Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: داود بن يحيى بن يمان

داود بن يحيى بن يمان

داود بن يحيى بن يمان روى ( ك) عن أبيه روى عنه معاوية بن عمرو .
داود بن يحيى بن يمان
قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: قلت لــداود بن يحيى بن يمان: تحفظ هذا: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن قيس بن مسلم، عن
عطاء في الذي يحدث بعدما يرفع رأسه من السجود في آخر صلاته، فقال: إذا تشهد؟ قال داود: لا.
قال أبي: كان داود من أعلم الناس بحديث سفيان، وكان رجلًا صالحًا.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1828).

يحيى بن يمان ابو زكريا العجلي

يحيى بن يمَان أَبُو زَكَرِيَّا الْعجلِيّ روى عَنهُ سُفْيَان الثَّوْريّ وَشريك قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل لَيْسَ بِحجَّة فِي الحَدِيث وَقَالَ ابْن الْمَدِينِيّ تغير حفظه وَقَالَ يحيى وَالنَّسَائِيّ لَيْسَ بِالْقَوِيّ وَقَالَ مرّة كَانَ يضعف فِي آخر عمره وَقَالَ أَبُو دَاوُد يُخطئ فِي الحاديث ويقلبها
يَحْيَى بن يَمان، أبو زكريا العجلي :
من أنفسهم كوفي سَمِعَ سُفْيَان الثوري، وأشعث الْقُمي، ومعمر بْن راشد. رَوى عَنْهُ جماعة من أهل الكوفة وقدم بغداد وحدث بِها فروى عنه من أهلها مُحَمَّد بن عيسى بن الطبَّاع، ويَحْيَى بْن مَعِين، والْحَسَن بْن عرفة.
أخبرنا أبو الْحَسَن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الصّلت الأهوازي، أخبرنا محمّد ابن جعفر المطيري، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ الْيَمَانِ الْعِجْلِيُّ عَنْ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَرَجَ فِي سَفَرٍ أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ.
أَخْبَرَنِي أَبُو الفرج الطناجيري، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن زَيْد بْن عَلِيّ بْن مروان الأنصاريّ، أَخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن عقبة الشيباني، حَدَّثَنَا هارون بْن حاتم قَالَ:
سألتُ يَحْيَى بْن يمان. فقلتُ: يا أَبَا زكريا مَتَى وُلدت؟ قَالَ: سنة سبع عشرة ومائة.
أَخْبَرَنَا الْحَسَن بْن أَبِي بَكْر قَالَ: كتب إلي مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيمَ الجوري- من شيراز- يذكر أن عَبْد الله بْن أَحْمَد الهمداني حدثهم قَالَ: سمعتُ أَبَا حاتِم الرَّازِيّ يَقُولُ:
سمعتُ ابن الطباع يَقُولُ: كُنَّا ببغداد فقدمها الأشجعي ويحيى بْن يَمان فدعوناهما إلى البستان فأجابا، وحَمَلا معهما كُتبًا وانتخبنا عليهما.
أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الله المعدل، أخبرنا عثمان بن أحمد الدّقّاق، حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن عَمْرو الشيعي قَالَ: سمعتُ بشرًا- وهو ابن الحارث- يَقُولُ: كنت جالِسًا بين يدي يَحْيَى بْن يَمان قَالَ: فكنتُ أعجب من ثيابه وكان يعجب من ثيابي.
قَالَ بشر أخذتُ جوربًا فخطته ثُمَّ شددته- أي عَلَى عورته- لأنه لَم يكن تسترني ثيابي، وذكر كثرة رقاع فِي جبة يَحْيَى بْن يَمان قَالَ بشر: فمر إنسان عليه مرة، فقال ثيابك أحسن من ثيابي قَالَ بشر: أراد أن يقويني.
أخبرني الصيمري، حدثنا علي بن الحسن الرّازيّ، حدثنا محمّد بن الحسين الزّعفرانيّ، حدثنا أحمد بن زهير، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ عِمْرَانَ الأَخْنَسِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْن عَيَّاش وذكر يَحْيَى بْن يَمان فقال: ذاك راهب.
أَخْبَرَنِي الأزهري، حدثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر الخلال، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أحمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا جدي قَالَ: سمعتُ عَبْد الرَّحْمَن بْن عفان يَقُولُ: سمعتُ وكيع بْن الجراح يَقُولُ: ما كَانَ أحد من أصحابنا أحفظ للحديث من يَحْيَى بْن يَمان كَانَ يحفظُ فِي المجلس خمسمائة حديث ثُمَّ نَسِي، فلا أعلم بالكوفة أحدًا أحفظ من داود ابنه.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ التميمي- بدمشق- أخبرنا القاضي أبو بكر بن يوسف بن القاسم الميانجي، حَدَّثَنَا أبو بكر أحمد بن محمد بن حفص قال:
سمعتُ أَحْمَد بْن مُحَمَّد قَالَ: سمعتُ أَبَا هشام الرفاعي يَقُولُ: سمعتُ يَحْيَى بْن يَمان يَقُولُ: أحفظ عَن سُفْيَان أربعة آلاف حديث في التفسير.
أخبرنا ابن الفضل، أخبرنا دَعْلَجِ بْنِ أَحْمَدَ، أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الأبار، حَدَّثَنَا أَبُو هشام قَالَ: سمعتُ يَحْيَى بْن معين يَقُولُ: ما حملتُ إلى سُفْيَان ألواحًا قط، كنت أقوم من عنده بالسبعين ونحوها، ويقومون من عِنْدَ سُفْيَان فيطلبون إليّ فأملي عليهم، فذُكِرَ لوكيع قول يَحْيَى فقال: صدق، كَانَ إذا كتبها نسيها.
أخبرنا البرقانيّ، أخبرنا أحمد بن محمّد بن حسنويه، أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاريّ، حَدَّثَنَا سليمان بن الأشعث قَالَ: سمعت أحمد بن حنبل قال: قال وكيع:
وكُنَّا نعدها عِنْدَ سُفْيَان، ثُمَّ نكتب فِي البيت، وكان يَحْيَى بْن يَمان يَعقد خيطًا- يعني يعد بِهِ الحديث عَند سُفْيَان ثُمَّ يذهب إلى البيت فيحل عقدة ويكتبُ حديثًا، ولكن عنده تخليط. وقال مرة فأيش خلط- يعني ابن اليمان-.
وأَخْبَرَنَا البرقاني، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن خميرويه الهرويّ، أخبرنا الحسين بن إدريس، حدثنا محمّد بن عمّار قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْن يَمان- وقد أفلج- ولَمْ يكن يحَدَّثَنَا من كتاب إنّما كَانَ يُحَدّثنَا حفظًا ويحيى بْن يَمان لا يحتج به.
أخبرني علي بن محمّد المالكي، أخبرنا عبد الله بن عثمان الصّفّار، أخبرنا محمّد ابن عمران الصّيرفيّ، حدثنا عَبْد اللَّه بْن عليّ بْن عَبْد اللَّه الْمَدِينِيّ قَالَ: سألتُ أبي عَن يَحْيَى بْن اليمان فقال: صدوق وكان قد أفلج فتغير حفظه.
أَخْبَرَنِي عَبْد الله بْن يَحْيَى السّكّري، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الشَّافِعِيّ قَالَ: حدثنا جعفر بن محمّد بن الأزهر، حَدَّثَنَا ابن الغلابي قَالَ: قَالَ أبو زكريا يَحْيَى بْن معين:
رُبَّما عارضت أحاديث يَحْيَى بْن يَمان بأحاديث الناس، فما خالف ضربت عَلَيْهِ، وقد أتيت بحديثه وكيعًا. فقال وكيع: لَيْسَ هذا سُفْيَان الَّذِي سمعنا نحنُ منه، أنكَرَها جدًّا.
أخبرنا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يعقوب بْن سُفْيَان قَالَ: سألتُ ابن نُمير أن يُخرج إليّ حديث يَحْيَى بْن اليمان، فأخرج إليّ أجزاء، ثُمَّ رَأَيْته يتثاقل فقلتُ لَهُ: ما هذا؟ قَالَ: تخفف فإنّ حديثه لا يشبه حديث أصحابنا، يتوَّهم الشيء فيحدث بِهِ، وخاصة لما فُلج. فامتنعَ عَلَى أن يُخرج إلي بقية سماعه منه. قَالَ يعقوب:
وبلغني عَن يَحْيَى بْن معين قَالَ: قَالَ لي وكيع: إن كَانَ سُفْيَان الَّذِي يُحدث عَنْهُ يحيى ابن يَمان الَّذِي لقيناهُ نَحْنُ فليس هُوَ ذاك.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن مُحَمَّد الأشناني قَالَ: سمعت أبا الحسن الطرائفي يقول:
سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول: قلت ليحيى بْن معين فيحيى بْن يَمان؟ قَالَ:
أرجو أن يكون صدوقًا. قلتُ: كيف هُوَ فِي حديثه؟ قَالَ: لَيْسَ بالقوي.
أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن الحسين- صاحب العبّاسي- أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر الخلال، حَدَّثَنَا محمّد بن إسماعيل الفارسي، حدثنا بكر بن سهل، حَدَّثَنَا عَبْد الخالق بْن منصور قَالَ: سئل يحيى بن معين عن يحيى بن اليمان فقال: لَيْسَ بِهِ بأسٌ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بن رزق، أَخْبَرَنَا هبة الله بن محمد بن حبش الفرّاء أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بْن عُثْمَانَ بْن أَبِي شيبة قَالَ: سمعت يَحْيَى بن معين وذكر يَحْيَى بْن يمان فقال: كَانَ يُضعف فِي آخر عمره في حديثه.
أخبرني السكري، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الشَّافِعِيّ، حدثنا جعفر بن محمّد بن الأزهر، حَدَّثَنَا ابن الغلابي قَالَ: قَالَ أبو زكريا يَحْيَى بْن معين: يَحْيَى بْن اليمان ضعيف.
أَخْبَرَنِي أحمد بن عبد الله الأنماطي، أخبرنا محمّد بن المظفّر، أخبرنا علي بن أحمد بن سليمان المصري، حَدَّثَنَا أحمد بن سعد بن أبي مريم قَالَ: وسألته- يعني يَحْيَى بْن معين- عَن يَحْيَى بْن اليمان فقال: ضعيف الحديث.
أَخْبَرَنَا ابن رزق، أخبرنا عثمان بن أحمد الدّقّاق، حدثنا حنبل ابن إسحاق قَالَ:
سمعت أبا عبد الله يقول: ليس يحيى بن يمان حجة في الحديث.
أخبرنا الأزهري، أخبرنا عبد الرّحمن بن عمر، حدثنا محمد بن أحمد بن يعقوب قال: قَالَ جدي: ويحيى بْن يَمان كَانَ صدوقًا كثيرَ الحديث، وإنّما أنكرَ أصحابُنا عَلَيْهِ كثرة الغلَط، وليس بحجة إذا خُولِفَ، وهو من متقدمي أصحاب سُفْيَان فِي الكثرة عَنْهُ ويُعد من أصحاب سُفْيَان مَعَ أبي أَحْمَد الزبيري، ومؤمَّل بْن إِسْمَاعِيل وقبيصة بْن عُقبة، وَمُحَمَّد بْن يوسف الفريابي، ونُظرائِهم من المتأخرين. ويُعد فِي كثرة الرواية عَن سُفْيَان مَعَ الأشجعي والمتقدمين.
أخبرنا العتيقي، أخبرنا محمد بن عدي البصري- في كتابه- حدثنا أبو عبيد محمد بن علي الآجري قَالَ: سمعتُ أَبَا داود- وذكر يَحْيَى بْن يَمان- فقال: يُخطئ فِي الأحاديث ويقلبُها.
أخبرنا البرقانيّ، أخبرنا أحمد بن سعيد بن سعد، حدثنا عبد الكريم بن أحمد بن شعيب النّسائيّ، حَدَّثَنَا أبي قَالَ: يَحْيَى بْن اليمان لَيْسَ بالقوي.
أخبرنا البرقانيّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن أَحْمَدَ بْن مُحَمَّد الآدمي، حدثنا محمّد بن علي الإيادي، حدثنا زكريا بن يحيى الساجي قال: يحيى بْن يَمان ضعفَّه أَحْمَد بْن حنبل، قَالَ: حَدَّث عَن الثوري بعجائب لا أدري لم يزل هكذا أو تغير حين لقيناه أو لم يزل الخطأ فِي كتُبه، ورَوى من التفسير عَن الثوري عجائب.
أَخْبَرَنِي الطناجيري، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن زَيْد بْن عَلِيّ بْن مروان، أَخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن عقبة الشيباني، حَدَّثَنَا هارون بْن حاتِم قَالَ: ومات يَحْيَى بْن اليمان العجلي سنة ثَمان وثَمانين ومائة.
أخبرني ابن الفضل، أخبرنا دعلج، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن علي الأبار قَالَ: سألت أَبَا هشام فقال: مات ابن يَمان فِي سنة تسع وثمانين.
أَخْبَرَنَا جعفر الخُلْدي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الله بن سليمان الحضرمي قَالَ: مات أَبُو زكريا يَحْيَى بْن اليمان العجلي سنة تسع وثَمانين ومائة فِي رجب .

يحيى بن يمان العجلي أبو زكريا الكوفي

يحيى بن يمان العجلي، أبو زكريا الكوفي
قال صالح: سمعت أبي يقول: وكيع أثبت من يحيى بن يمان، يحيى مضطرب في بعض حديثه.
"مسائل صالح" (1087)

وقال صالح: قال أبي: يحيى بن يمان كان من أصحاب سفيان.
"مسائل صالح" (1238).

قال المروذي: قلت: يحيى بن يمان ومؤمل إذا اختلفا؟
قال: دع ذا، كأنه لين أمرهما، ثم قال: مؤمل كان يخطئ.
"العلل" رواية المروذي وغيره (53)

قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول، في حديث يحيى عن سفيان، عن قيس بن مسلم، عن إبراهيم {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} [النور: 31].
قال أبي: أخطأ يحيى بن يمان، إنما هو عن علقمة بن مرثد، عن إبراهيم.
"العلل" رواية عبد اللَّه (334)، (2905)
وقال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: في حديث يحيى بن يمان عن سفيان، عن أبي هاشم الواسطي، عن طاوس قال: لا يقطع الرأس حتى يرمى الإهاب. سمعت أبي يقول: أراه أبو هاشم المكي، وليس أرى هو الواسطي.
"العلل" رواية عبد اللَّه (335)

وقال عبد اللَّه: قلت لأبي: تحفظ عن ابن يمان عن سفيان، عن بيان، عن سعيد بن جبير {وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ} [البقرة: 191] قال: الشرك، فقال: هذا شبه الرؤيا.
"العلل" رواية عبد اللَّه (757)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن يمان، قال: سمعت سفيان ينهى عن الداذي (1) وينهى الصيادلة أن يبيعوه.
"العلل" رواية عبد اللَّه (2003)

قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل قال: قال وكيع: وكنا نعدها عن سفيان، ثم نكتب في البيت، وكان يحيى بن يمان يعقد خيطًا -يعني: يعد به الحديث- عند سفيان، ثم يذهب إلى البيت فيحل عقدة، ويكتب حديثا، ولكن عنده تخليطًا.
وقال مرة: فأيش خلط -يعني: ابن يمان.
"تاريخ بغداد" 14/ 122

قال حنبل بن إسحاق: قال أحمد بن حنبل: ليس بحجة في الحديث.
"تاريخ بغداد" 14/ 123، "تهذيب الكمال" 32/ 57
وقال زكريا بن يحيى الساجي: ضعفه أحمد بن حنبل، وقال: حدث عن الثوري بعجائب لا أدري لم يزل هكذا أو تغير حين لقيناه، أو لم يزل الخطأ في كتبه، وروى من التفسير عن الثوري عجائب.
"تهذيب الكمال" 32/ 57

يحيى بن يمان أبو زكريا العجلي

يَحْيَى بنُ يَمَانٍ أَبُو زَكَرِيَّا العِجْلِيُّ
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الصَّادِقُ، العَابِدُ، المُقْرِئُ، أَبُو زَكَرِيَّا العِجْلِيُّ، الكُوْفِيُّ.
رَوَى عَنْ: هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، وَالمِنْهَالِ بنِ خَلِيْفَةَ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ، وَجَمَاعَةٍ.
وَتَلاَ عَلَى: حَمْزَةَ الزَّيَّاتِ.
وَصَحِبَ الثَّوْرِيَّ، وَأَكْثَرَ عَنْهُ، وَكَانَ مِنَ العُلَمَاءِ العَامِلِيْنَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: وَلدُهُ؛ دَاوُدُ الحَافِظُ، وَبِشْرُ بنُ الحَارِثِ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، وَسُفْيَانُ بنُ وَكِيْعٍ، وَعَلِيُّ بنُ حَرْبٍ، وَالحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: صَدُوْقٌ، فُلِجَ، فَتَغَيَّرَ حِفظُهُ.
وَعَنْ وَكِيْعٍ، قَالَ: مَا كَانَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِنَا أَحْفَظَ لِلْحَدِيْثِ مِنْ يَحْيَى بنِ يَمَانٍ، كَانَ يَحفَظُ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ خَمْسَ مائَةِ حَدِيْثٍ، ثُمَّ نَسِيَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ: كَانَ سَرِيْعَ الحِفْظِ، سَرِيْعَ النِّسْيَانِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: لَيْسَ بِحُجَّةٍ.
قُلْتُ: قَدْ رَضِيَهُ مُسْلِمٌ.
وَقَدْ قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: أَرْجُو أَنْ يَكُوْنَ صَدُوقاً.
وَقَالَ مَرَّةً: ضَعِيْفٌ.
وَقَالَ مَرَّةً: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.قُلْتُ: حَدِيْثُه مِنْ قَبِيْلِ الحَسَنِ.
قَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: يُعَدُّ مَعَ الأَشْجَعِيِّ فِي الكَثْرَةِ عَنْ سُفْيَانَ، أَنْكَرُوا عَلَيْهِ كَثْرَةَ الغَلَطِ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَدْ ذَكَرَهُ: أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ، فَقَالَ: ذَاكَ رَاهِبٌ.
وَمَاتَ وَلدُهُ دَاوُد بنُ يَحْيَى: فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَمَائَتَيْنِ، قَبْلَ مَحَلِّ الرِّوَايَةِ.
رَوَى عَنْ أَبِيْهِ شَيْئاً يَسِيْراً.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ القَادِرِ، أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ البَنَّاءِ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ البُسْرِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الذَّهَبِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بنُ وَكِيْعٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ يَمَانٍ، عَنْ شَرِيْكٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ طَافَ بِالبَيْتِ خَمْسِيْنَ مَرَّةً، يَخْرُجُ مِنْ ذُنُوْبِهِ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ) .
أَخْرَجَهُ: التِّرْمِذِيُّ، عَنِ ابْنِ وَكِيْعٍ.

يحيى بن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن ميمون بن عبد الرحمن وميمون كشمين

يحيى بن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن ميمون بْن عَبْد الرَّحْمَن، وميمون يُلقب: كشمين- ويُكنَى يَحْيَى أَبَا زكريا الحمَّاني الْكُوفيّ. :
قدم بَغْدَاد وحدث بها عَن سُلَيْمَان بْن هلال، وإِبْرَاهِيم بْن سعد، وشريك بْن عَبْد اللَّه، وأبي عوانة، وحَمَّاد بْن زيد، وخالد بْن عَبْد الله، وقيس بْن الربيع، وَسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وأبي بَكْر بْن عيَّاش، وأبي خَالِد الأحمر، وجرير بْن عَبْد الحميد، وأبي إسرائيل الملائي، والحكم بْن ظُهير، ويحيى بْن يَمان، وهشام، ووكيع، وأبي مُعَاويَة. رَوَى عَنْهُ حمدان بْن علي الوراق، وَأَحْمَد بْن يَحْيَى الحلواني، وَمُحَمَّد بن عُبَيْد بْن أبي الأسد، وَموسى بْن هارون، وَأبو بَكْر بْن أَبِي الدُّنْيَا، وأبو قلابة الرقاشي، وعبد اللَّه بْن مُحَمَّد البغوي، وغيرهم.
أَخْبَرَنِي الْبَرْقَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بن محمّد الأدمي، حدثنا محمّد ابن علي الإيادي، حَدَّثَنَا زكريا الساجي قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن مُحَمَّد قَالَ: سمعتُ القعنبي يَقُولُ: رأيتُ رجلا طويلًا شابًا فِي مجلس ابْن عُيَيْنَة، فقال ابن عُيَيْنَة: من يسأل لأهل الكوفة؟ ثُمَّ قَالَ: أَيْنَ ابن الحماني؟ فقام. فقال: من أنت؟ فانتسب لَهُ فقال: نعم كَانَ أبوك جليسنا عِنْدَ مسعر فجعل يسأل.
وقال أَحْمَد: حدثنا الرمادي، حدثنا إِبْرَاهِيم بْن بشار قَالَ: رأيتُ عِنْدَ سُفْيَان بْن عُيَيْنَة جماعة من البصريين يتذاكرونَ الحديث، قَالَ فتحرك سُفْيَان للكوفية فسمعته يَقُولُ: أَيْنَ أصحابنا الكوفيون؟ أَيْنَ ابن آدم، أَيْنَ ابن عبد الحميد الحمّانيّ؟.
أخبرنا علي بن الحسين صاحب العبّاسي، أخبرنا عبد الرّحمن بن عمر، حدثنا محمّد بن إسماعيل الفارسي، حدثنا بكر بن سهل، حَدَّثَنَا عَبْد الخالق بْن منصور قَالَ: سئل يَحْيَى بْن معين أن ابن الحماني يزعم أن هذه الأحاديث التي يُحدث بِهَا ابن سليم، وضرار بْن صُرد إنّما سمعاها مني فقال يَحْيَى: صدق منه سمعاها.
أخبرنا الحسين بْن أَبِي بَكْر قَالَ: كتب إلينا مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الْجُوري يذكر أن عبدان بْن أَحْمَد بْن أبي صالِح الهمذاني حدثهم.
قَالَ: سمعتُ أَبَا حاتِم الرازي يَقُولُ: سَأَلْت يَحْيَى بْن معين عَن الحماني فأجمل القول فِيهِ. وقال: ماله؟ وكان يسرد مُسنده أربعة آلاف سردًا، وشَريك ثلاثة آلاف وخمسمائة كمثل. وذكر أَبُو حاتِم نحو عشرة آلاف، وقال كَانَ أحد المحدثين.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن مُحَمَّد الأشناني قَالَ: سمعت أحمد بن محمد بن عبدوس الطرائفي يقول: سمعت أبا عثمان بْن سعيد الدارمي يَقُول: سَمِعْتُ يَحْيَى بْن معين يَقُول: ابن الحماني صدوق مشهور. ما بالكوفة مثل ابن الحماني ما يُقال فِيهِ إلا من حسد. قَالَ أَبُو سَعِيد: وكان ابن الحماني شيخًا فِيهِ غفلة لم يكن يقدر أن يصون نفسه كما يفعل أصحاب الحديث، ربما يجيء رَجُل فيفتري عَلَيْهِ، وربما يلطمه.
أخبرنا الصيمري، حدثنا علي بن الحسن الرّازيّ، حدثنا محمّد بن الحسين الزّعفرانيّ، حَدَّثَنَا أحمد بن زهير قَالَ: سمعت يحيى بْن معين يَقُولُ: يَحْيَى بْن عَبْد الحميد الحماني ثقة، وما كَانَ بالكوفة فِي أيامه رَجُل يحفظ معه، وهَؤُلاءِ يحسدونه.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن رزق، أَخْبَرَنَا هبة الله بن محمد بن حبش الفرّاء، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بْن عُثْمَانَ بْن أَبِي شيبة قَالَ: سألتُ يَحْيَى بْن معين، عَن يَحْيَى بْن عَبْد الحميد فقال: ثقة. وكان أَبُوهُ عَبْد الحميد بْن عَبْد الرَّحْمَنِ ثقة.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد، أخبرنا محمّد بن العبّاس، أخبرنا أحمد بن سعيد ابن مرابا، حَدَّثَنَا عباس بن محمد قَالَ: سمعت يحيى يَقُولُ: أَبُو يَحْيَى الحماني وابنه ثقة. قَالَ عَبَّاس: ناظرناهُ فِي هذا غير مرة.
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عُثْمَانَ السواق قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَامِدِ بْنِ بِشْرٍ الرخجي، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن الجعد بْن الوشَّاء قَالَ: سمعتُ عباسًا الدوري يَقُولُ: سمعتُ يَحْيَى بْن معين يَقُولُ: أَبُو يَحْيَى الحماني ثقة، ويحيى ابن عَبْد الحميد الحماني ثقة. قَالَ عَبَّاس: لَمْ يزل يَحْيَى يَقُولُ هذا حتى مات.
أخبرني محمّد بن أحمد بن يعقوب، أخبرنا محمّد بن نعيم الضّبّيّ، أَخْبَرَنِي أَبُو النضر مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الفقيه. قَالَ: قَالَ صالِح بْن مُحَمَّد: سمعتُ يَحْيَى بْن معين- وسئل عَن يَحْيَى بْن عَبْد الحميد الحماني- فقال: «صاحب حديث صدوق» .
أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن الْحُسَيْن قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَن بن عمر، حدثنا محمّد بن إسماعيل الفارسي، حدثنا بكر بن سهل، حَدَّثَنَا عَبْد الخالق بْن منصور قَالَ: سئل يَحْيَى بْن معين عَن يَحْيَى بْن الحماني فقال: صدوق ثقة.
أَخْبَرَنَا عُبَيْد الله بْن عمر الواعظ، حدثنا أبي، حدثني عمر بن أبي السري الحافظ الْبَصْرِيّ قَالَ: سمعتُ عَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن منيع يَقُولُ: كُنَّا عَلَى باب يَحْيَى بْن عَبْد الحميد الحماني، فجاء يَحْيَى بْن معين عَلَى بغلته فسأله أصحاب الحديث- يعني أن يُحدثهم- فأبَى، وقال: جئتُ مسلمًا عَلَى أبي زكريا، فدخل ثُمَّ خرج، فسألوهُ عَنه.
فقال: ثقة ابن ثقة.
أخبرنا العتيقي، أَخْبَرَنَا يوسف بن أحمد الصيدلاني قَالَ: حَدَّثَنَا محمّد بن عمر العقيلي قَالَ: سمعتُ عَلِيّ بْن عَبْد العزيز يقول: سمعت يحيى بن عبد الحميد الحماني يَقُولُ لقوم غرباء فِي مجلسه: من أَيْنَ أنتم؟ فأخبروهُ ببلدهم، فقال: سمعتم ببلدكم أحدًا يتكلمُ فِيّ ويقول إني ضعيفٌ فِي الحديث؟ لا تسمعوا كلام أهل الكوفة فإنَّهم يحسدونني لأني أول من جمع المسند وقد تقدمتهم فِي غير شيء.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن علي المقرئ، أخبرنا أبو مسلم بن مهران، أخبرنا عبد المؤمن بن خلف النسفي قال: سمعت أَبَا عَلِيٍّ صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ يَقُولُ: سمعتُ أَحْمَد بْن يوسف السلمي يَقُولُ: سمعتُ علي بن الْمَدِينِيّ يَقُولُ: أدركتُ ثلاثةً يُحدثون بِما لا يَحْفَظونَ، يَحْيَى بْن عَبْد الحميد، وعبد الأعلى السامي، والمعتمر بْن سُليمان.
أَخْبَرَنَا ابن الفضل، أخبرنا جعفر بن محمد بن نصير الخلدي، حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي قَالَ: سألتُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ عَنْ يَحْيَى الحماني؟ فقال: هُوَ ثقة، هُوَ أكبر من هَؤُلَاءِ كلهم فاكتب عَنْهُ.
وسألتُ أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حنبل عَن يَحْيَى الحماني. قلت لَهُ: تعرفه، لك بِهِ علم؟ فقال أَحْمَد: كيف لا أعرفه؟ فقلتُ لَهُ: كَانَ ثقةً. فقال أَحْمَد: أنتم أعرف بمشايخكم.
وسألتُ يَحْيَى بْن معين عَن يَحْيَى الحماني فقال: ثقة.
أَخْبَرَنَا الْبَرْقَانِيُّ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي حَاتِمٍ مُحَمَّدِ بْن يعقوب الْهَرَويّ أخبركم مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن السامي قَالَ: وسُئِلَ أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حَنْبَل عَنْ يَحْيَى الحماني فسكتَ عَنْهُ فلم يَقُل شيئًا.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوب، أخبرنا محمّد بن نعيم الضّبّيّ، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ نوح، حدثنا البوشنجي محمّد بن إبراهيم، حدثنا يحيى ابن عبد الحميد، حدثنا أحمد بن حنبل.
قال البوشنجي: وحدثناه أحمد بن حنبل، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ بَيَانٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ بِالْهَاجِرَةِ فَقَالَ لَنَا: «أَبْرِدُوا بِالصَّلاةِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ» .
أَخْبَرَنَا ابْنُ رزق، أخبرنا عثمان بن أحمد، حَدَّثَنَا حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: قُلْتُ لأَبِي عبد الله- وقدمت من الكوفة- حدثنا يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بِحَدِيثِ إسحاق الأزرق، حديث بيان «أَبْرِدُوا بِالصَّلاةِ» فَقُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: إِنَّ ابْنَ الْحِمَّانِيِّ حَدَّثَنَا عَنْكَ بِهَذَا الْحَدِيثِ؟ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: مَا أَعْلَمُ أَنِّي حَدَّثْتُهُ، وَلا أَدْرِي لَعَلَّهُ عَلَى الْمُذَاكَرَةِ حَفِظَهُ، وَأَنْكَرَ أن يكون حدثه به.
أخبرنا البرقانيّ، أَخْبَرَنَا الْحُسَيْن بْن عَلِيّ التميمي، حَدَّثَنَا أَبُو عوانة يَعْقُوب بْن إِسْحَاق الإسفراييني، حَدَّثَنَا أَبُو بكر المروزيّ قَالَ: وَذَكَرَ- يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ- الْحِمَّانِيُّ، فَقُلْتُ: إِنَّهُ رَوَى عَنْكَ حَدِيث إِسْحَاق الأزرق حديث المغيرة بْن شُعْبَة «أَبْرِدُوا بِالصَّلاةِ» وزعم أَنَّهُ سمعه عَلَى باب ابن علية؟ فأنكرَ أن يكون سمعه وقال: لَيْسَ من ذا شيء. قلت: إنه ادَّعى أن هذا عَلَى المذاكرة فقال: وأنا علمت فِي أيام إِسْمَاعِيل أن هذا عندي- يعني إنَّما أخرجته بأخَرَة- وقال: قولوا لهارون الحمّال يضرب عَلَى حديث الحماني.
أخبرنا العتيقي، أخبرنا محمد بن عدي البصري- في كتابه- حدثنا أبو عبيد محمد بن علي الآجري قَالَ: سمعتُ أَبَا داود يَقُولُ: حَدَّث يَحْيَى بْن عَبْد الحميد عَن أَحْمَد بْن حنبل بِحديث إِسْحَاق الأزرق عَن شريك عَن بيان حديث المغيرة بْن شُعْبَة، فأنكره أَحْمَد وقال: ما حدثته بِهِ فقال يَحْيَى: حَدَّثَنَا أَحْمَد على باب إسماعيل بن
عُليَّة. فقال أَحْمَد: ما سمعناهُ من إِسْحَاق إلا بعد موت إِسْمَاعِيل، يعني حديث المواقيت. وَقَالَ أَبُو عُبَيْد: سمعتُ أَبَا داود يَقُولُ: كَانَ حافظًا.
وسألتُ أَحْمَد بْن حنبل عَنْهُ قال: ألم ترَهُ؟ قلت: بلى، قَالَ: إنك إذا رَأَيْته عرفته.
أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عبد الله المعدل، أخبرنا أبو علي بن الصواف، حَدَّثَنَا عبد اللَّه بْن أَحْمَد قَالَ: سمعت أبي ذكر ابن الحمّانيّ فقال: وقد كَانَ كتبَ وطلبَ، لو اقتصرَ عَلَى ما سَمِعَ.
أَخْبَرَنَا ابْنُ رزق، أخبرنا إسماعيل بن علي الخطبي، أخبرنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ: قُلْتُ لأَبِي: إِنَّ ابْنَيْ أَبِي شَيْبَةَ ذَكَرُوا أَنَّهُمْ يَقْدَمُونَ بَغْدَادَ فَمَا تَرَى فِيهِمْ؟ فقال: قد جاء ابن الحمّانيّ إلى هاهنا فَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ، وَكَانَ يكذب جهارا، ابْن أَبِي شَيْبَةَ عَلَى حَالٍ يَصْدُقُ.
قُلْتُ لأَبِي: إِنَّ ابْنَ الْحِمَّانِيِّ حَدَّثَ عَنْكَ عَنْ إِسْحَاقَ الأَزْرَقِ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ بَيَانٍ عَنْ قَيْسٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَبْرِدُوا بِالصَّلاةِ» ؟
فَقَالَ: كَذَبَ مَا حَدَّثْتُهُ بِهِ. فَقُلْتُ: حَكَوْا عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ قَدْ سَمِعْتُهُ مِنْهُ فِي الْمُذَاكَرَةِ عَلَى باب إسماعيل بن عُلَيَّةَ. فَقَالَ: كَذَبَ، إِنَّمَا سَمِعْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ إِسْحَاقَ، أَنَا لَمْ أَعْلَمْ تِلْكَ الأَيَّامَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ غَرِيبٌ، حَتَّى سَأَلُونِي عَنْهُ هؤلاء الشباب- أو هؤلاء الأحداث- قال: أي وَقْتَ الْتَقَيْنَا عَلَى بَابِ ابْنِ عُلَيَّةَ؟ إِنَّمَا كنا نتذاكر الفقه والأبواب، قال: أي كَانَ وَقَعَ إِلَيْنَا كِتَابُ إِسْحَاقَ الأَزْرَقِ فَانْتَخَبْتُ مِنْهُ هَذَا الْحَدِيثَ. قُلْتُ لأَبِي: أَخْبَرَنِي رَجُلٌ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ الْحِمَّانِيِّ يُحَدِّثُ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ
[الشورى 39] قَالَ:
كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يُسْتَذَلُّوا. فَقَالَ رَجُلٌ: هَذَا الْحَدِيثُ فِي كُتُبِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ شريك عن الحكم البصري عن منصور فقال ابْنُ الْحِمَّانِيِّ: حَدَّثَنَاهُ شَرِيكٌ عَنِ الْحَكَمِ الْبَصْرِيِّ عَنْ مَنْصُورٍ فَقَالَ أَبِي: مَا كَانَ أَجْرَأَهُ، هَذِهِ جُرْأَةٌ شَدِيدَةٌ. وَقَالَ: مَا زِلْنَا نَعْرِفُهُ أَنَّهُ يَسْرِقُ الأَحَادِيثَ أَوْ يلتقطها أَوْ يَتَلَقَّفُهَا قَالَ: وسمعت أبي مرة أخرى وذكر ابن الحماني فقال: قد طلب وسمع، ولو اقتصر على ما سمع لكان له فِيهِ كفاية. قَالَ أَبُو عَبْد الرَّحْمَن وهذا أحسن ما سَمِعْتُ من أبي فِيهِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو حَازِمٍ عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَبْدَوِيُّ- بِنَيْسَابُورَ- أخبرنا أبو أحمد محمّد بن
أحمد بن القاسم العبديّ- بجرجان- حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سَهْلٍ الدَّقَّاقُ قَالَ: قُلْتُ لعبد الله ابن أَحْمَدَ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ تَرَكَ حَدِيثَ الْحِمَّانِيِّ من أجل الحديث الذي ادعى أنه سمع مِنْهُ عَنْ إِسْحَاقَ الأَزْرَقِ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ بَيَانٍ عَنْ قَيْسٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَبْرِدُوا بِالظُّهْرِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ» .
حَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ أَبُو عَمْرٍو، حدثنا الحمّانيّ، حدثنا أحمد بن حنبل، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ قَالَ الْحِمَّانِيُّ. سَمِعْتُهُ مِنْهُ عَلَى بَابِ هُشَيْمٍ. فَقَالَ أَحْمَدُ: مَا حَدَّثْتُ به الحمّانيّ ولا سمعه مني ولا سألني عَنْ شَيْءٍ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: لَيْسَ الْعِلَّةُ هَذَا فِي تَرْكِ حَدِيثِهِ وَكَذِبِهِ، ولكن حدث عن قريش بن حبان عَنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الأَظْفَارِ، وقريش بن حبان مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ الْحِمَّانِيُّ الْبَصْرَةَ وَإِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ وَكِيعٍ عَنْ قُرَيْشٍ.
أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيم بن عمر البرمكي، أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَلَفِ الدّقّاق، حدثنا عمر بن محمّد الجوهريّ، حَدَّثَنَا أَبُو بكر الأثرم قَالَ: قلت لأبي عَبْد الله: ما تقولُ فِي ابن الحماني؟ فقال: ليس هو واحدا ولا اثنين ولا ثلاثة ولا أربعة يحكون عَنْهُ، ثُمَّ قَالَ: الأمرُ فِيهِ أعظم من ذاك. وحمل عَلَيْهِ حملا شديدًا فِي أمر الحديث.
أَخْبَرَنَا بشرى بن عبد الله الرومي، أخبرنا أحمد بن جعفر بن حمدان، حدثنا محمّد ابن جعفر الرّاشدي، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر الأثرم قَالَ: قَالَ لي أَبُو عَبْد الله: الحديث الَّذِي كَانَ أَبُو الهيثم يرويه عَن سُفيان بْن حسين عَن يَعْلَى بْن مُسْلِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عن أبي: لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ
[البقرة 226] رأيته في كتب عبد الله ابن مُوسَى؟ فقلتُ: لا، فقال: قد رواهُ يَحْيَى بن إسماعيل ذاك الواسطيّ عن عبّاد وعَن سُفْيَان بْن حُسين لَيْسَ فِيهِ أُبي أوْقَفَهُ عَلَى ابن عَبَّاس. قلت لأبي عَبْد الله :
فإن ابن الحماني يرويه فنفض يده نفضة شديدة ثُمَّ قَالَ: ابن الحماني الآن لَيْسَ عليه قياس. أمر ذلك عظيم- أو كما قَالَ- إلا أَنَّهُ قَالَ: ابن الحماني الآن لَيْسَ عَلَيْهِ قياس . ثُمَّ قَالَ: سُبحان الَّذِي يسترُ من يشاء، ورأيتُه شديد الغيظ عليه.
أخبرنا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يعقوب بن سفيان قال: وأما
الحماني فإن أَحْمَد بْن حنبل سيئ الرأي فِيهِ، وأبو عَبْد الله مُتحرٍّ فِي مذهبه، مذهبه أَحْمَد من مذهب غيره .
أَخْبَرَنَا البرقاني قَالَ: أَخْبَرَنَا محمد بن عبد الله بن خميرويه، أخبرنا الحسين بْن إدريس قَالَ: سمعت ابْن عمار يقول: ويَحْيَى بْن عَبْد الحميد الحماني قد سقط حديثه. قيل: فما عليه؟ قَالَ: لَم يكن لأهل الكوفة حديثٌ جيد غريب، ولا لأهل المدينة، ولا لأهل بلد حديث جيد غريب إلا رواهُ، فهذا يكون هكذا؟
أخبرني محمّد بن أحمد بن يعقوب، أَخْبَرَنَا محمد بن نعيم قال: سمعت أبا يَحْيَى أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن صالِح السمرقندي- بنيسابور- يَقُولُ: سمعتُ أَبَا الْعَبَّاس أَحْمَد بْن سَعِيد بْن مَسْعُود الْمَرْوَزِيّ يَقُولُ: سمعتُ أبي يَقُول: سمعتُ عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن السمرقندي يَقُولُ: قدمتُ الكوفة فنزلت بالقرب من يحيى الحمّانيّ فذاكرته بأحاديث سمعتها بالبصرة من أحاديث سُلَيْمَان بْن بلال، وكان يستغربها ويقول: ما سمعتُ هذا من سُلَيْمَان، ثُمَّ أردتُ الخروج إلى الشام فأودعت كتبي وختمت عليها، فلما انصرفت وجدت الخواتم قد كُسرت. فقلتُ: ما شأن هذه الكتب وهذه الخواتيم؟ فقال: ما أدري. ووجدت تِلْكَ الأحاديث التي كنت ذاكرته بِهَا عَن سُلَيْمَان بْن بلال قد أدخلها فِي مصنفاته، فقلتُ لَهُ: سمعتُ من سُليمان بْن بلال؟ قَالَ: نعم! أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن طلحة المقرئ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يزيد الفارسي، أخبرنا محمد بن محمد بن داود الكرجي، حدثنا عبد الرّحمن بن يوسف ابن خراش، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يَحْيَى عَن عَبْد الله بْن عَبْد الرَّحْمَن السمرقندي قَالَ:
أودعتُ يَحْيَى الحماني كُتُبي وكان فيها حديث خَالِد الواسطي عَن عمرو بْن عون، وفيها حديث سُلَيْمَان بْن بلال عَن يَحْيَى بْن حسان، وكنتُ قد سَمِعْتُ منه المسند ولَمْ يكن فِيهِ من حديث خَالِد وسليمان حديث واحد، فقدمتُ فإذا كتبي عَلَى خلاف ما تركتها عنده، وإذا قد نسخ حديث خَالِد وسُليمان ووضعه فِي المسند. قَالَ مُحَمَّد بْن يَحْيَى: ما أستحل الرواية عَنْهُ. وقال الرمادي: هُوَ عندي أوثق من أبي بَكْر ابن أبي شيبة، وما يتكلمون فِيهِ إلا من الحسد.
أَخْبَرَنَا العتيقي، أخبرنا يوسف بن أحمد الصيدلاني- بمكة- حدثنا محمّد بن
عمرو بن موسى العقيلي، حَدَّثَنَا سُلَيْمَان بْن داود القطان- بالري- قَالَ: سمعتُ عَبْد الله بْن عَبْد الرَّحْمَن السمرقندي يَقُولُ: قدمتُ الكوفة حاجًّا فأودعتُ يَحْيَى بْن عَبْد الحميد كُتُبًا لي وخرجتُ إلى مكة، فلما رجعت من الحاج أتيته فطلبتها منه فجحدني وأنكر، فوقفت بِهِ فلم ينفع ذَلِكَ فصايحته واجتمعَ الناس علينا، فقام إليّ ورَّاقه فأخذ بيدي فنحَّاني وقال لي: إن أمسكت تخلَّصت لك الكتب، فأمسكت فإذا الوراق قد جاءني بالكتب وكانت مشدودة فِي خرقة ولبد، فإذا الشد مُتغيرٌ، فنظرت في الأخرى فإذا فيها علامات بالحمرة ولم يكن نظر فيها أحد، وإذا أكثر العلامات عَلَى حديث مروان الطاطري عَن سُلَيْمَان بْن بلال وعبد العزيز بن محمّد الدراوردي، فافتقدت منها جزءين.
أَخْبَرَنَا أبو حازم عمر بن أحمد العبدوي قَالَ: سمعتُ أَبَا عمرو مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الفاني يَقُولُ: سمعتُ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن خُزيمة يَقُول: سمعتُ مُحَمَّد بْن يَحْيَى- وذكر يَحْيَى بْن عَبْد الحميد الحماني- فقال: ذهبَ كالأمس الذاهب.
وفيما ذَكَرَ لَنَا أَبُو بَكْرٍ الْبَرْقَانِيُّ أَنَّ يَعْقُوبَ بْنَ مُوسَى الأَرْدُبِيلِيَّ حَدَّثَهُمْ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بن طاهر بن النجم، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَمْرو البرذعي قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْن يَحْيَى النيسابوري أخذتُ كتاب قيس من يَحْيَى الحماني فرأيتُ عَلَى ظهره شيئًا مضروبًا عَلَيْهِ. قَالَ مُحَمَّد بْن يَحْيَى: فبلغني أنَّهُ كَانَ كتاب مُحَمَّد بْن الصلت، وأنه كَانَ ضَرب عَلَى اسمه.
أَخْبَرَنَا القاضي أَبُو العلاء الواسطيّ، أَخْبَرَنَا أبو أحمد الحسين بن علي التميمي أَنَّهُ سَمِعَ مُحَمَّد بْن المسيب يَقُولُ: سمعتُ مُحَمَّد بْن يَحْيَى يَقُولُ: اضربوا عَلَى حديث يَحْيَى بْن عَبْد الحميد الحماني ستة أقلام.
قرأت على البرقاني، عن أبي إسحاق المزكي قال: حدثنا محمّد بن يحيى بْن إِسْحَاق السراج قَالَ: سمعت أبا يَحْيَى- يعني مُحَمَّد بْن عَبْد الرحيم- يَقُولُ: كُنَّا إذا قعدنا إلى الحماني تبيّن لنا منه بلايا.
أخبرنا العتيقي، أخبرنا يوسف بن أحمد الصيدلاني، حدثنا محمّد بن عمرو العقيلي، حدَّثَنِي أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن صدقة قَالَ: سمعتُ زياد بْن أيوب دلويه.
وأَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن عُمَر الدَّاوُدِيُّ، أخبرنا محمّد بن العبّاس بن الفرات، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الشَّافِعِيّ قَالَ: سمعتُ أَبَا شيخ الأصبهاني يَقُولُ:
سمعتُ دلويه يَقُولُ: سمعتُ يَحْيَى بْن عَبْد الحميد يَقُولُ: كَانَ مُعَاويَة. وفي حديث العتيقي: مات مُعَاويَة عَلَى غير ملة الْإسْلَام. وزاد الداودي قَالَ دلويه: كذب عدو الله.
حَدَّثَنَا عبد العزيز بن أحمد الكتاني، حدثنا عبد الوهّاب بن جعفر الميداني، حَدَّثَنَا عبد الجبار بن عبد الصمد السلمي، حدثنا القاسم بن عيسى العصار، حدثنا إبراهيم ابن يعقوب الجوزجاني قَالَ: يَحْيَى بْن عَبْد الحميد ساقط مُتَلوِّن، تُرِكَ حديثه فلا يَنْبعث.
أَخْبَرَنَا البرقانيّ، أخبرنا أحمد بن سعيد بن سعد، حدثنا عبد الكريم بن أحمد بن شعيب النّسائيّ، حدثنا أبي قال: ابن عبد الحميد الحمّانيّ ضعيف.
أخبرنا ابن رزق، أخبرنا أحمد بن إسحاق بن وهب البندار، حدثنا أبو غالب علي ابن أَحْمَد بْن النضر قَالَ: ومات يَحْيَى الحماني فِي سنة خمس وعشرين.
قلت: هذا القول خطأ، وَالصواب ما:
أَخْبَرَنَا يوسف بْن رباح البصريّ، أخبرنا أحمد بن محمد بن إسماعيل المهندس- بمصر- حَدَّثَنَا أَبُو بشر الدولابي قَالَ: قَالَ أَبُو عُبَيْد الله مُعَاويَة بْن صالِح: تُوُفِّيَ يَحْيَى الحماني سنة ثَمان وعشرين ومائتين.
أَخْبَرَنَا ابن الفضل، أخبرنا جعفر بن محمد بن نصير الخلدي، حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي قَالَ: ومات يَحْيَى بْن عَبْد الحميد الْحِمَّاني- وكان لا يخضب فِي رمضان من سنة ثَمان وعشرين ومائتين بالعَسْكر.
أَخْبَرَنَا العتيقي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن المظفر الحافظ قَالَ: قَالَ عَبْد الله بْن مُحَمَّد البغوي: ومات يَحْيَى بْن عَبْد الحميد الحماني بسر من رأى فِي شهر رمضان سنة ثَمان وعشرين، وكان أول من مات بسامرا من المحدثين الذين أقدموا، وكان لا يخضب، وقد كتبتُ عَنْهُ.

يحيى بن يمان العجلي الكوفي أبو زكريا

يحيى بن يمان العجلي الكوفي أبو زكريا
عن إسماعيل بن أبي خالد وسفيان الثوري وغيرهما وعنه إسحاق بن إبراهيم وأبو بكر بن أبي شيبة ومحمد
بن العلاء وغيرهم أثبته بن حبان في الثقات وقال وكيع لم يكن أحد من أصحابنا أحفظ للحديث منه كان يحفظ في المجلس خمسمائة حديث ثم نسي ولا أعلم بالكوفة أحدا أحفظ من ابنه داود وقال علي بن المديني صدوق إلا أنه تغير حفظه
وقال الذهبي في كاشفه فلج فساء حفظه وقال أحمد بن حنبل حدث عن الثوري بعجائب لا أدري هل ترك لهذا أو تغير لقيناه لم يزل الخطأ في كتبه روى له البخاري في كتاب الأدب ومسلم في صحيحه وأبو داود والنسائي وابن ماجة وتوفي سنة تسع وثمانين ومائة
الكنى.

سفيان الثوري

ومن العلماء الجهابدة النقاد بالكوفة سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري أبو [عبد الله - 1]
وهو ثور بن عبد مناة بن اد بن طانحة باب ما ذكر من علم سفيان الثوري وفقهه حدثنا عبد الرحمن (16 ك) نا حماد بن الحسن (2) بن عنبسة نا إسحاق بن الصباح الأسدي (3) قال سمعت أبا الحارث يقول سمعت سفيان بن عيينة يقول: ما رأيت رجلا أعلم بالحلال والحرام من سفيان الثوري.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا أحمد بن عبد الله بن يونس قال ذكر سفيان الثوري عند زائدة فقال: ذلك أعلم الناس في أنفسنا.
حدثنا عبد الرحمن أنا العباس بن الوليد بن مزيد قراءة عليه قال أخبرني أبي عن الأوزاعي أنه كتب إلى عبد الله (4) بن يزيد: بلغني كتابك تذكر دروسا من العلم وذهاب العلماء، وإن كنت لم تعرف ذهاب العلماء الا في عاملك هذا فقد أغفلت النظر فأنه قد أسرع بهم منذ حين
وذهب بقاياهم منذ أعوام من كل جند وأفق فلم يبق منهم رجل واحد يجتمع عليه العامة بالرضا والصحة إلا ما كان من رجل واحد بالكوفة.
قال عباس: يعني الثوري.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن علي بن سعيد النسائي نا محمد بن علي ابن الحسن بن شقيق قال سمعت أبي قال عبد الله - يعني ابن المبارك: لا أعلم على وجه الأرض أعلم من سفيان الثوري.
حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ نا أحمد بن سنان الواسطي قال سمعت وكيعا وحدث عن شعبة عن الحكم وحماد في باب - ثم قال: أيما أفقه عندكم الحكم وحماد أو سفيان؟ فسكت الناس فلم يجبه أحد، فقال: كان سفيان بحرا.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن خالد أبو هارون الخراز نا مقاتل بن محمد: يحكى عن الوليد بن مسلم قال: رأيت الثوري بمكة يستفتى ولما يخط وجهه بعد.
حدثنا عبد الرحمن ثنا أبي ثنا الحسن بن الربيع قال سمعت ابن المبارك قال: ما رأيت أحدا خيرا من سفيان.
حدثنا عبد الرحمن نا عبد الملك بن أبي عبد الرحمن المقرئ قال سمعت عبد الرحمن - يعني ابن الحكم بن بشير - قال: كان نوفل - يعني ابن مطهر - يحكي عن ابن المبارك قال: ما رأيت مثل سفيان.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن سعيد المقرئ قال سمعت عبد الرحمن
- يعني ابن الحكم بن بشير - يذكر عن نوفل قال قال ابن المبارك: ما رأيت مثل سفيان، كأنه خلق لهذا الشأن.
حدثنا عبد الرحمن [نا - 1] عبد الملك قال وسمعت عبد الرحمن *
يعني ابن الحكم - يقول: ما سمعت بعد التابعين بمثل سفيان.
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن الهسنجاني قال سمعت نعيم ابن حماد يقول: سمعت ابن وهب يقول: ما رأيت مثل سفيان الثوري.
حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ نا محمد بن يحيى أنا محمد قال سمعت ابن المبارك قال: كنت إذا اعياني الشئ أتيت سفيان أساله فكأنما أغتمسه من بحر.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي - يعني ابن المديني - قال سألت يحيى يعني - ابن سعيد - فلت: أيما أحب إليك رأى مالك أو رأى سفيان؟ قال سفيان لا نشك في هذا، ثم قال يحيى: وسفيان فوق مالك في كل شئ.
حدثنا عبد الرحمن نا سهل بن بحر العسكري نا محمد بن عبد الحميد نا مطرف بن مازن قال قال لنا معمر لما بلغه أن سفيان قادم عليهم اليمن قال لنا معمر: أنه قد قدم عليكم محدث العرب.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن مسلم نا الحسن بن الربيع عن ابن المبارك قال: ما نعت لي أحد فرأيته إلا وجدته دون نعته إلا سفيان الثوري.
حدثنا عبد الرحمن أخبرنا أبي نا احمد بن ابراهيم الدورقي حدثي محمد بن كثير الصنعاني عن أبي إسحاق الفزاري قال قال الأوزاعي:
إنما بقى هذان الرجلان - يعني ابن عون وسفيان.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا إسماعيل بن مسلمة القعنبي حدثني محمد بن المعتمر بن سليمان قال قلت لأبي: من فقيه العرب؟ قال سفيان الثوري.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو سعيد الأشج نا أحمد بن حميد سمعت
ابن إدريس يقول: ما رأيت بالكوفة أحدا أود إني في مسلاخه إلا سفيان الثوري.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو سعيد الأشج قال سمعت أبا داود الحفري وسأله رجل عن سفيان والحسن بن صالح ففضل سفيان على الحسن.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن مسلم قال سمعت الفريابي يقول: سألت ابن عيينة عن مسألة فأجابني فيها فقلت: خالفك فيها الثوري فقال لا ترى بعينك مثل سفيان أبدا.
حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي نا ابن أبي رزمه أنا أبو أسامة قال: من أخبرك أنه نظر بعينه (1) إلى مثل سفيان الثوري فلا تصدقه.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل قال قال أبي قال سفيان بن عيينة لن ترى بعينك مثل سفيان حتى تموت قال أبي: هو كما قال.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن أحمد بن البراء قال قال علي ابن المديني: أصحاب عبد الله - يعني ابن مسعود: ستة الذين يقرءون ويفتون ومن بعدهم أربعة ومن بعد هؤلاء سفيان الثوري كان يذهب مذهبهم ويفتى بفتواهم وكان أعلم الناس بأبي إسحاق (2) والأعمش بحديثهم وطريقتهم.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا شهاب بن عباد قال سمعت هشام الصيدناني قال سمعت الحسن بن صالح قال كنا في حلقة (18 د) ابن ابي ليلى (17 ك) فتذاكروا مسألة وطلع سفيان الثوري فقال: ألقوها عليه، قال حسن فجاء فجلس قريبا مني فأجاب فيها فأصاب [فيها - 3] فسمعته يحمد الله عزوجل فيما بينه وبين نفسه، قال حسن: فكنت أراه يطلبه بنية يعني العلم.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن حمويه بن الحسن قال سمعت أبا طالب أحمد بن حميد قال قال أبو عبد الله بن حنبل قال: دخل على مالك الأوزاعي وسفيان فلما خرجا من عنده قال: أحدهما أكثر علما من صاحبه ولا يصلح للإمامة، والآخر يصلح للإمامة.
قلت لأبي عبد الله فالذي عني مالك أنه أعلم الرجلين هو سفيان؟ قال، نعم.
قال أبو عبد الله: أجل، سفيان أوسعهما علما.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يحيى أنا محمد بن المنهال قال سمعت يزيد - يعني - ابن زريع - قال: وكان سفيان راويا (1) مفتيا.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي أخبرني قطبة بن العلاء قال سمعت سفيان الثوري يقول: أنا في هذا الحديث منذ ستين سنة.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن منصور الرمادي ثنا الأخنسي - يعني أحمد بن عمران - قال سمعت يحيى بن يمان يقول: ما رأينا مثل سفيان ولا رأى سفيان مثله، كان سفيان في الحديث أمير المؤمنين.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن منصور الرمادي نا عثمان بن أبي شيبة قال سمعت ابن إدريس قال قال لي ابن أبي ذئب: ما رأيت رجلا من أهل العراق يشبه ثوريكم هذا.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن منصور نا مسدد قال سمعت ابن داود - يعني الخريبي - قال سمعت ابن أبي ذئب - وذكر سفيان - فقال: لم يأتنا من هذه الناحية أحد يشبهه.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن أحمد بن البراء قال علي ابن المديني: نظرت فإذا الإسناد يدور على ستة، الزهري وعمرو بن دينار وقتادة
ويحيى بن أبي كثير وأبو إسحاق والأعمش: ثم صار علم هؤلاء الستة من أهل الكوفة إلى سفيان الثوري.
[باب - 1] ما ذكر من براعة فهم سفيان الثوري وفطنته وفراسته
حدثنا عبد الرحمن نا أبو سعيد بن يحيى القطان حدثني عبيد الله ابن عمر القوايري قال سمعت يحيى بن سعيد يقول كنا على باب إسماعيل ابن أبي خالد فقال - يعني سفيان - يا يحيى تعال حتى أحدثك عنه بعشرة أحاديث لم تسمعها، فسرد ثمانية كأنه قد علم إني لم أسمعها.
حدثنا عبد الرحمن ثنا أبو سليم الجبيلي قال سمعت الفريابي يقول رأينا سفيان الثوري بالكوفة وكان جماعة من أهل الحديث ننزل في دار فلما حضرت صلاة الظهر دلونا له دلوا من بئر في الدار فإذا الماء متغير فقال ما بال مائكم هذا؟ قلنا هو كذا منذ نزلنا هذه الدار، فقال ادلوا
دلوا من بئر الدار التي قبليكم، فإذا ماء أبيض، ثم قال ادلوا دلوا من بئر الدار، اتى شرقيكم، فإذا ماء أبيض، ثم قال ادلوا دلوا من بئر الدار التي شأمكم، فإذا ماء أبيض، فقال ادلوا دلوا من بئر الدار التي غربكم، فإذا ماء أبيض، فقال إن لبئركم هذه لشأنا، فحفرنا فأصبنا عرق كنيف ينز فيه فقال لنا منذ كم نزلتم هذه الدار؟ فقلنا أربع سنين، فأمرنا بإعادة صلاة أربع سنين فيها ركعتا الفجر وركعتان بعد الغروب والوتر.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان قال قال أبو معاوية لقيني سفيان الثوري بعد موت الأعمش فقال لي كيف أنت يا محمد؟ كيف حالك؟ ثم قال لي: سمعت من الأعمش كذا؟ قلت: لا، قال: فسمعت
منه كذا؟ قلت: لا، فجعل يحدثني بأحاديث كأنه علم إني لم أسمعها [سفيان الثوري - 1] .
حدثنا عبد الرحمن نا أبي قال سمعت حسن بن الربيع قال سمعت محمد بن السماك قال نظر إلي سفيان الثوري فتفرس في فقال: ما أراك تموت حتى تصير قاصا.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا محمد بن عيسى ابن الطباع قال قال عبد الرحمن بن مهدي كنت أذاكر سفيان الثوري بحديث حماد ابن زيد ولا أسميه فإذا جاءه حماد بن زيد سأله عن تلك الأحاديث فجعل يتعجب (2) من فطنته.

باب ما ذكر من تخوف الثوري على نفسه
من العلم أن لا يسلم منه حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت عبد الرحمن يقول سمعت سفيان يقول: ما من عملي شئ أنا أخوف منه من هذا - يعني الحديث.
حدثنا عبد الرحمن نا عبد الله بن محمد بن عمرو الغزي (3) قال سمعت الفريابي وقبيصة يقولان سمعنا سفيان يقول: وددت أني نجوت من هذا العلم كفانا لالي ولا علي.
حدثنا عبد الرحمن نا عبد الله بن محمد بن عمرو قال سمعت قبيصة
قال سمعت سفيان بعد ذلك يقول: وما على الرجل أن يكون هذا العلم من كلامه.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا أبو عمر عيسى بن محمد النحاس الرملي قال قال ضمرة سمعت سفيان الثوري يقول (18 ك) : وددت إني أنفلت من هذا الامر لالي ولا علي، أنا اليوم اطلب العلم، فهذا لاي شئ هو؟.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا علي بن ميسرة نا الحسن بن الحكيم الناجي (1) قال سمعت ابن عيينة يقول قال سفيان الثوري: قد ألقى الينا من هذا الامر شئ فوددت إني أصبت من ألقى إليه.
قال
أبو محمد يعني العلم.
حدثنا عبد الرحمن نا حجاج بن حمزة نا عبد الرحمن بن مصعب المعنى قال سمعت سفيان يقول: لو لم اعلم كان اقل لحزني.
(19 د) حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا شهاب بن عباد قال سمعت أبا غسان قال قيل للحسن بن صالح أن سفيان يقول: ليتني لم أسمع من هذا العلم بشئ (2) قال الحسن: ولو لم؟ قال أبو محمد كانوا يتخوفون من افضل اعمالهم.

باب ما ذكر من حفظ الثوري وإتقانه حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا أبو بكر بن أبي شيبة قال سمعت يحيى
ابن سعيد القطان يقول: ما رأيت أحدا أحفظ من سفيان الثوري، قلت له - أو قيل له - ثم من؟ قال ثم شعبة، قيل ثم من؟ قال ثم هشيم (1) .
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان قال سمعت عبد الرحمن - يعني ابن مهدي - يقول قدمت على سفيان بن عيينة فجعل يسألني عن المحدثين فقال: ما بالعراق أحد يحفظ الحديث إلا سفيان الثوري.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي قال: كان وهيب يقدم سفيان في الحفظ - يعني على مالك.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يحيى أنا يوسف بن موسى التستري قال سمعت أبا داود يقول سمعت شعبة يقول: إذا خالفني سفيان في حديث فالحديث حديثه.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت يحيى بن سعيد يقول: ليس أحد أحب إلي من شعبة ولا يعدله أحد عندي، وإذا خالفه سفيان أخذت بقول سفيان.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو عبد الله الطهراني أنا عبد الرزاق قال كان سفيان يقول: ما استودعت قلبي شيئا قط فخانه (2) .
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان الواسطي قال سمعت عبد الرحمن ابن مهدي يقول ما (3) رأيت سفيان لشئ من حديثه أحفظ منه لحديث الأعمش.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي حدثني أبو بكر بن أبي عتاب الأعين قال سمعت أحمد بن حنبل وقلت: من أحب الناس إليك في حديث
الأعمش؟ قال: سفيان، قلت شعبة؟ قال: سفيان.
حدثنا عبد الرحمن أنا أبو بكر بن أبي خيثمة فيما كتب إلي قال سمعت يحيى بن معين يقول: لم يكن أحد أعلم بحديث الأعمش من الثوري.
حدثنا عبد الرحمن أنا أبو بكر بن أبي خيثمة فيما كتب إلي قال
سمعت يحيى بن معين يقول: لم يكن أحد أعلم بحديث أبي إسحاق من الثوري، ولم يكن أحد أعلم بحديث منصور من سفيان الثوري.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن إبراهيم نا عمرو بن علي قال سمعت (1) أبا معاوية يقول: كان سفيان يأتيني ههنا فيذاكرني حديث الأعمش فما رأيت أحدا أعلم بحديث الأعمش منه.
حدثنا عبد الرحمن سمعت أبي يقول: أحفظ أصحاب الأعمش (2) الثوري.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان الواسطي قال سمعت عبد الرحمن ابن مهدي يقول لما حدث سفيان عن حماد عن عمرو بن عطية التيمي عن سلمان قال: إذا حكمت جسدك فلا تمسحه ببزاق فأنه ليس بطهور، قلت له هذا حماد يروى عن ربعي بن حراش عن سلمان، قال: من يقول ذا؟ قلت: حدثنا حماد بن سلمة، قال امضه، قلت: حدثنا شعبة، قال: امضه، قلت: حدثنا هشام الدستوائي، قال: هشام؟ قلت نعم، فأطرق هنيهة ثم قال: امضه، سمعت حمادا يحدثه (3) عن عمرو (4)
ابن عطية عن سلمان.
قال عبد الرحمن فمكثت زما نا أحمل الخطأ على سفيان، نظرت في كتاب غندر (1) عن شعبة فإذا هو عن حماد عن ربعي بن حراش عن سلمان، قال شعبة: وقد قال حماد مرة: عن
عمرو بن عطية التيمي عن سلمان.
فعلمت ان سفيان إذا حفظ الشئ (2) لم يبال من خالفه.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان سمعت عبد الرحمن - يعني ابن مهدي - يقول: ربما كنا (3) عند سفيان فكأنه قد أوقف للحساب فلا نجترئ نسأله عن شئ، فنعرض له بذكر الحديث فإذا جاء [به - 4] الحديث ذهب ذلك الخشوع فإنما هو: حدثنا، حدثنا.
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن الهسنجاني ثنا يحيى بن أيوب الزاهد نا معاذ بن معاذ قال قال يحيى بن سعيد القطان: كان سفيان الثوري ما شئت من صلاة وقراءة فإذا جاء الحديث (19 ك) فكأنه ليس الذي [كان - 5] .
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سلمة النيسابوري نا محمد بن أبان - يعني البلخي الوكيعي - قال سمعت وكيعا يقول: ذكر شعبة حديثا عن أبي إسحاق، فقال رجل: إن سفيان خالفك فيه فقال: دعوه، سفيان أحفظ مني.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت معاذا - يعني ابن معاذ - وقيل له: أي أصحاب أبي
إسحاق أثبت؟ قال: شعبة وسفيان، ثم سكت.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن حمويه بن الحسن قال سمعت أبا طالب قال قال أبو عبد الله - يعني أحمد بن حنبل -: سفيان أحفظ للإسناد وأسماء الرجال من شعبة.
حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي عن إسحاق بن منصور عن يحيى ابن معين أنه قال: سفيان الثوري ثقة.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول: سفيان فقيه حافظ زاهد، إمام أهل العراق، وأتقن أصحاب أبي إسحاق، وهو أحفظ من شعبة، وإذا اختلف الثوري وشعبة فالثوري.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن منصور (20 د) الرمادي نا احمد ابن عمران الأخنسي نا الوليد بن عقبة الشيباني قال قيل لسفيان بن سعيد: لو جلست لنا مجلسا، وذاك قبل خروجه إلى البصرة - فاستقبل القبلة ثم ابتدأ، فكتبت بيدي ثلثمائة حديث.
حدثنا عبد الرحمن سمعت أبا زرعة يقول: أثبت أصحاب ابي اسحاق الثوري وشعبة واسراءيل، ومن بينهم الثوري أحب إلي، كان الثوري أحفظ من شعبة في إسناد الحديث وفي متنه.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي - يعني ابن المديني - قال قال يحيى قال لي سفيان بعد ثماني عشرة سنة أو تسع عشرة سنة في حديث عمرو بن مرة: هذا أليس قد حدثتك به مرة؟.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن احمد نا علي ابن المديني قال سمعت يحيى يقول: سألت سفيان عن حديث عاصم قول ابن عباس في المرتدة، فأنكره وقال: ليس من حديثي.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي [ابن المديني - 1] قال سمعت يحيى يقول: كان سفيان إذا حدثني بالحديث فلم يتقنه قال: لا تكتبه.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت عبد الرحمن - يعني ابن مهدي - قال سألت سفيان قلت حدثنا شعبة عن الأعمش عن مسروق في المحرم يتزوج، قال: لعلك وهمت على شعبة، قلت إن جرير بن حازم يروى عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الله، قال دع جريرا إنما حدثني الأعمش ومنصور عن مسلم عن مسروق: سحتجم المحرم ولا يحتجم الصائم.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت عبد الرحمن - يعني ابن مهدي - قال سألت سفيان عن حديث الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله قال: لا يزال الرجل في فسحة من دينه ما لم يسفك دما حراما.
فأنكر أن يكون عن أبي وائل، وقال: إنما سمعه من عبد الملك بن عمير أنا ذهبت به إليه.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يحيى (2) أنا محمود بن غيلان نا أبو داود الطيالسي عن شعبة قال: ما حدثني أحد عن شيخ إلا وإذا سألته - يعني ذلك الشيخ - يأتي بخلاف ما حدث عنه ما خلا سفيان الثوري فأنه لم يحدثني عن شيخ إلا وإذا سألته وجدته على ما قال سفيان.
حدثنا عبد الرحمن نا إسماعيل بن أبي الحارث (3) نا أحمد - يعني ابن حنبل عن يحيى بن بكير (4) قال سمعت شعبة يقول: ما حدثني سفيان
عن إنسان بحديث فسألته عنه الا كان كما حدثي.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سلمة نا محمد بن أبان - يعني البلخي قال سمعت وكيعا يقول قال شعبة: ما أطرف لي - يعني ما أعطاني طرف حديث عن شيخ فسألت الشيخ إلا وجدته كما قال سفيان.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو سعيد الأشج سمعت (1) عقبة - يعني ابن خالد - قال كنت عنه عبيد الله فلما تفرق أصحاب الحديث انقحم سفيان الثوري وانقحمت معه فسأله عن سبعين حديثا ما كتب منها شيئا وأخرجت ألواحا معي نحو من ذراع فلم يفتني منها شئ فما صبر أن قال: إنما قلب أحدهم ألواحه.
حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي نا ابن أبي رزمه نا (2) الفضل ابن موسى قال سمعت عبد الله بن المبارك يقول: تبا لمن خالف سفيان الثوري في الحديث وان كان محقا.

باب ما ذكر من جودة أخذ سفيان للحديث حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي - يعني ابن
المديني - قال سمعت عبد الرحمن - يعني ابن مهدي - قال: كنت مع سفيان عند عكرمة فجعل يوقفه على كل حديث على السماع.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد نا علي قال سمعت عبد الرحمن قال: شهدت سفيان عند العمري فجعل يوقفه في كل حديث توقيفا شديدا.
باب ما ذكر من تزكية الثوري لمن أجمل القول في السلف حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا عثمان بن مطيع حدثني عبد العزيز بن أبي عثمان قال أصيب سفيان بن سعيد (20 ك) بأخ له يسمى عمر وكان مقدما فلما سووا عليه قبره قال: رحمك الله يا أخي إن كنت لسليم الصدر للسلف، وإن كنت لتحب أن تخفى علمك - اي لا تحب الرياسة.

باب ما ذكر من معرفة سفيان الثوري برواة الأخبار وناقلة الآثار وكلامه فيهم حدثنا عبد الرحمن نا صالح بناحمد بن حنبل ثنا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت يحيى بن سعيد يقول سألت سفيان عن حديث حماد عن إبراهيم في الرجل يتزوج المجوسية، فجعل لا يحدثني به مطلني (1) به أياما ثم قال: إنما حدثني به جابر - يعني الجعفي - عن حمال، ما ترجو به منه
قال أبو محمد كأنه لم يرض جابرا الجعفي.
حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ نا صالح بن أحمد نا علي - يعني ابن المديني - قال سَأَلْتُ (2) يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ عَنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ (إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ كَسْبُكُمْ) قَالَ لِي سُفْيَانُ: هَذَا وَهْمٌ.
قَالَ يَحْيَى وَقَدْ حَمَلْتُهُ عَنْهُ، وَهُوَ عِنْدِي هَكَذَا كَمَا قَالَ
سُفْيَانُ، وَهْمٌ.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: كان سفيان يعجب من حفظ عبد الملك.
قال صالح قلت لأبي هو عبد الملك بن عمير؟ قال: نعم.
قال أبو محمد فذكرته لأبي فقال: هذا وهم، إنما هو عبد الملك بن أبي سليمان، وعبد الملك بن عمير لم يوصف بالحفظ.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي سمعت عبد الرحمن بن مهدي قال قال سفيان بن سعيد: لم أر ههنا شيخا مثل هذا - يعني سلام بن مسكين.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت (1) عبد الرحمن ابن مهدي قال سمعت سفيان وذكر منصورا [يوما - 2] فقال: ربما حدث عن رجلين عن إبراهيم.
كأنه يقول لا يرسل شيئا.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد نا علي قال سمعت عبد الرحمن ابن مهدي قال (3) أخبرني سفيان بحديث زهير عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب عن عمر أنه قال: للفارس سهمان فأنكره.
(21 د) حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت عبد الرحمن يقول أخبرني الحسين (4) بن عياش قال كنا تاتي سفيان إذا سمعنا من الأعمش فنعرضها عليه بالعشي فيقول: هذا من حديثه، وليس هذا من حديثه، (5) .
حدثنا عبد الرحمن نا حماد بن الحسن بن عنبسة ثنا أبو داود عن زائدة قال كنا نأتي الأعمش فيحدثنا فيكثر ونأتي سفيان الثوري فنذكر تلك الأحاديث له فيقول: ليس هذا من حديث الأعمش، فنقول هو حدثنا به الساعة فيقول: اذهبوا فقولوا له إن شئتم، فنأتي الأعمش فنخبره بذلك فيقول: صدق سفيان ليس هذا من حديثنا.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت عبد الرحمن - يعني ابن مهدي - يقول حدثت (1) سفيان احاديث اسراءيل عن عبد الأعلى عن ابن الحنفية، (2) قال: كانت من كتاب [قلت - 3] يعني أنها ليست بسماع.
حدثنا عبد الرحمن، نا صالح، نا علي قال سمعت عبد الرحمن - يعني ابن مهدي - قال روى شعبة عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله، وعن الأعمش عن إبراهيم عن مسروق عن عبد الله - في رجل طلق امرأته مائة، قال عبد الرحمن فذكرت لسفيان فأنكره وقال: إنما هو منصور والأعمش جميعا عن إبراهيم عن علقمة - يعني عن عبد الله.
حدثنا عبد الرحمن [نا صالح - 4] نا علي قال سمعت عبد الرحمن قال سألت سفيان عن حديث عاصم عن علي وعبد الله في المتلاعنين، فأنكره وقال: لو كان هذا عن عاصم.
قال أبو محمد ذكرته لأبي فقال هذا حديث رواه قيس بن الربيع عن عاصم - عن زر عن علي،
وعن عاصم عن أبي وائل عن عبد الله في المتلاعنين فأنكر الثوري ذلك وهو كما قال الثوري منكر.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد نا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول قال لي سفيان: إن الأعمش لم يسمع حديث إبراهيم عن النبي صلى الله عليه وسلم في الضحك في الصلاة.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت ابن داود قال سمعت سفيان يقول: فقهاؤنا ابن شبرمة وابن أبي ليلى.
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن الهسنجاني حدثني أخي عبد الله أنا أبو بكر بن أبي الأسود أنا عبد الرحمن بن مهدي قال: كان سفيان يقدم سعيد بن جبير على إبراهيم - يعني النخعي.
[حدثنا محمد بن مسلم وعبد الله بن أبي عبد الرحمن قالا ثنا عبد الرحمن بن الحكم ثنا نوفل - يعني ابن مطهر - عن ابن المبارك عن سفيان قال: حفاظ الناس ثلاثة إسماعيل بن أبي خالد وعبد الملك بن أبي سليمان العرزمي ويحيى بن سعيد الأنصاري، وحفاظ البصريين ثلاثة سليمان التيمي وعاصم الأحول وداود بن أبي هند وكان عاصم أحفظهم.
حدثنا سلمة بن كهيل وكان ركنا من الأركان - وشد قبضته، وحدثنا حبيب بن أبي ثابت وكان دعامة - أو كلمة شبهها - 1] .
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن الهسنجاني نا أخي عبد الله بن الحسن أنا عبد الرزاق عن ابن عيبنة قال قال لي سفيان الثوري: رأيت منصورا وعبد الكريم الجزري وأيوب السختياني وعمرو بن دينار؟
هؤلاء الأعين الذين لا يشك فيهم.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا علي بن محمد الطنافسي قال سألت وكيعا عن حديث ليث بن أبي سليم فقال: كان سفيان لا يسمى ليثا.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا علي بن ميسرة نا صالح بن أبي خالد
قال قلت لعثمان بن زائدة: إلى من أجلس بعدك؟ قال: ما أعرف أحدا.
قال فأعدت عليه فقلت الله الله، فقال: تأدب بأبي حفص الفارسي، وليس هو بصاحب حديث.
قال عثمان بن زائدة (21 ك) وقلت لسفيان: إلى من أجلس بعدك؟ فأطرق ساعة ثم قال: ما أعرف أحدا.
فقلت الله الله، أو كما قلت، قال: لا عليك إن تكتب الحديث من ثلاثة من زائدة بن قدامة وأبي بكر بن عياش وابن عيينة.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يحيى أنا يحيى بن مغيرة قال قال جرير: كان سفيان إذا أصاب في الباب حديث منصور بدأ به قبل الناس.
حدثنا عبد الرحمن أنا أحمد بن سليمان الرهاوي فيما كتب إلي قال سمعت زيد بن الحباب يقول سمعت سفيان الثوري يقول: عجبا لمن يروى عن الكلبي فذكرته لأبي وقلت له: إن الثوري يروى عن الكلبي، قال: لا يقصد الرواية عنه ويحكي حكاية تعجبا فيعلقه من حضره ويجعلونه رواية عنه.
حدثنا عبد الرحمن نا عمر بن شبة نا أبو عاصم النبيل قال زعم لي سفيان الثوري قال قال لنا الكلبي: ما حدثت عني عن أبي صالح عن ابن عباس فهو كذب فلا تروه.
حدثنا عبد الرحمن أنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني فيما كتب
إلي قال سمعت علي بن الحسن بن شقيق يقول قال عبد الله - يعني ابن المبارك - سئل سفيان بن سعيد عن ثور بن يزيد الشامي فقال: خذوا عنه واتقوا قرنيه - يعني أنه كان قدريا.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن عثمان بن حكيم قال سمعت أبا نعيم
قال سمعت سفيان يقول: إذا قال جابر حدثنا وأخبرنا فذلك.
(1) حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا أبو غسان التستري قال سمعت أبا داود قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول سمعت سفيان الثوري يقول: كان جابر ورعا في الحديث ما رأيت أورع في الحديث من جابر.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن إبراهيم بن شعيب (22 د) نا عمرو ابن علي قال قال عبد الرحمن - يعني ابن مهدي - قال سفيان: كان إبراهيم بن مهاجر لا بأس به.
حدثنا عبد الرحمن أنا أبو بكر بن أبي خيثمة فيما كتب إلي ثنا المثنى ابن معاذ بن معاذ نا بشر بن المغضل قال لقيت سفيان الثوري بمكة فقال: ما خلفت بعدي بالكوفة آمن على الحديث من منصور بن المعتمر.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا عبد العزيز بن الخطاب الكوفي بالبصرة قال سألت عبد الله بن داود: ما كان أبو الجحاف عند سفيان؟ فقال: كان يوثقه ويعظمه.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت يحيى [يعني - 2] القطان - قال قال سفيان: شعبة يروى عن داود بن يزيد الأودي؟ تعجبا منه.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي حدثني سليمان بن عبد الجبار قال سمعت عبد الله بن داود الخريبي قال قال سفيان الثوري كنا إذا اختلفنا
في شئ سألنا مسعرا عنه.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي قال سمعت محمد بن كثير العبدي يقول كنت عند سفيان الثوري فذكر حديثا فقال رجل حدثني فلان بغير هذا، فقال، من هو؟ قال: أبو حنيفة، قال: أحلتني على غير ملئ.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي حدثني عبد الله بن عمران نا أبو داود قال ذكر سفيان لشعبة حديثا لقتادة فقال سفيان: وكان في الدنيا مثل قتادة؟.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو هارون محمد بن خالد الخراز قال سمعت عبد الصمد المقرئ يقول دخل الرازيون على الثوري فسألوه الحديث فقال: أليس عندكم الأزرق؟ يعني عمرو بن أبي قيس - قال عبد الصمد: وكان أزرق.
حدثنا عبد الرحمن نا النضر بن هشام الأصبهاني سمعت الحسين ابن حفص قال قال سفيان: أخرج إليكم كتاب خير رجل بالكوفة، قلنا يخرج كتاب منصور، فأخرج كتاب محمد بن سوقة.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي قال سمعت أحمد بن يونس قال سمعت الثوري وذكر المعافي بن عمران فقال: ياقوتة العلماء.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد نا علي - يعني ابن المديني - قال ذكرت ليحيى بن سعيد حديث أبي إسحاق عن علي بن ربيعة، قال لا أراه سمعه من علي بن ربيعة، ثم قال يحيى: كان سفيان يوهنه (1) .
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال قلت ليحيى: كان سفيان
يوثقه؟ يعني جبله بن سحيم - فقال برأسه، أي نعم.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن منصور الرمادي ثنا عبد الرزاق قال قيل للثوري مالك لم ترتحل إلى الزهري؟ قال: لم تكن عندي دراهم ولكن قد كفانا معمر (1) الزهري، وكفانا ابن جريج عطاء.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي ثنا إبراهيم بن موسى أخبرني مهران - يعني ابن أبي عمر العطار - قال كنت مع سفيان الثوري في المسجد الحرام فمر عبد الوهاب بن مجاهد فقال سفيان: هذا كذاب.
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن الهسنجاني نا أحمد بن حنبل نا مؤمل بن إسماعيل نا سفيان نا عبد الملك بن أبي بشير قال سفيان: وكان شيخ صدق (2) .
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت يحيى ذكر واقدا مولى زيد بن خليدة فقال، أثنى سفيان عليه خيرا.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت يحيى بن سعيد يقول حدثني سعيد بن عبيد بن مسلم - جار ليحيى - عن عمرو بن الوليد الأغضف قال كنت جالسا مع سفيان فقال حدثني البري (3) عن منصور عن أبي وائل عن عبد الله في المسح على الخفين، فقال: كذب [ثم قال: كذب - 4] .
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سألت يحيى: حديث مهدي ابن ميمون (22 ك) عن واصل عن أبي وائل قال أتينا عبد الله قبل طلوع الشمس؟ فقال يحيى قال سفيان: ليس هذا عن أبي وائل.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن سعيد المقرئ الرازي ثنا عبد الرحمن ابن الحكم بن بشير يقول سمعت شيخا يحدث أبي قال قلت لسفيان الثوري: مالك لا تحدث عن أبان بن أبي عياش؟ أو مالك قليل الحديث عن أبان؟ قال: كان أبان نسيا للحديث.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن سعيد المقرئ سمعت عبد الرحمن - يعني ابن الحكم بن بشير بن سلمان - يذكر عن مهران قال مر عبد الوهاب - يعني ابن مجاهد - فسألت سفيان عنه فأعرض عني بوجهه.
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن الهسنجاني نا إبراهيم بن موسى قال قال [لي - 1] ابن مسهر قال لي الثوري: من أحفظ من رأيت؟ قلت: الأعمش، فذكر الثوري اربعه، منهم إسماعيل بن أبي خالد.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يحيى أخبرني يوسف بن موسى التستري قال سمعت أبا داود - يعني الطيالسي - يقول سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول سمعت سفيان الثوري يقول: ما رأيت أورع من جابر الجعفي في الحديث.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يحيى أنا محمود بن غيلان نا أبو داود عن وكيع قال قال سفيان: ما رأيت رجلا أورع [في الحديث - 1] من جابر الجعفي ولا منصور.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يحيى أخبرني زنيج - يعني محمد بن عمرو
الطيالسي - قال سمعت يحيى بن الضريس يقول: كان سفيان الثوري يدل على زائدة بن قدامة في كتاب الحديث.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يحيى نا يحيى بن المغيرة قال قال جرير: لم يكن أحد يجترئ أن يرد على منصور الحديث إلا سفيان وزائدة وأنا.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنِي عُقْبَةُ بْنُ قَبِيصَةَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ سُفْيَانَ فِي النَّوْمِ فَقَالَ: غَلَطَ عَلَيَّ أَبُو الْحُسَيْنِ - يَعْنِي زَيْدَ بْنَ الْحُبَابِ - فِي حَدِيثِ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابن عباس (23 د) أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ الله عَنْهُ لَبَّى حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، فَقُلْتُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَنْتَ حَدَّثْتَنَا عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَبَّى حَتَّى رَمَى الْجَمْرَةَ، وَعَنْ هِلالِ بْنِ خَبَّابٍ (1) عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - 2] أَنَّ عُمَرَ لَبَّى حَتَّى رَمَى الْجَمْرَةَ.
فَقَالَ: عَرَفْتَ فَالْزَمْ عَرَفْتَ فَالْزَمْ.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يحيى أخبرني عبيد بن يعيش نا خلاد ابن يزيد الجعفي قال جاءني سفيان بن سعيد [إلى ههنا - 3] قال: عمرو بن شيمر هذا أكثر عن جابر وما رأيته عنده قط.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن إبراهيم بن شعيب نا عمرو بن علي قال سمعت سفيان بن زياد يقول ليحيى في حديث أشعث بن أبي
الشعثاء عن زيد (4) بن معاوية العبسي عن علقمة عن عبد الله (ختامه
مسك) فقال يا أبا سعيد خالف أربعة، قال من؟ قال: زائدة وابو الاحوص واسراءيل وشريك، فقال يحيى: لو كانوا أربعة آلاف مثل هؤلاء كان سفيان أثبت منهم.
وسمعت سفيان بن زياد يسأل عبد الرحمن عن هذا فقال عبد الرحمن: هؤلاء أربعة قد اجتمعوا وسفيان أثبت منهم، والإنصاف لا بأس به.
حدثنا عبد الرحمن نا عبد الملك بن أبي عبد الرحمن نا عبد الرحمن - يعني ابن الحكم بن بشير - نا وكيع قال: كان سفيان لا يعجبه هؤلاء الذين يفسرون السورة من أولها إلى آخرها مثل الكلبي.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن سعيد المقرئ قال سمعت عبد الرحمن ابن الحكم يذكر عن وكيع قال: كان سفيان يصحح تفسير ابن ابي بحيح، ويعجبه من التفسير ما كان حرفا حرفا - ثم ذكر باقي الحديث نحو ذلك.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا علي بن اسحاق السمرقندي ونعيم ابن حماد قالا نا عبد الله - يعنيان ابن المبارك - أنا سفيان قال: أخبرني
نهشل بن مجمع الضبي وكان مرضيا (1) .
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت عبد الرحمن - يعني ابن مهدي - يقول قال سفيان، يحدثون عن حبيب بن أبي ثابت عن عاصم ابن ضمرة عن علي أنه صلى وهو على غير وضوء قال يعيد ولا يعيدون، ما سمعت حبيبا يحدث عن عاصم بن ضمرة حديثا قط.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت يحيى بن سعيد القطان قال قال لي سفيان: هات
كتبك اعرضها على.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان قال سمعت عبد الرحمن ابن مهدي يقول عرض زائدة كتبه على سفيان، فقلت: كان في هذا ضعفا، قال: لا، لم يختلفا إلا في قدر عشرة أحاديث.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن منصور الرمادي نا مسدد قال سمعت يحيى بن سعيد قال قال لي سفيان بن سعيد: ائتني بكتبك انظر فيها، فقلت له تريد أن تصنع بي كما صنعت بزائدة؟ قال: وما ضر زائدة؟ قال يحيى: لوددت أني كنت فعلت.
حدثنا عبد الرحمن نا عبد الملك بن أبي عبد الرحمن [المقرئ - 1] نا عبد الرحمن - يعني ابن الحكم بن بشير - ثنا نوفل - يعني ابن مطهر (2) عن ابن المبارك عن سفيان الثوري، نا سلمة بن كهيل وكان ركنا من الأركان - وشد قبضته، وحدثنا حبيب بن أبي ثابت وكان دعامة - أو كلمة تشبهها.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي - يعني ابن
المديني - قال سمعت يحيى بن سعيد (23 ك) القطان قال قال سفيان: كنا نعرف فضل حديث عاصم بن ضمرة على حديث الحارث - يعني الأعور.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو هارون محمد بن خالد الخراز قال سمعت أبا نعيم يقول سمعت سفيان الثوري يقول، قدمت الري وعليها الزبير بن
عدي (1) قاضيا فكتبت عنه خمسين حديثا، ثم مررت بجرجان وبها جواب التيمي فلم أكتب عنه ثم كتبت عن رجل عنه.
قلت لأبي نعيم ولم لم يكتب عنه؟ قال: لأنه كان مرجئا.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان الواسطي نا موسى بن داود قال سمعت عثمان بن زائدة الرازي قال قدمت الكوفة قدمة فقلت لسفيان الثوري: من ترى أن أسمع منه؟ قال عليك بزائدة وسفيان ابن عيينة، قال قلت: فأين أبو بكر بن عياش؟ قال: إن أردت التفسير فعنده.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يحيى أنا مسدد قال قال لي يحيى بن سعيد قال لي سفيان بن سعيد: كان ابن أبي ليلى مؤديا (2) .
قال أبو محمد يعني أنه لم يكن بحافظ.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت يحيى - يعني ابن سعيد - قال: أنكر سفيان في حديث عبد الله بن السائب عن زاذان (والأمانة في كل شئ في الوضوء وفي الركوع) قال سفيان: أنا ذهبت بالأعمش إلى عبد الله بن السائب.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي قال سمعت يحيى يقول قلت لسفيان في أحاديث عبد الاعلى عن محمد ابن الحنفية فوهنها.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا [علي - 3] قال سمعت يحيى يقول كان جبلة بن سحيم ثقة قلت ليحيى: كان سفيان يوثقه؟ فقال برأسه - أي نعم.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد نا علي - يعني ابن المديني - قال
سمعت يحيى - يعني ابن سعيد القطان - قال: [كان - 1] سفيان بن سعيد يحمل على عبد الحميد بن جعفر.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي سمعت يحيى يقول شهدت سفيان يقول لابي الا شهب قل: سمعت، قل سمعت.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي سمعت يحيى يقول قال سفيان: حديث الأعمش عن أبي صالح (الإمام ضامن) لا أراه سمعه من أبي صالح.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي سمعت يحيى بن سعيد [قال:
كان سفيان الثوري يحسن الثناء على موسى بن أبي عائشة.
حدثنا صالح نا علي سمعت يحيى بن سعيد - 2] يقول ذكرت لسفيان حديث الأعمش قال قال شقيق قال عبد الله (إن هذا الصراط محتضر) فأنكره وقال: هذا حديث منصور.
حدثنا عبد الرحمن نا حجاج بن حمزة نا علي بن الحسن بن شقيق (24 - د) نا عبد الله بن المبارك قال وسئل سفيان الثوري عن سفيان بن عيينة فقال: ذاك احد الا حدين.
وسئل عن عبد الملك بن أبي سليمان فقال: ذاك ميزان.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح نا علي سمعت عبد الرحمن قال سألت سفيان عن حديث الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله (لا يزال الرجل في فسحة من دينه) فأنكر أن يكون عن أبي وائل قال: لما سمع من عبد الملك بن عمير أنا ذهبت به إليه.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن سعيد المقرئ نا عبد الرحمن يعني - ابن
الحكم بن بشير - نا وكيع قال سمعت سفيان يقول: كان عمر بن عبد العزيز من ائمة الهدى.
[باب - 1] ما ذكر من تعظيم العلماء لسفيان الثوري ونزولهم عند قوله وفتواه.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو هارون الخراز (2) محمد بن خالد نا علي
ابن سهل العطار قال سمعت أبا زنبور الشيخ الذي ينسب إليه سكة أبي زنبور قال: رأيت سفيان الثوري بالري في سكة الزبير بن عدي والزبير على القضاء والزبير يستفتى الثوري في قضايا ترد عليه ويفتيه الثوري ويقضى به.
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن شهاب (3) الرازي نا عبد الرحمن بن الحكم بن بشير عن عبد العزيز ختن عثمان بن (4) زائدة عن أبي بدل (5) - قال عبد الرحمن: وكان فاضلا، وكان اسمه عمر بن أبي زنبور - قال: رأيت الزبير بن عدي يسأل سفيان عما يحتاج إليه في أمر الحكم.
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن شهاب نا عبد الرحمن بن الحكم بن بشير عن يحيى بن الضريس عن سفيان قال اتاني عاسم بن بهدلة في حاجة فقلت له إلا تبعث إلي فآتيك قال: (في بيته يؤتى الحكم) .
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت يحيى - يعني ابن سعيد - يقول قال سفيان كنت آتى حمادا - يعني ابن أبي سليمان - فقال حماد: إن في هذا الفتى مصطنعا.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد [بن حنبل - 1] نا علي - يعني ابن المديني - قال سمعت يحيى -[يعني - 1] ابن سعيد - يقول: ما سمعت من سفيان عن الأعمش أحب إلى مما سمعت أنا من الأعمش لأن الأعمش كان يمكن سفيان مالا يمكنني.
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن الهسنجاني نا أبو توبة قال قال سلمة بن كلثوم جاء سفيان الثوري فدخل على الأوزاعي فجلسا من الأولى إلى العصر قد أطرق كل واحد منهما توقيرا لصاحبه.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن مسلم نا علي بن المعافي الموصلي نا يحيى ابن اليمان عن سفيان قال كان عاصم بن بهدلة يأتيني في منزلي فيحدثني ثم يقول (في بيته يؤتى الحكم) .
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن الهسنجاني نا الوليد بن شجاع أبو همام نا المبارك (24 ك) بن سعيد قال رأيت عاصم بن أبي النجود يجئ إلى سفيان يستفتيه ويقول: يا سفيان أتيتنا صغيرا وأتيناك كبيرا.
حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي قال كتب إلى عبد الله بن خبيق نا يوسف بن أسباط عن سفيان الثوري قال كان إسماعيل بن أمية إذا حدث بحديث قال لسفيان: عندك شئ يشده.
(2) حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن نا يحيى بن أيوب حدثني أسود بن سالم قال كنا عند أبي بكر بن عياش فسمعته يقول: لارى
الرجل [قد - 1] صحب سفيان فيعظم في عيني.
[باب - 1] ما ذكر من زهد سفيان الثوري وورعه حدثنا عبد الرحمن نا أبو سعيد الأشج قال سمعت أبا نعيم قال سمعت سفيان يقول: أني لأفرح بالليل إذا جاء.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان نا عبد الرحمن - يعني ابن مهدي - عن زائدة قال قال سفيان: إذا جاء الليل فرحت، وإذا جاء النهار حزنت.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو سعيد الأشج نا أبو نعيم قال كان سفيان إذا ذكر الموت مكث أياما لا ينتفع به فإذا سئل عن شئ قال: ما أدري، ما أدري.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو سعيد نا أبو خالد الأحمر قال كان سفيان يتمنى الموت فلما نزل به قال: ما أشده.
حدثنا عبد الرحمن ثنا أبو سعيد الأشج نا أبو اسامة قال كثيرا ماكنت أسمع سفيان يقول: اللهم سلم سلم، رب بارك لي في الموت وفيما بعد الموت.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو بكر بن أبي الدنيا نا يحيى بن يوسف الزمي نا أبو الأحوص قال سمعت سفيان الثوري يقول: عليك بعمل الأبطال، الاكتساب من الحلال (2) والإنفاق على العيال.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو عبد الله الطهراني أنا عبد الرزاق عن رجل قال كان سفيان الثوري تغدى وأتي برطب فأكل ثم قال إلى الصلاة فصلى ما بين الظهر والعصر ثم قال يقال: إذا زدت (3) في قضيم
الحمار فزد في عمله.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو سعيد الأشج قال نا أبو خالد الأحمر قال أكل سفيان ليلة فشبع فقال: إن الحمار إذا زيد في علفه زيد في عمله.
فقام حتى أصبح.
قال أبو سعيد فحدثت به أبا زكريا المراوحي فحدثني أبو زكريا عن أبي خالد قال صحبت سفيان في طريق مكة فكان يقرأ في المصحف كل يوم فإذا لم يقرأ فيه فتحه فنظر فيه وأطبقه.
حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي قال كتب إلى عبد الله بن خبيق الأنطاكي قال سمعت يوسف بن أسباط يقول سمعت سفيان الثوري يقول: أفضل الأعمال الزهد في الدنيا.
قال وحدثنا يوسف قال كان سفيان إذا كتب إلى رجل كتب بسم الله الرحمن الرحيم من سفيان بن سعيد إلى فلان بن فلان، سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو وهو للحمد أهل، تبارك وتعالى له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير، أما بعد فإني أوصيك ونفسي بتقوى الله العظيم فأنه من يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب، جعلنا الله وإياك من المتقين.
[قال - 1] وقال سفيان: إن دعاك هؤلاء الملوك تقرأ عليهم [قل هو الله احد] (25 د) فلا تجتهم فان قربهم مفسدة للقلب.
رسالة الثوري إلى عباد بن عباد حدثنا عبد الرحمن نا إسماعيل بن اسراءيل السلال (2) نا الفريابي قال كتب سفيان بن سعيد إلى عباد بن عباد فقال:.
من سفيان بن سعيد إلى عباد بن عباد، سلام عليك فإني أحمد
إليك الله الذي لا إله إلا هو.
أما بعد فإني أوصيك بتقوى الله فإن اتقيت الله عزوجل كفاك الناس، وإن اتقيت الناس لم يغنوا عنك من الله شيئا، سألت أن أكتب إليك كتابا اصف لك فيه خلا لا تصحب بها أهل زمانك وتؤدى إليهم ما يحق لهم عليك وتسأل الله عزوجل الذي لك، وقد سألت عن أمر جسيم، الناظرون فيه اليوم المقيمون (1) به قليل، بل لا أعلم مكان أحد، وكيف يستطاع ذلك؟ وقد كدر هذا الزمان، أنه ليشتبه الحق والباطل، ولا ينجو (2) من شره إلا من دعا بدعاء الغريق، فهل تعلم مكان أحد هكذا؟ وكان يقال: يوشك أن يأتى على الناس زمان لا تقر فيه عين حكيم، فعليك بتقوى الله عزوجل (3) (1 م) والزم العزلة واشتغل بنفسك واستأنس بكتاب الله عزوجل، واحذر الأمراء، وعليك بالفقراء والمساكين والدنو (4) منهم فإن استطعت أن تأمر بخير في رفق فإن قبل منك حمدت الله عزوجل وإن رد عليك أقبلت على نفسك فإن لك فيها شغلا، واحذر المنزلة وحبها فإن الزهد فيها أشد من الزهد في الدنيا.
وبلغني أن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا يتعوذون أن يدركوا (5) هذا الزمان وكان [لهم] من العلم ما ليس لنا، فكيف بنا حين أدركنا علي قلة علم وبصر وقلة صبر وقلة أعوان على الخير مع كدر من الزمان وفساد من الناس.
وعليك بالأمر الأول والتمسك به وعليك بالخمول فإن هذا زمان خمول وعليك بالعزلة وقلة مخالطة
الناس فان عمر (25 ك) بن الخطاب رضي الله عنه قال: إياكم والطمع فإن الطمع فقر واليأس غنى وفي العزلة راحة من خلاط السوء وكان سعيد بن المسيب يقول: العزلة عبادة.
وكان الناس إذا التقوا انتفع بعضهم ببعض فأما اليوم فقد ذهب ذلك والنجاة (1) في تركهم فيما نرى، وإياك والأمراء والدنو منهم وأن تخالطهم في شئ من الأشياء، وإياك أن تخدع فيقال لك: تشفع فترد عن مظلوم أو مظلمة - فإن تلك خدعة إبليس وإنما اتخذها فجار القراء سلما.
وكان يقال: اتقوا فتنة العابد الجاهل وفتنة العالم الفاجر فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون.
وما كفيت المسألة والفتيا فاغتنم ذلك ولا تنافسهم، وإياك أن تكون ممن يحب أن يعمل بقوله وينشر قوله أو يسمع منه، وإياك وحب الرياسة فإن من الناس من تكون الرياسة أحب إليه من الذهب والفضة، وهو باب غامض لا يبصره إلا البصير (2) من العلماء السما سمرة، واحذر الرئاء فإن الرئاء أخفى من دبيب النمل.
وقال حذيفة: سيأتي على الناس زمان يعرض على الرجل الخير (2 م) والشر فلا يدرى أيما (3) يركب.
وقد ذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم [قال - 4] :
لا تزال يد الله عزوجل على هذه الأمة وفي كنفه وفي جواره وجناحه ما لم يمل قراؤهم إلى أمرائهم وما لم يبر خيارهم أشرارهم وما لم يعظم أبرارهم فجارهم فإذا فعلوا ذلك رفعها عنهم وقذف في قلوبهم [الرعب - 5] وانزل بهم الفاقة وسلط عليهم جبابرتهم فساموهم سوء العذاب، وقال: إذا كان ذلك لا يأتيهم أمر يضجون منه إلا أردفه بآخر يشغلهم (6) عن ذلك.
فليكن الموت من شأنك ومن بالك، وأقل الأمل، وأكثر ذكر الموت، فإنك إن أكثرت (1) ذكر الموت هان عليك أمر دنياك، وقال عمر: أكثروا ذكر الموت فإنكم إن ذكرتموه في كثير قلله، وإن ذكرتموه في قليل كثره، واعلموا انه قدحان للرجل يشتهي (2) الموت.
أعاذنا الله وإياك من المهالك وسلك بنا وبك سبيل الطاعة.
حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي رحمه الله قال كتب إلى عبد الله ابن خبيق الأنطاكي قال وسمعت يوسف بن اسباط (26 د) (3) [يقول سمعت سفيان الثوري يقول: أفضل الأعمال الزهد في الدنيا، قال ونا يوسف بن أسباط قال كان سفيان الثوري إذا كتب إلي كتب:
بسم الله الرحمن الرحيم من سفيان بن سعيد إلى فلان بن فلان، سلام عليكم فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو وهو للحمد أهل تبارك وتعالى له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير، أما بعد فإني أوصيك ونفسي بتقوى الله العظيم فأنه من يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب، جعلنا الله وإياك من المتقين.
قال قال سفيان: إن دعاك هؤلاء الملوك تقرأ عليهم (قل هو الله احد) فلا تجبهم فإن قربهم مفسدة للقلب.
قال وسمعت يوسف بن أسباط (4) يقول كان سفيان إذا أخذ في الفكرة يبول الدم.
قال وسمعت يوسف بن أسباط - 5] يقول اراد (3 م) سليمان الخواص أن يركب البحر فقالوا له لا بد لنا من أمير فقال: أنا أميركم، فبلغ ذلك سفيان الثوري فكتب إليه: الزهد في الرياسة أشد من الزهد في الدنيا.
فلما قرأ الكتاب قال: لست لكم بأمير.
قال يوسف بن
سباط قال لي سفيان الثوري: لأن اخلف عشرة آلاف درهم يحاسبني لله عزوجل عليها أحب إلي من أن احتاج إلى الناس.
حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي قال كتب إلى عبد الله بن خبيق قال حدثني ابن أبي الدرداء قال قال سفيان الثوري: أكرموا الناس على
قدر تقواهم، وتذللوا عند أهل الطاعة، وتعززوا عند أهل المعصية، وأعلموا أن القراءة لا تحلو إلا بالزهد في الدنيا.
حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي قال كتب إلى عبد الله بن خبيق: وقال يوسف قال لي سفيان الثوري: ناولني المطهرة أتوضأ - ونحن في المسجد - فناولته فوضع يمينه على خده الأيمن ووضع يساره على خده الآخر ثم نمت [أنا - 1] فاستيقظت وقد طلع الفجر وهو على حاله فَقُلْتُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قد طلع الفجر، فقال [لي - 2] :
ما زلت أفكر في أمر الآخرة منذ [ناولتني المطهرة إلى الساعة.
قال وسمعت يوسف ابن أسباط قال سمعت [سفيان - 1] الثوري يقول: إذا أحب الرجل أخاه في الله عزوجل ثم أحدث حدثا في الإسلام فلم يبغضه عليه فلم يحبه في الله عزوجل.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن سعيد المقرئ نا عبد الرحمن [بن الحكم - 1] ابن بشير أخبرني منصور بن سابق قال: ألح على سفيان رجل من إخوانه من أهل البصرة في التزويج فقال له: فزوجني، قال فخرج سفيان إلى مكة وأتى الرجل البصرة فخطب عليه امرأة من كبار أهل البصرة ممن لها المال والشرف فأجابوه وهيأت قطارا (3) من الحشم والمال حتى قدمت (4) مكة على سفيان فأتى الرجل سفيان فقال له: أخطب عليك؟
فقال من؟ قال: ابنه فلان، فقال: مالي فيها حاجة، إنما سألتك أن تزوجني امرأة مثلي، قال: فانهم قد (4 م) أجابوا، فقال له: مالي فيها حاجة، قال: فتضحني عند القوم، قال: مالي فيها حاجة، قال فكيف أصنع؟ قال: ارجع إليهم فقل لهم: لا حاجة لي فيها.
قال فرجع فأخبرهم فقالت المرأة فبأي شئ يكرهني؟ قال قلت: المال، قالت: فإني اخرج من كل مال لي وأصبر معه، قال فجاء الرجل فرحا نشيطا [فأخبره - 1] فقال: لا حاجة لي فيها، امرأة نشأت في الخير ملكة لا تصبر على هذا، قال فأبي أن يقبلها، فرجعت.
قال وقيل لسفيان اي شئ تكرهه من التزويج؟ قال: أخاف أن يكون لي ولد.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بنسعيد نا عبد الرحمن عن عبد العزيز ابن أبي عثمان قال خرجت إلى مكة فبعث معي المبارك بن سعيد إلى سفيان الثوري بجراب من دقيق وهو مختف بمكة قال فلما قدمت (26 ك) مكة جعلت أسال عنه فلم يدلوني حتى قلت لبعض أصحابه أنه ليسره لو قد رآني.
قال فدلني (2) عليه فدخلت عليه فقلت له إن المبارك بعث إليك بجراب من دقيق فقال عجل به على (3) فإن بنا إليه حاجة شديدة.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يحيى نا محمد بن عصام سمعت أبي يقول ربما كان سفيان يأخذ في التفكر فينظر إليه الناظر فيقول مجنون.
حدثنا عبد الرحمن نا (4) أبي نا الفضل بن يعقوب الرخامي نا الفريابي قال قال سفيان: العلماء ثلاثة، عالم بالله عزوجل عالم بأمره فذلك العالم الكامل، وعالم بالله ليس بعالم بأمر الله عزوجل، وعالم بامر الله
ليس بعالم بالله عزوجل فذلك العالم الفاجر.
قال سفيان: كان يقال اتقوا فتنة العابد الجاهل والعالم الفاجر فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن مسلم نا عبد الله بن عمر بن أبان قال سمعت أبا أسامة يقول اشتكى (1) سفيان فذهبت بمائة في قارورة فأريته الديراني - يعني المتطبب - فنظر إليه فقال لي: بول من هذا؟ ينبغي أن يكون هذا بول راهب، هذا بول رجل قد فرث (2) الحزن كبده، ما أرى لهذا دواء.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن (5 م) مسلم قال قال لي أحمد بن جواس هذا ما حدثتك عن بكر العابد عن سفيان قال سمعته قال (3) : لا يطوى لي ثوب أبدا، ولا يبنى لي بيت أبدا، ولا اتخذ مملوكا أبدا.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن مسلم نا محمد بن يزيد (4) الرفاعي نا النضر بن أبي زرعة قال قال لي المبارك - يعني ابن سعيد - بالموصل ائت سفيان فأخبره أن نفقتي قد نفدت وثيابي قد تخرقت فقل له يكتب (5) إلى وإلى الموصل لعله يصلني بمال أكتسي به وأتجمل.
قال فقدمت الكوفة فأتيت سفيان فأخبرته بما قال مبارك قال (27 د) فدخل الدار فأخرج دورقا فيه كسر يابسة فنثرها على الأرض ثم قال: لو رضي مبارك بمثل هذا لم يكن له بالموصل عمل، ماله عندنا كتاب.
حدثنا عبد الرحمن نا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنِي أحمد بن جواس قال سمعت أصحابنا يخبرون عن أبي شهاب الحناط (6) قال أرسل المبارك بن سعيد إلى سفيان وهو بمكة بجراب من خبز مدقوق قال فلقيته في
المسجد وهو متكئ فسلم على (7) وهو متكئ [سلم - 8] كأنه ضعيف
قلت إن معي جرابا أرسل به مبارك قال فقعد قال فقلت: سلمت عليك وأنت مضطجع ثم قلت معي شئ فقعدت؟ قال فكأنه استحيا وقال (1) : ويحك إنه أتاني على حاجة، اي شئ هو؟ قلت جراب خبز قال أتاني على حاجة قال وارى (2) أنه قال: ما نلت [شيئا - 3] منذ يومين.
حدثنا عبد الرحمن نا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنِي أحمد بن جواس قال سمعت أصحابنا يقولون تناول مبارك [بن سعيد - 3] مملوكا لهم كان لسفيان فيه نصيب، فقال: أتضرب المملوك؟ [نصيبي - 4] منه لك، لا تعودن فيه.
حدثنا عبد الرحمن [نا الأشج - 5] نا حسن بن مالك الضبي عن بكر بن محمد العابد قال قال لي سفيان الثوري: يؤمر بالرحل يوم القيامة إلى النار فيقال هذا عياله أكلوا حسناته.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو سعيد الأشج نا حسن بن مالك عن بكر
العابد قال قال سفيان: إن القراءة لا تصلح (6) الا بالزهد [بالدنيا - 4] فازهد (6 م) ونم وصل الخمس.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو سعيد الأشج قال حدثني رجل لا أحفظ اسمه أن سفيان الثوري مر في زقاق عمرو بن حريث ومعه رجل فجعل الرجل ينظر يمنه ويسرة إلى تلك الفواكه فلما وصل إلى باب موسى ابن طلحة لقى أحمرة عليها عذرة فقال له سفيان [الثوري: إن - 7] ذاك الذي كنت تنظر إلى هذا يصير.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا علي بن محمد الطنافسي نا وكيع قال
سمعت سفيان يقول: لو أن اليقين استقر في القلوب لطارت شوقا أو حزنا، إما شوقا إلى الله عزوجل وإما فرقا من النار.
حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي قال كتب إلى عبد الله بن خبيق الأنطاكي نا يوسف - يعني ابن أسباط - عن سفيان الثوري قال بلغني أن الله عزوجل يقول (1) : إن أهون ما أصنع بالعالم إذا آثر الدنيا أن
أنزع حلاوة مناجاتي من قلبه.
حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي قال كتب إلى عبد الله بن خبيق نا يوسف بن أسباط - 2] قال قال سفيان: كثرة الإخوان من سخافة الدين.
حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي قال كتب إلى عبد الله بن خبيق [نا يوسف - يعني ابن أسباط - قال وسمعت الثوري يقول: لم يفقه عندنا من لم يعد البلاء نعمة، والرخاء مصيبة.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن منصور الرمادي نا أحمد بن عمران قال سمعت يحيى بن يمان يقول سمعت سفيان يقول: بالفقر تخوفوني؟ إنما يخاف سفيان أن تصب عليه الدنيا صبا.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن منصور الرمادي نا أحمد بن عمران قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول ربما كنا مع سفيان فيقول: النهار يذهب ونحن في غير عمل.
ثم يقوم فزعا فما نراه يومنا.
حدثنا عبد الرحمن (27 ك) نا أحمد بن منصور الرمادي نا مسدد عن عبد الله بن داود قال شهدت مالك بن أنس (3) فذكر سفيان فقال: أرجو أن يكون كان رجلا صالحا.
حدثنا عبد الرحمن نا حجاج بن حمزة الخشابي (1) أبو يزيد - يعني عبد الرحمن بن مصعب - قال كان سفيان الثوري يكره
الطيلسان الطرازي والثوب المروي وقال أنهما (2) من ثياب المترفين.
قال وسمعت سفيان يقول: ما ملحت (7 م) العبادة لحريص قط.
قال وسمعت سفيان يقول: لا يكاد يفلح صاحب عيال.
حدثنا عبد الرحمن نا حجاج بن حمزة نا أبو يزيد - يعني عبد الرحمن ابن مصعب - قال برز سفيان الثوري على الناس لأنه كان صحيح الأديم بعيدا من الأهواء [عابدا - 3] يقول الحق ويريده إن شاء الله.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي (4) [قال نا أبو بكر بن أبي عتاب الأعين قال حدثني يوسف بن موسى القطان قال سمعت أبا يزيد المعنى يقول: كان سفيان الثوري إذا أصبح مد رجليه إلى الحائط ورأسه إلى الأرض كي يرجع الدم إلى مكانه من قيام الليل.
حدثني أبي نا أبو بكر بن أبي عتاب الأعين قال سمعت خالد بن تميم قال مسعت سفيان الثوري يقول: وجدت قلبي يصلح بمكة والمدينة مع قوم ولي اصحاب بيوت وغنا (؟) .
حدثني أبي نا أبو بكر بن أبي عتاب الأعين قال سمعت أبا عاصم النبيل يقول سمعت سفيان يقول: كان الرجل إذا أراد أن يطلب العلم تعبد قبل ذلك عشرين سنة.
حدثني أبي نا أبو بكر بن ابي عتاب الاعيين نا اسماعيل بن عمرو
أبو المنذر قال رأيت سفيان الثوري ورأى رجلا يتوضأ بعد ما أقام المؤذن الصلاة فقال: هذه الساعة تتوضأ؟ لا كلمتك أبدا.
نا أبي - 1] نا يزيد بن عبد الرحمن المعنى قال سمعت أبي يقول كان ساق سفيان كأنها كيمخت (2) يعني من التورك في الصلاة [عليها - 3] ورأيت سفيان ساجدا ما على اليتيه من ردائه شئ - يعني من قصر الرداء.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا أحمد بن إبراهيم الدورقي نا علي بن الحسن ابن شقيق قال قال عبد الله - يعني ابن المبارك - أنا سفيان قال كان يقال: ذكر الموت غنى، وما اطلق أحد العبادة إلا بالخوف.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا أحمد بن إبراهيم الدورقي نا العباس ابن عبد الله نا محمد بن يوسف قال كان سفيان الثوري يقيمنا بالليل يقول: قوموا يا شباب صلوا ما دمتم شبابا.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن القاسم بن عطية نا عبد الله بن احمد ابن شبويه قال سمعت قتيبة (8 م) بن سعيد يقول: لولا الثوري لمات الورع.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يحيى نا نوح بن حبيب نا سليمان بن قريش نا عبد الرزاق قال أضاف سفيان (4) برجل من أهل مكة فقرب إليه الطعام فأكل أكلا جيدا ثم قرب إليه التمر فأكل أكلا جيدا، ثم قرب إليه الموز فأكل اكلا جيدا (28 د) ثم قام فشد وسطه فقال: يقال أشبع الحمار ثم كده.
فلم يزل منتصبا حتى أصبح.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن احمد نا علي ابن المديني قال
سمعت عبد الرحمن [يعني - 1] ابن مهدي قال: ما سمعت سفيان يسب أحدا من السلطان قط في شدته عليهم.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح [بن أحمد - 2] نا علي قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي قال سمعت سفيان يقول: اني لادعو للسطان - يعني بالصلاح - ولكن لا أستطيع أن أذكر إلا ما فيهم (3) .
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن مسلم حدثني محمد بن عمران بن أبي ليلى عن حميد بن عبد الرحمن قال كان سفيان إذا بلغه شئ هرب إلى مسجد فخلا فيه فكنا نجتمع إليه وكان ذكر له أنه أنفذ إليه [مال - 4] فقام فخرج على وجهه.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن مسلم حدثني محمد بن يزيد الرفاعي نا يحيى بن يمان قال كان الفقراء هم الأمراء (5) في مجلس سفيان وما رأيت الغني أذل منه في مجلس سفيان.
حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي قال نا [أحمد بن - 6] عثمان ابن حكيم قال سمعت أبا نعيم يقول سمعت سفيان غير مرة كتب: من سفيان بن سعيد إلى محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد اوصيك بتقوى الله عزوجل فإنك إن اتقيت الله كفاك الناس وإن اتقيت الناس لم (7)
يغنوا عنك من الله شيئا، وعليك بتقوى الله عزوجل.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا أحمد بن أبي الحواري قال سمعت مروان بن معاوية يقول شهدت سفيان الثوري وسألوه عن مسألة في
الطلاق فسكت وقال: إنما هي (1) الفروج.
حدثنا عبد الرحمن نا طاهر بن خالد بن نزار (2) قال قال أبي: كثيرا ما كنت اسمع سفيان الثوري (9 م) يتمثل بهذين البيتين،.
نروح ونغدو لحا جاتنا * وحاجة من عاش لا تنقضي تموت مع المرء حاجاته * وتبقى له حاجة ما بقى حدثنا عبد الرحمن نا أبي قال سمعت أبا نعيم (3) عبد الرحمن بن هانئ النخعي قال كان سفيان الثوري يتمثل بهذه الأبيات: سيكفيك مما أغلق الباب دونه * وضن به الأقوام ملح وجردق ونشرب من ماء الفرات ونغتدي * نعارض اصحاب الثريد الملبق (4) بحشأ إذا ماهم تجشوا كأنما * ظللت بألوان الخبيص تفتق حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ نا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنِي أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ كَتَبَ
الثَّوْرِيُّ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ زَائِدَةَ: أَمَّا بَعْدُ السَّلامُ (5) عَلَيْكَ قَدْ كُنْتَ تَذْكُرُ الرَّيَّ (6) وَفِي الأَرْضِ مَسَكَةٌ (7) وَقَدْ هَاجَ الْفِتَنُ فَانْجُ بِنَفْسِكَ ثُمَّ انْجُ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنُ.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن مسلم قال سمعت قبيصة يقول كنا نأتي سفيان بعد العصر لا يتكلم بشئ حتى يمسي، ولقد أتيته ذات يوم فرأيت باب المسجد مردودا وظننت أنه ليس في المسجد أحد فلما دخلت المسجد فإذا المسجد (8) غاص بأهله وهم سكوت وسفيان ساكت لا يتكلم (9) .
حدثنا عبد الرحمن نا أبي رضي الله عنه نا الحسن بن الربيع قال سمعت أبا الأحوص قال كنا عند سفيان ومعنا شميط فقال سفيان ذهب الناس وبقينا على حمر دبرة (28 ك) فقال شميط يا أبا عبد الله
إن كانت على الطريق ما أسرع ما نلحق.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا علي بن محمد الطتافسي ثنا بعض أصحابنا عن خالي (1) محمد بن عبيد قال كان سفيان الثوري إذا أبطأت (2) عليه بضاعته نقض جذوع بيته فباعها فإذا رجعت بضاعته أعادها.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي ناعلي بن محمد نا أبو داود الحفري قال رأيت سفيان الثوري يوما وقد (3) اضطجع على شقه (4) الايمن ويقول (5) : هكذا (10 م) نكون في القبر.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا علي بن محمد قال سمعت أخي الحسن يحكي قال قدم على سفيان رجل بمكة فقال قد بعث إليك معي دقيق (6) .
فقال سفيان: عجل به علينا فإن بنا إليه حاجة.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا علي بن محمد الطنافسي نا عبد الرحمن بن مصعب قال كان رجل أعمى (7) يجالس سفيان فكان إذا كان شهر رمضان خرج إلى السواد فيصلي بالناس فيكسى ويوهب له فقال سفيان: إذا كان يوم القيامة أثيب أهل القرآن من قراءتهم ويقال لمثل هذا: قد تعجلت ثوابك.
فقال له الرجل: يا أبا عبد الله تقول هذا لي وأنا جليس لك؟ قال: إني أتخوف أن يقال لي يوم القيامة: انه كان جليس (8)
لك أفلا نصحته؟.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن مسلم نا أحمد بن جواس الحنفي سمعت محمد بن عبد الوهاب السكري قال ما رأيت الفقير في مجلس قط كان أعز منه في مجلس [سفيان - 1] الثوري، ولا رأيت الغني في مجلس كان أذل منه في مجلس سفيان الثوري.
حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ نا أبي نا علي بن محمد الطنافسي نا الحارث بن مسلم الرازي (2) قال رأيت سفيان وعليه رداء [من - 2] بين يديه إلى ثدييه ومن خلفه لا يبلغ أليته.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا قبيصة قال رأيت على الثوري كساء ما يساوي درهما، ورأيت عليه نعلين مخصوفتين قومتهما دينارا.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا علي بن محمد الطنافسي قال سمعت أخي الحسن يذكر قال كتب مبارك [بن سعيد - 4] أخو سفيان إلى سفيان يشكو إليه ذهاب بصره قال فكتب إليه سفيان (29 د) أتاني كتابك تكثر شكاتك لربك فاذكر الموت يهون (5) عليك ذهاب بصرك.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا علي بن ميسرة قال ذكره عبد العزيز ابن أبي عثمان قال قال سفيان الثوري: لا تتعرف إلى من لا تعرف وأنكر (6) معرفة من تعرف.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا علي بن ميسرة قال سمعت عبد الله
ان عيسى - يعني الوسواس - قال قال لي عثمان بن زائدة كتب إلى سفيان
: احذر الناس.
قال فبعث عثمان بن زائدة إلى أبي وكان ادرك طاوسا: ان سفيان (11 م) كتب إلي أن أحذر الناس فما معنى (1) احذر الناس؟ قال احذر ما وراء جيبك (2) .
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا القاسم بن عثمان الجوعي قال سمعت حسين بن روح قال أتى سفيان الثوري رجل فقال إني مررت بفلان (3) فأعطاني صرة فيها ألف دينار أعطيك إياها، قال يقول له سفيان فمررت بأختي فأعطتك شيئا من دقيقة؟ [قال نعم - 4] قال فأتني بصرة الدقيق ورد صرة الدنانير، قال فكان يختبز منها أقراصا ويأكل.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا أبو عمير بن النحاس الرملي نا وكيع عن سفيان قال: الزهد في الدنيا قصر الأمل، ليس بأكل الغليظ ولا لبس العباء.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن مسلم نا أحمد بن جواس حدثني ابن عم لسفيان الثوري يقال له عمرو بن حمزة بن سعيد ابن عمه لحا (5) قال كنا إذا قلنا لسفيان قد وكف البيت قال اطرجوا فوقه رمادا -
ولا يأمر بتطيينه.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل قال سمعت أبي يقول [قال ابن أبي ذئب - 6] :
ما رأيت مشرقيا خيرا من سفيان الثوري.
حدثنا عبد الرحمن نا سعد (7) بن محمد البيروتي نا محمد بن ابي داود
الأزدي نا عبد الرزاق قال اجتمع سفيان الثوري ووهيب بن الورد فقال سفيان لوهيب: يا أبا محمد تحب أن تموت؟ قال [وهيب - 1] أحب أن أعيش لعلي أتوب، ثم قال وهيب لسفيان يا أبا عبد الله فأنت تحب أن تموت؟ قال [سفيان - 2] وهو مقابل البيت: ورب هذه البنية (3) وددت إني مت الساعة، أظلتك أمور عظائم (4) أظلتك أمور عظائم (4) أظلتك أمور عظائم (4) .
حدثنا عبد الرحمن نا أبو سعيد الأشج حدثني عبد الملك بن سعيد الأشجعي قال كان سفيان الثوري يقول: (5) إذا كان لك بر فتعبد وإذا
لم يكن لك فالتمسه - يعني من حله.
حدثنا بعد الرحمن نا أبو سعيد الأشج نا ابن فضيل قال سمعت سفيان يقول: السرائر، السرائر.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو سعيد الأشج نا أبو خالد قال سمعت سفيان الثوري يقول: أنه (12 م) ليمر بين يدي المسكين وأنا أصلي فادعه، فإذا مر أحدهم وعليه الثياب [يتمشى - 6] لم أدعه.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو سعيد الأشج نا يحيى بن اليمان قال (29 ك) سمعت سفيان يقول: كنت أشتهي أمرض فأموت فأما اليوم فليتني مت (7) فجاءة.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو سعيد الأشج نا يحيى بن اليمان قال [كثيرا ما - 8] كنت أرى سفيان الثوري مقنع الرأس يشتد في
أثر جنازة العبد والأمة.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان قال سمعت عبد الله بن صالح ابن مسلم العجلي يقول ليزيد بن هارون يا أبا خالد رأيت سفيان الثوري
يوم الجمعة وعليه كساء كذا وممطرا (1) يعني كساء صوف وهو راكب حمار فقلت لرجل [يمشى - 2] إلى جنبه ما لسفيان اليوم ركب حمارا؟ قال حم اليوم فكره أن يترك الجمعة فبعث إلى جار له فاستعار حمارا فركب.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو هارون الخراز (3) سمعت إبراهيم بن موسى وعبد الرحمن بن الحكم يتذاكران قدوم الثوري الري فقال عبد الرحمن بن الحكم: كان استأجره أبو إسحاق السبيعي لميراث له كان بخوارزم، قلت: بكراء؟ قال: نعم بكراء.
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن شهاب نا إبراهيم بن محمد الشافعي أبا عبد الله بن رجاء - يعني المكي - قال: ما رأيت أحدا أكثر ذكرا للموت من سفيان الثوري.
حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ نا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنِي أحمد بن عبد الصمد الأنصاري حدثني عاصم بن فروة قال سمعت الضحاك أبا ياسين قال سمعت سفيان الثوري يقول: لا تنظروا إلى قصورهم فإنما بنوها من أجلكم.
قال وسمعت سفيان الثوري يقول: لولا مجانين الدنيا لخربت الدنيا.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو سعيد الأشج [نا أبو خالد قال سمعت سفيان يقول: لا تنظروا إلى دورهم ولا إليهم إذا مروا على المراكب.
نا أبو سعيد
الأشج - 1] [الكندي - 2] نا يحيى بن يمان قال سمعت سفيان الثوري يقول: إنما مثل الدنيا مثل رغيف عليه عسل مر به ذباب فقطع جناحه (3) ومثل رغيف يابس مر به (13 م) فلم يصبه شئ (4) .
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا أبو صالح الأحول - يعني أحمد (5) بن إسماعيل الضراري (6) قال سمعت أبا أحمد الزبيري يقول كتب [بعض - 7] إخوان سفيان إلى سفيان ان عظي وأوجز، فكتب إليه: بسم الله الرحمن الرحيم عافانا الله وإياك من السوء (8) أعلم يا أخي إن الدنيا غمها لا يفنى، وفكرها لا ينقضي وفرحها لا يدوم فلا توان فتعطب، والسلام عليك.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا علي بن محمد الطنافسي نا سهل أبو الحسن
قال سمعت يوسف بن أسباط يقول: ما رأيت رجلا قط اترك للدنيا من سفيان الثوري ومحمد بن النضر الحارثي.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا علي بن محمد الطنافسي أنا أبو أسامة قال سمعت سفيان الثوري يقول: إني لأبغض الجص لأنه من زينة الدنيا.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا علي بن محمد (30 د) الطنافسي نا عبد الرحمن بن مصعب قال سمعت سفيان يقول: أنا مهون (1) على لا أبالي ما أكلت ولا أبالي ما لبست، قال ورأيت سفيان جالسا ملتحقا بردائه فلم يمس الأرض منه شئ.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا علي بن محمد الطنافسي قال سمعت وكيعا يقول كان سفيان الثوري يلبس الفرو ويلبس العباء (2) ومات وله بضاعة مائة وخمسون دينارا.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا [علي بن محمد - 3] الطنافسي نا عمرو ابن محمد العنقزي قال رأيت سفيان [الثوري - 4] بمكة وعليه إزار ورداء قد لونهما بمدر وخفان قد خيطهما بخيوط شعر، وقلنسوة
قد بلغ نصفها أو قال بعضها الوسخ فقومت جميع ما عليه درهما ونصف.
[باب - 5] ما ذكر من دخول الثوري على السلطان ومنا صحته [إياه - 6] في أمر الأمة حدثنا عبد الرحمن نا أبو نشيط محمد بن هارون قال سمعت الفريابي
بقول سمعت سفيان الثوري يقول أدخلت (1) على أبي جعفر بمنى فقلت له: اتق الله فإنما أنزلت هذه المنزله وصرت في هذا الموضع بسيوف المهاجرين والأنصار، وأبناؤهم يموتون جوعا، حج عمر بن الخطاب فما انفق إلا خمسه عشر دينارا (14 م) وكان ينزل تحت الشجر، فقال [لي - 2] فإنما تريد أن أكون مثلك؟ قال قلت: لا تكن مثلي، ولكن كن دون ما أنت فيه وفوق ما أنا فيه.
فقال لي: اخرج.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا نشيط يقول فحدثت به بشر بن الحارث فكتبه عني وقال: لقد ابلغ.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول سمعت سفيان يقول: لما أخذت بمكة وأدخلت على
المهدي قال قلت في نفسي قد وقعت يا نفس فاستمسكي، قال عبد الرحمن قد كنت أحب أن يقول غير هذا - يعني من التوكل وأشباهه - قال وإلى جنبه أبو عبيد الله فقال لي أبو عبيد الله: ألست سفيان؟ قلت: بلى، قال، إن كتبك لتأتينا أحيانا، قال قلت: ما كتبت إليك كتابا قط.
[قال - 2] فأي شئ دخله.
حدثنا عبد الرحمن، نا عبد الله بن محمد بن عبيد (3) القرشي نا حسين بن عبد الرحمن الوراق قال قال أبو عبيد الله (4) ما أعلقنا مخالينا هذه في عنق أحد الاقضم منها إلا سفيان الثوري.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي رضي الله عنه حدثني الربيع بن سليمان قال سمعت الشافعي يقول: دخل سفيان الثوري على أمير المؤمنين فجعل
يتجان عليهم (1) ويمسح البساط ويقول ما أحسنه، ما أحسنه، بكم أخذتم هذا؟ ثم قال البول البول - حتى اخرج.
قال أبو محمد (30 ك) قلت يعني أنه احتال بما فعل ليزهدوا فيه فيتباعد منهم ويسلم من شرهم (2) .
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن مسلم حدثني مقاتل بن محمد عن ابن (3) جبر - يعني محمد بن عصام بن يزيد - عن أبيه قال قال لي سفيان
احمل كتابي هذا إلى المهدي، قال فَقُلْتُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إن رأيت أن تعفيني - وجعلت امتنع - فقال لي خذ كتابي هذا واحمله فإن حولي جماعة لو قلت لهم لبادروا حمله إلى أبي عبيد الله (4) قال فحملت الكتاب وصرت إلى أبي عبيد الله (4) فقلت: رسول سفيان؟ قال فأمر بي فأنزلت وسأل عني في سر وقال لي بكر بالغداة بالدخول (5) على أمير المؤمنين قال فاستعفيت (15 م) فقال لا بد، ثم بكرت فدخلت عليه فإذا مجلس بيت قد لبد فناولته الكتاب قال فجعل ينظر فيه فإذا في الكتاب: إني أظهر على أن لي الأمان ولكل من طولب بسبي وعلي أن (6) أحل من بلاد الله [حيث أشاء فإني أرجو أن يخير الله لي قبل ذلك.
قال فأعطاني مالا أحمله إليه فأبيت ولم أقبله وقال: له الأمان ولمن طولب بسببه ويحل من بلاد الله حيث شاء - 7] ولكن يوافيني بالموسم، وما على أبي عبد الله يضع يده في يدي فيأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
قال فرجعت إلى سفيان فقلت قد (8) جاء الله بما تحب قال أمير المؤمنين كيت وكيت فقال: اسكت قل له يستعمل ما يعلم حتى إذا استعمل ما علم اتيناه
فعلمناه ما لا يعلم.
قال فخار الله له فتوفي قبل ذلك.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن سعيد المقرئ قال سمعت عبد الرحمن ابن الحكم يذكر عن مهران عن سفيان أنه أخذ في المسجد الحرام فادخل على [أبي - 1] هارون وهو في إزار ورداء والنعلان في يده قال فلما دخلت سلمت وقعدت فقال أبو عبيد الله إني أظن أن له رأى سوء - يعني [رأى - 2] الخوارج - فقلت لأبي هارون من هذا؟ قال: هذا معاوية بن عبيد الله (3) فقلت له احذر هذا وأصحابه، ثم قلت له: كم أنفقت في حجتك هذه؟ قال يا أبا عبد الله ونحصى كم أنفقنا؟ قلت لكن عمر بن الخطاب حج فلم ينفق في مجيئه (4) وذهابه إلا سبعة عشر (5) دينارا.
ثم قمت فقال لي إلى أين؟ أنا نريد أن نسألك عن أشياء، قال قلت البول البول، قال فأين نجدك؟ قلت المسجد - وتوارى عنهم وطلب فخرج مع حاج البصرة إلى البصرة فنودي: من جاء به فله ديته، ومن وجد في منزلة فقد برئت منه الذمة.
حدثنا عبد الرحمن نا أبى نا الحسن بن ربيع نا يحيى بن أبي غنية قال: ما رأيت رجلا قط اصفق وجها في الله عزوجل من سفيان الثوري.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن سعيد (31 د) نا عبد الرحمن بن الحكم قال فاخبرنا عبد العزيز (16 م) ابن أبي عثمان عن عصام الأصبهاني أنه بعثه إلى أبي هارون وكتب إليه يسأله الأمان وكتب إلى يعقوب بن داود في ذلك قال: فلما صرت إلى يعقوب وثب فدخل قال فأدخلت بيتا
كنا نسمع كلام النساء والصبيان بيتا ليس فيه شئ قال فجاء بكرسي فوضع فخرج أبو هارون فجلس عليه قال وكان (1) في كتابه: اجعل [لي - 2] الأمان أو يخير الله لي قبل ذلك، قال فلما قرأ الكتاب قال: نعم بل لك الأمان (3) انزل حيث شئت واذهب حيث شئت، قال وقل له يوافينا بالموسم، قال فلما خرجنا قال [لي - 2] يعقوب قل لأبي عبد الله سبحان الله يذهب (4) هذا؟ مظلمة يردها خير من كذا وكذا، قال فقلت: لا نعرف سفيان وهو يتكلم في شئ ويسكت عن شئ.
قال أبو عبد الله فمات في نحو من رجب.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يحيى قال نا محمد بن عصام قال سمعت أبي يقول أرسلني سفيان إلى المهدي بكتابه بأن نأخذ له الأمان (3) منه فدخلت على المهدي فقال لي فيما يقول: لو جاءنا أبو عبد الله لكنا نتزر بإزار ونرتدي بآخر ونضع أيدينا في يده ونخرج إلى السوق فنأمر: بالمعروف وننهى عن المنكر، فحكيت ذلك لسفيان فقال [لي - 5] لو عمل بما يعلم لكان لا يسعنا إلا أن نذهب فنعلمه مالا يعلم.
حدثنا عبد الرحمن نا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنِي (6) مقاتل بن محمد (7) حدثني محمد بن جبر الأصبهاني - وكان أبوه عصام صاحب سفيان - عن
أبيه قال كتب معي سفيان بكتاب أمانة إلى المهدي فقلت يا أبا عبد الله إن رأيت (8) أن تعفيني فقال ترى هؤلاء الذين عندي ما أحد منهم أدفع إليه هذا الكتاب إلا هو يرى أني قد أسديت إليه خيرا فانطلق فقل ما تعلم، واسكت عما لا تعلم.
قال وكتب معي إلى المهدي فحملت الكتاب
وصرت إلى أبي عبيد الله (1) وقلت: رسول سفيان، فأمر بي فأنزلت وسأل عني في سر وقال بكر بالغداة للدخول على امير المؤمنين فاستعفيت، قال: لا بد، ثم بكرت فدخلت عليه فإذا مجلس [بيت - 2] قد لبد (17 م) فناولته الكتاب فجعل ينظر فيه فإذا في الكتاب: إني أظهر على أن لي الأمان ولكل من طولب بسبي وعلي أن أحل من بلاد الله عزوجل حيث أشاء (3) فإني أرجو أن يخير الله لي قبل ذلك، قال فأعطاني مالا أحمله إليه فأبيت ولم أقبله، فقال: له الأمان ولمن طولب بسببه ويحل من بلاد الله حيث يشاء (4) ولكن (31 ك) يوافيني بالموسم، وما على أبي عبد الله أن يضع يده في يدي (5) فيأمر بالمعروف وينهى عن المنكر،
فرجعت إلى سفيان فقلت قد جاء الله بما تحب قال أمير المؤمنين كيت وكيت، قال: اسكت، قل له يستعمل ما يعلم حتى إذا استعمل ما علم أتيناه فعلمناه ما لا يعلم.
قال فخار الله عزوجل له فتوفي قبل ذلك.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن مُسْلِمٍ حَدَّثَنِي أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ قال يحيى ابن سعيد أملى على سفيان إلى المهدي (6) : من سفيان بن سعيد إلى المهدي، فقلت له لو بدأت به، قال فأبى، وقال: أكتب كما أقول، قال أبو الوليد فاحتججت عليه بكتابه إلى عثمان بن زائدة وأنه بدأ بعثمان فقال: كان عثمان رجلا صالحا.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا أبو جميل أحمد بن عبد الله بن عياض المكي قال سمعت عبد الرزاق يقول: قدمنا مكة وقدمها الذي يقال له المهدي فحضرت الثوري وقد خرج من عنده وهو مغضب فقال أدخلت آنفا
علي ابن أبي جعفر فقال لي يا أبا عبد الله طلبناك فأعجزتنا فأمكننا الله منك في أحب المواضع إليه فارفع إلينا حوائجك قال فقلت وأي حاجة تكون لي إليك؟ وأولاد المهاجرين وأولاد الأنصار يموتون خلف بابك جوعا.
فقال لي أبو عبيد الله يا أبا عبد الله لا تكثر الفضول واطلب حوائجك من
أمير المؤمنين، فقلت: مالي إليه من حاجة، لقد أخبرني إسماعيل بن أبي خالد أن عمر بن الخطاب حج فقال لصاحب نفقته كم أنفقنا في حجنا هذا؟ قال اثنا عشر دينارا، قال: أكثرنا، أكثرنا، أو قال: اسرفنا (18 م) أسرفنا، وعلى أبوابكم أمور لا تقوم لها الجبال الراسيات.
قال فقال لي ابن أبي جعفر: يا أبا عبد الله أفرأيت إن لم أقدر أن أوصل إلى كل ذي حق حقه فما أصنع؟ قال: تفر بدينك وتلزم بيتك وتترك الأمر ومن يقدر أن يوصل إلى كل ذي حق حقه، قال فسكت، وقال لي أبو عبيد الله أراك تكثر الفضول إن كانت لك حاجه فاطلبها وإلا فانصرف، قال فانصرفت.
حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي قال كتب إلى عبد الله بن خبيق (32 د) قال حدثني الهيثم بن جميل قال حدثني حماد بن زيد قال دخلت على سفيان الثوري وهو مختف بالبصرة فقال قد ملني أصحابي وما أراني إلا صائرا إليه - يعني الخليفة - وواضع يدي في يده، قلت ماذا أنت قائل (1) له؟ قال أقول: اعتزل هذا الأمر فلست من شأنه حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ نا أبو سعيد الأشج قال نا إبراهيم بن أعين البجلي قال كنت مع سفيان الثوري والأوزاعي وإسحاق بن القاسم الأشعثي بمكة فدخل علينا عبد الصمد بن علي وهو أمير مكة عند المغرب
وسفيان يتوضأ وأنا أصب عليه وهو يتوضأ كأنه بطة وهو يقول لا تنظروا إلي فإني مبتلى، فيدخل البيت الذي فيه الأوزاعي فسلم، ثم أتى عبد الصمد بن علي فسمعت الأوزاعي يقول: مرحبا مرحبا [ثم جاء - 1]
فسلم على سفيان فقال له سفيان من أنت؟ فقال: انأ عبد الصمد، [فقال له كيف أنت - 1] اتق الله اتق الله إذا كبرت فأسمع (2) .
حدثنا عبد الرحمن قال ذكر محمد بن مسلم قال نا حبان [بن موسى - 3] قال ذكر عبد الله - يعني ابن المبارك - أن سفيان دخل على أبي جعفر فقال حاجتك، فقال: حاجتي أن لا تدعوني حتى آتيك.
حدثنا عَبْدُ الرحمن قال ذكر محمد بن مُسْلِمٍ قَالَ وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ ابن أَحْمَدَ بْنِ شنبَوَيْهِ (4) قَالَ وَقَالَ أَبُو رَجَاءٍ طَلَبَ سُفْيَانُ حَتَّى أُدْخِلَ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ، وَالْمَهْدِيُّ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِهِ فَدَخَلَ سُفْيَانُ وَسَلَّمَ ثُمَّ دَنَا مِنَ الْبِسَاطِ فَنَحَّاهُ بِرِجْلِهِ وَجَلَسَ، قَالَ فَقَالَ الْمَهْدِيُّ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (19 م) حدث امير المؤمنين بشئ ينفعه الله عزوجل بِهِ، قَالَ إِنْ سَأَلْتُمُونَا عَنْ شئ علم ذلك عند نا أَخْبَرْنَاكُمْ، فَأَعَادَ عَلَيْهِ، فَقَالَ إِنِّي لَسْتُ بِقَاصٍّ، ثُمَّ قَالَ حدثنا ايمن بن نا بل عَنْ قُدَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمِي الْجِمَارَ عَلَى نَاقَةٍ صَهْبَاءَ مِنْ بَطْنِ (5) الْوَادِي بِلا ضَرْبٍ وَلا طَرْدٍ وَلا إِلَيْكَ إِلَيْكَ.
قَالَ ثُمَّ قَالَ الْمَهْدِيُّ حَدِّثْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بشئ ينفعه الله عزوجل به فقال اعوذ بالله السمع الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (أَلَمْ تَرَ كيف فعل ربك بعاد
إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ) [قَرَأَ - 1] إِلَى قوله (ان ربك لبالمرصاد) ثُمَّ قَالَ بِيَدِهِ عَلَى خِصْرِهِ: بِي بَوْلٌ بِي بَوْلٌ، ثُمَّ قَطَعَ.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن مسلم حدثني عبيد الله بن سعيد أبو قدامة نا عبد الصمد - يعني ابن حسان - قال قال سفيان الثوري إني (2) أدخلت على المهدي فقلت [له - 3] انظر عمر بن الخطاب، فقال: عمر كان له أصحاب، فقلت: فعمر بن عبد العزيز فقد كان في فتنة وفي ما كان فيه فما تكلم بشئ إلا صار سنة، فقال: إن لم أطق؟ فقلت اجلس في بيتك.
حدثنا عبد الرحمن نا (4) محمد بن مسلم قال قلت لأبي نعيم إن الفريابي ذكر أن سفيان دخل على أبي جعفر بمنى فقال اتق الله فإنك إنما أنزلت هذه المنزلة بأسياف المهاجرين والأنصار، وأبناؤهم يموتون جوعا وهزلا، حج عمر بن الخطاب فبلغت نفقته ستة (5) عشر دينارا وأنت فيما أنت، قال فتأمر (6) أن أكون مثلك؟ قال [لا - 7] تكون دون ما أنت فيه وفوق ما أنا فيه، قال فأخرجت، ولم أحفظه عن الفريابي حدثنيه محمد بن (32 ك) هارون عنه.
فقال لي أبو نعيم: إنما دخل على المهدي في ولاية عهده بمنى لا على أبي جعفر.
حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي نا أبو الدرداء عبد العزيز بن منيب قال سمعت الفضل - يعني ابن مقاتل - البلخي (8) قال سمعت النضر ابن زرارة (20 م) يقول طلب أبو جعفر الثوري حتى قدم عليه فادخل
عليه، قال فأقبل [على سفيان - 1] بالملامة فقال: تبغضنا وتبغض دعوتنا وتبغض عترة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال والثوري يقول سلام سلام، قال ثم رفع الثوري رأسه فقال أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ ارم) إِلَى قَوْلِهِ (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ) قال فنكس أبو جعفر رأسه وجعل ينكت بقضيب في يده الأرض فقال سفيان: الوضوء الوضوء، ثم قام (2) فخرج عنه.
حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي ثنا أبو الدرداء عبد العزيز بن منيب (3) قال قال عبد الرزاق كان رجل صحب الثوري يقال له يوسف إلى صنعاء فلم يشعر إذ جاءته الولاية من أبي جعفر فقال له الثوري ويحك يا يوسف شحطوك بغير سكين كيف إذا قيل يوم القيامة أين أبو جعفر وأتباعه قمت فيهم؟ باب ما ذكر في ترك الثوري قبول بر الأمراء حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن منصور الرمادي ثنا القعنبي قال
سمعت يحيى بن سليم الطائفي يحدث سفيان بن عيينة أن محمد بن ابراهيم - يعني الهاشمي اليا كان على مكة - بعث إلى سفيان الثوري بمائتي دينار فأبى أن يقبلها، قلت [له - 4] يا أبا عبد الله كأنك لا تراها حلالا؟ قال: بلى، ولكن أكره أن أذل.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن مسلم حدثني محمد بن عمران بن أبي ليلى عن حميد بن عبد الرحمن قال كان سفيان ذكر له أنه أنفذ إليه مال
فقام فخرج على وجهه.

باب ما ذكر من كثرة حديث الثوري (33 د) حدثنا عبد الرحمن ثنا أبو سعيد الأشج نا أبو عبد الرحمن الحارثي قال خاف سفيان شيئا فطرح كتبه، فلما آمن ارسل إلى والي يزيد ابن ثوير المرهبي (1) فقال أخرجوا الكتب فدخلنا البئر فجعلنا نخرجها فأقول يا أبا عبد الله (وفي الركاز الخمس) وهو يضحك فأخرجنا تسع قمطرات كل واحد إلى هنا (21) وأشار إلى أسفل ثندوته قال فقلت اعزل كتابا تحدثني به قال فعزل [لي - 2] كتابا فحدثني به، قال أبو محمد (3) كذا حدثنا أبو سعيد الأشج، وحدثنا أبي عن أبي سعيد بهذا [الحديث - 4] وزاد فيه فألقى (5) في بئر ماء اشكنك (6) وتراب وألقى (7) فيها كتبه، ثم آمن
فأرسل إلي وإلى يزيد بن توبة (8) - وفي سماعنا: يزيد بن ثوير.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن منصور الرمادي قال سمعت عبد الرزاق يقول قال [لي - 9] ابن المبارك كنت اقعد إلى سفيان الثوري فيحدث فأقول ما بقى من علمه شئ إلا وقد سمعته، ثم اقعد عنده مجلسا آخر [فيحدث - 4] فأقول: ما سمعت من علمه شيئا.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن سعيد المقرئ نا عبد الرحمن بن الحكم بن
بشير قال حدثني نوفل - يعني ابن مطهر - قال أوصى سفيان إلى عمار ابن سيف في كتبه فقال: ما كان بحبر فاغسله [وزاد فيه - 1] وما كان بأنفس فامحه قال فسخنا الماء واستعان بنا قال فاخرج كتبا كثيرة قال فجعلنا نمحوها ونغسلها.
[باب - 2] ما ذكر من قرآن (3) الثوري بين تلاوة القرآن وحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
حدثنا عبد الرحمن قال ذكره ابي قال أبو الدرداء عبد العزيز بن منيب قال قال عبد الرزاق كان الثوري جعل على نفسه لكل (4) ليلة جزءا من القرآن وجزءا من الحديث قال فيقرأ جزأه (5) من القرآن ثم يجلس على الفراس فيقرأ جزأه (5) من الحديث ثم ينام.

باب ما ذكر من علم الثوري بتفسير القرآن حدثنا عبد الرحمن نا أبي رحمه الله حدثني شهاب بن عباد أبو عمر (6) قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول كان سفيان يأخذ المصحف فلا يكاد يمر بآية إلا فسرها فربما (7) مر بالآية فيقول اي شئ عندك في هذه؟ فأقول ما عندي فيها شئ، فيقول (تضيع مثل هذه لا يكون عندك فيها شئ؟.
(1) حدثنا عبد الرحمن نا أبو عبد الله الطهراني نا عبد الرزاق قال كان الثوري يقول: سلوني عن المناسك والقرآن فإني بهما عالم.

باب ما ذكر من آداب سفيان الثوري وتواضعه حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن الهسنجاني قال سمعت يحيى ابن ايوب قال سمعت علي (22 م) بن ثابت الجزري يقول: ما رأيت سفيان يقعد في صدر مجلس قط إنما كان يقعد إلى جانب حائط ويجمع بين ركبتيه.

باب ما ذكر من حرص الثوري على كتابة العلم حدثنا عبد الرحمن نا المقدام بن داود [ابن - 2] أخي سعيد بن عيسى بن تليد المصري نا خالد بن نزار قال سمعت سليمان بن المغيرة البصري يقول قدم علينا الثوري فأرسل إلي: أنه بلغني عنك أحاديث وأنا على ما ترى من الحال فائتني إن خف عليك فأتيته فسمع (3) مني وفعل ذلك بغير واحد من أصحابي.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا أبو قدامة (33 ك) عبيد الله بن سعيد السرخسي (4) قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي قال قال لي سفيان الثوري بمعنى: مر بنا إلى عكرمة بن عمار اليمامي، قال فجعل يملى على سفيان ويوقفه عند كل حديث: قل حدثني: سمعت.
[باب - 1] ما ذكر من إمامة الثوري في السنة والحديث حدثنا عبد الرحمن نا أبو بكر محمد بن خلف الحداد (2) نا يعقوب ابن إسحاق الحضرمي نا شعبة بن الحجاج حدثني سفيان بن سعيد الثوري، قال يعقوب سمعت شعبة يقول: سفيان أمير المؤمنين في الحديث، ثم قال يعقوب كبير عن كبير حدثني الضخم عن الضخام، شعبة الخير أبو بسطام.
حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي قال حدثني مقاتل بن محمد قال سمعت أبا أسامة قال: كان زائدة يرى الثوري سيد المسلمين.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن مسلم قال سمعت أبا زياد يقول سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: الناس على وجوه، فمنهم من هو إمام في السنة إمام (3) في الحديث (4) ، ومنهم من هو إمام في السنة وليس بإمام في الحديث، ومنهم من هو إمام في الحديث ليس بإمام في السنة، فأما من هو إمام في السنة وإمام في الحديث فسفيان الثوري.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا عبد الرحمن بن عمر الأصبهاني قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي (23 م) يقول: أئمة الناس في زمانهم أربعة سفيان الثوري بالكوفة، ومالك بالحجاز، والاوزاعي بالشام، وحماد
ابن زيد بالبصرة.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو بكر بن أبي خيثمة فيما كتب إلي [قال سمعت يحيى بن معين يقول: سفيان أمير المؤمينين في الحديث.
حدثنا عبد الرحمن - 1] نا أبي نا أحمد بن عبد الله بن يونس قال كان يقال: الناس ثلاثة، ابن عباس في زمانه، والشعبي في زمانه، والثوري في زمانه.
[2 - باب ما ذكر من علم سفيان بتفسير القرآن نا أبو عبد الله الطهراني أنا عبد الرزاق قال كان الثوري يقول: سلوني عن المناسك والقرآن فإني بهما عالم - 3] .

باب ما ذكر من الرؤيا للثوري بعد وفاته (34 د) حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي نا أبو الدرداء عبد العزيز بن منيب حدثني (1) الفضل بن مقاتل البلخي قال سمعت يزيد بن أبي حكيم يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام (5) فقلت يارسول الله أن رجلا
من أمتك يقال له سفيان الثوري لا بأس به، قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم لا بأس به، قلت: حدثنا عن أبي هارون عن أبي سعيد عنك أنك لقيت ليلة الإسراء يوسف في السماء؟ قال: صدق.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن مسلم حدثني محمد بن يزيد الرفاعي حدثني داود بن يحيى بن اليمان قال رأيت موسى بن سعيد الرفاعي في
النوم فقلت له: ما صنع الله بك؟ فذكر خيرا، فقلت.
اي شئ وجدت أفضل؟ قال: قول سفيان.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا علي بن محمد الطنافسي نا أبو أسامة عن ابن عيينة قال رأيت الثوري في النوم فقلت له.
أوصني، فقال: أقل من معرفة الناس.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو بكر أحمد بن عمير (1) الطبري نا أبو جعفر الجمال محمد بن مهران قال سمعت الوليد بن مسلم يقول رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقلت يا رسول الله بمن تأمر؟ قال: عليك بسفيان الثوري.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن مسلم حدثني إبراهيم بن موسى قال رأيت فيما يرى النائم كأن قائلا يقول (24 م) : الأمر ما كان عليه
الثوري.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو سعيد الأشج حدثني إبراهيم بن أعين [البجلي - 2] وكان من خيار الناس قال رأيت سفيان الثوري في المنام ولحيته صفراء [حمراء - 3] فَقُلْتُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ما صنعت فديتك؟ قال أنا مع السفرة، قلت: وما السفرة؟ قال: الكرام البررة.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا أحمد بن إبراهيم الدورقي نا مؤمل - يعني ابن إسماعيل - ثنا بعض أصحابنا أنه رأى سفيان الثوري فيما يرى النائم كأن في وجنتيه نكتة سوداء فقلت له يا أبا عبد الله ما هذه النكتة السوداء التي أراها (4) في وجهك؟ قال هذا الكتاب الذي
وضعته للناس.
قال أحمد: يعني جامع الصغير.
قال مؤمل: فأنا رأيت سفيان بعد ذلك في النوم ليس في وجهه [شئ من ذلك حسن الوجه فقلت يا أبا عبد الله إن فلانا حدثني أنهم رأوا في وجهك - 1] نكته سوداء [ولا أراها - 2] ، قال: فأنها عادت أشد بياضا من القطن، أو قال: من الفضة.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا رباح (3) بن الجراح أبو الوليد (4) قال رأيت سفيان الثوري في المنام فقلت ما صنع الله بك؟ قال عفا عني حتى (5) طلب الحديث.
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن شهاب الرازي نا محمد بن مهران - يعني أبا جعفر (6) الجمال - نا عبد الرحمن الدشتكي عن عثمان بن زائدة قال رأيت فيما يرى النائم كأني دخلت مسجد الحرام فإذا أنا بزق من عسل فحركته برجلي فإذا هو سفيان الثوري.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا أحمد بن إبراهيم الدورقي نا مؤمل ابن إسماعيل قال رأيت سفيان الثوري لما أتانا نعيه وذلك في رمضان فملا فرغنا من القيام وضعت رأسي في المسجد فدخل من بعض أبواب المسجد فلما رأيته قمت إليه فقلت يا أبا عبد الله ما صنع بك ربك؟ قال: غفر لي أو قال ادخل الجنة، قلت يا أبا عبد الله لقيت محمدا صلى الله عليه وسلم وحزبه؟ قال: نعم.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو سعيد (25 م) الاشج نا أبو اسامة
قال كنت (34 ك) بالبصرة حين مات سفيان الثوري فلقيت يزيد ابن إبراهيم التستري فقال [لي - 1] قيل لي في منامي الليلة مات
أمير المؤمنين، فقلت للذي يقول في المنام: أمات سفيان الثوري؟.
فقلت له قد مات الليلة.
وقد كان مات تلك اليلة ولم يكن علمه.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو سعيد الأشج نا عمران بن غياث الفزاري حدثني عبد الله بن شيرزاذ الواسطي قال كنت بعبادان فرأيت رجلا جئ به في ثياب بياض قد مات فوضع في سفينة فقلت من هذا الذي [قد - 1] مات على السنة ونجا وصار في الآخرة؟ فلما ارتفع النهار جاءنا الخبر أن سفيان الثوري مات في تلك الليلة.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن مسلم نا عبيد الله بن سعيد أبو قدامة نا يحيى بن أيوب نا أبو كريمة المعبر الكوفي قال قال رجل ذكر أنه رأى فيما يرى النائم أنه ادخل الجنة فإذا هو بيونس (2) بن عبيد وابن عون وأيوب وسليمان التيمي - وذكر قوما من أهل البصرة من أهل الحديث لم أحفظ إلا هؤلاء الأربعة - يتحدثون في روضة من رياض الجنة قال فخطر بقلبي ذكر سفيان الثوري فقلت لهم: لقد كان سفيان عندنا (3) من خيار الناس فما لي لا أراه فيكم؟ فقالوا بأبصارهم إلى السماء فقالوا ما نرى سفيان إلا كما نرى النجم.

