحْيى السَّرَخْسِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ الطَّبَرِيُّ، وَعَبد اللَّهِ بْنُ الْمِنْهَالِ، وَعَبد اللَّهِ بْنُ مُحَمد بْنِ مُسْلِمٍ وَجَعْفَرُ بْنُ سَهْلٍ الْبَالِسِيُّ وَيَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ أَبُو عَوَانة وَأَحْمَدُ بْنُ حَفْصٍ السَّعْدِيُّ، وَمُحمد بْنُ مُحَمد بْنِ الأشعث الكوفي قالوا، حَدَّثَنا مُحَمد بن عزيز، حَدَّثَنا سَلامَةُ بْنُ رَوْحٍ عَنْ عُقَيْلٍ، عنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَن أَنَس، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أُكْثِرَ أهل الجنة البله.
حَدَّثَنَا عمران السختياني، حَدَّثَنا محفوظ بن أبي توبة، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ عَزِيزٍ بِإِسْنَادِهِ مِثْلِهِ.
حَدَّثَنَا مُحَمد بْنُ مُحَمد بْنِ الأَشْعَثِ، وَعَبد الْجَبَّارِ بْنِ أَحْمَدَ السمرقندي، قالا: حَدَّثَنا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبد الأعلى الأيلي، حَدَّثَنا سَلامَةُ بْنُ رَوْحِ بْنِ خَالِدِ بْنِ عُقَيْلٍ قَالَ عُقَيْلٌ، حَدَّثني ابْنِ شِهَابٍ، عَن أَنَس، أَن رسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وسَلَّم قَال: أَكْثَرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ البله.
حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ أَبِي الْجِنِّ، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ عَزِيزِ بْنِ عَبد اللَّهِ بْنِ زِيَادِ بْنِ عُقَيْلٍ أَبُو عَبد اللَّهِ الأَمَوِيِّ الأَيْلِيُّ، حَدَّثَنا سَلامَةُ بْنُ رَوْحٍ أَبُو رَوْحٍ ومات سنة ثمان وتسعين ومِئَة مِثْلَهُ.
قَالَ الشَّيْخُ: وَهَذَا الْحَدِيثُ بِهَذَا الإِسْنَادِ مُنْكَرٌ لَمْ يَرْوِهِ عَنْ عُقَيْلٍ غَيْرُ سَلامَةَ هَذَا.
كَتَبَ إِلَيَّ مُحَمد بْنُ عَبد اللَّهِ بْنِ عَبد السَّلامِ مَكْحُولٌ الْبَيْرُوتِيُّ بِخُطَّهٍ وَأَنَا بَأَطْرَابُلْسِ أَنَّ إِسْحَاقَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الأَيْلِيَّ حَدَّثَهُ، قَالَ: سَمِعْتُ سَلامَةَ، قَال: قَال عقيل، حَدَّثني ابن شهاب، حَدَّثَنا أَنَسٍ قَال رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ أَمْلِكُوا الْعَجِينَ فإنه أعظم للبركة.
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الصَّيْرَفِيُّ، حَدَّثَنا أبو يَحْيى الجوذابي، حَدَّثَنا مُحَمد بن عزيز، حَدَّثَنا
سَلامَةُ بْنُ رَوْحٍ عَنْ عُقَيْلٍ، عنِ الزُّهْريّ، حَدَّثني أَنَسٌ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْلِكُوا الْعَجِينَ فَإِنَّهُ أَحَدُ الرِّيعَيْنِ.
قَالَ الشَّيْخُ: وَهَذَا وَإِنْ رُوِيَ بِغَيْرِ هَذَا الإِسْنَادِ فهو منكر جدا.
حَدَّثَنَا الفضل بن عَبد اللَّه بن مخلد، حَدَّثَنا أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرو بن السرح، حَدَّثَنا سَلامَةُ بْنُ رَوْحِ بْنِ أَخِي عقيل عقيل عن، حَدَّثني ابْنُ شِهَابٍ، عَن أَنَس (ح) وحدثنا النُّعْمَانُ بْنُ هَارُونَ وَاللَّفْظُ لَهُ، قَال: حَدَّثَنا مُحَمد بن عزيز، حَدَّثَنا سَلامَةُ، عَن عَمِّه عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ، عنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: قَال أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ بَيْنَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَبَطَ ثَنْيَةً وَرَسُولُ اللَّهِ يَسِيرُ وَحْدَهُ فَلَمَّا اسْتَهَلَّتْ بِهِ الطَّرِيقُ ضَحِكَ وَكَبَّرَ وَكَبَّرْنَا لِتَكْبِيرِهِ ثُمَّ سَارَ رَتْوَةً ثُمَّ ضَحِكَ وَكَبَّرَ وَكَبَّرْنَا لِتَكْبِيرِهِ ثُمَّ أَدْرَكْنَاهُ فَقَالَ الْقَوْمُ كَبَّرْنَا لِتَكْبِيرِكَ، ولاَ نَدْرِي مِمَّ ضَحِكْتَ قَالَ قَادَ النَّاقَةُ جِبْرِيلُ فَلَمَّا أَسْهَلْتُ الْتَفَتَ إِلَيَّ جِبْرِيلُ فَقَالَ أَبْشِرْ وَبَشِّرْ أُمَّتَكَ أَنَّهُ مَنْ؟ قَال: لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيك لَهُ دَخَلَ الجنة فضحكت وكبرت ربي.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصٍ السَّعْدِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ الطَّبَرِيُّ وَيَعْقُوبُ بن إسحاق الإسفرائيني قالوا، حَدَّثَنا مُحَمد بن عزيز، حَدَّثَنا سَلامَةُ عَنْ عُقَيْلٍ، عنِ الزُّهْريّ، عَن أَنَس قَال رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ رُبَّ ذِي طِمْرَيْنِ لا يُؤْبَهُ لَهُ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ منهم البراء بن مالك.
حَدَّثَنَا عمران السختياني، حَدَّثَنا محفوظ بن أبي توبة، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ عَزِيزٍ، حَدَّثني عَمِّي سَلامَةُ، حَدَّثني عَمِّي عُقَيْلٌ، عنِ الزُّهْريّ، عَن أَنَس قَال رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ كَمْ مِنْ ضَعِيفٍ مُتَضَعِّفٍ أَشْعَثَ أَغْبَرَ ذِيِ طِمْرَينِ لا يُؤْبَهُ لَهُ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّ قَسَمَهُ مِنْهُمُ الْبَرَاءُ بْنُ مالك.
حَدَّثَنَا النعمان البلدي، حَدَّثَنا مُحَمد بن عزيز، حَدَّثَنا سَلامَةُ عَنِ عُقَيْلٍ، عنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ قَدِمَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ عَبد الْمَلِكِ فَسَأَلَهُ مَا سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ بِهِ السَّاعَةُ فَقَالَ لَهُ أَنَسٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنِّي وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ وَأَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُصْبُعَيْهِ.
حَدَّثَنَا عَبد اللَّه بْنُ مُحَمد بن المنهال، حَدَّثَنا مُحَمد بن عزيز، حَدَّثَنا سَلامَةُ عَنِ عُقَيْلٍ، عنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي أَنَسٌ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اللَّهُمَّ اجْعَلْ بِالْمَدِينَةِ ضِعْفَيْ مَا جَعْلَتَ بِمَكَّةَ مِنَ البركة.
حَدَّثَنَا النُّعْمَانُ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ الطَّبَرِيُّ، قالا: حَدَّثَنا مُحَمد بن عزيز، حَدَّثَنا سَلامَةُ بْنُ عُقَيْلٍ، عنِ الزُّهْريّ، عَن أَنَس قَال رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ إِنَّ قَدْرَ حَوْضِي مَا بَيْنِ إِيلِيَاءَ إِلَى صَنْعَاءَ وَإِنَّ فِيهِ مِنَ الأباريق عدد نجوم السماء
قَالَ الشَّيْخُ: وَهَذِهِ الأَحَادِيثُ عَنْ عقيل، عنِ الزُّهْريّ كتاب نسخة كبيرة يقع في جزأين وفيها عن عقيل، عنِ الزُّهْريّ أحاديث أنكرت من حديث الزُّهْريّ بما لا يرويه غير سلامة عن عقيل عنه من ذلك حديث، عنِ الزُّهْريّ، عَن أبي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، ولاَ يعرف للزُّهْريّ، عَن أبي حازم إلاَّ من هذه النسخة وفي هذه النسخة، عنِ الزُّهْريّ، عَن أَبِي السَّائِبِ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ مَنْ صَلَّى صَلاةَ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَهِي خَدَاجٌ.
وقد روى هذا بإسناد مظلم عن مالك، عنِ الزُّهْريّ، عَن أبي السائب والمحفوظ في هذه الرواية رواية العلاء بْن عَبد الرَّحْمَن، عَن أبي السائب وهذه النسخة، عنِ ابْن عزيز عن سلامة روى المتقدمون عنه وسمعوا منه قديما حتى جعفر الفريابي كان يحدثنا عنه فيقول، حَدَّثني مُحَمد بْن عزيز لأنه سمع منه قديما.

الاوزاعي

ثم انتقل الفتوى بالشام إلى أبي عمرو عبد الرحمن بن عمرو بن يحمد الأوزاعي
: ولد سنة ثمان وثمانين ومات سنة سبع وخمسين ومائة . وكان من سبي أهل اليمن ولم يكن من الأوزاع، ومات وله ستون سنة وسئل عن الفقه وله ثلاث عشرة سنة. وقال عبد الرحمن بن مهدي: ما كان أحد بالشام أعلم بالسنة من الأوزاعي. وقال هقل بن زياد: أجاب الأوزاعي في سبعين ألف مسألة. وروي ن سفيان الثوري بلغه مقدم الأوزاعي فخرج حتى لقيه بذي طوى؛ قال: فحل سفيان رأس البعير عن القطار ووضعه على رقبته فكان إذا مر بجماعة قال: الطريق للشيخ. وأخذ عنه العلم أبو إسحاق الفزاري وعبد الله بن المبارك وهقل بن زياد وأبو العباس الوليد ابن مسلم والوليد بن مزيد وعمر بن عبد الواحد وعمرو بن أبي سلمة وعقبة ابن علقمة ومحمد بن يوسف الفريابي.
ومن العلماء الجهابدة النقاد [من أهل الشام - 1] عبد الرحمن (65 م) بن عمرو الأوزاعي
ما ذكر من علم الأوزاعي وفقهه
حدثنا عبد الرحمن نا العباس بن الوليد بن مزيد البيروتي حدثني محمد ابن عبد الوهاب قال كنت عند أبي إسحاق الفزاري فذكر (2) الأوزاعي فقال: إن ذاك الرجل كان شأنه عجب (3) كان يسأل عن الشئ الذي عندنا فيه الأثر فيقول للسائل: ما عندي فيه شئ، فيبتلى بلجاجته حتى يرد عليه الجواب فلا يعدو الأثر الذي عندنا.
فقال آخر يا أبا إسحاق هذا
شبيه بالوحي، فغضب، ثم قال: من هذا تعجب؟ كان والله يرد على الجواب كما هو عندنا في الأثر لا يقدم منه مؤخرا ولا يؤخر منه مقدما.
حدثنا عبد الرحمن [نا أبي - 4] نا أحمد بن إبراهيم الدورقي حدثني القاسم بن سلام قال أخبرني عبد الرحمن بن مهدي قال: ما كان بالشام أحد أعلم بالسنة من الأوزاعي.
حدثنا عبد الرحمن ثنا أبو عبد الله الطهراني قال سمعت عبد الرزاق يقول: أول من صنف الكتب ابن جريج، وصنف الأوزاعي حين قدم على يحيى بن أبي كثير كتبه.
حدثنا عبد الرحمن نا العباس بن الوليد بن مزيد أخبرني دحيم قال سمعت أبا مسهر يقول أخبرني هقل بن زياد أن الأوزاعي أجاب في سبعين ألف مسألة.
حدثنا عبد الرحمن أنا العباس بن الوليد بن مزيد نا العباس بن نجيح نا عون بن حكيم قال خرجت مع الأوزاعي حاجا فلما اتينا المدينة اتى
الأوزاعي المسجد وبلغ مالكا مقدمه فأتاه مسلما عليه فجلسا من بعد [صلاة - 1] الظهر يتذاكران العلم فلم يذكرا بابا من أبوابه إلا غلب الأوزاعي عليه فيه ثم حضرت صلاة العصر فصليا ثم جلسا (2) وعاودا المذاكرة كل ذلك يغلب عليه الأوزاعي فيما يتذاكران فلما اصفرت
الشمس ناظره في باب المكاتب والمدبر (3) فخانقه (4) مالك بن أنس فيه.
حدثنا عبد الرحمن نا العباس بن الوليد بن مزيد قال سمعت أبي يقول: ما سمعت كلام متكلم (66 م) إلا وإذا كررته خلق غير كلام الأوزاعي فإنك كلما كررت النظر (5) فيه زاد حلاوة.
حدثنا عبد الرحمن نا العباس [بن الوليد بن مزيد البيروتي - 6] نا محمد بن هلال حدثني عبد الحميد بن حبيب - يعني ابن أبي العشرين - قال قلت لمحمد بن شعيب بن شابور أنشدك الله ومقامك بين يديه لقيت أفقه في دين الله من الأوزاعي؟ قال: اللهم لا، قال قلت فأورع منه؟ قال: لا، قلت فأحلم منه؟ قال ولا (7) .
حدثنا عبد الرحمن نا العباس بن الوليد بن مزيد حدثني عبيد بن حيان قال أتيت مجلس مالك بن أنس وهو عنه غائب فقلت لأصحاب مالك ما يقول أبو عبد الله في مسألة كذا وكذا؟ فأجابوا فيه، فقلت: ما هكذا قال أبو عمرو، قالوا وما قال [أبو عمرو - 1] قلت: كذا وكذا - بخلاف ما قالوه، قال فتضاحكوا بي فإني لكذلك إذ أقبل مالك فلما جلس قالوا يا أبا عبد الله ألا تسمع ما يحدث الشامي عن الأوزاعي؟ قال فقلت: ما تقول أنت في مسألة كذا وكذا؟ فأجاب بمثل جوابهم،
فقلت: ما هكذا قال أبو عمرو.
فقال: كلف الشيخ فتكلف، فتضاحكوا فمربي ساعة الله أعلم وعلت مالكا سكته فأخلد برأسه الأرض مليا ثم رفع رأسه وقال: القول ما قال أبو عمرو فرأيتهم وقد عاد ما كان بي بهم.
حدثنا عبد الرحمن سمعت أبي يقول وسئل عن الأوزاعي فقال: الأوزاعي فقيه متبع لما سمع (1) .
حدثنا عبد الرحمن نا العباس [بن الوليد بن مزيد - 2] [نا أبي - 3] حدثني يزيد بن عبد الله بن صالح (أ 5 ك) البيروتي قال كان سبب طلب الأوزاعي العلم أنه ضرب عليه بعث - يعني (4) إلى اليمامة فلما دخلوا (5) مسجدها ويحيى بن أبي كثير جالس في المسجد فنظر إليهم (51 د) فقال إما أنه إن كان عند أحد من هؤلاء القوم خير فهو عند هذا الفتى - يعني الأوزاعي -، ثم مر به وهو قائم يصلى فقال لجلسائه: ما رأيت مصليا قط أشبه بعمر بن عبد العزيز بصلاته (6) من هذا الفتى.
قال فلقيه شيخ كان جليسا ليحيى فقال يا فتى (67 م) إن شيخنا لا يزال يحسن ذكرك قال فأتاه الأوزاعي كأنه أراد أن يقضى ذمامه فلما سمع العلم ونشفه قلبه [رفض الديوان و - 2] اقبل على يحيى [يعني - 22] ابن أبي كثير.
حدثنا عبد الرحمن نا العباس بن الوليد بن مزيد حدثني عبد الحميد ابن بكار (7) قال كنت عند سعيد بن عبد العزيز فجاءه رجل فقال يا أبا محمد متى أبان الرواح إلى الجمعة؟ فقال له أتيت بيروت؟ قال نعم،
قال فرأيت ابن عمرو؟ قال نعم، قال، فقد كفاك من كان قبله.
حدثنا عبد الرحمن نا العباس بن الوليد قال سمعت ابي يقول: كفا نا الأوزاعي من كان قبله.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا دحيم قال قال أبو مسهر لما توفي مكحول جلسوا إلى يزيد بن يزيد بن جابر وكان طويل السكوت فلما رأوا سكوته جلسوا إلى سليمان بن موسى فلما توفي سليمان بن موسى جلسوا إلى العلاء ابن الحارث فلما ولي ابن سراقة قال من فقيه الجند قالوا قيس الأعمى قال لقد ضاع جند فقيهها قيس الأعمى قال فبعث إلى الأوزاعي فأقدمه من بيروت فكان يفتى بها (1) - يعني بدمشق.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن أحمد بن البراء قال قال علي ابن المديني: نظرت فإذا الإسناد يدور على ستة، الزهري وعمرو بن دينار وقتادة ويحيى بن أبي كثير وأبو إسحاق الهمداني والأعمش، ثم صار علم هؤلاء الستة من أهل الشام إلى عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي.
كتب الأوزاعي في صلاح أمور المسلمين إلى ولاة الامر باب رسالة الأوزاعي إلى أبي عبيد الله وزير الخليفة في موعظة وسوال حاجة حدثنا عبد الرحمن نا العباس بن الوليد بن مزيد قراءة قال أخبرني أبي عن الأوزاعي أنه كتب إلى أبي عبيد الله: أما بعد فإني اسأل الله عزوجل أن لا يسلب منك عقلا ولا دينا وأن يجعل الغالب عليك
فيما أنت فيه التوقي لما كنت تعرف وتكره (68 م) قبل أن تبتلى ولا يجهلك عنه فتنة طمع ولا كثره شغل وإن يمن عليك بذكر قله المتاع وتقريب حضور فراقه ثم يجعلك لحظك فيه مؤثرا وعلى سلبه منك مشفقا فإنك المرء أحب أن أتعاهده بذكر ما عسى الله أن يحدث به خيرا فإني أرجو أن يكون الغيب مني على النصح لك وحب العصمة في دينك وصرف السوء عنك فيه إن شاء الله، وقد سألني إدريس الكتاب إليك فإن قدرت له رحمك الله على لحق في سكان جبلة طلبت له وأعنته بما عسى الله أن يجعل قضاء حاجته بما يتسبب (1) منه وأعنت عليه ثم يجزيك به خيرا ويجعله من النوافل المذخورة في الآخرة إن شاء الله فعلت والسلام عليك.