باب ما ذكر من المراثي في سفيان الثوري حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان الواسطي قال سمعت عبد الرحمن ابن مهدي يقول جاءني حماد بن زيد وجرير بن حازم من الغد يوم
دفنا سفيان وقالا لي اخرج بنا إلى قبر سفيان، قال فخرجت معهما قال فبينا نحن نمشي [إذ - 1] قال جرير: من كان باك على حي بمنزلة * يبك (2) الغداة على الثوري سفيان قال ثم سكت فظننت أنه كان هيأ أبياتا (3) ليقولها ثم سكت (26 م) قال أحمد بن سنان وكان (4) معنا عبد الله بن الصباح البغدادي وكان رفيقا لنا فلما ذكر هذا البيت الذي قال جرير [بن حازم - 5] فقال هو: أبكي عليه وقد ولى وسودده * وفضله ناضر كالغصن ريان (35 د) حدثنا عبد الرحمن نا أبو سعيد الأشج نا عبد الله (6) بن وهب الحضرمي إن شاء الله قال قال أبو زياد الفقيمي رحمه الله.
لقد مات سفيان حميدا مبرزا * على كل قار هجنته المطامع يلوذ بأبواب الملوك بنية * مبهرجة والزي فيه التواضع يشمر عن ساقيه والرأس فوقه * مبركة (7) فيها اللصيص المخادع جعلتم فداء للذي صان دينه * وفر به حتى حوته المضاجع على غير ذنب كان إلا تنزها * عن الناس حتى أدركته المصارع بعيد من أبواب الملوك مجانبا * وإن طلبوه لم تنله الأصابع فعيني (8) على سفيان تبكي حزينة * شجاها طريد نازح الدار شاسع يقلب طرفا لا يرى عند رأسه * قريبا حميما أو جعته الفواجع على مثله تبكي العيون لفقده * على واصل الأرحام والخلق واسع
فجعنا به حبرا فقيها مؤدبا * بفقه جميع الناس قصد الشرائع (1) باب ما ذكر من أمر سفيان بالمعروف ونهيه عن المنكر حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن الهسنجاني قال سمعت أبا توبة يقول قال يوسف بن أسباط قال رجل لسفيان الثوري اني جعلت في جدة [في - 2] بناء يبنونه.
يعني السلطان قال (3) ألست تمنى بقاءهم إلى أن يعطوك أجرك؟ قال أبو محمد يعني كم ظلما يجرى الله على أيديهم إلى أن تقبض أجرك (4) .
حدثنا عبد الرحمن نا سهل بن بحر (5) العسكري نا أبو هشام - يعني محمد بن يزيد الرفاعي قال سمعت يحيى (6) بن يمان يقول لقيت سفيان عند بني فزارة (27 م) فقال تدرى من أين جئت؟ قلت لا، قال مررت بدار الصيدنانيين (7) فنهيتهم عن بيع الدادي (8) ، واني لارى الشئ يجب على أن آمر فيه وأنهى فأبول دما.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا علي بن ميسرة قال سمعت أبا النضر قيصر قال قال سفيان الثوري اؤمر بالمعروف في رفق فإن قبل منك حمدت الله عزوجل وإلا أقبلت على نفسك فإن لك في نفسك شغلا
وكان الناس إذا التقوا انتفعوا بعضهم ببعض، فأما اليوم فالنجاة في تركهم.

باب ما ذكر من بر سفيان لأبيه (1) حدثنا عبد الرحمن نا سهل بن بحر (2) العسكري نا أبو هشام - يعني الرفاعي - قال سمعت ابن يمان يقول تجهزت إلى مكة وسفيان بها فقال لي سعيد أبو قل لابني (3) يقدم، فلقيني سفيان فسألني عنه قلت هو صالح ويقول لك اقدم، فتجهز للقدوم ثم قال: إنما سموا الأبرار لأنهم بروا الآباء والأبناء.

باب ما ذكر من معرفه سفيان الثوري بالحساب حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول سمعت محمد بن مهران الجمال يقول كان بالري رجل يقال له حجاج وكان ينزل الأزدان (4) (35 ك) وكان حاسبا فقدم حجاج هذا على الثوري (5) فسأله عن مسألة من الحساب فنظر إليه الثوري فقال من اين اخذت
هذه المسألة؟ فإن هذه المسألة لا يحسنها إلا رجل بالري يقال له حجاج.
قال: فأنا حجاج، قال فرحب به (1) ثم ألقى عليه عشر مسائل من الحساب وجعل الثوري يعد ويجيب فيها حجاج فلما فرغ قال له الثوري: أخطأت فيها كلها.
سفيان الثوري مشهور به.
سفيان الثوري
مشهور به [بالتدليس]

يحيى بن سعيد بن أبان بن سعيد الأموي

يَحْيَى بنُ سَعِيْدِ بنِ أَبَانِ بنِ سَعِيْدٍ الأُمَوِيُّ
ابْنِ العَاصِ بنِ أَبِي أُحَيْحَةَ سَعِيْدِ بنِ العَاصِ بنِ أُمَيَّةَ بنِ عَبْدِ شَمْسٍ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ بنِ قُصَيٍّ.
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، النَّبِيْلُ، أَبُو أَيُّوْبَ القُرَشِيُّ، الأُمَوِيُّ، الكُوْفِيُّ.
وَلَهُ عِدَّةُ إِخْوَةٍ.
وَهُوَ وَالِدُ سَعِيْد بنِ يَحْيَى الأُمَوِيِّ؛ صَاحِبِ (المَغَازِي) .
مَوْلِدُهُ: سَنَةَ بِضْعَ عَشْرَةَ وَمائَةٍ.
رَوَى عَنْ: يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيِّ، وَهِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، وَيَزِيْدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي بُرْدَةَ، وَالأَعْمَشِ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَحَمَلَ المَغَازِي عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَسُرَيْجُ بنُ يُوْنُسَ، وَوَلَدُهُ؛ سَعِيْدُ بنُ يَحْيَى، وَحُمَيْدُ بنُ الرَّبِيْعِ، وَخَلْقٌ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: عِنْدَهُ عَنِ الأَعْمَشِ غَرَائِبُ، وَلَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
وَرَوَى: أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ.وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
قُلْتُ: سَكَنَ بَغْدَادَ، وَيُلَقَّبُ: بِالجَمَلِ، مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَمَاتَ قَبْلَهُ بِسَنَةٍ: أَخُوْهُ مُحَمَّدٌ.
وَأَخُوْهُمَا عُبَيْدٌ: يَرْوِي عَنْ إِسْرَائِيْلَ، وَجَمَاعَةٍ.
وَأَخُوْهُم عَبْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدٍ: لُغَوِيٌّ، شَاعِرٌ.
وَأَخُوْهُم الخَامِسُ عَنْبَسَةُ: يَرْوِي عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، وَطَائِفَةٍ، وَهُوَ أَصْغَرُهُم.
وَأَخُوْهُم السَّادِسُ: اسْمُهُ... رَوَى عَنْ: زُهَيْرِ بنِ مُعَاوِيَةَ.
ذَكَرَهُمُ: الدَّارَقُطْنِيُّ.
وَكِيْعُ بن ُ الجَرَّاحِ بنِ مَلِيْحِ بنِ عَدِيٍّ الرُّؤَاسِيُّ ابْنِ فَرَسِ بنِ جُمْجُمَةَ بنِ
سُفْيَانَ بنِ الحَارِثِ بنِ عَمْرِو بنِ عُبَيْدِ بنِ رُؤَاسٍ، الإِمَامُ، الحَافِظُ، مُحَدِّثُ العِرَاقِ، أَبُو سُفْيَانَ الرُّؤَاسِيُّ، الكُوْفِيُّ، أَحَدُ الأَعْلاَمِ.وُلِدَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
قَالَهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ، وَهَارُوْنُ بنُ حَاتِمٍ: وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ، وَاشْتَغَلَ فِي الصِّغَرِ.
وَسَمِعَ مِنْ: هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، وَسُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ، وَابْنِ عَوْنٍ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، وَدَاوُدَ الأَوْدِيِّ، وَيُوْنُسَ بنِ أَبِي إِسْحَاقَ، وَأَسْوَدَ بنِ شَيْبَانَ، وَهِشَامِ بنِ الغَازِ، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَجَعْفَرِ بنِ بُرْقَانَ، وَزَكَرِيَّا بنِ أَبِي زَائِدَةَ، وَطَلْحَةَ بنِ عَمْرٍو المَكِّيِّ، وَفُضَيْلِ بنِ غَزْوَانَ، وَأَبِي جَنَابٍ الكَلْبِيِّ، وَحَنْظَلَةَ بنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَأَبَانِ بنِ صَمْعَةَ، وَأَبَانِ بنِ عَبْدِ اللهِ البَجَلِيِّ، وَأَبَانِ بنِ يَزِيْدَ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ الفَضْلِ المَخْزُوْمِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ يَزِيْدَ الخُوْزِيِّ، وَإِدْرِيْسَ بنِ يَزِيْدَ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ رَافِعٍ المَدَنِيِّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ سُلَيْمَانَ الأَزْرَقِ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي الصُّفَيْرَا، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ مُسْلِمٍ العَبْدِيِّ، وَأَفْلَحَ بنِ حُمَيْدٍ، وَأَيْمَنَ بنِ نَابِلٍ، وَبَدْرِ بنِ عُثْمَانَ، وَبَشِيْرِ بنِ المُهَاجِرِ، وَحُرَيْثِ بنِ أَبِي مَطَرٍ، وَأَبِي خَلْدَةَ خَالِدِ بنِ دِيْنَارٍ، وَخَالِدِ بنِ طَهْمَانَ، وَدَلْهَمِ بنِ صَالِحٍ، وَسَعْدِ بنِ أَوْسٍ، وَسَعْدَانَ الجُهَنِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ السَّائِبِ، وَسَعِيْدِ بنِ عُبَيْدٍ الطَّائِيِّ، وَسَلَمَةَ بنِ نُبَيْطٍ، وَطَلْحَةَ بنِ يَحْيَى، وَعَبَّادِ بنِ مَنْصُوْرٍ، وَعُثْمَانَ الشَّحَامِ، وَعُمَرَ بنِ ذَرٍّ، وَعِيْسَى بنِ طَهْمَانَ، وَعُيَيْنَةَ بنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ جَوْشَنٍ، وَكَهْمَسٍ، وَالمُثَنَّى بنِ سَعِيْدٍ الضُّبَعِيِّ، وَالمُثَنَّى بنِ سَعِيْدٍ الطَّائِيِّ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَمِسْعَرِ بنِ حَبِيْبٍ، وَمِسْعَرِ بنِ كِدَامٍ، وَمُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي مُزَرِّدٍ، وَمُصْعَبِ بنِ سُلَيْمٍ، وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَسُفْيَانَ،وَشُعْبَةَ، وَإِسْرَائِيْلَ، وَشَرِيْكٍ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَكَانَ مِنْ بُحُوْرِ العِلْمِ، وَأَئِمَّةِ الحِفْظِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ - أَحَدُ شُيُوْخِهِ - وَعَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ، وَالفَضْلُ بنُ مُوْسَى السِّيْنَانِيُّ - وَهُمَا أَكْبَرُ مِنْهُ - وَيَحْيَى بنُ آدَمَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ، وَالحُمَيْدِيُّ، وَمُسَدَّدٌ، وَعَلِيٌّ، وَأَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِيْنٍ، وَإِسْحَاقُ، وَبَنُو أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَأَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ هَاشِمٍ الطُّوْسِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ العُطَارِدِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ العَبْسِيُّ، وَأُمَمٌ سِوَاهُم.
وَكَانَ وَالِدُهُ نَاظِراً عَلَى بَيْتِ المَالِ بِالكُوْفَةِ، وَلَهُ هَيْبَةٌ وَجَلاَلَةٌ.
وَرَوَى عَنْ: يَحْيَى بنِ أَيُّوْبَ المَقَابِرِيِّ.
قَالَ: وَرِثَ وَكِيْعٌ مِنْ أُمِّهِ مائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ.
قَالَ يَحْيَى بنُ يَمَانٍ: لَمَّا مَاتَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، جَلَسَ وَكِيْعٌ مَوْضِعَهُ.
قَالَ القَعْنَبِيُّ: كُنَّا عِنْدَ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، فَلَمَّا خَرَجَ وَكِيْعٌ، قَالُوا: هَذَا رَاويَةُ سُفْيَانَ.
قَالَ حَمَّادٌ: إِنْ شِئْتُمْ قُلْتُ: أَرْجَحُ مِنْ سُفْيَانَ.
الفَضْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الشَّعْرَانِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ أَكْثَمَ يَقُوْلُ: صَحِبْتُ وَكِيْعاً فِي الحَضَرِ وَالسَّفَرِ، وَكَانَ يَصُوْمُ الدَّهْرَ، وَيَخْتِمُ القُرْآنَ كُلَّ لَيْلَةٍ.
قُلْتُ: هَذِهِ عِبَادَةٌ يُخضَعُ لَهَا، وَلَكِنَّهَا مِنْ مِثْلِ إِمَامٍ مِنَ الأَئِمَّةِ الأَثَرِيَّةِ مَفضُولَةٌ، فَقَدْ صَحَّ نَهْيُه - عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ - عَنْ صَومِ الدَّهْرِ، وَصَحَّ أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُقْرَأَ القُرْآنُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلاَثٍ، وَالدِّيْنُ يُسْرٌ، وَمُتَابَعَةُ السُّنَّةِ أَوْلَى، فَرَضِيَ اللهُ عَنْ وَكِيْعٍ، وَأَيْنَ مِثْلُ وَكِيْعٍ؟!وَمَعَ هَذَا فَكَانَ مُلاَزِماً لِشُرْبِ نَبِيذِ الكُوْفَةِ الَّذِي يُسكِرُ الإِكثَارُ مِنْهُ، فَكَانَ مُتَأَوِّلاً فِي شُرْبِهِ، وَلَوْ تَرَكَهُ تَوَرُّعاً، لَكَانَ أَوْلَى بِهِ، فَإِنَّ مَنْ تَوَقَّى الشُّبَهَاتِ، فَقَدِ اسْتَبرَأَ لِدِيْنِه وَعِرْضِهِ، وَقَدْ صَحَّ النَّهْيُ وَالتَّحرِيْمُ لِلنَّبِيذِ المَذْكُوْرِ، وَلَيْسَ هَذَا
مَوْضِعَ هَذِهِ الأُمُوْرِ، وَكُلُّ أَحَدٍ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُتْرَكُ، فَلاَ قُدْوَةَ فِي خَطَأِ العَالِمِ، نَعَمْ، وَلاَ يُوَبَّخُ بِمَا فَعلَهُ بِاجْتِهَادٍ - نَسْأَلُ اللهَ المُسَامَحَةَ -.قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: وَكِيْعٌ فِي زَمَانِهِ كَالأَوْزَاعِيِّ فِي زَمَانِهِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَوعَى لِلْعِلمِ وَلاَ أَحْفَظَ مِنْ وَكِيْعٍ.
قُلْتُ: كَانَ أَحْمَدُ يُعَظِّمُ وَكِيْعاً، وَيُفَخِّمُهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَامِرٍ المَصِّيْصِيُّ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ: وَكِيْعٌ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَوْ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ؟
فَقَالَ: وَكِيْعٌ.
قُلْتُ: كَيْفَ فَضَّلتَه عَلَى يَحْيَى، وَيَحْيَى وَمَكَانُه مِنَ العِلْمِ وَالحِفْظِ وَالإِتْقَانِ مَا قَدْ عَلِمْتَ؟
قَالَ: وَكِيْعٌ كَانَ صَدِيْقاً لِحَفْصِ بنِ غِيَاثٍ، فَلَمَّا وَلِيَ القَضَاءَ، هَجَرَهُ، وَإِنَّ يَحْيَى كَانَ صَدِيْقاً لِمُعَاذِ بنِ مُعَاذٍ، فَلَمَّا وَلِيَ القَضَاءَ، لَمْ يَهْجُرْه يَحْيَى.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الوَرَّاقُ: عُرِضَ القَضَاءُ عَلَى وَكِيْعٍ، فَامْتَنَعَ.
مُحَمَّدُ بنُ سَلاَمٍ البِيْكَنْدِيُّ: سَمِعْتُ وَكِيْعاً يَقُوْلُ:
مَنْ طَلَبَ الحَدِيْثَ كَمَا جَاءَ، فَهُوَ صَاحِبُ سُنَّةٍ، وَمَنْ طَلَبَهُ لِيُقَوِّيَ بِهِ رَأْيَهُ، فَهُوَ صَاحِبُ بِدْعَةٍ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ ابْنُ عَسَاكِرَ: قَدْ حَدَّثَ وَكِيْعٌ بِدِمَشْقَ، فَأَخَذَ عَنْهُ: هِشَامُ بنُ عَمَّارٍ، وَابْنُ ذَكْوَانَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَزِيْدَ، حَدَّثَنِي حُسَيْنٌ
أَخُو زَيْدَانَ، قَالَ:كُنْتُ مَعَ وَكِيْعٍ، فَأَقْبَلْنَا جَمِيْعاً مِنَ المَصِّيْصَةِ - أَوْ طَرَسُوْسَ - فَأَتَيْنَا الشَّامَ، فَمَا أَتَيْنَا بَلَداً إِلاَّ اسْتَقبَلَنَا وَالِيْهَا، وَشَهِدْنَا الجُمُعَةَ بِدِمَشْقَ، فَلَمَّا سَلَّمَ الإِمَامُ، أَطَافُوا بِوَكِيْعٍ، فَمَا انْصَرَفَ إِلَى أَهْلِهِ -يَعْنِي إِلَى اللَّيْلِ-.
قَالَ: فَحَدَّثَ بِهِ مَلِيْحاً ابْنَهُ، فَقَالَ: رَأَيْتُ فِي جَسَدِ أَبِي آثَارَ خُضْرَةٍ مِمَّا زُحِمَ ذَلِكَ اليَوْمَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ: أَحْرَمَ وَكِيْعٌ مِنْ بَيْتِ المَقْدِسِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: كَانَ وَكِيْعٌ ثِقَةً، مَأْمُوْناً، عَالِياً، رَفِيْعاً، كَثِيْرَ الحَدِيْثِ، حُجَّةً.
قَالَ مَحْمُوْدُ بنُ غَيْلاَنَ: قَالَ لِي وَكِيْعٌ: اخْتَلَفتُ إِلَى الأَعْمَشِ سِنِيْنَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ خَلَفٍ التَّيْمِيُّ: أَخْبَرَنَا وَكِيْعٌ، قَالَ: أَتَيْتُ الأَعْمَشَ، فَقُلْتُ: حَدِّثْنِي.
قَالَ: مَا اسْمُكَ؟
قُلْتُ: وَكِيْعٌ.
قَالَ: اسْمُ نَبِيْلٍ، مَا أَحسِبُ إِلاَّ سَيَكُوْنُ لَكَ نَبَأٌ، أَيْنَ تَنْزِلُ مِنَ الكُوْفَةِ؟
قُلْتُ: فِي بَنِي رُؤَاسٍ.
قَالَ: أَيْنَ مِنْ مَنْزِلِ الجَرَّاحِ بنِ مَلِيْحٍ؟
قُلْتُ: ذَاكَ أَبِي، وَكَانَ عَلَى بَيْتِ المَالِ.
قَالَ لِي: اذْهَبْ، فَجِئنِي بِعَطَائِي، وَتَعَالَ حَتَّى أُحَدِّثَك بِخَمْسَةِ أَحَادِيْثَ.
فَجِئْتُ إِلَى أَبِي، فَأَخْبَرتُهُ، قَالَ: خُذْ نِصْفَ العَطَاءِ، وَاذْهَبْ، فَإِذَا حَدَّثَكَ بِالخَمْسَةِ، فَخُذِ النِّصْفَ الآخَرَ، حَتَّى تَكُوْنَ عَشْرَةٌ.
فَأَتَيْتُهُ بِنِصْفِ عَطَائِهِ، فَوَضَعَهُ فِي كَفِّه، وَقَالَ: هَكَذَا.
ثُمَّ سَكَتَ، فَقُلْتُ: حَدِّثْنِي.
فَأَملَى عَلَيَّ حَدِيْثَينِ، فَقُلْتُ: وَعَدْتَنِي بِخَمْسَةٍ.
قَالَ: فَأَيْنَ الدَّرَاهِمُ كُلُّهَا؟ أَحسِبُ أَنَّ أَبَاكَ أَمَرَكَ بِهَذَا،
وَلَمْ يَدرِ أَنَّ الأَعْمَشَ مُدَرَّبٌ، قَدْ شَهِدَ الوَقَائِعَ، اذْهَبْ، فَجِئْنِي بِتَمَامِه.فَجِئْتُهُ، فَحَدَّثَنِي بِخَمْسَةٍ، فَكَانَ إِذَا كَانَ كُلُّ شَهْرٍ، جِئْتُهُ بِعَطَائِهِ، فَحَدَّثَنِي بِخَمْسَةِ أَحَادِيْثَ.
قَالَ قَاسِمُ بنُ يَزِيْدَ الجَرْمِيُّ: كَانَ الثَّوْرِيُّ يَدعُو وَكِيْعاً وَهُوَ غُلاَمٌ، فَيَقُوْلُ: يَا رُؤَاسِيُّ! تَعَالَ، أَيَّ شَيْءٍ سَمِعْتَ؟
فَيَقُوْلُ: حَدَّثَنِي فُلاَنٌ بِكَذَا، وَسُفْيَانُ يَتَبَسَّمُ، وَيَتَعَجَّبُ مِنْ حِفْظِهِ.
قَالَ ابْنُ عَمَّارٍ: مَا كَانَ بِالكُوْفَةِ فِي زَمَانِ وَكِيْعٍ أَفْقَهُ وَلاَ أَعْلَمُ بِالحَدِيْثِ مِنْ وَكِيْعٍ، وَكَانَ جِهْبِذاً، سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: مَا نَظَرْتُ فِي كِتَابٍ مُنْذُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، إِلاَّ فِي صَحِيْفَةٍ يَوْماً.
فَقُلْتُ لَهُ: عَدُّوا عَلَيْكَ بِالبَصْرَةِ أَرْبَعَةَ أَحَادِيْثَ غَلِطْتَ فِيْهَا.
قَالَ: وَحَدَّثْتُهُم بِعَبَّادَانَ بِنَحْوٍ مِنْ أَلفٍ وَخَمْسِ مائَةٍ، أَرْبَعَةُ أَحَادِيْثَ لَيْسَتْ بِكَثِيْرَةٍ فِي ذَلِكَ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: سَمِعْتُ وَكِيْعاً يَقُوْلُ:
مَا كَتَبتُ عَنِ الثَّوْرِيِّ قَطُّ، كُنْتُ أَتَحَفَّظُ، فَإِذَا رَجَعْتُ إِلَى المَنْزِلِ، كَتَبْتُهَا.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عِمْرَانَ الأَخْنَسِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ يَمَانٍ يَقُوْلُ:
نَظرَ سُفْيَانُ إِلَى عَيْنَيْ وَكِيْعٍ، فَقَالَ: لاَ يَمُوْتُ هَذَا الرُّؤَاسِيُّ حَتَّى يَكُوْنَ لَهُ شَأْنٌ.
فَمَاتَ سُفْيَانُ، وَجَلَسَ وَكِيْعٌ مَكَانَه.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ: قُلْتُ لأَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ: حَدِّثْنَا.
قَالَ: قَدْ كَبِرْنَا وَنَسِينَا الحَدِيْثَ، اذْهَبْ إِلَى وَكِيْعٍ فِي بَنِي رُؤَاسٍ.
قَالَ الشَّاذَكُوْنِيُّ: قَالَ لَنَا أَبُو نُعَيْمٍ يَوْماً:
مَا دَامَ هَذَا التِّنِيْنُ حَيّاً -يَعْنِي: وَكِيْعاً- مَا يُفلِحُ أَحَدٌ مَعَهُ.
قُلْتُ: كَانَ وَكِيْعٌ أَسْمَرَ، ضَخْماً، سَمِيْناً.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: حُدِّثْتُ عَنْ نُوْحِ بنِ حَبِيْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ،
قَالَ:رَأَيْتُ الثَّوْرِيَّ، وَابْنَ عُيَيْنَةَ، وَمَعْمَراً، وَمَالِكاً، وَرَأَيْتُ وَرَأَيْتُ، فَمَا رَأَتْ عَيْنَايَ قَطُّ مِثْلَ وَكِيْعٍ.
قَالَ المُفَضَّلُ الغَلاَبِيُّ: كُنَّا بِعَبَّادَانَ، فَقَالَ لِي حَمَّادُ بنُ مَسْعدَةَ: أُحِبُّ أَنْ تَجِيْءَ مَعِي إِلَى وَكِيْعٍ.
فَأَتَيْنَاهُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، وَتَحَدَّثْنَا، ثُمَّ انْصَرَفنَا، فَقَالَ لِي حَمَّادٌ: يَا أَبَا مُعَاوِيَةَ! قَدْ رَأَيْتُ الثَّوْرِيَّ، فَمَا كَانَ مِثْلَ هَذَا.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: كَانَ وَكِيْعٌ حَافِظاً حَافِظاً، مَا رَأَيْتُ مِثْلَهُ.
وَقَالَ بِشْرُ بنُ مُوْسَى: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ:
مَا رَأَيْتُ قَطُّ مِثْلَ وَكِيْعٍ فِي العِلْمِ، وَالحِفْظِ، وَالإِسْنَادِ، وَالأَبْوَابِ، مَعَ خُشُوْعٍ وَوَرَعٍ.
قُلْتُ: يَقُوْلُ هَذَا أَحْمَدُ مَعَ تَحَرِّيه وَوَرَعِهِ، وَقَدْ شَاهَدَ الكِبَارَ، مِثْلَ هُشَيمٍ، وَابْنِ عُيَيْنَةَ، وَيَحْيَى القَطَّانِ، وَأَبِي يُوْسُفَ القَاضِي، وَأَمْثَالِهِم.
وَكَذَا رَوَى عَنْ أَحْمَدَ: إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، قَالَ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَوَّارٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ:
سَمِعْتُ عَبْدَ الصَّمَدِ بنَ سُلَيْمَانَ البَلْخِيَّ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَوَكِيْعٍ، وَأَبِي نُعَيْمٍ، فَقَالَ:
مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْ وَكِيْعٍ، وَكَفَاكَ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ مَعْرِفَةً وَإِتْقَاناً، وَمَا رَأَيْتُ رَجُلاً أَوزَنَ بِقَوْمٍ مِنْ غَيْرِ مُحَابَاةٍ، وَلاَ أَشَدَّ تَثَبُّتاً فِي أُمُوْرِ الرِّجَالِ مَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ أَقَلُّ الأَرْبَعَةِ خَطَأً، وَهُوَ عِنْدِي ثِقَةٌ، مَوْضِعُ الحُجَّةِ فِي الحَدِيْثِ.
وَقَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ: قُلْتُ لأَبِي: أَيُّمَا أَثْبَتُ عِنْدَكَ، وَكِيْعٌ أَوْ يَزِيْدُ؟
فَقَالَ: مَا مِنْهُمَا - بِحَمْدِ الله - إِلاَّ ثَبْتٌ، وَمَا رَأَيْتُ أَوعَى لِلْعِلْمِ مِنْ وَكِيْعٍ، وَلاَ أَشْبَهَ مِنْ أَهْلِ النُّسُكِ مِنْهُ، وَلَمْ يَختَلِطْ بِالسُّلْطَانِ.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ الحَسَنِ: سُئِلَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ
عَنْ وَكِيْعٍ وَابْنِ مَهْدِيٍّ، فَقَالَ: وَكِيْعٌ أَكْبَرُ فِي القَلْبِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ إِمَامٌ.وَقَالَ زَاهِدُ دِمَشْقَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ: مَا رَأَيْتُ فِيْمَنْ لَقِيْتُ أَخشَعَ مِنْ وَكِيْعٍ.
عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ حِبَّانَ: عَنْ أَبِيْهِ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ أَفْضَلَ مِنْ وَكِيْعٍ.
قِيْلَ: وَلاَ ابْنُ المُبَارَكِ؟
قَالَ: قَدْ كَانَ ابْنُ المُبَارَكِ لَهُ فَضْلٌ، وَلَكِنْ مَا رَأَيْتُ أَفْضَلَ مِنْ وَكِيْعٍ، كَانَ يَسْتَقبِلُ القِبْلَةَ، وَيَحْفَظُ حَدِيْثَهُ، وَيَقُوْمُ اللَّيْلَ، وَيسرُدُ الصَّوْمَ، وَيُفْتِي بِقَوْلِ أَبِي حَنِيْفَةَ -رَحِمَهُ اللهُ- وَكَانَ قَدْ سَمِعَ مِنْهُ كَثِيْراً.
قَالَ صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ جَزَرَةُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَحْفَظَ مِنْ وَكِيْعٍ.
فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: وَلاَ هُشَيْمٌ؟
فَقَالَ: وَأَيْنَ يَقَعُ حَدِيْثُ هُشَيْمٍ مِنْ حَدِيْثِ وَكِيْعٍ؟!
قَالَ الرَّجُلُ: إِنِّيْ سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَحْفَظَ مَنْ يَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ.
فَقَالَ: كَانَ يَزِيْدُ يَتَحَفَّظُ، كَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ تُحَفِّظُه مِنْ كِتَابٍ.
قَالَ قُتَيْبَةُ: سَمِعْتُ جَرِيْراً يَقُوْلُ:
جَاءنِي ابْنُ المُبَارَكِ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ! مَنْ رَجُلُ الكُوْفَةِ اليَوْمَ؟
فَسَكَتَ عَنِّي، ثُمَّ قَالَ: رَجُلُ المِصْرَيْنِ وَكِيْعٌ.
تَمْتَامٌ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ، حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِ وَكِيْعٍ الَّذِيْنَ كَانُوا يَلْزَمُوْنَهُ:
أَنَّ وَكِيْعاً كَانَ لاَ يَنَامُ حَتَّى يَقرَأَ جُزْءهُ مِنْ كُلِّ لَيْلَةٍ ثُلُثَ القُرْآنَ، ثُمَّ يَقُوْمُ فِي آخِرِ اللَّيْلِ، فَيَقرَأُ المُفَصَّلَ، ثُمَّ يَجْلِسُ،
فَيَأْخُذُ فِي الاسْتِغْفَارِ حَتَّى يَطلُعَ الفَجْرُ.وَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ وَكِيْعٍ، قَالَ:
كَانَ أَبِي يُصَلِّي، فَلاَ يَبْقَى فِي دَارِنَا أَحَدٌ إِلاَّ صَلَّى، حَتَّى جَارِيَةٌ لَنَا سَوْدَاءُ.
عَبَّاسٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، سَمِعْتُ وَكِيْعاً يَقُوْلُ كَثِيْراً: وَأَيُّ يَوْمٍ لَنَا مِنَ المَوْتِ؟ وَرَأَيْتُهُ أَخَذَ فِي كِتَابِ (الزُّهْدِ) يَقْرَؤُهُ، فَلَمَّا بَلَغَ حَدِيْثاً مِنْهُ، تَرَكَ الكِتَابَ، ثُمَّ قَامَ، فَلَمْ يُحَدِّثْ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الغَدِ، وَأَخَذَ فِيْهِ، بَلَغَ ذَلِكَ المَكَانَ، قَامَ أَيْضاً وَلَمْ يُحَدِّثْ، حَتَّى صَنَعَ ذَلِكَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ.
قُلْتُ لِيَحْيَى: وَأَيُّ حَدِيْثٍ هُوَ؟
قَالَ: حَدِيْثُ: (كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيْبٌ، أَوْ عَابِرُ سَبِيْلٍ ) .
قَالَ ابْنُ عَمَّارٍ: كَانَ وَكِيْعٌ يَصُوْمُ الدَّهْرَ، وَيُفْطِرُ يَوْمَ الشَّكِّ وَالعِيْدِ، وَأُخْبِرْتُ أَنَّهُ كَانَ يَشتَكِي إِذَا أَفطَرَ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ.
وَعَنْ سُفْيَانَ بنِ وَكِيْعٍ، قَالَ: كَانَ أَبِي يَجْلِسُ لأَصْحَابِ الحَدِيْثِ مِنْ بُكْرَةٍ إِلَى ارْتِفَاعِ النَّهَارِ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَيَقِيْلُ، ثُمَّ يُصَلِّي الظُّهْرَ، وَيَقْصِدُ الطَّرِيْقَ إِلَى المَشْرَعَةِ الَّتِي يَصعَدُ مِنْهَا أَصْحَابُ الرَّوَايَا،
فَيُرِيْحُوْنَ نَوَاضِحَهُم، فَيُعَلِّمُهُم مِنَ القُرْآنِ مَا يُؤَدُّونَ بِهِ الفَرضَ إِلَى حُدُوْدِ العَصْرِ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى مَسْجِدِهِ، فَيُصَلِّي العَصْرَ، ثُمَّ يَجْلِسُ يَدْرُسُ القُرْآنَ، وَيَذكُرُ الله إِلَى آخِرِ النَّهَارِ، ثُمَّ يَدْخُلُ مَنْزِلَهُ، فَيُقَدَّمُ إِلَيْهِ إِفْطَارُهُ، وَكَانَ يُفْطِرُ عَلَى نَحْوِ عَشْرَةِ أَرطَالٍ مِنَ الطَّعَامِ، ثُمَّ تُقَدَّمُ إِلَيْهِ قُرَابَةٌ، فِيْهَا نَحْوٌ مِنْ عَشْرَةِ أَرطَالٍ مِنْ نَبِيذٍ، فَيَشرَبُ مِنْهَا مَا طَابَ لَهُ عَلَى طَعَامِهِ، ثُمَّ يَجعَلُهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَقُوْمُ، فَيُصَلِّي وِرْدَهُ مِنَ اللَّيْلِ، كُلَّمَا صَلَّى شَيْئاً، شَرِبَ مِنْهَا، حَتَّى يُنْفِدَهَا، ثُمَّ يَنَامُ.رَوَى هَذِهِ الحِكَايَةَ الدَّارَقُطْنِيُّ، عَنِ القَاضِي ابْنِ أُمِّ شَيْبَانَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ سُفْيَانَ بنِ وَكِيْعٍ، عَنْ أَبِيْهِ.
قَالَ إِسْحَاقُ بنُ بُهْلُولٍ: قَدِمَ عَلَيْنَا وَكِيْعٌ، فَنَزَلَ فِي مَسْجِدِ الفُرَاتِ، وَسَمِعْتُ مِنْهُ، فَطَلَبَ مِنِّي نَبِيْذاً، فَجِئْتُهُ بِهِ، وَأَقْبَلتُ أَقرَأُ عَلَيْهِ الحَدِيْثَ وَهُوَ يَشْرَبُ، فَلَمَّا نَفِدَ مَا جِئْتُهُ بِهِ، أَطفَأَ السِّرَاجَ.
قُلْتُ: مَا هَذَا؟
قَالَ: لَوْ زِدْتَنَا، زِدْنَاكَ.
قَالَ جَعْفَرٌ الطَّيَالِسِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ رَجُلاً يَسْأَلُ وَكِيْعاً، فَقَالَ: يَا أَبَا سُفْيَانَ! شَرِبْتُ البَارِحَةَ نَبِيْذاً، فَرَأَيْتُ فِيْمَا يَرَى النَّائِمُ كَأَنَّ رَجُلاً يَقُوْلُ: شَرِبتَ خَمراً.
فَقَالَ وَكِيْعٌ: ذَلِكَ الشَّيْطَانُ.
وَقَالَ نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ: تَعَشَّينَا عِنْدَ وَكِيْعٍ -أَوْ قَالَ: تَغَدَّينَا- فَقَالَ: أَيَّ شَيْءٍ تُرِيْدُوْنَ أَجِيئُكُم مِنْهُ: نَبِيذُ الشُّيُوْخِ، أَوْ نَبِيذُ الفِتْيَانِ؟ فَقُلْتُ:
تَتَكَلَّمُ بِهَذَا؟قَالَ: هُوَ عِنْدِي أَحَلُّ مِنْ مَاءِ الفُرَاتِ.
قُلْتُ لَهُ: مَاءُ الفُرَاتِ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي حِلِّهِ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي هَذَا.
قُلْتُ: الرَّجُلُ - سَامَحَهُ الله - لَوْ لَمْ يَعْتَقِدْ إِبَاحَتَه، لَمَا قَالَ هَذَا.
عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ شَمَّاسٍ، قَالَ: لَوْ تَمَنَّيْتُ، كُنْتُ أَتَمَنَّى عَقْلَ ابْنِ المُبَارَكِ وَوَرَعَهُ، وَزُهْدَ ابْنِ فُضَيْلٍ وَرِقَّتَه، وَعِبَادَةَ وَكِيْعٍ وَحِفْظَهُ، وَخُشُوْعَ عِيْسَى بنِ يُوْنُسَ، وَصَبْرَ حُسَيْنٍ الجُعْفِيِّ، صَبَرَ وَلَمْ يَتَزَوَّجْ، وَلَمْ يَدْخُلْ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمرِ الدُّنْيَا.
وَرَوَى: بَعْضُ الرُّوَاةِ عَنْ وَكِيْعٍ، قَالَ: قَالَ لِي الرَّشِيْدُ:
إِنَّ أَهْلَ بَلَدِكَ طَلَبُوا مِنِّي قَاضِياً، وَقَدْ رَأَيْتُ أَنْ أُشْرِكَكَ فِي أَمَانَتِي وَصَالِحِ عَمَلِي، فَخُذْ عَهدَكَ.
فَقُلْتُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! أَنَا شَيْخٌ كَبِيْرٌ، وَإِحْدَى عَيْنَيَّ ذَاهِبَةٌ، وَالأُخْرَى ضَعِيْفَةٌ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ خَشْرَمٍ: مَا رَأَيْتُ بِيَدِ وَكِيْعٍ كِتَاباً قَطُّ، إِنَّمَا هُوَ حِفْظٌ، فَسَأَلتُهُ عَنْ أَدوِيَةِ الحِفْظِ، فَقَالَ: إِنْ عَلَّمْتُكَ الدَّوَاءَ، اسْتَعْمَلتَه؟
قُلْتُ: إِيْ وَاللهِ.
قَالَ: تَرْكُ المَعَاصِي، مَا جَرَّبْتُ مِثْلَهُ لِلْحِفْظِ.
وَقَالَ طَاهِرُ بنُ مُحَمَّدٍ المَصِّيْصِيُّ: سَمِعْتُ وَكِيْعاً يَقُوْلُ:
لَوْ عَلِمتُ
أَنَّ الصَّلاَةَ أَفْضَلُ مِنَ الحَدِيْثِ، مَا حَدَّثْتُكُم.قَالَ سُفْيَانُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ صَاحِبُ ابْنِ المُبَارَكِ: كَانَ وَكِيْعٌ أَحْفَظَ مِنِ ابْنِ المُبَارَكِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: وَكِيْعٌ: كُوْفِيٌّ، ثِقَةٌ، عَابِدٌ، صَالِحٌ، أَدِيْبٌ، مِنْ حُفَّاظِ الحَدِيْثِ، وَكَانَ مُفْتِياً.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ: سُئِلَ أَبُو دَاوُدَ: أَيُّمَا أَحْفَظُ: وَكِيْعٌ أَوْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ؟
قَالَ: وَكِيْعٌ أَحْفَظُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ أَتْقَنُ، وَقَدِ التَقَيَا بَعْدَ العِشَاءِ فِي المَسْجَدِ الحَرَامِ، فَتَوَاقَفَا، حَتَّى سَمِعَا أَذَانَ الصُّبْحِ.
عَبَّاسٌ، وَابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: سَمِعَا يَحْيَى يَقُوْلُ:
مَنْ فَضَّلَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ مَهْدِيٍّ عَلَى وَكِيْعٍ، فَعَلَيهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِيْنَ.
قُلْتُ: هَذَا كَلاَمٌ رَدِيءٌ، فَغَفَرَ اللهُ لِيَحْيَى، فَالَّذِي أَعْتَقِدُهُ أَنَا أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَعْلَمُ الرَّجُلَيْنِ، وَأَفْضَلُ، وَأَتْقَنُ، وَبِكُلِّ حَالٍ هُمَا إِمَامَانِ نَظِيْرَانِ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: مَا رُئِيَ لِوَكِيْعٍ كِتَابٌ قَطُّ، وَلاَ لِهُشَيْمٍ، وَلاَ لِحَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، وَلاَ لِمَعْمَرٍ.
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: أَوْثَقُ أَصْحَابِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ: ابْنُ مَهْدِيٍّ، وَالقَطَّانُ، وَوَكِيْعٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: أَشْهَدُ عَلَى أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ قَالَ:
الثَّبْتُ عِنْدنَا
بِالعِرَاقِ: وَكِيْعٌ، وَيَحْيَى القَطَّانُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ.رَوَاهَا: أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ أَيْضاً، ثُمَّ قَالَ: فَذَكَرْتُهُ لِيَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، فَقَالَ: الثَّبْتُ عِنْدنَا بِالعِرَاقِ وَكِيْعٌ.
السَّاجِيُّ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْ وَكِيْعٍ.
قَالَ يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ - وَبَلَغَهُ قَوْلُ يَحْيَى: مَنْ فَضَّلَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ عَلَى وَكِيْعٍ، فَعَلَيْهِ اللَّعْنَةَ -: كَانَ غَيْرُ هَذَا أَشْبَهَ بِكَلاَمِ أَهْلِ العِلْمِ، وَمَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ، لَمْ يَقلْ مِثْلَ هَذَا، وَكِيْع خَيِّرٌ، فَاضِلٌ، حَافِظٌ.
وَقَدْ سُئِلَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: إِذَا اخْتَلَفَ وَكِيْعٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، بِقَوْلِ مَنْ نَأْخُذُ؟
فَقَالَ: نُوَافِقُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَكْثَرَ، وَخَاصَّةً فِي سُفْيَانَ، كَانَ مَعْنِيّاً بِحَدِيْثِهِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ يَسْلَمُ مِنْهُ السَّلَفُ، وَيَجتَنِبُ شُرْبَ المُسْكِرِ، وَكَانَ لاَ يَرَى أَنْ يُزْرَعَ فِي أَرْضِ الفُرَاتِ.
قُلْتُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ لَهُ جَلاَلَةٌ عَجِيْبَةٌ، وَكَانَ يُغْشَى عَلَيْهِ إِذَا سَمِعَ القُرْآنَ.
نَقَلَهُ: صَاحِبُ (شرِيْعَةِ المَقَارِئِ) .
عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ: قُلْتُ لِيَحْيَى: حَدِيْثُ الأَعْمَشِ إِذَا اخْتَلَفَ وَكِيْعٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ؟
قَالَ: يُوَقَّفُ حَتَّى يَجِيْءَ مَنْ يُتَابِعُ أَحَدَهُمَا.
ثُمَّ قَالَ: كَانَتِ الرِّحلَةُ إِلَى وَكِيْع فِي زَمَانِهِ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: وَكِيْعٌ أَحْفَظُ مِنِ ابْنِ المُبَارَكِ.
قَالَ حَنْبَلُ بنُ إِسْحَاقَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ:رَأَيْتُ عِنْدَ مَرْوَانَ بنِ مُعَاوِيَةَ لَوْحاً فِيْهِ أَسْمَاءُ شُيُوْخٍ: فُلاَنٌ رَافِضِيٌّ، وَفُلاَنٌ كَذَا، وَوَكِيْعٌ رَافِضِيٌّ، فَقُلْتُ لِمَرْوَانَ: وَكِيْع خَيْرٌ مِنْكَ.
قَالَ: مِنِّي؟
قُلْتُ: نَعَمْ.
فَسَكَتَ، وَلَوْ قَالَ لِي شَيْئاً، لَوَثَبَ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ عَلَيْهِ.
قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ وَكِيْعاً، فَقَالَ: يَحْيَى صَاحِبُنَا، وَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ يَعْرِفُ لِي، وَيُرَحِّبُ.
قُلْتُ: مَرَّ قَوْلُ أَحْمَدَ: إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ يَسْلَمُ مِنْهُ السَّلَفُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ وَكِيْعاً فِيْهِ تَشَيُّعٌ يَسِيْرٌ، لاَ يَضُرُّ - إِنْ شَاءَ اللهُ - فَإِنَّهُ كُوْفِيٌّ فِي الجُمْلَةِ، وَقَدْ صَنَّفَ كِتَابَ (فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ) ، سَمِعْنَاهُ قَدَّمَ فِيْهِ بَابَ مَنَاقِبِ عَلِيٍّ عَلَى مَنَاقِبِ عُثْمَانَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-.
قَالَ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُفَيْرٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ، قَالَ:
كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ لاَ يُتَحَدَّثُ فِي مَجْلِسِهِ، وَلاَ يَقُوْمُ أَحَدٌ وَلاَ يُبْرَى فِيْهِ قَلَمٌ، وَلاَ يَتَبَسَّمُ أَحَدٌ، وَكَانَ وَكِيْعٌ يَكُوْنُوْنَ فِي مَجْلِسِهِ كَأَنَّهُم فِي صَلاَةٍ، فَإِنْ أَنْكَرَ مِنْ أَمرِهِم شَيْئاً، انْتَعَلَ، وَدَخَلَ، وَكَانَ ابْنُ نُمَيْرٍ يَغْضَبُ وَيَصِيْحُ، وَإِنْ رَأَى مَنْ يَبرِي قَلَماً، تَغَيَّرَ وَجْهُهُ غَضَباً.
قَالَ تَمِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ الطُّوْسِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ: عَلَيْكُم بِمُصَنَّفَاتِ وَكِيْعٍ.
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مَسْعُوْدٍ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: أَخْطَأَ وَكِيْعٌ فِي خَمْسِ مائَةِ حَدِيْثٍ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: كَانَ وَكِيْعٌ يَلْحَنُ، وَلَوْ حَدَّثْتُ عَنْهُ
بِأَلْفَاظِهِ، لَكَانَتْ عَجَباً، كَانَ يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ (عِيْشَةَ) .نَقَلَهَا: يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ، عَنْهُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: كَانَ وَكِيْعٌ أَحْفَظَ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِكَثِيْرٍ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: عَنْ أَبِيْهِ:
ابْنُ مَهْدِيٍّ أَكْثَرُ تَصْحِيْفاً مِنْ وَكِيْعٍ، لَكِنَّهُ أَقَلُّ خَطَأً.
وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ يَقُوْلُ:
مَا رَأَتْ عَيْنَايَ مِثْلَ وَكِيْعٍ قَطُّ، يَحْفَظُ الحَدِيْثَ جَيِّداً، وَيُذَاكِرُ بِالفِقْهِ، فَيُحْسِنُ مَعَ وَرَعٍ وَاجْتِهَادٍ، وَلاَ يَتَكَلَّمُ فِي أَحَدٍ.
قَالَ الحَافِظُ أَحْمَدُ بنُ سَهْلٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ: دَخَلْتُ عَلَى أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ بَعْدَ المِحْنَةِ، فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: كَانَ وَكِيْعٌ إِمَامَ المُسْلِمِيْنَ فِي زَمَانِهِ.
قَالَ سَلْمُ بنُ جُنَادَةَ: جَالَسْتُ وَكِيْعاً سَبْعَ سِنِيْنَ، فَمَا رَأَيْتُهُ بَزَقَ، وَلاَ مَسَّ حَصَاةً، وَلاَ جَلَسَ مِجْلِساً فَتَحَرَّكَ، وَمَا رَأَيْتُهُ إِلاَّ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ، وَمَا رَأَيْتُهُ يَحلِفُ بِاللهِ.
وَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ: كُنْتُ عِنْدَ وَكِيْعٍ، فَجَاءهُ رَجُلٌ يَدعُوْهُ إِلَى عُرْسٍ، فَقَالَ: أَثَمَّ نَبِيْذٌ؟
قَالَ: لاَ.
قَالَ: لاَ نَحْضُرُ عُرْساً لَيْسَ فِيْهِ نَبِيْذٌ.
قَالَ: فَإِنِّي آتِيْكُم بِهِ، فَقَامَ.
وَرُوِيَ عَنْ وَكِيْعٍ: أَنَّ رَجُلاً أَغلَظَ لَهُ، فَدَخَلَ بَيْتاً، فَعَفَّرَ وَجْهَه، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الرَّجُلِ، فَقَالَ: زِدْ وَكِيْعاً بِذَنْبِهِ، فَلَولاَهُ، مَا سُلِّطْتَ عَلَيْهِ.
نَصْرُ بنُ المُغِيْرَةِ البُخَارِيُّ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ شَمَّاسٍ يَقُوْلُ:
رَأَيْتُ أَفْقَهَ النَّاسِ وَكِيْعاً، وَأَحْفَظَ النَّاسِ ابْنَ المُبَارَكِ، وَأَورَعَ النَّاسِ الفُضَيْلَ.
قَالَ مَرْوَانُ بنُ مُحَمَّدٍ الطَّاطَرِيُّ: مَا رَأَيْتُ فِيْمَنْ رَأَيْتُ أَخشَعَ مِنْ وَكِيْعٍ، وَمَا وُصِفَ لِي أَحَدٌ قَطُّ إِلاَّ رَأَيْتُهُ دُوْنَ الصِّفَةِ، إِلاَّ وَكِيْعاً، رَأَيْتُهُ فَوْقَ مَا وُصِفَ لِي.قَالَ سَعِيْدُ بنُ مَنْصُوْرٍ: قَدِمَ وَكِيْعٌ مَكَّةَ، وَكَانَ سَمِيْناً، فَقَالَ لَهُ الفُضَيْلُ بنُ عِيَاضٍ: مَا هَذَا السِّمَنُ وَأَنْتَ رَاهِبُ العِرَاقِ؟!
قَالَ: هَذَا مِنْ فَرَحِي بِالإِسْلاَمِ، فَأَفَحَمَهُ.
أَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ: سَمِعْتُ وَكِيْعاً يَقُوْلُ: الجَهرُ بِالبَسْمِلَةِ بِدعَةٌ.
قَالَ الفَضْلُ بنُ عَنْبَسَةَ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ وَكِيْعٍ مِنْ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً.وَقَالَ إِسْحَاقُ بنُ رَاهَوَيْه: حِفْظِي وَحِفظُ ابْن المُبَارَكِ تَكَلُّفٌ، وَحِفْظُ وَكِيْعٍ أَصْلِيٌّ، قَامَ وَكِيْعٌ، فَاسْتَنَدَ، وَحَدَّثَ بِسَبْعِ مائَةِ حَدِيْثٍ حِفْظاً.
وَقَالَ مَحْمُوْدُ بنُ آدَمَ: تَذَاكَرَ بِشْرُ بنُ السَّرِيِّ وَوَكِيْعٌ لَيْلَةً - وَأَنَا أَرَاهُمَا - مِنَ العِشَاءِ إِلَى الصُّبْحِ، فَقُلْتُ لِبِشْرٍ: كَيْفَ رَأَيْتَهُ؟
قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْهُ.
وَقَالَ سَهْلُ بنُ عُثْمَانَ: مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْ وَكِيْعٍ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: كَانَ وَكِيْعٌ مَطْبُوْعَ الحِفظِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ: كَانُوا إِذَا رَأَوْا وَكِيْعاً، سَكَتُوا -يَعْنِي: فِي الحِفْظِ وَالإِجْلاَلِ-.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ يَحْيَى وَابْنِ مَهْدِيٍّ وَوَكِيْعٍ، فَقَالَ: وَكِيْعٌ أَسْرَدُهُم.
أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الجَمَّالَ يَقُوْلُ:
أَتَيْنَا وَكِيْعاً، فَخَرَجَ بَعْدَ سَاعَةٍ وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ مَغْسُوْلَةٌ، فَلَمَّا بَصُرْنَا بِهِ، فَزِعْنَا مِنَ النُّوْرِ الَّذِي رَأَينَاهُ يَتَلأْلأُ مِنْ وَجْهِهِ.
فَقَالَ رَجُلٌ بِجَنْبِي: أَهَذَا مَلَكٌ؟
فَتَعَجَّبْنَا مِنْ ذَلِكَ النُّوْرِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ: رَأَيْتُ وَكِيْعاً إِذَا قَامَ فِي الصَّلاَةِ، لَيْسَ يَتَحَرَّكُ مِنْهُ شَيْءٌ، لاَ يَزُوْلُ وَلاَ يَمِيْلُ عَلَى رِجْلٍ دُوْنَ الأُخْرَى.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ: سَمِعْتُ وَكِيْعاً يَقُوْلُ: مَا نَعِيْشُ إِلاَّ
فِي سُتْرَةٍ، وَلَوْ كُشِفَ الغِطَاءُ، لَكُشِفَ عَنْ أَمرٍ عَظِيْمٍ، الصِّدْقَ النِّيَّةَ.قَالَ الفَلاَّسُ: مَا سَمِعْتُ وَكِيْعاً ذَاكِراً أَحَداً بِسُوءٍ قَطُّ.
قُلْتُ: مَعَ إِمَامَتِهِ، كَلاَمُهُ نَزْرٌ جِدّاً فِي الرِّجَالِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ، عَنْ وَكِيْعٍ: مَا أَخَذْتُ حَدِيْثاً قَطُّ عَرْضاً.
فَذَكَرْتُ هَذَا لابْنِ مَعِيْنٍ، فَقَالَ: وَكِيْعٌ عِنْدنَا ثَبْتٌ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الحَكَمِ بنِ بَشِيْرٍ: وَكِيْعٌ عَنِ الثَّوْرِيِّ غَايَةُ الإِسْنَادِ، لَيْسَ بَعْدَهُ شَيْءٌ، مَا أَعْدِلُ بِوَكِيْعٍ أَحَداً.
فَقِيْلَ لَهُ: فَأَبُو مُعَاوِيَةَ؟
فَنَفَرَ مِنْ ذَلِكَ.
قُلْتُ: أَصَحُّ إِسْنَادٍ بِالعِرَاقِ وَغَيْرِهَا: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، عَنْ وَكِيْعٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَفِي (المُسْنَدِ) بِهَذَا السَّنَدِ عِدَّةُ مُتُوْنٍ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ هَاشِمٍ: خَرَجَ عَلَيْنَا وَكِيْعٌ يَوْماً، فَقَالَ:
أَيُّ الإِسْنَادَينِ أَحَبُّ إِلَيْكُم: الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، أَوْ: سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ؟
فَقُلْنَا: الأَعْمَشُ، فَإِنَّهُ أَعْلَى.
فَقَالَ: بَلِ الثَّانِي، فَإِنَّهُ فَقِيْهٌ، عَنْ فَقِيْهٍ، عَنْ فَقِيْهٍ، عَنْ فَقِيْهٍ، وَالآخَرُ شَيْخٌ، عَنْ شَيْخٍ، وَحَدِيْثٌ يَتَدَاوَلُهُ الفُقَهَاءُ، خَيْرٌ مِنْ حَدِيْثٍ يَتَدَاوَلُهُ الشُّيُوْخُ.
نُوْحُ بنُ حَبِيْبٍ: حَدَّثَنَا وَكِيْعٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ:حَضَرْتُ مَوْتَ سُفْيَانَ، فَكَانَ عَامَّةُ كَلاَمِهِ: مَا أَشَدَّ المَوْتَ!
قَالَ نُوْحٌ: فَأَتَيْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، فَقُلْتُ لَهُ: حَدَّثَنَا عَنْكَ وَكِيْعٌ، فَكَانَ مُتَّكِئاً، فَقَعَدَ، وَقَالَ: أَنَا حَدَّثْتُ أَبَا سُفْيَانَ، جَزَاهُ اللهُ خَيْراً، وَمَنْ مِثْلُ أَبِي سُفْيَانَ؟! وَمَا يُقَالُ لمِثْلِ أَبِي سُفْيَانَ؟!
وَقِيْلَ: إِنَّ وَكِيْعاً وَصَلَ إِنْسَاناً مَرَّةً بِصُرَّةِ دَنَانِيْرَ؛ لِكَوْنِهِ كَتَبَ مِنْ مِحْبَرَةِ ذَلِكَ الإِنْسَانِ، وَقَالَ: اعذِرْ، فَلاَ أَمْلِكُ غَيْرَهَا.
عَلِيُّ بنُ خَشْرَمٍ: سَمِعْتُ وَكِيْعاً يَقُوْلُ:
لاَ يَكْمُلُ الرَّجُلُ حَتَّى يَكْتُبَ عَمَّنْ هُوَ فَوْقَهُ، وَعَمَّنْ هُوَ مِثْلَهُ، وَعَمَّنْ هُوَ دُوْنَهُ.
وَعَنْ مَلِيْحِ بنِ وَكِيْعٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَ بِأَبِي المَوْتُ، أَخْرَجَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ! تَرَى يَدَيَّ مَا ضَرَبْتُ بِهِمَا شَيْئاً قَطُّ.
قَالَ مَلِيْحٌ: فَحَدَّثتُ بِهَذَا دَاوُدَ بنَ يَحْيَى بنِ يَمَانٍ، فَقَالَ:
رَأَيتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّومِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! مَنِ الأَبْدَالُ؟
قَالَ: الَّذِيْنَ لاَ يَضْرِبُوْن بِأَيْدِيهِم شَيْئاً، وَإِنَّ وَكِيْعاً مِنْهُم.
قُلْتُ: بَلِ الَّذِي يَضْرِبُ بِيَدِهِ فِي سَبِيْلِ اللهِ أَشْرَفُ وَأَفْضَلُ.
مِحْنَةُ وَكِيْعٍ - وَهِيَ غَرِيْبَةٌ - تَوَرَّطَ فِيْهَا، وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ خَيْراً، وَلَكِنْ فَاتَتْهُ سَكْتَةٌ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (كَفَى بِالمَرْءِ إِثْماً أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ، فَلْيَتَّقِ عَبْدٌ رَبَّهُ، وَلاَ يَخَافَنَّ إِلاَّ ذَنْبَهُ) .
قَالَ عَلِيُّ بنُ خَشْرَمٍ: حَدَّثَنَا وَكِيْعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ البَهِيِّ:أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيْقَ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْدَ وَفَاتِهِ، فَأَكَبَّ عَلَيْهِ، فَقَبَّلَهُ، وَقَالَ: بِأَبِي وَأُمِّي، مَا أَطْيَبَ حَيَاتَكَ وَمِيْتَتَكَ.
ثُمَّ قَالَ البَهِيُّ: وَكَانَ تُرِكَ يَوْماً وَلَيْلَةً، حَتَّى رَبَا بَطْنُهُ، وَانْثَنَتْ خِنْصِرَاهُ.
قَالَ ابْنُ خَشْرَمٍ: فَلَمَّا حَدَّثَ وَكِيْعٌ بِهَذَا بِمَكَّةَ، اجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ، وَأَرَادُوا صَلْبَ وَكِيْعٍ، وَنَصَبُوا خَشَبَةً لِصَلْبِهِ، فَجَاءَ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، فَقَالَ لَهُم: اللهَ اللهَ، هَذَا فَقِيْهُ أَهْلِ العِرَاقِ، وَابْنُ فَقِيْهِهِ، وَهَذَا حَدِيْثٌ مَعْرُوْفٌ.
قَالَ سُفْيَانُ: وَلَمْ أَكنْ سَمِعْتُهُ، إِلاَّ أَنِّي أَرَدْتُ تَخلِيصَ وَكِيْعٍ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ خَشْرَمٍ: سَمِعْتُ الحَدِيْثَ مِنْ وَكِيْعٍ بَعْدَ مَا أَرَادُوا صَلبَهُ، فَتَعَجَّبْتُ مِنْ جَسَارَتِهِ.
وَأُخْبِرْتُ أَنَّ وَكِيْعاً احْتجَّ، فَقَالَ: إِنَّ عِدَّةً مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْهُمُ عُمَرُ، قَالُوا:
لَمْ يَمُتْ رَسُوْلُ اللهِ، فَأَرَادَ اللهُ أَنْ يُرِيَهِم آيَةَ المَوْتِ.
رَوَاهَا: أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ رَزِيْنٍ البَاشَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ خَشْرَمٍ.
وَرَوَى الحَدِيْثَ عَنْ وَكِيْعٍ: قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ.
فَهَذِهِ زَلَّةُ عَالِمٍ، فَمَا لِوَكِيْعٍ، وَلِرِوَايَةِ هَذَا الخَبَرِ المُنْكَرِ، المُنْقَطِعِ الإِسْنَادِ! كَادَتْ نَفْسُهُ أَنْ تَذْهَبَ غَلَطاً، وَالقَائِمُوْنَ عَلَيْهِ مَعْذُوْرُوْنَ، بَلْ مَأْجُورُوْنَ، فَإِنَّهُم تَخَيَّلُوا مِنْ إِشَاعَةِ هَذَا الخَبَرِ المَرْدُوْدِ، غَضّاً مَا لِمَنْصِبِ النُّبُوَّةِ، وَهُوَ فِي بَادِئِ الرَّأْيِ يُوْهِمُ ذَلِكَ، وَلَكِنْ إِذَا تَأَمَّلتَه، فَلاَ بَأْسَ - إِنْ شَاءَ اللهُ - بِذَلِكَ، فَإِنَّ الحَيَّ قَدْ يَرْبُو جَوْفُهُ، وَتَستَرخِي مَفَاصِلُهُ، وَذَلِكَ تَفَرُّعٌ مِنَ الأَمرَاضِ (وَأَشَدُّ النَّاسِ بَلاَءً الأَنْبِيَاءُ). وَإِنَّمَا المَحْذُوْرُ أَنْ
تُجَوِّزَ عَلَيْهِ تَغَيُّرَ سَائِرِ مَوْتَى الآدَمِيِّينَ وَرَائِحَتِهِم، وَأَكْلَ الأَرْضِ لأَجْسَادِهِم، وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَمُفَارِقٌ لِسَائِرِ أُمَّتِهِ فِي ذَلِكَ، فَلاَ يَبْلَى، وَلاَ تَأْكلُ الأَرْضُ جَسَدَهُ، وَلاَ يَتَغَيَّرُ رِيْحُهُ، بَلْ هُوَ الآنَ - وَمَا زَالَ - أَطْيَبُ رِيْحاً مِنَ المِسْكِ، وَهُوَ حَيٌّ فِي لَحْدِهِ، حَيَاةَ مِثْلِهِ فِي البَرزَخِ الَّتِي هِيَ أَكمَلُ مِنْ حَيَاةِ سَائِرِ النَّبِيِّينَ، وَحَيَاتُهُم بِلاَ رَيْبٍ أَتَمُّ وَأَشرَفُ مِنْ حَيَاةِ الشُّهدَاءِ الَّذِيْنَ هُم بِنَصِّ الكِتَابِ: {أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِم يُرْزَقُوْنَ} [آلُ عِمْرَانَ: 169] ، وَهَؤُلاَءِ حَيَاتُهُم الآنَ الَّتِي فِي عَالِمِ البَرْزَخِ حَقٌّ، وَلَكِنْ لَيْسَتْ هِيَ حَيَاةَ الدُّنْيَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَلاَ حَيَاةَ أَهْلِ الجَنَّةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَلَهُم شِبْهٌ بِحَيَاةِ أَهْلِ الكَهْفِ.وَمِنْ ذَلِكَ اجْتِمَاعُ آدَمَ وَمُوْسَى لَمَّا احْتَجَّ عَلَيْهِ مُوْسَى، وَحَجَّهُ آدَمُ بِالعِلْمِ السَّابِقِ، كَانَ اجْتِمَاعُهُمَا حَقّاً، وَهُمَا فِي عَالِمِ البَرْزَخِ، وَكَذَلِكَ نَبِيُّنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخبَرَ أَنَّهُ رَأَى فِي السَّمَاوَاتِ آدَمَ، وَمُوْسَى، وَإِبْرَاهِيْمَ، وَإِدْرِيْسَ، وَعِيْسَى، وَسَلَّمَ عَلَيْهِم، وَطَالَتْ مُحَاوَرَتُهُ مَعَ
مُوْسَى، هَذَا كُلُّه حَقٌّ، وَالَّذِي مِنْهُم لَمْ يَذُقِ المَوْتَ بَعْدُ، هُوَ عِيْسَى -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- فَقَدْ تَبَرْهَنَ لَكَ أَنَّ نَبِيَّنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا زَالَ طَيِّباً مُطَيَّباً، وَإِنَّ الأَرْضَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهَا أَكلُ أَجْسَادِ الأَنْبِيَاءِ، وَهَذَا شَيْءٌ سَبِيْلُهُ التَّوقِيْفُ، وَمَا عَنَّفَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُم - لَمَّا قَالُوا لَهُ بِلاَ عِلْمٍ: وَكَيْفَ تُعْرَضُ صَلاَتُنَا عَلَيْك وَقَدْ أَرَمْتَ؟! -يَعْنِي: قَدْ بَلِيتَ-.فَقَالَ: (إِنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَى الأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الأَنْبِيَاءِ ) .
وَهَذَا بَحْثٌ مُعتَرِضٌ فِي الاعتِذَارِ عَنْ إِمَامٍ مِنْ أَئِمَّةِ المُسْلِمِيْنَ، وَقَدْ قَامَ فِي الدَّفعِ عَنْهُ مِثْلُ إِمَامِ الحِجَازِ؛ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، وَلَوْلاَ أَنَّ هَذِهِ الوَاقِعَةَ فِي عِدَّةِ كُتُبٍ، وَفِي مِثْلِ (تَارِيْخِ الحَافِظِ ابْنِ عَسَاكِرَ) ، وَفِي (كَامِلِ الحَافِظِ ابْنِ عَدِيٍّ) ، لأَعرَضْتُ عَنْهَا جُمْلَةً، فَفِيْهَا عِبْرَةٌ.
حَتَّى قَالَ
الحَافِظُ يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ فِي (تَارِيْخِهِ ) : وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ حَدَّثَ وَكِيْعٌ بِمَكَّةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ البَهِيِّ... ، فَذَكَرَ الحَدِيْثَ.ثُمَّ قَالَ: فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى العُثْمَانِيِّ، فَحَبَسَهُ، وَعَزَمَ عَلَى قَتْلِهِ، وَنُصِبَتْ خَشَبَةٌ خَارِجَ الحَرَمِ، وَبَلَغَ وَكِيْعاً، وَهُوَ مَحْبُوسٌ.
قَالَ الحَارِثُ بنُ صِدِّيْقٍ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ لَمَّا بَلَغَنِي، وَقَدْ سَبَقَ إِلَيْهِ الخَبَرُ.
قَالَ: وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ عُيَيْنَةَ يَوْمَئِذٍ مُتَبَاعَدٌ، فَقَالَ لِي: مَا أُرَانَا إِلاَّ قَدِ اضطُرِرنَا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ، وَاحْتَجْنَا إِلَيْهِ.
فَقُلْتُ: دَعْ هَذَا عَنْكَ، فَإِنْ لَمْ يُدْرِكْكَ، قُتِلْتَ.
فَأَرَسَلَ إِلَى سُفْيَانَ، وَفَزِعَ إِلَيْهِ، فَدَخَلَ سُفْيَانُ عَلَى العُثْمَانِيِّ -يَعْنِي مُتَوَلِّي مَكَّةَ- فَكَلَّمَهُ فِيْهِ، وَالعُثْمَانِيُّ يَأْبَى عَلَيْهِ.
فَقَالَ لَهُ سُفْيَانُ: إِنِّيْ لَكَ نَاصِحٌ، هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، وَلَهُ عَشِيْرَةٌ، وَوَلَدُهُ بِبَابِ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، فَتَشْخَصُ لِمُنَاظَرَتِهِم.
قَالَ: فَعَمِلَ فِيْهِ كَلاَمُ سُفْيَانَ، فَأَمَرَ بِإِطلاَقِهِ.
فَرَجَعتُ إِلَى وَكِيْعٍ، فَأَخْبَرتُهُ، فَرَكِبَ حِمَاراً، وَحَمَلْنَا مَتَاعَه، وَسَافَرَ، فَدَخَلْتُ عَلَى العُثْمَانِيِّ مِنَ الغَدِ، فَقُلْتُ: الحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ تُبْتَلَ بِهَذَا الرَّجُلِ، وَسَلَّمَكَ اللهُ.
قَالَ: يَا حَارِثُ، مَا نَدِمتُ عَلَى شَيْءٍ نَدَامَتِي عَلَى تَخلِيَتِهِ، خَطَرَ بِبَالِي هَذِهِ اللَّيْلَةَ حَدِيْثُ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
حَوَّلتُ أَبِي وَالشُّهَدَاءَ بَعْدَ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً، فَوَجَدنَاهُم رِطَاباً يُثْنَوْنَ، لَمْ يَتغَيَّرْ مِنْهُم شَيْءٌ.
ثُمَّ قَالَ الفَسَوِيُّ: فَسَمِعْتُ سَعِيْدَ بنَ مَنْصُوْرٍ يَقُوْلُ:
كُنَّا بِالمَدِيْنَةِ، فَكَتَبَ أَهْلُ مَكَّةَ إِلَى أَهْلِ المَدِيْنَةِ بِالَّذِي كَانَ مِنْ وَكِيْعٍ، وَقَالُوا: إِذَا قَدِمَ عَلَيْكُم، فَلاَ تَتَّكِلُوا عَلَى الوَالِي، وَارْجُمُوْهُ حَتَّى تَقْتُلُوْهُ.قَالَ: فَعَرَضُوا عَلَيَّ ذَلِكَ، وَبَلَغَنَا الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ، فَبَعَثْنَا بَرِيْداً إِلَى وَكِيْعٍ أَنْ لاَ يَأْتِيَ المَدِيْنَةَ، وَيَمضِيَ مِنْ طَرِيْقِ الرَّبَذَةِ، وَكَانَ قَدْ جَاوَزَ مَفْرَقَ الطَّرِيْقَيْنِ، فَلَمَّا أَتَاهُ البَرِيْدُ، رَدَّ، وَمَضَى إِلَى الكُوْفَةِ.
وَنَقَلَ الحَافِظُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي تَرْجَمَةِ عَبْدِ المَجِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ أَبِي رَوَّادٍ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَفْتَى بِمَكَّةَ بِقَتلِ وَكِيْعٍ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى المَرْوَزِيُّ - فِيْمَا كَتَبَ إِلَيَّ - قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبِي؛ عِيْسَى بنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا العَبَّاسُ بنُ مُصْعَبٍ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا وَكِيْعٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ ... ، فَسَاقَ الحَدِيْثَ.
ثُمَّ قَالَ قُتَيْبَةُ: حَدَّثَ وَكِيْعٌ بِمَكَّةَ بِهَذَا سَنَةَ حَجَّ الرَّشِيْدُ، فَقَدَّمُوْهُ إِلَيْهِ، فَدَعَا الرَّشِيْدُ سُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ، وَعَبْدَ المَجِيْدِ بنَ أَبِي رَوَّادٍ.
فَأَمَّا عَبْدُ المَجِيْدِ، فَإِنَّهُ قَالَ: يَجِبُ أَنْ يُقْتَلَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَرْوِ هَذَا إِلاَّ مَنْ فِي قَلْبِهِ غِشٌّ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَقَالَ سُفْيَانُ: لاَ قَتْلَ عَلَيْهِ، رَجُلٌ سَمِعَ حَدِيْثاً، فَأَرْوَاهُ، وَالمَدِيْنَةُ شَدِيْدَةُ الحَرِّ، تُوُفِّيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَتُرِكَ لَيْلَتَيْنِ؛ لأَنَّ القَوْمَ فِي إِصْلاَحِ أَمرِ الأُمَّةِ، وَاخْتَلَفَتْ قُرَيْشٌ وَالأَنْصَارُ، فَمِنْ ذَلِكَ تَغَيَّرَ.
قَالَ قُتَيْبَةُ: فَكَانَ وَكِيْعٌ إِذَا ذَكَرَ فِعلَ عَبْدِ المَجِيْدِ، قَالَ: ذَاكَ جَاهِلٌ، سَمِعَ حَدِيْثاً لَمْ يَعْرِفْ وَجْهَهُ، فَتَكَلَّمَ بِمَا تَكَلَّمَ.
قُلْتُ: فَرَضنَا أَنَّهُ مَا فَهِمَ تَوْجِيْهَ الحَدِيْثِ عَلَى مَا تَزْعُمُ، أَفَمَا لَكَ عَقلٌ وَوَرَعٌ؟ أَمَّا سَمِعْتَ قَوْلَ الإِمَامِ عَلِيٍّ: حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُوْنَ،
وَدَعُوا مَا يُنكِرُوْنَ، أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللهُ وَرَسُوْلهُ ؟ أَمَا سَمِعْتَ فِي الحَدِيْثِ : (مَا أَنْتَ مُحَدِّثٌ قَوْماً حَدِيْثاً لاَ تَبْلُغُهُ عُقُوْلُهُم، إِلاَّ كَانَ فِتْنَةً لِبَعْضِهِم) ؟ثُمَّ إِنَّ وَكِيْعاً بَعْدَهَا تَجَاسَرَ وَحَجَّ، وَأَدْرَكَه الأَجَلُ بِفَيْدَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا وَكِيْعٌ بِحَدِيْثٍ فِي الكُرْسِيِّ، قَالَ:
فَاقشَعَرَّ رَجُلٌ عِنْد وَكِيْعٍ، فَغَضِبَ، وَقَالَ: أَدْرَكْنَا الأَعْمَشَ وَالثَّوْرِيَّ يُحَدِّثُونَ بِهَذِهِ الأَحَادِيْثِ، وَلاَ يُنْكِرُوْنَهَا.
قَالَ يَحْيَى بنُ يَحْيَى التَّمِيْمِيُّ: سَمِعْتُ وَكِيْعاً يَقُوْلُ:
مَنْ شَكَّ أَنَّ القُرْآنَ كَلاَمُ اللهِ -يَعْنِي: غَيْرَ مَخْلُوْقٍ- فَهُوَ كَافِرٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الدَّوْرَقِيُّ: سَمِعْتُ وَكِيْعاً يَقُوْلُ:
نُسَلِّمُ هَذِهِ الأَحَادِيْثَ كَمَا جَاءتْ، وَلاَ نَقُوْلُ: كَيْفَ كَذَا؟ وَلاَ لِمَ كَذَا؟
يَعْنِي: مِثْلَ حَدِيْثِ: (يَحْمِلُ السَّمَاوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ).
قَالَ أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ: سَمِعْتُ وَكِيْعاً يَقُوْلُ:مَنْ زَعَمَ أَنَّ القُرْآنَ مَخْلُوْقٌ، فَقَدْ زَعَمَ أَنَّهُ مُحْدَثٌ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ القُرْآنَ مُحْدَثٌ، فَقَدْ كَفَرَ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ عَثَّامٍ: مَرِضَ وَكِيْعٌ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ، فَقَالَ: إِنَّ سُفْيَانَ أَتَانِي، فَبَشَّرَنِي بِجِوَارِهِ، فَأَنَا مُبَادِرٌ إِلَيْهِ.
قَالَ أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ: مَاتَ وَكِيْعٌ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ، يَوْمَ عَاشُوْرَاءَ، فَدُفِنَ بِفَيْدَ.
يَعْنِي: رَاجِعاً مِنَ الحَجِّ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: حَجَّ وَكِيْع سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ، وَمَاتَ بِفَيْدَ.
قُلْتُ: عَاشَ ثَمَانِياً وَسِتِّيْنَ سَنَةً، سِوَى شَهْرٍ، أَوْ شَهْرَيْنِ.
قَالَ قَيْسُ بنُ أُنَيْفٍ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ جَعْفَرٍ البِيْكَنْدِيَّ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّزَّاقِ يَقُوْلُ:
يَا أَهْلَ خُرَاسَانَ؛ إِنَّهُ نُعِيَ لِي إِمَامُ خُرَاسَانَ -يَعْنِي وَكِيْعاً-.
قَالَ: فَاهتَمَمنَا لِذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: بُعْداً لَكُم يَا مَعْشَرَ الكِلاَبِ، إِذَا سَمِعْتُم مِنْ أَحَدٍ شَيْئاً، اشْتَهَيْتُم مَوْتَهُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ المُؤَيَّدِ بنِ عَلِيٍّ الهَمْدَانِيُّ الزَّاهِدُ بِقِرَاءتِي، أَخْبَرَكُمْ أَحْمَدُ بنُ أَبِي الفَتْحِ الدَّقَّاقُ، وَأَبُو الفَرَجِ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ.
وَأَخْبَرَنَا أَبُو حَفْصٍ الطَّائِيُّ، عَنْ أَبِي اليُمْنِ الكِنْدِيِّ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ القَاضِي.
وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ الهَرَوِيُّ، أَخْبَرَنَا يُوْسُفُ
بنُ أَيُّوْبَ الزَّاهِدُ (ح) .وَأَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ، عَنْ عَبْدِ الجَلِيْلِ بنِ مَنْدَوَيْه، أَخْبَرَنَا نَصْرُ بنُ مُظَفَّرٍ، قَالُوا ثَلاَثَتُهُم:
أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ النَّقُّوْرِ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عُمَرَ الحَرْبِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الصُّوْفِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ هَاشِمٍ، وَوَكِيْعٌ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِذَا مَاتَ صَاحِبُكُم، فَدَعُوْهُ) .
رَوَاهُ: أَبُو دَاوُدَ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ، وَيُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ البَنَّاءِ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ البُسْرِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيْعٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ، قَالَ:
تَسَحَّرْنَا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ قُمْنَا إِلَى الصَّلاَةِ.
قُلْنَا: كَمْ كَانَ قَدْرُ مَا بَيْنَهُمَا؟
قَالَ: خَمْسُوْنَ آيَةً.
أَخْرَجَهُ: مُسْلِمٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَلَى المُوَافَقَةِ.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ مُحَمَّدٍ القَاضِي - وَأَنَا حَاضِرٌ - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ المُسَلَّمِ، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ القُرَشِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الغَسَّانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ
البَغْدَادِيُّ بِالرَّمْلَةِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ حَسَّانٍ الأَزْرَقُ، حَدَّثَنَا وَكِيْعٌ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (نِعْمَ الإِدَامُ الخَلُّ).

يحيى بن اليمان العجلي الكوفي

يَحْيى بن اليمان العجلي الكوفي.
سمعت عبدان سمعت مُحَمد بْنُ عَبد اللَّهِ بْنِ نُمَير يقول بن يمان سريع النسيان وحديثه خطأ عن الثَّوْريّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ سعد، عَن أبي مسعود إنما هو عن الكلبي، عَن أبي صالح، عن المطلب، عَن أبي وداعة.
أَخْبَرَنَاهُ الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنا أبو معمر، حَدَّثَنا ابْنُ يَمَانٍ عَنْ سُفيان، عَن مَنْصُورٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَن أَبِي مَسْعُودٍ سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ، وَهو فِي الطَّوَافِ أَحَلالٌ هُوَ أَمْ
حَرَامٌ قَالَ حَلالٌ يَعْنِي النَّبِيذَ.
وَهَذَا هُوَ الْحَدِيثُ الَّذِي أَشَارَ اليه بن نُمَير وأخطا فيه بن يمان حيث قال عن منصورعن خالد بن سعد، عَن أبي مسعود إنما هو عن الكلبي كما ذكره بن نُمَير (ح) وَحَدَّثَنَا مُحَمد بْنُ عَلِيٍّ بن القاسم غلام طالوت، حَدَّثَنا حسين بن حميد هو بن الربيع الجزار، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ إِسْحَاقَ الْبَلْخِيُّ، عنِ ابْنِ يَمَانٍ عَنْ سُفيان، عَن مَنْصُورٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَن أَبِي مَسْعُودٍ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ تَتِمُّ عَلَى عَبد نِعَمُهُ إِلا بِالْجَنَّةِ.
وَهَذَا الْحَدِيثُ مِثْلُ إِسْنَادِ النَّبِيذِ لا أَعْرِفُهُ إِلا، عنِ ابْنِ يَمَانٍ عن الثَّوْريّ وعن بن يَمَانٍ مُحَمد بْنُ إِسْحَاقَ الْبَلْخِيُّ.
وَمُحَمَّدٌ هَذَا رَأَيْتُ أَحَادِيثَ غَيْرَ محفوظة عَمَّن يروى عنهم.
حَدَّثَنَا عَلانٌ، حَدَّثَنا ابْنُ أَبِي مريم سألت يَحْيى بْن مَعِين، عَن يَحْيى بن يمان فقال ضَعِيفُ الْحَدِيثِ.
حَدَّثَنَا مُحَمد بْنُ علي، حَدَّثَنا عثمان قلت ليحيى بْن مَعِين فيحيى بن يمان في الثَّوْريّ قال أرجو أن يكون صدوقا قلت فكيف هو في حديثه قال ليس بالقوي.
وقال النسائي يَحْيى بن اليمان ليس بالقوي.
وَأَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمد بْنِ الهيثم، حَدَّثَنا مُحَمد بن الصباح الجرجرائي، حَدَّثَنا يَحْيى بن
يَمَانٍ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ عَبد الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنِ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ عَنْ عَبد اللَّهِ قَال رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ: إِنَّ عُمَر مِنْ أهل الْجَنَّةِ.
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بن الهيثم، حَدَّثَنا جعفر الطيالسي، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ الصَّبَّاحِ مِنْ كِتَابِهِ، حَدَّثَنا يَحْيى بْنُ يَمَانٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْريّ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ عَبد الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ مُعَاذِ بن جبل، قَال: كَانَ عُمَر مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، أَن رسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ إِذَا رَأَى فِي منامه مَجْلِسَهُ فَهُوَ حَقٌّ وَإِنَّهُ قَالَ بَيْنَا أَنَا فِي الْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ فِيهَا دَارًا فَقُلْتُ لِمَنْ هَذِهِ فقيل لعمر.
حَدَّثَنَا أبو يعلى، حَدَّثَنا قاسم بن أبى شيبة وَحَدَّثنا يُوسُفُ بْنُ عَاصِمٍ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنا سليمان الشاذكوني، قالا: حَدَّثَنا يَحْيى بْنُ يَمَانٍ عَنْ سُفيان، عَن عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَن رسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ زار قبر أُمَّهُ فِي أَلْفٍ مُقَنَّعٍ فَلَمْ يُرَ بَاكِيًا أَكْثَرَ مِنْ يَوْمِئِذٍ.
وَهَذَا عَنِ الثَّوْريّ بِهَذَا اللَّفْظِ يرويه بن يمان عن الثَّوْريّ.
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنا هشام بْنُ يُونُس، حَدَّثَنا يَحْيى بْنُ يَمَانٍ عَنْ سُفيان، عَن جُنْدَبِ بْنِ حُرٍّ عَنِ التَّيْمِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طالب أعلمكم بالسنة
وهذا أَيضًا عن الثَّوْريّ بهذا الإسناد يرويه بن يمان.
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ وَالْهَيْثَمُ بْنُ خلف، قالا: حَدَّثَنا عُمَر بن أبي شيبة، حَدَّثَنا يَحْيى بْنُ يَمَانٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْريّ عَنْ مُحَمد بْنِ إِسْحَاقَ، عَن أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ جَابِرٍ، قَال: كَانَ السِّوَاكُ مِنْ أُذُنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ مَوْضِعَ الْقَلَمِ مِنْ أُذُنِ الْكَاتِبِ.
قَالَ وَهَذَا عَنِ الثَّوْريّ بهذا الإسناد يرويه عنه بن يمان.
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّا، وَابْنُ صاعد، قَالا: حَدَّثَنا عَبد اللَّهِ بْنُ وضاح، حَدَّثَنا يَحْيى بْنُ يَمَانٍ عَنْ سُفيان، عَن الأَعْمَش عَنْ يَزِيدَ الرَّقَّاشِيِّ، عَن أَنَس، قَال: قَال رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَادَ الْحَسَدُ أَنْ يَغْلِبَ الْقَدَرَ وَكَادَ الْفَقْرُ أَنْ يَكُونَ كُفْرًا.
وَهَذَا عَنِ الثَّوْريّ يَرْوِيهِ بن يمان.
حَدَّثَنَا مُحَمد بْنُ يَحْيى بْنِ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنا عَبد اللَّهِ بْنُ عُمَر بن أَبَان، حَدَّثَنا يَحْيى بْنُ يَمَانٍ عَنْ
الأَعْمَش، عَن أَبِي صَالِحٍ، عَنْ جَابِرٍ قَال رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ أُمَّتِي الْغُرُّ الْمُحَجَّلُونَ.
ولابن يمان، عَنِ الأَعْمَش غير هذا وعامتها غير محفوظة ولابن يمان عن الثَّوْريّ غير مَا ذَكَرْتُ وَعَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ غير محفوظ، وابن يمان في نفسه لا يتعمد الكذب إلا أنه يخطئ ويشتبه عليه.

سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري

سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري
: ولد في خلافة سليمان بن عبد الملك سنة ست وتسعين وقيل سبع ومات سنة إحدى وستين ومائة في خلافة المهدي. قال سفيان بن عيينة: ما رأيت رجلاً أعلم بالحلال والحرام من سفيان الثوري. وقال ابن أبي ذئب: ما رأيت أحداً من أهل العراق يشبه ثوريكم هذا.
وقال أحمد بن حنبل: دخل الأوزاعي وسفيان على مالك فلما خرجا
قال: أحدهما أكثر علماً من صاحبه ولا يصلح للإمامة، والآخر يصلح للإمامة قلت لأبي عبد الله: فمن الذي عنى مالك أنه أعلم الرجلين؟ هو سفيان؟ قال: نعم هو سفيان أوسعهما عالماً.
وقال عبد الله بن المبارك: لا نعلم على وجه الأرض أعلم من سفيان. وقال علي بن المديني: سالت يحيى - يعني ابن سعيد - فقلت: أيما أحب إليك: رأي مالك أو رأي سفيان؟ فقال: سفيان، لا نشك في هذا، ثم قال يحيى: وسفيان فوق مالك في كل شيء.
وقال أبو أسامة: كان عمر بن الخطاب في زمانه رأس الناس وهو جامع، وكان بعده ابن عباس، وكان بعده الشعبي في زمانه، وكان بعد الشعبي في زمانه سفيان، وكان بعد الثوري في زمانه يحيى بن آدم.
ونقل عنه أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفزاري وعبد الله بن المبارك وحسان بن عبيد وزيد بن أبي الزرقاء ووكيع والحسين بن حفص ومحمد بن يوسف الفريابي ومحمد بن عبد الوهاب القناد والقاسم بن يزيد الجرمي.
سُفْيَانُ بنُ سَعِيْدِ بنِ مَسْرُوْقٍ الثَّوْرِيُّ
ابْنِ حَبِيْبِ بنِ رَافِعِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مَوْهِبَةَ بنِ أُبَيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُنْقِذِ بنِ نَصْرِ بنِ الحَارِثِ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ عَامِرِ بنِ مِلْكَانَ بنِ ثَوْرِ
بنِ عَبْدِ مَنَاةَ بنِ أُدِّ بنِ طَابِخَةَ بنِ إِلْيَاسَ بنِ مُضَرَ بنِ نِزَارِ بنِ مَعَدِّ بنِ عَدْنَانَ.وَكَذَا نَسَبَهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ خَلَفٍ التَّيْمِيِّ، غَيْرَ أَنَّهُ أَسقَطَ مِنْهُ مُنْقِذاً، وَالحَارِثَ، وَزَادَ بَعْدَ مَسْرُوْقٍ حَمْزَةَ، وَالبَاقِي سَوَاءٌ.
وَكَذَلِكَ ذَكَرَ نَسَبَهُ: الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ، وَابْنُ سَعْدٍ، وَأَنَّهُ مِنْ ثَوْرِ طَابِخَةَ.
وَبَعْضُهُم قَالَ: هُوَ مِنْ ثَورِ هَمْدَانَ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ.
هُوَ شَيْخُ الإِسْلاَمِ، إِمَامُ الحُفَّاظِ، سَيِّدُ العُلَمَاءِ العَامِلِيْنَ فِي زَمَانِهِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الثَّوْرِيُّ، الكُوْفِيُّ، المُجْتَهِدُ، مُصنِّفُ كِتَابِ (الجَامِعِ) .
وُلِدَ: سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ اتِّفَاقاً، وَطَلَبَ العِلْمَ وَهُوَ حَدَثٌ بِاعتنَاءِ وَالِدِه المُحَدِّثِ الصَّادِقِ سَعِيْدِ بنِ مَسْرُوْقٍ الثَّوْرِيِّ، وَكَانَ وَالِدُهُ مِنْ أَصْحَابِ الشَّعْبِيِّ، وَخَيْثَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمِنْ ثِقَاتِ الكُوْفِيِّيْنَ، وَعِدَادُهُ فِي صِغَارِ التَّابِعِيْنَ.
رَوَى لَهُ: الجَمَاعَةُ السِّتَّةُ فِي دَوَاوِيْنِهِم.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: أَوْلاَدُهُ؛ سُفْيَانُ الإِمَامُ، وَعُمَرُ، وَمُبَارَكٌ، وَشُعْبَةُ بنُ الحَجَّاجِ، وَزَائِدَةُ، وَأَبُو الأَحْوَصِ، وَأَبُو عَوَانَةَ، وَعُمَرُ بنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَمَاتَ: سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
مُعْجَمُ شُيُوْخِ أَبِي عَبْدِ اللهِ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عُقْبَةَ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ المُنْتَشِرِ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُهَاجِرٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مَيْسَرَةَ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مَزْيَدٍ الخُوْزِيُّ، وَأَجْلَحُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَآدَمُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَأُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ، وَإِسْرَائِيْلُ أَبُو مُوْسَى، وَأَسْلَمُ المِنْقَرِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ المَخْزُوْمِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ السُّدِّيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ كَثِيْرٍ، وَالأَسْوَدُ بنُ قَيْسٍ، وَأَشْعَثُ بنُ أَبِي الشَّعْثَاءِ، وَالأَغَرُّ بنُ الصَّبَّاحِ، وَأَفْلَتُ بنُ خَلِيْفَةَ، وَإِيَادُ بنُ لَقِيْطٍ، وَأَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ، وَأَيُّوْبُ بنُ مُوْسَى.
وَالبَخْتَرِيُّ بنُ المُخْتَارِ، وَبُرْدُ
بنُ سِنَانٍ، وَبُرَيْدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي بُرْدَةَ، وَبَشِيْرٌ أَبُو إِسْمَاعِيْلَ، وَبَشِيْرٌ صَاحِبُ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَبُكَيْرُ بنُ عَطَاءٍ، وَبَهْزُ بنُ حَكِيْمٍ، وَبِنَانُ بنُ بِشْرٍ.وَتَوْبَةُ العَنْبَرِيُّ.
وَثَابِتُ بنُ عُبَيْدٍ، وَأَبُو المِقْدَامِ ثَابِتُ بنُ هُرْمُزَ، وَثَوْرُ بنُ يَزِيْدَ، وَثُوَيْرُ بنُ أَبِي فَاخِتَةَ.
وَجَابِرٌ الجُعْفِيُّ، وَجَامِعُ بنُ أَبِي رَاشِدٍ، وَجَامِعُ بنُ شَدَّادٍ، وَجَبَلَةُ بنُ سُحَيْمٍ، وَجَعْفَرُ بنُ بُرْقَانَ، وَجَعْفَرٌ الصَّادِقُ، وَجَعْفَرُ بنُ مَيْمُوْنٍ.
وَحَبِيْبُ بنُ أَبِي ثَابِتٍ - وَهُوَ مِنْ كِبَارِ شُيُوخِهِ - وَحَبِيْبُ بنُ الشَّهِيْدِ، وَحَبِيْبُ بنُ أَبِي عَمْرَةَ، وَحَجَّاجُ بنُ فُرَافِصَةَ، وَالحَسَنُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ، وَالحَسَنُ بنُ عَمْرٍو الفُقَيْمِيُّ، وَحُصَيْنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَحَكِيْمُ بنُ جُبَيْرٍ، وَحَكِيْمُ بنُ الدَّيْلَمِ، وَحَمَّادُ بنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَحُمْرَانُ بنُ أَعْيَنَ، وَحُمَيْدُ بنُ قَيْسٍ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ، وَحَنْظَلَةُ بنُ أَبِي سُفْيَانَ.
وَخَالِدُ بنُ سَلَمَةَ الفَأْفَاءُ، وَخَالِدٌ الحَذَّاءُ، وَخُصَيْفُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
وَأَبُو الجَحَّافِ دَاوُدُ بنُ أَبِي عَوْفٍ، وَدَاوُدُ بنُ أَبِي هِنْدٍ.
وَرَاشِدُ بنُ كَيْسَانَ، وَرَبَاحُ بنُ أَبِي مَعْرُوْفٍ، وَالرَّبِيْعُ بنُ أَنَسٍ، وَالرَّبِيْعُ بنُ صَبِيْحٍ، وَرَبِيْعَةُ الرَّأْيُ، وَالرُّكَيْنُ بنُ الرَّبِيْعِ.
وَزُبَيْدٌ اليَامِيُّ، وَالزُّبَيْرُ بنُ عَدِيٍّ، وَزِيَادُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، وَزِيَادُ بنُ عِلاَقَةَ - وَهُوَ مِنْ كِبَارِ مَشْيَخَتِهِ - وَزَيْدُ بنُ أَسْلَمَ، وَزَيْدُ بنُ جُبَيْرٍ، وَزَيْدٌ العَمِّيُّ.
وَسَالِمٌ الأَفْطَسُ، وَسَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ، وَسَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَسَعْدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ كَعْبٍ، وَسَعِيْدٌ الجُرَيْرِيُّ، وَأَبُو سِنَانٍ سَعِيْدُ بنُ سِنَانٍ الشَّيْبَانِيُّ الصَّغَيْرُ، وَأَبُوْهُ سَعِيْدٌ، وَسَلْمٌ العَلَوِيُّ، وَأَبُو حَازِمٍ سَلَمَةُ بنُ دِيْنَارٍ، وَسَلَمَةُ بنُ كُهَيْلٍ - وَهُوَ مِنْ كِبَارِهِم - وَسَلَمَةُ بنُ نُبَيْطٍ، وَسُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَسِمَاكٌ، وَسُمَيٌّ، وَسُهَيْلٌ.
وَشَبِيْبُ بنُ غَرْقَدَةَ، وَشَرِيْكُ بنُ أَبِي نَمِرٍ، وَشُعْبَةُ بنُ الحَجَّاجِ - وَذَلِكَ فِي (النَّسَائِيِّ) -.
وَصَالِحُ بنُ صَالِحِ بنِ حَيٍّ، وَصَالِحٌ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ، وَصَفْوَانُ بنُ سُلَيْمٍ.
وَالضَّحَّاكُ بنُ عُثْمَانَ، وَأَبُو سِنَانٍ ضِرَارُ بنُ مُرَّةَ.
وطَارِقُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَطَرِيْفٌ أَبُو سُفْيَانَ السَّعْدِيُّ، وَطُعْمَةُ بنُ غَيْلاَنَ، وَطَلْحَةُ بنُ يَحْيَى.
وَعَاصِمُ بنُ أَبِي النَّجُوْدِ،
وَعَاصِمُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ، وَعَاصِمُ بنُ كُلَيْبٍ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ.وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي بَكْرٍ بنِ حَزْمٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ جَابِرٍ البَصْرِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ حَسَنِ بنِ حَسَنٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ دِيْنَارٍ، وَأَبُو الزِّنَادِ عَبْدُ اللهِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ الرَّبِيْعِ بنِ خُثَيْمٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ السَّائِبِ الكُوْفِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدٍ المَقْبُرِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ شُبْرُمَةَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ شَدَّادٍ الأَعْرَجُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ طَاوُوْسٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي حُسَيْنٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ بنِ خُثَيْمٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَطَاءٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَوْنٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عِيْسَى، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي لَبِيْدٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَقِيْلٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي نَجِيْحٍ.
وَعَبْدُ الأَعْلَى بنُ عَامِرٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ ثَرْوَانَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الحَارِثِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ زِيَادِ بنِ أَنْعَمَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَابِسٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الأَصْبَهَانِيِّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَلْقَمَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ القَاسِمِ.
وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ رُفَيْعٍ، وَعَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ مَالِكٍ، وَعَبْدُ الكَرِيْمِ أَبُو أُمَيَّةَ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ أَبِي بَشِيْرٍ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ عُمَيْرٍ.
وَعَبْدَةُ بنُ أَبِي لُبَابَةَ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ أَبِي زِيَادٍ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، وَعُبَيْدُ بنُ الحَسَنِ، وَعُبَيْدُ بنُ مِهْرَانَ المُكَتِّبُ، وَعُبَيْدٌ الصِّيْدُ.
وَعُثْمَانُ بنُ الحَرْبِ، وَعُثْمَانُ بنُ حَكِيْمٍ، وَأَبُو حَصِيْنٍ عُثْمَانُ بنُ عَاصِمٍ، وَأَبُو اليَقْظَانِ عُثْمَانُ بنُ عُمَيْرٍ، وَعُثْمَانُ بنُ المُغِيْرَةِ، وَعُثْمَانُ البَتِّيُّ.
وَعَطَاءُ بنُ السَّائِبِ، وَعِكْرِمَةُ بنُ عَمَّارٍ، وَعَلْقَمَةُ بنُ مَرْثَدٍ، وَعَلِيُّ بنُ الأَقْمَرِ، وَعَلِيُّ بنُ بَذِيْمَةَ، وَعَلِيُّ بنُ زَيْدِ بنِ جُدْعَانَ.
وَعَمَّارٌ الدُّهْنِيُّ، وَعُمَارَةُ بنُ القَعْقَاعِ، وَعَمْرُو بنُ سَعِيْدِ بنِ أَبِي حُسَيْنٍ، وَعُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ زَيْدٍ، وَعُمَرُ بنُ يَعْلَى، وَعُمَرُ بنُ دِيْنَارٍ، وَعَمْرُو بنُ عَامِرٍ الأَنْصَارِيُّ، وَعَمْرُو بنُ قَيْسٍ المُلاَئِيُّ، وَعَمْرُو بنُ مُرَّةَ - وَهُوَ مِنْ قُدَمَاءِ شُيُوْخِهِ - وَعَمْرُو بنُ مَيْمُوْنِ بنِ مِهْرَانَ، وَعَمْرُو بنُ يَحْيَى بنِ عُمَارَةَ، وَعِمْرَانُ بنُ مُسْلِمٍ الثَّقَفِيُّ، وَعِمْرَانُ بنُ مُسْلِمٍ الجُعْفِيُّ، وَعِمْرَانُ البَارِقِيُّ، وَعِمْرَانُ القَصِيْرُ، وَعُمَيْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ
الخَثْعَمِيُّ.وَعَوْنُ بنُ أَبِي جُحَيْفَةَ، وَالعَلاَءُ بنُ خَالِدٍ، وَالعَلاَءُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالعَلاَءُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ، وَعَيَّاشٌ العَامِرِيُّ، وَعِيْسَى بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعِيْسَى بنُ أَبِي عَزَّةَ، وَعِيْسَى بنُ مُوْسَى الحَرَشِيُّ.
وَغَالِبٌ أَبُو الهُذَيْلِ، وَغَيْلاَنُ بنُ جَامِعٍ.
وَفُرَاتٌ القَزَّازُ، وَفِرَاسُ بنُ يَحْيَى، وَفُضَيْلُ بنُ غَزْوَانَ، وَفُضَيْلُ بنُ مَرْزُوْقٍ، وَفِطْرُ بنُ خَلِيْفَةَ.
وَقَابُوْسُ بنُ أَبِي ظِبْيَانَ، وَأَبُو هَاشِمٍ القَاسِمُ بنُ كَثِيْرٍ، وَقَيْسُ بنُ مُسْلِمٍ - وَهُوَ مِنْ قُدَمَائِهِم - وَقَيْسُ بنُ وَهْبٍ.
وَكُلَيْبُ بنُ وَائِلٍ.
وَلَيْثُ بنُ أَبِي سُلَيْمٍ.
وَمُحَارِبُ بنُ دِثَارٍ، وَابْنُ إِسْحَاقَ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي أَيُّوْبَ الثَّقَفِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ بنِ حَزْمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَفْصَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ رَاشِدٍ المَكْحُوْلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الزُّبَيْرِ الحَنْظَلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدٍ الطَّائِفِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ طَارِقٍ المَكِّيُّ، وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَجْلاَنَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُقْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ عَلْقَمَةَ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ مُحَمَّدُ بنُ مُسْلِمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُنْكَدِرِ - وَهُوَ مِنْ كِبَارِهِم -.
وَمُخَارِقٌ الأَحْمَسِيُّ، وَالمُخْتَارُ بنُ فُلْفُلٍ، وَمُخَوَّلُ بنُ رَاشِدٍ، وَمُزَاحِمُ بنُ زُفَرَ.
وَمُصْعَبُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ شُرَحْبِيْلَ، وَمُطَرِّفُ بنُ طَرِيْفٍ.
وَمُعَاوِيَةُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ طَلْحَةَ، وَمُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ، وَمَعْبَدُ بنُ خَالِدٍ، وَمَعْمَرُ بنُ رَاشِدٍ، وَمُغِيْرَةُ بنُ مِقْسَمٍ، وَمُغِيْرَةُ بنُ النُّعْمَانِ، وَالمِقْدَامُ بنُ شُرَيْحٍ.
وَمَنْصُوْرُ بنُ حَيَّانَ، وَمَنْصُوْرُ بنُ صَفِيَّةَ، وَمَنْصُوْرُ بنُ المُعْتَمِرِ.
وَمُوْسَى بنُ أَبِي عَائِشَةَ، وَمُوْسَى بنُ عُبَيْدَةَ، وَمُوْسَى بنُ عُقْبَةَ، وَمَيْسَرَةُ بنُ حَبِيْبٍ، وَمَيْسَرَةُ الأَشْجَعِيُّ، وَأَبُو حَمْزَةَ مَيْمُوْنٌ الأَعْوَرُ.
وَنُسَيْرُ بنُ ذُعْلُوْقٍ، وَنَهْشَلُ بنُ مُجَمِّعٍ، وَنُوْحُ بنُ أَبِي بِلاَلٍ.
وَهَارُوْنُ بنُ عَنْتَرَةَ، وَهِشَامُ بنُ إِسْحَاقَ، وَهِشَامُ بنُ حَسَّانٍ، وَهِشَامُ بنُ عَائِذٍ، وَهِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، وَهِشَامُ بنُ أَبِي يَعْلَى.
وَوَاصِلٌ الأَحْدَبُ، وَوَبْرُ بنُ أَبِي دُلَيْلَةَ، وَوَرْقَاءُ بنُ إِيَاسٍ، وَالوَلِيْدُ بنُ قَيْسٍ السَّكُوْنِيُّ.
وَيَحْيَى بنُ أَبِي إِسْحَاقَ
الحَضْرَمِيُّ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَيَحْيَى بنُ هَانِئ بنِ عُرْوَةَ، وَيَزِيْدُ بنُ أَبِي زِيَادٍ، وَيَزِيْدُ بنُ يَزِيْدَ بنِ جَابِرٍ، وَيَعْلَى بنُ عَطَاءٍ، وَيُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ.وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي الجَهْمِ.
وَأَبُو جَعْفَرٍ الفَرَّاءُ، وَأَبُو حَنَانٍ الكَلْبِيُّ، وَأَبُو الجُوَيْرِيَةِ الجَرْمِيُّ، وَأَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ، وَأَبُو خَالِدٍ الدَّالاَنِيُّ، وَأَبُو رَوْقٍ الهَمْدَانِيُّ.
وَأَبُو السَّوْدَاءِ النَّهْدِيُّ، وَأَبُو شِهَابٍ الحَنَّاطُ الكَبِيْرُ مُوْسَى، وَأَبُو عَقِيْلٍ مَوْلَى عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، وَأَبُو فَرْوَةَ الهَمْدَانِيُّ.
وَأَبُو مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ، وَأَبُو هَارُوْنَ العَبْدِيُّ، وَأَبُو هَاشِمٍ الرُّمَّانِيُّ، وَأَبُو يَحْيَى القَتَّاتُ، وَأَبُو يَعْفُوْرَ العَبْدِيُّ.
وَيُقَالُ: إِنَّ عَدَدَ شُيُوْخِهِ سِتُّ مائَةِ شَيْخٍ، وَكِبَارُهُمُ الَّذِيْنَ حَدَّثُوهُ عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَجَرِيْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَمثَالِهِم.
وَقَدْ قَرَأَ الخَتْمَةَ عَرْضاً عَلَى: حَمْزَةَ الزَّيَّات أَرْبَعَ مَرَّاتٍ.
وَأَمَّا الرُّوَاةُ عَنْهُ فَخَلْقٌ، فَذَكَرَ أَبُو الفَرَجِ بنُ الجَوْزِيِّ أَنَّهُم أَكْثَرُ مِنْ عِشْرِيْنَ أَلْفاً، وَهَذَا مَدْفُوْعٌ مَمْنُوْعٌ، فَإِنْ بَلَغُوا أَلْفاً، فَبِالجَهْدِ، وَمَا عَلِمتُ أَحَداً مِنَ الحُفَّاظِ رَوَى عَنْهُ عَدَدٌ أَكْثَرَ مِنْ مَالِكٍ، وَبَلَغُوا بِالمَجَاهِيلِ وَبِالكَذَّابِيْنَ أَلْفاً وَأَرْبَعَ مائَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ مِنَ القُدَمَاءِ مِنْ مَشْيَخَتِه وَغَيْرِهِم خَلْقٌ، مِنْهُم: الأَعْمَشُ، وَأَبَانُ بنُ تَغْلِبَ، وَابْنُ عَجْلاَنَ، وَخُصَيْفٌ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَجَعْفَرٌ الصَّادِقُ، وَجَعْفَرُ بنُ بُرْقَانَ، وَأَبُو حَنِيْفَةَ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَمُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ، وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَمِسْعَرٌ، وَشُعْبَةُ، وَمَعْمَرٌ - وَكُلُّهُم مَاتُوا قَبْلَه -.
وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ اليَرْبُوْعِيُّ، وَأَحْوَصُ بنُ جَوَّابٍ، وَأَسْبَاطُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَإِسْحَاقُ الأَزْرَقُ، وَابْنُ عُلَيَّةَ، وَأُمَيَّةُ بنُ خَالِدٍ.
وَبِشْرُ بنُ السَّرِيِّ،
وَبِشْرُ بنُ مَنْصُوْرٍ، وَبَكْرُ بنُ الشَّرُوْدِ، وَبُكَيْرُ بنُ شِهَابٍ.وَثَابِتُ بنُ مُحَمَّدٍ العَابِدُ، وَثَعْلَبَةُ بنُ سُهَيْلٍ.
وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ، وَجَعْفَرُ بنُ عَوْنٍ.
وَالحَارِثُ بنُ مَنْصُوْرٍ الوَاسِطِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ، وَالحُسَيْنُ بنُ حَفْصٍ، وَحُصَيْنُ بنُ نُمَيْرٍ، وَحَفْصُ بنُ غِيَاثٍ، وَأَبُو أُسَامَةَ، وَحَمَّادُ بنُ دُلَيْلٍ، وَحَمَّادُ بنُ عِيْسَى الجُهَنِيُّ، وَحُمَيْدُ بنُ حَمَّادٍ.
وَخَالِدُ بنُ الحَارِثِ، وَخَالِدُ بنُ عَمْرٍو القُرَشِيُّ، وَخَلَفُ بنُ تَمِيْمٍ، وَخَلاَّدُ بنُ يَحْيَى.
وَدُبَيْسٌ المُلاَئِيُّ.
وَرَوْحُ بنُ عُبَادَةَ.
وَزُهَيْرُ بنُ مُعَاوِيَةَ، وَزَيْدُ بنُ أَبِي الزَّرْقَاءِ، وَزَيْدُ بنُ الحُبَابِ.
وَسُفْيَانُ بنُ عُقْبَةَ، وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، وَأَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، وَسَهْلُ بنُ هَاشِمٍ البَيْرُوْتِيُّ، وَأَبُو الأَحْوَصِ سَلاَّمٌ.
وَشُعَيْبُ بنُ إِسْحَاقَ، وَشُعَيْبُ بنُ حَرْبٍ، وَأَبُو عَاصِمٍ.
وضَمْرَةُ، وَعَبَّادٌ السَّمَّاكُ، وَعَبْثَرُ بنُ القَاسِمِ.
وَعَبْدُ اللهِ الخُرَيْبِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ رَجَاءَ المَكِّيُّ لاَ الغُدَانِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ نُمَيْرٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ الوَلِيْدِ العَدَنِيُّ.
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ، وَعَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ سُلَيْمَانَ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ الذِّمَارِيِّ.
وَعَبْدَةُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَعُبَيْدُ اللهِ الأَشْجَعِيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو الرَّقِّيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى، وَعُبَيْدُ بنُ سَعِيْدٍ الأُمَوِيُّ - أَخٌ لِيَحْيَى -.
وَعَلِيُّ بنُ أَبِي بَكْرٍ الإِسْفَذْنِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ الجَعْدِ - خَاتِمَةُ أَصْحَابِه الأَثْبَاتُ - وَعَلِيُّ بنُ حَفْصٍ المَدَائِنِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ قَادِمٍ.
وَعَمْرُو بنُ مُحَمَّدٍ العَنْقَزِيُّ، وَعِيْسَى بنُ يُوْنُسَ.
وَأَبُو الهُذَيْلِ غَسَّانُ بنُ عُمَرَ العِجْلِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ.
وَالفَضْلُ السِّيْنَانِيُّ، وَفُضَيْلُ بنُ عِيَاضٍ.
وَالقَاسِمُ بنُ الحَكَمِ، وَالقَاسِمُ بنُ يَزِيْدَ الجَرْمِيُّ، وَقَبِيْصَةُ.
وَمَالِكٌ، وَمُبَارَكُ بنُ سَعِيْدٍ أَخُوْهُ.
وَمُحَمَّدُ بنُ بِشْرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ الأَسَدِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ القَنَّادُ، وَمُحَمَّدُ بنُ كَثِيْرٍ العَبْدِيُّ.
وَمُصْعَبُ
بنُ مَاهَانَ، وَمُصْعَبُ بنُ المِقْدَامِ، وَأَبُو هَمَّامٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَبَّبٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الفِرْيَابِيُّ، وَمَخْلَدُ بنُ يَزِيْدَ.وَمُعَاذُ بنُ مُعَاذٍ، وَمُعَاوِيَةُ بنُ هِشَامٍ، وَمُعَلَّى بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الوَاسِطِيُّ.
وَمِهْرَانُ بنُ أَبِي عُمَرَ، وَأَبُو حُذَيْفَةَ مُوْسَى بنُ مَسْعُوْدٍ، وَمُؤَمَّلُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ.
وَنَائِلُ بنُ نَجِيْحٍ، وَالنُّعْمَانُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ.
وَهَارُوْنُ بنُ المُغِيْرَةِ.
وَوَكِيْعُ بنُ الجَرَّاحِ، وَالوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ.
وَيَحْيَى بنُ آدَمَ، وَيَحْيَى القَطَّانُ، وَيَحْيَى بنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ، وَيَحْيَى بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي غَنِيَّةَ، وَيَحْيَى بنُ يَمَانٍ، وَيَزِيْدُ بنُ أَبِي حَكِيْمٍ، وَيَزِيْدُ بنُ زُرَيْعٍ، وَيَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، وَيَعْلَى بنُ عُبَيْدٍ، وَيُوْسُفُ بنُ أَسْبَاطٍ، وَيُوْنُسُ بنُ أَبِي يَعْفُوْرَ.
وَأَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الحَنَفِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ الحَفَرِيُّ، وَأَبُو سُفْيَانَ المَعْمَرِيُّ، وَأَبُو عَامِرٍ العَقَدِيُّ، وَأُمَمٌ سِوَاهُم.
قَالَ يَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ العَابِدُ: حَدَّثَنَا أَبُو المُثَنَّى، قَالَ:
سَمِعْتُهُم بِمَرْوَ يَقُوْلُوْنَ: قَدْ جَاءَ الثَّوْرِيُّ، قَدْ جَاءَ الثَّوْرِيُّ.
فَخَرَجتُ أَنظُرُ إِلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ غُلاَمٌ قَدْ بَقَلَ وَجْهُهُ.
قُلْتُ: كَانَ يُنَوَّه بِذِكْرِهِ فِي صِغَرِهِ، مِنْ أَجْلِ فَرْطِ ذَكَائِهِ، وَحِفْظِه، وَحَدَّثَ وَهُوَ شَابٌّ.
قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَغَيْرُهُ: عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: مَا اسْتَوْدَعْتُ قَلْبِي شَيْئاً قَطُّ، فَخَانَنِي.
قُلْتُ: أَجَلُّ إِسْنَادٍ لِلْعِرَاقِيِّينَ: سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ.
وَقَالَ شُعْبَةُ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، وَأَبُو عَاصِمٍ، وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَغَيْرُهُم: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ فِي الحَدِيْثِ.
وَقَالَ ابْنُ المُبَارَكِ: كَتَبتُ عَنْ أَلفٍ وَمائَةِ شَيْخٍ، مَا كَتَبتُ عَنْ أَفْضَلَ مِنْ سُفْيَانَ.وَعَنْ أَيُّوْبَ السِّخْتِيَانِيِّ، قَالَ: مَا لَقِيْتُ كُوْفِيّاً أُفَضِّلُهُ عَلَى سُفْيَانَ.
وَقَالَ البَرَاءُ بنُ رُتَيْمٍ : سَمِعْتُ يُوْنُسَ بنَ عُبَيْدٍ يَقُوْلُ: مَا رَأَيتُ أَفْضَلَ مِنْ سُفْيَانَ.
فَقِيْلَ لَهُ: فَقَدْ رَأَيتَ سَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ، وَعَطَاءً، وَمُجَاهِداً، وَتَقُوْلُ هَذَا؟
قَالَ: هُوَ مَا أَقُوْلُ: مَا رَأَيتُ أَفْضَلَ مِنْ سُفْيَانَ.
وَقَالَ ابْنُ المَهْدِيِّ: مَا رَأَتْ عَيْنَايَ أَفْضَلَ مِنْ أَرْبَعَةٍ - أَوْ مِثْلَ أَرْبَعَةٍ -: مَا رَأَيتُ أَحْفَظَ لِلْحَدِيْثِ مِنَ الثَّوْرِيِّ، وَلاَ أَشدَّ تَقَشُّفاً مِنْ شُعْبَةَ، وَلاَ أَعقَلَ مِنْ مَالِكٍ، وَلاَ أَنصَحَ لِلأُمَّةِ مِنِ ابْنِ المُبَارَكِ.
وَرَوَى: وَكِيْعٌ، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: سُفْيَانُ أَحْفَظُ مِنِّي.
وَقَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي رِزْمَةَ: قَالَ رَجُلٌ لِشُعْبَةَ: خَالَفَكَ سُفْيَانُ.
فَقَالَ: دَمَغْتَنِي.
وَقَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: كَانَ وُهَيْبٌ يُقدِّمُ سُفْيَانَ فِي الحِفْظِ عَلَى مَالِكٍ.
وَقَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: لَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ شُعْبَةَ، وَلاَ يَعْدِلُهُ أَحَدٌ عِنْدِي، وَإِذَا خَالَفَهُ سُفْيَانُ، أَخَذْتُ بِقَوْلِ سُفْيَانَ.
وَقَالَ عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ: رَأَيتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ، لاَ يُقدِّمُ عَلَى سُفْيَانَ أَحَداً فِي زَمَانِهِ فِي الفِقْهِ، وَالحَدِيْثِ، وَالزُّهدِ، وَكُلِّ شَيْءٍ.
ابْنُ شَوْذَبٍ: سَمِعْتُ أَيُّوْبَ السِّخْتِيَانِيَّ يَقُوْلُ: مَا قَدِمَ عَلَيْنَا مِنَ الكُوْفَةِ أَحَدٌ أَفْضَلُ مِنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ.
وَقَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: رَأَى أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ مُقْبِلاً، فَقَالَ: {وَآتَيْنَاهُ الحُكْمَ صَبِيّاً} [مَرْيَمُ: 12] .
وَرُوِيَ مِنْ وَجُوْهٍ، عَنْ يُوْنُسَ بنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: مَا رَأَيتُ كُوْفِيّاً أَفْضَلَ مِنْ سُفْيَانَ.سُفْيَانُ بنُ وَكِيْعٍ: حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى الحِمَّانِيُّ، سَمِعَ أَبَا حَنِيْفَةَ يَقُوْلُ: لَوْ كَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ فِي التَّابِعِيْنَ، لَكَانَ فِيْهِم لَهُ شَأْنٌ.
وَعَنْ أَبِي حَنِيْفَةَ، قَالَ: لَوْ حَضَرَ عَلْقَمَةُ وَالأَسْوَدُ، لاَحْتَاجَا إِلَى سُفْيَانَ.
وَرَوَى: ضَمْرَةُ، عَنِ المُثَنَّى بنِ الصَّبَّاحِ، قَالَ: سُفْيَانُ عَالِمُ الأُمَّةِ، وَعَابِدُهَا.
أَبُو دَاوُدَ الحَفَرِيُّ: عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، قَالَ: مَا رَأَيتُ أَشْبَهَ بِالتَّابِعِيْنَ مِنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ.
وَقَالَ أَبُو قَطَنٍ: عَنْ شُعْبَةَ: سَادَ سُفْيَانُ النَّاسَ بِالوَرَعِ وَالعِلْمِ.
يَعْقُوْبُ الحَضْرَمِيُّ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُوْلُ: سُفْيَانُ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ فِي الحَدِيْثِ.
وَعَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ: مَا رَأَيتُ رَجُلاً أَعْلَمَ بِالحَلاَلِ وَالحَرَامِ مِنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ.
نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ: عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، قَالَ: مَا رَأَيتُ مِثْلَ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ.
وَعَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، قَالَ: مَا نُعِتَ لِي أَحَدٌ فَرَأَيتُهُ، إِلاَّ وَجَدْتُهُ دُوْنَ نَعْتِهِ، إِلاَّ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: قَالَ لِي ابْنُ عُيَيْنَةَ: لَنْ تَرَى بِعَيْنَيْكَ مِثْلَ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ حَتَّى تَمُوْتَ.
عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ شَقِيْقٍ: عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: مَا أَعْلَمُ عَلَى الأَرْضِ أَعْلَمَ مِنْ سُفْيَانَ.
وَعَنْ حَفْصِ بنِ غِيَاثٍ، قَالَ: مَا أَدرَكْنَا مِثْلَ سُفْيَانَ، وَلاَ أَنفعَ مِنْ مُجَالَسَتِهِ.
وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: مَا رَأَيتُ قَطُّ أَحْفَظَ لِحَدِيْثِ الأَعْمَشِ مِنَ الثَّوْرِيِّ، كَانَ يَأْتِي، فَيُذَاكرُنِي بِحَدِيْثِ الأَعْمَشِ، فَمَا رَأَيتُ أَحَداً أَعْلَمَ مِنْهُ بِهَا.وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ يَقُوْلُ:
سُفْيَانُ أَعْلَمُ بِحَدِيْثِ الأَعْمَشِ مِنَ الأَعْمَشِ.
وَقَالَ ابْنُ عَرْعَرَةَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ يَقُوْلُ: سُفْيَانُ أَثبتَ مِنْ شُعْبَةَ، وَأَعْلَمَ بِالرِّجَالِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ زُنْبُوْرٍ: سَمِعْتُ الفُضَيْلَ يَقُوْلُ: كَانَ سُفْيَانُ -وَاللهِ- أَعْلَمَ مِنْ أَبِي حَنِيْفَةَ.
وَقَالَ ابْنُ رَاهَوَيْه: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ مَهْدِيٍّ ذَكَرَ سُفْيَانَ، وَشُعْبَةَ، وَمَالِكاً، وَابْنَ المُبَارَكِ، فَقَالَ: أَعْلَمُهُم بِالعِلْمِ سُفْيَانُ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ: سَمِعْتُ يَحْيَى القَطَّانَ يَقُوْلُ: مَا رَأَيتُ أَحَداً أَحْفَظَ مِنْ سُفْيَانَ، ثُمَّ شُعْبَةَ.
وَقَالَ بِشْرٌ الحَافِي: كَانَ الثَّوْرِيُّ عِنْدَنَا إِمَامَ النَّاسِ.
وَعَنْهُ، قَالَ: سُفْيَانُ فِي زَمَانِهِ، كَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فِي زَمَانِهِمَا.
قَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَعْلَمَ بِحَدِيْثِ الأَعْمَشِ، وَمَنْصُوْرٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ، مِنَ الثَّوْرِيِّ.
وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الفَزَارِيِّ، قَالَ: مَا رَأَيتُ مِثْلَ الثَّوْرِيِّ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: إِنِّيْ لأَرَى الرَّجُلَ يَصحَبُ سُفْيَانَ، فَيَعْظُمُ فِي عَيْنِي.
وَقَالَ وَرْقَاءُ، وَجَمَاعَةٌ: لَمْ يَرَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ مِثْلَ نَفْسِهِ.
وَعَنْ شُعَيْبِ بنِ حَرْبٍ، قَالَ: إِنِّيْ لأَحسِبُ أَنَّهُ يُجَاءُ غَداً بِسُفْيَانَ حُجَّةً مِنَ اللهِ عَلَى خَلْقِهِ، يَقُوْلُ لَهُم: لَمْ تُدْرِكُوا نَبِيَّكُم، قَدْ رَأَيتُم سُفْيَانَ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ الآجُرِّيُّ: سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ يَقُوْلُ:لَيْسَ يَخْتَلِفُ سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ فِي شَيْءٍ، إِلاَّ يَظفرُ بِهِ سُفْيَانُ، خَالَفَهُ فِي أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِيْنَ حَدِيْثاً، القَوْلُ فِيْهَا قَوْلُ سُفْيَانَ.
وَعَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، قَالَ: مَا خَالَفَ أَحَدٌ سُفْيَانَ فِي شَيْءٍ، إِلاَ كَانَ القَوْلُ قَوْلَ سُفْيَانَ.
رَوَى: يَحْيَى بنُ نَصْرِ بنِ حَاجِبٍ، عَنْ وَرْقَاءَ، قَالَ: لَمْ يَرَ الثَّوْرِيُّ مِثْلَ نَفْسِه.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: أَصْحَابُ الحَدِيْثِ ثَلاَثَةٌ: ابْنُ عَبَّاسٍ فِي زَمَانِهِ، وَالشَّعْبِيُّ فِي زَمَانِهِ، وَالثَّوْرِيُّ فِي زَمَانِهِ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: لاَ أَعْلَمُ سُفْيَانَ صَحَّفَ فِي شَيْءٍ قَطُّ، إِلاَّ فِي اسْمِ امْرَأَةِ أَبِي عُبَيْدَةَ، كَانَ يَقُوْلُ: حُفَيْنَةُ -يَعْنِي: الصَّوَاب بِجِيْمٍ-.
وَرَوَى: المَرُّوْذِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، قَالَ:
أَتَدْرِي مَنِ الإِمَامُ؟ الإِمَامُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، لاَ يَتَقَدَّمُهُ أَحَدٌ فِي قَلْبِي.
قَالَ الخُرَيْبِيُّ: مَا رَأَيتُ أَفْقَهَ مِنْ سُفْيَانَ.
وَعَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ: جَالَسْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ القَاسِمِ، وَصَفْوَانَ بنَ سُلَيْمٍ، وَزَيْدَ بنَ أَسْلَمَ، فَمَا رَأَيتُ فِيْهِم مِثْلَ سُفْيَانَ.
قَالَ أَبُو قَطَنٍ: قَالَ لِي شُعْبَةُ: إِنَّ سُفْيَانَ سَادَ النَّاسَ بِالوَرَعِ وَالعِلْمِ.
وَقَالَ قَبِيْصَةُ: مَا جَلَسْتُ مَعَ سُفْيَانَ مَجْلِساً، إِلاَّ ذَكَرتُ المَوْتَ، مَا رَأَيتُ أَحَداً كَانَ أَكْثَرَ ذِكْراً لِلْمَوْتِ مِنْهُ.
وَرَوَى: عَبْدُ اللهِ بنُ خُبَيْقٍ، عَنْ يُوْسُفَ بنِ أَسْبَاطٍ:
قَالَ لِي سُفْيَانُ بَعْدَ العِشَاءِ: نَاوِلْنِي المِطْهَرَةَ أَتَوَضَّأْ.
فَنَاوَلْتُهُ، فَأَخَذَهَا بِيَمِيْنِهِ، وَوَضَعَ يَسَارَهُ
عَلَى خَدِّهِ، فَبَقِيَ مُفَكِّراً، وَنِمْتُ، ثُمَّ قُمْتُ وَقْتَ الفَجْرِ، فَإِذَا المِطْهَرَةُ فِي يَدِهِ كَمَا هِيَ، فَقُلْتُ: هَذَا الفَجْرُ قَدْ طَلعَ.فَقَالَ: لَمْ أَزَلْ مُنْذُ نَاوَلْتَنِي المِطْهَرَةَ أَتَفَكَّرُ فِي الآخِرَةِ، حَتَّى السَّاعَةَ.
وَقَالَ يُوْسُفُ بنُ أَسْبَاطٍ: سُئِلَ الثَّوْرِيُّ عَنْ مَسْأَلَةٍ وَهُوَ يَشْتَرِي شَيْئاً، فَقَالَ: دَعنِي، فَإِنَّ قَلْبِي عِنْدَ دِرْهَمِي.
وَرَوَى: مُوْسَى بنُ العَلاَءِ، عَنْ حُذَيْفَةَ المَرْعَشِيِّ، قَالَ:
قَالَ سُفْيَانُ: لأَنْ أُخَلِّفَ عَشْرَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ يُحَاسِبُنِي اللهُ عَلَيْهَا، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَحتَاجَ إِلَى النَّاسِ.
وَقَالَ رَوَّادُ بنُ الجَرَّاحِ: سَمِعْتُ الثَّوْرِيَّ يَقُوْلُ: كَانَ المَالُ فِيْمَا مَضَى يُكْرَهُ، فَأَمَّا اليَوْمَ، فَهُوَ تُرْسُ المُؤْمِنِ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ البَاهِلِيُّ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى الثَّوْرِيِّ يُشَاوِرُهُ فِي الحَجِّ.
قَالَ: لاَ تَصْحَبْ مَنْ يُكرَمُ عَلَيْكَ، فَإِنْ سَاوَيتَه فِي النَّفَقَةِ أَضَرَّ بِكَ، وَإِنْ تَفَضَّلَ عَلَيْكَ اسْتَذَلَّكَ.
وَنَظَرَ إِلَيْهِ رَجُلٌ وَفِي يَدِهِ دَنَانِيْرُ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ! تُمْسِكُ هَذِهِ الدَّنَانِيْرَ؟!
قَالَ: اسْكُتْ، فَلَوْلاَهَا لَتَمَنْدَلَ بِنَا المُلُوْكُ.
قَالَ: قَدْ كَانَ سُفْيَانُ رَأْساً فِي الزُّهدِ، وَالتَّأَلُّهِ، وَالخَوْفِ، رَأْساً فِي الحِفْظِ، رَأْساً فِي مَعْرِفَةِ الآثَارِ، رَأْساً فِي الفِقْهِ، لاَ يَخَافُ فِي اللهِ لَوْمَةَ لاَئِمٍ مِنْ أَئِمَّةِ الدِّيْنِ، وَاغْتُفِرَ لَهُ غَيْرُ مَسْأَلَةٍ اجْتَهَدَ فِيْهَا، وَفِيْهِ تَشَيُّعٌ يَسِيْرٌ، كَانَ يُثَلِّثُ بِعَلِيٍّ، وَهُوَ عَلَى مَذْهَبِ بَلَدِهِ أَيْضاً فِي النَّبِيذِ. وَيُقَالُ: رَجَعَ عَنْ كُلِّ
ذَلِكَ، وَكَانَ يُنْكِرُ عَلَى المُلُوْكِ، وَلاَ يَرَى الخُرُوْجَ أَصْلاً.وَكَانَ يُدَلِّسُ فِي رِوَايَتِهِ، وَرُبَّمَا دَلَّسَ عَنِ الضُّعَفَاءِ.
وَكَانَ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ مُدَلِّساً، لَكِنْ مَا عُرِفَ لَهُ تَدْلِيْسٌ عَنْ ضَعِيْفٍ.
أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ دَاوُدَ، سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُوْلُ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ: لِي إِحْدَى وَسِتُّوْنَ سَنَةً.
وَكِيْعٌ: وُلِدَ سُفْيَانُ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ، وَمَاتَ وَلَهُ ثَلاَثٌ وَسِتُّوْنَ سَنَةً.
سُفْيَانُ بنُ وَكِيْعٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ:
مَاتَ سُفْيَانُ وَلَهُ مائَةُ دِيْنَارٍ بِضَاعَةً، فَأَوْصَى إِلَى عَمَّارِ بنِ سَيْفٍ فِي كُتُبِهِ، فَأَحْرَقَهَا، وَلَمْ يُعْقِبْ سُفْيَانُ، كَانَ لَهُ ابْنٌ فَمَاتَ قَبْلَهُ، فَجَعَلَ كُلَّ شَيْءٍ لَهُ لأُخْتِهِ وَوَلَدِهَا، وَلَمْ يُورِثْ أَخَاهُ المُبَارَكَ شَيْئاً.
وَتُوُفِّيَ المُبَارَكُ: سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ.
قَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: بَلَغَنِي أَنَّ شَرِيْكاً، وَالثَّوْرِيَّ، وَإِسْرَائِيْلَ، وَفُضَيْلَ بنَ عِيَاضٍ، وَغَيْرَهُم مِنْ فُقَهَاءِ الكُوْفَةِ وُلِدُوا بِخُرَاسَانَ، كَانَ يُبْعَثُ بِآبَائِهِم فِي البُعُوثِ، وَيَتَسَرَّى بَعْضُهُم، وَيَتَزوَّجُ بَعْضُهُم، فَلَمَّا قَفَلُوا، نَقَلُوْهُم إِلَى الكُوْفَةِ، وَمَسْرُوْقٌ جَدُّ الثَّوْرِيِّ، شَهِدَ الجَمَلَ مَعَ عَلِيٍّ.
أَبُو العَيْنَاءِ: عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ خُبَيْقٍ: قَالَ يُوْسُفُ بنُ أَسْبَاطٍ: كَانَ سُفْيَانُ إِذَا أَخَذَ فِي ذِكْرِ الآخِرَةِ يَبُولُ الدَّمَ.
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُوْلُ:
مَا بَلَغَنِي عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدِيْثٌ قَطُّ، إِلاَّ عَمِلْتُ بِهِ وَلَوْ مَرَّةً.
حَاتِمُ بنُ الوَلِيْدِ الكَرْمَانِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ أَبِي بُكَيْرٍ يَقُوْلُ: قِيْلَ
لِسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ: إِلَى مَتَى تَطلُبُ الحَدِيْثَ؟قَالَ: وَأَيُّ خَيْرٍ أَنَا فِيْهِ خَيْرٌ مِنَ الحَدِيْثِ، فَأَصِيْرُ إِلَيْهِ؟ إِنَّ الحَدِيْثَ خَيْرُ عُلُوْمِ الدُّنْيَا.
يَحْيَى القَطَّانُ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُوْلُ: إِنَّ أَقْبَحَ الرَّعِيَّةِ أَنْ يَطلُبَ الدُّنْيَا بِعَمَلِ الآخِرَةِ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: دَعَا الثَّوْرِيُّ بِطَعَامٍ وَلَحْمٍ، فَأَكَلَهُ، ثُمَّ دَعَا بِتَمْرٍ وَزُبْدٍ، فَأَكَلَهُ، ثُمَّ قَامَ، وَقَالَ: أَحْسِنْ إِلَى الزَّنْجِيِّ، وَكُدَّهُ.
أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ يَمَانٍ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ:
إِنِّيْ لأَرَى الشَّيْءَ يَجبُ عَلَيَّ أَنْ أَتكلَّمَ فِيْهِ، فَلاَ أَفْعَلُ، فَأَبُولُ دَماً.
ابْنُ مَهْدِيٍّ: كُنَّا مَعَ الثَّوْرِيِّ جُلُوْساً بِمَكَّةَ، فَوَثَبَ، وَقَالَ: النَّهَارُ يَعْمَلُ عَمَلَه.
وَعَنْ سُفْيَانَ: مَا وَضَعَ رَجُلٌ يَدَهُ فِي قَصْعَةِ رَجُلٍ، إِلاَّ ذَلَّ لَهُ.
أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ: سَمِعْتُ الثَّوْرِيَّ مَا لاَ أُحصِيْهِ، يَقُوْلُ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ، اللَّهُمَّ سَلِّمْنَا، وَارْزُقنَا العَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.
قَالَ يَحْيَى بنُ يَمَانٍ: قَالَ سُفْيَانُ:
مَا شَيْءٌ أَبغَضُ إِلَيَّ مِنْ صُحْبَةِ قَارِئٍ، وَلاَ شَيْءٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ صُحْبَةِ فَتَىً.
أَبُو هِشَامٍ: حَدَّثَنَا وَكِيْعٌ، سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُوْلُ:
لَيْسَ الزُّهدُ بِأَكْلِ الغَلِيْظِ، وَلُبْسِ الخَشِنِ، وَلَكِنَّهُ قِصَرُ الأَمَلِ، وَارْتِقَابُ المَوْتِ.
يَحْيَى بنُ يَمَانٍ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُوْلُ:
المَالُ دَاءُ هَذِهِ الأُمَّةِ، وَالعَالِمُ طَبِيْبُ هَذِهِ الأُمَّةِ، فَإِذَا جَرَّ العَالِمُ الدَّاءَ إِلَى نَفْسِهِ، فَمَتَى يُبرِئُ النَّاسَ ؟
وَعَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: مَا نَعْلَمُ شَيْئاً أَفْضَلَ مِنْ طَلَبِ العِلْمِ بِنِيَّةٍ.الخُرَيْبِيُّ: عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: احْذَرْ سَخَطَ اللهِ فِي ثَلاَثٍ: احْذَرْ أَنْ تُقَصِّرَ فِيْمَا أَمَرَكَ، وَاحْذَرْ أَنْ يَرَاكَ وَأَنْتَ لاَ تَرْضَى بِمَا قَسَمَ لَكَ، وَأَنْ تَطْلُبَ شَيْئاً مِنَ الدُّنْيَا، فَلاَ تَجِدْهُ، أَنْ تَسَخْطَ عَلَى رَبِّكَ.
قَالَ خَالِدُ بنُ نِزَارٍ الأَيْلِيُّ: قَالَ سُفْيَانُ: الزُّهْدُ زُهْدَانِ: زُهْدُ فَرِيْضَةٍ، وَزُهْدُ نَافِلَةٍ.
فَالفَرْضُ: أَنْ تَدَعَ الفَخْرَ وَالكِبْرَ، وَالعُلُوَّ، وَالرِّيَاءَ، وَالسُّمْعَةَ، وَالتَّزَيُّنَ لِلنَّاسِ.
وَأَمَّا زُهدُ النَّافِلَةِ: فَأَنْ تَدَعَ مَا أَعْطَاكَ اللهُ مِنَ الحَلاَلِ، فَإِذَا تَرَكتَ شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ، صَارَ فَرِيْضَةً عَلَيْكَ أَلاَّ تَترُكَهُ إِلاَّ للهِ.
وَقِيْلَ: إِنَّ عَبْدَ الصَّمَدِ عَمَّ المَنْصُوْرِ دَخَلَ عَلَى سُفْيَانَ يَعُودُهُ، فَحَوَّلَ وَجْهَهُ إِلَى الحَائِطِ، وَلَمْ يَرُدَّ السَّلاَمَ.
فَقَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ: يَا سَيْفُ! أَظُنُّ أَبَا عَبْدِ اللهِ نَائِماً.
قَالَ: أَحسِبُ ذَاكَ - أَصْلَحَكَ اللهُ -.
فَقَالَ سُفْيَانُ: لاَ تَكْذِبْ، لَسْتُ بِنَائِمٍ.
فَقَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ! لَكَ حَاجَةٌ؟
قَالَ: نَعَمْ، ثَلاَثُ حَوَائِجَ: لاَ تَعُودَ إِلَيَّ ثَانِيَةً، وَلاَ تَشْهدَ جِنَازَتِي، وَلاَ تَترَحَّمَ عَلَيَّ.
فَخَجِلَ عَبْدُ الصَّمَدِ، وَقَامَ، فَلَمَّا خَرَجَ، قَالَ: وَاللهِ لقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لاَ أَخْرُجَ، إِلاَّ وَرَأْسُهُ مَعِي.
قَالَ يُوْسُفُ بنُ أَسْبَاطٍ: قَالَ سُفْيَانُ: زَيِّنُوا العِلْمَ وَالحَدِيْثَ بِأَنْفُسِكُم، وَلاَ تَتَزَيَّنُوا بِهِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: طُلِبَ سُفْيَانُ، فَخَرَجَ إِلَى مَكَّةَ، فَنَفَذَ المَهْدِيُّ إِلَى مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ - وَهُوَ عَلَى مَكَّةَ - فِي طَلَبِهِ، فَأُعْلِمَ سُفْيَانُ بِذَلِكَ، وَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ: إِنْ كُنْتَ تُرِيْدُ إِتْيَانَ القَوْمِ، فَاظْهَرْ حَتَّى أَبعَثَ بِكَ إِلَيْهِم، وَإِلاَّ فَتَوَارَ.
قَالَ: فَتَوَارَى سُفْيَانُ، وَطَلَبَهُ مُحَمَّدٌ، وَأَمَرَ مُنَادِياً فَنَادَى بِمَكَّةَ: مَنْ جَاءَ بِسُفْيَانَ، فَلَهُ كَذَا وَكَذَا.
فَلَمْ يَزَلْ مُتَوَارِياً بِمَكَّةَ، لاَ يَظْهَرُ إِلاَّ لأَهْلِ العِلْمِ، وَمَنْ لاَ يَخَافُهُ.
وَعَنْ أَبِي شِهَابٍ الحَنَّاطِ، قَالَ: بَعَثَتْ أُخْتُ سُفْيَانَ بِجِرَابٍ مَعِي إِلَى سُفْيَانَ وَهُوَ بِمَكَّةَ، فِيْهِ كَعكٌ وَخشكنَانُ، فَقَدِمْتُ، فَسَأَلْتُ عَنْهُ، فَقِيْلَ لِي: رُبَّمَا قَعَدَ عِنْدَ الكَعْبَةِ مِمَّا يَلِي الحَنَّاطِيْنَ.فَأَتَيْتُهُ، فَوَجَدْتُهُ مُسْتَلْقِياً، فَسلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يُسَائِلْنِي تِلْكَ المُسَاءلَةَ، وَلَمْ يُسلِّمْ عَلَيَّ كَمَا كُنْتُ أَعْرِفُهُ، فَقُلْتُ: إِنَّ أُخْتَكَ بَعثَتْ مَعِي بِجِرَابٍ.
فَاسْتَوَى جَالِساً، وَقَالَ: عَجِّلْ بِهَا.
فَكَلَّمتُهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: يَا أَبَا شِهَابٍ! لاَ تَلُمْنِي، فَلِي ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ لَمْ أَذُقْ فِيْهَا ذوَاقاً، فَعَذَرْتُهُ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: فَلَمَّا خَافَ مِنَ الطَّلَبِ بِمَكَّةَ، خَرَجَ إِلَى البَصْرَةِ، وَنَزَلَ قُرْبَ مَنْزِلِ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، ثُمَّ حَوَّلَه إِلَى جِوَارِهِ، وَفَتَحَ بَيْنَهُ وَبَيْنَه بَاباً، فَكَانَ يَأْتِيْهِ بِمُحَدِّثِي أَهْلِ البَصْرَةِ، يُسلِّمُوْنَ عَلَيْهِ، وَيَسْمَعُوْنَ مِنْهُ.
أَتَاهُ: جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ، وَمُبَارَكُ بنُ فَضَالَةَ، وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، وَمَرْحُوْمٌ العَطَّارُ، وَحَمَّادُ بنُ زَيْدٍ.
وَأَتَاهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ، فَلَزِمَهُ.
وَكَانَ أَبُو عَوَانَةَ يُسلِّمُ عَلَى سُفْيَانَ بِمَكَّةَ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ، فَكُلِّمَ فِي ذَلِكَ.
فَقَالَ: لاَ أَعْرِفُهُ.
وَلَمَّا عَرَفَ سُفْيَانُ أَنَّهُ اشْتُهِرَ مَكَانُهُ وَمَقَامُهُ، قَالَ لِيَحْيَى: حَوِّلْنِي.
فَحَوَّلَهُ إِلَى مَنْزِلِ الهَيْثَمِ بنِ مَنْصُوْرٍ، فَلَمْ يَزَلْ فِيْهِ، فَكلَّمَهُ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ فِي تَنَحِّيهِ عَنِ السُّلْطَانِ، وَقَالَ: هَذَا فَعْلُ أَهْلِ البِدَعِ، وَمَا يُخَافُ مِنْهُم.
فَأَجْمَعَ سُفْيَانُ وَحَمَّادٌ عَلَى أَنْ يَقْدَمَا بَغْدَادَ، وَكَتَبَ سُفْيَانُ إِلَى المَهْدِيِّ، وَإِلَى يَعْقُوْبَ بنِ دَاوُدَ الوَزِيْرِ، فَبَدَأَ بِنَفْسِهِ.
فَقِيْلَ: إِنَّهُم يَغضَبُوْنَ مِنْ هَذَا.
فَبَدَأَ بِهِم، وَأَتَاهُ جَوَابُ كِتَابِهِ بِمَا يُحبُّ مِنَ التَّقْرِيْبِ وَالكَرَامَةِ، وَالسَّمْعِ مِنْهُ وَالطَّاعَةِ، فَكَانَ عَلَى الخُرُوْجِ إِلَيْهِ، فَحُمَّ وَمَرِضَ، وَحَضَرَ المَوْتُ، فَجَزِعَ.
فَقَالَ لَهُ مَرْحُوْمُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: مَا هَذَا الجَزَعُ؟ فَإِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى الرَّبِّ الَّذِي كُنْتَ تَعبُدُه.
فَسَكَنَ، وَقَالَ: انْظُرُوا مَنْ هُنَا مِنْ أَصْحَابِنَا
الكُوْفِيِّيْنَ.فَأَرسَلُوا إِلَى عُبَادَانَ، فَقَدِمَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ، وَأَوْصَى، ثُمَّ مَاتَ.
وَأُخْرِجَتْ جِنَازَتُه عَلَى أَهْلِ البَصْرَةِ فَجْأَةً، فَشَهِدَه الخَلْقُ، وَصَلَّى عَلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبْجَرَ، وَكَانَ رَجُلاً صَالِحاً، وَنَزَلَ فِي حُفْرَتِهِ هُوَ وَخَالِدُ بنُ الحَارِثِ.
أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ: حَدَّثَنَا وَكِيْعٌ، قَالَ:
دَخَلَ عُمَرُ بنُ حَوْشَبٍ الوَالِي عَلَى سُفْيَانَ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَأَعْرضَ عَنْهُ، فَقَالَ: يَا سُفْيَانُ! نَحْنُ -وَاللهِ- أَنفعُ لِلنَّاسِ مِنْكَ، نَحْنُ أَصْحَابُ الدِّيَاتِ، وَأَصْحَابُ الحمَالاَتِ، وَأَصْحَابُ حَوَائِجِ النَّاسِ، وَالإِصْلاَحِ بَيْنَهُم، وَأَنْتَ رَجُلُ نَفْسِكَ.
فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ سُفْيَانُ، فَجَعَلَ يُحَادِثُه، ثُمَّ قَامَ.
فَقَالَ سُفْيَانُ: لقَدْ ثَقُلَ عَلَيَّ حِيْنَ دَخَلَ، وَلقَدْ غَمَّنِي قِيَامُهُ مِنْ عِنْدِي حِيْنَ قَامَ.
قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: مَا رَأَيتُ أَحَداً أَحْفَظَ لِمَا عِنْدَهُ مِنَ الثَّوْرِيِّ.
قِيْلَ لَهُ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَرحَلَ إِلَى الزُّهْرِيِّ؟
قَالَ: لَمْ تَكُنْ دَرَاهِمَ.
قَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ فَوْقَ مَالِكٍ فِي كُلِّ شَيْءٍ.
رَوَاهَا: ابْنُ المَدِيْنِيِّ، عَنْهُ.
قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: قَالَ لِي سُفْيَانُ:
لَوْ كَانَتْ كُتُبِي عِنْدِي، لأَفَدتُكَ عِلْماً، كُتُبِي عِنْدَ عَجُوْزٍ بِالنِّيْلِ.
الكُدَيْمِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُوْلُ:
كُنَّا نَأتِي أَبَا إِسْحَاقَ الهَمْدَانِيَّ، وَفِي عُنُقِ إِسْرَائِيْلَ -يَعْنِي: حَفِيْدَه- طَوْقٌ مِنْ ذَهَبٍ.
ابْنُ المَدِيْنِيِّ، قَالَ: كَانَ ابْنُ المُبَارَكِ يَقُوْلُ: إِذَا اجْتَمَعَ هَذَانِ عَلَى
شَيْءٍ، فَذَاكَ قَوِيٌّ -يَعْنِي: سُفْيَانَ وَأَبَا حَنِيْفَةَ-.عَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ: عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ:
حُفَّاظُ النَّاسِ أَرْبَعَةٌ: يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ.
قُلْتُ: فَالأَعْمَشُ؟
فَأَبَى أَنْ يَجْعَلَهُ مَعَهُم.
أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ: سَمِعْتُ زَائِدَةَ، وَذُكِرَ عِنْدَهُ سُفْيَانُ، فَقَالَ: ذَاكَ أَفْقَهُ أَهْلِ الدُّنْيَا.
وَكِيْعٌ: عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: سُفْيَانُ أَحْفَظُ مِنِّي.
ابْنُ حُمَيْدٍ: سَمِعْتُ مِهْرَانَ الرَّازِيَّ يَقُوْلُ:
كَتَبتُ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ أَصْنَافَهُ، فَضَاعَ مِنِّي كِتَابُ الدِّيَاتِ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: إِذَا وَجَدْتَنِي خَالِياً، فَاذْكُرْ لِي حَتَّى أُمِلَّهُ عَلَيْكَ.
فَحَجَّ، فَلَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ، طَافَ بِالبَيْتِ، وَسَعَى، ثُمَّ اضْطَجَعَ، فَذَكَّرْتُهُ، فَجَعَلَ يُمْلِي عَلَيَّ الكِتَابَ بَاباً فِي إِثرِ بَابٍ، حَتَّى أَمْلاَهُ جَمِيْعَهُ مِنْ حِفْظِه.
قَالَ الزَّعْفَرَانِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَسْأَلُ عَفَّانَ: أَيُّهُمَا أَكْثَرُ غَلطاً: سُفْيَانُ أَوْ شُعْبَةُ؟
قَالَ: شُعْبَةُ بِكَثِيْرٍ.
فَقَالَ أَحْمَدُ: فِي أَسْمَاءِ الرِّجَالِ.
عَبْدُ الرَّزَّاقِ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُوْلُ: سَلُونِي عَنْ عِلْمِ القُرْآنِ وَالمَنَاسِكِ، فَإِنِّي عَالِمٌ بِهِمَا.
أَبُو قُدَامَةَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ يَقُوْلُ:
مَا كَتَبتُ عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الأَعْمَشِ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا كَتَبتُهُ عَنِ الأَعْمَشِ.
إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي اللَّيْثِ: سَمِعْتُ الأَشْجَعِيَّ يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ مِنَ الثَّوْرِيِّ ثَلاَثِيْنَ أَلْفَ حَدِيْثٍ.
قَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: مَاتَ ابْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَأَنَا بِالكُوْفَةِ، فَجَلَسَ إِلَى جَنْبِي
سُفْيَانُ نَنْتَظِر الجَنَازَةَ، فَقَالَ:يَا يَحْيَى! خُذْ حَتَّى أُحَدِّثُكَ عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بِعَشْرَةِ أَحَادِيْثَ، لَمْ تَسْمَعْ مِنْهَا بِشَيْءٍ.
فَحَدَّثَنِي بِعَشْرَةٍ، وَكُنْتُ بِمَكَّةَ وَبِهَا الأَوْزَاعِيُّ، فَلَقِيَنِي سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَلَى الصَّفَا، فَقَالَ: يَا يَحْيَى! خَرَجَ الأَوْزَاعِيُّ اللَّيْلَةَ؟
قُلْتُ: نَعَمْ.
فَقَالَ: اجْلِسْ، لاَ تَبرَحْ حَتَّى أُحَدِّثُكَ عَنْهُ بِعَشْرَةٍ لَمْ تَسْمَعْ مِنْهَا بِشَيْءٍ.
قُلْتُ: وَأَيَّ شَيْءٍ سَمِعْتُ أَنَا مِنْهُ؟
فَلَمْ يَدَعنِي حَتَّى حَدَّثَنِي عَنْهُ بِعَشْرَةِ أَحَادِيْثَ، لَمْ أَسْمَعْ مِنْهَا بِوَاحِدٍ.
قَالَ الأَشْجَعِيُّ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُوْلُ: لَوْ هَمَّ رَجُلٌ أَنْ يَكْذِبَ فِي الحَدِيْثِ، وَهُوَ فِي بَيْتٍ فِي جَوْفِ بَيْتٍ، لأَظهَرَ اللهُ عَلَيْهِ.
عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، قَالَ: مَا رَأَيتُ رَجُلاً أَعْرَفَ بِالحَدِيْثِ مِنَ الثَّوْرِيِّ.
القَوَارِيْرِيُّ: قَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: بَاتَ عِنْدِي سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، فَحَدَّثْتُهُ بِحَدِيْثَيْنِ، أَحَدُهُمَا: عَنْ عَمْرِو بنِ عُبَيْدٍ، فَقَامَ يُصَلِّي، فَرفَعتُ المُصَلَّى، فَإِذَا هُوَ قَدْ كَتَبَهُمَا عَنِّي.
أَبُو مُسْهِرٍ: عَنْ عِيْسَى بنِ يُوْنُسَ، قَالَ:
دَخَلَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدِ بنِ أَبِي قَيْسٍ الأَزْدِيِّ، فَاحْتَبَسَ عِنْدَهُ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْنَا، فَقَالَ: إِنَّهُ كَذَّابٌ.
قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: قَتَلَهُ أَبُو جَعْفَرٍ فِي الزَّنْدَقَةِ.
أَبُو العَبَّاسِ الدَّغُوْلِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُشْكَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ
قَالَ:
قَالَ ابْنُ المُبَارَكِ: كُنْتُ أَقعُدُ إِلَى سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، فَيُحَدِّثُ، فَأَقُوْلُ: مَا بَقِيَ مِنْ عِلْمِهِ شَيْءٌ إِلاَّ وَقَدْ سَمِعْتُهُ، ثُمَّ أَقعُدُ عِنْدَهُ مَجْلِساً آخَرَ، فَيُحَدِّثُ، فَأَقُوْلُ: مَا سَمِعْتُ مِنْ عِلْمِهِ شَيْئاً.
الفَلاَّسُ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بنَ زِيَادٍ يَقُوْلُ لِيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ القَطَّانِ فِي
حَدِيْثٍ:يَا أَبَا سَعِيْدٍ! قَدْ خَالَفَكَ أَرْبَعَةٌ.
قُلْتُ: مَنْ؟
قَالَ: زَائِدَةُ، وَشَرِيْكٌ، وَأَبُو الأَحْوَصِ، وَإِسْرَائِيْلُ.
فَقَالَ يَحْيَى: لَوْ كَانَ أَرْبَعَةُ آلاَفٍ مِثْلَ هَؤُلاَءِ، كَانَ سُفْيَانُ أَثبتَ مِنْهُم.
عَبْدُ الرَّزَّاقِ: سَمِعْتُ الأَوْزَاعِيَّ يَقُوْلُ:
لَوْ قِيْلَ: اخْتَرْ لِهَذِهِ الأُمَّةِ رَجُلاً يَقُوْمُ فِيْهَا بِكِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ، لاَختَرتُ لَهُم سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ.
أَبُو هَمَّامٍ: حَدَّثَنَا المُبَارَكُ بنُ سَعِيْدٍ، قَالَ:
رَأَيتُ عَاصِمَ بنَ أَبِي النَّجُوْدِ يَجِيْءُ إِلَى سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، يَسْتَفْتِيْهِ، وَيَقُوْلُ: يَا سُفْيَانُ! أَتَيْتَنَا صَغِيْراً، وَأَتَيْنَاكَ كَبِيْراً.
عَبَّاسٌ: عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ، قَالَ:
لَيْسَ أَحَدٌ فِي حَدِيْثِ الثَّوْرِيِّ يُشبِهُ هَؤُلاَءِ: ابْنُ المُبَارَكِ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، وَوَكِيْعٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ.
ثُمَّ قَالَ: وَالأَشْجَعِيُّ: ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ.
قَالَ: وَبَعدَ هَؤُلاَءِ فِي سُفْيَانَ: يَحْيَى بنُ آدَمَ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى، وَأَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، وَأَبُو حُذَيْفَةَ، وَقَبِيْصَةُ، وَمُعَاوِيَةُ بنُ هِشَامٍ، وَالفِرْيَابِيُّ.
قُلْتُ: فَأَبُو دَاوُدَ الحَفَرِيُّ؟
قَالَ: أَبُو دَاوُدَ: رَجُلٌ صَالِحٌ.
قَالَ الفَضْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الشَّعْرَانِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ أَكْثَمَ يَقُوْلُ:
كَانَ فِي النَّاسِ رُؤَسَاءُ، كَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ رَأْساً فِي الحَدِيْثِ، وَأَبُو حَنِيْفَةَ رَأْساً فِي القِيَاسِ، وَالكِسَائِيُّ رَأْساً فِي القُرَّاءِ، فَلَمْ يَبْقَ اليَوْمَ رَأْسٌ فِي فَنٍّ مِنَ الفُنُوْنِ.
قُلْتُ: كَانَ بَعْدَ طَبَقَةِ هَؤُلاَءِ رُؤُوْسٌ، فَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ رَأْساً فِي الحَدِيْثِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرٌ رَأْساً فِي اللُّغَةِ، وَالشَّافِعِيُّ رَأْساً فِي الفِقْهِ، وَيَحْيَى الزُّبَيْرِيُّ رَأْساً فِي القِرَاءاتِ، وَمَعْرُوْفٌ الكَرْخِيُّ رَأْساً فِي الزُّهدِ.
ثُمَّ كَانَ بَعْدَهُم: ابْنُ المَدِيْنِيِّ رَأْساً فِي الحَدِيْثِ وَعِلَلِهِ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ رَأْساً فِي الفِقْهِ وَالسُّنَّةِ، وَأَبُو عُمَرَ الدُّوْرِيُّ رَأْساً فِي القِرَاءاتِ، وَابْنُ الأَعْرَابِيِّ رَأْساً فِي اللُّغَةِ، وَالسَّرِيُّ السَّقَطِيُّ رَأْساً فِي الزُّهدِ.
وَيُمْكِنُ أَنْ نَذْكُرَ فِي كُلِّ طَبَقَةٍ بَعْدَ ذَلِكَ أَئِمَّةً عَلَى هَذَا النَّمَطِ إِلَى زَمَانِنَا، فَرَأْسُ المُحَدِّثِيْنَ اليَوْمَ: أَبُو الحَجَّاجِ القُضَاعِيُّ المِزِّيُّ، وَرَأْسُ الفُقَهَاءِ: القَاضِي شَرَفُ الدِّيْنِ البَارِزِيُّ، وَرَأْسُ المُقْرِئِيْنَ: جَمَاعَةٌ، وَرَأْسُ العَرَبِيَّةِ: أَبُو حَيَّانَ الأَنْدَلُسِيُّ، وَرَأْسُ العُبَّادِ: الشَّيْخُ عَلِيٌّ الوَاسِطِيُّ، فَفِي النَّاسِ بَقَايَا خَيْرٍ، وَللهِ الحَمْدُ.عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، قَالَ: نَزَلَ عِنْدَنَا سُفْيَانُ، وَقَدْ كُنَّا نَنَامُ أَكْثَرَ اللَّيْلِ، فَلَمَّا نَزَلَ عِنْدَنَا، مَا كُنَّا نَنَامُ إِلاَّ أَقَلَّهُ، وَلَمَّا مَرِضَ بِالبَطَنِ، كُنْتُ أَخدِمُه، وَأَدَعُ الجَمَاعَةَ، فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: خِدمَةُ مُسْلِمٍ سَاعَةً، أَفْضَلُ مِنْ صَلاَةِ الجَمَاعَةِ.
فَقُلْتُ: مِمَّنْ سَمِعْتَ هَذَا؟
قَالَ: حَدَّثَنِي عَاصِمُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَامِرِ بنِ رَبِيْعَةَ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ:
لأَنْ أَخْدُمَ رَجُلاً مِنَ المُسْلِمِيْنَ عَلَى عِلَّةٍ يَوْماً وَاحِداً، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ صَلاَةِ الجَمَاعَةِ سِتِّيْنَ عَاماً، لَمْ يَفُتْنِي فِيْهَا التَّكْبِيْرَةُ الأُوْلَى.
قَالَ: فَضجَّ سُفْيَانُ لَمَّا طَالتْ عِلَّتُهُ، فَقَالَ: يَا مَوْتُ، يَا مَوْتُ.
ثُمَّ قَالَ: لاَ أَتَمَنَّاهُ، وَلاَ أَدْعُو بِهِ.
فَلَمَّا احْتُضِرَ، بَكَى وَجَزِعَ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ! مَا هَذَا البُكَاءُ؟
قَالَ: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ! لِشِدَّةِ مَا نَزَلَ بِي مِنَ المَوْتِ، المَوْتُ -وَاللهِ- شَدِيْدٌ.
فَمَسِسْتُهُ، فَإِذَا هُوَ يَقُوْلُ: رُوْحُ المُؤْمِنِيْنَ تَخْرُجُ رَشَحاً، فَأَنَا أَرْجُو.
ثُمَّ قَالَ: اللهُ أَرْحَمُ مِنَ الوَالِدَةِ الشَّفِيْقَةِ الرَّفِيْقَةِ، إِنَّهُ جَوَادٌ كَرِيْمٌ، وَكَيْفَ لِي أَنْ أُحِبَّ لِقَاءهُ، وَأَنَا أَكرَهُ المَوْتَ.
فَبَكَيتُ حَتَّى كِدْتُ أَنْ أَخْتَنِقَ، أُخْفِي بُكَائِي عَنْهُ، وَجَعَلَ يَقُوْلُ: أَوَّه ... ، أَوَّهُ مِنَ المَوْتِ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَمَا سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: أَوَّه، وَلاَ يَئِنُّ إِلاَّ عِنْدَ ذَهَابِ عَقْلِهِ.
ثُمَّ قَالَ: مَرْحَباً بِرَسُوْلِ رَبِّي.
ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أُسْكِتَ حَتَّى أَحْدَثَ، ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ قَدْ قَضَى، ثُمَّ أَفَاقَ.
فَقَالَ: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ! اذْهبْ
إِلَى حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، فَادْعُهُ لِي، فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ يَحْضُرَنِي.وَقَالَ: لَقِّنِّي قَوْلَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، فَجَعَلتُ أُلَقِّنُهُ.
قَالَ: وَجَاءَ حَمَّادٌ مُسْرِعاً حَافِياً، مَا عَلَيْهِ إِلاَّ إِزَارٌ، فَدَخَلَ وَقَدْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، فَقَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَقَالَ: بَارَكَ اللهُ فِيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ.
فَفَتَحَ عَيْنَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَيْ أَخِي، مَرْحَباً.
ثُمَّ قَالَ: يَا حَمَّادُ! خُذْ حِذْرَكَ، وَاحْذَرْ هَذَا المَصْرَعَ ... ، وَذَكَرَ فَصْلاً طَوِيْلاً، ضَعُفَ بَصَرِي أَنَا عَنْ قِرَاءتِهِ.
رَوَاهُ: الحَاكِمُ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ سَعِيْدٍ الرَّازِيِّ مِنْ أَصلِ كِتَابِهِ، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيْدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الكَرِيْمِ الشَّيْبَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ حَسَّانٍ السَّمْتِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ ... ، فَذَكَرَهُ.
وَهَذَا إِسْنَادٌ مُظْلِمٌ.
وَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ: أَنَّ السُّلْطَانَ دَخَلَ عَلَى سُفْيَانَ، وَقَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: دَعُوْنِي أُكَفِّنُه.
فَقُلْنَا لَهُ: إِنَّهُ أَوْصَى أَنْ يُكَفَّنَ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِ.
فَكَفَّنَهُ السُّلْطَانُ بَعْدَ ذَلِكَ بِكَفَنٍ بِسِتِّيْنَ دِيْنَاراً.
وَقِيْلَ: قُوِّمَ بِثَمَانِيْنَ دِيْنَاراً.
مُحَمَّدُ بنُ سَهْلِ بنِ عَسْكَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ:
بَعَثَ أَبُو جَعْفَرٍ الخَشَّابِيْنَ حِيْنَ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ، وَقَالَ: إِنْ رَأَيتُم سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ، فَاصْلِبُوْهُ.
فَجَاءَ النَّجَّارُوْنَ، وَنَصَبُوا الخَشَبَ، وَنُودِيَ عَلَيْهِ، فَإِذَا رَأْسُهُ فِي حَجْرِ الفُضَيْلِ بنِ عِيَاضٍ، وَرِجْلاَهُ فِي حَجْرِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، فَقِيْلَ لَهُ:
يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ! اتَّقِ اللهَ، لاَ تُشَمِّتْ بِنَا الأَعْدَاءَ.
فَتَقَدَّمَ إِلَى الأَسْتَارِ، ثُمَّ أَخَذَهُ، وَقَالَ: بَرِئْتُ مِنْهُ إِنْ دَخَلَهَا أَبُو جَعْفَرٍ.
قَالَ: فَمَاتَ أَبُو جَعْفَرٍ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ، فَأُخبِرَ بِذَلِكَ سُفْيَانُ، فَلَمْ يَقُلْ شَيْئاً.
هَذِهِ كَرَامَةٌ ثَابِتَةٌ، سَمِعَهَا: الحَاكِمُ، مِنْ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ المُزَكِّيِّ، سَمِعْتُ السَّرَّاجَ، عَنْهُ.
الحَاكِمُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ صَالِحِ بنِ هَانِئ، سَمِعْتُ الفَضْلَ الشَّعْرَانِيَّ، سَمِعْتُ القَوَارِيْرِيَّ، سَمِعْتُ يَحْيَى القَطَّانَ، يَقُوْلُ:رَأَيتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ فِي المَنَامِ، مَكْتُوْبٌ بَيْنَ كَتِفَيْهِ بِغَيْرِ سَوَادٍ: {فَسَيَكْفِيْكَهُمُ اللهُ } [البَقَرَةُ: 137] .
عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ، سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، قَالَ:
مَا تُرِيْدُ إِلَى شَيْءٍ إِذَا بَلَغتَ مِنْهُ الغَايَةَ، تَمنَّيْتَ أَنْ تَنْفَلِتَ مِنْهُ كَفَافاً.
أَبُو قُدَامَةَ السَّرَخْسِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ:
كَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ إِذَا قِيْلَ لَهُ: إِنَّهُ رُؤِيَ فِي المَنَامِ، يَقُوْلُ: أَنَا أَعْرَفُ بِنَفْسِي مِنْ أَصْحَابِ المَنَامَاتِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: كَانَ سُفْيَانُ يُنْكِرُ عَلَى مَنْ يَقُوْلُ: العِبَادَاتُ لَيْسَتْ مِنَ الإِيْمَانِ، وَعَلَى مَنْ يُقَدِّمُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَحَداً مِنَ الصَّحَابَةِ، إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ يُقَدِّمُ عَلِيّاً عَلَى عُثْمَانَ.
رَوَاهَا: الحَاكِمُ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ إِسْحَاقَ، أَنْبَأَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: سَمِعَ أَبَا بَكْرٍ.
مُحَمَّدُ بنُ سَهْلِ بنِ عَسْكَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، سَمِعْتُ مَالِكاً، وَالأَوْزَاعِيَّ، وَابْنَ جُرَيْجٍ، وَالثَّوْرِيَّ، وَمَعْمَراً، يَقُوْلُوْنَ:
الإِيْمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ، يَزِيْدُ وَيَنْقُصُ.
الحَاكِمُ: حَدَّثَنَا أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ المُزَكِّي، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ
الفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ الفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُوْلُ:إِنَّ قَوْماً يَقُوْلُوْنَ: لاَ نَقُوْلُ لأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ إِلاَّ خَيْراً، وَلَكِنْ عَلِيٌّ أَوْلَى بِالخِلاَفَةِ مِنْهُمَا، فَمَنْ قَالَ ذَلِكَ، فَقَدْ خَطَّأَ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعَلِيّاً، وَالمُهَاجِرِيْنَ، وَالأَنْصَارَ، وَلاَ أَدْرِي تَرتفِعُ مَعَ هَذَا أَعْمَالُهُم إِلَى السَّمَاءِ.
أَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ: سَمِعْتُ ابْنَ إِدْرِيْسَ يَقُوْلُ:
مَا رَأَيتُ بِالكُوْفَةِ رَجُلاً أَتْبَعَ لِلسُّنَّةِ، وَلاَ أَودُّ أَنِّي فِي مِسلاَخِهِ مِنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ.
وَعَنْ زَيْدِ بنِ الحُبَابِ، قَالَ: خَرَجَ سُفْيَانُ إِلَى أَيُّوْبَ، وَابْنِ عَوْنٍ، فَتَرَكَ التَّشَيُّعَ.
وَقَالَ حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ: قُلْتُ لِسُفْيَانَ:
يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ! إِنَّ النَّاسَ قَدْ أَكْثَرُوا فِي المَهْدِيِّ، فَمَا تَقُوْلُ فِيْهِ؟
قَالَ: إِنْ مَرَّ عَلَى بَابِكَ، فَلاَ تَكُنْ فِيْهِ فِي شَيْءٍ، حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَيْهِ.
مُؤَمَّلُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ: عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ:
تَرَكَتْنِي الرَّوَافِضُ وَأَنَا أَبغُضُ أَنْ أَذْكُرَ فَضَائِلَ عَلِيٍّ.
الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا الوَلِيْدِ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا هَارُوْنُ بنُ زِيَادٍ المَصِّيْصِيُّ، سَمِعْتُ الفِرْيَابِيَّ، سَمِعْتُ سُفْيَانَ، وَرَجُلٌ يَسْأَلُهُ عَنْ مَنْ يَشتُمُ أَبَا بَكْرٍ، فَقَالَ: كَافِرٌ بِاللهِ العَظِيْمِ.
قَالَ: نُصَلِّي عَلَيْهِ؟
قَالَ: لاَ، وَلاَ كَرَامَةَ.
قَالَ: فَزَاحَمَهُ النَّاسُ، حَتَّى حَالُوا بَيْنِي وَبَيْنَهُ.
فَقُلْتُ لِلَّذِي قَرِيْباً مِنْهُ: مَا قَالَ؟
قُلْنَا: هُوَ يَقُوْلُ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، مَا نَصْنعُ بِهِ؟
قَالَ: لاَ تَمَسُّوهُ بِأَيْدِيْكُم، ارْفَعُوْهُ بِالخَشَبِ حَتَّى تُوَارُوْهُ فِي قَبْرِه.
عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبَانٍ، سَمِعْتُ الثَّوْرِيَّ يَقُوْلُ:مَنْ قَدَّمَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَحَداً، فَقَدْ أَزرَى عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفاً مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تُوُفِّيَ رَسُوْلُ اللهِ وَهُوَ عَنْهُم رَاضٍ.
عَبَّاسٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، سَمِعْتُ الثَّوْرِيَّ يَقُوْلُ: امسَحْ عَلَيْهِمَا مَا تَعَلَّقَتَا بِالقَدَمِ، وَإِنْ تَخَرَّقَا.
قَالَ: وَكَذَلِكَ خِفَافُ المُهَاجِرِيْنَ وَالأَنْصَارِ مُخَرَّقَةٌ مُشَقَّقَةٌ.
مَشَايِخُ حَدَّثَ عَنْهُمُ الثَّوْرِيُّ، وَحَدَّثُوا هُمْ عَنْهُ:
مُحَمَّدُ بنُ عَجْلاَنَ، مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ، ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ، أَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ، المُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ، سَلَمَةُ الأَبْرَشُ، إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَمَ، أَبَانُ بنُ تَغْلِبَ، حَمْزَةُ الزَّيَّاتُ، جَعْفَرٌ الصَّادِقُ، حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، الحَسَنُ بنُ صَالِحِ بنِ حَيٍّ، خَارِجَةُ بنُ مُصْعَبٍ، خُصَيْفُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، سُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ، أَبُو الأَحْوَصِ سَلاَّمُ بنُ سُلَيْمٍ، سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، شُعْبَةُ بنُ الحَجَّاجِ، شَرِيْكٌ القَاضِي، الأَوْزَاعِيُّ، أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ، ابْنُ جُرَيْجٍ، فُضَيْلُ بنُ عِيَاضٍ، أَبُو حَنِيْفَةَ، وَكِيْعُ بنُ الجَرَّاحِ.
سَمَّى هَؤُلاَءِ: الحَاكِمُ.
وَرَوَى: سُلَيْمَانُ بنُ بِلاَلٍ، عَنِ ابْنِ عَجْلاَنَ، عَنِ الثَّوْرِيِّ.
وَرُوِيَ عَنِ الثَّوْرِيِّ، قَالَ: أُحبُّ أَنْ يَكُوْنَ صَاحِبُ العِلْمِ فِي كِفَايَةٍ، فَإِنَّ الآفَاتِ إِلَيْهِ أَسرَعُ، وَالأَلسِنَةَ إِلَيْهِ أَسرَعُ.
قَالَ زَائِدَةُ: كَانَ سُفْيَانُ أَفْقَهَ النَّاسِ.
وَقَالَ ابْنُ المُبَارَكِ: مَا أَعْلَمُ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ أَعْلَمَ مِنْ سُفْيَانَ.
وَعَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ: مَا رَأَى سُفْيَانُ مِثْلَ نَفْسِه.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيُّ: قُلْتُ لابْنِ المُبَارَكِ: رَأَيتَ مِثْلَ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ؟فَقَالَ: وَهَلْ رَأَى هُوَ مِثْلَ نَفْسِهِ؟
وَقَالَ الخُرَيْبِيُّ: مَا رَأَيتُ مُحَدِّثاً أَفْضَلَ مِنَ الثَّوْرِيِّ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ: مَا كَتَبتُ عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الأَعْمَشِ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا كَتَبتُ عَنِ الأَعْمَشِ.
وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ: مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ رَأَى بِعَيْنِه مِثْلَ سُفْيَانَ، فَلاَ تُصَدِّقْهُ.
وَقَالَ شَرِيْكٌ: نَرَى أَنَّ سُفْيَانَ حُجَّةٌ للهِ عَلَى عِبَادِه.
قَالَ أَبُو الأَحْوَصِ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُوْلُ: وَدِدْتُ أَنِّي أَنْجُو مِنْ هَذَا الأَمْرِ كَفَافاً، لاَ عَلَيَّ وَلاَ لِيَ.
وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُوْلُ:
لَيْسَ طَلَبُ الحَدِيْثِ مِنْ عِدَّةِ المَوْتِ، لَكِنَّهُ عِلَّةٌ يَتشَاغَلُ بِهِ الرَّجُلُ.
قُلْتُ: يَقُوْلُ هَذَا، مَعَ قَوْلِه لِلْخُرَيْبِيِّ: لَيْسَ شَيْءٌ أَنفعُ لِلنَّاسِ مِنَ الحَدِيْثِ؟!
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْتُ الثَّوْرِيَّ يَقُوْلُ: مَا أَخَافُ عَلَى شَيْءٍ أَنْ يُدْخِلَنِي النَّارَ، إِلاَّ الحَدِيْثَ.
وَعَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: وَدِدْتُ أَنِّي قَرَأْتُ القُرْآنَ، وَوَقَفتُ عِنْدَهُ، لَمْ أَتَجَاوَزْهُ إِلَى غَيْرِهِ.
وَعَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: مَنْ يَزْدَدْ عِلْماً، يَزْدَدْ وَجَعاً، وَلَوْ لَمْ أَعْلَمْ، كَانَ أَيْسَرَ لِحُزْنِي.
وَعَنْهُ، قَالَ: وَدِدْتُ أَنَّ عِلْمِي نُسِخَ مِنْ صَدْرِي، أَلَسْتُ أُرِيْدُ أَنْ أُسْأَلَ غَداً عَنْ كُلِّ حَدِيْثٍ رَوَيتُهُ: أَيْش أَرَدْتَ بِهِ؟
قَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: كَانَ الثَّوْرِيُّ قَدْ غَلَبَتْ عَلَيْهِ
شَهْوَةُ الحَدِيْثِ، مَا أَخَافُ عَلَيْهِ إِلاَّ مِنْ حُبِّهِ لِلْحَدِيْثِ.قُلْتُ: حُبُّ ذَاتِ الحَدِيْثِ، وَالعَمَلُ بِهِ للهِ مَطْلُوْبٌ مِنْ زَادِ المَعَادِ، وَحُبُّ رِوَايَتِهِ وَعَوَالِيْه وَالتَّكَثُّرِ بِمَعْرِفَتِهِ مَذْمُوْمٌ مَخُوفٌ، فَهُوَ الَّذِي خَافَ مِنْهُ سُفْيَانُ وَالقَطَّانُ، وَأَهْلُ المرَاقبَةِ، فَإِنَّ كَثِيْراً مِنْ ذَلِكَ وَبَالٌ عَلَى المُحَدِّثِ.
وَرَوَى: مُوْسَى بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُوْلُ:
رَأَيتُ الثَّوْرِيَّ فِي النَّوْمِ، فَقُلْتُ: مَا وَجَدْتَ أَفْضَلَ؟
قَالَ: الحَدِيْثَ.
وَقَالَ الفِرْيَابِيُّ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: مَا عَملٌ أَفْضَلُ مِنَ الحَدِيْثِ، إِذَا صحَّتِ النِّيَّةُ فِيْهِ.
وَقَالَ ضَمْرَةُ: كَانَ سُفْيَانُ رُبَّمَا حَدَّثَ بِعَسْقَلاَنَ، يَبْتِدِئُهُم يَقُوْلُ: انْفَجَرتِ العُيُونُ! يَعجَبُ مِنْ نَفْسِهِ.
مُهَنَّا بنُ يَحْيَى: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ صَاحِبٌ لَنَا لِسُفْيَانَ: حَدِّثْنَا كَمَا سَمِعْتَ.
فَقَالَ: لاَ وَاللهِ، لاَ سَبِيْلَ إِلَيْهِ، مَا هُوَ إِلاَّ المَعَانِي.
وَقَالَ زَيْدُ بنُ الحُبَابِ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُوْلُ: إِنْ قُلْتَ: إِنِّي أُحَدِّثُكُم كَمَا سَمِعْتُ، فَلاَ تُصَدِّقُوْنِي.
أَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ:
كُنَّا نَكونُ عِنْدَ سُفْيَانَ، فَكَأَنَّهُ قَدْ أُوقِفَ لِلْحِسَابِ، فَلاَ نَجتَرِئُ أَنْ نُكَلِّمَهُ، فَنُعَرِّضُ بِذِكْرِ الحَدِيْثِ، فَيَذهبُ ذَلِكَ الخُشُوْعُ، فَإِنَّمَا هُوَ حَدَّثَنَا حَدَّثَنَا.
قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: رَأَيتُ سُفْيَانَ بِصَنْعَاءَ يُمْلِي عَلَى صَبِيٍّ، وَيَسْتَمْلِي لَهُ.
وَعَنْ سُفْيَانَ: لَوْ لَمْ يَأْتِنِي أَصْحَابُ الحَدِيْثِ، لأَتَيْتُهُم.سَيَأْتِي بَقِيَّةُ هَذَا الفَصْلِ.
الفِرْيَابِيُّ: عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ:
دَخَلْتُ عَلَى المَهْدِيِّ، فَقُلْتُ: بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنفَقَ فِي حَجَّتِهِ اثْنَيْ عَشَرَ دِيْنَاراً، وَأَنْتَ فِيْمَا أَنْتَ فِيْهِ.
فَغَضِبَ، وَقَالَ: تُرِيْدُ أَنْ أَكُوْنَ مِثْلَ هَذَا الَّذِي أَنْتَ فِيْهِ.
قُلْتُ: إِنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلَ مَا أَنَا فِيْهِ، فَفِي دُوْنِ مَا أَنْتَ فِيْهِ.
فَقَالَ وَزِيْرُهُ: جَاءتْنَا كُتُبُكَ، فَأَنفَذْتُهَا.
فَقُلْتُ: مَا كَتَبتُ إِلَيْكَ شَيْئاً قَطُّ.
الخُرَيْبِيُّ: عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: مَا أَنفَقتُ دِرْهَماً فِي بِنَاءٍ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ يَمَانٍ: عَنْ سُفْيَانَ:
لَوْ أَنَّ البَهَائِمَ تَعقِلُ مِنَ المَوْتِ مَا تَعْقِلُوْنَ، مَا أَكَلتُمْ مِنْهَا سَمِيْناً.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ يَمَانٍ: مَا رَأَيتُ مِثْلَ سُفْيَانَ، أَقْبَلتِ الدُّنْيَا عَلَيْهِ، فَصَرَفَ وَجْهَهُ عَنْهَا.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ: كُنْتُ فِي مَسْجِدِ الخَيْفِ مَعَ سُفْيَانَ، وَالمُنَادِي يُنَادِي: مَنْ جَاءَ بِسُفْيَانَ، فَلَهُ عَشْرَةُ آلاَفٍ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ لأَجلِ الطَّلَبِ هَربَ إِلَى اليَمَنِ، فَسُرِقَ شَيْءٌ، فَاتَّهَمُوا سُفْيَانَ.
قَالَ: فَأَتَوْا بِي مَعْنَ بنَ زَائِدَةَ، وَكَانَ قَدْ كُتِبَ إِلَيْهِ فِي طَلَبِي، فَقِيْلَ لَهُ: هَذَا قَدْ سَرَقَ مِنَّا.
فَقَالَ: لِمَ سَرَقْتَ مَتَاعَهُم؟
قُلْتُ: مَا سَرَقْتُ شَيْئاً.
فَقَالَ لَهُم: تَنَحَّوْا لأُسَائِلَهُ.
ثُمَّ أَقْبَل عَلَيَّ، قَالَ: مَا اسْمُكَ؟
قُلْتُ: عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
فَقَالَ: نَشَدْتُكَ اللهَ لَمَّا انْتَسَبْتَ.
قُلْتُ: أَنَا سُفْيَانُ بنُ سَعِيْدِ بنِ مَسْرُوْقٍ.قَالَ: الثَّوْرِيُّ؟
قُلْتُ: الثَّوْرِيُّ.
قَالَ: أَنْتَ بُغْيَةُ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ.
قُلْتُ: أَجَلْ.
فَأَطْرَقَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: مَا شِئْتَ، فَأَقِمْ، وَمتَى شِئْتَ، فَارْحَلْ، فَوَاللهِ لَوْ كُنْتَ تَحْتَ قَدَمِي مَا رَفَعتُهَا.
قَرَأْتُهَا عَلَى إِسْحَاقَ بنِ طَارِقٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ المُقْرِئُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو الشَّيْخِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، سَمِعْتُ صَالِحَ بنَ مُعَاذٍ البَصْرِيَّ، سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ مَهْدِيٍّ، سَمِعْتُ سُفْيَانَ ... ، فَذَكَرَهَا.
وَكِيْعٌ: عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ:
مَا عَالَجْتُ شَيْئاً أَشدَّ عَلَيَّ مِنْ نَفْسِي، مَرَّةً عَلَيَّ، وَمَرَّةً لِي.
الخُرَيْبِيُّ: عَنْ سُفْيَانَ: {سَنَسْتَدْرِجُهُم} [الأَعْرَافُ: 182] ، وَ [القَلَمُ: 44] ، قَالَ: نُسْبِغُ عَلَيْهِم النِّعَمَ، وَنَمْنَعُهُمُ الشُّكْرَ.
أَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ: عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ:
البُكَاءُ عَشْرَةٌ أَجزَاءٍ: جُزْءٌ للهِ، وَتِسْعَةٌ لِغَيْرِ اللهِ، فَإِذَا جَاءَ الَّذِي للهِ فِي العَامِ مَرَّةً، فَهُوَ كَثِيْرٌ.
قَالَ خَلَفُ بنُ تَمِيْمٍ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُوْلُ: مَنْ أَحَبَّ أَفْخَاذَ النِّسَاءِ، لَمْ يُفْلِحْ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ رُسْتَه: سَمِعْتُ ابْنَ مَهْدِيٍّ يَقُوْلُ: بَاتَ سُفْيَانُ عِنْدِي، فَجَعَلَ يَبْكِي.
فَقِيْلَ لَهُ، فَقَالَ: لَذُنُوبِي عِنْدِي أَهْوَنُ مِنْ ذَا.
وَرَفَعَ شَيْئاً مِنَ الأَرْضِ، إِنِّيْ أَخَافُ أَنْ أُسْلَبَ الإِيْمَانَ قَبْلَ أَنْ أَمُوْتَ.
وَعَنْ سُفْيَانَ: السَّلاَمَةُ فِي أَنْ لاَ تُحبَّ أَنْ تُعْرَفَ.
وَرَوَى: رُسْتَه، عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، قَالَ:
قَدِمَ سُفْيَانُ البَصْرَةَ، وَالسُّلْطَانُ
يَطْلُبُهُ، فَصَارَ إِلَى بُسْتَانٍ، فَأَجَّرَ نَفْسَهُ لِحِفْظِ ثِمَارِهِ، فَمَرَّ بِهِ بَعْضُ العَشَّارِيْنَ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ يَا شَيْخُ؟قَالَ: مَنْ أَهْلِ الكُوْفَةِ.
قَالَ: أَرُطَبُ البَصْرَةِ أَحْلَى، أَمْ رُطَبُ الكُوْفَةِ؟
قَالَ: لَمْ أَذُقْ رُطَبَ البَصْرَةِ.
قَالَ: مَا أَكْذَبَكَ! البَرُّ وَالفَاجِرُ وَالكِلاَبُ يَأْكُلُوْنَ الرُّطَبَ السَّاعَةَ.
وَرَجَعَ إِلَى العَامِلِ، فَأَخْبَرَهُ لِيُعجِبَهُ، فَقَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ! أَدْرِكْهُ، فَإِنْ كُنْتَ صَادِقاً، فَإِنَّهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، فَخُذْهُ لِنَتَقَرَّبَ بِهِ إِلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، فَرَجَعَ فِي طَلَبِهِ، فَمَا قَدَرَ عَلَيْهِ.
قَالَ شُجَاعُ بنُ الوَلِيْدِ: كُنْتُ أَحجُّ مَعَ سُفْيَانَ، فَمَا يَكَادُ لِسَانُهُ يَفتُرُ مِنَ الأَمْرِ بِالمَعْرُوْفِ، وَالنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ، ذَاهِباً وَرَاجِعاً.
وَعَنْ سُفْيَانَ: أَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى خُرَاسَانَ فِي حَقٍّ لَهُ، فَأَجَّرَ نَفْسَهُ مِنْ جَمَّالِيْنَ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَعْيَنَ: كُنْتُ مَعَ سُفْيَانَ وَالأَوْزَاعِيِّ، فَدَخَلَ عَلَيْنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ عَلِيٍّ - وَهُوَ أَمِيْرُ مَكَّةَ - وَسُفْيَانُ يَتوَضَّأ، وَأَنَا أَصُبُّ عَلَيْهِ، كَأَنَّهُ بَطَّأَهُ، وَهُوَ يَقُوْلُ: لاَ تَنْظُرُوا إِلَيَّ، أَنَا مُبْتَلَىً.
فَجَاءَ عَبْد الصَّمَدِ، فَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ سُفْيَان: مَنْ أَنْتَ؟
فَقَالَ: أَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ.
فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتَ؟ اتَّقِ اللهَ، اتَّقِ اللهَ، وَإِذَا كَبَّرْتَ فَأَسْمِعْ.
قَالَ يَحْيَى بنُ يَمَانٍ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُوْلُ: إِنِّيْ لأَرَى المُنْكَرَ، فَلاَ أَتكلَّمُ، فَأَبُولُ أَكدمَ دَماً.
قُلْتُ: مَعَ جَلاَلَةِ سُفْيَانَ، كَانَ يُبِيْحُ النَّبِيذَ الَّذِي كَثِيْرُهُ مُسكِرٌ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ كِتَابَةً، عَنِ اللَّبَّانِ، أَنْبَأَنَا الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ سَلَمٍ، حَدَّثَنَا الأَبَّارُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ المَيْمُوْنِيُّ، سَمِعْتُ يَعْلَى بنَ عُبَيْدٍ يَقُوْلُ:قَالَ سُفْيَانُ: إِنِّيْ لآتِي الدَّعْوَةَ، مَا أَشْتَهِي النَّبِيذَ، فَأَشْرَبُهُ لَكِي يَرَانِي النَّاسُ.
المُحَارِبِيُّ: سَمِعْتُ الثَّوْرِيَّ يَقُوْلُ لِلْغُلاَمِ إِذَا رَآهُ فِي الصَّفِّ الأَوَّلِ: احْتلَمْتَ؟
فَإِنْ قَالَ: لاَ، قَالَ: تَأَخَّرْ.
يُوْسُفُ بنُ أَسْبَاطٍ: سَمِعْتُ الثَّوْرِيَّ يَقُوْلُ:
لَيْسَ شَيْءٌ أَقطَعَ لِظِهْرِ إِبْلِيسَ مِنْ قَوْلِ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ.
عَنْ سُفْيَانَ: وَسُئِلَ مَا الزُّهدُ؟
قَالَ: سُقُوطُ المَنْزِلَةِ.
وَعَنْهُ، قَالَ: إِنِّيْ لأَلْقَى الرَّجُلَ أُبْغِضُهُ، فَيَقُوْلُ: كَيْفَ أَصْبَحتَ؟ فَيَلِيْنُ لَهُ قَلْبِي، فَكَيْفَ بِمَنْ آكُلُ طَعَامَهُم؟
وَكِيْعٌ: عَنْ سُفْيَانَ: لَوْ أَنَّ اليَقِيْنَ ثَبتَ فِي القَلْبِ، لَطَارَ فَرَحاً أَوْ حُزْناً أَوْ شَوْقاً إِلَى الجَنَّةِ، أَوْ خَوْفاً مِنَ النَّارِ.
قَالَ قُتَيْبَةُ: لَوْلاَ سُفْيَانُ، لَمَاتَ الوَرَعُ.
ابْنُ المُبَارَكِ: قَالَ لِي سُفْيَانُ: إِيَّاكَ وَالشُّهْرَةَ، فَمَا أَتَيْتُ أَحَداً إِلاَّ وَقَدْ نَهَى عَنِ الشُّهرَةِ.
وَعَنِ الفِرْيَابِيِّ، قَالَ: أَتَى سُفْيَانُ بَيْتَ المَقْدِسِ، فَأَقَامَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، وَرَابَطَ بِعَسْقَلاَنَ أَرْبَعِيْنَ يَوْماً، وَصَحِبتُهُ إِلَى مَكَّةَ.
أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُوْلُ: مَا رَأَيتُ لِلإِنْسَانِ خَيْراً مِنْ أَنْ يَدْخُلَ جُحْراً.
قَالَ عَطَاءُ بنُ مُسْلِمٍ: قَالَ لِي الثَّوْرِيُّ:
إِذَا كُنْتَ بِالشَّامِ، فَاذْكُرْ مَنَاقِبَ عَلِيٍّ، وَإِذَا كُنْتَ بِالكُوْفَةِ، فَاذْكُرْ مَنَاقِبَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ.
وَعَنْهُ: مَنْ أَصْغَى بِسَمْعِهِ إِلَى صَاحِبِ بِدْعَةٍ، وَهُوَ يَعْلَمُ، خَرَجَ مِنْ عِصمَةِ اللهِ، وَوُكِلَ إِلَى نَفْسِهِ.وَعَنْهُ: مَنْ سَمِعَ بِبِدْعَةٍ، فَلاَ يَحْكِهَا لِجُلَسَائِهِ، لاَ يُلقِهَا فِي قُلُوْبِهِم.
قُلْتُ: أَكْثَرُ أَئِمَّةِ السَّلَفِ عَلَى هَذَا التَّحذِيرِ، يَرَوْنَ أَنَّ القُلُوْبَ ضَعِيْفَةٌ، وَالشُّبَهُ خَطَّافَةٌ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ: إِذَا رَأَيتَ عِرَاقِيّاً، فَتعوَّذْ مِنْ شَرِّهِ، وَإِذَا رَأَيتَ سُفْيَانَ، فَسَلِ اللهَ الجَنَّةَ.
وَعَنِ الأَصْمَعِيِّ: أَنَّ الثَّوْرِيَّ أَوْصَى أَنْ تُدْفَنَ كُتُبُهُ، وَكَانَ نَدِمَ عَلَى أَشْيَاءَ كَتَبَهَا عَنْ قَوْمٍ.
عَبْدُ اللهِ بنُ خُبَيْقٍ: حَدَّثَنَا الهَيْثَمُ بنُ جَمِيْلٍ، عَنْ مُفَضَّلِ بنِ مُهَلْهِلٍ، قَالَ:
حَجَجْتُ مَعَ سُفْيَانَ، فَوَافَيْنَا بِمَكَّةَ الأَوْزَاعِيَّ، فَاجْتَمَعْنَا فِي دَارٍ، وَكَانَ عَلَى المَوْسِمِ عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ عَلِيٍّ، فَدَقَّ دَاقٌّ البَابَ.
قُلْنَا: مَنْ ذَا؟
قَالَ: الأَمِيْرُ.
فَقَامَ الثَّوْرِيُّ، فَدَخَلَ المَخْرَجَ، وَقَامَ الأَوْزَاعِيُّ، فَتَلَّقَاهُ، فَقَالَ لَهُ: مَنْ أَنْتَ أَيُّهَا الشَّيْخُ؟
قَالَ: أَنَا الأَوْزَاعِيُّ.
قَالَ: حَيَّاكَ اللهُ بِالسَّلاَمِ، أَمَا إِنَّ كُتُبَكَ كَانَتْ تَأْتِيْنَا، فَنَقضِيَ حَوَائِجَك، مَا فَعَلَ سُفْيَانُ؟
قَالَ: فَقُلْتُ: دَخَلَ المَخْرَجَ.
قَالَ: فَدَخَلَ الأَوْزَاعِيُّ فِي إِثْرِهِ، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ مَا قَصَدَ إِلاَّ قَصْدَكَ.
فَخَرَجَ سُفْيَانُ مُقَطِّباً، فَقَالَ: سَلاَمٌ عَلَيْكُم، كَيْفَ أَنْتُم؟
فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الصَّمَدِ: أَتَيْتُ أَكْتُبُ عَنْكَ هَذِهِ المَنَاسِكَ.
قَالَ: أَوَّلاً أَدُلُّكَ عَلَى مَا هُوَ أَنفعُ لَكَ مِنْهَا.
قَالَ: وَمَا هُوَ؟
قَالَ: تَدَعُ مَا أَنْتَ فِيْهِ.
قَالَ: وَكَيْفَ أَصْنَعُ بِأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ؟
قَالَ: إِنْ أَرَدْتَ كَفَاكَ اللهُ أَبَا جَعْفَرٍ.
فَقَالَ لَهُ الأَوْزَاعِيُّ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ! إِنَّ هَؤُلاَءِ لَيْسَ يَرضُوْنَ مِنْكَ إِلاَّ بِالإِعْظَامِ لَهُم.
فَقَالَ: يَا أَبَا عَمْرٍو! إِنَّا لَسْنَا نَقْدِرُ أَنْ نَضْرِبَهُم، وَإِنَّمَا نُؤَدِّبُهُم بِمِثْلِ هَذَا الَّذِي تَرَى.
قَالَ مُفَضَّلٌ: فَالتَفَتَ إِلَيَّ الأَوْزَاعِيُّ،
فَقَالَ لِي: قُمْ بِنَا مِنْ هَا هُنَا، فَإِنِّي لاَ آمَنُ أَنْ يَبْعَثَ هَذَا مَنْ يَضَعُ فِي رِقَابِنَا حِبَالاً، وَإِنَّ هَذَا مَا يُبَالِي.يُوْسُفُ بنُ أَسْبَاطٍ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُوْلُ: مَا رَأَيتُ الزُّهدَ فِي شَيْءٍ أَقلَّ مِنْهُ فِي الرِّئَاسَةِ، تَرَى الرَّجُلَ يَزْهَدُ فِي المَطْعَمِ وَالمَشْرَبِ وَالمَالِ وَالثِّيَابِ، فَإِنْ نُوزِعَ الرِّئَاسَةَ حَامَى عَلَيْهَا، وَعَادَى.
عَبْدُ اللهِ بنُ خُبَيْقٍ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بنُ جَنَّادٍ، حَدَّثَنَا عَطَاءُ بنُ مُسْلِمٍ، قَالَ:
لَمَّا اسْتُخْلِفَ المَهْدِيُّ، بَعَثَ إِلَى سُفْيَانَ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ، خَلَعَ خَاتَمَهُ، فَرمَى بِهِ إِلَيْهِ، وَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ! هَذَا خَاتَمِي، فَاعمَلْ فِي هَذِهِ الأُمَّةِ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
فَأَخَذَ الخَاتَمَ بِيَدِهِ، وَقَالَ: تَأْذَنُ فِي الكَلاَمِ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ!
قُلْتُ لِعَطَاءٍ: قَالَ لَهُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: أَتَكَلَّمُ عَلَى أَنِّي آمِنٌ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: لاَ تَبعثْ إِلَيَّ حَتَّى آتِيَكَ، وَلاَ تُعْطِنِي حَتَّى أَسْأَلَكَ.
قَالَ: فَغَضِبَ، وَهَمَّ بِهِ، فَقَالَ لَهُ كَاتِبُهُ: أَلَيْسَ قَدْ آمَنْتَهُ؟
قَالَ: بَلَى.
فَلَمَّا خَرَجَ، حَفَّ بِهِ أَصْحَابُهُ، فَقَالُوا: مَا مَنَعَكَ وَقَدْ أَمَرَكَ أَنْ تَعْمَلَ فِي الأُمَّةِ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
فَاسْتَصْغَرَ عُقُوْلَهُم، وَخَرَجَ هَارباً إِلَى البَصْرَةِ.
وَعَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: لَيْسَ أَخَافُ إِهَانَتَهُم، إِنَّمَا أَخَافُ كَرَامَتَهُم، فَلاَ أَرَى سَيِّئَتَهُم سَيِّئَةً، لَمْ أَرَ لِلسُّلْطَانِ مِثْلاً، إِلاَّ مِثْلاً ضُرِبَ عَلَى لِسَانِ الثَّعْلَبِ.
قَالَ: عَرَفْتُ لِلْكَلْبِ نَيِّفاً وَسَبْعِيْنَ دُستَاناً، لَيْسَ مِنْهَا دُستَانٌ خَيْراً مِنْ أَنْ لاَ أَرَى الكَلْبَ، وَلاَ يَرَانِي.
مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الفِرْيَابِيُّ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُوْلُ: أُدْخِلْتُ عَلَى أَبِي
جَعْفَرٍ بِمِنَىً، فَقُلْتُ لَهُ: اتَّقِ اللهَ، فَإِنَّمَا أُنْزِلْتَ فِي هَذِهِ المَنْزِلَةِ، وَصِرتَ فِي هَذَا المَوْضِعِ، بِسُيُوْفِ المُهَاجِرِيْنَ وَالأَنْصَارِ، وَأَبْنَاؤُهُم يَمُوْتُوْنَ جُوعاً، حَجَّ عُمَرُ، فَمَا أَنفَقَ إِلاَّ خَمْسَةَ عَشَرَ دِيْنَاراً، وَكَانَ يَنْزِلُ تَحْتَ الشَّجرِ.فَقَالَ: أَتُرِيْدُ أَنْ أَكُوْنَ مِثْلَكَ؟
قُلْتُ: لاَ، وَلَكِنْ دُوْنَ مَا أَنْتَ فِيْهِ، وَفَوْقَ مَا أَنَا فِيْهِ.
قَالَ: اخْرُجْ.
قَالَ عِصَامُ بنُ يَزِيْدَ: لَمَّا أَرَادَ سُفْيَانُ أَنْ يُوَجِّهَنِي إِلَى المَهْدِيِّ، قُلْتُ لَهُ:
إِنِّيْ غُلاَمٌ جَبَلِيٌّ، لَعَلِّي أَسقُطُ بِشَيْءٍ، فَأَفضَحُكَ.
قَالَ: يَا نَاعِسُ! تَرَى هَؤُلاَءِ الَّذِيْنَ يَجِيْئُوْنِي، لَوْ قُلْتُ لأَحَدِهِم، لَظَنَّ أَنِّي قَدْ أَسدَيتُ إِلَيْهِ مَعْرُوْفاً، وَلَكِنْ قَدْ رَضِيْتُ بِكَ، قُلْ مَا تَعْلَمُ، وَلاَ تَقُلْ مَا لاَ تَعْلَمُ.
قَالَ: فَلَمَّا رَجَعتُ، قُلْتُ: لأَيِّ شَيْءٍ تَهرُبُ مِنْهُ، وَهُوَ يَقُوْلُ: لَوْ جَاءَ، لَخَرَجْتُ مَعَهُ إِلَى السُّوْقِ، فَأَمَرْنَا وَنَهَيْنَا؟
فَقَالَ: يَا نَاعِسُ! حَتَّى يَعْمَلَ بِمَا يَعْلَمُ، فَإِذَا فَعَلَ لَمْ يَسعْنَا إِلاَّ أَنْ نَذهَبَ، فَنُعَلِّمَهُ مَا لاَ يَعْلَمُ.
قَالَ عِصَامٌ: فَكَتَبَ مَعِي سُفْيَانُ إِلَى المَهْدِيِّ، وَإِلَى وَزِيْرِه أَبِي عُبَيْدِ اللهِ.
قَالَ: وَأُدْخِلْتُ عَلَيْهِ، فَجَرَى كَلاَمِي، فَقَالَ: لَوْ جَاءنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ، لَوَضَعْنَا أَيْدِيَنَا فِي يَدِهِ، وَارْتَدَيْنَا بُرْداً، وَاتَّزَرْنَا بِآخَرَ، وَخَرَجنَا إِلَى السُّوْقِ، وَأَمَرْنَا بِالمَعْرُوْفِ، وَنَهَيْنَا عَنِ المُنْكرِ، فَإِذَا تَوَارَى عَنَّا مِثْلُ أَبِي عَبْدِ اللهِ، لقَدْ جَاءنِي قُرَّاؤُكُمُ الَّذِيْنَ هُم قُرَّاؤُكُم، فَأَمَرُوْنِي، وَنَهَوْنِي، وَوَعَظُوْنِي، وَبَكَوْا -وَاللهِ- لِي، وَتَباكَيتُ لَهُم، ثُمَّ لَمْ يَفجَأْنِي مِنْ أَحَدِهِم إِلاَّ أَنْ أَخْرَجَ مِنْ كُمِّهِ رُقْعَةً: أَنِ افعَلْ بِي كَذَا، وَافعَلْ بِي كَذَا، فَفَعَلتُ وَمَقَتُّهُم.
قَالَ: وَإِنَّمَا كَتَبَ إِلَيْهِ، لأَنَّهُ طَالَ مَهْرَبُهُ، أَنْ يُعْطِيَهُ الأَمَانَ، فَأَتَيْتُهُ، فَقَدِمْتُ
عَلَيْهِ البَصْرَةَ بِالأَمَانِ، ثُمَّ مَرِضَ وَمَاتَ.أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ، سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ يَقُوْلُ:
أَملَى عَلَيَّ سُفْيَانُ كِتَابَهُ إِلَى المَهْدِيِّ، فَقَالَ: اكْتُبْ مِنْ سُفْيَانَ بنِ سَعِيْدٍ، إِلَى مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ.
فَقُلْتُ: إِذَا كَتَبتَ هَذَا، لَمْ يَقرَأْهُ.
قَالَ: اكْتُبْ كَمَا تُرِيْدُ.
فَكَتَبتُ، ثُمَّ قَالَ: اكْتُبْ، فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ، تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَهُوَ لِلْحَمْدِ أَهْلٌ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيْرٍ.
فَقُلْتُ: مَنْ كَانَ يَكْتُبُ هَذَا الصَّدْرَ؟
قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْصُوْرٌ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ: أَنَّهُ كَانَ يَكْتُبُهُ.
وَعَنْ إِبْرَاهِيْمَ الفَرَّاءِ، قَالَ: كَتبَ سُفْيَانُ إِلَى المَهْدِيِّ مَعَ عِصَامِ جَبْرٍ :
طَرَدْتَنِي، وَشَرَّدْتَنِي، وَخَوَّفْتَنِي، وَاللهُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ، وَأَرْجُو أَنْ يَخِيْرَ اللهُ لِي قَبْلَ مَرْجُوْعِ الكِتَابِ.
فَرَجَعَ الكِتَابُ وَقَدْ مَاتَ.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الأَسَدِيُّ، أَنْبَأَنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو المَكَارِمِ التَّيْمِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ حَيَّانَ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ هَارُوْنَ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ شَاذَانَ النَّيْسَابُوْرِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ مَسْعُوْدٍ، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: أُدْخِلْتُ عَلَى المَهْدِيِّ بِمِنَىً، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ بِالإِمْرَةِ.
فَقَالَ: أَيُّهَا الرَّجُلُ! طَلَبْنَاكَ، فَأَعجَزْتَنَا، فَالحَمْدُ للهِ الَّذِي جَاءَ بِكَ، فَارْفعْ إِلَيْنَا حَاجَتَكَ.
فَقُلْتُ: قَدْ مَلأتَ الأَرْضَ ظُلْماً وَجَوْراً، فَاتَّقِ اللهَ، وَلْيَكُنْ مِنْكَ فِي ذَلِكَ عِبرَةً.
فَطَأْطَأَ رَأْسَهُ، ثُمَّ قَالَ: أَرَأَيتَ إِنْ لَمْ أَسْتطِعْ دَفْعَهُ؟ قَالَ: تُخَلِّيهِ
وَغَيْرَكَ.فَطَأْطَأَ رَأْسَهُ، ثُمَّ قَالَ: ارْفَعْ إِلَيْنَا حَاجَتَكَ.
قُلْتُ: أَبْنَاءُ المُهَاجِرِيْنَ وَالأَنْصَارِ وَمَنْ تَبِعَهُم بِإِحسَانٍ بِالبَابِ، فَاتَّقِ اللهَ، وَأَوْصِلْ إِلَيْهِم حُقُوقَهُم.
فَطَأطَأَ رَأْسَه، فَقَالَ أَبُو عُبَيْدِ اللهِ: أَيُّهَا الرَّجُلُ! ارْفَعْ إِلَيْنَا حَاجَتَكَ.
قُلْتُ: وَمَا أَرْفَعُ؟ حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ، قَالَ: حَجَّ عُمَرُ، فَقَالَ لِخَازنِهِ: كَمْ أَنفَقْتَ؟
قَالَ: بَضْعَةَ عَشَرَ دِرْهَماً، وَإِنِّيْ أَرَى هَا هُنَا أُمُوْراً لاَ تُطِيْقُهَا الجِبَالُ.
وَبِهِ: قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سَعْدُ بنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي:
لَقِيَنِي الثَّوْرِيُّ بِمَكَّةَ، فَأَخذَ بِيَدِي، وَسَلَّم عَلَيَّ، ثُمَّ انْطَلَقَ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَإِذَا عَبْدُ الصَّمَدِ قَاعِدٌ عَلَى بَابِهِ يَنْتَظِرُهُ، وَكَانَ وَالِيَ مَكَّةَ، فَلَمَّا رَآهُ، قَالَ: مَا أَعْلَمُ فِي المُسْلِمِيْنَ أَحَداً أَغَشَّ لَهُم مِنْكَ.
فَقَالَ سُفْيَانُ: كُنْتُ فِيْمَا هُوَ أَوجبُ عَلَيَّ مِنْ إِتْيَانِكَ، إِنَّهُ كَانَ يَتَهَيَّأُ لِلصَّلاَةِ، فَأَخْبَرَهُ عَبْدُ الصَّمَدِ أَنَّهُ قَدْ جَاءهُ قَوْمٌ، فَأَخبَرُوْهُ أَنَّهُم قَدْ رَأَوُا الهِلاَلَ، هِلاَلَ ذِي الحِجَّةِ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْمُرَ مَنْ يَصعَدُ الجِبَالَ، ثُمَّ يُؤْذِنُ النَّاسَ بِذَلِكَ، وَيَدُهُ فِي يَدِي، وَتَرَكَ عَبْدَ الصَّمَدِ قَاعِداً عَلَى البَابِ، فَأَخَرَجَ إِلَيَّ سُفرَةً فِيْهَا فَضْلَةٌ مِنْ طَعَامٍ: خُبْزٍ مُكَسَّرٍ وَجُبنٍ، فَأَكَلنَا.
قَالَ: فَأَخَذَهُ عَبْدُ الصَّمَدِ، فَذَهَبَ بِهِ إِلَى المَهْدِيِّ وَهُوَ بِمِنَىً، فَلَمَّا رَآهُ صَاحَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: مَا هَذِهِ الفَسَاطِيْطُ، مَا هَذِهِ السُّرَادِقَاتُ ؟
قَالَ عَطَاءٌ الخَفَّافُ: مَا لَقِيْتُ سُفْيَانَ إِلاَّ بَاكِياً، فَقُلْتُ: مَا شَأْنُكَ؟قَالَ: أَتَخوَّفُ أَنْ أَكُوْنَ فِي أُمِّ الكِتَابِ شَقِيّاً.
قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: جَرَّ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ سُفْيَانَ إِلَى الفَضَاءِ، فَتَحَامَقَ عَلَيْهِ، لِيُخَلِّصَ نَفْسَهُ مِنْهُ، فَلَمَّا عَلِمَ أَنَّهُ يَتحَامَقُ، أَرْسَلَه، وَهَرَبَ هُوَ ... ، وَذَكَرَ الحِكَايَةَ.
رَوَاهَا: مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ الوَلِيْدِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ أَخِي رُسْتَه، عَنْهُ.
ابْنُ المُبَارَكِ: عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: لَيْسَ بِفَقِيْهٍ مَنْ لَمْ يَعُدَّ البَلاَءَ نِعْمَةً، وَالرَّخَاءَ مُصِيْبَةً.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: رَأَيتُ الثَّوْرِيَّ فِي الحَرَمِ بَعْدَ المَغْرِبِ صَلَّى، ثُمَّ سَجَدَ سَجدَةً، فَلَمْ يَرْفَعْ حَتَّى نُودِيَ بِالعشَاءِ.
وَبِهِ: قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، حَدَّثَنَا عَارِمٌ، قَالَ:
أَتَيْتُ أَبَا مَنْصُوْرٍ أَعُودُهُ، فَقَالَ لِي: بَاتَ سُفْيَانُ فِي هَذَا البَيْتِ، وَكَانَ هُنَا بُلْبُلٌ لابْنِي، فَقَالَ: مَا بَالُ هَذَا مَحْبُوساً، لَوْ خُلِّيَ عَنْهُ.
قُلْتُ: هُوَ لابْنِي، وَهُوَ يَهَبُهُ لَكَ.
قَالَ: لاَ، وَلَكِنْ أُعْطِيْهِ دِيْنَاراً.
قَالَ: فَأَخَذَهُ، فَخَلَّى عَنْهُ، فَكَانَ يَذْهَبُ وَيَرْعَى، فَيَجِيْءُ بِالعَشِيِّ، فَيَكُوْنُ فِي نَاحِيَةِ البَيْتِ، فَلَمَّا مَاتَ سُفْيَانُ، تَبِعَ جِنَازَتَه، فَكَانَ يَضطَرِبُ عَلَى قَبْرِهِ، ثُمَّ اخْتَلَفَ بَعْدَ ذَلِكَ لَيَالِيَ إِلَى قَبْرِهِ، فَكَانَ رُبَّمَا بَاتَ عَلَيْهِ، وَرُبَّمَا رَجَعَ إِلَى البَيْتِ، ثُمَّ وَجَدُوْهُ مَيْتاً عِنْدَ قَبْرِهِ، فَدُفِنَ عِنْدَهُ.
أَبُو مَنْصُوْرٍ - هُوَ بُسْرُ بنُ مَنْصُوْرٍ السَّلِيْمِيُّ -: كَانَ سُفْيَانُ مُختَفِياً عِنْدَهُ بِالبَصْرَةِ بَعْدَ أَنْ خَرَجَ مِنْ دَارِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ.
قَالَهُ: الطَّبَرَانِيُّ.
وَفِي غَيْرِ حِكَايَةٍ: أَنَّ سُفْيَانَ كَانَ يَقْبَلُ هَدِيَّةَ بَعْضِ النَّاسِ، وَيُثِيبُ عَلَيْهَا.
وَعَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، قَالَ: مَا كُنْتُ أَقدِرُ أَنْ أَنظُرَ إِلَى سُفْيَانَ، اسْتِحْيَاءً وَهَيْبَةً مِنْهُ.وَقَالَ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الحُنَيْنِيُّ: قَالَ لَنَا الثَّوْرِيُّ - وَسُئِلَ - قَالَ:
لَهَا عِنْدِي أَوَّلُ نَوْمَةٍ تَنَامُ مَا شَاءتْ، لاَ أَمنَعُهَا، فَإِذَا اسْتَيْقَظَتْ، فَلاَ أُقِيْلُهَا وَاللهِ.
الحُسَيْنُ بنُ عَوْنٍ: سَمِعْتُ يَحْيَى القَطَّانَ يَقُوْلُ:
مَا رَأَيتُ رَجُلاً أَفْضَلَ مِنْ سُفْيَانَ، لَوْلاَ الحَدِيْثُ كَانَ يُصَلِّي مَا بَيْنَ الظُّهرِ وَالعَصْرِ، وَبَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ، فَإِذَا سَمِعَ مُذَاكَرَةَ الحَدِيْثِ، تَرَكَ الصَّلاَةَ وَجَاءَ.
وَقَالَ خَلَفُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ: قُلْتُ لِسُفْيَانَ:
إِذَا أَخَذتَ فِي الحَدِيْثِ، نَشطتَ وَأَنْكَرتُكَ، وَإِذَا كُنْتَ فِي غَيْرِ الحَدِيْثِ كَأَنَّكَ مَيِّتٌ!
فَقَالَ: أَمَا عَلِمتَ أَنَّ الكَلاَمَ فِتْنَةٌ؟
قَالَ مِهْرَانُ الرَّازِيُّ: رَأَيتُ الثَّوْرِيُّ إِذَا خَلَعَ ثِيَابَهُ طَوَاهَا، وَقَالَ: إِذَا طُوِيَتْ، رَجَعَتْ إِلَيْهَا نَفْسُهَا.
وَقِيْلَ: الْتَقَى سُفْيَانُ وَالفُضَيْلُ، فَتَذَاكرَا، فَبَكَيَا، فَقَالَ سُفْيَانُ:
إِنِّيْ لأَرْجُو أَنْ يَكُوْنَ مَجْلِسُنَا هَذَا أَعْظَمَ مَجْلِسٍ جَلَسْنَاهُ بَركَةً.
فَقَالَ لَهُ فُضَيْلٌ: لَكِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُوْنَ أَعْظَمَ مَجْلِسٍ جَلَسْنَاهُ شُؤْماً، أَلَيْسَ نَظَرتَ إِلَى أَحْسَنِ مَا عِنْدَكَ، فَتَزَيَّنْتَ بِهِ لِي، وَتزَيَّنتُ لَكَ، فَعَبَدْتَنِي وَعَبَدْتُك؟
فَبَكَى سُفْيَانُ حَتَّى علاَ نَحِيبُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَحْيَيْتَنِي، أَحْيَاكَ اللهُ.
أَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحَارِثِيَّ يَقُوْلُ:
دَفَنَ سُفْيَانُ كُتُبَهُ، فَكُنْتُ أُعِيْنُهُ عَلَيْهَا.
فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ! وَفِي الرِّكَازِ الخُمْسِ.
فَقَالَ: خُذْ مَا شِئْتَ، فَعزلْتُ مِنْهَا شَيْئاً كَانَ يُحَدِّثُنِي مِنْهُ.عَنْ يَعْلَى بنِ عُبَيْدٍ، قَالَ سُفْيَانُ:
لَوْ كَانَ مَعَكُم مَنْ يَرْفَعُ حَدِيْثَكم إِلَى السُّلْطَانِ، أَكُنْتُم تَتَكَلَّمُوْنَ بِشَيْءٍ؟
قُلْنَا: لاَ.
قَالَ: فَإِنَّ مَعَكُم مَنْ يَرْفَعُ الحَدِيْثَ.
وَعَنْ سُفْيَانَ: الزُّهدُ فِي الدُّنْيَا، هُوَ الزُّهدُ فِي النَّاسِ، وَأَوَّلُ ذَلِكَ زُهْدُك فِي نَفْسِكَ.
عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ بنِ أَبِي خِدَاشٍ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بنُ أَبِي الزَّرْقَاءِ، سَمِعْتُ الثَّوْرِيَّ يَقُوْلُ:
خَرَجْتُ حَاجّاً أَنَا وَشَيْبَانُ الرَّاعِي مُشَاةً، فَلَمَّا صِرنَا بِبَعْضِ الطَّرِيْقِ، إِذَا نَحْنُ بِأَسَدٍ قَدْ عَارَضَنَا، فَصَاحَ بِهِ شَيْبَانُ، فَبَصْبَصَ، وَضربَ بِذَنْبِه مِثْلَ الكَلْبِ، فَأَخَذَ شَيْبَانُ بِأُذُنِهِ، فَعَرَكَهَا، فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ الشُّهرَةُ لِي؟
قَالَ: وَأَيَّ شُهْرَةٍ تَرَى يَا ثَوْرِيُّ؟ لَوْلاَ كَرَاهِيَةُ الشُّهرَةِ، مَا حَملتُ زَادِي إِلَى مَكَّةَ إِلاَّ عَلَى ظَهْرِهِ.
الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ الحُلْوَانِيُّ: سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بنَ عُبَيْدٍ: أَكَانَ لِسُفْيَانَ امْرَأَةٌ؟
قَالَ: نَعَمْ، رَأَيتُ ابْناً لَهُ، بَعثَتْ بِهِ أُمُّهُ إِلَيْهِ، فَجَاءَ، فَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ سُفْيَانُ: لَيْتَ أَنِّي دُعِيتُ لِجنَازَتِكَ.
قُلْتُ لِمُحَمَّدٍ: فَمَا لَبِثَ حَتَّى دَفَنَهُ؟
قَالَ: نَعَمْ.
وَعَنْ سُفْيَانَ: مَنْ سُرَّ بِالدُّنْيَا، نُزِعَ خَوْفُ الآخِرَةِ مِنْ قَلْبِهِ.
وَعَنْهُ: {وَمُلْكاً كَبِيْراً} [الإِنْسَانُ: 20] ، قَالَ: اسْتِئْذَانُ المَلاَئِكَةِ عَلَيْهِم.الفِرْيَابِيُّ: سَمِعْتُ الأَوْزَاعِيَّ، وَسُفْيَانَ يَقُوْلاَنِ:
لَمَّا أُلقِيَ دَانِيَالُ فِي الجُبِّ مَعَ السِّبَاعِ، قَالَ: إِلَهِي بِالعَارِ وَالخِزْيِ الَّذِي أَصَبْنَا، سَلَّطْتَ عَلَيْنَا مَنْ لاَ يَعْرِفُكَ.
وَقَالَ الخُرَيْبِيُّ: جلَسْتُ إِلَى إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَدْهَمَ، فَكَأَنَّهُ عَابَ عَلَى سُفْيَانَ تَرْكَ الغَزْوِ، وَقَالَ: هَذَا الأَوْزَاعِيُّ يَغْزُو، وَهُوَ أَسنُّ مِنْهُ.
فَقُلْتُ لِبَهِيْمٍ: مَا كَانَ يَعْنِي سُفْيَانُ فِي تَرْكِ الغَزْوِ؟
قَالَ: كَانَ يَقُوْلُ: إِنَّهُم يُضَيِّعُوْنَ الفَرَائِضَ.
قَالَ حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ: كُنَّا نَتعَزَّى عَنِ الدُّنْيَا بِمَجْلِسِ سُفْيَانَ.
خَلَفُ بنُ تَمِيْمٍ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُوْلُ:
وَجَدْتُ قَلْبِي يَصْلُحُ بَيْنَ مَكَّةَ وَالمَدِيْنَةَ، مَعَ قَوْمٍ غُربَاءَ، أَصْحَابِ صُوْفٍ وَعِبَاءٍ.
وَعَنْ وَكِيْعٍ، قَالَ: قَالَتْ أُمُّ سُفْيَانَ لِسُفْيَانَ:
اذْهبْ، فَاطْلُبِ العِلْمَ، حَتَّى أَعُولَكَ بِمِغْزَلِي، فَإِذَا كَتَبتَ عِدَّةَ عَشْرَةِ أَحَادِيْثَ، فَانْظُرْ هَلْ تَجِدُ فِي نَفْسِكَ زِيَادَةً، فَاتَّبِعْهُ، وَإِلاَّ فَلاَ تَتَعَنَّ.
قَالَ الأَوْزَاعِيُّ: لَمْ يَبْقَ مَنْ يَجْتَمِعُ عَلَيْهِ العَامَّةُ بِالرِّضَى وَالصِّحَّةِ، إِلاَّ مَا كَانَ مِنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ بِالكُوْفَةِ -يَعْنِي: سُفْيَانَ-.
قَالَ وَكِيْعٌ: كَانَ سُفْيَانُ بَحْراً.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: مَا رَأَيتُ رَجُلاً بِالعِرَاقِ يُشْبِهُ ثَوْرِيَّكُم هَذَا.
وَقَالَ ابْنُ إِدْرِيْسَ: مَا رَأَيتُ بِالكُوْفَةِ مَنْ أَوَدُّ أَنِّي فِي مِسْلاَخِه إِلاَّ سُفْيَانَ.
قَالَ الفِرْيَابِيُّ: زَارَنِي ابْنُ المُبَارَكِ، فَقَالَ: أَخرِجْ إِلَيَّ حَدِيْثَ الثَّوْرِيِّ.فَأَخَرَجْتُهُ إِلَيْهِ، فَجَعَلَ يَبْكِي حَتَّى أَخضَلَ لِحْيَتَهُ، وَقَالَ: رَحِمَهُ اللهُ، مَا أَرَى أَنِّي أَرَى مِثْلَه أَبَداً.
وَقَالَ زَائِدَةُ: سُفْيَانُ أَفْقَهُ أَهْلِ الدُّنْيَا.
قَالَ زَيْدُ بنُ أَبِي الزَّرْقَاءِ: كَانَ المُعَافَى يَعِظُ الثَّوْرِيَّ، يَقُوْلُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ! مَا هَذَا المُزَاحُ؟ لَيْسَ هَذَا مِنْ فِعْلِ العُلَمَاءِ، وَسُفْيَانُ يَقْبَلُ مِنْهُ.
رَوَى: ضَمْرَةُ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: يَثَّغِرُ الغُلاَمُ لِسَبْعٍ، وَيَحْتَلِمُ بَعْدَ سَبْعٍ، ثُمَّ يَنْتَهِي طُوْلُهُ بَعْدَ سَبْعٍ، ثُمَّ يَتَكَامَلُ عَقْلُهُ بَعْدَ سَبْعٍ، ثُمَّ هِيَ التَّجَارِبُ.
قَالَ أَبُو أُسَامَةَ: مَرِضَ سُفْيَانُ، فَذَهَبتُ بِمَائِهِ إِلَى الطَّبِيْبِ، فَقَالَ:
هَذَا بَولُ رَاهِبٍ، هَذَا رَجُلٌ قَدْ فَتَّتَ الحُزْنُ كَبِدَهُ، مَا لَهُ دَوَاءٌ.
قَالَ ضَمْرَةُ: سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ:
إِنَّمَا كَانَتِ العِرَاقُ تَجِيْشُ عَلَيْنَا بِالدَّرَاهِمِ وَالثِّيَابِ، ثُمَّ صَارَتْ تَجِيْشُ عَلَيْنَا بِسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ.
وَكَانَ سُفْيَانُ يَقُوْلُ: مَالِكٌ لَيْسَ لَهُ حِفْظٌ.
قُلْتُ: هَذَا يَقُوْلُهُ سُفْيَانُ لِقَوَّةِ حَافِظَتِهِ، بِكَثْرَةِ حَدِيْثِه وَرِحلَتِهِ إِلَى الآفَاقِ، وَأَمَّا مَالِكٌ فَلَهُ إِتقَانٌ وَفِقهٌ لاَ يُدْرَكُ شَأْوُهُ فِيْهِ، وَلَهُ حِفْظٌ تَامٌّ - فَرَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا -.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: سُفْيَانُ فَقِيْهٌ، حَافِظٌ، زَاهِدٌ، إِمَامٌ، هُوَ أَحْفَظُ مِنْ شُعْبَةَ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: سُفْيَانُ أَحْفَظُ مِنْ شُعْبَةَ فِي الإِسْنَادِ وَالمَتنِ.
قَالَ عَبْدُ المُؤْمِنِ النَّسَفِيُّ: سَأَلْتُ صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ جَزَرَةَ عَنْ سُفْيَانَ، وَمَالِكٍ، فَقَالَ:سُفْيَانُ لَيْسَ يَتَقَدَّمُهُ عِنْدِي أَحَدٌ، وَهُوَ أَحْفَظُ وَأَكْثَرُ حَدِيْثاً، وَلَكِنْ كَانَ مَالِكٌ يَنتَقِي الرِّجَالَ، وَسُفْيَانُ أَحْفَظُ مِنْ شُعْبَةَ، وَأَكْثَرُ حَدِيْثاً، يَبلُغُ حَدِيْثُه ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً، وَشُعْبَةُ نَحْوُ عَشْرَةِ آلاَفٍ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوْذِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعِيْدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ كَثِيْرٍ، أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، حَدَّثَنِي المُغِيْرَةُ بنُ النُّعْمَانِ، حَدَّثَنِي سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِنَّكُم مَحْشُوْرُوْنَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلاً، ثُمَّ قَرَأَ: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيْدُهُ، وَعْداً عَلَيْنَا، إِنَّا كُنَّا فَاعِلِيْنَ} [الأَنْبِيَاءُ: 104] ، أَلاَ وَإِنَّ أَوَّلَ مَنْ يُكْسَى إِبْرَاهِيْمُ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- يَوْمَ القِيَامَةِ، أَلاَ وَإِنَّ نَاساً مِنْ أَصْحَابِي يُؤْخَذُ بِهِم ذَاتَ الشِّمَالِ، فَأَقُوْلُ: أَصْحَابِي أَصْحَابِي، فَيُقَالُ: إِنَّهُم لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّيْنَ عَلَى أَعْقَابِهِم مُنْذُ فَارَقْتَهُم، فَأَقُوْلُ كَمَا قَالَ العَبْدُ الصَّالِحُ عِيْسَى: {وَكُنْتُ عَلَيْهِم شَهِيْداً مَا دُمْتُ فِيْهِم} ، إِلَى قَوْله: {العَزِيْزُ الحَكِيْمُ } ) .
أَخْرَجَهُ: البُخَارِيُّ، عَنِ ابْنِ كَثِيْرٍ.
قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بنِ هِبَة اللهِ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى الصَّابُوْنِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعِيْدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ كَثِيْرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَسْلَمَ المِنْقَرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ:قَالَ أُبَيُّ بنُ كَعْبٍ: قَالَ لِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أُمِرْتُ أَنْ أُقْرِئَكَ سُوْرَةً) .
قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! وَسُمِّيْتُ لَكَ؟
قَالَ: (نَعَمْ) .
قُلْتُ لأُبَيٍّ: فَرِحْتَ بِذَلِكَ؟
قَالَ: وَمَا يَمْنَعُنِي، وَهُوَ يَقُوْلُ: {قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ، فَبِذَلِكَ فَلْتَفْرَحُوا } [يُوْنُسُ: 58].
قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: كَانَ لِسُفْيَانَ دَرسٌ مِنَ الحَدِيْثِ -يَعْنِي: يُدرِّسُ حَدِيْثَهُ-.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ ثَابِتٍ الجَزَرِيُّ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُوْلُ: طَلَبتُ العِلْمَ، فَلَمْ يَكُنْ لِي نِيَّةٌ، ثُمَّ رَزَقَنِي اللهُ النِّيَّةَ.
وَعَنْ يَحْيَى بنِ يَمَانٍ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: إِنِّيْ لأَمُرُّ بِالحَائِكِ فَأَسُدُّ أُذُنِي مَخَافَةَ أَنْ أَحْفَظَ مَا يَقُوْلُ.
قَالَ القَطَّانُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ: مَا رَأَيْنَا أَحْفَظَ مِنْ سُفْيَانَ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ أَبِي السَّفَرِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ المَفْلُوْجُ،
سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ يَمَانٍ، سَمِعْتُ الثَّوْرِيَّ يَقُوْلُ: مَا أُحَدِّثُ مِنْ كُلِّ عَشْرَةٍ بِوَاحِدٍ.ثُمَّ قَالَ يَحْيَى: قَدْ كَتَبتُ عَنْهُ عِشْرِيْنَ أَلْفاً.
وَأَخْبَرَنِي الأَشْجَعِيُّ: أَنَّهُ كَتَبَ عَنْهُ ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُوْلُ: الإِيْمَانُ يَزِيْدُ وَيَنْقُصُ.
هَارُوْنُ بنُ أَبِي هَارُوْنَ العَبْدِيُّ: حَدَّثَنَا حَيَّانُ بنُ مُوْسَى، حَدَّثَنَا ابْنُ المُبَارَكِ، سَمِعَ سُفْيَانَ يَقُوْلُ:
مَنْ زَعَمَ أَنَّ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} [الإِخْلاَصُ: 1] مَخْلُوْقٌ، فَقَدْ كَفَرَ بِاللهِ.
وَقَالَ زَيْدُ بنُ الحُبَابِ: كَانَ سُفْيَانُ يُفَضِّلُ عَلِيّاً عَلَى عُثْمَانَ.
وَعَنْ عَثَّامِ بنِ عَلِيٍّ: سَمِعْتُ الثَّوْرِيَّ يَقُوْلُ: لاَ يَجْتَمِعُ حُبُّ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ، إِلاَّ فِي قُلُوْبِ نُبَلاَءِ الرِّجَالِ.
وَقَالَ ابْنُ المُبَارَكِ: عَنْ سُفْيَانَ: اسْتَوْصُوا بِأَهْلِ السُّنَّةِ خَيْراً، فَإِنَّهُم غُرَبَاءُ.
وَقَالَ مُؤَمَّلُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ: لَمْ يُصَلِّ سُفْيَانُ عَلَى ابْنِ أَبِي رَوَّادٍ لِلإِرْجَاءِ.
وَقَالَ شُعَيْبُ بنُ حَرْبٍ: قَالَ سُفْيَانُ:
لاَ يَنْفَعُكَ مَا كَتَبْتَ حَتَّى يَكُوْنَ إِخفَاءُ {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ} فِي الصَّلاَةِ، أَفْضَلَ عِنْدَكَ مِنَ الجَهْرِ.
وَقَالَ وَكِيْعٌ: عَنْ سُفْيَانَ فِي الحَدِيْثِ: مَا يَعدُّ لَهُ شَيْءٌ لِمَنْ أَرَادَ بِهِ اللهَ.
وَعَنْهُ: يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يُكْرِهِ وَلدَهُ عَلَى العِلْمِ، فَإِنَّهُ مَسْؤُوْلٌ عَنْهُ.
عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ حَسَّانٍ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُوْلُ:
الإِسْنَادُ سِلاَحُ المُؤْمِنِ،
فَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سِلاَحٌ، فَبِأَيِّ شَيْءٌ يُقَاتِلُ؟قَبِيْصَةُ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُوْلُ: المَلاَئِكَةُ حُرَّاسُ السَّمَاءِ، وَأَصْحَابُ الحَدِيْثِ حُرَّاسُ الأَرْضِ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ يَمَانٍ: قِيْلَ لِسُفْيَانَ: لَيْسَتْ لَهُمْ نِيَّةٌ -يَعْنِي: أَصْحَابَ الحَدِيْثِ-.
قَالَ: طَلَبُهُم لَهُ نِيَّةٌ، لَوْ لَمْ يَأْتنِي أَصْحَابُ الحَدِيْثِ، لأَتَيْتُهُم فِي بُيُوتِهِم.
وَقَالَ الخُرَيْبِيُّ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُوْلُ: لَيْسَ شَيْءٌ أَنفعَ لِلنَّاسِ مِنَ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ مَعْدَانُ - الَّذِي يَقُوْلُ فِيْهِ ابْنُ المُبَارَكِ: هُوَ مِنَ الأَبْدَالِ -: سَأَلْتُ الثَّوْرِيَّ عَنْ قَوْلِهِ: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَمَا كُنْتُمْ} [الحَدِيْدُ: 4] ، قَالَ: عِلْمُهُ.
وَسُئِلَ سُفْيَانُ عَنْ أَحَادِيْثِ الصِّفَاتِ، فَقَالَ: أَمِرُّوهَا كَمَا جَاءتْ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْهُ: وَدِدْتُ أَنِّي أَفلَتُّ مِنَ الحَدِيْثِ كَفَافاً.
وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ: قَالَ سُفْيَانُ: وَدِدْتُ أَنَّ يَدِي قُطِعَتْ وَلَمْ أَطْلُبْ حَدِيْثاً.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ: قَالَ سُفْيَانُ: مَا أَخَافُ عَلَى نَفْسِي غَيْرَ الحَدِيْثِ.
قَالَ: لأَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ عَنِ الضُّعَفَاءِ.
قُلْتُ: وَلأَنَّهُ كَانَ يُدَلِّسَ عَنْهُم، وَكَانَ يَخَافُ مِنَ الشَّهوَةِ، وَعَدَمِ النِّيَّةِ فِي بَعْضِ الأَحَايِينِ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: كَانَ سُفْيَانُ يَخْضِبُ قَلِيْلاً إِذَا دَخَلَ الحَمَّامَ.وَقَالَ قَبِيْصَةُ: كَانَ سُفْيَانُ مَزَّاحاً، كُنْتُ أَتَأَخَّرُ خَلْفَهُ مَخَافَةَ أَنْ يُحِيِّرَنِي بِمُزَاحِهِ.
وَرَوَى: الفَسَوِيُّ، عَنْ عِيْسَى بنِ مُحَمَّدٍ: أَنَّ سُفْيَانَ كَانَ يَضْحَكُ حَتَّى يَسْتَلْقِيَ، وَيَمُدَّ رِجْلَيْهِ.
قَالَ زَيْدُ بنُ أَبِي الزَّرْقَاءِ: كَانَ سُفْيَانُ يَقُوْلُ لأَصْحَابِ الحَدِيْثِ: تَقَدَّمُوا يَا مَعْشَرَ الضُّعَفَاءِ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ يَمَانٍ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُوْلُ لِرَجُلٍ: ادْنُ مِنِّي، لَوْ كُنْتَ غَنِيّاً مَا أَدْنَيْتُكَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ: مَا رَأَيتُ الأَمِيْرَ وَالغَنِيَّ أَذَلَّ مِنْهُ فِي مَجْلِسِ سُفْيَانَ.
قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: يَزْعُمُوْنَ أَنَّ سُفْيَانَ كَانَ يَشْرَبُ النَّبِيذَ، أَشْهَدُ لقَدْ وُصِفَ لَهُ دَوَاءٌ، فَقُلْتُ: نَأتِيْكَ بِنَبِيذٍ؟
فَقَالَ: لاَ، ائْتِنِي بِعَسَلٍ وَمَاءٍ.
قَالَ خَلَفُ بنُ تَمِيْمٍ: رَأَيتُ الثَّوْرِيَّ بِمَكَّةَ، وَقَدْ كَثُرُوا عَلَيْهِ، فَقَالَ:
إِنَّا للهِ، أَخَافُ أَنْ يَكُوْنَ اللهُ قَدْ ضَيَّعَ هَذِهِ الأُمَّةَ حَيْثُ احْتَاجَ النَّاسُ إِلَى مِثْلِي.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: لَوْلاَ أَنْ أُسْتَذَلَّ، لَسَكَنْتُ بَيْنَ قَوْمٍ لاَ يَعْرِفُونِي.
وَنَقَلَ غَيْرُ وَاحِدٍ: أَنَّ سُفْيَانَ كَانَ مُسْتَكِيْناً فِي لِبَاسِه، عَلَيْهِ ثِيَابٌ رَثَّةٌ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: آجَرَ سُفْيَانُ نَفْسَه مِنْ جَمَّالٍ إِلَى مَكَّةَ، فَأَمَرُوْهُ يَعْمَلُ لَهُم خُبزَةً، فَلَمْ تَجِئْ جَيِّدَةً، فَضَرَبَهُ الجَمَّالُ.
فَلَمَّا قَدِمُوا مَكَّةَ، دَخَلَ الجَمَّالُ، فَإِذَا سُفْيَانُ قَدِ اجْتَمَعَ حَوْلَهُ النَّاسُ، فَسَأَلَ، فَقَالُوا: هَذَا سُفْيَانُ
الثَّوْرِيُّ.فَلَمَّا انْفَضَّ عَنْهُ النَّاسُ، تَقَدَّمَ الجمَّالُ إِلَيْهِ، وَقَالَ: لَمْ نَعْرِفْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ.
قَالَ: مَنْ يُفسِدُ طَعَامَ النَّاسِ، يُصِيْبُهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ.
قُلْتُ: هَذِهِ حِكَايَةٌ مُرسَلَةٌ، وَكَيْفَ اخْتَفَى طُوْلَ الطَّرِيْقِ أَمرُ سُفْيَانَ، فَلَعَلَّهَا فِي أَيَّامِ شَبَابِهِ.
وَرَوَى: يَحْيَى بنُ يَمَانٍ، عَنْ سُفْيَانَ: اصحَبْ مَنْ شِئْتَ، ثُمَّ أَغْضِبْهُ، ثُمَّ دُسَّ إِلَيْهِ مَنْ يَسْأَلُهُ عَنْكَ.
وَقَالَ قَبِيْصَةُ: عَنْ سُفْيَانَ: كَثْرَةُ الإِخْوَانِ مِنْ سَخَافَةِ الدِّيْنِ.
وَعَنْ سُفْيَانَ: أَقِلَّ مِنْ مَعْرِفَةِ النَّاسِ، تَقِلُّ غِيْبَتُكَ.
قَالَ قَبِيْصَةُ: كَانَ سُفْيَانُ إِذَا نَظَرتَ إِلَيْهِ، كَأَنَّهُ رَاهِبٌ، فَإِذَا أَخذَ فِي الحَدِيْثِ، أَنْكَرْتَه.
قُلْتُ: قَدْ كَانَ لَحِقَ سُفْيَانَ خَوْفٌ مُزعِجٌ إِلَى الغَايَةِ.
قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: كُنَّا نَكُونُ عِنْدَهُ، فَكَأَنَّمَا وُقِّفَ لِلْحِسَابِ.
وَسَمِعَهُ عَثَّامُ بنُ عَلِيٍّ يَقُوْلُ: لَقَدْ خِفتُ اللهَ خَوْفاً، عَجَباً لِي! كَيْفَ لاَ أَمُوْتُ؟ وَلَكِنْ لِي أَجَلٌ وَدِدْتُ أَنَّهُ خُفِّفَ عَنِّي، مِنَ الخَوْفِ أَخَافُ أَنْ يَذْهَبَ عَقْلِي.
وَقَالَ حَمَّادُ بنُ دُلَيْلٍ: سَمِعْتُ الثَّوْرِيَّ يَقُوْلُ: إِنِّيْ لأَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُذهِبَ عَنِّي مِنْ خَوْفِهِ.
وَقَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: كُنْتُ أَرمُقُ سُفْيَانَ فِي اللَّيْلَةِ بَعْدَ اللَّيْلَةِ، يَنهَضُ مَرْعُوباً يُنَادِي: النَّارَ النَّارَ، شَغَلَنِي ذِكْرُ النَّارِ عَنِ النَّوْمِ وَالشَّهَوَاتِ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: كَانَ سُفْيَانُ إِذَا ذَكَرَ المَوْتَ، لَمْ يُنْتَفَعْ بِهِ أَيَّاماً.
وَقَالَ يُوْسُفُ بنُ أَسْبَاطٍ: كَانَ سُفْيَانُ يَبُولُ الدَّمَ مِنْ طُوْلِ حُزنِهِ وَفِكْرَتِهِ.قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: لَمَّا قَدِمَ سُفْيَانُ عَلَيْنَا، طَبَختُ لَهُ قدرَ سِكْبَاجٍ، فَأَكَلَ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ بِزَبِيْبِ الطَّائِفِ، فَأَكَلَ، ثُمَّ قَالَ: يَا عَبْدَ الرَّزَّاقِ! اعْلِفِ الحِمَارَ وَكُدَّهُ.
ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي حَتَّى الصَّبَاحِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الفُضَيْلِ:
رَأَيتُ الثَّوْرِيَّ سَاجِداً، فَطفتُ سَبْعَةَ أَسَابِيْعَ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ.
وَعَنْ مُؤَمَّلِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ، قَالَ: أَقَامَ سُفْيَانُ بِمَكَّةَ سَنَةً، فَمَا فَتَرَ مِنَ العِبَادَةِ سِوَى مِنْ بَعْدِ العَصْرِ إِلَى المَغْرِبِ، كَانَ يَجْلِسُ مَعَ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ، وَذَلِكَ عِبَادَةٌ.
وَعَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ: كُنْتُ لاَ أَسْتطِيْعُ سَمَاعَ قِرَاءةِ سُفْيَانَ مِنْ كَثْرَةِ بُكَائِهِ.
وَقَالَ مُؤَمَّلٌ: دَخَلْتُ عَلَى سُفْيَانَ وَهُوَ يَأْكُلُ طَبَاهِجَ بِبَيْضٍ، فَكَلَّمتُهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: لَمْ آمُرْكُم أَنْ لاَ تَأْكُلُوا طَيِّباً، اكْتَسِبُوا طَيِّباً وَكُلُوا.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ: أَكَلْتُ عِنْدَ سُفْيَانَ خُشْكَنَانِجَ، فَقَالَ: هَذَا أُهْدِيَ لَنَا.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَكَلَ سُفْيَانُ مَرَّةً تَمْراً بِزُبْدٍ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي حَتَّى زَالَتِ الشَّمْسُ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ سَارَ إِلَى اليَمَنِ بِأَرْبَعَةِ آلاَفٍ مُضَارَبَةً، فَأَنفقَ الرِّبحَ.
وَعَنْ يَحْيَى بنِ المُتَوَكِّلِ، قَالَ سُفْيَانُ:إِذَا أَثْنَى عَلَى الرَّجُلِ جِيْرَانُهُ أَجْمَعُوْنَ، فَهُوَ رَجُلُ سُوءٍ، لأَنَّهُ رُبَّمَا رَآهُم يَعصُوْنَ، فَلاَ يُنْكِرُ، وَيَلقَاهُم بِبِشْرٍ.
وَقَالَ فُضَيْلٌ: عَنْ سُفْيَانَ: إِذَا رَأَيتَ الرَّجُلَ مُحَبَّباً إِلَى جِيْرَانِهِ، فَاعْلَمْ أَنَّهُ مُدَاهِنٌ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي غَنِيَّةَ: مَا رَأَيتُ أَحَداً أَصفَقَ وَجْهاً فِي ذَاتِ الله مِنْ سُفْيَانَ.
وَعَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: إِنَّ هَؤُلاَءِ المُلُوْكَ قَدْ تَرَكُوا لَكُمُ الآخِرَةَ، فَاتْرُكُوا لَهُمُ الدُّنْيَا.
قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: سَمِعْتُ الثَّوْرِيَّ يَقُوْلُ لِوُهَيْبٍ: وَرَبِّ هَذِهِ البَنِيَّةِ، إِنِّيْ لأُحِبُّ المَوْتَ.
وَعَنِ ابْنِ المَهْدِيِّ، قَالَ: مَرِضَ سُفْيَانُ بِالبَطَنِ، فَتَوَضَّأَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ سِتِّيْنَ مَرَّةً، حَتَّى إِذَا عَايَنَ الأَمْرَ، نَزَلَ عَنْ فِرَاشِهِ، فَوَضَعَ خَدَّهُ بِالأَرْضِ، وَقَالَ: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ! مَا أَشدَّ المَوْتِ.
وَلَمَّا مَاتَ غَمَّضْتُهُ، وَجَاءَ النَّاسُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، وَعَلِمُوا.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: كَانَ سُفْيَانُ يَتَمَنَّى المَوْتَ لِيَسلَمَ مِنْ هَؤُلاَءِ، فَلَمَّا مَرِضَ كَرِهَهُ، وَقَالَ لِي: اقْرَأْ عَلَيَّ (يس ) ، فَإِنَّهُ يُقَالُ: يُخَفَّفُ عَنِ المَرِيْضِ.
فَقَرَأْتُ، فَمَا فَرَغتُ حَتَّى طُفِئَ.
وَقِيْلَ: أُخْرِجَ بِجِنَازَتِهِ عَلَى أَهْلِ البَصْرَةِ بَغْتَةً، فَشهِدَهُ الخَلْقُ، وَصَلَّى عَلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبْجَرَ الكُوْفِيُّ، بِوَصِيَّةٍ مِنْ سُفْيَانَ، لِصَلاَحِهِ.
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: أَقَامَ سُفْيَانُ فِي اخْتِفَائِهِ نَحْوَ سَنَةٍ.وَقَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: مَاتَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
قُلْتُ: الصَّحِيْحُ مَوْتُهُ فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ إِحْدَى.
كَذَلِكَ أَرَّخَهُ: الوَاقِدِيُّ.
وَوَهِمَ خَلِيْفَةُ، فَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ.
قَالَ يُوْسُفُ بنُ أَسْبَاطٍ: رَأَيتُ الثَّوْرِيَّ فِي النَّوْمِ، فَقُلْتُ: أَيُّ الأَعْمَالِ وَجَدْتَ أَفْضَلَ؟
قَالَ: القُرْآنُ.
فَقُلْتُ: الحَدِيْثَ؟
فَوَلَّى وَجْهَه.
وَقَالَ بَكْرُ بنُ خَلَفٍ: حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ، قَالَ:
رَأَيتُ سُفْيَانَ فِي المَنَامِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ! مَا وَجَدْتَ أَنفَعَ؟
قَالَ: الحَدِيْثُ.
وَقَالَ سُعَيْرُ بنُ الخِمْسِ: رَأَيتُ سُفْيَانَ فِي المَنَامِ، يَطِيرُ مِنْ نَخْلَةٍ إِلَى نَخْلَةٍ، وَهُوَ يَقْرَأُ: {الحَمْدُ للهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ} [الزُّمَرُ: 74] .
وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ: لَقِيْتُ يَزِيْدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ صَبِيْحَةَ اللَّيْلَةِ الَّتِي مَاتَ فِيْهَا سُفْيَانُ، فَقَالَ لِي:
قِيْلَ لِي اللَّيْلَةَ فِي مَنَامِي: مَاتَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ.
فَقُلْتُ لِلَّذِي يَقُوْلُ فِي المَنَامِ: مَاتَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ؟
قَالَ: نَعَمْ.
وَقَالَ مُصْعَبُ بنُ المِقْدَامِ: رَأَيتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّوْمِ آخِذاً بِيَدِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَهُوَ يَجزِيه خَيْراً.
وَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَعْيَنَ، قَالَ:
رَأَيتُ سُفْيَانَ بنَ سَعِيْدٍ، فَقُلْتُ: مَا صَنَعْتَ؟
قَالَ: أَنَا مَعَ السَّفَرَةِ، الكِرَامِ البَرَرَةِ.
تَمَّتِ التَّرْجَمَةُ، وَالحَمْدُ للهِ.

يمان بن المغيرة ابو حذيفة العنزي

يمان بْن المغيرة أَبُو حذيفة العنزي.
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عِصْمَةَ، حَدَّثَنا أَحْمَد بْن أَبِي يَحْيى سَمِعْتُ يَحْيى بْن مَعِين يَقُول يمان بْن المغيرة بصري ليس بشَيْءٍ (ح) وَحَدَّثَنَا مُحَمد بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنا عثمان قلت ليحيى بْن مَعِين فيمان بْن المغيرة كيف حديثه قَالَ لَيْسَ بشَيْءٍ.
حَدَّثَنَا ابْنُ حماد، حَدَّثَنا عباس، عَن يَحْيى، قَالَ يمان بْن المغيرة ليس بشَيْءٍ.
حَدَّثَنَا الْجُنَيْدِيُّ، حَدَّثَنا البُخارِيّ قَالَ يمان بْن المغيرة أَبُو حذيفة العنزي وَقَالَ وكيع التيمي منكر الْحَدِيث.
حَدَّثَنَا ابْن حَمَّاد قَالَ السعدي يمان بْن المغيرة لا يحمد الناس حديثه.
وقال النسائي يمان بْن المغيرة ليس بثقة.
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيد بْنِ شهريار الرقي وَحَدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمد بْنِ عُمَر، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ عَبد اللَّهِ القصار، قالا: حَدَّثَنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنا الْيَمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْعَنْزِيُّ عَنْ عَطَاءٍ، عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وسَلَّم قَال: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ زَادَ الْقَصَّارُ، وَإذا زلزلت نصف القرآن وقل يا أيها الكافرون تعدل ربع القرآن.
حَدَّثَنَا مُحَمد بْنُ سَعِيد بْنِ عَبد الرحمن، حَدَّثَنا أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنا أبو عتاب
سهل بن حماد، حَدَّثَنا الْيَمَانُ بْنُ مُغِيرَةَ أَبُو حُذَيْفَةَ سَأَلْتُ سَالِمَ بْنَ عَبد اللَّهِ عَنِ الصَّرْفِ فقَالَ سَمِعْتُ عَبد اللَّهِ بْنَ عُمَر يُحَدِّثُنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ مثلا بمثل والفضة بالفضلة مِثْلا بِمِثْلٍ مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ مِنْ فَضْلٍ فَهُوَ حَرَامٌ.
قال اليمان وَحَدَّثنا نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَر، عنِ ابْنِ عُمَر عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ بِمِثْلِهِ قَالَ الْيَمَانُ وَأَخْبَرَنِي مُحَمد بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ عَنْ عَبد اللَّهِ بْنِ عُمَر عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ بمثل ذلك (ح) وَحَدَّثَنَا مُحَمد بْنُ مُنِيرٍ، حَدَّثني نصر بن داود، حَدَّثَنا سَعِيد بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنا يمان بن المغيرة، حَدَّثَنا عَبد الْكَرِيمِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبد اللَّهِ بْنِ عُمَر عَنْ عُمَر بْنِ الْخَطَّابِ قَال رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وسَلَّم: مَن قَال لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ.
وَالْيَمَانُ بْن المغيرة لَهُ غير ما ذكرت قليل وما أرى بحديثه بأسا

سفيان بن سعيد الثوري

سُفْيَان بن سعيد الثَّوْريّ الإِمَام الْمَشْهُور فِي التَّهْذِيب
سفيان بن سعيد الثوري مشهور بالتدليس.
سفيان بن سعيد الثوري
* إذا اختلف سفيان وشعبة، فالحكم لرواية سفيان، لأنّه أحفظ وأفقه (السنن الكبرى: 7/ 160).
* ساق له رواية ثمّ قال: لم يسمعه الثّوري من عمرو -بن مرة- (السنن الكبرى: 10/ 268).
سفيان بن سعيد الثوري، أحد الأعلام الحفّاظ، قال شعبة وابن معين: هو أمير المؤمنين في الحديث، وقال الإمام أحمد: لا يتقدّم عليه في قلبي أحد، وقال يحيى القطان: ما رأيت أحفظ منه. وهو مجمع عليه عند أهل الشّأن، توفي سنة (161).
وقال ابن عبد الهادي: الحافظ.
وذكره ابن الجوزي في كتابه فقال: أحد أئمّة المسلمين الأعلام، كان مقدّمًا في الحفظ.
قال يحيى بن سعيد: لم أرَ أحدًا أحفظ منه. وقال: ما استودعت أذني شيئًا قطّ إلا حفظته.
سفيان بن سعيد الثوري
قال البخاري: قال لي أحمد: حدثنا موسى بن داود سمعت سفيان يقول سنة ثمان وخمسين: لي إحدى وستون سنة ومات أبو إسحاق منذ ثلاثين سنة.
"التاريخ الكبير" 4/ 92 - 93
قال صالح: وسمعته يقول: قالوا لمالك بن أنس: إن سفيان الثوري يفتي، قال: ويفعل؟
فقالوا لابن أبي ذئب، فقال: ما له وله، ما رأيت مشرقيًا خيرًا منه -يعني: سفيان.
قال أبي: كان ابن أبي ذئب صديق سفيان.
قال أبي: أهل المدينة يسمون أهل العراق مشرقيًا.
"مسائل صالح" (805)

قال صالح: حدثنا أبي قال: حدثنا عفان قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: سألت شعبة، وسفيان بن سعيد، وسفيان بن عيينة، ومالك بن أنس عن الرجل الذي لا يحفظ، أو يُتهم في الحديث؟ قالوا جميعًا: بيَّن أمره.
"العلل" رواية المروذي وغيره (311)

قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: كان الثوري أسن من ابن عيينة بعشر سنين.
"سؤالات أبي داود" (19)

وقال أبو داود: سمعت أحمد قال: خرج سفيان -يعني: الثوري- من الكوفة سنة أربع وخمسين ثم لم يعد.
"سؤالات أبي داود" (25)

وقال أبو داود: سمعت أحمد، وعثمان بن أبي شيبة، والحسن بن علي -وهذا لفظه- كلهم يذكره عن عفان، عن يحيى بن سعيد قال: سألت سفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، ومالك بن أنس، وشعبة بن الحجاج عن الرجل يغلط في الحديث أو يكذب فيه؟ قالوا: بيَّن أمره، بيَّن أمره.
"سؤالات أبي داود" (134)
وقال أبو داود: سمعت أحمد قال: قال يحيى: كان سفيان الثوري يضعف حديث عبد الحميد بن جعفر.
"سؤالات أبي داود" (193)

وقال أبو داود: سمعت أحمد قال: كان سفيان -يعني: الثوري- ذهب إلى اليمن، أراه كانت معه تجارة، وما أراه إلا أراد معمرًا.
"سؤالات أبي داود" (245)

وقال أبو داود: سمعت أحمد قال: روى شعبة عن سلمة نحوًا من ستين حديثًا، وأما سفيان فأكثر من مائة.
"سؤالات أبي داود" (364)

وقال أبو داود: سمعت أحمد قال: قال وكيع: كان شعبة رفعه إلى علي، يعني: حديث سهمان الخيل، فقيل له: إن سفيان يوقفه على هانئ بن هانئ، فقال: سفيان أحفظ مني.
"سؤالات أبي داود" (402)

وقال أبو داود: سمعت أحمد قال: مالك أتبع من سفيان.
"سؤالات أبي داود" (403)

وقال أبو داود: قلت لأحمد: إذا اختلف سفيان وزهير في غير أبي إسحاق؟
قال: زهير عندي في كل شيء، ثم قال: ما خالف زهير إنسانًا إلا همته [. . .] (1).
قال أحمد: الأربعة: زائدة وسفيان وزهير وشعبة، أراهم متقنين.
"سؤالات أبي داود" (404)
وقال أبو داود: سمعت أحمد قال: وافى عبد الرحمن مع سفيان سبع حجج.
فقلت: وسمع منه بالبصرة؟ قال: نعم.
"سؤالات أبي داود" (531)

وقال أبو داود: قلت لأحمد: مبارك بن حسان، من حدّث عنه؟
قال: الثوري، وحدثنا عنه المسيب بن شريك.
"سؤالات أبي داود" (550)

قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل قال: قال وكيع: وكنا نعدها عن سفيان، ثم نكتب في البيت، وكان يحيى بن يمان يعقد خيطًا -يعني: يعد به الحديث- عند سفيان، ثم يذهب إلى البيت فيحل عقدة ويكتب حديثًا، ولكن عنده تخليط.
وقال مرة: فأيش خلط -يعني: ابن اليمان.
"سؤالات أبي داود" (577)

قال أبو داود: سمعت أحمد ذكر حديث سفيان عن منصورٍ، عن إبراهيم قول عمر، واختلافهم على سفيان. قال: أراه من سفيان -يعني: حديثه: أنه سمع رجلًا يتغنى، فقال: لا تعرض بذكر النساء.
"مسائل أبي داود" (2017)

قال ابن هانئ: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: لا أعلم أحدًا خرج إلى اليمن إلا الثوري، وابن المبارك، وابن جريج، فأما سفيان فكان المجلس له، والزحمة عليه.
وقد كتبوا عن ابن المبارك، كتب عنه أهل اليمن، ولولا من رحل إليهم من هؤلاء، من كان أهل اليمن؟ !
"مسائل ابن هانئ" (2053)
وقال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: سفيان لم يسمع من أبي بشر شيئًا، واسمه جعفر بن إياس.
"مسائل ابن هانئ" (2097)

وقال ابن هانئ: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: سمعت ابن مهدي، يقول: مات سفيان الثوري، سنة إحدى وستين ومائة.
"مسائل ابن هانئ" (2114)

قال ابن هانئ: سمعته يقول: زائدة وزهير وسفيان، لا تكاد تجد مثلهم.
"مسائل ابن هانئ" (2136)

وقال ابن هانئ: سمعته يقول: زائدة وزهير وسفيان وشعبة، هؤلاء ثقات.
"مسائل ابن هانئ" (2137)

وقال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: علم الناس إنما هو عن شعبة، وسفيان وزائدة وزهير، هؤلاء أثبت الناس، وأعلم بالحديث من غيرهم.
قلت: إن اختلف سفيان وشعبة في الحديث، فالقول قول من؟
قال: سفيان أقل خطأ، وبقول سفيان آخذ.
"مسائل ابن هانئ" (2163)

وقال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: الثوري أعلم بحديث الكوفيين ومشايخهم من الأعمش.
"مسائل ابن هانئ" (2165)

قال المروذي: قال أحمد: تدري من الحجة؟ شعبة وسفيان حجة.
"العلل" رواية المروذي وغيره (45)
وقال المروذي: قيل له: فزائدة وزهير؟
قال: هؤلاء وسفيان وشعبة وزائدة وزهير: هؤلاء الثقات.
"العلل" رواية المروذي وغيره (304)

قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: إذا أصبت الكوفي صاحب سنة، صبورًا على الفقر، فهو يفوق الناس، وقال: هم أصحاب قرآن.
وذكر سفيان الثوري فقال: ما يتقدمه أحد في قلبي.
وقال: ما عني أحد بحديث الثوري ما عُنينا نحن به، كتبت حديث الثوري حتى كتبته عن رجلين عن سفيان وحتى إنا كلمنا يحيى ابن آدم، فكلم لنا ابن الأشجعي، فكان يخرج كتب أبيه، فنكتبها من غير أن نسمعها.
"أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (263)، (264)

قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا سفيان بحديث عاصم، عن زر، عن صفوان بن عسال.
فقال سفيان: بقي أحد يحدث به؟ فقال رجل: أبو بكر بن عياش. وحدث سفيان بالحديث فلما بلغ: كان يأمرنا إذا كنا سفرًا أو مسافرين، شك في هذا الموضع. قال سفيان: أراني أخذت بما قلت. وقص سفيان الحديث.
"العلل" رواية عبد اللَّه (60)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن أبي بكير قال: سمعت شعبة يقول: ما حدثني سفيان عن إنسان بحديث فسألته عنه إلا كان كما حدثني به.
"العلل" رواية عبد اللَّه (68)، (153)
وقال عبد اللَّه: قال أبي: بلغني أن سفيان قال لحماد بن سلمة: يا أبا سلمة كتبت عن سلمة بن كهيل كان شيخًا كيسًا.
"العلل" رواية عبد اللَّه (142)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: قال عبد الرحمن بن مهدي: سألت عنه سفيان -يعني: حديث حماد بن سلمة عن حجاج، عن أبي بكر بن أبي الجهم أن أهل الكوفة أمروه أن يسأل قبيصة بن ذؤدب عن ولد المعتقة عن بدر، فقال سفيان: قد سمعته من أبي بكر ولا أجيء به كما أريد.
"العلل" رواية عبد اللَّه (219).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو دإود قال: قال شعبة: قال لي سفيان: تغلبنا بواسط -يعني: مشايخهم.
"العلل" رواية عبد اللَّه (258).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي، عن يحيى بن سعيد قال: رأيت معه -يعني: سفيان الثوري- ألواحًا عن ابن جريج.
"العلل" رواية عبد اللَّه (391)

وقال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: قال يحيى بن سعيد: قال سفيان الثوري: وأي شيء حدثتكم عن أبي إسحاق، ما حدثتكم إلا ما علق يه قلبي.
"العلل" رواية عبد اللَّه (399)

وقال عبد اللَّه: قال أبي: قال يحيى: قال لي سفيان: اخرج إلى الكوفة حتى تجيء بكتبي حتى أحدثكموها. قال: فأبى عليه يحيى بن سعيد.
"العلل" رواية عبد اللَّه (400)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن سعيد القطان قال: كتب سفيان -يعني: الثوري- إلى أمير المؤمنين: كان يقال: اغبط
الحي بما يغبط به الأموات.
"العلل" رواية عبد اللَّه (451).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: أملي عليّ سفيان إلى شعبة قال: سمعت عمرو بن مرة حديث الدعاء.
"العلل" رواية عبد اللَّه (452).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا شعيب بن حرب قال: قال مالك بن أنس: لم يأخذ أولونا عن أوليكم، قال: ثم ذكر سفيان -يعني: الثوري- فقال: أما إنه قد فارقني على ألا يشرب النبيذ.
"العلل" رواية عبد اللَّه (475).

وقال عبد اللَّه: قال أبي في حديث سفيان: عن حماد، عن إبراهيم، عن الأسود أنه كان يقول: اندرايم؟ قال أبي في إملاء اليمن: سفيان، عن جابر، عن حماد. لم يسمعه سفيان من حماد.
"العلل" رواية عبد اللَّه (493)، (1413).

وقال عبد اللَّه: قال أبي: قال وكيع: كنا نحفظها عند سفيان ثم نعدها.
"العلل" رواية عبد اللَّه (498).

وقال عبد اللَّه: سمعته يقول في حديث سفيان، عمن سمع الشعبي: كان زيد يقول: في الخطأ ثلاثون حقه. أراه سمعه من أشعث أو محمد ابن سالم.
"العلل" رواية عبد اللَّه (566).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: سمعت إبراهيم بن سعد الزهري يقول: سألت سفيان الثوري أو سئل عن النبيذ؟ فقال: كل تمرًا واشرب ماء يصير في بطنك نبيذًا.
"العلل" رواية عبد اللَّه (684)، (2550)
وقال عبد اللَّه: قال أبي: لم يسمع الثوري من أبي عون إلا حديثا واحدًا عن عبد اللَّه بن شداد.
"العلل" رواية عبد اللَّه (761)

وقال عبد اللَّه: قال أبي: كان عبد الرحمن إذا أملى علينا يقول: حدثنا سفيان، وإذا قرأ يقول: سفيان.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1084)

وقال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: هؤلاء من روى عنه سفيان لم يحدث عنه شعبة سمع من: سعيد بن أشوع، ونسير بن ذُعلوق، ومعن ابن عبد الرحمن -وكان أبي ينكر حديث شبابة، عن شعبة، عن معن كان ينبذ لعبد اللَّه في جر- وعبد اللَّه بن الربيع بن خثيم، وربيع بن أبي راشد، وجامع بن أبي راشد، وعبد الرحمن بن علقم المكي، وزيد بن طلحة المديني، وعبد اللَّه بن محمد بن عقيل، وعبد اللَّه بن جابر، ومستغفر البجلي، والحسن بن عمرو الفقيمي، والعلاء بن المسيب، وأبو بكر مرزوق وأبو الهذيل غالب، وقيس بن يسير بن عمرو، ومسعود ابن مالك -قال أبي: أظن شعبة حدث عنه- وعبيد بن أبي أميّة -قال أبي: هو أبو عمرو محمد، ويعلى بن عبيد، وعيسى بن أبي عزة، وأزهر العطار ويعقوب الأحلافي -وهو العجلي- وسعيد بن عبد الرحمن الزبيدي، وعطاء بن أبي مروان، وحُريس البجلي، وعبد الكريم الجزري، وأبو روق عطية بن الحارث، ووقاء بن إياس، وسلمة بن نبيط، والمختار بن فلفل، وسالم أبو النضر، والأغر بن الصباح المنقري، وسالم بن عجلان الأفطس، وهارون بن عنترة، وبكير بن عتيق، وأبو حفص عمر الأنصاري، وعيسى بن المغيرة، وإسحاق بن
المغيرة، وإسحاق بن أبي بنانة، ويوسف بن يعقوب قاضي صنعاء، وأبو الزعراء عمرو، بن عمرو وأسلم المنقري، والنعمان بن قيس المرادي، والجعد بن ذكوان مولى شريح، وأبو الربيع هلواث الثوري، وهلال بن خباب، وأبو السوداء عمرو بن عامر، وأبو بكر الزبيدي عن عاصم بن شريب، وأبو فزارة، وأبو هلال الطائي (1)، ويحيى بن حيان، وهمام التيمي -حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان قال: حدثني همام التيمي، وكان قد أدرك يزيد بن شريك، قال: لما قص إبراهيم التيمي أخرجه أبوه من داره، وقال عبد اللَّه: ما هذا الذي قد أحدثت؟ - وسلمة بن المنهال، وعبد اللَّه بن أبي محذورة، وعبد الحميد ابن رافع مكي، وربيعة الرأي، وسمي، وزيد بن أسلم، ومحمد بن سوقة، وخالد بن أبي كريمة، وفليت العامري، وأبو سنان سعيد بن سنان، وعبد الرحمن الأصم، وخالد بن دينار، وعمر بن عبد الرحمن، وحيان صاحب الأنماط -شعبة حدث عن منصور عن حيان- وخالد بن زيد، وداود بن قيس الفراء، وعبد الملك بن أبي بشير، وإبراهيم بن عبد الأعلى -قال أبي: ما أرى شعبة سمع منه شيئًا- وحبيب -شيخ لسفيان ليس هو أَبن أبي ثابت ولا ابن أبي عمرة- ومجمع التيمي مجمع ابن صمعان والأوزاعي وابن أبي ذئب، ومحمد بن سعيد من أهل الطائف، وزكرياء من أهل الري، وعبد اللَّه بن الحسن بن حسن بن علي ابن أبي طالب، وأبو يونس القوي اسمه الحسن بن يزيد، وآدم مولى خالد -وهو أبو يحيى بن آدم- ويعقوب بن مجمع بن جارية، وأبو موسى
عن وهب بن منبه، وعبد اللَّه بن شريك، وأبو الوازع شيخ قديم، وأبو عامر الهمداني، وواصل بن سليم، والزبير بن عدي، وحكيم بن ديلم، وعياش العامري، وسنان أبو حبيب والهزهاز بن ميزن، وبشير أبو إسماعيل، وجحش بن زياد، وبكر بن قيس، وثور بن يزيد الشامي، وهشام بن عبد اللَّه بن كنانة، ويعلى بن النعمان، وعثمان بن حكيم.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1094).

وقال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: كان يحيى بن سعيد لا يعدل بسفيان أحدًا يقدمه، وقال يحيى: ما رأيت أحدًا خيرًا من شعبة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1180).

وقال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: قال يحيى بن سعيد: ما كتبت عن سفيان شيئًا إلا ما قال: حدثني أو حدثنا إلا حديثين، ثم قال أبي: حدثنا يحيى بن سعيد، عن سفيان، عن سماك، عن عكرمة ومغيرة، عن إبراهيم {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ} [النساء: 92] قالا: هو الرجل يسلم في دار الحرب فيقتل فليس فيه دية فيه كفارة.
قال أبي: هذين الحديثين الذي زعم يحيى أنه لم يسمع سفيان يقول فيهما: حدثنا أو حدثني.
"العلل" روية عبد اللَّه (1212)

وقاله عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا زيد بن الحباب قال: قال سفيان الثوري: إن قلت إني أحدثكم كما سمعت فقد كذبت.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1309)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع قال: كان سفيان ينكر حديث إبراهيم عن همام -يعني: حديث سفيان، عن الأعمش، عن
عمارة، عن أبي عمار، عن حذيفة: يأتي على الناس زمان لا ينجو فيه إلا من دعا دعاء الغرق -يعني: ينكر حديث همام يقول: إنما هو حديث عمارة هذا.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1370)

وقال عبد اللَّه: قال أبي: قال أبو قطن: قال شعبة: لم يسمع سفيان هذا -يعني: من سلمة بن كهيل حديث: السائبة يضع ماله حيث شاء.
قال أبي: وكيع أيضًا حدثناه عن شعبة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1443)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أسود بن عامر قال: سمعت شريكًا يقول: كان زبيد وأبو إسحاق ومنصور وعطاء وليث في العطاء وحصين وقد كان سفيان افترض ورأيته ومعه سيف قد جاء يصلحه، حليته شبه (1).
قال أبي: هذا أيام بني أمية.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1765)

وقال عبد اللَّه: قرأت على أبي: أبو نعيم قال: حدثنا سُفيان، عن إبراهيم بن عقبة، عن سعيد بن المسيب قال: إذا أدخل بطنه فهو يُحرم ولا أقول كما قال ابن عباس.
قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: ابن مهدي قال: سألت سفيان عن حديث إبراهيم -يعني: ابن عقبة- في الرضاع -يعني: هذا
الحديث (1) - فقال: لم أسمعه، حدثني عنه معمر.
"العلل" رواية عبد اللَّه (2080)، (5291)، (5292)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرحمن قال: سألت سفيان عن حديث عمرو بن مرة عن أبي عبيدة في الوتر لأهل القرآن (2)، فقال: لم أسمعه -يعني: من عمرو بن مرة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (2298)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرحمن قال: وسئل -يعني: سفيان- عن حديث عمرو بن مرة: كان يعز على عبد اللَّه أن يتكلم بعد طلوع الفجر (3)، فقال: حدثني رجل عن عمرو بن مرة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (2299)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا شعيب بن حرب، أبو صالح قال: سمعت مالك بن أنس وذكر الثوري قال: أما إنه قد فارقني على ألا يشرب النبيذ.
"العلل" رواية عبد اللَّه (2549)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثني يحيى بن سعيد قال: مات سفيان الثوري سنة إحدى وستين في أولها، وشعبة سنة ستين وهو ابن خمس وسبعين.
"العلل" رواية عبد اللَّه (2619)
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا ابن السماك قال: رأيت سفيان الثوري يشرب في قدح مفضض.
"العلل" رواية عبد اللَّه (2681)

وقال عبد اللَّه: قال أبي: أبو هاشم الرماني -اسمه: يحيى بن دينار- وأيو هاشم المكي -اسمه: إسماعيل بن كثير- وأبو هاشم المغيرة بن زياد، كل هؤلاء الثلاثة يروي عنهم الثوري.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3382 - 3384)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا سفيان وذكر. التشهد -تشهد عبد اللَّه- فقال: حدثناه أبو إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد اللَّه، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ومنصور والأعمش وحماد، عن أبي وائل، عن عبد اللَّه، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مثله (1).
"العلل" رواية عبد اللَّه (3658)

وقال عبد اللَّه: قرأت على أبي: وكيع قال: حدثنا سفيان، عن رجل أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بعث عائشة إلى امرأة لتنظر إليها فلما جاءت قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كيف رأيت؟ " قالت: يا رسول اللَّه! ما رأيت طائلًا. فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لقد رأيت بخدَها خالًا اقشعرت كل شعرة منك". قالت: يا رسول اللَّه! ما دونك سر (2).
"العلل" رواية عبد اللَّه (3695)
وقال عبد اللَّه: قرأت على أبي: ابن مهدي، عن سفيان، عن جابر، عن ابن سابط قال: خطب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- امرأة من كلب فأرسل عائشة فذكر نحوه.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3696)

وقال عبد اللَّه: قرأت على أبي: وكيع عن سفيان قال: أخبرني من رأى إبراهيم والحسن: يصليان على بساط فيه تصاوير.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3697)

وقال عبد اللَّه: قرأت على أبي قال: ونسخنا من كتاب الأشجعي -يعني: مما أعطاهم ابنه- عن سفيان، عن أبي شراحيل، عن أبي معشر قال: كان إبراهيم يصلي على البساط فيه تماثيل.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3698)

وقال عبد اللَّه: قرأت على أبي: أبو أحمد الزبيري قال: حدثنا سفيان، عن عمرو بن دينار قال: سمعت سعيد بن جبير يقول: إذا انقطع الدم فلا رجعة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3699)

وقال عبد اللَّه: قرأت على أبي: وكيع قال: حدثنا سفيان، عن رجل، عن سعيد بن جبير قال: إذا رأت الطهر بانت وإن لم تغتسل.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3700)

وقال عبد اللَّه: قرأت على أبي: نوح بن ميمون قال: حدثنا عبد اللَّه -يعني: ابن المبارك- عن سفيان عن زكريا -يعني: ابن إسحاق- عن عمرو ابن دينار عن سعيد بن جبير قال: إذا انقطع الدم من الحيضة الثالثة فلا رجعة له عليها.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3701)
وقال عبد اللَّه: قرأت على أبي: ابن مهدي قال: سألت سفيان قلت: تحفظ عن سالم، عن سعيد في شهادة القاذف فقال: عن سعيد لا تقبل شهادته. قلت: عن أبي بكرة أنهم دعوه ليشهد بشهادة فقال: دعه، دعه.
"العلل" وراية عبد اللَّه (3702)

وقال عبد اللَّه: قرأت على أبي ونسخته من كتاب الأشجعي -يعني: مما أعطاهم ابنه- في حديث سفيان، عن سالم، عن سعيد بن جبير ومجاهد قالا: القاذف لا تقبل شهادته.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3703)

وقال عبد اللَّه: قرأت على أبي: إسحاق بن يوسف قال: حدثنا سفيان، عن سالم، عن سعيد بن جبير ومجاهد أنهما قالا في شهادة القاذف لا تقبل له شهادة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3704)

وقال عبد اللَّه: قرأت على أبي: حدثنا عمرو بن محمد -يعني: العنقري، قال: حدثنا سفيان الثوري، عن السُمي، عن النعمان بن أبي عياش قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "من صام يومًا في سبيل اللَّه باعد اللَّه النار بذلك إليوم عن وجهه سبعين خريفًا" (1).
"العلل" رواية عبد اللَّه (3705)

وقال عبد اللَّه: قرأت على أبي قال: أخذناه من كتاب الأشجعي من حديث سفيان، عن سهيل بن أبي صالح، عن النعمان بن أبي عياش، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "لا يصوم عبدُ يومًا في سبيل اللَّه. . "،
فذكر الحديث.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3706)

وقال عبد اللَّه: قرأت على أبي: محمد بن جعفر -وسمعته منه- قال: حدثنا شعبة، عن سهيل بن أبي صالح، عن صفوان، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من صام يومًا في سبيل اللَّه. . "، فذكر الحديث.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3707)

وقال عبد اللَّه: قرأت على أبي: وكيع قال: حدثنا سفيان، عن إبراهيم ابن مهاجر، عن إبراهيم قال: عتق السكران جائز.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3710)

وقال عبد اللَّه: وقرأت على أبي: وكيع عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم قال: طلاق السكران جائز.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3711)

وقال عبد اللَّه: قرأت على أبي: ابن نُمَيز، عن سفيان، عن إبراهيم بن مهاجر، عن إبراهيم قال: طلاق السكران وعتاقه جائز.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3712)

وقال عبد اللَّه: قرأت على أبي: ابن مهدي، عن سفيان، عن إبراهيم ابن مهاجر. ومنصور، عن إبراهيم قال: طلاق السكران جائز.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3713)

وقال عبد اللَّه: قرأت على أبي: وكيع، عن سفيان، عن رجل، عن ربيع بن خثيم: أنه كان يسفر بالفجر.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3714)

وقال عبد اللَّه: قرأت على أبي: وكيع عن سفيان، عن أبيه، عن رجل، عن ربيع قال: ما أحب مناشدة العبد ربه.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3719)
وقال عبد اللَّه: قرأت على أبي: ابن مهدي، عن سفيان، عن أبيه، عن أبي يعلي، عن ربيع قال: ما أحب مناشدة العبد ربه يقول: رب قضيت على نفسك الرحمة، قضيت على نفسك كذا. .، يستبطئ، وما رأيت أحدًا يقول: رب قد أديت ما عليَّ فأد ما عليك.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3720)

وقال عبد اللَّه: قرأت على أبي: إسحاق بن يوسف، عن سفيان، عن فراس، عن الشعبي قال: يضمن الردف.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3726)

وقال عبد اللَّه: قرأت على أبي: وكيع قال: حدثنا سفيان، عن الشيباني، عن الشعبي قال: يضمن الردف.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3727)

وقال عبد اللَّه: قرأت على أبي: ابن مهدي، عن سفيان، عن الشيباني قال: سمعت الشعبي يقول: يضمن الردف.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3728)

وقال عبد اللَّه: قرأت على أبي: وكيع قال: حدثنا سفيان، عن عبد اللَّه بن مبشر، عن شيخ لهم أن عثمان رأى أترجة من جص في قبلة المسجد فأمر بها؛ فكسرت.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3732)

وقال عبد اللَّه: قرأت على أبي: ابن مهدي، عن سفيان قال: حدثني شيخ من أهل المدينة قال: حدثني عبد اللَّه بن أبي حبيبة قال: رأيت عثمان ابن عفان يكسر أو يأمر بكسر أترجة في المسجد.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3733)

وقال عبد اللَّه: قرأت على أبي: حدثني العدني -يعني: عبد اللَّه بن
الوليد قال: حدثنا سفيان، عن شيخ من أهل المدينة، عن عبد اللَّه بن أبي حبيبة قال: رأيت عثمان بن عفان رأى أترجة من جص في المسجد فكسرها.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3734)

وقال عبد اللَّه: قرأت على أبي: وكيع قال: حدثنا سفيان، عن أبيه، عن إبراهيم التيمي {يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ} [القلم: 43] قال: المكتوبة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3749)

وقال عبد اللَّه: قرأت على أبي: أبو أحمد قال: حدثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم. وعن أبيه، عن إبراهيم التيمي {يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ} قال: الصلاة المكتوبة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3750)

وقال عبد اللَّه: قرأت على أبي: مؤمل قال: حدثنا سفيان، عن منصور، عن عدي بن ثابت في قوله: {يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ} قال: الصلاة المكتوبة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3751)

وقال عبد اللَّه: قرأت على أبي: إسماعيل بن عمر، عن سفيان، عن رجل، عن إبراهيم في الرجل يُهل بالحج في غير أشهر الحج، قال: يمكث.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3759)

وقال عبد اللَّه: قرأت على أبي: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا الثوري، عن منصور والأعمش، عن إبراهيم في الرجل يُهل بالحج في غير أشهر الحج، قال: هو حرام حتى يأتي بالحج.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3760)
وقال عبد اللَّه: قرأت على أبي: وكيع عن سفيان، عن منصور، عن الحكم {وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا} [المائدة: 20] قال: الدار والمرأة والخادم.
قال سفيان: قال منصور: عن الحكم: أو ثنتين من هذِه الثلاثة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3765)، (3766)

وقال عبد اللَّه: قرأت على أبي: عبد اللَّه بن الوليد قال: حدثنا سفيان، عن الأعمش أو منصور، عن ابن عباس في هذِه الآية {وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا} قال: من كان له -يعني: خادمًا وامرأة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3767)

وقال عبد اللَّه: قرأت على أبي: مؤمل قال: حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن رجل، عن ابن عباس {وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا} قال: البيت والخادم.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3768)

وقال عبد اللَّه: قرأت على أبي: أبو حذيفة قال: حدثنا سفيان، عن الأعمش قال: قال ابن عباس: {وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا} قال: البيت والخادم.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3769)

وقال عبد اللَّه: قرأت على أبي: قال: وكتبنا من كتاب الأشجعي مما أعطاهم ابنه في حديث سفيان، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس {إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا} [المائدة: 20] قال: من كان له امراة وخادم فهو من الملوك.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3771)

وقال عبد اللَّه: قرأت على أبي: مؤمل قال: حدثنا سفيان، عن أبيه، عن مجاهد في قوله {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [الحجر: 92] فقال: عن لا إله إلا اللَّه.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3785)
وقال عبد اللَّه: قرأت على أبي: محمد بن حميد أبو سفيان المعمري، عن سفيان وأسود بن عامر قال: حدثنا سفيان، عن ليث، عن مجاهد في قوله {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الحجر: 92 - 93] قال: عن لا إله إلا اللَّه.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3786)

وقال عبد اللَّه: قرأت على أبي: وكيع عن سفيان، عن رجل، عن مجاهد {وَعَبْقَرِيٍّ} قال: الديباج.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3787)

وقال عبد اللَّه: قرأت على أبي: قبيصة قال: أخبرنا سفيان، عن رباح، عن مجاهد مثله.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3788)

وقال عبد اللَّه: سئل عن حديث الفريابي عن سفيان، عن القاسم بن عبد الرحمن أن عُمر صلى بهم يعني: بالناس وهو جنب، فقال أبي: سفيان لم يسمع من القاسم بن عبد الرحمن، إنما روى عن أشعث -يعني: ابن سوار- عنه.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4152)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: ابن عُيينة: قال سفيان يعني: الثوري: دخلتُ عليه -يعني: ابن المهدي- فقلت: ما هذا؟ وما هذا؟ حج عُمر بن الخطاب فأنفق ستة عشر دينارًا.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4211)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثني عبد الرحمن بن مهدي، قال: سألت سفيان عن حديث عاصم -يعني: ابن أبي النجود- في
المرتدة (1)، فقال: أما من ثقة فلا.
قال أبي: وكان أبو حنيفة يُحدَّثه عن عاصم.
"العلل" (4236).

وقال عبد اللَّه: حدثني قال: حدثنا ابن مهدي عن إسرائيل عن مخارق عن طارق بن شهاب قال: كانت أعطياتنا تخرج على عهد عمر لم تُزك حتى نكون نحن نزكيها.
فسألت (عنه) (2) سفيان فقال: سألت عنه مخارقًا فشك فيه.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4237)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرحمن قال: سألت سفيان عن حديث ابن أبي نجيح عن أبيه: ما قاتل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قومًا. فقال: أشُكُ فيه.
حدثني أبي قال: حدثنا بشر بن السَّريّ، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن أبيه، عن ابن عباس قال: ما قاتل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قومًا حتى يدعوهم (3).
"العلل" رواية عبد اللَّه (4238).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو أحمد الزبيري قال: سمعت سفيان يقول: كان يقال: تعوذوا باللَّه من فتنة العابد الجاهل ومن فتنة العالم الفاجر؛ فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4501)

وقال عبد اللَّه: قال أبي: خرج سفيان من الكوفة سنة أربع وخمسين.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4580)

وقال عبد اللَّه: وقال أبي: وقال أبو نعيم سنة خمس وخمسين فلم يرجع إليهم -يعني: لم يعد إلى الكوفة بعد.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4581)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عفان قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: سألت شعبة وسفيان بن سعيد وسفيان بن عيينة ومالك بن أنس عن الرجل لا يحفظ، أو يتهم في الحديث، فقالوا لي جميعًا: بيِّن أمره.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4684)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثني يحيى قال: كتب سفيان إلى أمير المؤمنين يعثي: المهدي كان يُقال: اغبط الحي بما تغبط به الأموات.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4688)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرحمن قال: قال سفيان: سمعت أبا حصين يقول: كان شريح يجيز شهادة الوصي إذا لم يخاصم.
قال عبد الرحمن: قد هممت أن أستعيده -يعني: سفيان- فقال: هو نحو من ذا. كتبه لي أبي بخطه في حديث سفيان الثوري في غير هذا الموضع.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4762)، (4763)
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا سُفيان، عن حبيب -يعني: ابن أبي ثابت- عن ميمون بن أبي شبيب، عن أبي ذر أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال له: "اتق اللَّه حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن" قال وكيع: وقال سفيان مرة: عن معاذ. فوجدت في كتابي عن أبي ذر، وهو السماع الأول (1).
"العلل" رواية عبد اللَّه (5086)، (5087)

وقال عبد اللَّه: أملى عليَّ أبي إملاءً قال: . قال لي عبد الرحمن بن مهدي: قلت لسفيان: إنك حدثت عن شعبة، عن الحكم، عن إبراهيم، عن عبيدة في الرجل تكون تحته الأمة فيطلقها فيطأها السيد، قال: لا تحل له حتى تنكح زوجًا غيره.
قال: ما حدثت به؟
قال أبي: قد حدثنا به الذماري عن سفيان -يعني: عبد الملك الذماري- باليمن.
"العلل" رواية عابد اللَّه (5581)، (5975)، (5976)

قال الفضل بن زياد: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: قال عبد الرزاق: لما قدم علينا سفيان قال لنا: ائتوني برجل يكتب، خفيف الكتاب. فأتيناه بهشام ابن يوسف فكان يكتب، ونحن ننظر في الكتاب، فإذا فرغ ختمنا الكتاب حتى نفسخه.
"المعرفة والتاريخ" 1/ 721
قال سلمة بن شبيب: حدثني أحمد بن حنبل، حدثنا شعيب بن حرب قال: قال مالك: ودعت سفيان، فقال: أما إنه قد فارقني على ألا يشرب النبيذ.
"المعرفة والتاريخ" 1/ 722

وقال الفضل: سئل أحمد بن حنبل، قيل له: سفيان الثوري كان أحفظ أو ابن عيينة؟
فقال: كان الثوري أحفظ وأقل الناس غلطًا، وأما ابن عيينة فكان حافظًا، إلا أنه كان إذا صار في حديث الكوفيين كان له غلط كثير، وقد غلط في حديث الحجازيين في أشياء.
قيل له: فإن فلانًا يزعم أن سفيان بن عيينة كان أحفظهما، فضحك ثم قال: فلان حسن الرأي في ابن عيينة.
"المعرفة والتاريخ" 2/ 163 - 164، "تاريخ بغداد" 9/ 170

وقال الفضل: وسئل عن زهير وعن زائدة، فقال: هؤلاء ثقات شعبة، وزائدة، وسفيان، وزهير.
"المعرفة والتاريخ" 2/ 167 - 168

وقال الفضل: قال: وشريك أكبر من سفيان.
"المعرفة والتاريخ" 2/ 168

وقال الفضل: وسمعت أبا عبد اللَّه وسأله أبو جعفر: روى عنه -يعني: موسى بن عبيدة- الثوري أيضا؟ قال: نعم.
"المعرفة والتاريخ" 2/ 169

وقال الفضل: وسألت أبا عبد اللَّه، قلت: إذا اختلف وكيع، وعبد الرحمن بقول من تأخذ؟
قال: عبد الرحمن يوافق أكثر، وبخاصة في سفيان، كان معنيًا بحديث سفيان.
"المعرفة والتاريخ" 2/ 170

وقال الفضل: قال أبو عبد اللَّه: وكان سفيان فوق هؤلاء وأحفظ -يعني: أبا بكر بن عياش، وزهير، وزائدة.
"المعرفة والتاريخ" 2/ 172

وقال الفضل: سألت أبا عبد اللَّه من أثبت الناس عندك في أبي إسحاق؟
قال: سفيان وشعبة.
قلت: فالأعمش أحب إليك، أو سفيان عن أبي إسحاق؟
فقال: سفيان أكثر، وسفيان وشعبة هما أثبت عندنا من الأعمش عن كل من روى عنه ممن روى عنهم الأعمش.
"المعرفة والتاريخ" 2/ 203

قال سلمة: حدثنا أحمد قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدث سفيان بحديث عبد الأعلى فقال: كنا نرى أنها من كتاب.
قال أحمد: يعني: حديث ابن الحنفية عن علي.
"المعرفة والتاريخ" 2/ 818

قال أبو طالب: قال أبو عبد اللَّه: سفيان أحفظ للإسناد وأسماء الرجال من شعبة.
"الجرح والتعديل" 1/ 66

قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه -وذكر سفيان الثوري- فقال: ما يتقدمه في قلبي أحد، ثم قال: تدري من الإمام؟ الإمام سفيان الثوري.
"تاريخ بغداد" 9/ 170
وقال أبو بكر الأعين: قلت لأحمد: من أحب إليك في حديث الأعمش؟
قال: سفيان.
قلت: شعبة؟
قال: لا، سفيان.
"الجرح والتعديل" 1/ 63، "طبقات الحنابلة" 2/ 309، "شرح علل الترمذي" 2/ 530، "بحر الدم" (374)
سُفْيَان بن سعيد الثَّوْريّ
سفيان بن سعيد الثوري الامام المشهور الفقيه العابد الحافظ الكبير وصفه النسائي وغيره بالتدليس وقال البخاري ما أقل تدليسه.

وكيع بن الجراح بن مليح بن عدي بن فرس بن جمجة

وكيع بن الجراح بن مليح بن عدي بن فرس بن جمجة :
هكذا نسبه أبو أحمد الحافظ النيسابوري ولم يزد على هذا. وغيره رفع نسبه إلا أنه لم يذكر جمجة، وقد سقناه عند ذكر الجراح بن مليح. وكنية وكيع: أَبُو سفيان الرؤاسي الكوفي من قيس عيلان. قيل إن أصله من قرية من قرى نيسابور، وقيل بل
أصله من السغد. سمع إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد، وَهشام بْن عروة، وسليمان الأعمش، وعبد الله بن عون، وابن جريج، والأوزاعي، وسفيان الثوري، وإسرائيل، وشعبة.
روى عنه عبد الله بن المبارك، ويحيى بن آدم، وقتيبة بن سعيد، وَأحمد بْن حَنْبَل، وَيحيى بْن معين، وَعلي بن المديني، وأبو خيثمة زهير بْن حرب، وأبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة، وأحمد بن جعفر الوكيعي، وعباس بن غالب الوراق، ويعقوب الدورقي، وغيرهم. وقدم بغداد وحدث بها.
أَخْبَرَنَا بشرى بن عبد الله الرومي، أخبرنا أحمد بن جعفر بن حمدان، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن جعفر الراشدي.
وَأَخْبَرَنَا إبراهيم بن عمر البرمكي، أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَلَفِ الدّقّاق، حَدَّثَنَا عمر بْن مُحَمَّد الجوهري قالا: حَدَّثَنَا أَبُو بكر الأثرم قَالَ: سَمِعْت أَبَا عَبْد الله يقول: ولد وكيع سنة تسع وعشرين- يعني ومائة-.
أَخْبَرَنِي الحسين بن علي الطناجيري، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن زَيْد بْن عَلِيّ بْن مروان الكوفيّ، أَخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن عقبة الشيباني، حَدَّثَنَا هارون بن حاتم قال: سأل داود بن يحيى بن يمان وكيعا- وأنا أسمع- فقال: يا أبا سفيان متى ولدت؟ قال:
سنة ثمان وعشرين ومائة.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الدقاق، أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن الحسن، حدثنا عمر بن محمد بن شعيب الصابوني، حَدَّثَنَا حنبل بن إسحاق قَالَ: سمعت أبا عبد الله يقول: قدم وكيع بغداد وكان أبوه على بيت المال.
قلت: وورد بغداد بعد هذه المرة هو وَعَبْد اللَّهِ بْن إِدْرِيس، وحفص بْن غياث، وأراد الرشيد أن يولي أحدهم القضاء، فامتنع عليه وكيع وابن إدريس، وأجابه حفص وقد ذكرنا ذلك في أخبار حفص بن غياث، وورد بغداد مرة أخرى.
أَخْبَرَنِي أَبُو الفرج الطناجيري، حدّثنا أحمد بن منصور النوشري، حدّثنا محمّد بن مخلد، حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن يوسف الجوهري قَالَ: سمعت بشر بن الحارث- إن شاء
الله- وسأله عباس العنبري عن الاعتكاف فقال: أما هاهنا فلا- يعني بغداد- فقال له عباس: قد اعتكف وكيع أربعين يوما، وحدثهم بحديثه كله. قال: قد كنت عنده- أحسبه قال في شهر رمضان- قال له عبّاس: هو معتكف؟ قال: نعم.
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن مُحَمَّد بن عبد الله الكاتب، أخبرنا محمّد بن حميد المخرّميّ، حدثنا علي بن الحسين بن حبان قال: وجدت في كتاب أبي- بخط يده- قَالَ أَبُو زكريا: حَدَّثَنَا وكيع ببغداد عن سفيان عن خصيف عن عكرمة: السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ
قال مثقلة موقرة. ثم حَدَّثَنَا وكيع بالكوفة عن سفيان عن جابر عن عكرمة السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ
[المزمل 18] .
أخبرنا العتيقي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس، أَخْبَرَنَا أَبُو أَيُّوب سُلَيْمَانُ بْنُ إِسْحَاقَ الْجَلابُ قال: قال إبراهيم الحربي: حدث وكيع وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة، وحدث ابن مهدي وهو ابن أقل من خمس وثلاثين سنة.
أخبرني الجوهريّ والأزهريّ والطناجيري- قال الأزهري: أَخْبَرَنَا وقالا: حَدَّثَنَا- علي بن مُحَمَّد بن لؤلؤ، حدّثنا محمّد بن سويد الزّيّات، حدّثنا أبو يحيى النّاقد، حدّثنا محمّد بن خلف التّميميّ قال: سمعت وكيعا يقول: أتيت الأعمش فقلت حَدَّثَنِي. فقال لي: ما اسمك؟ فقلت وكيع، قال: اسم نبيل ما أحسب إلا سيكون لك نبأ، أين تنزل من الكوفة؟ قلت: في بني رؤاس، قال: أين من منزل الجراح بن مليح؟ قال قلت: ذاك أبي- وكان على بيت المال- قال: فقال لي اذهب فجئني بعطائي وتعال حتى أحدثك بخمسة أحاديث. قال: فجئت إلى أبي فأخبرته فقال: خذ نصف العطاء فاذهب به، فإذا حدثك بالخمسة فخذ النصف الآخر، فاذهب به حتى يكون عشرة، قال: فأتيته بنصف عطائه. فأخذه فوضعه في كفه، وقال: هكذا، ثم سكت فقلت: حَدَّثَنِي، قال: اكتب. فأملى علي حديثين، قال: قلت وعدتني خمسة.
قال: فأين الدراهم كلها؟ أحسب أن أباك أمرك بهذا، ولم يعلم أن الأعمش مدرب، وقد شهد الوقائع! اذهب فجئ بتمامها وتعال أحدثك بخمسة أحاديث، قال:
فجئته فحَدَّثَنِي بخمسة، قال: فكان إذا كان كل شهر جئته بعطائه فحَدَّثَنِي بخمسة أحاديث.
أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْعَلافُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيُّ.
وأَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أَبَانٍ الْهِيتِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَد بن سلمان النجاد قَالَا:
حدّثنا محمّد بن المثنّى، حَدَّثَنَا الأخنسي قال: سمعت يحيى بن يمان يقول: نظر سفيان إلى عيني وكيع، فقال: ترون هذا الرؤاسي؟ لا يموت حتى يكون له شأن.
أخبرنا إبراهيم بن مخلد المعدل، حدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْحَكِيمِيُّ، حدّثنا أحمد بن يوسف- هو التغلبي- حَدَّثَنَا الأخنسي قال: سمعت يحيى بن يمان يقول: مات سفيان الثوري فجلس وكيع بن الجراح في موضعه.
وأَخْبَرَنَا إبراهيم بن مخلد، حدّثنا محمّد بن أحمد الحكيمي، حَدَّثَنَا أَحْمَد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد البرتي، حَدَّثَنَا القعنبي قال: كنا عند حماد بن زيد سنة سبعين، وكان عنده وكيع، فلما قام قالوا: هذا راوية سفيان. فقال: هذا- إن شئتم- أرجح من سفيان.
أَخْبَرَنَا الْبَرْقَانِيّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بن حميرويه الهرويّ، أَخْبَرَنَا الحسين بن إدريس قَالَ: قَالَ ابن عمار: أخبرت عن شريك أن رجلا قدَّم إليه رجلا فادعى عليه مائة ألف دينار، قال: فأقر به. قال: فقال شريك: أما إنه لو أنكر لم أقبل عليه شهادة أحد بالكوفة إلا شهادة وكيع بن الجراح، وعبد الله بن نمير.
أَخْبَرَنَا عثمان بن مُحَمَّد الْعَلافُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيُّ، حدّثنا محمّد بن غالب، حَدَّثَنَا يحيى بن أيوب قال: حَدَّثَنِي رجل من أهل بيت وكيع قال:
أَوْرَثَتْ وَكِيعًا أُمُّهُ مائة ألف، قال: وما قَاسَمَ وكيع ميراثا قط. قال يحيى بن أيوب:
فأَخْبَرَنِي معاوية الهمداني قال قلت أيش صنعتم؟ قال: كما كنا نصنع في الميراث، قال: وكان يؤتى بطعامه ولباسه ولا يَسْأَلُ عن شيء، ولا يطلب شيئا، وكان لا يستعين بأحد ولا على وضوء. كان إذا أراد ذلك قام هو.
أخبرنا الأزهري، حدّثنا عبيد الله بن عثمان الدّقّاق، حدّثنا علي بن محمّد المصريّ، حدثني عبد الرّحمن بن حاتم المرادي، حَدَّثَنِي أسد بن عفير- أخو سعيد بن عفير- قَالَ: أَخْبَرَنِي رجل من أهل هذا الشأن، ثقة من أهل المروءة والأدب قال: جاء رجل إلى وكيع بن الجراح. فقال له: إني أمت إليك بحرمة، قال: ما حرمتك؟ قال:
كنت تكتب من محبرتي في مجلس الأعمش، قال: فوثب وكيع فدخل منزله فأخرج له صرة فيها دنانير، فقال: اعذرني فإني ما أملك غير هذا.
أَخْبَرَنَا البرقاني قَالَ: قرئ على إسحاق النعالي- وأنا أسمع- حدثكم عبد الله بن إسحاق المدائني، حَدَّثَنَا علي بن عثمان النفيلي قال: قلت له- يعني أَحْمَد بن حنبل-
إن أبا قتادة كان يتكلم في وكيع، وعيسى بن يونس، وابن المبارك؟ فقال: من كذَّب أهل الصدق فهو الكاذب.
أَخْبَرَنَا ابن رزق، أخبرنا عثمان بن أحمد، حَدَّثَنَا حنبل بن إسحاق قال: سمعت يحيى بن معين قال: رأيت عند مَرْوَان بن معاوية لوحا فيه أسماء شيوخ، فلان رافضي، وفلان كذا وفلان كذا، ووكيع رافضي، قال يحيى فقلت له: وكيع خير منك، قال: مني؟ قلت: نعم! قال: فما قال لي شيئا، ولو قال لي شيئا لوثب أصحاب الحديث عليه، قال: فبلغ ذلك وكيعا فقال وكيع: يحيى صاحبنا قال فكان وكيع بعد ذلك يعرف لي ويوجب.
أَخْبَرَنَا أَبُو طالب عمر بن إبراهيم الفقيه، حدّثنا محمّد بن العبّاس الخزّاز، حَدَّثَنَا عبيد الله بن ثابت الحريري قال: سمعت عباسا الدوري يقول ذاكرت أَحْمَد بن حنبل بحديث عن الأعمش فقال: حدّثنا وكيع، قلت: يا أبا عبد الله حُدِّثْنَاه عن أبي معاوية، فقال لي: حَدَّثَنَا وكيع بن الجراح، ولو رأيت وكيعا لعلمت أنك ما رأيت مثله.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بن أَحْمَد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن نعيم الضبي قال: سمعت إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن الفضل الشعراني يقول: سمعت جدي يقول: سمعت يحيى بن أكثم الْقَاضِي يقول: صحبت وكيعا في السفر والحضر، فكان يصوم الدهر، ويختم القرآن كل ليلة.
أجاز لنا إبراهيم بن مخلد قَالَ: أَخْبَرَنَا مكرم بن أَحْمَد الْقَاضِي- ثم أخبرنا الصيمري- قراءة- أخبرنا عمر بن إبراهيم المقرئ، حدّثنا مكرم، أَخْبَرَنَا علي بن الحسين بن حبان عن أبيه قال: سمعت يحيى بن معين قال: ما رأيت أفضل من وكيع ابن الجراح، قيل له ولا ابن المبارك؟ قال: قد كان لابن المبارك فضل، ولكن ما رأيت أفضل من وكيع. كان يستقبل القبلة، ويحفظ حديثه، ويقوم الليل، ويسرد الصوم، ويفتي بقول أبي حنيفة، وكان قد سمع منه شيئا كثيرا. قال يحيى بن معين: وكان يحيى بن سعيد القطان يفتي بقوله أيضا.
أخبرنا عثمان بن محمّد الْعَلافُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيُّ، حدّثنا محمّد بن غالب، حدّثنا يحيى بن أيّوب، حَدَّثَنِي بعض أصحاب وكيع الذين كانوا يلزمونه. قالوا: كان لا ينام- يعني وكيعا- حتى يقرأ حزبه في كل ليلة ثلث القرآن،
ثم يقوم في آخر الليل فيقرأ المفصل، ثم يجلس فيأخذ في الاستغفار حتى يطلع الفجر، فيصلي الركعتين.
أَخْبَرَنَا علي بن طلحة المقرئ، أخبرنا محمّد بن إبراهيم الغازي، أخبرنا محمد بن محمد بن داود الكرجي، حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن يوسف بن خراش، حدّثنا أبو سعيد الأشج، حَدَّثَنِي إبراهيم بن وكيع قال: كان أبي يصلي الليل فلا يبقى في دارنا أحد إلا صلى، حتى إن جارية لنا سوداء لتصلي قال: وبلغني عن أبي نعيم قال: لا نفلح وذاك الكبش في بني رؤاس.
حُدِّثْتُ عَنْ أَبِي الْحَسَن الدارقطني قَالَ: حَدَّثَنِي الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ علي بن أم شيبان الهاشمي قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عبد الرّحمن سفيان بن وكيع بن الجراح قال: حَدَّثَنِي أبي قال: كان أبي وكيع يصوم الدهر، فكان يبكر فيجلس لأصحاب الحديث إلى ارتفاع النهار، ثم ينصرف، فيقيل إلى وقت صلاة الظهر، ثم يخرج فيصلي الظهر ويقصد طريق المشرعة التي كان يصعد منها أصحاب الروايا، فيريحون نواضحهم، فيعلمهم من القرآن ما يؤدون به الفرض، إلى حدود العصر. ثم يرجع إلى مسجده، فيصلي العصر، ثم يجلس فيدرس القرآن، ويذكر الله إلى آخر النهار، ثم يدخل إلى منزله فيقدم إليه إفطاره، وكان يفطر على نحو عشرة أرطال من الطعام، ثم يقدم له قربة فيها نحو من عشرة أرطال نبيذ فيشرب منها ما طاب له على طعامه، ثم يجعلها بين يديه ويقوم فيصلي ورده من الليل، وكلما صلى ركعتين- أو أكثر من شفع أو وتر- شرب منها حتى ينفدها، ثم ينام.
قرأت على التنوخي عن أبي الْحَسَن أَحْمَد بْن يوسف بْن يَعْقُوب بْن إسحاق بن البهلول الأنباري قال: حَدَّثَنِي أبي قال: حَدَّثَنِي جدي إسحاق بن البهلول قال: قدم علينا وكيع بن الجراح، فنزل في المسجد على الفرات، فكنت أصير إليه لاستماع الحديث منه، فطلب مني نبيذا، فجئته بمخيسة ليلا، فأقبلت أقرأ عليه الحديث وهو يشرب، فلما نفد ما كنت جئته به، أطفأ السراج فقلت له: ما هذا؟ فقال لو زدتنا لزدناك.
أخبرنا هلال بن محمّد الحفار، أخبرنا إسماعيل بن محمّد الصّفّار، حدّثنا جعفر ابن مُحَمَّد- يعني الطيالسي- قَالَ: سمعت يَحْيَى بن معين يَقُول: سمعت رجلا سأل
وكيعا، فقال يا أبا سفيان شربت البارحة نبيذا، فرأيت فيما يرى النائم، كأن رجلا يقول إنك شربت خمرا، فقال وكيع: ذاك الشيطان.
أخبرنا ابن الفضل، أخبرنا دعلج، أخبرنا أحمد بن علي الأبار، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يحيى قال: قال نعيم بن حماد: تعشينا عند وكيع- أو قال تغدينا- فقال: أي شيء تريدون أجيئكم به؟ نبيذ الشيوخ أو نبيذ الفتيان قال: قلت تتكلم بهذا؟ قال: هو عندي أحل من ماء الفرات، قلت له: ماء الفرات لم يختلف فيه، وقد اختلف في هذا.
أَخْبَرَنَا البرقاني، أخبرنا ابن حميرويه، أَخْبَرَنَا الحسين بن إدريس قَالَ: قَالَ ابن عمار: كان وكيع يصوم الدهر، وكان يفطر يوم الشك والعيد. قال فأخبرت أنه كان يشتكي إذا أفطر في هذه الأيام، قال: وولد، إما قال لوكيع. وإما قال لابن وكيع.
ولد- قال، فأطعم وكيع الناس الخبيص، قال: وأخرج ثمان جفان خبيص في المسجد وأراه قال في البيت، قال فجعل يدخل يده فيه ويسويه كما يسوي اللقمة ويقول:
كل يا موصلي، ولا يذوق منه شيئا لأنه كان صائما، وكان يصوم الدهر.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، أخبرنا محمد بن العبّاس، أَخْبَرَنَا أحمد بن سعيد بن مرابا قَالَ: حَدَّثَنَا عباس بن محمد قَالَ: سمعت يحيى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ وَكِيعًا يَقُولُ كَثِيرًا: وَأَيُّ يَوْمٍ لَنَا مِنَ الْمَوْتِ؟! قَالَ يَحْيَى: ورأيت وكيعا أخذ في كتاب الزهد يقرؤه، فَلَمَّا بَلَغَ حَدِيثًا مِنْهُ تَرَكَ الْكِتَابَ ثُمَّ قَامَ فَلَمْ يُحَدِّثْ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ، وَأَخَذَ فِيهِ بَلَغَ ذَلِكَ الْحَدِيثَ، قَامَ أَيْضًا وَلَمْ يُحَدِّثْ، حَتَّى صَنَعَ ذَلِكَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ. قُلْتُ لِيَحْيَى: وَأَيُّ حَدِيثٍ هُوَ؟ قَالَ: حَدِيثُ مُجَاهِدٍ. قَالَ: أَخَذَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بِبَعْضِ جَسَدِي وقَالَ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَعْضِ جَسَدِي. فَقَالَ: «يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ، أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ» .
ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ.
أَخْبَرَنَا علي بن مُحَمَّد بن عبد الله المعدل، أخبرنا عُثْمَان بْن أَحْمَدَ الدَّقَّاق، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن أحمد بن البراء، حَدَّثَنَا أَحْمَد بن مُحَمَّد قَالَ: أَخْبَرَنِي بعض أصحابنا عن وكيع قال: أغلظ رجل لوكيع بن الجراح، فدخل وكيع بيتا، فعفر وجهه بالتراب، ثم خرج إلى الرجل، فقال زد وكيعا بذنبه، فلولاه ما سلطت عليه.
أَخْبَرَنَا محمّد بن أبي علي الأصبهانيّ، حدّثنا محمّد بن إسحاق القاضي-
بالأهواز- حَدَّثَنَا عيسى بن سليمان- وراق داود بن رشيد- حَدَّثَنَا داود قال: سمعت إبراهيم بن الشماس يقول: لو تمنيت كنت أتمنى عقل ابن المبارك وورعه، وزهد ابن فضيل ورقته، وعبادة وكيع وحفظه، وخشوع عيسى بن يونس، وصبر حسين الجعفي، صبر ولم يتزوج، ولم يدخل في شيء من أمر الدنيا.
أَخْبَرَنَا الْبَرْقَانِيّ، حدّثنا أَبُو الحسن بن لؤلؤ الوراق قال: سمعت أحمد بن محمّد ابن عبد الخالق يقول: سمعت عباسا الدوري قال: قال يحيى بن معين: رأيت ستة- أو سبعة- يحدثون ديانة قلت: من هم؟ قال: سعيد بن عامر، وأبو داود الحفري وحسين الجعفي، ووكيع بن الجرّاح، وعبد الله بن المبارك، والقعنبي.
أخبرنيه الأزهري، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن جامع الدهان، حَدَّثَنَا أَحْمَد بن علي بن العلاء قال: سمعت عباسا يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: رأيت من يحدث لله ستة: وكيع، وابن المبارك، وسعيد بن عامر، وحسين الجعفي، وأبو داود الحفري، وعبد الله بن مسلمة القعنبي.
أَخْبَرَنَا أَبُو نعيم الحافظ، حدّثنا محمّد بن علي بن حبيش، حدّثنا الهيثم بن خلف، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن نعيم- هو البلخي- قال: سمعت يحيى بن معين يقول: والله ما رأيت أحدا يحدث لله تعالى غير وكيع بن الجراح، وما رأيت رجلا قط أحفظ من وكيع، ووكيع في زمانه كالأوزاعي في زمانه.
أَخْبَرَنِي الأَزْهَرِيّ قال: ذكر الْقَاضِي أَبُو الحسين علي بن الحسن الجرّاحي أن أحمد ابن مُحَمَّد بن سعيد حدثهم قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ قتيبة قَالَ: سمعت يحيى بن معين- وذكر وكيعا- فقال: ثقات الناس- أو أصحاب الحديث- أربعة:
وكيع، ويعلى بن عبيد، والقعنبي، وأَحْمَد بْن حَنْبَل.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن رزق، أخبرنا محمد بن أحمد بن الحسن الصواف، حدثنا عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن حنبل قَالَ: سمعت أبي- وذكر وكيعا- فقال: ما رأيت أحدا أوعى للعلم منه، ولا أحفظ.
أَخْبَرَنَا علي بن مُحَمَّد بن عبد الله المعدل، أخبرنا أبو علي بن الصّوّاف، أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّهِ بْن أَحْمَد- إجازة- قَالَ: سمعت أبي يقول: كان وكيع مطبوع الحفظ، كان حافظا حافظا.
قرأت على الحسن بن أبي بكر عن أَحْمَد بن كامل الْقَاضِي قَالَ: حَدَّثَنَا بشر بن موسى قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْد اللَّه أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن حنبل يقول: ما رأيت رجلا قط مثل وكيع في العلم، والحفظ، والإسناد، والأبواب، مع خشوع وورع.
أَخْبَرَنِي إبراهيم بن عمر البرمكي، حَدَّثَنَا عبيد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بن حمدان العكبريّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن أيوب بْن المعافى قَالَ: سمعت إبراهيم الحربي يقول:
سمعت أَحْمَد بن حنبل- ذكر يوما وكيعا- فقال: ما رأت عيني مثله قط، يحفظ الحديث جيدا، ويذاكر بالفقه فيحسن، مع ورع واجتهاد، ولا يتكلم في أحد.
حَدَّثَنِي علي بن أَحْمَد الهاشمي قال: هذا كتاب جدي عيسى بْن موسى بْن أبي مُحَمَّد بْن المتوكل على الله، فقرأت فيه: حدثني محمد بن داود النيسابوري قال:
سمعت أبا بكر الجارودي يقول: سمعت إسحاق- وذكر من حفظ وكيع شيئا لم أحفظه، ثم ختم بهذا- فقال: إن حفظ وكيع كان طبيعيا، وحفظنا تكلف.
أخبرنا البرقاني، أخبرنا ابن حميرويه، أخبرنا الحسين بْن إدريس قَالَ: سمعت ابْن عمار يقول: سمعت قاسما الحربيّ قال: كان سفيان يدعو وكيعا وهو غلام، فيقول يا رؤاسي أي شيء سمعته؟ فيقول: حَدَّثَنِي فلان كذا قال وسفيان يتبسم ويتعجب من حفظه. قال ابن عمار: ما كان بالكوفة في زمان وكيع بن الجراح أفقه ولا أعلم بالحديث من وكيع، كان وكيع جهبذا. قال ابن عمار: وسمعت وكيعا يقول: ما نظرت في كتاب منذ خمس عشرة سنة إلا في صحيفة يوما. فنظرت في طرف منه ثم أعدته مكانه. قال ابن عمار: قلت لوكيع: عدوا عليك بالبصرة أربعة أحاديث غلطت فيها؟ قال: وحدثتهم بعبادان بنحو من ألف وخمسمائة حديث، وأربعة أحاديث ليس بكثير في ألف وخمسمائة حديث.
أخبرنا العتيقي، أخبرنا محمد بن عدي البصري- في كتابه- حدثنا أبو عبيد محمد بن علي الآجري قَالَ: سمعت أبا داود سُلَيْمَان بْن الأشعث يقول: ما رؤي لوكيع كتاب قط، وأملى عليهم وكيع حديث سفيان عن الشيوخ ثم قال: لا عدت لهذا المجلس أبدا.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن أَحْمَدَ الأهوازي، أخبرنا أبو على الحسين بن محمد الشافعي- بالأهواز- أَخْبَرَنَا أبو عبيد محمد بن علي الآجري قال: وسمعته- يعني أبا داود- يقول: ما رؤي لوكيع كتاب قط، ولا لهيثم، ولا لحماد، ولا لمعمر.
قلت: حماد، هو ابن زيد.
أَخْبَرَنَا علي بن طلحة المقرئ، أَخبرنا أَبُو الفتح مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيمَ الغازي، أخبرنا محمد بن محمد بن داود الكرجي، حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن يوسف بن خراش قال:
وكيع لم ير في يده كتاب قط، وابن عيينة، والثوري، وشعبة، لم ير في أيديهم كتاب قط.
أَخْبَرَنَا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوب بن سفيان قَالَ: بلغني عَن يحيى بْن معين قَالَ: سمعت وكيعا يقول: ما كتبت عن سفيان الثوري حديثا قط، كنت أحفظه فإذا رجعت إلى المنزل كتبته.
أخبرنا ابن رزق، أخبرنا عثمان بن أحمد، حَدَّثَنَا حنبل بن إسحاق قَالَ: سمعت يَحْيَى بن معين يَقُول: سمعت وكيعا يقول: ما كتبت عن سفيان الثوري حديثا قط، كنت أحفظه، فإذا رجعت إلى المنزل كتبت.
أخبرني محمّد بن علي المقرئ، أخبرنا محمد بن عبد الله النيسابوري الحافظ قَالَ:
سمعت مُحَمَّد بن صالح بن هانئ يقول: سمعت أبا سعيد مُحَمَّد بن شاذان يقول:
سمعت أبا رجاء قتيبة بْن سعيد يقول: ألحوا يوما على أبي بكر بن عيّاش فقال ما ترون؟ عليكم بهذا الغلام الذي في بني رؤاس- عنى به وكيعا-.
أَخْبَرَنَا الْبَرْقَانِيّ قَالَ: قرأت على أبي إسحاق إبراهيم بن مُحَمَّد المزكي أخبركم السراج قَالَ: سمعت أبا رجاء يقول: سمعت جريرا يقول: جاءني ابن المبارك. فقلت له: يا أبا عَبْد الرَّحْمَن من رجل الكوفة اليوم؟ فسكت عني، ثم قال لي: رجل المصرين- يعني وكيعا.
وأَخْبَرَنَا الْبَرْقَانِيّ قَالَ: قرأتُ عَلَى أَبِي الْقَاسِم بْن النخاس حدثكم ابن أبي داود حَدَّثَنِي أبي عن شيخ ذكره قال: سمعت عيسى بن يونس يقول: خرجت من الكوفة، وما بها أحد أروى عن إِسْمَاعِيل بن أبي خالد مني إلا غليم من بني رؤاس يقال له وكيع.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عبد الواحد، أخبرنا محمد بن العبّاس، أخبرنا أحمد بن سعيد بن مرابا، حَدَّثَنَا عَبَّاس بْن مُحَمَّد قَالَ: سئل يَحْيَى بن معين عن وكيع وابن أبي زائدة؟
فقال: وكيع أثبت من ابن أبي زائدة.
أَخْبَرَنَا البرقاني قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ حَمْدَانَ حدثكم تميم بن مُحَمَّد الطوسي قال: سمعت أَحْمَد بن حنبل يقول: عليكم بمصنفات وكيع بن الْجَرَّاح.
حَدَّثَنِي إبراهيم بن عُمَر البرمكي وعبد العزيز بن علي الأزجي قَالا: أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن عَبْد العزيز البرذعي، حدّثنا عبد الرّحمن بن أبي حاتم، حدّثنا أبي، حَدَّثَنَا أَحْمَد بن أبي الحواري قال: أشهد على أَحْمَد بن حنبل أنه قال: الثبت عندنا بالعراق، وكيع بن الجراح، ويحيى بن سعيد، وعَبْد الرَّحْمَن بن مهدي.
كتب إِلَى عَبْد الرَّحْمَنِ بن عُثْمَان الدمشقي- وحَدَّثَنَا عَبْدُ العزيز بْن أبي طاهر عنه- قَالَ: أخبرنا أبو الميمون البجلي، حدّثنا أبو زرعة، أخبرني أحمد بن أبي الحواري سمعت أَحْمَد بن حنبل يقول: الثبت بالعراق يحيى، وعَبْد الرَّحْمَن، ووكيع. قال:
فذكرت ذلك ليحيى بن معين فقال: الثبت بالعراق وكيع.
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو العلاء الواسطيّ، حدّثنا علي بن الحسن الجرّاحي، حدّثنا أحمد ابن محمّد بن الجرّاح، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن علي الوراق قال: سألت أَحْمَد بن حنبل فقلت: أيما أحب إليك؟ وكيع بن الجراح، أو عَبْد الرَّحْمَن بن مهدي، فقال: أما وكيع فصديقه حفص بن غياث البجلي. فلما ولي حفص القضاء ما كلمه وكيع حتى مات، وأما عَبْد الرَّحْمَن بن مهدي فصديقه معاذ بن معاذ العنبري، فلما ولي معاذ القضاء ما زال عَبْد الرَّحْمَن صديقه حتى مات.
أَخْبَرَنَا ابن رزق، أخبرنا محمد بن أحمد بن الحسن الصواف، حَدَّثَنَا عبد اللَّه بْن أَحْمَد قَالَ: سمعت أبي يقول: ابن مهدي أكثر تصحيفا من وكيع، ووكيع أكثر خطأ من ابن مهديّ، وكيع قليل التصحيف.
أَخْبَرَنَا الْبَرْقَانِيّ قَالَ: أَخْبَرَنَا الحسين بن علي التميمي، حَدَّثَنَا أَبُو عوانة يَعْقُوب بْن إِسْحَاق الإسفراييني، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ قَالَ: قُلْتُ- يَعْنِي لأحمد بن حنبل-:
من أصحاب الثوري؟ قال: يحيى، ووكيع، وعَبْد الرَّحْمَن، وأبو نعيم. قلت: قدمت وكيعا على بن عَبْد الرَّحْمَن؟ قال: وكيع شيخ.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن مُحَمَّد الأشناني قَالَ: سمعت أحمد بن محمد بن عبدوس الطرائفي يقول: سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول: قلت لِيَحْيَى بْنِ مَعِينٍ: فعَبْدُ الرَّحْمَنِ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَوْ وَكِيعٌ؟ فَقَالَ وَكِيعٌ. قُلْتُ: فَوَكِيعٌ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَوْ أَبُو نُعَيْمٍ؟ فَقَالَ: وَكِيعٌ.
كتب إِلَى عَبْد الرَّحْمَنِ بن عُثْمَان الدمشقي وحَدَّثَنَا عَبْدُ العزيز بْن أبي طاهر عنه قَالَ: حدّثنا أبو الميمون البجلي، حدثنا أبو زرعة قال: قلت ليحيى بن معين: وكيع فوق أبي نعيم؟ قَالَ: نَعَمْ.
أخبرنا محمد بن عبد الواحد، أخبرنا محمد بن العبّاس، أَخْبَرَنَا ابْن مرابا قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبَّاس قَالَ: سمعت يحيى بن معين يقول: وكيع أثبت من عبد الرحمن بن مهدي في سفيان. وقال يحيى: قال وكيع: ما كتبت عن سفيان حديثه قط، إنما كنت أعدها- يعني أحفظها-. وقال عباس: سمعت يحيى وذُكِرَ له عَبْد الرَّحْمَن بن مهدي، ووكيع، فقال له رجل: تقدمون عَبْد الرَّحْمَن بن مهدي؟ فقال يحيى: من قدم عَبْد الرَّحْمَن بن مهدي على وكيع، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. وقيل ليحيى إن قوما يقولون إن الفضل بن دكين أقل خطأ من وكيع، فدعا على من قال هذا.
أَخْبَرَنَا الْبَرْقَانِيّ، أخبرنا ابن حميرويه، أَخْبَرَنَا الحسين بن إدريس قَالَ: قَالَ ابن عمار في وكيع: وأبي معاوية وكيع أثبت. قال: وسمعت ابن عمار يقول: سمعت أبا نعيم يقول: لا نفلح ما دام هذا الرؤاسي حيا- يعني وكيعا.
حَدَّثَنَا أَبُو طَالِبٍ يَحْيَى بْنُ عَلِيٍّ الدَّسْكَرِيُّ- لَفْظًا بِحُلْوَانَ- أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُقْرِئِ- بأصبهان- حدّثنا محمّد بن علي المركب- بطرسوس- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُخَرِّمِيُّ قَالَ: قال عبد الرّحمن: وكيع ويحيى يخالفانني، وهما أحفظ مني.
أخبرني الأزهري، حدّثنا محمّد بن المظفر، حَدَّثَنَا عبد الله بن محمد بن جعفر، حَدَّثَنَا إبراهيم بن أورمة الأصبهاني قال: حَدَّثَنِي عبّاس العنبريّ عن علي بن المديني قال: جاء رجل إلى عَبْد الرَّحْمَن بن مهدي فجعل يعرض بوكيع، قال: وكان بين عَبْد الرَّحْمَن بن مهدي وبين وكيع بعض ما يكون بين الناس. قال: فقال عَبْد الرَّحْمَن للذي جعل يعرض بوكيع: قم عنا، بلغ من الأمر أن يعرّض بشيخنا؟! وكيع شيخنا وكبيرنا، ومن حملنا عنه العلم.
أخبرنا العتيقي، أخبرنا محمد بن عدي البصري- في كتابه- حَدَّثَنَا أَبُو عبيد مُحَمَّد بْن علي قَالَ: سئل أَبُو داود: أيما أحفظ، وكيع أو عَبْد الرَّحْمَن؟ فقال: وكيع كان أحفظ من عَبْد الرَّحْمَن بن مهدي، وكان عَبْد الرَّحْمَن أقل وهما، وكان أتقى
وسمعت أبا داود يقول: التقى وكيع وعَبْد الرَّحْمَن في المسجد الحرام بعد عشاء الآخرة، فتواقفا حتى سمعا أذان الصبح.
أَخْبَرَنَا أبو عثمان سعيد بن العباس القرشي الهرويّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن العباس العصمي- إملاء- قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الفضل يَعْقُوب بن إِسْحَاق الفقيه الحَافِظ يَقُولُ: أَخْبَرَنَا صالح بن مُحَمَّد البَغْدَادِيّ قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْن معين يَقُولُ: ما رَأَيْت أحدًا أحفظ من وكيع؟ فَقَالَ لَهُ رجل: ولا هشيم؟ فَقَالَ: وأين يقع حديث هشيم من حديث وكيع؟ فَقَالَ لَهُ الرجل: فإني سَمِعْتُ عَليّ بن المَدِينِيّ يَقُولُ: ما رَأَيْت أحدًا أحفظ من يزيد بن هَارُون؟ قَالَ: كَانَ يزيد بن هارون يحفظ من كتاب، كانت لَهُ جارية تحفظه من كتاب.
أَخْبَرَنَا علي بن مُحَمَّد بن عبد الله المعدل، أخبرنا أبو علي بن الصّوّاف، حدثنا عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن حنبل قَالَ: قال أبي: ما رأيت وكيعا قط شك في حديث إلا يوما واحدا، فقال: أمن ابن أبي شيبة؟ كأنه أراد أن يسأله أو يستفتيه. قال أبي: وما رأيت مع وكيع قط كتابا ولا رقعة.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أَبِي طاهر الدقاق وعُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْعَلافُ- قَالَ محمد أَخْبَرَنَا، وقال عثمان حَدَّثَنَا- علي بن أَحْمَد بن مُحَمَّد القزوينيّ، حَدَّثَنَا الحسن بن الليث الرازي قال: سمعت أبا هشام الرفاعي مُحَمَّد بن يزيد قال:
دخلت المسجد الحرام فإذا رجل جالس يحدث والناس مجتمعون عليه كثير، قال:
فاطلعت فإذا عبيد الله بن موسى، قال: فقلت: يا أبا مُحَمَّد كثير الزبون، كثر الزبون.
قال: فدخلت الطواف فطفت أسبوعا واحدا، قال: فخرجت فإذا عبيد الله وحده قاعد، وإذا رجل خلف اسطوانة الحمراء قاعد يحدث، وقد اجتمع عليه زحام مثل ما على عبيد الله وزيادة، فاطلعت فنظرت فإذا وكيع بن الجراح. فقلت لعبيد الله: ما فعل الناس، أين زبونك؟ قال: قدم التنين فأخذهم، قدم وكيع بن الجراح تركوني وحدي.
أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ، حدّثنا محمّد بن علي بن حبيش، حدّثنا الهيثم بن خلف، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نُعَيْمٍ الْبَلْخِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ مَلِيحَ بْنَ وَكِيعٍ يَقُولُ: لَمَّا نَزَلَ بِأَبِي الْمَوْتُ أَخْرَجَ إِلَيَّ يَدَيْهِ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ تَرَى يَدَيَّ؟ مَا ضَرَبْتُ بِهِمَا شَيْئًا قَطُّ.
قَالَ مَلِيحٌ: وَحَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ يَمَانٍ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّوْمِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنِ الأَبْدَالِ؟ قَالَ: الَّذِينَ لا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ شَيْئًا، وَإِنَّ وَكِيعَ بْنَ الْجَرَّاحِ مِنْهُمْ.
أَخْبَرَنَا حمزة بن محمّد بن طاهر، حدّثنا الوليد بن بكر، حدثنا علي بن أحمد بن زكريا الهاشمي، حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي، حَدَّثَنِي أبي قال: وكيع بن الجراح كوفي ثقة، عابد صالح، أديب من حفاظ الحديث، وكان يفتي.
أخبرنا العتيقي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس، أَخْبَرَنَا أَبُو أَيُّوب سُلَيْمَانُ بْنُ إِسْحَاقَ الْجَلابُ قال: قال لي إبراهيم الحربي: حج وكيع، فكان لا يفتي بمنى حتى يرجع إلى مكة، فجاءه رجل إلى منى وهو عند قرن الثعالب محتبي. فقال: يا أبا سفيان بت البارحة بمكة- وكان جاء إلى طواف الزيارة- فنام بمكة. قال فقال لرجل بجنبه خراساني، قل له ذلك قل له، قال فقال لي: إن أبا سفيان لا يفتي بمنى، قال فقلت: يا أبا سفيان أنا رجل منك وإليك أفتني، قال فقال للرجل الذي بجنبه، قل له والك، قل له، قال فقال لي الرجل أن أبا سفيان لا يفتي بمنى. قال فقلت له هو ذا أقول لك، فإن كان علي دم فقل لي برأسك نعم، وإن لم يكن علي شيء فقل لي برأسك لا.
قال فقال للذي بجنبه قل له والك قل له، قال فقال لي إن أبا سفيان لا يفتي بمنى، قال: فانصرفت فجئته بمكة والناس حوله حلق، قال: فقلت له يا أبا سفيان ما تقول في رجل جاء إلى طواف الزيارة فنام بمكة. قال فعرفني وقال ادخل ادخل، فدخلت إليه. فقال لي: هات مسألتك، قال فقلت له جئت إلى طواف الزيارة فنمت بمكة، قال فأكثر الليل أين كنت، بمكة أو بمنى؟ قلت: بمنى، قال: قم ليس عليك شيء. قال إبراهيم: لم يقل هذا أحد إلا مغيرة عن إبراهيم ومجاهد. قالا: من بات من وراء العقبة فعليه دم. وكأن أبا إسحاق الحربي ذهب إلى قول وكيع إذا كان أكثر الليل بمنى فليس عليه شيء. قال إبراهيم فحج في تلك الحجة ثم أخذه البطن، فما زال به البطن إلى فيد، فكان ينزل في كل ميل مرارا فمات بفيد، ودفن في الجبل آخر القبور سنة ثمان وتسعين ومائة في آخرها وثَمَّ قبر عَبْد الرَّحْمَن بن إسحاق القاضي.
أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله المعدل، أخبرنا أبو علي بن الصواف قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْد الرَّحْمَن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَدَ بْن حنبل: وكيع كان بينه وبين أبي نعيم سنة، هو أسن من أبي نعيم بسنة، ولد وكيع سنة تسع وعشرين، وأبو نعيم سنة ثلاثين.
أَخْبَرَنَا علي بن مُحَمَّد بن عبد الله المعدل، أَخْبَرَنَا عُثْمَان بْن أَحْمَد الدقاق قَالَ:
قرئ على مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن البراء- وأنا حاضر-: قَالَ: قَالَ عَلِيّ بْن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَر بن نجيح المديني. ووكيع بن الجراح بن مليح بن عدي بن فرس ويكنى أبا سفيان، مات سنة سبع وتسعين ومائة.
أخبرنا ابن الفضل، أخبرنا جعفر بن محمّد الخُلْدي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الحضرمي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عبد اللَّه بْن نمير قال.
وأخبرني الحسين بن علي الطناجيري، حدّثنا عمر بن أحمد الواعظ، حدّثنا محمّد ابن سليمان الباهلي قَالَ: سمعت مُحَمَّد بن الحجاج الضّبّيّ يقول.
وأخبرنا ابن رزق، أخبرنا أحمد بن إسحاق بن وهب البندار، حَدَّثَنَا أَبُو غالب عَلِيّ بْن أَحْمَدَ بْن النضر قال: مات وكيع سنة سبع وتسعين. زاد ابن الفضل والطناجيري: ومائة.
أَخْبَرَنَا ابن الفضل، حدّثنا دعلج، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن علي الأبار قَالَ: سألت أبا هشام فقال: مات وكيع سنة سبع وتسعين ومائة يوم عاشوراء، ودفن بفيد.
أَخْبَرَنَا الأزهري، أخبرنا محمّد بن العبّاس، أخبرنا إبراهيم بن محمّد الكندي، حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى مُحَمَّد بْن المثنى قَالَ: ومات وكيع في سنة ثمان وتسعين ومائة في طريق مكة بفيد.
أَخْبَرَنَا بشرى بن عبد الله الرّوميّ، أخبرنا أحمد بن جعفر بن حمدان، حدثنا محمد بن جعفر الراشدي.
وأخبرنا البرمكي، أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَلَفِ، حَدَّثَنَا عمر بْن مُحَمَّد الجوهري قالا: حَدَّثَنَا أَبُو بكر الأثرم قَالَ: سَمِعْت أَبَا عَبْد الله. قال: ومات وكيع وهو ابن ست وستين.