باب رسالة الأوزاعي إلى وزير الخليفة أبي عبيد الله في تنجز كتاب من الخليفة بتخلية محبوس
حدثنا عبد الرحمن أنا العباس بن الوليد قراءة قال أخبرني أبي عن الأوزاعي أنه كتب إلى أبي عبيد الله: أما بعد قسم الله لك ولما أنت فيه عاصما من سخطه ونية تعمل عليها وتؤدى بها حق من يلزمك فيما وجدت السبيل إليه طلب الفرج عنه إذا استغاث بك وكنت رجاءه في نفسه (2) بإذن الله وأنه لا يزال من أولئك متوسل (3) بي إليك فلا آلوك فيه نصحا وعند العقاب (4) ومعاينة الحساب لا تستكثر عملا
ولا تستقل ذنبا فألهمك الله ذكره وطلب الوسيلة عنده.
ثم ان يزيد ابن يحيى الخشني في حبس أمير المؤمنين أصلحه الله وكان من اعوان ابن الأزرق ولم يبلغني عنه سوء قرف به وقد طالت إقامته فيه فإن رأيت رحمك الله أن يكون من المهدي كتاب إلى أمير المؤمنين أصلحه الله فيه يذكر من أمره ما نرجو تخلصه (1) به مما هو فيه من ضرر الحبس فعلت.
أعانك الله على الخير وجعله اغلب الامور عليك (69 م) وآثرها عندك والسلام عليك ورحمة الله.
حدثنا عبد الرحمن أنا العباس بن الوليد بن مزيد أخبرني أبي عن الأوزاعي أنه كتب: أما بعد جعل الله الأمير ممن ألهمه الخير واستأنف به عمره وجعل فيه قوته وإلى ثوابه منقلبه فإن الأمير أصلحه الله من المسلمين ومن خليفتهم بالمكان الذي ليس به أحد غيره وأنه غاية عامة (2)
من ابتلى فوجد على الشخوص (52 د) إليه قوة، للنظر في أموره والبلاغ منه (3) حتى يفرج الله عنه بليته أو يتخذ منه عند السؤال عذرا جعل الله الأمير ممن يعضد ضعيف أمته ويهتم بأمر عوامهم ويرق على صاحب البلية منهم بما عسى الله أن يخلصه به منها ويوفيه عند الحاجة إليه أجره، وقد كان أصلح الله الأمير اسماعيل بن الارزق في ولايته على بعلبك فلم يبلغنا عنه إلا عفافا وقصدا (4) وقد كان من عقوبة أمير المؤمنين أصلحه الله إياه في بشره وشعره ووضعه في الحبس قبله (52 ك) ما قد علم الأمير فلم يبلغنا أن ذلك كان عن خيانة ظهرت منه ولا وصف بها إلا أن يكون تعلق عليه لضعف وقد كان الرجل
إذا ولي ئم عزل فبلي منه أمانة حمد وخلى سبيله أو حبس فاستعين به فإن رأى الأمير أن يهتم بأمره ويعرف حاله في العذر ومبلغه من السن فيكلم أمير المؤمنين في سراحه وتخلية سبيله فعل فإن الأمير من يعرف أمير المؤمنين نصحه وفضله إذا تدبر رأيه وهو من لا يخاف جبيهته ولا غلظته وما أدى الأمير إليه من حق رعيته فسيجده عند الثواب موفرا وجزائه به مضعفا إن شاء الله.
أسال الله أن يجزى الأمير بأحسن سعيه ويبلغه في قوله وفعاله رضوانه والخلود في رحمته
والسلام عليك ورحمة الله.
رسالته إلى المهدي في شفاعة لقوم أخبرنا العباس بن الوليد [بن مزيد - 1] [قراءة - 2] قال أخبرني أبي عن الاوزاعي (70 م) أنه كتب إلى المهدي: أما بعد هدى الله الأمير فيما ابتلاه للتي هي أقوم ووقاه تبعته ولقاه حجته فإن من نعمة الله عليه وحسن بلائه عنده أن جعله يعرف بالعفو وخفض الجناح وطلب التجاوز (3) عن أصحاب الجرائم عند خليفتهم وحضور أمور رعيته بما تطلع عليه أنفسها (4) وتنبسط في رجائها فيه قلوبها فبلغ الله الأمير فوائد الزيادة في الخير وحسن المعونة على الشكر، ثم أنه كان من رأى أمير المؤمنين في تلك العصابة الذين تسللوا من بعثهم ما قد بلغه من البعثة بهم إليه مشاة على أقدامهم من الشام مقرنين في السلاسل حتى قدموا منذ أعوام ثم وضعوا في ضيق من الحبس وجهد من الضرر، وقد كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم في النفر الثلاثة الذين تخلفوا عنه غزوة تبوك أن أوقف أمرهم ونهى
الناس عن كلامهم حتى نزل فيهم حكم الله بالتوبة عليهم والمعاتبة لهم وإن عمر بن الخطاب أغفل أعقاب بعثه [عن - 1] الا بان الذي كان يعقبهم فيه فقفلوا بغير إذن فأرسل إليهم أن يجتمعوا له في دار فعرفهم
ما صنعوا فاشرف عليهم وتواعدهم وعيدا شديدا ثم عفا عنهم والمؤمنين اصلح الله الا امير بعضهم من بعض وولاتهم يقتدي موفق أخرهم بصالح ما مضى عليه أولهم فإن رأى الأمير أذاقه الله عفوه في الآخرة بحبه التبريد عن رعيته وقصد العقوبة فيهم رجاء أن يطلب لهم من أمير المؤمنين أصلحه الله عفوه والتجاوز عنهم فعل فأنه منه بحيث يعرف قوله وعند تدبر الأمور فضله جمع الله للأمير ألف رعيته ورزقهم رحمته والرأفة بهم وجعل ثواب منهم مغفرته والخلود في رحمته والسلام عليك ورحمة الله.
رسالة الاوزاعي (71 م) إلى المهدي ابن أمير المؤمنين في شفاعة لأهل مكة في تقويتهم حدثنا عَبْدُ الرحمن أنا العباس بن الوليد بن مزيد قراءة [عليه - 1] قال أخبرني أبي عن الأوزاعي أنه كتب إلى المهدي: أما بعد فان الله عزوجل جعل رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ لِمَنْ بَعْدِهِ مِنْ وُلاةِ الْمُؤْمِنِينَ إِمَامًا وَقُدْوَةً وَأُسْوَةً حَسَنَةً فِي رَحْمَتِهِ بِأُمَّتِهِ وَالرَّأْفَةِ عَلَيْهِمْ وَخَفْضِ جَنَاحِهِ لَهُمْ فِي عَفْوِهِ عنهم قال الله عزوجل في صفة رسوله (بالمؤمنين رؤف رحيم) فَأَسْأَلُ اللَّهَ أَنَّ يَعْزِمَ لأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَالأَمِيرِ عَلَى الصَّبْرِ بِالتَّشَبُّهِ
بنيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالاعْتِصَامِ بسنته ومنافسة الاخبار أَعْمَالَ الْبِرِّ وَيَجْعَلَ ثَوَابَهُمَا فِي يَوْمِ الْبَعْثِ الآمِنِ وَالإِفْضَاءِ إِلَى رضوان الله عزوجل.
وَقَدْ أَصْبَحَ الأَمِيرُ حَفِظَهُ اللَّهُ مِنْ خَلِيفَةِ الْمُسْلِمِينَ بِحَالِ الأَمِينِ
الْمُصَدَّقِ إِنْ شَكَا لَمَنْ مَسَّهُ الضُّرُّ مِنْ أُمَّتِهِ لَمْ يَتَّهِمْ نُصْحَهُ وَلَمْ يُجْبِهْ قَوْلَهُ وَإِنْ دَافَعَ عَنْهُمْ رَهَقًا أَوْ طَلَبَ لَهُمْ عَفْوًا أَخَذَ بِقَلْبِ الْخَلِيفَةِ تَوْفِيقُهُ وَأَحْدَثَ لَهُ بِمَا أَلْقَى إِلَيْهِ مِنَ الْفَضْلِ سُرُورًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَجَعَلَ اللَّهُ الأَمِيرَ لأُمَّتِهِ أَمْنَةً وَمَأْلَفًا وَرَضَّاهُمْ بِهِ وَأَخَذَ بِأَفْئِدَتِهِمْ إِلَيْهِ.
ثُمَّ أَنَّهُ أَتَانِي مِنْ رَجُلٍ مِنْ مَقَانِعَ أَهْلِ مَكَّةَ كِتَابٌ يَذْكُرُ الَّذِي هُمْ فِيهِ مِنْ غَلاءِ أَسْعَارِهِمْ وَقِلَّةِ مَا بِأَيْدِيهِمْ مُنْذُ حُبِسَ عَنْهُمْ بَحْرُهُمْ وَأَجْدَبَ بَرُّهُمْ وَهَلَكَتْ مَوَاشِيهِمْ هَزْلا فَالْحِنْطَةُ فِيهِمْ مُدَّانِ بِدِرْهَمٍ وَالذُّرَةُ مُدَّانِ وَنِصْفٌ بِدِرْهَمٍ وَالزَّيْتُ مُدٌّ بِدِرْهَمٍ ثُمَّ هُوَ يَزْدَادُ كُلَّ يَوْمٍ غَلاءً وَأَنَّهُ إِنْ لَمْ يَأْتِهِمُ اللَّهُ بِفَرَجٍ عَاجِلا لَمْ يَصِلْ كِتَابِي حَتَّى يَهْلَكَ عَامَّتُهُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ جُوعًا وَهُمْ رَعِيَّةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَصْلَحَهُ اللَّهُ وَالْمَسْئُولُ عَنْهُمْ.
وَقَدْ حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فِي عَامِ الرَّمَادَةِ وَكَانَتْ سَنَةً شَدِيدَةً مُلِحَّةً مِنْ بَعْدِ مَا اجْتَهَدَ فِي إِمْدَادِ الأَعْرَابِ بِالإِبِلِ وَالْقَمْحِ وَالزَّيْتِ مِنَ الأَرْيَافِ كُلِّهَا حَتَّى بُلِحَتْ مِمَّا أَجْهَدَهَا قَامَ يَدْعُو اللَّهَ عزوجل فَقَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْ أَرْزَاقَهُمْ عَلَى رءوس الظراب فاستجاب الله عزوجل له وللمسلمين فأغاث عباده (72 م) فَقَالَ عُمَرُ وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ الله عزوجل لَمْ يُفْرِجْهَا مَا تَرَكْتُ أَهْلَ بَيْتٍ لَهُمْ سِعَةٌ إِلا أَدْخَلْتُ (53 ك) عَلَيْهِمْ أَعْدَادَهُمْ مِنَ الْفُقَرَاءِ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنِ اثْنَانِ يَهْلَكَانِ مِنَ الطَّعَامِ عَلَى مَا يُقِيمُ الْوَاحِدَ (1) .
فَبَلَغَنَا أَنَّهُ حُمِلَ إِلَى عُمَرَ من مصر وحدها
أَلْفُ أَلْفِ أَرْدَبٍّ.
وَبَلَغَنَا أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ قَالَ: هَلْ عَسَى أَحَدُكُمْ أَنْ تَبِيتَ فِصَالُهُ رَوَاءٌ وَجَارُهُ طَاوٍ إِلَى جَنْبِهِ؟ فَإِنْ رَأَى
الأَمِيرُ أَصْلَحَهُ (1) اللَّهُ أَنْ يُلِحَّ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فِي إِغَاثَةِ أَهْلِ مَكَّةَ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي بَرِّهِ وَبَحْرِهِ بِحَمْلِ الطَّعَامِ وَالزَّيْتِ إِلَيْهِمْ قَبْلَ أَنْ يُبْتَلَى بِهَلاكِ أَحَدٍ مِنْهُمْ جُوعًا فَعَلَ.
وقد حدثني داود بن علي أن عمر بن الخطاب قال: لو هلكت شاة على شاطئ الفرات ضياعا ظننت أن الله عزوجل سيسألني عنها.
وإنما الأمر واحد وكل من العدل في الحكم عليه يوم القيامة مشفق إلا ان يعفو الله عزوجل ويرحم، وهي أمتكم وأحق من خلفتم فيها بالعفو والرأفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ألحقكم الله به مصلحين وأوردكم عليه بإحسان والسلام.
كتب في خمس من شهر ربيع الآخر سنة ثنتين وخمسين ومائة.
رسالة الأوزاعي إلى أمير المؤمنين شفاعة في زيادة أرزاق أهل الساحل حدثنا عبد الرحمن نا العباس بن الوليد بن مزيد [قراءة - 2] قال أخبرني أبي عن الأوزاعي أَنَّهُ كَتَبَ: أَمَّا بَعْدُ وَلِيَ اللَّهُ لأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أُمُورَهُ بِمَا وَلِيَ بِهِ أُمُورَ مَنْ هَدَى وَاجْتَبَى وَجَعَلَهُ بِهِمْ مُقْتَدِيًا فَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَصْلَحَهُ اللَّهُ كَتَبَ إِلَيَّ أَلا أَدَعَ إِعْلامَهُ كُلَّمَا فِيهِ صَلاحُ عَامَّةٍ وَخَاصَّةٍ فَإِنَّ الله عزوجل يَأْجُرُ عَلَى مَنْ عَمِلَ بِهِ وَيُحْسِنُ عَلَيْهِ الثَّوَابَ وَأَنَا أَسْأَلُ الله عزوجل أَنْ يُلْهِمَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ مَا يُبَلِّغُهُ بِهِ عَفْوَهُ وَرِضْوَانَهُ فِي دَارِ الْخُلُودِ.
وَقَدْ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ حَفِظَهُ اللَّهُ قَصُرَ بِأَهْلِ السَّاحِلِ عَلَى عَشَرَةِ دَنَانِيرَ فِي كُلِّ عَامٍ سَلَفًا مِنْ عَطِيَّاتِهِمْ وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَصْلَحَهُ اللَّهُ إِنْ نَظَرَ فِي ذلك (73 م) عَرَفَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي عَشَرَةِ دنانير لا مرئ ذِي عِيَالٍ عَشَرَةٍ أَوْ أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ كَفَافٌ وَإِنْ قَوَّتَ عَشَرَةً وَقَتَرَ عَلَى عياله، فرما جَمَعَ الرَّجُلُ عَشَرَتَهُ فِي غَلاءِ السِّعْرِ فِي شِرَاءِ طَعَامٍ لِعِيَالِهِ مَا يَجِدُ مِنْهُ بُدًّا ثُمَّ يُدَانُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي إِدَامِهِمْ وَكِسْوَتِهِمْ وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ النَّفَقَةِ عَلَيْهِمْ فِي عَشَرَةٍ لِقَابِلٍ، ولوا جرى عَلَيْهِمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَصْلَحَهُ اللَّهُ في اعطياتهم سلفا في كل عام خمة عَشْرَ دِينَارٍا مَا كَانَ فِيهَا عَنْ مُصْلِحٍ ذِي عِيَالٍ فَضْلٌ وَلا قَدْرُ كَفَافٍ، وَأَهْلُ السَّاحِلِ بِمَنْزِلٍ عَظِيمٌ غَنَاؤُهُ عَنِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ لا يَسْتَمِرُّ لِبُعُوثِ أَمِيرِ المؤمنين فصول إِلَى ثُغُورِهِ وَلا سِيَاحَةٌ فِي بِلادِ عَدُوِّهِمْ حَتَّى يَكُونَ مِنْ وَرَاءِ بَيْضَتِهِمْ وَأَهْلِ ذِمَّتِهِمْ بِسَوَاحِلِ الشَّامِ مَنْ يَدْفَعُ عَنْهُمْ عَدُوًّا إِنْ هَجَمَ عَلَيْهِمْ وَأَنَّهُمْ إِذَا كَانَ الْقَيْظُ تَنَاوَبُوا الْحَرَسَ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ رِجَالا وَرُكْبَانًا وَإِذَا كَانَ الشِّتَاءُ قَاسُوا طُولَ اللَّيْلِ وَقَرَّهُ وَوَحْشَتَهُ حَرَسًا فِي الْبُرُوجِ وَالنَّاسُ خَلْفَهُمْ فِي أَجْنَادِهِمْ فِي الْبُيُوتِ وَالأَدْفَاءِ فَإِنْ رَأَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ حَفِظَهُ اللَّهُ أَنْ يَأْمُرَ لهم في اعطياتهم قَدْرَ الْكَفَافِ وَيُجْرِيهِ عَلَيْهِمْ فِي كُلِّ عَامٍ فَعَلَ وَقَدْ تَصَرَّمَتِ - 1] (53 د) السَّنَةُ الَّتِي كَانَتْ تَأْتِيهِمْ فِيهَا عَشَرَاتِهِمْ وَدَخَلُوا فِي غَيْرِهَا حَتَّى اشْتَدَّتْ حَاجَتُهُمْ وَظَهَرَ عَلَيْهِمْ ضُرُّهَا وَهُمْ رَعِيَّةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَسْئُولُ عَنْهُمْ فَإِنَّهُ رَاعٍ وَكُلُّ رَاعٍ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ.
وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَنَّهُ لَحَبِيبٌ (2) إِلَيَّ أَنْ أُفَارِقَ الدُّنْيَا وَلَيْسَ مِنْكُمْ أَحَدٌ يَطْلُبُنِي بِمَظْلَمَةٍ فِي نفسه ولا ماله.
أَتَمَّ اللَّهُ عَلَى الأَمِيرِ نِعْمَتَهُ وَأَحْسَنَ بَلاءَهُ فِي رَعِيَّتِهِ.
وَقَدْ قَدِمَ عَلَيْنَا رَسُولُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَصْلَحَهُ اللَّهُ بِالْعَطِيَّةِ مِنَ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ الَّتِي أَمَرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَافَاهُ اللَّهُ بِقَسْمِهَا فِي أَهْلِ السَّاحِلِ فَقَسَمْنَاهَا فِيهِمْ مِنْ دِينَارٍ لِكُلِّ رَجُلٍ وَدِينَارَيْنِ وَقَلَّ الْمَالُ (74 م) عَنِ الْيَتَامَى وَالأَرَامِلِ فَلَمْ يُقْسَمْ فيهم منه شئ ولليتامى والارامل و [هم مِنَ - 1] الْمَسَاكِينِ فِي الْوُجُوهِ الثَّلاثَةِ في كتاب الله عزوجل مِنَ الصَّدَقَاتِ وَمِنْ خُمُسِ الْمَغَانِمِ وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَإِنْ رَأَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَصْلَحَهُ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ بِمَا يُقْسَمُ فِيهِمْ فَعَلَ، جَعَلَ اللَّهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَشَبِّهًا فِي رَأْفَتِهِ وَرَحْمَتِهِ بِالْمُؤْمِنِينَ وَأَتَمَّ عَلَيْهِ نِعْمَتَهُ وَمُعَافَاتَهُ وَالسَّلامُ عليك ورحمة الله.
رسالة الأوزاعي إلى عبد الله بن محمد أمير المؤمنين يعظه ويحثه على ما حل بأهل قاليقلا وطلب الفداء حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ أنا العباس بن الوليد بن مزيد قراءة قال أخبرني أبي عن الأوزاعي أنه كتب إلى عبد الله بن محمد أمير المؤمنين: أما بعد فان الله عزوجل إِنَّمَا اسْتَرْعَاهُ أَمْرَ (2) هَذِهِ الأُمَّةِ لِيَكُونَ فِيهَا بِالْقِسْطِ قَائِمًا وَبِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم في حفض الْجَنَاحِ لَهُمْ مُتَشَبِّهًا وَبِأَعْمَالِهِ الَّتِي مَعَ قَرَابَتِهِ فَإِنَّهُ مِنَ الْقُدْوَةِ فِي أَعْمَالِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسْوَةً حَسَنَةً وَبَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي اليوم الذي قبضه الله عزوجل فِيهِ: يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ رَسُولِ الله ويا صفية عمة
رَسُولِ اللَّهِ اعْمَلا لِمَا عِنْدَ الله عزوجل فاني (54 ك) لا أَمْلِكُ لَكُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا.
وَبَلَغَنَا أَنَّهُ أَمَرَ قُرَيْشًا أَنْ تَجْتَمِعَ فَلَمَّا اجْتَمَعَتْ قَالَ لَهُمْ: أَلا إِنَّ أَوْلِيَائِي الْمُتَّقُونَ فَمَنِ اتَّقَى فَهُوَ أَوْلَى بِي مِنْكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ أَقْرَبَ مِنْهُ رَحِمًا.
نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُسَكِّنَ دَهْمَاءَ هَذِهِ الأُمَّةِ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَيُصْلِحَ بِهِ أُمُورَهَا وَيَرْزُقَهُ رُحْمَهَا وَالرَّأْفَةَ بِهَا فَإِنَّ سِيَاحَةَ الْمُشْرِكِينَ كَانَتْ عَامَ أَوَّلَ فِي دَارِ الإِسْلامِ وَمَوْطَإِ حَرِيمِهِمْ وَاسْتِنْزَالَهُمْ نِسَاءَ الْمُسْلِمِينَ وَذَرَارِيِّهِمْ مِنْ مَعَاقِلِهِمْ بِقَالِيقَلا لا يَلْقَاهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَهُمْ نَاصِرٌ وَلا عَنْهُمْ مُدَافِعٌ كَانَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِي النَّاسِ وما يعفو الله عنه (75 م) أَكْثَرَ [فَإِنَّ - 1] بِخَطَايَاهُمْ سُبِينَ وَبِذُنُوبِهِمْ اسْتُخْرِجَتِ الْعَوَاتِقُ مِنْ خُدُورِهِنَّ يَكْشِفُ الْمُشْرِكُونَ عَوْرَاتِهِنَّ وَلائِدَ تَحْتَ أَيْدِي الكوافر يمتهنونهن حواسر عن سوقهم وَأَقْدَامِهِنَّ وَيَرُدُّونَ وِلْدَانَهُنَّ إِلَى صِبْغَةِ الْكُفْرِ بَعْدَ الإِيمَانِ مُقِيمَاتٍ فِي خُشُوعِ الْحَزَنِ وَضَرَرِ الْبُكَاءِ فَهُنَّ بمرأى من الله عزوجل وَمَسْمَعٍ وَبِحَيْثُ يَنْظُرُ اللَّهُ مِنَ النَّاسِ إِلَى إِعْرَاضِهِمْ عَنْهُنَّ وَرَفْضِهِمْ إِيَّاهُنَّ فِي أَيْدِي عَدِوِّهِمْ وَاللَّهُ عزوجل يَقُولُ مِنْ بَعْدِ أَخْذِهِ الْمِيثَاقَ من بني اسراءيل إِنَّ إِخْرَاجَهُمْ فَرِيقًا مِنْهُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ كُفْرٌ وَمُفَادَاتَهُمْ أُسَارَاهُمْ إِيمَانٌ ثُمَّ أُتْبِعَ اخْتِلافَهُمْ وَعِيدٌ مِنْهُ شَدِيدٌ - لا يَهْتَمُّ بِأَمْرِهِنَّ جَمَاعَةٌ وَلا يَقُومُ فِيهِنَّ خَاصَّةٌ فَيَذْكُرُوا بِهِنَّ جَمَاعَتَهُمْ فَلْيَسْتَعِنْ بِاللَّهِ أَمِيرُ المؤمنين وليتحنن على ضفعاء أُمَّتِهِ وَلْيَتَّخِذْ إِلَى اللَّهِ فِيهِنَّ سبيلا وليحرج مِنْ حُجَّةِ اللَّهِ عَلَيْهِ
فِيهِنَّ بِأَنْ يَكُونَ أَعْظَمَ هَمِّهِ وَآثَرَ أُمُورِ أُمَّتِهِ عِنْدَهُ مُفَادَاتُهُنَّ فَإِنَّ الله عزوجل حَضَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَنْ اسلم من الضعفاء
في دار الشرك فقال (مالكم لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ) إلى قوله (نصيرا) هَذَا وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ لَوْمٌ فِيهِنَّ فَكَيْفَ بِالتَّخْلِيَةِ بَيْنَ الْمُشْرِكِينَ وَبَيْنَ الْمُؤْمِنَاتِ يَظْهَرُ مِنْهُنَّ لَهُمْ مَا كَانَ يَحْرُمُ عَلَيْنَا إِلا بِنِكَاحٍ.
وقد حدثني الزهري أنه كان في كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كتب به بين المهاجرين والأنصار أن لا يتركوا مفرحا أن يعينوه في فداء أو عقل، ولا نعلم أنه كان لهم يومئذ فئ موقوف ولا أهل ذمة يؤدون إليهم خراجا إلا خاصة أموالهم، ووصية رسول الله صلى الله عليه وسلم [المسلمين بالنساء في حجة الوداع وقوله إنما أوصيكم بالضعيفين المرأة والصبي، ومن رأفة رسول الله صلى الله عليه وسلم - 1] كانت بهن قوله (76 م) : أني لأقوم في الصلاة أريد أن أطول فيها فأسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي كراهة أن أشق على أمه.
فبكاؤها عليه من صبغة الكفر أعظم من بكائه بعض ساعة وهي في الصلاة، وليعلم أمير المؤمنين أنه راع وإن الله مستوف منه وموفيه حين يوقف به على موازين القسط يوم القيامة.
أسأل الله أن يلقى أمير المؤمنين حجته وبحسن به الخلافة لرسوله في أمته ويؤتيه من لدنه أجرا عظيما والسلام عليك.
(54 د) رسالة الأوزاعي إلى سليمان بن مجالد في التعطف بالمكتوب [عند الخليفة - 2]
في التماس الفداء لأهل قاليقلا حدثنا عبد الرحمن أنا العباس بن الوليد بن مزيد قراءة قال اخبرني
أبي عن الأوزاعي أنه كتب إلى سليمان بن مجالد: أما بعد فإنا وإن لم يكن جمعنا واياك تلاق ولا بدء كتاب كنا على تواصل منه لم يبطئ منا عنك ما يجد المسلم من البشر لإخوانه وإن كانت الآفاق بهم مفترقة فإن الألفة بحمد الله جامعة وروح الله يجرى بين عباده فنسأل الله أن يجعلك وإيانا من نعمته في ذات بيننا على توفيق يدخلنا به برحمته في عباده الصالحين.
[ثم - 1] أنه ينبغي لمن نعشه الله من الجهل وأفضل عليه بمعرفة ما نفع من الأمور وما ضر منها أن يتوقى إهمال نفسه ورفض السعي بالنصيحة لله عزوجل في عباده.
وإنك من الحق بسبب معرفة به وبنعمة من حجة الله عندك وبمكان ممن إليه جماع أمر أمة محمد صلى الله عليه وسلم فلا تدافع ما أنت مسئول عنه إن رأيت أن دونه قرابة أو لطف بطانة إذا كان بموقع من الحجاب عنه موضوع وممن أن قال لم يتهم وإن خولف لم يستغش فإن عذر عليه أمر في موطن أدرك غيره في سواه.
وقد رأيت ان (77 م) أكتب إليك في أمر رأيتك له موضعا وأرجو أن تكون بما عليك فيه من الحق عالما إن شاء الله، إن ترك لن يؤمن سوء تبعته وتعجيل الغير إلا أن يعفو الله ويلهم المخرج والتوبة إليه وذلك فيما أصاب المشركون من عذارى المسلمين ونسائهم بقاليقلا
وترك مفاداتهم فإن بكاءهم إلى الله عزوجل بمرأى وأصواتهم [منه - 2] بمسمع حين يكشف المشركون عوارتهن وحين ينظرن من أولادهن إلى صبغة الكفر بعد الإيمان، فالله الله فيهن (55 ك) فإنك من أمرهن بسقب وبحيث إن قلت فيهن بخير سمع منك أو كان معذرة إلى الله عزوجل
فأد رحمك الله حصتك فيهن إلى الله وحصص من لا يستطيع أن يقع موقعك من ولي أمورهم واشتر نفسك بذلك من الله وبمالك فإنك تقرض كريما شاكرا عسى الله إن مس عباده بعقاب نجاك منه أو برحمة يخصك بها وقد كتبت إلى أمير المؤمنين فيهن بكتاب بعثت به إليك لتدفعه إليه ولكن بما أحببت من تقديم القول فيهن سببا أسأل الله أن يجعلك فيما يحب ان يقيم به في عباده معاونا وبالحق فيه قائما وإن يؤتيك عليه من لدنه أجرا عظيما والسلام عليك ورحمة الله.
رسالة الأوزاعي إلى عيسى بن علي في جواب من دفع عن نفسه تنبيه الخليفة في أمر قاليقلا واستدعاء تذكير الأوزاعي للخليفة.
حدثنا عبد الرحمن نا العباس بن الوليد قال أخبرني أبي قال كتب الأوزاعي إلى عيسى بن علي: أما بعد فإن سياحتكم في سبيل الله كان أمر هدى وقربة فنسأل الله أن يجعلها غزوة يقطع بها ما كانت فيه هذه الأمة من جهد حدثها ثم لا يعيدها فيه وأن يستقبل به التوبة عليهم والعفو عنهم وحسن الخلافة لنبيه صلى الله عليه وسلم فيهم أنه رءوف رحيم
ونسأله (78 م) أن يتم لك أجرها وتفضيل النفقة فيها.
وقد بلغني كتابك جواب ما كنت كتبت به إليك في أهل قاليقلا تذكر أنه أضر بهم أنك لم تر أحدا به طرق يقوم بذلك ولا يذكر به وتأمرني بمحادثتك فيهم إن قضا الله لك من غزاتك إيابا، وصدقت رحمك الله فيما ذكرت فكم من موسوم يرى أن عنده خيرا من أهل الآفاق يقدم على خليفة وآخر مقيم عنده وفي صحابته ليس عنده فضل عن مسألته لنفسه فيذكر بحق ضعيف بعيد الشقة أو مستحوذ عليه في دار الشرك.
فأنه قد كان حين تغيرت حال الناس وفيهم بقية يذكرون فيبلغ عنهم ويقولون فيسمع منهم ثم صرت في دولة زمان أمر العامة فيه على جفاء لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا وحال الخاصة على أمور متفرفة وعصمة رأى كل فرقة في إلفتها معرفة محبتها إلا قليلا فكن رحمك الله للضعفاء بحقوقهم قائما وبأمر سبايا المؤمنات [وولدانهن - 1] مهتما ومن الوجد عليهن من ذل الكفر وتكشف عوراتهن ورد وِلْدَانَهُنَّ إِلَى صِبْغَةِ الْكُفْرِ بَعْدَ الإيمان معنيا وبالسعي بالنصيحة لمن لا ولي له ولا مذكر به إلا الله عاملا عسى الله أن يجعلك له في الأرض شاهدا وله فيما يحب أن يعمل به مواليا جعلك الله ممن اختصه برحمته فسارع إلى مغفرته وآب إلى رضوانه والسلام عليك (55 د) رسالة الأوزاعي إلى أبي بلج في موعظة الوالي في حسن السيرة في الرعية والمعدلة بأهل الذمة.
حدثنا عبد الرحمن أنا العباس بن الوليد بن مزيد [قراءة - 2] قال أخبرني أبي قال كتب الأوزاعي إلى أبي بلج: أما بعد صرف الله عنا
وعنك الميل عن الحق [من بعد المعرفة - 2] ، والجهل عما نفع، واتباع الهوى بغير هدى منه فإن أبا الدرداء كان يقول لن تزالوا بخير ما أحببتم خياركم وما قيل فيكم بالحق فعرفتموه فان (79 م) عارف الحق كعامله وقد تقدمك أمران أما أحدهما فالكتاب له مصدق والسنة عليه شاهدة والنصر به مؤيد وأمر الناس عليه جامع وأما الآخر فالتجوز على الألفة إلى غل لا مودة فيه وإلى طمع لا أمانة فيه وإلى بيع حكم لا عمل فيه حتى وهنت القوة وظهر في الاسلام فساده.
وقد رأيت كتبا ظهرت فيما عندكم ومقالة سوء بعقوبة فرط وصحبة غليظة للمسلمين وقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بخفض الجناح لهم وبالرأفة بهم والمعدلة بينهم يعفي عن مسيئهم فيما يجمل العفو فيه ويعاقب المذنب على قدر ذنبه لا يتقحم بالعقوبة وجهه فأنه بلغنا أن صكة الوجه يوم القيامة لا تغفر فكيف من الموت أجمل من عقوبته لا يثني إلى حدود الله عطفه ولا يقف في سيرته على أمره يريه جهله أنه في الأمور مخير وإن غيه رشد فهو لحرم الله عند غضبه ملغى وبالعداة في دين الله وعلى عباده يسفه فإنكم جعلتم أمانتكم من أهل ذمتكم مأكلا وبين أهوائكم (؟) حتى هلكت الأموال وعلقت الرجال مع المثلة في اللحي وتقطيع الأبشار ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيما بلغنا: من ظلم معاهدا أو كلفه فوق طاقته فأنا حجيجه.
فأعظم بندامة من رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قليل حجيجه.
لقد أحدثت تلك الأعمال فيما بلغني من المسلمين ضغائن ولبعض ذوي النهى في جهاده معكم ريا بما (1) تأتينا بذلك كتبهم يسألون عنه أسأل الله أن يثني بنا وبكم إلى أمره ويتغمد ما سلف منا ومنكم بعفوه وذكرت أن أكتب إلى صاحبك فأنه يتجمل بالكتاب إليه ويستمع مني (56 ك) ولعل الله عزوجل أن ينفع وقد كتبت إليه بما لم آله نصحا.
وقد بلغني أن عمر بن عبد العزيز أتاه أخ له من الأنصار قال له إن شئت كلمتك (80 م) وأنت عمر بن عبد العزيز فيما تكره اليوم وتحب غدا وإن شئت كلمتك اليوم وأنت أمير المؤمنين فيما تحب اليوم وتكره غدا، فقال عمر بل كلمني اليوم وأنا عمر بن عبد العزيز
فيما أكره اليوم وأحب غدا.
جعل الله في طاعته الفتنا وفيما يحب تقلبنا ومثوانا آمين والسلام.