سفيان بن سعيد بن مسروق ابو عبد الله الثوري

سفيان بن سعيد بن مسروق، أبو عبد الله الثوري :
من أهل الكوفة ولد في خلافة سليمان بن عبد الملك، وسمع أبا إسحاق السبيعي، وعمرو بن مرة، ومنصور بن المعتمر، وسلمة بن كهيل، وحبيب بن أبي ثابت، وعبد الملك بن عمير، وأبا حصين، والأعمش، وإسماعيل بْن أبي خَالِد، وحُصين بْن عَبْد الرحمن، وأيوب السختياني، ويونس بن عبيد، وسليمان التيمي، وعاصما الأحول، وعمرو بن دينار وعبد الله بن دينار، وأبا الزناد، والعلاء بن عبد الرّحمن، وصالحا مولى التوءمة، وسهيل بن أبي صالح، وخلقا غير هؤلاء. روى عنه محمد بن عجلان، ومعمر بن راشد، والأوزاعي، وابن جريج، ومحمد بن إسحاق، ومالك، وشعبة، وابن عيينة، وزهير بن معاوية، وإبراهيم بن سعد، وسليمان بن بلال، وأبو الأحوص سلام بن سليم، وحماد بن سلمة، وعبثر بن القاسم، وفضيل بن عياض، وزائدة بن قدامة، ويحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، ووكيع، وابن المبارك، وعبيد الله الأشجعي، ومحمد بن يوسف الفريابي، وأبو نعيم، وقبيصة بن عقبة، وغيرهم.
وكان إماما من أئمة المسلمين، وعلما من أعلام الدين، مجمعا على إمامته بحيث يستغنى عن تزكيته، مع الاتقان، والحفظ، والمعرفة، والضبط، والورع والزهد .
وورد بغداد غير مرة، فمنها حين أراد الخروج إلى خراسان، ويقال: إن نسيبا له كان ببخارى مات، فخرج لأخذ ميراثه.
أَخْبَرَنَا أَبُو الوليد الْحَسَن بْن مُحَمَّد الدَّرْبَنْدِيّ، أخبرنا محمّد بن أحمد بن محمّد ابن سليمان الحافظ- ببخارى- حَدَّثَنَا أبو نصر محمد بن أحمد بن موسى بن جعفر البزّاز، حَدَّثَنَا عبد الله بن محمد بن الحارث، حدّثنا محمّد بن الحسين بن حفص، حَدَّثَنَا عباد بن يعقوب قال: سمعت يونس بن أبي يعقوب العبدي يقول: أراد سفيان الثوري الشخوص إلى خراسان لحاجة عرضت له، ولزيارة أقاربه، فأخفى ذلك عن أصحابه، فبلغني عن بعض بطانته ذلك فتجهزت للمضي معه وهو لا يشعر، وتجهز بعض أصحابنا بمثل الذي تجهزت، فلما خرج خرج خفيا، فسبقناه إلى بغداد، فلما ورد بغداد أخفى نفسه، فخرجنا إلى حلوان معه وهو كاره ذلك، فكنا معه إلى أن عبرنا النهر، ووافينا بخارى فأقمنا معه ببخارى الكثير إلى أن قضيت حاجته، فتشفع إليه أقرباؤه بأن يقيم بين أظهرهم أكثر، فما أقام. فقال: قد كنت نويت ذلك إلا أنه لا بد من الرجوع فرجع ورجعنا معه، وأسرع السير حتى قدمنا الكوفة.
أَخْبَرَنَا محمد بن عمر بن بكير المقرئ، أَخْبَرَنَا الْحُسَيْن بن أَحْمَد الهروي قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن ياسين، أَخْبَرَنَا أحمد بن محمد بن عبد الرحمن السّامي، حَدَّثَنَا أبو محمد عبد الله بن هناد الخزاعي، عن يعلى بن عبيد أنه قال: أول ما جلس سفيان الثوري بخراسان ببخارى، قيل له: كيف ذاك؟ قال: كان له عم بها فمات، فخرج سفيان في طلب الميراث وهو ابن ثمان عشرة سنة.
قلت: إن كان هذا القول ثابتا في مبلغ سن سفيان وقت خروجه، فإن القصة التي ذكرها يونس بن أبي يعقوب كانت بعد ذلك، ولعله خرج إلى بخارى غير مرة فالله أعلم.
أنبأنا محمد بن أحمد بن رزق، حَدَّثَنَا محمد بن عمر بن سلم الحافظ، حَدَّثَنِي أبو عبد الله محمد بن أبي سعيد يعقوب بن سواك قال: قلت لبشر بن الحارث: أليس قد دخلها- أعني سفيان الثوري- يريد بغداد؟ قال: نعم جاءوا به. قلت إلى أبي جعفر؟
قال: لا إلى الآخر الذي يقال له المهديّ.
أخبرنا الحسن بن أبي طالب، حدّثني أحمد بن إبراهيم بن الحسين، حدّثنا أبو طالب الخشّاب- بمصر- حَدَّثَنَا أبو محمد عبد الله بن فتح الوراق قال: سمعت محمد بن الحسن الجوهري يقول: سمعت علي بن سهل الرملي يقول: سمعت زيد ابن أبي الزرقاء يقول: رأيت سفيان الثوري ببغداد، وقد نظر إلى شيخ جلاد يتصدق وقد ذهب بصره فحمل قطعة فأعطاه ثم قال له: ليست هذه صدقة عليك، هذه شماتة بك.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيّ أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بْنِ إبراهيم الصيدلاني- بأصبهان- أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوبَ الطبراني- قراءة عليه وأنا أسمع- حدثكم أَبُو شُعَيْبٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا قعنب بن المحرر بن قعنب الباهلي، حَدَّثَنَا الهيثم بن عدي في نسب ثور بْن عبد مناة بْن أُد بْن طابخة بْن إلياس بْن مضر قال:
ومنهم سفيان الثوري الفقيه بن سعيد بن مسروق بن حبيب بن رافع بن عبد الله بن موهبة بن أبي عبد الله بن منقذ بن نصر بن الحارث بن ثعلبة بْن ملكان بْن ثور بْن عبد مناة بن أد بن طابخة.
حدّثنا أحمد بن عليّ البادا- لفظا- أَخْبَرَنَا أحمد بن إبراهيم بن الحسن أبو بكر.
وأخبرني الحسن بن أبي بكر، حدّثني أبي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الحسين بْن حميد بْن الربيع قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْد الله مُحَمَّد بْن خلف التميمي: وهذا نسب سفيان الثوري، ابن سعيد بن مسروق بن حمزة بن حبيب بن نافع بن موهبة بن أبي عبد الله بن نصر بن ثعلبة بْن ملكان بْن ثور بْن عبد مناة بْن أُد بْن طابخة بْن إلياس بْن مضر.
أَخْبَرَنَا محمد بن أحمد بن رزق، أخبرنا جعفر بن محمد بن نصير الخلدي، حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي، حدّثنا أبو بكر- يعني ابن زنجويه- حَدَّثَنَا عبد الرَّزَّاق عَنِ ابْن عيينة قَالَ: لم يدرك مثل ابن عباس في زمانه، ولا مثل الشعبي في زمانه، ولا مثل الثوري في زمانه.
وقال الحضرمي: حدّثنا أبو بكر، حَدَّثَنَا الفريابي قال: حدثت ابن عيينة بأحاديث فقلت قال الثوري. فقال: لم تر بعينك مثل الثوري.
أَخْبَرَنَا أَبُو منصور مُحَمَّد بْن عيسى بْن عبد العزيز البزّاز- بهمذان- حَدَّثَنَا أبو القاسم جبريل بن محمد بن إسماعيل الفقيه المعدّل، حدّثنا أبو عليّ الحسن بن نصر ابن منصور الطوسي، حدّثنا محمّد بن إسماعيل، حَدَّثَنَا إبراهيم بن عبد الله بن منذر الباهلي قال: سمعت عبد الرزاق يقول: سمعت سفيان بن عيينة يقول: أصحاب الحديث ثلاثة؛ عَبْدُ اللَّه بْن عَبَّاس في زمانه، والشعبي في زمانه، والثوري في زمانه.
أَخْبَرَنَا عبيد الله بن عمر الواعظ، حَدَّثَني أبي، حدثنا عبد اللَّه بْن سليمان، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قهزاذ، حَدَّثَنِي يحيى بن نصر القرشي قال: سمعت ورقاء بن عمر يقول: إن الثوري لم ير مثل نفسه.
أَخْبَرَنِي الحسن بن محمد الخلّال، حدّثنا محمّد بن العبّاس الخزّاز، حدّثنا أبو بكر ابن أبي داود، حدّثنا عبد الله بن خبيق، حَدَّثَنِي أبي قال: كنت أنا والفزاري وابن المبارك وشيخ معنا. فقال الفزاري لابن المبارك: يا أبا عبد الرحمن رأيت قط مثل سفيان الثوري؟ قال: لا، قال ابن المبارك: فأنت يا أبا إسحاق رأيت مثله قط؟ قال:
لا، قال أبي: فقال الشيخ الذي كان معنا: ما رأى سفيان قط مثله، فكيف نرى نحن مثله؟! أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن رزق، أخبرنا عثمان بن أحمد الدّقّاق، حدّثنا سهل بن عليّ الدوري قال: حدّثني الحسين بن عليّ بن يزيد الصّدائيّ، حَدَّثَنَا البراء بن رستم البصري قال: سمعت يونس بن عبيد يقول: ما رأيت أفضل من سفيان الثوري، فقال له رجل: يا أبا عَبْد اللَّه رأيت سعيد بن جبير، وإبراهيم وعطاء، ومجاهدا وتقول هذا؟! قال: هو ما أقول ما رأيت أفضل من سفيان الثوري .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن الفضل القطان، أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه، حدّثنا يعقوب بن سفيان، حدّثنا سعيد بن أسد، حَدَّثَنَا ضمرة عن ابن شوذب قال: سمعت صهرا لأيوب يقول: قال أيوب: ما لقيت كوفيّا أفضله على سفيان .
أخبرنا أبو الْحَسَن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الصلت الأهوازيّ، أخبرنا محمّد ابن مخلد العطّار، حدّثنا موسى- هو ابن هارون الطوسي- حَدَّثَنَا محمد- يعني ابن نعيم بن الهيصم- قال: سمعت بشرا يقول: قال يونس بن عبيد: ما رأيت كوفيا أفضل من سفيان. قالوا: إنك رأيت سعيد بن جبير، وفلانا وفلانا؟! قال: ما رأيت كوفيا أفضل من سفيان قال: وقال ابن المبارك: ما رأيت أحدا أفضل من سفيان. قال:
وقال ابن عيينة: والله ما رأى سفيان الثوري مثله.
حَدَّثَنَا أَبُو طَالِبٍ يَحْيَى بْنُ عَلِيٍّ الدَّسْكَرِيُّ- بحلوان- أخبرنا أبو بكر المقرئ- بأصبهان- حدّثنا عبد الله بن شدّاد العسقلاني، حَدَّثَنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن عَمْرو قال: سمعت الفريابي يقول: سألت ابن عيينة عن مسألة فتكلم فيها، فقلت: إن سفيانا يقول خلاف هذا، فقال: لم تر عيناك مثل سفيان أبدا.
أَخْبَرَنِي علي بن أحمد الرّزّاز، أخبرني عليّ بن محمّد بن سعيد الموصليّ، حدّثنا حمدان أبو جعفر الوزّان، حدّثنا محمّد بن جامع، حَدَّثَنَا عرفجة بن كلثوم البصري قال: سمعت وكيع بن الجراح يقول: ما رأت عيناي مثل سفيان الثوري، ولا رأى سفيان مثله.
أخبرني الأزهري، حدّثنا محمّد بن المظفر، حدّثنا أسامة بن عليّ بن سعيد، حَدَّثَنَا أَبُو سهل عبدة بْن سُلَيْمَان بْن بكر، حَدَّثَنَا علي بن معبد قال: سئل عيسى بن يونس:
هل رأيت مثل سفيان الثوري؟ فقال عيسى بن يونس: ولا رأى سفيان مثله.
أخبرنا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يعقوب بن سفيان، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: سمعت يحيى بن سعيد يقول: ما رأيت أحدا خيرا من سفيان، وخالد بن الحارث.
أَخْبَرَنَا إبراهيم بن مخلد بن جعفر، حدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْحَكِيمِيُّ، حدّثنا أحمد بن يوسف- هو التغلبي- حَدَّثَنَا الأخنسي قال: سمعت يحيى بن يمان يقول: ما رأينا مثل سفيان ولا رأى سفيان مثله، أقبلت الدنيا عليه فصرف وجهه عنها.
أجاز لي أبو سعد الماليني. وَحَدَّثَنِيه هبة الله بن الحسن الطبري عنه قَالَ: أَخبرنا عَبْدُ الله بْن عدي، حدّثنا أحمد بن محمّد بن مالك، حدّثنا عمران بن فيروز الأيامي،
حدّثنا حامد المروذي قال: سمعت ابن المبارك يقول: كتبت عن ألف ومائة شيخ، ما كتبت عن أفضل من سفيان الثوري.
أخبرني الأزهري، أخبرنا محمّد بن المظفر، حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن جعفر القزويني، حدّثنا محمّد بن مسلم، حَدَّثَنِي أحمد بن جواس عن ابن المبارك أنه كان يتأسف على سفيان ويقول: لو لم أطرح نفسي بين يدي سفيان، ما كنت أصنع بفلان وفلان؟
أَخْبَرَنِي الحسين بن عليّ الطّناجيريّ، أخبرنا عمر بن أحمد الواعظ، حدّثنا عبد الله ابن سليمان بن الأشعث، حَدَّثَنَا المسيب بن واضح قَالَ: سمعت عَبْد الله بْن المبارك يقول: اطلب لسفيان قرنا ولن تجده.
أَخْبَرَنَا محمد بن أحمد بن رزق، أخبرنا عثمان بن أحمد الدّقّاق، حدّثنا حنبل بن إسحاق، حدّثنا حسن بن الرّبيع قال: سمعت بن المبارك قبل أن يموت بيومين أو ثلاثة- وكان حسن هو الذي غسله، وكفنه وقبره. قال: سمعته قال: ما أحد عندي من الفقهاء أفضل من سفيان بن سعيد، ما أدري ما عبد الله بن عون.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أَبَانٍ الْهِيتِيُّ، حدّثنا أحمد بن سلمان النّجّاد، حدّثنا محمّد بن أحمد بن دلان، حدّثنا أبو همّام، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ:
سمعت عَبْد اللَّهِ بْن المبارك يقول: لا أعلم على الأرض أعلم من سفيان الثوري؟
أخبرنا ابن رزق، أخبرنا جعفر بن محمّد الخُلْدي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الحضرمي، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خُبَيْقٍ قَالَ: حَدَّثَنَا خلف بْن تميم قَالَ: سمعت زائدة بن قدامة يقول: رأيت منصور بن المعتمر صام سنة وقام ليلها. وما رأيت مثل سفيان الثوري قط.
وقال الحضرمي: حَدَّثَنَا عبد الله بن خبيق الأنطاكي، حَدَّثَنَا يوسف بن أسباط قال:
قال لي سفيان الثوري- وقد صلينا العشاء الآخرة- ناولني المطهرة، فناولته فأخذها بيمينه ووضع يساره على خده، ونمت، فاستيقظت وقد طلع الفجر، فنظرت فإذا المطهرة بيمينه كما هي. فقلت: هذا الفجر قد طلع، فقال: لم أزل منذ ناولتني المطهرة أتفكر في الآخرة حتى الساعة.
أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عُمَرَ بْنِ بُرْهَانَ الْغَزَّالُ، حدّثنا عبد الباقي بن قانع، حدّثنا بشر ابن موسى، حَدَّثَنَا عمرو بن علي قال: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: ما
عاشرت في الناس رجلا أرق من سفيان الثوري، وكنت أرمقه في الليلة بعد الليلة ينهض مذعورا ينادي، النار النار، شغلني ذكر النار عن النوم والشهوات.
أَخْبَرَنَا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا قبيصة. قال: ما جلست مع سفيان مجلسا إلا ذكرت الموت، وما رأيت أحدا كان أكثر ذكرا للموت منه.
أَخْبَرَنَا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يعقوب بن سفيان، حدّثني أبو سعيد الأشج، حَدَّثَنَا أبو خالد قال: أكل سفيان ليلة فشبع. فقال: إن الحمار إذا زيد في علفه زيد في عمله، فقام حتى أصبح.
أخبرني عليّ بن أحمد الرّزّاز، أَخْبَرَنَا علي بن محمد بن سعيد الموصلي، حَدَّثَنَا أبو ميمون صغدي بن الموفق السراج، حدّثنا أحمد بن حنبل، حَدَّثَنَا عبد الرزاق قال: قدم علينا الثوري صنعاء، فطبخت له قدر سكباج فأكل، ثم أتيته بزبيب الطائف فأكل، ثم قال: يا عبد الرزاق اعلف الحمار وكده، ثم قام يصلي حتى الصباح.
أَخْبَرَنَا حمزة بن محمد بن طاهر الدقاق، أخبرنا أحمد بن إبراهيم، حدّثنا عبد الله ابن محمّد البغويّ، حَدَّثَنَا عبد الله بن عمر الكوفي قال: سمعت أبا أسامة قال:
اشتكى سفيان بن سعيد، فذهبت بمائة في قارورة فأريته الديراني، فنظر إليه فقال: بول من هذا؟ ينبغي أن يكون هذا بول راهب، هذا رجل قد فتت الحزن كبده، ما لهذا دواء.
أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله المقرئ الحذّاء، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن جَعْفَر بْن سلم، حَدَّثَنَا أَبُو بكر أحمد بن مُحَمَّد بن عبد الخالق أبو بكر المروذي قال: سمعت بعض المشيخة يقول: سمعت أبا داود يقول: قدمت المسجد الحرام فرأيت حلقة نحوا من خمسمائة- أقل أو أكثر- ورجل في وسطها نائم، قلت: من هذا؟ قالوا: هذا أمير المؤمنين، هذا سفيان الثوري، فرأيت رأسه في حجر زائدة، ورأيت رجله في حجر سفيان بن عيينة، ورأيت رجله في حجر زهير، قلت: ما له؟ قالوا: أصابته مليلة.
وقال أبو بكر المروذي: حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبي عون قال: سمعت شعيب بن حرب يقول: إني لأحسب يجاء بسفيان الثوري يوم القيامة حجة من الله على هذا الخلق؟
يقال لهم لم تذكروا نبيكم فقد رأيتم سفيان، ألا اقتديتم به؟
أخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق، أَخْبَرَنَا جعفر الخُلْدي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الله الحضرمي، حدّثنا عبد الله بن خبيق، حدّثنا هشيم بن جميل، عن مفضل بن مهلهل قال: خرجت حاجا مع سفيان فلما صرنا إلى مكة وافقنا الأوزاعي بها، فاجتمعنا في دارنا والأوزاعي وسفيان الثوري، قال: وكان على الموسم عبد الصمد بن علي الهاشمي، فدق داق الباب قلنا من هذا؟ قال: الأمير، فقام الثوري فدخل المخرج، وقام الأوزاعي فتلقاه فقال له عبد الصمد بن علي: من أنت أيها الشيخ؟ قال: أنا أبو عمرو الأوزاعي، قال: حياك الله بالسلام، أما أن كتبك كانت تأتينا فكنا نقضي حوائجك، ما فعل سفيان الثوري؟ قال: قلت: دخل المخرج، فدخل الأوزاعي في أثره فقال: إن هذا الرجل ما قصد إلا قصدك، قال: فخرج سفيان مقطبا فقال: سلام عليكم كيف أنتم؟ فقال له عبد الصمد بن علي: يا أبا عبد الله أتيتك أكتب هذه المناسك عنك، قال له سفيان: ألا أدلك على ما هو أنفع لك، قال: وما هو؟ قال:
تدع ما أنت فيه، قال: كيف أصنع بأمير المؤمنين أبي جعفر؟ قال: إن أردت الله كفاك الله أبا جعفر، فقال له الأوزاعي: يا أبا عبد الله إن هؤلاء قريش وليس يرضون منا إلا بالإعظام لهم. فقال له: يا أبا عمرو إنا ليس نقدر نضربهم، فإنما نؤدبهم بمثل هذا الذي ترى. قال المفضل: فالتفت إلي الأوزاعي فقال لي: قم بنا من هاهنا فإني لا آمن أن يبعث هذا من يضع في رقابنا حبالا، وأرى هذا ما يبالي.
أخبرنا ابن رزق، أخبرنا إبراهيم بن محمّد المزكى، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ قال: سمعت محمد بن سهل بن عسكر قال: سمعت عبد الرزاق يقول: بعث أبو جعفر الخشابين حين خرج إلى مكة، فقال: إن رأيتم سفيان الثوري فاصلبوه قال: فجاءه النجارون ونصبوا الخشب، ونودي سفيان وإذا رأسه في حجر الفضيل بن عياض، ورجلاه في حجر ابن عيينة. قال: فقالوا له: يا أبا عبد الله اتق الله ولا تشمت بنا الأعداء، قال: فتقدم إلى الأستار ثم أخذها، ثم قال: برئت منه إن دخلها أبو جعفر، قال: فمات قبل أن يدخل مكة فأخبر بذلك سفيان، قال: فلم يقل شيئا.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد، أخبرنا الوليد بن بكر الأندلسي، حدثنا علي بن أحمد بن زكريا الهاشمي، حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله بن صالح العجليّ، حَدَّثَنِي أبي قال: دخل سفيان على المهدي فقال: السلام عليكم كيف
أنتم أبا عبد الله، ثم جلس فقال: حج عمر بن الخطاب فأنفق في حجته ستة عشر دينارا، وأنت حججت فأنفقت في حجتك بيوت الأموال، فقال: أي شيء تريد؟
أكون مثلك؟ قال: فوق ما أنا فيه، ودون ما أنت فيه، فقال وزيره أبو عبيد الله: يا أبا عبد الله قد كانت كتبك تأتينا فننفذها. قال: من هذا؟ قال: أبو عبيد الله وزيري، قال: احذره فإنه كذاب، أنا كتبت إليك، ثم قام فقال له المهدي: أين أبا عبد الله؟
قال: أعود وكان قد ترك نعله حين قام، فعاد فأخذها ثم مضى فانتظره المهدي فلم يعد، قال: وعدنا أن يعود فلم يعد؟ قيل له إنه قد عاد لأخذ نعله، فغضب فقال: قد آمن الناس إلا سفيان الثوري. ويونس بن فروة الزنديق، قرنه بزنديق. قال: فإنه ليطلب، وإنه لفي المسجد الحرام فذهب فألقى نفسه بين النساء فجللنه، قيل له: لم فعلت؟ قال: إنهن أرحم، ثم خرج إلى البصرة فلم يزل بها حتى مات، فلما احتضر قال: ما أشد الغربة، انظروا إلي هاهنا أحدا من أهل بلادي؟ فنظروا فإذا أفضل رجلين من أهل الكوفة؛ عبد الرحمن بن عبد الملك بن الجسر، والحسن بن عياش أخو أبي بكر، فأوصى إلى الحسن بن عياش في تركته، وأوصى إلى عبد الرحمن بالصلاة عليه، فلما حضرت الصلاة قالت بنو تميم: يماني يصلي على مصري؟! وكان عبد الرحمن كنديا، فقيل لهم أوصى بذلك فخلوا سبيله. وكان أصحاب الحديث يأتونه في مكانه، فإذا سمع بصاحب حديث بعث إليه، وكان يقول أنت- يعني يا يحيى- تريد مثل أبي وائل عن عبد الله، أين تجد كل وقت هذا، اذهب إلى الكوفة فجئني بكتبي أحدثك، قال له يحيى: أنا أختلف إليك وأخاف على دمي، فكيف أذهب فآتي بكتبك؟ قال: وكان يحيى جبانا جدا.
أَخْبَرَنَا حمزة بْن مُحَمَّد بْن طاهر، أخبرنا أحمد بن إبراهيم، حدّثنا عبد الله بن محمد البغوي، حَدَّثَنِي أبو سعيد قال: حَدَّثَنِي عبد الله بن عبد الله- وهو ابن الأسود الحارثي- قال: خاف سفيان شيئا فطرح كتبه، فلما آمن أرسل إلي وإلى يزيد بن توبة المرهبي، فجعلنا نخرجها، فأقول: يا أبا عبد الله وفي الركاز الخمس، وهو يضحك، فأخرجنا تسع قمطرات، كل واحدة إلى هاهنا- وأشار إلى أسفل من ثدييه- قال:
فقلت له اعرض لي كتابا تُحَدِّثَنِي به، فعزل لي كتابا فحَدَّثَنِي به.
أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْعَلافُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غالب قال: حدّثني يحيى بن أيّوب، حَدَّثَنَا مبارك بن
سعيد قال: جاء رجل إلى سفيان ببدرة- أو قال: ببدرتين، شك أبو زكريا- وكان أبو ذلك الرجل صديقا لسفيان جدا، وكان سفيان يأتيه فيقيل عنده، ويأتيه كثيرا، قال:
فقال: أبا عبد الله في نفسك من أبي شيء؟ فأثنى عليه وقال: رحم الله أباك وذكر من فضله، فقال له: يا أبا عبد الله قد عرفت كيف صار إلي هذا المال، وأنا أحب أن تقبل هذا الذي جئتك به تستعين به على عيالك، قال: فقبله منه، فخرج الرجل، فلما خرج أو كاد أن يخرج قال لي يا مبارك الحقه فرده، قال: فلحقته فرددته، فقال: يا ابن أخي أحب أن تقبل هذا المال، فإني قد قبلته منك، ولكن أحب أن تأخذه، فترجع به فقال: يا أبا عبد الله في نفسك منه شيء؟ قال: لا ولكن أحب أن تقبله فلم يزل به حتى أخذه، فلما خرج جئت وقد داخلني مالا أملك، فقعدت بين يديه فقلت: ويحك يا أخي أيش قلبك هذا؟ حجارة. أنت ليس لك عيال، أما ترحمني، أما ترحم إخوانك، أما ترحم صبياننا، قال: فأكثرت عليه من هذا النحو فقال: يا مبارك تأكلها أنت هنيئا مريئا، وأسأل أنا عنها؟ لا يكون هذا أبدا.
أَخْبَرَنَا محمد بن عبد الله الهيتي، حدّثنا أحمد بن سلمان، حدّثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي، حدّثنا أحمد بن أسد، حَدَّثَنَا محمد بن عبد الوهاب قال: ما رأيت الفقر قط أعز ولا أرفع منه في مجلس سفيان، ولا رأيت الغنى، أذل منه في مجلس سفيان.
أَخْبَرَنَا عثمان بن محمّد الْعَلافُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا محمد بن غالب قال: حَدَّثَنِي يحيى بن أيّوب، حَدَّثَنَا علي بن ثابت قال: رأيت سفيان في طريق مكة، فقومت كل شيء عليه حتى نعليه، درهم وأربعة دوانيق.
أَخْبَرَنَا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يعقوب، حدّثنا أحمد بن الخليل، حدّثنا عبد الرّحمن بن عثمان، حَدَّثَنَا أبو قطن قال: قال لي شعبة: إن سفيان الثوري ساد الناس بالورع والعلم.
أخبرنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبان الهيتي، حدّثنا أحمد بن سلمان الفقيه، حدّثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي، حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن شَبَّوَيْهِ قال: سمعت أبا رجاء قتيبة يقول: لولا الثوري لمات الورع.
أَخْبَرَنَا علي بن محمد الحذّاء، حدّثنا أَحْمَد بْن جعفر بْن سلم، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عبد الخالق، حدّثنا أبو بكر المروذي، حَدَّثَنَا محمد بن أبي محمد قال: قال الأوزاعي: لو قيل لي اختر لهذه الأمة ما اخترت إلا سفيان الثوري.
وقال المروذي: حَدَّثَنِي محمد بن أبي محمد قال: قال ابن عيينة: جالست خمسين شيخا من أهل المدينة، وذكر عبد الرحمن بن القاسم، وصفوان بن سليم، وزيد بن أسلم، فما رأيت فيهم مثل سفيان.
أَخْبَرَنَا أحمد بن سلمان بن عليّ المقرئ، أخبرنا محمّد بن بكران، حدّثنا محمّد ابن مخلد العطّار، حَدَّثَنَا محمد بن المثنى بن زياد قَالَ: سمعت بشرا- يعني ابن الحارث- يقول: قال سفيان بن عيينة: كان سفيان الثوري كأن العلم ممثل بين عينيه، يأخذ منه ما يريد، ويدع ما لا يريد. وقال الأوزاعي: كنت أقول فيمن ضحك في الصلاة قولا لا أدري كيف هو؟ فلما لقيت سفيان الثوري فسألته فقال لي: يعيد الوضوء، ويعيد الصلاة، فأخذت بِهِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد، أخبرنا الوليد بن بكر، حدّثنا عليّ بن أحمد بن زكريّا، حدّثنا أبو مسلم صالح بن أحمد، حَدَّثَنَا أبي قال: ألقى أبو إسحاق فريضة فلم يصنعوا فيها شيئا، فقال: لو كان الغلام الثوري فصلها الساعة، إذ أقبل سفيان فقال له ما تقول في كذا وكذا؟ قال سفيان: أنت حدثتنا عن علي بكذا وكذا، والأعمش حَدَّثَنَا عن ابن مسعود بكذا، وفلان حَدَّثَنَا فيها بكذا، قال أبو إسحاق:
كيف ترون من ساعة فصلها، ألا تكونون مثله.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أَبَانٍ الْهِيتِيُّ، حدّثنا أحمد بن سلمان، حدّثنا محمّد ابن أحمد بن دلان، حدّثنا أبو همّام، حَدَّثَنَا المبارك بن سعيد قال: رأيت عاصم بن أبي النجود يجيء إلى سفيان يستفتيه ويقول: يا سفيان أتيتنا صغيرا، وأتيناك كبيرا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْنُ إِسْمَاعِيل بْنِ عُمَرَ الْبَجَلِيُّ، حدّثنا أبو منصور محمّد بن محمّد ابن عبد الله المطوعي النّيسابوري، حدّثنا أبو طاهر محمّد بن الحسين المحمّدآباذي قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ سَعِيدٍ يَقُول: سَمِعْتُ أحمد بن يونس يقول: سمعت زهيرا يقول: مر سفيان الثوري بجابر الجعفي؟ فقال: هذا سمع مني عشرة آلاف حديث.
أَخْبَرَنِي الحسين بن عليّ الصّيمريّ، حدّثنا عليّ بن الحسن الرّازيّ، حدّثنا محمّد ابن الحسين الزعفراني، حدّثنا أحمد بن زهير، حَدَّثَنَا الوليد بن شجاع قال: حَدَّثَنَا الأشجعي قال: دخلت مع سفيان الثوري على هشام بن عروة، فجعل سفيان يسأل وهشام يحدثه فلما فرغ قال: أعيدها عليك؟ قال: نعم، فأعادها عليه، ثم خرج سفيان وأذن لأصحاب الحديث، وتخلفت معهم، فجعلوا إذا سألوه أرادوا الإملاء فيقول:
احفظوا كما حفظ صاحبكم، فيقولون لا نقدر نحفظ كما حفظ صاحبنا.
أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن الحرشي، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم، حَدَّثَنَا محمد بن علي الوراق قال: سمعت أحمد بن يونس.
وأَخْبَرَنَا الحسن بن أبي بكر، أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله القطّان، حَدَّثَنَا عبد الكريم بن الهيثم قال: سمعت أحمد بن يونس يقول: سمعت زائدة- وذكر سفيان- قال: كان- زاد عبد الكريم- ذاك ثم اتفقا أعلم الناس في أنفسنا.
أَخْبَرَنَا محمّد بن الحسين القطّان، أخبرنا دَعْلَجِ بْنِ أَحْمَدَ، أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الأبّار، حدّثنا أحمد بن هاشم، حَدَّثَنَا ضمرة قال: سمعت مالك بن أنس يقول: إنما كانت العراق تجيش علينا بالدراهم والثياب، ثم صارت تجيش علينا بسفيان- يعني الثوري- وكان سفيان يقول: مالك ليس له حفظ.
أَخْبَرَنَا أبو نعيم الحافظ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، حدّثنا عليّ بن المديني. وأخبرنا عليّ بن أبي علي، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ البزّار، حدثنا عبد الله بن محمد البغوي قال: رأيت في كتاب عليّ بن المديني إلى أبي عبد الله أحمد.
وَحَدَّثَنِي به صالح عن علي قال: سألت يحيى بن سعيد قلت له: أيما أحب إليك، رأي مالك، أو رأي سفيان؟ قال سفيان، لا يشك في هذا- زاد أبو نعيم ثم قال يحيى: سفيان فوق مالك في كل شيء.
حَدَّثَنِي عبد العزيز بن أحمد الكتاني، أخبرنا تمام بن محمّد الرّازيّ، أخبرنا أبو الميمون بن راشد، حَدَّثَنَا مضر بن محمد قال: سمعت يحيى بن معين يَقُولُ: سمعت يَحْيَى بْن سعيد القطان يَقُولُ: سفيان الثوري أحب إلي من مالك في كل شيء- يعني في الحديث، وفي الفقه، وفي الزهد-.
أَخْبَرَنَا علي بن المحسن التّنوخيّ، حدّثنا عبد الله بن أحمد ماهزد الأصبهانيّ، حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز قال: حَدَّثَنِي عبد الله بن سعيد الكندي، حَدَّثَنَا وليد بن حماد قال: سمعت ابن إدريس يقول: ما جعلت بينك وبين الرجال مثل سفيان، وشعبة.
أَخْبَرَنَا أبو الْحَسَن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الصلت الأهوازي، أخبرنا محمّد ابن مخلد، حدّثنا موسى- هو ابن هارون الطوسي- حَدَّثَنَا محمد- يعني ابن نعيم بن الهيصم- قال: سمعت بشرا قال: قال يحيى بن سفيان: ما أنفقت درهما قط في بناء.
قال: سمعت بشرا. قال: قال شعبة وابن عيينة: سفيان الثوري أمير المؤمنين في الحديث .
أخبرنا ابن رزق، أَخْبَرَنَا جعفر الخُلْدي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الله الحضرمي، حَدَّثَنَا أبو بكر بن زنجويه.
وأَخْبَرَنَا محمد بن عبد الله الهيتي، حدّثنا أحمد بن سلمان، حدّثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي، حدّثنا محمّد بن زنجويه، حَدَّثَنَا يعقوب بن إسحاق الحضرمي عن شعبة أنه قال: سفيان أمير المؤمنين في الحديث .
أخبرنا ابن رزق، أخبرنا عثمان بن أحمد، حَدَّثَنَا حنبل بن إسحاق قال: سمعت يحيى بن معين يقول: سفيان الثوري أمير المؤمنين في الحديث .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد، أخبرنا محمّد بن المظفر الحافظ، حَدَّثَنَا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي، حدّثنا محمّد بن حميد، حَدَّثَنَا يحيى بن أبي بكير قَالَ: سمعت شعبة يقول: ما حَدَّثَنِي سفيان الثوري بحديث عن إنسان فسألته إلا وكان كما حَدَّثَنِي.
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو عُمَرَ الْقَاسِمُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ عبد الواحد الهاشميّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عمرو اللؤلؤي، حدّثنا أبو داود سليمان بن الأشعث، حدّثنا أحمد بن حنبل، حَدَّثَنَا وكيع عن شعبة قال: كان سفيان أحفظ مني.
وقال: حدّثنا أبو داود، حَدَّثَنَا ابن أَبِي رَزْمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: قَالَ رجل لشعبة: خالفك سفيان قال: دمغتني.
أخبرنا الهيتي، حدّثنا أحمد بن سلمان، حَدَّثَنَا سعيد بن مسلم بن أحمد بن مسلم- بطرسوس- حدّثنا أبو جعفر بن الفرجي، حَدَّثَنَا إسحاق بن حفص قال: قيل لإسماعيل بن إبراهيم: كان شعبة أكثر علما أو سفيان؟ فقال: ما علم شعبة عند علم سفيان إلا كتفلة في بحر.
أَخْبَرَنَا محمد بن الحسين القطّان، أخبرنا دعلج، أخبرنا محمّد بن عليّ الأبّار، حَدَّثَنَا أَبُو عُبْيَدَةَ بْنُ أَبِي السَّفَرِ قَالَ: سمعتُ عَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن سالم يقول:
سمعت يحيى بن يمان يقول: سمعت سفيان الثوري يقول: ما أحدث من كل عشرة بواحد، وقد كتبنا عنه عشرين ألفا. وأَخْبَرَنِي الأشجعي أنه كتب عنه ثلاثين ألفا.
أَخْبَرَنَا الحسن بن أبي بكر، أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الله القطّان، حدّثنا إسماعيل بن إسحاق قال: سمعت مسردا يقول: سمعت يحيى بن سعيد يقول: شعبة أحب إلي من سفيان- يعني في الصلاح- فإذا جاء الحديث فسفيان- يعني أثبت-.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن عَلَّان الشروطي، أَخْبَرَنَا أبو الفتح محمد بن الحسين الأزدي الحافظ، حدّثنا محمّد بن عبدة، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَنْبَرِيُّ قَالَ:
سمعت يحيى بن سعيد القطان- وسأله رجل- من أحسن الناس ممن رأيت حديثا؟
قال: شعبة، قال: فمن أحفظ من رأيت؟ قال: لم أر أحدا أحفظ من سفيان.
أَخْبَرَنَا إبراهيم بن مخلد بن جعفر، حدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْحَكِيمِيُّ، حدّثنا محمّد بن غالب، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ قَالَ: سمعت يحيى يقول: كان سفيان أثبت من شعبة، وأعلم بالرجال.
أخبرني الأزهري، أخبرنا محمّد بن المظفر، حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن جعفر القزويني، حَدَّثَنَا محمد بن مسلم قال: قال لي عليّ بن المديني: قال يحيى القطان: لو اتقى الله رجل لم يحدث إلا عن سفيان، وشعبة.
أخبرنا إبراهيم بن مخلد، حدّثنا الحكيمي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبِ بْنِ حَرْبٍ قَالَ:
سمعت عليّ بن المديني يقول: سمعت يحيى القطان يقول: شعبة معلمي وسفيان أحب إلي منه.
أَخْبَرَنَا أبو نعيم الحافظ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الصَّوَّافُ، حدّثنا محمّد ابن عثمان بن أبي شيبة، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَدِينِيُّ قَالَ: وسمعته- يعني يحيى بن سعيد- يقول: ليس أحد أحب إلي من شعبة ولا يعدله عندي أحد، وإذا خالف سفيان أخذت بحديث سفيان.
أَخْبَرَنَا أبو القاسم الحصر بن عبد الله بن كامل المري- بدمشق- أَخْبَرَنَا عقيل بن عبيد الله بن عبدان الصّفّار، حدّثنا أبو الميمون عبد الله بن راشد، حَدَّثَنَا أَبُو زرعة عَبْد الرَّحْمَن بْن عمرو قال: سمعت أبا نعيم يسأل عن سفيان وشعبة أيهما أثبت؟ فقال:
قال بعض أصحابنا في ذلك قولا، فرأيت أبا نعيم يذهب إلى أن قوله فيه وقول وكيع، أن سفيان أقل خطأ في الحديث.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّد الأشناني قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَن أَحْمَد ابن محمد بن عبدوس الطرائفي يقول: سمعت عثمان بْن سَعِيد الدارمي يَقُولُ:
سألتُ يَحْيَى بْن معين قلت: سفيان أحب إليك في الأعمش، أو شعبة؟ فقال: سفيان أحب إلي.
أَخْبَرَنَا الحسن بن عليّ الجوهريّ، أخبرنا محمّد بن العبّاس، حدّثنا محمّد بن القاسم الكوكبي، حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد قال: سمعت يحيى بن معين يقول: سفيان الثوري أعلم الناس بحديث الأعمش، وغيره، وذاك أن يحيى سئل أيما أكثر في الأعمش، أبو معاوية، أو الثوري؟
أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّه بْنُ أَحْمَدَ بْنِ علي السوذرجاني- بأصبهان- أخبرنا أبو بكر بن المقرئ، حدثنا محمد بن الحسن بن علي بن بحر، حدثنا أبو حفص عمرو بن علي قال: سمعت أبا معاوية يقول: ما رأيت رجلا قط كان أحفظ لحديث الأعمش من الثوري.
أخبرنا حمزة بن محمّد بن طاهر، أخبرنا أحمد بن إبراهيم، حدّثنا عبد الله بن محمّد البغويّ، حَدَّثَنِي أحمد بن زهير قَالَ: سمعت يحيى بن معين يقول: لم يكن أحد أعلم بحديث الأعمش، وأبي إسحاق، ومنصور، من الثوري. قال يحيى: وقال أبو معاوية: كنا إذا ذاكرناه أحاديث الأعمش فكأنا لم نسمعها.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَتُّوثِيُّ، حدّثنا عثمان بن أحمد الدّقّاق، حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَحْمَدَ الْوَاسِطِيُّ قَالَ: قَالَ أَبُو حفص عمرو بْن عَلِيّ: سمعت أبا معاوية الضّرير يقول: كان سفيان يأتيني هاهنا يذاكرني بحديث الأعمش، فما رأيت أحدا أعلم بها منه وكان شعبة إذا رآني اضطرب في حديث الأعمش.
أخبرنا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بْن جعفر، أخبرنا يعقوب بن سفيان، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: سمعت يحيى بْن سعيد يقول: كان سفيان أعلم بحديث الأعمش من الأعمش.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عُمَرَ بن بكير الْمُقْرِئ، أَخْبَرَنَا عثمان بْن أَحْمَد بْن سمعان الرزاز، حدّثنا هيثم بن خلف الدوري، حَدَّثَنَا محمود بْن غيلان قَالَ: سمعت أبا داود يقول:
سمعت زائدة يقول: كنا نأتي الأعمش فنكتب عنه، ثم نأتي سفيان فنعرض عليه، فيقول لبعضها: ليس هذا من حديث الأعمش، فنقول إنما حَدَّثَنَاه الآن فيقول: اذهبوا إليه فقولوا له، فنذهب إليه فنقول له، فيقول: صدق سفيان، فمحاه.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن عثمان التّميميّ- بدمشق- أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ يُوسُفُ بْنُ الْقَاسِمِ الميانجي، حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ الْمَوْصِلِيُّ.
وَأَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن علان الشروطي- واللفظ له- أَخْبَرَنَا أبو الفتح محمد بن الحسين الأزدي، حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: سمعت الحارث ابن سُرَيْجٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ صَاحِبَ حَدِيثٍ أَحْفَظَ مِنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، حَدَّثَ يَوْمًا عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ. قَالَ: الْبُصَاقُ لَيْسَ بِطَاهِرٍ. فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ هَذَا خَطَأٌ، فَقَالَ لِي: كَيْفَ؟ عَمَّنْ هَذَا؟ قُلْتُ: حَمَّادٌ عَنْ رِبْعِيٍّ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: مَنْ يُحَدِّثُ بِهِ عَنْ حَمَّادٍ؟ قُلْتُ: حَدَّثَنِيهِ شُعْبَةُ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ رِبْعِيٍّ، قَالَ: أَخْطَأَ شُعْبَةُ فِيهِ، ثُمَّ سَكَتَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: وَافَقَ شُعْبَةَ عَلَى هَذَا أَحَدٌ؟ قُلْتُ: نَعَمْ! قَالَ: مَنْ؟ قُلْتُ: سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وَهِشَامُ الدَّسْتُوَائِيُّ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، فَقَالَ: أَخْطَأَ حَمَّادٌ، هُوَ حَدَّثَنِي عَنْ عَمْرِو بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَوَقَعَ فِي نَفْسِي، قُلْتُ أَرْبَعَةٌ يَجْتَمِعُونَ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ يَقُولُونَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ رِبْعِيٍّ! فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ سَنَةٍ أُخْرَى سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ، أَخْرَجَ إِلَيَّ غُنْدَرٌ كِتَابَ شُعْبَةَ فَإِذَا فِيهِ، عَنْ حَمَّادٍ عَنْ رِبْعِيٍّ، وَقَدْ قَالَ حَمَّادٌ مَرَّةً: عَنْ عَمْرِو بْنِ عَطِيَّةَ، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَقُلْتُ رَحِمَكَ اللَّهُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ.
كُنْتَ إِذَا حَفِظْتَ الشَّيْءَ لا تُبَالِي مَنْ خَالَفَكَ.
أَخْبَرَنَا محمد بن الحسين القطّان، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ الْمُقْرِئُ، حدّثنا يحيى بن إبراهيم الإمام- بحمص- حَدَّثَنَا نوح بن حبيب قال: سمعت عبد الرَّزَّاق يقول: سمعت سفيان الثوري.
وأَخْبَرَنَا عبيد الله بن عمر الواعظ، حدّثني أبي، حدّثنا أحمد بن محمّد السوطي، حدّثنا محمّد بن عليّ السرخسي، حَدَّثَنَا بكر بن خداش قال: سمعت سفيان الثوري يقول: ما استودعت قلبي شيئا فخانني قط.
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو عُمَرَ الْقَاسِمُ [بْنُ] جَعْفَرِ، حدّثنا محمّد بن أحمد اللؤلؤي، حَدَّثَنَا أبو داود قَالَ: بلغني عَن يحيى بْن معين قَالَ: كل من خالف سفيان فالقول قول سفيان.
أخبرنا محمد بن عبد الواحد، أخبرنا محمد بن العبّاس، أخبرنا أحمد بن سعيد السوسي، حَدَّثَنَا عباس بن محمد قال: رأيت يحيى بن معين لا يقدم على سفيان الثوري في زمانه أحدا في الفقه، والحديث، والزهد، وكل شيء. وقال عباس: سمعت يحيى يقول: ليس أحد يخالف سفيان الثوري إلا كان القول قول سفيان، قلت وشعبة أيضا إن خالفه؟ قال: نعم. قلت لأبي زكريا: فإن خالفه شعبة في حديث البصريين القول قول من يكون؟ قال: ليس يكاد يخالف شعبة سفيان في حديث البصريين.
أَخْبَرَنَا ابن رزق، أَخْبَرَنَا جعفر الخُلْدي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الله الحضرمي، حدّثنا محمّد بن منصور الطوسي، حدّثنا يحيى بن أبي بكير أنه سمع شعبة يقول: ما حَدَّثَنِي سفيان عن إنسان بحديث فلقيته فسألته إلا كان كما حَدَّثَنِي به.
حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَد بْن أَحْمَدَ بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ القصري- لفظا- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سُفْيَانَ الْكُوفِيُّ- بها- حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، حَدَّثَنَا عبد الله بن محمد بن سوار، حدّثنا سفيان بن وكيع، حَدَّثَنَا أَبُو يحيى الحماني قال: سمعت أبا حنيفة يقول: لو كان سفيان الثوري في التابعين لكان فيهم له شأن.
وَحَدَّثَنِي أحمد بن أحمد القصري، حدّثنا محمّد بن أحمد بن سفيان، حدّثنا ابن سعيد، حدّثنا عبد الله بن أسامة الكلبي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رزمة قال: سمعت أبي يقول: جاء رجل إلى أبي حنيفة فقال: ألا ترى ما روى سفيان؟ فقال أبو حنيفة: أتأمرني أن أقول إن سفيان يكذب في الحديث؟، لو أن سفيان كان في عهد إبراهيم لاحتاج الناس إليه في الحديث.
أَخْبَرَنَا الجوهري، حدّثنا محمّد بن العبّاس، حَدَّثَنَا أبو الطيب مُحَمَّد بْن الحسين بْن حميد بْن الربيع الخزاز قال: سمعت أبا عبد الله بن ثواب الهباري يقول: سمعت عبد الحميد الحماني يقول: سمعت أبا حنيفة يقول: لو مات سفيان في زمن إبراهيم لدخل على الناس فقده.
أَخْبَرَنَا حمزة بن محمّد بن طاهر، أخبرنا أحمد بن إبراهيم، حدّثنا عبد الله بن محمّد البغويّ، حدّثني ابن زنجويه، حَدَّثَنَا عبد الرزاق قال: سألني ابن عيينة عن حديث، فقلت له: حَدَّثَنِي الثوري عن رجل، وقد سمعته أنا من ذلك الرجل، فقال لي: إن حديثك عن الثوري عن ذلك الرجل، أحب إلي من حديثك عن ذلك الرجل.
أخبرنا أحمد بن عليّ المحتسب، حدّثنا يوسف بن عمر القوّاس، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ- صَاحِبِ أَبِي صخرة- قال: سمعت أحمد بن سنان القطان يَقُولُ: سمعت عَبْد الرَّحْمَن بْن مهدي يَقُولُ: قدمت على سفيان بن عيينة فجعل يسألني عن المحدثين، فقال: ما بالعراق أحد يحفظ الحديث إلا سفيان الثوري. قال: فلما قدمت حدثت به شعبة فشق عليه.
أَخْبَرَنَا الْبَرْقَانِيّ قَالَ: قرئ عَلَى عُمَر بن بشران- وأنا أسمع- أخبركم علي بن الحسين بن حبان، حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن شَبَّوَيْهِ قال: سمعت عمرا- جليس مسدد- يَقُولُ: سمعت عَبْد الرَّحْمَن بْن مهدي يَقُولُ: ما رأيت رجلا أحسن عقلا من مالك بن أنس، ولا رأيت رجلا أنصح للأمة من عبد الله بن المبارك ولا أعلم بالحديث من سفيان، ولا أقشف من شعبة.
أَخْبَرَنَا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يعقوب بن سفيان، حَدَّثَنَا الفضل- يعني ابن زياد- قال: سئل أحمد بن حنبل: قيل له سفيان الثوري كان أحفظ أو ابن عيينة؟ فقال: كان الثوري أحفظ وأقل الناس غلطا، وأما ابن عيينة فكان حافظا: إلا أنه كان إذا صار في حديث الكوفيين كان له غلط كثير، وقد غلط في حديث الحجازيين في أشياء. قيل له فإن فلان يزعم أن سفيان بن عيينة كان أحفظهما؟ فضحك ثم قال: فلان حسن الرأي في ابن عيينة، فمن ثم! أَخْبَرَنَا علي بن محمد الحذاء، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن جعفر بْن سلم، حَدَّثَنَا ابن عبد الخالق، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر المروذي قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عبد الله- وذكر سفيان الثوري- فقال: ما يتقدمه في قلبي أحد، ثم قال: تدري من الإمام؟ الإمام سفيان الثوري.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْمُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا أبو مسلم عبد الرحمن بن محمد ابن عبد الله بن مهران، أخبرنا عبد المؤمن بن خلف النسفي قال: سألت أبا علي صالح بن محمد عن سفيان الثوري ومالك؟ فقال: سفيان ليس يتقدمه عندي في الدنيا أحد، وهو أحفظ وأكثر حديثا، ولكن كان مالك ينتقي الرجال، وسفيان يروي عن كل أحد. وقال عبد المؤمن: سمعت أبا علي يقول: سفيان أكثر حديثًا من شعبة وأحفظ، يبلغ حديثه ثلاثين ألفًا، وحديث شعبة قريب من عشرة آلاف.
أَخْبَرَنَا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم، حدّثنا العبّاس بن محمّد الدوري، حدّثنا أبو عبيد القاسم بن سلام، حدّثنا
محمّد بن كثير الطرسوسي، حَدَّثَنَا حماد بن سلمة قال: كان سفيان الثوري عندنا بالبصرة، وكان كثيرا يقول: ليتني قد مت، ليتني قد استرحت، ليتني في قبري. فقال له حماد بن سلمة: يا أبا عبد الله ما كثرة تمنيك للموت والله لقد آتاك الله القرآن والعلم. فقال سفيان- يعني لحماد بن سلمة- يا أبا سلمة وما يدريني لعلي أدخل في بدعة، لعلي أدخل فيما لا يحل لي، لعلي أدخل في فتنة، أكون قد مت فسبقت هذا.
أَخْبَرَنَا ابن الفضل، أخبرنا دَعْلَجِ بْنِ أَحْمَدَ، أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الأبّار، حَدَّثَنَا أحمد بن سعيد أبو عبد الرحمن الرباطي، حَدَّثَنَا أبو داود قال: مات سفيان بالبصرة، ودفن ليلا ولم نشهد الصلاة- يعني عليه- وغدونا على قبره ومعنا جرير بن حازم، وسلام بن مسكين، فتقدم جرير فصلى بنا على قبره، ثم بكى فقال:
إذا بكيت على ميت لتكرمة ... فابك الغداة على الثوري سفيان
أخبرنا عليّ بن أبي علي، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حدّثنا عبد الله بن محمّد البغويّ، حدّثنا أحمد بن منصور المروزيّ، حدّثنا مسدد قال: سمعت [موسى] بن داود يقول: سمعت علي بن صالح يقول: ولدنا سنة مائة، وكان سفيان أسن منا بخمس سنين.
أَخْبَرَنَا ابن رزق، أخبرنا عثمان بن أحمد، حدثنا حنبل بن إسحاق قال: قال أبو نعيم: خرج سفيان الثوري من الكوفة سنة خمس وخمسين ومائة ولم يرجع، ومات سنة إحدى وستين ومائة، وهو ابن ست وستين- فيما أظن- وقال حنبل: حَدَّثَنِي أبو عبد الله، حَدَّثَنَا موسى بن داود قال: سمعت سفيان الثوري يقول- سنة ثمان وخمسين-: لي إحدى وستون سنة.
أَخْبَرَنَا إبراهيم بن عمر البرمكي، أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَلَفِ الدّقّاق، حدّثنا عمر بن محمّد الجوهريّ، حدثنا أَبُو بكر الأثرم قَالَ: سَمِعْت أَبَا عَبْد الله ذكر عن موسى بن داود خروج سفيان بن سعيد من الكوفة وسنه، وهو في كتاب التاريخ فقال: هذا سمعه سماعا كان يثبته، قال: هذا على أنه ولد سنة سبع وتسعين، ليس كما قالوا سنة خمس وتسعين.
أَخْبَرَنَا حمزة بن محمد بن طاهر، أخبرنا أحمد بن إبراهيم، حدّثنا عبد الله بن
محمّد البغويّ، حَدَّثَنِي أحمد بن زهير قَالَ: سمعت يحيى بن معين يقول: ولد سفيان سنة سبع وتسعين.
أخبرنا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يعقوب قال: قال أبو نعيم:
مات سفيان الثوري سنة إحدى وستين ومائة.
أخبرنا ابن رزق، أخبرنا عثمان بن أحمد، حَدَّثَنَا حَنْبَل قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَبْد اللَّه، حَدَّثَنَا يحيى بن سعيد قال: مات سفيان الثوري سنة إحدى وستين، في أولها.
أَخْبَرَنَا الحسن بن الحسين بن العبّاس، أَخْبَرَنَا جدي لأمي إسحاق بن محمد بن إسحاق النعالي، أخبرنا عبد الله بن إسحاق المدائني، حدّثنا قعنب بن المحرر الباهلي قال: مات سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري سنة إحدى وستين ومائة بالبصرة، وصلى عليه أخ لابن عياش، جاء يريد عبادان هو وأصحابه.
أخبرنا أبو سعيد الحسن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن حسنويه الكاتب- بأصبهان- أخبرنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حيّان، حدّثنا عمر بن أحمد الأهوازيّ، حَدَّثَنَا خليفة بن خياط قال: وسفيان بن سعيد بن مسروق الثوري يكنى أبا عبد الله، مات سنة اثنتين وستين ومائة بالبصرة.
قلت: وسنة إحدى وستين أصح.
أَخْبَرَنَا حمزة بن محمّد، أخبرنا أحمد بن إبراهيم، حدّثنا عبد الله بن محمد البغوي، حدثني أبو سعيد الأشج، حَدَّثَنَا عبد الله بن وهب الحضرمي قال: قال أبو زياد الفقيمي- يعني يرثي سفيانا:
لقد مات سفيان حميدًا مبرزًا ... على كل قار هجنته المطامع
يلوذ بأبواب الملوك بنية ... مبهرجة والزي فيه التواضع
يشمر عن ساقيه والرأس فوقه ... قلنسوة فيها اللصيص المخادع
جعلتم فداء للذي صان دينه ... وفر به حتى حوته المضاجع
على غير ذنب كان إلا تنزها ... عن الناس حتى أدركته المصارع
بعيد من أبواب الملوك مجانب ... وإن طلبوه لم تنله الأصابع
فعيني على سفيان تبكي حزينة ... شجاها طريد نازح الدار شاسع
يقلب طرفا لا يرى عند رأسه ... قريبا حميما، أوجعته الفواجع
فجعنا به حبرًا فقيهًا مؤدبًا ... بفقه جميع الناس قصد الشرائع
على مثله تبكي العيون لفقده ... على واصل الأرحام والخلق واسع
أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله المعدّل، أخبرنا الحسين بن صفوان البرذعيّ، حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي الدّنيا، حدّثني محمّد بن الحسين البرجلاني، حدّثنا زكريّا بن عدي، حَدَّثَنَا أبو خالد الأحمر قال: رأيت سفيان بن سعيد بعد ما مات، فقلت: أبا عبد الله كيف حالك؟ قال: خير حال، استرحت من غموم الدنيا وأفضيت إلى رحمة الله عَزَّ وَجَلَّ.
وقال ابن أبي الدنيا: كتب إلى أبو سعيد الأشج حَدَّثَنَا إبراهيم بن أعين قال: رأيت الثوري في المنام- ولحيته حمراء- فقلت: ما صنعت فديتك؟ قال: أنا مع السفرة، قلت: وما السفرة؟ قال: الكرام البررة.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ الدَّلالُ، حدّثنا أحمد بن سلمان النّجّاد، حدّثنا جعفر بن محمّد البالسي- ببالس- حدّثنا النفيلي، حَدَّثَنَا معاوية بن حفص عن سعير بن الخمس قال: رأيت سفيان الثوري في المنام وهو يطير من نخلة إلى نخلة وهو يقرأ هذه الآية: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ، وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ
[الزمر 74] .
أخبرنا عليّ بن محمّد الحذّاء، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن جعفر بْن سلم، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عبد الخالق، حَدَّثَنَا أبو بكر المروذي قال: حَدَّثَنِي محمد بن أبي محمد قال: رأى رجل في المنام أنه دخل الجنة، قال: فرأيت الحسن، وابن سيرين، وإبراهيم، وعدة، قال: فقلت مالي لا أرى سفيان الثوري معكم، فقد كان يذكر؟ فقالوا:
هيهات، ذاك فوقنا، ما نراه إلا كما نرى الكوكب الدري.

وكيع بن الجراح بن مليح الرؤاسي أبو سفيان الكوفي

وكيع بن الجراح بن مليح الرؤاسي، أبو سفيان الكوفي
قال البخاري: قال أحمد بن حنبل: ولد وكيع سنة تسع وعشرين ومائة.
"التاريخ الكبير" 8/ 179

قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه ذكر حديث موسى بن عليّ، عن أبيه، عن مَسْلمة بن مُخَلّد، ذكره عن وكيع وعبد الرحمن اختلفا فيه، فقال أحدهما: توفّي النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وأنا ابن عشر، وقال الآخر: وأنا ابن أربع عشرة؛ فقال: سبحان اللَّه! متعجّبًا من ذلك.
"سؤالات الأثرم" (54)

قال صالح: قال أبي: كان وكيع يحدثنا: نا سفيان يدغم، فقيل له بالأنبار: إنهم يكتبون: نا سفيان. قال: أليس هو ذا؟ أحدثهم أقول: حدثنا سفيان.
"مسائل صالح" (901)

قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل، سئل عن حديث ميمون بن أبي شبيب، عن معاذ أو عن أبي ذر أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال له: "اتَّقِ اللَّهَ؟ " (1)؛ قال: كان وكيع يرويه عن معاذ، ثم جعله عن أبي ذر، ثم ذكر أحمد أحاديث
لوكيع رجع عنها، فقال: فيها شيء كان يقوله الربيع، ثم جعله عن ابن الحنفية.
"سؤالات أبي داود" (5)

قال أبو داود: وبلغني عن أحمد قال: ما رأيت أحفظ من وكيع.
وقال أحمد: كان وكيع مطبوع الحفظ.
"سؤالات الآجري" (10)

قال أبو داود: سمعت أحمد سئل: سمع وكيع من الأوزاعي؟
قال: نعم، ومن ثور -يعني: ابن يزيد- قال: كان ثور حج سنة خمسين.
"سؤالات أبي داود" (24)

وقال أبو داود: سمعت أحمد قال: كان وكيع يقول في حديث ابن بريدة: حجرة، ثم قال: حجير.
"سؤالات أبي داود" (63)

وقال أبو داود: سمعت أحمد قال: كان وكيع يخطئ يقول: أبو مكين ابن أبان، أخي الحكم بن أبان -يعني: نوح بن ربيعة.
"سؤالات أبي داود" (97)

وقال أبو داود: قلت لأحمد: إذا اختلف. الفريابي ووكيع، أليس يقضى لوكيع؟
قال: مثل ماذا؟
قلت: ما لم يروه غيره.
قال: ما أدري، وكيع ربما خولف أيضًا.
"سؤالات أبي داود" (139)
وقال أبو داود: سمعت أحمد قال: كان وكيع كف عن حديث إبراهيم ابن سعد، ثم حدث عنه بعد، قلت: لم؟
قال: لا أدري، إبراهيم ثقة.
"سؤالات أبي داود" (202)

وقال أبو داود: سمعت أحمد يقول: كان وكيع يقول: ثنا حنظلة -يعني: ابن أبي سفيان- سمع منه ابن المبارك، وكان ثقة.
قال أحمد: وكذلك كان.
"سؤالات أبي داود" (231)

وقال أبو داود: سمعت أحمد قال: قال وكيع: رأيت يونس الأيلي، وكان سيئ الحفظ، سمع منه وكيع ثلاثة أحاديث.
"سؤالات أبي داود" (308)

وقال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن سلمة بن نبيط، فقال: ثقة، كان وكيع يقول: حدثنا سلمة بن نبيط أبو فراس، وكان ثقة.
"سؤالات أبي داود" (388)

وقال أبو داود: قلت لأحمد: علي بن المبارك؟
قال: ليس به بأس، ما رأيت أحدًا أروى عنه من وكيع.
"سؤالات أبي داود" (498)

قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل قال: قال وكيع: وكنا نعدها عن سفيان، ثم نكتب في البيت، وكان يحيى بن يمان يعقد خيطًا -يعني: يعد به الحديث- عند سفيان، ثم يذهب إلى البيت فيحل عقده، ويكتب حديثًا، ولكن عنده تخليط.
وقال مرة: فأيش خلط -يعني ابن اليمان.
"سؤالات أبي داود" (577)
وقال أبو داود: سمعتُ أحمدَ سئلَ عن حديثِ سفيانَ، عن سلمةَ بنِ كهيلِ حديثِ ابن أذينةَ، عن أبيهِ: أتيتُ عمرَ فقلتُ: ما أتيتكَ حتَّى ركبتُ الإبلَ والخيلَ؛ فِمن أينَ أعتمرُ؟
فقالَ لهُ الرجلُ: عن وكيع ليسَ فيهِ: عن أبيهِ؟
قال أحمد: بلَى، حدثنا وكيعٌ أملاهُ علينا في حديثِ سلمةَ بن كهيل -يعني: عن سفيانَ-، ومحمدِ بنِ جعفر -يعني: وحدثنا به محمدُ بنُ جعفر-، عن شعبةَ، فيه: عنِ ابن أُذَيْنَةَ، عن أبيهِ.
وأخرجَ أحمدُ كتابَ وكيع وإذا فيهِ على ما ذكرَ: عنِ ابن أذينةَ، عن أبيهِ.
"مسائل أبي داود" (1989)

قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: ما رأيت أحدًا كان أجمع من وكيع، وحسين الجعفي كان شيئًا عجبًا. وما رأيت أبا عبد اللَّه يقدم عليهما من الكوفيين أحدًا.
"مسائل ابن هانئ" (2056).

وقال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: ولد وكيع سنة تسع وعشرين ومائة.
"مسائل ابن هانئ" (2081).

وقال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: ومات وكيع سنة ست وتسعين ومائة، مات في ذي الحجة، لا أدري، مات في أولها، أو في آخرها، أو في المحرم.
"مسائل ابن هانئ" (2087).
وقال ابن هانئ: وسمعته يقول: قال ابن جريج لوكيع: لقد باكرت بالعلم يا غلام.
وقال أبو عبد اللَّه: كان غلامًا كيسًا، يطلب العلم من صغره.
"مسائل ابن هانئ" (2110).

وقال ابن هانئ: وقال أبو عبد اللَّه: ما كتبت عن أحد، أكثر مما كتبت عن وكيع.
"مسائل ابن هانئ" (2111).

وقال ابن هانئ: سمعته يقول: كان وكيع يحفظ عن المشايخ، وعن الثوري، ولم يكن يصحف، وكل من كتب يتكل على الكتاب فيصحف.
"مسائل ابن هانئ" (2227).

وقال ابن هانئ: سمعته يقول: ما في أصحاب شعبة أقل خطأ من محمد بن جعفر.
قيل له: ولا وكيع؟ قال: وكيع كان أورع القوم.
وقال: وما رأيت أحدًا ممن أدركنا كان أحفظ للحديث من وكيع.
"مسائل ابن هانئ" (2276)، (2277)، (2278).

وقال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: قلت أو قيل لعبد الرحمن ابن مهدي: إن وكيعًا قد خالفك في مائة حديث. فعجب.
"مسائل ابن هانئ" (2321)

وقال ابن هانئ: قلت: أيما أثبت عُرًا في سفيان الثوري، أو (1) أبو نعيم، أو وكيع؟
قال: لا يقاس بوكيع.
"مسائل ابن هانئ" (2322)
قال المروذي: وقال: وكان وكيع يجتهد أن يجيء بالحديث كما سمع، فكان ربما قال في الحرف، أو الشيء -يعني: كذا.
"العلل" رواية المروذي وغيره (29)

قال المروذي: وقال: قَدِم ههنا رجل حدثهم عن سفيان بحديث فألقوه على عبد الرحمن، فقال: هذا كذب، ليس من هذا شيء، فأنكروه عليه، فاستغاث بوكيع، فكتبوا إليه فإذا الحديث باطل.
"العلل" رواية المروذي (42)

قال المروذي: قلت: من أصحاب الثوري؟
قال: يحيى، ووكيع، وعبد الرحمن، وأبو نعيم.
قلت: قدمت وكيعًا على عبد الرحمن؟
قال: وكيع شيخ.
"العلل" رواية المروذي وغيره (52).

قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا سفيان، عن يعلى بن عطاء قال: سأل سعيد بن المسيب أعرابي عن الطلاء المنصف فكرهه، وقال: عليك باللبن.
سمعت أبي يقول: قال وكيع مرة: سمعت سعيد بن المسيب، فقلت لوكيع: سمع سعيد بن المسيب؟ فقال: أعرابي سأل سعيد بن المسيب، ولم يقل: سمعت.
"العلل" رواية عبد اللَّه (40)، (41)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا الأوزاعي، عن موسى بن سليمان، عن القاسم بن مخيمرة قال: مثل الذي يتخطا رقاب الناس.
قال أبي: كان في نسختنا سليمان بن موسى، فقال وكيع: موسى بن سليمان.
"العلل" رواية عبد اللَّه (42)

وقال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: حدثنا وكيع قال: حدثنا عيسى بن حفص بن عاصم عم عبيد اللَّه بن عمر.
قال أبي: لم يسمع وكيع من عبيد اللَّه بن عمر شيئًا، وكان إذا حدث عن عيسى بن حفص عم عبيد اللَّه بن عمر قال: حدثنا عيسى بن حفص عم عبيد اللَّه بن عمر.
"العلل" رواية عبد اللَّه (44)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع قال: حدثني داود بن سوار، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مُروا صبيانكم بالصلاة إذا بلغوا سبعًا" (1).
قال أبي: خالفوا وكيعًا في اسم هذا الشيخ -يعني: داود بن سوار.
قال أبي: وقال الطفاوي محمد بن عبد الرحمن، والبرساني: سوار أبو حمزة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (47)
وقال عبد اللَّه: قال أبي: ما رأيت أحدًا أوعى للعلم منه، ولا أحفظ -يعني: وكيع بن الجراح.
قال أبي: ما رأيت وكيعًا قط شك في حديث إلا يومًا واحدًا فقال: أين ابن أبي شيبة؟ كأنه أراد أن يسأله أو يستثبته.
قال أبي: وما رأيت مع وكيع قط كتابًا ولا رقعة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (58)، (567)

وقال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: حدثنا وكيع بن الجراح بن مليح بن عدي بن فرس الرواسي أبو سفيان.
"العلل" رواية عبد اللَّه (439)

وقال عبد اللَّه: وقال أبي في حديث وكيع: عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم في المسلم يقتل الذمي خطأ قال: كفارتهما سواء.
قال أبي: ليس يرويه أحد غير وكيع، ما أراه إلا خطأ.
"العلل" رواية عبد اللَّه (573)

وقال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: سماع وكيع من المسعودي بالكوفة قديمًا، وأبو نعيم أيضًا، وإنما اختلط المسعودي ببغداد، ومن سمع منه بالبصرة والكوفة فسماعه جيد.
"العلل" رواية عبد اللَّه (575)

وقال عبد اللَّه: قال أبي: أملى علينا وكيع حديث سفيان، عن عون بن أبي جحيفة وحبيب بن أبي ثابت، وعلي بن الأقمر، فلما فرغ منها قال هذا مجلس لا أعود إليه.
"العلل" رواية عبد اللَّه (613)
وقال عبد اللَّه: قلت لأبي: حديث عاصم بن كليب حديث عبد اللَّه؟
قال: حدثناه وكيع في الجماعة قال: حدثنا سفيان، عن عاصم ابن كليب، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن علقمة قال: قال ابن مسعود: ألا أصَلي بكم صلاة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: فصلى فلم يرفع يديه إلا مرة (1).
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع مرة أخرى بإسناده سواء فقال: قال عبد اللَّه: أصلي بكم صلاة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فرفع يديه في أول.
"العلل" رواية عبد اللَّه (709)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو عبد الرحمن الضرير قال: كان وكيع ربما قال: -يعني: ثم لا يعود.
قال أبي: كان وكيع يقول: هذا من قبل نفسه -يعني: ثم لا يعود.
قال أبي: وقال الأشجعي: فرفع يديه في أول شيء.
"العلل" رواية عبد اللَّه (710)، (711)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: أملاه عليَّ عبد اللَّه بن إدريس من كتابه، عن عاصم بن كليب، عن عبد الرحمن بن الأسود قال: حدثنا علقمة، عن عبد اللَّه قال: علمنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الصلاة فكبر ورفع يديه ثم ركع وطبق يديه وجعلهما بين ركبتيه. فبلغ
سعدًا فقال: صدق أخي قد كنا نفعل ذلك، ثم أمرنا بهذا وأخذ بركبتيه (1). حدثني عاصم بن كليب هكذا.
قال أبي: هذا لفظ غير لفظ وكيع، وكيع يثبج الحديث؛ لأنه كان يحمل نفسه في حفظ الحديث.
"العلل" رواية عبد اللَّه (714)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع عن أبيه، عن يزيد، عن ابن أبي ليلى، عن البراء، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نحوه (2) -يعني: حديث شعبة عن يزيد- ولم يقل: ثم لا يعود.
"العلل" رواية عبد اللَّه (715)

وقال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: ابن مهدي أكثر تصحيفًا من وكيع، ووكيع أكثر خطأ من ابن مهدي، وكيع قليل التصحيف.
"العلل" رواية عبد اللَّه (790)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا إياس بن دغفل عن عروة بن قبيصة، عن عدي بن أرطاة، قال وكيع مرة: عمرو
ابن عتبة، فرده عليه يحيى بن معين، وقال بعد: عمرو السلمي، قال: الجمعة خطوتان، خطوة درجة وخطوة كفارة.
حدثني أبي قال: حدثنا أبو نعيم، عن إياس بن دغفل، عن عروة بن قبيصة، عن عدي بن أرطاة، عن عمرو بن عبسة قال: الجمعة خطوتان، خطوة كفارة وخطوة درجة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (793)، (794)

وقال عبد اللَّه: قال أبي: بلغني أن شريكًا لقي أبا وكيع فسلم عليه فقال له شريك: يا أبا وكيع كيف وكيع؟
"العلل" رواية عبد اللَّه (816)

وقال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: مات وكيع سنة سبع وتسعين ومائة في أولها أو في آخر ذي الحجة سنة ست، أبي شك.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1136)، (4222)

وقال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: خرجنا مع وكيع إلى الأنبار، فقال له رجل: يا أبا سفيان إنهم يكتبون: حدثنا سفيان، حدثنا سفيان؟ فقال: أليس أقول لهم: حدثنا سفيان.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1207)

وقال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: قال وكيع: وجدناه عند أبي عوانة، عن سليمان بن أبي العتيك، عن أبي معشر، عن إبراهيم كره الكراريس.
قال أبي: كان وكيع إذا حدث عن مثل أبي عوانة وحماد بن زيد وحماد ابن سلمة يقول: وجدناه عند أبي عوانة، وجدناه عند حماد بن زيد يستصغرهم.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1253)
وقال عبد اللَّه: قال أبي: قال لنا وكيع في حديث سفيان عن نسير، عن أبي يعلى، عن ابن الحنفية: ليس للميت من الكفن شيء إنما هو تكرمة للحي، قال لنا: عن الربيع بن خثيم، فرجع وقال: عن ابن الحنفية. وقال وكيع في حديث سفيان: عن منصور، عن مجاهد، أن عمر كان إذا سمع الحادي قال: لا تعرض بذكر النساء، قال يحيى بن سعيد وبشر بن السري: أن ابن عمر وابن يمان أيضًا، خالفوه -يعني: وكيعًا- قالوا: ابن عمر.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1366)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن أيوب، عن كثير مولى سمرة -كذا قال وكيع.
قال أبي: وإنما هو عبد الرحمن بن سمرة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1382)

وقال عبد اللَّه: قال أبي: وقال لنا وكيع في حديث سلام بن مسكين: عن عقيل بن طلحة، عن أبي جزي، كذا قال وكيع: جُزَي.
قال أبي: إنما هو جُرَي.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1389)

وقال عبد اللَّه: قال أبي: قال ابن مهدي: عن سفيان، عن مالك بن مغول، عن أبي حصين، عن الشعبي في هذا الحديث -يعني: حديث وكيع عن سفيان، عن أبي حصين، عن الشعبي في الخصي- يضحي به ما زاد فيه شحمه ولحمه أكثر مما نقص منه.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1416)
وقال عبد اللَّه: ذكرت لأبي حديث مسعر عن عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: كان رجل جالس عند كعب بن عجرة فذكر عبد اللَّه بن أُبيّ فسكت كعب، فأتى الرجل عمر، فقال أبي: ليس -يعني: هذا الحديث- عند شعبة.
سمعته يقول: قال وكيع: كنا نحفظها عند سفيان ثم نَعُدُّها.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1422)، (1423)

وقال عبد اللَّه: قال أبي في حديث وكيع: عن سفيان، عن العلاء بن المسيب، عن رجل، عن أبي سعيد الخدري: يقول اللَّه تبارك وتعالى: "إن رجلًا أوسعت عليه في الرزق" (1) وقال عبد الرزاق: عن سفيان، عن العلاء، عن أبيه (2).
"العلل" رواية عبد اللَّه (1427)

وقال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: الحديث الذي رواه وكيع، عن ابن أبي ذئب، عن صالح مولى التوأمة، عن ابن عباس، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الجمع بين الظهر والعصر (3).
قال أبي: إنما هو حديث داود بن قيس، ليس هو من حديث ابن أبي ذئب.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1453)
وقال عبد اللَّه: قال أبي: أخبرت أن ابن جريج قال لوكيع: وجعل وكيع يسأله، فقال له: يا غلام، لقد باكرت العلم.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1463)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع، عن موسى بن قيس الحضرمي، عن حجر بن عنبس في قوله جل وعز: {مُكَاءً وَتَصْدِيَةً} [الأنفال: 35] قال: المكاء: التصفيق، التصدية: الصفير.
حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا موسى بن قيس، عن حجر بن عنبس قال: المكاء: الصفير، والتصدية: وضع يده على فيه.
حدثني أبي قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا موسى بن قيس، عن حجر بن عنبس، وقد شهد مع علي الجمل، قال: المكاء: الصفير.
قال أبي: أخطأ فيه وكيع، وأصاب يحيى بن آدم وأبو نعيم.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1599)، (1600)، (1601)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع عن سلمة، عن الضحاك قال: المكاء: التصفيق، والتصدية: الصفير.
حدثنا أبي قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا سلمة بن نبيط، عن أبيه وقد رأى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: المكاء: الصفير.
قال أبي: أخطأ وكيع، وأصاب أبو نعيم.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1602)، (1603)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا سفيان، عن أبي النضر، عن أبي أنس أن عثمان توضأ ثلاثًا ثلاثًا.
قال أبي: إنما هو عن بُسر بن سعيد.
"العلل" رواية عبد اللَّه (2260)
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن خالد الحذاء، عن ابن سيرين: لا بأس بشرب الترياق. سمعت أبي يقول: هذا خطأ. كان محمد يكرهه، المعروف عن خالد، عن محمد أنه كرهه، أخطأ فيه وكيع.
"العلل" رواية عبد اللَّه (2792)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع، عن عمر بن الأسود، عن امرأة من أهله.
قال أبي: وكيع لم يسمع من عثمان بن الأسود شيئًا، هذا عمر بن الأسود شيخ لوكيع.
"العلل" رواية عبد اللَّه (2802)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع، عن مالك بن أنس، عن عبيد اللَّه بن أبي بكر الثقفي، عن أنس: غدونا مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في هذا اليوم، فكان يهل المهل ويكبر المكبر، فلا يعيب أحدهما على صاحبه (1).
حدثني أبي قال: حدثنا ابن مهدي، عن مالك، عن محمد بن أبي بكر الثقفي. قال أبي: وهذا أخطأ فيه وكيع، إنما هو محمد بن أبي بكر الثقفي.
"العلل" رواية عبد اللَّه (2803)

وقال عبد اللَّه: سئل أبي عن حديث الفريابي، عن سفيان، عن أبي هاشم، عن أبي مجلز، عن قيس بن عُباد: أنه كان يجلس بعد الوتر فيقرأ.
فقال: هو عن سليمان كذا. قال وكيع: عن سفيان، عن سليمان التيمي، عن أبي مجلز.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4158)

وقال عبد اللَّه: سئل أبي عن حديث الفريابي، عن الثوري، عن حكيم ابن جبير، عن ابن جبير، عن عائشة.
فقال: قال وكيع: عن سفيان، عن حكيم بن جبير، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة. وقال مرة: الأزرق، مرة: عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، وقال مرة: عن سعيد بن جبير، عن عائشة -يعني: ما رأيت أحدًا قط كان أشد تعجيلًا لصلاة الظهر من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (1).
"العلل" رواية عبد اللَّه (4159)

وقال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: كان وكيع مطبوع الحفظ كان حافظًا حافظًا.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4885)

وقال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: وكيع يهم في أحاديث عن مالك بن أنس، منها حديث محمد بن أبي بكر الثقفي: غدونا مع أنس. ولم يقل وكيع: محمد بن أبي بكر الثقفي، قال شيئًا غير محمد، خالفه ابن مهدي.
"العلل" رواية عبد اللَّه (5172)

وقال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: في حديث عائشة: المستحاضة يغشاها زوجها (2). رواه وكيع عن سفيان، عن غيلان، عن عبد الملك ابن ميسرة، عن الشعبي، عن قمير، عن عائشة -يعني: هذا الحديث.
ورأيته في كتاب الأشجعي عن سفيان، عن غيلين، هكذا هي مكتوبة. ورواه غندر عن شعبة، عن عبد الملك بن ميسرة، عن الشعبي هذا الحديث، وقال الشعبي من رأيه: المستحاضة لا يغشاها زوجها، وقال حجاج: عن شعبة كما قال وكيع عن سفيان، رفعه إلى عائشة، خالف حجاج غندرًا.
قال أبي: بلغني عن ابن مهدي قال: وجدته في كتاب حسين بن عربي كما قال حجاج عن شعبة، وكما قال وكيع عن سفيان.
"العلل" رواية عبد اللَّه (5351)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: أخبرنا وكيع قال: أخبرنا سليمان بن المغيرة، عن محمد بن سيرين قال: سألت ابن عمر عن القراءة خلف الإمام؛ فقال: تكفيك قراءة الإمام.
قال أبي: قال وكيع: محمد بن سيرين، ولم يكن في نسختنا محمد بن سيرين.
قال أبي: وإنما هذا معروف عن أنس بن سيرين. كأنه يرى أن وكيعًا وهم فيه.
"العلل" رواية عبد اللَّه (5690)

وقال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: سبحان اللَّه! ما كان أحفظ، وكيع أحفظ من عبد الرحمن كثيرًا كثيرًا.
"العلل" رواية عبد اللَّه (5736)

قال أبو داود: بلغني عن أحمد قال: ما رأيت أحفظ من وكيع.
وقال أحمد: كان وكيع مطبوع الحفظ.
"سؤالات الآجري" (10)
قال الفضل بن زياد: سألت أبا عبد اللَّه: إذا اختلف وكيع وعبد الرحمن، بقول من تأخذ؟
فقال: عبد الرحمن. يوافق أكثر، وخاصة في سفيان، كان معنيا بحديث سفيان.
"المعرفة والتاريخ" 2/ 170

قال أحمد بن أبي الحواري: أشهد على أحمد بن حنبل أنه قال: الثبت عندنا بالعراق: وكيع بن الجراح، ويحيى بن سعيد، وعبد الرحمن ابن مهدي.
"الجرح والتعديل" 1/ 230، "تاريخ بغداد" 13/ 507، "تهذيب الكمال" 30/ 474

وقال صالح: قلت لأبي: أيما أثبت عندك وكيع، أو يزيد؟
قال: ما منهما بحمد اللَّه تعالى إلا ثبت.
قلت: فأيهما أصلح عندك بالأبدان؟
قال: ما منهما إلا صالح، إلا أن وكيعًا لم يتلطخ بالسلطان، وما رأيت أحدًا أوعى للعلم منه ولا أشبه بأهل النسك من وكيع.
"الجرح والتعديل" 9/ 38، "تهذيب الكمال" 30/ 471 - 472، "سير أعلام النبلاء" 9/ 147

قال سهل بن صالح: سألت أحمد بن حنبل، فقلت: وكيع أو عبد الرحمن؟ فقال: وكيع أسرد.
"الكامل" لابن عدي 1/ 196

وقال أحمد بن سهل بن بحر: دخلت على أحمد بن حنبل بعد المحنة؛ فقال: كان وكيع إمام المسلمين في وقته.
وقال أحمد بن الحسن الترمذي: سئل أحمد عن وكيع وعبد الرحمن.
فقال: وكيع أكبر في القلب، وعبد الرحمن إمام.
"الكامل" لابن عدي 1/ 197، "تهذيب الكمال" 30/ 473، "سير أعلام النبلاء" 9/ 147، 155، "بحر الدم" (1120)
قال حنبل: قال أبو عبد اللَّه: قال وكيع في حديث أبي الهجيمي: أبو جزي، وأخطأ وكيع فيه.
"معجم الصحابة" 1/ 473، "المؤتلف والمختلف" للدارقطني 1/ 489

قال حنبل: حدثنا أبو عبد اللَّه حدثنا وكيع، عن يحيى بن جعفر، عن أبي مصعب هلال بن يزيد قال: رأيت أبا هريرة يقطع البسر من التمر. . فذكر الحديث.
قال أبو عبد اللَّه: وقال أبو سعيد -يعني مولى بني هاشم- وعبد الصمد: يحيى بن يعفر. ووكيع أخطأ فيه.
"المؤتلف والمختلف" 4/ 2351

قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: ولد وكيع سنة تسع وعشرين -يعني: ومائة.
"تاريخ بغداد" 13/ 497

قال حنبل بن إسحاق: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: قدم وكيع بغداد وكان أبوه على بيت المال.
"تاريخ بغداد" 13/ 497

قال علي بن عثمان النفيلي: قلت لأحمد بن حنبل: إن أبا قتادة يتكلم في وكيع بن الجراح، وعيسى بن يونس، وابن المبارك.
فقال: من كذَّب أهل الصدق فهو الكذاب.
"تاريخ بغداد" 13/ 500، "تهذيب الكمال" 30/ 472

وقال بشر بن موسى: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ما رأيت رجلًا قط مثل وكيع في العلم والحفظ، والإسناد والأبواب، مع خشوع وورع.
وقال إبراهيم الحربي: سمعت أحمد يقول: ما رأت عيناي مثل وكيع قط يحفظ الحديث جيدًا، ويذاكر بالفقه فيحسن مع ورع واجتهاد ولا يتكلم في أحد.
"تاريخ بغداد" 13/ 504، "تهذيب الكمال" 30/ 473، "سير أعلام النبلاء" 9/ 147، 155، "بحر الدم" (1120)

قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه قال: ومات وكيع وهو ابن ست وستين.
"تاريخ بغداد" 13/ 512

قال تميم بن محمد الطوسي: سمعت أحمد بن حنبل يقول: عليكم بمصنفات وكيع بن الجراح.
"تاريخ بغداد" 13/ 506 - 507، "تهذيب الكمال"30/ 474, "سير أعلام النبلاء" 9/ 154

وقال محمد بن علي الوراق: سألت أحمد بن حنبل، فقلت: أيما أحب إليك وكيع بن الجراح، أو عبد الرحمن بن مهدي؟
قال: أما وكيع فصديقه حفص بن غياث لما ولي القضاء ما كلمه وكيع حتى مات، وأما عبد الرحمن فصديقه معاذ بن معاذ لما ولي القضاء، ما زال عبد الرحمن صديقه حتى مات، وقد عُرض على وكيع القضاء، فامتنع منه.
"تاريخ بغداد" 13/ 507، "تهذيب الكمال" 30/ 472

قال أحمد بن سنان الواسطي: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: كان أحمد بن حنبل عندي؛ فقال: نظرنا فيما كان يخالفكم فيه وكيع -أو فيما يخالف وكيع الناس- فإذا هي نيف وستون حرفًا.
"المناقب" لابن الجوزي ص 115 - 116
وقال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: أخطأ وكيع في خمس مائة حديث.
"تهذيب الكمال"30/ 471، "سير أعلام النبلاء" 10/ 147

وقال عباس الدوري: قال لي أحمد: حدثني من لم تر عيناك مثله، وكيع الجراح.
"تهذيب الكمال" 30/ 472، "بحر الدم" (1120)

وقال محمد بن عامر المصيصي: سألت أحمد بن حنبل: وكيع أحب إليك أو يحيى بن سعيد؟
فقال: وكيع أحب إليَّ.
فقلت له: كيف فضلت وكيعًا على يحيى بن سعيد، ويحيى بن سعيد ومكانه من العلم والحفظ والإتقان ما علمتَ؟
فقال: وكيع كان صديقًا لحفص بن غياث، فلما ولي القضاء هجره وكيع ولم يكلمه بعد ذلك، وإن يحيى بن سعيد كان صديقًا لمعاذ بن معاذ، فلما ولي معاذ القضاء لم يهجره يحيى بن سعيد.
"تهذيب الكمال" 30/ 472، "سير أعلام النبلاء" 9/ 144

قال عبد الصمد بن سليمان البلخي: قال أحمد: ما رأيت أحدًا أحفظ من وكيع.
"تهذيب الكمال" 30/ 473

وقال حنبل بن إسحاق: قيل لأحمد: فوكيع، وأبو نعيم؟
قال: أبو نعيم أعلم بالشيوخ وأساميهم وبالرجال، ووكيع أفقه.
"تهذيب الكمال" 30/ 474، "سير أعلام النبلاء" 10/ 147

وقال أبو حاتم الرازي: أشهد على أحمد بن حنبل أنه قال: الثبت عندنا بالعراق وكيع بن الجراح، ويحيى بن سعيد، وعبد الرحمن بن مهدي.
"تهذيب الكمال" 30/ 474، "سير أعلام النبلاء" 9/ 152
وقال أبو زرعة الدمشقي: سمعت أحمد بن حنبل يقول: الثبت بالعراق: يحيى، وعبد الرحمن، ووكيع. قال: فذكرت ذلك ليحيى بن معين؛ فقال: الثبت بالعراق وكيع.
"تهذيب الكمال" 30/ 474

قال الأثرم: قال أحمد بن حنبل: حج وكيع سنة ست وتسعين ومائة، ومات في الطريق.
"تهذيب الكمال" 30/ 484

قال أبو بكر الأعين: سألت أحمد بن حنبل عن أصحاب سفيان.
فقال: يحيى القطان، ووكيع، وعبد الرحمن، ثم الأشجعي.
"سير أعلام النبلاء" 8/ 515

قال عبد الصمد بن سليمان: سمعت أبا عبد اللَّه -يعني: أحمد بن حنبل- يقول: انتهى العلم إلى أربعة: إلى ابن المبارك، ووكيع، ويحيى القطان، وعبد الرحمن، فأما ابن المبارك فأجمعهم، وأما وكيع فأسردهم، وأما يحيى فأتقنهم، وأما عبد الرحمن فجهبذ.
ثم قال: ما رأيت أحفظ ولا أوعى للعلم من وكيع، ولا أشبه بأهل النسك.
"سير أعلام النبلاء" 9/ 188

قال الأثرم: قال أبو عبد اللَّه: كان وكيع يقول في الحديث -يعني: وربما طرح أي: حديث عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة قال: قال عبد اللَّه بن مسعود: ألا أصلي بكم صلاة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: فصلى، فلم يرفع يديه إلا مرة واحدة.
ثم قال أحمد، عن عاصم بن كليب: سمعته منه -يعني من وكيع- غير مرة فيه: ثم لم يعد.
قال لي أبو عبد الرحمن الوكيعي: كان وكيع يقول فيه -يعني: ثم لم يعد. وتبسم أحمد.
"تهذيب ابن القيم" 1/ 368
وكيع بن الجراح أبو سفيان: "كوفي"، ثقة عابد صالح أديب، من حفاظ الحديث، وهو أثبت في سفيان من جماعة ذكرهم.
قال العجلي: كان عكرمة بن عمار يحدث في مسجد الحرام بمكة، ووكيع بن الجراح يكتب الألواح فجاء عبد الله بن المبارك فجعل ينظر مع وكيع, فقال وكيع يرى إنسانا ينظر مع آخر في الألواح ويبصر جيدًا.