باب ما ذكر من آداب الأوزاعي حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي نا العباس بن الوليد [بن مزيد - 1] قال سمعت أبي يقول: عجزت الملوك عما أدب الأوزاعي به نفسه.

باب ما ذكر من وفاة الأوزاعي واجتماع الناس لجنازته حدثنا عبد الرحمن نا العباس بن الوليد بن مزيد قال سمعت عقبة - يعني ابن علقمة - قال كان سبب موت الأوزاعي أنه اختضب بعد انصرافه من صلاة الصبح ودخل في حمام له في منزله وادخلت معه امرأته كانونا
فيه فحم لئلا يصيبه البرد وغلقت الباب من برا فلما هاج الفحم صفرت نفسه وعالج الباب ليفتحه فامتنع عليه فألقى نفسه فوجدناه متوسدا ذراعه إلى القبلة.
حدثنا عبد الرحمن نا العباس بن الوليد [بن مزيد - 1] قال حدثني سالم بن المنذر قال لما سمعت الصيحة بوفاة الأوزاعي خرجت وأول من رأيت نصراني قد ذر على رأسه الرماد فلم يزل المسلمون أهل بيروت يعرفون ذلك له وخرجت في جنازته أربع أمم ليس منها واحدة مع صاحبتها وخرجنا يحمله المسلمون وخرجت اليهود في ناحية والنصارى في ناحية والقبط في ناحية.
باب ما ذكر في إمامة الأوزاعي حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سلمة النيسابوري نا أبو قدامة عبيد الله بن سعيد قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: كان الأوزاعي إماما في السنة.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو سعيد بن يحيى بن سعيد القطان نا ابراهيم ابن عمر بن ابي (81 م) الوزير قال سمعت سفيان بن عيينة يقول: كان الأوزاعي إمام - قال أبو محمد يعني إمام زمانه.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن إبراهيم بن شعيب نا عمرو بن علي قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: الأئمة في الحديث أربعة، الأوزاعي ومالك وسفيان وحماد بن زيد.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن حمويه بن الحسن قال سمعت أبا طالب أحمد بن حميد قال قال أحمد بن حنبل دخل سفيان والأوزاعي
على مالك فلما خرجا قال مالك: أحدهما أكثر علما من صاحبه ولا يصلح للإمامة، والآخر يصلح للإمامة.
قال أبو محمد يعني الأوزاعي.
حدثنا عبد الرحمن نا (56 د) محمد بن يحيى (1) نا مسدد نا عبد الله ابن داود عن الهيثم - يعني العجلي - عن أبي إسحاق الفزاري قال قال الأوزاعي: إذا مات سفيان وابن عون استوى الناس - قلت في نفسي: وأنت الثالث - يعني الأوزاعي قال أبو محمد يعني أن الأوزاعي قرين الثوري وابن عون.

باب ما ذكر من سرعة رجوع الأوزاعي إلى الحق إذا سمعه حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي نا العباس بن الوليد بن مزيد قال
سمعت ابي و [عقبة بن - 1] علقمة يذكران قالا: ما رأينا أحدا أسرع رجوعا إلى الحق إذا سمعه من الأوزاعي.

باب ما ذكر من إتقان الأوزاعي وحفظه وتثبته في الحديث حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن إبراهيم بن شعيب قال قال عمرو بن [علي - 2] :
الأوزاعي ثبت لما سمع.
حدثنا عبد الرحمن نا العباس بن الوليد بن مزيد قال قلت لأبي: كان الأوزاعي يحفظ القرآن؟ قال: ثكلتك امك، واي شئ كان
لا يحفظ الأوزاعي؟.

باب ما ذكر من علم الأوزاعي بناقلة الآثار ورواة الأخبار وكلامه فيهم حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يعقوب الدمشقي نا هشام بن عمار نا الوليد بن مسلم قال سمعت الأوزاعي يقول: ما أصيب أهل دمشق باعظم من مصيبتهم (82 م) بإبراهيم بن جدار العذري وبأبي يزيد الغوثي (3) وبالمطعم بن المقدام الصنعاني.
قال أبو محمد فقد بان بأن الأوزاعي [رضيهم إذ وصف من أمرهم ما ذكرنا.
نا أبي نا إبراهيم بن الوليد بن سلمة الطبراني نا أبو مسهر نا يزيد ابن السمط قال كان الأوزاعي يقول: ما احد اعلم بالزهري من قرة
ابن عبد الرحمن بن حيوءيل.
قال أبو محمد:
لم يكن الأوزاعي - 1] وقف على كتابه معمر عن الزهري فأنه أكثرهم رواية عنه ولا وقف على كتابة عقيل ويونس وإنما شاهد من قرة ما كان يورده عليه فتصور صورته عنده انه اعلمهم بالزهري، ويحتمل أنه [عني أنه - 2] كان عالما بأخلاق الزهري ولم يرد أنه كان عالما بحديث الزهري والله أعلم.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا عبد الرحمن بن يحيى بن إسماعيل نا ايوب ابن تميم القاري عن الأوزاعي أنه كان إذا حدث عن إسماعيل بن عبيد الله
قال: وكان مأمونا على ما حدث.
حدثنا عبد الرحمن أنا عبد الله بن أحمد بن حنبل فيما كتب إلي نا أبو موسى الأنصاري - يعني الخطمي - نا الوليد بن مسلم قال سمعت الأوزاعي (57 ك) يفضل محمد بن الوليد الزبيدي على جميع من سمع من الزهري.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي رضى الله عنه قال نا أحمد بن أبي الحواري قال سمعت أبا مسهر قال قال الأوزاعي: عليكم بكتب الوليد بن مزيد فأنها صحيحة.
حدثنا عبد الرحمن نا العباس بن الوليد بن مزيد [قال قال لي يوسف ابن السفر سمعت الأوزاعي يقول: ما عرض على كتاب أصح من كتب الوليد بن مزيد.
نا العباس بن الوليد - 3] قال سمعت صالح بن زيد (4) شيخ لنا قال قلت للوليد بن مسلم إلى من اختلف؟ فقال: عليك بالوليد بن مريد فإني سمعت الأوزاعي يقول: كتب الوليد بن مزيد صحيحة.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا أحمد بن إبراهيم الدورقي نا محمد بن عباد قال سمعت محمد بن يوسف قال سمعت الأوزاعي وسأله رجل أيهما أحب إليك سليمان الخواص أو إبراهيم بن أدهم؟ فقال: إبراهيم
أحب إلي لأن إبراهيم يختلط بالناس (83 م) وينبسط إليهم.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا هارون بن سعيد الأيلي نا خالد - يعني ابن نزار - قال سألني الأوزاعي فقال لي أنت من أهل أيلة أين أنت عن أبي يزيد - يعني يونس بن يزيد الأيلي - وحضني عليه.

باب ما ذكر من فضل الأوزاعي ونصحه للإسلام وأهله حدثنا عبد الرحمن نا العباس بن الوليد بن مزيد قال [حدثني عقبة ابن علقمة حدثني موسى بن يسار وكان صحب مكحولا أربع عشرة سنة يقول - 1] ما رأيت أحدا أبصر ولا أنفي للغل عن الإسلام أو السنة من الأوزاعي.
حدثنا عبد الرحمن نا العباس بن الوليد بن مزيد نا ابن أبي الحواري ومحمود بن خالد قالا نا أبو أسامة حماد بن أسامة قال رأيت الأوزاعي وسفيان الثوري يطوفان بالبيت فلو قيل لي اختر أحد الرجلين للأمة لاخترت الأوزاعي لأنه كان احلم الرجلين.
حدثنا عبد الرحمن نا العباس بن الوليد سمعت أبي يقول كان الأوزاعي إذا أخذ في واحدة من ثلاث لم يجب سائلا ولم يقطعه حتى يبلغ فيه إذا ذكر المعاد وإذا ذكر القدر - قال أبو الفضل ونسيت الثالثة.
حدثنا عبد الرحمن نا العباس بن الوليد بن مزيد حدثني محمد بن هلال نا ابن أبي العشرين - يعني عبد الحميد بن حبيب - قال لما سوينا
على الأوزاعي تراب قبره قام والي الساحل عند رأسه فقال: رحمك الله ابا عمرو فو الله لقد كنت لك أشد تقية [من الذي ولاني - 1] فمن ظلم بعدك فليصبر.

باب ما ذكر من جلالة الأوزاعي وتعظيم العلماء له حدثنا عبد الرحمن نا عبد الله بن محمد بن عمرو الغزي قال سمعت قبيصة يقول: كان سفيان يعني الثوري إذا جاءه كتاب نظر في عنوانه ثم يدسه تحت البوري فإذا جاء كتاب الأوزاعي فكه وقرأه من ساعته.
حدثنا عبد الرحمن (84 م) نا محمد بن مسلم قال سمعت قبيصة يقول: ما رأيت سفيان يقرأ كتاب أحد ممن يدفع إليه يضعه ساعة (57 د) إلا كتاب الأوزاعي وورقاء فأنه ورد عليه كتاب الأوزاعي فقرأ ثم تبسم فقال سألني النقلة، سألني النقلة.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان الواسطي قال حدثني عمر بن عثمان بن عاصم قال حدثني أبي قال رأيت سفيان الثوري بمكة آخذا بزمام ناقة الأوزاعي وهو يقول: كفوا عنا يا معشر الشباب حتى نسلل الشيخ.
حدثنا عبد الرحمن نا سعيد (2) بن سعد البخاري نا عثمان بن عاصم أخو علي بن عاصم قال رأيت شيخا بين الصفا والمروة على ناقة وشيخا يوقده واجتمع أصحاب الحديث عليه فجعل الشيخ الذي يقود
الشيخ (1) يقول: يا معشر الشباب كفوا حتى نسل (2) الشيخ.
فقلت من هذا الراكب؟ قالوا: هذا الأوزاعي، قلت: فمن هذا الذي يقوده؟ قالوا: سفيان الثوري.
حدثنا عبد الرحمن نا العباس بن الوليد بن مزيد البيروتي قال ذكر لي رجل من ولد الأحنف بن قيس قال بلغني أن سفيان الثوري بلغه مقدم الأوزاعي فخرج حتى لقيه بذي طوى قال فحل سفيان رأس البعير من القطار ووضعه على رقبته فكان إذا مر بجماعة قال: الطريق للشيخ.
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن الهسنجاني قال سمعت أبا توبة يعني - الربيع بن نافع - يقول قال سلمة بن كلثوم: جاء سفيان الثوري فدخل على الأوزاعي فجلسا من الأولى إلى العصر قد أطرق كل واحد منهما توقيرا لصاحبه.
ما ذكر من مناقب الأوزاعي حدثنا عبد الرحمن نا العباس بن الوليد [إملاء - 3] حدثني محمد بن عبد الرحمن السلمي حدثني محمد بن عبد الرحمن الأوزاعي - قال أبو الفضل وقد أدركت محمد بن الأوزاعي هذا وما يشك أهل زمانه أنه كان من الأبدال - قال قال لي أبي: أني أريد أن أحدثك حديثا أسرك به، ولا أفعل حتى تعطيني موثقا أنك لا تحدث به ما كنت حيا، قال قلت افعل يا ابة، قال
اني رأيت كأني (56 د) وقف بي على باب من أبواب الجنة وإذا أحد مصراعي الباب قد زال عن موضعه وإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما يعالجون رده فردوه ثم تركوه فزال ثم أعادوا ثم ثبت في موضعه [فزال - 1] فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عبد الرحمن ألا تمسك معنا؟ قال فأمسكت معهم فثبت.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن عبد الرحيم (2) ابن البرقي المصري نا عمرو بن أبي سلمة قال سمعت الوليد بن مسلم يحدث قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فسلمت عليه (58 ك) وإذا شيخ جالس إلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم وإذا الشيخ قد أقبل على النبي صلى الله عليه وسلم يحدثه والنبي صلى الله عليه وسلم مقبل على الشيخ يسمع حديثه فسلمت على النبي صلى الله عليه وسلم فرد علي السلام ثم جلست إلى بعض جلسائه (3) فقلت من الشيخ الذي قد أقبل عليه النبي صلى الله عليه وسلم وهو يسمع حديثه؟ قال وما تعرف هذا؟ قلت لا، قال هذا عبد الرحمن بن عمرو، قلت أنه لذو منزلة من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ أجل، ثم حانت مني التفاتة فإذا أنا بالأوزاعي قائم في مصلى النبي صلى الله عليه وسلم.
حدثنا عبد الرحمن نا العباس بن الوليد نا عقبة قال: آخر ما سمعت من الأوزاعي أنا جلسنا إليه ليلة هلك فيها من الغداذ أذن المؤذن وكان مؤذنا حسن الصوت فقال ما أحسن صوته لقد بلغني أن داود عليه السلام كان إذا أخذ في بعض مزاميره عكفت الوحوش والطير حوله حتى تموت عطشا وإن كانت الأنهار لتقف، ثم وجم ساعة ثم قال: كل أمر
لا يذكر فيه المعاد لا خير فيه.
وأقيمت الصلاة فكان آخر العهد به.
حدثنا عبد الرحمن نا العباس بن الوليد بن مزيد البيروتي قال سمعت إبراهيم بن أيوب يقول أقبل الأوزاعي من دمشق يريد الساحل أو أقبل من الساحل يريد دمشق فنزل بأخ (86 م) له في القرية التي نشأ فيها وهي الكرك فقدم الرجل عشاءه فلما وضع المائده بين يديه ومد الأوزاعي يده ليتناول منه قال الرجل كل يا أبا عمرو واعذرنا فإنك أتيتنا في وقت ضيق، فرد يده في كمه وأقبل عليه الرجل يسأله أن يأكل من طعامه فأبى فلما طال على الرجل رفع المائدة وبات فلما أصبح غدا وتبعه الرجل فقال يا أبا عمرو ما حملك على ما صنعت؟ والله ما أفدت بعدك مالا وما هو إلا المال الذي تعرف، فلما أكثر عليه قال: ما كنت لأصيب طعاما قل شكر الله عليه أو كفرت نعمة الله عنده.
وكان تلك الليلة صائما [قال أبو محمد - 1] يعني فلم يفطر.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن مسلم قال قال قبيصة قال رجل لسفيان يا أبا عبد الله رأيت كأن ريحانة قلعت من الشام - أراه قال - فذهب بها في السماء، قال سفيان: إن صدقت رؤياك فقد مات الأوزاعي، قال فجاءه نعي الأوزاعي في ذلك اليوم سواء.
(57 د) باب ما ذكر من كرم الأوزاعي وطهارة خلقه
حدثنا عبد الرحمن نا العباس بن الوليد حدثني عبد الغفار بن عفان قال نزل الأوزاعي بالقاع باهل بيت من أهل الذمة فرفقوا به فخدموه فقال لرجل منهم ألك حاجة؟ قال فشكا إليه ما الزم من الخراج
فكتب له إلى عامل الخراج وهو ابن الأزرق وكان غلاما لأبي جعفر على الخراج قال فلما دفعت إليه وضعه على عينيه فقال: حاجتك؟ فذكرها فقضاها له فلما انصرف ذكر لامرأته فقالت ويحك أهد له هدية، وكان صاحب نحل فملأ قمقما له [من - 1] نحاس شهدا وأقبل به إلى الأوزاعي فلما رآه الأوزاعي قال ألك حاجة؟ قال فأمر بقبضه وسأله عن خراجه فأخبره أنه قد بقي عليه ثمانية دنانير [قال - 2] فتجدها؟ قال قد عسرت على في أيامي هذه، قال فدخل الاوزاعي (87 م) منزلة واخرج إليه الدنانير فقال اذهب حتى تؤديها عنك، فأبى، قال: فخذ قمقمك، قال يا ابا عمرو وأي شئ ذاك؟ إنما ذاك من نحلي، قال: أنت أعلم، إن شئت قبلنا منك وقبلت منا وإلا رددنا عليك كما رددت علينا، قال فأخذ النصراني الدنانير وأخذ الأوزاعي القمقم.
ما ذكر من قول الأوزاعي بالحق عند السلطان وتركه تهيبهم (3) في حين كلامه بالحق حدثنا عبد الرحمن نا العباس بن الوليد بن مزيد البيروتي قال سمعت أمي تقول لما قدم عبد الله بن علي بن العباس الشام كتب إلي الأوزاعي أن القنى فلقيه بالناعورة قال فلما دخلت عليه قال يا عبد الرحمن أما ترى مخرجنا هذا هجرة؟ قال بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
من كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها أو إلى الله ورسوله فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ، قال فما تقول في أموال بني أمية؟ قال قلت إن كانوا أخذوها حرام فهي عليهم حرام أبدا وعلى من أخذها
منهم وإن كانوا أخذوها حلالا فهي حرام على من أخذها منهم، قال فما تقول في دمائهم؟ قال قلت حارث، خاب الذي ليس له صاحب، قال قلت حدثني أخوك داود بن علي أن رسول الله صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لا يحل دم امرئ مسلم إلا بواحدة من ثلاث، الدم بالدم والثيب الزاني والمرتد عن الإسلام.
قال أنك لتقول هذا؟ قال قلت: رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله، قال أبو الفضل فأخبرني أخ لنا عن بعض أصحاب الأوزاعي عن الأوزاعي: قال فما تعلم أن الخلافة وصية من رسول الله صلى الله عليه وسلم ذ (59 ك) قال قلت: فلما حكم علي الحكمين؟ قالت أمي قال الأوزاعي ثم دخل على عبد الله بعض تخليطه ذاك فانسللت منه فما حبسني دون جبل الجليل فنزلت برجل من بني سلمان فما (88 م) سررت بضيافة أحد كما سررت بضيافة هذا الرجل وأراني في هري له [فيه - 1] عدس فكانت خادمة تجئ في كل يوم فتأخذ من ذلك العدس فتطبخ لنا منه.
حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ نا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَعْرُوفُ بِأَبِي نَشِيطٍ الْبَغْدَادِيِّ (2) قال سمعت الفريابي يقول سمعت الأَوْزَاعِيَّ يَقُولُ:
أُدْخِلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ وَأَصْحَابِ الْخُشُبِ وُقُوفٌ فَأُجْلِسْتُ عَلَى كُرْسِيٍّ فَقَالَ لِي مَا تَقُولُ فِي دِمَاءِ بَنِي أُمَيَّةَ؟ قَالَ أَخَذْتُ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ فَقَالَ لِي ارْجِعْ وَيْلَكَ، مَا تَقُولُ فِي دِمَائِهِمْ؟ قَالَ قُلْتُ، مَا تَحِلُّ لَكَ، قال لم؟ ويك، قَالَ قُلْتُ لأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ محمد ابن مَسْلَمَةَ وَأَمَرَهُ أَنْ يُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لا إِلَهَ إِلا الله فإذا قالوها عصموا دماءهم وَأَمْوَالَهُمْ إِلا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى الله، فقال ويلك أليست
لَنَا الْخِلافَةُ وِرَاثَةً مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فاتل عَلَيْهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بصفين؟ قال فلت: لَوْ كَانَتِ الْخِلافَةُ مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم إِذًا مَا رَضِيَ عَلِيٌّ بِالْحَكَمَيْنِ، فَقَالَ لِي اخْرُجْ وَيْلَكَ - فَمَا ظَنَنْتُ أَنِّي أُحْمَلُ إِلا مَيِّتًا.
حدثنا عبد الرحمن [نا أبي - 1] نا أحمد بن أبي الحواري قَالَ سَمِعْتُ مَرْوَانَ (2) بْنَ مُحَمَّدٍ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ قَالَ سَأَلَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ - قَالَ وَدَخَلْتُ أَتَخَطَّى الْقَتْلَى -: مَا تَقُولُ فِي مَخْرَجِنَا هَذَا؟ قَالَ قُلْتُ حدثنا أَصْلَحَكَ اللَّهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ نا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ نا عَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيُّ قال سمعت عمر بن الخطاب قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى الله و [إلى - 3] رسوله فهجرته إلى الله و [إلى - 3] رَسُولِهِ وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا أحمد بن أبي الحواري نا الفريابي عن
الأوزاعي قال (58 د) قال [لي - 1] عبد الله بن علي: أليس الخلافة وصية لنا من رسول الله (89 م) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاتَلَ علي كرم الله وجهه عليها بِصِفِّينَ؟ قَالَ قُلْتُ لَوْ كَانَتِ وصية من رسول الله ما حكم على الحكمين، قال سألني والمسودة قيام على رؤوسنا بالكافر كوبات.
حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ نا محمد بن مسلم قال قَالَ الْفِرْيَابِيُّ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ - فَذَكَرْتُهُ لأَبِي نُعَيْمٍ فَقَالَ هَذَا وَهْمٌ إِنَّمَا دَخَلَ سُفْيَانُ عَلَى الْمَهْدِيِّ وَظَنَنْتُ أَنَّ الْفِرْيَابِيَّ غَلَطَ مَا بَيْنَ هَذِهِ الْحِكَايَةِ وَحِكَايَةِ الأَوْزَاعِيِّ فِي دُخُولِهِ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ وكان الاوزاعي دخل على
أَبِي جَعْفَرٍ فَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ دَخَلْتُ عَلَيْهِ فَرَأَيْتُ الرِّجَالَ وُقُوفًا بَيْنَ يديه بالسوف فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ لَمْ أَشُكَّ إِلا وَأَنَا مَقْتُولٌ قَالَ لِي مَا تَقُولُ فِي دِمَاءِ بَنِي أُمَيَّةَ؟ قُلْتُ هِيَ حَرَامٌ قَالَ رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ، قَالَ وَيْلَكَ أَلَيْسَ الْخِلافَةُ وِرَاثَةً لنا من رسول الله صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قُلْتُ لَوْ كَانَتْ وِرَاثَةً لَكُمْ مَا حَكَّمَ عَلِيٌّ الْحَكَمَيْنِ، قَالَ ثُمَّ قَالَ لِي قُمْ - فَخَرَجْتُ.
حدثنا عَبْدُ الرحمن قال ذكره أبي نا العباس بن الوليد بن مزيد قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ أَخِي امْرَأَةِ الأَوْزَاعِيِّ قَالَ لَمَّا قَدِمَ أَبُو جَعْفَرٍ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ
الشَّامَ يُرِيدُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ كَتَبَ إِلَى الأَوْزَاعِيِّ يقاه بِدِمَشْقَ فَلَمَّا نَزَلَ أَبُو جَعْفَرٍ دِمَشْقَ اسْتَبْطَأَهُ وَقَدِمَ الأَوْزَاعِيُّ إِلَى دِمَشْقَ فَتَرَكَ إِتْيَانَ أَبِي جَعْفَرٍ واتى ابنه المهدي فسم عَلَيْهِ وَهَنَّأَهُ بِمَا أُسْنِدَ إِلَيْهِ وَدَعَا لَهُ وَحَدَّثَهُ بِالْحَدِيثِ عَنْ رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ: إِنَّكُمْ سَتُجَنِّدُونَ أَجْنَادًا وَتُفْتَحُ لَكُمْ مَدَائِنُ وَحُصُونٌ فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ فَاسْتَطَاعَ أَنْ يَحْبِسَ نَفْسَهُ فِي حِصْنٍ مِنْ تِلْكَ الْحُصُونِ فَلْيَفْعَلْ - وَقَدْ حَبَسْتُ نَفْسِي فِي بَعْضِهَا وَرَجَوْتُ أَنْ يُدْرِكَنِي أَجَلِي فِيهَا وَقَدْ كَتَبَ إِلَيَّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَلْقَاهُ [وَلَسْتُ أَدْرِي كَيْفَ يَكُونُ التَّخَلُّصُ مِنْهُ إِنْ لَقِيتُهُ (90 م) ولكني رأيت في لقائك خَلَفًا مِنْ لِقَائِهِ - 1] وَفِي إِذْنِكَ خَلَفًا مِنْ إِذْنِهِ، قَالَ وَتَرَى ذَلِكَ؟ قَالَ نَعَمْ.
قَالَ فَأَمَرَ لَهُ بِجَائِزَةٍ.
قَالَ فَبَيْنَا هُوَ عِنْدَهُ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ خَرَجَتْ عليهم جارية فقالت
يَا سَيِّدِي مَنْ هَذَا الشَّيْخُ؟ قَالَ هَذَا الأَوْزَاعِيُّ، قَالَتْ فَإِنَّ سَيِّدَتِي تُرِيدُ أَنْ تَسْأَلَهُ عَنْ مَسْأَلَةٍ قَالَ فَقَالَ لَهَا فَلْتَسْأَلْ عما بدا لها قَالَ فَقَالَتْ إِنَّهَا كَانَتْ فِي أَرْضِهَا إِذْ هَجَمَتْ عَلَيْهِمْ خَيْلُ العرب فالتجاؤا إِلَى غَارٍ وَمَعَهَا بُنَيٍّ لَهَا وضعت يدها على فمه بخافة أَنْ يَصِيحَ فَيَدُلَّ عَلَيْهِمْ فَمَا رَفَعَتْ يَدَهَا عَنْ فِيهِ إِلا وَهُوَ مَيِّتٌ فَهَلْ عَلَيْهَا فِيهِ شئ؟ وَهَلْ لَهَا كَفَّارَةٌ لِمَا صَنَعَتْ؟ فَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ أَكَانَ هَذَا مِنْهَا قَبْلَ الإِسْلامِ أَوْ بَعْدَهُ؟ قَالَتْ قَبْلَ الإِسْلامِ، قَالَ فَإِنَّ الإِسْلامَ قَدْ هَدَمَ مَا كَانَ قَبْلَهُ وَأُحِبُّ أَنْ تَعْتِقَ رَقَبَةً.
قَالَ فَسَأَلَتْ عَنْ وَلَدِهِ فَأُخْبِرَتْ بِأَنَّ لِلأَوْزَاعِيِّ ثَلاثُ بَنَاتٍ قَالَ فَأَخْرَجَتْ إِلَيْهِ ثَلاثُ دُرَّاتٍ هَدِيَّةً لَهُنَّ فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِنَّ قَالَ لَهُنَّ إِنَّ هَؤُلاءِ الدُّرَّاتِ
أُهْدِينَ لَكُنَّ وَلا يَصْلُحْنَ إِلا مَعَ شِبْهِهِنَّ من الحلي ولكن رَأَيْتُ رَأْيًا إِنْ أَحْبَبْتُنَّ فَعَلْتُهُ، قَالَ قُلْنَ وَمَا هُوَ؟ قَالَ نَبِيعُهُنَّ وَنَتْجَرُ بِأَثْمَانِهِنَّ (2) حَتَّى لَعَلَّ اللَّهُ أَنْ يَنْفَعَكُنَّ وَإِيَّانَا بِهِ، (60 ك) قُلْنَ: نَعَمْ، فَبَعَثَ بِهِنَّ إِلَى دِمَشْقَ فَبِعْنَ بِثَمَانِينَ وَمِائَتَيْ دِينَارٍ وَكَانَ مَدْخَلَ الشِّتَاءِ قَالَ فَأَمَرَ الَّذِي بَاعَهُنَّ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ قَطِيفًا (2) وَانْجَبَانِيَّاتٍ] وَبَعَثَ بِهِنَّ إِلَيْهِ.
قَالَ أَبُو الْفَضْلِ فَأَخْبَرَنِي هَذَا الرَّجُلُ أَنَّهُ حَدَّثَهُ بَعْضُ أَشْيَاخِ الْمَدِينَةِ يَعْنِي بَيْرُوتَ أَنَّهُ صَارَ إِلَيْهِ انْبَجَانِيَّتَانِ مِنْهَا، وَفَقَدَهُ أَبُو جَعْفَرٍ فَقَالَ لِعَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْهَاشِمِيِّ عَامِلِهِ عَلَى دِمَشْقَ وَالْمَهْدِيُّ عِنْدَهُ: أَلَمْ أُوَجِّهْ إِلَيْكَ كِتَابِي إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ قَالَ بَلَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْفَذْتُهُ، قَالَ يَقُولُ الْمَهْدِيُّ قَدْ وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ جَاءَنِي فَسَلَّمَ عَلَيَّ وَهَنَّأَنِي بِمَا أَسْنَدَ إِلَيَّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْخِلافَةِ وَدَعَا لي (91 م) دُعَاءً وَقَعَ بَرْدُهُ عَلَى قَلْبِي، وَأَخْبَرَهُ بِمَا حَدَّثَهُ بِهِ أَنَّهُ اسْتَأْذَنَنِي فِي الرُّجُوعِ إِلَى مَكْتَبِهِ واعلمني ان
فِي إِذْنِي لَهُ خَلَفًا مِنْ إِذْنِكَ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ لِلْمَهْدِيِّ فَعَلْتَهَا يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟ قَالَ قَدْ كَانَ ذَا، قَالَ: ارْحَلُوا.
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن الهسنجاني نا أحمد - يعني ابن صالح - قال سمعت ابن أبي ذئب يحدث سفيان الثوري بدخوله على أبي جعفر وكلامه له فذكر قصة لا أحفظها كما أحب قال ابن أبي ذئب فقلت له أخبرني انصح لك من المهدي، فقال باي شئ حل لك أن تقول (1) : المهدي؟ قال ابن أبي ذئب: كلنا قد هداه الله.