محمد بن إدريس بن العباس

محمد بن إدريس بن العباس
ابن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر أبو عبد الله المطلبي الشافعي المكي إمام عصره، وفريد دهره. اجتاز دمشق، أو بساحلها حين ذهب إلى مصر.
روى عن مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم - وفي رواية: من صلاة الفذ - وحده بخمسة وعشرين جزءاً ".
وروى عن محمد بن عثمان بن صفوان الجمحي بسنده إلى عائشة، أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا تخالط الصدقة مالاً إلا أهلكته ".
عن الشافعي قال:
كنت مع محمد بن الحسن بالرقة، فمرضت مرضه، فعادني العواد، فلما نقهت من مرضي مددت يدي إلى كتب عند رأسي، فوقع في يدي " كتاب الصلاة " لمالك، فنظرت في باب الكسوف، ثم خرجت إلى المسجد فإذا محمد بن الحسن جالس، فقلت له: جئت أناظرك في الكسوف، فقال: قد عرفت قولنا فيه، فقلت: جئت أناظرك على النظر والخبر، فقال: هات، قلت: أشترط ألا تحتد علي، ولا تقلق - وكان محمد رجلاً قلقاً حديداً - فقال: أما ألا أحتد فلا أشترط ذلك، ولكن لا يضرك ذلك عندي. فناظرته، فلما ضاغطته، فكأنه وجد من ذاك، فقلت: هذا هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة، وزيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس؛ واجتمع علي وعليه الناس، فقال: وهل زدتني على أن جئتني بصبي وامرأة؟! فقلت: لو غيري جالسك! وقمت عنه بالغضب! فرفع الخبر إلى هارون أمير المؤمنين، فقال: قد علمت أن الله لا يدع هذه الأمة حتى يبعث عليهم قرشياً قلباً يرد عليهم ما هم فيه من الضلالة. ثم رجعت إلى بيتي، فقلت لغلامي: اشدد على رواحلك، واجعل الليل حملاً. فقدمت مصر.
وهذه الحكاية تدل على أن الشافعي دخل مصر مرتين: إحدى المرتين على طريق الشام، فإن فيها أنه دخلها أيام هارون الرشيد، وتوفي هارون سنة ثلاث وتسعين ومائة. ودخلته الثانية مصر سنة تسع وتسعين ومائة، فأقام بها إلى أن مات، وأظنه في هذه الثانية ذهب إليها من مكة؛ فإن الحميدي صحبه.
قال محمد بن إدريس الشافعي بمكة: سلوني ما شئتم أجبكم من كتاب الله، ومن سنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: فقيل له: أصلحك الله، ما تقول في المحرم يقتل الزنبور؟ قال: نعم. بسم الله الرحمن الرحيم، قال الله تعالى: " ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ".
وعن سفيان بن عيينة بسنده إلى حذيفة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر ".
وبسنده عن عمر بن الخطاب أنه أمر المحرم بقتل الزنبور.
زاد البيهقي وغيره في نسب الشافعي المتقدم في بداية الترجمة: ابن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. وروى بسنده أن هذا النسب بعينه قرئ في مصر في مقابر بني عبد الحكم في حجر منقور على قبر الشافعي، وزاد فيه: ابن عدنان بن أد بن أدد بن الهميسع بن نبت بن إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن.
قال الخطيب بعد أن ساق نسب الشافعي: وقد ولده هاشم بن عبد مناف ثلاث مرار: أم السائب: الشفاء بنت الأرقم بن هاشم بن عبد مناف. أسر السائب يوم بدر كافراً، وكان يشبه بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وأم الشفاء بنت الأرقم: خلدة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف. وأم عبيد بن عبد يزيد: العجلة بنت عجلان بن البياع بن عبد ياليل بن ناشب بن غيرة بن سعد بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة. وأم عبد يزيد: الشفاء بنت هاشم بن عبد مناف بن قصي. كان يقال لعبد يزيد: محض لا قذى فيه. وأم هاشم بن المطلب: خديجة بنت سعيد بن سعد بن سهم. وأم هاشم والمطلب وعبد شمس بن عبد مناف: عاتكة بنت مرة السلمية: وأم شافع أم ولد.
قال الخطيب: وسمعت القاضي أبا الطيب طاهر بن عبد الله الطبري يقول: شافع بن السائب الذي ينسب إليه الشافعي قد لقي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو مترعرع، وأسلم أبوه السائب يوم بدر؛ فإنه كان صاحب راية بني هاشم، فأسر، وفدى نفسه، ثم أسلم، فقيل له: لم لم تسلم قبل أن تفتدى؟ فقال: ما كنت أحرم المؤمنين طمعاً لهم في. وقال بعض أهل العلم بالنسب: وقد وصف الشافعي أنه شقيق رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في نسبه، وشريكه في حسبه، لم تنل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طهارة في مولده، وفضيلة في آبائه إلا وهو قسيمه فيها إلى أن افترقا من عبد مناف، فزوج المطلب ابنه هاشماً الشفاء بنت هاشم بن عبد مناف، فولدت له عبد يزيد جد الشافعي. وكان يقال لعبد يزيد المحض لا قذى فيه، فقد ولد الشافعي الهاشمان: هاشم بن المطلب، وهاشم بن عبد مناف. والشافعي بن عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وابن عمته؛ لأن المطلب عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وأما أم الشافعي فهي أزدية، وقد قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الأزد جرثومة العرب ".
ولد الشافعي بغزة من بلاد الشام - وقيل باليمن - ونشأ بمكة، وكتب العلم بها وبمدينة رسول الله، وقدم بغداد مرتين، وخرج إلى مصر فنزلها إلى حين وفاته. وكتاب الشافعي الذي يسمى القديم، هو الذي عند البغداديين خاصة عنه. كان يونس بن عبد الأعلى يقول لا أعلم هاشمياً ولدته هاشمية إلا علي بن أبي طالب ثم الشافعي فأم علي بن أبي طالب فاطمة بنت أسد بن هاشم وأم الشافعي فاطمة بنت عبيد الله بن الحسن بن الحسين بن علي بن أبي طالب وهي التي حملت الشافعي إلى اليمن وأدبته.
قال الراوي: كذا روي عن يونس بن عبد الأعلى، وأغفل الحسن والحسين، وعقيلاً وجعفراً؛ فإن أماهما هاشميتان: فاطمة بنت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفاطمة بنت أسد.
قال بن عبد الحكم: لم حملت أم الشافعي به رأت كان المشتري خر من فرجها حتى انقض بمصر، ثم وقع في كل بلد منه شظية. فتأول أصحاب الرؤيا أنه يخرج منها عالم يخص علمه أهل مصر، ثم يتفرق في سائر البلدان.
روي عن الشافعي أنه قال: ولدت بغزة سنة خمسين - يعني ومائة - وحملت إلى مكة وأنا ابن سنتين. ولم يكن لي مال، فكنت أطلب العلم في الحداثة أذهب إلى الديوان أستوهب الظهور وأكتب فيها.
قال الحسن بن محمد الزعفراني: قدم علينا الشافعي بغداد سنة خمس وتسعين ومائة، فأقام عندنا سنتين ثم خرج إلى مكة، ثم قدم علينا سنة ثمان وتسعين، وأقام عندنا أشهراً ثم خرج. وكان يخضب بالحناء وكان خفيف العارضين.
قال أبو إبراهيم المزني: ما رأيت وجهاً أحسن من وجه الشافعي، ولا رأيت لحية أحسن من لحيته، وكان ربما قبض عليها فلا تفضل عن قبضته.
وقال الشافعي: كنت ألزم الرمي حتى كان الطبيب يقول لي: أخاف أن يصيبك السل من كثرة وقوفك في الحر. قال: وكنت أصيب من عشرة تسعة.
وقال: ولدت باليمن، فخافت أمي علي الضيعة، فقالت: الحق بأهلك، فتكون مثلهم، فإني أخاف أن تغلب على نسبك. فجهزتني إلى مكة، فقدمتها، وأنا يومئذ ابن عشر، أو شبيهاً بذلك، فصرت إلى نسيب لي، وجعلت أطلب العلم، فيقول لي: لا تشتغل بهذا، وأقبل على ما ينفعك. فجعلت لذتي في هذا العلم وطلبه حتى رزقني الله منه ما رزق.
وقال: كنت يتيماً في حجر أمي، ولم يكن معها ما تعطي المعلم، وكان المعلم قد رضي مني أن أخلفه إذا قام. فلما ختمت القرآن دخلت المسجد، وكنت أجالس العلماء، وأحفظ الحديث، أو المسألة، وكان منزلنا بمكة في شعب الخيف، فكنت أنظر إلى العظم يلوح فآخذه، فأكتب فيه الحديث - أو المسألة - وكانت لنا جرة قديمة، فإذا امتلأ العظم طرحته في الجرة.
فقدم علينا والي اليمن، فكلمه بعض القرشيين في أن أصحبه، ولم يكن عند أمي ما تعطيني أتحمل به، فرهنت دارها على ستة عشر ديناراً، ودفعتها إلي، فتحملت بها مع والي اليمن؛ فلما وصلنا سالمين استعملني على عمل، فحمدت فيه، فزادني عملاً آخر، فحمدت فيه، ودخل العمال مكة، فأحسنوا علي الثناء، وأكثروا من المدح، فلما قدمت مكة لقيت ابن أبي يحيى، فسلمت عليه، فقال لي: تصنعون كذا، أو تفعلون كذا؟! فتركته، ولقيت سفيان بن عيينة، فسلمت عليه، فسلم علي، وقال لي: قد بلغنا خبر
ولايتك، وحسن ما انتشر عنك، فأحمد الله، وتمسك بالعلم يرفعك الله به، وينفعك، فكان كلام سفيان أبلغ في مما كلمني به أبي يحيى.
قال: ثم وليت نجران، وكان بها قوم من بني الحارث، وموالي ثقيف، فرفع إلي الناس مظالم كثيرة، فجمعتهم، وقلت لهم: اختاروا لي سبعة منكم، من عدلوه كان عدلاً مرضياً، ومن جرحوه كان مجروحاً قصياً. فاختاروا لي منهم سبعة، فجلست، وأجلست السبعة بالقرب مني، فكلما شهد عندي شاهد بعثت إلى السبعة، فإن عدلوه كان عدلاً، وإن جرحوه كان مجروحاً، فلم أزل أفعل ذلك حتى أتيت على جميع من تظلم إلي، فكنت أكتب وأسجل.
قال: فنظروا إلى حكم جار، فقالوا: أي شيء يعمل؟ إن هذه الأمور التي تحكم علينا فيها ليست لنا، إنما هي في أيدينا لمنصور بن المهدي. فكتبت في أسفل الكتاب: وأقر فلان بن فلان الذي وقع عليه الحكم في هذا الكتاب أن الذي حكمت به عليه ليس له، وإنما هو لمنصور بن المهدي في يديه، ومنصور بن المهدي على حجته ما قام. فلما نظروا إلى ذلك خرجوا إلى مكة، ورفعوا، ولم يزالوا يرفعون علي حتى حملت إلى العراق، فقيل لي: الزم الباب، فقلت: إلى من أجلس، إلى من أختلف؟ وكان محمد بن الحسن جيد المنزلة عند هارون، فجالسته حتى عرفت قوله، ووقعت منه موقعاً، فلما عرفت ذلك كان إذا قام هو ناظرت أصحابه، واحتججت عليه، فقال لي ذات يوم: بلغني يا محمد أنك تخالفنا في الغصب، فقلت: إنما هو من طريق المناظرة، فقال لي: لقد بلغني غير هذا، أفتناظرني؟ قلت: إني أجللك عن المناظرة، قال: لا، فافعل. فلما رأيت ذلك قلت له: هات، ما تقول في رجل اغتصب من رجل ساجة، فبنى عليها بنياناً، فأنفق عليه ألف دينار، فجاء صاحب الساجة، فأتى بشاهدين عدلين أنها ساجته، وأن هذا الرجل غصبه عليها؟ قلت أقول لصاحب الساجة: ترضى بأن تأخذ القيمة؟ فإن رضي دفعت إليه قيمتها، وإن أبى قلعت البنيان من الساجة، ودفعتها إليه. قال: أفليس قد قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا ضرر، ولا إضرار "؟ قلت له:
من أدخل عليه الضرر؟ إنما هو أدخل الضرر على نفسه. فما تقول في رجل اغتصب من رجل خيط إبرسيم، فخاط به بطنه، فجاء صاحب الخيط، فأقام البينة بشاهدين عدلين أن هذا الخيط خيطه، وأنه اغتصبه عليه أكنت تنزع الخيط من بطن هذا، فتدفعه إليه؟ فقلت: لا، قال: الله أكبر، تركت قولك. ثم قال لي أصحابه: قد تركت قولك، فقلت لهم: لا تعجلوا! فال: فما تقول في رجل اغتصب من رجل لوحاً، فأدخله في سفينته، ثم لجج البحر، فأقام صاحب اللوح البينة بشاهدين عدلين أن هذا اللوح لوحه، وأنه غصبه إياه؟ أكنت تنزع اللوح من السفينة، وتدفعه إلى الرجل المحق؟! قلت: لا، قال: الله أكبر، تركت قولك. وقال لأصحابه: تركت قولك. فقلت لهم: مهلاً، لا تعجلوا، ثم قلت له: ما تقول أنت لو كانت الساجة ساجة لم يغصب عليها أحداً، فأراد أن يهدم البنيان الذي أنفق عليه ألف دينار، كان ذلك له مباحاً؟ قال: نعم، قلت: أرأيت لو كان الخيط خيط نفسه، ثم أراد أن ينزعه، أكان له نزع ذلك؟ قال: لا، قالت له: رحمك الله، فلم تقيس على مباح محرماً؟ قال: فكيف تصنع بصاحب اللوح؟ قلت آمره أن يقرب إلى أقرب المراسي إليه، مرسى لا يكون عليه وعلى أصحابه فيه هلكه، ثم أنزع اللوح وأدفعه إلى صاحبه، وأقول لصاحب السفينة: أصلح سفينتك. ثم قلت له: ولكن، ما تقول أنت في رجل اغتصب رجلاً من الزنج جارية، فأولدها أولاداً كلهم قد قرأ القرآن، وخطب على الناس، وقضى بين المسلمين، ثم جاء صاحب الجارية، فأقام البينة بشاهدين عدلين أن هذه الجارية جاريته، وأنه غصبه عليها، وأولدها هؤلاء الأولاد كلهم، بم كنت تحكم بذلك كله؟ قال: كنت أجعلهم رقيقاً له، وأرد الجارية عليه. قلت له: أنشدك الله، أيما أعظم ضرراً أن تجعل أولاده هؤلاء رقيقاً، أم تنزع البنيان من الساجة؟! قال: فبقي ولم يرد علي جواباً. ثم إنه بعد ذلك عرف حقي وموضعي، وقال بفضلي.
وقال الشافعي:
مر بي رجل من بني عمي من الزبيريين، فقال: يا أبا عبد الله، عز علي ألا يكون
مع هذه اللغة، وهذه الفصاحة، والذكاء فقه، فتكون قد سدت أهل زمانك، قال: فقلت: ومن بقي يقصد إليه؟ فقال لي: هذا مالك بن أنس، قال: فوقع في قلبي، فعمدت إلى " الموطأ "، فاستعرته من رجل بمكة، فحفظته في تسع ليل ظاهراً، ثم دخلت إلى مالي مكة، فأخذت كتابه إلى والي المدينة، وإلى مالك بن أنس. قال: فقدمت المدينة، وأبلغت الكتاب إلى الوالي. فلما أن قرأه قال: والله يا فتى، أن أمشي من جوف المدينة إلى جوف مكة حافياً راجلاً أهون علي من المشي إلى باب مالك بن أنس، فإني لست أرى الذل حتى أقف على بابه، فقلت: أصلح الله الأمير، إن رأى الأمير أن يوجه إليه ليحضر، فقال، هيهات، ليتني إذا ركبت أنا معك، ومن معي، وأصابنا من تراب العقيق نلنا حاجتنا. قال: فواعدته العصر، وركبنا جميعاً، فوالله لقد كان كما قال. فتقدم رجل، فقرع الباب، فخرجت إلينا جارية سوداء، فقال لها الأمير: قولي لمولاك: إني بالباب. فدخلت، فأبطأت، ثم خرجت، فقالت: إن مولاي يقرئك السلام، ويقول: أن كانت مسألة فادفعها لي في رقعة يخرج إليك الجواب، وإن كان للحديث فقد عرفت يوم المجلس، فانصرف. فقال لها: قولي له: معي كتاب والي مكة إليه في حاجة مهمة. قال: فدخلت ثم خرجت، وفي يدها كرسي، فوضعته، ثم إذا أنا بمالك قد خرج وعليه المهابة والوقار، وهو شيخ طوال مسنون اللحية. فجلس، فدفع الوالي الكتاب، فقرأه، حتى إذا بلغ إلى مكان: هذا رجل من أمره وحاله، فتحدثه، وتفعل، وتصنع، رمى بالكتاب من يده، ثم قال: يا سبحان الله، أوصار علم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يؤخذ بالوسائل؟! قال: فرأيت الوالي وقد تهيبه أن يكلمه. فتقدمت إليه، فقلت له: أصلحك الله، إني رجل مطلبي، ومن حالي، ومن قصتي. فلما أن سمع كلامي نظر إلي ساعة، وكان لمالك فراسة، فقال لي: ما اسمك؟ فقلت: محمد، فقال لي: يا محمد، اتق الله، واجتنب المعاصي؛ فإنه سيكون لك شأن من الشأن، ثم قال، نعم، وكرامة، إذا كان غداً تجيء، ويجيء من يقرأ لك الموطأ. قال: فقلت: إني أقوم بالقراءة. قال: فغدوت عليه، وابتدأت أن أقرأه ظاهراً والكتاب في يدي، فكلما تهيبت مالكاً وأريد أن أقطع القراءة أعجبه حسن قراءتي وإعرابي يقول لي: بالله يا فتى زد، حتى
قرأته في أيام يسيرة، ثم أقمت بالمدينة حتى توفي مالك بن أنس، ثم خرجت إلى اليمن، وأقمت بها، وارتفع لي بها شأن الشأن.
وكتب والي هارون الرشيد: إن هاهنا سبعة من العلوية قد تحركوا، فإني أخاف أن يخرجوا، وهاهنا رجل من ولد شافع بن المطلب لا أمر لي معه ولا نهي، فكتب إليه هارون الرشيد: أن أحمل هؤلاء، وأحمل الشافعي معهم، فاقترنت معهم، فلما أن قدمنا على هارون، وعنده محمد بن الحسن، دعا هارون بالنطع والسيف يضرب رقاب العلوية، فالتفت محمد بن الحسن، فقال: يا أمير المؤمنين، هذا المطلبي لا يغلبنك بفصاحته ولسانه، فإنه رجل لسن. قال: فقلت: يا أمير المؤمنين، فإنك الداعي وأنا المجيب الدعاء إنك القادر على ما تريد مني، ولست القادر على ما أريد منك، يا أمير المؤمنين، ما تقول في رجلين: أحدهما يراني أخاه، والآخر يراني عبده أيما أحب إلي؟ قال: الذي يراك أخاه، قال: قلت: فذاك أنت، يا أمير المؤمنين، فقال لي: كيف ذلك؟ قال: قلت: يا أمير المؤمنين، إنكم ولد العباس، ونحن بنو المطلب، تروننا إخوانكم، وولد علي يروننا عبيدهم، قال: فسري ما كان به، واستوى جالساً، وقال: يا بن إدريس، كيف علمك بالقرآن؟ فقلت: يا أمير المؤمنين، عن أي علومه تسألني؟ عن حفظه فقد حفظته، ووعيته بين جنبي، وعرفت وقفه وابتداءه، وعدد مكيه ومدنيه، وكوفيه وبصريه، وقد عرفت ناسخه ومنسوخه، وليليه ونهاريه، ووحشيه وأنسيه، وسهليه وجبليه، وما خوطب به العام يراد به الخاص، وما خوطب به الخاص يراد به العام. فقال لي: والله يا ابن إدريس، لقد ادعيت " علماً "، فكيف علمك بالنجوم؟ فقلت: إني لأعرف منها البري والبحري، والسهلي والجبلي، وما تجب معرفته. قال: فكيف علمك بأنساب العرب؟ فقلت: غني لأعرف أنساب اللئام وأنساب الكرام، ونسبي ونسب أمير المؤمنين، فقال: والله لقد ادعيت علما، فهل من موعظة تعظ بها أمير المؤمنين؟ قال: فذكرت موعظة لطاوس اليماني، فوعظته بها، فبكى، ثم أمر لي بخمسين ألفاً، وحملت على فرس، وركبت بين يديه، وخرجت فما وصلت الباب حتى فرقت الخمسين ألفاً على حجبة أمير المؤمنين وبوابيه، وجئت إلى منزلي، فوجهت إلى كاتب محمد بن الحسن بمائة دينار، وقلت له: اجمع لي الوراقين الليلة على كتب محمد بن الحسن، وانسخها لي، ووجه بها إلي. فكتبت لي في ليلة، ووجه بها إلي.
وكان موضع يجتمع فيه القضاة والأشراف ووجوه الناس على باب هارون يجلسون فيه إلى أن يؤذن لهم. فاجتمعنا في ذلك المكان، وفي جماعة من بني هاشم وقريش والأنصار - قال: والخلق يعظمون محمد بن الحسن لقربه من أمير المؤمنين، وتمكنه منه - فاندفع يعرض بي، ويذم أهل المدينة، فقال: من أهل المدينة؟ وأيش يحسنون - أهل المدينة؟ - والله لقد وضعت كتاباً على أهل المدينة كلها، لا يخالفني فيه أحد، ولو علمت أن أحد يخالفني في كتابي هذا، تبلغني إليه الرواحل لصرت إليه حتى أرد عليه. قال الشافعي: فقلت في نفسي: إن أنا سكت نكست رؤوس من هاهنا من بني هاشم وقريش، وإن أنا رددت عليه أسخطت علي السلطان. ثم إني استخرت الله تعالى في الرد عليه، فتقدمت إليه، فقلت له: أصلحك الله، طعنك على أهل المدينة، وذمك لأهل المدينة؛ إن كنت أردت رجلاً واحداً، وهو مالك بن أنس فألا ذكرت ذلك الرجل بعينه، ولم تطعن وتذم أهل حرم الله وحرم رسوله، وكلهم على خلاف ما ادعيته؟ وأما كتابك الذي ذكرت أنك وضعته على أهل المدينة فكتابك من " بسم الله الرحمن الرحيم " خطأ إلى آخره. فاصفر محمد بن الحسن ولم يحر جواباً. وكتب أصحاب الأخبار إلى هارون بما كان، فضحك وقال: ماذا ينكر لرجل من ولد المطلب أن يقطع مثل محمد بن الحسن؟ قال: فعارضني رجل في المجلس من أصحابه، فقال لي: ما تقول في رجل دخل إلى منزل رجل، فرأى بطة، فرماها، ففقأ عينها، ماذا يجب عليه؟ قال: قلت: ينظر إلى قيمتها وهي صحيحة، وقيمتها وقد ذهبت عينها فيقوم ما بين القيمتين، ولكن ما تقول أنت وصاحبك في محرم نظر إلى فرج امرأة..قال: ولم يكن لمحمد حذاقة في المناسك، فصاح به محمد: ألم أقل لك لا تسأله!
ثم إنا دخلنا على هارون، فلما استوينا بين يديه قال لي: يا أبا عبد الله، تسأل أو أسألك؟ قلت: ذاك إليك، فقال: خبرني عن صلاة الخوف، أواجبة هي؟ فقلت: نعم، فقال: ولم؟ فقلت: لقول الله: " وإذا كنت فيهم، فأقمت لهم الصلاة.. " الآية. قال: ما تنكر من قائل قال لك: إنما أمر الله نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو فيهم،
فلما زال عنهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زالت عنهم تلك الصلاة. قلت: وكذلك قال الله تعالى لنبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خذ من أموالهم صدقة.. " الآية فلما أن زال عنهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زالت عنهم الصدقة؟ قال: لا، قلت: وما الفرق بينهما، والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المأمور فيهما جميعاً؟ فسكت.
فقال: يا أهل المدينة، ما أجرأكم على كتاب الله - عز وجل -! فقلت: أجرؤنا على كتاب الله من يخالفه، فقال لي: الله يقول: " وأشهدوا ذوي عدل منكم "، فقلتم أنتم نقضي باليمين مع الشاهد. فقلت: لكنا نقول بما قال الله، ونقضي بما قضى به رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولكنك أنت خالفت قضاء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: فأين؟ قلت: في قصة حويصة ومحيصة وعبد الرحمن حين قال لهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قضية القتيل: " أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم؟ " قالوا: لم نشهد، ولم نعاين، قال: فتحلف لكم يهود "، فلم نكلوا عن اليمين رد اليمين على اليهود. قال: فقال: إنما كان ذلك استفهاماً من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، استفهم من اليهود. فقال هارون: ثكلتك أمك يا بن الحسن، رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستفهم من اليهود!؟ نطع وسيف! قال: فلما رأيت الجد من هارون قلت: يا أمير المؤمنين، إن الخصمين إذا اجتمعا تكلم كل واحد منهما بما لا يعتقده ليقطع به صاحبه، وما أرى محمداً أراد بهذا نقصاً لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسريت عنه. ثم ركبنا، وخرجنا من الدار، فقال لي: يا أبا عبد الله، فعلتها؟ قال: قلت: فكيف رأيتها بعد ذلك؟ قال الشافعي: حدثنا إسماعيل بن قسطنطين، قال: قرأت على شبل، وأخبر شبل أنه قرأ على عبد الله بن كثير، وأخبر عبد الله بن كثير
أنه قرأ على مجاهد، وأخبر مجاهد أنه قرأ على ابن عباس، وأخبر عباس أنه قرأ على أبي، وقال ابن عباس: وقرأ أبي على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال الشافعي: وقرأت على إسماعيل بن قسطنطين، وكان يقول: القران اسم، وليس بمهموز، ولم يؤخذ من " قرأت "، ولو أخذ من " قرأت " كان كل ما قرئ قرآناً، ولكنه اسم للقرآن مثل التوراة والإنجيل، يهمز قرأت، ولا يهمز القران.
وقال الشافعي: حفظت " القرآن " وأنا ابن سبع سنين، وحفظت " الموطأ " وأنا ابن عشر سنين.
قال أبو عبيد: رأيت الشافعي عند محمد بن الحسن، وقد دفع إليه خمسين ديناراً، وقد كان دفع إليه قبل هذا خمسين درهماً، وقال: إن اشتهيت العلم فالزم. ثم دفع إليه هذه الدنانير، ولزمه الشافعي.
وقال الشافعي: كتبت عن محمد بن الحسن وقر بعير. وسمع وهو يقول لمحمد بن الحسن - وقدم إليه الدنانير بعد الخمسين درهماً، وقال له: لا تحتشم، فقال: - ما أنت عندي في موضع أحتشمك. وجرى ذكر الشراب، فقال الشافعي: الحمد لله، لو علمت أن الماء البارد يضر مروءتي في ديني لما شربت إلا الماء الحار حتى ألقى الله، ولو كنت عندي ممن أحتشمك ما قبلت برك.
وقال: أنفقت على كتب محمد بن الحسن ستين ديناراً، ثم تدبرتها، فوضعت إلى جنب كل مسالة حديثاً - يعني: رداً عليه.
ويروى عن الشافعي أنه قال: أقمت في بطون العرب عشرين سنة آخذ أشعارها ولغاتها، وحفظت القرآن، فما علمت أنه مر بي حرف إلا وقد علمت المعنى فيه والمراد ما خلا حرفين، أحدهما " دساها ".
قال مصعب بن عبد الله الزبيري: قرأت على الشافعي أسعار هذيل حفظاً، ثم قال لي: لا تخبر بهذا أهل الحديث؛ فإنهم لا يحتملون هذا. قال مصعب: وكان الشافعي يسمر مع أبي من أول الليل حتى الصباح، ولا ينامان. قال وكان الشافعي في ابتداء أمره يطلب الشع وأيام الناس والأدب ثم أخذ في الفقه بعد، قال: وكان سبب أخذه في الفقه أنه كان يوماً يسير على دابة، وخافه كاتب لأبي، فتمثل الشافعي ببيت شعر، فقرعه كاتب أبي بسوطه، ثم قال له: مثلك " يذهب " بمروءته في مثل هذا؟! أين أنت من الفقه؟! فهزه ذلك، فقصد لمجالسة الزنجي بن خالد مفتي مكة، ثم قدم علينا، فلزم مالك بن أنس.
قال الشافعي: رأيت علي بن أبي طالب في النوم، فسلم علي، وصافحني، وخلع خاتمه، فجعله في إصبعي. وكان لي عم، ففسرها لي، فقال لي: أما مصافحتك لعلي فأمان من العذاب، وأما خلع خاتمه، فجعله في إصبعك فسيبلغ اسمك ما بلغ اسم علي في الشرق والغرب.
قال الربيع بن سليمان: والله لقد فشا ذكر الشافعي في الناس بالعلم كما فشا ذكر علي بن أبي طالب. وقال: لو وزن عقل الشافعي بنصف عقل أهل الأرض لرجح بهم، ولو كان في بني إسرائيل احتاجوا إليه.
قال أبو عبد الله الزبيري: جاءني رجل من أهل البصرة، يقال له: أبو محمد القرشي من أهل الستر والصلاح فقال لي: يا أبا عبد الله، أخبرك رؤيا تسر به؟ فقلت: هات، فقال لي: رأيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في النوم، وعنده أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي - رضي الله عنهم - إذ جاءه أربعة نفر، فقربهم، فتعجبت من تقريبه لهم. فسألت من بحضرته عن النفر، فقال لي: هذا مالك، وأحمد، وإسحاق، والشافعي. فرأيت كأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخذ بيد مالك وأجلسه بجنب أبي بكر الصديق، وأخذ بيد أحمد فأجلسه بجنب عمر، وأخذ بيد إسحاق فأجلسه بجنب عثمان، وأخذ بيد الشافعي وأجلسه بجنب علي.
قال أبو عبد الله الزبيري: فسألت بعض العلماء بالتعبير عن ذلك؟ فقال لي: أجلس مالك بجنب أبي بكر، كأن منزلة مالك في العلماء كمنزلة أبي بكر في الصحابة، ومنزلة أحمد في الفقهاء كمنزلة عمر في صلابته؛ لأنه لم يتكلم في القرآن إلا بحق، ومنزلة إسحاق في العلماء كمنزلة عثمان في الصحابة؛ لقي عثمان الفتن والمحن، كذلك لقي إسحاق في بلده من أهل الإرجاء بما فارق به بلده. ومنزلة الشافعي في العلماء كمنزلة علي في الصحابة؛ فإنه كان أعلمهم، وأفضلهم، وأقضاهم. وقد قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أقضاكم علي "، كذلك الشافعي كان أعلم العلماء في الفقه والقضاء.
قال هارون بن سعيد الأيلي: قال لنا الشافعي: أخذت اللبان سنة للحفظ، فأعقبني صب الدم سنة.
قال عمرو بن العباس: قيل لعبد الرحمن بن مهدي: إن الشافعي لا يورث المرتد. فقال عبد الرحمن: إن الشافعي شاب معهم، لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا يتوارث أهل ملتين ".
قال أبو عبيد القاسم بن سلام: ما رأيت قط رجلاً أعقل، ولا أروع، ولا أفصح من الشافعي.
وقال يونس بن عبد الأعلى: لو جمعت أمة فجعلت في عقل الشافعي لوسعهم عقله. وقال: ناظرت الشافعي يوماًُ في مسالة، ثم افترقنا. ولقيني، فأخذ بيدي، ثم قال لي: يا أبا موسى، لا يستقيم أن نكون إخواناً وإن لم نتفق في مسألة؟ قال معمر بن شبيب: سمعت المأمون يقول: قد امتحنت محمد بن إدريس في كل شيء فوجدته كاملاً، وقد بقيت خصلة، هو أن أسقيه من النبيذ ما يغلب على الرجل الجيد الشراب. قال: فحدثني ثابت الخادم وقد دعا به، فأعطاه رطلاً، فقال: اشرب يا محمد، فقال: يا أمير المؤمنين، ما شربته قط. قال: عزمت لتشربن. فشربه. ثم والى عليه بالأرطال حتى سقاه عشرين رطلاً، فما تغير، ولا زال عن حجته.
قال الشافعي:
حضرت مالك بن أنس، وأنا أسمع منه الحديث، ولي دون الأربع عشرة سنة.
فجاءه رجل، فوقف عليه، ثم قال له: إني رجل أبيع القماري، فبعت قمرياً على هذا، فرده إلي، فقال: ماله صوت، فحلفت بالطلاق أنه لا يسكت. فقال: أوسكت؟ قلت: نعم، قال: أنت حانث. قال الشافعي: فتبعته، فقلت له: يا رجل كيف حلفت؟ قال: حلفت بما سمعت، قال: فقلت له: صياحه أكثر أم سكوته؟ فقال: صياحه، فقلت: مر، فإن امرأتك لك حلال، قال: فماذا أصنع، وقد أفتاني مالك بما أفتى؟ فقال: عد إليه، فقل له: إن في مجلسك من أفتاني بأن امرأتي هي لي حلال، وأومئ إلي، ودعني وإياه. فرجع ورجعت، وجلست فيما بين الناس. فقال له: إني رأيت أن تنظر في يميني، قال: أليس قد أفتيناك بأنك حانث؟! فقال: في مجلسك من أفتاني بأن امرأتي هي حلال لي، قال: أفي مجلسي؟ قال: نعم، قال: ومن هو؟! فأومأ إلي. فقال لي مالك: أنت أفتيته بذلك؟ قلت: نعم، قال: ولماذا أفتيته بذلك؟ فقلت له: سمعتك تروي عن نافع، عن ابن عمر أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لفاطمة بنت قيس: " إذا حللت فآذنيني ". فلما حلت قالت له: قد خطبني معاوية، وأبو جهم، فقال: " أما معاوية فصعلوك لا مال له، وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه "، وعلم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن أبا جهم يضع عصاه عن عاتقه ويتصرف في أموره فإنما نسب إلى ضرب النساء فذكر أنه لا يضع عصاه على عاتقه، وحمله على الأغلب من أمره، وإني سألته وقلت: سكونه أكثر أم صياحه؟ فقال: صياحه، فأفتيته بذلك. قال: فتبسم مالك، وقال: القول قولك.
قال سفيان بن عيينة للشافعي: يا أبا عبد الله، ما معنى قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أقروا الطير في مكانها ".
فقال له: يا أبا محمد، كان الرجل من العرب إذا أراد سفراً أخذ معه طيراً، فإن أخذا لطير ذات اليمين مضى في سفره، وإن أخذ ذات الشمال رجع. وكان ابن عيينة قبل أن يسمع من الشافعي إذا سئل أجاب على صيد الليل. قال: فرجع سفيان إلى تأويل الشافعي.
عن إبراهيم بن محمد الشافعي قال: كنا في مجلس ابن عيينة والشافعي حاضر، فحدث ابن عيينة بسنده أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مر به رجل في بعض الليل، وهو مع امرأته صفية، فقال: " تعال، هذه امرأتي صفية! " فقال: سبحان الله يا رسول الله! قال: " إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم ". فقال ابن عيينة للشافعي: ما فقه هذا الحديث يا أبا عبد الله؟ قال: إن كان القوم اتهموا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانوا بتهمتهم إياه كفاراً، لكن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أدب من بعده، فقال: إذا كنتم هكذا ففعلوا هكذا حتى لا يظن بكم ظن السوء، لا أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتهم، وهو أمين الله في أرضه. فقال ابن عيينة: جزاك الله خيراً يا أبا عبد الله، ما يجيئنا منك إلا كل ما نحبه.
وكان سفيان بن عيينة إذا جاءه شيء من التفسير والفتيا يسأل عنها التفت إلى الشافعي، فيقول: سلوا هذا.
قال عبد الله بن الزبير الحميدي: قال مسلم بن خالد الزنجي للشافعي: يا أبا عبد الله. أفت الناس، أن لك والله أن تفتي. وهو ابن دون عشرين سنة.
قال الربيع بن سليمان: كان الشافعي يفتي وهو ابن خمس عشرة سنة، وكان يحيي الليل إلى أن مات.
قال أحمد بن محمد الشافعي: كانت الحلقة في الفتيا بمكة في المسجد الحرام لابن عباس، وبعد ابن عباس لعطاء بن أبي رباح، وبعد عطاء لعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، وبعد ابن جريج لمسلم بن خالد الزنجي، وبعد مسلم لسعيد بن سالم القداح، وبعد سعيد لمحمد بن إدريس الشافعي، وهو شاب.
قال الشافعي: لأن يلقى الله المرء بكل ذنب ما خلا الشرك بالله خير له من أن يلقاه بشيء من الأهواء. وذلك أنه رأى قوماً يتجادلون في القدر بين يديه، فقال الشافعي: في كتاب الله: المشيئة له دون خلقه، والمشيئة إرادة الله، يقول الله تعالى: " وما تشاؤون إلا أن يشاء الله "، فأعلم - عز وجل - خلقه أن المشيئة له، وكان يثبت القدر.
وكان الشافعي بعد أن ناظر حفصاً الفرد يكره الكلام، وكان يقول: لأن يفتي العالم، فيقال: أخطأ العالم خير له من أن يتكلم، فيقال: زنديق، وما شيء أبغض إلي من الكلام وأهله.
وقال ليلة للحميدي: ما يحتج عليهم - يعني أهل الإرجاء - بآية أحج من قوله تعالى: " وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة ".
قال إسماعيل بن يحيى المزني: أنشدني الشافعي من قيله: " من الطويل "
شهدت بأن الله لا شيء غيره ... وأشهد أن البعث حق وأخلص
وأن عرى الإيمان قول مبين ... وفعل زكي قد يزيد وينقص
وأن أبا بكر خليفة ربه ... وكان أبو حفص على الخير يحرص
وأشهد ربي أن عثمان فاضل ... وأن علياً فضله متخصص
أئمة قوم يقتدى بهداهم ... لحا الله من إياهم يتنقص
قال الربيع بن سليمان: لما كلم الشافعي حفص الفرد، فقال حفص: القرآن مخلوق، فقال له الشافعي: كفرت بالله العظيم.
وقال: سمعت الشافعي يقول: من حلف باسم من أسماء الله، فحنث، فعليه الكفارة؛ لأن اسم الله غير مخلوق، ومن حلف بالكعبة، أو بالصفا والمروة فليس عليه الكفارة، لأنه مخلوق، وذلك غير مخلوق.
عن علي بن سهل الرملي قال: سألت الشافعي عن القرآن، فقال لي: كلام الله غير مخلوق. قلت: فمن قال بالمخلوق، فما هو عندك؟ قال لي: كافر. وقال: ما لقيت أحداً منهم - يعني من أستاذيه - إلا قال: من قال: القرآن مخلوق فهو كافر.
قال الربيع بن سليمان: سمعت الشافعي يقول في قول الله تعالى: " كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون "؛ علمنا بذلك أن قوماً غير محجوبين، ينظرون إليه، لا يضامون في رؤيته، كما جاء عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " ترون ربكم يوم القيامة كما ترون الشمس، لا تضامون في رؤيتها ".
وأنشدوا للشافعي: " من المتقارب "
ما شئت كان وإن لم أشأ ... وما شئت إن لم تشأ لم يكن
خلقت العباد على ما علمت ... ففي العلم يجري الفتى والمسن
فمنهم شقي ومنهم سعيد ... ومنهم قبيح ومنهم حسن
على ذا مننت وهذا خذلت ... وهذا أعنت وذا لم تعن
عن الربيع بن سليمان قال: سمعت الشافعي يقول: أفضل الناس بعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي.
وقال حرملة بن يحيى: سمعت الشافعي يقول: الخلفاء خمسة، أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعمر بن عبد العزيز.
قال الحسن بن محمد الزعفراني: قال الشافعي: إذا حضر الرافضي الوقعة وغنموا لم يعط من الفيء شيئاً؛ لأن الله ذكر آية الفيء، ثم قال فيها: " والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنل ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم "، فمن لم يقل بهذا لم يستحق.
قال الربيع: خرجنا من الشافعي من مكة نريد منى، فلم ينزل وادياً، ولم ينزل شعباً إلا وهو يقول: " من الكامل "
يا راكباً قف بالمحصب من منى ... واهتف بقاعد خيفها والناهض
سحراً إذا فاض الحجيج إلى منى ... فيضاً كملتطم الفرات الفائض
إن كان رافضاً حب آل محمد ... فليشهد الثقلان أني رافضي
قال عمارة بن زيد المدني:
كنت صديقاً لمحمد بن الحسن، فدخلت معه إلى الرشيد، فسأله عن أحواله، فقال: في خير يا أمير المؤمنين، ثم تسارا، فسمعت محمد بن الحسن يقول: إن محمد بن إدريس الشافعي يزعم أنه للخلافة أهل. قال فغضب الرشيد، وقال: علي به. فأتي به، فأتي به حتى وقف بين يدي الرشيد، فكره الرشيد أن يعجل عليه من غير امتحان، فقال له: هيه؟ قال: وما هيه يا أمير المؤمنين، أنت الداعي، وأنا المدعو. وأنت السائل وأنا المجيب. قال: فكيف علمك بكتاب الله؟ فإنه أولى أن يبتدأ به؟ قال: جمعه الله في صدري، وجعل جنبي دفتيه. قال: فكيف علمك به؟ قال: أي علم تريد، يا أمير المؤمنين، أعلم تأويله، أم علم تنزيله؟ أم مكيه أم مدنيه؟ أم ليليه، أم نهاريه؟ أم سفريه، أم حضريه؟ أم هجريه، أم عربيه..فقال: له الرشيد: لقد ادعيت من علوم القرآن أمراً عظيماً، فكيف علمك في الأحكام؟ قال: أفي الفتاوى، أم في الطلاق، أم في القضايا، أم في الأشربة، أم في المحاربات، أم في الديات؟ قال: فكيف علمك بالطب؟ قال: أعرف منه ما قالت الروم وبابل وبقراط، فقال: فكيف علمك بالنجوم؟ قال: أعرف منه القطب الدائر والمائي والنهاري..قال: فكيف علمك بالشعر؟ قال: أعرف الشاذ منه، وما نبه للمكارم. قال: فكيف علمك بأنساب العرب؟ قال: أعرف أنساب الكرام، وفيها نسب أمير المؤمنين ونسبي. فقال له الرشيد: لقد ادعيت من العلوم أمراً عظيماً تطول به المحنة، فعظ أمير المؤمنين موعظة تبين له فيها كل ما ذكرت. قال: نعم، يا أمير المؤمنين؛ على رفع الحشمة، وترك الهيبة، وقبول النصح، وإلقاء رداء الكبر عن منكبيك؟ قال: لك ذلك. قال: فجثا الشافعي على ركبتيه ثم نادى: يا ذا الرجل، إنه من أطال عنان الأمن في العزة طوى عذر الحذر في المهلة، ومن لم يعدل على طريق النجاة كان بجانب قلة الاكتراث بالمرجع إلى الله مقيماً، ومن أحسن الظن كان في أمنة المحذور في مثل نسج العنكبوت، لا يأمن عليها نفسه.
فبكى الرشيد بكاء شديداً حتى بل منديلاً كان بين يديه، فقال له خاصة من يقوم على رأسه: اسكت، فقد أبكيت عيني أمير المومنين! فالتفت إليهم، فقال: يا عبيد
الرجعة، والذين باعوا أنفسهم من محبوب الدنيا، أما رأيتم ما استدرج به من كان قبلكم من الأمم بالإمارة؟ أما ترون كيف فضح مستورهم، وأمطر بواكر الهوان عليهم بتبديل سرورهم؟ فأصبحوا بعد خفض عيشهم، ولين رفاهيتهم في روح بين حصاد النعم، ومدارج المثلات. فقال له الرشيد: قدك، قد سللت علينا لسانك، وهو أمضى سيفيك! قال: هو لك إن قبلت لا عليك. قال: فهل من حاجة خاصة بعد العامة؟ قال: بعد بذل مكنون النصيحة، وتجريد الموعظة؟! أتأمرني أن أسود وجه موعظتي بالمسألة؟ والتفت الرشيد إلى محمد بن الحسن، فقال: ناظره بين يدي حتى أكون فاصلاً بينكما، فإن اختلفتما في فرع رجعتما إلى الأصل. قال: فالتفت محمد بن الحسن، فقال: يا شافعي، ما تقول في رجل تزوج بامرأة، ودخل بها، وتزوج بالثانية، ولم يدخل بها، وتزوج بالثالثة، ودخل بها، وتزوج بالرابعة ولم يدخل بها. أصاب الثانية أم الأولى، وأصاب الثالثة عمة الرابعة. فقال الشافعي: ينزل عن الثانية والرابعة من غير أن يلزمه شيء، ويتمسك بالأولى والثالثة. قال: ما حجتك؟ قال الشافعي: أما الثانية فإن الله - عز وجل - يقول: " فإن لم تكونوا دخلتم بهن، فلا جناح عليكم ". وأما الرابعة فإن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى أن يتزوج الرجل المرأة على عمتها أو خالتها. ما تقول أنت يا محمد؟ كيف استقبل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القبلة يوم النحر وكبر؟ قال: فتعتع محمد بن الحسن. فقال الشافعي: يسألني عن الأحكام فأجيبه، وأسأله عن سنة من سنن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحتاج إليها الصادر والوارد فلا يجيبني، أفمن الإنصاف هذا؟ فتبسم الرشيد، وأمر للشافعي بعشرة آلاف دينار، فخرج الشافعي، ففرقه على باب داره، وانصرف مكرماً قال الأصمعي: رأيت أمير المؤمنين المأمون سنة أربع عشرة ومائتين يقول: لقد خص الله تعالى محمد بن إدريس الشافعي بالورع والعلم والفصاحة والأدب والصلاح والديانة، لقد سمعت أبي هارون يتوسل إلى الله به والشافعي حي يرزق.
عن أبي ثور قال:
كتب عبد الرحمن بن مهدي إلى الشافعي وهو شاب أن يضع له كتاباً فيه معاني القرآن، ويجمع قبول الأخبار، وحجة الإجماع، وبيان الناسخ والمنسوخ من القرآن والسنة، فوضع له " كتاب الرسالة ".
قال عبد الرحمن بن مهدي: لما نظرت في " كتاب الرسالة " لمحمد بن إدريس أذهلني؛ لأنني رأيت كلام رجل عاقل فقيه ناصح، وإني لأكثر الدعاء له. وقال يحيى بن سعيد القطان مثل قول عبد الرحمن بن مهدي.
عن أبي الأحوص عن عبد الله قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تسبوا قريشاً؛ فإن عالمها يملأ الأرض علماً. اللهم إنك أذقت أولها عذاباً - أو وبالاً - فأذق آخرها نوالاً ".
عن أبي هريرة، عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " اللهم اهد قريشاً؛ فإن عالمها يملأ طباق الأرض علماً، اللهم كما أذقتهم عذاباً فأذقهم نوالاً - دعا بها ثلاث مرات:.
قال عبد الملك بن محمد: في قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فإن عالمها يملأ الأرض علماً، ويملأ طباق الأرض "، علامة بينة للمميز أن المراد بذلك رجل من علماء هذه الأمة من قريش، قد ظهر علمه، وانتشر في البلاد، وكتبوا تآليفه كما تكتب المصاحف، واستظهروا أقواله، وهذه صفة لا نعلمها قد أحاطت إلا بالشافعي، إذ كان كل واحد من قريش من علماء الصحابة والتابعين ومن
بعدهم، وإن كان علمه قد ظهر وانتشر فإنه لم يبلغ مبلغاً يقع تأويل هذه الرواية عليه، إذ كان لكل واحد منهم نتف وقطع من العلم، ومسألات، وليس في كل بلد من بلاد المسلمين مدرس ومفت ومصنف يصنف على مذهب قرشي إلا على مذهبه، فعلم أنه بعينه لا غيره، وهو الذي شرح الأصول والفروع، وازدادت على مر الأيام حسناً وبياناً.
قال أبو حسان الزيادي: كنت في دهليز محمد بن الحسن يوماً، وقد ركب محمد، فجاء الشافعي، قال: فلما نظر محمد إلى الشافعي ثنى رجله فنزل، ثم قال لغلامه: اذهب فاعتذر. قال: فقال له الشافعي: لنا وقت غير ذا. قال فأخذ بيده، فدخلا الدار.
قال أبو حسان: فاختار مجالسته للشافعي على مرتبته في الدار.
قال الشافعي: كان محمد بن الحسن يقرأ علي جزءاً، فإذا جاء أصحابه قرأ عليهم أوراقاً. فقالوا له: إذا جاء هذا الحجازي قرأت عليه جزءاً، وإذا جئنا قرأت علينا أوراقاً!؟ فقال: اسكتوا، إن تابعكم هذا لم يثبت لكم أحد.
قال إسحاق بن إبراهيم بن راهويه: لقيني أحمد بن حنبل بمكة، فقال: تعال حتى أريك رجلاً لم ترى عيناك مثله. فأراني الشافعي. وذهبت أنا وأحمد بن حنبل إلى الشافعي بمكة، فسألته عن أشياء، فرأيته رجلاً فصيحاً حسن الأدب، فلما فارقناه أعلمني جماعة من أهل الفهم بالقرآن أنه كان أعلم الناس في زمانه بمعاني القرآن، وأنه قد كان أوتي فهماً في القراءات.
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: كان أبي يصف الشافعي، فيطنب في وصفه، وقد كتب أبي عنه حديثاً صالحاً، وكتب من كتبه بخطه بعد موته أحاديث عدة مما سمعه من الشافعي - رحمه الله.
قال محمد بن الفضل البزاز: سمعت أبي يقول: حججت مع أحمد بن حنبل، ونزلت في مكان واحد معه - أو في الدار، يعني بمكة -
وخرج أبو عبد الله باكراً، وخرجت أنا بعده. فلما صليت الصبح درت المسجد، فجئت مجلس سفيان بن عيينة، فكنت أدور مجلساً مجلساً طلباً لأبي عبد الله - يعني أحمد بن حنبل - حتى وجدته عند شاب أعرابي، وعليه ثياب مصبوغة، وعلى رأسه جمة. فزاحمت حتى قعدت عند أحمد بن حنبل، فقلت: يا أبا عبد الله، تركت ابن عيينة وعنده الزهري، وعمرو بن دينار، وزياد بن علاقة، ومن التابعين ما الله به عليم! فقال لي: اسكت، فإن فاتك حديث بعلو تجده بنزول، ولا يضرك في دينك، ولا في عقلك، أو في فهمك. وإن فاتك عقل هذا الفتى أخاف ألا تجده إلى يوم القيامة؛ ما رأيت أحداً أفقه في دين الله من هذا الفتى القرشي. قلت: من هذا؟! قال: محمد بن إدريس الشافعي.
وقال: ما رأيت مثل محمد بن إدريس الشافعي، ولا ترى، إني لأدعو الله له في سجودي أكثر مما أدعو الله لأبوي. كان الفقهاء أطباء، والمحدثون صيادلة، فجاء محمد بن إدريس الشافعي طبيباً صيدلانياً.
قال أبو ثور: ما رأينا مثل الشافعي، ولا أرى مثل نفسه. سأله رجل عن الرياء ما هو؟ فقال له مسرعاً: الرياء فتنة عقدها الهوى حيال أبصار قلوب العلماء، فنظروا إليها بسوء اختبار النفوس فأحبطت الأعمال.
وقال: من زعم أنه رأى مثل محمد بن إدريس الشافعي في علمه، وفصاحته، ومعرفته، وثباته - وفي رواية: وبيانه - وتمكنه فقد كذب. كان محمد بن إدريس الشافعي منقطع القرين في حياته، فلما مضى لسبيله لم يعتض منه.
قال محمد بن عبد الله بن الحكم: ما أحد ممن خالفنا - يعني خالف مالكاً - أحب إلي من الشافعي.
وقال: ما رأينا مثل الشافعي؛ كان أصحاب الحديث ونقاده يجيئون إليه، فيعرضون عليه، فربما أعل نقد النقاد منهم، ويوقفهم على غوامض من علل الحديث لم
يقفوا عليها، فيقومون وهم يتعجبون منه. ويأتيه أصحاب الفقه المخالفون والموافقون، فلا يقومون إلا وهم مذعنون له بالحذق والدراية، ويجيء أصحاب الأدب فيقرؤن عليه الشعر، فيفسره. ولقد كان يحفظ عشرة آلاف بيت شعر من أشعار هذيل بإعرابها، وغريبها، ومعانيها. وكان من أضبط الناس للتاريخ، وكان يعينه على ذلك شيئان: وفور عقل، وصحة دين. وكان ملاك أمره إخلاص العمل لله.
قال عبد الله بن محمد البلوي: جلسنا ذات يوم نتذاكر الزهاد والعباد والعلماء، وما بلغ من فصاحتهم وزهدهم وعلمهم. فبينا نحن كذلك إذ دخل علينا عمر بن بنانة، فقال: فيم تتحاورون؟ قلنا: نتذاكر الزهاد والعباد وفصاحتهم، فقال عمر: والله ما رأيت رجل قط أورع، ولا أخشع، ولا أفصح، ولا أصبح، ولا أسمح، ولا أعلم، ولا أكرم، ولا أجمل ولا أنبل ولا أفضل من محمد بن إدريس الشافعي - رحمه الله - خرجت أنا وهو، والحارث بن لبيد إلى الصفا، وكان الحارث بن لبيد قد صحب صالحاً المري، وكان من الخاشعين المتقين الزاهدين. وكان حسن الصوت بالقرآن، فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم " هذا يوم الفصل جمعناكم والأولين. فإن كان لكم كيد فكيدون. ويل يومئذ للمكذبين ". قال: فرأيت الشافعي قد اضطرب وتغير لونه، وبكى بكاء شديداً حتى لصق بالأرض. قال: فأبكاني والله قلقه، وشدة خوفه الله - عز وجل - ثم لم يلبث أن قال: إلهي، أعوذ بك من مقام الكذابين، وإعلام الغافلين. إلهي، خشعت لك قلوب العارفين. وولهت بك همم المشتاقين، فهب لي من جودك، وجللني بسترك، واعف عني بكرم وجهك يا كريم.
عن أبي بكر بن الجنيد قال: حج بشر المريسي، فرجع، فقال لأصحابه: رأيت شاباً من قريش بمكة، ما أخاف على مذهبنا إلا منه - يعني الشافعي.
وعن الحسن بن الزعفراني قال: حج بشر المريسي سنة إلى مكة، ثم قدم، فقال: لقد رأيت بالحجاز رجلاً ما رأيت مثله سائلاً، ولا مجيباً - يعني الشافعي - فقدم الشافعي علينا بعد ذلك بغداد، فاجتمع إليه ناس، وخفوا عن بشر، فجئت إلى بشر يوماً، فقلت: هذا الشافعي الذي كنت تزعم يوماً قد قدم؟؟؟! فقال: إنه قد تغير عما كان عليه.
قال الزعفراني: فما كان مثله إلا مثل اليهود في أمر عبد الله بن سلام حيث قالوا: سيدنا وابن سيدنا، فقال لهم: فإن أسلم قالوا: شرنا وابن شرنا.
عن أبي هريرة قال: لا أعلمه إلا عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن الله يبعث إلى هذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها ".
قال أحمد بن حنبل: إن الله يقيض للناس في كل رأس مائة من يعلمهم السنن، وينفي عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الكذب. فنظرنا فإذا في رأس المائة عمر بن عبد العزيز، وفي رأس المائتين الشافعي.
قال الحسن بن محمد الزعفراني: قدم علينا الشافعي واجتمعنا إليه، فقال: التمسوا من يقرأ لكم. فلم يجترئ أحد يقرأ عليه غيري، وكنت أحدث القوم سناً، ما كان في وجهي شعرة، وإني لأتعجب اليوم من انطلاق لساني بين يدي الشافعي، وأتعجب من جسارتي يومئذ. فقرأت عليه الكتب كلها إلا كتابين، فإنه قرأهما علينا: " كتاب المناسك " و" كتاب الصلاة ". ولقد كتبنا كتب الشافعي يوم كتبناها، وقرأناها عليه، وإنا لنحسب أنا في اللعب.
عن أبي ثور قال: لما ورد الشافعي بغداد جاءني حسين الكرابيسي، وكان يختلف معي إلى أصحاب الرأي، فقال: قد ورد رجل من أصحاب الحديث يتفقه، فقم لنا نسخر به. فقمت، وذهبنا حتى دخلنا عليه، فسأله الحسين عن مسألة، فلم يزل الشافعي يقول: قال الله، وقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى أظلم علينا البيت، وتركنا بدعتنا، واتبعناه.
قال أبو الفضل الزجاج:
لما قدم الشافعي إلى بغداد، وكان في الجامع إما نيف وأربعون، أو خمسون، حلقة، فلما دخل بغداد ما زال يقعد في حلقة حلقة، ويقول لهم: قال الله، وقال الرسول، وهم يقولون: قال أصحابنا حتى ما بقي في المسجد حلقة غيره.
قال حرملة بن يحيى: عن الشافعي قال: سميت بالعراق ناصر الحديث - وفي رواية: ببغداد.
قال الحميدي: كنا نريد أن نرد على أصحاب الرأي، فلم نحسن كيف نرد عليهم حتى جاءنا الشافعي ففتح لنا.
قال أحمد بن حنبل: قدم علينا نعيم بن حماد، وحثنا على طلب المسند، فلما قدم الشافعي وضعنا على المحجة البيضاء.
وقال: ما كان أصحاب الحديث يعرفون معاني حديث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى قدم الشافعي، فبينها لهم. كان الفقه قفلاً على أهله حتى فتحه الله بالشافعي. وقال: لقد كان يذب عن الآثار - رحمه الله.
وقال: هذا الذي ترون كله، أو عامته، من الشافعي، وما بت منذ ثلاثين سنة إلا وأنا أدعو الله للشافعي، وأستغفر له - وفي رواية: منذ أربعين سنة.
وقال: ستة أدعوا لهم سحراً أحدهم الشافعي.
قال عبد الله أحمد بن حنبل: قلت لأبي.
يا أبه، أي رجل كان الشافعي؛ فإني سمعتك تكثر الدعاء له؟! فقال لي: يا بني، كان الشافعي كالشمس للدنيا، وكالعافية للناس، فانظر، هل لهذين من خلف، أو منهما عوض؟ وقال: ما أحد يمس بيده محبرة إلا وللشافعي في عنقه منة.
وقال: كلام الشافعي في اللغة حجة.
وقال: الشافعي فيلسوف في أربعة أشياء: في اللغة، واختلاف الناس، والمعاني، والفقه.
قال أبو تراب حميد بن أحمد البصري: كنت عند أحمد بن حنبل نتذاكر في مسألة، فقال رجل لأحمد: يا أبا عبد الله، لا يصح فيه حديث، فقال: إن لم يصح فيه حديث ففيه قول الشافعي، وحجته أثبت شيء فيه.
قال إسحاق بن راهويه: كان أحمد بن حنبل مشغوفاً بالشافعي، وبعلمه وفقهه، ووالله ما وضع أبو عبد الله أحمد بن حنبل شيئاً إلا في موضعه.
قال الحسن بن محمد: كنا نختلف إلى الشافعي عندما قدم إلى بغداد ستة أنفس: أحمد بن حنبل، وأبو ثور، وحارث النقال، وأبو عبد الرحمن الشافعي، وأنا - ورجل آخر سماه - وما عرضنا على الشافعي كتبه إلا وأحمد بن حنبل حاضر لذلك.
قال: قال لي أحمد بن حنبل: إذا رأيت أبا عبد الله الشافعي قد خلا فاعلمني. قال: وكان يجيئه ارتفاع النهار، فيبقى معه.
قال الشافعي: وعدني أحمد بن حنبل أن يقدم علي مصر.
قال صالح بن أحمد بن حنبل: مشى أبي مع بغلة الشافعي، فبعث إليه يحيى ين معين، فقال له: يا أبا عبد الله، أما رضيت إلا أن تمشي مع بغلته!؟ فقال: يا أبا زكريا، لو مشيت من الجانب الآخر كان أنفع لك! قال محمد بن ماجة القزويني: جاء يحيى بن معين يوماً إلى أحمد بن حنبل، فبينا هو عنده إذ مر على بغلته، فوثب أحمد، فسلم عليه، وتبعه، فأبطأ، ويحيى جالس، فلما جاء قال يحيى: يا أبا عبد الله، كم هذا؟! فقال أحمد: دع هذا عنك، إن أردت الفقه فالزم ذنب البغلة! قال إسحاق بن راهويه: ما تكلم أحمد بالرأي - وذكر الثوري والأوزاعي ومالكاً وأبا حنيفة - إلا والشافعي أكثر اتباعاً، وأقل خطأ منه.
كان الشافعي من معادن الفقه، وجهابذة الألفاظ، ونقاد المعاني، ومن كلامه: حكم المعاني خلاف حكم الألفاظ، لأن المعاني مبسوطة إلى غير غاية، وممدودة إلى غير نهاية، وأسماء المعاني مقصورة معدودة، ومحصلة محدودة، وجميع أصناف الدلالات على المعاني، لفظ وغير لفظ، خمسة أشياء، لا تزيد، ولا تنقص؛ أولها اللفظ، ثم الإشارة، ثم العقد، ثم الخط، ثم الذي يسمى النصبة، والنصبة في الحال الدالة التي تقوم مقام تلك الأصناف، ولا تقصر عن تلك الدلالات، ولكل واحد من هذه الخمسة صورة مواتية من صورة صاحبهتا. وحلية مخالفة لحلية أختها، وهي التي تكشف لك عن أعيان المعاني في الجملة، وعن حقائقها في التفسير، وعن أجناسها وأفرادها، وعن خاصها وعامها، وعن طباعها في السار والضار، وعما يكون لهواً بهرجاً، وساقطاً مدحرجاً.
سئل أبو ثور، فقيل: أيما أفقه، الشافعي أو محمد بن الحسن؟ فقال أبو ثور: الشافعي أفقه من محمد، وأبي يوسف، وأبي حنيفة، وحماد، وإبراهيم، وعلقمة، والأسود.
قال هلال بن العلاء الرقي:
من الله تعالى على الناس بأربعة من زمانهم: بالشافعي، وأحمد بن حنبل، وأبي عبيدة، ويحيى بن معين؛ فأما الشافعي فبفقه حديث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأما أبا عبيدة ففسر لهم غريب الحديث، لولا ذلك لاقتحم الناس في الخطأ، وأما يحيى بن معين فنفى الكذب عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وبين الصادق من الكاذب، وأما أحمد بن حنبل فجعله الله للناس إماماً في القرآن، لولا ذلك لكفر الناس.
قال داود بن علي الأصبهاني: اجتمع للشافعي - رحمه الله - من الفضائل ما لم يجتمع لغيره. فأول ذلك: شرف نسبه ومنصبه، وأنه من رهط النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومنها: صحة الدين وسلامة الاعتقاد من الأهواء والبدع، ومنها: سخاوة النفس، ومنها: معرفته بصحة الحديث وسقمه، ومنها:
معرفته بناسخ الحديث ومنسوخه، ومنها: حفظه لكتاب الله، وحفظه لأخبار رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومعرفته بسير النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبسير خلفائه، ومنها: كشفه لتمويه مخاليفه، ومنها: تأليفه الكتب القديمة والجديدة، ومنها ما اتفق له من الأصحاب والتلامذة مثل: أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل في زهده وعلمه وورعه وإقامته على السنة. ومثل: سليمان بن داود الهاشمي، وعبد الله بن الزبير الحميدي، والحسين القلاس وأبي ثور إبراهيم بن خالد الكلبي، والحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني، وأبي يعقوب يوسف بن يحيى البويطي، وحرملة بن يحيى التجيبي، والربيع بن سليمان المرادي، وأبي الوليد موسى بن أبي الجارود، والحارث بن سريج النقال، وأحمد بن خالد الخلال، والقائم بمذهبه أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني. ولم يتفق لأحد من العلماء والفقهاء من الأصحاب ما اتفق له، رحمة الله عليه وعليهم أجمعين.
قال البهيقي: إنما عدد داود بن علي من أصحاب الشافعي جماعة يسيرة وقد عد أبو الحسن الدارقطني من روى عنه أحاديثه، وأخباره وكلامه زيادة على مائة مع قصور سنة عن سن أمثاله من الأئمة، وإنما تكثر الرواة عن العالم إذا جاوز سنة الستين أو السبعين، والشافعي لم يبلغ في السن أكثر من أربع وخمسين.
قال أحمد بن علي الجرجاني: كان الحميدي إذا جرى عنده ذكر الشافعي يقول: حدثنا سيد الفقهاء الشافعي.
قال الزعفراني: كنت مع يحيى بن معين في جنازة، فقلت له: يا أبا زكريا، ما تقول في الشافعي؟ فقال: دعنا، لو كان الكذب له مطلقاً لكانت مروءته تمنعه أن يكذب.
وفد ذكر توثيقه في أكثر من خبر عن يحيى بن معين، وأبي حاتم، وأبي زرعة، وأبي داود، وقال أبو داود: ما أعلم للشافعي حديثاً فيه خطأ.
قال يونس بن عبد الأعلى: كنت أولاً أجالس أصحاب التفسير، فكان الشافعي إذا أخذ في التفسير فكأنه شهد التنزيل.
قال أبو حسان الزيادي: لما رأيت إكرام الشافعي، وإصغاءه إلى ما نقول، وانتزاعه من القرآن المعاني، والعبارة عن المعاني أنست به، فكنت أسأله عن معاني القرآن، فما رأيت أحداً أقدر على معاني القرآن والعبارة عن المعاني، والاستشهاد على ذلك من قول الشعر، أو اللغة منه.
قال المزني، أو الربيع:
كنا عند الشافعي بين الظهر والعصر إذ جاء شيخ عليه جبة صوف، وعمامة صوف، وإزار صوف، وفي يده عكازة. قال: فقام الشافعي، وسوى عليه ثيابه، واستوى جالساً. وسلم الشيخ، وجلس، وأخذ الشافعي ينظر إلى الشيخ هيبة له، إذ قال الشيخ: أسأل؟ فقال: سل، قال: إيش الحجة في دين الله؟ قال الشافعي: كتاب الله، قال: وماذا؟ قال: وسنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال: وماذا؟ قال: اتفاق الأمة، قال: من أين قلت: اتفاق الأمة من كتاب الله أم من سنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: فقال: من كتاب الله، قال: فتدبر الشافعي ساعة، فقال للشافعي - وفي رواية: فقال: يا شيخ - قد أجلتك ثلاثة أيام ولياليها، فإن جئت بالحجة من كتاب الله في الاتفاق وإلا تب إلى الله - عز وجل - قال: فتغير لون الشافعي، ثم إنه ذهب، فلم يخرج ثلاثة أيام ولياليهن. قال: فخرج إلينا في اليوم الثالث، في ذلك الوقت - يعني بين الظهر والعصر - وقد انتفخ وجهه ويداه ورجلاه، وهو مسقام، فجلس، فلم يكن بأسرع أن جاء الشيخ، فسلم وجلس، فقال: حاجتي! فقال الشافعي: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، قال الله - عز وجل -: " ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم "، لا يصليه على خلاف المؤمنين إلا وهو مرضي. فقال: صدقت.
قال الشافعي: فلما ذهب الرجل قرأت القرآن في كل يوم وليلة ثلاث مرات حتى وقفت عليه.
وقال: لما أردت إملاء " تصنيف أحكام القرآن " قرأت القرآن مائة مرة.
قال هارون بن سعيد الأيلي: ما رأيت مثل الشافعي، قدم علينا مصر، فقالوا: قدم رجل من قريش، فجئناه وهو يصلي، فما رأيت أحسن صلاة، ولا وجهاً منه، فلما قضى صلاته تكلم، فما رأينا أحسن كلام منه، فأفتتنا به.
قال البويطي: قلت للشافعي: إنك تتعبنا في تأليف الكتب وتصنيفها، والناس لا يلتفتون إليك ولا إلى تصنيفك! فقال لي: إن هذا هو الحق، والحق لا يضيع.
وقال الشافعي: ألفت هذه الكتب، ولم آل فيها، ولا بد أن يوجد فيها الخطأ؛ لأن الله تعالى يقول: " ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً ".
فما وجدتم في كتبي هذه مما يخالف الكتاب أو السنة فقد رجعت عنه.
وقال: وددت أن كل علم تعلمه الناس أؤجر عليه ولا يحمدوني.
وقال محمد بن مسلم بن وارة الرازي: سألت أحمد بن حنبل، قلت، ما ترى لي من الكتب أن أنظر فيه لتفتح لي الآثار: رأي مالك، أو الثوري، أو الأوزاعي؟ فقال لي قولاً أجلهم أن أذكر ذاك، وقال: عليك بالشافعي، فإنه أكثرهم صواباً، أو أتبعهم للآثار. قلت لأحمد: فما ترى في كتب الشافعي؛ التي عند العراقيين أحب إليك، أو التي عندهم بمصر؟ قال: عليك بالكتب التي وضعها بمصر؛ فإنه وضع هذه الكتب بالعراق ولم يحكم، ثم رجع إلى مصر فأحكم ذاك ثم. فلما سمع ذلك من أحمد بن حنبل، وكنت قبل ذلك قد عزمت على الرجوع إلى البلد، وتحدث بذلك الناس، ثم تركت ذاك وعزمت على الرجوع إلى مصر.
قال إسحاق بن راهويه: كتبت إلى أحمد بن حنبل وسألته أن يوجه إلي من كتب الشافعي ما يدخل حاجتين فوجه إلي بكتاب " الرسالة ". وتزوج إسحاق بن راهويه بمرو بامرأة رجل كان عنده كتب الشافعي وتوفي، لم يتزوج بها إلا لحال كتب الشافعي.
قال المزني: كتبت " كتاب الرسالة " منذ زيادة على أربعين سنة، وأنا أقرؤه، وأنظر فيه، ويقرأ علي، ما من مرة قرأت، أو قرئ علي إلا استفدت منه شيئاً لم أكن أحسنه.
قال أبو الحسن الشافعي: رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما يرى النائم، فقلت: يا رسول الله، بم جزي محمد بن إدريس الشافعي حين يقول في ذكر الصلاة عليك في " كتاب الرسالة ": وصلى الله على محمد كلما ذكره ذاكر، وغفل عن ذكره غافل. قال: " جزي أنه لا يوقف للحساب يوم القيامة ".
قال الربيع بن سليمان: رأيت الشافعي في المنام، قلت له: ما فعل الله بك؟ قال: أنا في الفردوس الأعلى، فقلت: بماذا؟ قال: بكتاب صنعته وسميته بكتاب الرسالة.
وقد نوه أحمد بن حنبل باتباع الشافعي للسنة، وقال: صاحب حديث لا يستغني عن كتب الشافعي. وقال علي بن المديني: عليكم بكتب الشافعي.
قال أبو زرعة:
سمعت كتب الشافعي من الربيع أيام يحيى بن عبد الله بن بكير سنة ثمان وعشرين ومائتين، وعندما عزمت على سماع كتب الشافعي بعت ثوبين رقيقين كنت حملتهما لأقطعهما لنفسي، فبعتهما وأعطيت الوراق.
قال الجاحظ: نظرت في كتب هؤلاء النبغة الذين نبغوا فلم أر أحسن تأليفاً من المطلبي؛ كأن فاه نظم دراً إلى در.
وسئل محمد بن إسحاق بن خزيمة: هل تعرف سنة لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحلال والحرام لم يودعها الشافعي كتابه؟ قال: لا.
قال الربيع بن سليمان - وذكر الشافعي، فقال: لو رأيتموه لقلتم: إن هذه ليست كتبه، كان والله لسانه أكبر من كتبه.
وقال يونس بن عبد الأعلى: ما كان الشافعي إلا ساحراً، ما كنا ندري ما يقول إذا قعدنا حوله. كانت ألفاظ الشافعي كأنها سكر.
قال عبد الملك بن هشام النحوي: طالت مجالستنا محمد بن إدريس الشافعي فما سمعت منه لحنة قط، ولا كلمة غيرها أحسن منها.
قال الربيع بن سليمان: كان الشافعي عربي النفس، عربي اللسان. وقال: كلما ذكرت ما أكل التراب من لسان الشافعي هانت علي الدنيا. وقال سمعت عبد الملك بن هشام النحوي يقول: الشافعي ممن تأخذ عنه اللغة.
وقيل لمحمد بن عبد الله بن الحكم: يا أبا عبد الله، كان الشافعي حجة في اللغة؟ فقال: إن كان أحد من أهل العلم حجة في شيء فالشافعي حجة في كل شيء.
وقال المبرد: رحم الله الشافعي، كان من أشعر الناس، وآدب الناس، وأفصح الناس، وأعرفهم بالقراءات. وكان الشافعي يقول: تعلموا العربية؛ فإنها تثبت العقل، وتزيد في المروءة. وقال: إعراب القرآن أحب إلي من بعض حروفه. وقرأ رجل على الشافعي، فلحن، فقال الشافعي: أضرستني.
قال عبد الرحمن بن أخي الأصمعي: قلت لعمي: يا عماه، على من قرأت شعر هذيل؟ قال: على رجل من آل المطلب يقال له: محمد بن إدريس.
وقال الزبير بن بكار: أخذت شعر هذيل ووقائعها عن عمي مصعب، فسألته: عمن أخذتها؟ فقال: أخذتها من محمد بن إدريس الشافعي حفظاً.
قال أحمد بن صالح: قال لي الشافعي: يا أبا جعفر، تعبد من قبل أن ترأس؛ فإنك إن ترأست لا تقدر أن تتعبد. قال: وكان الشافعي إذا تكلم كأن صوته صنج أو جرس من حسن صوته.
قال بحر بن نصر: كنا إذا أردنا أن نبكي قلنا: بعضنا - وفي رواية: بعض - لبعض: قوموا بنا إلى هذا الفتى المطلبي نقرأ القرآن. فإذا أتيناه استفتح بالقرآن حتى تتساقط الناس بين يديه، ويكثر عجيجهم بالبكاء، فإذا رأى ذلك أمسك عن القرآن، من حسن صوته.
قال محمد بن عبد الله بن الحكم: كنت إذا رأيت من يناظر الشافعي رحمته. وقال: لو رأيت الشافعي يناظرك لظننت أنه سبع يأكلك.
وقال هارون بن سعيد الأيلي: لو أن الشافعي ناظر على هذه العمود التي من حجارة أنها من خشب لغلب، لاقتداره على المناظرة.
وقال الشافعي: ناظرت بعض أهل العراق، فلما فرغت قال: زلفت يا قرشي.
قال بعض أهل العربية: يعني قربت من أفهامهم، بفصاحته.
وسئل الشافعي عن مسألة، فأعجب بنفسه، فأنشأ يقول: " من المتقارب "
إذا المشكلات تصدينني ... كشفت حقائقها بالنظر
ولست بإمعة في الرجال ... أسائل هذا وذا ما الخبر
ولكنني مدرة الأصغرين ... فتاح خير وفراج شر
وكان سئل عن رجل في فيه تمرة، فحلف بالطلاق أنه لا يبلعها، ولا يرمي بها، فقال له الشافعي: يبلع نصفها، ويرمي بنصفها حتى لا يكون بالعاً لها كلها، ولا يلفظ بها كلها.
عن أبي ثور قال: سمعت الشافعي يقول: ناظرت بشر المريسي في القرعة، فقال: القرعة قمار. فذكرت ما دار بيني وبينه لأبي البختري، وكان قاضياً، فقال: ائتني بآخر يشهد معك حتى أضرب عنقه.
قال: وسمعت الشافعي يقول: قلت لبشر المريسي: ما تقول في رجل قتل وله أولياء صغار وكبار، هل للكبار
أن يقتلوا دون الأصاغر؟ فقال: لا، فقلت: قتل الحسن بن علي ابن ملجم، ولعلي أولاد صغار، فقال: أخطأ الحسن بن علي، فقلت له: أما كان جواب أحسن من هذا اللفظ؟! قال: وهجرته يومئذ.
وقال: ما أوردت الحق والحجة على أحد فقبلها مني إلا هبته، واعتقدت مودته، ولا كابرني على الحق أحد، ودافع الحجة إلا سقط من عيني. وما ناظرت أحداً فأحببت أن يخطئ إلا صاحب بدعة، فإني أحب أن ينكشف أمره للناس.
وقال: ما ناظرت أحداً إلا على النصيحة.
قال أحمد بن حنبل: كان أحسن أمر الشافعي عندي أنه كان إذا سمع الخبر لم يكن عنده قال به وترك قوله. وقال: كان الشافعي إذا ثبت عنده الخبر قلده، وخير خصلة كانت فيه لم يكن يشتهي الكلام، وإنما همته الفقه.
قال أحمد بن حنبل: قال محمد بن إدريس الشافعي: أنتم أعلم بالأخبار الصحاح منا؛ فإذا كان خبر صحيح فأعلمني حتى أذهب إليه كوفياً كان أو بصرياً، أو شامياً.
وفي رواية أخرى: قال لنا الشافعي: إذا صح عندكم الحديث فقولوا لنا حتى نذهب إليه.
قال أبو بكر البيهقي: وإنما أراد حديث أهل العراق - والله أعلم - ليأخذ بما صح عندهم من أحاديث أهل العراق كما أخذ بما صح عنده من أحاديث أهل الحجاز.
قال الشافعي: كلما قلت، فكان عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خلاف قولي مما يصح، فحديث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أولى، فلا تقلدوني.
قال الربيع بن سليمان: سمعت الشافعي - وروى حديثاً - فقال له رجل: تأخذ بهذا يا أبا عبد الله؟ فقال: متى رويت عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديثاً صحيحا ًفلم آخذ به فأشهدكم والجماعة أن عقلي قد ذهب - وأشار بيده إلى رؤوسهم.
وقال في رواية أخرى: أفي الكنيسة أنا، أوترى على وسطي زناراً؟ نعم، أقول به، وكل ما بلغني عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قلت به.
وقال: إذا وجدتم سنة من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خلاف قولي فخذوا بالسنة ودعوا قولي، فإني أقول بها.
عن عبد الله بن محمد بن العباس بن عثمان بن شافع الشافعي قال: جلس محمد بن إدريس الشافعي يوماً في خيمة، فجاءه عالم حدث، فسأله عن مسألة، فأجابه فيها، ثم سأله عن أخرى، فقال له: أخطأت يا أبا عبد الله، فأطرق طويلاً، ثم رفع رأسه ثم قال له: أخطأت يا بن أخي ما في كتابك، فأما الحق فلا؟ قال إسماعيل المزني: قال الشافعي: الرجل من أحرز دينه، وضن به.
قال إسماعيل: ورأيت الشافعي يضن بدينه.
قال الربيع بن سليمان: كان الشافعي قد جزأ الليل ثلاثة أجزاء: الأول يكتب، والثاني يصلي، والثالث ينام.
قال حين الكرابيسي: بت مع الشافعي، فكان يصلي نحو ثلث الليل، وما رأيته يزيد على خمسين آية، فإذا أكثر فمائة، وكان لا يمر بآية رحمة إلا سأل الله لنفسه وللمؤمنين أجمعين، ولا يمر بآية عذاب إلا تعوذ بالله منه، وسأل النجاة لنفسه ولجميع المؤمنين؛ فكأنما جمع له الرجاء والرهبة معاً.
قال الخطيب: قد كان الشافعي بأخرة يديم التلاوة، ويدرج القراءة.
وروى بسنده عن الربيع بن سليمان قال: كان الشافعي يختم في كل ليلة ختمة، فإذا كان في شهر رمضان ختم في كل ليلة منه ختمة، وفي كل يوم ختمة، فكان يختم في شهر رمضان ستين ختمة.
وقال: كان الشافعي يختم القرآن ستين مرة. قيل: في صلاة رمضان؟ قال: نعم.
وقال: كان الشافعي لا يصلي مع الناس التراويح، لكنه كان يصلي في بيته، ويختم في رمضان ستين ختمة ليس منها سورة إلا في صلاة، وكان يختم في سائر السنة ثلاثين ختمة في كل شهر.
وقال: سمعت الشافعي يقول: ما شبعت منذ عشرين سنة - وفي رواية: ما شبعت منذ ستة عشر سنة إلا شبعة، ثم أدخلت يدي فتقيأته؛ لأن الشبع يثقل البدن ويقسي القلب، ويزيل الفطنة، ويجلب النوم، ويضعف صاحبه عن العبادة.
وقال: قال لي الشافعي: يا ربيع، عليك بالزهد؛ فإن الزهد على الزاهد أحسن من الحلي على المرأة الناهد.
قال حرملة بن يحيى: سمعت الشافعي يقول: ما حلفت بالله صادقاً، ولا كاذباً.
قال الحارث بن سريج: دخلت مع الشافعي على خادم الرشيد، وهو في بيت قد فرش بالديباج، فلما وضع الشافعي رجله على العتبة أبصره، فرجع، ولم يدخل، فقال له الخادم: ادخل، فقال: لا يحل افتراش هذا؟! فقام الخادم متبسماً حتى دخل بيتاً قد فرش بالأرمني، فدخل الشافعي، ثم أقبل عليه، فقال: هذا حلال، وذاك حرام، وهذا أحسن من ذاك، وأكثر ثمناً منه. فتبسم الخادم، وسكت.
قال السجستاني: وحدثني أبو ثور قال: أراد الشافعي الخروج إلى مكة، ومعه مال، فقلت له: - وقلما كان يمسك الشي من سماحته - ينبغي أن تشتري بهذا المال ضيعة تكون لك ولولدك من بعدك. فخرج، ثم قدم علينا، فسألته عن ذلك المال، ما فعل به؟ فقال: ما وجدت بمكة ضيعة يمكنني أن أشتريها لمعرفتي بأصلها، أكثرها قد وقفت عليه، ولكن بنيت بمنى مضرباً يكون لأصحابنا إذا حجوا، ينزلون فيه.
عن الربيع بن سليمان قال: قال لنا الشافعي: دهمني في هذه الأيام أمر أمضني وآلمني، ولم يطلع عليه غير الله، فلما كان البارحة أتاني آت في منامي، فقال: يا محمد بن إدريس، قل اللهم إني لا أملك لنفسي ضراً ولا نفعاً، ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً، ولا أستطيع أن آخذ إلا ما أعطيتني، ولا أتقي إلا ما وفيتني، اللهم فوفقني لما تحب وترضى من القول والعمل في عافية. فلما أن أصبحت أعدت ذلك، فلما أن ترجل النهار أعطاني الله طلبتي، وسهل لي الخلاص مما كنت فيه. فعليكم بهذه الدعوات، فلا تغفلوا عنها.
وقال عبد الله بن عبد الحكم الشافعي: إن عزمت أن تسكن البلد - يعني مصر - فليكن لك قوت سنة، ومجلس من السلطان تتعزز به. فقال الشافعي: يا أبا محمد، من لم تعزه التقوى فلا عز له، ولقد ولدت بغزة، وما عندنا قوت ليلة، وما بتنا جياعاً قط.
وقال الربيع: أخذ رجل بركاب الشافعي، فقال لي: يا ربيع، أعطه أربعة دنانير، واعذرني عنده.
قال يونس بن عبد الأعلى: قال لي الشافعي: أنست بالفقر حتى صرت لا أستوحش منه.
قال عمرو بن سواد السرحي: كان الشافعي أسخى الناس على الدينار والدرهم والطعام، فقال لي: أفلست من دهري ثلاث إفلاسات، فكنت أبيع قليلي وكثيري، حتى حلي ابنتي وزوجتي، ولم أرهن قط.
قال المزني: سمعت الشافعي يقول: السخاء والكرم يغطيان عيوب الدنيا، والآخرة بعد، إلا يلحقهما بدعة.
وكنت يوماً مع الشافعي، فخرجنا الأكوام فمر بهدف، وإذا رجل يرمي بقوس عربية، فوقف عليه الشافعي ينظر، وكان حس الرمي، فأصاب بأسهم، فقال له الشافعي: أحسنت، وبرك عليه، ثم قال لي: أمعك شيء؟ فقلت: معي ثلاثة دنانير، قال: أعطه إياها، واعذرني عنده إذ لم يحضرني غيرها.
قال الربيع بن سليمان: كان الشافعي راكباً حماراً، فمر على سوق الحذائين، فسقط سوطه من يده، فوثب غلام من الحذائين، فأخذ السوط، ومسحه بكمه، وناوله إياه. فقال الشافعي لغلامه: ادفع تلك الدنانير التي معك إلى هذا الفتى. قال الربيع: فلست أدري كانت تسعة دنانير أو سبعة.
وقال: تزوجت، فسألني الشافعي: كم أصدقتها؟ فقلت: ثلاثين ديناراً، فقال: كم أعطيتها؟ قلت: ستة دنانير. فصعد داره، وأرسل إلي بصرة فيها أربعة وعشرون ديناراً.
قال: وكان الشافعي به هذه البواسير، وكانت له لبدة محشوة بحلبة، فكان يقعد عليها، فإذا ركب أخذت تلك اللبدة، ومشيت خلف حماره، فبينا هو يمر إلى منزله ناوله إنسان رقعة فيها: إنني رجل بقال أبيع البقل، ورأس مالي درهم، وقد تزوجت امرأة، وأريد أن أدخل بها، وليس إلا ذلك الدرهم! تعينني بشيء؟ فقال لي: يا ربيع، أعطه ثلاثين ديناراً، واعذرني عنده. قال: قلت: أصلحك الله، إن هذا تكفيه عشرة دراهم! قال: ويحك يا ربيع! وما يصنع بثلاثين ديناراً؟ أفي كذا، أم في كذا - يعد ما يصنع في جهازه - أعطه ثلاثين ديناراً، واعذرني عنده.
وقال: ولدت لنا شاة في زمان ليس فيه لبأ، فأمرت بلباها، فعمل، ثم تركته حتى برد واستحكم، فصفيته، وجعلته في جام، ولففته في منديل ديبقي، وختمته، وأنفذته إلى الشافعي لأتحفه به، فأعجبه، فقبله، ورد علي الجام، وفيه مائة دينار عيناً.
قال إبراهيم بن محمد: باع الشافعي ضيعة له بعشرة آلاف درهم، فصبه على نطع بمنى، فكل من أتاه حثى له - من الأشراف وأهل العلم، وأهل الأدب - بكفه، حتى بقي شيء يسير على النطع، فأتاه أعرابي من بني سدوس، فقال له: يا فتى، لي عندك يد، فكافئني عليها، قال له: وما تلك اليد يا عم؟ قال: حضرت هذا الموسم وأنت مع عمومتك، وهم يشترون الأضحية، فضربت يدك إلى درة شاة، فقلت: يا عم، اشتر لي هذه. فقلت للرجل: أحسن إلى الفتى، فأحسن إليك بقولي. فقال الشافعي: إن هذه ليد جليلة، خذ النطع وما عليها.
قال الحميدي: قدم الشافعي من اليمن، ومعه عشرون ألف دينار، فضرب خيمته خارجاً من مكة، فما قام حتى فرقها كلها.
قال إبراهيم بن برانه - وكان جليساً للشافعي:
دخلت مع الشافعي حماماً، فخرجت قبله. وكان الشافعي طوالاً جسيماً نبيلاً، وكان إبراهيم طوالاً جسيماً. فليس إبراهيم ثياب الشافعي، ولبس الشافعي ثياب إبراهيم، والشافعي لا يعلم أنها ثياب إبراهيم، وإبراهيم لا يعلم أنها ثياب الشافعي. فانصرف الشافعي إلى منزله، فنظر، فإذا هي لإبراهيم، فأمر بها، فطويت، وبخرت، وجعلت في منديل. ونظر إبراهيم، فطواها، وبخرها وجعلها في منديل. ثم راحا جميعاً، فجعل الشافعي ينظر إلى إبراهيم ويتبسم إليه وجعل إبراهيم نظر إلى الشافعي ويتبسم إليه. فلما صليت العصر قال إبراهيم: أصلحك الله، هذه ثيابك، فقال الشافعي: وهذه ثيابك، والله لا يعود إلي منها شيء، ولا يلبسها غيرك. فأخذهما إبراهيم جميعاً.
قال محمد بن عبد الحكم المصري: كان الشافعي أسخى الناس بما يجد، وكان يمر بنا، فإن وجدني، وإلا قال: قولوا
لمحمد إذا جاء يأتي المنزل، فإني لست أتغدى حتى يجيء، فربما جئته، فإذا قعدت معه على الغداء قال: يا جارية، اضربي لنا فالوذج. فلا تزال المائدة بين يديه حتى تفرغ منه، وتتغدى.
قال أبو جعفر أحمد بن الحسن المعدل: أنشدت للشافعي: " من البسيط "
يا لهف نفسي على مال أفرقه ... على المقلين من أهل المروءات
إن اعتذرت إلى من جاء يسألني ... ما لست أملكه إحدى المصيبات
قال الربيع بن سليمان: والله ما اجترأت أن أشرب الماء والشافعي ينظر إلي هيبة له.
وقال: كان أصحاب مالك يفخرون، فيقولون: إنه يحضر مجلس مالك نحو من ستين معماً، والله لقد عددت في مجلس الشافعي ثلاثمائة معمم سوى من شذ عني.
وقال: اشتريت للشافعي طيباً بدينار، فقال لي: ممن اشتريت؟ فقلت: من ذاك الأشقر الأزرق، فقال: أشقر أزرق! رده، رده، وقال: ما جاءني خير قط من أشقر.
قال حرملة بن يحيى: سمعت الشافعي يقول: احذر الأعور، والأحول، والأعرج، والأحدب، والأشقر، والكوسج، وكل من به عاهة في بدنه، وكل ناقص الخلق فاحذره؛ فإنه صاحب التواء ومعاملة عسرة، وقال الشافعي مرة أخرى: فإنهم أصحاب خب.
قال أبو محمد بن أبي حاتم: يعني إذا كان ولادهم بهذه الحالة، فأما من حدث فيه شيء من هذه العلل وكان في الأصل صحيح التركيب لم تضر مخالطته.
قال الربيع: كنت عند الشافعي، أنا والمزني، وأبو يعقوب البويطي، فنظر إلينا، فقال لي: أنت تموت في الحديث، وقال للمزني: هذا لو ناظره الشيطان قطعه وجدله، وقال للبويطي: أنت تموت في الحديد.
قال الربيع: فدخلت على البويطي أيام المحنة فرأيته مقيداً إلى أنصاف ساقيه، مغلولة - يعني يديه - إلى عنقه.
وقال الربيع: كنت في الحلقة إذ جاءه - يعني الشافعي - رجل، فسأله عن مسألة، فقال له الشافعي: أنت نساج؟ قال: عندي أجراء.
وقال: جاز أخي في صحن المسجد، فقال لي الشافعي: يا ربيع، أتريد أخاك؟ - ولم يكن رآه قط - قلت: نعم، أيدك الله، قال: هو ذاك! قال: فكان أخي.
قال ابن أخي ابن وهب: ما قدم علينا بلدنا فقيه ولا محدث أكثر حفظاً للحكايات والأسمار من الشافعي.
قال المزني: سمعت الشافعي يقول: من لا يحب العلم فلا خير فيه، ولا يكون بينك وبينه معرفة ولا صداقة.
وقال: تعلموا العلم ممن هو أعلم منكم، وعلموا من أنتم أعلم منه؛ فإذا فعلتم ذلك علمتم ما جهلتم، وحفظتم ما علمتم.
وقال: أصل العلم التثبيت، وثمرته السلامة، وأصل الورع القناعة، وثمرته الراحة، وأصل الصبر الحزم، وثمرته الظفر، وأصل العمل التوفيق، وثمرته النجح، وغاية كل أمر الصدق.
قال الأصمعي: سمعت الشافعي محمد بن إدريس يقول: العاقل يسأل عما يعلم، وعما لا يعلم، فيثبت فيما يعلم، ولا يتعلم ما لا يعلم، والجاهل يغضب من التعليم، ويأنف من التعلم.
وقال: إن لكل رأي ثمرة، ولكل تدبير عافية، وكل مشورة اختياراً، وعلى قدر درجات الصواب تكون العافية والسلامة، وعلى قدر طبقات الخطأ يكون الفوت والندامة.
قال الربيع بن سليمان: سمعت الشافعي يقول: من قرأ القرآن عظمت قيمته، ومن تفقه نبل أمره، ومن كتب الحديث قويت حجته، ومن تعلم اللغة رق طبعه، ومن تعلم الحساب جزل رأيه، ومن لم يصن نفسه لم ينفعه علمه.
وقال: قلت للشافعي: من الوغد من الرجال؟ فقال لي: الذي يرى الفضل نقصاً، والعلم جهلاً.
وقال: خرج علينا الشافعي ذات يوم، ونحن مجتمعون، فقال لنا: اعلموا - رحمكم الله - إن هذا العلم يند كما تند الإبل؛ فاجعلوا الكتب له حماة، والأقلام عليه رعاة.
وقال: العلم كثير، والحكماء قليل، وإنما يراد من العلم الحكمة، " ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً ".
وقال: أحسن الاحتجاج ما أشرقت معانيه، وأحكمت مبانيه، وابتهجت له قلوب سامعيه.
وقال: بئس الزاد إلى المعاد العدوان على العباد.
وقال: أشد الأعمال ثلاثة: الجود من قلة، والورع في خلوة، وكلمة الحق عند من يرجى ويخاف.
قال داود بن علي: قال الشافعي: حياة الأرض بالديم، وحياة النفوس بالهمم، وحياة القلوب بالحكم.
قال محمد بن يحيى بن حسان: سمعت الشافعي يقول: العلم علمان: علم الدين، وعلم الدنيا؛ فالعلم الذي للدين فهو الفقه، والعلم الذي للدنيا فهو الطب.
قال يونس بن عبد الأعلى: قال لنا الشافعي: ليس إلى السلامة من الناس سبيل، فانظر ما فيه صلاحك فالزمه.
قال المسيب بن واضح: سمعت الشافعي يوصي شاباً من أصحابه يقول له: الزم الصمت إلى أن يلزمك التكلم، فإنما أكثر من يندم إذا هو نطق، وقل من يندم إذا سكت، واعلم بأن الرجوع عن الصمت إلى الكلام أحسن من الرجوع عن الكلام إلى الصمت، والعطية بعد المنع أحسن من المنع بعد العطية.
قال أبو ثور إبراهيم بن خالد: سمعت أبا عبد الله محمد بن إدريس الشافعي يقول: ضياع الجاهل قلة عقله، وضياع العالم أن يكون بلا إخوان؛ وأضيع من هؤلاء أن يؤاخي الإنسان من لا عقل له.
وقال يونس بن عبد الأعلى: سمعت الشافعي يقول: آلات الرئاسة خمس: صدق اللهجة، وكتمان السر، والوفاء بالعهد، وابتداء النصيحة، وأداء الأمانة.
وقال: أرفع الناس قدراً من لا يرى قدره، وأكثر الناس فضلاً من لا يرى فضله.
قال الربيع: وسمعت الشافعي يقول: من استغضب فلم يغضب فهو حمار، ومن استرضي فلم يرض فهو شيطان.
وقال: كتب الشافعي إلى رجل من أهل الحلقة يهنئه بولد رزقه ذكر: بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد، فبارك الله لك في الفارس المستفاد، وجعله طيباً من الأولاد، وحسن وجهه، وجمل صورته، وأسعد جده، وبلغك أملك به. فقر عيناً يا أخي، واشدد به عضداً، وازدد به ولداً.
قال محمد بن عيسى الزاهد: مات لعبد الرحمن بن مهدي ابن، فجزع عليه جزعاً شديداً حتى امتنع من الطعام والشراب، فبلغ ذلك محمد بن إدريس الشافعي، فكتب إليه: أما بعد، فعز نفسك بما تعزي به غيرك، واستقبح من فعلك ما تستقبحه من فعل غيرك، واعلم أن أمض المصائب فقد سرور مع حرمان أجر، فكيف إذا اجتمعا على اكتساب وزر؟ فأقول: " من البسيط "
إني معزيك لا أني على طمع ... من الخلود ولكن سنة الدين
فما المعزى بباق بعد صاحبه ... ولا المعزي ولو عاشا إلى حين
قال: فكانوا يتهادونها بينهم بالبصرة.
قال الربيع بن سليمان: سمعت الشافعي ينشد: " من الطويل "
إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل ... خلوت ولكن قل علي رقيب
ولا تحسبن الله يغفل ساعة ... ولا أن ما تخفني عليه يغيب
غفلنا لعمر الله حتى تراكمت ... علينا ذنوب بعدهن ذنوب
فيا ليت أن الله يغفر ما مضى ... ويأذن في توباتنا فنتوب
وقال المزني: أنشدنا الشافعي لنفسه: " من السريع "
لا تأس في الدنيا على فائت ... وعندك الإسلام والعافيه
قال الربيع بن سليمان: سمعت الشافعي يقول: " من الهزج "
إذا القوت تأتى ل ... ك والصحة والأمن
فأصبحت أخا حزن ... فلا فارقك الحزن
أنشد ابن جوصا بدمشق للشافعي: " من الوافر "
أمنت مطامعي فأرحت نفسي ... فإن النفس ما طمعت تهون
وأحييت القنوع وكان ميتاً ... ففي إحيائه عرض مصون
إذا طمع يحل بقلب عبد ... علته مهانة وعلاه هون
عن المزني قال: أخذ الشافعي بيدي ثم أنشدني: " من الطويل "
أحب من الإخوان كل مواتي ... وكل غضيض الطرف عن عثراتي
يوافقني في كل خير أريده ... ويحفظني حياً وبعد مماتي
ومن لي بهذا؟ ليتني قد أصبته ... فقاسمته مالي من الحسنات
تصفحت إخواني فكان جميعهم ... على كثرة الإخوان غير ثقات
قال عباس الأزرق: دخلت على أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي - فذكر قصة، وقال: - فقال الشافعي: " من الكامل "
إن الذي رزق اليسار فلم يصب ... حمداً ولا أجر لغير موفق
فالجد بدني كل شيء شاسع ... والجد يفتح كل باب مغلق
وإذا سمعت بأن كل مجدودأً حوى ... عوداً فأثمر في يديه فصدق
وإذا سمعت بأن محروماً أتى ... ماء ليشربه فغاض فحقق
وأحق خلق الله بالهم امرؤ ... ذو همة يبلى بعيش ضيق
ومن الدليل على القضاء وكونه ... بؤس اللبيب وطيب عيش الأحمق
أنشد يونس بن عبد الأعلى للشافعي: " مجزوء الكامل "
ما حك جلدك مثل ظفرك ... فتول أنت جميع أمرك
وإذا قصدت لحاجة ... فاقصد لمعترف بقدرك
قال أبو العباس الأبيودري: خرج الشافعي محمد بن إدريس إلى اليمن إلى ابن عم له، فبره ببر غير طائل، فكتب إليه الشافعي: " من الطويل "
أتاني بر منك في غير كنهه ... كأنك عن بري يداك تحيد
لسانك عش بالنوال ولا أرى ... يمينك إذا جاد اللسان تجود
تفرق عنك الأقربون لشأنهم ... وأشفقت أن تبقى وأنت وحيد
وأصبحت بين الحمد والذم واقفاً ... فيا ليت شعري أي ذاك تريد
قال إبراهيم بن خالد: رأيت في منامي ليلة الجمعة قائلاً يقول: يكون في يوم الاثنين فزع عظيم، وفتنة صماء غير أن الله تعالى عن محمد بن إدريس الشافعي راض، وله محب. فأعدت ذلك على الشافعي، فقال لي: رؤيا نسأل الله خيرها، ونعوذ به من شرها وضرها. قال: فلما كان يوم الاثنين رأينا من الفزع والفتن أكثر مما قال لنا القائل في المنام.
قال أبو بكر الديلي إمام مسجد الرملة: كنت بمدينة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قائماً بالروضة، فإذا أنا بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وصاحبه، فقلت: يا رسول الله، في نفسي حاجة أسألها، قال: قلت، فقلت: يا رسول الله، أحب أن أنتحل أحد المذاهب، فقال لي: مذهب الشافعي - مرتين - فقالوا له فقالوا له في ذلك، فقال: ما اخترته، بل الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اختاره.
قال الحسين بن محمد بن داود أبو علي الدينوري بأسد أباذ: رأيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفارسين معه، فسألت عنهما، فقيل: هذا أبو بكر، وهذا عمر، فتقدمت إليه، فقلت: يا رسول الله، إني أذهب مذهب الشافعي، فقال لي بيده: واستمسك به، فإنه العروة الوثقى.
قال محمد بن نصر الترمذي: كتب الحديث تسعاً وعشرين سنة، وسمعت مسائل مالك من قوله، ولم يكن لي حسن رأي في الشافعي. فبينما أنا قاعد في مسجد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمدينة إذ غفوت غفوة، فرأيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام، فقلت: يا رسول الله، أكتب رأي أبي حنيفة؟ قال: لا، قلت: أكتب رأي مالك؟ قال: ما وافق حديثي، قلت له: أكتب رأي الشافعي؟ فطأطأ رأسه شبه الغضبان لقولي، وقال: ليس هذا بالرأي، هذا رد على من خالف سنتي. فخرجت في أثر هذه الرؤيا إلى مصر، فكتبت كتب الشافعي.
قال أحمد بن الحسن الترمذي: كنت في الروضة، فأغفيت، فإذا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أقبل، فقلت: يا رسول الله، قد كثر الاختلاف في الدين، فما تقول في رأي أبي حنيفة؟ فقال: أف، ونفض يده! فقلت: فما تقول في رأي مالك؟ فرفع يده، وطأطأ، وقال: أصاب وأخطأ، قلت: فما تقول في رأي الشافعي: قال: بأبي ابن عمي، أحيا سنتي.
وقال: رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام، فقلت: يا رسول الله، أما ترى ما في الناس من الاختلاف؟ قال: فقال لي: في أي شيء؟ قلت: أبو حنيفة، ومالك، والشافعي. فقال: أما أبو حنيفة فما أدري من هو، وأما مالك فقد كتب العلم، وأما الشافعي فمنني وإلي.
قال المزني: رأيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام، فسألته عن الشافعي، فقال: من أراد محبتي وسنتي فعليه بمحمد بن إدريس الشافعي المطلبي؛ فإنه مني وأنا منه.
قال محمد بن إسحاق بن خزيمة:
كنا نسمع أن من مارس البز، وتفقه بمذهب الشافعي، وقرأ لعاصم فقد كمل ظرفه.
قال الربيع: سمعت الشافعي يقول - في قصة ذكرها -: " من الطويل "
لقد أصبحت نفسي تتوق إلى مصر ... ومن دونها أرض المهامه والقفر
فوالله ما أدري أللفوز والغنى ... أساق إليها أم أساق إلى قبري
قيل: فسيق والله إليهما جميعاً.
عن محمد بن عبد بن عبد الحكم قال: بلغ الشافعي أن أشهب بن عبد العزيز يقول في سجوده: اللهم أمت الشافعي؛ فإنك إن أبقيته اندرس مذهب مالك. قال: فتعجب من ذلك: وأنشد: " من الطويل "
تمنى رجال أن أموت وإن أمت ... فتلك سبيل لست فيها بأوحد
فقل للذي يبقى خلاف الذي مضى ... تجهز لأخرى مثلها فكان قد
قال يونس بن عبد الأعلى: ما رأيت أحداً لقي من السقم ما لقي الشافعي؛ فدخلت عليه، فقال لي: أبا موسى، اقرأ علي ما بعد العشرين والمائة من " آل عمران "، وأخف القراءة، ولا تثقل. فقرأت عليه، فلما أردت القيام قال: لا تغفل عني فإني مكروب.
قال يونس: عنى الشافعي بقراءتي ما بعد العشرين والمائة ما لقي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه، أو نحوه.
قال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: أوصى الشافعي إلى أبي: فرأيت في آخر وصيته: ومحمد بن إدريس يسأل الله القادر على ما يشاء أن يصلي على محمد عبد ورسوله، وأن يرحمه، فإنه فقير إلى رحمته، وأن يجيره من النار، فإن الله غني عن عذابه، وأن يخلفه في جميع ما خلفه بأفضل ما خلف به أحداً من المؤمنين، وأن يكفيهم فقده، ويجبر مصيبتهم، والحاجة إلى أحد من خلقه بقدرته. وكتب في شعبان سنة ثلاث ومائتين.
قال إسماعيل بن يحيى المزني: دخلت على محمد بن إدريس الشافعي في مرضه الذي مات فيه، فقلت: يا أبا عبد الله، كيف أصبحت؟ قال؛ فرفع رأسه، فقال: أصبحت من الدنيا راحلاً، ولإخواني مفارقاً، ولسوء فعلي - وفي رواية: عملي - ملاقياً، وعلى الله وارداً، ما أدري روحي تصير إلى الجنة فأهنيها، أو - في رواية: أم - إلى الناس فأعزيها، ثم بكى، وأنشأ يقول: " من الطويل "
إليك إله الخلق أرفع رغبتي ... وإن كنت يا ذا المن والجود مجرما
فلما قسا قلبي وضاقت مذاهبي ... جعلت الرجا مني لعفوك سلما
تعاظمني ذنبي فلما قرنته ... بعفوك ربي كان عفوك أعظما
وما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل ... تجود وتعفو منة وتكرما
فلولاك ما يقوى بإبليس عابد ... فكيف وقد أغوى صفيك آدما
فإن تعف عني تعف عن متمرد ... ظلوم غشوم ما يزايل مأثما
وإن تنتقم مني فلست بآيس ... ولو أدخلت نفسي بجرمي جهنما
فجرمي عظيم من قديم وحادث ... وعفوك يا ذا العفو أعلى وأجسما
قال الربيع بن سليمان المرادي: دخلت على الشافعي وهو مريض، فسألني عن أصحابنا، فقلت: إنهم يتكلمون. فقال لي الشافعي: ما ناظرت أحداً قط على الغلبة، وبودي أن جميع الخلق تعلموا هذا الكتاب - يعني كتبه - على ألا ينسب إلي منه شيء. قال هذا الكلام يوم الأحد، ومات هو يوم الخميس، وانصرفنا من جنازته ليلة الجمعة ورأينا هلال شعبان سنة أربع ومائتين.
وسئل الربيع عن سن الشافعي، فقال: نيف وخمسون سنة.
ومن طريق آخر عن الربيع: مات الشافعي سنة أربع ومائتين، وهو ابن أربع وخمس سنة.
قال عبد الله بن عدي الحافظ: قرأت على قبر محمد بن إدريس الشافعي بمصر على لوحين حجارة، أحدهما عند رأسه، والآخر عند رجليه نسبته إلى إبراهيم الخليل: هذا قبر محمد بن إدريس الشافعي، وهو يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمد عبده ورسوله، وأن الجنة حق، وأن النار حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، وأن صلاته ونسكه ومحياه ومماته لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمر وهو من المسلمين، عليه يحيا، وعليه مات، وعليه يبعث حياً إن - شاء الله - وتوفي أبو عبد الله ليوم بقي من رجب سنة أربع ومائتين.
قال الربيع: كنا جلوساً في حلقة الشافعي بعد موته بيسير، فوقف علينا أعرابي، فسلم ثم قال: أين قمر هذه الحلقة وشمسها؟ فقلنا: توفي - رضي الله عنه - فبكى بكاء شديداً وقال: رحمه الله، وغفر له، فلقد كان يفتح ببيانه منغلق الحجة، ويسد على خصمه واضح المحجة، ويغسل من العار وجوهاً مسودة، ويوسع بالرأي أبواباً منسدة.
قال أحمد بن حنبل: رأيت الشافعي أبا عبد الله بن إدريس في المنام، فقلت له: يا أخي، ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي، وتوجني، وزوجني، وقال لي: هذه بما لم تزه بما أرضيتك، ولم تتكبر فيما أعطيتك.
قال الربيع بن سليمان: رأيت الشافعي بعد وفاته في المنام، فقلت: يا أبا عبد الله، ما صنع الله بك؟ قال: أجلسني على كرسي من ذهب، ونثر علي اللؤلؤ الرطب.
قال أبو عبد الله الهروي الحافظ: رأيت قبر أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي، ووقفت عليه، وهو بالقرب من قبور آل عبد الله بن عبد الحكم، وترحمت عليه، وأحسبه رأيته قبراً لاطئاً بالأرض، ودفوف حول صغار.
أنشد أبو الغنائم الحسن بن علي بن حماد لبعض الأعراب وقد عبر بقبر الشافعي: " من السريع "
راحت وفود الأرض عن قبره ... فارغة الأيدي ملاء القلوب
قد علمت ما رزئت، إنما ... يعرف فقد الشمس بعد الغروب
أظلمت الآفاق من بعده ... وعريت من كل حسن وطيب
قال عثمان بن خرزاذ الأنطاكي: رأيت في المنام كأن القيامة قد قامت، وكأن الخلائق قد حشروا، وكأن الله قد برز لفصل الفضاء، وكان منادياً ينادي من بطنان العرش: ألا أدخلوا الجنة أبا عبد الله، وأبا عبد الله، وأبا عبد الله، وأبا عبد الله. فقلت لملك إلى جنبي: من هؤلاء آباء عبد الله؟ فقال: أما أولهم فسفيان الثوري، وأما ثانيهم فمالك بن أنس، وأما ثالثهم فمحمد بن إدريس الشافعي، وأما رابعهم فأحمد بن حنبل، أئمة أمة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد سيق بهم إلى الجنة.
قال أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي يرثي أبا عبد الله الشافعي: " من الطويل "
ألم تر آثار ابن إدريس بعده ... دلائلها في المشكلات لوامع
معالم يفنى الدهر وهي خوالد ... وتنخفض الأعلام وهي فوارع
مناهج فيها للهدى متصرف ... موارد فيها للرشاد شرائع
ظواهرها حكم ومستبطناتها ... لما حكم التفريق فيه جوامع
لرأي ابن إدريس ابن عم محمد ... ضياء إذا ما أظلم الخطب ساطع
إذا المفظعات المشكلات تشابهت ... سما منه نور في دجاهن لامع
أبى الله إلا رفعه وعلوه ... وليس لما يعليه ذو العرش واضع
توخى الهدى واستنقذته يد التقى ... من الزيع إن الزيع للمرء صارع
ولاذ بآثار الرسول فحكمه ... لحكم رسول الله في الناس تابع
وعول في أحكامه وقضائه ... على ما قضى في الوحي والحق ناصع
بطيء عن الرأي المخوف التباسه ... إليه إذا لم يخش لبساً يسارع
جرت لبحور العلم أمداد فكره ... لها مدد في العالمين يتابع
وأنشأ له منشيه من خير معدن ... خلائق هن الباهرات البوارع
تسربل بالتقوى وليداً وناشئاً ... وخص بلب الكهل مذ هو يافع
وهذب حتى لم تشر بفضيلة ... إذا التمست إلا إليه الأصابع
فمن يك علم الشافعي إمامه ... فمرتعه في باحة العلم واسع
سلام على قبر تضمن جسمه ... وجادت عليه المدجنات الهوامع
لئن فجعتنا الحادثات بشخصه ... لهن لما حكمن فيه فواجع
فأحكامه فينا بدور زواهر ... وآثاره فينا نجوم طوالع
قال الحافظ ابن عساكر:
قد جمع الناس في فضائل الشافعي - رحمه الله - فأكثروا، وفضله - رحمه الله - أكثر مما جعلوا وسطروا. ولأبي الحسين الرازي - والد تمام - أخباره، ولأبي بكر البيهقي في فضله مجلد ضخم، ولأبي الحسن الآبري مجلد ضخم. ولا يحتمل هذا الكتاب أكثر مما ذكرنا، فلذلك اقتصدنا، واقتصرنا، والله يتغمده برضوانه، ويجمع بيننا وبينه في مستقر جنانه.
/
محمد بن إدريس بن المنذر بن داود بن مهران أبو حاتم الرازي مولى تميم بن حنظلة الغطفاني الحنظلي.
قدم دمشق طالباً للعلم.
حدثنا أبو حاتم الرازي عن داود بن عبد الله، بسنده إلى أبي ذر، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن الله يقول: يا ابن آدم! إن لقيتني بملء الأرض ذنوباً، لا تشرك بي شيئاً، لقيتك بملء الأرض مغفرة ".
وروى عن عمرو بن الربيع، بسنده إلى أنس بن مالك، عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " اطلبوا الخير دهركم، وتعرضوا نفحات الله عز وجل، فإن لله تبارك وتعالى نفحات يصيب بها من يشاء من عباده. وسلوا الله أن يستر عوراتكم ويؤامن روعاتكم ".
وعن داود، بسنده عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خير نساء العالم مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون، وخديجة، وفاطمة بنت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".
وروى عن سليمان بن عبد الرحمن، بسنده إلى أبي هريرة، عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا جلس بين شعبها الأربع، فقد وجب الغسل ".
وروى عن محمد بن عمار بسنده، عن عمار بن ياسر قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أوصي من آمن بي وصدقني بولاية علي بن أبي طالب، فمن تولاه فقد تولاني، ومن تولاني فقد تولى الله، ومن أحبه فقد أحبني، ومن أحبني فقد أحب الله. ومن أبغضه فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله عز وجل ".
حدث عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: سمعت أبي يقول: أول سنة خرجت في طلب الحديث أقمت سنتين، أحصيت ما مشيت على قدمي زيادة على ألف فرسخ، لم أزل أحصي حتى ما زاد على ألف فرسخ تركته.
قال: وسمعت أبي يقول: بقيت بالبصرة في سنة أربع عشرة ومائتين ثمانية أشهر، وكان في نفسي أن أقيم سنة، فانقطعت نفقتي، فجعلت أبيع ثيابي شيئاً بعد شيء، حتى بقيت بلا نفقة، ومضيت أطوف مع صديق لي إلى المشيخة، وأسمع منهم إلى المساء، فانصرف رفيقي. ورجعت إلى بيت خال، فجعلت أشرب الماء من الجوع، ثم أصبحت من الغد، وغدا علي رفيقي، فجعلت أطوف معه في سماع الحديث على جوع شديد، فانصرف عني، فانصرفت جائعاً. فلما كان الغد غدا علي فقال: مر بنا إلى المشايخ. فقلت: أنا ضعيف لا يمكني. قال: ما ضعفك؟ قلت: لا أكتمك أمري، قد مضى يومان ما طعمت فيهما. فقال لي رفيقي: معي دينار، فأنا أواسيك بنصفه، ونجعل النصف الآخر في الكراء. فخرجنا من البصرة، وقبضت منه النصف دينار.
أجمعوا على توثيقه، ووصفوه بالإتقان والتثبت والحفظ.
وقال: سمعت أبي يقول: قلت على باب أبي الوليد الطيالسي: من أغرب علي حديثاً غريباً مسنداً صحيحاً لم أسمع به، فله علي درهم يتصدق به. وقد حضر على أبي الوليد خلق من الخلق؛ أبو زرعة فمن دونه. وإنما كان مرادي أن أستخرج منهم ما ليس عندي، فما تهيأ لأحد منهم أن يغرب علي حديثاً.
قال أبو حاتم: قال لي أبو زرعة: ترفع يديك في القنوت؟ قلت: لا. فقلت له: فترفع أنت؟ قال: نعم. فقلت: ما حجتك؟ قال: حديث ابن مسعود. قلت: رواه ليث بن أبي سليم. قال: حديث أبي هريرة. قلت: رواه ابن لهيعة. قال: حديث ابن عباس. قلت: رواه عوف. قال: فما حجتك في تركه؟ قلت: حديث أنس أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان لا يرفع يديه في شيء من الدعاء إلا في الاستسقاء. فسكت.
وحدث ابن أبي حاتم الرازي قال: سمعت أبي يقول: اكتب أحسن ما تسمع، واحفظ أحسن ما تكتب، وذاكر بأحسن ما تحفظ.
وأنشد: من الطويل
تفكرت في الدنيا فأبصرت رشدها ... وذللت بالتقوى من الله خدها
أسأت بها ظناً فأخلفت وعدها ... وأصبحت مولاها وقد كنت عبدها
مات أبو حاتم الرازي سنة سبع وسبعين ومئتين، وقال ابن يونس: سنة خمس وسبعين ومئتين.
محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن صالح أبو بكر العقيلي الأصبهاني الفابزاني حدث عن محمد بن سلم، بسنده إلى أنس بن مالك قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إنه لينادي المنادي يوم القيامة: أين فقراء أمة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فيقوموا فيصفوا صفوف القيامة. ألا من أطعمكم أكلة أو سقاكم شربة أو كساكم خلقاً أو جديداً، فخذوا بيده، فأدخلوه الجنة. فلا يزال صاحبه قد تعلق بصاحبه وهو يقول: يا رب العالمين هذا أرواني، ويقول الآخر: هذا كساني. فلا يبقى من فقراء أمة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صغير ولا كبير إلا أدخلهم الله الجنة ".
وعن هشام بن عمار بسنده إلى أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " المشاؤون إلى المساجد في الظلم، أولئك الخواضون في رحمة الله عز وجل ".
توفي محمد بن إسحاق بن إبراهيم العقيلي سنة ثلاث وثمانين ومئتين.
محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن يزيد بن مهران أبو بكر الضرير البغدادي الصفار شيخ ثقة، أصله من الشام.
أنبأنا أبو بكر محمد بن إسحاق الصفار، عن محمد بن صالح بسنده إلى ربيعة بن كعب الأسلمي قال: كنت أبيت مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، آتيه بوضوئه وبحاجته، فقال: " سلني " قلت: مرافقتك في الجنة. قال: " أو غير ذلك؟ " قال: فقلت: هو ذاك. قال: " فأعني على نفسك بكثرة السجود ".
رواه أبو داود والنسائي عن هشام.
محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن عبد الله الأنطاكي المعروف بأخي العريف روى عن أبي بكر محمد بن عمر الجعابي بسنده إلى علي بن أبي طالب قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من أفتى بغير علم، لعنته ملائكة السماء والأرض ".
محمد بن إسحاق بن إسماعيل بن مسروق العذري، والد أبي قصي روى عن معروف الخياط عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من شهد جنازة فحمل بأربع زوايا السرير، ومشى أمامها، وجلس حتى يدفن، كتب له قيراطان من أجر، أخفهما في ميزانه يوم القيامة أثقل من جبل أحد ".
محمد بن إسحاق بن جعفر - ويقال ابن إسحاق - بن محمد أبو بكر الصغاني ثم البغدادي الحافظ من ثقات الرحالين وأعيان الجوالين، أصله من خراسان، وسكن بغداد.
روى عن روح بن عبادة، بسنده إلى أبي سعيد الخدري قال: نهى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تخلط بسراً بتمر، أو زبيباً بتمر، أو زبيباً ببسر. وقال: " من شربه منكم فليشرب كل واحد منه فرداً: تمراً فرداً، أو بسراً فرداً، أو زبيباً فرداً ".
رواه مسلم عن أبي بكر الصغاني.
وعن سعيد بن أبي مريم، بسنده إلى أبي سعيد الخدري أنه قال: خرج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أضحى أو فطر إلى المصلى، فصلى، ثم انصرف، فقام فوعظ الناس، وأمرهم بالصدقة فقال: " يا أيها الناس تصدقوا " ثم انصرف فمر على النساء فقال: " يا معشر النساء تصدقن، فإني أراكن أكثر أمل النار " فقلن: وبم ذاك يا رسول الله؟ قال: " تكثرن اللعن، وتكفرن العشير ".
رواه مسلم عن محمد بن إسحاق.
وعن عفان بسنده إلى أبي هريرة أن أعرابياً جاء إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله! دلني على عمل إذا أنا عملته دخلت الجنة. قال: " تعبد الله لا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان " قال: والذي نفسي بيده، لا أزيد على هذا شيئاً أبداً،
ولا أنقص منه. فلما ولى، قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا ".
رواه مسلم عنه.
مات أبو بكر محمد بن إسحاق الصغاني سنة سبعين ومئتين.
محمد بن إسحاق بن طلحة بن عبيد الله القرشي التيمي الطلحي حدث عن بشر بن مرحوم، بسنده إلى أبي موسى الأشعري أنه سمع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن أمتي أمة مرحومة، جعل عذابها بأيديها في الدنيا ".
محمد بن إسحاق بن عمرو بن عمر بن عمران أبو الحسن القرشي المؤذن، المعروف بابن الحريص ختن هشام بن عمار.
حدث عن هشام بن عمار، بسنده إلى معاوية بن حيدة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن الغضب يفسد الإيمان، كما يفسد الصبر العسل ". ثم قال: " يا معاوية بن حيدة! إن استطعت أن تلقى الله - عز وجل - وأنت تحسن الظن به فافعل، فإن الله عند ظن عبده به ".
توفي محمد بن إسحاق بن الحريص سنة ثمان وثمانين.
محمد بن إسحاق بن محمد بن أحمد ابن إسحاق بن عبد الرحمن بن يزيد بن موسى أبو جعفر الحلبي والد القاضي أبي الحسن علي بن محمد.
حدث عن الخريمي، بسنده إلى أبي بن كعب قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وصلينا معه الفجر، فلما قضى صلاته قال: " ها هنا فلان؟ " قلنا: لا، قال: " ففلان شاهد؟ " قلنا: نعم، قال: " إنه لا صلاة أثقل على المنافقين من صلاة الغذاة والعشاء الآخرة، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما، ولو حبواً " ثم قال: " الصف الأول على صف الملائكة، وصلاة الرجلين أفضل من صلاة الرجل وحده، وصلاة الثلاثة أفضل من صلاة الرجلين، وما أكثرت فهو أحب إلى الله ".
وحدث عن أبيه، بسنده إلى قتادة قال: سمع عمر بن الخطاب رجلاً يتبع القصص، فقال له: أتحسن سورة يوسف؟ قال: نعم. قال: اقرأها. فقرأ حتى بلغ " نحن نقص عليك أحسن القصص.. "، فقال عمر: أفتريد أحسن من أحسن القصص؟! توفي أبو جعفر محمد بن إسحاق سنة أربع وخمسين وثلاث مئة.
محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى ابن منده - واسمه إبراهيم بن الوليد - بن سنده بن بطة بن استدار أبو عبد الله العبدي الحافظ أحد المكثرين والمحدثين الجوالين، قدم دمشق.
حدث عن عبد الله بن يعقوب المعدل، بسنده إلى عبد الله بن مغفل قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الله الله في أصحابي! لا تتخذوهم غرضاً من بعدي. فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم. ومن آذاهم، فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله ".
وعن أحمد بن علي المقرئ، بسنده، إلى أنس قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من نسي صلاة أو نام عنها، فإن كفارتها أن يصليها إذا ذكرها ".
وعن سهل بن السري، بسنده عن جابر بن عبد الله عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه رأى رجلاً شعث الرأس فقال: " ما لهذا ما يسكن به شعره؟! ".
كان أبو عبد الله محمد بن إسحاق ديناً ثقة صالحاً كثير الحفظ، كتب على ألف شيخ، وثقة كثيرون. وقال بعضهم إن له في معرفة الصحابة أوهاماً وإنه اختلط في آخر عمره.
توفي أبو عبد الله بن منده سنة خمس وتسعين وثلاث مئة، وقيل ست وتسعين.
محمد بن إسحاق بن هاشم بن يعقوب بن رافع أبو عبد الله الهاشمي الرافعي مولى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يعرف باليتيم.
حدث عن سعيد بن عبد العزيز، بسنده إلى عوف بن مالك الأشجعي قال: كنا عند رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تسعة أو ثمانية أو سبعة، قال: " ألا تبايعون رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ " وكنا حديث عهد ببيعة، قلنا: قد بايعناك يا رسول الله. ثم قال: "
ألا تبايعون رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ " قلنا: ألسنا قد بايعناك يا رسول الله؟ فقال: " ألا تبايعون رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟: " قال: فبسطنا أيدينا، فبايعناه، فقال قائل منا: قد بايعناك يا رسول الله، فعلام نبايعك؟ قال: " على أن تعبدوا الله لا تشركوا به شيئاً، والصلوات الخمس، وأن تسمعوا وتطيعوا، وأسر كلمة خفية، ولا تسألوا الناس شيئاً ".
فلقد كان بعض أولئك النفر يسقط سوطه، فلا يسأل أحداً يناوله إياه! محمد بن إسحاق بن يزيد أبو عبد الله البغدادي المعروف بالصيني قدم دمشق.
حدث عن شجاع بن الوليد، بسنده إلى أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن أقربكم مني منزلاً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً في الدنيا ".
وعن نصر بن حماد، بسنده إلى ابن عباس قال: وقف النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على قتلى بدر فقال: " جزاكم الله عني من عصابة شراً، فقد خونتموني أميناً، وكذبتموني صادقاً " ثم التفت إلى أبي جهل بن هشام، فقال: " هذا أعتى على الله عز وجل من فرعون؛ إن فرعون لما أيقن بالهلكة وحد الله، وإن هذا لما أيقن بالموت دعا باللات والعزى ".
سئل أبو عون بن عمرو بن عون عن محمد بن إسحاق الصيني فقال: هو كذاب.
محمد بن إسحاق بن يعقوب بن إبراهيم أبو بكر دمشقي.
حدث عن عبد الله بن جعفر، بسنده إلى ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اتقوا الله في الضعيفين: المملوك والمرأة ".
وعن محمد بن حمدان البلخي بسنده إلى يحيى بن أبي كثير قال: ولد الزنا لا يكتب الحديث.
محمد بن إسحاق أبو عبد الله الرملي روى عن هشام بن عمار، بسنده إلى أبي هريرة، أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لما قضى الله الخلق كتب كتاباً فهو عنده فوق العرش: إن رحمتي غلبت غضبي ".
محمد بن إسحاق أبو جعفر الزوزني القارئ
قدم دمشق حاجاً.
حدث عن محمد بن علي بسنده إلى أنس بن مالك قال: من صام يوماً تطوعاً، فلو أعطي ملء الأرض ذهباً، ما وفي أجره يوم الحساب.
قال ابن عساكر: كذا ذكر هذا الحديث موقوفاً، وقد وقع لي مرفوعاً بعلو.
محمد بن إسحاق المصري حدث عن جده قال: قال ذو النون: كل محب ذليل، وكل خائف هارب، وكل راج طالب، وكل عاص مستوحش، وكل مطيع مستأنس.
مات محمد بن إسحاق المصري سنة أربع وأربعين وخمس مئة.
محمد بن أسد أبو عبد الله الإسفراييني الحوشي حدث عن مران بن معاوية، بسنده إلى طارق بن الأشيم قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من قال لا إله إلا الله، وكفر بما يعبد من دونه، حرم الله ماله ودمه، وحسابه على الله ".
محمد بن أسد بن هلال بن إبراهيم أبو طاهر الرقي الأشناني إمام جامع الرقة.
حدث عن عبد الله بن قثم، بسنده إلى جرير، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " أول الأرضين خراباً يسراها ثم يمناها ".
محمد بن إسماعيل بن أحمد بن محمد بن سعيد أبو بكر الكشي الجوهري اجتاز بدمشق أو بأعمالها عند توجهه إلى مصر.
أنبأنا أبو بكر محمد بن إسماعيل بن أحمد الكجي الجوهري، عن إسماعيل بن الحسين، بسنده إلى عبد الله بن عمر، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " ما كبر الحاج من تكبيرة، ولا هلل من تهليلة، إلا بشر بها تبشيرة ".
محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي البصري المعروف بابن علية ولي القضاء بدمشق.
حدث عن يحيى بن السكن، بسنده إلى عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ليس المسكين الذي ترده الأكلة والأكلتان واللقمة واللقمتان - زاد في رواية - ومن سأل الناس ليثري ماله، فإنما هو رضف من النار فيلهبه، فمن شاء فليقل، ومن شاء فليكثر ".
وثقه النسائي، وقال الدارقطني: لا بأس به.
لم يزل محمد بن إسماعيل قاضياً بدمشق حتى توفي سنة أربع وستين ومئتين.
محمد بن إسماعيل بن إبراهيم أبو عبد الله الجعفي البخاري الإمام صاحب الصحيح والتاريخ. سمع بدمشق.
حدث الإمام البخاري عن مكي بن إبراهيم بسنده إلى سلمة أنه أخبره قال: خرجت من المدينة ذاهباً نحو الغابة، حتى إذا كنت بثنية الغابة، لقيني غلام لعبد الرحمن بن عوف، قلت: ويحك ما بك؟ قال: أخذت لقاح رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قلت: من أخذها؟ قال: غطفان وفزارة. فصرخت ثلاث صرخات أسمعت ما بين لابتيها: يا صاحباه، يا صاحباه! ثم اندفعت حتى ألقاهم، وقد أخذوها، فجعلت أرميهم وأقول:
أنا ابن الأكوع ... واليوم يوم الرضع
فاستنقذتها منهم قبل أن يشربوا، فأقبلت بها أسوقها، فلقيني النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلت: يا رسول الله، إن القوم عطاش، وإني أعجلتهم أن يشربوا سقيهم، فابعث في أثرهم. فقال: " يا ابن الأكوع، ملكت، فأسجح، إن القوم يقرون في قومهم ".
قال أحمد بن سعدان البخاري: محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن مغيرة بن بردزبه البخاري، وبردزبه مجوسي مات عليها. والمغيرة بن بردزبه أسلم على يدي يمان البخاري والي بخارى، ويمان هذا هو
أبو جد عبد الله بن محمد المسندي. وعبد الله بن محمد هو ابن جعفر بن يمان البخاري الجعفي. والبخاري قيل له جعفي لأن أبا جده أسلم على يدي أبي جد عبد الله المسندي، ويمان جعفي، فنسب إليه لأنه مولاه من فوق. وعبد الله قيل له مسندي لأنه كان يطلب المسند من حداثته.
قال بكر بن منير: بردزبه هو بالبخارية. وبالعربية الزراع.
قال أبو عمرو المستنير: سألت أبا عبد الله بن محمد بن إسماعيل: متى ولدت؟ فأخرج لي خط أبيه: ولد محمد بن إسماعيل يوم الجمعة، بعد الجمعة، لثلاث عشرة ليلة مضت من شوال، سنة أربع وتسعين ومئة.
قال الحسن بن الحسين البزاز: رأيت محمد بن إسماعيل بن إبراهيم شيخاً نحيف الجسم، ليس بالطويل، ولا بالقصير.
حدث محمد بن الفضل البلخي قال: ذهبت عينا محمد بن إسماعيل البخاري في صغره، فرأت والدته في المنام إبراهيم الخليل، فقال لها: يا هذه، قد رد الله على ابنك بصره لكثرة بكائك، أو لكثرة دعائك، قال: فأصبحنا وقد رد الله عليه بصره.
حدث محمد بن أبي حاتم الوراق النحوي قال:
قلت لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري: كيف كان بدء أمرك في طلب الحديث؟ قال: ألهمت حفظ الحديث، وأنا في الكتاب. قال: وكم أتى عليك إذ ذاك؟ قال: عشر سنين أو اقل. ثم خرجت من الكتاب بعد العشر، فجعلت أختلف إلى الداخلي
وغيره، وقال يوماً فيما يقرأ للناس: سفيان عن أبي الزبير عن إبراهيم فقلت له: يا أبا فلان، إن أبا الزبير لم يرو عن إبراهيم. فانتهرني، فقلت له: ارجع إلى الأصل، إن كان عندك. فدخل ونظر فيه، ثم خرج فقال لي: كيف هو يا غلام؟ قلت: هو الزبير بن عدي عن إبراهيم. فأخذ القلم مني، وأحكم كتابه، فقال: صدقت. فقال له بعض أصحابه: ابن كم كنت إذ رددت عليه؟ فقال: ابن إحدى عشرة. فلما طعنت في ست عشرة، حفظت كتب ابن المبارك ووكيع، وعرفت كلام هؤلاء. ثم خرجت مع أمي وأخي أحمد إلى مكة. فلما حججت، رجع أخي، وتخلفت بها في طلب الحديث. فلما طعنت في ثمان عشرة، جعلت أصنف قضايا الصحابة والتابعين وأقاويلهم، وذلك أيام عبيد الله بن موسى. وصنفت كتاب التاريخ إذ ذاك عند قبر الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الليالي المقمرة. وقال: كل اسم في التاريخ إلا وله عندي قصة. إلا أني كرهت تطويل الكتاب.
وقال البخاري أيضاً: كتبت على ألف نفر من العلماء وزيادة، ولم أكتب إلا عمن قال: الإيمان قول وعمل، ولم أكتب قمن يقول: الإيمان قولي.
سمع حاشد بن إسماعيل وآخر يقولان: كان أبو عبد الله محمد بن إسماعيل يختلف معنا إلى مشايخ البصرة، وهو غلام، فلا يكتب، حتى أتى على ذلك أيام. فكنا نقول له: إنك تختلف معنا ولا تكتب، فما معناك فيما تصنع؟ فقال لنا بعد ستة عشر يوماً: إنكما قد أكثرتما علي وألححتما، فاعرضا علي ما كتبتما. فأخرجنا إليه ما كان عندنا، فزاد على خمسة عشر ألف حديث، فقرأها كلها على ظهر القلب، حتى جعلنا نحكم كتبنا من حفظه. ثم قال: أترون أني أختلف هدراً وأضيع أيامي؟! فعرفنا أنه لا يتقدمه أحد.
وقال أحمد بن حنبل: انتهى الحفظ إلى أربعة من أهل خراسان: أبو زرعة الرازي، ومحمد بن إسماعيل البخاري، وعبد الله بن عبد الرحمن السمرقندي، والحسن بن شجاع البلخي.
وقال محمد بن إسحاق بن خزيمة: ما رأيت تحت أديم السماء أعلم بالحديث من محمد بن إسماعيل البخاري - وفي رواية - أحفظ لحديث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا أعرف به من محمد بن إسماعيل البخاري.
وسمع عدة مشايخ يحكون: أن محمد بن إسماعيل البخاري قدم بغداد، فسمع به أصحاب الحديث، فاجتمعوا، وعمدوا إلى مئة حديث فقلبوا متونها وأسانيدها، وجعلوا متن هذا الإسناد لإسناد آخر، وإسناد هذا المتن لمتن آخر، ودفعوا إلى عشرة أنفس، إلى كل رجل عشرة أحاديث، وأمروهم إذا حضروا المجلس يلقون ذلك على البخاري، وأخذوا الموعد للمجلس، فحضر المجلس جماعة أصحاب الحديث من الغرباء من أهل خراسان وغيرها ومن البغداديين. فلما اطمأن المجلس بأهله، انتدب إليه رجل من العشرة فسأله عن حديث من تلك الأحاديث المقلوبة، فقال البخاري: لا أعرفه، فسأله عن الآخر، فقال: لا أعرفه. فما زال يلقي عليه واحداً بعد واحد حتى فرغ من عشرته، والبخاري يقول: لا أعرفه. فكان الفقهاء ممن حضر المجلس يلتفت بعضهم إلى بعض ويقولون: الرجل فهم. ومن كان منهم غير ذلك يقضي على البخاري بالعجز والتقصير وقلة الفهم. ثم انتدب رجل آخر من العشرة، فسأله عن حديث من تلك الأحاديث المقلوبة، فقال البخاري: لا أعرفه، فسأله عن آخر، فقال: لا أعرفه. فلم يزل يلقي عليه واحداً بعد آخر حتى فرغ من عشرته، والبخاري يقول: لا أعرفه. ثم انتدب إليه الثالث والرابع، إلى تمام العشرة، حتى فرغوا كلهم من الأحاديث المقلوبة، والبخاري لا يزيدهم على لا أعرفه. فلما علم البخاري أنهم
قد فرغوا، التفت إلى الأول منهم فقال: أما حديثك الأول فهو كذا، وحديثك الثاني فهو كذا، والثالث والرابع على الولاء، حتى أتى على تمام العشرة، فرد كل متن إلى إسناده وكل إسناد إلى متنه، وفعل بالآخرين مثل ذلك، ورد متون الأحاديث كلها إلى أسانيدها، وأسانيدها إلى متونها، فأقر الناس له بالحفظ وأذعنوا له بالفضل. وكان ابن صاعد إذا ذكر محمد بن إسماعيل يقول: الكبش النطاح.
قال أبو حامد أحمد بن حمدون:
سمعت مسلم بن الحجاج، وجاء إلى محمد بن إسماعيل البخاري، فقبل بين عينيه وقال: دعني حتى أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين وسيد المحدثين، ويا طبيب الحديث في علله! وحدث أبو عيسى الترمذي قال: لم أر بالعراق ولا بخراسان في معنى العلل والتاريخ ومعرفة الأسانيد أعلم من محمد بن إسماعيل.
وحدث محمد بن أبي حاتم الوراق قال: كان أبو عبد الله إذا كنت معه في سفر يجمعنا بيت واحد، إلا في القيظ أحياناً، فكنت أراه يقوم في ليلة واحدة خمس عشرة مرة إلى عشرين مرة، في كل ذلك يأخذ القداحة فيوري ناراً بيده، ويسرج، ثم يخرج أحاديث، فيعلم عليها، ثم يضع رأسه. وكان يصلي في وقت السحر ثلاث عشرة ركعة يوتر منها بواحدة، وكان لا يوقظني في كل ما يقوم. فقلت: إنك تحمل على نفسك كل هذا ولا توقظني! قال: أنت شاب، فلا أحب أن أفسد عليك نومك.
قال محمد بن إسماعيل البخاري: ما وضعت في كتاب الصحيح حديثاً إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين.
وقال: صنفت كتابي الصحاح ست عشرة سنة، خرجته من ست مئة ألف حديث، وجعلته حجة بيني وبين الله تعالى.
حدث محمد بن أبي حاتم وراق البخاري قال: سمعت البخاري يقول: لو نشر بعض أستاذي هؤلاء، لم يفهموا كيف صنفت كتاب التاريخ، ولا عرفوه. ثم قال: صنفته ثلاث مرات.
وقال أيضاً: دعي محمد بن إسماعيل إلى بستان بعض أصحابه، فلما حضرت صلاة الظهر صلى بالقوم. ثم قام للتطوع، فأطال القيام، فلما فرغ من صلاته، رفع ذيل قميصه فقال لبعض من معه: انظر، هل ترى تحت قميصي شيئاً؟ فإذا زنبور قد أبره في ستة عشر أو سبعة عشر موضعاً، وقد تورم من ذلك جسده، وكان آثار الزنبور في جسده ظاهرة، فقال له بعضهم: كيف لم تخرج من الصلاة في أول ما أبرك؟! فقال: كنت في سورة فأحببت أن أتمها.
قال محمد بن منصور: كنا في مجلس بي عبد الله محمد بن إسماعيل، فرفع إنسان من لحيته قذاة، فطرحها على الأرض. قال: فرأيت محمد بن إسماعيل ينظر إليها وإلى الناس، فلما غفل الناس رأيته مد يده، فرفع القذاة من الأرض، فأدخلها في كمه. فلما خرج من المسجد رأيته أخرجها فطرحها على الأرض.
حدث أبو سعيد بكر بن منير قال: كان حمل إلى محمد بن إسماعيل بضاعة أنفذها إليه ابنه أحمد أبو حفص، فاجتمع بعض التجار إليه بالعشية، فطلبوها منه بربح خمسة آلاف درهم، فقال لهم: انصرفوا الليلة. فجاءه من الغد تجار آخرون، فطلبوا منه تلك البضاعة بربح عشرة آلاف درهم، فردهم وقال: إني نويت البارحة أن أدفع إليهم بما طلبوا - يعني الذين طلبوا أول مرة - ودفع إليهم بربح خمسة آلاف درهم، وقال: لا أحب أن أنقض نيتي.
وقال: سمعت محمد بن إسماعيل يقول: أرجو أن ألقى الله ولا يحاسبني أني اغتبت أحداً.
وثقه علماء الحجاز والعراق والشام وخراسان وسائر الأمصار وأقروا له بالفضل.
حدث إسحاق بن أحمد بن خلف قال: سمعت محمد بن إسماعيل يقول: ما تصاغرت إلي نفسي إلا عند علي بن المديني. قال إسحاق: وسمعت أحمد بن عبد السلام يقول: ذكرنا قول محمد بن إسماعيل هذا لعلي بن المديني فقال: دعوا هذا فإن محمد بن إسماعيل لم ير مثل نفسه.
وقال يحيى بن جعفر: لو قدرت أن أزيد - يعني من عمري - في عمر محمد بن إسماعيل لفعلت، فإن موتي يكون موت رجل واحد، وموت محمد بن إسماعيل ذهاب العلم.
قال محمد بن يوسف بن عاصم: رأيت لمحمد بن إسماعيل ثلاث مستملين ببغداد، وكان اجتمعوا في مجلسه زيادة على عشرين ألف رجل.
قال محمد بن جابر: سمعت محمد بن يحيى لما ورد محمد بن إسماعيل البخاري نيسابور قال: اذهبوا إلى هذا الرجل الصالح فاسمعوا منه. قال: فذهب الناس إليه، وأقبلوا على السماع منه، حتى ظهر الخلل في مجالس محمد بن يحيى، فحسده بعد ذلك، وتكلم فيه.
وقال مسلم بن الحجاج:
لما قدم محمد بن إسماعيل البخاري نيسابور، ما رأيت والياً ولا عالماً فعل به أهل نيسابور ما فعلوا بمحمد بن إسماعيل؛ استقبلوه مرحلتين وثلاث مراحل! وقال محمد بن يحيى الذهلي في مجلسه: من أراد أن يستقبل محمد بن إسماعيل غداً، فليستقبله، فإني أستقبله. فاستقبله محمد بن يحيى وعامة من أهل نيسابور، فدخل البلد، فنزل دار البخاريين. قال: فقال لنا محمد بن يحيى: لا تسألوه عن شيء من الكلام، فإنه إن أجاب بخلاف ما نحن فيه، وقع بيننا وبينه، ثم شمت بنا كل حروري وكل رافضي وكل جهمي وكل مرجئ بخراسان. قال: فازدحم الناس على محمد بن إسماعيل، حتى امتلأ الدار والسطوح. قال: فلما كان اليوم الثاني أو الثالث، قام إليه رجل فسأله عن اللفظ بالقرآن، فقال: أفعالنا مخلوقة، وألفاظنا من أفعالنا. قال: فوقع بين الناس اختلاف؛ فقال بعضهم: قال: لفظي بالقرآن مخلوق، وقال بعضهم: لم يقل. فوقع بينهم اختلاف، حتى تواثب بعضهم إلى بعض. فاجتمع أهل الدار، فأخرجوا الناس من الدار.
قال أبو حامد الأعمشي: رأيت محمد بن إسماعيل البخاري في جنازة أبي عثمان سعيد بن مروان، ومحمد بن يحيى فسأله عن الأسامي والكنى وعلل الحديث.. ومر فيه محمد بن إسماعيل مثل السهم، كأنه يقرأ " قل هو الله أحد " فما أتى على هذا شهر، حتى قال محمد بن يحيى: ألا من يختلف إلى مجلسه لا يختلف إلينا، فإنهم كتبوا إلينا من بغداد أنه تكلم في اللفظ. ونهيناه فلم
ينته. ولا تقربوه، ومن يقربه فلا يقربنا. فأقام محمد بن إسماعيل ههنا مدة، وخرج إلى بخارى.
وحدث أبو عمرو أحمد بن نصر النيسابوري المعروف بالخفاف، ببخارى، قال: كنا يوماً عند أبي إسحاق القرشي، ومعنا محمد بن نصر المروزي، فجرى ذكر محمد بن إسماعيل البخاري، فقال محمد بن نصر: سمعته يقول: من زعم أني قلت: لفظي بالقرآن مخلوق، فهو كذاب، فإني لم أقله. فقلت له: يا أبا عبد الله فقد خاض الناس في هذا وأكثروا فيه. فقال: ليس إلا ما أقول. واحكي له عني. قال أبو عمرو الخفاف: فأتيت محمد بن إسماعيل، فناظرته في شيء من الحديث حتى طابت نفسه، فقلت: يا أبا عبد الله، ههنا رجل يحكي عنك أنك قلت هذه المقالة، فقال لي: يا أبا عمرو، احفظ ما أقول، من زعم من أهل نيسابور وقومس والري وهمذان وحلوان وبغداد والكوفة والمدينة ومكة والبصرة أني قلت: لفظي بالقرآن مخلوق، فهو كذاب، فإني لم أقل هذه المقالة. إلا أني قلت: أفعال العباد مخلوقة.
حدث أبو سعيد بكر بن منير قال: بعث الأمير خالد بن أحمد الذهلي، والي بخارى، إلى محمد بن إسماعيل أن أحمل إلي كتاب الجامع والتاريخ وغيرهما لأسمع منك. فقال محمد بن إسماعيل لرسوله: أنا لا أذل العلم، ولا أحمله إلى أبواب الناس. فإن كنت لك إلى شيء منه حاجة، فاحضرني في مسجدي أو في داري. وإن لم يعجبك هذا، فأنت سلطان، فامنعني من المجلس، ليكون لي عذر عند الله يوم القيامة، لأني لم أكتم العلم، لقول رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من سئل عن علم فكتمه ألجم بلجام من نار ". قال: فكان سبب الوحشة بينهما هذا.
قال عبد القدوس بن عبد الجبار المرقندي: جاء محمد بن إسماعيل إلى خرتنك، قرية من قرى سمرقند على فرسخين منها، وكان له بها أقرباء فنزل عندهم. قال: فسمعته ليلة من الليالي، وقد فرغ من صلاة الليل، يدعو، ويقول في دعائه: اللهم إنه قد ضاقت علي الأرض بما رحبت، فاقبضني إليك. قال: فما تم شهر حتى قبضه الله تعالى. وقبره بخرتنك.
توفي محمد بن إسماعيل البخاري ليلة الفطر سنة ست وخمسين ومئتين.
محمد بن إسماعيل بن إسحاق بن بحر أبو عبد الله الفارسي حدث عن أبي هاشم وريزة بن محمد بسنده إلى عمر بن الخطاب، أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " نعم الإدام الخل ".
كان أبو عبد الله الفارسي ثقة فاضلاً. ولد سنة ثمان أو تسع وأربعين ومئتين، وتوفي سنة خمس وثلاثين وثلاث مئة.
محمد بن إسماعيل بن زياد أبو عبد الله - ويقال أبو بكر - البغدادي الدولابي حدث محمد بن إسماعيل الدولابي، عن أبي مسهر بسنده إلى أبي سعيد الخدري
أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا قال: " سمع الله لمن حمده " قال: " ربنا ولك الحمد، ملء السماوات والأرض، وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، كلنا لك عبد. لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد ".
كان الدولابي ثقة، وتوفي سنة أربع وسبعين ومئتين.
محمد بن إسماعيل بن علي أبو علي الأيلي حدث بدمشق سنة ست وعشرين وثلاث مئة، عن إسحاق بن إبراهيم، بسنده إلى أنس، أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " حسبك من نساء العالمين أربع: مريم بنة عمران، وخديجة بنة خويلد، وفاطمة بنة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وآسيا امرأة فرعون ".
محمد بن إسماعيل بن القاسم بن إبراهيم بن طباطبا ابن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب أبو عبد الله العلوي الحسني المدني الرسي قدم دمشق في صحبة أبي الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون حين توجه للقاء جيش ابن أبي الساج، فالتقيا بثنية العقاب من أرض دمشق.
حدث أبو عبد الله محمد بن إسماعيل قال: لما تراءى الجيشان أمر بإلقاء حصير الصلاة، فألقيت، ونزلت معه، فصلى ركعتين، فلما استتمهما أدخل يده في خفه، فأخرج منه خط ابن أبي الساج الذي حلف فيه بوكيد الأيمان أنه لا يحاربه، فقال: اللهم إني رضيت بما أعطانيه من الأيمان بك، ووثقت بكفايتك إياي غدره بحلفه. واجترأ على الحنث بما أكده لي اغتراراً بحلمك عنه، فأدلني عليه. فرأيت ميمنة خمارويه قد انهزمت، وتبعتها ميسرته، فحمل في شرذمة يسيرة على جيش أبي الساج، وهو في غاية من الوفور، فانهزموا بأسرهم. فوقف على نشز، وأطفت ومن حضر به. فاستأمنت إلينا عدة كبيرة. فقلت له: أيها الأمير، إن مقامنا مع هذه الجماعة خطر، فأمرني بالمسير بهم إلى مستقر سواء، فسرت معهم، وأنا على
رقبة مطمع فيه، أو كيد له. فبلغوا نهراً احتاجوا إلى عبوره، فرأيتهم قد خلعوا الخفاف، وحطوا الرحال، وسلكوا سلوك المطمئنين، فأنست إليهم.
قال سعيد بن يونس: محمد بن إسماعيل بن القاسم، مديني، كان يسكن الرس، قرية نحو المدينة. قدم مصر قديماً روى عن أبيه عن جده حديثاً في فضل حضور موائد آل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وكان كريماً سخياً، وكانت له بمصر منزلة عند السلطان والعامة. توفي بمصر سنة خمس عشرة وثلاث مئة.
محمد بن إسماعيل بن القاسم بن الحسن أبو عبد الله الحداد البانياسي حدث عن أصل كتاب أحمد بن بكر، بسنده إلى أبي هريرة قال: قال الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يزال العبد في الصلاة، ما دام ينتظر الصلاة، تقول الملائكة: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه ".
محمد بن إسماعيل بن محمد بن يحيى بن يزيد بن دينار أبو حصين التميمي والد أبي الدحداح.
حدث أبو حصين محمد بن إسماعيل التميمي، عن أبيه، بسنده إلى أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يلبي بهما جميعاً: " لبيك عمرة وحجاً، لبيك عمرة وحجاً ".
وحدث عن أبيه أيضاً بسنده إلى عبد الله بن مسعود قال: حدثنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو الصادق المصدوق: " إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين ليلة.. " فذكر الحديث.
توفي أبو الحصن محمد بن إسماعيل الدمشقي سنة تسع ومئتين.
محمد بن إسماعيل بن محمد بن سلام أبو بكر الخشني، مولاهم، المعروف بابن البصال المعدل أصلهم من خراسان، وكان خليفة القاضي أبي محمد بن زبر على قضاء دمشق.
حدث أبو بكر المعروف بابن البصال عن أبي الوليد محمد بن أحمد، بسنده إلى أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لو عدلت الدنيا عند الله جناح بعوضة من خير، ما سقى كافراً منها شربة ".
كتب أبو الحسين الرازي بخطه في تسمية من كتب عنه بدمشق: أبو بكر محمد بن إسماعيل بن محمد بن سلام الخشني ويعرف بابن البصال، شيخ جليل معدل، وكان أبوه محدثاً. مات في سنة ثلاث وعشرين وثلاث مئة.
محمد بن إسماعيل بن محمد أبو عبد الله البخاري قدم دمشق لزيارة القدس وسماع الحديث.
حدث عن أبي بكر أحمد بن علي، بسنده إلى سعد بن ابي وقاص قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" أيمنع أحدكم أن يكبر في دبر كل صلاة عشراً، ويسبح عشراً، ويحمد عشراً، فذلك في خمس صلوات خمسون ومئة باللسان، وألف وخمس مئة في الميزان، وإذا أوى إلى
فراشه كبر أربعاً وثلاثين، وحمد ثلاثاً وثلاثين، وسبح ثلاثاً وثلاثين، فتلك مئة باللسان وألف في الميزان قال: ثم قال: وأيكم يعمل في يوم وليلة ألفين وخمس مئة سيئة؟! ".
قال الحافظ ابن عساكر: ذكر لي عن هذا البخاري عجائب ببغداد من الفسوق والكذب، وأنه غير اسمه وكنيته، وتكنى بمحمد بن إسماعيل تشبهاً بالبخاري. هلك ببغداد في البيمارستان، وكان قد حد في الشراب.
محمد بن إسماعيل بن مهران بن عبد الله أبو بكر النيسابوري المعروف بالإسماعيلي أحد الثقات الرحالين.
حدث عن علي بن ميمون العطار، بسنده إلى معاوية قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " كل مسكر على كل مؤمن حرام ".
وحدث عن سوار بن عبد الله العنبري، بسنده إلى أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا ولغ الكلب في الإناء، غسل سبع مرات، أولهن - أو أولاهن - بالتراب. وإذا ولغ الهر غسل مرة ".
توفي أبو بكر الإسماعيلي سنة خمس وتسعين ومئتين.
محمد بن إسماعيل بن يوسف أبو إسماعيل السلمي الترمذي حدث عن الحسن بن سوار، بسنده إلى أسامة بن زيد قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يتوارث أهل ملتين، المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم ".
وعن سعيد بن أبي مريم، بسنده إلى العباس بن عبد المطلب، أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا سجد العبد، سجد معه سبعة آراب: الجبهة وكفاه وركبتاه وقدماه ".
وعن محمد بن عبد الله الأنصاري، بسنده إلى أبي هريرة، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن الله وتر يحب الوتر، فأوتروا يا أهل القرآن ".
قال أبو بكر الخطيب: محمد بن إسماعيل بن يوسف كان فهماً متقناً مشهوراً بمذهب السنة، روى عنه أبو عيسى الترمذي وأبو عبد الرحمن النسائي في صحيحهما.
وقال الدارقطني: أبو إسماعيل الترمذي ثقة صدوق، تكلم فيه أبو حاتم.
توفي أبو إسماعيل الترمذي سنة ثمانين ومئتين.
محمد بن إسماعيل أبو بكر المرثدي القاضي ولي قضاء دمشق نيابة عن عبد الله بن محمد بن الخصيب تسعة اشهر حتى مات الخصيبي. وكان محموداً على ما قيل. ثم ولي قضاء صيدا حتى توفي سنة تسع وأربعين وثلاث مئة.
محمد بن إسماعيل أبو بكر الفرغاني أحد مشايخ الصوفية، من أستاذي أبي بكر الدقي، وكان من مجتهدي أهل التصوف في العبادة وخلو اليد من العلوم.
حدث محمد بن إسماعيل الفرغاني قال: سمعت أبا الحارث الأولاسي يقول: دخلت مسجد طرطوس، فرأيت فتيين جلوساً يتكلمان في علم الألفة، وسوء أدب الخلق، وحسن صنيع الله تعالى إليهم، وندمان نفوسهما فيما يجب لله تعالى عليهما. فقال أحدهما لصاحبه: يا أخي، قد تحدثنا في العلم، فتعال حتى نعامل الله تعالى به، فيكون لعلمنا فائدة ومنفعة. فعزما على ألا يتناولا شيئاً مسته أيدي بني آدم، ولا ما للخليقة فيه صنع. قال أبو الحارث: فقلت: وأنا معكما. فقالا: إن شئت. فخرجنا من طرطوس، وجئنا إلى جبل لكام، فأقمنا فيه ما شاء الله. قال أبو الحارث: أما أنا فضعفت نفسي، وقام العلم بين عيني؛ لئن مت على ما أنت عليه، مت ميتة جاهلية. فتركت صاحبي، ورجعت إلى طرطوس، ولزمت ما كنت أعرفه من صلاح نفسي. وأقام صاحباي باللكام سنة، فلما كان بعد مدة دخلت المسجد، فإذا أنا بأحد الفتيين جالساً في المسجد، فسلمت عليه، فقال: يا أبا الحارث، خنت الله تعالى في عهدك، ولم تف به! أما إنك لو صبرت
معنا، أعطيت ثلاثة أحوال، وقد أعطينا. فقلت: وما الثلاثة؟ قال: طي الأرض، والمشي على الماء، والحجبة إذا أردنا. واحتجب عني عقيب كلامه. فقلت: بالذي أوصلك إلى ما قد رأيت إلا ظهرت لي حتى أسألك عن مسألة. فظهر لي وقال: سل يا أبا الحارث، وأوجز. فقلت: كيف لي بالرجوع إلى هذه الحالة؟ ترى إن رجعت قبلت؟ فقال: هيهات يا أبا الحارث! بعد الخيانة لا تقبل الأمانة. فكوى قلبي بكية لا تخرج من قلبي حتى ألقى الله، جل وعز.
قال أحمد بن علي الرستمي:
كان أبو بكر الفرغاني من أجل الصوفية، وكان من رسمه أنه يسيح، وكان معه كوز ضيق الرأس، فيه قميص نظيف رقيق. فإذا اشتهى دخول مدينة، تنظف، وتطهر، وأخرج ذلك القميص فلبسه. وكان يسافر بمفتاح منقوش، فإذا دخل المدينة، عمد إلى مسجد يصلي، فطرح المفتاح بين يديه. فكل من يراه، توهم أنه تاجر قد ترك بعض الخانات. فلا يفطن له إلا الخلصان من أولياء الله عز وجل. فدخل مصر مرة على هذا الزي، فعرف بها، واجتمع إليه الصوفية. فكان يوماً يتكلم عليهم، إذ عرض له خاطر السفر، فقام من مجلسه، وخرج معه نحو سبعين رجلاً من الصوفية فمشى في يومه فراسخ، لا يعرج إلى أحد، فيقطع من كان خلفه، وبقي منهم قليل، فالتفت إليهم فقال: كأني بكم وقد جعتم وعطشتم. فقالوا: نعم. فعدل إلى دير فيه صومعة لراهب، فلما دخلوا، أشرف الراهب على أصحابه فناداهم فقال: أطعموا رهبان المسلمين، فإن بهم قلة صبر على الجوع. فغضب من ذلك غضباً شديداً، ورفع رأسه إليه وقال: أيها الكافر، هل لك إلى خطة يتبين فيها الصابر من الجازع. قال: وما ذاك؟ قال: تنزل من صومعتك فتتناول من الطعام ما أحببت، ثم تدخل معي بيتاً، ونغلق علينا الباب، ويدلى إلينا من الماء قدر ما يتطهر به فأول من يظهر جزعه، ويستغيث من جوعه، ويستفتح الباب، يدخل في دين صاحبه كائناً من كان، على أني لم أذق من ثلاث ذواقاً. قال الراهب:
لك ذلك. فنزل من صومعته، فأكل ما أحب، وشرب، ثم دخل مع أبي بكر بيتاً، وغلق الباب عليهما، والصوفية والرهبان يرصدونهما لا يسمعون لهما بحس أربعين يوماً. فلما كان في اليوم الحادي والأربعين سمعوا خشخشة الباب وقد تعلق بحده، ففتحوا الباب، فإذا الراهب قد تلف جوعاً وعطشاً، وإذا هو يستغيث بهم إشارة، فسقوه، واتخذوا له حريرة، فصبوها في حلقه، وأبو بكر الفرغاني ينظر ليهم. فلما رجعت إليه نفسه قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. ففرح أبو بكر، وجعل يتكلم على من في الدير من النصارى، حتى أسلموا عن آخرهم، وقدم بغداد، ومعه الراهب ومن أسلم من أولئك النصارى.
حدث أبو بكر الدقي قال: كان أبو بكر الفرغاني يأكل المنبوذ إلى أن ضعفت قوته. قال: فقال لنا: كنت جالساً يوماً بين الظهر والعصر، والناس يتنفلون، وليس يمكنني الصلاة قائماً، فأبكاني ذلك بكاءً شديداً أسفاً على الصلاة. ثم حملتني عيني، فإذا شخصان دخلا علي، فقال أحدهما لصاحبه: إن أبا بكر يبكي على الصلاة. فقال الآخر لي: يا أبا بكر لم تبكي؟ فقلت: أسفاً على الصلاة. قال: لا تبك فإن هذا الأمر ليس على هذا أسس. فقلت: يرحمك الله، فعلى ماذا أسس؟ فقال: على من أين؟ ولمن؟ يعني الورع.
مات أبو بكر الفرغاني سنة إحدى وثلاثين وثلاث مئة.

سليمان بن مهران ابو محمد الاعمش

سليمان بن مهران، أبو محمد الأعمش، مولى بني كاهل :
ولد على ما ذكر جرير بن عبد الحميد بدنباوند، وهي ناحية من رستاق الري في الجبال، ويقال كان من أهل طبرستان وسكن الكوفة، ورأى أنس بن مالك ولم يسمع منه شيئا مرفوعا. وروى عن عبد الله بن أبي أوفى مرسلا، وسمع المعرور بن سويد، وأبا وائل شقيق بن سلمة، وزيد بن وهب، وعمارة بن عمير، وإبراهيم التيمي، وأبا صالح ذكوان، وسعيد بن جبير، ومجاهدا، وإبراهيم النخعي. روى عنه أبو إسحاق السبيعي، وسليمان التّيميّ، والحكم بن عتبة، وزبيد اليامي، وسهيل بن أبي صالح، وسفيان الثوري، وشعبة، وزائدة، وشيبان بن عبد الرحمن، وعبد الواحد ابن زياد، وسفيان بن عيينة، وعلي بن مسهر، وأبو معاوية، وحفص بن غياث،
ووكيع، وجرير بْن عَبْد الحميد، وعبد الله بْن إدريس، وعيسى بن يونس، وعبد الرحمن المحاربي، وعبدة بن سليمان، ويحيى بن سعيد القطان، وعمر ويعلى ومحمد، بنو عبيد الطنافسي، وأبو أسامة، وعبد الله بن نمير، وغيرهم.
وكان من أقرأ الناس للقرآن، وأعرفهم بالفرائض، وأحفظهم للحديث. وذكر قدومه بغداد فيما:
أَخْبَرَنَا أحمد بن أبي جعفر، أخبرنا محمد بن عدي البصري- في كتابه- حدثنا أبو عبيد محمد بن علي الآجري. قال: قيل لأبي داود سليمان بن الأشعث: عبد الله ابن عبد الله الرازي قال: هذا ابن سرية علي بن أبي طالب، روى عنه الأعمش لقيه ببغداد.
حدثت عَن مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس الخزاز قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عبيد الله المنادي قال: قد رأى سليمان الأعمش أنس بن مالك، إلا أنه لم يسمع منه، ولكنه قد رأى أبا بكرة الثقفي وأخذ له بركابه فقال له: يا بني إنما أكرمت ربك عَزَّ وَجَلَّ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ رِزْقٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَضْلِ قَالا: أَخْبَرَنَا دَعْلَجُ ابن أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنَا- وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا- أَحْمَد بن علي الأبار، حدّثنا أحمد بن عبد الصّمد الأنصاريّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنِ الأَعْمَشِ. قَالَ: رَأَيْتُ أَنَسَ ابن مَالِكٍ وَمَا مَنَعَنِي أَنْ أَسْمَعَ مِنْهُ إِلا اسْتِغْنَائِي بِأَصْحَابِي.
وَقَالَ الأَبَّارُ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عمران التغلبي، حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ عَنِ الأَعْمَشِ. قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلًا
فَقِيلَ لَهُ يَا أَبَا حَمْزَةَ: وَأَقْوَمُ قِيلًا
[المزمل 6] فَقَالَ: أَقْوَمُ وَأَصْوَبُ وَاحِدٌ.
أَخْبَرَنَا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم.
وأَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن إبراهيم الهاشمي، حدّثنا محمّد ابن عمرو بن البختري الرزاز قَالا: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْعُطَارِدِيُّ، حَدَّثَنَا ابن فضيل عن الأعمش قال: رأيت أنسًا بال فغسل ذكره غسلا شديدًا، ثم توضأ ومسح على خفيه، ثم صلى بنا. زاد الرزاز، وحَدَّثَنَا في بيته.
أخبرنا محمّد بن يعقوب المعدّل، أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال: حدثنا إسماعيل بن محمّد النّحويّ، حَدَّثَنَا عباس الدوري قَالَ: سمعت يحيى بن معين يقول: كل ما روى الأعمش عن أنس، فهو مرسل ، وقد رأى الأعمش أنسا.
أَخْبَرَنِي علي بن محمد المالكيّ، أخبرنا عبد الله بن عثمان الصّفّار، أخبرنا محمّد ابن عمران الصّيرفيّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ. قال: سمعت أبي يقول:
الأعمش لم يحمل عن أنس، إنما رآه يخضب، ورآه يصلي، وإنما سمعها عن يزيد الرقاشي وأبان عن أنس .
حدّثنا محمّد بن عبد الواحد الأكبر، أخبرنا محمّد بن العبّاس، أَخْبَرَنَا أحمد بن سعيد السوسي قال: قال العباس بن محمد الدوري: كان الأعمش رجلا من أهل طبرستان، من قرية يقال لها دباوند، جاء به أبوه حميلا إلى الكوفة فاشتراه رجل من بني كاهل من بني أسد فأعتقه، وهو مولى لبني أسد، وكان نازلا في بني أسد.
أَخْبَرَنَا محمد بن أحمد بن رزق، أخبرنا عثمان بن أحمد الدّقّاق، حدثنا حنبل بن إسحاق قال: قال أبو عبد الله: بلغني أن الأعمش ولد مقتل الحسين.
أَخْبَرَنَا البرقاني قال: قرأت على أبي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلَّك المروزي- بها- سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن علي بن محمد الذهلي يقول: ولد عمر بن عبد العزيز، وهشام بن عروة، والزّهريّ وقتادة، والأعمش ليالي قتل الحسين ابن علي، وقتل سنة إحدى وستين.
أَخْبَرَنَا علي بن طلحة المقرئ، أخبرنا محمّد بن إبراهيم الغازي، أخبرنا محمد بن محمد بن داود الكرجي، حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن يوسف بن خراش قال: سمعت المخرمي محمد بن عبد الله بن المبارك يقول: الأعمش أكبر من الزهري، وينكر هذا عاقل؟ قال: وسمعت يحيى بن معين يقوله.
أَخْبَرَنَا ابن رزق، أخبرنا عثمان بن أحمد، حَدَّثَنَا حنبل قال: سمعت أبا عبد الله قال: قال يحيى قال الأعمش: إنما كان بيننا وبين أصحاب محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ستر.
قال أبو عبد الله: صدق هكذا كان قد رأى أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم.
أَخْبَرَنَا حمزة بن محمد بن طاهر قَالَ: حدّثنا الوليد بن بكر الأندلسي، حدّثنا عليّ ابن أحمد بن زكريّا الهاشميّ، حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله العجليّ، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: سُلَيْمَانُ بْنُ مِهْرَانَ الأَعْمَشُ يُكَنَّى أَبَا مُحَمَّدٍ ثِقَةٌ كُوفِيٌّ، وَكَانَ مُحَدِّثَ أَهْلِ الْكُوفَةِ فِي زَمَانِهِ، يُقَالُ إِنَّهُ ظَهَرَ لَهُ أَرْبَعَةُ آلافِ حَدِيثٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كتاب، وكان يقرئ القرآن رأسا فِيهِ، قَرَأَ عَلَى يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ، وَكَانَ فَصِيحًا، وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ سَبْيِ الدَّيْلَمِ، وَكَانَ مولى لبني كَاهِلٍ- فَخِذٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ- وَكَانَ عَسِرًا سَيِّئَ الْخُلُقِ.
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: كَانَ لا يَلْحَنُ حَرْفًا، وَكَانَ عَالِمًا بِالْفَرَائِضِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي زَمَانِهِ مِنْ طَبَقَتِهِ أَكْثَرَ حَدِيثًا مِنْهُ، وَكَانَ فِيهِ تَشَيُّعٌ، وَلَمْ يَخْتِمْ عَلَى الأَعْمَشِ إِلا ثَلاثَةُ نَفَرٍ: طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ الْيَامِيُّ وَكَانَ أَفْضَلَ مِنَ الأَعْمَشِ وَأَرْفَعَ سِنًّا مِنْهُ، وَأَبَانُ بْنُ تَغْلِبَ النَّحْوِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ مَعْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ. وَرَوَى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ حَدِيثًا وَاحِدًا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا دَخَلَ الْخَلاءَ.
وذكروا أن أبا الأعمش مهران شهد مقتل الحسين، وأن الأعمش ولد يوم قتل الحسين، وذلك يوم عاشوراء سنة إحدى وستين. وراح الأعمش إلى الجمعة وعليه فرو، وقد قلب فروه جلدها على جلده، وصوفها إلى خارج، وعلى كتفه منديل الخوان مكان الرداء.
أَخْبَرَنَا البرقاني قال: قرئ على عثمان المجاشي- وأنا أسمع- حدثكم يوسف بن يعقوب بن بهلول، حدّثنا ابن زنجويه، حدّثنا عبد الرّزّاق، أَخْبَرَنَا ابن عيينة. قال:
رأيت الأعمش لبس فروا مقلوبا، وقباء يسبل خيوطه على رجليه، ثم قال: أرأيتم لولا أني تعلمت العلم من كان يأتيني؟ لو كنت بقالا كان يقذرني الناس أن يشتروا مني.
وأَخْبَرَنَا البرقاني، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن حميرويه الهرويّ، أخبرنا الحسين بن إدريس، حدّثنا ابن عمّار، حَدَّثَنِي يحيى بن يمان. قال: قال الأعمش: إني لأرى الشيخ يخضب لا يروي شيئا من الحديث فأشتهي أن ألطمه.
أَخْبَرَنَا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدّثنا أبي، حَدَّثَنَا غَسَّانُ بْنُ الرَّبِيعِ قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو إسرائيل عن طلحة بن مصرف قال: كنا نختلف إلى يحيى بن وثاب نقرأ
عليه، والأعمش ساكت ما يقرأ، فلما مات يحيى بن وثاب فتشنا أصحابنا، فإذا الأعمش أقرؤنا.
أخبرنا أبو طالب عمر بن إبراهيم الفقيه، أخبرنا يوسف بن عمر القوّاس، حَدَّثَنَا أَحْمَد بن علي بن العلاء قال: قال أبو هاشم- يعني زياد بن أيوب- سمعت هشيما يقول: ما رأيت بالكوفة أحدا أقرأ لكتاب الله من الأعمش، ولا أجود حديثا، ولا أفهم ولا أسرع إجابة لما يسأل عنه.
أَخْبَرَنَا أبو بكر البرقاني قال: قرأنا على أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي حدثكم محمد بن أحمد بن شبيب، حَدَّثَنَا زياد بن أيوب قال: سمعت هشيما يقول: ما رأيت بالكوفة أحدا أقرأ لكتاب الله من الأعمش، ولا أجود حديثا، ولا أفهم إجابة لما يسأل عنه من ابن شبرمة.
أخبرني ابن الفضل، أخبرنا دعلج، أخبرنا أحمد بن عليّ الأبّار، حدّثنا دلويه زياد ابن أيوب قال: قال هشيم: ما رأيت بالكوفة أحدا أقرأ لكتاب الله من الأعمش.
أَخْبَرَنَا محمد بْن عَبْد الملك الْقُرَشِيّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن إبراهيم بن حمدان القاضي، حَدَّثَنَا محمد بن علي بن مهدي العطار، حدّثنا محمّد بن إسماعيل بن سمرة، حدّثني ابن أبي حمّاد، حَدَّثَنِي زهير قال: سمعت أبا إسحاق يقول: ما بالكوفة منذ كذا وكذا سنة أقرأ من رجلين في بني أسد عاصم والأعمش، أحدهما لقراءة عبد الله، والآخر لقراءة زيد.
أخبرنا الجوهريّ، أخبرنا عمر بن محمّد بن عليّ، حَدَّثَنَا قاسم بن زكريا المطرز.
وأَخْبَرَنَا الْبَرْقَانِيُّ قَالَ: قَرَأْنَا عَلَى أَبِي بَكْرٍ الإِسْمَاعِيلِيِّ، أخبركم القاسم بن زكريّا، حدّثنا إبراهيم بن سعيد الجوهريّ، حَدَّثَنَا حجاج عن شعبة قال: سليمان الأعمش أحب إلي من عاصم، وفي حديث الجوهري أحب إلينا حديثا من عاصم.
أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْعَلافُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بن عبد الله الشّافعيّ، حَدَّثَنِي جعفر بن كزال قال: سمعت علي بن الجعد يحكي عن الكسائي قال: أتى الأعمش رجل فقال: أقرأ عليك؟ قال: اقرأ، وكان الأعمش يقرأ عليه عشرون آية، فقرأ عليه عشرين وجاوز، فقال: لعله يريد الثلاثين فجاوز الثلاثين حتى بلغ المائة ثم سكت، فقال له الأعمش: اقرأ فو الله إنه مجلس لا عدت إليه أبدا.
أخبرنا محمّد بن عبد الواحد الأكبر، أخبرنا الوليد بن بكر، حدّثنا عليّ بن أحمد ابن زكريّا، حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله، حدّثني أبي قال: أمر عيسى ابن موسى للقراء بصلة، قال: فأتوا وقد لبسوا، قال: وجاء الأعمش وعليه ثياب قصار إلى أنصاف ساقيه. ورجل يقوده، فلما دخل الدار قال: هاهنا ابن أبي ليلى، هاهنا ابن شبرمة، أريحونا من هذه الحيطان الطوال. قال عيسى: ما دخل علينا اليوم قارئ غير هذا، عجلوا له.
أخبرنا ابن رزق، أخبرنا عثمان بن أحمد، حدّثنا حنبل بن إسحاق، حدّثنا محمّد ابن داود الحداني، حَدَّثَنَا عيسى بن يونس قال: لم نر نحن ولا القرن الذي كانوا قبلنا مثل الأعمش.
وقال حنبل: حَدَّثَنَا محمد بن داود، حَدَّثَنَا عيسى بن يونس قال: ما رأيت الأغنياء والسلاطين عند أحد أحقر منهم عند الأعمش، مع فقره وحاجته.
أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ شَاذَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الجهم الكاتب، أخبرنا محمّد بن جرير، حَدَّثَنَا أبو هشام قال: سمعت عمي يقول: قال عيسى بن موسى لابن أبي ليلى: اجمع الفقهاء، قال: فجمعهم فجاء الأعمش في جبة فرو، وقد ربط وسطه بشريط، فأبطئوا، فقام الأعمش فقال: إن أردتم أن تعطونا شيئا وإلا فخلوا سبيلنا. فقال: يا ابن أبي ليلى قلت لك تأتي بالفقهاء تجيء بهذا؟! قال:
هذا سيدنا هذا الأعمش.
أَخْبَرَنَا أحمد بن عبد الله الأنماطيّ، أخبرنا محمّد بن المظفر.
وأخبرنا الطناجيري، حَدَّثَنَا عُمَر بْن أَحْمَدَ الْوَاعِظ- قَالَ عمر: حَدَّثَنَا، وقال الآخر: أَخْبَرَنَا- محمد بن هارون بن حميد، حَدَّثَنَا يوسف بن موسى قَالَ: سَمِعْتُ عَبْد الله بن داود الخريبي يقول: مات الأعمش يوم مات وما خلف أحدا من الناس أعبد منه، قال: وكان صاحب سنة.
أَخْبَرَنَا حمزة بن مُحَمَّد بن طاهر، أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن الحسن، حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغويّ، حَدَّثَنِي أحمد بن زهير قال: سمعت إبراهيم ابن عرعرة قال: سمعت يحيى القطان إذا ذكر الأعمش قال: كان من النساك، وكان محافظا على الصلاة في جماعة، وعلى الصف الأول: قال يحيى: وهو علامة الإسلام.
أَخْبَرَنَا محمد بن عمر بن بكير المقرئ، أَخْبَرَنَا عثمان بْن أَحْمَد بْن سمعان الرزاز، حدّثنا هيثم بن خلف الدوري، حدّثنا محمود بن غيلان، حَدَّثَنَا وكيع قال: كان الأعمش قريبا من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى، واختلفت إليه قريبا من ستين سنة فما رأيته يقضي ركعة.
أخبرنا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بْن جعفر بن درستويه، حَدَّثَنَا يَعْقُوب بْن سُفْيَان قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بن عبد الرحيم قال: سمعت عليا. قال: قال يحيى: كان الأعمش يشبه النساك، قال: كان له فضل، وصاحب قرآن.
أَخْبَرَنَا أحمد بن أبي جعفر، أخبرنا محمّد بن عيسى البصريّ- في كتابه، حدثنا أبو عبيد محمد بن علي الآجري قال: قال أبو داود: سمعت يحيى بن معين قال:
كان الأعمش جليلا جدا.
أَخْبَرَنَا حمزة بْن مُحَمَّد بْن طاهر، أخبرنا أحمد بن إبراهيم، حدّثنا عبد الله بن محمّد البغويّ، حدّثنا أبو سعيد، حَدَّثَنَا ابن نمير عن الأعمش قال: كنت آتي مجاهدا فيقول لو كنت أطيق المشي لجئتك.
أَخْبَرَنَا محمد بن أحمد بن رزق، أخبرنا عثمان بن أحمد، حَدَّثَنَا حنبل قال: قال أبو عبد الله: أبو إسحاق، والأعمش رجلا أهل الكوفة.
أَخْبَرَنِي ابن الفضل، أخبرنا دعلج، أخبرنا أحمد بن عليّ الأبّار، حدّثنا يوسف بن موسى، حَدَّثَنَا أسيد بن زيد قال: سمعت زهير بن معاوية يقول: ما أدركت أحدا أعقل من الأعمش والمغيرة.
أَخْبَرَنَا علي بن أبي علي البصريّ، أخبرنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ البهلول وعبيد الله بن محمد بن إسحاق قَالَا: حَدَّثَنَا عبد اللَّه بن مُحَمَّد البغوي، حدّثنا محمّد ابن يزيد، حدّثنا أبو بكر بن عياش، حَدَّثَنَا مغيرة. قال: لما مات إبراهيم، اختلفنا إلى الأعمش في الفرائض.
أَخْبَرَنَا محمد بن عبد الواحد الكبير، أخبرنا محمّد بن العبّاس، أَخْبَرَنَا أحمد بن سعيد بن مرابا قَالَ: حدّثنا عبّاس بن محمّد، حَدَّثَنَا سهل بن حليمة أبو السري قال:
سمعت ابن عيينة يقول: سبق الأعمش أصحابه بأربع خصال، كان أقرأهم للقرآن وأحفظهم للحديث وأعلمهم بالفرائض، ونسيت أنا واحدة.
أخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق، أخبرنا أحمد بن إسحاق بن وهب البندار، حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن النضر قَالَ: سمعت عليّ بن المديني يقول: حفظ العلم على أمة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ستة، فلأهل مكة عمرو بن دينار، ولأهل المدينة محمد بن مسلم- وهو ابن شهاب الزهري- ولأهل الكوفة أبو إسحاق السبيعي، وسليمان بن مهران الأعمش، ولأهل البصرة يحيى بن أبي كثير ناقلة، وقتادة.
أَخْبَرَنَا علي بن محمد بن عمر المقرئ، أخبرنا محمّد بن عبد الله الشّافعيّ، حدّثنا معاذ بن المثّنّى، حدّثنا مسدد، حدّثنا يحيى.
وأخبرنا البرقانيّ- واللفظ له- أخبرنا ابن حميرويه الهرويّ، أخبرنا الحسين بن إدريس، حدّثنا بن عمّار، حَدَّثَنَا يحيى بن سعيد عن سفيان عن عاصم الأحول قال:
مر الأعمش بالقاسم بن عبد الرحمن فقال: هذا الشيخ- يعني الأعمش- أعلم الناس بقول عبد الله بن مسعود.
أخبرنا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يعقوب بن سفيان قال:
حَدَّثَنِي ابن أبي عمر.
وأخبرنا ابن الفضل، حَدَّثَنَا أَبُو سَهْلٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الله القطّان، حدّثنا جعفر بن كزال، حَدَّثَنَا إسحاق الطالقاني قالا: حَدَّثَنَا سفيان عن عاصم قال: قال القاسم بن عبد الرحمن: لم يبق بالكوفة أحد أعلم بحديث عبد الله من سليمان الأعمش. واللفظ لحديث أبي سهل، غير أنه لم يذكر في إسناده عاصما.
أخبرنا ابن رزق، أخبرنا عثمان بن أحمد، حدّثنا حنبل، حدّثنا أبو عبد الله الشامي مهنى حَدَّثَنَا بقية. قال: قال لي شعبة: ما شفاني أحد من الحديث ما شفاني الأعمش.
أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الله الكاتب، أخبرنا إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي، حدّثنا محمّد بن عبد الرّحمن الدغولي، حَدَّثَنَا عبد اللَّه بْن جعفر بْن خاقان المروزي قال: سمعت عمار بن الحسن يقول: كان جرير إذا أراد أن يأخذ في قراءة كتاب الأعمش قال: إني أريد أن آخذ لكم في الديباج الخسرواني.
أَخْبَرَنَا محمد بن عبد الواحد الأكبر، أخبرنا محمّد بن العبّاس، أخبرنا ابن مرابا، حَدَّثَنَا عباس بن محمد قَالَ: سمعت يحيى بن معين يقول: كان جرير إذا حدث عن الأعمش قال: هذا الديباج الخسرواني.
أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْمُنْذِرِ القاضي، أخبرنا إسماعيل بن محمّد الصّفّار، حدّثنا محمّد بن إسحاق- أبو بكر- حدّثنا عليّ بن معبد، حدّثنا عبيد الله ابن عمرو عن إسحاق بن راشد قال: قال لي الزهري: وبالعراق أحد يحدث؟ قلت:
نعم، قلت له: هل لك أن آتيك بحديث بعضهم؟ فقال لي: نعم، فجئته بحديث سليمان الأعمش، فجعل ينظر فيها، ويقول: ما ظننت أن بالعراق من يحدث مثل هذا! قال: قلت: وأزيدك! هو من مواليهم.
أَخْبَرَنَا ابن الفضل، أخبرنا عثمان بن أحمد الدّقاق، حدّثنا أحمد بن يوسف، حدّثنا الأخنسي، حَدَّثَنَا عبد الله بن داود قال: سمعت شعبة إذا سمع ذكر الأعمش قال: المصحف، المصحف.
وأَخْبَرَنَا ابن الفضل، أخبرنا عثمان بن أحمد، حَدَّثَنَا سهل بن أبي سهل الواسطي. قَالَ: قال أبو حفص عمر بن علي: كان الأعمش يسمى المصحف من صدقه.
أخبرنا البرقانيّ، أخبرنا أبو الفضل بن حميرويه، أخبرنا الحسين بْن إدريس قَالَ:
سمعت ابْن عمار يقول: ليس في المحدثين أحد أثبت من الأعمش، ومنصور بن المعتمر هو ثبت أيضا، وهو أفضل من الأعمش، إلا أن الأعمش أعرف بالمسند وأكثر مسندا منه.
أَخْبَرَنِي الحسن بن علي الجوهري، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْوَرَّاقُ، حدّثنا محمّد بن سويد الزّيّات، حدّثني أبو يحيى الناقد، حَدَّثَنِي محمد بن خلف التيمي قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَيَّاشٍ يَقُولُ: كنا نسمي الأعمش سيد المحدثين، وكنا نجيء إليه إذا فرغنا من الدوران، فيقول عند من كنتم؟ فنقول عند فلان، فيقول طبل مخرق، ويقول: عند من؟ فنقول عند فلان فيقول: طير طيار، ويقول: عند من؟ فنقول عند فلان، فيقول دف. وكان يخرج إلينا شيئا فنأكله، قال: فقلنا يوما لا يخرج إليكم الأعمش شيئا إلا أكلتموه، قال: فأخرج إلينا فأكلناه، وأخرج فأكلناه، فدخل فأخرج فتيتا فشربناه، فدخل فأخرج إجانة صغيرة وقتا فقال: فعل الله بكم وفعل، أكلتم قوتي وقوت امرأتي وشربتم فتيتها، كلوا هذا علف الشاة. قال: فمكثنا ثلاثين يوما لا نكتب فزعا منه، حتى كلمنا إنسانا عطارا كان يجلس إليه، حتى كلمه لنا.
أخبرنا محمّد بن عمر النرسي، أخبرنا محمّد بن عبد الله الشّافعيّ، حدّثنا هيثم بن مجاهد، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يَحْيَى الْأزْدِيّ قَالَ: سمعتُ عبد الله بن داود يقول: مات الأعمش سنة سبع وأربعين [ومائة] وولد الأعمش سنة ستين مقتل الحسين.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ- يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ يحيى- قلت: كأنه مات وله سبع وثمانون.
قال: كذا قال أبو عوانة.
أَخْبَرَنَا ابن الفضل، أخبرنا جعفر بن محمّد الخُلْدي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الحضرمي، حدّثنا نصر بن عليّ، حَدَّثَنَا عبد الله بن داود قال: قال أبو عوانة: مات الأعمش سنة سبع وأربعين ومائة.
وقال الحضرمي: حَدَّثَنَا ابن نمير قال: مات الأعمش سنة ثمان وأربعين ومائة.
أَخْبَرَنَا ابن رزق، أخبرنا عثمان بن أحمد، حدّثنا حنبل، حدّثني أبو عبد الله، حَدَّثَنَا وكيع قال: مات الأعمش سنة ثمان وأربعين.
أخبرنا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يعقوب، حدّثنا أبو نعيم، حَدَّثَنَا الأعمش- وهو سليمان بن مهران- مولى بني كاهل بن أسد.
قال أبو نعيم: ومات في سنة ثمان وأربعين ومائة.
وأَخْبَرَنِي ابن الفضل، أخبرنا دعلج، أخبرنا أحمد بن عليّ الأبّار، حدّثنا أبو عمّار- يعني الحسين بن حريث- قال: سمعت أبا نعيم يقول: مات الأعمش وهو ابن ثمان وثمانين سنة وولد سنة ستين، ومات سنة ثمان وأربعين ومائة في شهر ربيع الأول، ومات الأعمش بعد منصور بست عشرة سنة.
أَخْبَرَنَا حمزة بن مُحَمَّد بن طاهر، حدّثنا الوليد بن بكر، حدثنا علي بن أحمد بن زكريا الهاشمي، حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله العجليّ، حَدَّثَنِي أبي قال: وسليمان بن مهران الأعمش مات سنة تسع وأربعين ومائة، وكان ثقة ثبتا في الحديث.
وقال في موضع آخر: مات الأعمش سنة ثمان وأربعين.
قلت: والصحيح أنه مات في سنة ثمان وأربعين ومائة، واللَّه أعلم.
أَخْبَرَنَا حمزة بن مُحَمَّد بن طاهر، أخبرنا أحمد بن إبراهيم، حدّثنا عبد الله بن
محمّد البغويّ، حدّثني أبو سعيد، حَدَّثَنَا أبو خالد الأحمر قال: أتيت منزل الأعمش بعد موته، فقلت: أين أنت يا عميرة؟ - امرأة الأعمش- أين أنت يا هوذا؟ - ابنة الأعمش- أين غطاريف العرب الذين كانوا يأتون هذا المجلس؟.
أَخْبَرَنَا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الْحُسَيْن السليطي- بنيسابور- قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاس محمد بن يعقوب الأصم، حدّثنا محمّد بن إسحاق الصاغاني قال:
سمعت أبا سعيد الأشج يقول: سمعت عبد الله بن إدريس يقول: أتيت باب الأعمش بعد موته فدققت الباب، فقيل: من هذا؟ فقلت ابن إدريس، فأجابتني امرأة يقال لها برزة، هاي هاي يا عبد الله بن إدريس، ما فعلت جماهير العرب التي كانت تأتي هذا الباب؟! أَخْبَرَنَا علي بن محمد بن عبد الله المعدّل، أخبرنا الحسين بن صفوان البرذعيّ، حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي الدّنيا، حدّثني محمّد بن الحسين، حَدَّثَنَا هشام الرازي قال: سمعت جريرا يقول: رأيت الأعمش بعد موته في منامي فقلت: أبا محمد كيف حالكم؟ قال: نجونا بالمغفرة والحمد لله رب العالمين.