باب ما ذكر من فصاحة الأوزاعي وحسن عبارته حدثنا عبد الرحمن نا العباس بن الوليد بن مزيد قال سمعت أبي يقول قال أبو جعفر - يعني أمير المؤمنين - لسليمان بن مجالد وكان كاتبه: ويحك رد على الأوزاعي جواب كتبه [على مالا نعرفه - 2] ، قال لا والله يا أمير المؤمنين ما أحسن أرد عليه ولكنا نرد عليه ما نحسن ونستعين بكتبه على مالا نعرفها.
حدثنا عبد الرحمن نا العباس بن الوليد نا دحيم (59 د) قال سمعت أبا مسهر قال قال الأوزاعي: لا تغير من كلامي شيئا غير اللحن.

باب ما ذكر من تواضع الأوزاعي حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا أبو عمير بن النحاس قال قال ضمرة صليت إلى جانب الأوزاعي بمكة فلما قام حركني فذهبت معه إلى منزله
فأتانا بثريد عليه فول مسلوق قال فلما خرجنا قال لي غاب الشفق؟ قال قلت يا ابا عمرو اي شئ الشفق؟ قال بقية (1) بياض النهار.

باب ما يرجى من الخير لمحبي الأوزاعي حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت عبد الرحمن - يعني ابن مهدي - يقول: إذا رأيت
الشامي يحب الأوزاعي [وأبا إسحاق الفزاري فارج خيره.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا أبو زياد حماد بن زاذان قال سمعت عبد الرحمن (92 م) بن مهدي يقول: إذا رأيت الشامي يحب الأوزاعي - 2] وأبا إسحاق الفزاري فهو صاحب سنة.

باب ما ذكر من خشوع الأوزاعي وطول سكوته حدثنا عبد الرحمن نا العباس بن الوليد بن مزيد قال سمعت أبي يقول ما رأيت الأوزاعي ضاحكا حتى يقهقه قط ولا ملتفتا إلى شئ ولا باكيا ولقد كان إذا أخذ في ذكر المعاد وما أشبهه أقول في نفسي يرى أحد في المجلس لم يبك قلبه؟ ولا يعرف ذاك منه.
حدثنا عبد الرحمن نا العباس بن الوليد بن مزيد قال سمعت ابن شعيب (3) يقول: من نظر في كتب الأوزاعي يظن أنه كان صاحب كلام وما رأيت رجلا قط أطول سكوتا منه.
باب ما ذكر من عبادة الأوزاعي وزهده حدثنا عبد الرحمن نا العباس بن الوليد بن مزيد حدثني اسحاق ابن حماد النمري (1) عن أمه وكانت تداخل الأوزاعي قالت فبينا أنا في
صلاح بعض ما في البيت إذ نظرت إلى مسجده وكان مرففا فنظرت إلى بلل في المسجد في موضع سجوده فقلت جويرية ثكلتك أمك أراك قد غفلت عن بعض الصبيان حتى بال في مسجد الشيخ، قال فغفلت عني قالت فلما أبرمتها قالت لي ويحك هكذا يصبح كل ليلة قال أبو الفضل قال أبي وكان يأمرنا الأوزاعي أن نرفف المساجد في بيوتنا.
حدثنا عبد الرحمن نا العباس بن الوليد بن مزيد قال سمعت عبيدة ابن عثمان يقول من نظر إلى الأوزاعي اكتفى به مما يرى عليه من أثر العبادة، كنت إذا رأيته قائما يصلى كأنما تنظر إلى جسد ليس فيه روح.
حدثنا عبد الرحمن نا العباس بن الوليد بن مزيد قال سمعت عقبة - يعني ابن علقمة - يقول لقيته - يعني الأوزاعي - يوم الجمعة رائحا إلى الجمعة على باب المسجد فسلمت عليه ثم دخل فاتبعته فأحصيت عليه قبل خروج الإمام صلاته أربعا وثلاثين ركعة كان قيامه وركوعه وسجوده حسنا كله.
حدثنا عبد الرحمن نا العباس (93 م) بن الوليد بن مزيد قال سمعت أبي وعقبة - يعني ابن علقمة - يقولان سمعنا الأوزاعي يقول: ما أكثر عبد ذكر الموت إلا كفاه اليسير من العمل ولا عرف عبد أن منطقه من عمله الا قل لغطه (2) .
حدثنا عبد الرحمن نا أبي حدثنا أبو عمرو عبد الله (3) بن اسماعيل
ابن بنت الأوزاعي قال حدثني أبي قال وجدت في كتب الاوزاعي (61 ك)
بخط يده: ابن آدم اعلم لنفسك وبادر فقد أتيت من كل جانب وأعول كعويل الأسير المكبل ولا تجعل بقية عمرك للدينا وطلبها في أطراف الأرض حسبك ما بلغك منها ستسلم طائعا وتعز بيوم فقرك وفاقتك واسع في طلب الامام فإنك في سفر إلى الموت يطر بك نائما ويقظان واذكر سهر أهل النار في خلد أبدا وتخوف أن ينصرف بك من عند الله عزوجل إلى النار فيكون ذلك آخر العهد بالله عزوجل وينقطع الرجاء واذكر إنك قد راهقت الغاية وإنما بقى الرمق فسدد تصبرا وتكرما وارغب ببقية عمرك أن تفيته (1) للدنيا وخذ منها ما يفرغك لآخرتك ودع منها ما يشغلك عنها.
قال عبد الرحمن قد كنا شرطنا أن نشرح بعض أوصاف هؤلاء الأئمة الجهابذة [النقاد - 2] ونخرج ما وقع إلينا من جرحهم وتعديلهم نرو انتقادهم للحديث في أول كتابنا فقد أتينا على ما انتهى إلينا من ذلك ونحن ذاكرون من بعدهم بما نرجو أن يكون فيه غنى وكفاية إن شاء الله.

خليدة بنت قيس

خُلَيْدَةُ بِنْت قَيْس
- خُلَيْدَةُ بِنْت قَيْس بْن ثَابِتِ بْن خَالِد بْنِ أَشْجَعَ من بني دهمان. تزوجها البراء بن معرور من بني سلمة. وهو أحد النقباء. فولدت له بشر بن البراء شهد بدرا وهو الذي أكل من الشاة المسمومة مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أسلمت خليدة أم بشر بن البراء وبايعت رسول الله وروت عنه. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنَا أفلح بن سعيد المزني. حَدَّثَنِي عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عَنْ أُمِّ بِشْرِ بْنِ الْبَرَاءِ أَنَّهَا . أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ السُّكَّرِيُّ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أُمِّ بِشْرِ بْنِ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ قَالَتْ: . أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: فَحَدَّثَنِي مَعْمَرٌ وَمَالِكٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: تَسْمِيَةُ نِسَاءِ الأَنْصَارِ الْمُسْلِمَاتِ الْمُبَايِعَاتِ مِنَ الأَوْسِ مِنْ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ بن جشم بن الحارث ابن الخزرج بن عمرو وهو النبيت بن مالك بن الأوس

إبراهيم بن يوسف بن إسحاق

إِبْرَاهِيم بْن يوسف بْن إِسْحَاق بْن أَبِي إِسْحَاق السبيعي
سَمِعَ منه مُحَمَّد بْن العلاء، الكوفِي سَمِعَ أباه عَنْ جده ابى اسحاق، قال لنا مالك بن اسمعيل قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَضَعَ يَدَهُ تَحْتَ خَدِّهِ الأَيْمَنِ، وَقَالَ لنا مالك عن اسراءيل عَنْ أَبِي إِسْحَاق عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الْبَرَاءِ - نَحْوَهُ، وقَالَ زهير والثوري عَنْ أَبِي إِسْحَاق عَنِ البراء - نحوه، وقَالَ خلاد قَالَ ثنا فطر سَمِعَ أبا إِسْحَاق سَمِعَ البراء - نحوه، وقَالَ إِسْحَاق بْن منصور حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم عَنْ أَبِيه عَنْ أَبِي إِسْحَاق قَالَ حدثني أبو بردة سمع البراء، وروى شريح بْن مسلمة حدثني إِبْرَاهِيم بْن يوسف بن اسحاق ابن أَبِي إِسْحَاق حدثني أَبِي قَالَ حدثني أَبُو إِسْحَاق حديثا كثيرا.
باب من أفناء الناس
(ممن لا يعرف بأبيه - 1)

شعبة بن الحجاج

- شعبة بن الحجاج. مولى الأشاقر من الأزد, يكنى أبا بسطام. مات سنة ستين ومائة في رجب.
شعبة بن الحجاج: يكنى أبا بسطام "واسطي"، سكن البصرة، ثقة، تقي، وكان يخطئ في بعض الأسماء.
حدثني أبو بكر البغدادي، عن وكيع، قال: قال شعبة: فلان عن فلان مثله ليس حديثًا.
ومن العلماء الجهابذة النقاد بالبصرة شعبة بن الحجاج أبو بسطام [العتكي - 2]
وهو ابن الحجاج بن الورد مولى العتيك بصري أصله واسطي.
[باب - 2] ما ذكر من علم شعبة بن الحجاج رحمه الله وما فتح الله عزوجل عليه من المعرفة بصحيح الآثار وسقيمها وبناقلتها (3) .
حدثنا عبد الرحمن (28 م) نا محمد بن مسلم قال سمعت أبا زياد حماد بن زاذان قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: شعبة إمام في الحديث.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا أبو بكر بن أبي الأسود نا عبد الرحمن ابن مهدي قال كان سفيان يقول: شعبة أمير المؤمنين في الحديث.
قال أبو محمد (4) يعني فوق العلماء في زمانه.
حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي نا محمد بن يحيى الذهلي اليسابوري نا أبو قتيبة سلم بن قتيبة قال قدمت الكوفة فأتيت (5) سفيان الثوري
فقال لي: من أين أنت؟ قلت من أهل البصرة، قال: ما فعل أستاذنا
شعبة؟.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي ابن المديني قال سمعت بهز بن أسد قال حدثني عبد الله بن المبارك قال حدثني معمر أن قتادة كان يسأل (1) شعبة عن حديثه - يعني حديث نفسه.
قال أبو محمد (2) وكان قتادة بارع العلم نسيج وحده في الحفظ في زمانه لا يتقدمه كبير أحد فحل (3) شعبة من نفسه محلا يرجع إليه في حديث نفسه.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت يحيى بن سعيد يقول: كان شعبة أعلم [الناس - 4] بالرجال، وكان سفيان صاحب أبواب.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح [بن أحمد - 4] نا علي قال سمعت يحيى [يعني - 5] ابن سعيد القطان قال قال شعبة: لم يسمع قتادة من أبي العالية إلا ثلاثة أشياء.
قلت ليحيى عدها، قال قول على رضي الله عنه القضاه ثلاثة، وحديث: لا صلاه بعد العصر، وحديث يونس بن متى.
قال أبو محمد (2) بلغ من علم شعبة بقتادة أن عرف ما سمع من أبي العالية وما لم يسمع.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا حرملة بن يحيى (36 د) قال سمعت الشافعي يقول: لولا شعبة ما عرف الحديث بالعراق، كان يجئ إلى الرجل فيقول، لا تحدث وإلا استعديت عليك السلطان (6) .
حدثنا عبد الرحمن نا أبو بكر محمد بن خلف الحداد البغدادي نا
يعقوب بن إسحاق الحضرمي قال سمعت شعبة يقول: (29 م) سفيان أمير المؤمنين في الحديث.
ثم قال يعقوب.
حدثني الضخم عن الضخام * شعبة الخير أبو بسطام حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي قال سمعت يحيى يقول: ليس أحد أحب إلي من شعبة، ولا يعدله أحد عندي.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول قال أبو الوليد الطيالسي كنت أختلف إلى حماد بن سلمة وأديم الاختلاف إليه فقال لي يوما: إن أردت الحديث فعليك بشعبة.
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن ثنا أحمد [يعني - 1] ابن حنبل ثنا أبو داود قال قال شعبة: كنت أعرف إذا جاء - يعني إذا حدث قتادة - ما سمع مما لم يسمع.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن حمويه (2) بن الحسن قال سمعت أبا طالب - يعني أحمد بن حميد - قال قال أحمد بن حنبل: شعبة (3) أعلم بحديث الحكم، ولولا شعبة ذهب (4) حديث الحكم، ولم يكن في زمن شعبة مثله في الحديث، ولا احسن حديثا منه، كانقسم له من هذا حظ، وروى عن ثلاثين رجلا من أهل الكوفة لم يرو عنهم سفيان.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول، إذا رأيت شعبة يحدث عن رجل فأعلم أنه ثقة إلا نفرا بأعيانهم، قيل (5) لأبي ألم يكن للثوري
بصر بالحديث كبصر شعبة؟ قال: كان الثوري قد غلب عليه شهوة الحديث وحفظه (6) وكان شعبة أبصر بالحديث وبالرجال، وكان
الثوري أحفظ، وكان شعبة بصيرا بالحديث جدا فهما [له - 1] كأنه خلق لهذا الشأن.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن أحمد بن البراء قال قال علي [يعني - 1] ابن المديني: نظرت فإذا الإسناد يدور على ستة، الزهري وعمرو بن دينار وقتادة ويحيى بن أبي كثير وأبي إسحاق والأعمش، ثم صار علم هؤلاء الستة إلى اصحاب الاصناف من صنف فمن أهل البصرة شعبة بن الحجاج وابن أبي عروبة وحماد بن سلمة ومعمر وأبو عوانة (2) .
[باب - 3] ما ذكر من معرفة شعبة بمراسيل الآثار حدثنا عبد الرحمن نا إسماعيل بن أبي الحارث البغدادي نا أحمد [يعني - 3] ابن حنبل - عن حجاج - يعني (30 م) ابن محمد - عن شعبة قال: لم يدرك عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى عليا.
حدثنا عبد الرحمن نا إسماعيل بن أبي الحارث وعلي بن الحسن الهسنجاني قالا نا أحمد - يعني ابن حنبل - عن حجاج - يعني ابن محمد عن شعبة (36 ك) قال: أبو المهلب لم يسمع من أبي [يعني - 1] ابن كعب.
وفي حديث علي بن الحسن زياده: لم يسمع من أبي حديثه أنه كان يقرأ القرآن في ثمان.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح [بن أحمد بن حنبل - 4] نا علي يعني ابن المديني - 4] قال سمعت الوليد بن خالد - يعني أبا العباس الأعرابي صاحب الهروي - قال قال [لي - 1] شعبة: ما أرى محمد بن سيرين سمع من عقبة بن عبد الغافر.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد نا علي - يعني ابن المديني -
قال سمعت يحيى - يعني ابن سعيد القطان - يقول: قال شعبة: أحاديث الحكم عن مجاهد كتاب إلا ما قال سمعت (1) .
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد [نا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول: كان شعبة يضعف إبراهيم عن علي.
نا صالح بن أحمد - 2] بن حنبل [نا علي - يعني ابن المديني - 3] قال سمعت يحيى يقول: قال شعبة: عامر الشعبي عن علي، وعطاء يعني - ابن أبي رباح - عن علي إنما هي من كتاب.
فاسترجعت أنا.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد [بن حنبل - 4] نا علي -
يعني ابن المديني - قال سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول سمعت شعبة ينكر: أبو ظبيان سمع سلمان.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي [يعني ابن المديني - 5] قال سمعت يحيى [يعني - 6] ابن سعيد [قال كان شعبة - 6] ينكر: مجاهد سمع عاشة.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح [بن احمد - 5] نا علي [ابن المديني سمعت يحيى بن سعيد يقول كان شعبة ينكر: أبو رزين سمع ابن مسعود.
نا صالح نا علي - 2] [يعني ابن المديني - 4] قال سمعت يحيى [يعني ابن سعيد - 7] قال كان شعبة يقول: أحاديث الحكم عن مقسم كتاب إلا خمسة أحاديث.
قلت ليحيى عدها شعبة؟ قال: نعم - حديث الوتر، وحديث القنوت، وحديث عزمة الطلاق: وحديث جزاء [مثل - 2] ما قتل من النعم، والرجل (8) يأتي امرأته وهي حائض.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي - يعني ابن
المديني - قال سمعت يحيى بن سعيد يقول [كان - 1] شعبة ينكر أن يكون الضحاك بن مزاحم لقى ابن عباس قط.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت يحيى [يعني - 1] ابن سعيد [القطان - 1] قال كان شعبة يوهن مرسلات (2) (31 م) معاوية بن قرة، يرى أنها عن شهر.
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن [الهسنجاني - 1] ثنا أحمد - يعني ابن حنبل - نا حجاج - يعني ابن محمد الأعور - قال قال شعبة: لم يسمع أبو عبد الرحمن - يعني السلمي - من عثمان ولكن [سمع - 3] من على.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا معاوية بن صالح بن أبي عبيد الله الأشعري قال حدثني يحيى بن معين نا حجاج بن محمد عن شعبة قال: لم يسمع أبو عبد الرحمن السلمي من عثمان ولا من عبد الله بن مسعود ولكنه قد سمع من على.
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن الهسنجاني نا أحمد - يعني ابن حنبل - ثنا حجاج - يعني ابن محمد - عن شعبة قال: كان أبو إسحاق أكبر من أبي البختري ولم يدرك أبو البختري عليا ولم يره.
حدثنا عبد الرحمن نا العباس بن محمد الدوري قال سمعت (37 د) يحيى [يعني - 4] ابن معين - يقول قال شعبة: قد أدرك أبو العالية رفيع علي بن أبي طالب ولم يسمع منه شيئا.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل [نا علي قال سمعت أبا داود قال سمعت شعبة يقول: لم يحدثنا أحد أنه سمع من علقمة
إلا أبو قيس - 1] .
أنا حرب بن إسماعيل الكرماني فيما كتب إلي نا إسحاق بن إبراهيم نا عيسى بن يونس قال قال [لي - 2] شعبة لم: يسمع أبو إسحاق [جدك - 2] من الحارث الأعور إلا أربعة أحاديث.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن حمويه بن الحسن قال سمعت أبا طالب قال قال أحمد بن حنبل قال يحيى بن سعيد: كان شعبة يضعف حديث أبي بشر عن مجاهد، قال: ما سمع منه شيئا.
حدثنا عبد الرحمن أنا عبد الله بن أحمد بن حنبل فيما كتب إلي حدثني أبي نا (3) يحيى بن سعيد القطان قال قال شعبة: لم يسمع أبو بشر من حبيب بن سالم.
باب ما ذكر من معرفة شعبة بعلل الحديث، صحيحه وسقيمه ومنا فسر من ذلك
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت يحيى -[يعني - 3] ابن سعيد القطان - يقول: كان شعبة يضعف أحاديث أبي بشر جعفر بن أبي وحشية عن حبيب ابن سالم.
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن الهسنجاني نا أحمد بن حنبل: [قال يحيى قال شعبة: لم يسمع أبو بشر من حبيب بن سالم.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل - 1] نا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت يحيى بن سعيد يقول: كان شعبة ينكر حديث سماك بن حرب عن مصعب بن سعد (4) قال كنت مسندا
أبي إلى صدري.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد نا علي قال سمعت يحيى بن سعيد يقول: كان شعبة يقول في حديث قتادة عن أنس حديث ام سليم
في المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل: ليس بصحيح - وينكره.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت أبا داود يعني - الطيالسي (48 م) قال: سمعت خالد ابن طليق يسأل شعبة فقال يا أبا بسطام حدثني حديث سماك بن حرب في اقتضاء الورق من الذهب حديث ابن عمر، فقال: أصلحك الله هذا حديث ليس يرفعه أحد إلا سماك، قال فترهب أن أروى عنك؟ قال: لا، ولكن حدثنيه قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عمر ولم يرفعه (1) ، وأخبرنيه أيوب عن نافع عن ابن عمر ولم يرفعه، وحدثني داود بن أبي هند عن سعيد بن جبير ولم يرفعه، (44 د) ورفعه سماك، فأنا أفرقه.
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن الهسنجاني نا أحمد - يعني ابن حنبل - نا أبو قطن قال ذكر رجل لشعبة الحكم عن ابن أبي ليلى عن بلال: فأمرني (2) أن أثوب في الفجر ونهاني عن العشاء - قال شعبة: لا والله ما ذكر ابن أبي ليلى ولا ذكر [إلا - 3] إسنادا ضعيفا.
قال
أظن شعبة قال: كنت أراه [رواه - 4] عن عمران بن مسلم.
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن الهسنجاني نا أحمد -[يعني - 5] ابْنَ حَنْبَلٍ - نا يَحْيَى قَالَ: كان شعبة يضعف حديث أبي بِشْرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ.
قَالَ: وَحَدِيثُ الطَّيْرِ هُوَ حَدِيثُ الْمِنْهَالِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ [يَعْنِي - 4] حَدِيثَ الْمِنْهَالِ عَنْ زَاذَانَ عَنِ الْبَرَاءِ: خَرَجْنَا مع رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَجَلَسَ وَجَلَسْنَا كَأَنَّمَا على رؤوسنا الطير.
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن الهسنجاني نا أحمد -[يعني - 1] ابن حنبل - قال قال يحيى بن سعيد قال شعبة: لم يسمع الحكم حديث مقسم في الحجامة للصائم (2) من مقسم.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ:
يَعْنِي حَدِيثَ مقسم عن ابن عباس: احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وهو صائم.
حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ نا علي بن الحسن ثنا أحمد -[يعني - 3] ابن حنبل - نا يَحْيَى قَالَ: تَرَكَ شُعْبَةُ حَدِيثَ الْحَكَمِ فِي الْجُنُبِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ تَوَضَّأَ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ:
يَعْنِي حَدِيثَ الْحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ أن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ وَهُوَ جُنُبٌ تَوَضَّأَ.

باب ما ذكر
[من كلام شعبة بكنى ناقلة الآثار وأسمائهم - 1] حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي نا محمود بن غيلان (49 م) نا أبو داود عن شعبة قال كنية محمد بن زياد أبو الحارث (44 ك) .
حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي نا محمود بن غيلان نا أبو داود عن شعبة قال: اسم أبي المهزم يزيد بن سفيان.
[حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي نا محمود بن غيلان نا أبو داود عن شعبة قال: كنية واثلة بن الأسقع أبو قرصافة.
قال أبو محمد - 1] قال أبي: هذا وهم، أبو قرصافة اسمه جندره بن خيشنة.
حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي نا محمود بن غيلان نا أبو النضر قال قال شعبة: كنية يزيد بن خمير أبو عمر.
باب ما ذكر من تبجيل سفيان لشعبة بن الحجاج حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي نا محمود بن غيلان نا أبو داود عن شعبة قال قال لي سفيان: أما أنا فلا أكتمك شيئا.

باب ما ذكر من تقدمة شعبة وسفيان في الاتقان على اهل زمانهما حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن إبراهيم بن شعيب نا عمرو بن علي
سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: ثنا أبو خلدة، فقال له رجل: كان ثقة؟ قال: كان صدوقا، كان مأمونا، كان خيارا، الثقة شعبة وسفيان.

باب ما ذكر من حفظ شعبة للحديث وإتقانه حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن منصور الرمادي نا مسدد قال قال يحيى -[يعني - 1] ابن سعيد - قال سفيان: كانوا يخالفونني بالكوفة فأقول ما قال شعبة؟ ما قال مسعر؟ ولا ألتفت إلى خلافهم.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي -[يعني - 2] ابن المديني قال سمعت يحيى بن سعيد يقول ليس أحد أحب إلي من شعبة ولا يعدله أحد عندي.
وسألت يحيى بن سعيد ايهما كان احفظ
للأحاديث الطوال سفيان أو شعبة؟ قال كان شعبة أمر فيها.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي ابن المديني قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول وذكر شعبة قال سمعته (1) يقول: كنت اتفقد [فم - 2] قنادة فإذا قال: سمعت أو حدثنا، حفظت (3) وإذا قال: حدث فلان، تركته.
حدثنا عبد الرحمن نا (4) أبي قال سمعت أبا الوليد الطيالسي قال سمعت حماد بن زيد يقول: إذا خالفني شعبة في شئ تركته لانه (50 م) كان يكرر، ما أبالي من خالفني إذا وافقني شعبة لأن شعبة كان لا يرضى
أن يسمع الحديث مرة.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي رضي الله عنه نا علي بن محمد الطنافسي نا وكيع نا شعبة وكان معنيا بالحديث قال: أتيت يعلي بن عطاء فقال [لي - 5] يا هذا خذ حديثي واذهب، فقلت: لا حتى أحفظه من فيك، فاختلفت إليه حتى قرع رأسي.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا أبو الوليد الطيالسي نا حماد بن سلمة قال إذا أردت الحديث فالزم شعبة.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن [يحيى نا محمد بن المنهال - 6] قال سمعت يزيد بن زريع قال: لم أر في الحديث اصدق من شعبة.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن حمويه بن الحسن قال سمعت [أبا طالب - 7] قال قال أحمد بن حنبل: شعبة أثبت في الحكم من
الاعمش: واعلم بحديث الحكم.
حدثا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد نا علي قال سمعت معاذا - يعني ابن معاذ - وقيل له أي أصحاب أبي إسحاق أثبت؟ قال: شعبة
وسفيان - ثم سكت.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو بكر بن أبي خيثمة فيما كتب إلى قال سمع يحيى بن معين يقول: أثبت أصحاب أبي إسحاق الهمداني الثوري وشعبة، وهما أثبت من زهير واسراءيل، وهما قرينان.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد نا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت يحيى -[يعني - 1] ابن سعيد - قال سفيان: كانوا إذا خالفوا بالكوفة لا التفت إليهم، أقول: ما قال مسعر؟ وما قال شعبة؟.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد نا علي قال سمعت يحيى يقول: كل شئ يحدث [به - 1] شعبة عن رجل فلاتحتاج أن تقول عن ذاك الرجل أنه سمع فلانا، قد كفاك أمره.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يحيى قال أخبرني يوسف بن موسى (45 د) يعني التستري - قال سمعت أبا داود يقول سمعت شعبة يقول: ليس شئ احد ثكموه إلا شيئا حفظته أنا لم يعني عليه أحد.
حدثنا عبد الرَّحْمَنِ نا أَبِي نا نَصْرُ بن علي قال أخبرني أبي قال كنت مع شعبة ببغداد فربما جاء أبو معاوية (2) وشعبة يحدث عن الأعمش فيقول لأبي معاوية (51 م) يا محمد بن خازم: قد سمعت (3) سليمان يحدث بهذا الحديث؟ فيقول كما حدثت يا أبا بسطام.
حدثنا عبد الرحمن سمعت أبا زرعة يقول: أثبت أصحاب ابي اسحاق
الثوري وشعبة [واسراءيل، وشعبة - 1] احب الي من اسراءيل.
حدثنا عبد الرحمن سمعت أبي يقول: شعبة بن الحجاج ثقة.
[نا يعقوب بن إسحاق الهروي فيما كتب إلي قال نا عثمان بن سعيد الدارمي قال سمعت يعقوب بن إبراهيم الدورقي يقول قال عبد الرحمن يعني ابن مهدي -: ليس أحد أصح حديثا عن أبي إسحاق من شعبة - 1] .