شريك بن عبد الله ابو عبد الله النخعي الكوفي القاضي

شريك بن عبد الله، أبو عبد الله النخعي الكوفي القاضي :
أدرك عمر بن عبد العزيز، وسمع أبا إسحاق السبيعي، ومنصور بن المعتمر، وعبد الملك بن عمير، وسماك بن حرب، وسلمة بن كهيل، وحبيب بن أبي ثابت، وعليّ ابن الأقمر وزبيدا اليامي، وعاصما الأحول، وعبد الله بن محمد بن عقيل، ومخول بن راشد وهلال الوزان، وأشعث بن سوار، وشبيب بن غرقدة، وحكيم بن جبير، وجابرا الجعفي، وعلي بن بذيمة، وعمارا الدهني، وسليمان الأعمش، وإسماعيل بن أبي خالد. روى عنه عبد الله بن المبارك، وعباد بن العوام، ووكيع بن الجراح وعبد الرحمن بن مهدي، وإسحاق الأزرق، ويزيد بن هارون، وأبو نعيم، ويحيى بن الحماني، وعلي بن الجعد، وخلف بن هشام، ومحرز بن عوانة، وبشر بن الوليد، وعبد الله بن عون الخراز، ومحمد بن سليمان لوين. وقدم شريك بغداد مرات وحدّث بها.
أخبرني الأزهري، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس، أخبرنا أَحْمَد بْن معروف، أخبرنا الحسين بن فهم، أَخْبَرَنَا محمد بن سعد قال: شريك بن عبد الله بن أبي شريك، وهو
الحارث بن أوس بن الحارث بن ذهل بْن وهبيل بْن سَعْد بْن مَالِك بْن النخع بن مذحج. وكان شريك ولد ببخارى بأرض خراسان، وكان جده قد شهد القادسية .
أَخْبَرَنَا البرقاني قَالَ: قرأت على أَبِي الحسن الكراعي حدثكم عبد الله بن محمود قال: سمعت علي بن حجر يقول: سمعت شريكا يقول: ولدت ببخارى. وقال عبد الله بن محمود: سمعت أبي يقول: سمعت يحيى الحماني يقول: قال لي عبد الله بن المبارك: أما يكفيك علم شريك؟! أَخْبَرَنَا محمد بن أحمد بن رزق، أخبرنا عثمان بن أحمد، حدثنا حنبل بن إسحاق قال: حدثني أبو عبد الله قال: بلغني أن شريكا ولد سنة خمس وتسعين.
أخبرنا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يعقوب بن سفيان، حَدَّثَنِي الفضل- هو ابن زياد- قَالَ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: ولد شريك سنة خمس وتسعين.
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أبو العلاء الواسطي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جعفر التّميميّ- بالكوفة- أخبرنا أبو القاسم الحسن بن محمّد، أخبرنا وكيع، أخبرني إبراهيم بن عثمان، حَدَّثَنَا أبو خالد يزيد بن يحيى بن يزيد، حَدَّثَنِي أبي قال: مر شريك القاضي بالمستنير بن عمرو النخعي، فجلس إليه، فقال: يا أبا عبد الله من أدبك؟ قال: أدبتني نفسي والله، ولدت بخراسان ببخارى فحملني ابن عم لنا حتى طرحني عند بني عم لي بنهر صرصر، فكنت أجلس إلى معلم لهم فعلق بقلبي تعلم القرآن فجئت إلى شيخهم.
فقلت يا عماه، الذي كنت تجري عليّ هاهنا أجره علي بالكوفة أعرف بها السنة وقومي، ففعل. قال: فكنت بالكوفة أضرب اللين وأبيعه، وأشتري دفاتر وطروسا فأكتب فيها العلم والحديث، ثم طلبت الفقه فبلغت ما ترى. فقال المستنير بن عمرو لولده: سمعتم قول ابن عمكم، وقد أكثرت عليكم في الأدب ولا أراكم تفلحون فيه، فليؤدب كل رجل منكم نفسه، فمن أحسن فلها، ومن أساء فعليها .
أخبرني الجوهريّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ لُؤْلُؤٍ الْوَرَّاقُ، حدّثنا محمّد بن سويد الزّيّات، حدّثني أبو يحيى الناقد، حَدَّثَنِي حجاج بن يوسف الشاعر قال: سمعت أبا
أحمد الزبيري يقول: كنت إذا جلست إلى الحسن بن صالح رجعت وقد نغص علي ليلتي، وكنت إذا جلست إلى سفيان الثوري رجعت وقد هممت أن أعمل عملا صالحا، وكنت إذا جلست إلى شريك بن عبد الله رجعت وقد استفدت أدبا حسنا.
أَخْبَرَنَا هلال بن محمد الحفّار، أخبرنا إسماعيل بن محمّد الصّفّار، حدّثنا جعفر ابن محمد الطيالسي قال: سمعت أبا معمر يقول: سمعت حفص بن غياث يقول:
قال الأعمش يوما: ليليني منكم أولو الأحلام والنهى، قال: فقدمنا شريكا، وأبا حفص الأبار.
أَخْبَرَنِي السكري، حدّثنا محمّد بن عبد الله الشّافعيّ، حدّثنا جعفر بن محمّد بن الأزهر، حَدَّثَنَا ابن الغلابي قال: قال شريك بن عبد الله: صليت الغداة مع أبي إسحاق الهمداني سبعمائة مرة.
أخبرنا ابن رزق، أخبرنا عثمان بن أحمد، حَدَّثَنَا حنبل قال: سمعت الهيثم بن خارجة يحدث أبا عبد الله قال: سمعت شريكا ببغداد يقول: لوددت أني كنت كتبت تفسير أبي إسحاق.
أَخْبَرَنَا حمزة بن محمد بن طاهر، أخبرنا أحمد بن إبراهيم، حدّثنا عبد الله بن محمّد البغويّ، حدّثنا داود بن رشيد، حَدَّثَنَا محمد بن معاوية النيسابوري قال:
سمعت عبادا يقول: قدم علينا معمر وشريك واسطا، وكان شريك أرجح عندنا منه.
أَخْبَرَنَا محمد بن عبد الواحد الأكبر، أخبرنا الوليد بن بكر الأندلسي، حدّثنا عليّ ابن أحمد بن زكريّا الهاشميّ، حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله العجليّ، حَدَّثَنِي أبي قال: شريك بن عبد الله النخعي القاضي كوفي ثقة، وكان حسن الحديث، وكان أروى الناس عنه إسحاق بن يوسف الأزرق الواسطي، سمع منه تسعة آلاف حديث.
أَخْبَرَنَا الجوهريّ، حدّثنا عمر بن إبراهيم المقرئ، حدّثنا محمّد بن إسماعيل الأبلي، حَدَّثَنَا أحمد بن عمار بن خالد الواسطي قال: سمعت سعيد بن سليمان يقول لابن أبي سمينة: ارو عني هذا، أنا سمعت ابن المبارك يقول: شريك أعلم بحديث الكوفة من سفيان.
أخبرني أبو الوليد الدربندي، أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان الحافظ- ببخارى- أَخْبَرَنَا أَبُو نصر أَحْمَد بْن سهل بْن حمدويه قال: سمعت أبا علي صالح
ابن محمد البغدادي يقول: سمعت سعدويه يقول: سمعت ابن المبارك يقول: كان شريك أحفظ لحديث الكوفيين من سفيان- يعني الثوري-.
أَخْبَرَنَا الأزهري، أَخْبَرَنَا عبيد اللَّه بْن عثمان بْن يحيى، أخبرنا مكرم بن أحمد، حدثني يزيد بن الهيثم البادا قال: قلت ليحيى بن معين: زعم إسحاق بن أبي إسرائيل أن شريكا أروى عن الكوفيين من سفيان، وأعرف بحديثهم؟ فقال: ليس يقاس بسفيان أحد، ولكن شريك أروى منه في بعض المشايخ، الركين، والعباس بن ذريح، وبعض مشايخ الكوفيين- يعني أكثر كتابا- قلت ليحيى: فروى يحيى بن سعيد القطان عن شريك؟ قال: لم يكن شريك عند يحيى بشيء، وهو ثقة ثقة. قال يزيد ابن الهيثم: وسمعت يحيى يقول: شريك ثقة، وهو أحب إلي من أبي الأحوص وجرير، ليس يقاسون هؤلاء بشريك، وهو يروي عن قوم لم يرو عنهم سفيان.
أَخْبَرَنَا علي بن أبي علي، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الْبَزَّازُ قال: حدثنا عبد الله بن محمد البغوي، حَدَّثَنَا عباس قال: قيل ليحيى: شريك أثبت أو أبو الأحوص. قال: شريك.
أَخْبَرَنَا البرقاني، أَخْبَرَنَا بشر بْن أَحْمَد الإسفراييني قَالَ: سمعت أبا يعلى الموصلي يقول:
وأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن عثمان التميمي- بدمشق- أَخْبَرَنَا أبو بكر يوسف بن القاسم القاضي الميانجي، حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى الموصلي قال: سمعت يحيى بن معين قيل له: أيما أحب إليك، شريك، أو أبو الأحوص؟ فقال: شريك أحب إلي .
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن مُحَمَّد الأشناني قَالَ: سمعت أحمد بن محمد بن عبدوس الطرائفي يقول: سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول: قلت ليحيى بن معين: فشريك أحب إليك فيه- يعني في أبي إسحاق- أو إسرائيل؟ فقال شريك أحب إلي وهو أقدم، وإسرائيل صدوق. قلت فشريك أحب إليك في منصور، أو أبو الأحوص؟ فقال شريك أعلم به. قال عثمان: أراه قال: وكم روى أبو الأحوص عن منصور؟
أَخْبَرَنَا يوسف بن رباح البصريّ، أخبرنا أحمد بن محمد بن إسماعيل المهندس- بمصر- حدّثنا أبو بشر الدولابي، حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْد اللَّه مُعَاويَة بْن صالِح عن يحيى
ابن معين قال: شريك بن عبد الله هو صدوق ثقة، إلا أنه إذا خولف فغيره أحب إلينا منه .
قال أبو عبيد الله: وسمعت من أحمد شبيها بذلك، أَخْبَرَنَا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بْن جعفر قال: حدثنا يعقوب قال: قال الفضل: وسئل أبو عبد الله عن شريك وإسرائيل عن أبي إسحاق أيهما أحب إليك؟ فقال: شريك أحب إلي، لأن شريكا أقدم سماعا من أبي إسحاق، وأما المشايخ فإسرائيل، قال: وشريك أكبر من سفيان.
وقال يعقوب: قال أبو طالب: قال أبو عبد الله: شريك أقدم من إسرائيل وزهير، وذاك أنه أسنهم.
أخبرنا البرقانيّ، أَخْبَرَنَا الْحُسَيْن بْن عَلِيّ التميمي، حَدَّثَنَا أَبُو عوانة يَعْقُوب بْن إِسْحَاق الإسفراييني، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ قَالَ: قُلْتُ- يَعْنِي لأحمد بن حنبل- يحيى القطان أيش كان يقول في شريك؟ قال: كان لا يرضاه، وما ذكر عنه إلا شيئا على المذاكرة حديثين.
أخبرنا البرقانيّ، أَخْبَرَنَا بشر الإسفراييني قَالَ: سمعت أبا يعلى الموصلي يقول: قيل لأبي زكريا يَحْيَى بْن معين.
وأَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن التميمي، أخبرنا يوسف بن القاسم الميانجي، حَدَّثَنَا أبو يعلى قال: وسئل يحيى بن معين، روى يحيى القطان عن شريك؟ فقال: لا، لم يرو عن شريك، ولا عن إسرائيل. ثم قال: شريك ثقة، إلا أنه كان لا يتقن ويغلط.
زاد الميانجي: ويزهو بنفسه على سفيان وشعبة .
أَخْبَرَنَا أَبُو الفتح منصور بْن ربيعة الزُّهْرِيّ- الخطيب بالدينور- أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ راشد، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن يَحْيَى بْن الجارود قَالَ: قال عليّ بن المديني: شريك أعلم من إسرائيل، وإسرائيل أقل حظّا منه.
وذكر عن شريك قال: كان عسرا في الحديث، وإنما كان حديث شريك وقع
بواسط، قدم عليهم في حفر نهر، فحمل عنه إسحاق الأزرق وغيره. قال علي: إن شريكا قال: صليت مع أبي إسحاق ألف غداة. قال علي: وكان يحيى بن سعيد حمل عن شريك قديما، وكان لا يحدث عنه، وكان ربما ذكرها على التعجب فكان بعضهم يحملها عنه.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ علي السوذرجاني- بأصبهان- أخبرنا أبو بكر بن المقرئ، حدثنا محمد بن الحسن بن علي بن بحر، حدثنا أبو حفص عمرو بن علي قال: كان يحيى لا يحدث عن إسرائيل، ولا عن شريك، وكان عبد الرحمن يحدث عنهما.
أَخْبَرَنَا أبو نعيم الحافظ، حدّثنا محمّد بن أحمد بن الحسين، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَدِينِيُّ قَالَ: قال يحيى بن سعيد: قدم شريك مكة، فقيل لي لو أتيته؟ فقلت: لو كان بين يدي ما سألته عن شيء، وضعف حديثه جدا. قال يحيى: أتيته بالكوفة فإذا هو لا يدري.
أَخْبَرَنَا أحمد بن أبي جعفر، أخبرنا محمد بن عدي البصري- في كتابه- حدثنا أبو عبيد محمد بن علي الآجري قال: سمعت أبا داود يقول: شريك ثقة، يخطئ على الأعمش، زهير وإسرائيل فوقه.
أَخْبَرَنَا الْحَسَن بْن أبي بَكْر قَالَ: كتب إليَّ مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الجوري أنّ عبدان بن أحمد بن أبي صالح الهمداني حدثهم قَالَ: سمعتُ أَبَا حاتِم الرازي يقول: شريك لا يحتج بحديثه.
حَدَّثَنَا عبد العزيز بن أَحْمَد بن علي الكتاني- لفظا بدمشق- حدّثنا عبد الوهّاب ابن جعفر الميداني، حَدَّثَنَا أَبُو هاشم عَبْد الجبار بْن عَبْد الصّمد السلمي، حدّثنا القاسم ابن عيسى العصار، حَدَّثَنَا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني قال: شريك بن عبد الله سيئ الحفظ، مضطرب الحديث مائل .
أخبرنا ابن الفضل، أخبرنا دعلج، أخبرنا أحمد بن عليّ الأبّار، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يَحْيَى قَالَ: سمعتُ أَبَا الوليد يقول: كان شريك يحدث بشيء يسبق إلى نفسه، لا يرجع إلى كتاب.
أَخْبَرَنَا البرقاني والأَزْهَرِيّ قَالا: أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر، حدّثنا محمّد بن أحمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا جدي قال: شريك بن عبد الله ثقة صدوق، صحيح الكتاب، رديء الحفظ مضطربه .
أنبأنا محمد بن أحمد بن عبد الله الكاتب، أَخْبَرَنَا أَبُو مُسْلِم بْن مهران قَالَ: قرأتُ عَلَى مُحَمَّد بْن طالب بْن علي- فأقرَّ بِهِ- قَالَ: قَالَ أَبُو عَلِيٍّ صالِح بْن مُحَمَّد: شريك صدوق، ولما ولي القضاء اضطرب حفظه، وقل ما يحتاج إليه في الحديث الذي يحتج به.
أخبرنا محمد بن عبد الواحد، أخبرنا محمد بن العبّاس، أخبرنا أحمد بن سعيد بن مرابا، حَدَّثَنَا عباس بن محمد قَالَ: سمعت يحيى بن معين يقول: قال أبو عبيد الله- وزير المهدي- لشريك القاضي: أردت أن أسمع منك أحاديث؟ فقال: قد اختلطت علي أحاديثي وما أدري كيف هي، فألح عليه أبو عبيد الله، فقال: حدثنا بما تحفظ، ودع مالا تحفظ فقال: أخاف أن تخرج أحاديثي ويضرب بها وجهي.
أَخْبَرَنَا حمزة بن محمد بن طاهر، أخبرنا أحمد بن إبراهيم، حدّثنا عبد الله بن محمّد البغويّ، حدّثنا أحمد بن زهير، حَدَّثَنَا يحيى بن أيوب قال: كنا عند شريك يوما فظهر من أصحاب الحديث جفاء فانتهر بعضهم، فقال له رجل: يا أبا عَبْد اللَّه لو رفقت، فوضع شريك يده على ركبة الشيخ وقال: النبل عون على الدين.
وقال البغوي: حَدَّثَنِي أحمد بن زهير، حَدَّثَنَا سليمان بن أبي شيخ، قال: قال شريك بن عبد الله لبعض إخوانه: أكرهت على القضاء، قال له فأكرهت على أخذ الرزق؟ قال ابن أبي شيخ: وحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: كان شريك على قضاء الكوفة، فخرج يتلقى الخيزران، فبلغ شاهي وأبطأت الخيزران، فأقام ينتظرها ثلاثا ويبس خبزه، فجعل يبله بالماء ويأكله، فقال العلاء بن المنهال:
فإن كان الذي قد قلت حقا ... بأن قد أكرهوك على القضاء
فمالك موضعا في كل يوم ... تلقى من يحج من النساء
مقيم في قرى شاهي ثلاثا ... بلا زاد سوى كسر وماء
أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله المعدّل، أخبرنا عُثْمَان بْن أَحْمَدَ الدَّقَّاق، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن أحمد بن البراء، حَدَّثَنَا يزيد بن محمد بن فضيل قال: سمعت أبا نعيم.
قال: هجا رجل شريكا فقال في ذلك:
فهلا فررت وهلا اغترب ... ت إلى بلد به المحشر
كما فر سفيان من قومه ... إلى بلد الله والمشعر
فلاذ برب له مانع ... ومن يحفظ الله لا يخفر
أراك ركنت إلى الأزرق ... ى ولبس العمامة والمنظر
فبخ بخ من مثلكم يا شري ... ك إذا ما علوت على المنبر
وقد طرحوا لك حتى لقط ... ت كما يلقط الطير في الأندر
أَخْبَرَنَا أبو الفرج محمد بن عمر بن محمّد الجصاص، حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الصَّوَّافِ قال: وجدت في كتابنا عن أبي العباس بن مسروق ما يدل حاله على السماع قال: سمعت أبا كريب يقول: سمعت يحيى بن يمان يقول: لما ولي شريك القضاء أكره على ذلك، وأقعد معه جماعة من الشرط يحفظونه، ثم طاب للشيخ فقعد في نفسه، فبلغ الثوري أنه قعد من نفسه، فجاء فتراءى له، فلما رأى الثوري قام إليه فعظمه وأكرمه. ثم قال: يا أبا عبد الله هل من حاجة؟ قال: نعم مسألة، قال: أوليس عندك من العلم ما يجزيك، قال: أحببت أن أذكرك بها، قال:
قل! قال: ما تقول في امرأة جاءت فجلست على باب رجل، ففتح الرجل الباب، فاحتملها ففجر بها، لمن تحد منهما؟ فقال له أحده دونها، لأنها مغصوبة، قال: فإنه لما كان من الغد جاءت فتزينت وتبخرت وجلست على ذلك الباب، ففتح الباب الرجل فرآها فاحتملها ففجر بها، لمن تحد منهما؟ قال: أحدهما جميعا، لأنها جاءت من نفسها وقد عرفت الخبر بالأمس، قال: أنت كان عذرك حيث كان الشرط يحفظونك، اليوم أي عذر لك؟ قال: يا أبا عبد الله أكملك؟ قال: ما كان الله ليراني أكلمك أو تتوب، قال: ووثب فلم يكلمه حتى مات. وكان إذا ذكره قال: أي رجل كان لو لم يفسدوه! قال أبو كريب: أظن الثوري شم منه رائحة البخور- يعني قال:
وتبخرت، يعني المرأة.
أَخْبَرَنَا علي بن محمد بن حبيب البصريّ، حدّثنا محمّد بن المعلى الأزديّ بالبصرة، أخبرنا أبو روق الهزاني، حدّثنا الرياشي، حدّثنا محمّد بن العبّاس السّعدي،
حَدَّثَنَا عبد الله بن إسحاق قال: كان شريك بن عبد الله على قضاء الكوفة، فحكم على وكيل عبد الله بن مصعب بحكم لم يوافق هوى عبد الله فالتقى شريك بن عبد الله وعبد الله بن مصعب ببغداد، فقال عبد الله بن مصعب لشريك: ما حكمت على وكيلي بالحق. قال: ومن أنت؟ قال: من لا تنكر، قال: فقد نكرتك أشد النكير قال:
أنا عبد الله بن مصعب، قال: لا كثير، ولا طيب، قال: وكيف لا تقول هذا وأنت تبغض الشيخين، قال: ومن الشيخان؟ قال: أبو بكر، وعمر، قال: والله ما أبغض أباك وهو دونهما، فكيف أبغضهما؟.
حدّثني الصوري، أخبرنا عبد الرّحمن بن عمر التجيبي، أخبرنا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، حدّثنا عليّ بن سهل، حَدَّثَنَا أزهر بن عمير قال: استأذن شريك علي يحيى بن خالد وعنده رجل من ولد الزبير بن العوام، فقال الزبيري: ليحيى بن خالد:
أصلح الله الأمير ائذن لي في كلام شريك، فقال إنك لا تطيقه، قال: ائذن لي في كلامه، قال: شأنك، فلما دخل شريك وجلس قال له الزبيري: يا أبا عبد الله إن الناس يزعمون أنك تسب أبا بكر وعمر؟ قال: فأطرق مليا ثم رفع رأسه فقال: والله ما استحللت ذاك من أبيك وكان أول من نكت في الإسلام، كيف أستحله من أبي بكر وعمر؟.
أَخْبَرَنَا حمزة بن محمد بن طاهر، حدّثنا الوليد بن بكر، حدثنا علي بن أحمد بن زكريا الهاشمي، حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله، حدّثني أبي أحمد، حَدَّثَنِي أبي عبد الله قال: جاء حماد بن أبي حنيفة إلى شريك ليشهد عنده شهادة.
فقال له شريك: الصلاة من الإيمان؟ قال حمّاد لم نجئ هذا، قال له شريك لكنا نبدأ بهذا، قال: نعم هي من الإيمان! قال: ثم تشهد الآن؟ فقال له أصحابه تركت قولك، قال: أفأتعرض لهذا فيجبهني، أنا أعلم أنه لا يجيز شهادتي ولكن يردها ردا حسنا.
قال: وقال حماد بن أبي حنيفة: كنت أجالس شريكا، فكنت أتحرز منه، فالتفت إلي يوما فقال: أظنك تجالسنا بأحسن ما عندك.
أَخْبَرَنَا علي بن عبد العزيز الطاهري، أَخْبَرَنَا علي بن عبد الله بن العباس بن العبّاس ابن المغيرة الجوهريّ، حدّثنا أحمد بن سعيد الدمشقي، حَدَّثَنَا الزبير بن بكار.
وَأَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ طَاهِرُ بْن عَبْدِ اللَّهِ الطّبريّ، حدّثنا المعافى بن زكريّا، حدّثنا محمّد بن مزيد الخزاعيّ، حدّثنا الزبير، حدّثني مصعب بن عبد الله بن عمر بن الهياج بن سعيد أخي مجالد بن سعيد قال: كنت من صحابة شريك، فأتيته يوما وهو
في منزله- باكرا، فخرج إلي في فرو ليس تحته قميص. عليه كساء. فقلت له قد أضحت عن مجلس الحكم، فقال: غسلت ثيابي أمس فلم تجف فأنا أنتظر جفوفها، اجلس فجلست فجعلنا نتذاكر باب العبد يتزوج بغير إذن مواليه. فقال: ما عندك فيه؟ ما تقول فيه؟ وكانت الخيزران قد وجهت رجلا نصرانيا على الطراز بالكوفة، وكتب إلى موسى بن عيسى أن لا يعصي له أمرا، فكان مطاعا بالكوفة، فخرج علينا ذلك اليوم من زقاق يخرج إلى النخع، معه جماعة من أصحابه عليه جبة خز، وطيلسان على برذون فاره، وإذا رجل بين يديه مكتوف وهو يقول: وا غوثاه بالله، أنا بالله ثم بالقاضي، وإذا آثار سياط في ظهره، فسلم على شريك وجلس إلى جانبه، فقال الرجل المضروب: أنا بالله ثم بك أصلحك الله، أنا رجل أعمل هذا الوشي، كراء مثلي مائة في الشهر، أخذني هذا مذ أربعة أشهر، فاحتبسني في طراز يجري على القوت، ولي عيال قد ضاعوا، فأفلت اليوم منه فلحقني ففعل بظهري ما ترى. فقال قم يا نصراني فاجلس مع خصمك، فقال: أصلحك الله يا أبا عبد الله هذا من خدم السيدة، مر به إلى الحبس، قال: قم ويلك فاجلس معه كما يقال لك، فجلس. فقال: ما هذه الآثار التي بظهر هذا الرجل من أثرها به؟ قال: أصلح الله القاضي إنما ضربته أسواطا بيدي وهو يستحق أكثر من هذا، مر به إلى الحبس، فألقى شريك كساءه ودخل داره، فأخرج سوطا ربذيا، ثم ضرب بيده إلى مجامع ثوب النصراني وقال للرجل: انطلق إلى أهلك، ثم رفع السوط فجعل يضرب به النصراني، وهو يقول له: يا صبحي قد مر قفا جمل. لا يضرب والله المسلم بعدها أبدا. فهم أعوانه أن يخلصوه من يديه، فقال:
من هاهنا من فتيان الحي؟ خذوا هؤلاء فاذهبوا بهم إلى الحبس، فهرب القوم جميعا، وأفردوا النصراني فضربه أسواطا، فجعل النصراني يعصر عينيه ويبكي ويقول له:
ستعلم؟ فألقى السوط في الدهليز وقال: يا أبا حفص ما تقول في العبد يتزوج بغير إذن مواليه؟ وأخذ فيما كنا فيه كأنه لم يصنع شيئا، وقام النصراني إلى البرذون ليركبه فاستعصى عليه، ولم يكن له من يأخذ بركابه، فجعل يضرب البرذون، قال: يقول له شريك: ارفق به ويلك فإنه أطوع لله منك، فمضى. قال يقول هو: خذ بنا فيما كنا فيه، قال: قلت: ما لنا ولذا، قد والله فعلت اليوم فعلة ستكون لها عاقبة مكروهة.
قال: أعز أمر الله يعزك الله، خذ بنا فيما نحن فيه، قال: وذهب النصراني إلى موسى بن عيسى فدخل عليه فقال من [فعل هذا] بك؟ وغضب الأعوان وصاحب
الشرط. فقال: شريك فعل بي كيت وكيت، قال: لا والله ما أتعرض لشريك، فمضى النصراني إلى بغداد فما رجع.
أَخْبَرَنَا علي بن عبد العزيز الطاهري، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا أحمد بن سعيد الدمشقي.
وأَخْبَرَنَا القاضي أبو الطّيّب الطّبريّ، حدّثنا المعافى بن زكريّا، حَدَّثَنَا محمد بن مزيد الخزاعي قالا: حَدَّثَنَا الزبير قال: حَدَّثَنِي عمي عن عمر بن الهياج بن سعيد قال:
أتته امرأة يوما- يعني شريكا- من ولد جرير بْن عَبْد اللَّه البجلي صاحب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو في مجلس الحكم- فقالت: أنا بالله ثم بالقاضي، امرأة من ولد جرير بن عبد الله صاحب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ورددت الكلام فقال: إيها، عنك الآن من ظلمك؟ فقالت الأمير موسى بن عيسى، كان لي بستان على شاطئ الفرات لي فيه نخل ورثته عن آبائي وقاسمت إخوتي، وبنيت بيني وبينهم حائطا، وجعلت فيه فارسيا في بيت يحفظ النخل، ويقوم ببستاني، فاشترى الأمير موسى بن عيسى من إخوتي جميعا، وساومني وأرغبني فلم أبعه، فلما كان في هذه الليلة بعث بخمسمائة فاعل فاقتلعوا الحائط فأصبحت لا أعرف من نخلي شيئا، واختلط بنخل إخوتي، فقال: يا غلام طينة، فختم، ثم قال لها امضي إلى بابه حتى يحضر معك، فجاءت المراة بالطينة فأخذها الحاجب، ودخل على موسى فقال: أعدى شريك عليك، قال: ادع لي صاحب الشرط، فدعا به فقال: امض إلى شريك فقل يا سبحان الله، ما رأيت أعجب من أمرك، امرأة ادعت دعوى لم تصح أعديتها علي! قال: يقول له صاحب الشرط، إن رأى الأمير أن يعفيني فليفعل، فقال: امض ويلك، فخرج فأمر غلمانه أن يتقدموا إلى الحبس بفراش وغيره من آلة الحبس، فلما جاء فوقف بين يدي شريك، فأدى الرسالة؟
قال: خذ بيده فضعه في الحبس، قال: قد والله يا أبا عبد الله عرفت أنك تفعل بي هذا، فقدمت ما يصلحني إلى الحبس، وبلغ موسى بن عيسى- يعني الخبر- فوجه الحاجب إليه، فقال: هذا من ذاك رسول، أي شي عليه؟ فلما وقف بين يديه وأدى الرسالة، قال: ألحقه بصاحبه، فحبس، فلما صلى الأمير العصر بعث إلى إسحاق بن الصباح الأشعثي، وجماعة من وجوه الكوفة من أصدقاء شريك، فقال: امضوا إليه وأبلغوه السلام، وأعلموه أنه قد استخف بي، وأني لست كالعامة، فمضوا وهو جالس في مسجده بعد العصر. فدخلوا فأبلغوه الرسالة، فلما انقضى كلامهم قال لهم: ما لي لا أراكم جئتم في غيره من الناس كلمتموني؟ من هاهنا من فتيان الحي،
منكم بيد رجل فيذهب به إلى الحبس، لا ينم والله إلا فيه، قالوا: أجاد أنت؟ قال:
حقا حتى لا تعودوا برسالة ظالم، فحبسهم، وركب موسى بن عيسى في الليل إلى باب الحبس، ففتح الباب وأخرجهم جميعا، فلم كان الغد وجلس شريك للقضاء، جاء السجان فأخبره فدعا بالقمطر فختمها، ووجه بها إلى منزله، وقال لغلامة الحقني بثقلي إلى بغداد، والله ما طلبنا هذا الأمر منهم، ولكن أكرهونا عليه، ولقد ضمنوا لنا الإعزاز فيه إذ تقلدناه لهم. ومضوا نحو قنطرة الكوفة إلى بغداد، وبلغ موسى بن عيسى الخبر فركب في موكبه فلحقه. وجعل يناشده الله ويقول: يا أبا عبد الله تثبت، انظر إخوانك تحبسهم دع أعواني. قال: نعم! لأنهم مشوا لك في أمر لم يجب عليهم المشي فيه، ولست ببارح أو يردوا جميعا إلى الحبس، وإلا مضيت إلى أمير المؤمنين فاستعفيته مما قلدني. وأمر بردهم جميعا إلى الحبس وهو والله واقف مكانه حتى جاءه السجان فقال: قد رجعوا إلى الحبس، فقال لأعوانه خذوا بلجامه، قودوه بين يدي جميعا إلى مجلس الحكم، فمروا به بين يديه حتى أدخل المسجد وجلس مجلس القضاء ثم قال: الجويرية المتظلمة من هذا، فجاءت فقال: هذا خصمك قد حضر وهو جالس معها بين يديه، فقال: أولئك يخرجون من الحبس قبل كل شيء، قال: أما الآن فنعم، أخرجوهم. قال: ما تقول فيما تدعيه هذه؟ قال: قال: صدقت، قال: فرد جميع ما أخذ منها، وتبنى حائطا في وقت واحد سريعا كما هدم، قال: أفعل، قال: بقي لك شيء؟ قال: تقول المرأة بيت الفارسي ومتاعه، قال: يقول موسى بن عيسى: ويرد ذلك، بقي لك شيء تدعينه؟ قالت: لا وجزاك الله خيرا. قال: قومي وزبرها، ثم وثب من مجلسه فأخذ بيد موسى بن عيسى فأجلسه في مجلسه ثم قال: السلام عليك أيها الأمير، تأمر بشيء؟ قال: أي شيء آمر؟! وضحك.
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ طَاهِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطّبريّ، حدّثنا المعافى بن زكريّا، حدّثنا محمّد بن القاسم الأنباريّ، حدّثني محمّد بن المرزبان، حدّثنا أبو بكر العامري، حدّثنا مصعب بن عبد الله الزبيري، حَدَّثَنِي أبي قال: تقدم إلى شريك بن عبد الله وكيل لمؤنسة مع خصم له فجعل يستطيل خصمه إدلالا بموضعه من مؤنسة، فقال له شريك: كف لا أبالك، قال: أتقول لي هذا وأنا وكيل مؤنسة، فأمر به فصفع عشر صفعات فانصرف ودخل على مؤنسة وشكى، فكتبت مؤنسة إلى المهدي فعزل شريكا، وكان قبل هذا قد دخل شريك على المهدي فقال له: ما ينبغي أن تقلد الحكم بين المسلمين قال: ولم؟ قال: لخلافك على الجماعة، وقولك بالإمامة، قال: أما
قولك بخلافك على الجماعة. فعن الجماعة أخذت ديني، فكيف أخالفهم وهم أصلي في ديني! وأما قولك وقولك بالإمامة فما أعرف إلا كتاب الله، وسنة رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وأما قولك مثلك ما يقلد الحكم بين المسلمين، فهذا شيء أنتم فعلتموه، فإن كان خطأ فاستغفروا الله منه، وإن كان صوابا فأمسكوا عليه. قال: وما قالا فيه؟ قال: فأما العباس فمات وعلي عنده أفضل الصحابة، وقد كان يرى كبراء المهاجرين يسألونه عما ينزل من النوازل، وما احتاج هو إلى أحد حتى لحق بالله، وأما عبد الله فإنه كان يضرب بين يديه بسيفين، وكان في حروبه رأسا متبعا، وقائدا مطاعا فلو كانت إمامته على جور كان أول من يقعد عنها أبوك، لعلمه بدين الله، وفقهه في أحكام الله، فسكت المهدي وأطرق، ولم يمض بعد هذا المجلس إلا قليل حتى عزل شريك.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد، أخبرنا الوليد بن بكر الأندلسي، حدثنا علي بن أحمد بن زكريا الهاشمي، حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله العجليّ، حَدَّثَنِي أبي قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَبْد اللَّهِ قَالَ: قدم هارون الكوفة يعزل شريكا عن القضاء، وكان موسى بن عيسى واليا على الكوفة. فقال موسى لشريك: ما صنع أمير المؤمنين بأحد ما صنع بك، عزلك عن القضاء، فقال له شريك: هم أمراء المؤمنين يعزلون القضاة، ويخلعون ولاة العهود، فلا يعاب ذلك عليهم. فقال موسى:
ما ظننت أنه مجنون هكذا، لا يبالي ما تكلم به. وكان أبوه عيسى بن موسى ولي العهد بعد أبي جعفر، فخلعه بمال أعطاه إياه، وهو ابن عم أبي جعفر.
وقال أبو مسلم: حَدَّثَنِي أبي قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَبْد اللَّهِ. قَالَ: قدم شريك البصرة فأبى أن يحدثهم، فاتبعوه حين خرج وجعلوا يرجمونه بالحجارة في السفينة، ويقولون له: يا ابن قاتل الحسين، رحم الله طلحة والزبير، وهو يقول لهم: يا أبناء الظؤورات، ويا أبناء السنائخ لا سمعتم مني حرفا. فقال له ابنه: ألا تستعدي السلطان عليهم؟ قال: أو عجزنا عنهم!!.
وقال أبو مسلم: حَدَّثَنِي أبي قال: كان شريك يختلف إلى باب الخليفة ببغداد، فجاء يوما فوجدوا منه ريح نبيذ، فقال بعضهم: نشم رائحة أبا عبد الله؟ قال: مني مني؟ قالوا: لو كان هذا منا لأنكر علينا، قال: لأنكما مريبان. قال: وبعث إليه بمال يقسمه بالكوفة، فأشاروا عليه أن يسوى بين الناس، فأبى فأعطى الغربي اثنى عشر،
وأعطى الموالي ثمانية، وأعطى من حسن إسلامه أربعة، فأراد الموالي أن يقوموا عليه، فقال لهم: أنتم لا سبيل لكم علي، كان الناس في القسمة سواء ثمانية ثمانية فقد أعطيتكم ثمانية. وأخذت من حق هؤلاء فزدته العرب يتقوون به على حاجتهم، فدعوني مع هؤلاء. فخرج أولئك الذين أعطاهم أربعة أربعة، فما برحوا حتى عزلوه، وركب أهل الأربعة إلى بغداد حتى عزلوه.
أَخْبَرَنَا أحمد بن محمّد العتيقي، حدّثنا محمّد بن العبّاس، حدّثنا محمّد بن خلف ابن المرزبان، أَخْبَرَنِي أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي، أَخْبَرَنِي أبي قال: كان شريك القاضي لا يجلس حتى يتغدى ويشرب أربعة أرطال نبيذ، ثم يأتي المسجد فيصلي ركعتين، ثم يخرج رقعة من قمطره فينظر فيها، ثم يدعو بالخصوم، وإنما كان يقدمهم الأول فالأول، ولم يكن يقدمهم برقاع، قال: فقيل لابن شريك: يجب أن نعلم ما في هذه الرقعة قال: فنظر فيها ثم أخرجها إلينا فإذا فيها يا شريك بن عبد الله، اذكر الصراط وحدته. يا شريك بن عبد الله اذكر الموقف بين يدي الله تعالى، ثم يدعو بالخصوم.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن الجازري، حدّثنا المعافى بن زكريّا القاضي، حدّثنا محمّد بن مزيد الخزاعيّ، حَدَّثَنَا الزبير- هو ابن بكار- قَالَ: حَدَّثَنِي عمي مصعب بْن عَبْد الله عن جدي عبد الله بن مصعب قال: حضرت شريكا في مجلس أبي عبيد الله، وعنده الْحَسَن بن زيد بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن أبي طالب. والجريري رجل من ولد جرير- وكان خطيبا للسلطان- فتذاكروا الحديث في النبيذ واختلافهم فيه، فقال شريك: حَدَّثَنَا أَبُو إسحاق عن عمرو بن ميمون الأودي عن عمر بن الخطاب.
قال: إنا ناكل من لحوم هذه الإبل، ونشرب عليها من النبيذ ليقطعها في أجوافنا وبطوننا. فقال الحسن بن زيد: مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الآخِرَةِ، إِنْ هَذَا إِلا اخْتِلاقٌ.
فقال شريك: أجل والله ما سمعته، شغلك عن ذلك الجلوس على الطنافس، في صدور المجالس، ثم سكت. فتذاكر القوم الحديث في النبيذ فقال أبو عبيد الله: أبا عبد الله حدث القوم بما سمعت في النبيذ، فقال: كلا! الحديث أعز على أهله من أن يعرض للتكذيب، على من يرد؟ على أبي إسحاق الهمداني، أم على عمرو بن ميمون الأودي.
أَخْبَرَنَا الجوهري، أخبرنا محمّد بن العبّاس، حدّثنا محمّد بن القاسم الكوكبي، حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد قَالَ: سمعتُ يَحْيَى بْن معين يَقُولُ: قَالَ المهديّ
لشريك: كأني أرى رأس زنديق يضرب الساعة. فقال شريك: يا أمير المؤمنين إن للزنادقة علامات، تركهم الجماعات، وشربهم القهوات، وتخلفهم عن الجماعات.
فقال المهدي: يا أبا عبد الله لم نعنك بهذا؟ قال يحيى بن معين: وجده حاضر الجواب.
أَخْبَرَنَا محمد بن أحمد بن رزق، أخبرنا عثمان بن أحمد، حَدَّثَنَا حنبل بن إسحاق قَالَ: سمعت أبا عبد الله يقول: مات شريك سنة سبع وسبعين.
أَخْبَرَنَا الحسن بن الحسين بن العباس، أخبرنا جدي إسحاق بن محمّد النعالي، أخبرنا عبد الله بن إسحاق المدائني، حَدَّثَنَا قعنب بن المحرر وأَخْبَرَنَا ابن الفضل، أَخْبَرَنَا جعفر الخُلْدي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الله الحضرمي، حَدَّثَنَا ابن نمير قالا: مات شريك سنة سبع وسبعين ومائة.
أَخْبَرَنَا أبو سعيد بن حسنويه، أخبرنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ، حدّثنا عمر بن أحمد الأهوازيّ، حدّثنا خليفة بن الخيّاط قال: وشريك بن عبد الله مات سنة سبع- أو ثمان- وسبعين ومائة .

العباس بن عبد المطلب

العَبَّاسُ عَمُّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قِيْلَ: إِنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَ الهِجْرَةِ، وَكَتَمَ إِسْلاَمَهُ، وَخَرَجَ مَعَ قَوْمِهِ إِلَى بَدْرٍ، فَأُسِرَ يَوْمَئِذٍ، فَادَّعَى أَنَّهُ مُسْلِمٌ، فَاللهُ أَعْلَمُ.
وَلَيْسَ هُوَ فِي عِدَادِ الطُّلَقَاءِ؛ فَإِنَّهُ كَانَ قَدْ قَدِمَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبْلَ الفَتْحِ؛ أَلاَ تَرَاهُ أَجَارَ أَبَا سُفْيَانَ بنَ حَرْبٍ.وَلَهُ: عِدَّةُ أَحَادِيْثَ، مِنْهَا: خَمْسَةٌ وَثَلاَثُوْنَ فِي (مُسْنَدِ بَقِيٍّ) ، وَفِي (البُخَارِيِّ، وَمُسْلِمٍ) حَدِيْثٌ، وَفِي (البُخَارِيِّ) حَدِيْثٌ، وَفِي (مُسْلِمٍ) ثَلاَثَةُ أَحَادِيْثَ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ عَبْدُ اللهِ، وَكَثِيْرٌ؛ وَالأَحْنَفُ بنُ قَيْسٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ الحَارِثِ بنِ نَوْفَلٍ، وَجَابِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَأُمُّ كُلْثُوْمٍ بِنْتُ العَبَّاسِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَمِيْرَةَ، وَعَامِرُ بنُ سَعْدٍ، وَإِسْحَاقُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نَوْفَلٍ، وَمَالِكُ بنُ أَوْسِ بنِ الحَدَثَانِ، وَنَافِعُ بنُ جُبَيْرِ بنِ مُطْعِمٍ، وَابْنُهُ عُبَيْدُ اللهِ بنُ العَبَّاسِ، وَآخَرُوْنَ.
وَقَدِمَ الشَّامَ مَعَ عُمَرَ.
فَعَنْ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ: أَنَّ عُمَرَ لَمَّا دَنَا مِنَ الشَّامِ، تَنَحَّى وَمَعَهُ غُلاَمُهُ، فَعَمَدَ إِلَى مَرْكَبِ غُلاَمِهِ فَرَكِبَهُ، وَعَلَيْهِ فَرْوٌ مَقْلُوْبٌ، وَحَوَّلَ غُلاَمَهُ عَلَى رَحْلِ نَفْسِهِ.
وَإِنَّ العَبَّاسَ لَبَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى فَرَسٍ عَتِيْقٍ، وَكَانَ رَجُلاً جَمِيْلاً، فَجَعَلتِ البَطَارِقَةُ يُسَلِّمُوْنَ عَلَيْهِ، فَيُشِيْرُ: لَسْتُ بِهِ، وَإِنَّهُ ذَاكَ.
قَالَ الكَلْبِيُّ: كَانَ العَبَّاسُ شَرِيْفاً، مَهِيْباً، عَاقِلاً، جَمِيْلاً، أَبْيَضَ، بَضّاً، لَهُ ضَفِيْرَتَانِ، مُعْتَدِلَ القَامَةِ.
وُلِدَ قَبْلَ عَامِ الفِيْلِ بِثَلاَثِ سِنِيْنَ.
قُلْتُ: بَلْ كَانَ مِنْ أَطْوَلِ الرِّجَالِ، وَأَحْسَنِهِمْ صُوْرَةً، وَأَبْهَاهُم،
وَأَجْهَرِهِمْ صَوْتاً، مَعَ الحِلْمِ الوَافِرِ، وَالسُّؤْدُدِ.رَوَى: مُغِيْرَةُ، عَنْ أَبِي رَزِيْنٍ، قَالَ:
قِيْلَ لِلعَبَّاسِ: أَنْتَ أَكْبَرُ أَوِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟
قَالَ: هُوَ أَكْبَرُ، وَأَنَا وُلِدْتُ قَبْلَهُ.
قَالَ الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: كَانَ لِلعَبَّاسِ ثَوْبٌ لِعَارِي بَنِي هَاشِمٍ، وَجَفْنَةٌ لِجَائِعِهِمْ، وَمَنْظَرَةٌ لِجَاهِلِهِمْ.
وَكَانَ يَمْنَعُ الجَارَ، وَيَبْذُلُ المَالَ، وَيُعْطِي فِي النَّوَائِبِ.
وَنَدِيْمُهُ فِي الجَاهِلِيَّةِ أَبُو سُفْيَانَ بنُ حَرْبٍ.
ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَبِيْبَةَ، عَنْ دَاوُدَ بنِ الحُصَيْنِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
كَانَ العَبَّاسُ قَدْ أَسْلَمَ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى المَدِيْنَةِ.
إِسْنَادُهُ وَاهٍ.عَنْ عُمَارَةَ بنِ عَمَّارِ بنِ أَبِي اليَسَرِ السَّلَمِيِّ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ:
نَظَرْتُ إِلَى العَبَّاسِ يَوْمَ بَدْرٍ وَهُوَ وَاقِفٌ كَأَنَّهُ صَنَمٌ، وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ، فَقُلْتُ:
جَزَاكَ اللهُ مِنْ ذِي رَحِمٍ شَرّاً! أَتُقَاتِلُ ابْنَ أَخِيْكَ مَعَ عَدُوِّهِ؟
قَالَ: مَا فَعَلَ، أَقُتِلَ؟
قُلْتُ: اللهُ أَعَزُّ لَهُ، وَأَنْصَرُ مِنْ ذَلِكَ.
قَالَ: مَا تُرِيْدُ إِلَيَّ؟
قُلْتُ: الأَسْرُ؛ فَإِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عَنْ قَتْلِكَ.
قَالَ: لَيْسَتْ بِأَوَّلِ صِلَتِهِ.
فَأَسَرْتُهُ، ثُمَّ جِئْتُ بِهِ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
الثَّوْرِيُّ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ، أَوْ غَيْرِهِ، قَالَ:
جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ بِالعَبَّاسِ، قَدْ أَسَرَهُ، فَقَالَ: لَيْسَ هَذَا أَسَرَنِي.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لَقَدْ آزَرَكَ اللهُ بِمَلَكٍ كَرِيْمٍ ) .
ابْنُ إِسْحَاقَ: عَمَّنْ سَمِعَ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
أَسَرَ العَبَّاسَ أَبُو اليَسَرِ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (كَيْفَ أَسَرْتَهُ؟) .
قَالَ: لَقَدْ أَعَانَنِي عَلَيْهِ رَجُلٌ مَا رَأَيْتُهُ قَبْلُ وَلاَ بَعْدُ، هَيْئَتُهُ كَذَا.
قَالَ: (لَقَدْ أَعَانَكَ عَلَيْهِ مَلَكٌ كَرِيْمٌ ) .
ثُمَّ قَالَ لِلعَبَّاسِ: افْدِ نَفْسَكَ، وَابْنَ أَخِيْكَ عَقِيْلاً، وَنَوْفَلَ بنَ الحَارِثِ، وَحَلِيْفَكَ عُتْبَةَ بنَ جَحْدَمٍ.
فَأَبَى، وَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ مُسْلِماً قَبْلَ
ذَلِكَ، وَإِنَّمَا اسْتَكْرَهُوْنِي.قَالَ: (اللهُ أَعْلَمُ بِشَأْنِكَ، إِنْ يَكُ مَا تَدَّعِي حَقّاً، فَاللهُ يَجْزِيْكَ بِذَلِكَ، وَأَمَّا ظَاهِرُ أَمْرِكَ فَقَدْ كَانَ عَلَيْنَا، فَافْدِ نَفْسَكَ) .
وَكَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ عَرَفَ أَنَّ العَبَّاسَ أَخَذَ مَعَهُ عِشْرِيْنَ أُوْقِيَّةً ذَهَباً.
فَقُلْتُ : يَا رَسُوْلَ اللهِ، احْسُبْهَا لِي مِنْ فِدَائِي.
قَالَ: (لاَ، ذَاكَ شَيْءٌ أَعْطَانَا اللهُ مِنْكَ) .
قَالَ: فَإِنَّهُ لَيْسَ لِي مَالٌ!
قَالَ: (فَأَيْنَ المَالُ الَّذِي وَضَعْتَهُ بِمَكَّةَ عِنْدَ أُمِّ الفَضْلِ، وَلَيْسَ مَعَكُمَا أَحَدٌ غَيْرَكُمَا، فَقُلْتَ: إِنْ أُصِبْتُ فِي سَفَرِي فَلِلْفَضْلِ كَذَا، لِقُثَمَ كَذَا، وَلعَبْدِ اللهِ كَذَا؟) .
قَالَ: فَوَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ مَا عَلِمَ بِهَذَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ غَيَرَهَا، وَإِنِّي لأَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُوْلُ اللهِ.
يُوْنُسُ بنُ بُكَيْرٍ: عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ العَبَّاسِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
بَعَثَتْ قُرَيْشٌ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي فِدَاءِ أَسْرَاهُمْ.
فَفَدَى كُلُّ قَوْمٍ أَسِيْرَهُمْ، بِمَا تَرَاضَوْا.
وَقَالَ العَبَّاسُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، إِنِّي كُنْتُ مُسْلِماً.
إِلَى أَنْ قَالَ: وَأُنزِلَتْ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيْكُم مِنَ الأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوْبِكُم خَيْراً يُؤتِكُم خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُم وَيَغْفِرْ لَكُم} [الأَنْفَالُ: 70] .
قَالَ: فَأَعْطَانِي اللهُ مَكَانَ العِشْرِيْنَ أُوْقِيَّةً فِي الإِسْلاَمِ عِشْرِيْنَ عَبْداً،
كُلُّهُمْ فِي يَدِهِ مَالٌ يَضْرِبُ بِهِ، مَعَ مَا أَرْجُو مِنْ مَغْفِرَةِ اللهِ -تَعَالَى -.قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ أَكْثَرُ الأُسَارَى فِدَاءً يَوْمَ بَدْرٍ العَبَّاسُ، افْتَدَى نَفْسَهُ بِمائَةِ أُوْقِيَّةٍ مِنْ ذَهَبٍ.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
أَمْسَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالأُسَارَى فِي الوَثَاقِ، فَبَاتَ سَاهِراً أَوَّلَ اللَّيْلِ.
فَقِيْلَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، مَا لَكَ لاَ تَنَامُ؟
قَالَ: (سَمِعْتُ أَنِيْنَ عَمِّي فِي وَثَاقِهِ) .
فَأَطْلَقُوهُ، فَسَكَتَ، فَنَامَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُهَاجِرٍ: عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ:
أَسَرَ العَبَّاسَ رَجُلٌ، وَوَعَدُوْهُ أَنْ يَقْتُلُوْهُ، فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِنِّي لَمْ أَنَمِ اللَّيْلَةَ مِنْ أَجْلِ العَبَّاسِ؛ زَعَمَتِ الأَنْصَارُ أَنَّهُمْ قَاتِلُوْهُ) .
فَقَالَ عُمَرُ: أَآتِيْهِمْ يَا رَسُوْلَ اللهِ؟
فَأَتَى الأَنْصَارَ، فَقَالَ: أَرْسِلُوا العَبَّاسَ.
قَالُوا: إِنْ كَانَ لِرَسُوْلِ اللهِ رِضَىً، فَخُذْهُ.
سِمَاكٌ: عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
قِيْلَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ - بَعْدَ مَا فَرَغَ مِنْ بَدْرٍ - عَلَيْكَ بِالْعِيْرِ لَيْسَ دُوْنَهَا شَيْءٌ.
فَقَالَ العَبَّاسُ - وَهُوَ فِي وَثَاقِهِ -: لاَ يَصْلُحُ.
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لِمَ؟) .
قَالَ: لأَنَّ اللهَ وَعَدَكَ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، فَقَدْ أَعْطَاكَ مَا وَعَدَكَ.
هَكَذَا رَوَاهُ: إِسْرَائِيْلُ.
وَرَوَاهُ: عَمْرُو بنُ ثَابِتٍ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ مُرْسَلاً.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ قَيْسٍ: عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلٍ، قَالَ:لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ بَدْرٍ، اسْتَأْذَنَهُ العَبَّاسُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى مَكَّةَ، حَتَّى يُهَاجِرَ مِنْهَا.
فَقَالَ: (اطْمَئِنَّ يَا عَمُّ، فَإِنَّكَ خَاتَمُ المُهَاجِرِيْنَ، كَمَا أَنَا خَاتَمُ النَّبِيِّيْنَ ) .
إِسْنَادُهُ وَاهٍ.
رَوَاهُ: أَبُو يَعْلَى، وَالشَّاشِيُّ فِي (مُسْنَدَيْهِمَا) .
وَيُرْوَى نَحْوُهُ مِنْ مَرَاسِيْلِ الزُّهْرِيِّ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ : الطَّبَقَةُ الثَّانِيَةُ مِنَ المُهَاجِرِيْنَ وَالأَنْصَارِ مِمَّنْ لَمْ يَشْهَدْ بَدْراً: فَبَدَأَ بِالعَبَّاسِ.
قَالَ: وَأُمُّهُ نُتَيْلَةُ بِنْتُ جَنَابِ بنِ كُلَيْبٍ.
وَسَرَدَ نَسَبَهَا إِلَى رَبِيْعَةَ بنِ نِزَارِ بنِ مَعَدٍّ.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وُلِدَ أَبِي قَبْلَ أَصْحَابِ الفِيْلِ بِثَلاَثِ سِنِيْنَ.
وَبَنُوْهُ: الفَضْلُ - وَهُوَ أَكْبَرُهُمْ - وَعَبْدُ اللهِ البَحْرُ، وَعُبَيْدُ اللهِ، وَقُثَمُ - وَلَمْ يُعْقِبْ - وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ - تُوُفِّيَ بِالشَّامِ وَلَمْ يُعْقِبْ - وَمَعَبْدٌ - اسْتُشْهِدَ بِإِفْرِيْقِيَةَ - وَأَمُّ حَبِيْبٍ.
وَأُمُّهُمْ: أُمُّ الفَضْلِ لُبَابَةُ الهِلاَلِيَّةُ، وَفِيْهَا يَقُوْلُ ابْنُ يَزِيْدَ الهِلاَلِيُّ:
مَا وَلَدَتْ نَجِيْبَةٌ مِنْ فَحْلِ ... بِجَبَلٍ نَعْلَمُهُ أَوْ سَهْلِكَسِتَّةٍ مِنْ بَطْنِ أُمِّ الفَضْلِ ... أَكْرِمْ بِهَا مِنْ كَهْلَةٍ وَكَهْلِ
قَالَ الكَلْبِيُّ: مَا رَأَيْنَا وَلَدَ أُمٍّ قَطُّ أَبْعَدَ قُبُوْراً مِنْ بَنِي العَبَّاسِ.
وَمِنْ أَوْلاَدِ العَبَّاسِ: كَثِيْرٌ - وَكَانَ فَقِيْهاً - وَتَمَّامٌ - وَكَانَ مِنْ أَشَدِّ قُرَيْشٍ - وَأُمَيْمَةُ؛ وَأُمُّهُمْ أُمُّ وَلَدٍ، وَالحَارِثُ بنُ العَبَّاسِ؛ وَأُمُّهُ: حُجَيْلَةُ بِنْتُ جُنْدَبٍ التَّمِيْمِيَّةُ.
فَعِدَّتُهُمْ عَشْرَةٌ.
الوَاقِدِيُّ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ يَزِيْدَ الهُذَلِيُّ، عَنْ أَبِي البَدَّاحِ بنِ عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عُوَيْمِ بنِ سَاعِدَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
أَتَيْنَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقِيْلَ: هُوَ فِي مَنْزِلِ العَبَّاسِ.
فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ، فَسَلَّمْنَا، وَقُلْنَا: مَتَى نَلْتَقِي؟
فَقَالَ العَبَّاسُ: إِنَّ مَعَكُمْ مِنْ قَوْمِكُمْ مَنْ هُوَ مُخَالِفٌ لَكُمْ، فَأَخْفُوا أَمْرَكُمْ حَتَّى يَنْصَدِعَ هَذَا الحَاجُّ، وَنَلْتَقِيَ نَحْنُ وَأَنْتُمْ، فَنُوْضِحُ لَكُمُ الأَمْرَ، فَتَدْخُلُوْنَ عَلَى أَمْرٍ بَيِّنٍ.
فَوَعَدَهُمُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةَ النَّفْرِ الآخِرِ بِأَسْفَلِ العَقَبَةِ، وَأَمَرَهُمْ أَلاَّ يُنَبِّهُوا نَائِماً، وَلاَ يَنْتَظِرُوا غَائِباً.
وَعَنْ مُعَاذِ بنِ رِفَاعَةَ، قَالَ:
فَخَرَجُوْا بَعْدَ هَدْأَةٍ يَتَسَلَّلُوْنَ، وَقَدْ سَبَقَهُمْ إِلَى ذَلِكَ المَكَانِ، مَعَهُ عَمُّهُ العَبَّاسُ وَحْدَهُ.
قَالَ: فَأَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ هُوَ، فَقَالَ:
يَا مَعْشَرَ الخَزْرَجِ! قَدْ دَعَوْتُمْ مُحَمَّداً إِلَى مَا دَعَوْتُمُوْهُ، وَهُوَ مِنْ أَعَزِّ النَّاسِ فِي عَشِيْرَتِهِ، يَمْنَعُهُ -وَاللهِ- مَنْ كَانَ مِنَّا عَلَى
قَوْلِهِ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ، وَقَدْ أَبَى مُحَمَّداً النَّاسُ كُلُّهُمْ غَيْرَكُمْ؛ فَإِنْ كُنْتُمْ أَهْلَ قُوَّةٍ وَجَلَدٍ وَبَصَرٍ بِالحَرْبِ، وَاسْتِقْلاَلٍ بِعَدَاوَةِ العَرَبِ قَاطِبَةً، فَإِنَّهَا سَتَرْمِيْكُمْ عَنْ قَوْسٍ وَاحِدَةٍ، فَارْتَؤُوا رَأْيَكُمْ، وَائْتَمِرُوا أَمْرَكُمْ؛ فَإِنَّ أَحْسَنَ الحَدِيْثِ أَصْدَقُهُ.فَأُسْكِتُوا، وَتَكَلَّمَ عَبْدُ اللهِ بنُ عَمْرِو بنِ حَرَامٍ، فَقَالَ:
نَحْنُ أَهْلُ الحَرْبِ، وَرِثْنَاهَا كَابِراً عَنْ كَابِرٍ.
نَرْمِي بِالنَّبْلِ حَتَّى تَفْنَى، ثُمَّ نُطَاعِنُ بِالرِّمَاحِ حَتَّى تَكَسَّرَ، ثُمَّ نَمْشِي بِالسُّيُوْفِ حَتَّى يَمُوْتَ الأَعْجَلُ مِنَّا.
قَالَ: أَنْتُمْ أَصْحَابُ حَرْبٍ، هَلْ فِيْكُمْ دُرُوْعٌ؟
قَالُوا: نَعَمْ، شَامِلَةٌ.
وَقَالَ البَرَاءُ بنُ مَعْرُوْرٍ: قَدْ سَمِعْنَا مَا قُلْتَ، إِنَّا -وَاللهِ- لَوْ كَانَ فِي أَنْفُسِنَا غَيْرُ مَا نَقُوْلُ لَقُلْنَا، وَلَكِنَّا نُرِيْدُ الوَفَاءَ، وَالصِّدْقَ، وَبَذْلَ المُهَجِ دُوْنَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فَبَايَعَهُمُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالعَبَّاسُ آخِذٌ بِيَدِهِ، يُؤَكِّدُ لَهُ البَيْعَةَ.
زَكَرِيَّا: عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
انْطَلَقَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالعَبَّاسِ، وَكَانَ العَبَّاسُ ذَا رَأْيٍ.
فَقَالَ العَبَّاسُ لِلسَّبْعِيْنَ: لِيَتَكَلَّمْ مُتَكَلِّمُكُم وَلاَ يُطِلِ الخُطْبَةَ؛ فَإِنَّ عَلَيْكُم عَيْناً.
فَقَالَ أَسْعَدُ بنُ زُرَارَةَ: سَلْ لِرَبِّكَ مَا شِئْتَ، وَسَلْ لِنَفْسِكَ وَلأَصْحَابِكَ، ثُمَّ أَخْبِرْنَا بِمَا لَنَا عَلَى اللهِ وَعَلَيْكُم.
قَالَ: (أَسْأَلُكُم لِرَبِّي أَنْ تَعْبُدُوْهُ، لاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً، وَأَسْأَلُكُم لِنَفْسِي وَأَصْحَابِي أَنْ تُؤْوُوْنَا، وَتَنْصُرُوْنَا، وَتَمْنَعُوْنَا مِمَّا تَمْنَعُوْنَ مِنْهُ أَنْفُسَكُمْ) .
قَالُوا: فَمَا لَنَا إِذَا فَعَلْنَا ذَلِكَ؟قَالَ: (الجَنَّةُ) .
قَالَ: فَلَكَ ذَلِكَ.
ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ:
قَالَ أَبُو رَافِعٍ: كُنْتُ غُلاَماً لِلعَبَّاسِ، وَكَانَ الإِسْلاَمُ قَدْ دَخَلَنَا، فَأَسْلَمَ العَبَّاسُ، وَكَانَ يَهَابُ قَوْمَهُ؛ فَكَانَ يَكْتُمُ إِسْلاَمَهُ، فَخَرَجَ إِلَى بَدْرٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي أُوَيْسٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ عَبَّاسِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مَعَبْدِ بنِ عَبَّاسٍ:
أَنَّ جَدَّهُ عَبَّاساً قَدِمَ هُوَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ، فَقَسَمَ لَهُمَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي خَيْبَرَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: فَقَالَ لِي مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ: هَذَا وَهْمٌ، بَلْ كَانَ العَبَّاسُ بِمَكَّةَ، إِذْ قَدِمَ الحَجَّاجُ بنُ عِلاَطٍ، فَأَخْبَرَ قُرِيشاً عَنْ نَبِيِّ اللهِ بِمَا أَحَبُّوا، وَسَاءَ العَبَّاسَ، حَتَّى أَتَاهُ الحَجَّاجُ، فَأَخْبَرَهُ بِفَتْحِ خَيْبَرَ، فَفَرِحَ.
ثُمَّ خَرَجَ العَبَّاسُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَلَحِقَ بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَطْعَمَهُ بِخَيْبَرَ مائَتَيْ وَسْقٍ كُلَّ سَنَةٍ، ثُمَّ خَرَجَ مَعَهُ إِلَى فَتْحِ مَكَّةَ.
يَزِيْدُ بنُ أَبِي زِيَادٍ: عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَارِثِ، عَنِ المُطَّلِبِ بنِ رَبِيْعَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَا بَالُ رِجَالٍ يُؤْذُوْنَنِي فِي العَبَّاسِ، وَإِنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيْهِ، مَنْ آذَى العَبَّاسَ فَقَدْ آذَانِي).
وَرَوَاهُ: خَالِدٌ الطَّحَّانُ عَنْ يَزِيْدَ، فَأَسْقَطَ المُطَّلِبَ.وَثَبَتَ أَنَّ العَبَّاسَ كَانَ يَوْمَ حُنِيْنٍ، وَقْتَ الهَزِيْمَةِ، آخِذاً بِلِجَامِ بَغْلَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَثَبَتَ مَعَهُ حَتَّى نَزَلَ النَّصْرُ.
الأَعْمَشُ: عَنْ أَبِي سَبْرَةَ النَّخَعِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ كَعْبٍ القُرَظِيِّ، عَنِ العَبَّاسِ، قَالَ:
كُنَّا نَلْقَى النَّفَرَ مِنْ قُرَيْشٍ، وَهُمْ يَتَحَدَّثُوْنَ، فَيَقْطَعُوْنَ حَدِيْثَهُمْ.
فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: (وَاللهِ لاَ يَدْخُلُ قَلْبَ رَجُلٍ الإِيْمَانُ حَتَّى يُحِبَّكُمْ للهِ وَلِقَرَابَتِي ) .
إِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ.
إِسْرَائِيْلُ: عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى الثَّعْلَبِيِّ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ وَقَعَ فِي أَبٍ لِلْعَبَّاسِ كَانَ فِي الجَاهِلِيَّةِ، فَلَطَمَهُ العَبَّاسُ.
فَجَاءَ قَوْمُهُ، فَقَالُوا: وَاللهِ لَنَلْطِمَنَّهُ كَمَا لَطَمَهُ.
فَلَبِسُوا السِّلاَحَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ فَصَعِدَ المِنْبَرَ، فَقَالَ: (أَيُّهَا النَّاسُ، أَيُّ أَهْلِ الأَرْضِ أَكْرَمُ عَلَى اللهِ؟) .
قَالُوا: أَنْتَ.
قَالَ: (فَإِنَّ العَبَّاسَ مِنِّي، وَأَنَا مِنْهُ، لاَ تَسُبُّوا أَمْوَاتَنَا فَتُؤْذُوا أَحْيَاءنَا) .
فَجَاءَ القَوْمُ، فَقَالُوا: نَعُوْذُ بِاللهِ مِنْ غَضَبِكَ يَا رَسُوْلَ اللهِ.
رَوَاهُ: أَحْمَدُ فِي (مُسْنَدِهِ ) .ثَوْرٌ: عَنْ مَكْحُوْلٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَعَلَ عَلَى العَبَّاسِ وَوَلَدِهِ كِسَاءً، ثُمَّ قَالَ: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْعَبَّاسِ وَوَلَدِهِ مَغْفِرَةً ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً لاَ تُغَادِرُ ذَنْباً، اللَّهُمَّ اخْلُفْهُ فِي وَلَدِهِ ) .
إِسْنَادُهُ جَيِّدٌ.
رَوَاهُ: أَبُو يَعْلَى فِي (مُسْنَدِهِ) .
إِسْمَاعِيْلُ بنُ قَيْسِ بنِ سَعْدٍ: عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلٍ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي القَيْظِ، فَقَامَ لِبَعْضِ حَاجَتِهِ، فَقَامَ العَبَّاسُ يَسْتُرُهُ بِكِسَاءٍ مِنْ صُوْفٍ، فَقَالَ: (اللَّهُمَّ اسْتُرِ العَبَّاسَ وَوَلَدَهُ مِنَ النَّارِ ) .
لَهُ طُرُقٌ، وَإِسْمَاعِيْلُ: ضُعِّفَ.
سُلَيْمَانُ بنُ المُغِيْرَةِ: عَنْ حُمَيْدِ بنِ هِلاَلٍ، قَالَ:
بَعَثَ ابْنُ الحَضْرَمِيِّ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَالٍ؛ ثَمَانِيْنَ أَلْفاً مِنَ البَحْرَيْنِ، فَنُثِرَتْ عَلَى حَصِيْرٍ.
فَجَاءَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَوَقَفَ، وَجَاءَ النَّاسُ؛ فَمَا كَانَ يَوْمَئِذٍ عَدَدٌ وَلاَ وَزْنٌ، مَا كَانَ إِلاَّ قَبْضاً.
فَجَاءَ العَبَّاسُ بِخَمِيْصَةٍ عَلَيْهِ، فَأَخَذَ، فَذَهَبَ يَقُوْمُ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: ارْفَعْ عَلَيَّ.
فَتَبَسَّمَ رَسُوْلُ اللهِ حَتَّى خَرَجَ ضَاحِكُهُ - أَوْ نَابُهُ - فَقَالَ: (أَعِدْ فِي المَالِ طَائِفَةً، وَقُمْ بِمَا تُطِيْقُ) .
فَفَعَلَ.
قَالَ: فَجَعَلَ العَبَّاسُ يَقُوْلُ - وَهُوَ مُنْطَلِقٌ -: أَمَّا إِحْدَى اللَّتَيْنِ وَعَدَنَا اللهُ،
فَقَدْ أَنْجَزَهَا، يَعْنِي قَوْلَهُ: {قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيْكُمْ مِنَ الأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوْبِكُم خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ} [الأَنْفَالُ: 70] .فَهَذَا خَيْرٌ مِمَّا أُخِذَ مِنِّي، وَلاَ أَدْرِي مَا يُصْنَعُ فِي الآخِرَةِ.
أَبُو الزِّنَادِ: عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
بَعَثَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عُمَرَ عَلَى الصَّدَقَةِ سَاعِياً، فَمُنِعَ ابْنُ جَمِيْلٍ، وَخَالِدٌ، وَالعَبَّاسُ.
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَا يَنْقِمُ ابْنُ جَمِيْلٍ إِلاَّ أَنْ كَانَ فَقِيْراً فَأَغْنَاهُ اللهُ! وَأَمَّا خَالِدٌ، فَإِنَّكُمْ تَظْلِمُوْنَ خَالِداً، إِنَّهُ قَدِ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتَادَهُ فِي سَبِيْلِ اللهِ؛ وَأَمَّا العَبَّاسُ، فَهِيَ عَلَيَّ وَمِثْلُهَا) .
ثُمَّ قَالَ: (أَمَا شَعَرْتَ أَنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيْهِ ) .
الأَعْمَشُ: عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي البَخْتَرِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ:
قُلْتُ لِعُمَرَ: أَمَا تَذْكُرُ إِذْ شَكَوْتَ العَبَّاسَ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: (أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيْهِ ؟) .
حُسَيْنُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ ضُمَيْرَةَ: عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِيٍّ: أَنَّ
رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (اسْتَوْصُوا بِالعَبَّاسِ خَيْراً، فَإِنَّهُ عَمِّي، وَصِنْوُ أَبِي) .إِسْنَادُهُ وَاهٍ.
مُحَمَّدُ بنُ طَلْحَةَ التَّيْمِيُّ: عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ بنِ مَالِكٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ سَعْدٍ:
كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي نَقِيْعِ الخَيْلِ، فَأَقْبَلَ العَبَّاسُ.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (هَذَا العَبَّاسُ عَمُّ نَبِيِّكُم، أَجْوَدُ قُرَيْشٍ كَفّاً، وَأَوْصَلُهَا ) .
رَوَاهُ: عِدَّةٌ، عَنْهُ.
وَثَبَتَ مِنْ حَدِيْثِ أَنَسٍ:
أَنَّ عُمَرَ اسْتَسْقَى، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا إِذَا قَحَطْنَا عَلَى عَهْدِ نَبِيِّكَ تَوَسَّلْنَا بِهِ؛ وَإِنَا نَسْتَسْقِي إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّكَ العَبَّاسِ.
الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَنَا سَاعِدَةُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ دَاوُدَ بنِ عَطَاءٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:اسْتَسْقَى عُمَرُ عَامَ الرَّمَادَةِ بِالعَبَّاسِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ هَذَا عَمُّ نَبِيِّكَ نَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِهِ، فَاسْقِنَا.
فَمَا بَرِحُوا حَتَّى سَقَاهُمُ اللهُ.
فَخَطَبَ عُمَرُ النَّاسَ، فَقَالَ:
إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَرَى لِلْعَبَّاسِ مَا يَرَى الوَلَدُ لِوَالِدِهِ، فَيُعَظِّمُهُ، وَيُفَخِّمُهُ، وَيَبَرُّ قَسَمَهُ؛ فَاقْتَدُوا أَيَّهَا النَّاسُ بِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي عَمِّهِ العَبَّاسِ، وَاتَّخِذُوْهُ وَسِيْلَةً إِلَى اللهِ فِيْمَا نَزَلَ بِكُم.
وَقَعَ لَنَا عَالِياً فِي (جُزْءِ البَانِيَاسِيِّ) .
وَدَاوُدُ: ضَعِيْفٌ.
ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ: عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
مَا رَأَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُجِلُّ أَحَداً مَا يُجِلُّ العَبَّاسَ أَوْ يُكْرِمُ العَبَّاسَ.
إِسْنَادُهُ صَالِحٌ.
وَيُرْوَى عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو :
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِنَّ اللهَ
اتَّخَذَنِي خَلِيْلاً، كَمَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيْمَ خَلِيْلاً، فَمَنْزِلِي وَمَنْزِلُ إِبْرَاهِيْمَ يَوْمَ القِيَامَةِ فِي الجَنَّةِ تُجَاهَيْنِ، وَالعَبَّاسُ بَيْنَنَا، مُؤْمِنٌ بَيْنَ خَلِيْلَيْنِ) .أَخْرَجَهُ: ابْنُ مَاجَةَ، وَهُوَ مَوْضُوْعٌ.
وَفِي إِسْنَادِهِ: عَبْدُ الوَهَّابِ العُرْضِيُّ الكَذَّابُ.
ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ العَامِرِيُّ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِلْعَبَّاسِ: (فِيْكُمُ النُّبُوَّةُ وَالمَمْلَكَةُ) .
هَذَا فِي (جُزْءِ ابْنِ دِيْزِيْلَ ) ، وَهُوَ مُنْكَرٌ.
ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ: عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ الثِّقَةِ، قَالَ:
كَانَ العَبَّاسُ إِذَا مَرَّ بِعُمَرَ أَوْ بِعُثْمَانَ، وَهُمَا رَاكِبَانِ، نَزَلاَ حَتَّى يُجَاوِزَهُمَا إِجْلاَلاً لِعَمِّ رَسُوْلِ اللهِ.
وَرَوَى: ثُمَامَةُ، عَنْ أَنَسٍ:
قَالَ عُمَرُ: اللَّهُمَّ إِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاسْقِنَا. صَحِيْحٌ.
وَفِي ذَلِكَ يَقُوْلُ عَبَّاسُ بنُ عُتْبَةَ بنِ أَبِي لَهَبٍ:بِعَمِّي سَقَى اللهُ الحِجَازَ وَأَهْلَهُ ... عَشِيَّةَ يَسْتَسْقِي بِشَيْبَتِهِ عُمُرْ
تَوَجَّهَ بِالعَبَّاسِ فِي الجَدْبِ رَاغِباً ... إِلَيْهِ، فَمَا إِنْ رَامَ حَتَّى أَتَى المَطَرْ
وَمِنَّا رَسُوْلُ اللهِ فِيْنَا تُرَاثُهُ ... فَهَلْ فَوْقَ هَذَا لِلْمَفَاخِرِ مُفْتَخَرْ
أَبُو مَعْشَرٍ: عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيْهِ، وَعَنْ عُمَرَ مَوْلَى غُفْرَةَ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ نُفَيْعٍ، قَالُوا:
لَمَّا اسْتُخْلِفَ عُمَرُ، وَفُتِحَ عَلَيْهِ الفُتُوْحُ، جَاءهُ مَالٌ، فَفَضَّلَ المُهَاجِرِيْنَ وَالأَنْصَارَ، فَفَرَضَ لِمَنْ شَهِدَ بَدْراً خَمْسَةَ آلاَفٍ، خَمْسَةَ آلاَفٍ، وَلِمَنْ لَمْ يَشْهَدْهَا وَلَهُ سَابِقَةٌ أَرْبَعَةُ آلاَفٍ، أَرْبَعَةُ آلاَفٍ؛ وَفَرَضَ لِلْعَبَّاسِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفاً.
سُفْيَانُ بنُ حَبِيْبٍ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ذَكْوَانَ، عَنْ صُهَيْبٍ مَوْلَى العَبَّاسِ، قَالَ:
رَأَيْتُ عَلِيّاً يُقَبِّلُ يَدَ العَبَّاسِ وَرِجْلَهُ، وَيَقُوْلُ: يَا عَمّ، ارْضَ عَنِّي.
إِسْنَادُهُ حَسَنٌ، وَصُهَيْبٌ لاَ أَعْرِفُهُ.
عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عَطَاءٍ: عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ مَكْحُوْلٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ: أَنَّهُ
قَالَ العَبَّاسُ: خَيْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ وَارِثُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَمُّهُ.سَمِعَهُ مِنْهُ: يَحْيَى بنُ أَبِي طَالِبٍ.
وَهُوَ قَوْلٌ مُنْكَرٌ.
قَالَ الضَّحَّاكُ بنُ عُثْمَانَ الحِزَامِيُّ: كَانَ يَكُوْنُ لِلْعَبَّاسِ الحَاجَةُ إِلَى غِلْمَانِهِ وَهُمْ بِالغَابَةِ، فَيَقِفُ عَلَى سَلْعٍ، وَذَلِكَ فِي آخِرِ اللَّيْلِ، فَيُنَادِيْهِم، فَيُسْمِعُهُم.
وَالغَابَةُ نَحْوٌ مِنْ تِسْعَةِ أَمْيَالٍ.
قُلْتُ: كَانَ تَامَّ الشَّكْلِ، جَهْوَرِيَّ الصَّوْتِ جِدّاً، وَهُوَ الَّذِي أَمَرَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَن يَهْتِفَ يَوْمَ حُنَيْنٍ: يَا أَصْحَابَ الشَّجَرَةِ.
قَالَ القَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ زَبْرٍ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ القَاضِي، أَخْبَرَنَا نَصْرُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا الأَصْمَعِيُّ، قَالَ:
كَانَ لِلْعَبَّاسِ رَاعٍ يَرْعَى لَهُ عَلَى مَسِيْرَةِ ثَلاَثَةِ أَمْيَالٍ، فَإِذَا أَرَادَ مِنْهُ شَيْئاً صَاحَ بِهِ، فَأَسْمَعَهُ حَاجَتَهُ.
لَيْثٌ: حَدَّثَنِي مُجَاهِدٌ، عَنْ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
أَعْتَقَ العَبَّاسُ عِنْدَ مَوْتِهِ سَبْعِيْنَ مَمْلُوْكاً.
عَلِيُّ بنُ زَيْدٍ: عَنِ الحَسَنِ، قَالَ:
وَبَقِيَ فِي بَيْتِ المَالِ بَقِيَّةٌ، فَقَالَ العَبَّاسُ لِعُمَرَ، وَلِلنَّاسِ: أَرَأَيْتُم لَوْ كَانَ فِيْكُم عَمُّ مُوْسَى، أَكُنْتُم تُكْرِمُوْنَهُ
وَتَعْرِفُوْنَ حَقَّهُ؟قَالُوا: نَعَمْ.
قَالَ: فَأَنَا عَمُّ نَبِيِّكُم، أَحَقُّ أَنْ تُكْرِمُوْنِي.
فَكَلَّمَ عُمَرُ النَّاسُ، فَأَعْطَوْهُ.
قُلْتُ: لَمْ يَزَلِ العَبَّاسُ مُشْفِقاً عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُحِبّاً لَهُ، صَابِراً عَلَى الأَذَى، وَلَمَّا يُسْلِمْ بَعْدُ، بِحَيْثُ أَنَّهُ لَيْلَةَ العَقَبَةِ عُرِفَ، وَقَامَ مَعَ ابْنِ أَخِيْهِ فِي اللَّيْلِ، وَتَوَثَّقَ لَهُ مِنَ السَّبْعِيْنَ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى بَدْرٍ مَعَ قَوْمِهِ مُكْرَهاً؛ فَأُسِرَ، فَأَبْدَى لَهُم أَنَّهُ كَانَ أَسْلَمَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَكَّةَ.
فَمَا أَدْرِي لِمَاذَا أَقَامَ بِهَا؟!
ثُمَّ لاَ ذِكْرَ لَهُ يَوْمَ أُحُدٍ، وَلاَ يَوْمَ الخَنْدَقِ، وَلاَ خَرَجَ مَعَ أَبِي سُفْيَانَ، وَلاَ قَالَتْ لَهُ قُرَيْشٌ فِي ذَلِكَ شَيْئاً، فِيْمَا عَلِمْتُ.
ثُمَّ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُهَاجِراً قُبَيْلَ فَتْحِ مَكَّةَ؛ فَلَمْ يَتَحَرَّرْ لَنَا قُدُوْمُهُ.
وَقَدْ كَانَ عُمَرُ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ لَهُ دَاراً بِالثَّمَنِ، لِيُدْخِلَهَا فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَامْتَنَعَ، حَتَّى تَحَاكَمَا إِلَى أُبِيِّ بنِ كَعْبٍ ... ، وَالقِصَّةُ مَشْهُوْرَةٌ، ثُمَّ بَذَلَهَا بِلاَ ثَمَنٍ.
وَوَرَدَ أَنَّ عُمَرَ عَمَدَ إِلَى مِيْزَابٍ لِلْعَبَّاسِ عَلَى مَمَرِّ النَّاسِ، فَقَلَعَهُ.
فَقَالَ لَهُ: أَشْهَدُ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هُوَ الَّذِي وَضَعَهُ فِي مَكَانِهِ.
فَأَقْسَمَ عُمَرُ: لَتَصْعَدَنَّ عَلَى ظَهْرِي، وَلَتَضَعَنَّهُ مَوْضِعَهُ.
وَيُرْوَى فِي خَبَرٍ مُنْكَرٍ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَظَرَ إِلَى الثُّرَيَّا، ثُمَّ قَالَ: (يَا
عَمّ، لَيَمْلِكَنَّ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ عَدَدُ نُجُوْمِهَا) .وَقَدْ عَمِلَ الحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ ابْنُ عَسَاكِرَ تَرْجَمَةَ العَبَّاسِ فِي بِضْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَرَقَةً.
وَقَدْ عَاشَ ثَمَانِياً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
وَمَاتَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ، فَصَلَّى عَلَيْهِ عُثْمَانُ، وَدُفِنَ بِالبَقِيْعِ.
وَعلَى قَبْرِهِ اليَوْمَ قُبَّةٌ عَظِيْمَةٌ مِنْ بِنَاءِ خُلَفَاءِ آلِ العَبَّاسِ.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ، وَغَيْرُهُ: بَلْ مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ.
وَقَالَ المَدَائِنِيُّ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ.
أَخْبَرَنَا المِقْدَادُ بنُ أَبِي القَاسِمِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ الأَخْضَرِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ البَرْمَكِيُّ حُضُوْراً، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مَاسِي، أَخْبَرَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الكَجِّيُّ، أَخْبَرَنَا الأَنْصَارِيُّ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا أَبِي، عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسٍ:
أَنَّ عُمَرَ خَرَجَ يَسْتَسْقِي، وَخَرَجَ العَبَّاسُ مَعَهُ يَسْتَسْقِي، وَيَقُوْلُ:
اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا إِذَا قَحَطْنَا عَلَى عَهْدِ نَبِيِّنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَوسَّلْنَا إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اللَّهُمَّ إِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّكَ.
قَالَ الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: سُئِلَ العَبَّاسُ: أَنْتَ أَكْبَرُ أَمْ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟
فَقَالَ: هُوَ أَكْبَرُ مِنِّي، وَأَنَا أَسَنُّ مِنْهُ، مَوْلِدُهُ بَعْدَ عَقْلِي أُتِيَ إِلَى أُمِي، فَقِيْلَ لَهَا: وَلَدَتْ آمِنَةُ غُلاَماً.
فَخَرَجَتْ بِي حِيْنَ أَصْبَحَتْ آخِذَةً بِيَدِي، حَتَّى دَخَلْنَا عَلَيْهَا، فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَمْصَعُ بِرِجْلَيْهِ فِي عَرَصَتِهِ، وَجَعَلَ النِّسَاءُ يَجْبِذْنَنِي
عَلَيْهِ، وَيَقُلْنَ: قَبِّلْ أَخَاكَ.كَذَا ذَكَرَهُ بِلاَ إِسْنَادٍ.
أَنْبَأَنَا طَائِفَةٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ طَبَرْزَدْ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الحُصَيْنِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ غَيْلاَنَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ بِشْرِ بنِ مَطَرٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بنُ فَضَالَةَ، عَنِ الحَسَنِ، عَنِ الأَحْنَفِ بنِ قَيْسٍ، سَمِعْتُ العَبَّاسَ يَقُوْلُ:
الَّذِي أُمِرَ بِذَبْحِهِ إِبْرَاهِيْمُ: هُوَ إِسْحَاقُ.
وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: عَنِ ابْنِ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ حُسَيْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
أَسْلَمَ العَبَّاسُ بِمَكَّةَ قَبْلَ بَدْرٍ، وَأَسْلَمَتْ أُمُّ الفَضْلِ مَعَهُ حِيْنَئِذٍ، وَكَانَ مُقَامُهُ بِمَكَّةَ.
إِنَّهُ كَانَ لاَ يَغْبَى عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
بِمَكَّةَ خَبَرٌ يَكُوْنُ إِلاَّ كَتَبَ بِهِ إِلَيْهِ.وَكَانَ مَنْ هُنَاكَ مِنَ المُؤْمِنِيْنَ يَتَقَوَّوْنَ بِهِ، وَيَصِيْرُوْنَ إِلَيْهِ، وَكَانَ لَهُم عَوْناً عَلَى إِسْلاَمِهِم.
وَلَقَدْ كَانَ يَطْلُبُ أَن يَقْدَمَ؛ فَكَتَبَ إِلَيْهِ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِنَّ مَقَامَكَ مُجَاهِدٌ حَسَنٌ) .
فَأَقَامَ بِأَمْرِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
إِسْنَادُهُ ضَعِيْفٌ.
وَلو جَرَى هَذَا، لَمَا طَلَبَ مِنَ العَبَّاسِ فِدَاءً يَوْم بَدْرٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ إِسْلاَمَهُ كَانَ بَعْدَ بَدْرٍ.
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ قَيْسِ بنِ سَعْدِ بنِ زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ: عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلٍ، قَالَ:
اسْتَأْذَنَ العَبَّاسُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الهِجْرَةِ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ: (يَا عَمُّ، أَقِمْ مَكَانَكَ، فَإِنَّ اللهَ يَخْتِمُ بِكَ الهِجْرَةَ كَمَا خَتَمَ بِيَ النُّبُوَّةَ ) .
إِسْمَاعِيْلُ: وَاهٍ.
وَرَوَى: عَبْدُ الأَعْلَى الثَّعْلَبِيُّ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (العَبَّاسُ مِنِّي، وَأَنَا مِنْهُ) .
إِسْنَادُهُ لَيْسَ بِقَوِيٍّ.
وَقَدِ اعْتَنَى الحُفَّاظُ بِجَمْعِ فَضَائِلِ العَبَّاسِ رِعَايَةً لِلْخُلَفَاءِ.
وَبِكُلِّ حَالٍ، لَوْ كَانَ نَبِيُّنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِمَّنْ يُوْرَثُ، لَمَا وَرِثَهُ أَحَدٌ بَعْدَ بِنْتِهِ وَزَوْجَاتِهِ، إِلاَّ العَبَّاسُ.
وَقَدْ صَارَ المُلْكُ فِي ذُرِّيَّةِ العَبَّاسِ، وَاسْتَمَرَّ ذَلِكَ، وَتَدَاوَلَهُ تِسْعَةٌ وَثَلاَثُوْنَ
خَلِيْفَةً إِلَى وَقْتِنَا هَذَا، وَذَلِكَ سِتُّ مائَةِ عَامٍ، أَوَّلُهُمُ السَّفَاحُ.وَخَلِيْفَةُ زَمَانِنَا المُسْتَكْفِي، لَهُ الاسْمُ المِنْبَرِيُّ، وَالعَقْدُ وَالحَلُّ بِيَدِ السُّلْطَانِ المَلِكِ النَّاصِرِ - أَيَّدَهُمَا اللهُ -.
وَإِذَا اقْتَصَرْنَا مِنْ مَنَاقِبِ عَمِّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى هَذِهِ النُّبْذَةِ، فَلْنَذْكُرْ وَفَاتَهُ:
كَانَتْ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ مِنَ الهِجْرَةِ، وَلَهُ سِتٌّ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً؛ وَلَمْ يَبْلُغْ أَحَدٌ هَذِهِ السِّنَّ مِنْ أَوْلاَدِهِ، وَلاَ أَوْلاَدِهِمْ، وَلاَ ذُرِّيَّتِهِ الخُلَفَاءِ.
وَلَهُ قُبَّةٌ عَظِيْمَةٌ شَاهِقَةٌ عَلَى قَبْرِهِ بِالبَقِيْعِ.
وَسَنَذْكُرُ وَلَدَهُ عَبْدَ اللهِ بنَ العَبَّاسِ الفَقِيْهَ مُفْرَداً.
جِنَازَةُ العَبَّاسِ:
عَنْ نَمْلَةَ بنِ أَبِي نَمْلَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
لَمَّا مَاتَ العَبَّاسُ، بَعَثَتْ بَنُوْ هَاشِمٍ مَن يُؤْذِنُ أَهْلَ العَوَالِي: رَحِمَ اللهُ مَنْ شَهِدَ العَبَّاسَ بنَ عَبْدِ المُطَّلِبِ.
فَحَشَدَ النَّاسُ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَزِيْدَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَزِيْدَ بنِ جَارِيَةَ، قَالَ:
جَاءَ مُؤْذِنٌ بِمَوْتِ العَبَّاسِ بِقُبَاءَ عَلَى حِمَارٍ، ثُمَّ جَاءنَا آخَرُ عَلَى حِمَارٍ، فَاسْتَقْبَلَ قُرَى الأَنْصَارِ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى السَّافِلَةِ، فَحَشَدَ النَّاسُ.
فَلَمَّا أُتِيَ بِهِ إِلَى مَوْضِعِ الجَنَائِزِ، تَضَايَقَ، فَقَدَّمُوا بِهِ إِلَى البَقِيْعِ.
فَمَا رَأَيْتُ مِثْلَ ذَلِكَ الخُرُوْجِ قَطُّ، وَمَا يَقْدِرُ أَحَدٌ يَدْنُو إِلَى سَرِيْرِهِ.
وَازْدَحَمُوا عِنْدَ
اللَّحْدِ، فَبَعَثَ عُثْمَانُ الشُّرَطَةَ يَضْرِبُوْنَ النَّاسَ عَنْ بَنِي هَاشِمٍ، حَتَّى خَلَصَ بَنُوْ هَاشِمٍ، فَنَزَلُوا فِي حُفْرَتِهِ.وَرَأَيْتُ عَلَى سَرِيْرِهِ بُرْدَ حِبَرَةٍ قَدْ تَقَطَّعَ مِنْ زِحَامِهِمْ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَتْنِي عُبَيْدَةُ بِنْتُ نَابِلٍ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ، قَالَتْ:
جَاءنَا رَسُوْلُ عُثْمَانَ وَنَحْنُ بِقَصْرِنَا عَلَى عَشْرَةِ أَمْيَالٍ مِنَ المَدِيْنَةِ؛ أَنَّ العَبَّاسَ قَدْ تُوُفِّيَ، فَنَزَلَ أَبِي، وَسَعِيْدُ بنُ زَيْدٍ، وَنَزَلَ أَبُو هُرَيْرَةَ مِنَ السَّمُرَةِ؛ فَجَاءنَا أَبِي بَعْدَ يَوْمٍ، فَقَالَ:
مَا قَدَرْنَا أَنْ نَدْنُوَ مِنْ سَرِيْرِهِ مِنْ كَثْرَةِ النَّاسِ، غُلِبْنَا عَلَيْهِ، وَلَقَدْ كُنْتُ أُحِبُّ حَمْلَهُ.
وَعَنْ عَبَّاسِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مَعْبَدٍ، قَالَ:
حَضَرَ غَسْلَهُ عُثْمَانُ، وَغَسَّلَهُ: عَلِيٌّ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَخَوَاهُ؛ قُثَمُ وَعُبَيْدُ اللهِ.
وَحَدَّتْ نِسَاءُ بَنِي هَاشِمٍ سَنَةً.
زُهَيْرُ بنُ مُعَاوِيَةَ: عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ [عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ] بنِ عَبَّاسٍ:
أَنَّ العَبَّاسَ أَعْتَقَ سَبْعِيْنَ مَمْلُوْكاً عِنْدَ مَوْتِهِ.
وَفِي (مُسْتَدْرَكِ الحَاكِمِ) : [عَنْ] مُحَمَّدِ بنِ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُجِلُّ العَبَّاسَ إِجْلاَلَ الوَالِدِ.
وَلِعَبْدِ الأَعْلَى، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ:عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوْعاً: (العَبَّاسُ مِنِّي، وَأَنَا مِنْهُ ) .
عَبْدُ الأَعْلَى الثَّعْلَبِيُّ: لَيِّنٌ.
يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بنُ أَبِي قُرَّةَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ أَبِي قَبِيْلٍ، عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ مَوْلَى العَبَّاسِ، سَمِعَ العَبَّاسَ يَقُوْلُ:
كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: (انْظُرْ فِي السَّمَاءِ) .
فَنَظَرْتُ، فَقَالَ: (مَا تَرَى؟) .
قُلْتُ: الثُّرَيَّا.
فَقَالَ: (أَمَا إِنَّهُ يَمْلِكُ هَذِهِ الأُمَّةَ بِعَدَدِهَا مِنْ صُلْبِكَ ) .
رَوَاهُ: الحَاكِمُ.
وَعُبَيْدٌ: غَيْرُ ثِقَةٍ.
وَرَوَى: الحَاكِمُ، أَنَّ زَحْرَ بنَ حِصْنٍ، عَنْ جَدِّهِ حُمَيْدِ بنِ مُنْهِبٍ، سَمِعَ جَدَّهُ خُرَيْمَ بنَ أَوْسٍ يَقُوْلُ:
هَاجَرْتُ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُنْصَرَفَهُ مِنْ تَبُوْكٍ، فَسَمِعْتُ العَبَّاسَ يَقُوْلُ:
يَا رَسُوْلَ اللهِ، إِنِّي أُرِيْدُ أَنْ أَمْتَدِحَكَ.
قَالَ: (قُلْ، لاَ يَفْضُضِ اللهُ فَاكَ) .
قَالَ:
مِنْ قَبْلِهَا طِبْتَ فِي الظِّلاَلِ وَفِي ... مُسْتَوْدَعٍ حَيْثُ يُخْصَفُ الوَرَقُ
ثُمَّ هَبَطْتَ البِلاَدَ لاَ بَشَرٌ ... أَنْتَ وَلاَ مُضْغَةٌ وَلاَ عَلَقُ بَلْ نُطْفَةٌ تَرْكَبُ السَّفِيْنَ وَقَدْ ... أَلْجَمَ نَسْراً وَأَهْلَهُ الغَرَقُ
تُنْقَلُ مِنْ صَالِبٍ إِلَى رَحِمٍ ... إِذَا مَضَى عَالَمٌ بَدَا طَبَقُ
حَتَّى احْتَوَى بَيْتُكَ المُهَيْمِنُ مِنْ ... خِنْدِفَ عَلْيَاءَ تَحْتَهَا النُّطُقُ
وَأَنْتَ لَمَّا وُلِدْتَ أَشْرَقَتِ الْـ ... أَرْضُ وَضَاءتْ بِنُورِكَ الأُفُقُ
فَنَحْنُ فِي ذَلِكَ الضِّيَاءِ وَفِي ... النُّوْرِ وَسُبُلُ الرَّشَادِ نَخْتَرِقُ
قَالَ الحَاكِمُ: رُوَاتُهُ أَعْرَابٌ، وَمِثْلُهُمْ لاَ يُضَعَّفُوْنَ.
قُلْتُ: وَلَكِنَّهُمْ لاَ يُعْرَفُوْنَ.
العباس بن عبد المطلب
أبو الفضل القرشي الهاشمي عم سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قيل: إنه أسلم قبل الهجرة، وكتم إسلامه إلى أن اسر ببدر فأظهر إسلامه. قدم الشام مع عمر بن الخطاب.
حدث العباس قال: قلت: يا رسول الله، إن أبا طالب كان يحفظك وينصرك فهل ينفعه ذلك؟ قال: نعم، وجدته في غمرات من النار فأخرجته إلى ضحضاح.
وحدث العباس أنه سمع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: إذا سجد العبد سجد معه سبعة آراب: وجهه، وكفاه، وركبتاه، وقدماه.
ولما دنا عمر من الشام وأخذ طريق أيلة تنحى معه غلامه. فلما أراد الركوب عمد إلى مركب غلامه وإن عليه لفرواً مقلوباً، فركب وحوَّل غلامه على رحل نفسه، وهو على جمل أحمر، وعمر يومئذ متزر بإزار، ومرتد بعمامة على حقبيه، تحته فرو، وإن العباس لبين يديه على عتيق يتقدى به وكان رجلاً جميلاً، فجعلت البطارقة يسلمون عليه ويشير أني لست به، وأنه ذاك، فيسلمون عليه ويرجعون معه حتى انتهى إلى أيلة والجابية، وتوافى إليه بها المسلمون وأهل الذمة.
قالوا: وركب عمر من الجابية يريد الأردن، وقد توافى إليه الناس، ووقف له المسلمون وأهل الذمة، فخرج عليهم على حمار، وأمامه العباس على فرس. فلما رآه أهل الكتاب سجدوا له، فقال: لا تسجدوا للبشر واسجدوا لله، ومضى في مسيره، وقال القسيسون والرهبان: ما رأينا أحداً قط أشبه بما يوصف من الحواريين من هذا الرجل. ثم دخل الأردن على بعيره.
وولد عبد المطلب بن هاشم اثني عشر رجلاً وست نسوة، منهم العباس، وكان شريفاً عاقلاً مهيباً. وضراراً، وكان من فتيان قريش جمالاً وسخاء، ومات أيام أوحي إلى سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا عقب له. وقُثم بن عبد المطلب لا عقب له. وأمهم نتيلة بنت جناب بن كليب بن مالك بن عمرو بن عامر بن زيد مناة بن عامر، وهو الضحيان بن سعد بن الخزرج بن تيم الله بن النمر بن قاسط.
قيل: إنه شهد بدراً كرهاً، وأنه اسلم بعد انصرافه إلى مكة، وهو وكَّد البيعة للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلة العقبة.
ولد العباس قبل الفيل بثلاث سنين، وكان أبيض جميلاً بضاً، له ضفيرتان معتدل القامة.
وفي موضع آخر: كان معتدل القناة، يعني طويلاً حسن الانتصاب ليس فيه جنأ.
سئل العباس: أن أكبر أو رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكبر منّي وولدته قلبه.
وقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للعباس: يا عماه، أنت أكبر مني وولدت قبله.
وقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للعباس: يا عماه، أنت أكبر مني، قال العباس: أنا أسنّ ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكبر.
قال ابن سلام:
لما أمعر أبو طالب قالت بنو هاشم: دعنا فليأخذ كل رجل منا رجلاً من ولدك. قال: اصنعوا ما أحببتم إلى خليتم لي عقيلاً، فأخذ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليّاً، فكان أول من أسلم ممن تلفت عليه حيطانه من الرجال، ثم أسامة بن زيد، فكان أو طالب يدّان لسقاية الحاج حتى أعوزه ذلك، فقال لأخيه العباس بن عبد المطلب وكان أكثر بني هاشم مالاً في الجاهلية -: يا أخي، قد رأيت ما دخل عليّ، وقد حضر الموسم ولا بدّ لهذه السقاية من أن تقام للحاج، فأسلفني عشرة آلاف درهم، فأسلفه العباس إياها، فأقام أبو طالب تلك السنة بها وبما احتال. فلما كانت السنة الثانية وأَفِدَ الموسم قال لأخيه العباس: يا أخي، إن الموسم قد حضر ولابدّ للسقاية من أن تقام، فأسلفني أربعة عشر ألف درهم فقال: إني قد أسلفتك عام أول عشرة آلاف درهم ورجوت ألاّ يأتي عليك هذا الموسم حتى تؤديها
فعجزت عنها، وأنت تطلب العام أكثر منها وترجو زعمت ألا يأتي عليك الموسم حتى تؤديها، فأنت عنها أعجز اليوم، ههنا أمر لك فيه فرج: أدفع إليك هذه الأربعة عشر ألف درهم، فإن جاء موسم قابل ولم توفني حقي الأول، وهذا فولاية السقاية إلي فأقوم بها وأكفيك هذه المؤنة إذا عجزت عنها، فأنعم له أبو طالب بذلك، فقال: ليحضر هذا الأمر بنو فاطمة ولا أريد سائر بني هاشم، ففعل أبو طالب وأعاره العباس الأربعة عشر الألف درهم بمحضر منهم ورضى. فلما كان الموسم العام المقبل، ولم يكن بدّ من إقامة السقاية، فقال العباس لأبي طالب: قد أفِد الحج وليس لدفع حقي إليّ وجه وأنت لا تقدر أن تقيم السقاية فدعني وولايتها أكِفكها وأبرئك من حقي، ففعل، فكان العباس بن عبد المطلب يليها وأبو طالب حيّ ثم تمّ ذلك لهم إلى اليوم.
قال معروف بن خربوذ: انتهى الشرف من قريش من الجاهلية إلى عشرة نفر من عشرة بطون، فأدركهم الإسلام فوصل ذلك لهم من بني هاشم: العباس بن عبد المطلب، كان قد سقى في الجاهلية الحجيج فبقي ذلك له في الإسلام. قال: وكانت سقاية الحاج في الجاهلية وعمارة المسجد الحرام وحلول الثغر في بني هاشم. فأما حلول الثغر فإن قريشاً لم تكن تملك عليها في الجاهلية أحداً، فإذا كانت الحرب أقرعوا بين أهل الرئاسة، فإذا حضرت الحرب أجلسوه، لا يبالون صغيراً أو كبيراً، أجلسوه تيمناً به. فلما كان أيام الفجار أقرعوا بين بني هاشم فخرج سهم العباس وهو غلام فأجلسوه على ترسٍ.
وقال العباس بن عبد المطلب في دم عمرو بن علقمة بن عبد المطلب بن عبد مناف يحرض أبا طالب بن عبد المطلب على الطلب به: " الطويل "
أبا طالبٍ لا تقبلِ النصْف منهُمُ ... وإنْ أنصفوا حتّى تعقّ وتظلِما
أبى قوما أن ينصفونا فأنصفت ... قواطعُ في أيماننا تقطر الدما
إذا خالطتْ هام الرجال رأيتها ... كبَيْض نعامٍ في الوغى قد تحطما
وزعناهُمُ وزع الحوامس غُدوة ... بكل يماني إذا عض صمّما
وزعناهُمُ وزع الحوامس غُدوة ... بكل يماني إذا عض صمّما
تركناهُمُ لا يستحلون بعدها ... لِذي رحمٍ يوماً من الناس مَحْرَما
قال الزبير: ويقال: كان للعباس بن عبد المطلب ثوب لعاري بن هاشم وجفنة لجائعهم ومِقْطَرة لجاهلهم، وفي ذلك يقول إبراهيم بن علي بن هرمة: " الطويل "
وكانت لعباس ثلاثٌ يعدّه ... إذا ما جنابُ الحيّ أصبح أشْهَبا
فسلسلةٌ تنهى الظلوم وجفنةٌ ... تباحُ فيكسوها السَّنام الْمُزَغَّبا
وحُلَّةٌ عَصبٍ ما تزال معُدَّةً ... لعارٍ ضريكٍ ثوبُه قد تهبَّبا
وكان يمنع الجار، ويبذل المال، ويعطي في النوائب، وكان نديمه في الجاهلية أبو سفيان بن حرب.
عن عمرو بن عثمان أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " أمتي أمة مباركة، لا يدري أولها خير أو آخرها ".
فأسلم العباس ليلة الغار، وأسلم عمر بعد أربع سنين من مبعث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وعن ابن عباس قال:
أسلم العباس بمكة قبل بدر، وأسلمت أم الفضل معه حينئذٍ، وكان مثقامه بمكة، إنه كان لا يغبّي على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمكة خبراً يكون إلاّ كتب به إليه، وكان مَنْ هناك من المؤمنين يتقوون به ويصيرون إليه، وكان لهم عوناً على إسلامهم، ولقد كان يطلب أن
يقدم على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيكتب إليه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن مقامك مجاهد حسن، فأقام بأمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وعن عبد الله بن الحارث بن نوفل أن قريشاً لما نفروا إلى بدر فكانوا بمرّ الظهران بعث أبو جهل من يومه فقال: يا معشر قريش، ألا تبّاً لرأيكم، ماذا صنعتم، خلّفتم بني هاشم وراءكم، فإن ظفر بكم محمد كانوا من ذلك بنجوة، وإن ظفرتم بمحمد أخذوا ثأرهم منكم من قريب من أولادكم وأهليكم، وفلا تذروهم في بَيْضَتِكم ونسائكم ولكن أخرجوهم معكم، وإن لم يكن عندهم غَناء، فرجعوا إليهم فأخرجوا العباس بن عبد المطلب ونوفلاً وطالباً وعقيلاً كُرهاً.
قال: هكذا ذكر ابن سعد، والصحيح أن العباس أسلم بعد بدر.
قال أبو اليسر: نظرت إلى العباس بن عبد المطلب يوم بدر وهو قائم كأنه صنم وعيناه تذرفان. فلما نظرت إليه قلت: جزاك الله من ذي رحم شرّاً، أتقاتل ابن أخيك مع عدوه! قال: ما فعل؟ وهل أصابه القتل؟ قلت: الله أعزُّ له وأنصر من ذلك، قال: ما تريد إليَّ؟ قلت: إسار، فإن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن قتلك، قال: ليست بأول صلته، فأسرته ثم جئت به إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال ابن عباس: وكان الذي أسر العباس بن عبد المطلب أن اليسر بن عمرو وهو كعب بن عمرو أحد بني سلمة، فقال له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كيف أسرته يا أبا اليسر؟ قال: لقد أعانني عليه رجل ما رأيته بعد ولا قبل، هيئته كذا، وهيئته كذا، قال: فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لقد أعانك عليه مَلَك كريم.
وعن ابن عباس قال: فبعثت قريش إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في فداء أسراهم، ففدى كل قوم أسيرهم بما
تراضوا، وقال العباس بن عبد المطلب: يا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إن قد كنت مسلماً فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الله أعلم بإسلامك، فإن يك كما تقول فالله يجزيك بذلك، فأما ظاهر أمرك فقد كان علينا، فأفد نفسك وابني أخيك نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، وعقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب، وحليفك عتبة بن عمرو بن جَحْدم أخو بني الحارث بن فهر، قال: ماذاك عندي يا رسول الله. قال: فأين المال الذي دفنت أنت وأم الفضل فقلت لها: إن أصبتُ في سفري هذا فهذا المال لبنيّ: الفضل وعبد الله وقُثَم؟ فقال: والله يا رسول الله إني لأعلم أنك رسول الله، إن هذا لشيء ما علمه أحد غيري وغير أم الفضل، فاسحب لي يا رسول الله ما أصبتم مني عشرين أوقية من مال كان معي. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ذاك شيء أعطاناه الله منك، ففدى نفسه وابني أخويه وحليفه. وأنزل الله عزّ وجلّ فيه: (يا أَيُّها النَّبيّ قُلْ لِمَنْ في أيديكُمُ مِن الأَسرى إنْ يَعْلَمِ اللهُ في قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ واللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) فأعطاني الله تعالى مكان العشرين الأوقية في الإسلام عشرين عبداً، كلهم في يده مال يضرب به مع ما أرجوا من مغفرة الله تعالى.
قال ابن إسحاق: وكان أكثر الأسارى يوم بدر فداء العباس بن عبد المطلب، وذلك لأنه كان رجلاً موسراً فافتدى نفسه بمئة أوقية من ذهب.
قال يحيى بن أبي كثير: لما كان يوم بدر أسر المسلمون من المشركين سبعين رجلاً، فكان ممن أسى عباس عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: فولي وَثاقة عمر بن الخطاب فقال عباس: أما والله يا عمر ما يحملك على شدة وثاقي إلا لطمتي إياك في رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال عمر: والله ما زادتك تلك عليَّ إلاّ كرامة، ولكن الله أمرنا بشدّ الوثاق، قال: فكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسمع أنين العباس فلا يأتيه النوم، فقالوا: يا رسول الله، ما يمنعك من النوم؟ فقال: كيف أنام وأنا أسمع أنين عمي؟! قال: فزعموا أن الأنصار أطلقوه من وثاقه وباتت تحرسه.
وفي حديث مجاهد
أن العباس أسره رجل من الأنصار وأوعدوه أن يقتلوه، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إني لم أنم الليلة من أجل العباس، وقد زعمت الأنصار أنهم قاتلوه، فقال عمر: آتيهم يا رسول الله؟ فأتى الأنصار فقال: أرسلوا العباس، قالوا: إن كان لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رضاً فخذه.
وعن ابن عباس قال: أقبل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين فرغ من بدر، قال: عليك العير ليس دونها شيء. قال: فناداه العباس وهو أسير: لا يصلح ذلك، فقال له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لمه؟ قال: لأن الله عزّ وجلّ وعدك إحدى الطائفتين وقد أعطاك ما وعدك.
وعن أنس بن مالك قال: قالت الأنصار: ذرنا يا رسول الله نترك لابن أخينا العباس فداءه، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا تذرون له درهماً واحداً.
وعن ابن عباس قال: قال العباس: فيّ نزلت: " مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يكونَ لهُ أسرَى حتَّى يُثْخِنَ في الأَرْضِ "، فأخبرت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بإسلامي وسألته أن يحاسبني بالعشرين أوقية التي أخذ مني، فأبى عليَّ، فأبدلني الله بالعشرين أوقية عشرين عبداً، كلهم تاجرٌ، مالي في يده.
وعن الهيثم بن معاوية قال: للعباس بن عبد المطلب عِدَةٌ في كتاب الله عزّ وجلّ ليس لغيره، وعده الله عزّ وجلّ إياها فهي تقرأ إلى يوم القيامة تكون له ولولده من بعده، قال الله عزّ وجلّ في
كتابه: " إنْ يَعْلَمِ اللهُ في قُلُبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ " فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للعباس: وفيْت فوفى الله لك. وذلك أن الإيمان كان في قلبه.
وعن حميد بن هلال قال: بعث ابن الحضرمي إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من البحرين بثمانين ألفاً، ما أتاه مال أكثر منه لا قبل ولا بعد قال: فنثرت على حصير ونودي بالصلاة، قال: وجاء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فمثل قائماً على المال، قال: وجاء أهل المسجد، قال: فما كان يومئذٍ عدد ولا وزن ما كان إلا قبضاً، قال: فجاء العباس بن عبد المطلب فحثى في خميصة عليه، فذهب يقوم فلم يستطع، قال: فرفع رأسه إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله، ارفع عليّ، فتبسمّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى خرج ضاحكه أو نابه فقال له: أعد في المال طائفة، وقم بما تطيق، قال: أفعل، قال: فجعل العباس يقول وهو منطلق: أما إحدى اللتين وعدنا الله فقد أنجزنا، وما ندري ما يصنع في الأخرى: " يا أَيُّها النَّبيّ قُلْ لِمَنْ في أيديكُمُ مِن الأَسرى إنْ يَعْلَمِ اللهُ في قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ واللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ "، قال: فهذا خير ما أخذ مني، ولا أدري ما يصنع الله في الآخرة، فما زال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ماثلاً على ذلك المال حتى ما بقي منه درهم وما بعث إلى أهله بدرهم، قال: ثم أتى الصلاة فصلى.
قال أبو رافع: بشرت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بإسلام العباس فأعتقني.
وعن سهل بن سعد قال: لما قدم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من بدر أستأذنه العباس أن يأذن له أن يرجع إلى مكة حتى يهاجر منها إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اطمئن يا عم، فإنك خاتم المهاجرين في الهجرة، كما أنا خاتم النبيين في النبوة.
قال ابن عباس: أسلم كل من شهد بدراً مع المشركين من بني هاشم، فادى العباس نفسه وابن أخيه عقيلاً، ثم رجعوا جميعاً إلى مكة، ثم أقبلوا إلى المدينة مهاجرين.
وعن العباس بن عبد المطلب قال:
لما كان يوم فتح مكة ركبت بغلة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وتقدمت إلى قريش وفي رواية: إلى مكة لأردهم عن حرب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ففقدني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسأل عني فقالوا: تقدم إلى مكة ليرد قريشاً عن حربك، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ردّوا عليّ أبي، ردّوا عليّ أبي، لا تقتله قريش كما قتلت ثقيف عروة بن مسعود، قال: فخرجت فوارس من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى يلقوني فردّوني معهم. فلما رآني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جهش واعتنقني باكياً، فقلت: يا رسول الله، إني ذهبت لأنصرك، فقال: نصرك الله، اللهم انصر العباس وولد العباس. قالها ثلاثاً. ثم قال: يا عمّ، أما علمت أن المهدي من ولدك موفقاً راضياً مرضياً؟ وعن عبادة بن الصامت: قال: أخذ العباس بعنان دابة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم حنين حين أنهزم المسلمون فلم يزل آخذاً بعنان دابته، حتى نصر الله رسوله وهزم المشركين.
وعن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب قال: دخل العباس على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مغضباً، فقال له: ما يغضبك؟ قال: يا رسول الله، ما لنا ولقريش إذا تلاقوا بينهم تلاقوا بوجوه مبشرة، وإذا لقونا لقونا بغير ذلك، فغضب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى احمرّ وجهه، وحتى استدرّ عرق بين عينيه، وكان إذا غضب استدرّ. فلما سُرّي عنه قال: والذي نفسي بيده أو نفس محمد بيده لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبكم لله عزّ وجلّ ولرسوله، ثم قال: أيها الناس، من آذى العباس فقد آذاني، وإنما عمّ الرجل صنو أبيه.
وعنه أيضاً قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: احفظوني في العباس، فإنه بقية آبائي، وإن عمّ الرجل صِنْو أبيه.
وعن العباس بن عبد المطلب أنه جلس إلى قوم فقطعوا حديثهم، فذكر ذلك لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: ما بال أقوام إذا جلس إليهم أحد من هل بيتي قطعوا حديثهم، والذي نفسي بيده لا يدخل قلب امرىء الإيمان حتى يحبهم لله ولقرابتهم مني.
وعن ابن عباس أن رجلاً شتم أباً للعباس في الجاهلية، فلطمه العباس، فأخذ قوم هذا السلاح، وأخذ قوم هذا السلاح، قال: فغضب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجاء فصعد المنبر فقال: من أنا؟ قالوا: أنت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: فإن عمّ الرجل صنو أبيه، لا تسبّوا أمواتنا فتؤذوا أحياءنا، فقالوا: نعوذ بالله من غضب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وفي حديث بمعناه: فصعد المنبر فقال: يا أيها الناس، أيُّ الناس تعلمون أكرم على الله عزّ وجلّ؟ قالوا: أنت. قال: فإن العباس مني وأنا منه، لا تسبوا أمواتنا فتؤذوا أحياءنا.
وزاد في آخر: فقالوا: يا رسول الله: نعوذ بالله من غضبك فاستغفر لنا، أحسبه قال: فاستغفر لهم.
وفي حديث بمعناه: " مَنْ سبّ العباس فقد سبَّني ".
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يغسلني العبّاس فإنه والد، والوالد لا ينظر إلى عورة ولدِه ".
وعن سهل بن سعد الساعدي قال: كنا مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سفر، فسما لحاجة له، فلحقه العباس بكساء فستره، قال فقال له: يا عباس، سترك الله من النار، وستر ولدك من النار.
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للعباس بن عبد المطلب: إذا كان غداة الاثنين فائتني أنت وولدك، فغدا وغدونا معه فألبسنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كساء له وقال: اللهم، اغفر للعباس ولولده مغفرة ظاهرة باطنة لا تغادر ذنباً، اللهم، اخلفه في ولده. وعن أبي أسيد الأنصاري الخزروجي البدري أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال للعباس بن عبد المطلب: يا أبا الفضل، لا تَرِمْ منزلك غداً أنت وبنوك، فإن لي فيكم حاجة، فانتظروه فجاء فقال: السلام عليكم، قالوا: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، قال: كيف أصبحتم؟ قالوا: بخير نحمد الله، كيف أصبحت أنت يا رسول الله، قال: بخير أحمد الله، فقال: تقاربوا ليزحف بعضكم إلى بعض، ثلاثاً. فلما أمكنوه اشتمل عليهم بملاءته، وقال: هذا العباس عمي وصنو أبي، وهؤلاء أهل بيتي، اللهم، استرهم من النار كستري إياهم بملاءتي هذه، قال: فَأمَّنّتْ اُسْكُفّه الباب وحوائط البيت. آمين آمين، ثلاثًا.
وعن أبي هريرة قال:
بعث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عمر بن الخطاب ساعياً على الصدقة، فمنع ابن جميل وخالد بن الوليد والعباس بن عبد المطلب، فقال رسول الله صلى اللهعليه وسلم: ما ينقم ابن جميل إلا أن كان فقيراً فأغناه الله، وأما خالد فإنكم تظلمون خالداً، إن خالداً قد احتبس أدْراعه وأعواده في سبيل الله، وأما العباس عمّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهي عليّ ومثلها معها. ثم قال: أما شعرت أن عمّ الرجل صنو أبيه؟ وفي حديث آخر مطول بمعناه: فقال له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا عمر، أكرمه أكرمك الله، أما علمت أن عمّ الرجل صنو أبيه؟ لا تكلم العباس فإنا قد تعجلنا منه صدقة سنتين.
وعن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " العباس بن عبد المطلب عمي وصنو أبي، فمن شاء فليباه بعمه ".
وعن عبد الله بن مسعود قال: " رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انتشل يد العباس بن عبد المطلب وقال: " هذا عمي وصنو أبي وسيد عمومتي من العرب، وهو معي في السناء الأعلى من الجنة ".
ومن حديث: " من آذى العباس فقد آذاني، إنما عمّ الرجل صنو أبيه ".
وعن قيس بن عاصم قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " العباس عمي وصنو أبي وبقية آبائي، اللهم، اغفر له ذنبه وتقبل منه أحسن ما عمل، وتجاوز عنه سيء ما عمل، وأصلح له في ذريته ".
وعن ابن عباس قال: جاء النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعود العباس فأخذ بيده العباس حتى صعد إليه على السرير فأقعده في مجلسه فقال: رفعك الله يا عم.
وعن أبي هريرة قال: قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للعباس بن عبد المطلب: " اللهم، اغفر للعباس وولد العباس ولمحبي ولد العباس وشيعتهم ".
قال أبو هريرة: ثم رأيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد ضرب بيديه على منكب العباس فقال: يا رب، هذا عمي وصنو أبي، اللهم، لا تفجعني به كما فجعتني بعمي حمزة يوم أحد، وكان أمرك يا رب قَدراً مقدوراً، ثم رأيت عينيه تذرفان بالدموع.
قال أبو هريرة: ثم رأيته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد رفع يديه وهو يدعو ويقول: " اللهم، اغفر للعباس ما أسرّ وما أعلن، وما أبدى وما أخفى، وما كان وما يكون منه ومن ذريته إلى يوم القيامة ".
قال أبو هريرة: وكان في المجلس عبد الله بن العباس وعبد الله بن جعفر وعقيل وعلي وفاطمة والحسن والحسين. فقال: هؤلاء أهلي، اللهم، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.
وعن الأعمش قال: بني العباس بن عبد المطلب داره التي كانت إلى المسجد فجعل يرتجز ويقول:
بنيتها باللّبن والحجاره ... والخشبات فوقها مطاره
يا رب باركن في أهل الداره فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اللهم، باركن في أهل الداره ".
قال: وجعل العباس ميزابها لاصقاً بباب المسجد يصب عليه، فطرحه عمر بن الخطاب فقال العباس: أما والله ما شده إلا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإنه لعلى منكبي، فقال عمر: لا جرم والله لا تشده إلا وأنت على منكبيّ، فشده على منكبي عمر.
وعن عبد الله بن العباس قال: قال لي العباس: جئت أنا وعلي إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلما رآنا قال: " بخٍ لكما، أنا سيد ولد آدم، وأنتم سيدا العرب ".
وعن ابن عباس قال: أمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المهاجرين والأنصار أن يصفّوا صفين، ثم أخذ بيد علي وبيد عباس، ثم مشى بينهم، ثم ضحك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم قال له علي: ممّ ضحكت يا رسول الله؟ قال: أن جبريل أخبرني أن الله تعالى باهى بالمهاجرين والأنصار أهل السموات السبع، وباهى بك يا علي وبك يا عباس حملة العرش.
وعن علي بن أبي طالب قال: لما فتح الله على نبيّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكة صلى بالناس الفجر من صبيحة ذلك، فضحك حتى بدت نواجذه، فقالوا: يا رسول الله، ما رأيناك ضحكت مثل هذه الضحكة، فقال: "
وما لي لا أضحك وهذا جبريل عليه السلام يخبرني عن الله عز وجل أن الله باهى بي وبعمي العباس وبأخي علي بن أبي طالب سكان الهواء وحملة العرش وأرواح النبيين وملائكة ست سماوات، وباهى بأمتي أهل سماء الدنيا ".
وعن سعد بن أبي وقاص قال:
خرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يجهز بعثاً بسوق الخيل وهو اليوم موضع سوق النخاسين فطلع العباس بن عبد المطلب على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هذا العباس عم نبيكم أجود قريش وأوصلها ".
وفي حديث: " أجود قريش كفاً وأوصلها لها ".
وعن ابن عمر أنه قال: استسقى عمر بن الخطاب عام الرمادة بالعباس بن عبد المطلب فقال: اللهم، إن هذا عمّ نبيك نتوجه به إليك، فاسقنا، فما برحوا حتى سقاهم الله، فخطب عمر الناس فقال: يا أيها الناس، إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يرى للعباس ما يرى الولد لوالده فيعظمه ويفخمه ويَبَرّ قسمه ولا تناله يمينه، فاقتدوا أيها الناس برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في عمه العباس، واتخذوه وسيلة إلى الله فيما نزل بكم.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ما رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكرم أحداً إكرامه العباس.
وعنها قالت: ما رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُجِلّ أحداً ما يُجِلّ العباس.
وعن عائشة رضوان الله عليها أنها قالت لعروة: يا بن أختي، لقد رأيت من تعظيم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العباس أمراً عجيباً: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانت تأخذه الخاصرة، فتشتد به جداً، قالت: فكنا نقول: أخذ
رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عرق الكلية ولا نهتدي للخاصرة، قالت: فاشتد به صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جداً حتى أغمي عليه، ففزع الناس إليه، قالت: فظننا أن به ذات الجنب فلددناه، قالت: ثم سُرّي عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فعرف أن قد لددناه، ووجد أثر اللدود فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أظننتم أن الله عز وجل سلطها عليّ، ما كان الله ليسلطها علي، والذي نفسي بيده لايبقى أحد في البيت إلا لُدّ، إلا عمي، قالت عائشة: فلقد رأيتهم يلدون رجلاً رجلاً، قالت: ومن في البيت يومئذ يذكر فضلهم، قالت: فلُدّ الرجال أجمعون، قالت: ثم بلَغَنا والله اللدود أزواجَ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قالت: فلددنا والله امرأة امرأة، قالت: حى بلغ اللدود امرأة منا، قالت: إني والله صائمة، قلنا لها: بئس ما تحسبين أن تتركين وقد أقسم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلددناها والله يا بن أختي وإنها لصائمة.
وفي حديث آخر عن العباس بن عبد المطلب قال: دخلت على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعنده نساء فيهن أسماء، وهي تدق سعطة لها فقال: " لا يبقى في البيت أحد شهد اللد إلا لُدّ، وإني قد أقسمت أن يميني لم تصب العباس ".
قال أنس بن مالك قال: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أشد الناس لطفاً بالعباس.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جالساً مع أصحابه وبجنبه أبو بكر وعمر، فاقبل العباس عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأوسع له أبو بكر فجلس بين النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبين أبي بكر، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأبي بكر: " إنما يعرف الفضل لأهل الفضل ذوو الفضل "، قال: ثم أقبل العباس على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحدثه فخفض النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صوته شديداً فقال أبو بكر لعمر: قد حدث برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الساعة علة قد شغلت قلبي، قال: فما زال العباس عند النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى فرغ من حاجته وانصرف، فقال أبو بكر للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا رسول الله، حديث بكل علةٌ الساعة "؟ قال: لا. قال: فإني قد رأيتك قد خفضت صوتك شديداً،
قال: إن جبريل أمرني إذا حضر العباس أن أخفض صوتي، كما أُمرتم أن تخفضوا أصواتكم عندي.
قال أبو رِشْدين كريب مولى ابن عباس: إن كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليجلّ العباس إجلال الولدِ والده، خاصة خص الله عزّ وجلّ العباس من بين الناس، وما ينبغي للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يجل أحداً إلا والداً أو عماً.
وعن عروة قال: أخذ العباس بن عبد المطلب بيد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في العقبة حين وافاه السبعون من الأنصار، فأخذ لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليهم واشترط له، وذلك والله في غرّة الإسلام وأوله من قبل أن يعبد الله أحد علانية.
وعن محمد بن علي قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوماً وهو في مجلس بالمدينة وهو يذكر ليلة العقبة فقال: " أيّدتُ تلك الليل بعمي العباس، وكان يأخذ على القوم ويعطيهم ".
وعن دحية الكلبي قال: قدمت من الشام فأهديتُ إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاكهة يابسة من فستق ولوز وكعك، فوضعته بين يديه، فقال: " اللهم، ائتني بأحبّ أهلي إليك أو قال: إليّ يأكل معي من هذا "، فطلع العباس، فقال: " ادنُ يا عم فني سألت الله عز وجل أن يأتيني بأحب أهلي إلي أو إليه يأكل معي من هذا فأتيت " قال: فجلس يأكل.
وعن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من لم يحبّ العباس بن عبد المطلب وأهل بيته فقد برىء اللهُ ورسولُه منه ".
وعن أبي الضحى قال: قال العباس للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إني لأعرف ضغائن في صدور أقوام بوقائع أوقعتُها فقال: " لن يبلغوا خيراً حتى يحبّوك لله ولقرابتي، ترجو سَلْهَم شفاعتي ولا ترجوها بنو عبد المطلب ".
وفي رواية: سَلهم: حيٌّ من مراد.
وعن عبد الله بن حارثة قال: لما قدم صفوان بن أمية المدينة أتى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: على من نزلت يا أبا وهب؟ قال: على العباس بن عبد المطلب، قال: نزلت على أشد قريش لقريش حباً.
وروى المنصور أبو جعفر عن أبيه عن جده عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " العباس وصيّي ووارثي ".
وعن ابن عباس قال: لما حاصر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطائف خرج رجل من الحصن فاحتمل رجلاً من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليدخله الحصن، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من يستنقذه فله الجنة، فقام العباس فمضى فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: امض ومعك جبريل وميكائيل، فمضى فاحتملهما جميعاً ووضعهما بين يدي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وفي حديث سمعناه عن جابر بن عبد الله قال: لقد بعث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم الطائف حنظلة بن الربيع إلى أهل الطائف يكلمهم، فاحتملوه ليدخلوه حصنهم فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من لهؤلاء وله مثل أجل غزاتنا هذه؟ فلم يقم إلا العباس بن عبد المطلب حتى أدركه في أيديهم قد كادوا أن يُدخلوه الحصن، فاحتضنه العباس، وكان رجلاً شديداً فاختطفه من أيديهم، وامطروا على العباس الحجارة من الحصن، فجعل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدعو له حتى انتهى به إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وعن أبي سفيان بن الحارث قال: اليوم علمت أن العباس سيد العرب بعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأنه أعظم الناس منزلة عند رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين أخطره قريشاً بأصلها فقال: لئن قتلوه لا أستبقي منهم أحداً أبداً. وقال في حمزة رضي الله عنه حين قتل ومُثِّل به: لئن بقيت لأمثلنّ بثلاثين من قريش. وقال المكثر: بسبعين.
وعن سعيد بن المسيب قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للعباس: يا أبا الفضل، ألا أبشرك؟ قال: بلى يا رسول الله، قال: لو قد متّ أعطاك الله حتى ترضى.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن الله تعالى اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً، فمنزلي ومنزل إبراهيم في الجنة تجاهين، والعباس بيننا مؤمن بين خليلين ".
وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أسعد الناس يوم القيامة العباس ".
وعن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، ما للعباس فضل؟ قال: " بلى. إن له في الجنة غرفة كما تكون الغرف، مُطِلّ عَلَيَّ يكلمني وأكلمه ".
قال عبد الله بن كثير: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أوصاني الله بذي القربى، وأمرني أن أبدأ بالعباس بن عبد المطلب ".
قال: وقال علي بن أبي طالب: أفضل هذه الأمة بعد نبيها أو بكر وعمر، ولو شئت أن أسمي لكم الثالث لسميته، وقال: لا يفضلني أحد على أبي بكر وعمر إلا جلدته جلداً وجيعاً، وسيكون في آخر
الزمان قوم ينتحلون محبتنا والتشيّع فينا، هم شرار عبد الله، الذي يشتمون أبا بكر وعمر.
قال: وقال علي: ولقد جاء سائل فسأل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأعطاه، وأعطاه أبو بكر، وأعطاه عمر، وأعطاه عثمان، فطلب الرجل من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يدعوا له فيما اعطوه بالبركة فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وكيف لا يبارك لك ولم يعطك إلا نبي أو صديق أو شهيد؟ ".
وعن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال:
كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا جلس جلس أبو بكر عن يمينه وعمر عن يساره، وعثمان بين يديه، وكان كاتبَ سِرّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإذا جاء العباس بن عبد المطلب تنحى أبو بكر وجلس العباس مكانه.
وعن المُجَمّع بن يعقوب الأنصاري عن أبيه قال: إن كانت حلقة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لتشتبك حتى تصير كالأسوار، وإن مجلس أبي بكر منها لفارغ منا يطمع فيه أحد من الناس، فإذا جاء أبو بكر جلس ذلك المجلس، وأقبل عليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بوجهه وألقى إليها حديثه، وسمع الناس، فطلع العباس فتزحزح له أبو بكر من مجلسه فعرف السرور في وجه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لتعظيم أبي بكر العباس.
وعن جابر بن عبد الله قال: جاء العباس بن عبد المطلب إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعليه ثياب بيض. فلما نظر إليه تبسم، فقال العباس: يا رسول الله، ما الجمال؟ قال: صواب القول بالحق، قال: فما الكمال؟ قال: حسن الفعال بالصدق.
وعن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين قال: أقبل العباس بن عبد المطلب وهو أبيض بضّ، وعليه حُلَّةٌ وله ضفيرتان. فلما رآه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تبسم فقال له العباس: مم ضحكت يا رسول الله أضحك الله سنك؟
قال أعجبني جمالك يا عم، فقال العباس: يا رسول الله، ما الجمال في الرجل؟ قال: اللسان.
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لكل شيء أسّ، وأسّ الإيمان الورع، ولكل شيء فرع وفرع الإيمان الصبر، ولكل شيء سنام وسنام هذه الأمة عمي العباس، ولكل شيء سِبط، وسبط هذه الأمة حبيباي الحسن والحسين، ولكل شيء جناح وجناح هذه الأمة أبو بكر وعمر، ولكل شيء مجنّ ومجن هذه الأمة علي بن أبي طالب ".
وعن أبي هريرة قال:
بعث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى عمه العباس بن عبد المطلب وإلى علي بن أبي طالب فأتياه في منزل أم سلمة فنهاهما عن بعض الأمر وأمرهما ببعض الأمر، فاختلفا وامتريا حتى ارتفعت أصواتهما، واشتد اختلافهما بين يدي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يا علي، مَهْ " وأقبل عليه وقال: " هل تدري لمن اغلظت؟! أبي وعمي وبقيتي وأصلي وعنصري وبقية نسل آبائي، خير أخصل الجاهلية محتداً، وأفضل أهل الإسلام نفساً وديناً بعدي، من جهل حقه فقد ضيع حقي، أما علمت أن الله جلّ ذكره مخرج من صلب عمي العباس أولاداً ولاة أمر أمتي يجعلم خلفاء ملوكاً ناعمين ومنهم مهديّ أمتي، يا علي، لست أنا ذكرتهم، ولكن الله هو الذي ذكرهم ورفع أصواتهم، فيخذل من ناوأهم، يجعل الله عز وجل فيهم نوراً ساطعاً، عبداً صالحاً، مهدياً سيداً، يبعثه الله حين فرقة من الأمر واختلاف شديد، فيحيي الله به كتابه وسنتي، ويعز به الدين وأولياءه في الأرض، يحبه الله في سمائه وملائكته وعباده الصالحون في شرق الأرض وغربها، وذلك يا علي بعد اختلاف الأخوين من ولد العباس فيقتل أحدهما صاحبه، ثم تقع الفتنة ويخرج قوم من ولدك يا علي فيفسدون عليهم البلدان ويعادونهم، ويفترون عليهم في قطر الأرض، ويفسد عليهم فيكن ذلك أشهراً أو تمام السنة، ثم يرد الله عز وجل النعمة
على ولد العباس، فلا يزال فيهم حتى يخرج مهدي أمتي منهم، شاب حدث السن، فيجمع الله به الكلمة ويحيي به الكتاب والسنة، ويعيش في زمانه كل مؤمن متمسك بكتاب الله وسنته، ينزل الله به رحمته، ويفرج به كل كربة كان في أمتي، يحبه ساكن السماء وساكن الأرض، فلا يزال ذلك فيه وفي نسله حتى ينزل عيسى بن مريم روح الله وكلمته فيقبض ذلك منهم. يا علي، أما علمت أن للعباس ولآل العباس من الله حافظاً، أعطاني الله ذلك فيهم، أما علمت أن عدوهم مخذول ووليهم منصور؟ قال: وغضب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غضباً شديداً حتى درّ عرق بين عينيه واحمرّ وجهه ودرت عروقه، فما كاد يقلع في المقالة في العباس وولده عامة نهاره. فلما رأى ذلك عليّ وثب إلى العباس فعانقه وقبل رأسه وقال: أعوذ بالله من سخط الله وسخط رسوله وسخط عمي، فما زال كذلك حتى سكن غضب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم قال: " يا علي، إنه من لم يعرف حق أبي وعمي وبقيتي وبقيتك العباس بن عبد المطلب ومكانه من الله ورسوله فقد جهل حقي، يا علي، احفظ عترته وولده فإن لهم من الله حافظاً، يَلُون أمر أمتي، يشد الله بهم الدين ويعز بهم الإسلام بعدما أُكفِىء الإسلام وغُيرت سنتي، يخرج ناصرهم من أرض يقال لها: خراسان برايات سود، فلا يلقاهم أحد إلا هزموه وغلبوا على ما في أيديهم حتى تضرب رايات ببيت المقدس ". ثم أمرهما رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فانصرفا. فلما أدبرا دعا لهما رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعاء كثيراً، وخرجا راضيين غير مختلفين.
وعن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال للعباس بن عبد المطلب: " فيكم النبوة والمملكة ".
وعن علي بن أبي طالب قال: لقي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العباس بن عبد المطلب يوم فتح مكة وهو على بغلته الشهباء فقال: " يا عم، ألا أحبوك ألا أجيزك؟ " قال: بلى فداك أبي وأمي يا رسول الله، قال: " إن الله فتح هذا الأمر بي ويختمه بولدك ".
وعن ابن عباس قال: قال العباس: يا رسول الله، ما لنا في هذا الأمر؟ قال: " لي النبوة ولكم الخلافة، بكم يفتح هذا الأمر، وبكم يختم ".
زاد غيره: وقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للعباس: " من أَحبَّك نالته شفاعتي، ومن أبغضك فلا نالته شفاعتي ".
وعن عمار بن ياسر قال: بينما النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ راكب إذ حانت منه التفاتة فإذا هو بالعباس فقال: يا عباس، قال: لبيك، قال: يا عم، قال: لبيك، قال: " إن الله بدأ الإسلام بي، وسيختمه بغلام من ولدك، وهو الذي يصلي بعيسى عليه السلام ".
وفي حديث: " وسيختمه بغلام من ولدك يملأها عدلاً كما ملئت جوراً، وهو الذي يصلي بعيسى ".
وعن أبي ميسرة قال: سمعت العباس يقول: كنت عند رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذات ليلة فقال: انظر هل ترى في السماء من شيء؟ قال: قلت: نعم. قال: ما ترى؟ قال: قلت: أرى الثريا. قال: أما إنه يملك هذه الأمة بعددها من صلبك.
وعن ابن عباس قال: حدثتني أم الفضل بنت الحارث الهلالية قالت: مررت بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو في الحجر، قال: يا أم الفضل، إنك حامل بغلام، قلت: يا رسول الله، وكيف وقد تحالف الفريقان ألا يأتوا النساء؟! قال: هو ما أقول لك، فإذا وضعتيه فائتني به. قالت: فلما وضعته أتيت به رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأذن في أذنه اليمنى، وأقام في أذنه اليسرى فقال: اذهبي بأبي الخلفاء. قالت: فأتيت العباس فأعلمته، وكان رجلاً جميلاً لباساً، فأتى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فلما رآه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قام إليه فقبّل ما بين عينيه ثم
أقعده عن يمينه ثم قال: هذا عمي، فمن شاء فليباه بعمه. قلت: يا رسول الله، بعض القول. فقال: يا عباس، لم لا أقول هذا وأنت عمي وصنو أبي وبقية آبائي وخير من أخلّف بعدي من أهلي، فقلت: يا رسول الله، ما شيء أخبرّتْني به أم الفضل عن مولودنا هذا؟ قال: نعم، يا عباس، إذا كانت سنة خمس وثلاثين ومئة فهي لك ولولدك منهم السفاح ومنهم المنصور ومنهم المهدي.
وعن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هبط عليّ جبريل وعليه قباء أسود، وعمامة سوداء فقلت: ما هذه الصورة التي لم أرك هبطت عليّ فيها قطّ؟ قال: هذه صورة الملوك من ولد العباس عمك. قلت: وهم على حق؟ قال جبريل نعم، قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللهم، اغفر للعباس وولده حيث كانوا، وأين كانوا. قال جبريل: ليأتين على أمتك زمان يُعزّ الله الإسلام بهذا السواد. قلت: رئاستهم ممن؟ قال: من ولد العباس، قلت: وتبّاعهم؟ قال: من أهل خراسان. قلت: وأي شيء يملك ولد العباس؟ قال: يملكون الأصفر والأخضر، والحجر والمدر، والسرير والمنبر، والدنيا إلى المحشر، والملك إلى المنشر.
وعن عامر الشعبي قال: قال العباس لعلي بن أبي طالب حين مرض النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن أكاد أعرف في وجه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الموت، فانطلق بنا إليه نسأله مَنْ يستخلف، فإن يستخلف منا فذاك، وإلا أوصى بنا. قال: فقال علي للعباس كلمة فيها جفاء، فلما قبض صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال العباس لعليّ: ابسط يدك فلنبايعك قال: فقبض يده.
فقال عامر: لو أن علياً أطاع العباس في أحد البابين كان خيراً من حُمْر النَّعم.
قال عامر: لو أن العباس شهد بدراً ما فضله أحد من الناس رأياً ولا عقلاً.
وحدث إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص هو وغيره قالا: ما أدركنا أحداً من الناس إلا وهو يقدم العباس بن عبد المطلب في العقل في الجاهلية والإسلام.
وروي أن العباس بن عبد المطلب لم يمر قط بعمر بن الخطاب ولا بعثمان بن عفان وهما راكبان إلا نزلا حتى يجوز العباس بهما، إجلالاً له أن يمرّ بهما عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهما راكبان وهو يمشي.
وعن أنس قال: كانوا إذا قُحطوا على عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استسقَوا بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسقوا. فلما كان بعد وفاة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في إمارة عمر قحطوا فأخرج عمر العباس يستسقي به فقال: اللهم، إنا كنا إذا قحطنا على عهد نبيك استسقينا به فستسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبيك فاسقنا. قال: فسُقُوا.
وعن ابن عباس أن عمر استسقى بالناس بالمصلى، فقال عمر للعباس: قم فاستسق، فقام العباس فقال: اللهم، إن عندك سحاباً وعندك ماء، فانشر السحاب ثم أنزل فيه الماء، ثم أنزله علينا فاشدد به الأصل، وأطل به الفرع، وأدْرِر به الضرع، اللهم، إنا شفعاء إليك عمَّن لا ينطق من بهائمنا وأنعامنا، اللهم، شفعنا في أنفسنا وأهالينا، اللهم، إنا نشكو إليك جوع كل جائع، وعُري كل عار، وخوف كل خائف، اللهم، اسقنا سقيا وادعةً نافعةً طبعاً مجلّلاً عامّاً.
وعن أبي صالح
أن العباس بن عبد المطلب يوماً استسقى به عمر بن الخطاب. فلما فرغ عمر من دعائه، قال العباس: اللهم، إنه لم ينزلْ بلاء من السماء إلا بذنب، ولا يُكشف إلا بتوبة، وقد توجّه بي القوم إليك لمكاني من نبيك صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهذه أيدينا إليك بالذنوب
ونواصينا بالتوبة، وأنت الراعي لا تُهمل الضالة، ولا تدع الكسير بدار مَضِيعةٍ، فقد ضرع الصغير ورقّ الكبير، وارتفعت الشكوى، وأنت تعلم السر وأخفى، اللهم، فأغثهم بغياثك قبل أن يقنطوا فيهلكوا فإنه لا ييأس من رحمتك إلا القوم الكافرون، قال: فما تمّ كلامه حتى أرخت السماء مثل الحبال.
وفي ذلك يقول عباس بن عتبة بن أبي لهب: " الطويل "
بعمّي سقى الله الحجاز وأهلَه ... عشيةَ يستسقي بشيبته عُمَرْ
توجّه بالعباس في الجدب راغباً ... إليه فما إنْ رامَ حتى أتى المطرْ
ومنّا رسول الله فينا تُراثُه ... فهل فوق هذا للمفاخِر مُفْتَخرْ
وعن جابر بن عبد الله قال: أصابتنا سنة الرمادة فاستسقينا فلم نُسْق ثم استسقينا فلم نُسق، ثم استسقينا فلم نُسق. فقال عمر: لأستسقين غداً بمن يسقيني الله، فقال الناس: بمن؟ بعلي، بحسن، بحسين؟ فلما أصبح غدا إلى منزل العباس فدقّ عليه، فقال: من؟ فقال: عمر، قال: ما حاجتك؟ قال: اخرج حتى نستسقي الله بك، قال: اقعد، فأرسلَ إلى بني هاشم أن تطهروا والبسوا من صالح ثيابكم، فأتوه، فأخرج إليهم طيباً فطيَّبهم، ثم خرج وعليٌّ أمامه بين يديه، والحسن عن يمينه، والحسين عن يساره، وبنو هاشم خلف ظهره، فقال: يا عمر، لا تخلط بنا غيرنا، قال: ثم أتى المصلى، فوقف فحمد الله وأثنى عليه وقال: اللهم، إنك خلقتنا ولم تؤامرنا، وعلمت ما نحن عاملون قبل ان تخلقنا، فلم يمنعك علمك فينا عن رزقنا، اللهم، فكما تفضَّلْتَ علينا في أوله فتفضّلْ علينا في آخره، فما برحنا حتى سحَّت السماء علينا سحّاً، فما وصلنا إلى منازلنا إلا خوضاً. فقال العباس: أنا المُسقى ابن المسقى ابن المُسقى، خمس مرات. فقال سعيد: فقلت لموسى بن جعفر: كيف ذاك؟ قال: استسقى فسقي عام الرمادة، واستسقى
عبد المطلب فسقي زمزم، فنافسته قريش، فقالوا: ائذن لنا فيه فأبى، فقالوا: بيننا وبينك راهب إيلياء، فخرجوا معه، وخرج مع عبد المطلب نفر من أصحابه. فلما كانوا في الطريق نفِد ماء عبد المطلب وأصحابه فقال للقرشيين، اسقونا، فأبوا، فقال عبد المطلب: علام نموت حسرة؟ فركب راحلته. فلما نهضت انبعث من تحت خفّها عين، فشرب وسقى أصحابه، واستسقوه القرشيون فسقاهم فقالوا: إن الذي أسقاك في هذه الفلاة هو الذي أسقاك زمزم، فارجع فلا خصومة لنا معك.
وكان لعبد المطلب مال بالطائف يقال له: ذو الجذم، فغلبت عليه بنو ذباب وكلاب، وغلَبَ عليه، ثم أتى فقال: هذا المال لي فجُحده، فقال: بيني وبينكم سطيح، فخرجوا وخرج معه نفر من قومه حتى إذا كانوا في فلاً من الأرض عطش وفني ماؤه، فاستسقى بني كلاب وبني ذباب فأبوا أني سقوه وقالوا: موتوا عطشاً، فركب راحلته وخرج. فبينا هو يسير إذ انبعثت عين، فلوَّح بسيفه إلى أصحابه فأتوه، فلما رأوا ذباب كثرة الماء أهراقوا ماءهم، فاستسقوه، فقال القرشيون: والله لا نسقيكم، فقال عبد المطلب: لا تتحدث العرب أن قوماً من العرب ماتوا عطشاً وأنا أقدر على الماء فسقاهم ثم رحلوا إلى سطيح، فقالت بنو ذباب: والله ما ندري أصادق فيما يقضي بيننا؟ فخبّأ رجل منهم ساق جرادة. فلما قدموا عليه قال الرجل، إني خبأت لك خبيئاً فما هو؟ قال: ظهر كالفقار، طار فاستطار، واسق كالمنشار، ألق ما في يدك، فالقى ساق جرادة، قال: وخبّأ رجل منهم تمرة فقال: قد خبأت خبيئة، قال: طالب فبسَق وأينع فأطعم، ألق التمرة، وخبأ له رجل آخر رأس جرادة، خرزها في مزادة، فعلقها في عنق كلب يقال له: يسار. فقال: خبأت خبيئاً فما هو؟ فقال: رأس جرادة خرزت في مزادة في عنق كلبك يسار، ثم اختصموا إليه فقضى لعبد المطلب بالمال. فغرموا لعبد المطلب مئة ناقة، وغرموا لسطيح مئة ناقة، فقدم عبد المطلب فاستعار قدوراً، فنحر وأطعم الناس حوله، ثم أرسل إلى جبال مكة فنحر، فأكلته السباع والطير والناس، والخامسة أسقى الله إسماعيل زمزم.
وعن ابن عباس قال:
كانت للعباس دار إلى جنب المسجد بالمدينة، فقال له عمر بن الخطاب: بعنيها أو هبْها لي حتى أدخلها في المسجد فأبى، فقال: اجعل بيني وبينك رجلاً من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجعلا بينهما أبيًّ بن كعب، فقضى للعباس على عمر، فقال عمر: ما أحدٌ من أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أجرأ علي منك، فقال أبيُّ بن كعب: أو أنصح لك مني. ثم قال: يا أمير المؤمنين، أما بلغك حديث داود أن الله أمره ببناء بيت المقدس، فأدخل فيه بيت امرأة بغير إذنها، فلما بلغ حِجْز الرجال منعه الله بناءه قال داود: أي ربّي، إن منعتني بناءه فاجعله في خلفي، فقال العباس: أليس قد قضيتَ لي بها وصارت لي؟ قال: بلى، قال: فإني أشهدك أني قد جعلتها لله عزّ وجلّ.
وعن عدي بن سهيل قال: لما استمدَّ أهل الشام عمر على أهل فلسطين استخلف علياً وخرج ممدّاً لهم، فقال له عليٌّ: أين تخرج بنفسك؟ إنك تريد عدواً كلباً، فقال: إني أبادر بجهاد العدو موت العباس، إنكم لو قد فقدتم العباس لا نتقض بكم الشر كما ينتقض الحبل، فمات العباس لست سنين خلت من إمارة عثمان، فانتقض والله بالناس الشر.
وعن صهيب مولى العباس قال: رأيت علياً يقبل يد العباس ورجله ويقول: يا عم، ارض عني.
وعن الأحنف بن قيس قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما يقول: إن قريشاً رؤوس الناس، وأن ليس أحد منهم يدخل في باب إلا دخل معه طائفة من الناس، فلما طُعن أمر صُهيباً أن يصلي بالناس ويطعمهم ثلاثة أيام حتى يجتمعوا على رجل. فلما وضعوا الموائد كفّ الناس عن الطعام، فقال العباس: يا أيها الناس، إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد مات فأكلنا بعده وشربنا، وبعد أبي بكر، وأنه لابد للناس من الأكل، فأكل وأكل الناس، فعرفت فضل قول عمر.
زاد في حديث غيره: فعُرف فضل قول عمر: إن قريشاً رؤساء الناس.
وعن سعيد بن المسيب أنه قال: العباس خير هذه الأمة، وارث النبي وعمه.
وعن ابن شهاب قال: لقد جاء الله بالإسلام وإن جَفْنَة العباس لتدور على فقراء بني هاشم، وإن سوطه وقيده لمعد لسفهائهم. قال: فكان ابن عمر يقول: هذا والله الشرف: يطعم الجائع، ويؤدب السفيه.
وعن ابن عباس قال: كان العباس بن عبد المطلب كثيراً ما يقول: ما رأيت أحداً أحسنت إليه إلا أضاء ما بيني وبينه، وما رأيت أحداً أسأت إليه إلا أظلم ما بيني وبينه، فعليك بالإحسان واصطناع المعروف، فإن ذلك يقي مصارع السوء.
وكان العباس بن عبد المطلب تكون له الحاجة إلى غلمانه وهم بالغابة، فيقف على سَلْعٍ، وذلك من آخر الليل فيناديهم فيسمعهم. قال: وذلك نحو من تسعة أميال.
وكان العباس قد عمي قبل موته.
وعن علي بن عبد الله بن عباس قال: أعتق العباس عند موته سبعين مملوكاً.
وعن عبد الله بن إبراهيم القرشي قال: لما نزل بالعباس بن عبد المطلب الموت قال لابنه: يا عبد الله، إن والله ما متُّ موتاً ولكنني فنيت فناء، وإني موصيك بحب الله وحب طاعته، وخوف الله وخوف معصيته، فإنك إذا كنت كذلك لم تكره الموت متى أتاك. وإن استودعتك الله يا بني، ثم استقبل القبلة فقال: لا إله إلا الله ثم شخص ببصره فمات.
وعن عبد الرحمن بن يزيد بن حارثة قال: جاءنا مؤذن يؤذنا بموت العباس بن عبد المطلب بقباء على حمار، ثم جاءنا آخر على حمار فقلت: ما الأول؟ قال: مولى لبني هاشم، والثاني رسول عثمان بن عفان، فاستقبل قرى الأنصار قرية قرية حتى انتهى إلى السافلة: بني حارث وما والاها، فحشد الناس فما غادرنا النساء ... فلما أُتي به إلى موضع الجنائز تضايق فتقدموا به إلى البقيع، فلقد رأيتنا يوم صلينا عليه بالبقيع وما رأت مثل ذلك الخروج على أحد من الناس قط، وما يستطيع أحد من الناس أن يدنو إلى سريره، وغلب عليه بنو هاشم. فلما انتهوا إلى اللحد ازدحموا عليه فأرى عثمان اعتزل وبعث الشرطة يضربون الناس عن بني هاشم حتى خلص بنو هاشم، فكانوا هم الذين نزلوا في حفرته ودلّوه في اللحد، ولقد رأيت على سريره بُرْدَ حِبَرةٍ قد تقطع من زحامهم.
وتوفي في ست من خلافة عثمان.
قال عيسى بن طلحة: رأيت عثمان يكبّر على العباس بالبقيع وما يقدر من لغط الناس، ولقد بلغ الناس الحِشّان، وما تخلف أحد من الرجال والنساء والصبيان.
وتوفي العباس وهو ابن سبع وثمانين. وقيل: توفي سنة تسع وعشرين وله ست وثمانون، وقيل: توفي سنة اثنتين وثلاثين، وهو ابن ثمان وثمانين سنة. ودفن بالبقيع في مقبرة بني هاشم. وقيل: سنة ثلاث وثلاثين. وقيل: سنة أربع وثلاثين، وجلس عثمان على قبره حين دفن.
قال ابن عباس: ولد أبي قبل الفيل بثلاث سنين، وكان أسن من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بثلاث سنين،
وتوفي وهو ابن ثمان وثمانين سنة. سنة اثنتين وثلاثين، وهو معتدل القناة، وكان يخبرنا عن عبد المطلب أنه مات وهو أعدل قناة منه. قال خالد: ورأيت علي بن عبد الله بن العباس معتدل القناة.
الْعَبَّاسُ بْنُ عبد المطلب
- الْعَبَّاسُ بْنُ عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بْنِ قُصَيِّ بْنُ كِلابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْن مالك بْن النَّضْر بْن كنانة بْن خُزَيْمة بْن مدركة بْنُ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ معد بْن عدنان. وأم العباس نُتَيْلَةُ بِنْتُ جَنَابِ بْنِ كُلَيْبِ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ عَامِرٍ. وَهُوَ الضِّحْيَانُ بْنُ سَعْدِ بْنِ الْخَزْرَجِ بْنِ تَيْمِ اللَّهِ بْنِ النَّمِرِ بْنِ قَاسِطِ بْنِ هِنْبِ بْنِ أَفْصَى بْنِ دُعْمِيِّ بْنِ جَدِيلَةَ بْنِ أَسَدِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ نزار بْن معد بْن عدنان. وكان العباس يكنى أبا الفضل. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْبَيَاضِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي شُعْبَةُ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: وُلِدَ أَبِي الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَبْلَ قَدُومِ أَصْحَابِ الْفِيلِ بِثَلاثِ سِنِينَ. وَكَانَ أَسَنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِثَلاثِ سِنِينَ. قَالُوا: وَكَانَ لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مِنَ الْوَلَدِ الْفَضْلُ وَكَانَ أَكْبَرَ وَلَدِهِ وَبِهِ كَانَ يُكْنَى. وَكَانَ جَمِيلا. وَأَرْدَفَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - في حجته ومات بالشام في طَاعُونِ عَمَوَاسَ وَلَيْسَ لَهُ عَقِبٌ. وَعَبْدُ اللَّهِ وَهُوَ الْحَبْرُ دَعَا لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَاتَ بِالطَّائِفِ وَلَهُ عَقِبٌ. وَعُبَيْدُ اللَّهِ كَانَ جَوَّادًا سَخِيَّا ذَا مَالٍ مَاتَ بِالْمَدِينَةِ وَلَهُ عَقِبٌ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ مَاتَ بِالشَّامِ وَلَيْسَ لَهُ عَقِبٌ. وَقُثَمُ وَكَانَ يُشَبَّهُ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ خَرَجَ إلى خراسان مجاهدا فمات بسمرقند وليس وَلَيْسَ لَهُ عَقِبٌ. وَمَعْبَدٌ قُتِلَ بِإِفْرِيقِيَّةَ شَهِيدًا وَلَهُ عَقِبٌ. وَأُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ الْعَبَّاسِ. وَأُمُّهُمْ جميعا جَمِيعًا أُمُّ الْفَضْلِ وَهِيَ لُبَابَةُ الْكُبْرَى بِنْتُ الحارث بن حزن بن بخير بْنِ الْهُزَمِ بْنِ رُؤَيْبَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن هلال بن عامر بْنِ صَعْصَعَةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرِ بْنِ هوازن بن منصور بن عكرمة بن خفضة بْنِ قَيْسِ بْنِ عَيْلانَ بْنِ مُضَرَ. وَفِي وَلَدِ أُمِّ الْفَضْلِ هَؤُلاءِ مِنَ الْعَبَّاسِ يَقُولُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْهِلالِيُّ: مَا وَلَدَتْ نجيبة من فحل ... بجبل تعلمه أَوْ سَهْلٍ كَسِتَّةٍ مِنْ بَطْنِ أُمِّ الْفَضْلِ ... أَكْرِمْ بِهَا مِنْ كَهْلَةٍ وَكَهْلٍ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عن أبيه قَالَ: كَانَ يُقَالُ: مَا رَأَيْنَا بَنِي أَبٍ وَأُمٍّ قَطُّ أَبْعَدَ قُبُورًا مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مِنْ أُمِّ الْفَضْلِ. وَكَانَ لِلْعَبَّاسِ أَيْضًا مِنَ الْوَلَدِ مِنْ غَيْرِ أُمِّ الفضل كثير بن عباس بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَكَانَ فَقِيهًا مُحَدِّثًا. وَتَمَّامُ بْنُ الْعَبَّاسِ وَكَانَ مِنْ أَشَدِّ أَهْلِ زَمَانِهِ. وَصَفِيَّةُ وَأُمَيْمَةُ وَأُمُّهُمْ أُمُّ وَلَدٍ. وَالْحَارِثُ بْنُ الْعَبَّاسِ وَأُمُّهُ حُجَيْلَةُ بِنْتُ جُنْدُبِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ تَمِيمِ بْنِ سَعْدِ بْنِ هُذَيْلِ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسِ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارٍ. وَلِلْحَارِثِ عَقِبٌ مِنْهُمُ السَّرِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَالِي الْيَمَامَةِ وَلَيْسَ لكثير وتمام اليوم عقب. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْهُذَلِيُّ عَنْ أَبِي الْبَدَّاحِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُوَيْمِ بْنِ سَاعِدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ قَالَ لِي سَعْدُ بْنُ خَيْثَمَةَ وَمَعْنُ بْنُ عَدِيٍّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُبَيْرٍ: يَا عُوَيْمُ انْطَلِقْ بِنَا حَتَّى نَأْتِيَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنُسَلِّمَ عَلَيْهِ فَإِنَّا لَمْ نَرَهْ قَطُّ وَقَدْ آمَنَّا بِهِ. فَخَرَجْتُ مَعَهُمْ فَقِيلَ لِيَ هُوَ فِي مَنْزِلِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَرَحَلْنَا عَلَيْهِ فَسَلَّمْنَا وَقُلْنَا لَهُ: مَتَى نَلْتَقِي؟ فَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: إِنَّ مَعَكُمْ مِنْ قَوْمِكُمْ مَنْ هُوَ مُخَالِفٌ لَكُمْ فَاخْفُوا أَمْرَكُمْ حَتَّى يَنْصَدِعَ هَذَا الْحَاجُّ وَنَلْتَقِيَ نَحْنُ وَأَنْتُمْ فَنُوَضِّحَ لَكُمُ الأَمْرَ فَتَدْخُلُونَ عَلَى أَمْرٍ بَيِّنٍ. فَوَعَدَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اللَّيْلَةَ الَّتِي فِي صُبْحِهَا النَّفَرُ الآخِرُ أَنْ يُوَافِيَهُمْ أَسْفَلَ الْعَقَبَةِ حَيْثُ الْمَسْجِدُ الْيَوْمَ وَأَمَرَهُمْ أَنْ لا ينهبوا نَائِمًا وَلا يَنْتَظِرُوا غَائِبًا. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ عُبَيْدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ قال: فخرج القوم تلك الليلة النَّفْرِ الأَوَّلِ بَعْدَ هَذِهِ يَتَسَلَّلُونَ وَقَدْ سَبَقَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - إلى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَمَعَهُ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ غَيْرُهُ. وَكَانَ يَثِقُ بِهِ فِي أَمْرِهِ كُلِّهِ. فَلَمَّا اجْتَمَعُوا كَانَ أَوَّلَ مَنْ تَكَلَّمَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْخَزْرَجِ. وَكَانَتِ الأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ تُدْعَى الْخَزْرَجِ. إِنَّكُمْ قَدْ دَعَوْتُمْ مُحَمَّدًا إِلَى مَا دَعَوْتُمُوهُ إِلَيْهِ وَمُحَمَّدٌ مِنْ أَعَزِّ النَّاسِ فِي عَشِيرَتِهِ يَمْنَعُهُ وَاللَّهِ مَنْ كَانَ مِنَّا عَلَى قَوْلِهِ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنَّا عَلَى قَوْلِهِ مَنَعَةً لِلْحَسَبِ وَالشَّرَفِ. وَقَدْ أَبَى مُحَمَّدٌ النَّاسَ كُلَّهُمْ غَيْرَكُمْ فَإِنْ كُنْتُمْ أَهْلَ قُوَّةٍ وَجَلَدٍ وَبَصَرٍ بِالْحَرْبِ وَاسْتِقْلالٍ بِعَدَاوَةِ الْعَرَبِ قَاطِبَةً فإنها سترميكم عن قوس واحدة فارتأوا رَأْيَكُمْ وَأْتَمِرُوا أَمْرَكُمْ وَلا تَفْتَرِقُوا إِلا عَنْ مَلإٍ مِنْكُمْ وَاجْتِمَاعٍ فَإِنَّ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ أَصْدَقُهُ. وَأُخْرَى. صِفُوا لِيَ الْحَرْبَ كَيْفَ تُقَاتِلُونَ عَدُوَّكُمْ. قَالَ فَأَسْكَتَ الْقَوْمُ وَتَكَلَّمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ فَقَالَ: نَحْنُ وَاللَّهِ أَهْلُ الْحَرْبِ غُذِّينَا بِهَا وَمُرِّنَّا عَلَيْهَا وَوَرِثْنَاهَا عَنْ آبَائِنَا كَابِرًا فَكَابِرًا. نَرْمِي بِالنَّبْلِ حَتَّى تَفْنَى. ثم نطاعن بالرماح حتى تكسر بالرماح. ثُمَّ نَمْشِي بِالسُّيُوفِ فُنَضَارِبُ بِهَا حَتَّى يَمُوتَ الأَعْجَلُ مِنَّا أَوْ مِنْ عَدُوِّنَا. فَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: أَنْتُمْ أَصْحَابُ حَرْبٍ فَهَلْ فِيكُمْ دُرُوعٌ؟ قَالُوا: نَعَمْ شَامِلَةٌ. وَقَالَ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ: قَدْ سَمِعْنَا مَا قُلْتَ. إِنَّا وَاللَّهِ لَوْ كَانَ فِي أَنْفُسِنَا غَيْرُ مَا يَنْطِقُ بِهِ لَقُلْنَاهُ وَلَكِنَّا نُرِيدُ الْوَفَاءَ وَالصِّدْقَ وَبَذْلَ مُهَجِ أَنْفُسِنَا دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ وَتَلا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْقُرْآنَ ثُمَّ دَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ وَرَغَّبَهُمْ فِي الإِسْلامِ وَذَكَرَ الَّذِي اجْتَمَعُوا لَهُ فَأَجَابَهُ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ بِالإِيمَانِ وَالتَّصْدِيقِ فَبَايَعَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ذَلِكَ. وَالْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ آخِذٌ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُؤَكِّدُ لَهُ الْبَيْعَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ عَلَى الأَنْصَارِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي الْعَوْجَاءِ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ حَضَرَهُمْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَالْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ آخِذٌ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَقُولُ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ أَخْفُوا جَرْسَكُمْ فَإِنَّ عَلَيْنَا عُيُونًا. وَقَدِّمُوا ذَوِي أَسْنَانِكُمْ فَيَكُونُونَ الذي يَلُونَ كَلامَنَا مِنْكُمْ فَإِنَّا نَخَافُ قَوْمَكُمْ عَلَيْكُمْ. ثُمَّ إِذَا بَايَعْتُمْ فَتَفَرَّقُوا إِلَى مَجَالِسِكُمْ وَاكْتُمُوا أَمْرَكُمْ فَإِنْ طَوَيْتُمْ هَذَا الأَمْرَ حَتَّى يَنْصَدِعَ هَذَا الْمَوْسِمُ فَأَنْتُمُ الرِّجَالُ وَأَنْتُمْ لِمَا بَعْدَ الْيَوْمِ. فَقَالَ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ: يَا أَبَا الْفَضْلِ اسْمَعْ مِنَّا. فَسَكَتَ الْعَبَّاسُ فَقَالَ الْبَرَاءُ: لك والله عِنْدَنَا كِتْمَانُ مَا تُحِبُّ أَنْ نَكْتُمَ وَإِظْهَارُ مَا تُحِبَّ أَنْ نُظْهِرَ وَبَذْلُ مُهَجِ أَنْفُسِنَا ورضا ربنا عندنا. إِنَّا أَهْلُ حَلْقَةٍ وَافِرَةٍ وَأَهْلُ مَنَعَةٍ وَعِزٍّ. وَقَدْ كُنَّا عَلَى مَا كُنَّا عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَةِ حَجَرٍ وَنَحْنُ كَذَا فَكَيْفَ بِنَا الْيَوْمَ حِينَ بَصَّرَنَا اللَّهُ مَا أَعْمَى عَلَى غَيْرِنَا وأيدنا بمحمد. ص؟ ابْسُطْ يَدَكَ. فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ ضَرَبَ عَلَى يَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ. وَيُقَالُ أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيِّهَانِ. وَيُقَالُ أَسْعَدُ بْنُ زرارة. قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بن عبد الله بن أبي سَبْرَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سُحَيْمٍ قَالَ: تَفَاخَرَتِ الأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ فِيمَنْ ضَرَبَ عَلَى يَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ أَوَّلَ النَّاسِ فَقَالُوا: لا أَحَدَ أَعْلَمُ بِهِ مِنَ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. فَسَأَلُوا الْعَبَّاسَ فَقَالَ: مَا أَحَدٌ أَعْلَمَ بِهَذَا مِنِّي. أَوَّلُ مَنْ ضَرَبَ عَلَى يَدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ تِلْكِ اللَّيْلَةِ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ ثُمَّ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ ثُمَّ أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ. وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَأَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ عَنْ زَكَرِيَّاءَ بْنِ أبي زائدة عن عامر الشعبي قال: انطلق النبي. ع. بِالْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَكَانَ الْعَبَّاسُ ذَا رَأْيٍ. إِلَى السَّبْعِينَ مِنَ الأَنْصَارِ عِنْدَ الْعَقَبَةِ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَقَالَ الْعَبَّاسُ: لِيَتَكَلَّمْ مُتَكَلِّمُكُمْ وَلا يُطِلِ الْخُطْبَةَ فَإِنَّ عَلَيْكُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ عَيْنًا وَإِنْ يَعْلَمُوا بِكُمْ يَفْضَحُوكُمْ. فَقَالَ قَائِلُهُمْ وَهُوَ أَبُو أُمَامَةَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ: يَا مُحَمَّدُ سَلْ لِرَبِّكَ مَا شِئْتَ ثُمَّ سَلَ لِنَفْسِكَ وَلأَصْحَابِكَ مَا شِئْتَ ثُمَّ أَخْبِرْنَا مَا لَنَا مِنَ الثَّوَابِ عَلَى اللَّهِ وَعَلَيْكُمْ إِذَا فَعَلْنَا ذَلِكَ. قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ فِي حَدِيثِهِ: فَكَانَ الشَّعْبِيُّ إِذَا حَدَّثَ هَذَا الْحَدِيثَ يَقُولُ مَا سَمِعَ الشَّيْبُ وَالشُّبَّانُ بِخُطْبَةٍ أقصر ولا أبلغ منها. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ أَبِيهِ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَمِّهِ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنَّ قُرَيْشًا لَمَّا تَفَرَّقُوا إِلَى بَدْرٍ فَكَانُوا بِمَرِّ الظَّهْرَانِ هَبَّ أَبُو جَهْلٍ مِنْ نَوْمِهِ فَصَاحَ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أَلا تَبًّا لِرَأْيِكُمْ مَاذَا صَنَعْتُمْ. خَلَّفْتُمْ بَنِي هَاشِمٍ وَرَاءَكُمْ فَإِنْ ظَفَرَ بِكُمْ مُحَمَّدٌ كَانُوا مِنْ ذَلِكَ بِنَحْوِهِ. وَإِنْ ظَفِرْتُمْ بِمُحَمَّدٍ أَخَذُوا آثَارَكُمْ مِنْكُمْ مِنْ قَرِيبٍ مِنْ أولادكم وأهليكم. فلا تدروهم فِي بَيْضَتِكُمْ وَفِنَائِكُمْ وَلَكِنْ أَخْرِجُوهُمْ مَعَكُمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ غَنَاءٌ. فَرَجَعُوا إِلَيْهِمْ فَأَخْرَجُوا الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وطالبا وعقيلا كرها. قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَدْ كَانَ مَنْ كَانَ مِنَّا بِمَكَّةَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ قَدْ أَسْلَمُوا فَكَانُوا يَكْتُمُونَ إِسْلامَهُمْ وَيَخَافُونَ يُظْهِرُونَ ذَلِكَ فَرَقًا مِنْ أَنْ يَثِبَ عَلَيْهِمْ أَبُو لَهَبٍ وَقُرَيْشٌ فَيُوثَقُوا كَمَا أَوْثَقَتْ بَنُو مَخْزُومٍ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ وَعَبَّاسَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ وَغَيْرَهُمَا فَلِذَلِكَ . قَالَ: أَخْبَرَنَا رُؤَيْمُ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ أَبِي عِيسَى الشَّامِيُّ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ جَمِيعًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بن الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: قال أبو رافع مولى رسول الله. ص: كُنْتُ غُلامًا لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَكَانَ الإِسْلامُ قَدْ دَخَلَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ فَأَسْلَمَ الْعَبَّاسُ وَأَسْلَمَتْ أُمُّ الْفَضْلِ وَأَسْلَمْتُ. فَكَانَ الْعَبَّاسُ يَهَابُ قَوْمَهُ وَيَكْرَهُ خِلافَهُمْ فَكَانَ يَكْتُمُ إِسْلامَهُ. وَكَانَ ذَا مَالٍ مُتَفَرِّقٍ فِي قَوْمِهِ فَخَرَجَ مَعَهُمْ إِلَى بَدْرٍ وَهُوَ عَلَى ذَلِكَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا رُؤَيْمُ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ قَالَ: حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ أَبِي عِيسَى قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ. عَلَيْهِ السَّلامُ. . قَالَ فَقَالَ أَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ: نَقْتُلُ آبَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا وَإِخْوَانَنَا وَعَشَائِرَنَا وَنَتْرُكُ الْعَبَّاسَ؟ وَاللَّهِ لَئِنْ لَقِيتُهُ لأُلْحِمَنَّهُ السَّيْفَ. قَالَ فَبَلَغَتْ مَقَالَتُهُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ وَنَدِمَ أَبُو حُذَيْفَةَ عَلَى مَقَالَتِهِ فَكَانَ يَقُولُ: وَاللَّهِ مَا أَنَا بِآمِنٍ مِنْ تِلْكَ الْكَلِمَةِ الَّتِي قُلْتُ يَوْمَئِذٍ وَلا أَزَالُ مِنْهَا خَائِفًا إِلا أَنْ يُكَفِّرَهَا اللَّهُ. عَزَّ وَجَلَّ. عَنِّي بِالشَّهَادَةِ. فَقُتِلَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ شَهِيدًا. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ لَقِيَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ فَقَالَ أَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ: وَاللَّهِ لا أَلْقَى رَجُلا مِنْهُمْ أَلا قَتَلْتُهُ. فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: . أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّوْفَلِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمِّهِ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ جَمَعَتْ قُرَيْشٌ بَنِي هَاشِمٍ وَحُلَفَاءَهُمْ فِي قُبَّةٍ وَخَافُوهُمْ فَوَكَّلُوا بِهِمْ مَنْ يَحْفَظُهُمْ وَيُشَدِّدُ عَلَيْهِمْ. مِنْهُمْ حَكِيمُ بن حزام. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ: حدثنا عبيد بن أوس قرن مِنْ بَنِي ظُفُرٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ أَسَرْتُ الْعَبَّاسَ بْن عَبْد الْمُطَّلِبِ وَعُقَيْلَ بْن أَبِي طَالِبٍ وَحَلِيفًا لِلْعَبَّاسِ فِهْرِيًّا فَقَرَنْتُ الْعَبَّاسَ وَعَقِيلا. فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . قَالَ: أَخْبَرَنَا رُؤَيْمُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ أَبِي عيسى الشامي قال: وأخبرنا أحمد بن محمد قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ جَمِيعًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ مِقْسَمٍ أَبِي الْقَاسِمِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ الَّذِي أَسَرَ الْعَبَّاسَ أَبُو الْيَسَرِ كَعْبُ بْنُ عَمْرٍو أَخُو بَنِي سَلَمَةَ. وَكَانَ أَبُو الْيَسَرِ رَجُلا مَجْمُوعًا وَكَانَ الْعَبَّاسُ رَجُلا جَسِيمًا. . قَالُوا: وَقَالَ غَيْرُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ فِي حَدِيثِهِ: انْتَهَى أَبُو الْيَسَرِ إِلَى الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَوْمَ بَدْرٍ وَهُوَ قَائِمٌ كَأَنَّهُ صَنَمٌ فَقَالَ له: جزتك الجوازي. أنقتل ابْنَ أَخِيكَ؟ فَقَالَ الْعَبَّاسُ: مَا فَعَلَ مُحَمَّدٌ أَمَا بِهِ الْقَتْلُ. قَالَ أَبُو الْيَسَرِ: اللَّهُ أعز وأنصر. فَقَالَ الْعَبَّاسُ: كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلا مُحَمَّدًا خَلَلٌ فَمَا تُرِيدُ؟ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ قَتَلِكَ. فَقَالَ الْعَبَّاسُ: لَيْسَ بِأَوَّلِ صِلَتِهِ وَبِرِّهِ. قَالَ: وَأَخْبَرَنَا رُؤَيْمُ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ. قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ أَبِي عِيسَى قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ جَمِيعًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا أَمْسَى الْقَوْمُ يَوْمَ بَدْرٍ وَالأُسَارَى مَحْبُوسُونَ فِي الْوَثَاقِ . قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ الأَصَمِّ قَالَ: لَمَّا كَانَتْ أُسَارَى بَدْرٍ كَانَ فِيهِمُ الْعَبَّاسُ عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَهِرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلَتَهُ . قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ: كَانَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ حِينَ قُدِمَ بِهِ فِي الأُسَارَى طُلِبَ لَهُ قَمِيصٌ فَمَا وَجَدُوا لَهُ قَمِيصًا بِيَثْرِبَ يُقْدَرُ عَلَيْهِ أَلا قَمِيصَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ أَلْبَسَهُ إِيَّاهُ فكان عَلَيْهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا أُسِرَ الْعَبَّاسُ لَمْ يُوجَدْ لَهُ قَمِيصٌ يُقْدَرُ عَلَيْهِ إِلا قَمِيصَ ابْنِ أُبَيٍّ. قَالَ: أَخْبَرَنَا رُؤَيْمُ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ قَالَ: أَخْبَرَنَا هَارُونُ بْنُ أَبِي عِيسَى. وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ جَمِيعًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: . قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ ابْنُ أَخِي مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ من الأنصار لرسول الله. ص: . قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى النَّوْفَلِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمِّهِ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: فَدَى الْعَبَّاسُ نَفْسَهُ وَابْنَ أَخِيهِ عَقِيلا بِثَمَانِينَ أُوقِيَّةَ ذَهَبٍ. وَيُقَالُ أَلْفُ دِينَارٍ. قَالُوا: وَخَرَجَ الْعَبَّاسُ إِلَى مَكَّةَ فَبَعَثَ بِفِدَائِهِ وَفِدَاءِ ابْنِ أَخِيهِ وَلَمْ يَبْعَثْ بِفِدَاءِ حَلِيفِهِ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ فَأَخْبَرَهُ وَرَجَعَ أَبُو رَافِعٍ فَكَانَ رَسُولَ الْعَبَّاسِ بِفِدَائِهِ فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ: مَا قَالَ لَكَ؟ فَقَصَّ عَلَيْهِ الأَمْرَ فَقَالَ: وَأَيُّ قَوْلٍ أَشَدُّ مِنْ هَذَا؟ احْمِلِ الْبَاقِي قَبْلَ أَنْ تَحُطَّ رحلك. فحمله ففداهم العباس. قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِ الله. عز وجل: «يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ» الأنفال: . نَزَلَتْ فِي الأَسْرَى يَوْمَ بَدْرٍ. مِنْهُمُ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَنَوْفَلُ بْنُ الْحَارِثِ وَعَقِيلُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. وَكَانَ الْعَبَّاسُ مَنْ أُسِرَ يَوْمَئِذٍ وَمَعَهُ عِشْرُونَ أُوقِيَّةً مِنْ ذَهَبٍ. قَالَ أَبُو صَالِحٍ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ: فَسَمِعْتُ الْعَبَّاسَ يَقُولُ فَأُخِذَتْ مِنِّي فَكَلَّمْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يَجْعَلَهَا مِنْ فِدَايَ فَأَبَى عَلَيَّ. فَأَعْقَبَنِي اللَّهُ مَكَانَهَا عِشْرِينَ عَبْدًا كُلُّهُمْ يَضْرِبُ بِمَالٍ مَكَانَ عِشْرِينَ أُوقِيَّةً. وَأَعْطَانِي زَمْزَمَ وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِيَ بِهَا جَمِيعَ أَمْوَالِ أَهْلِ مَكَّةَ. وَأَنَا أَرْجُو الْمَغْفِرَةَ مِنْ رَبِّي. وَكَلَّفَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِدَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَرَكْتَنِي أَسْأَلُ النَّاسَ مَا بَقِيَتْ. : . فَأَعْطَانِي مَكَانَ عِشْرِينَ أُوقِيَّةً عِشْرِينَ عَبْدًا وَأَنَا أَنْتَظِرُ المغفرة من ربي. قَالَ: أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ أَبُو النَّضْرِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ الْعَدَوِيِّ أَنَّ الْعَلاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ بَعَثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - من الْبَحْرَيْنِ بِثَمَانِينَ أَلْفًا فَمَا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَالٌ كَانَ أَكْثَرَ مِنْهُ لا قَبْلُ وَلا بَعْدُ. فَأَمَرَ بِهَا فنشرت على حصير وَنُودِيَ بِالصَّلاةِ. فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَثُلَ عَلَى الْمَالِ قَائِمًا وَجَاءَ النَّاسُ حِينَ رَأَوُا الْمَالَ وَمَا كَانَ يَوْمَئِذٍ عَدَدٌ وَلا وَزْنٌ. مَا كَانَ إِلا قَبْضًا. . فَفَعَلَ فَانْطَلَقَ بِذَلِكَ الْمَالِ وَهُوَ يَقُولُ: أَمَّا إِحْدَى اللَّتَيْنِ وَعَدَنَا اللَّهُ فَقَدْ أَنْجَزَهَا وَلا أَدْرِي مَا يَصْنَعُ فِي الأُخْرَى. يَعْنِي قَوْلَهُ: «قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ» الأنفال: . فَهَذَا خَيْرٌ مِمَّا أُخِذَ مِنِّي وَلا أَدْرِي مَا يَصْنَعُ فِي الْمَغْفِرَةِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَسْلَمُ كُلُّ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ. فَادَى الْعَبَّاسُ نَفْسَهُ وَابْنَ أَخِيهِ عَقِيلا ثُمَّ رَجَعُوا جَمِيعًا إِلَى مَكَّةَ ثُمَّ أَقْبَلُوا إِلَى الْمَدِينَةِ مُهَاجِرِينَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى النَّوْفَلِيُّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ أَشْيَاخِهِ قَالَ: قَالَ عقيل بن أبي طالب للنبي. ع. مَنْ قَبِلْتَ مِنْ أَشْرَافِهِمْ. أَنَحْنُ فِيهِمْ؟ . فَلَمَّا أَتَاهُمْ عَقِيلٌ بِهَذِهِ الْمَقَالَةِ خَرَجُوا وَذُكِرَ أَنَّ الْعَبَّاسَ وَنَوْفَلا وَعَقِيلا رَجَعُوا إِلَى مَكَّةَ. أُمِرُوا بِذَلِكَ لِيُقِيمُوا مَا كَانُوا يُقِيمُونَ مِنْ أَمْرِ السِّقَايَةِ وَالرِّفَادَةِ وَالرِّئَاسَةِ. وَذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِي لَهَبٍ. وَكَانَتِ السِّقَايَةُ وَالرِّفَادَةُ وَالرِّئَاسَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فِي بَنِي هَاشِمٍ ثُمَّ هَاجَرُوا بَعْدُ إِلَى المدينة فقدموها بأولادهم وأهاليهم. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَخِيهِ الْعَبَّاسِ بْنِ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا الْقُرَشِيُّونَ الْمَكِّيُّونَ الشَّيْبِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ أَنَّ قَدُومَ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَنَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مَكَّةَ كَانَ أَيَّامَ الْخَنْدَقِ. وَشَيَّعَهُمَا رَبِيعَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي مَخْرَجِهِمَا إِلَى الأبواء ثم أراد الرجوع إلى مكة فقال لَهُ عَمُّهُ الْعَبَّاسُ وَأَخُوهُ نَوْفَلُ بْنُ الْحَارِثِ: أين ترجع إلى دار الشرك يقاتلون رسول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُكَذِّبُونَهُ وَقَدْ عَزَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَثُفَ أَصْحَابُهُ. امْضِ مَعَنَا. فَسَارَ رَبِيعَةُ مَعَهُمَا حَتَّى قَدِمُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - مسلمين مهاجرين. قال: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عن ابن عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ جَدَّهُ عَبَّاسًا قَدِمَ هُوَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ فِي رَكْبٍ يُقَالُ لَهُمْ رَكْبُ أَبِي شِمْرٍ فَنَزَلُوا الْجُحْفَةَ يَوْمَ فَتْحِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيْبَرَ فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ نَزَلُوا الْجُحْفَةَ وَهُمْ عَامِدُونَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَذَلِكَ يَوْمَ فَتْحِ خَيْبَرَ. قَالَ فَقَسَمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْعَبَّاسِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ فِي خَيْبَرَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِمُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ فَقَالَ: هَذَا عِنْدَنَا وَهَلٌ لا يَشُكُّ فِيهِ أَهْلُ الْعِلْمِ وَالرِّوَايَةِ. أَنَّ الْعَبَّاسَ كَانَ بِمَكَّةَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَيْبَرَ قَدْ فَتَحَهَا. وَقَدِمَ الْحَجَّاجُ بْنُ عِلاطٍ السُّلَمِيُّ مَكَّةَ فَأَخْبَرَ قُرَيْشًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا أَحَبُّوا أَنَّهُ قَدْ ظُفِرَ بِهِ وَقُتِلَ أَصْحَابُهُ فَسُّرُوا بِذَلِكَ. وَأَقْطَعَ الْعَبَّاسَ خَبَرُهُ وَسَاءَهُ وَفَتَحَ بَابَهُ وَأَخَذَ ابْنَهُ قُثَمَ فَجَعَلَهُ عَلَى صَدْرِهِ وَهُوَ يَقُولُ: يَا قُثَمُ يَا قُثَمُ ... يَا شِبْهَ ذِي الْكَرْمِ حَتَّى أَتَاهُ الْحَجَّاجُ فَأَخْبَرَهُ بِسَلامَةِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّهُ قَدْ فَتَحَ خَيْبَرَ وَغَنَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَا فِيهَا. فَسُرَّ بِذَلِكَ الْعَبَّاسُ وَلَبِسَ ثِيَابَهُ وَغَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ فَدَخَلَهُ وَطَافَ بِالْبَيْتِ وَأَخْبَرَ قُرَيْشًا بِمَا أَخْبَرَهُ بِهِ الْحَجَّاجُ مِنْ سَلامَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّهُ فَتَحَ خَيْبَرَ وَمَا غَنَّمَهُ اللَّهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ. فَكُبِتَ الْمُشْرِكُونَ وَسَاءَهُمْ ذَلِكَ وَعَلِمُوا أَنَّ الْحَجَّاجَ قَدْ كَانَ كَذَبَهُمْ فِي خَبَرِهِ الأَوَّلِ. وَسَرَّ ذَلِكَ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ بِمَكَّةَ وأتوا العباس فهنؤوه بسلامة رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ خَرَجَ الْعَبَّاسُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَحِقَ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَدِينَةِ فَأَطْعَمَهُ بِخَيْبَرَ مِائَتَيْ وَسْقِ تَمْرٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ. ثُمَّ خَرَجَ مَعَهُ إِلَى مَكَّةَ فَشَهِدَ فَتْحَ مَكَّةَ وَحُنَيْنٍ وَالطَّائِفِ وَتَبُوكَ. وَثَبَتَ مَعَهُ يَوْمَ حُنَيْنٍ فِي أهل بيته حين انكشف الناس عنه. قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَمِّهِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ كَثِيرِ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ حُنَيْنٍ فَلَزِمْتُهُ أَنَا وَأَبُو سُفْيَان بْن الْحَارِثِ بْن عَبْد الْمُطَّلِبِ فَلَمْ نُفَارِقْهُ. وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى بَغْلَةٍ لَهُ بَيْضَاءَ أَهْدَاهَا لَهُ فَرْوَةُ بْنُ نُفَاثَةَ الْجُذَامِيُّ. فَلَمَّا الْتَقَى الْمُسْلِمُونَ وَالْكُفَّارُ وَلَّى الْمُسْلِمُونَ مُدْبِرِينَ وَطَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَرْكُضُ بَغْلَتَهُ نَحْوَ الْكُفَّارِ. قَالَ عَبَّاسٌ: وَأَنَا آخِذٌ بِلِجَامِ بَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكُفُّهَا إِرَادَةَ أَنْ لا تُسْرِعَ. وَأَبُو سُفْيَانَ آخِذٌ بِرِكَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - . قَالَ عَبَّاسٌ: وَكُنْتُ رَجُلا صَيِّتًا فَقُلْتُ بِأَعْلَى صَوْتِي أين أصحاب السمرة؟ قال فو الله لَكَأَنَّ عَطْفَتَهُمْ حِينَ سَمِعُوا صَوْتِي عَطْفَةُ الْبَقَرِ على أولادها فَقَالُوا: يَا لَبَّيْكَ يَا لَبَّيْكَ. قَالَ فَاقْتَتَلُوا هُمْ وَالْكُفَّارُ وَالدَّعْوَةُ فِي الأَنْصَارِ يَقُولُونَ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ. ثُمَّ قَصُرَتِ الدَّعْوَةُ عَلَى بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ فَقَالُوا: يَا بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ يَا بَنِي الْحَارِثِ. قَالَ فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ عَلَى بَغْلَتِهِ وَهُوَ كَالْمُتَطَاوِلِ عَلَيْهَا إِلَى قِتَالِهِمْ. قَالَ . قَالَ ثُمَّ أَخَذَ حَصَيَاتٍ فَرَمَى بِهِنَّ وُجُوهَ الْكُفَّارِ ثُمَّ قَالَ: انْهَزَمُوا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ! قَالَ فَذَهَبْتُ أَنْظُرُ فَإِذَا القتال على هيئته فيما أرى. قال فو الله مَا هُوَ إِلا أَنْ رَمَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحَصَيَاتِهِ ثُمَّ رَكِبَ فَإِذَا حَدُّهُمْ كَلَيْلٌ وَأَمْرُهُمْ مُدْبِرٌ حَتَّى هَزَمَهُمُ اللَّهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَوْمَ حنين إذ انْهَزَمَ النَّاسُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - . قَالَ: أَخْبَرَنَا زَيْدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الأَيْلِيِّ قَالَ: جَاءَ أَسْقُفُ غَزَّةَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتَبُوكَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَ عندي هاشم وعبد شمس وَهُمَا تَاجِرَانِ وَهَذِهِ أَمْوَالُهُمَا. قَالَ فَدَعَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّوْفَلِيُّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ أَنَّ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ المطلب ونوفل بن الحارث لما قدما المدينة على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُهَاجِرَيْنِ آخَى بَيْنَهُمَا وَأَقْطَعَهُمْا جَمِيعًا بِالْمَدِينَةِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَفَرَعَ بَيْنَهُمَا بِحَائِطٍ فَكَانَا مُتَجَاوِرَيْنِ فِي مَوْضِعٍ وَكَانَا شَرِيكَيْنِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مُتَفَاوِضَيْنِ فِي الْمَالِ مُتَحَابَّيْنِ مُتَصَافِيَيْنِ. وَكَانَتْ دَارُ نَوْفَلٍ الَّتِي أَقْطَعَهُ إِيَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَوْضِعٍ رَحَبَةِ الْفَضَاءِ وَمَا يَلِيَهَا إِلَى الْمَسْجِدِ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ الْيَوْمُ رَحَبَةُ الْفَضَاءِ وَهِيَ تُقَابِلُ دَارَ الإِمَارَةِ الَّتِي يُقَالُ لَهَا الْيَوْمَ دَارُ مَرْوَانَ. وَكَانَتْ دَارَ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الَّتِي أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدِيدَهَا وَهِيَ الَّتِي فِي دَارِ مَرْوَانَ إِلَى الْمَسْجِدِ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ دَارُ الإِمَارَةِ الَّتِي يُقَالُ لَهَا الْيَوْمَ دَارُ مَرْوَانَ. وَأَقْطَعَ الْعَبَّاسَ أَيْضًا دَارَهُ الأُخْرَى الَّتِي بِالسُّوقِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُسَمَّى مُحْرَزَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ. قال: أَخْبَرَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ لِلْعَبَّاسِ مِيزَابٌ عَلَى طَرِيقِ عُمَرَ فَلَبِسَ عُمَرُ ثِيَابَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَقَدْ كَانَ ذَبَحَ لِلْعَبَّاسِ فَرْخَانِ. فَلَمَّا وَافَى الْمِيزَابَ صَبَّ فِيهِ مَاءً فِيهِ مِنْ دَمِ الْفَرْخَيْنِ فَأَصَابَ عُمَرُ فَأَمَرَ عُمَرُ بِقَلْعِهِ. ثُمَّ رَجَعَ عُمَرُ فَطَرَحَ ثِيَابَهُ وَلَبِسَ غَيْرَهَا ثُمَّ جَاءَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ. فَأَتَاهُ الْعَبَّاسُ فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنَّهُ لَلْمَوْضِعُ الَّذِي وَضَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالُ عُمَرُ لِلْعَبَّاسِ: فَأَنَا أَعْزِمُ عَلَيْكَ لَمَّا أصعدت عَلَى ظَهْرِي حَتَّى تَضَعَهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي وَضَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَفَعَلَ ذَلِكَ الْعَبَّاسُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ الْكِلابِيُّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَرَجَ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ وَقَطَرَ عَلَيْهِ مِيزَابُ الْعَبَّاسِ. وَكَانَ عَلَى طَرِيقِ عُمَرَ إِلَى الْمَسْجِدِ. فَقَلَعَهُ عُمَرُ فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ: قَلَعْتَ مِيزَابِي. وَاللَّهِ مَا وَضَعَهُ حَيْثُ كَانَ إِلا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِهِ. قَالَ عُمَرُ: لا جَرَمَ أَنْ لا يَكُونَ لَكَ سُلَّمٌ غَيْرِي وَلا يَضَعَهُ إِلَّا أَنْتَ بِيَدِكَ. قَالَ فحمل عمر الْعَبَّاسَ عَلَى عُنُقِهِ فَوَضَعَ رِجْلَيْهِ عَلَى مَنْكَبَيْ عُمَرَ ثُمَّ أَعَادَ الْمِيزَابَ حَيْثُ كَانَ فَوَضَعَهُ موضعه. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أُمَيَّةَ بْنُ يَعْلَى عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ قَالَ: لَمَّا كَثُرَ الْمُسْلِمُونَ فِي عَهْدِ عُمَرَ ضَاقَ بِهِمُ الْمَسْجِدُ فَاشْتَرَى عُمَرُ مَا حَوْلَ الْمَسْجِدِ مِنَ الدُّورِ إِلا دَارَ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَحُجَرَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ عُمَرُ لِلْعَبَّاسِ: يَا أَبَا الْفَضْلِ إِنَّ مَسْجِدَ الْمُسْلِمِينَ قَدْ ضَاقَ بِهِمْ وَقَدِ ابْتَعْتُ مَا حَوْلَهُ مِنَ الْمَنَازِلِ نَوَسِّعُ بِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي مَسْجِدِهِمْ إِلا دَارَكَ وَحُجَرَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ. فَأَمَّا حُجَرُ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ فَلا سَبِيلَ إِلَيْهَا وَأَمَّا دَارُكَ فَبِعْنِيهَا بِمَا شِئْتَ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ أَوَسِّعُ بِهَا فِي مَسْجِدِهِمْ. فَقَالَ الْعَبَّاسُ: مَا كُنْتُ لأَفْعَلَ. قَالَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: اخْتَرْ مِنِّي إِحْدَى ثَلاثٍ. إِمَّا أَنْ تَبِيعَنِيهَا بِمَا شِئْتَ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ. وَإِمَّا أَنْ أَخْطُطَكَ حَيْثُ شِئْتَ مِنَ الْمَدِينَةِ وَأَبْنِيَهَا لَكَ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ. وَإِمَّا أَنْ تَصَّدَّقَ بِهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَنُوَسِّعَ بِهَا فِي مَسْجِدِهِمْ. فَقَالَ: لا وَلا وَاحِدَةً مِنْهَا. فَقَالَ عُمَرُ: اجْعَلْ بَيْنِي وَبَيْنَكَ مَنْ شِئْتَ. فَقَالَ: أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ. فَانْطَلَقَا إِلَى أُبَيٍّ فَقَصَّا عَلَيْهِ الْقِصَّةَ فَقَالَ أُبَيٌّ: إِنْ شِئْتُمَا حدثتكما بحديث سمعته من النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالا: حَدِّثْنَا. فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فَأَخَذَ عُمَرُ بِمَجَامِعِ ثِيَابِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَقَالَ: جِئْتُكَ بِشَيْءٍ فَجِئْتَ بِمَا هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ. لِتَخْرُجَنَّ مِمَّا قُلْتَ. فَجَاءَ يَقُودُهُ حَتَّى أَدْخَلَهُ الْمَسْجِدَ فَأَوْقَفَهُ عَلَى حَلْقَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِمْ أَبُو ذَرٍّ فَقَالَ: إِنِّي نَشَدْتُ اللَّهَ رَجُلا سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَذْكُرُ حَدِيثَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ حِينَ أَمَرَ اللَّهُ دَاوُدَ أَنْ يَبْنِيَهُ إِلا ذَكَرَهُ. فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: أَنَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقال آخر: أنا سمعته. وقال آخَرُ: أَنَا سَمِعْتُهُ. يَعْنِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فَأَرْسَلَ عُمَرُ أُبَيًّا. قَالَ وَأَقْبَلَ أُبَيٌّ عَلَى عُمَرَ فَقَالَ: يَا عُمَرُ أَتَتَّهِمُنِي عَلَى حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ. ص؟ فَقَالَ عُمَرُ: يَا أَبَا الْمُنْذِرِ لا وَاللَّهِ مَا أَتَّهَمْتُكَ عَلَيْهِ وَلَكِنِّي كَرِهْتُ أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ظَاهِرًا. قَالَ وَقَالَ عُمَرُ لِلْعَبَّاسِ: اذْهَبْ فَلا أَعْرِضُ لَكَ فِي دَارِكَ. فَقَالَ الْعَبَّاسُ: أَمَّا إِذْ فَعَلْتَ هَذَا فَإِنِّي قَدْ تَصَدَّقْتُ بِهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ أُوَسِّعُ بِهَا عَلَيْهِمْ فِي مَسْجِدِهِمْ فَأَمَّا وَأَنْتَ تُخَاصِمُنِي فَلا. قَالَ فَخَطَّ عمر لهم دارهم التي هي لهم الْيَوْمُ وَبَنَاهَا مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَعَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَتْ لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ دَارٌ إِلَى جُنُبِ الْمَسْجِدِ بِالْمَدِينَةِ فَقَالَ عُمَرُ: هَبْهَا لِي أَوْ بِعْنِيهَا حَتَّى أُدْخِلَهَا فِي الْمَسْجِدِ. فَأَبَى. قَالَ: فَاجْعَلْ بَيْنِي وَبَيْنَكَ رَجُلا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَعَلا أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ بَيْنَهُمَا. قَالَ فَقَضَى أُبَيٌّ عَلَى عُمَرَ. قَالَ فَقَالَ عُمَرُ: مَا فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَدٌ أَجْرَأُ عَلَيَّ مِنْ أبي. قال: أوأنصح لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ أَمَا عَلِمْتَ قِصَّةَ الْمَرْأَةِ أَنَّ دَاوُدَ لَمَّا بَنَى بَيْتَ الْمَقْدِسِ أَدْخَلَ فِيهِ بَيْتَ امْرَأَةٍ بِغَيْرِ إِذْنِهَا. فَلَمَّا بَلَغَ حُجَرَ الرِّجَالِ مُنِعَ بِنَاؤُهُ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ إِذْ مَنَعْتَنِي فَفِي عَقِبِي مِنْ بَعْدِي. فَلَمَّا كَانَ بَعْدُ قَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ: أَلَيْسَ قَدْ قَضَيْتَ لِي؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: فَهِيَ لك قد جعلتها لله. قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ الْمَكِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّ الْعَبَّاسَ جَاءَ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ لَهُ: إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقْطَعَنِي الْبَحْرَيْنِ. قَالَ: مَنْ يَعْلَمُ ذَلِكَ؟ قَالَ: الْمُغِيرَةُ بْنُ شعبة. فجاء به فشهد له. قال فلم يُمْضِ لَهُ عُمَرُ ذَلِكَ كَأَنَّهُ لَمْ يَقْبَلْ شَهَادَتَهُ. فَأَغْلَظَ الْعَبَّاسُ لِعُمَرَ فَقَالَ عُمَرُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ خُذْ بِيَدِ أَبِيكَ. وَقَالَ سُفْيَانُ عَنْ غَيْرِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ عُمَرُ وَاللَّهِ يَا أَبَا الْفَضْلِ لأَنَا بِإِسْلامِكَ كُنْتُ أَسَرَّ مِنِّي بِإِسْلامِ الْخَطَّابِ لَوْ أَسْلَمَ لِمَرْضَاةِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أويس قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيُّ ثُمَّ التَّيْمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَارِثَةَ بْنُ النُّعْمَانِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَارِثَةَ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ الْجُمَحِيُّ قَالَ . قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ هِنْدَ بِنْتِ الْحَارِثِ عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ أَنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل عَلَيْهِمْ وَعَبَّاسٌ عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَشْتَكِي. فَتَمَنَّى عَبَّاسٌ الْمَوْتَ فَقَالَ له رسول الله. ص: . قال: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ النَّهْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا كَامِلٌ عَنْ حَبِيبٍ. يَعْنِي ابْنَ أَبِي ثَابِتٍ. قَالَ: كَانَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَقْرَبَ الناس شحمة أذن إلى السماء. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ بَيْنَ العباس وبين ناس شيء . قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالا: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَقُولُ: أَخْبَرَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلا وَقَعَ فِي أَبٍ لِلْعَبَّاسِ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَلَطَمَهُ الْعَبَّاسُ فَاجْتَمَعَ قَوْمُهُ فَقَالُوا: وَاللَّهِ لَنَلْطِمَنَّهُ كَمَا لَطَمَهُ. وَلَبِسُوا السِّلاحَ. فَبَلَغَ . قَالَ فَجَاءَ الْقَوْمُ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ غَضَبِكَ. استغفر لنا يا رسول اللَّهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: صَعِدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَيُّ أَهْلِ الأَرْضِ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ؟ قَالُوا: أَنْتَ. قَالَ: فَإِنَّ الْعَبَّاسَ مِنِّي وَأَنَا . قال: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ رَجُلا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ لَقِيَ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ: يَا أَبَا الْفَضْلِ أَرَأَيْتَ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ بْنَ هَاشِمٍ وَالْغَيْطَلَةَ كَاهِنَةَ بَنِي سَهْمٍ جَمَعَهُمَا اللَّهُ جَمِيعًا فِي النَّارِ؟ فَصَفَحَ عَنْهُ. ثُمَّ لَقِيَهُ الثَّانِيَةَ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ فَصَفَحَ عَنْهُ. ثُمَّ لَقِيَهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ فَرَفَعَ الْعَبَّاسُ يَدَهُ فَوَجَأَ أَنْفَهُ فَكَسَرَهُ. فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ كَمَا هُوَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَزِينٍ عَنْ أَبِي رَزِينٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قُلْتُ لِلْعَبَّاسِ سَلْ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الحجابة. قال . قَالَ: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ اللَّيْثِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ الْهَمْدَانِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: اسْتَأْذَنَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَبِيتَ لَيَالِيَ مِنًى بمكة من أجل سقايته فأذن له. قال: أخبرنا محمد بن الفضل عن غَزْوَانٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: طَافَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على نَاقَتِهِ بِالْبَيْتِ مَعَهُ مِحْجَنٌ يَسْتَلِمُ بِهِ الْحَجَرَ كلما مر عليه. ثم أتى السقاية يستسقي. قَالَ . قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مِنْدَلُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ تَمَامٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: أَرَأَيْتَ مَا تَسْقُونَ النَّاسَ مِنْ نَبِيذِ هَذَا الزَّبِيبِ. أَسُنَّةٌ تَتَّبِعُونَهَا أَمْ تَجِدُونَ هَذَا أَهْوَنَ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّبَنِ وَالْعَسَلِ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: . قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ عَنْ غَزْوَانَ عَنِ الْحَجَّاجِ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: اشْرَبْ مِنْ سِقَايَةِ آلِ الْعَبَّاسِ فَإِنَّهَا مِنَ السُّنَّةِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بن زكرياء الأَسَدِيُّ عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ حُجَيَّةَ بْنِ عَدِيٍّ عَنْ . قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَلَى الصَّدَقَةِ فَأَتَى الْعَبَّاسَ يَسْأَلُهُ صَدَقَةَ مَالِهِ. قَالَ: قَدْ عَجَّلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَدَقَةَ سَنَتَيْنِ. فَرَافَعَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - . قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْرَائِيلَ عَنِ الْحَكَمِ قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عُمَرَ عَلَى السِّعَايَةِ فَأَتَى الْعَبَّاسَ يَطْلُبُ مِنْهُ صَدَقَةَ مَالِهِ فَأَغْلَظَ لَهُ. فَأَتَى عَلِيًّا فَاسْتَعَانَ بِهِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: . قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ بَيْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَبَيْنَ الْعَبَّاسِ قَوْلٌ فَأَسْرَعَ إِلَيْهِ الْعَبَّاسُ. فَجَاءَ عُمَرُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ قَالَ: . أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ عَنْ عَبْدِ الله الوراق قال: . . . قال: أَخْبَرَنَا أَبُو سُفْيَانَ الْحِمْيَرِيُّ الْحَذَّاءُ الْوَاسِطِيُّ عَنِ الضحاك بن حمزة قَالَ: قَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَعْمِلْنِي. . قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ الْحَبْحَابِ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ أَنَّ الْعَبَّاسَ ابْتَنَى غرفة . قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو يُونُسَ حَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرَةَ الْقُشَيْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فَأَتَيْنَاهُ فَأَخْبَرَنَا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي الْعَبَّاسُ أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا عَمُّكَ. كَبُرَتْ سِنِّي وَاقْتَرَبَ أَجَلِي. فَعَلِّمْنِي شَيْئًا يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهِ. . قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: . قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الأَخْنَسِيِّ وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالا: مَا أَدْرَكْنَا أَحَدًا مِنَ النَّاسِ إِلا وَهُوَ يَقَدِّمُ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي الْعَقْلِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالإِسْلامِ. أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْيَمَانِ بْنِ هَارُونَ الْمَكِّيُّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي عَوْنٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قَحَطُوا عَلَى عَهْدِ عُمَرَ خَرَجَ بِالْعَبَّاسِ فَاسْتَسْقَى بِهِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إليك بنبينا. ع. إِذَا قَحَطْنَا فَتَسْقِيَنَا وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نبينا. ع. فاسقنا. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي الْمِقْدَامِ عَنْ يَحْيَى بْنِ مُقْلَةٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُمَرَ قَالَ: أَصَابَ النَّاسَ قَحْطٌ فَخَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسْتَسْقِي فَأَخَذَ بِيَدِ الْعَبَّاسِ فَاسْتَقْبَلَ به القبلة فقال: هذا عم نبيك. ع. جِئْنَا نَتَوَسَّلُ بِهِ إِلَيْكَ فَاسْقِنَا. قَالَ فَمَا رجعوا حتى سقوا. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حَاطِبٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ آخِذًا بِيَدِ الْعَبَّاسِ فَقَامَ بِهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَشْفِعُ بِعَمِّ رَسُولِكَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَيْكَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ قَالَ: فَرَضَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي الدِّيوَانَ سَبْعَةَ آلافٍ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَقَدْ رَوَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ فَرَضَ لَهُ خَمْسَةَ آلافٍ كَفَرَائِضِ أَهْلِ بَدْرٍ لِقَرَابَتِهِ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَلْحَقَهُ بِفَرَائِضِ أَهْلِ بَدْرٍ وَلَمْ يُفَضِّلْ أَحَدًا عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ إِلا أَزْوَاجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَعَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالُوا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ إِنَّ قريشا رؤوس النَّاسِ لا يَدْخُلُ أَحَدٌ مِنْهُمْ فِي بَابٍ إِلا دَخَلَ مَعَهُ فِيهِ. قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: نَاسٌ. وَقَالَ عَفَّانُ وَسُلَيْمَانُ. طَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ. فَلَمْ أَدْرِ مَا تَأْوِيلُ قَوْلِهِ فِي ذَا حَتَّى طُعِنَ فَلَمَّا احْتُضِرَ أَمَرَ صُهَيْبًا أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يَجْعَلَ لِلنَّاسِ طَعَامًا فَيَطْعَمُوا. وَقَالَ عَفَّانُ وَسُلَيْمَانُ: حَتَّى يَسْتَخْلِفُوا إِنْسَانًا. فَلَمَّا رَجَعُوا مِنَ الْجَنَازَةِ جِيءَ بِالطَّعَامِ وَوُضِعَتِ الْمَوَائِدُ فَأَمْسَكَ النَّاسُ عَنْهَا. قَالَ يَزِيدُ: لِلْحُزْنِ الَّذِي هُمْ فِيهِ. فَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - قد مَاتَ فَأَكَلْنَا بَعْدَهُ وَشَرِبْنَا. وَمَاتَ أَبُو بَكْرٍ فَأَكَلْنَا بَعْدَهُ وَشَرِبْنَا. قَالَ عَفَّانُ وَسُلَيْمَانُ: وَإِنَّهُ لا بُدَّ مِنَ الأَجَلِ فَكُلُوا مِنْ هَذَا الطَّعَامِ. ثُمَّ مَدَّ الْعَبَّاسُ يَدَهُ فَأَكَلَ. وَمَدَّ النَّاسُ أَيْدِيَهُمْ فَأَكَلُوا. فَعَرَفْتُ قَوْلَ عُمَرَ إنهم رؤوس الناس. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وهيب عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ عَامِرٍ أَنَّ الْعَبَّاسَ تَحَفَّى عُمَرَ فِي بَعْضِ الأَمْرِ فَقَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. أَرَأَيْتَ أَنْ لَوْ جَاءَكَ عَمُّ مُوسَى مُسْلِمًا مَا كُنْتَ صَانِعًا بِهِ؟ قَالَ: كُنْتُ وَاللَّهِ مُحْسِنًا إِلَيْهِ. قَالَ: فَأَنَا عَمُّ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: وَمَا رَأْيُكَ يَا أَبَا الفضل؟ فو الله لأَبُوكَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَبِي. قَالَ: اللَّهَ اللَّهَ لأَنِّي كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ أَحَبُّ إِلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أَبِي فَأَنَا أُوثِرُ حُبَّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - على حبي. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: بَقِيَ فِي بَيْتِ مَالِ عمر شيء بعد ما قَسَمَ بَيْنَ النَّاسِ فَقَالَ الْعَبَّاسُ لِعُمَرَ وَلِلنَّاسِ: أَرَأَيْتُمْ لَوْ كَانَ فِيكُمْ عَمُّ مُوسَى أَكُنْتُمْ تُكْرِمُونُهُ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: فَأَنَا أَحَقُّ بِهِ. أَنَا عَمُّ نَبِيِّكُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَلَّمَ عُمَرُ النَّاسَ فَأَعْطُوهُ تِلْكَ الْبَقِيَّةَ الَّتِي بقيت. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ لَيْثٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مُجَاهِدٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَعْتَقَ الْعَبَّاسُ عِنْدَ مَوْتِهِ سَبْعِينَ مملوكا. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْبَيَاضِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي شُعْبَةُ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: كَانَ الْعَبَّاسُ مُعْتَدِلَ الْقَنَاةِ وَكَانَ يُخْبِرُنَا عَنْ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنَّهُ مَاتَ وَهُوَ أَعْدَلُ قَنَاةً مِنْهُ. وَتُوُفِّيَ الْعَبَّاسُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لأَرْبَعَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَجَبٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ فِي خِلافَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً. وَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ فِي مَقْبَرَةِ بَنِي هَاشِمٍ. قَالَ خَالِدُ بْنُ الْقَاسِمِ: وَرَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ مُعْتَدِلَ الْقَنَاةِ. يَعْنِي طَوِيلا. حَسَنَ الانْتِصَابِ عَلَى كِبَرٍ ليس فيه حناء. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَدْ أَسْلَمَ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - إِلَى الْمَدِينَةِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَسْلَمَ الْعَبَّاسُ بِمَكَّةَ قَبْلَ بَدْرٍ وَأَسْلَمَتْ أُمُّ الْفَضْلِ مَعَهُ حِينَئِذٍ. وَكَانَ مُقَامُهُ بِمَكَّةَ. إِنَّهُ كَانَ لا يُغَبِّي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَكَّةَ خَبَرًا يَكُونُ إِلا كَتَبَ بِهِ إِلَيْهِ. وَكَانَ مَنْ هُنَاكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يَتَقَوُّونَ بِهِ وَيَصِيرُونَ إِلَيْهِ. وَكَانَ لَهُمْ عَوْنًا عَلَى إِسْلامِهِمْ. وَلَقَدْ كَانَ يَطْلُبُ أَنْ يَقْدَمَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَتَبَ إِلَيْهِ رسول الله. ع: إِنَّ مُقَامَكَ مُجَاهِدٌ حَسَنٌ. فَأَقَامَ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ قَالَ: لَمَّا دَوَّنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابَ الدِّيوَانَ كَانَ أَوَّلُ مَنْ بَدَأَ بِهِ فِي الْمَدْعَى بَنِي هَاشِمٍ. ثُمَّ كَانَ أَوَّلُ بَنِي هَاشِمٍ يُدْعَى الْعَبَّاسَ بْنَ عبد المطلب في ولاية عمر وعثمان. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ الَّذِي يَلِي أَمْرَ بَنِي هَاشِمٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ الْعَلاءِ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ عَنْ نَمْلَةَ بْنِ أَبِي نَمْلَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا مَاتَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بَعَثَتْ بَنُو هَاشِمٍ مُؤَذِّنًا يُؤْذِنُ أَهْلَ الْعَوَالِي: رَحِمَ اللَّهُ مَنْ شَهِدَ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. قَالَ فَحَشَدَ النَّاسُ وَنَزَلُوا مِنَ العوالي. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابن أَبِي سَبْرَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رُقَيْشٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ حَارِثَةَ قَالَ: جَاءَنَا مُؤَذِّنٌ يُؤْذِنَّا بِمَوْتِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بِقُبَاءَ عَلَى حِمَارٍ. ثُمَّ جَاءَنَا آخَرُ عَلَى حِمَارٍ فَقُلْتُ: مَنِ الأَوَّلُ؟ فَقَالَ: مَوْلًى لِبَنِي هَاشِمٍ وَالثَّانِي رَسُولُ عُثْمَانَ. فَاسْتَقْبَلَ قُرَى الأَنْصَارِ قَرْيَةً قَرْيَةً حَتَّى انْتَهَى إِلَى سَافِلَةِ بَنِي حَارِثَةَ وَمَا وَلاهَا فَحَشَدَ النَّاسُ فَمَا غَادَرْنَا النِّسَاءَ. فَلَمَّا أُتِيَ بِهِ إِلَى مَوْضِعِ الْجَنَائِزِ تَضَايَقَ فَتَقَدَّمُوا بِهِ إِلَى الْبَقِيعِ. وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا يَوْمَ صَلَّيْنَا عَلَيْهِ بِالْبَقِيعِ وَمَا رَأَيْتُ مِثْلَ ذَلِكَ الْخُرُوجِ عَلَى أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ قَطُّ وَمَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ أَنْ يَدْنُوَ إِلَى سَرِيرِهِ. وَغُلِبَ عَلَيْهِ بَنُو هَاشِمٍ فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَى اللَّحْدِ ازْدَحَمُوا عَلَيْهِ فَأَرَى عُثْمَانَ اعْتَزَلَ وَبَعَثَ الشُّرْطَةَ يَضْرِبُونَ النَّاسُ عَنْ بَنِي هَاشِمٍ حَتَّى خَلُصَ بَنُو هَاشِمٍ. فَكَانُوا هُمُ الَّذِينَ نَزَلُوا فِي حُفْرَتِهِ وَدَلَّوْهُ فِي اللَّحْدِ. وَلَقَدْ رَأَيْتُ عَلَى سَرِيرِهِ بُرْدَ حِبَرَةٍ قد تقطع من زحامهم. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدَةُ بِنْتُ نَابِلٍ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ قَالَتْ: جَاءَنَا رَسُولُ عُثْمَانَ. رَحِمَهُ اللَّهُ. وَنَحْنُ بِقَصْرِنَا عَلَى عَشْرَةِ أَمْيَالٍ مِنَ الْمَدِينَةِ أَنَّ الْعَبَّاسَ قَدْ تُوُفِّيَ. فَنَزَلَ أَبِي وَنَزَلَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ وَنَزَلَ أَبُو هُرَيْرَةَ مِنَ السَّمُرَةِ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَجَاءَنَا أَبِي بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ فَقَالَ: مَا قَدَرْنَا عَلَى أَنْ نَدْنُوَ مِنْ سَرِيرِهِ مِنْ كَثْرَةِ النَّاسِ. غُلِبْنَا عَلَيْهِ. وَلَقَدْ كُنْتُ أُحِبُّ حَمْلَهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ أُمِّ عُمَارَةَ قَالَتْ: حَضَرْنَا نِسَاءُ الأَنْصَارِ طُرًّا جَنَازَةَ الْعَبَّاسِ وَكُنَّا أَوَّلَ مَنْ بَكَى عليه ومعنا المهاجرات الأول المبايعات. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: لَمَّا مَاتَ الْعَبَّاسُ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ عُثْمَانُ إِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ أَحْضُرَ غُسْلَهُ فَعَلْتُمْ. فَأَذِنُوا لَهُ. فَحَضَرَ فَكَانَ جَالِسًا نَاحِيَةَ الْبَيْتِ. وَغَسَّلَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. ع. وَعَبْدُ اللَّهِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ وَقُثَمُ بَنُو الْعَبَّاسِ. وحدت نساء بني هاشم سَنَةً. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَوْصَى الْعَبَّاسُ أَنْ يُكَفَّنَ فِي بُرْدِ حِبَرَةٍ وَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُفِّنَ فِيهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: رَأَيْتُ عُثْمَانَ يُكَبِّرُ عَلَى الْعَبَّاسِ بِالْبَقِيعِ وَمَا يَقْدِرُ مِنْ لَفْظِ النَّاسِ. وَلَقَدْ بَلَغَ النَّاسُ الْحَشَّانَ وَمَا تَخَلَّفَ أَحَدٌ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ.
العباس بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم: من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
العباس بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم كنيته أبو الفضل وأمه ابنة جناب بن
كلب بن مالك بن النمر بن قاسط كان مولده قبل الفيل بثلاث سنين ومات سنة ثنتين وثلاثين في خلافة عثمان بن عفان رضه وهو بن ثمان وثمانين سنة بالمدينة وصلى عليه عثمان بن عفان رضه الله عنه
العباس بن عبد المطلب
عم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