باب ما ذكر من مراجعة شعبة لناقلة الحديث وإيقافهم على ما يتخالج في نفسه حدثنا عبد الرحمن نا يونس بن حبيب نا أبو داود نا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِي جَعْدَةُ - يعني من ولدام هَانِئٍ - وَكَانَ سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ يُحَدِّثُهُ يَقُولُ أَخْبَرَنِي ابْنَا أُمِّ هَانِئٍ، قَالَ شُعْبَةُ فَلَقِيتُ أَنَا أَفْضَلَهُمَا [جَعْدَةَ - 2] فَحَدَّثَنِي عَنْ أُمِّ هَانِئٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا فَنَاوَلَتْهُ شَرَابًا فَشَرِبَ ثُمَّ نَاوَلَهَا (45 ك) فَشَرِبَتْ قَالَتْ (3) يَا رَسُولَ اللَّهِ (4) كُنْتُ صَائِمَةً، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الصَّائِمُ الْمُتَطَوِّعُ أَمِينُ نَفْسِهِ - أَوْ أَمِيرُ نَفْسِهِ - إِنْ شَاءَ صَامَ وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ.
قَالَ شُعْبَةُ فَقُلْتُ لِجَعْدَةَ سَمِعْتَهُ (5) أَنْتَ مِنْ أُمِّ هَانِئٍ؟ قَالَ أَخْبَرَنِي أَهْلُنَا وَأَبُو صَالِحٍ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ عَنْ أم هانئ.
حدثنا عبد الرحمن نا يونس بن حبيب نا أَبُو دَاوُدَ نا شُعْبَةُ عَنْ عبد الله ابن دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: نهى رسول الله صلى عليه وسلم عن
بَيْعِ الْوَلاءِ وَعَنْ هِبَتِهِ، قَالَ شعبة قلت لعبد الله بْنِ دِينَارٍ: أَنْتَ سَمِعْتَهُ مِنْهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، سَأَلَهُ ابْنُهُ عَنْهُ.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا الْحُمَيْدِيُّ (1) قَالَ قِيلَ لِسُفْيَانَ: إِنَّ شُعْبَةَ اسْتَحْلَفَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ دِينَارٍ - يَعْنِي فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْوَلاءِ وَعَنْ هِبَتِهِ، قَالَ [سُفْيَانُ - 2] لَكِنَّا لَمْ نَسْتَحْلِفْهُ سَمِعْنَاهُ مِرَارًا.
حدثنا عبد الرحمن نا يونس بن حبيب نا أبو داود نا شعبة قال سألت طلحة بن مصرف (52 م) عن هذا الحديث أكثر من عشرين مرة، ولو كان غيري قال ثلاثين مرة، قال سمعت عبد الرحمن بن عوسجة يحدث عن البراء أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: من منح منيحة ورق، الحديث (3) .
حدثنا عبد الرحمن نا يونس بن حبيب نا أبو داود نا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِيَ بريرة فتعتقهاو اراد مَوَالِيهَا أَنْ يَشْرُطُوا (4) الْوَلاءَ فَذَكَرَتْ عَائِشَةُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اشْتَرِيهَا وَأَعْتِقِيهَا (5) فَإِنَّمَا الْوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ.
قَالَ (6) وَأُتِيَ بِلَحْمٍ فَقَالَ مَا هذا
قَالُوا (1) هَذَا هَدِيَّةٌ أَهْدَتْهُ إِلَيْنَا بَرِيرَةُ تَصَدَّقْ بِهِ عَلَيْهَا (2) فَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ: هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ.
قَالَتْ وَخُيِّرَتْ وَكَانَ زَوْجُهَا حُرًّا.
قَالَ شُعْبَةُ ثُمَّ سَأَلْتُهُ بَعْدُ فَقَالَ: مَا أَدْرِي هُوَ حُرٌ أَمْ عَبْدٌ؟ قَالَ شُعْبَةُ فَقُلْتُ لِسِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ إِنِّي أَتَّقِي أَنْ أَسْأَلَهُ عَنِ الإِسْنَادِ فَسَلْهُ أَنْتَ، قَالَ وَكَانَ فِي خُلُقِهِ (3) فَقَالَ لَهُ سِمَاكٌ بَعْدَ مَا حَدَّثَ: أَحَدَّثَكَ هَذَا أَبُوكَ عَنْ عَائِشَةَ؟ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: [نَعَمْ - 4] .
فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ [لِي - 5] سِمَاكٌ يَا شُعْبَةُ اسْتَوْثَقْتُ لَكَ منه.
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن قال نا إبراهيم بن عبد الله بن حاتم (6) الهروي نا إسماعيل [يعني - 7] ابن علية عن شعبة قال كنت أسال حمادا فيجيبني فأقول: عن إبراهيم؟ فيقول: لا توقفني فإني لا أدري لعلي أكون قد نسيت.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد نا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت ربعي بن إبراهيم نا إسماعيل بن إبراهيم - يعني ابن علية - عن شعبة قال قال لي حماد بن أبي سليمان: يا شعبة لا توقفني على إبراهيم
فإن العهد قد طال وأخاف أن أنسى - أو أكون (8) قد نسيت.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح [بن احمد - 1] نا علي [ابن المديني - 1] قال سمعت بهز (2) بن أسد قال سمعت هماما (3) قال: كان شعبة يوقف قتادة، قال فحدث شعبة ذات يوم بحديث (53 م) فقال قتادة من حدثك؟ أو من ذكر ذلك (4) ؟ فقال نسألك فتغضب وتسألنا؟ حدثنا عبد الرحمن نا يونس بن حبيب نا أبو داود عن شعبة عن مغيرة سمع إبراهيم يقول في رجل ترك ابنه وأباه فمات مولى له - قال:
للأب السدس وما بقى فلابنه.
قال شعبة وحدثني أبو معشر عن إبراهيم قال: للأب السدس وما بقى فلابنه.
قال شعبة فقلت له: أسمعته من إبراهيم؟ قال: هو قوله.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يحيى أنا حفص بن عمر - يعني المهرقاني قال سمعت أبا داود يقول رأيت رجلا يقول لشعبة: قل: حدثني أو اخبرني، فقال له شعبة ك فقدتك وعدمتك وهل جاء بهذا (5) أحد قبلي؟.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي قال سمعت أحمد (6) بن حنبل قال [سمعت - 7] يحيى بن سعيد القطان: قال شعبة: كنت اجالس قتادة فيذكر الشئ فأقول كيف إسناده؟ فيقول المشيخة الذين حوله أن قتادة سند (8) فاسكت فكنت أكثر مجالسته فربما ذكر الشئ فأذكره فعرف (9) مكاني ثم كان بعد يسند لي (10) .
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ أنا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - قَالَ قُلْتُ: أَنْتَ سَمِعْتَهُ؟ قَالَ: نحن سألناه (46 د) عَنْهُ قَالَ صَلَّيْتُ خَلْفَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَخَلْفَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فكانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا مقاتل بن محمد نا أَبُو دَاوُدَ نا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ سِتًّا.
قَالَ فَقِيلَ (1) لأَبِي إِسْحَاقَ سَمِعْتَهُ (2) مِنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ فَقَالَ مَا أَدْرِي سَمِعْتُهُ [مِنْهُ - 3] أَمْ لا وَلَكِنْ حَدَّثَنِيهِ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسين بن الجنيد قال قال علي ابن المديني نا بشر بن المفضل قال قدم علينا اسراءيل فحدثنا عن أبي إسحاق عن عبد الله بن عطاء عن عقبة بن عامر بحديثين، فذهبت إلى شعبة فقلت ما تصنع شيئا، حدثنا اسراءيل (54 م) عن أبي إسحاق عن عبد الله بن عطاء عن عقبة بكذا، فقال يا محنون هذا حدثنا به (4) أبو إسحاق فقلت لأبي إسحاق من عبد الله بن عطاء؟ قال شاب من اهل (46 ك) البصرة قدم علينا، فقدمت البصرة فسألت عنه فإذا هو جليس فلان وإذا هو غائب في موضع فقدم فسألته فحدثني به، فقلت من حدثك؟ قال حدثني (5) زياد بن مخراق فأحالني على صاحب حديث، فلقيت زياد بن مخراق فسألته فحدثني به قال حدثني (5) بعض أصحابنا عن شهر ابن حوشب.
حدثنا عبد الرحمن نا يونس بن حبيب نا أبو داود نا شعبة عن
الأعمش عن إبراهيم أن عليا كان يجعل للاخوة من الام - يعني في المشتركة فقلت للأعمش سمعت (1) من إبراهيم؟ فقال برأسه [أي - 2] نعم.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا أبو زياد حماد بن زاذان قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول قَالَ شُعْبَةُ قُلْتُ لأَبِي إِسْحَاقَ: مَنْ حَدَّثَكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ كُنْتُ رِدْفَ عَلِيٍّ فَلَمَّا رَكِبَ قَالَ سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا؟ قَالَ سَمِعْتُ مِنْ يُونُسَ بْنِ خَبَّابٍ فَأَتَيْتُ يونس ابن خَبَّابٍ فَقُلْتُ مَنْ حَدَّثَكَ؟ قَالَ حَدَّثَنِي رَجُلٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ.
حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ وَكَتَبَ إِلَيَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ (3) بْنُ بِشْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ بِنَحْوِ ذَلِكَ.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا عبيد الله بن معاذ العنبري نا أبي نا شعبة قال: ذكرت للمغيرة كثرة ماروي (4) عن إبراهيم فقال: سمعته منه.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي قال سمعت أبا الوليد [يعني - 5] الطيالسي قال قال حماد بن زيد: ما أبالي من خالفني إذا وافقني شعبة لأن شعبة كان لا يرضى أن يسمع الحديث مرة، يعاود صاحبه مرارا ونحن كنا إذا سمعناه مرة اجتزينا به.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي عن أبي الوليد قال سألت شعبة عن حديث فقال: لا أحدثك، لأني سمعته (6) من أبي (7) عون مرة واحدة حديث أبي عون عن أبي صالح عن علي في الأمة تكون تحت الحر
(55 م) فطلقها طلقتين (1) أيأتيها؟ فأبى (2) فحدثني به يحيى بن سعيد عن شعبة.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت عبد الرحمن وذكر شعبة فقال سمعته (3) يقول: كنت أتفقد فم قتادة فإذا قال (سمعت) و (حدثنا) تحفظته (4) فإذا قال (حدث فلان) تركته.
حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنِي أَبِي نا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الاسفاطي نا يحيى ابن كَثِيرٍ الْعَنْبَرِيُّ نا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه ولم نَهَى عَنْ نَبِيذِ الْجَرِّ، قَالَ شُعْبَةُ فَقُلْتُ لِقَتَادَةَ مِمَّنْ سَمِعْتَهُ؟ (5) قَالَ حَدَّثَنِيهِ أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ، قَالَ شُعْبَةُ فَأَتَيْتُ أَيُّوبَ
فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ حَدَّثَنِيهِ أَبُو بِشْرٍ، قَالَ شُعْبَةُ فَأَتَيْتُ أَبَا بِشْرٍ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ أَنَا سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ نَبِيذِ الْجَرِّ.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن سعيد المقرئ نا عبد الرحمن - يعني ابن الحكم بن بشير (6) بن سلمان - نا يحيى بن أبي بكير وأبو داود عن شعبة عن معاوية بن قرة قال قال ابن عباس (انظر إلى العظام كيف ننشزها) فقال فيه قولا، قلت: من حدثك؟ قال: شهر بن حوشب، استرحنا من خناقك يا شعبة.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان الواسطي قال سمعت عبد الرحمن ابن مَهْدِيٍّ يَقُولُ سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُولُ: كُنْتُ أَنْظُرُ إِلَى فَمِ قَتَادَةَ فإذا قال
لِلْحَدِيثِ (حدثنا) عَنَيْتُ بِهِ فَوَقَفْتُهُ عَلَيْهِ، وَإِذَا لَمْ يَقُلْ (حدثنا) لَمْ أَعْنِ (1) بِهِ، وَأَنَّهُ حدثنا عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: سَوُّوا صُفُوفَكُمْ فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلاةِ فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِفَهُ عَلَيْهِ فَيُفْسِدَهُ عَلَيَّ (2) فَلَمْ أُوقِفْهُ عَلَيْهِ.
حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ سَمِعْتُ أَبِي وَذَكَرَ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ
عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْوَلاءِ وَعَنْ هِبَتِهِ، قَالَ شُعْبَةُ: اسْتَحْلَفْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ دِينَارٍ هَلْ سَمِعْتَهَا مِنَ ابْنِ عمر؟ فحلف لي (56 م) .
قَالَ أَبِي (3) كَانَ شُعْبَةُ بَصِيرًا بِالْحَدِيثِ جِدًّا فَهِمًا فِيهِ كَانَ إِنَّمَا حَلَّفَهُ لأَنَّهُ كَانَ يُنْكِرُ هَذَا الْحَدِيثِ، حُكْمٌ مِنَ الأَحْكَامِ عن رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُشَارِكْهُ أَحَدٌ، لَمْ يَرْوِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَحَدٌ سِوَاهُ عَلِمْنَا.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي حدثني مقاتل بن محمد الناقد الرازي نا ابن إدريس قال قال [لي - 4] شعبة: نصصت (5) على قتادة سبعين حديثا كلها يقول سمعت (6) من أنس إلا أربعة حدثنا عَبْدُ الرحمن نا الربيع بن سليمان نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ شُعْبَةُ قَالَ سَأَلْتُ الْحَكَمَ عَنْ دية اليهودي والنصراني (47 د) فقال قال سعيد ابن الْمُسَيِّبِ إِنَّ عُمَرَ جَعَلَ دِيَةَ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ أَرْبَعَةَ آلافٍ أَرْبَعَةَ آلاف ودية المجوسي ثماني مِائَةٍ، فَقُلْتُ لِلْحَكَمِ: أَنْتَ سَمِعْتَهُ مِنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ؟ فَقَالَ: لَوْ شِئْتَ سَمِعْتَ مِنْ ثَابِتٍ الْحَدَّادِ، قَالَ شُعْبَةُ فَأَتَيْتُ ثَابِتًا الْحَدَّادَ فَحَدَّثَنِي عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيب عن عمر مثله.
ما ذكر في كلام شعبة في ناقلة الآثار
أن (1) ذلك كان حسبة منه حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد نا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي نا حماد بن زيد قال كلمنا شعبة [أنا - 2] وعباد بن عباد وجرير بن حازم في رجل - قلنا: لو كففت عنه، قال فكأنه لان وأجابنا قال فذهبت يوما (47 ك) اريد الجعة فإذا شعبة ينادي (3) من خلفي فقال: ذاك الذي قلتم لي فيه لا أراه يسعني.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد نا علي قال سمعت عبد الرحمن يقول: كان شعبة يتكلم في هذا حسبة.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن مسلم قال حدثني بعض أصحاب حماد ابن زيد عن حماد بن زيد قال أتيت أنا وعباد بن عباد إلى شعبة بن الحجاج فسألناه أن يكف عن أبان بن أبي عياش ويسكت عنه فلما كان من الغد خرجنا إلى مسجد الجامع فبصر بنا فنادانا فقال يا أبا معاوية نظرت فيما كلمتموني فوجدت لا يسعني السكوت.
قال حماد: وكان شعبة (57 م) يتكلم في هذا حسبة.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان قال سمعت يزيد بن هارون يقول: لولا أن شعبة اراد الله عزوجل ما ارتفع هكذا.
قال أبو محمد يعني بكلامه في رواة العلم.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان الواسطي قال قلت لعبد الرحمن ابن مهدي لم تركت (4) حديث حكم جبير؟ فقال حدثني يحيى القطان
قال سألت شعبة عن حديث من حديث حكيم بن جبير فقال: أخاف النار.
قال أبو محمد فقد دل أن كلام شعبة في الرجال حسبة يتدين به (1) وإن صورة حكيم بن جبير عنده صورة من لا يسع قبول خبره ولا حمل العلم عنه فيلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقله.
[ما ذكر من عبادة شعبة وزهده وورعه - 2] حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا أبو المظفر عبد السلام بن مطهر (3) قال ما رأيت في الفقهاء مثل شعبة ايبس ولا أمعن (4) في العبادة منه.
حدثنا عبد الرحمن حدثني محمد بن يحيى نا حفص بن عمر المهرقاني قال سمعت عفان يقول: كان شعبة من العباد.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا على بن مسيرة نا يحيى بن أبي الخصيب عن سفيان بن عيينة قال كتب إلى شعبة بن الحجاج: أما بعد فقد ذهب الإسنان والإشكال.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي [يعني - 5] ابن المديني قال سمعت يحيى [يعني - 6] ابن سعيد القطان - يقول: أتى شعبة المنهال بن عمرو فسمع صوتا فتركه.
حدثنا عبد الرحمن سمعت أبي يقول [يعني - 6] سمع صوت قراءة بألحان (7) فترك الكتابة عنه لأجل ذلك.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يحيى أنا مسدد قال سمعت يحيى - يعني ابن سعيد - يقول: ما رأيت اشكر من شعبة.
باب ما ذكر من طهارة خلق شعبة وسخائه حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا أحمد بن إبراهيم الدورقي نا أبو النضر قال كان شعبة إذا ركب مع قوم في زورق دفع كرى الزورق عن كلهم.
(58 م) [باب - 1] ما ذكر من شدة قول شعبة في التدليس وكراهيته له حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت عبد الرحمن - يعني ابن مهدي - قال قال شعبة يوما حدثني رجل عن سفيان عن منصور عن إبراهيم بكذا، ثم قال: ما يسرني أني قلت قال منصور وأن لي الدنيا [كلها - 2] .
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد [نا علي - يعني ابن المديني - 2] قال سمعت عبد الرحمن - يعني ابن مهدي - قال سمعت شعبة - أو حدثني رجل عن شعبة أنه قال كل شئ (3) حدثتكم به فذلك الرجل حدثني بن أنه سمعه من فلان إلا شيئا أبينه لكم قال أبو محمد فذكرته لأبى قال يعني أنه كان لا يدلس.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي قال سمعت أبا نعيم يقول سمعت شعبة
يقول: لأن أزني أحب إلى من أن أدلس.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو سعيد الأشج قال سمعت أبا نعيم يقول سمعت شعبة يقول: لأن أزني أحب إلى من أن أدلس.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يحيى أخبرني هشام بن عبد الملك قال سمعت شعبة يقول: لأن آخر من السماء أحب إلى من أقول زعم
فلان ولم أسمع (1) منه.
حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي نا محمد بن بشار سمعت محمد ابن جعفر [غندر - 2] يقول سمعت شعبة يقول: لأن أقع من فوق هذا القصر - لدار - حياله على راسي أحب إلى من أن أقول لكم قال فلان لرجل ترون أنه قد سمعت ذاك (3) منه ولم أسمعه.

باب ما ذكر من حرص شعبة على طلب العلم حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان قال سمعت يزيد بن هارون يقول لما حدثنا شعبة بحديث المقدام أبي كريمة في (4) حق الضيف قال شعبة: فيكم أحد سمعه من حريز بن عثمان؟ قلت: أنا، قال حدثني به، قلت: لا أحفظه، قال: صحفيون - فضحك يزيد.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا محمود بن غيلان عن عبد الصمد بن عبد الوارث أو غيره قال سمعت شعبة يقول: أتيت طلحة بن (59 م)
مصرف مائة مرة أو خمسين مرة (48 د) فإن بلغكم أني حدثت عنه غير هذا الحديث، إني كذاب، والحديث هو حديث طلحة عن عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذكر.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا حيوة نا بقية قال سمعت شعبة يقول إني أسمع منك أحاديث لو لم أحفظها لطرت.
حدثنا عبد الرحمن ذكره أبي رحمه الله نا القاسم بن محمد المروزي نا عبدان - يعني عبد الله بن عثمان بن جبلة (48 ك) بن أبي رواد - قال أخبرني أبي قال سمعت شعبة يقول: واي شئ الذ من ان تخلو
بشيخ قد لقي الناس فأنت تستثيره وتستخرج منه علما.

باب ما ذكر من تبجيل العلماء لشعبة حدثنا عبد الرحمن نا [أبي نا - 1] أحمد [بن إبراهيم - 1] الدورقي ثنا أبو داود عن شعبة قال: كان أيوب - يعني ابن أبي تميمة السختياني - يمشى معي إلى مسجد بني ضبيعة يألني عن الحديث.
حدثنا عبد الرحمن [حدثني أبي - 2] نا أبو زياد حماد بن زاذان نا بهز بن أسد [عن ابن المبارك عن معمر قال: رأيت قتادة يسأل شعبة عن حديثه
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي - 3] قال سمعت يحيى قال رأيت عبد الوارث عند شعبة بين يدين جالسا ذليلا.
حدثنا عبد الرحمن نا بشر بن مسلم (4) بن عبد الحميد التنوخي الحمصي قال سمعت حيوة بن شريح يقول سمعت [بقية يقول سمعت - 3] شعبة يقول: ما شفاني من الحديث إلا الأعمش.

باب ما ذكر مما رزق الله عزوجل شعبة من حسن الحديث حدثنا عبد الرحمن قال ذكره عبد الله بن بشر (5) البكري الطالقاني سمعت عبد الملك بن عبد الحميد الميموني قال سمعت أبا عبد الله احمد ابن حنبل يقول سمعت عفان يقول سمعت يحيى بن سعيد - يعني القطان
يقول: ما لقيت أحدا أحسن حديثا من شعبة: وقال أحمد بن حنبل: روى شعبة [عن - 1] نحو من ثلاثين شيخا لا يروى عنهم سفيان الثوري لو لم يكن إلا الحكم بن عتيبة، ولولا شعبة من كان يروى عن الحكم؟ وشعبة حسن الحديث عن أبي إسحاق وعن كل من يحدث عنه
(60 م) باب ما ذكر من رغبة الناس في اقتباس العلم من شعبة وتفضيلهم [إياه - 2] على غيره حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي نا عبد الله بن بشر الطالقاني البكزي قال سمعت عبد الملك الميموني قال سمعت خلفا المخرمي قال سمعت ابن علية يقولك كنا نرى عند حميد - يعني الطويل - وسليمان - يعني التيمي - وابن عون الرجل والرجلين فنأتي شعبة فنرى الناس عليه.
ثم قال [لي - 3] خلف: كان أصحاب الحديث يريدون حسن المعرفة بالرجال وبمعرفة الحديث وهكذا كان هذا المعنى بينا في شعبة إن شاء الله.
شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ
- شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ بْنِ وَرْدٍ من الأزد. مولى للأشاقر عتاقة. ويكنى أبا بسطام. وكان ثقة مأمونًا ثبتًا صاحب حديث حجة. وكان شعبة أكبر من الثوري بعشر سنين. أخبرنا الْمِنْهَالُ بْنُ عَمْرٍو الْقُشَيْرِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُولُ: وَاللَّهِ لأَنَا فِي الشِّعْرِ أَسْلَمُ مِنِّي فِي الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو قَطَنٍ عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ: قَالَ شُعْبَةُ: مَا أَنَا مُغْتَمٌّ عَلَى شَيْءٍ أَخَافُ أَنْ يُدْخِلَنِي النَّارَ غَيْرِهِ. يَعْنِي الْحَدِيثَ. أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: قَالَتْ لِي أُمِّي هَاهُنَا امْرَأَةٌ تُحَدِّثُ عَنْ عَائِشَةَ فَاذْهَبْ فَاسْمَعْ مِنْهَا. قَالَ: فَذَهَبْتُ إِلَيْهَا فَسَمِعْتُ مِنْهَا ثُمَّ قُلْتُ لَهَا: قَدْ سَمِعْتُ مِنْهَا. قَالَتْ: لا يَسْأَلُكَ اللَّهُ. قَالُوا: وَتُوُفِّيَ شُعْبَةُ بِالْبَصْرَةِ فِي أَوَّلِ سَنَةِ سِتِّينَ وَمِائَةٍ. وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً.

عبيد بن فيروز أبو الضحاك

عُبَيْد بْن فيروز أَبُو الضحاك مولى بَنِي شيبان
(1) ، سمع البراء رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، روى عَنْهُ سُلَيْمَان بْن عَبْد الرَّحْمَن 2، كناه يزيد وشعبة، وقال على ح روح حَدَّثَنَا أسامة بْن زيد: عَنْ عَمْرو بْن الْحَارِثِ عَنْ يَزِيدَ بْن أَبِي حبيب عَنْ عُبَيْد بْن فيروز عَنِ البراء رَضِيَ الله عَنْهُ، وقَالَ عَبْد الأعلى وأَحْمَد بْن خَالِد عَنِ ابْن إِسْحَاق: عَنْ يزيد بْن أَبِي حبيب عَنْ سُلَيْمَان بْن عَبْد الرَّحْمَن عَنْ عُبَيْد بْن فيروز، وقَالَ عثمان بْن عُمَر: ح ليث بن سعد ح سُلَيْمَان بْن عَبْد الرَّحْمَن: عَنِ القاسم مولى خالد بن يزيد ابن مُعَاوِيَة عَنْ عُبَيْد بْن فيروز، قَالَ عثمان فقلت لليث: فإن شُعْبَة يروي عَنْ سُلَيْمَان عَنْ عُبَيْد، فقَالَ: لا، إنما حَدَّثَنَا بِهِ سُلَيْمَان: عَنِ القاسم مولى خَالِد عَنْ عُبَيْد، قَالَ عثمان: قد حدثه لشُعْبَة وجعل مكَانَ الكسير
التى لاتنقى العجفاء، فقَالَ شُعْبَة: هكذا حفظته كما حدث به، وقال
عَبْد اللَّه: حَدَّثَنِي الليث عَنْ سُلَيْمَان بْن عَبْد الرَّحْمَن الدمشقي عَنْ عُبَيْد بْن فيروز عن البراء رضى الله عنه، وقال اسمعيل حدثنى مالك: عن عمرو ابن الحارث عَنْ عُبَيْد عَنِ البراء رَضِيَ اللَّهُ عنه وقال: العجفاء التى لا تنفى 1.
/ باب ق

الحارث بن عمرو

الحارث بن عمرو ويقال أبو بردة خال البراء ويقال عم البراء، وخاله أصح، والمعروف اسمه هانئ سمعت أبي يقول ذلك.
الحارث بْن عَمْرو
ويقال لَهُ: أَبُو بردة، خال البراء ويقال: عم البراء بْن عازب، وخال أصح، والمعروف اسم أَبِي بردة هانئ بْن نيار.
الحارث بْن عَمْرو
- الحارث بْن عَمْرو الهذلي وُلِدَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وروى عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب أحاديث منها كتابه إلى أَبِي مُوسَى الأشعري فِي الصّلاة. وقد روى أيضًا عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود وغيره. ومات الحارث بْن عَمْرو سَنَة سبعين.
الحارث بْن عَمْرو حديثه فِي أهل المدينة، حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فديك عن الحارث بن عمرو: عن
جَنَاحٍ مَوْلَى لَيْلَى (1) عَنْ عَائِشَةَ بِنْتَ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهَا: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا بَيْنَ مَسْجِدِي وَمُصَلايَ رَوْضَةٌ مِنْ رياض الجنة.
الْحَارِث بن عَمْرو بن أخي الْمُغيرَة بن شُعْبَة يروي عَن أَصْحَاب معَاذ روى عَنهُ أَبُو عون الثَّقَفِيّ
الحارث بْن عَمْرو بن أخي المغيرة بْن شُعْبَة.
سمعتُ ابن حماد يقول: قال البُخارِيّ الحارث بن عَمْرو بن أخي المغيرة بْن شُعْبَة، عَن أصحاب معاذ عَن معاذ روى عَنْهُ أَبُو عون لا يصح، ولاَ يعرف.
والحارث بْن عَمْرو، وَهو معروف بِهَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرَهُ البُخارِيّ عَن معاذ لما وجهه النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ إِلَى اليمن فذكره.
الحارث بن عمرو
ب د ع: الحارث بْن عمرو بْن ثعلبة بْن غنم بْن قتيبة بْن معن بْن مالك بْن أعصر الباهلي.
نسبه هكذا أَبُو أحمد العسكري، وقال ابن منده، وَأَبُو نعيم، وَأَبُو عمر: الحارث بْن عمرو الباهلي السهمي، ولم يذكر أَبُو أحمد في النسب الذي ساقه سهمًا، ومع هذا فقد ذكر في ترجمته أَنَّهُ سهمي، فدل ذلك عَلَى أَنَّهُ ترك شيئا، وكذلك جعله ابن أَبِي عاصم باهليا سهميا، ومما يقوي أَنَّهُ أسقط من النسب شيئا أن من صحب النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من باهلة، ثم من سهم يعدون إِلَى معن، الذي ولده من باهلة، ثمانية آباء، وأقلهم سبعة آباء، منهم: سلمان بْن ربيعة بْن يَزِيدَ بْن عمرو بْن سهم بْن نضلة بْن غنم بْن قتيبة بْن معن، فقد أسقط أَبُو أحمد عدة آباء، والله أعلم.
(256) أخبرنا أَبُو يَاسِرِ بْنُ أَبِي حَبَّةَ بِإِسْنَادِهِ، عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، حدثنا عَفَّانُ، حدثنا يَحْيَى هُوَ ابْنُ زُرَارَةَ هُوَ ابْنُ كَرِيمِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَمْرٍو، عن أَبِيهِ، عن جَدِّهِ الْحَارِثِ بْنِ عَمْرٍو: أَنَّهُ لَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ الْعَضْبَاءِ، فَقُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَغْفِرْ لِي، فَقَالَ: " غَفَرَ اللَّهُ لَكُمْ، ثُمَّ اسْتَدَرْتُ إِلَى الشِّقِّ الآخَرِ رَجَاءَ أَنْ يَخُصَّنِي، فَقُلْتُ: اسْتَغْفِرْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: غَفَرَ اللَّهُ لَكُمْ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الْفَرَائِعُ وَالْعَتَائِرُ؟ فَقَالَ: مَنْ شَاءَ فَرَّعَ، وَمَنْ شَاءَ لَمْ يَفْرِّعْ، وَمَنْ شَاءَ عَتَرَ، وَمَنْ شَاءَ لَمْ يَعْتِرْ، وَفِي الْغَنَمِ أُضْحِيَّتُهَا، ثُمَّ قَالَ: أَلا إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا.
رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، وَالْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَأَبُو سَلَمَةَ الْمُنَقِّرِيُّ، وَغَيْرُهُمْ، عن يَحْيَى بْنِ زُرَارَةَ.
أَخْرَجَهُ الثَّلاثَةُ.

اسيد بن حضير بن سماك بن عبيد

أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرِ بْنِ سِمَاكِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رَافِعِ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ مَالِكِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ الْأَشْهَلِ بْنِ جُشَمِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ الْأَوْسِ
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، نا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، نا الْحَجَّاجُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «تَوَضَّئُوا مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ وَلَا تَوَضَّئُوا مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ وَصَلُّوا فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ وَلَا تُصَلُّوا فِي مَبَارِكِ الْإِبِلِ»
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْقَزْوِينِيُّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، نا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ قَالَ كُنْتُ جَيِّدَ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ فَكُنْتُ أُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ فَغَشِيَنِي صَوْتٌ فَأُسْكِتُّ فَغَدَوْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: «تِلْكَ السَّكِينَةُ جَاءَتْ تَسْمَعُ لِقِرَاءَتِكَ» قَالَ ابْنُ قَانِعٍ: وَقَدْ رَوَى شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ أَنَّ أُسَيْدًا فَذَكَرَ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْخَضِيبُ نا عَفَّانُ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ

نفيع بن الحارث السبيعي

نفيع بْن الحارث السبيعي مولى لهم كوفي، يُكَنَّى أَبَا داود الأعمي.
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عِصْمَةَ، حَدَّثَنا أَحْمَد بْن أَبِي يَحْيى سَمِعْتُ يَحْيى بن مَعِين يقول أبو دَاوُد الأعمى نفيع ليس بشَيْءٍ
وسمعت أحمد بن حنبل يقول أَبُو دَاوُد الأعمى يَقُول: سَمعتُ العبادلة عَبد اللَّه بْن عَمْرو.
وابن عَبَّاس، وابن الزُّبَيْر لم يسمع منهم شَيئًا.
كتب إِلَى مُحَمد بْنُ الْحَسَنِ، حَدَّثَنا عَمْرو بْن عَلِيّ كَانَ يَحْيى، وَعَبد الرَّحْمَن لا يحدثان عن نفيع أبي دَاوُد.
وسمعت عَبد الرَّحْمَن يَقُول عن سُفيان، عَن إِسْمَاعِيل عن رجل، عَن أَنَس بْن مَالِك فَقَالَ لَهُ رجل هذا أَبُو دَاوُد قَالَ لم يسمه.
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنُ يُونُس، حَدَّثَنا الأثرم، حَدَّثَنا أحمد بن حنبل، حَدَّثَنا عفان (ح) وحدثنا ابْن حَمَّاد، حَدَّثني صَالِح، حَدَّثَنا علي سمعت عفان، حَدَّثَنا هَمَّامٌ قَالَ قَدِمَ عَلَيْنَا أَبُو داود فجعل يقول، حَدَّثَنا الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ فَقُلْنَا لِقَتَادَةَ إِنَّ أَبَا دَاوُدَ، حَدَّثَنا عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ فَقَالَ كذب إنما كَانَ ذلك سائلا يتكفف الناس قبل طاعون الجارف.
حَدَّثَنَا ابن حماد، حَدَّثَنا عباس، عَن يَحْيى، قَالَ رَأَى زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ أَبَا دَاوُدَ الأَعْمَى وَلَمْ يَكُنْ أَبُو دَاوُدَ ثِقَةً.
حَدَّثَنَا الساجي، أَخْبَرنا بن المثنى، حَدَّثَنا عفان، حَدَّثَنا هَمَّامٌ قَالَ قَدِمَ عَلَيْنَا أَبُو دَاوُد نفيع بْن الحارث الَّذِي روى إسماعيل بن أبي خالد عنه قال فجعل يقول، حَدَّثَنا البراء بن عازب وَحَدَّثنا زيد بْن أرقم فأتينا قَتَادَة فحدثناه عَنْهُ فَقَالَ كذاب إنما كَانَ هذا سائلا يتكفف الناس قبل طاعون الجارف.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْمَدَائِنِيُّ، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ عَبد اللَّهِ بن عَبد الحكم، حَدَّثَنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنُ أبي كامل الباوردي وكان ثقة من أصحاب الحديث، قَال: حَدَّثَنا يزيد، حَدَّثَنا همام قَالَ دخل أَبُو دَاوُد الأعمى على قَتَادَة فقيل لَهُ إن هذا يزعم أن الحسن أدرك سبعين بدريا فَقَالَ قَتَادَة إن هذا كَانَ سائلا أيام الجارف ما، حَدَّثَنا الحسن، عَن بدري مشافهة إلا أن يكون سعد بْن مَالِك.
سمعتُ ابْن حماد يقول: قَالَ البُخارِيّ أبو دَاوُد بقيع بْن الحارث الأعمى قاص يتكلمون فيه.
سمعتُ ابْن حَمَّاد يَقُول: قَالَ السعدي نفيع أَبُو دَاوُد كذاب يتناول قوما من
الصحابة فاسق.
وقال النسائي نفيع أبو داود متروك الحديث.
حَدَّثَنَا الساجي، حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبد الْجَبَّارِ، حَدَّثَنا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَن أَبِي دَاوُدَ، عَن أَنَس، قَال: قَال رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ غَنِيٍّ إلاَّ سَيَوَدُّ أَنَّهُ كَانَ أُوتِيَ فِي الدنيا قوتا.
حَدَّثَنَا أَبُو عَرُوبة الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ سَعِيد الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنا مخلد يعنى بن يزيد عن يُونُس يعنى بن أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ نُفَيْعِ بْنِ الْحَارِثِ، قَال: حَدَّثني أَبُو الْحَمْرَاءِ قَالَ رَابَطْتُ بِالْمَدِينَةِ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وسَلَّم قَال: فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ جَاءَ إِلَى بَابِ عَلِيٍّ وَفَاطِمَةٍ فَقَالَ الصَّلاةَ الصَّلاةَ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا.
قَالَ وَرَأَيْتُهُ مَرَّ بِرَجُلٍ وَمَعَهُ طَعَامٌ فِي وِعَاءٍ قَالَ فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ لصحابه لعلك غششتنا مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا.
قَالَ ولنفيع هذا أحاديث سوى ما ذكرت، وَهو فِي جملة الغالين بالكوفة