- قال [ابن] عمر: حدثني خالد بن القاسم البياضي قال: سمعت شعبة - مولى عباس - يقول: قال ابن عباس: ولد أبي العباس قبل الفيل
بثلاث سنين وكان أسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث سنين. وتوفي بالمدينة وهو ابن ثمان وثمانين سنة وكان معتدل [القناة].
قال ابن عباس: توفي العباس سنة ثلاث وثلاثين.

- حدثنا عبيد الله بن عمر ونصر بن علي قالا: أخبرنا جرير عن مغيرة عن أبي رزين قال: قيل للعباس: أيما أكبر أنت أو النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: هو أكبر مني وأنا ولدت قبله وهذا لفظ حديث عبد الله بن عمر وقال نصر بن علي في حديثه: هو أكبر مني وولدت أنا قبله.
- حدثنا داود بن عمرو نا ابن أبي الزناد عن موسى بن عقبة قال: قال أبو رشدين كريب - مولى ابن عباس -: أن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحل العباس إجلال الولد والده خاصة خص الله عز وجل العباس من بين الناس وما ينبغي للنبي صلى الله عليه وسلم أن يجل أحدا إلا [والدا] أو عما.

- حدثنا داود بن عمرو نا ابن أبي الزناد عن هشام بن [عروة عن أبيه: أن العباس كان آخذ] بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم في العقبة حين وافاه [
السبعون من الأنصار] فأخذ لرسول الله صلى الله عليه وسلم واشترط له وذلك في غرة الإسلام وأوله من [قبل أن يعبد الله أحد علانية].

- حدثني إبراهيم بن سعيد الجوهري نا إسماعيل بن قيس قال: ثنا [أبو حازم] عن سهل بن سعد قال: كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر القيظ فقام [يغتسل فقام] العباس يستره فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " اللهم استر العباس وولده من [النار]. ////.
- [حدثني أحمد بن عبد الصمد أبو أيوب الأنصاري نا إسماعيل بن قيس الأنصاري عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في القيظ فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ليقضي حاجته فقام إليه العباس فستره بكساء من صوف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من؟ " فقال: عمك العباس يا رسول الله قال: فكأني أنظر إليه من خلل الكساء وهو رافع رأسه إلى السماء وهو يقول: " اللهم استر العباس وولد العباس من النار ".

- [] رسول الله فصعد المنبر ثم قال: " أيها الناس أي الناس أجود على الله [؟] فتوة ولا جبانا. وهذا لفظ [. . . . .]
- [حدثني] إبراهيم بن [هانىء نا] عبد العزيز بن الخطاب نا علي بن هاشم عن محمد [بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جده] قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس: " ولك يا عم من [الله حتى ترضى "].

- [نا عبد الله بن عمر نا يحيى بن يمان نا العباس بن عوسجة عن عطاء الخراساني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " العباس عمي وصنو أبي من آذاه فقد آذاني "].

- [حدثنا أبو طالب زيد بن أخرم الطائي نا إسحاق بن إدريس نا محمد بن طلحة عن أبي سهيل عم مالك عن سعيد بن المسيب عن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " هذا العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس كفا وأحناه عليهم "].

- [حدثنا محمد بن] يزيد الرفاعي نا [وهب بن جرير] نا أبي نا الأعمش عن عمرو بن [مرة عن أبي البختري عن علي] قلت لعمر: أما
تذكر حين شكوت العباس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: [أما علمت أن عم] الرجل صنو أبيه.

- حدثنا عبد الله بن عمر نا أبو سان نا العباس بن [] عن عطاء [] قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " العباس مني وأنا منه لا تؤذوا العباس فتؤذوني من سب العباس فقد سبني.
- [نا داود بن عمرو بن خالد بن عبد الله عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من آذى العباس فقد آذاني إن عم الرجل صنو أبيه.

- [نا الوليد بن شجاع بن الوليد السكوني نا عبد الرحيم بن سليمان نا إسرائيل بن يونس عن عبد الأعلى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: أن رجلا وقع في أب للعباس كان في الجاهلية فلطمه العباس فجاء قومه فقالوا: والله لنلطمنه كما لطمه حتى لبسوا السلاح فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعد المنبر فقال: " يأيها الناس أي الناس تعلمون أكرم على الله عز وجل؟ " قالوا: أنت، قال: " فإن العباس مني وأنا منه لا تسبوا أمواتنا فتؤذوا أحياءنا "].

- [حدثني يحيى بن جعفر الواسطي نا عبد الوهاب الخفاف نا إسرائيل عن عبد الأعلى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " العباس مني وأنا منه لا تؤذوا العباس فتؤذوني من سب العباس فقد سبني "].
- [حدثني سعيد بن يحيى الأموي حدثني أبو عبد الرحمن الكوفي نا شعيب بن إبراهيم نا سيف بن عمر نا عمرو بن محمد عن الشعبي عن أبي هياج عن أبيه [أبي] سفيان بن الحارث قال: اليوم علمت أن العباس سيد العرب بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه أعظم الناس منزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أخطره قريشا بأصلها فقال: " لئن قتلوه لا أستبقي منهم أحدا أبدا " وقال في حمزة رضي الله عنه حين قتل ومثل به: " لئن بقيت لأمثلن بثلاثين من قريش " وقال المكثر: بسبعين].
حدثنا علي بن جعفر أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء عن ثور بن يزيد عن مكحول عن سعيد بن المسيب أنه قال: العباس خير هذه الأمة وارث النبي صلى الله عليه وسلم وعمه.

- حدثنا محمد بن بكار نا عبد الرحمن بن عبد الله بن ذكوان عن هشام بن عروة عن أبيه: أن عائشة قالت: يا ابن أختي
لقد رأيت من تعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس أمرا عجيبا! قال عروة: والعباس والله آخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وافاه [الأنصار في] العقبة يأخذ لرسول الله صلى الله عليه وسلم ويشترط عليهم وذلك في غرة الإسلام وأوله [من قبل أن يعبد] الله عز وجل أحد علانية.

- حدثني زيد بن أخزم الطائي نا أبو داود الطيالسي [عن زائدة] عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث عن العباس بن عبد المطلب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا عم رسول الله سل الله العفو والمعافاة في الدنيا والآخرة.

- [نا داود بن عمرو الضبي ح.]
[نا محمد بن بكار قالا: نا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن هشام بن عروة قال: قال لي أبي عروة: إن عائشة رضي الله عنها قالت له: يا ابن أختي لقد رأيت من تعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم العباس أمرا عجبا.
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تأخذه الخاصرة فتشتد به جدا قالت: فكنا نقول: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم عرق الكلية ولا نهتدي للخاصرة قالت: فاشتد به صلى الله عليه وسلم حتى أغمي عليه ففزع الناس إليه قالت: فظننا أن به ذات الجنب فلددناه. قالت: ثم سرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرف أن قد لددناه ووجد أثر اللدود فقال صلى الله عليه وسلم: " أظننتم أن الله عز وجل سلطها علي؟ ما كان الله ليسلطها علي والذي نفسي بيده لا يبقى أحد في البيت إلا لد إلا عمي " قالت عائشة: فلقد رأيتهم يلدون رجلا رجلا، قالت: ومن في البيت يومئذ يذكر فضلهم قالت: فلد الرجال أجمعون قالت: ثم بلغنا والله اللدود أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: فلددنا والله امرأة امرأة، قالت: حتى بلغ اللدود امرأة منا، قالت: إني والله صائمة قلنا لها: بئس ما ظننت أن تتركين وقد أقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلددناها والله يا ابن أخي وإنها لصائمة].

- حدثنا الحماني عبد العزيز بن محمد عن يزيد بن الهاد عن محمد بن [إبراهيم] عن [أم كلثوم بنت] العباس بن عبد المطلب عن العباس بن عبد المطلب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" [إذا اقشعر جلد] العبد من خشية الله تعالى تحاتت عنه ذنوبه كما تحات عن الشجرة إذا //// [يبس ورقها].

- حدثني محمد بن زنبور المكي نا عبد العزيز بن أبي حازم [عن محمد بن إبراهيم] عن عامر بن سعد عن العباس [أن] النبي صلى الله عليه وسلم [قال: إذا سجد العبد سجد معه سبعة آراب: وجهه] وكفاه وركبتاه وقدماه.

- حدثني محمد بن [] عن يزيد بن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن عامر بن سعد عن العباس
[بن عبد المطلب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا].

- [] ابن المغيرة عن عمرو بن أبي قيس عن سماك بن حرب عن [عكرمة] عن [ابن عباس عن العباس قال: قال] رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نهيت أن [أمشي عريانا].
[. . . . . عن الشعبي.

- [حدثني جدي نا جرير عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث عن عبد المطلب بن ربيعة قال: دخل العباس على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إنا مخرج فنرى قريشا تتحدث فإذا رأونا
سكتوا فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم فدر عرق بين عينيه ثم قال: " والله لا يدخل قلب امرىء الإيمان حتى يحبكم الله تعالى ولقرابتي "].

سفيان الثورى

سفيان الثورى
قال الكرابيسى: أخطأ فى حديث أبى سلمة، سألت عائشة عن صداق رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - فقالت: ثنتا عشرة أوقيه ونش، فقال: وشن .
قال: وأخطأ فى حديث عبد الله بن أبى بكر، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة: رأيت
عثمان بالعرج مغطى وجهه فى يوم صائف بقطيفة أرجوان وهو محرم.
فقال عبد الله بن أبى بكر، عن الفرافصة ، ومالك، وابن عيينة يخالفونه، فيقول عبد
الله بن أبى بكر، عن عبد الله بن عامر.
قال: ويقول الثورى بشر بن محجن، والناس تقول بُسْرٌ بن محجن.
قال، وقال على: سمعت يحيى يقول: وقفت الثورى فى أحاديثه مخافة أن يدلسها على، لأنه كان مدلسًا .
قال: وقال على: ما رأيت أحدًا أشد فى الحديث من يحيى ، وكان ربما حدّث عن قوم ضعفاء مثل: مجالد ، والأجلح ،
وفطر ، ونحوهم .
وروى سفيان، وأبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم حديث بيض النعام، قال أحدهما: عن إبراهيم، عن عمر، وقال الآخر عن إبراهيم، فسئل الأعمش فأنكر وقال: إنما سمعت الناس يتحدثون به عن إبراهيم. روى ذلك عن الأعمش أبو بكر بن عياش .
قال الواقدى : مما غلط فيه الثورى ما حدثنا به عن صالح مولى التؤامة قال: سمعت ابن عباس يكره أن يصلى الرجل مختصراً، قال: ورأيتهم يغلطون من رواه عن غير أبى هريرة قال: حدثنا عمر بن صالح بن نافع، وموسى بن يعقوب وغيرهما، عن صالح مولى التؤامة، أنه سمع أبا هريرة يقول ذلك.
قال: وحدثنا سعيد بن أبى زيد الأنصارى، وكان ثبتا، عن زياد بن سعد، عن صالح مولى التؤامة، عن أبى هريرة بذلك.
قال: ومن ذلك من حدثنا عن زيد بن أسلم، عن بشر بن محجن الدؤلى عن أبيه: أنه جاء والنبي - صلى الله عليه وسلم - يصلى، فجلس ولم يصلِّ، فقال له: "صليت؟ "، فقال: كنت صليت فى بيتى .
[/أ] قال: وبنو زيد ثلاثتهم، ومالك، ورواة زيد يقولون: بُسر بضم الباء وبالسين غير المعجمة، قال: وأعلمت الثورى ذلك، وقلت له: بنو زيد معنا، قال: ومن ذلك ما حدثنا به عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، عن سعد بن عبيد ذلك .
قال: ومن ذلك ما حدثنا به عن أبى حصين، عن الشعبى: أنه كان يرد من الشامة السائبة، قال: ورأيتهم يقولون إنما هو عن سريج، حدثنا قيس، عن أبى حصين، عن سريج أنه كان يقول ذلك .
قال: ومن ذلك ما حدثنا به عن يونس بن عبيد، عن الحسن فى إطعام عشرة مساكين قال: أكلتين غدواً وعشياً، قال: وهذا غلط إنما قال: غداءً وعشاءً .
قال: ومنه ما حدثنا به عن أسعد بن سليم (*)، عن زيد بن معاوية القيسى (* *)، عن علقمة، عن عبد الله فى قوله: {خِتَامُهُ مِسْكٌ} [المطففين: ]، قال: خلطه مسك، قال: ورأيتهم يغلطونه، ويقولون: هو عن علقمة موقوف لم يبلغ به عبد الله، روى ذلك إسرائيل، وشيبان عن أشعث، عن زيد بن معاوية، عن علقمة.
قال: ومنه ما حدثنا به عن ابن أبى الزناد، عن المرقع بن صيفى عن حنظلة
الكاتب: أن النبى - صلى الله عليه وسلم - نهى عن قتل الذرية والعسف ، قال: فقلت للثورى ليس هكذا يرويه عبد الرحمن بن أبى الزناد، وإسحاق بن حازم، والمغيرة بن عبد الرحمن هؤلاء يروون عن أبى الزناد، عن المرفع بن صيفى، عن الربيع أخى حنظلة، قال: هو هكذا وفارقنى على ذلك، ثم زعموا أنه رجع إلى حنظلة.
قال: ومنه ما حدثنا عن الأعمش، عن جعفر بن أبى وحشية، عن أبى نضرة، عن أبى هريرة، عن النبى - صلى الله عليه وسلم - أنه قال فى الرقية، قال: وإنما هذا عن جعفر بن أبى وحشية، عن شهر بن حوشب، عن أبى هريرة، عن النبى - صلى الله عليه وسلم - .
قال: وروى عن زيد بن أسلم، عن أبيه قال: سمعت أبا بكر أخذ بلسانه وينصنصه
ويقول: إن هذا أوردنى الموارد (*).
[ / ب] قال: وهذا غلط، روى هشام بن سعد، وبنو زيد، ومالك، وأبو غسان عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر أنه دخل على أبى بكر وهو يفعل ذلك .
قال ابن المدينى، قال يحيى: قلت لسفيان: ما قلت للمخزومى الذى كان بمكة؟ ، قال: وكان أسمع سفيان كلاماً شديداً، قال؟ مر بى وأشرت إليه فجاء فقلت له: كل شئ حدثتك أو بعض ما حدثتك فى نفسى منه شئ وأنكر يحيى على من روى عن سفيان أنه قال: كل شئ حدثتك كذب، قال وسمعته يقول: سفيان عن إبراهيم شبه لا شئ، لأنه لو كان فيه إسناد صاح به.
قال وقال يحيى: سألت سفيان عن قول إبراهيم: يصلى ويده فى ثيابه فمطلنى به
أياماً ثم قال: حدثنى به أبو الصباح، قلت: من أبو الصباح؟
قال: سليمان بن قسيم، قال يحيى: وإنما هو سليمان بن يسير .
ابن أبى خيثمة قال: سمعت يحيى بن معين يقول: سفيان الثورى أمير المؤمنين فى الحديث، وكان يدلس .
قال: وسمعت يحيى يقول: لما دخل الثورى اليمن أتاه معمر، فسلم عليه فحدث يوما بحديث عن عبد الله بن محمد بن عقيل: أن النبى - صلى الله عليه وسلم - ضحى بكبشين، وهو حديث يخطئ فيه ابن عقيل، قال له الثورى: تعست يا أبا عروة. فغضب معمر من ذلك، فما أتاه حتى خرج ولا سلم عليه .
عمرو بن الحسين: حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا أبو نوح واسمه عبد الرحمن بن غزوان (*) قال: سمعت شعبة يقول: كل كلام ليس سمعت وسمعت فهو بقل وخل .
قال: وقال شعبة: نعم الرجل سفيان لولا أنه يقمش، يعنى يأخذ من الناس كلهم.
ابن أبى خيثمة: حدثنا أحمد بن محمد الصفار، حدثنا يزيد بن زريع قال: كان سفيان الثورى يقول فى حديث أبى الزبير مؤذن بيت المقدس، قال: قدم علينا عمر بن الخطاب، فقال: إذا أذنت فترسل، وإذا أقصت فاحذم، فكان سفيان يقول: بالخاء المعجمة يصحفه .
قال على: قلت ليحيى: إن سفيان لا يحدث عن الزبرقان ، يعنى السراج، قال: لم يره، ثم قال: ليت كل من يحدث عنه سفيان كان ثقة.
[ / أ] ابن أبى خيثمة: حدثنا يحيى بن معين، حدثنا يحيى بن يمان قال: قال
سفيان الثورى: ما أبغض إلىّ أن أخالط قارئاً، وما شئ أحب إلىَّ من أن أخالط فتى .
قال: حدثنا يحيى بن أيوب، قال: سمعت عمران القطان ابن أخت سفيان يقول لمبارك بن سعيد: ما حال خالى سفيان، لم يكن عنده من العلم ما يستحق به هذا الثناء على ألسن الناس، إلَّا أن يكون شيئًا كان فى قلبه .
قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنى ابن المبارك قال: حدثت سفيان الثورى بحديث، فجئته وهو يدلسه، فلما رآنى استحيا وقال: يرويه عنك، يروون عنك .
قال: وسمعت يحيى بن معين يقول: كان الثورى يعيب على أبى حنيفة حديثاً كان يرويه عن عاصم بن أبى رزين، عن ابن عباس قال: لا يقام الحد على من أتى بهيمة .
فلما خرج إلى اليمن وكان يتجر دلسه عن عاصم .
قال: حدثنا عبد الكريم بن مطرف السروجى ابن عم وكيع قال: حدثنى وكيع، عن
سفيان قال: إن كنتم ترون أنّا نحدثكم كما سمعنا فلا ولكن نصيب المعانى .
قال وقال يحيى: مرسلات سفيان شبه الريح.
قال: وسمعت يحيى يقول: سمعت القطان يقول: لما اختفى سفيان عندنا كان يكتب فى اختفائه عن قوم ما كنت أكتب عنهم، وأنا مُحلاً الشرب، وأكثر وذكر المنزل ونحوه .
قال: حدثنا يحيى بن أيوب، حدثنا محمد بن عبد العزيز - وكان فاضلاً - قال: سمعت ابن عيينة يقول: من يزعم أنَّ سفيان لم يأخذ من السلطان؟ أنا أخذت له منهم .
قال: حدثنا محمد بن يزيد قال: سمعت حفص بن غياث يقول: رأيت سفيان يشرب النبيذ حتى يحمر وجهه .
قال الدورى: قال يحيى بن معين قال: حدثنا الأشجعى قال: حججت، فقدمت وقد كنت سمعت من شبل فقال لى سفيان جئنى بكتاب شبل، فجئته به فنظر فيه ثم جعل يحدث به عن ابن أبى نجيح نفسه، قال الدورى: قلت ليحيى: كان شبل يروى عن ابن أبى نجيح؟ قال: نعم، فجعل سفيان يحدث بها عن ابن أبى نجيح، فكنت ربما ذهبت إذا حدث سفيان فيقول: [/ ب] من آذنك .
قال ابن المدينى: كان سفيان بن سعيد يدلس الحديث، يروى عن نعيم بن أبى
هند ولم يسمع منه شيئاً.
قال: وسمعت يحيى يقول: مالك عن سعيد بن المسيب، أحب إلى من سفيان، عن إبراهيم، وكل ضعيف، قال: وسفيان عن إبراهيم شبه لا شئ .
قال السباك: سمعت دح بن حبيب قال: سمعت عبد الرزاق قال: كان سفيان يحضر مجلس معمر، وكان معمر يحضر مجلس سفيان، فحضره يوما فقال: يا أبا عروة ما تقول فيها؟ فأجاب فيها، فقال: جرمزت يا أبا عروة، فما عاد بعد ذلك إلى مجلسه .
أبو داود الطيالسى قال: قال شعبة: إذا قال لك سفيان حدثنى رجل فافحص عن
ذلك الرجل .
أبو داود الطيالسى: حدثنى رجل قال: سئل سفيان الثورى عن شعبة فقال: اسمعوا
منه وأينا يطيق ما يطيق شعبة، إنَّا نسمع الحديث فنرويه، وإن شعبة يسمعه فيعرفه.
قال: وسئل شعبة عن سفيان فقال: اسمعوا منه ولا تسمعوا منه إلا ما تعرفون .
يتلوه فى الجزء الرابع إن شاء الله على بن عاصم وابنه، والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد النبى وآله وسلامه، وهو حسبنا ونعم الوكيل .
* * *
[] الجزء الرابع من كتاب قبول الأخبار ومعرفة الرجال
تأليف أبى القاسم عبد الله بن أحمد بن محمود البلخى .
* * *

[/ أ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد النبى وآله الطيبين وسلم تسليماً، وحسبنا الله ونعم الوكيل .
* * *

و - على بن عاصم وابنه
قالوا: إنه حدث بحديث لم يحدث به غيره، وأنه كان يخطئ ويقيم على خطأه، وأنه كان يتحاقر الناس إذا أخبر بمخالفتهم له .
وإن شعبة تكلم فيه وقال: أفادنى على بن عاصم عن خالد الحذاء أشياء، سألت عنها خالداً فأنكرها .
وأنه. روى ققال: عن مطرف بن عياض بن حماد، وإنما هو مطرف بن عبد الله، عن عياض، وأنه روى عن حصين سبعمائة، حكى جميع هذا عن أصحاب الحديث حسين الكرابيسى .
ابن أبى خيثمة: حدثنا يحيى بن أيوب، حدثنا على بن عاصم، حدثنا محمد بن سوقة عن إبراهيم، عن الأسود، عن ابن مسعود قال: قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من عزا مصاباً فله مثل أجره". وقال يحيى بن أيوب: ليس لهذا الحديث أصل ولا يعرف .
قال: وقال يحيى بن أيوب: قيل يوماً لابن علية: إن على بن عاصم قال: كنت أدخل إلى خالد، يعنى الحذاء، وابن علية بالباب، قال: سحق الله أو يكذب ما سمعت من خالد حدثنا على بابه، سحق الله أو يكذب ما أتيت باب خالد .
قال: وقيل ليحيى بن مغيرة: إن أحمد بن حنبل قال: إن على بن عاصم ثقة وليس بكذاب، قال: لا والله ما كان على عنده قط ثقة ولا حدث عنه بحرف قط، فكيف صار عنده اليوم ثقة ؟ .
قال: وسمعت طاهر الطيالسى يسأل أخى وكان قد كتب عن على بن عاصم فقال له: أما أنا فما أعيب عليه إلا أنه كان يغلط فيلج ويبصر خطأه، قال: فما منعك أن تروى عنه، قال: ما كنت أجئ إلى الناس كلهم فأردهم بيدى، فقال ليحيى بن معين: يا أبا زكريا ما تقول فى على بن عاصم؟ قال: كان أحاديثه الطوال أخذها من الصيارفة .
قال: وسمعت يحيى بن معين يقول: لقيت على بن عاصم على الجسر فسألته عن
حديث مطرف، عن عامر: "من زوج كريمته من فاسق" .
[/ ب] فحدثنى به، فقلت: يا شيخ اتق الله، فحول رأس نعليه وقال: ترانى أكذب ترانى أكذب .
قال: وكان أبى يحضر معنا مجلس عاصم بن على، فكنا إذا رجعنا أخذ يحيى كتابى فنظر فيه ويعلم على الخطأ .
قال: وسمعت يحيى يقول: لا يفلح من آل عاصم بن صهيب الرومى أحد أبداً، وعاصم هذا هو ابن عدى بن عاصم .
* * *

وكيع بن الجراح

وكيع بن الجراح
- وكيع بن الجراح بن مليح بن عدي بن الفرس بن سفيان بن الحارث بن عمرو بن عبيد بْنُ رُؤَاسِ بْنِ كِلابِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عامر بْن صعصعة. ويكنى أبا سفيان. حج سنة ست وتسعين ومائة ثم انصرف من الحج فمات بفيد في المحرم سنة سبع وتسعين ومائة في خلافة محمد بن هارون. وكان ثقة مأمونا عالما رفيعا كثير الحديث حجة.
[وكيع بن الجراح] فمنهم بالكوفة وكيع بن الجراح بن عدي بن فرس أبو سفيان الرؤاسي من قيس عيلان كوفي وهو من الطبقة الثانية.
ما ذكر من علم وكيع بن الجراح وفقهه حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلي نا صالح بن أحمد بن حنبل قال قلت لأبي: وكيع بن الجراح؟ فقال:
ما رأيت احدا اوعى (94 م) للعلم من وكيع [بن الجراح - 1] ولا أشبه باهل النسك منه.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان (60 د) الواسطي قال قلت للفضل بن عنبسة: مات وكيع بن الجراح، فقال مات؟ وتغير وجهه، وقال: رحمه الله، ما رأيت مثل وكيع منذ ثلاثين سنة.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا أحمد بن أبي الحواري قال حدثني بعض أصحابنا قال قال سفيان الثوري لوكيع: لئن بقيت ليكثرن اختلاف أقدام الرجال إلى بني رؤاس.
قال أبو محمد:
يعني إلى محلته.
حدثنا عبد الرحمن ثنا علي بن الحسين بن الجنيد قال سمعت ابن نمير يقول: وكيع أعلم بالحديث من ابن إدريس.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا أحمد بن أبي الحواري قال قلت لأبي بكر بن عياش: حدثنا، قال: قد كبرنا ونسينا، اذهب إلى وكيع في بني رؤاس.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يحيى أنا محمود بن غيلان نا وكيع قال اختلفت إلى الأعمش سنتين.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن البراء قال قال علي ابن المديني: نظرت فإذا الإسناد يدور على ستة، ثم صار علم هؤلاء الستة إلى اثني عشر ثم انتهى علم هؤلاء الاثني عشر إلى ستة - إلى يحيى بن سعيد وعبد الرحمن ابن مهدي ووكيع بن الجراح ويحيى بن زكرياء بن أبي زائدة وعبد الله بن المبارك ويحيى بن آدم.
ما ذكر من حفظ وكيع
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سلمة النيسابوري قال سمعت اسحاق ابن إبراهيم - يعني ابن راهويه - يقول: حفظي وحفظ ابن المبارك تكلف وحفظ وكيع أصلي، قام وكيع يوما قائما ووضع يده على الحائط وحدث سبعمائة حديث حفظا.
حدثنا عبد الرحمن أنا محمود بن آدم المروزي فيما كتب إلي قال رأيت وكيعا وبشر بن السري يتذاكران ليلة من العشاء إلى أن نودي بالفجر فلما أصبحنا قلنا لبشر كيف رأيت وكيعا؟ قال: ما رأيت أحفظ منه.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يحيى نا سهل بن عثمان قال: ما رأيت أحفظ من وكيع.
حدثنا عبد الرحمن أنا عبد الله بن أحمد بن حنبل فيما كتب إلي قال سمعت (95 م) أبي يقول: كان وكيع مطبوع الحفظ، كان حافظا حافظا وكان أحفظ من عبد الرحمن بن مهدي كثيرا كثيرا.
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسين بن الجنيد.
قال سمعت ابن نمير يقول: كانوا إذا رأوا وكيعا سكتوا - يعني في الحفظ والإجلال.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي قال سئل أحمد بن حنبل عن يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي ووكيع فقال: كان وكيع أسردهم.
حدثنا عبد الرحمن قال سألت أبي عن وكيع عن الأعمش أحب إليك أو عبد الله بن داود الخريبي؟ فقال: وكيع أحفظ من ابن داود الخريبي وأحفظ من ابن المبارك.
ما ذكر من فضل وكيع وزهده وورعه حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول سمعت أبا جعفر
الجمال يقول: أتينا يوما وكيع بن الجراح فلم يخرج إلينا فظننا أنه يغسل ثيابه فلما كان بعد [غد - 1] خرج ونحن قعود وعليه ثيابه التي غسلت فلما بصرنا به فزعنا من النور الذي يتلالأ من وجهه، وقال لي رجل كان بجنبي: من هذا؟ ملك هذا؟ فتعجبنا من ذلك النور.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا علي بن محمد الطنافسي قال قال يحيى بن يمان: إن لهذا الحديث رجالا خلقهم الله عزوجل منذ يوم خلق السموات والأرض، وإن وكيعا منهم.
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسين الهرثمي قال سمعت أبا داود البستي وسأله أبو بكر الخراز (62 ك) [وغيره - 2] :
من أفضل من أدركت عندك؟ فقال: ما أدركت رجلا كان اخشع لله عزوجل من وكيع.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن محمد بن أبي بكر المقدمي البصري بمكة قال سمعت القعنبي - يعني عبد الله بن مسلمة - قال كنا عند حماد ابن زيد وجاء وكيع بن الجراح وسأله عن أشياء ثم ذهب فقيل [له - 1] يا أبا إسماعيل هذا صاحب الثوري، فقال: ليس الثوري عندنا بأفضل منه.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان الواسطي قال رأيت وكيعا إذا قام في الصلاة ليس يتحرك منه شئ، لا يزول ولا يميل على رجل دون الأخرى، لا يتحرك، كأنه صخرة قائمة.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان قال قال لي عمر (96 م) ابن عثمان انحدر جانب رداء وكيع وهو في الصلاة فلم يرده
إلى عاتقه.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا أحمد بن أبي الحواري قال سمعت وكيع ابن الجراح يقول: ما نعيش إلا في ستره ولو كشف الغطاء لكشف عن أمر عظيم.
قال وسمعت وكيعا يقول: الصدق النية.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن احمد بن جنبل قال قلت لأبي أيهما أصلح عندك وكيع أو يزيد؟ - يعني ابن هارون - قال: ما فيهما بحمد الله الاكل إلا إن وكيعا لم يختلط بالسلطان.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا علي بن محمد الطنافسي قال سمعت وكيعا يقول - وذاكره رجل شيئا من أمر المعاش أو الورع - فقال له وكيع: من أين تأكل؟ قال ميراث ورثته عن أبي، قال من أين هو لابيك قال: ورثه عن أبيه، قال من أين هو لجدك؟ قال: لا أدري، فقال وكيع: لو أن رجلا يظن (1) لا يأكل إلا الحلال (61 د) ولا يلبس إلا الحلال ولا يدخل إلا في حلال، قلنا له: انزع ثيابك وارم بنفسك في الفرات.
ثم قال وكيع: ما نجد إلا السعة، ما نجد إلا السعة.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن إبراهيم بن شعيب نا عمرو بن علي قال: ما سمعت وكيعا ذاكرا أحدا بسوء قط.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو هارون الخراز قال سمعت يحيى بن زياد - يعني ابن أبي الخصيب - قال كنا عند وكيع ومعنا جماعة فقدم إلينا طبقا من رطب فجعل يرفع التمرة إلى فيه يوهمنا أنه يأكل ولا يأكلها إذا هو صائم.
ما ذكر من معرفة وكيع بن الجراح بناقلة الأخبار ورواة الآثار وكلامه فيهم حدثنا عبد الرحمن نا أبي قال سمعت مقاتل بن محمد [قال سمعت وكيعا - 1] يقول: لقيت يونس بن يزيد الأيلي فذاكرته بأحاديث الزهري المعروفة فجهدت أن يقيم لي حديثا فما أقامه.
حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي نا محمود بن غيلان قال سمعت وكيعا يقول: أبو نجيح المكي ثقة.
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن الهسنجاني قال سمعت محمد ابن بشار يقول سمعت وكيعا يقول: لم يسمع الأعمش من مجاهد إلا أربعة أحاديث.
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن الهسنجاني (97 م) نا عبد الله ابن عمران - يعني الأصبهاني - قال سمعت وكيعا يقول: يحيى بن الضريس من حفاظ الناس، لولا أنه خلط في حديثين - فذكر حديثا لمنصور.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يحيى أنا محمود بن غيلان قال سمعت وكيعا وسئل عن أبي سعد (2) البقال قال فقال: نعم، كان يروى عن أبي وائل وكان أبو وائل ثقة.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يحيى أنا محمود بن غيلان قال سمعت وكيعا وسئل عن عبد الرحمن بن خضير قال كان يروي عن أبي نجيح المكي وأبو نجيح ثقة.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يحيى اخربنا محمود بن غيلان قال سمعت وكيعا وسئل عن عمر بن هارون فقال: بات عندنا الليلة.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يحيى قال أنا محمود بن غيلان قال سمعت وكيعا يقول وسئل عن مقاتل بن سليمان فقال: سمعنا منه والله المستعان.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يحيى أنا محمود قال سمعت وكيعا وذكر عنده يزيد بن إبراهيم فقال: نعم ثقة [ثقة - 1] .
حدثنا عبد الرحمن نا الحسن بن عرفة قال سمعت وكيعا وسألني عن عباد بن العوام فقال يحدث؟ قلت نعم، قال: ليس عندكم أحد يشبهه.
حدثنا عبد الرحمن أنا أبو بكر بن أبي خيثمة فيما كتب إلي قال سمعت محمد بن يزيد - يعني الرفاعي - قال سمعت وكيعا يقول: عبد العزيز بن أبي عثمان أثبت من بقي اليوم في جامع سفيان، اذهبوا فاسمعوا منه.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا [علي بن محمد - 2] الطنافسي قال سمعت وكيعا يقول: مهما شككتم في شئ فلا تشكوا أن جابر بن يزيد أبو محمد الجعفي ثقة، حدثنا عنه مسعر وسفيان وشعبة وحسن بن صالح.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا الحسن بن الزبرقان (3) قال سمعت وكيعا يقول: لا نروي عن إبراهيم بن أبي يحيى حرفا.
حدثنا عبد الرحمن نا ابي علي بن محمد الطنافسي قال سمعت وكيع بن الجراح يقول: أتينا المعلي بن هلال وإن كتبه لمن أصح كتب، ثم ظهرت
أشياء ما نقدر أن نحدث عنه بشئ.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي قال سمعت عمرو بن محمد الناقد يقول
رأيت وكيعا يعرض عليه.
أحاديث المعلي بن هلال فجعل يقول قال أبو بكر الصديق: الكذب مجانب (98 م) للإيمان.
حدثنا عبد الرحمن نا ابي (63 ك) نا مقاتل بن محمد نا وكيع عن عيسى بن عمر الهمداني: وكان ثقة عن عمرو بن مرة.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا محمد بن سلمة الطوريني (1) قال سألت وكيعا عن أبي زهير - يعني عبد الرحمن بن مغراء - فقال: طلب الحديث قبلنا وبعدنا.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا سهل بن عثمان قال سمعت وكيعا ونظر في حديث عبد الرحيم بن سليمان الرازي فقال: ما أصح حديثه، كان عبد الرحيم وحفص بن غياث يطلبان الحديث معا.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا الحميدي (2) نا وكيع نا أبو حنيفة أنه سمع عطاء إن كان سمعه.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يحيى نا علي بن محمد الطنافسي ثنا وكيع: نا حميد الأصم وكان ثقة.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يحيى نا علي بن محمد الطنافسي: ثنا وكيع قال: حدثني حوشب بن عقيل وكان ثقة.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا علي بن محمد الطنافسي نا وكيع: نا سكين بن عبد العزيز وكان ثقة عن أبيه عن ابن عباس.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا علي بن محمد الطنافسي نا وكيع عن الصلت بن أبي عثمان القطان - قال وكيع: وكان ثقة - قال قلت للحسن.
حدثنا عبد الرحمن نا العباس بن الوليد بن مزيد حدثني يزيد بن خالد أخو محمود بن خالد قال سمعت وكيع بن الجراح يقول: [رأيت - 1] ثور بن يزيد فلم أر رجلا أعبد منه وكان إذا أقيمت الصلاة انتعل.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن إبراهيم بن شعيب نا عمرو بن علي قال سمعت وكيعا يقول: كنا نتتبع ما سمع الأعمش من مجاهد فإذا هي سبعة أو ثمانية - ثم حدثنا بها.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا أحمد بن أبي الحواري قال سمعت وكيعا يقول: قدم علينا إسماعيل بن عياش فأخذ مني اطرافا لاسماعيل ابن أبي خالد فرأيته يخلط في أخذه.
فقال لي وكيع يروون: (62 د) عندكم عنه؟ قلت: أما الوليد ومروان فيرويان عنه، وأما الهيثم بن خارجة ومحمد بن إياس فكأنهم، قال واي شئ الهيثم وابن إياس؟ إنما أصحاب البلد الوليد ومروان.
حدثنا عبد الرحمن أنا عبد الله بن أحمد بن حنبل فيما كتب إلي قال حدثني أبي نا وكيع (99 م) عن مسكين أبي هريرة التيمي - قال وكيع
: وكان ثبتا.
حدثنا عبد الرحمن أنا عبد الله بن أحمد [بن حنبل - 2] فيما كتب إلي قال قلت لأبي رحمه الله: مسلم الأعور؟ قال كان وكيع لا يسميه، قلت: لم؟ قال [كان - 3] يضعفه.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول قال وكيع: مغيرة بن زياد (4) الموصلي ثقة.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبي نا علي بن محمد الطنافسي قال سألت
وكيعا عن حديث ليث بن الي سليم فقال: لت ليث، كان سفيان لا يسمى ليثا.
حدثنا عبد الرحمن قال سألت أبي عن يزيد بن مردانبه فقال قال وكيع: ثنا يزيد بن مردانبه وكان ثقة.
[أخبرنا أبو بكر بن أبي خيثمة فيما كتب إلي حدثنا محمد بن يزيد الرفاعي ثنا وكيع بن الجراح: نا هشام الدستوائي وكان ثبتا - 1] .
حدثنا عبد الرحمن نا أبي قال قال أبو عقيل محمد بن حاجب المعروف بشاه سمعت عبد الرزاق قال قلت لوكيع: ما تقول في يحيى بن العلاء الرازي؟ قال: ما ترى ما كان أجمله، وما كان أفصحه، قلت ما تقول فيه؟ قال: ما أقول في رجل حدث بعشرة أحاديث في خلع النعل
إذا وضع الطعام.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي قال سمعت عبد الله بن عمران الأصبهاني يقول سمعت وكيعا يقول: ما بقي أحد أحفظ لحديث طويل من أبي داود الطيالسي.
قال عبد الله بن عمران فذكرت ذلك لأبي داود فقال قل له: ولا لقصير.
حدثنا عبد الرحمن أنا عبد الله بن أحمد فيما كتب إلي قال سمعت أبي يقول: كان وكيع إذا أتى على حديث حنظلة يقول.
(2) حدثنا حنظلة بن أبي سفيان وكان ثقة ثقة.
[حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا علي بن محمد الطنافسي نا وكيع عن عكرمة بن عمار: وكان ثقة - 3] .
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا علي بن محمد الطنافسي نا وكيع عن عيينة
ابن عبد الرحمن بن جوشن الغطفاني: وكان ثقة.
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان الواسطي قال سعت وكيعا يقول (1) : حدثنا سعيد بن عبد الرحمن أخو أبي حرة وكان ثقة.
حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي نا محمود بن غيلان قال سمعت وكيعا وسئل عن عمر بن هارون فقال: بات عندنا الليلة (2) - حاد عن الجواب.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن حمويه بن الحسن قال سمعت أبا طالب أحمد بن حميد قال كان وكيع يفخر بسلمة بن نبيط يقول: حدثنا سلمة
ابن نبيط وكان ثقة.
(100 م) حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن إسماعيل الأحمسي قال قلنا لوكيع (3) يوما حدثنا بحديث الأعمش عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هريرة: الرهن مركوب وحلوب، فحدثنا (4) وكيع عن سفيان عن منصور عن إبراهيم عن أبي هريرة قال: الرهن مركوب ومحلوب، أيهما أصح إسنادا؟ الأعمش عن أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أو سفيان عن منصور عن إبراهيم عن أبي هريرة؟ قالوا: منصور عن إبراهيم، [قال - 5] :
والله ما أرى سمعه إبراهيم من أبي هريرة (6) .
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن الهسنجاني قال سمعت نعيم بن حماد قال سمعت وكيعا يقول: إذا [ذهب حفص - 7] من الكوفة ذهب غريب حديثها (8) ، وإذا ذهب ابن فضيل ذهب إسنادها.
حدثنا عبد الرحمن أنا عبد الله بن أحمد بن حنبل فيما كتب الي
قال قال أبي قال وكيع: كانوا يقولون (64 ك) إن عبد الوهاب بن مجاهد لم يسمع من أبيه.
ما ذكر من جودة أخذ وكيع [للعلم 1 -] حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا أحمد بن أبي الحواري قال سمعت وكيعا يقول: ما أخذت حديثا قط عرضا (2) ، قلت عندنا من أخذ عرضا (3) ، قال: من عرف ما عرض مما سمع فخذ منه - يعني السماع.
ما ذكر من إتقان وكيع وتثبته حدثنا عبد الرحمن نا أبي قال سألت علي ابن المديني قلت: من أوثق أصحاب الثوري؟ قال: وكيع من الثقات.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا أحمد بن أبي الحواري قال ذكرت ليحيى بن معين وكيعا فقال: وكيع عند نا ثبت.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل قال قلت لأبي أيما أثبت عندك وكيع أو يزيد؟ -[يعني - 1] ابن هارون، قال: ما منهما بحمد الله الا ثبت.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن سعيد المقرئ قال سمعت عبد الرحمن - يعني ابن الحكم بن بشير (4) - يقول: وكيع عن سفيان غاية الإسناد ليس (5) بعده شئ.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن سعيد المقرئ قال سئل عبد الرحمن من أثبت في الأعمش بعد الثوري؟ فقال: ما اعدل بوكيع أحدا، فقال له رجل: يقولون أبو معاوية، فنفر من ذلك (101 م) وقال:
أبو معاوية عنده كذا وكذا وهما.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا أحمد بن أبي الحواري قال: أشهد على أحمد بن حنبل أنه قال: الثبت عندنا بالعراق وكيع بن الجراح، ويحيى ابن سعيد، وعبد الرحمن بن مهدي.
حدثنا عبد الرحمن سمعت أبي يقول وقيل له قال يحيى بن معين وكيع أحب إلي في سفيان من عبد الرحمن بن مهدي فأيهما أحب إليك؟ قال: عبد الرحمن ثبت، ووكيع ثقة.
ما ذكر من جلالة وكيع حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يحيى نا أبو جعفر الجمال قال سمعت أزهر البجلي يقول قال ابن عيينة سفيان لوكيع: إني لآنس بك وانت بالكوفة (63 د) .
حدثنا عبد الرحمن ثنا أبو زرعة قال سمعت من يذكر عن أبي نعيم أنه كان يقول: لا نفلح ما بقى وكيع، فلما مات وكيع قال عبيد الله ابن موسى: قد مات الرواسي فليفلح (1) أبو نعيم.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن عبد الملك الدقيقي نا نوح بن حبيب نا وكيع نا عبد الرحمن بن مهدي قال حضرت موت سفيان فكان عامة كلامه: ما أشد الموت.
قال نوح بن حبيب فأتيت ابن مهدي فقلت أدركت موت سفيان وقد حدثنا وكيع عنك - وحكيت له الكلام وكان متكئا
فقعد فقال: أنا حدثت أبا سفيان جزى الله أبا سفيان خيرا، ومن مثل أبي سفيان؟ وما يقال لمثل ابي سفيان.
باب ما ذكر من تبجيل وكيع للعلم حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان قال كان [وكيع - 1] لا يتحدث في مجلسه ولا يبري قلم ولا يتبسم ولا يقوم أحد قائما، كانوا في مجلسه كأنهم في صلاة فإن أنكر منهم شيئا انتعل ودخل.

عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري

عَبْدُ الرَّزَّاقِ بنُ هَمَّامِ بنِ نَافِعٍ الحِمْيَرِيُّ
الحَافِظُ الكَبِيْرُ، عَالِمُ اليَمَنِ، أَبُو بَكْر الحِمْيَرِيُّ
مَوْلاَهُمْ، الصَّنْعَانِيُّ، الثِّقَةُ، الشِّيْعِيُّ.ارْتَحَلَ إِلَى الحِجَازِ، وَالشَّامِ، وَالعِرَاقِ، وَسَافَرَ فِي تِجَارَةٍ.
حَدَّثَ عَنْ: هِشَامِ بنِ حَسَّانٍ، وَعُبَيْدِ اللهِ بن عُمَرَ، وَأَخِيْهِ؛ عَبْدِ اللهِ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، وَمَعْمَرٍ - فَأَكْثَرَ عَنْهُ - وَحَجَّاجِ بنِ أَرْطَاةَ، وَعَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَالمُثَنَّى بنِ الصَّبَّاحِ، وَعُمَرَ بنِ ذَرٍّ، وَمُحَمَّدِ بنِ رَاشِدٍ، وَزَكَرِيَّا بنِ إِسْحَاقَ، وَعِكْرِمَةَ بنِ عَمَّارٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ سَعِيْدِ بنِ أَبِي هِنْدٍ، وَثَوْرِ بنِ يَزِيْدَ، وَأَيْمَنَ بنِ نَابِلٍ، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَإِسْرَائِيْلَ بنِ يُوْنُسَ، وَمَالِكِ بنِ أَنَسٍ، وَوَالِدِهِ؛ هَمَّامٍ، وَخَلْقٍ سِوَاهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: شَيْخُهُ؛ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، وَمُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَأَبُو أُسَامَةَ، وَطَائِفَةٌ مِنْ أَقْرَانِهِ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَابْنُ رَاهَوَيْه، وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَعَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، وَإِسْحَاقُ الكَوْسَجُ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى، وَمُحَمَّدُ بنُ رَافِعٍ، وَعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ، وَيَحْيَى بنُ جَعْفَرٍ البِيْكَنْدِيُّ، وَيَحْيَى بنُ مُوْسَى خَتُّ، وَالحَسَنُ بنُ أَبِي الرَّبِيْعِ، وَأَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ الرَّمَادِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ السُّلَمِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ الأَزْهَرِ، وَسَلَمَةُ بنُ
شَبِيْبٍ، وَإِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الدَّبَرِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ سُوَيْدٍ الشِّبَامِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى البَوْسِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بَرَّةَ الصَّنْعَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ المِصْرِيُّ، وَحَجَّاجُ بنُ الشَّاعِرِ، وَمُحَمَّدُ بنُ حَمَّادٍ الطِّهْرَانِيُّ، وَمُؤَمَّلُ بنُ إِهَابٍ.قَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَنَّهُ وُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ:
لَزِمْتُ مَعْمَراً ثَمَانِيَ سِنِيْنَ، حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى، وَابْنُ مَعِيْنٍ.
عَبَّاسٌ: عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ، قَالَ:
كَانَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي حَدِيْثِ مَعْمَرٍ أَثْبَتَ مِنْ هِشَامِ بنِ يُوْسُفَ، وَكَانَ هِشَامُ بنُ يُوْسُفَ أَثْبَتَ مِنْهُ فِي حَدِيْثِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَأَقرَأَ لِكُتُبِ ابْنِ جُرَيْجٍ مِنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَكَانَ أَعْلَمَ بِحَدِيْثِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ مِنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ.
أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، قَالَ:
أَتَيْنَا عَبْدَ الرَّزَّاقِ قَبْلَ المائَتَيْنِ، وَهُوَ صَحِيْحُ البَصْرِ، وَمَنْ سَمِعَ مِنْهُ بَعْدَ مَا ذَهَبَ بَصَرُهُ، فَهُوَ ضَعِيْفُ السَّمَاعِ.
وَقَالَ حَنْبَلٌ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ: إِذَا اخْتَلَفَ أَصْحَابُ
مَعْمَرٍ، فَالحَدِيْثُ لِعَبْدِ الرَّزَّاقِ.قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: قَالَ لِي هِشَامُ بنُ يُوْسُفَ: كَانَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَعْلَمَنَا، وَأَحْفَظَنَا.
قُلْتُ: هَكَذَا كَانَ النُّظَرَاءُ يَعتَرِفُوْنَ لأَقْرَانِهِم بِالحِفْظِ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: مَا كَانَ أَعْلَمَ عَبْدَ الرَّزَّاقِ بِمَعْمَرٍ وَأَحْفَظَهُ عَنْهُ! وَكَانَ هِشَامُ بنُ يُوْسُفَ فَصِيْحاً، يَبْتَدِعُ الخُطبَةَ عَلَى المِنْبَرِ.
قَالَ عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ: قُلْتُ لابْنِ مَعِيْنٍ: فَعَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي سُفْيَانَ؟
قَالَ: مِثْلُهُم -يَعْنِي: قَبِيْصَةَ، وَالفِرْيَابِيَّ، وَعُبَيْدَ اللهِ، وَابْنَ يَمَانٍ -.
قَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: عَبْدُ الرَّزَّاقِ: ثِقَةٌ، كَانَ يَتَشَيَّعُ.
وَفِي (المُسْنَدِ) ، قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ:
مَا كَانَ فِي قَرْيَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِئْرٌ، فَكُنَّا نَذهَبُ نُبَكِّرُ عَلَى مِيْلَيْنِ نَتَوَضَّأُ، وَنَحمِلُ مَعَنَا المَاءَ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو المُسْتَمْلِي: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ رَافِعٍ يَقُوْلُ:
كُنْتُ مَعَ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، فَجَاءنَا يَوْمُ الفِطْرِ، فَخَرَجْنَا مَعَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ إِلَى المُصَلَّى، وَمَعَنَا نَاسٌ كَثِيْرٌ، فَلَمَّا رَجَعْنَا، دَعَانَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ إِلَى الغَدَاءِ، ثُمَّ قَالَ لأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ: رَأَيْتُ اليَوْمَ مِنْكُمَا عَجَباً، لَمْ تُكَبِّرَا!
فَقَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ: يَا أَبَا بَكْرٍ! كُنَّا نَنْتَظِرُ هَلْ تُكَبِّرُ، فَنُكَبِّرَ، فَلَمَّا رَأَينَاكَ لَمْ تُكَبِّرْ، أَمسَكْنَا.
قَالَ: وَأَنَا كُنْتُ أَنْظُرُ إِلَيْكُمَا، هَلْ تُكَبِّرَانِ، فَأُكَبِّرَ.
مَكِّيُّ بنُ عَبْدَانَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَزْهَرِ، سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّزَّاقِ يَقُوْلُ: صَارَ مَعْمَرٌ هَلِيْلَجَةً فِي فَمِي.الحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ: سَمِعْتُ فَيَّاضَ بنَ زُهَيْرٍ النَّسَائِيَّ يَقُوْلُ:
تَشَفَّعْنَا بِامْرَأَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَلَيْهِ، فَدَخَلْنَا، فَقَالَ: هَاتُوا، تَشَفَّعتُم إِلَيَّ بِمَنْ يَنْقَلِبُ مَعِيَ عَلَى فِرَاشِي؟
ثُمَّ قَالَ:
لَيْسَ الشَّفِيْعُ الَّذِي يَأْتِيْكَ مُتَّزِراً ... مِثْلَ الشَّفِيْعِ الَّذِي يَأْتِيْكَ عُرْيَانَا
عَبَّاسٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ بِشْرُ بنُ السَّرِيِّ:
قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: قَدِمتُ مَكَّةَ مَرَّةً، فَأَتَانِي أَصْحَابُ الحَدِيْثِ يَوْمَيْنِ، ثُمَّ انْقَطَعُوا عَنِّي يَوْمَيْنِ - أَوْ ثَلاَثَةً - فَقُلْتُ: يَا رَبِّ مَا شَأْنِي؟ أَكَذَّابٌ أَنَا؟ أَيُّ شَيْءٍ أَنَا؟
قَالَ: فَجَاؤُونِي بَعْدَ ذَلِكَ.
المُفَضَّلُ الجَنَدِيُّ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بنُ شَبِيْبٍ، سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّزَّاقِ يَقُوْلُ:
أَخزَى اللهُ سِلْعَةً لاَ تَنْفُقُ إِلاَّ بَعْدَ الكِبَرِ وَالضَّعْفِ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَحَدُهُم مائَةَ سَنَةٍ، كُتِبَ عَنْهُ، فَإِمَّا أَنْ يُقَالَ: كَذَّابٌ، فَيُبطِلُوْنَ عِلْمَهُ، وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ: مُبتَدِعٌ، فَيُبطِلُوْنَ عِلْمَهُ، فَمَا أَقَلَّ مَنْ يَنجُوَ مِنْ ذَلِكَ.
مَحْمُوْدُ بنُ غَيْلاَنَ: عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، قَالَ لِي وَكِيْعٌ:
أَنْتَ رَجُلٌ عِنْدَكَ حَدِيْثٌ، وَحِفظُكَ لَيْسَ بِذَاكَ، فَإِذَا سُئِلتَ عَنْ حَدِيْثٍ، فَلاَ تَقُلْ: لَيْسَ هُوَ عِنْدِي، وَلَكِنْ قُلْ: لاَ أَحفَظُهُ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ فِي (المُسْنَدِ) : قَالَ يَحْيَى بنُ
مَعِيْنٍ: قَالَ لِي عَبْدُ الرَّزَّاقِ: اكْتُبْ عَنِّي حَدِيْثاً وَاحِداً مِنْ غَيْرِ كِتَابٍ.قُلْتُ: لاَ، وَلاَ حَرْفٍ.
ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: حَدَّثَنَا ابْنُ مَعِيْنٍ، قَالَ لِي عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِمَكَّةَ قَبْلَ أَنْ أَقْدَمَ عَلَيْهِ اليَمَنَ:
يَا فَتَى! مَا تُرِيْدُ إِلَى هَذِهِ الأَحَادِيْثِ، سَمِعْنَا وَعَرَضنَا، وَكُلٌّ سَمَاعٌ؟
وَقَالَ لِي: إِنَّ هَذِهِ الكُتُبَ كَتَبَهَا لِيَ الوَرَّاقُوْنَ، سَمِعْنَاهَا مَعَ أَبِي.
عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، وَعَبَّاسٌ - وَاللَّفْظُ لَهُ -: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، قَالَ لِي أَبُو جَعْفَرٍ السُّوَيْدِيُّ:
جَاؤُوا إِلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِأَحَادِيْثَ كَتَبُوْهَا، لَيْسَتْ مِنْ حَدِيْثِهِ، فَقَالُوا لَهُ: اقْرَأْهَا عَلَيْنَا.
فَقَالَ: لاَ أَعْرِفُهَا.
فَقَالُوا: اقْرَأْهَا عَلَيْنَا، وَلاَ تَقُلْ فِيْهَا: حَدَّثَنَا، فَقَرَأَهَا عَلَيْهِم.
قَالَ حَنْبَلٌ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ فِي حَدِيْثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: حَدَّثَ بِهِ عَبْدُ الرَّزَّاقِ (النَّارُ جُبَارٌ ) : لَمْ يَكُنْ فِي الكُتُبِ، بَاطِلٌ، رَوَاهَا: الأَثْرَمُ، عَنْ أَحْمَدَ، وَزَادَ:
ثُمَّ قَالَ: وَمَنْ يُحَدِّثُ بِهِ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ؟
قُلْتُ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ شَبُّوَيْه.
قَالَ: هَؤُلاَءِ سَمِعُوا بَعْدَ مَا عَمِيَ، كَانَ يُلَقَّنُ،
فَلَقَّنُوْهُ، وَلَيْسَ فِي كُتُبِهِ، وَقَدْ أَسنَدُوا عَنْهُ أَحَادِيْثَ لَيْسَتْ فِي كُتُبِهِ.قُلْتُ: أَظُنُّهَا تَصَحَّفَتْ عَلَيْهِم، فَإِنَّ النَّارَ قَدْ تُكْتَبُ (النِّيْرَ) عَلَى الإِمَالَةِ بِيَاءٍ، عَلَى هَيْئَةِ (البِيْرِ) ، فَوَقَعَ التَّصْحِيْفُ.
ابْنُ أَبِي العَقِبِ، وَأَبُو المَيْمُوْنِ: حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، حَدَّثَنِي مَحْمُوْدُ بنُ سُمَيْعٍ، سَمِعَ أَحْمَدَ بنَ صَالِحٍ يَقُوْلُ:
قُلْتُ لأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: رَأَيْتَ أَحْسَنَ حَدِيْثاً مِنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ؟
قَالَ: لاَ.
قَالَ كَاتِبُهُ: مَا أَدْرِي مَا عَنَى أَحْمَدُ بِحُسْنِ حَدِيْثِهِ، هَلْ هُوَ جُوْدَةُ الإِسْنَادِ، أَوِ المَتْنِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ.
الفَسَوِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي السَّرِيِّ، قُلْتُ لِعَبْدِ الرَّزَّاقِ: مَا رَأْيُكَ أَنْتَ؟
يَعْنِي: فِي التَّفْضِيْلِ.
قَالَ: فَأَبَى أَنْ يُخْبِرَنِي، وَقَالَ: كَانَ سُفْيَانُ يَقُوْلُ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَيَسْكُتُ.
ثُمَّ قَالَ لِي سُفْيَانُ: أُحِبُّ أَنْ أَخْلُوَ بِأَبِي عُرْوَةَ -يَعْنِي: مَعْمَراً-.
فَقُلْنَا لِمَعْمَرٍ، فَقَالَ: نَعَمْ.
فَخَلاَ بِهِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ، قُلْتُ: يَا أَبَا عُرْوَةَ! كَيْفَ رَأَيْتَهُ؟
قَالَ: هُوَ رَجُلٌ، إِلاَّ أَنَّهُ قَلَّمَا تُكَاشِفُ كُوْفِيّاً، إِلاَّ وَجَدتَ فِيْهِ شَيْئاً - يُرِيْدُ: التَّشَيُّعَ -.
ثُمَّ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: وَكَانَ مَالِكٌ يَقُوْلُ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَيَسكُتُ.
وَكَانَ مَعْمَرٌ يَقُوْلُ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَيَسكُتُ، وَمِثْلُه كَانَ يَقُوْلُ هِشَامُ بنُ حَسَّانٍ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: سَأَلْتُ أَبِي: أَكَانَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ يُفْرِطُ فِي التَّشَيُّعِ؟قَالَ: أَمَّا أَنَا، فَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ فِي هَذَا شَيْئاً، وَلَكِنَّ رَجُلاً يُعْجِبُهُ أَخْبَارُ النَّاسِ، أَوِ الأَخْبَارُ.
مُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ بنِ الضُّرَيْسِ: سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بنَ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيَّ عَنْ حَدِيْثٍ لِجَعْفَرِ بنِ سُلَيْمَانَ، فَقُلْتُ: رَوَى عَنْهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ؟
فَقَالَ: فَقَدتُ عَبْدَ الرَّزَّاقِ، مَا أَفسَدَ جَعْفَراً غَيْرَهُ -يَعْنِي: فِي التَّشَيُّعِ -.
قُلْتُ أَنَا: بَلْ مَا أَفسَدَ عَبْدَ الرَّزَّاقِ سِوَى جَعْفَرِ بنِ سُلَيْمَانَ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ العُقَيْلِيُّ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ بُكَيْرٍ الحَضْرَمِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ يَزِيْدَ البَصْرِيُّ، سَمِعْتُ مَخْلَداً الشَّعِيْرِيَّ يَقُوْلُ:
كُنْتُ عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، فَذَكَرَ رَجُلٌ مُعَاويَةَ، فَقَالَ: لاَ تُقَذِّرْ مَجْلِسَنَا بِذِكْرِ وَلَدِ أَبِي سُفْيَانَ !
عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: قُلْتُ لابْنِ مَعِيْنٍ: تَخْشَى السِّنَّ عَلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ؟
فَقَالَ: أَمَّا حَيْثُ رَأَينَاهُ، فَمَا كَانَ بَلَغَ الثَّمَانِيْنَ، نَحْوٌ مِنْ سَبْعِيْنَ.
ثُمَّ قَالَ يَحْيَى: ذَكَرَ أَبُو جَعْفَرٍ السُّوَيْدِيُّ أَنَّ قَوْماً مِنَ الخُرَاسَانِيَّةِ - مِنْ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ - جَاؤُوا إِلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِأَحَادِيْثَ لِلْقَاضِي هِشَامِ بنِ يُوْسُفَ، تَلَقَّطُوهَا عَنْ مَعْمَرٍ، مِنْ حَدِيْثِ هِشَامٍ وَابْنِ ثَوْرٍ، وَكَانَ ابْنُ ثَوْرٍ ثِقَةً، فَجَاؤُوا بِهَا إِلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ، فَنَظَرَ فِيْهَا، فَقَالَ: بَعْضُهَا سَمِعْتُهَا، وَبَعْضُهَا لاَ أَعْرِفُهَا وَلَمْ أَسْمَعْهَا.
قَالَ: فَلَمْ
يُفَارِقُوهُ حَتَّى قَرَأَهَا، وَلَمْ يَقُلْ لَهُم: حَدَّثَنَا، وَلاَ أَخْبَرَنَا.حَدَّثَنِي السُّوَيْدِيُّ بِهَذَا.
آدَمُ بنُ مُوْسَى: سَمِعْتُ البُخَارِيَّ يَقُوْلُ: عَبْدُ الرَّزَّاقِ مَا حَدَّثَ مِنْ كِتَابِهِ، فَهُوَ أَصَحُّ.
أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ المُسْنَدِيُّ، قَالَ:
وَدَّعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ، فَقُلْتُ: أَتُرِيْدُ عَبْدَ الرَّزَّاقِ؟
قَالَ: أَخَافُ أَنْ يَكُوْنَ مِنَ الَّذِيْنَ ضَلَّ سَعْيُهُم فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا.
عَبَّاسٌ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ، قَالَ هِشَامُ بنُ يُوْسُفَ:
عَرَضَ مَعْمَرٌ هَذِهِ الأَحَادِيْثَ عَلَى هَمَّامِ بنِ مُنَبِّهٍ، إِلاَّ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْهَا نَيِّفاً وَثَلاَثِيْنَ حَدِيْثاً -يَعْنِي: صَحِيْفَةَ هَمَّامٍ الَّتِي رَوَاهَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْهُ، وَهِيَ مائَةٌ وَنَيِّفٌ وَثَلاَثُوْنَ حَدِيْثاً، أَكْثَرُهَا فِي (الصَّحِيْحَيْنِ) .
العُقَيْلِيُّ فِي كِتَابِ (الضُّعَفَاءِ) لَهُ، فِي تَرْجَمَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَمَّادٍ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عُثْمَانَ الثَّقَفِيَّ، قَالَ:
لَمَّا قَدِمَ العَبَّاسُ بنُ عَبْدِ العَظِيْمِ مِنْ عِنْدِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ مِنْ صَنْعَاءَ، قَالَ لَنَا- وَنَحْنُ جَمَاعَةٌ -: أَلَسْتُ قَدْ تَجَشَّمْتُ الخُرُوْجَ إِلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ؟ فَدَخَلْتُ إِلَيْهِ، وَأَقَمْتُ عِنْدَهُ، حَتَّى سَمِعْتُ مِنْهُ مَا أَرَدْتُ، وَاللهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ، إِنَّ عَبْدَ الرَّزَّاقِ كَذَّابٌ، وَالوَاقِدِيُّ أَصْدَقُ مِنْهُ.
قُلْتُ: بَلْ -وَاللهِ- مَا بَرَّ عَبَّاسٌ فِي يَمِيْنِهِ، وَلَبِئْسَ مَا قَالَ، يَعْمَدُ إِلَى
شَيْخِ الإِسْلاَمِ، وَمُحَدِّثِ الوَقْتِ، وَمَنِ احْتَجَّ بِهِ كُلُّ أَربَابِ الصِّحَاحِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ أَوهَامٌ مَغْمُورَةٌ، وَغَيْرُهُ أَبرَعُ فِي الحَدِيْثِ مِنْهُ، فَيَرْمِيهِ بِالكَذِبِ، وَيُقَدِّمُ عَلَيْهِ الوَاقِدِيَّ الَّذِي أَجْمَعَتِ الحُفَّاظُ عَلَى تَرْكِهِ، فَهُوَ فِي مَقَالَتِهِ هَذِهِ خَارِقٌ لِلإِجْمَاعِ بِيَقِيْنٍ.قَالَ العُقَيْلِيُّ : سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ المُبَارَكِ الصَّنْعَانِيَّ يَقُوْلُ:
كَانَ زَيْدُ بنُ المُبَارَكِ قَدْ لَزِمَ عَبْدَ الرَّزَّاقِ، فَأَكْثَرَ عَنْهُ، ثُمَّ خَرَقَ كُتُبَهُ، وَلَزِمَ مُحَمَّدَ بنَ ثَوْرٍ، فَقِيْلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ:
كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، فَحَدَّثَنَا بِحَدِيْثِ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَالِكِ بنِ أَوْسِ بنِ الحَدَثَانِ ... ، الحَدِيْثَ الطَّوِيْلَ، فَلَمَّا قَرَأَ قَوْلَ عُمَرَ لِعَلِيٍّ وَالعَبَّاسِ: فَجِئْتَ أَنْتَ تَطْلُبَ مِيْرَاثَكَ مِنِ ابْنِ أَخِيْكَ، وَجَاءَ هَذَا يَطلُبُ مِيْرَاثَ امْرَأَتِهِ، قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ:
انْظُرُوا إِلَى الأَنْوَكِ، يَقُوْلُ: تَطلُبُ أَنْتَ مِيْرَاثَكَ مِنِ ابْنِ أَخِيْكَ، وَيَطلُبُ هَذَا مِيْرَاثَ زَوْجَتِهِ مِنْ أَبِيْهَا، لاَ يَقُوْلُ: رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قَالَ زَيْدُ بنُ المُبَارَكِ: فَلَمْ أَعُدْ إِلَيْهِ، وَلاَ أَرْوِي عَنْهُ.
قُلْتُ: هَذِهِ عَظِيْمَةٌ، وَمَا فَهِمَ قَوْلَ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ عُمَرَ، فَإِنَّكَ يَا هَذَا لَوْ سَكَتَّ، لَكَانَ أَوْلَى بِكَ، فَإِنَّ عُمَرَ إِنَّمَا كَانَ فِي مَقَامِ تَبْيِيْنِ العُمُوْمَةِ وَالبُنُوَّةِ، وَإِلاَّ فَعُمَرُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَعْلَمُ بِحَقِّ المُصْطَفَى، وَبِتَوقِيْرِهِ، وَتَعْظِيْمِهِ مِنْ كُلِّ مُتَحَذْلِقٍ مُتَنَطِّعٍ، بَلِ الصَّوَابُ أَنْ نَقُوْلَ عَنْكَ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا الأَنْوَكِ الفَاعِلِ - عَفَا اللهُ عَنْهُ - كَيْفَ يَقُوْلُ عَنْ عُمَرَ هَذَا، وَلاَ يَقُوْلُ: قَالَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ الفَارُوْقُ؟ وَبِكُلِّ حَالٍ، فَنَسْتَغْفِرُ اللهَ لَنَا وَلِعَبْدِ
الرَّزَّاقِ، فَإِنَّهُ مَأْمُوْنٌ عَلَى حَدِيْثِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَادِقٌ.قَالَ العُقَيْلِيُّ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ مُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ الصِّرَارِيَّ يَقُوْلُ:
بَلَغَنَا - وَنَحْنُ بِصَنْعَاءَ، عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ - أَنَّ أَصْحَابَنَا يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ، وَأَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، وَغَيْرَهُمَا تَرَكُوا حَدِيْثَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَكَرِهُوهُ، فَدَخَلَنَا مِنْ ذَلِكَ غَمٌّ شَدِيْدٌ، وَقُلْنَا: قَدْ أَنْفَقْنَا، وَرَحَلْنَا، وَتَعِبْنَا، فَلَمْ أَزَلْ فِي غَمٍّ مِنْ ذَلِكَ إِلَى وَقْتِ الحَجِّ، فَخَرَجتُ إِلَى مَكَّةَ، فَلَقِيْتُ بِهَا يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا زَكَرِيَّا! مَا نَزَلَ بِنَا مِنْ شَيْءٍ بَلَغَنَا عَنْكُم فِي عَبْدِ الرَّزَّاقِ؟
قَالَ: وَمَا هُوَ؟
قُلْنَا: بَلَغَنَا أَنَّكُم تَرَكْتُم حَدِيْثَهُ، وَرَغِبْتُم عَنْهُ.
قَالَ: يَا أَبَا صَالِحٍ! لَوِ ارْتَدَّ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الإِسْلاَمِ، مَا تَرَكْنَا حَدِيْثَهُ.
أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ - وَبَلَغَهُ أَنَّ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ تَكَلَّمَ فِي عُبَيْدِ اللهِ بنِ مُوْسَى بِسَبَبِ التَّشَيُّعِ - فَقَالَ يَحْيَى:
وَاللهِ العَظِيْمِ، لَقَدْ سَمِعْتُ مِنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ فِي هَذَا المَعْنَى أَكْثَرَ مِمَّا يَقُوْلُ عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى، وَلَكِنْ خَافَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ أَنْ تَذْهَبَ رِحْلَتُهُ إِلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ - أَوْ كَمَا قَالَ - رَوَاهَا ثِقَتَانِ عَنْهُ.
أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ: أَنْبَؤُوْنَا عَنْ بَرَكَاتٍ الخُشُوْعِيِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو طَالِبٍ اليُوْسُفِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ البَرْمَكِيُّ، حَدَّثَنَا القَطِيْعِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، سَمِعْتُ سَلَمَةَ بنَ شَبِيْبٍ، سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّزَّاقِ يَقُوْلُ:
مَا انْشَرَحَ صَدْرِي قَطُّ أَنْ أُفَضِّلَ عَلِيّاً عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَرَحِمَهُمَا اللهُ،
وَرَحِمَ عُثْمَانَ وَعَلِيّاً، مَنْ لَمْ يُحِبَّهُم، فَمَا هُوَ بِمُؤْمِنٍ، أَوْثَقُ عَمَلِي حُبِّي إِيَّاهُم.أَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرقِيِّ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَزْهَرِ، سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّزَّاقِ يَقُوْلُ:
أُفَضِّلُ الشَّيْخَيْنِ بِتَفْضِيْلِ عَلِيٍّ إِيَّاهُمَا عَلَى نَفْسِهِ، كَفَى بِي إِزْرَاءً أَنْ أُخَالِفَ عَلِيّاً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -.
عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَيَّارٍ الفَرْهِيَانِيُّ : حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بنُ عَبْدِ العَظِيْمِ، عَنْ زَيْدِ بنِ المُبَارَكِ، قَالَ:
كَانَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ كَذَّاباً، يَسْرِقُ الحَدِيْثَ.
وَذَكَرَهُ: أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ فِي (كَامِلِهِ) ، فَقَالَ:
نَسَبُوْهُ إِلَى التَّشَيُّعِ، وَرَوَى أَحَادِيْثَ فِي الفَضَائِلِ لاَ يُوَافَقُ عَلَيْهَا، فَهَذَا أَعْظَمُ مَا ذَمُّوهُ بِهِ مِنْ رِوَايَتِهِ هَذِهِ الأَحَادِيْثَ، وَلِمَا رَوَاهُ فِي مَثَالِبِ غَيْرِهِم مِمَّا لَمْ أَذْكُرْهُ، وَأَمَّا الصِّدْقُ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِهِ، إِلاَّ أَنَّهُ قَدْ سَبَقَ مِنْهُ أَحَادِيْثُ فِي أَهْلِ البَيْتِ، وَمثَالِبُ آخَرِيْنَ مَنَاكِيْرُ، وَقَدْ سَمِعْتُ ابْنَ حَمَّادٍ، سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ الصِّرَارِيَّ ... ، فَذَكَرَ حِكَايَتَه، وَقَوْلَ يَحْيَى: لَوِ ارْتَدَّ، مَا تَرَكنَا حَدِيْثَهُ.
وَقَدْ أَوْرَد أَبُو القَاسِمِ ابْنُ عَسَاكِرَ تَرْجَمَةَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ فِي سَبْعَ عَشْرَةَ وَرَقَةً، وَأَفظَعُ حَدِيْثٍ لَهُ، مَا تَفَرَّد بِهِ عَنْهُ الثِّقَةُ أَحْمَدُ بنُ الأَزْهَرِ فِي مَنَاقِبِ الإِمَامِ عَلِيٍّ، فَإِنَّهُ شِبْهُ مَوْضُوْعٍ، وَتَابَعَهُ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ سُفْيَانَ
الصَّنْعَانِيُّ النَّجَّارُ، قَالاَ:حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
نَظَرَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى عَلِيٍّ، فَقَالَ: (أَنْتَ سَيِّدٌ فِي الدُّنْيَا، سَيِّدٌ فِي الآخِرَةِ، حَبِيْبُكَ حَبِيْبِي، وَحَبِيْبِي حَبِيْبُ اللهِ، وَعَدُوُّكَ عَدُوِّي، وَعَدُوِّي عَدُوُّ اللهِ، فَالوَيْلُ لِمَنْ أَبْغَضَكَ بَعْدِي ) .
قَالَ الحَاكِمُ: حَدَّثَ بِهِ أَبُو الأَزْهَرِ بِبَغْدَادَ، فِي حَيَاةِ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، فَأَنْكَرَهُ مَنْ أَنْكَرَهُ، حَتَّى تَبَيَّنَ لِلْجَمَاعَةِ أَنَّ أَبَا الأَزْهَرِ بَرِيْءُ السَّاحَةِ مِنْهُ، فَإِنَّهُ صَادِقٌ.
وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ عُمَرَ المُذَكِّرُ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَزْهَرِ ... ، فَذَكَرَهُ.
وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ حَمْدُوْنَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ النَّجَّارُ ... ، فَذَكَرَهُ.
وَسَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الحَافِظَ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ يَحْيَى التُّسْتَرِيَّ يَقُوْلُ:
لَمَّا حَدَّثَ أَبُو الأَزْهَرِ بِهَذَا فِي الفَضَائِلِ، أُخْبِرَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ بِذَلِكَ، فَبَيْنَا هُوَ عِنْدَهُ فِي جَمَاعَةِ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ، إِذْ قَالَ:
مَنْ هَذَا الكَذَّابُ النَّيْسَابُوْرِيُّ الَّذِي حَدَّثَ بِهَذَا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ؟
فَقَامَ أَبُو الأَزْهَرِ، فَقَالَ: هُوَ ذَا أَنَا.
فَتَبَسَّم يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَقَالَ: أَمَا إِنَّكَ لَسْتَ بِكَذَّابٍ.
وَتَعَجَّبَ مِنْ سَلاَمتِهِ، وَقَالَ: الذَّنْبُ لِغَيْرِكَ فِيْهِ.
وَسَمِعْتُ أَبَا أَحْمَدَ الحَافِظَ، سَمِعْتُ أَبَا حَامِدٍ بنَ الشَّرْقِيِّ، وَسُئِلَ عَنْ حَدِيْثِ أَبِي الأَزْهَرِ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ فِي فَضْلِ عَلِيٍّ، فَقَالَ:
هَذَا بَاطِلٌ، وَالسَّبَبُ فِيْهِ: أَنَّ مَعْمَراً كَانَ لَهُ ابْنُ أَخٍ رَافِضِيٌّ، وَكَانَ مَعْمَرٌ يُمَكِّنُهُ مِنْ كُتُبِهِ، فَأَدخَلَ عَلَيْهِ هَذَا الحَدِيْثَ، وَكَانَ مَعْمَرٌ مَهِيْباً، لاَ يَقْدِرُ
أَحَدٌ عَلَى مُرَاجَعَتِهِ، فَسَمِعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي كِتَابِ ابْنِ أَخِي مَعْمَرٍ.قُلْتُ: هَذِهِ حِكَايَةٌ مُنْقَطِعَةٌ، وَمَا كَانَ مَعْمَرٌ شَيْخاً مُغَفَّلاً يَرُوْجُ هَذَا عَلَيْهِ، كَانَ حَافِظاً، بَصِيْراً بِحَدِيْثِ الزُّهْرِيِّ.
قَالَ مَكِّيُّ بنُ عَبْدَانَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَزْهَرِ، قَالَ:
خَرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ إِلَى قَرْيَتِهِ، فَبَكَّرْتُ إِلَيْهِ يَوْماً، حَتَّى خَشِيْتُ عَلَى نَفْسِي مِنَ البُكُورِ، فَوَصَلتُ إِلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ لِصَلاَةِ الصُّبْحِ، فَلَمَّا خَرَجَ، رَآنِي، فَأَعْجَبَهُ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الصَّلاَةِ، دَعَانِي، وَقرَأَ عَلَيَّ هَذَا الحَدِيْثَ، وَخَصَّنِي بِهِ دُوْنَ أَصْحَابِي.
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا سَالِمُ بنُ الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَتْحِ ابْنُ شَاتِيْلَ، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرْنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ:
دَخَلْتُ أَنَا وَابْنُ فَيْرُوْزٍ مَوْلَى عُثْمَانَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ فَيْرُوْزٍ:
يَا أَبَا عَبَّاسٍ: {يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ، ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ ... } الآيَةُ [السَّجْدَةُ: 5] .
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَنْ أَنْتَ؟
قَالَ: أَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ فَيْرُوْزٍ.
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ، ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ} .
فَقَالَ: أَسْأَلُكَ يَا أَبَا عَبَّاسٍ؟
قَالَ: أَيَّامٌ سَمَّاهَا اللهُ، هُوَ أَعْلَمُ بِهَا، أَكْرَهُ أَنْ أَقُوْلَ فِيْهَا مَا لاَ أَعْلَمُ.
قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: فَضَرَبَ الدَّهْرُ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، فَسُئِلَ عَنْهَا، فَلَمْ يَدرِ مَا يَقُوْلُ، فَقُلْتُ لَهُ: أَلاَ أُخْبِرُكَ مَا حَضَرتُ مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؟
فَأَخْبَرتُهُ، فَقَالَ ابْنُ المُسَيِّبِ لِلسَّائِلِ: هَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ قَدِ اتَّقَى
أَنْ يَقُوْلَ فِيْهَا، وَهُوَ أَعْلَى مِنِّي.وَبِهِ: إِلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، قَالَ:
كَانَ عَدِيُّ بنُ أَرْطَاةَ يَبْعَثُ إِلَى الحَسَنِ كُلَّ يَوْمٍ قِعَاباً مِنْ ثَرِيْدٍ، فَيَأْكُلُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ.
قُلْتُ: قَدْ كَانَ عَدِيٌّ أَمِيْراً عَلَى البَصْرَةِ لِعُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ.
وَبِهِ: إِلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، حَدَّثَنِي مَنْصُوْرٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَقَّارِ بنِ المُغِيْرَةِ بنِ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِيْهِ:
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (مَنِ اكْتَوَى أَوِ اسْتَرْقَى، فَقَدْ برِئَ مِنَ التَّوَكُّلِ ) .
وَبِهِ: إِلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ:
دَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى بَعْضِ أَهْلِهِ، فَقَالَ: (أَيْنَ فُلاَنَةُ؟) .
قَالُوا: اشْتَكَتْ عَيْنَهَا.
فَقَالَ: (اسْتَرْقُوا لَهَا، فَقَدْ أَعَجَبَتْنِي عَيْنَاهَا ) .
قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَكُمُ الفَتْحُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ أَبِي شَرِيْكٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ بنُ النَّقُّوْرِ، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ عَلِيٍّ إِمْلاَءً، قَالَ:
قُرِئَ عَلَى أَبِي عُمَرَ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ
القَاضِي - وَأَنَا أَسْمَعُ - فِي سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، قِيْلَ لَهُ:حَدَّثَكُم أَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرِ بنِ سَيَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي أَنَسٌ، قَالَ:
فُرِضَتْ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ الصَّلَوَاتُ خَمْسِيْنَ، ثُمَّ نَقَصَتْ إِلَى خَمْسٍ، ثُمَّ نُودِيَ: (يَا مُحَمَّدُ! إِنَّهُ لاَ يُبَدَّلُ القَوْلُ لَدَيَّ، وَإِنَّ لَكَ بِالخَمْسِ خَمْسِيْنَ ) .
وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الكَاتِبُ، وَعَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ عَبْدِ المُحْسِنِ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَكِّيٍّ، أَخْبَرَنَا جَدِّي؛ أَبُو طَاهِرٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا مَكِّيُّ بنُ مَنْصُوْرٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ القَاضِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مَعْقِلٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، قَالَ:
فُرِضَتْ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ الصَّلَوَاتُ خَمْسِيْنَ، ثُمَّ نَقَصَتْ حَتَّى جُعِلَتْ خَمْساً، ثُمَّ نُودِيَ: (يَا مُحَمَّدُ! إِنَّهُ لاَ يُبَدَّلُ القَوْلُ لَدَيَّ، وَإِنَّ لَكَ بِهَذِهِ الخَمْسِ خَمْسِيْنَ) .
أَخْرَجَه: التِّرْمِذِيُّ، عَنِ الذُّهْلِيِّ.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي الهَمَذَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ، وَالفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ (ح) .
وَأَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ، أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ، قَالُوا: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ القَاضِي (ح) .
وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ تَاجِ الأُمَنَاءِ، عَنْ
عَبْد المُعِزِّ بن مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا يُوْسُفُ بنُ أَيُّوْبَ الزَّاهِدُ، قَالاَ:أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَزَّازُ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عُمَرَ السُّكَّرِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الصُّوْفِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوْبَ، وَعُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، كَانُوا يَنْزِلُوْنَ المُحَصَّبَ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ قُدَامَةَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
قَالَ عُمَرُ: يَا أَسْلَمُ! لاَ يَكُنْ حُبُّكَ كَلَفاً، وَلاَ بُغْضُكَ تَلَفاً.
قُلْتُ: وَكَيْفَ ذَاكَ؟
قَالَ: إِذَا أَحبَبتَ، فَلاَ تَكْلَفْ كَمَا يَكْلَفُ الصَّبِيُّ، وَإِذَا أَبْغَضْتَ، فَلاَ تُبْغِضْ بُغْضاً تُحِبُّ أَنْ يَتْلَفَ صَاحِبُك وَيَهْلِكَ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ بنُ خَيْرُوْنَ، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ بَطْحَاءَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنِي الحُسَيْنُ بنُ دَاوُدَ بنِ مُعَاذٍ البَلْخِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي قَوْلِهِ عَزَّ
وَجَلَّ: {وُجُوْهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} ، قَالَ: تَنْظُرُ فِي وَجْهِ الرَّحْمَنِ -عَزَّ وَجَلَّ -.تُوُفِّيَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.
يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: سَمِعْتُ هِشَامَ بنَ يُوْسُفَ يَقُوْلُ:
كَانَ لِعَبْدِ الرَّزَّاقِ حِيْنَ قَدِمَ ابْنُ جُرَيْجٍ اليَمَنَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً.
قَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: عَنِ ابْنِ المَدِيْنِيِّ:
قَالَ لِي هِشَامُ بنُ يُوْسُفَ: كَانَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَعْلَمَنَا، وَأَحفَظَنَا.
قَالَ يَعْقُوْبُ: وَكُلٌّ ثِقَةٌ، ثَبْتٌ.

عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب الهذلي

عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُوْدِ بنِ غَافِلِ بنِ حَبِيْبٍ الهُذَلِيُّ
ابْنِ شَمْخِ بنِ فَارِ بنِ مَخْزُوْمِ بنِ صَاهِلَةَ بنِ كَاهِلِ بنِ الحَارِثِ بنِ تَمِيْمِ بنِ سَعْدِ بنِ هُذَيْلِ بنِ مُدْرَكَةَ بنِ إِلْيَاسِ بنِ مُضَرَ بنِ نِزَارٍ.
الإِمَامُ الحَبْرُ، فَقِيْهُ الأُمَّةِ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الهُذَلِيُّ، المَكِّيُّ، المُهَاجِرِيُّ، البَدْرِيُّ، حَلِيْفُ بَنِي زُهْرَةَ.
كَانَ مِنَ السَّابِقِيْنَ الأَوَّلِيْنَ، وَمِنَ النُّجَبَاءِ العَالِمِيْنَ، شَهِدَ بَدْراً، وَهَاجَرَ الهِجْرَتَيْنِ، وَكَانَ يَوْمَ اليَرْمُوْكِ عَلَى النَّفْلِ، وَمَنَاقِبُهُ غَزِيْرَةٌ، رَوَى عِلْماً كَثِيْراً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو مُوْسَى، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَعِمْرَانُ بنُ حُصَيْنٍ، وَجَابِرٌ، وَأَنَسٌ، وَأَبُو أُمَامَةَ، فِي طَائِفَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَعَلْقَمَةُ،
وَالأَسْوَدُ، وَمَسْرُوْقٌ، وَعُبَيْدَةُ، وَأَبُو وَاثِلَةَ، وَقَيْسُ بنُ أَبِي حَازِمٍ، وَزِرُّ بنُ حُبَيْشٍ، وَالرَّبِيْعُ بنُ خُثَيْمٍ، وَطَارِقُ بنُ شِهَابٍ، وَزَيْدُ بنُ وَهْبٍ، وَوَلَدَاهُ؛ أَبُو عُبَيْدَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو الأَحْوَصِ عَوْفُ بنُ مَالِكٍ، وَأَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.وَرَوَى عَنْهُ القِرَاءةَ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَعُبَيْدُ بنُ نُضَيْلَةَ، وَطَائِفَةٌ.
اتَّفَقَا لَهُ فِي (الصَّحِيْحَيْنِ) عَلَى أَرْبَعَةٍ وَسِتِّيْنَ.
وَانْفَرَدَ لَهُ البُخَارِيُّ بِإِخْرَاجِ أَحَدٍ وَعِشْرِيْنَ حَدِيْثاً، وَمُسْلِمٌ بِإِخْرَاجِ خَمْسَةٍ وَثَلاَثِيْنَ حَدِيْثاً.
وَلَهُ عِنْدَ بَقِيٍّ بِالمُكَرَّرِ ثَمَانِي مَائَةٍ وَأَرْبَعُوْنَ حَدِيْثاً.
قَالَ قَيْسُ بنُ أَبِي حَازِمٍ: رَأَيْتُهُ آدَمَ، خَفِيْفَ اللَّحْمِ.
وَعَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ، قَالَ:
كَانَ عَبْدُ اللهِ رَجُلاً نَحِيْفاً، قَصِيْراً، شَدِيْدَ الأُدْمَةِ، وَكَانَ لاَ يُغَيِّرُ شَيْبَهُ.
وَرَوَى: الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، قَالَ:
كَانَ عَبْدُ اللهِ لَطِيْفاً، فَطِناً.
قُلْتُ: كَانَ مَعْدُوْداً فِي أَذْكِيَاءِ العُلَمَاءِ.
وَعَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، قَالَ:
رَأَيْتُ ابْنَ مَسْعُوْدٍ عَظِيْمَ البَطْنِ، أَحْمَشَ السَّاقَيْنِ.
قُلْتُ: رَآهُ سَعِيْدٌ لَمَّا قَدِمَ المَدِيْنَةَ عَامَ تُوُفِّيَ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ، وَكَانَ يُعْرَفُ أَيْضاً بِأُمِّهِ، فَيُقَالُ لَهُ: ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ:
أُمُّهُ: هِيَ أُمُّ عَبْدٍ بِنْتُ عَبْدِ وُدٍّ بنِ سُوَيٍّ، مِنْ بَنِي زُهْرَةَ.
وَرُوِيَ عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
كَنَّانِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ
قَبْلَ أَنْ يُوْلَدَ لِي.وَرَوَى: المَسْعُوْدِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ مِيْنَا، عَنْ نُوَيْفِعٍ مَوْلَى ابْنِ مَسْعُوْدٍ، قَالَ:
كَانَ عَبْدُ اللهِ مِنْ أَجْوَدِ النَّاسِ ثَوْباً أَبْيَضَ، وَأَطْيَبَ النَّاسِ رِيْحاً.
يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: حَدَّثَنِي بِشْرُ بنُ مِهْرَانَ، حَدَّثَنَا شَرِيْكٌ، عَنْ عُثْمَانَ بنِ المُغِيْرَةِ، عَنْ زَيْدِ بنِ وَهْبٍ، قَالَ:
قَالَ عَبْدُ اللهِ: إِنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ عَلِمْتُهُ مِنْ أَمْرِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: قَدِمْتُ مَكَّةَ مَعَ عُمُوْمَةٍ لِي - أَوْ أُنَاسٍ مِنْ قَوْمِي - نَبْتَاعُ مِنْهَا مَتَاعاً، وَكَانَ فِي بُغْيَتِنَا شِرَاءُ عِطْرٍ، فَأَرْشَدُوْنَا عَلَى العَبَّاسِ.
فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِ، وَهُوَ جَالِسٌ إِلَى زَمْزَمَ، فَجَلَسْنَا إِلَيْهِ، فَبَيْنَا نَحْنُ عِنْدَهُ، إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ بَابِ الصَّفَا، أَبْيَضُ، تَعْلُوْهُ حُمْرَةٌ، لَهُ وَفْرَةٌ جَعْدَةٌ إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ، أَشَمُّ، أَقْنَى، أَذْلَفُ، أَدْعَجُ العَيْنَيْنِ، بَرَّاقُ الثَّنَايَا، دَقِيْقُ المَسْرُبَةِ، شَثْنُ الكَفَّيْنِ وَالقَدَمَيْنِ، كَثُّ اللِّحْيَةِ، عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَبْيَضَانِ، كَأَنَّهُ القَمَرُ لَيْلَةَ البَدْرِ، يَمْشِي عَلَى يَمِيْنِهِ غُلاَمٌ حَسَنُ الوَجْهِ، مُرَاهِقٌ، أَوْ مُحْتَلِمٌ، تَقْفُوْهُمُ امْرَأَةٌ قَدْ سَتَرَتْ مَحَاسِنَهَا، حَتَّى قَصَدَ نَحْوَ الحَجَرِ، فَاسْتَلَمَ، ثُمَّ اسْتَلَمَ الغُلاَمُ، وَاسْتَلَمَتِ المَرْأَةُ.
ثُمَّ طَافَ بِالبَيْتِ سَبْعاً، وَهُمَا يَطُوْفَانِ مَعَهُ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ الرُّكْنَ، فَرَفَعَ يَدَهُ وَكَبَّرَ، وَقَامَ ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ قَامَ، فَرَأَيْنَا شَيْئاً أَنْكَرْنَاهُ، لَمْ نَكُنْ نَعْرِفُهُ بِمَكَّةَ.
فَأَقْبَلْنَا عَلَى العَبَّاسِ، فَقُلْنَا: يَا أَبَا الفَضْلِ! إِنَّ هَذَا الدِّيْنَ حَدَثٌ فِيْكُم، أَوْ أَمْرٌ لَمْ نَكُنْ نَعْرِفُهُ؟
قَالَ: أَجَلْ - وَاللهِ - مَا تَعْرِفُوْنَ هَذَا، هَذَا ابْنُ أَخِي مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَالغُلاَمُ عَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ، وَالمَرْأَةُ خَدِيْجَةُ بِنْتُ خُوَيْلدٍ امْرَأَتُهُ، أَمَا وَاللهِ مَا عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ أَحَدٌ نَعْلَمُهُ يَعْبُدُ اللهَ بِهَذَا الدِّيْنِ، إِلاَّ هَؤُلاَءِ الثَّلاَثَةُ.
قَالَ ابْنُ شَيْبَةَ: لاَ نَعْلَمُ رَوَى هَذَا إِلاَّ بِشْرٌ الخَصَّافُ، وَهُوَ رَجُلٌ صَالِحٌ.مُحَمَّدُ بنُ أَبِي عُبَيْدَةَ بنِ مَعْنٍ المَسْعُوْدِيُّ: عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنِ القَاسِمِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
قَالَ عَبْدُ اللهِ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي سَادِسَ سِتَّةٍ، وَمَا عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ مُسْلِمٌ غَيْرُنَا.
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: أَسْلَمَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ بَعْدَ اثْنَيْنِ وَعِشْرِيْنَ نَفْساً.
وَعَنْ يَزِيْدَ بنِ رُوْمَانَ، قَالَ:
أَسْلَمَ عَبْدُ اللهِ قَبْلَ دُخُوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَارَ الأَرْقَمِ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ إِجَازَةً، عَنْ عَبْدِ المُنْعِمِ بنِ كُلَيْبٍ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ بَيَانَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ (ح) .
وَقَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ، وَعَبْدِ الحَافِظِ بنِ بَدْرَانَ، أَخْبَرَكُمَا أَبُو البَرَكَاتِ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ الخَلِيْلِ بنِ فَارِسٍ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مَائَةٍ، وَأَنَا فِي الخَامِسَةِ (ح) .
وَأَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، وَعُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ، وَعَبْدُ المُنْعِمِ بنُ عَسَاكِرَ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ الجَلاَلِ، وَابْنُ مُؤْمِنٍ، قَالُوا:
أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ هِبَةِ اللهِ القَاضِي، أَنْبَأَنَا حَمْزَةُ بنُ عَلِيٍّ الثَّعْلَبِيُّ (ح) .
وَأَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالاَ: أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ
بنُ صَصْرَى، أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ الحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ الأَسَدِيُّ، وَأَبُو يَعْلَى بنُ الحُبُوْبِيِّ (ح) .وَأَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ الطَّائِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ الأُرْمَوِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ الدِّمَشْقِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المَرْدَاوِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُؤْمِنٍ، وَسِتُّ الفَخْرِ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالُوا:
أَخْبَرَتْنَا كَرِيْمَةُ بِنْتُ عَبْدِ الوَهَّابِ القُرَشِيَّةُ، أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى حَمْزَةُ بنُ الحُبُوْبِيِّ، قَالُوا:
أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الفَقِيْهُ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُثْمَانَ التَّمِيْمِيُّ، أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي ثَابِتٍ، قَالاَ:
أَنْبَأَنَا الحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ العَبْدِيُّ (ح) .
وَأَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ، وَالمُسلمُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ، قَالُوا:
أَنْبَأَنَا حَنْبَلٌ، أَنْبَأَنَا ابْنُ الحُصَيْنِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ المُذْهِبِ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ القَطِيْعِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الشَّيْبَانِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، قَالاَ:
أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنِي عَاصِمٌ، عَنْ زِرٍّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ، قَالَ:
كُنْتُ أَرْعَى غَنَماً لِعُقْبَةَ بنِ أَبِي مُعَيْطٍ، فَمَرَّ بِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: (يَا غُلاَمُ! هَلْ مِنْ لَبَنٍ؟) .
قُلْتُ: نَعَمْ، وَلَكِنِّي مُؤْتَمَنٌ.
قَالَ: فَهَلْ مِنْ شَاةٍ لَمْ يَنْزُ عَلَيْهَا الفَحْلُ؟
فَأَتَيْتُهُ بِشَاةٍ، فَمَسَحَ ضِرْعَهَا، فَنَزَلَ لَبَنٌ، فَحَلَبَ فِي إِنَاءٍ، فَشَرِبَ، وَسَقَى أَبَا بَكْرٍ.
ثُمَّ قَالَ لِلضِّرْعِ: (اقْلُصْ) .
فَقَلَصَ.
زَادَ أَحْمَدُ، قَالَ: ثُمَّ أَتَيْتُهُ بَعْدَ هَذَا.
ثُمَّ اتَّفَقَا، فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! عَلِّمْنِي مِنْ هَذَا القَوْلِ.
فَمَسَحَ رَأْسِي، وَقَالَ: (يَرْحَمُكَ اللهُ، إِنَّكَ غُلَيِّمٌ مُعَلَّمٌ) .
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحُ الإِسْنَادِ.
وَرَوَاهُ: أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَاصِمِ بنِ بَهْدَلَةَ، وَفِيْهِ زِيَادَةٌ، مِنْهَا:
فَلَقَدْ أَخَذْتُ مِنْ فِيْهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَبْعِيْنَ سُوْرَةً، مَا نَازَعَنِي فِيْهَا بَشَرٌ.
وَرَوَاهُ:
إِبْرَاهِيْمُ بنُ الحَجَّاجِ السَّامِيُّ، عَنْ سَلاَمٍ أَبِي المُنْذِرِ، عَنْ عَاصِمٍ، وَفِيْهِ قَالَ:فَأَتَيْتُهُ بِصَخْرَةٍ مُنْقَعِرَةٍ، فَحَلَبَ فِيْهَا.
قَالَ: فَأَسْلَمْتُ، وَأَتَيْتُهُ.
عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى، وَغَيْرُهُ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيْلُ، عَنِ المِقْدَامِ بنِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ سَعْدٍ، قَالَ:
كُنَّا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنَحْنُ سِتَّةٌ.
فَقَالَ المُشْرِكُوْنَ: اطْرُدْ هَؤُلاَءِ عَنْكَ، فَلاَ يَجْتَرِئُوْنَ عَلَيْنَا.
وَكُنْتُ أَنَا، وَابْنُ مَسْعُوْدٍ، وَرَجُلٌ مِنْ هُذَيْلٍ، وَرَجُلاَنِ نَسِيْتُ اسْمَهُمَا.
فَوَقَعَ فِي نَفْسِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا شَاءَ اللهُ، وَحَدَّثَ بِهِ نَفْسَهُ.
فَأَنْزَلَ اللهُ -تَعَالَى-: {وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِيْنَ يَدْعُوْنَ رَبَّهُمْ بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ} [الأَنْعَامُ : 52، 53] .
رَوَاهُ: قَبِيْصَةُ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ المِقْدَامِ.
ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بنُ عُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
أَوَّلُ مَنْ جَهَرَ بِالقُرْآنِ بِمَكَّةَ بَعْدَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُوْدٍ.
أَبُو بَكْرٍ: عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، قَالَ:
أَوَّلُ مَنْ قَرَأَ آيَةً عَنْ ظَهْرِ قَلْبِهِ: عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُوْدٍ.
قُلْتُ: هَذَا مُؤَوَّلٌ، فَقَدْ صَلَّى قَبْلَ عَبْدِ اللهِ جَمَاعَةٌ بِالقُرْآنِ.أَبُو دَاوُدَ فِي (سُنَنِهِ) : حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- آخَى بَيْنَ الزُّبَيْرِ وَابْنِ مَسْعُوْدٍ.
وَرَوَى مِثْلَهُ: سُفْيَانُ بنُ حُسَيْنٍ، عَنْ يَعْلَى بنِ مُسلمٍ، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
رَوَاهُ: الحَاكِمُ فِي (مُسْتَدْرَكِهِ ) .
وَفِيْهِ: لِمُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ سَخْبَرَةَ، قَالَ:
رَأَيْتُ ابْنَ مَسْعُوْدٍ آدَمَ، لَطِيْفَ الجِسْمِ، ضَعِيْفَ اللَّحْمِ.
قُلْتُ: أَكْثَرُ مَنْ آخَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَهُم مُهَاجِرِيٌّ وَأَنْصَارِيٍّ.
قَالَ مُوْسَى بنُ عُقْبَةَ: وَمِمَّنْ قَدِمَ مِنْ مُهَاجِرَةِ الحَبَشَةِ - الهِجْرَةِ الأُوْلَى إِلَى مَكَّةَ - عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُوْدٍ، ثُمَّ هَاجَرَ إِلَى المَدِيْنَةِ.
يَحْيَى الحِمَّانِيُّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سَلَمَةَ بنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:
مَا بَقِيَ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ أُحُدٍ إِلاَّ أَرْبَعَةٌ: أَحَدُهُمُ ابْنُ مَسْعُوْدٍ.
شُعْبَةُ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ:
سَمِعْتُ أَبَا مَسْعُوْدٍ وَأَبَا مُوْسَى
حِيْنَ مَاتَ عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُوْدٍ، وَأَحَدُهُمَا يَقُوْلُ لِصَاحِبِهِ: أَتَرَاهُ تَرَكَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ؟قَالَ: لَئِنْ قُلْتَ ذَاكَ، لَقَدْ كَانَ يُؤْذَنُ لَهُ إِذَا حُجِبْنَا، وَيَشْهَدُ إِذَا غِبْنَا.
يَحْيَى: عَنْ قُطْبَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مَالِكِ بنِ الحَارِثِ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ بِنَحْوِهِ.
وَأَخْرَجَ البُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيْثِ أَبِي مُوْسَى، قَالَ:
قَدِمْتُ أَنَا وَأَخِي مِنَ اليَمَنِ، فَمَكَثْنَا حِيْناً، وَمَا نَحْسِبُ ابْنَ مَسْعُوْدٍ وَأُمَّهُ إِلاَّ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِكَثْرَةِ دُخُوْلِهِم وَخُرُوْجِهِم عَلَيْهِ.
الأَعْمَشُ: عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ أَبِي مُوْسَى، قَالَ:
وَاللهِ لَقَدْ رَأَيْتُ عَبْدَ اللهِ، وَمَا أَرَاهُ إِلاَّ عَبْدَ آلِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
حَدَّثَنَا السِّلَفِيُّ، حَدَّثَنَا الثَّقَفِيُّ، أَنْبَأَنَا ابْنُ بِشْرَانَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ، عَنِ الحَسَنِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَزِيْدَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يَا عَبْدَ اللهِ! إِذْنُكَ عَلَيَّ أَنْ تَرْفَعَ الحِجَابَ، وَتَسْمَعَ سِوَادِي
حَتَّى أَنْهَاكَ ) .رَوَاهُ: الثَّوْرِيُّ، وَزَائِدَةُ، عَنِ الحَسَنِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ.
وَفِي لَفْظٍ: (أَنْ تَرْفَعَ السِّتْرَ، وَأَنْ تَسْتَمِعَ سِوَادِي) .
وَرَوَاهُ: سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ رَجُلٍ سَمَّاهُ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ.
وَهَذَا مُنْقَطِعٌ.
وَكَذَا رَوَاهُ: ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الحَسَنِ.
وَالسِّوَادُ: السِّرَارُ، وَقِيْلَ: المُحَادَثَةُ.
وَفِي (مُسْنَدِ أَحْمَدَ) : مِنْ طَرِيْقِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ سَعِيْدٍ، عَنْ حُمَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ:
قَالَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ: كُنْتُ لاَ أُحْبَسُ عَنِ النَّجْوَى، وَعَنْ كَذَا، وَعَنْ كَذَا.
وَعَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ، قَالَ:
كَانَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ صَاحِبَ سِوَادِ رَسُوْلِ اللهِ - يَعْنِي سِرَّهُ - وَوِسَادِهِ - يَعْنِي فِرَاشَهُ - وَسِوَاكِهِ، وَنَعْلَيْهِ، وَطَهُوْرِهِ، وَهَذَا يَكُوْنُ فِي السَّفَرِ.
ابْنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا المَسْعُوْدِيُّ، عَنِ القَاسِمِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ:
كَانَ عَبْدُ اللهِ يُلْبِسُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَعْلَيْهِ، ثُمَّ يَمْشِي أَمَامَهُ بِالعَصَا، حَتَّى إِذَا أَتَى مَجْلِسَهُ نَزَعَ نَعْلَيْهِ، فَأَدْخَلَهُمَا فِي ذِرَاعِهِ، وَأَعْطَاهُ العَصَا، وَكَانَ يَدْخُلُ
الحُجْرَةَ أَمَامَهُ بِالعَصَا.المَسْعُوْدِيُّ: عَنْ عَيَّاشٍ العَامِرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ شَدَّادٍ، قَالَ:
كَانَ عَبْدُ اللهِ صَاحِبَ الوِسَادِ، وَالسِّوَاكِ، وَالنَّعْلِيْنِ.
الأَعْمَشُ: عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
لَمَّا نَزَلَتْ: {لَيْسَ عَلَى الَّذِيْنَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ} الآيَة، قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (قِيْلَ لِي: أَنْتَ مِنْهُم) .
رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
مَنْصُوْرٌ، وَالأَعْمَشُ: عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ:
كُنْتُ مَعَ حُذَيْفَةَ، فَجَاءَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ.
فَقَالَ حُذَيْفَةُ: إِنَّ أَشْبَهَ النَّاسِ هَدْياً وَدَلاًّ وَقَضَاءً وَخُطْبَةً بِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ حِيْنِ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ، إِلَى أَنْ يَرْجِعَ، لاَ أَدْرِي مَا يَصْنَعُ فِي أَهْلِهِ لَعَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُوْدٍ، وَلَقَدْ عَلِمَ المُتَهَجِّدُوْنَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ عَبْدَ اللهِ مِنْ أَقْرَبِهِم عِنْدَ اللهِ وَسِيْلَةً يَوْمَ القِيَامَةِ.
لَفْظُ مَنْصُوْرٍ: كَذَا قَالَ المُتَهَجِّدُوْنَ، وَلَعَلَّهُ المُجْتَهِدُوْنَ.
الأَعْمَشُ: عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ:
كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللهِ، فَجَاءَ خَبَّابُ بنُ
الأَرَتِّ، حَتَّى قَامَ عَلَيْنَا فِي يَدِهِ خَاتَمٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ:أَكُلُّ هَؤُلاَءِ يَقْرَؤُوْنَ كَمَا تَقْرَأُ؟
فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: إِنَّ شِئْتَ أَمَرْتُ بَعْضَهُمْ يَقْرَأُ.
قَالَ: أَجَل.
فَقَالَ: اقْرَأْ يَا عَلْقَمَةُ.
فَقَالَ فُلاَنٌ: أَتَأْمُرُهُ أَنْ يَقْرَأَ وَلَيْسَ بِأَقْرَئِنَا؟
قَالَ عَبْدُ اللهِ: إِنَّ شِئْتَ حَدَّثْتُكَ بِمَا قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَوْمِهِ وَقَوْمِكَ.
قَالَ عَلْقَمَةُ: فَقَرَأْتُ خَمْسِيْنَ آيَةً مِنْ سُوْرَةِ مَرْيَمَ.
فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: مَا قَرَأَ إِلاَّ كَمَا أَقْرَأُ.
ثُمَّ قَالَ عَبْدُ اللهِ: أَلَمْ يَأْنِ لِهَذَا الخَاتَمِ أَنْ يُطْرَحَ؟
فَنَزَعَه، وَرَمَى بِهِ، وَقَالَ: وَاللهِ لاَ تَرَاهُ عَلَيَّ أَبَداً.
شَيْبَانُ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مَالِكِ بنِ الحَارِثِ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، قَالَ:
أَتَيْتُ أَبَا مُوْسَى وَعِنْدَهُ عَبْدُ اللهِ، وَأَبُو مَسْعُوْدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَهُمْ يَنْظُرُوْنَ إِلَى مُصْحَفٍ.
فَتَحَدَّثْنَا سَاعَةً، ثُمَّ خَرَجَ عَبْدُ اللهِ، وَذَهَبَ.
فَقَالَ أَبُو مَسْعُوْدٍ: وَاللهِ مَا أَعْلَمُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَرَكَ أَحَداً أَعْلَمَ بِكِتَابِ اللهِ مِنْ هَذَا القَائِمِ.
الأَعْمَشُ: عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوْقٍ:
قَالَ عَبْدُ اللهِ: وَالَّذِي لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ، لَقَدْ قَرَأتُ مِنْ فِيِّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِضْعاً وَسَبْعِيْنَ سُوْرَةً، وَلَوْ أَعْلَمُ أَحَداً أَعْلَمَ بِكِتَابِ اللهِ مِنِّي تُبَلِّغُنِيْهُ الإِبِلُ لأَتَيْتُهُ.
جَامِعُ بنُ شَدَّادٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مِرْدَاسٍ:كَانَ عَبْدُ اللهِ يَخْطُبُنَا كُلَّ خَمْسٍ عَلَى رِجْلَيْهِ، فَنَشْتَهِي أَنْ يَزِيْدَ.
الأَعْمَشُ: عَنْ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيْهِ:
قَالَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ: لَوْ تَعْلَمُوْنَ ذُنُوْبِي مَا وَطِئَ عَقِبِي رَجُلاَنِ.
جَابِرُ بنُ نُوْحٍ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوْقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
مَا نَزَلَتْ آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللهِ إِلاَّ وَأَنَا أَعْلَمُ أَيْنَ نَزَلَتْ، وَفِيْمَا نَزَلَتْ، الحَدِيْثَ.
الثَّوْرِيُّ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ خُمَيْرِ بنِ مَالِكٍ، قَالَ:
قَالَ عَبْدُ اللهِ: لَقَدْ قَرَأْتُ مِنْ فِيِّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَبْعِيْنَ سُوْرَةً، وَزَيْدٌ لَهُ ذُؤَابَةٌ يَلْعَبُ مَعَ الغِلْمَانِ.
عَبْدَةُ بنُ سُلَيْمَانَ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيْقٍ:قَالَ عَبْدُ اللهِ: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ القِيَامَةِ} [آلُ عِمْرَانَ: 161] عَلَى قِرَاءةِ مَنْ تَأْمُرُوْنِي أَنْ أَقْرَأَ؟
لَقَدْ قَرَأْتُ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبْعِيْنَ سُوْرَةً، وَلَقَدْ عَلِمَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ أَنِّي أَعْلَمُهُمْ بِكِتَابِ اللهِ، وَلَوْ أَعْلَمُ أَحَداً أَعْلَمَ بِكِتَابِ اللهِ مِنِّي لَرَحَلْتُ إِلَيْهِ.
قَالَ شَقِيْقٌ: فَجَلَسْتُ فِي حِلَقٍ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَمَا سَمِعْتُ أَحَداً مِنْهُمْ يَعِيْبُ عَلَيْهِ شَيْئاً مِمَّا قَالَ، وَلاَ يَرُدُّ عَلَيْهِ.
شُعْبَةُ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ:أَنَّهُم ذَكَرُوا قِرَاءتَهُ، فَكَأَنَّهُمْ عَابُوْهُ، فَقَالَ:
لَقَدْ عَلِمَ أَصْحَابُ رَسُوْلِ اللهِ أَنِّي أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ.
ثُمَّ كَأَنَّهُ نَدِمَ، فَقَالَ: وَلَسْتُ بِخَيْرِهِم.
سُوَيْدُ بنُ سَعِيْدٍ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ:
لَمَّا أَمَرَ عُثْمَانُ بِتَشْقِيْقِ المَصَاحِفِ، قَامَ عَبْدُ اللهِ خَطِيْباً، فَقَالَ: لَقَدْ عَلِمَ
أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنِّي أَعْلَمُهُمْ بِكِتَابِ اللهِ.ثُمَّ قَالَ: وَمَا أَنَا بِخَيْرِهِم.
زَائِدَةُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَّ بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَعَبْدُ اللهِ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَافْتَتَحَ سُوْرَةَ النِّسَاءِ يَسْجِلُهَا.
فَقَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْرَأَ القُرْآنَ غَضّاً كَمَا أُنْزِلَ، فَلْيَقْرَأِ قِرَاءةَ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ) .
فَأَخَذَ عَبْدُ اللهِ فِي الدُّعَاءِ، فَجَعَلَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (سَلْ تُعْطَ) .
فَكَانَ فِيْمَا سَأَلَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ إِيْمَاناً لاَ يَرْتَدُّ، وَنَعِيْماً لاَ يَنْفَدُ، وَمُرَافَقَةَ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي أَعْلَى جِنَانِ الخُلْدِ.
فَأَتَى عُمَرُ عَبْدَ اللهِ يُبَشِّرُهُ، فَوَجَدَ أَبَا بَكْرٍ خَارِجاً قَدْ سَبَقَهُ، فَقَالَ: إِنَّكَ لَسَبَّاقٌ بِالخَيْرِ.
رَوَاهُ: يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ.
أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَغَيْرُهُ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ:
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ وَهُوَ بِعَرَفَةَ (ح) .
وَالأَعْمَشُ: عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ قَيْسِ بنِ مَرْوَانَ:
أَنَّهُ أَتَى عُمَرَ، فَقَالَ: جِئْتُ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ مِنَ الكُوْفَةِ، وَتَرَكْتُ بِهَا رَجُلاً يُمْلِي المَصَاحِفَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ.
فَغَضِبَ عُمَرُ، وَانْتَفَخَ حَتَّى كَادَ يَمْلأُ مَا بَيْنَ شُعْبَتَيِ الرَّجُلِ.
فَقَالَ: وَمَنْ هُوَ وَيْحَكَ؟
فَقَالَ: ابْنُ مَسْعُوْدٍ.
فَمَا زَالَ يُطْفِئُ غَضَبَهُ، وَيَتَسَرَّى عَنْهُ حَتَّى عَادَ إِلَى حَالِهِ، ثُمَّ قَالَ:
وَيْحَكَ! وَاللهِ مَا أَعْلَمُ بَقِيَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ هُوَ
أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْهُ، وَسَأُحَدِّثُكَ:كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لاَ يَزَالُ يَسْمُرُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ اللَّيْلَةَ كَذَلِكَ فِي الأَمْرِ مِنْ أَمْرِ المُسْلِمِيْنَ، وَإِنَّهُ سَمَرَ عِنْدَهُ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَأَنَا مَعَهُ، فَخَرَجَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَخَرَجْنَا مَعَهُ، فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي المَسْجِدِ.
فَقَامَ رَسُوْلُ اللهِ يَسْمَعُ قِرَاءتَهُ، فَلَمَّا كِدْنَا أَنْ نَعْرِفَهُ، قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْرَأَ القُرْآنَ رَطْباً كَمَا أُنْزِلَ، فَلْيَقْرَأْهُ عَلَى قِرَاءةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ) .
قَالَ: ثُمَّ جَلَسَ يَدْعُو، فَجَعَلَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ لَهُ: (سَلْ تُعْطَهُ) .
فَقُلْتُ: وَاللهِ لأَغْدُوَنَّ إِلَيْهِ، فَلأُبَشِّرُهُ.
قَالَ: فَغَدَوْتُ، فَوَجَدْتُ أَبَا بَكْرٍ قَدْ سَبَقَنِي.
رَوَاهُ: أَحْمَدُ فِي (مُسْنَدِهِ ) ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ.
وَرَوَى نَحْوَهُ: يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأُمَوِيُّ، عَنْ مَالِكِ بنِ مِغْوَلٍ، عَنْ حَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ خَيْثَمَةَ، ... فَذَكَرَ القِصَّةَ.
مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ أَبِي كَثِيْرٍ: عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ صَخْرٍ الأَيْلِيِّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَّ بِابْنِ مَسْعُوْدٍ وَهُوَ يَقْرَأُ حَرْفاً حَرْفاً، فَقَالَ: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْرَأَ القُرْآنَ غَضّاً كَمَا أُنْزِلَ، فَلْيَسْمَعْهُ مِنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ ) .
أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ فِي (المُسْنَدِ) : حَدَّثَنَا وَكِيْعٌ، عَنْ عِيْسَى بنِ دِيْنَارٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَمْرِو بنِ الحَارِثِ المُصْطَلِقِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِنَحْوِ مَا قَبْلَهُ.
وَرَوَى:
جَرِيْرُ بنُ أَيُّوْبَ البَجَلِيُّ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِنَحْوِهِ.زُهَيْرُ بنُ مُعَاوِيَةَ: عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لَوْ كُنْتُ مُؤَمِّراً أَحَداً عَنْ غَيْرِ مَشُوْرَةٍ، لأَمَّرْتُ عَلَيْهِم ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ ) .
رَوَاهُ: وَكِيْعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ.
وَرَوَاهُ: أَبُو سَعِيْدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، عَنْ إِسْرَائِيْلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ.
وَقَدْ رَوَاهُ: القَاسِمُ بنُ مَعْنٍ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، فَقَالَ: عَاصِمُ بنُ ضَمْرَةَ بَدَلَ الحَارِثِ.
وَلَفْظُ وَكِيْعٍ: (لَوْ كُنْتُ مُسْتَخْلِفاً مِنْ غَيْرِ مَشُوْرَةٍ، لاَسْتَخْلَفْتُ ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ) .
ابْنُ فُضَيْلٍ: حَدَّثَنَا مُغِيْرَةُ، عَنْ أُمِّ مُوْسَى: سَمِعْتُ عَلِيّاً يَقُوْلُ:
أَمَرَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ابْنَ مَسْعُوْدٍ، فَصَعَدَ شَجَرَةً يَأْتِيْهِ مِنْهَا بِشَيْءٍ، فَنَظَرَ أَصْحَابُهُ إِلَى سَاقِ عَبْدِ اللهِ، فَضَحِكُوا مِنْ حُمُوْشَةِ سَاقَيْهِ.
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَا تَضحكُوْنَ؟ لَرِجْلُ
عَبْدِ اللهِ أَثْقَلُ فِي المِيْزَانِ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ أُحُدٍ ) .وَرَوَاهُ: جَرِيْرٌ، عَنْ مُغِيْرَةَ.
وَرَوَى: حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ نَحْوَهُ.
وَرَوَاهُ: أَبُو عَتَّابٍ الدَّلاَّلُ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ قُرَّةَ بنِ إِيَاسٍ المُزَنِيِّ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَحْوَهُ.
الثَّوْرِيُّ: عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، عَنْ مَوْلَىً لِرِبْعِيٍّ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَاهْتَدُوا بِهَدْيِ عَمَّارٍ، وَتَمَسَّكُوا بِعَهْدِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ).
رَوَاهُ جَمَاعَةٌ هَكَذَا عَنْهُ.
وَرَوَاهُ: أَسْبَاطٌ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، فَأَسْقَطَ مِنْهُ مَوْلَى رِبْعِيٍّ.
وَرَوَاهُ: مِسْعَرٌ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ.
وَرَوَاهُ: سَالِمٌ المُرَادِيُّ، عَنْ عَمْرِو بنِ هَرِمٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ.
وَقَالَ: وَكِيْعٌ، عَنْ سَالِمٍ المُرَادِيِّ، فَقَالَ: عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، وَالأَوَّلُ أَشْبَهُ.
وَرَوَاهُ: يَحْيَى بنُ سَلَمَةَ بنِ
كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي الزَّعْرَاءِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ:أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: ... ، فَذَكَرَهُ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ يَعْلَى: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (رَضِيْتُ لأُمَّتِي مَا رَضِيَ لَهَا ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ ) .
رَوَاهُ: الثَّوْرِيُّ، وَإِسْرَائِيْلُ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، فَقَالَ: عَنِ القَاسِمِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُرْسَلاً.
وَكَذَا قَالَ ابْنُ عُيَيْنَة: عَنْ أَبِي العُمَيْسِ، عَنِ القَاسِمِ مُرْسَلاً.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ الفَرَّاءُ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ عَوْنٍ، عَنِ المَسْعُوْدِيِّ، عَنْ جَعْفَرِ بنِ عَمْرِو بنِ حُرَيْثٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (قَدْ رَضِيْتُ لَكُم مَا رَضِيَ لَكُمُ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ).
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الفَقِيْهُ، حَدَّثَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحَسَنِ الدَّقَّاقُ، حَدَّثَنَا أَبُو الفَضْلِ عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيٍّ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مَائَةٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو الحُسَيْنِ بنُ بِشْرَانَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَتَّابٍ سَهْلُ بنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ قُرَّةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
صَعَدَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ شَجَرَةً، فَجَعَلُوا يَضْحَكُوْنَ مِنْ دِقَّةِ
سَاقَيْهِ.فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لَهُمَا فِي المِيْزَانِ أَثْقَلُ مِنْ أُحُدٍ ) .
حَاتِمُ بنُ اللَّيْثِ: حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنْ مُوْسَى بنِ يَعْقُوْبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي حَرْمَلَةَ، حَدَّثَتْنِي سَارَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ عَبْدَ اللهِ أَثْقَلُ فِي المِيْزَانِ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ أُحُدٍ ) .
عَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
قَالَ لِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (اقْرَأْ عَلَيَّ القُرْآنَ) .
قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟!
قَالَ: (إِنِّي أَشْتَهِي أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي) .
فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ سُوْرَةَ النِّسَاءِ حَتَّى بَلَغْتُ: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيْدٍ، وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيْداً} [النِّسَاءُ: 41] ، فَغَمَزَنِي بِرِجْلِهِ، فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ.
رَوَاهُ: أَبُو الأَحْوَصِ، عَنِ الأَعْمَشِ، فَقَالَ: عَلْقَمَةُ بَدَلَ عُبَيْدَةَ.
وَرَوَاهُ: شُعْبَةُ، وَالثَّوْرِيُّ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، مُنْقَطِعاً.
البَزَّارُ صَاحِبُ (المُسْنَدِ) : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مَالِكٍ، حَدَّثَنَا مِفْضَلُ بنُ مُحَمَّدٍ الكُوْفِيُّ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، وَمُغِيْرَةُ، وَابْنُ مُهَاجِرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ،
عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:اسْتَقْرَأَنِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى المِنْبَرِ سُوْرَةَ النِّسَاءِ، فَقَرَأْتُ حَتَّى بَلَغْتُ: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيْدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيْداً} .
فَاغْرَوْرَقَتْ عَيْنَا النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْرَأَ القُرْآنَ غَضّاً كَمَا أُنْزِلَ، فَلْيَقْرَأْ عَلَى قِرَاءةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ ) .
مِفْضَلٌ تَرَكَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَمَشَّاهُ غَيْرُهُ.
الحُمَيْدِيُّ فِي (مُسْنَدِهِ) : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا المَسْعُوْدِيُّ، عَنِ القَاسِمِ:
قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لابْنِ مَسْعُوْدٍ: (اقْرَأْ) .
فَقَالَ: أَقْرَأُ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟! ... الحَدِيْثَ.
أَخْبَرَنَا سُنْقُرُ القَضَائِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ يُوْسُفَ، وَعَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ مُحَمَّدٍ القُبَّيْطِيُّ، وَجَمَاعَةٌ، قَالُوا:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، حَدَّثَنَا مَالِكُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الصَّلْتِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بنُ أَسْبَاطٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَاهْتَدُوا بِهَدْيِ عَمَّارٍ، وَتَمَسَّكُوا بِعَهْدِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ).
عَفَّانُ: حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بنُ شَيْبَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو نَوْفَلٍ بنُ أَبِي عَقْرَبٍ، قَالَ:قَالَ عَمْرُو بنُ العَاصِ فِي مَرَضِهِ، وَقَدْ جَزِعَ، فَقِيْلَ لَهُ:
قَدْ كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُدْنِيْكَ وَيَسْتَعْمِلُكَ؟!
قَالَ: وَاللهِ مَا أَدْرِي مَا كَانَ ذَاكَ مِنْهُ، أَحُبٌّ أَوْ كَانَ يَتَأَلَّفُنِي، وَلَكِنْ أَشْهَدُ عَلَى رَجُلَيْنِ أَنَّهُ مَاتَ وَهُوَ يُحِبُّهُمَا: ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ، وَابْنِ سُمَيَّةَ.
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا فِطْرُ بنُ خَلِيْفَةَ، عَنْ كَثِيْرٍ النَّوَّاءِ:
سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ مُلَيْلٍ :
سَمِعْتُ عَلِيّاً يَقُوْلُ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ إِلاَّ وَقَدْ أُعْطِيَ سَبْعَةَ نُجَبَاءَ رُفَقَاءَ وُزَرَاءَ، وَإِنِّي أُعْطِيْتُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ: حَمْزَةُ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعَلِيٌّ، وَجَعْفَرٌ، وَحَسَنٌ، وَحُسَيْنٌ، وَابْنُ مَسْعُوْدٍ، وَأَبُو ذَرٍّ، وَالمِقْدَادُ، وَحُذَيْفَةُ، وَعَمَّارٌ، وَسَلْمَانُ ) .
رَوَاهُ: عَلِيُّ بنُ هَاشِمِ بنِ البَرِيْدِ، عَنْ كَثِيْرٍ، فَوَقَفَهُ عَلَى عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَهُوَ أَشْبَهُ.
أُنْبِئْتُ عَنِ الخُشُوْعِيِّ، وَغَيْرِهِ:
أَنَّ مُرْشِدَ بنَ يَحْيَى أَنْبَأَهُم، قَالَ:
أَنْبَأَنَا أَبُو الحَسَنِ الطَّفَّالُ، أَنْبَأَنَا أَبُو الطَّاهِرِ الذُّهْلِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدُوْسٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا وَكِيْعٌ، عَنْ أَبِيْهِ، وَإِسْرَائِيْلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ:
قَالَ عَبْدُ اللهِ: انْتَهَيْتُ إِلَى أَبِي جَهْلٍ وَهُوَ صَرِيْعٌ، وَهُوَ
يَذُبُّ النَّاسَ بِسَيْفِهِ، فَقُلْتُ:الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَخْزَاكَ يَا عَدُوَّ اللهِ!
قَالَ: هَلْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ قَتَلَهُ قَوْمُهُ، فَجَعَلْتُ أَتَنَاوَلُهُ بِسَيْفٍ لِي، فَأَصَبْتُ يَدَهُ، فَنَدَرَ سَيْفُهُ، فَأَخَذَتْهُ، فَضَرَبْتُهُ بِهِ حَتَّى بَرَدَ، ثُمَّ خَرَجْتُ حَتَّى أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَأَنَّمَا أَقَلَّ مِنَ الأَرْضِ.
فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: (اللهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ) .
قَالَ: فَقَامَ مَعِي حَتَّى خَرَجَ يَمْشِي مَعِي حَتَّى قَامَ عَلَيْهِ.
فَقَالَ: (الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَخْزَاكَ يَا عَدُوَّ اللهِ، هَذَا كَانَ فِرْعُوْنُ هَذِهِ الأُمَّةِ ) .
قَالَ وَكِيْعٌ:
وَزَادَ فِيْهِ: أَبِي، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ عَبْدُ اللهِ:
فَنَفَلَنِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَيْفَهُ.
أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ: حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ الحَنَّاطُ، عَنْ مُحْتَسِبٍ البَصْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ وَاسِعٍ، عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ:
خَطَبَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خُطْبَةً خَفِيْفَةً، فَلَمَّا فَرَغ مِنْ خُطْبَتِهِ، قَالَ: (يَا أَبَا بَكْرٍ! قُمْ فَاخْطُبْ) .
فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ، فَخَطَبَ، فَقَصَّرَ دُوْنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
ثُمَّ قَالَ: (يَا عُمَرُ! قُمْ فَاخْطُبْ) .
فَقَامَ عُمَرُ، فَقَصَّرَ دُوْنَ أَبِي بَكْرٍ.
ثُمَّ قَالَ: (يَا فُلاَنُ! قُمْ فَاخْطُبْ) .
فَشَقَّقَ القَوْلَ، فَقَالَ لَهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (اسْكُتْ أَوِ اجْلِسْ، فَإِنَّ التَّشْقِيْقَ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَإِنَّ البَيَانَ مِنَ السِّحْرِ) .
وَقَالَ: (يَا ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ! قُمْ فَاخْطُبْ) .
فَقَامَ، فَحَمِدَ اللهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ،
ثُمَّ قَالَ:أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- رَبُّنَا، وَإِنَّ الإِسْلاَم دِيْنُنَا، وَإِنَّ القُرْآنَ إِمَامُنَا، وَإِنَّ البَيْتَ قِبْلَتُنَا، وَإِنَّ هَذَا نَبِيُّنَا - وَأَوْمَأَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَضِيْنَا مَا رَضِيَ اللهُ لَنَا وَرَسُوْلُهُ، وَكَرِهْنَا مَا كَرِهَ اللهُ لَنَا وَرَسُوْلُهُ، وَالسَّلاَمُ عَلَيْكُم.
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَصَابَ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ وَصَدَقَ، رَضِيْتُ بِمَا رَضِيَ اللهُ لأُمَّتِي وَابْنُ أُمِّ عَبْدٍ، وَكَرِهْتُ مَا كَرِهَ اللهُ لأُمَّتِي وَابْنُ أُمِّ عَبْدٍ ) .
إِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ.
رَوَاهُ: الطَّبَرَانِيُّ فِي (مُعْجَمِهِ) .
وَنَقَلْتُهُ مِنْ خَطِّ الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ هَكَذَا ابْنُ خُثَيْمٍ، وَإِنَّمَا هُوَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، هَكَذَا هُوَ فِي (تَارِيْخ دِمَشْقَ) .
وَرَوَاهُ: مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ الوَرْكَانِيُّ، عَنْ أَبِي شِهَابٍ نَحْوَهُ.
وَسَعِيْدٌ لَمْ يُدْرِكْ أَبَا الدَّرْدَاءِ، وَلاَ أَدْرِي مَنْ هُوَ مُحْتَسِبٌ؟
إِسْرَائِيْلُ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ:
سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ يَزِيْدَ، قَالَ:
قُلْنَا لِحُذَيْفَةَ: أَخْبِرْنَا بِرَجُلٍ قَرِيْبِ السَّمْتِ وَالدَّلِّ بِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى نَلْزَمَهُ.
قَالَ: مَا أَعْلَمُ أَحَداً أَقْرَبَ سَمْتاً وَلاَ هَدْياً وَلاَ دَلاًّ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى يُوَارِيَهُ جِدَارُ بَيْتِهِ مِنِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ.
وَلَقَدْ عَلِمَ المَحْفُوْظُوْنَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ أَنَّ ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ مِنْ أَقْرَبِهِم إِلَى اللهِ زُلْفَةً.
قَوْلُهُ: وَلَقَدْ عَلِمَ ... اِلْخَ، رَوَاهُ: غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ:حَدَّثَنِي الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ.
نُعَيْمٌ : حَدَّثَنَا ابْنُ المُبَارَكِ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ:
أَنَّ عَبْدَ اللهِ ذَكَرَ عُثْمَانَ، فَقَالَ: أَهْلَكَهُ الشُّحُّ وَبِطَانَةُ السُّوْءِ.
الفَسَوِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ:
كَانَ عَبْدُ اللهِ يُشْبِهُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي هَدْيِهِ وَدَلِّهِ وَسَمْتِهِ، وَكَانَ عَلْقَمَةُ يُشَبَّهُ بِعَبْدِ اللهِ.
الثَّوْرِيُّ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بنِ مُضَرِّبٍ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بنُ
الخَطَّابِ إِلَى أَهْلِ الكُوْفَةِ:إِنَّنِي قَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكُمْ عَمَّاراً أَمِيْراً، وَابْنَ مَسْعُوْدٍ مُعَلِّماً وَوَزِيْراً، وَهُمَا مِنَ النُّجَبَاءِ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، فَاسْمَعُوا لَهُمَا، وَاقْتَدُوا بِهِمَا، وَقَدْ آثَرْتُكُم بِعَبْدِ اللهِ عَلَى نَفْسِي.
الأَعْمَشُ: عَنْ خَيْثَمَةَ، قَالَ:
كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، فَذَكَرَ ابْنَ مَسْعُوْدٍ، فَقَالَ:
لاَ أَزَالُ أُحِبُّهُ بَعْدَ إِذْ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (اسْتَقْرِئُوا القُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ: مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ - فَبَدَأَ بِهِ - وَأُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، وَمُعَاذِ بنِ جَبَلٍ، وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ ) .
أَخْرَجَهُ: النَّسَائِيُّ.
وَقَدْ رَوَاهُ: شُعْبَةُ، وَوَكِيْعٌ، وَسُفْيَانُ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، وَيَعْلَى، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوْقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، فَلَعَلَّهُ عِنْدَ الأَعْمَشِ بِالإِسْنَادَيْنِ.
وَقَدْ رَوَاهُ: شُعْبَةُ أَيْضاً، عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ مَسْرُوْقٍ.
وَرَوَاهُ: زَيْدُ بنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ طَلْحَةَ بنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ مَسْرُوْقٍ.
أَخْبَرَنَا ابْنُ عَلاَّنَ، وَغَيْرُهُ كِتَابَةً، أَنَّ حَنْبَلَ بنَ عَبْدِ اللهِ أَخْبَرَهُم، قَالَ:
أَنْبَأَنَا ابْنُ الحُصَيْنِ، حَدَّثَنَا ابْنُ المُذْهِبِ، أَنْبَأَنَا القَطِيْعِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بنُ عَامِرٍ، أَنْبَأَنَا إِسْرَائِيْلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ خُمَيْرِ بنِ مَالِكٍ، قَالَ:
أُمِرَ بِالمَصَاحِفِ أَنْ تُغَيَّرَ، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ:
مَنِ اسْتطَاعَ مِنْكُم أَنْ يَغِلَّ مُصْحَفَهُ فَلْيَغِلَّهُ، فَإِنَّهُ مَنْ غَلَّ شَيْئاً جَاءَ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ.
ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ قَرَأْتُ مِنْ فَمِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَبْعِيْنَ سُوْرَةً، أَفَأَتْرُكُ مَا أَخَذْتُ مِنْ فِيِّ رَسُوْلِ
الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟! أَخْرَجَهُ: أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي (مُسْنَدِهِ) ، عَنْ عَمْرِو بنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ خُمَيْرٍ:
سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُوْدٍ: إِنِّي غَالٌّ مُصْحَفِي، ... وَذَكَرَ الحَدِيْثَ.
الوَاقِدِيُّ: أَنْبَأَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ زَيْدِ بنِ وَهْبٍ، قَالَ:
قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ اللهِ، فَدَخَلْنَا إِلَيْهِ، فَقُلْنَا:
اقْرَأْ عَلَيْنَا سُوْرَةَ البَقَرَةِ.
قَالَ: لاَ أَحْفَظُهَا.
تَفَرَّدَ بِهِ: الوَاقِدِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوْكٌ.
إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ:
أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ:
أَنَّ ابْنَ مَسْعُوْدٍ كَرِهَ لِزَيْدِ بنِ ثَابِتٍ نَسْخَ المَصَاحِفِ، وَقَالَ:
يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِيْنَ! أُعْزَلُ عَنْ نَسْخِ المَصَاحِفِ، وَيُوَلاَّهَا رَجُلٌ، وَالله لَقَدْ أَسْلَمْتُ، وَإِنَّهُ لَفِي صُلْبِ أَبِيْهِ كَافِرٌ.
يُرِيْدُ زَيْدَ بن ثَابِتٍ.
وِلِذَاكَ يَقُوْلُ عَبْدُ اللهِ: يَا أَهْلَ الكُوْفَةِ! اكْتُمُوا المَصَاحِفَ الَّتِي عِنْدَكُم وَغُلُّوْهَا، فَإِنَّ اللهَ قَالَ: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ القِيَامَةِ} ، فَالْقَوُا اللهَ بِالمَصَاحِفِ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَبَلَغَنِي أَنَّ ذَلِكَ كُرِهِ مِنْ مَقَالَةِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ، كَرِهَهُ رِجَالٌ مِنْ
الصَّحَابَةِ.أَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ: حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ أَشْعَث، حَدَّثَنَا الهَيْصَمُ بنُ شدَاخٍ:
سَمِعْتُ الأَعْمَشَ، عَنْ يَحْيَى بنِ وَثَّابٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
عَجَبٌ لِلنَّاسِ وَتَرْكِهِم قِرَاءتِي، وَأَخْذِهِم قِرَاءةَ زَيْدٍ، وَقَدْ أَخَذْتُ مِنْ فِيِّ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَبْعِيْنَ سُوْرَةً، وَزَيْدٌ صَاحِبُ ذُؤَابَةٍ، يَجِيْءُ وَيذْهَبُ فِي المَدِيْنَةِ.
سَعْدَوَيْه: حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ:
خَطَبَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ عَلَى المِنْبَرِ، فَقَالَ:
غُلُّوا مَصَاحِفَكُم، كَيْفَ تَأْمُرُوْنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَى قِرَاءةِ زَيْدٍ، وَقَدْ قَرَأْتُ مِنْ فِيِّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِضْعاً وَسَبْعِيْنَ سُوْرَةً، وَإِنَّ زَيْداً لَيَأْتِي مَعَ الغِلْمَانِ، لَهُ ذُؤَابَتَانِ.
قُلْتُ: إِنَّمَا شَقَّ عَلَى ابْنِ مَسْعُوْدٍ، لِكَوْنِ عُثْمَانَ مَا قَدَّمَهُ عَلَى كِتَابَةِ المُصْحَفِ، وَقَدَّمَ فِي ذَلِكَ مَنْ يَصْلُحُ أَنْ يَكُوْنَ وَلَدَهُ، وَإِنَّمَا عَدَلَ عَنْهُ عُثْمَانُ لِغَيْبَتِهِ عَنْهُ بِالكُوْفَةِ، وَلأَنَّ زَيْداً كَانَ يَكْتُبُ الوَحْيَ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَهُوَ إِمَامٌ فِي الرَّسْمِ، وَابْنُ مَسْعُوْدٍ فَإِمَامٌ فِي الأَدَاءِ، ثُمَّ إِنَّ زَيْداً هُوَ الَّذِي نَدَبَهُ الصِّدِّيْقُ لِكِتَابَةِ المُصْحَفِ وَجَمْعِ القُرْآنِ، فَهَلاَّ عَتَبَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ؟
وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ ابْنَ مَسْعُوْدٍ رَضِيَ وَتَابَعَ عُثْمَانَ وَلِلَّهِ الحَمْدُ.
وَفِي مُصْحَفِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ أَشْيَاءُ أَظُنُّهَا نُسِخَتْ، وَأَمَّا زَيْدٌ فَكَانَ أَحْدَثَ القَوْمِ بِالعَرْضَةِ الأَخِيْرَةِ الَّتِي عَرَضَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ تُوُفِّيَ عَلَى جِبْرِيْلَ.
قَالَ عَبْدُ السَّلاَمِ بنُ حَرْبٍ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ:قَدِمْتُ الشَّامَ، فَلَقِيْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَقَالَ:
كُنَّا نَعُدُّ عَبْدَ اللهِ حَنَّاناً، فَمَا بَالُهُ يُوَاثِبُ الأُمَرَاءَ؟
رَوَاهُ: ابْنُ أَبِي دَاوُدَ فِي (المَصَاحِفِ).
وَبِإِسْنَادَيْنِ فِي (مُسْنَدِ أَحْمَدَ) : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَابِسٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا رَجُلٌ مِنْ هَمْدَانَ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
لَمَّا أَرَادَ عَبْدُ اللهِ أَنْ يَأْتِيَ المَدِيْنَةَ، جَمَعَ أَصْحَابَهُ، فَقَالَ:
وَاللهِ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَكُوْنَ قَدْ أَصْبَحَ اليَوْمَ فِيْكُم مِنْ أَفْضَلِ مَا أَصْبَحَ فِي أَجْنَادِ المُسْلِمِيْنَ مِنَ الدِّيْنِ وَالعِلْمِ بِالقُرْآنِ وَالفِقْهِ، إِنَّ هَذَا القُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى حُرُوْفٍ، وَاللهِ إِنْ كَانَ الرَّجُلاَنِ لَيَخْتَصِمَانِ أَشَدَّ مَا اخْتَصَمَا فِي شَيْءٍ قَطُّ، فَإِذَا قَالَ القَارِئُ: هَذَا أَقْرَأَنِي، قَالَ: أَحْسَنْتَ.
وَإِنَّمَا هُوَ كَقَوْلِ أَحَدِكُمْ لِصَاحِبِهِ: أَعْجِلْ وَحَيَّ هَلاَ.
أَبُو مُعَاوِيَةَ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بنِ وَهْبٍ، قَالَ:
لَمَّا بَعَثَ عُثْمَانُ إِلَى ابْنِ مَسْعُوْدٍ يَأْمُرُهُ بِالمَجِيْءِ إِلَى المَدِيْنَةِ، اجْتَمَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ، فَقَالُوا:
أَقِمْ فَلاَ تَخْرُجْ، وَنَحْنُ نَمْنَعُكَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْكَ شَيْءٌ تَكْرَهُهُ.
فَقَالَ: إِنَّ لَهُ عَلَيَّ طَاعَةً، وَإِنَّهَا سَتَكُوْنُ أُمُوْرٌ وَفِتَنٌ لاَ أُحِبُّ أَنْ أَكُوْنَ أَوَّلَ مَنْ فَتَحَهَا.
فَرَدَّ النَّاسَ، وَخَرَجَ إِلَيْهِ.
مُحَمَّدُ بنُ سَنْجَرَ فِي (مُسْنَدِهِ) : حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عَبَّادٌ،
عَنْ سُفْيَانَ بنِ حُسَيْنٍ، عَنْ يَعْلَى بنِ مُسلمٍ، عَنْ جَابِرِ بنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:آخَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ الزُّبَيْرِ وَابْنِ مَسْعُوْدٍ.
قَدْ مَرَّ مِثْلُ هَذَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ قَوِيٍّ.
شَرِيْكٌ: عَنْ عَطَاءِ بنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
كُنَّا إِذَا تَعَلَّمْنَا مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَشْرَ آيَاتٍ، لَمْ نَتَعَلَّمْ مِنَ العَشْرِ الَّتِي نَزَلَتْ بَعْدَهَا حَتَّى نَعْلمَ مَا فِيْهَا -يَعْنِي: مِنَ العِلْم -.
مِسْعَرٌ: عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي البَخْتَرِيِّ، قَالَ:
سُئِلَ عَلِيٌّ عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ، فَقَالَ:
قَرَأَ القُرْآنَ، ثُمَّ وَقَفَ عِنْدَهُ، وَكُفِيَ بِهِ.
وَرُوِيَ نَحْوُهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَلِيٍّ، وَزَادَ: وَعَلِمَ السُّنَّةَ.
وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ: مِنْ حَدِيْثِ الأَعْمَشِ، عَنْ مَالِكِ بنِ الحَارِثِ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، قَالَ:
أَتَيْنَا أَبَا مُوْسَى، فَوَجَدْتُ عِنْدَهُ عَبْدَ اللهِ، وَأَبَا مَسْعُوْدٍ، وَهُمْ يَنْظُرُوْنَ فِي مُصْحَفٍ، فَتَحَدَّثْنَا سَاعَةً، ثُمَّ رَاحَ عَبْدُ اللهِ.
فَقَالَ أَبُو مَسْعُوْدٍ: لاَ وَاللهِ، لاَ أَعْلَمُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَرَكَ أَحَداً أَعْلَمَ بِكِتَابِ اللهِ مِنْ هَذَا القَائِمِ.
الأَعْمَشُ: عَنْ زَيْدِ بنِ وَهْبٍ، قَالَ:إِنِّي لَجَالِسٌ مَعَ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، إِذْ جَاءَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ، فَكَادَ الجُلُوْس يُوَارُوْنَهُ مِنْ قِصَرِهِ، فَضَحِكَ عُمَرُ حِيْنَ رَآهُ.
فَجَعَلَ عُمَرُ يُكَلِّمُهُ، وَيَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ، وَيُضَاحِكُهُ، وَهُوَ قَائِمٌ عَلَيْهِ، ثُمَّ وَلَّى، فَأَتْبَعَهُ عُمَرُ بَصَرَهُ حَتَّى تَوَارَى، فَقَالَ:
كُنَيْفٌ مُلِئَ عِلْماً.
مَعْنُ بنُ عِيْسَى: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ، عَنْ أَسَدِ بنِ وَدَاعَةَ:
أَنَّ عُمَرَ ذَكَرَ ابْنَ مَسْعُوْدٍ، فَقَالَ:
كُنَيْفٌ مُلِئَ عِلْماً، آثَرْتُ بِهِ أَهْلَ القَادِسِيَّةِ.
عَفَّانُ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عَامِرٍ:
أَنَّ مُهَاجَرَ عَبْدِ اللهِ كَانَ بِحِمْصَ، فَجَلاَهُ عُمَرُ إِلَى الكُوْفَةِ، وَكَتَبَ إِلَيْهِم:
إِنِّي - وَاللهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ - آثَرْتُكُم بِهِ عَلَى نَفْسِي، فَخُذُوا مِنْهُ.
عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى: عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ:
سَافَرَ عَبْدُ اللهِ سَفَراً يَذْكُرُوْنَ أَنَّ العَطَشَ قَتَلَهُ وَأَصْحَابَهُ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِعُمَرَ، فَقَالَ:
لَهُوَ أَنْ يُفَجِّرَ اللهُ لَهُ عَيْناً يَسْقِيْهِ مِنْهَا وَأَصْحَابَهُ أَظَنُّ عِنْدِي مِنْ أَنْ يَقْتُلَهُ عَطَشاً.
هُشَيْمٌ: حَدَّثَنَا سَيَّارٌ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ:
أَنَّ ابْنَ مَسْعُوْدٍ رَأَى رَجُلاً قَدْ أَسْبَلَ،
فَقَالَ: ارْفَعْ إِزَارَكَ.فَقَالَ: وَأَنْتَ يَا ابْنَ مَسْعُوْدٍ فَارْفَعْ إِزَارَكَ.
قَالَ: إِنّ بِسَاقَيَّ حُمُوْشَةً، وَأَنَا أَؤُمُّ النَّاسَ.
فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ، فَجَعَلَ يَضْرِبُ الرَّجُلَ، وَيَقُوْلُ:
أَتَرُدُّ عَلَى ابْنِ مَسْعُوْدٍ ؟
مَعْمَرٌ: عَنْ زَيْدِ بنِ رُفَيْعٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ:
أَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ يَسْأَلُهُ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، ثُمَّ رَاجَعَهَا حِيْنَ دَخَلَتْ فِي الحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ.
فَقَالَ أَبِي: وَكَيْف يُفْتِي مُنَافِقٌ؟
فَقَالَ عُثْمَانُ: نُعِيْذُكَ بِاللهِ أَنْ تَكُوْنَ هَكَذَا.
قَالَ: هُوَ أَحَقُّ بِهَا مَا لَمْ تَغْتَسِلْ مِنَ الحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ.
قَبِيْصَةُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَبَّةَ بنِ جُوَيْنٍ، قَالَ:
لَمَّا قَدِمَ عَلِيٌّ الكُوْفَةَ، أَتَاهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ، فَسَأَلَهُم عَنْهُ حَتَّى رَأَوْا أَنَّهُ يَمْتَحِنُهُم، فَقَالَ:
وَأَنَا أَقُوْلُ فِيْهِ مِثْلَ الَّذِي قَالُوا وَأَفَضْلَ: قَرَأَ القُرْآنَ، وَأَحَلَّ حَلاَلَهُ، وَحَرَّمَ حَرَامَهُ، فَقِيْهٌ فِي الدِّيْنِ، عَالِمٌ بِالسُّنَّةِ.
وَفِي (مُسْتَدْرَكِ الحَاكِمِ) : مِنْ رِوَايَةِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي البَخْتَرِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ - وَقِيْلَ لَهُ: أَخْبِرْنَا عَنْ عَبْدِ اللهِ - فَقَالَ: عَلِمَ الكِتَابَ وَالسُّنَّةَ، ثُمَّ انْتَهَى.
وَقَالَ الأَعْمَشُ: عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ:
إِنَّ أَبَا مُوْسَى اسْتُفْتِيَ فِي شَيْءٍ مِنَ الفَرَائِضِ، فَغَلِطَ، وَخَالَفَهُ ابْنُ مَسْعُوْدٍ.
فَقَالَ أَبُو مُوْسَى: لاَ تَسْأَلُوْنِي عَنْ شَيْءٍ
مَا دَامَ هَذَا الحَبْرُ بَيْنَ أَظْهُرِكُم.وَرَوَى نَحْوَهُ: أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ.
وَرَوَى: غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ هُزَيْلِ بنِ شُرَحْبِيْلَ بِنَحْوِ ذَلِكَ.
يَعْلَى بنُ عُبَيْدٍ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا مُوْسَى يَقُوْلُ:
مَجْلِسٌ كُنْتٌ أُجَالِسُهُ ابْنَ مَسْعُوْدٍ، أَوْثَقُ فِي نَفْسِي مِنْ عَمَلِ سَنَةٍ.
الثَّوْرِيُّ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بنِ عُمَيْرٍ، عَنْ حُرَيْثِ بنِ ظُهَيْرٍ، قَالَ:
جَاءَ نَعْيُ عَبْدِ اللهِ إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ، فَقَالَ: مَا تَرَكَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ.
سَمِعَهَا: يَحْيَى القَطَّانُ مِنْ سُفْيَانَ.
أَبُو حَفْصٍ الأَبَّارُ: عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ مُسلمٍ، عَنْ مَسْرُوْقٍ، قَالَ:
شَامَمْتُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَوَجَدْتُ عِلْمَهُمُ انْتَهَى إِلَى سِتَّةٍ: عَلِيٍّ، وَعُمَرَ، وَعَبْدِ اللهِ، وَزَيْدٍ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَأُبِيٍّ.
ثُمَّ شَامَمْتُ السِّتَّةَ، فَوَجَدْتُ عِلْمَهُمُ انْتَهَى
إِلَى عَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللهِ.وَبَعْضُهُم يَرْوِيْهِ عَنْ مَنْصُوْرٍ، فَقَالَ: عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوْقٍ.
وَقِيْلَ غَيْرُ ذَلِكَ.
وَقَالَ أَبُو وَائِلٍ: مَا أَعْدِلُ بِابْنِ مَسْعُوْدٍ أَحَداً.
عَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ: عَنْ مَالِكِ بنِ مِغْوَلٍ، قَالَ:
قَالَ الشَّعْبِيُّ: مَا دَخَلَ الكُوْفَةَ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنْفَعَ عِلْماً، وَلاَ أَفْقَهَ صَاحِباً مِنْ عَبْدِ اللهِ.
وَبِإِسْنَادِ (مُسْنَدِ أَحْمَدَ) : حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ أَبِي بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيْلُ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ وَثَّابٍ، عَنْ مَسْرُوْقٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ يَوْماً، فَقَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَرُعِدَ حَتَّى رَعُدَتْ ثِيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ نَحْوَ ذَا، أَوْ شبِيْهاً بِذَا.
رَوَاهُ: عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى، عَنْ إِسْرَائِيْلَ، فَأَبْدَلَ ابْنَ وَثَابٍ بِالشَّعْبِيِّ.
وَرَوَى نَحْوَهُ: مُسلمٌ البَطِيْنُ، وَغَيْرُهُ، عَنْ عَمْرِو بنِ مَيْمُوْنٍ.
فَقَالَ القَعْنَبِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ، عَنْ مُسلمٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ مَيْمُوْنٍ، قَالَ:
صَحِبْتُ عَبْدَ اللهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْراً، فَمَا سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلاَّ حَدِيْثاً وَاحِداً، فَرَأَيْتُهُ يَفْرَقُ، ثُمَّ غَشِيَهُ بُهْرٌ، ثُمَّ قَالَ نَحْوَهُ، أَوْ شِبْهَهُ.
مِسْعَرٌ: عَنْ مَعْنِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَوْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَخِيْهِ عُبَيْدِ اللهِ، قَالَ:
كَانَ عَبْدُ اللهِ إِذَا هَدَأَتِ العُيُوْنُ قَامَ، فَسَمِعْتُ لَهُ دَوِيّاً كَدَوِيِّ النَّحْلِ.
ابْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي زِيَادٌ مَوْلَى ابْنِ عَيَّاشٍ، قَالَ:كَانَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ حَسَنَ الصَّوْتِ بِالقُرْآنِ.
حُمَيْدُ بنُ الرَّبِيْعِ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ وَهْبٍ، قَالَ:
رَأَيْتُ بِعَيْنَيْ عَبْدِ اللهِ أَثَرَيْنِ أَسْوَدَيْنِ مِنَ البُكَاءِ.
الأَعْمَشُ: عَنْ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيِّ، عَنِ الحَارِثِ بنِ سُوَيْدٍ، قَالَ:
أَكْثَرُوا عَلَى عَبْدِ اللهِ يَوْماً، فَقَالَ:
وَاللهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ، لَوْ تَعْلَمُوْنَ عِلْمِي، لَحَثَيْتُمُ التُّرَابَ عَلَى رَأْسِي.
رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ.
وَفِي (مُسْتَدْرَكِ الحَاكِمِ) : لِلثَّوْرِيِّ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
قَالَ عَبْدُ اللهِ: لَوْ تَعْلَمُوْنَ ذُنُوْبِي، مَا وَطِئَ عَقِبِي اثْنَانِ، وَلَحَثَيْتُمُ التُّرَابَ عَلَى رَأْسِي، وَلَوَدِدْتُ أَنَّ اللهَ غَفَرَ لِي ذَنْباً مِنْ ذُنُوْبِي، وَأَنِّي دُعِيْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ رَوْثَةَ.
قَالَ عَلْقَمَةُ: جَلَسْتُ إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ، فَقَالَ:
مِمَّنْ أَنْتَ؟
قُلْتُ: مِنَ الكُوْفَةِ.
فَقَالَ: أَوَلَيْسَ عِنْدَكُمُ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ صَاحِبُ النَّعْلَيْنِ، وَالوِسَادِ، وَالمِطْهَرَةِ، وَفِيْكُمْ صَاحِبُ السِّرِّ، وَفِيْكُمُ الَّذِي أَجَارَهُ اللهُ مِنَ الشَّيْطَانِ عَلَى
لِسَانِ نَبِيِّهِ ؟عَنِ القَاسِمِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ ابْنَ مَسْعُوْدٍ كَانَ يَقُوْلُ فِي دُعَائِهِ: خَائِفٌ مُسْتَجِيْرٌ، تَائِبٌ مُسْتَغْفِرٌ، رَاغِبٌ رَاهِبٌ.
الأَعْمَشُ: عَمَّنْ حَدَّثَهُ، قَالَ:
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُوْدٍ: لَوْ سَخِرْتُ مِنْ كَلْبٍ، لَخَشِيْتُ أَنْ أَكُوْنَ كَلْباً، وَإِنِّي لأَكْرَهُ أَنْ أَرَى الرَّجُلَ فَارِغاً لَيْسَ فِي عَمَلِ آخِرَةٍ وَلاَ دُنْيَا.
وَكِيْعٌ: حَدَّثَنَا المَسْعُوْدِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بنِ بَذِيْمَةَ، عَنْ قَيْسِ بنِ حَبْتَرٍ، قَالَ:
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُوْدٍ: حَبَّذَا المَكْرُوْهَانِ: المَوْتُ، وَالفَقْرُ، وَايْمُ اللهِ، مَا هُوَ إِلاَّ الغِنَى وَالفَقْرُ، مَا أُبَالِي بِأَيِّهِمَا ابْتُدِئْتُ، إِنْ كَانَ الفَقْرُ إِنَّ فِيْهِ لَلصَّبْرَ، وَإِنْ كَانَ الغِنَى إِنَّ فِيْهِ لَلْعَطْفَ، لأَنَّ حَقَّ اللهِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَاجِبٌ.
الثَّوْرِيُّ: عَنْ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ هُزَيْلِ بنِ شُرَحْبِيْلَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
مَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ أَضَرَّ بِالدُّنْيَا، وَمَنْ أَرَادَ الدُّنْيَا أَضَرَّ بِالآخِرَةِ، يَا قَوْمُ! فَأَضِرُّوا بِالفَانِي لِلْبَاقِي.
أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ المُقْرِئُ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي أَيُّوْبَ سَعِيْدٌ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ
بنُ الوَلِيْدِ:سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ حُجَيْرَةَ، يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ:
أَنَّهُ كَانَ يَقُوْلُ إِذَا قَعَدَ: إِنَّكُم فِي مَمَرِّ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، فِي آجَالٍ مَنْقُوْصَةٍ، وَأَعْمَالٍ مَحْفُوْظَةٍ، وَالمَوْتُ يَأْتِي بَغْتَةً، مَنْ زَرَعَ خَيْراً يُوْشِكُ أَنْ يَحْصُدَ رَغْبَةً، وَمَنْ زَرَعَ شَرّاً يُوْشِكُ أَنْ يَحْصُدَ نَدَامَةً، وَلكُلِّ زَارِعٍ مِثْلُ مَا زَرَعَ، لاَ يُسْبَقُ بَطِيْءٌ بِحَظِّهِ، وَلاَ يُدْرِكُ حَرِيْصٌ مَا لَمْ يُقَدَّرْ لَهُ، فَمَنْ أُعْطِيَ خَيْراً فَاللهُ أَعْطَاهُ، وَمَنْ وُقِيَ شَرّاً فَاللهُ وَقَاهُ، المُتَّقُوْنَ سَادَةٌ، وَالفُقَهَاءُ قَادَةٌ، وَمُجَالَسَتُهُم زِيَادَةٌ.
العَلاَءُ بنُ خَالِدٍ: عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
ارْضَ بِمَا قَسَمَ اللهُ تَكُنْ مِنْ أَغْنَى النَّاسِ، وَاجْتَنِبْ المَحَارِمَ تَكُنْ مِنْ أَوْرَعِ النَّاسِ، وَأَدِّ مَا افْتُرِضَ عَلَيْك تَكُنْ مِنْ أَعْبَدِ النَّاسِ.
عَلِيُّ بنُ الأَقْمَرِ: عَنْ عَمْرِو بنِ جُنْدَبٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ، قَالَ:
جَاهِدُوا المُنَافِقِيْنَ بِأَيْدِيْكُم، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِيْعُوا فَبِأَلْسِنَتِكُم، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِيْعُوا إِلاَّ أَنْ تَكْفَهِرُّوا فِي وُجُوْهِهِم، فَافْعَلُوا.
سَيْفُ بنُ عُمَرَ: عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَيْفٍ:
أَنَّ ابْنَ مَسْعُوْدٍ تَرَكَ عَطَاءهُ حِيْنَ مَاتَ عُمَرُ، وَفَعَلَ ذَلِكَ رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الكُوْفَةِ أَغْنِيَاءُ، وَاتَّخَذَ لِنَفْسِهِ ضَيْعَةً بِرَاذَانَ، فَمَاتَ عَنْ تِسْعِيْنَ أَلْفِ مِثْقَالٍ، سِوَى رَقِيْقٍ وَعرُوْضٍ وَمَاشِيَةٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.
وَكِيْعٌ: عَنْ أَبِي عُمَيْسٍ، عَنْ عَامِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ:
أَوْصَى ابْنُ مَسْعُوْدٍ، وَكَتَبَ:
إِنَّ وَصِيَّتِي إِلَى اللهِ، وَإِلَى الزُّبَيْرِ بنِ العَوَّامِ، وَإِلَى ابْنِهِ عَبْدِ اللهِ بنِ
الزُّبَيْرِ، وَإِنَّهُمَا فِي حِلٍّ وَبِلٍّ مِمَّا قَضَيَا فِي تَرِكَتِي، وَإِنَّهُ لاَ تُزَوَّجُ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَائِي إِلاَّ بِإِذْنِهِمَا.قُلْتُ: كَانَ قَدْ قَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ، وَشَهِدَ فِي طَرِيْقِهِ بِالرَّبَذَةِ أَبَا ذَرٍّ، وَصَلَّى عَلَيْهِ.
السَّرِيُّ بنُ يَحْيَى: عَنْ أَبِي شُجَاعٍ، عَنْ أَبِي ظَبْيَةَ، قَالَ:
مَرِضَ عَبْدُ اللهِ، فَعَادَهُ عُثْمَانُ، وَقَالَ: مَا تَشْتَكِي؟
قَالَ: ذُنُوْبِي.
قَالَ: فَمَا تَشْتَهِي؟
قَالَ: رَحْمَةَ رَبِّي.
قَالَ: أَلاَ آمُرُ لَكَ بِطَبِيْبٍ؟
قَالَ: الطَّبِيْبُ أَمْرَضَنِي.
قَالَ: أَلاَ آمُرُ لَكَ بِعَطَاءٍ؟
قَالَ: لاَ حَاجَةَ لِي فِيْهِ.
كَذَا رَوَاهُ: سَعِيْدُ بنُ مَرْيَمَ، وَعَمْرُو بنُ الرَّبِيْعِ.
وَرَوَاهُ: ابْنُ وَهْبٍ، فَقَالَ: عَنْ شُجَاعٍ.
وَرَوَاهُ: عُثْمَانُ بنُ يَمَانٍ، وَحَجَّاجُ بنُ نُصَيْرٍ، عَنِ السَّرِيِّ، عَنْ شُجَاعٍ، عَنْ أَبِي فَاطِمَةَ.
الفَسَوِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ، قَالَ:
دَخَلَ الزُّبَيْرُ عَلَى عُثْمَانَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- بَعْدَ وَفَاةِ عَبْدِ اللهِ، فَقَالَ:
أَعْطِنِي عَطَاءَ عَبْدِ اللهِ، فَعِيَالُ عَبْدِ اللهِ أَحَقُّ بِهِ مِنْ بَيْتِ المَالِ.
فَأَعْطَاهُ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفاً.
حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ: عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:وَكَانَ عُثْمَانُ حَرَمَهُ عطَاءهُ سَنَتَيْنِ.
يَحْيَى الحِمَّانِيُّ: عَنْ شَرِيْكٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ:
أَنَّ ابْنَ مَسْعُوْدٍ أَوْصَى إِلَى الزُّبَيْرِ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ.
وَعَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
مَاتَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ بِالمَدِيْنَةِ، وَدُفِنَ بِالبَقِيْعِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ، وَكَانَ نَحِيْفاً، قَصِيْراً، شَدِيْدَ الأُدْمَةِ.
وَكَذَا أَرَّخَهُ فِيْهَا جَمَاعَةٌ.
وَعَنْ عَوْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَغَيْرِهِ: أَنَّهُ عَاشَ بِضْعاً وَسِتِّيْنَ سَنَةً.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ أَبِي عُتْبَةَ: عَاشَ ثَلاَثاً وَسِتِّيْنَ سَنَةً.
وَقَالَ هُوَ، وَيَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ.
قُلْتُ: لَعَلَّهُ مَاتَ فِي أَوَّلِهَا.
وَقَالَ بَعْضُهُم: مَاتَ قَبْلَ عُثْمَانَ بِثَلاَثِ سِنِيْنَ.
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، وَجَمَاعَةٌ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الصَّيْدَلاَنِيِّ، أَخْبَرَتْنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ ريْذَةَ، أَنْبَأَنَا الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَبِشْرٌ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ:
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ:
إِنِّي جِئْتُكَ مِنْ عِنْدِ رَجُلٍ يُمْلِي المَصَاحِفَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ.
فَفَزِعَ عُمَرُ، فَقَالَ: وَيْحَكَ! انْظُرْ مَا تَقُوْلُ.
وَغَضِبَ، فَقَالَ: مَا جِئْتُكَ إِلاَّ بِالحَقِّ.
قَالَ: مَنْ هُوَ؟
قَالَ: عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُوْدٍ.
فَقَالَ: مَا أَعْلَمُ أَحَداً أَحَقَّ بِذَلِكَ مِنْهُ، وَسَأُحَدِّثُكَ عَنْ عَبْدِ اللهِ:
إِنَّا سَمَرْنَا لَيْلَةً فِي بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ فِي بَعْضِ مَا يَكُوْنُ مِنْ حَاجَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ خَرَجْنَا وَرَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي بَكْرٍ.
فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى المَسْجِدِ، إِذَا رَجُلٌ يَقْرَأُ، فَقَامَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْتَمِعُ إِلَيْهِ.
فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَعْتَمْتَ.
فَغَمَزَنِي بِيَدِهِ: اسْكُتْ.
قَالَ: فَقَرَأَ، وَرَكَعَ،
وَسَجَدَ، وَجَلَسَ يَدْعُو وَيَسْتَغْفِرُ.فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (سَلْ تُعْطَهُ) .
ثُمَّ قَالَ: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْرَأَ القُرْآنَ رَطْباً كَمَا أُنْزِلَ، فَلْيَقْرَأْ قِرَاءةَ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ) .
فَعَلِمْتُ أَنَا وَصَاحِبِي أَنَّهُ عَبْدُ اللهِ.
فَلَمَّا أَصْبَحْتُ، غَدَوْتُ إِلَيْهِ لأُبَشِّرَهُ، فَقَالَ: سَبَقَكَ بِهَا أَبُو بَكْرٍ.
وَمَا سَابَقْتُهُ إِلَى خَيْرٍ قَطُّ، إِلاَّ سَبَقَنِي إِلَيْهِ.
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ: زَائِدَةُ، وَغَيْرُهُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ.

محمد بن سليم ابو هلال الراسبي

مُحَمَّد بن سليم أَبُو هِلَال الرَّاسِبِي وَلم يكن من بني راسب وَإِنَّمَا كَانَ من بني نَاجِية وَلكنه كَانَ نازلا فِي بني راسب فنسب إِلَيْهِم وَهُوَ بَصرِي ذكره أَبُو الْحسن وَأَبُو عبد الله أخرج البُخَارِيّ فِي الرفاق عَن عُثْمَان بن الْأسود عَن أبي مليكَة عَن عَائِشَة حَدِيث من نُوقِشَ الْحساب عذب ثمَّ قَالَ تَابعه بن جريج وَمُحَمّد بن سليم وَأَيوب وَصَالح بن رستم عَن بن أبي مليكَة وَلم أر لمُحَمد بن سليم فِي الْكتاب ذكرا على وَجه الْإِخْرَاج عَنهُ وَالله أعلم قَالَ عَمْرو بن عَليّ كَانَ يحيى بن سعيد لَا يحدث عَن أبي هِلَال وَكَانَ عبد الرَّحْمَن يحدث عَنهُ قَالَ وَسمعت يزِيد بن زُرَيْع يَقُول عمدا عدلت عَن أبي هِلَال هُوَ لَا شَيْء قَالَ الْأَثْرَم سَأَلت بن حَنْبَل عَنهُ فَقَالَ قد احْتمل حَدِيثه إِلَّا أَنه مُضْطَرب الحَدِيث عَن قَتَادَة قَالَ عَبَّاس سَأَلت عَنهُ بن معِين فَقَالَ صُوَيْلِح وَفِي رِوَايَته عَن قَتَادَة ضعف وَأدْخلهُ البُخَارِيّ فِي كتاب الضُّعَفَاء وَلم يذكرهُ الكلاباذي
مُحَمد بن سليم أَبُو هلال الراسبي.
حَدَّثَنَا أحمد بْن الحسين الصُّوفيّ، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ عَبد اللَّهِ بْن عمار، قَال: كان يَحْيى بن سَعِيد لا يعبأ بأبي هلال.
كتب إِلَى مُحَمد بْن الْحَسَنِ الْبُرِّيُّ، حَدَّثَنا عَمْرو بْنُ علي قال وكان يَحْيى لا يحدث، عَن أَبِي هلال وقال وكان عَبد الرحمن يحدث عنه وسمعت يزيد بْن زريع يقول عدلت، عَن أبي بكر الْهُذَلِيّ وأبي هلال عمدا.
سمعتُ ابن حماد يقول: قَالَ البُخارِيّ مُحَمد بن سليم أَبُو هلال الراسبي ولم يكن من بني راسب إنما كَانَ نازلا فيهم كَانَ يَحْيى بْن سَعِيد لا يروي عنه وكان ابن مهدي يروي عنه، وَهو مولى أسامة بْن لؤي من قريش بصري روي عن الحسن، وابن سِيرِين (ح) وحدثنا خالد بْن النضر، حَدَّثَنا عَمْرو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنا عَبد الرَّحْمَنِ بن مهدي، حَدَّثَنا أَبُو هلال قَالَ مرض بكر بْن عَبد اللَّه فجعلوا يدخلون عليه لا يخرجون فقال بكر المريض يعاد والصحيح يزار.
قَالَ عَمْرو أَبُو هلال الراسبي مُحَمد بْن سليم هُوَ مولى لبني حية وكان ينزل بني راسب يعرف بالموضع.
حَدَّثَنَا مُحَمد بْن عَلِيٍّ، حَدَّثَنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيد، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيى بْنَ مَعِين يقول أَبُو هلال صدوق.
وقال النسائي مُحَمد بْن سليم أَبُو هلال الراسبي ليس بالقوي.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيى بْنِ زُهَيْرٍ، حَدَّثَنا أَبُو مُوسَى مُحَمد بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنا أَبُو الْوَلِيدِ عَنْ هَمَّامٍ، عَن قَتادَة عَنْ سَعِيد بْنِ المُسَيَّب، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا بُويِعَ
للخليفتين فَاقْتُلُوا الآخَرَ مِنْهُمَا.
قَالَ أَبُو مُوسَى قُلْتُ لأَبِي الْوَلِيدِ فَإِنَّ أَبَا هِلالٍ حَدَّث عَن قَتادَة عَنْ سَعِيد بْنِ المُسَيَّب، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وسَلَّم قَال: لِي أَبُو الْوَلِيدِ يَا أَبَا مُوسَى إِنَّ أَبَا هِلالٍ لا يَحْتَمِلُ هَذَا.
حَدَّثَنَا مُحَمد بْنُ مُنِيرٍ، حَدَّثَنا مُحَمد بن أشكاب (ح) وحدثنا بن أبي عصمة، حَدَّثَنا عَبَّاسُ بْنُ الْحَسَنِ الْبَلْخِيُّ، قَالا: حَدَّثَنا عَبد الصمد، حَدَّثَنا أَبُو هِلالٍ، عَن قَتادَة عَنْ سَعِيد بْنِ المُسَيَّب، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا بُويِعَ لِلْخَلِيفَتَيْنِ فَاقْتُلُوا الآخَرَ مِنْهُمَا.
حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمد بْنِ الليث الزيادي، حَدَّثَنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ.
وَأَخْبَرَنَا أَبُو يعلى، حَدَّثَنا شيبان، حَدَّثَنا أبو هلال الراسبي، حَدَّثَنا غَيْلانُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثني عَبد اللَّهِ بْنُ مَعْبَدٍ عَنْ عُمَر بْنِ الْخَطَّابِ قَال: كُنا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ أَتَى عَلَى.
رَجُلٍ فَقَالُوا مَا أَفْطَرَ هَذَا مُنْذُ كَذَا وَكَذَا؟ قَال: لاَ صَامَ، ولاَ أَفْطَرَ فَلَمَّا رَأَى عُمَر غضب النبي عليه السلام قالوا يَا رَسُولَ اللهِ صَوْمُ يَوْمٍ وَإِفْطَارُ يَوْمٍ قَالَ ذَاكَ صَوْمُ أَخِي دَاوُدَ قَالَ يَا رَسُولَ اللهِ صَوْمُ يَوْمٍ وَإِفْطَارُ يَوْمَيْنِ قَالَ، ومَنْ يُطِيقُ ذَلِكَ قَالَ يَا رَسُولَ اللهِ صَوْمُ يَوْمٍ الاثْنَيْنِ قَالَ ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ وَيَوْمُ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ النُّبُوَّةُ قَالَ يَا رَسُولَ اللهِ صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ وَيَوْمِ عَاشُورَاءَ قَالَ أَحَدُهُمَا يُكَفِّرُ السَّنَةَ وَالآخَرُ يُكَفِّرُ مَا قَبْلَهَا أَوْ مَا بَعْدَهَا شك أبو هلال
هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو هِلالٍ فَقَالَ عَنْ عَبد اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ عن عُمَر بن الخطاب وإنما هو عن عَبد اللَّه بْنِ مَعْبَدٍ، عَن أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ، وَهو الصَّحِيحُ.
حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بن الحباب الجمحي، حَدَّثَنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنا أَبُو هِلالٍ، عَن قَتادَة، عَن أَنَس، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ يَزَالُ الْعَبْدُ بِخَيْرٍ مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ قِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ وَكَيْفَ يَسْتَعْجِلُ قَالَ يَقُولُ قَدْ دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي.
حَدَّثَنَا يَحْيى بْنُ مُحَمد بْنِ الْبُحْتُرِيُّ، وَعلي بْنُ سَعِيد بْنِ بَشِيرٍ، قالا: حَدَّثَنا طالوت، حَدَّثَنا أَبُو هِلالٍ، عَن قَتادَة، عَن أَنَس قَال: كُنا نَنَامُ فِي مَسْجِدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلا نُحْدِثُ لِذَلِكَ وُضُوءًا.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى الوشاء، حَدَّثَنا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدِ بْنِ نوح، حَدَّثَنا داود بن شبيب، حَدَّثَنا أَبُو هِلالٍ، عَن قَتادَة، عَن أَنَس، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ يُرِدْ هَوَانَ قُرَيْشٍ أَهَانَهُ اللَّهُ.
حَدَّثَنَا عبدان، حَدَّثَنا الْحَجَّاجُ بْنُ الْحَسَنِ وَرَّاقُ سَهْلِ بن عثمان، حَدَّثَنا سَعِيد بن سليمان
، حَدَّثَنا أَبُو هِلالٍ، عَن قَتادَة، عَن أَنَس قَالَ أَبُو هِلالٍ حَفَّظُونِي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ وَأَخْبَرُونِي أَنَّ سَعِيدًا خَالَفَنِي فَسَأَلْتُ هِشَامًا صَاحِبَ الدُّسْتُوَائِيَّ فَقَالَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ، وَهو عِنْدِي فِي كِتَابِي فَإِنْ كَانَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ فَهُوَ، عَن أَبِي بَكْرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ، أَن النَّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ قَطَعَ فِي مِجَنٍّ قُلْتُ يَا أَبَا حمزة كم ثمنه قَالَ خَمْسَةُ دَرَاهِمٍ.
حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بن موسى، حَدَّثَنا شيبان، حَدَّثَنا أبو هلال، حَدَّثَنا قَتَادَةُ، عَن أَنَس قَالَ قَطَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأَبُو بَكْرٍ فِي مِجَنٍّ فَقُلْتُ كَمْ كَانَ يُسَاوِي قَالَ خَمْسَةُ دَرَاهِمٍ.
قَالَ الشَّيْخُ: وَهَذِهِ الأَحَادِيثُ لأَبِي هِلالٍ، عَن قَتادَة، عَن أَنَس كُلُّ ذَلِكَ أَوْ عَامَّتُهَا غَيْرُ مَحْفُوظَةٍ.
حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثني أَبُو جَعْفَرٍ خَالِي، حَدَّثَنا الحسن بن موسى الأشيب، حَدَّثَنا أبو هلال، حَدَّثَنا مَطَرٌ الْوَرَّاقُ، عَن أَنَس بْنِ مَالِكٍ، قَال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطُوفُ على تسع نسوة في صحوه
قال الشيخ: ولاَ أعلم رَواه عَن أَبِي هِلالٍ غَيْرُ حَسَنٍ الأَشْيَبِ وَأَسَدِ بْنِ مُوسَى، حَدَّثَنا علي بن سَعِيد، حَدَّثَنا طالوت، حَدَّثَنا أبو هلال، حَدَّثَنا سَوَادَةُ بْنُ حَنْظَلَةِ الْقُشَيْرِيُّ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وسَلَّم قَال: لا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ مِنَ السُّحُورِ أَذَانُ بِلالٍ، ولاَ الصُّبْحُ الْمُسْتَطِيلُ وَلَكِنِ الصُّبْحُ الْمُسْتَطِيرُ فِي الأُفُقِ.
حَدَّثَنَا علي، حَدَّثَنا طالوت، حَدَّثَنا أبو هلال، حَدَّثَنا عَبد اللَّهِ بْن سَوَادَةَ، عَن أَنَس بْنِ مَالِكٍ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَبد اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ أَغَارَتْ عَلَيْنَا خَيْلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ فَانْتَهَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وسَلَّم قَال: اجْلِسْ فَأَصِبْ مِنْ طَعَامِنَا هَذَا قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي صَائِمٌ قَالَ اجْلِسْ أُحَدِّثُكَ عَنِ الصَّلاةِ وَعَنِ الصِّيَامِ أَوْ عَنِ الصَّوْمِ إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ شَطْرَ الصَّلاةِ لِلْمُسَافِرِ وَوَضَعَ الصَّوْمَ أَوِ الصِّيَامَ عَنِ الْمُسَافِرِ وَعَنِ الْمُرْضِعِ وَعَنِ الْحُبْلَى وَاللَّهِ لَقَدْ قَالَهُمَا جَمِيعًا أَوْ أَحَدَهُمَا، قالَ: قُلتُ يَا لَهْفَ نَفْسِي أَلا أَكُونُ أَكَلْتُ مِنْ طَعَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ الشَّيْخُ: وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ الْمَذْكُورُ لَيْسَ هُوَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ الأَنْصَارِيَّ خَادِمَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهو أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ آخَرُ لَهُ صُحْبَةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْوِي هَذَا الْحَدِيثَ، وَهو رَجُلٌ مِنْ بَنِي قُشَيْرٍ
قَالَ الشيخ: سمعتُ ابن أَبِي داود يقول أنس أربعة أحدهم هذا والثاني أنس بن مالك خادم النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ وأنس بْن مالك والد مالك بْن أنس بْن مالك والرابع أنس بْن مالك الصيرفي يحدث عنه أهل البصرة أَبُو داود الطيالسي، وابن المهدي وغيرهما.
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنا شيبان، حَدَّثَنا أبو هلال، حَدَّثَنا أَبُو الزُّبَيْرِ الْمَكِّيُّ عَنْ جَابِرٍ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وسَلَّم قَال: الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ اللَّهِ وَالْحِلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ.
حَدَّثَنَا مُحَمد بْنُ يَحْيى بْنِ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنا عَاصِمُ بن علي، حَدَّثَنا أبو هلال، حَدَّثَنا قَتَادَةُ، عَن أَبِي حَسَّانَ الأَعْرَجِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ يُحَدِّثُنَا عَامَةَ لَيْلِهِ لا يَقُومُ إلاَّ لِعَظِيمِ صَلاةٍ.
وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَمْرو بْنُ الْحَارِثِ، عَن قَتادَة، عَن أَبِي حَسَّانٍ عَنْ عَبد اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ بَدَلَ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ.
حَدَّثَنَا عمران السختياني، حَدَّثَنا شيبان، حَدَّثَنا أبو هلال، حَدَّثَنا قَتَادَةَ، عَن أَنَس قَال: مَا خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلاَّ؟ قَال: لاَ إِيْمَانَ لِمَنْ لا أَمَانَةَ لَهُ، ولاَ دِينَ لِمَنْ لا عَهْدَ لَهُ وَهَذَا مَعْرُوفٌ بِأَبِي هِلالٍ، عَن قَتادَة
، حَدَّثَنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمد الزِّيَادِيُّ، حَدَّثَنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنا أَبُو هِلالٍ الرَّاسِبِيُّ، عَن قَتادَة، عَن أَبِي حَسَّانَ الأَعْرَجِ عَنْ نَاجِيَةَ بْنِ كَعْبٍ عَنْ عَبد اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَال: قَال رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلَقَ اللَّهُ يَحْيى بْنَ زَكَرِيَّا فِي بَطْنِ أُمِّهِ مُؤْمِنًا وَخَلَقَ فِرْعَوْنَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ كَافِرًا.
يُعْرَفُ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ بِهَذَا الإِسْنَادِ وَقَدْ رَوَاهُ عَنْهُ أَبُو هِلالٍ وَغَيْرُهُ وَلأَبِي هِلالٍ غير ما ذكرت وفي بعض رِوَايَاتِهِ مَا لا يُوَافِقُهُ الثِّقَاتُ عَلَيْهِ، وَهو مِمَّنْ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ.
حَدَّثَنَا أبو يعلى، حَدَّثَنا شيبان، حَدَّثَنا أبو هلال، حَدَّثَنا مُحَمد بْنِ سِيرِين، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنُ هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً الإِيمَانُ يَمَانٌ وَالْفِقْهُ يَمَانٌ وَالْحِكْمَةُ يمانية
وَبِإِسْنَادِهِ؛ قَال رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ لَوْ آمَنَ بِي عَشْرَةٌ مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ لآمَنَ بِي كُلُّ يَهُودِيٍّ عَلَى الأَرْضِ أَوْ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ.
مُحَمَّد بن سليم أَبُو هِلَال الرَّاسِبِي مولى أُسَامَة بن لؤَي بن غَالب من أهل الْبَصْرَة كَانَ نازلا فِي بني راسب فنسب إِلَيْهِم يروي عَن الْحسن وَابْن سِيرِين وَقَتَادَة مَاتَ فِي شهر ذِي الْحجَّة سنة سبع وَسِتِّينَ وَمِائَة فِي السّنة الَّتِي مَاتَ فِيهَا حَمَّاد بن سَلمَة وَشهد بن الْمُبَارك جنَازَته كَانَ يحيى الْقطَّان لَا يحدث عَنهُ وَكَانَ أَبُو هِلَال شَيخا صَدُوقًا إِلَّا أَنه كَانَ يخطىء كثيرا من غير تعمد حَتَّى صَار يرفع الْمَرَاسِيل وَلَا يعلم وَأكْثر مَا كَانَ يحدث من حفظه فَوَقع الْمَنَاكِير فِي حَدِيثه من سوء حفظه اخْتلف فِيهِ يحيى وَعبد الرَّحْمَن أخبرنَا الْهَمدَانِي قَالَ حَدثنَا عَمْرو بن عَليّ قَالَ كَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ لَا يحدث عَن أبي هِلَال وَكَانَ عبد الرَّحْمَن يحدث عَنهُ أخبرنَا مَكْحُول قَالَ حَدثنَا جَعْفَر بن أبان قَالَ ذكرت لأبي الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ أَبَا هِلَال فِي قَتَادَة قَالَ لم يكن بالماهر فِيهَا سَمِعت الْحَنْبَلِيّ يَقُول سَمِعت أَحْمَدَ بْنَ زُهَيْرٍ يَقُولُ سَمِعْتُ يحيى بن معِين يَقُول كَانَ أَبُو هِلَال الرَّاسِبِي لَيْسَ بِصَاحِب كتاب وَهُوَ ضَعِيف الحَدِيث قَالَ أَبُو حَاتِم وَالَّذِي أميل إِلَيْهِ فِي أبي هِلَال الرَّاسِبِي ترك مَا انْفَرد من الْأَخْبَار الَّتِي خَالف فِيهَا الثِّقَات والاحتجاج بِمَا وَافق الثِّقَات وَقبُول مَا انْفَرد من الرِّوَايَات الَّتِي لم يُخَالف فِيهَا الأثابت الَّتِي لَيْسَ فِيهَا مَنَاكِير لِأَن الشَّيْخ إِذا عرف بِالصّدقِ وَالسَّمَاع ثمَّ تبين مِنْهُ الْوَهم وَلم يفحش ذَلِك مِنْهُ لم يسْتَحق أَن يعدل بِهِ عَن الْعُدُول إِلَى الْمَجْرُوحين إِلَّا بعد أَن يكون وهمه فَاحِشا وغالبا فَإِذا كَانَ كَذَلِك اسْتحق التّرْك فَأَما من كَانَ يخطىء فِي الشَّيْء الْيَسِير فَهُوَ عدل وَهَذَا مِمَّا لَا يَنْفَكّ عَنهُ الْبشر إِلَّا أَن الحكم فِي مثل هَذَا إِذا علم خَطؤُهُ تجنبه وَاتِّبَاع مَا لم يخطىء فِيهِ هَذَا حكم جمَاعَة من الْمُحدثين العارفين الَّذين كَانُوا يخطئون وَقد فصلناهم فِي الْكتاب على أَجنَاس ثَلَاثَة فَمنهمْ من لَا يحْتَج بِمَا انْفَرد من حَدِيثَة وَيقبل غير ذَلِك من رِوَايَته وَمِنْهُم من يحْتَج بِمَا وَافق الثِّقَات فَقَط من روياته وَمِنْهُم من يقبل مَا لم يُخَالف الْأَثْبَات ويحتج بِمَا وَافق الثِّقَات

الفريابي جعفر بن محمد بن الحسن بن المستفاض

الفِرْيَابِيُّ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ المُسْتَفَاضِ
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثَّبْتُ، شَيْخُ الوَقْتِ، أَبُو بَكْرٍ الفِرْيَابِيُّ، القَاضِي.
وُلِدَ: سَنَةَ سَبْعٍ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ: أَوَّلُ مَا كَتَبْتُ الحَدِيْثَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَرَّخَ مَوْلِدَهُ القَاضِي أَبُو الطَّاهِرِ الذُّهْلِيُّ.
قُلْتُ: ارْتَحَلَ مِنْ فِيْرِيَابَ - وَهِيَ مَدِيْنَةٌ مِنْ بِلاَدِ التُّرْكِ - إِلَى بِلاَدِ مَا
وَرَاءِ النَّهْرِ، وَخُرَاسَانَ، وَالعِرَاقِ، وَالحِجَازِ، وَالشَّامِ، وَمِصْرَ، وَالجَزِيْرَةِ، وَلَقِيَ الأَعْلاَمَ، وَتَمَيَّزَ فِي العِلْمِ، وَوَلِيَ قَضَاءَ الدِّيْنَوَرِ.حَدَّثَ عَنْ: شَيْبَانَ بنِ فَرُّوْخٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيِّ، وَهُدْبَةَ بنِ خَالِدٍ، وَقُتَيْبَةَ بنِ سَعِيْدٍ، وَأَبِي مُصْعَبٍ الزُّهْرِيِّ، وَإِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وَأَبِي جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيِّ، وَسُلَيْمَانَ ابْنِ بِنْتِ شُرَحْبِيْلَ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَائِذٍ، وَهِشَامِ بنِ عَمَّارٍ، وَصَفْوَانَ بنِ صَالِحٍ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ الحَجَّاجِ السَّامِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ، وَعَبْدِ الأَعْلَى بنِ حَمَّادٍ، وَعُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبِي قُدَامَةَ السَّرَخْسِيِّ، وَيَزِيْدَ بنِ مَوْهِبٍ الرَّمْلِيِّ، وَهَدِيَّةَ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ المَرْوَزِيِّ، وَإِسْحَاقَ بنِ مُوْسَى الخَطْمِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ بنِ خَالِدٍ العُثْمَانِيِّ، وَعَمْرِو بنِ عَلِيٍّ الفَلاَّسِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ البَرْمَكِيِّ، وَالهَيْثَمِ بنِ أَيُّوْبَ الطَّالْقَانِيِّ، وَأَبِي كَامِلٍ الجَحْدَرِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ عِيْسَى التُّسْتَرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ بنِ حِسَابٍ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ مُعَاذٍ، وَأَبِي كُرَيْبٍ مُحَمَّدِ بنِ العَلاَءِ، وَتَمِيْمِ بنِ المُنْتَصِرِ، وَأَبِي الأَصْبَغِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ يَحْيَى، وَمِنْجَابِ بنِ الحَارِثِ، وَمُحَمَّدِ بنِ مُصَفَّى، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ النَّافِعَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ الصَّوَّافِ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو الطَّاهِرِ الذُّهْلِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ القَطِيْعِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عدَيٍّ، وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الجِعَابِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ أَبِي العَقِبِ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ هَارُوْنَ، وَأَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ الزَّيَّاتِ، وَأَبُو بَكْرٍ الآجُرِّيُّ، وَعَبْدُ البَاقِي بنُ قَانِعٍ، وَأَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ - وَالِدُ تَمَّامٍ الرَّازِيِّ - وَالحَسَنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرَّامَهُرْمُزِيُّ، وَأَبُو الفَضْلِ عُبَيْدِ اللهِ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ، وَهُوَ خَاتِمَةُ أَصْحَابِهِ، وَقَعَ لَنَا مِنْ طَرِيْقِهِ (صِفَةُ المُنَافِقِ ) عَالِياً.قَالَ الخَطِيْبُ :جَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ قَاضِي الدِّيْنَوَرِ كَانَ ثِقَةً، حُجَّةً، مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ، وَمِنْ أَهْلِ المَعْرِفَةِ وَالفَهْمِ، طَوَّفَ شَرْقاً وَغَرْباً، وَلَقِيَ الأَعْلاَمَ.
وَعَنْ أَبِي حَفْصٍ الزَّيَّاتِ، قَالَ: لَمَّا وَرَدَ الفِرْيَابِيُّ إِلَى بَغْدَادَ، اسْتُقْبِلَ بِالطَّيَّارَاتِ، وَالزَّبَازِبِ، وَوُعِدَ لَهُ النَّاسُ إِلَى شَارِعِ المَنَارِ لِيَسْمَعُوا مِنْهُ.
قَالَ: فَحَضَرَ مَنْ حُزِرُوا، فَقِيْلَ: كَانُوا نَحْوَ ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً، وَكَانَ المُسْتَمْلُوْنَ ثَلاَثَ مائَةٍ وَسِتَّةَ عَشَرَ نَفْساً.
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ الصَّوَافِ: سَمِعْتُ الفِرْيَابِيَّ يَقُوْلُ:
كُلُّ مَنْ لَقِيْتُهُ لَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ إِلاَّ مِنْ لَفْظِهِ، إِلاَّ مَا كَانَ مِنْ شَيْخَيْنِ: أَبِي مُصْعَبٍ فَإِنَّهُ ثَقُلَ لِسَانُهُ، وَالمُعَلَّى بنِ مَهْدِيٍّ بِالمَوْصِلِ، وَكَتَبْتُ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ أَبُو الفَضْلِ الزُّهْرِيُّ: لَمَّا سَمِعْتُ مِنَ الفِرْيَابِيِّ، كَانَ فِي مَجْلِسِهِ مِنْ أَصْحَابِ المَحَابِرِ مَنْ يَكْتُبَ حُدُوْدَ عَشْرَةِ آلاَفِ إِنْسَانٍ، مَا بَقِيَ مِنْهُم غَيْرِي، هَذَا سِوَى مَنْ لاَ يَكْتُبُ.
ثُمَّ جَعَلَ يَبْكِي.
قُلْتُ: سَمَاعُهُ مِنْهُ كَانَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: كُنَّا نَشْهَدُ مَجْلِسَ جَعْفَرٍ الفِرْيَابِيِّ، وَفِيْهِ عَشْرَةُ آلاَفٍ، أَوْ أَكْثَرُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ :الفِرْيَابِيُّ قَاضِي الدِّيْنَوَرِ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ.وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: قَطَعَ الفِرْيَابِيُّ الحَدِيْثَ فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ ثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَالَ الحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ: دَخَلْتُ بَغْدَادَ وَالفِرْيَابِيُّ حَيٌّ، وَقَدْ أَمْسَكَ عَنِ التَّحْدِيْثِ، وَدَخَلْنَا عَلَيْهِ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَنَكْتُبُ بَيْنَ يَدَيْهِ، كُنَّا نَرَاهُ حَسْرَةً.
قُلْتُ: نِعْمَ مَا صَنَعَ، فَإِنَّهُ أَنِسَ مِنْ نَفْسِهِ تَغَيُّراً، فَتَوَرَّعَ، وَتَرَكَ الرِّوَايَةِ.
وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ مِنْ شُيُوخِهِ: مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الأَزْدِيُّ البَصْرِيُّ.
فَأَنْبَأَنَا المُسْلِمُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَطَائِفَةٌ، عَنِ القَاسِمِ بنِ عَلِيٍّ:
أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ بنُ قُبَيْسٍ، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ بنُ خَيْرُوْنَ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ المُقْرِئُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْحَاقَ الحَرْبِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الخُرَاسَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ زُرَارَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو جُنَادَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ عَدِيِّ بنِ حَاتِمٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (يُؤْتَى يَوْمَ القِيَامَةِ بِنَاسٍ مِنَ النَّاسِ إِلَى الجَنَّةِ، حَتَّى إِذَا دَنَوْا مِنْهَا، وَاسْتَنْشَقُوا رِيْحَهَا ... ) ، وَذَكَرَ الحَدِيْثَ.
ثُمَّ قَالَ الشَّافِعِيُّ :حَدَّثَنَاهُ جَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو مِثْلَهُ.قَالَ القَاضِي أَبُو الطَّاهِرِ السَّدُوْسِيُّ: سَمِعْتُ الفِرْيَابِيَّ يَقُوْلُ:
كُلُّ مِنْ لَقِيْتُهُ بِخُرَاسَانَ وَالعِرَاقِ وَالأَمْصَارِ لَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ إِلاَّ مِنْ لَفْظِهِ، إِلاَّ أَبَا مُصْعَبٍ - وَسَمَّى آخَرَ، يَعْنِي: مُعَلَّى بنَ مَهْدِيٍّ - فَإِنَّهُمَا كَانَا قَدْ كَبِرَا وَضَعُفَا.
قَالَ الحَافِظُ عَبْدُ اللهِ بنُ عَدِيٍّ: رَأَيْتُ مَجْلِسَ الفِرْيَابِيِّ يُحْزَرُ فِيْهِ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفَ مِحْبَرَةٍ، وَكَانَ الوَاحِدُ يَحْتَاجُ أَنْ يَبِيْتَ فِي المَجْلِسِ، لِيَجِدَ مَعَ الغَدِ مَوْضِعاً.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ: كَانَ الفِرْيَابِيُّ مَأْمُوْناً، مَوْثُوقاً بِهِ.
وَقَالَ القَاضِي أَبُو الوَلِيْدِ البَاجِيُّ: جَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ ثِقَةٌ، مُتْقِنٌ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مَاتَ الفِرْيَابِيُّ فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ بنُ شَاهِيْنٍ: تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الأَرْبعَاءِ، فِي مُحَرَّمٍ، وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
قَالَ: وَكَانَ قَدْ حَفَرَ لِنَفْسِهِ قَبْراً فِي مَقَابِرِ أَبِي أَيُّوْبَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِخَمْسِ سِنِيْنَ، وَلَمْ يُقْضَ أَنْ يُدْفَنَ فِيْهِ.
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ الخُطَبِيُّ: مَاتَ لِخَمْسٍ خَلَوْنَ مِنَ المُحَرَّمِ.
وَأَمَّا عِيْسَى الرُّخَّجِيُّ، فَقَالَ: مَاتَ لأَرْبَعٍ بَقِيْنَ مِنَ المُحَرَّمِ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: قَوْلُ عِيْسَى هُوَ الصَّحِيْحُ.
كَذَلِكَ ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَحْمَدُ بنُ الجَعْدِ الوَشَّاءُ البَغْدَادِيُّ، وَالحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ هَارُوْنَ البَرْدِيْجِيُّ، وَالحَافِظُ إِبْرَاهِيْمُ بنُ يُوْسُفَ الهِسِنْجَانِيُّ، وَالحَافِظُ بَكْرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُقْبِلٍ البَصْرِيُّ، وَمُقْرِئُ بَغْدَادَ الحَسَنُ بنُ الحُبَابِ، وَالمُحَدِّثُ أَبُو مَعْشَرٍ الحَسَنُ بنُ سُلَيْمَانَ الدَّارِمِيُّ، وَالحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ إِدْرِيْسَ الهَرَوِيُّ، وَالحَافِظُ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ نَاجِيَةَ البَرْبَرِيُّ بِبَغْدَادَ، وَشَيْخ الحَرَمِ عَمْرُو بنُ عُثْمَانَ المَكِّيُّ الزَّاهِدُ، وزَاهِدُ دِمَشْقَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ سَيِّدِ حَمْدُوَيْه، وَمُسْنِدُ العِرَاقِ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ حُبَّانَ - بِضَمِّ الحَاءِ - البَاهِلِيُّ.مَشْيَخَةٌ عَلَى (المُعْجَمِ) لِلْفِرْيَابِيِّ، التَقَطَهُم شَيْخُنَا المِزِّيُّ:
إِبْرَاهِيْمُ بنُ الحَجَّاجِ السَّامِيُّ، إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعِيْدٍ الجَوْهَرِيُّ، إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ الهَرَوِيُّ، إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ المَرْوَزِيُّ الخَلاَّلُ، إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ دَنُوْقَا، إِبْرَاهِيْمُ بنُ العَلاَءِ الزُّبَيْدِيُّ، إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ الفِرْيَابِيُّ، إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ الحِزَامِيُّ، إِبْرَاهِيْمُ بنُ هِشَامِ بنِ يَحْيَى الغَسَّانِيُّ.
أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الدَّوْرَقِيُّ، أَحْمَدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ أَبُو مُصْعَبٍ، أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ الزَّاهِدُ، أَحْمَدُ بنُ خَالِدٍ الخَلاَّلُ - بَغْدَادِيٌّ - أَحْمَدُ بنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ، أَحْمَدُ بنُ أَبِي العَتَكِيِّ
السَّمَرْقِنْدِيُّ، أَحْمَدُ بنُ عِيْسَى المِصْرِيُّ، أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ، أَحْمَدُ بنُ الفُرَاتِ الرَّازِيُّ، أَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ الرَّمَادِيُّ، أَحْمَدُ بنُ مَنِيْعٍ البَغَوِيُّ، أَحْمَدُ بنُ الهَيْثَمِ.إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ حَبِيْبٍ، إِسْحَاقُ بنُ بُهْلُوْلٍ الأَنْبَارِيُّ، إِسْحَاقُ بنُ رَاهْوَيْه الحَافِظُ، إِسْحَاقُ بنُ الحَسَنِ الحَرْبِيُّ، إِسْحَاقُ بنُ سَيَّارٍ النَّصِيْبِيُّ، إِسْحَاقُ بنُ مَنْصُوْرٍ الكَوْسَجُ، إِسْحَاقُ بنُ مُوْسَى الخَطْمِيُّ.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ سَيْفٍ الرِّيَاحِيُّ، إِسْمَاعِيْلُ بنُ عُبَيْدٍ بنِ أَبِي كَرِيْمَةَ، أُمَيَّةُ بنُ بِسْطَامَ العَيْشِيُّ.
بِشْرُ بنُ هِلاَلٍ، بَكْرُ بنُ خَلَفٍ أَبُو بِشْرٍ.
تَمِيْمُ بنُ المُنْتَصِرِ.
حِبَّانُ بنُ مُوْسَى المَرْوَزِيُّ، حَجَّاجُ بنُ الشَّاعِرِ، الحَسَنُ بنُ سَهْلٍ الخَيَّاطُ، الحَسَنُ بنُ الصَّبَّاحِ البَزَّارُ، الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ الحُلْوَانِيُّ، الحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو عَلِيٍّ، الحُسَيْنُ بنُ عِيْسَى القُوْمِسِيُّ، الحَكَمُ بنُ مُوْسَى البَغْدَادِيُّ، حَكِيْمُ بنُ سَيْفٍ، حُمَيْدُ بنُ مَسْعَدَةَ السَّامِيُّ، حَنْبَلُ بنُ إِسْحَاقَ.
خَلَفُ بنُ مُحَمَّدٍ الوَاسِطِيُّ.
دَاوُدُ بنُ مِخْرَاقٍ الفِرْيَابِيُّ.
رَجَاءُ بنُ مُحَمَّدٍ السَّقَطِيُّ، رَوْحُ بنُ الفَرَجِ أَبُو الزِّنْبَاعِ، رِيَاحُ بنُ الفَرَجِ الدِّمَشْقِيُّ.
زَكَرِيَّا بنُ يَحْيَى البَلْخِيُّ، زَيْدُ بنُ أَخْزَمَ، أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بنُ حَرْبٍ، زِيَادُ بنُ يَحْيَى الحَسَّانِيُّ.
سُرَيْجُ بنُ يُوْنُسَ العَابِدُ، سَعِيْدُ بنُ يَعْقُوْبَ الطَّالْقَانِيُّ، سَلاَّمُ بنُ مُحَمَّدٍ المَقْدِسِيُّ، سَلَمَةُ بنُ شَبِيْبٍ، سُلَيْمَانُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو أَيُّوْبَ، سُوَيْدُ بنُ
سَعِيْدِ الحَدَثَانِيُّ، سُلَيْمَانُ بنُ معَبْدٍ السِّنْجِيُّ.شَيْبَانُ بنُ فَرُّوْخٍ الأُبُلِّيُّ.
صَفْوَانُ بنُ صَالِحٍ المُؤَذِّنُ.
طَاهِرُ بنُ خَالِدِ بنِ نِزَارٍ الأَيْلِيُّ.
عَاصِمُ بنُ النَّضْرِ الأَحْوَلُ، العَبَّاسُ بنُ عَبْدِ العَظِيْمِ العَنْبَرِيُّ، العَبَّاسُ بنُ مُحَمَّدٍ الدُّوْرِيُّ، العَبَّاسُ بنُ الوَلِيْدِ بنِ مَزْيَدٍ، العَبَّاسُ بنُ الوَلِيْدِ النَّرْسِيُّ.
عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ البَرْمَكِيُّ، عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي زِيَادٍ القَطَوَانِيُّ، عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ الحِمْصِيُّ، عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ، عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ أَبَانٍ الجُعْفِيُّ، عَبْدُ اللهِ بنُ عَمْرِو بنِ أَبِي سَعِيْدٍ الوَرَّاقُ، عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي شَيْبَةَ أَبُو بَكْرٍ، عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، أَبُو جَعْفَرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ خَلاَّدٍ، عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ وَهْبٍ.
عَبْدُ الأَعْلَى بنُ حَمَّادٍ النَّرْسِيُّ، عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ بَيَانٍ، عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ حَبِيْبٍ الفِرْيَابِيُّ، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ دُحَيْمٌ، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ صَالِحٍ الأَزْدِيُّ، عَبْدُ السَلاَّمِ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ بِحَرَّانَ، عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي يَحْيَى الحَرَّانِيُّ، عَبْدُ المَلِكِ بنُ حَبِيْبٍ المَصِّيْصِيُّ، عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ غِيَاثٍ.
عُبَيْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدٍ أَبُو قُدَامَةَ، عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ القَوَارِيْرِيُّ، عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُعَاذٍ، عُبَيْدُ بنُ هِشَامٍ أَبُو نُعَيْمٍ، عُثْمَانُ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، عِصَامُ بنُ الحُسَيْنِ الجُوْزَجَانِيُّ، عُقْبَةُ بنُ مُكْرِمٍ العَمِّيُّ، عُقْبَةُ بنُ مُكْرِمٍ الضَّبِّيُّ.
عَلِيُّ بنُ حَكِيْمٍ الأَوْدِيُّ، عَلِيُّ بنُ حَكِيْمٍ السَّمَرْقِنْدِيُّ، عَلِيُّ بنُ سَهْلِ بنِ المُغِيْرَةِ، عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ المَدِيْنِيِّ، عَلِيُّ بنُ مَيْمُوْنٍ الرَّقِّيُّ، عَلِيُّ بنُ نَصْرٍ الجَهْضَمِيُّ.
عُمَرُ بنُ شَبَّةَ، عَمْرُو بنُ زُرَارَةَ النَّيْسَابُوْرِيُّ، عَمْرُو بنُ عَبْدُوْسٍ الإسْكَنْدَرَانِيُّ، عَمْرُو بنُ عُثْمَانَ الحِمْصِيُّ، عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ الفَلاَّسُ، عَمْرُو بنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ، عَمْرُو بنُ
هِشَامٍ الحَرَّانِيُّ، عَنْبَسَةُ بنُ سَعِيْدٍ الشَّاشِيُّ أَبُو المُنْذِرِ، عِيْسَى بنُ مُحَمَّدٍ أَبُو عُمَيْرٍ الرَّمْلِيُّ.الفَضْلُ بنُ سَهْلٍ، الفَضْلُ بنُ مُقَاتِلٍ البَلْخِيُّ، فُضَيْلٌ أَبُو كَامِلٍ الجَحْدَرِيُّ.
القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ.
مُحَمَّدُ بنُ آدَمَ المَصِّيْصِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الجُنَيْدِ، مُحَمَّدُ بنُ إِدْرِيْسَ أَبُو حَاتِمٍ، مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ أَبُو بَكْرٍ الصَّغَانِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ الرَّافِعِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيُّ.
مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ بُنْدَارٌ، مُحَمَّدُ بنُ بَكَّارٍ العَيْشِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ حَاتَمٍ بِطَرَسُوْسَ، مُحَمَّدُ بنُ حَرْبٍ النَّشَائِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ البَلْخِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ خَلاَّدٍ البَاهِلِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ أَبِي السَّرِيِّ العَسْقَلاَنِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ سَلاَّمٍ الجُمَحِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ سمَاعَةَ الرَّمْلِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ صَالِحٍ كَعْبٌ الذَّارِعُ، مُحَمَّدُ بنُ الصَّبَّاحِ الجَرْجَرَائِيُّ.
مُحَمَّدُ بنُ عَبَّادٍ المَكِّيُّ، مُحَمَّدُ بنُ عُبَادَةَ الوَاسِطِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ بَكَّارٍ البُسْرِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ المَوْصِلِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ عَائِذٍ الدِّمَشْقِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ زَنْجَوَيْه، مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي الشَّوَارِبِ.
مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ بنِ حِسَابِ، مُحَمَّدُ بنُ أَبِي عَتَّابٍ الأَعْيَنُ، مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ العُثْمَانِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ عَزِيْزٍ الأَيْلِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ العَلاَءِ أَبُو كُرَيْبٍ، مُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ.
مُحَمَّدُ بنُ فَرْقَدٍ الجَزَرِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ مَاهَانَ المَصِّيْصِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى الزَّمِنُ، مُحَمَّدُ بنُ مُجَاهِدٍ، مُحَمَّدُ بنُ مُصَفَّى الحِمْصِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ مَهْدِيٍّ الأَيْلِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ وَزِيْرٍ الوَاسِطِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى العَدَنِيُّ.
مَحْمُوْدُ بنُ غَيْلاَنَ، مُزَاحِمُ بنُ سَعِيْدٍ المَرْوَزِيُّ، المُسَيَّبُ بنُ وَاضِحٍ، مُطَّلِبُ
بنُ شُعْبَةَ المِصْرِيُّ، مُعَلَّى بنُ مَهْدِيٍّ المَوْصِلِيُّ، المُغِيْرَةُ بنُ مَعْمَرٍ، مِنْجَابُ بنُ الحَارِثِ التَّمِيْمِيُّ، مُوْسَى بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القَلاَّءُ، مُوْسَى بنُ السِّنْدِيِّ، مُوْسَى بنُ حَيَّانَ، مَيْمُوْنُ بنُ أَصْبَغَ.نَافِعُ بنُ خَالِدٍ الطَّاحِيُّ، نَصْرُ بنُ عَاصِمٍ، نَصْرُ بنُ عَلِيٍّ الجَهْضَمِيُّ.
هَارُوْنُ بنُ إِسْحَاقَ، هَارُوْنُ بنُ عَبْدِ اللهِ الحَمَّالُ، هُدْبَةُ بنُ خَالِدٍ القَيْسِيُّ، هَدِيَّةُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، هُرَيْمُ بنُ مِسْعَرٍ التِّرْمِذِيُّ، هِشَامُ بنُ خَالِدٍ الأَزْرَقُ، هِشَامُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ أَبُو تَقِيٍّ، هِشَامُ بنُ عَمَّارٍ، هَنَّادُ بنُ السَّرِيِّ، الهَيْثَمُ بنُ أَيُّوْبَ الطَّالْقَانِيُّ.
الوَلِيْدُ بنُ شُجَاعٍ أَبُو هَمَّامٍ، الوَلِيْدُ بنُ عُتْبَةَ الدِّمَشْقِيُّ، الوَلِيْدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مُسَرَّحٍ، وَهْبُ بنُ بَقِيَّةَ.
أَبُو سَلَمَةَ يَحْيَى بنُ خَلَفٍ، يَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ المَقَابِرِيُّ، يَحْيَى بنُ عَمَّارٍ المَصِّيْصِيُّ، يَزِيْدُ بنُ خَالِدِ بنِ مَوْهَبٍ، يَعْقُوْبُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الدَّوْرَقِيُّ، يَعْقُوْبُ بنُ حُمَيْدِ بنِ كَاسِبٍ، يُوْسُفُ بنُ الفَرَحِ الكِشِّيُّ، يُوْنُسُ بنُ حَبِيْبٍ الأَصْبَهَانِيُّ، أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي النَّضْرِ الفِرْيَابِيُّ: هُوَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي المَعَالِي أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ الهَمَذَانِيِّ، أَخْبَرَكُمُ الفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ الكَاتِبُ بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَنَا القَاضِي مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الأُرْمَوِيُّ، وَأَبُو غَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الطَّرَائِفِيُّ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ المُسْلِمَةِ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ
سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ سَنَة ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي مُوْسَى:أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (مَثُلُ المُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ الأُتْرُجَّةِ ) .
أَخْرَجَهُ: البُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، عَنْ هُدْبَةَ بِتَمَامِهِ.
فصل:
وَفِي العُلَمَاءِ جَمَاعَةٌ، اسْمُهُم: جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَقَدْ مَرَّ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ، وَأَجَلُّهُم:
جَعْفَرٌ الصَّادِقُ: كَانَ كَبِيرَ الشَّأْنِ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِمْرَانَ الثَّعْلَبِيُّ: كُوْفِيٌّ، صَدُوْقٌ، خَرَّجَ لَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَبَقَةِ أَبِي كُرَيْبٍ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ فُضَيْلٍ الرَّسْعَنِيُّ: شَيْخٌ، ثِقَةٌ، مِنْ مَشْيَخَةِ التِّرْمِذِيِّ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الهُذَيْلِ الكُوْفِيُّ القَنَّادِ: مِنْ شُيُوْخِ النَّسَائِيِّ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ البَاهِلِيُّ: نَزِيْلُ حَرَّانَ، يَرْوِي عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، وَطَبَقَتِهِ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الوَاسِطِيُّ الوَرَّاقُ: يَرْوِي عَنْ يَعْلَى بنِ عُبَيْدٍ، وَعِدَّةٍ، ثِقَةٌ، مُجَوِّدٌ، أَخَذَ عَنْهُ: إِسْمَاعِيْلُ الصَّفَّارُ، وَالمَحَامِلِيُّ.وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ رَبَالٍ: يَرْوِي عَنْ سَعِيْدِ بنِ عَامِرٍ الضُّبَعِيِّ، ثِقَةٌ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ القُوْمِسِيُّ: يَرْوِي عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ مُوْسَى، وَعِدَّةٍ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ نُوْحٍ: يَرْوِي عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى بنِ الطَّبَّاعِ، ثِقَةٌ كَبِيْرٌ، نَزَلَ مُرَابِطاً بِأَذَنَةَ، حَدَّثَ عَنْهُ: البَرْدِيْجِيُّ، وَالأَصَمُّ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ السَّامَرِّيُّ البَزَّازُ: حَدَّثَ عَنْ: أَبِي نُعَيْمٍ، وَقَبِيْصَةَ، حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ الصَّفَّارُ، صَدُوْقٌ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُرْوَةَ النَّيْسَابُوْرِيُّ: سَمِعَ: حَفْصَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالجَارُوْدَ بنَ يَزِيْدِ، قَدِيْمُ المَوْتِ، مَحَلُّهُ الصِّدْقُ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ القَعْقَاعِ: بِبَغْدَادَ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ مَنْصُوْرٍ وَطَبَقَتِهِ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ المُنَادِي: عَنْ عَاصِمِ بنِ عَلِيٍّ وَأَقرَانِهِ، رَوَى عَنْهُ: وَلَدُهُ؛ أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ المُنَادِي، وَغَيْرُهُ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ شَاكِرٍ البَغْدَادِيُّ الصَّائِغُ: العَبْدُ الصَّالِحُ، سَمِعَ: أَبَا نُعَيْمٍ، وَعَفَّانَ، ثِقَةٌ، مُتْقِنٌ، شَهِيْرٌ، عَوَالِيهِ فِي (الغَيْلاَنِيَّاتِ).
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ، أَبُو يَحْيَى الزَّعْفَرَانِيُّ الرَّازِيُّ: حَدَّثَ عَنْ: إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُوْسَى الفَرَّاءِ، وَطَبَقَتِهِ، ثِقَةٌ، مُفَسِّرٌ، تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَجَّاجِ الرَّقِّيُّ القَطَّانُ: عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ، وُثِّقَ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَمَّادٍ، أَبُو الفَضْلِ الرَّمْلِيُّ القَلاَنِسِيُّ: عَنْ عَفَّانَ وَآدَمَ، لَقِيَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَخَيْثَمَةُ، صَدُوْقٌ، عَابِدٌ، كَبِيْرُ القَدْرِ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي عُثْمَانَ الطَّيَالِسِيُّ البَغْدَادِيُّ: حَافِظٌ، نَبِيْلٌ، يُكْنَى: أَبَا الفَضْلِ، عَنْ: عَفَّانَ، وَعَارِمٍ، وَطَبَقَتِهِمَا، رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَنْدَقِيُّ الخَبَّازُ: يَرْوِي عَنْ: خَالِدِ بنِ خِدَاشٍ، وَطَبَقَتِهِ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَرْبٍ العَبَّادَانِيُّ: عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ حَرْبٍ، وَطَبَقَتِهِ، حَدَّثَ عَنْهُ: جَعْفَرٌ الخُلْدِيُّ، وَالطَّبَرَانِيُّ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ كُزَالٍ السِّمْسَارُ: عَنْ: عَفَّانَ، وَسَعْدَوَيْه، رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَالطَّسْتِيُّ، لَيْسَ بِمُتْقِنٍ، يُكْتَبُ حَدِيْثُهُ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بَكْرٍ البَالِسِيُّ: سَمِعَ: النُّفَيْلِيَّ، وَالحَكَمَ بنَ مُوْسَى.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ هَاشِمٍ المُؤَدِّبُ: عَنْ عَفَّانَ، لَحِقَهُ الطَّسْتِيُّ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ البَلْخِيُّ المُؤَدِّبُ الوَرَّاقُ: عَنْ: سَهْلِ بنِ عُثْمَانَ، وَابْنِ حُمَيْدٍ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ المِصْرِيُّ ابْنُ الحَمَّارِ: يَرْوِي عَنْ: يَحْيَى بنِ بُكَيْرٍ، وَغَيْرِهِ.وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَرَفَةَ المُعَدَّلُ: بَغْدَادِيٌّ، مِنْ مَشْيَخَةِ عَبْدِ الصَّمَدِ الطَّسْتِيِّ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ شَرِيْكٍ: أَصْبَهَانِيٌّ، عَنْ لُوَيْنٍ، وَعَنْهُ: أَبُو الشَّيْخِ، وَالعَسَّالُ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِمْرَانَ بنِ بُرَيْقٍ المُخَرِّمِيُّ: عَنْ خَلَفٍ البَزَّارِ، وَعَنْهُ: الطَّبَرَانِيُّ، وَغَيْرُهُ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَمَانٍ المُؤَدِّبُ: عَنْ أَبِي الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيِّ، وَعَنْهُ: الشَّافِعِيُّ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَيَّاطُ صَاحِبُ أَبِي ثَوْرٍ: رَوَى عَنْهُ: عُثْمَانُ بنُ السَّمَّاكِ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَاجِدٍ: بَغْدَادِيٌّ، مِنْ شُيُوْخِ الطَّبَرَانِيِّ، لاَ أَعْرِفُهُ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الفُرَاتِ الكَاتِبُ: أَخُو الوَزِيْرِ الشَّهِيْرِ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الأَزْهَرِ: بَغْدَادِيٌّ، عَنْ وَهْبِ بنِ بَقِيَّةَ، وَعَنْهُ الإِسْمَاعِيْلِيُّ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَزْدِيْنَ، أَبُو الفَضْلِ السُّوْسِيُّ: عَنْ: عَلِيِّ بنِ بَحْرٍ القَطَّانِ، وَسَهْلِ بنِ عُثْمَانَ، وَعَنْهُ: الحَسَنُ بنُ رَشِيْقٍ، وَالمِصْرِيُّونَ، صَدُوْقٌ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ اللَّيْثِ الزِّيَادِيُّ: بَصْرِيٌّ، عَنْ مُسْلِمِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، وَطَبَقَتِهِ، تَأَخَّرَ حَتَّى لَقِيَهُ ابْنُ عَدِيٍّ وَأَقْرَانُهُ.وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى القُبُوْرِيُّ: بَغْدَادِيٌّ، ثِقَةٌ، سَمِعَ سُوَيْدَ بنَ سَعِيْدٍ، وَعَنْهُ: الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ الصَّوَّافِ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ، أَبُو الفَضْلِ الحِمْيَرِيُّ الزَّاهِدُ: قَاضِي نَسَفَ، رَوَى عَنْ: إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وَطَائِفَةٍ، لَيْسَ بِمَشْهُوْرٍ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُتَيْبٍ، أَبُو القَاسِمِ البَغْدَادِيُّ السُّكَّرِيُّ: حَدَّثَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ مَعْمَرٍ القَيْسِيِّ، وَطَبَقَتِهِ، رَوَى عَنْهُ: ابْنُ المُظَفَّرِ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ الأَصْبَهَانِيُّ التَّاجِرُ الأَعْوَرُ: عَنِ: ابْنِ عَرَفَةَ، وَالزَّعْفَرَانِيِّ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ البَغْدَادِيُّ: سَمِعَ مَحْمُوْدَ بنَ خِدَاشٍ، صَدُوْقٌ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ العَبَّاسِ الكَرْخِيُّ: عَنْ: جُبَارَةَ بنِ المُغَلِّسِ، وَطَائِفَةٍ، حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ عَدِيِّ، وَعَلِيُّ بنُ عُمَرَ الحَرْبِيُّ، وَابْنُ شَاهِيْنٍ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي هُرَيْرَةَ: مِصْرِيٌّ، سَمِعَ: حَرْمَلَةَ، وَغَيْرَهُ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بَشَّارِ بنِ أَبِي العَجُوْزِ: عَنْ مَحْمُوْدِ بنِ خِدَاشٍ، حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الفَضْلِ الزُّهْرِيُّ، وَابْنُ شَاهِيْنٍ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ الصَّنْدَلِيُّ الزَّاهِدُ: عَنِ: الزَّعْفَرَانِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ حَرْبٍ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ المُغَلِّسِ البَغْدَادِيُّ: عَنْ حَوْثَرَةَ المِنْقَرِيِّ.وَخَلْقٌ سِوَى هَؤُلاَءِ مِنَ المُتَأَخِّرِيْنَ بِهَذَا الاسْمِ.
وَلَكِنَّ جَعْفَرَ بنَ مُحَمَّدٍ ?لخُرَاسَانِيَّ - الَّذِي هُوَ الفِرْيَابِيُّ - يَشْتَبِهُ بِهَؤُلاَءِ الثَّلاَثَةِ:
جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حُسَيْنِ بنِ طُغَانَ، أَبُو الفَضْلِ النَّيْسَابُوْرِيُّ المَعْرُوْفُ بِالتُّرْكِ :ثِقَةٌ، حَافِظٌ، ثَبْتٌ، سَمِعَ مِنْ: يَحْيَى بنِ يَحْيَى، وَابْنِ رَاهْوَيْه، وَالنَّاسِ، وَعَنْهُ: ابْنُ الشَّرْقِيِّ، وَأَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَوَّارٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ، الحَافِظُ :رَحَلَ، وَكَتَبَ عَنْ: قُتَيْبَةَ، وَعَمْرِو بنِ زُرَارَةَ، وَأَقْرَانِهِمَا، كَبِيْرُ القَدْرِ.
فَيَجُوْزُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ يَكُوْنُ هُوَ الَّذِي رَوَى عَنْهُ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الأَزْدِيُّ المَذْكُوْرُ، فَإِنَّهُمَا وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الفِرْيَابِيُّ طَبَقَةٌ وَاحِدَةٌ.
وَلَنَا: جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى الحَافِظُ، أَبُو مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ الأَعْرَجُ، وَيُقَالُ لَهُ: جَعْفَرَكُ المُفِيْدُ، هُوَ أَصْغَرُ مِنَ الثَّلاَثَةِ، يَرْوِي عَنِ: الحَسَنِ بنِ عَرَفَةِ، وَمُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ، مَاتَ بِحَلَبَ، رَوَى عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ.

زمعة بن صالح

زمعة بن صالح
* غير قوي (السنن الكبرى: 6/ 41).
زمعة بن صالح
قال: زمعة بن صالح ضعيف.
(هذا رأي يحيى بن معين)
زَمعَة بن صَالح لَيْسَ بِالْقَوِيّ مكي كثير الْغَلَط عَن الزُّهْرِيّ
زَمعَة بن صَالح يماني الأَصْل كَانَ يكون بِمَكَّة
روى عَن الزُّهْرِيّ فِي الْحَج
روى عَنهُ روح بن عبَادَة
زمعة بن صالح
قال عبد اللَّه: قلت: زمعة بن صالح اليماني؟
قال: ضعيف الحديث، روى عنه وكيع وابن مهدي.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3505).
زَمعَة بْن صَالح
يَقُول إِبْرَاهِيم بْن أَحْمد: وَقد روى ابْن جريج عَنهُ، قَالَ أَحْمد بْن حَنْبَل: زَمعَة بْن صَالح ضَعِيف الحَدِيث.
زمعة بن صالح روى عن عبد الله بن طاوس وعمرو بن دينار
وسلمة بن وهرام وأبى الزبير وعيسى بن يزداد روى عنه عبد الرحمن ابن مهدي ووكيع وعبد الله بن وهب وأبو نعيم سمعت أبى يقول ذلك.
حدثنا عبد الرحمن أنا عبد الله بن أحمد [بن حنبل - ] فيما كتب إلي قال سئل أبى عن زمعة بن صالح فقال: ضعيف الحديث.
حدثنا عبد الرحمن قال قرئ على العباس بن محمد الدوري عن يحيى بن معين أنه قال: زمعة بن صالح يمان يكون بمكة ضعيف.
سمعت أبى يقول: زمعة ابن صالح ضعيف ( ك) الحديث، ووهيب أوثق منه.
حدثنا عبد الرحمن قال سئل أبو زرعة عن زمعة بن صالح فقال: مكي لين واهي الحديث، حديثه عن الزهري - كأنه يقول مناكير.
زمعة بن صالح مكي.
حَدَّثَنَا ابن أبي بكر، حَدَّثَنا الْعَبَّاس، عَن يَحْيى، قال: زمعة بْن صالح ضعيف وقال يَحْيى مرة في زمعة أنه صويلح الحديث وقد روى بن جُرَيج، عَن زمعة قلت له روى بن جُرَيج، عَن زمعة؟ قَال: نَعم روى عنه أحاديث زمعة يماني كان يكون بمكة.
حَدَّثَنَا ابن حماد، حَدَّثَنا العباس، عَن يَحْيى، قال: زمعة بْن صالح يماني كان يكون بمكة قلت له كيف هو في الحديث قال صويلح.
وقال عَمْرو بْن علي زمعة بْن صالح فيه ضعف في الحديث وقد روى عنه عَبد الرحمن وسفيان الثَّوْريّ وما سمعت يَحْيى ذكره قط وشيوخ من البصريين قد رووا عن زمعة مثل عَبد الرحمن، وأَبُو داود وبشر بْن السري، وأَبُو عامر، وَهو جائز الحديث مع الضعف الذي فيه.
سمعتُ ابن حماد يقول: قال البُخارِيّ زمعة بْن صالح مكي يروي عن سلمة بْن وهرام، وابن طاووس يخالف في حديثه تركه بن مهدي أخيرا.
سمعتُ ابْن حماد يقول: قال السعدي زمعة بْن صالح متماسك.
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْجُرْجَانِيُّ بحلب، حَدَّثَنا عَمْرو بن علي، حَدَّثَنا أبو داود، حَدَّثَنا زَمْعَةُ عَنْ عَمْرو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرٍ قَال رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ نِعْمَ السحور التمر
حَدَّثَنَا علي، حَدَّثَنا بُنْدَار، حَدَّثَنا روح، حَدَّثَنا زَمْعَةُ عَنْ عَمْرو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرٍ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى على بساط.
حَدَّثَنَا علي، حَدَّثَنا بُنْدَار، حَدَّثَنا روح، حَدَّثَنا زَمْعَةَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ وَهْرَامٍ، عَنْ عِكرمَة، عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثله.
حَدَّثَنَا علي، حَدَّثَنا يُونُس بْنُ عَبد الأَعْلَى، حَدَّثَنا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثني زَمْعَةَ عَنْ عَمْرو بْنِ دِينَارٍ، عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ صَلَّى عَلَى بِسَاطٍ.
قَالَ الشَّيْخُ: وَهَذِهِ الأَحَادِيثُ عَنْ عَمْرو بْنِ دِينَارٍ يَرْوِيهَا زَمْعَةَ.
أخبرنا أبو يعلى، حَدَّثَنا يَحْيى بْنُ مَعِين، حَدَّثَنا أَبُو دَاوُدَ عَنْ زَمْعَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ وَهْرَامَ، عَنْ عِكرمَة، عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وسَلَّم قَال: اسْتَعِينُوا بِقَيْلُولَةِ النَّهَارِ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ وَبِطَعَامِ السحر على صيام النهار.
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ يَحْيى بْنِ نصر، حَدَّثَنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيد الْجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ عَنْ زَمْعَةَ عَنْ سَلَمَةَ، عَنْ عِكرمَة، عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَبْصَرَ رَجُلٌ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَامِلا حَسَنًا فَقَالَ نِعْمَ الْمَرْكَبُ رَكِبْتَ يَا غُلامُ فَقَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونعم الراكب هو.
حَدَّثَنا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الهيثم، حَدَّثَنا أبو موسى، حَدَّثَنا عُبَيد اللَّهِ بْنُ عَبد المجيد، حَدَّثَنا زَمْعَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ وَهْرَامٍ، عَنْ عِكرمَة، عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلْتُ الْبَارِحَةَ الْجَنَّةَ فَنَظَرْتُ فِيهَا فَإِذَا جَعْفَرٌ يَطِيرُ مَعَ الْمَلائِكَةِ، وَإذا حَمْزَةُ مُتَّكِئٌ عَلَى سَرِيرٍ وَذَكَرَ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ يَكُنْ لَكَذَا وَكَذَا
مِنْهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ لَعَلَّكَ أَنْ تَنْهَضَ بِهَذِهِ.
قَالَ ابنُ عَدِي وهذه الأحاديث عَنْ سَلَمَةَ، عَنْ عِكرمَة، عنِ ابْن عَبَّاسٍ يَرْوِيهَا زَمْعَةَ عَنْهُ وَبِهَذَا الإِسْنَادِ قَدْرُ عَشْرَةَ أَحَادِيثَ قَدْ ذَكَرْتُهَا فِي ذِكْرِ سَلَمَةَ بن وهرام.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَامِرِ بْنِ عَبد الواحد البرقعيدي، حَدَّثَنا مُؤَمِّلُ بْنُ إِهَابٍ، حَدَّثَنا أبو داود، حَدَّثَنا زَمْعَةَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ وَهْرَامٍ، عَنْ عِكرمَة عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ أَنَا صُغْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ خَاتَمًا لَمْ يُشْرِكْنِي فِيهِ أَحَدٌ وَنَقَشْتُهُ مُحَمد رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ ابنُ عَدِي وهذا لا يرويه عَن سَلَمَةَ غِيْرُ زَمْعَةَ، ولاَ أَعْلَمُ يَرْوِيهِ عَنْ زَمْعَةَ غَيْرَ أَبِي داود، حَدَّثَنا المفضل الجندي، حَدَّثَنا علي بن زياد اللحجي، حَدَّثَنا أَبُو قُرَّةَ قَالَ ذَكَرَ زَمْعَةَ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ، عَن أَبِي الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ اسْتَأْذَنَتْ أُمُّ سَلَمَةَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ فِي الْحَجَامَةِ فَأَذِنَ لَهَا فَأَرْسَلَهَا إِلَى أَخٍ لَهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ فَحَجَمَهَا.
حَدَّثَنَا مُحَمد بن القاسم الجمحي، حَدَّثَنا أَبُو جُمَّةَ، حَدَّثَنا أَبُو قُرَّةَ عَنْ زَمْعَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعِيد، عَن أَبِي الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبد اللَّهِ وَعُبَيدَ بْنَ عُمَير يَقُولانِ قَال رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ جُهْدُ الْمُقِلِّ.
قال ابنُ عَدِي الحديث الأول يرويه زمعة عن زياد والثاني كذلك حيث قال عن زياد، عَن أبي الزبير عن جابر وأما عن عُبَيد بْن عُمَير عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ يكون مرسلا وقد اختلف على عُبَيد بْن عُمَير على ألوان منهم من يسنده ومنهم من يرسله.
حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ عَبد الْعَزِيزِ بن حبان، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ عَبد اللَّهِ بن عمار، حَدَّثَنا مُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ عَنْ زَمْعَةَ وَصَالِحِ بْنِ أَبِي الأَخْضَرِ، عنِ الزُّهْريّ عَنْ سَالِمٍ، عنِ ابن عُمَر أن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وسَلَّم قَال: لا يُلْدُغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ.
قَالَ ابنُ عَدِي ذِكْرُ بْنِ أَبِي الأَخْضَرِ، عنِ الزُّهْريّ أَغْرَبَ مَنْ ذِكْرِ زَمْعَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَذَاكَ أَنْ حَدِيثَ زَمْعَةَ قَدْ رَوَاهُ عَنْهُ أَبُو نُعَيْمٍ، عنِ الزُّهْريّ عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ قَادِمٍ عَنْ زَمْعَةَ، عنِ الزُّهْريّ عَنْ أَنَسٍ.
وَمِنْ رِوَايَةِ بن أَبِي الأَخْضَرِ لا أَعْرِفُهُ إلاَّ مِنْ حَدِيثِ مُعَافَى بْنِ عِمْرَانَ عنه.
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَعَبد اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ الْمَدَائِنِيُّ، قَالا: حَدَّثَنا يعقوب بن كاسب، حَدَّثَنا عَبد اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ زَمْعَةَ بْنِ صَالِحٍ، عنِ الزُّهْريّ عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَمْ يَحْمِلِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ رَأْسًا قَطُّ إِلَى الْمَدِينَةِ، ولاَ إِلَى غَيْرِهَا، ولاَ يَوْمَ بَدْرٍ.
قَالَ الشَّيْخُ: وَهَذَا، عنِ الزُّهْريّ يَرْوِيهِ زَمْعَةَ، ولاَ أَعْلَمُ عَنْ زَمْعَةَ يَرْوِيهِ غَيرَ عَبد اللَّهِ بْنِ الْوَلِيدِ العدني.
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنُ يُونُس، حَدَّثَنا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ، حَدَّثَنا أبو داود الطيالسي، حَدَّثَنا زَمْعَةَ بْنِ صَالِحٍ، عنِ الزُّهْريّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وسَلَّم قَال: الْعِبَادُ عِبَادُ اللَّهِ وَالْبِلادُ بِلادُ اللَّهِ مَنْ أَحْيَا مِنَ مَوَاتِ الأَرْضِ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ وَلَيْسَ لِعَرَقِ ظَالِمٍ حَقٌ.
قَالَ ابنُ عَدِي، ومَنْ أَحْيَا مَوَاتًا قَدْ رَوَاهُ، عنِ الزُّهْريّ غَيْرُ زمعة وأما قوله العباد
عِبَادُ اللَّهِ وَالْبِلادُ بِلادُ اللَّهِ يقول زمعة.
حَدَّثَنَا المفضل الجندي، حَدَّثَنا يُونُس بن مُحَمد العدني، حَدَّثَنا يِزِيدُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ عَنْ زَمْعَةَ بْنِ صَالِحٍ، عنِ الزُّهْريّ عَنْ سَعِيد بْنِ المُسَيَّب، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الشَّرَابِ أَطْيَبُ قَالَ الْحُلْوُ الْبَارِدُ.
قَالَ ابنُ عَدِي كَذَا قَالَ الزُّهْريّ عَنْ سَعِيد، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ وَيَرْوِي هَذَا الْحَدِيثَ الزُّهْريّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَوَاهُ ابْن عُيَينة عَنْ مَعْمَرٍ عنه.
حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَبِي معشر، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ سَعِيد الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنا مِسْكِينٌ عَنْ زَمْعَةَ، عنِ الزُّهْريّ عَنْ سَعِيد بْنِ المُسَيَّب قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ فَقَالَ إِنَّا سَكَنَّا دَارًا وَنَحْنُ كَثِيرٌ عَدَدَنَا مُجْتَمِعٌ شَمْلُنَا فَلَمَّا سَكَنَّاهَا قَلَّ وَفْرُنَا وَقَلَّ عَدَدُنَا وَاخْتَلَفَ شَمْلُنَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ أَلا تَرَكْتُمُوهَا وَهِيَ ذَمِيمَةٌ.
قَالَ الشَّيْخُ: لا أَعْلَمُ يَرْوِيهِ غَيْرُ زَمْعَةَ.
حَدَّثَنَا محمود بن حمدان الخشاب، حَدَّثَنا عَمْرو بن علي، حَدَّثَنا داود، حَدَّثَنا زَمْعَةَ، عنِ الزُّهْريّ عَنْ سَعِيد بْنِ المُسَيَّب، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، وابن طاووس، عَنْ أَبِيهِ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وسَلَّم قَال: الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ وَالْبِئْرُ جُبَارٌ وَالْمَعْدَنُ جبار وفي الركاز الخمس
قَالَ ابنُ عَدِي وَهَذَا غَرِيبٌ، عنِ الزُّهْريّ، وَإِنْ كَانَ قَدْ رواه غير زمعة عنه.
حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ يزيد أخو كرخويه، حَدَّثَنا أَبُو عَامِرٍ الْعَقْدِيُّ، حَدَّثَنا زَمْعَةُ عَنْ بُدَيْلٍ عَنْ سَعِيد بْنِ المُسَيَّب، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وسَلَّم قَال: لا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ خَبَثَتْ نَفْسِي وَلْيَقُلْ لَقِسَتْ نَفْسِي.
قَالَ الشَّيْخُ: لا أَعْرِفُهُ عَنْ بُدَيْلٍ عَنْ سَعِيد بْنِ المُسَيَّب إلاَّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَرُوِيَ عَنْ زَمْعَةَ، عنِ الزُّهْريّ عَنْ عروة عن عائشة.
حَدَّثَنَا ابن صاعد، حَدَّثَنا يوسف بن سَعِيد، حَدَّثَنا حَجَّاجٌ قَالَ ابْنُ جُرَيج أَخْبَرَنِي زَمْعَةُ أَنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ عَنْ جَابِرٍ بَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ أَتَى قَوْمٌ فَذَكَرَهُ وَقَالَ لا تَنْتَفِعُوا بِمَيْتَةٍ، ولاَ يُنْتَفَعُ بِالْمَيْتَةِ.
قال ابنُ عَدِي ولزمعة أحاديث غير ما ذكرت، عنِ الزُّهْريّ وزياد بْن سعد وسلمة بْن وهرام، وأَبُو الزبير ويعقوب بن عطا عنه إفرادات وحديثه كله كأنه فوائد، ورُبما يهم في بعض ما يرويه وأرجو أن حديثه صالح لا بأس به

عائشة بنت الصديق أبي بكر التيمية أم المؤمنين

عَائِشَةُ بِنْتُ الصِّدِّيْقِ أَبِي بَكْرٍ التَّيْمِيَّةُ أُمُّ المُؤْمِنِيْنَ
بِنْتُ الإِمَامِ الصِّدِّيْقِ الأَكْبَرِ، خَلِيْفَةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي قُحَافَةَ عُثْمَانَ بنِ عَامِرِ بنِ عَمْرِو بنِ كَعْبِ بنِ سَعْدِ بنِ تَيْمِ بنِ مُرَّةَ بنِ كَعْبِ بنِ لُؤَيٍّ القُرَشِيَّةُ، التَّيْمِيَّةُ، المَكِّيَّةُ، النَّبَوِيَّةُ، أُمُّ المُؤْمِنِيْنَ، زَوجَةُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَفْقَهُ نِسَاءِ الأُمَّةِ عَلَى الإِطْلاَقِ.
وَأُمُّهَا: هِيَ أُمُّ رُوْمَانَ بِنْتُ عَامِرِ بنِ عُوَيْمِرِ بنِ عَبْدِ شَمْسٍ بنِ عَتَّابِ بنِ أُذَيْنَةَ الكِنَانِيَّةُ.
هَاجَرَ بِعَائِشَةَ أَبَوَاهَا، وَتَزَوَّجَهَا نَبِيُّ اللهِ قَبْلَ مُهَاجَرِهِ بَعْدَ وَفَاةِ الصِّدِّيْقَةِ خَدِيْجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ الهِجْرَةِ بِبِضْعَةَ عَشَرَ شَهْراً، وَقِيْلَ: بِعَامَيْنِ.
وَدَخَلَ بِهَا فِي شَوَّالٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ، مُنَصَرَفَهُ - عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ - مِنْ غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَهِيَ ابْنَةُ تِسْعٍ.
فَرَوَتْ عَنْهُ: عِلْماً كَثِيْراً، طَيِّباً، مُبَارَكاً فِيْهِ.
وَعَنْ: أَبِيْهَا.
وَعَنْ: عُمَرَ، وَفَاطِمَةَ، وَسَعْدٍ، وَحَمْزَةَ بنِ عَمْرٍو الأَسْلَمِيِّ، وَجُدَامَةَ بِنْتِ وَهْبٍ.
حَدَّثَ عَنْهَا: إِبْرَاهِيْمُ بنُ يَزِيْدَ النَّخَعِيُّ مُرْسَلاً، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ يَزِيْدَ التَّيْمِيُّ كَذَلِكَ، وَإِسْحَاقُ بنُ طَلْحَةَ، وَإِسْحَاقُ بنُ عُمَرَ، وَالأَسْوَدُ بنُ يَزِيْدَ، وَأَيْمَنُ المَكِّيُّ، وَثُمَامَةُ بنُ حَزْنٍ.وَجُبَيْرُ بنُ نُفَيْرٍ، وَجُمَيْعُ بنُ عُمَيْرٍ.
وَالحَارِثُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي رَبِيْعَةَ المَخْزُوْمِيُّ، وَالحَارِثُ بنُ نَوْفَلٍ، وَالحَسَنُ، وَحَمْزَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، وَخَالِدُ بنُ سَعْدٍ، وَخَالِدُ بنُ مَعْدَانَ - وَقِيْلَ: لَمْ يَسَمَعْ مِنْهَا - وَخَبَّابٌ صَاحِبُ المَقْصُوْرَةِ، وَخُبَيْبُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ، وَخِلاَسٌ الهَجَرِيُّ، وَخِيَارُ بنُ سَلَمَةَ، وَخَيْثَمَةُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
وَذَكْوَانُ السَّمَّانُ؛ وَمَولاَهَا ذَكْوَانُ، وَرَبِيْعَةُ الجُرَشِيُّ - وَلَهُ صُحْبَةٌ - وَزَاذَانُ أَبُو عُمَرَ الكِنْدِيُّ، وَزُرَارَةُ بنُ أَوْفَى، وَزِرُّ بنُ حُبَيْشٍ، وَزَيْدُ بنُ أَسْلَمَ.
وَسَالِمُ بنُ أَبِي الجَعْدِ - وَلَمْ يَسَمَعَا مِنْهَا - وَزَيْدُ بنُ خَالِدٍ الجُهَنِيُّ، وَسَالِمُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَسَالِمُ سَبَلاَنَ، وَالسَّائِبُ بنُ يَزِيْدَ، وَسَعْدُ بنُ هِشَامٍ، وَسَعِيْدٌ المَقْبُرِيُّ، وَسَعِيْدُ بنُ العَاصِ، وَسَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، وَسُلَيْمَانُ بنُ يَسَارٍ، وَسُلَيْمَانُ بنُ بُرَيْدَةَ.
وَشُرَيْحُ بنُ أَرْطَاةَ، وَشُرَيْحُ بنُ هَانِئ، وَشَرِيْقٌ الهَوْزَنِيُّ، وَشَقِيْقٌ أَبُو وَائِلٍ، وَشَهْرُ بنُ حَوْشَبٍ.
وَصَالِحُ بنُ رَبِيْعَةَ بنِ الهَدِيْرِ، وَصَعْصَعَةُ عَمُّ الأَحْنَفِ، وَطَاوُوْسٌ، وَطَلْحَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ التَّيْمِيُّ.
وَعَابِسُ بنُ رَبِيْعَةَ، وَعَاصِمُ بنُ حُمَيْدٍ السَّكُوْنِيُّ، وَعَامِرُ بنُ سَعْدٍ، وَالشَّعْبِيُّ، وَعبَّادُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ، وَعُبَادَةُ بنُ الوَلِيْدِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ بُرَيْدَةَ، وَأَبُو الوَلِيْدِ عَبْدُ اللهِ بنُ الحَارِثِ البَصْرِيُّ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ ابْنُ أُخْتِهَا، وَأَخُوْهُ عُرْوَةُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ شَدَّادٍ اللَّيْثِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ شَقِيْقٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ
شِهَابٍ الخَوْلاَنِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَامِرِ بنِ رَبِيْعَةَ، وَابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ فَرُّوْخٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُبَيْدِ بنِ عُمَيْرٍ، وَأَبُوْهُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُكَيْمٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي قَيْسٍ، وَابْنَا أَخِيْهَا: عَبْدُ اللهِ، وَالقَاسِمُ ابْنَا مُحَمَّدٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي عَتِيْقٍ مُحَمَّدٍ، ابْنُ أَخِيْهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ وَاقِدٍ العُمَرِيُّ، وَرَضِيْعُهَا عَبْدُ اللهِ بنُ يَزِيْدَ، وَعَبْدُ اللهِ البَهِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الأَسْوَدِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الحَارِثِ بنِ هِشَامٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ سَعِيْدِ بنِ وَهْبٍ الهَمْدَانِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ شُمَاسَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ سَابِطٍ الجُمَحِيُّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ وَالِدُ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عِيَاضٍ، وَعِرَاكٌ - وَلَمْ يَلْقَهَا - وَعُرْوَةُ المُزَنِيُّ، وَعَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَعَطَاءُ بنُ يَسَارٍ، وَعِكْرِمَةُ، وَعَلْقَمَةُ، وَعَلْقَمَةُ بنُ وَقَّاصٍ، وَعَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ، وَعَمْرُو بنُ سَعِيْدٍ الأَشْدَقُ، وَعَمْرُو بنُ شُرَحْبِيْلَ، وَعَمْرُو بنُ غَالِبٍ، وَعَمْرُو بنُمَيْمُوْنٍ، وَعِمْرَانُ بنُ حِطَّانَ، وَعَوْفُ بنُ الحَارِثِ رَضِيْعُهَا، وَعِيَاضُ بنُ عُرْوَةَ، وَعِيْسَى بنُ طَلْحَةَ، وَغُضَيْفُ بنُ الحَارِثِ.
وَفَرْوَةُ بنُ نَوْفَلٍ، وَالقَعْقَاعُ بنُ حَكِيْمٍ، وَقَيْسُ بنُ أَبِي حَازِمٍ، وَكَثِيْرُ بنُ عُبَيْدٍ الكُوْفِيُّ
رَضِيْعُهَا، وَكُرَيْبٌ.وَمَالِكُ بنُ أَبِي عَامِرٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيُّ - إِنْ كَانَ لَقِيَهَا - وَمُحَمَّدُ بنُ الأَشْعَثِ، وَمُحَمَّدُ بنُ زِيَادٍ الجُمَحِيُّ، وَابْنُ سِيْرِيْنَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَارِثِ بنِ هِشَامٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ البَاقِرُ - وَلَمْ يَلْقَهَا - وَمُحَمَّدُ بنُ قَيْسِ بنِ مَخْرَمَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُنْتَشِرِ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُنْكَدِرِ - وَكَأَنَّهُ مُرْسَلٌ - وَمَرْوَانُ العُقَيْلِيُّ أَبُو لُبَابَةَ، وَمَسْرُوْقٌ، وَمِصْدَعٌ أَبُو يَحْيَى، وَمُطَرِّفُ بنُ الشِّخِّيْرِ، وَمِقْسَمٌ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالمُطَّلِبُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ حَنْطَبٍ، وَمَكْحُوْلٌ - وَلَمْ يَلْحَقْهَا - وَمُوْسَى بنُ طَلْحَةَ، وَمَيْمُوْنُ بنُ أَبِي شَبِيْبٍ، وَمَيْمُوْنُ بنُ مِهْرَانَ.
وَنَافِعُ بنُ جُبَيْرٍ، وَنَافِعُ بنُ عَطَاءٍ، وَنَافِعٌ العُمَرِيُّ، وَالنُّعْمَانُ بنُ بَشِيْرٍ، وَهَمَّامُ بنُ الحَارِثِ، وَهِلاَلُ بنُ يِسَافٍ.
وَيَحْيَى بنُ الجَزَّارِ، وَيَحْيَى بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حَاطِبٍ، وَيَحْيَى بنُ يَعْمَرَ، وَيَزِيْدُ بنُ بَابَنُوْسَ، وَيَزِيْدُ بنُ الشِّخِّيْرِ، وَيَعْلَى بنُ عُقْبَةَ، وَيُوْسُفُ بنُ مَاهَكَ.
وَأَبُو أُمَامَةَ بنُ سَهْلٍ، وَأَبُو بُرْدَةَ بنُ أَبِي مُوْسَى، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَارِثِ، وَأَبُو الجَوْزَاءِ الرَّبَعِيُّ،
وَأَبُو حُذَيْفَةَ الأَرْحَبِيُّ، وَأَبُو حَفْصَةَ مَوْلاَهَا، وَأَبُو الزُّبَيْرِ المَكِّيُّ - وَكَأَنَّهُ مُرْسل - وَأَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو الشَّعْثَاءِ المُحَارِبِيُّ، وَأَبُو الصِّدِّيْقِ النَّاجِي، وَأَبُو ظَبْيَانَ الجَنْبِيُّ، وَأَبُو العَالِيَةِ رُفَيْعٌ الرِّيَاحِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الجَدَلِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ، وَأَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ، وَأَبُو عَطِيَّةَ الوَادِعِيُّ، وَأَبُو قِلاَبَةَ الجَرْمِيُّ - وَلَمْ يَلْقَهَا - وَأَبُو المَلِيْحِ الهُذَلِيُّ، وَأَبُو مُوْسَى، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَأَبُو نَوْفَلٍ بنُ أَبِي عَقْرَبٍ، وَأَبُو يُوْنُسَ مَوْلاَهَا.وَبُهَيَّةُ مَوْلاَةُ الصِّدِّيْقِ، وَجَسْرَةُ بِنْتُ دَجَاجَةَ، وَحَفْصَةُ بِنْتُ أَخِيْهَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَخَيْرَةُ وَالِدَةُ الحَسَنِ البَصْرِيِّ، وَذِفْرَةُ بِنْتُ غَالِبٍ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ نَصْرٍ، وَزَيْنَبُ السَّهْمِيَّةُ، وَسُمَيَّةُ البَصْرِيَّةُ، وَشُمَيْسَةُ العَتْكِيَّةُ، وَصَفِيَّةُ بِنْتُ شَيْبَةَ، وَصَفِيَّةُ بِنْتُ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَعَائِشَةُ بِنْتُ طَلْحَةَ، وَعَمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمَرْجَانَةُ وَالِدَةُ عَلْقَمَةَ بنِ أَبِي عَلْقَمَةَ، وَمُعَاذَةُ العَدَوِيَّةُ، وَأُمُّ كُلْثُوْمٍ التَّيْمِيَّةُ أُخْتُهَا، وَأُمُّ مُحَمَّدٍ امْرَأَةُ وَالِدِ عَلِيِّ بنِ زَيْدِ بنِ جُدْعَانَ، وَطَائِفَةٌ سِوَى هَؤُلاَءِ.
(مُسْنَدُ عَائِشَةَ) : يَبْلُغُ أَلْفَيْنِ وَمائَتَيْنِ وَعَشْرَةِ أَحَادِيْثَ.
اتَّفَقَ لَهَا البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَلَى: مائَةٍ وَأَرْبَعَةٍ وَسَبْعِيْنَ حَدِيْثاً.
وَانْفَرَدَ البُخَارِيُّ بِأَرْبَعَةٍ وَخَمْسِيْنَ.
وَانْفَرَدَ مُسْلِمٌ بِتِسْعَةٍ وَسِتِّيْنَ.
وَعَائِشَةُ مِمَّنْ وُلِدَ فِي الإِسْلاَمِ، وَهِيَ أَصْغَرُ مِنْ فَاطِمَةَ بِثَمَانِي سِنِيْنَ، وَكَانَتْ تَقُوْلُ: لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ إِلاَّ وَهُمَا يَدِيْنَانِ الدِّيْنَ.
وَذَكَرَتْ أَنَّهَا لَحِقَتْ بِمَكَّةَ سَائِسَ الفِيْلِ شَيْخاً أَعْمَى يَسْتَعْطِي.
وَكَانَتِ امْرَأَةً بَيْضَاءَ جَمِيْلَةً، وَمِنْ ثَمَّ يُقَالُ لَهَا: الحُمَيْرَاءُ، وَلَمْ يَتَزَوَّجِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِكْراً غَيْرَهَا، وَلاَ أَحَبَّ امْرَأَةً حُبَّهَا، وَلاَ أَعْلَمُ فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَلْ وَلاَ فِي النِّسَاءِ مُطْلَقاً امْرَأَةً أَعْلَمَ مِنْهَا.وَذَهَبَ بَعْضُ العُلَمَاءِ إِلَى أَنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ أَبِيْهَا، وَهَذَا مَرْدُوْدٌ، وَقَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً، بَلْ نَشْهَدُ أَنَّهَا زَوْجَةُ نَبِيِّنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الدُّنْيَا وَالآخرَةِ، فَهَلْ فَوْقَ ذَلِكَ مَفْخَرٌ، وَإِنْ كَانَ لِلصِّدِّيْقَةِ خَدِيْجَةَ شَأْوٌ لاَ يُلْحَقُ، وَأَنَا وَاقِفٌ فِي أَيَّتِهِمَا أَفْضَلُ، نَعَمْ جَزَمْتُ بِأَفْضَلِيَّةِ خَدِيْجَةَ عَلَيْهَا، لأُمُوْرٍ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعُهَا.
هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ: عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أُرِيْتُكِ فِي المَنَامِ ثَلاَثَ لَيَالٍ، جَاءَ بِكِ المَلَكُ فِي سَرَقَةٍ [مِنْ] حَرِيْرٍ، فَيَقُوْلُ: هَذِهِ امْرَأَتُكَ.
فَأَكْشِفُ عَنْ وَجْهِكِ، فَإِذَا أَنْتِ فِيْهِ، فَأَقُوْلُ: إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللهِ يُمْضِهِ ) .
وَأَخْرَجَ: التِّرْمِذِيُّ، مِنْ حَدِيْثِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ عَلْقَمَةَ المَكِّيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ جِبْرِيْلَ جَاءَ بِصُوْرَتِهَا
فِي خِرْقَةِ حَرِيْرٍ خَضْرَاءَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: هَذِهِ زَوْجَتُكَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.حَسَّنَهُ: التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: لاَ نَعْرِفُهُ إِلاَّ مِنْ حَدِيْثِ عَبْدِ اللهِ.
وَرَوَاهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِي عَنْهُ مُرْسَلاً.
بِشْرُ بنُ الوَلِيْدِ القَاضِي: حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ بنِ جُدْعَانَ، عَنْ جَدَّتِهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ:
لَقَدْ أُعْطِيْتُ تِسْعاً مَا أُعْطِيَتْهَا امْرَأَةٌ بَعْدَ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ: لَقَدْ نَزَلَ جِبْرِيْلُ بِصُوْرَتِي فِي رَاحَتِهِ حَتَّى أَمَرَ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَتَزَوَّجَنِي، وَلَقَدْ تَزَوَّجَنِي بِكْراً، وَمَا تَزَوَّجَ بِكْراً غَيْرِي، وَلَقَدْ قُبِضَ وَرَأْسُهُ فِي حَجْرِي، وَلَقَدْ قَبَرْتُهُ فِي بَيْتِي، وَلَقَدْ حَفَّتِ الملاَئكَةُ بِبَيْتِي، وَإِنْ كَانَ الوَحْيُ لَيَنْزِلُ عَلَيْهِ وَإِنِّي لَمَعَهُ فِي لِحَافِهِ، وَإِنِّي لابْنَةُ خَلِيْفَتِهِ وَصِدِّيْقِهِ، وَلَقَدْ نَزَلَ عُذْرِي مِنَ السَّمَاءِ، وَلَقَدْ خُلِقْتُ طَيِّبَةً عِنْدَ طَيِّبٍ، وَلَقَدْ وُعِدْتُ مَغْفِرَةً وَرِزْقاً كَرِيْماً.
رَوَاهُ: أَبُو بَكْرٍ الآجُرِّيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ يَحْيَى الحُلْوَانِيِّ، عَنْهُ.
وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ، وَلَهُ طَرِيْقٌ آخَرُ سَيَأْتِي.
وَكَانَ تَزْوِيْجُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِهَا إِثْرَ وَفَاةِ خَدِيْجَةَ، فَتَزَوَّجَ بِهَا وَبِسَوْدَةَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ دَخَلَ بِسَوْدَةَ، فَتَفَرَّدَ بِهَا ثَلاَثَةَ أَعْوَامٍ حَتَّى بَنَى بِعَائِشَةَ فِي شَوَّالٍ، بَعْدَ
وَقْعَةِ بَدْرٍ، فَمَا تَزَوَّجَ بِكْراً سِوَاهَا، وَأَحَبَّهَا حُبّاً شَدِيْداً كَانَ يَتَظَاهَرُ بِهِ، بِحَيْثُ إِنَّ عَمْرَو بنَ العَاصِ - وَهُوَ مِمَّنْ أَسْلَمَ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنَ الهِجْرَةِ - سَأَلَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ يَا رَسُوْلَ اللهِ؟
قَالَ: (عَائِشَةُ) .
قَالَ: فَمِنَ الرِّجَالِ؟
قَالَ: (أَبُوْهَا ) .
وَهَذَا خَبَرٌ ثَابِتٌ عَلَى رَغْمِ أُنُوْفِ الرَّوَافِضِ، وَمَا كَانَ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- لِيُحِبَّ إِلاَّ طَيِّباً.
وَقَدْ قَالَ: (لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذاً خَلِيْلاً مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ، لاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيْلاً، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلاَمِ أَفْضَلُ) .
فَأَحَبَّ أَفْضَلَ رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِهِ، وَأَفْضَلَ امْرَأَةٍ مِنْ أُمَّتِهِ، فَمَنْ أَبْغَضَ حَبِيْبَيْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَهُوَ حَرِيٌّ أَنْ يَكُوْنَ بَغِيْضاً إِلَى اللهِ وَرَسُوْلِهِ.
وَحُبُّهُ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- لِعَائِشَةَ كَانَ أَمْراً مُسْتَفِيْضاً، أَلاَ تَرَاهُمْ كَيْفَ كَانُوا يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَهَا، تَقَرُّباً إِلَى مَرْضَاتِهِ؟
قَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
كَانَ النَّاسُ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ.
قَالَتْ: فَاجْتَمَعْنَ صَوَاحِبِي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَقُلْنَ لَهَا:
إِنَّ النَّاسَ يَتَحَرَّوْنُ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ، وَإِنَّا نُرِيْدُ الخَيْرَ كَمَا تُرِيْدُهُ عَائِشَةُ، فَقُوْلِي لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأْمُرِ النَّاسَ أَنْ يُهْدُوا لَهُ أَيْنَمَا كَانَ.
فَذَكَرَتْ أُمُّ سَلَمَةَ لَهُ ذَلِكَ، فَسَكَتَ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهَا، فَعَادَتِ الثَّانِيَةَ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهَا.
فَلَمَّا كَانَتِ الثَّالِثَةُ، قَالَ: (يَا أُمَّ سَلَمَةَ! لاَ تُؤْذِيْنِي فِي عَائِشَةَ، فَإِنَّهُ -وَاللهِ- مَا نَزَلَ عَلَيَّ الوَحْيُ وَأَنَا فِي لِحَافِ امْرَأَةٍ مِنْكُنَّ غَيْرِهَا) .
مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ.وَهَذَا الجَوَابُ مِنْهُ دَالٌّ عَلَى أَنَّ فَضْلَ عَائِشَةَ عَلَى سَائِرِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ بِأَمْرٍ إِلَهِيٍّ وَرَاءَ حُبِّهِ لَهَا، وَأَنَّ ذَلِكَ الأَمْرَ مِنْ أَسْبَابِ حُبِّهِ لَهَا.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي أُوَيْسٍ: حَدَّثَنَا أَخِي أَبُو بَكْرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ بِلاَلٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ نِسَاءَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كُنَّ حِزْبَيْنِ، فَحِزْبٌ فِيْهِ: عَائِشَةُ، وَحَفْصَةُ، وَصَفِيَّةُ، وَسَوْدَةُ، وَالحِزْبُ الآخَرُ: أُمُّ سَلَمَةَ، وَسَائِرُ أَزْوَاجِهِ.
وَكَانَ المُسْلِمُوْنَ قَدْ عَلِمُوا حُبَّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَائِشَةَ، فَإِذَا كَانَتْ عِنْدَ أَحَدِهِمْ هَدِيَّةٌ يُرِيْدُ أَنْ يُهْدِيَهَا إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخَّرَهَا، حَتَّى إِذَا كَانَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ، بَعَثَ بِهَا إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَيْتِ عَائِشَةَ.
فَتَكَلَّمَ حِزْبُ أُمِّ سَلَمَةَ، فَقُلْنَ لَهَا: كَلِّمِي رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُكَلِّمُ النَّاسَ، فَيَقُوْلُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُهْدِيَ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ هَدِيَّةً، فَلْيُهْدِ إِلَيْهِ حَيْثُ كَانَ مِنْ نِسَائِهِ.
فَكَلَّمَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ بِمَا قُلْنَ، فَلَمْ يَقُلْ لَهَا شَيْئاً، فَسَأَلْنَهَا، فَقَالَتْ: مَا قَالَ لِي شَيْئاً.
فَقُلْنَ: كَلِّمِيْهِ.
قَالَتْ: فَكَلَّمَتْهُ حِيْنَ دَارَ إِلَيْهَا، فَلَمْ يَقُلْ لَهَا شَيْئاً، فَسَأَلْنَهَا، فَقَالَتْ: مَا قَالَ لِي شَيْئاً.
فَقُلْنَ لَهَا: كَلِّمِيْهِ.
فَدَارَ إِلَيْهَا، فَكَلَّمَتْهُ، فَقَالَ لَهَا: (لاَ تُؤْذِيْنِي فِي عَائِشَةَ، فَإِنَّ الوَحْيَ لَمْ يَأْتِنِي وَأَنَا فِي ثَوْبِ
امْرَأَةٍ إِلاَّ عَائِشَةَ) .فَقَالَتْ: أَتُوْبُ إِلَى اللهِ مِنْ أَذَاكَ يَا رَسُوْلَ اللهِ.
ثُمَّ إِنَّهُنَّ دَعَوْنَ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَقُوْلُ : إِنَّ نِسَاءكَ يَنْشُدْنَكَ العَدْلَ فِي بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ.
فَكَلَّمَتْهُ، فَقَالَ: (يَا بُنَيَّةُ! أَلاَ تُحِبِّيْنَ مَا أُحِبُّ؟) .
قَالَتْ: بَلَى.
فَرَجَعَتْ إِلَيْهِنَّ، وَأَخْبَرَتْهُنَّ، فَقُلْنَ: ارْجِعِي إِلَيْهِ.
فَأَبَتْ أَنْ تَرْجِعَ، فَأَرْسَلْنَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ، فَأَتَتْهُ، فَأَغْلَظَتْ، وَقَالَتْ:
إِنَّ نِسَاءكَ يَنْشُدْنَكَ اللهَ العَدْلَ فِي ابْنَةِ أَبِي قُحَافَةَ.
فَرَفَعَتْ صَوْتَهَا، حَتَّى تَنَاوَلَتْ عَائِشَةَ وَهِيَ قَاعِدَةٌ، فَسَبَّتْهَا، حَتَّى إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيَنْظُرُ إِلَى عَائِشَةَ هَلْ تَتَكَلَّمُ.
قَالَ: فَتَكَلَّمَتْ عَائِشَةُ تَرُدُّ عَلَى زَيْنَبَ حَتَّى أَسْكَتَتْهَا، فَنَظَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى عَائِشَةَ، وَقَالَ: (إِنَّهَا ابْنَةُ أَبِي بَكْرٍ) .
فَضِيْلَةٌ:
إِسْمَاعِيْلُ بنُ جَعْفَرٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، سَمِعَ أَنَساً يَقُوْلُ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ، كَفَضْلِ الثَّرِيْدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ) .
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ طُرُقٍ، عَنْ أَبِي طُوَالَةَ.
شُعْبَةُ: عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، عَنْ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي مُوْسَى:عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (كَمُلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيْرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَفَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيْدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ).
فَضِيْلَةٌ أُخْرَى:
رَوَى: الحَاكِمُ فِي (مُسْتَدْرَكِهِ) ، مِنْ طَرِيْقِ يُوْسُفَ بنِ المَاجِشُوْنِ، قَالَ:
حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! مَنْ مِنْ أَزْوَاجِكَ فِي الجَنَّةِ؟
قَالَ: (أَمَا إِنَّكِ مِنْهُنَّ) .
قَالَتْ: فَخُيِّلَ إِلَيَّ أَنَّ ذَاكَ، لأَنَّهُ لَمْ يَتَزَوَّجْ بِكْراً غَيْرِي.
مُوْسَى - وَهُوَ الجُهَنِيُّ -: عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ حَفْصٍ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّهَا جَاءتْ هِيَ وَأَبَوَاهَا، فَقَالاَ: إِنَّا نُحِبُّ أَنْ تَدْعُوَ لِعَائِشَةَ بِدَعْوَةٍ وَنَحْنُ نَسْمَعُ.
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَائِشَةَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ مَغْفِرَةً وَاجِبَةً، ظَاهِرَةً، بَاطِنَةً) .
فَعَجِبَ أَبَوَاهَا، فَقَالَ: (أَتَعْجَبَانِ، هَذِهِ دَعْوَتِي لِمَنْ شَهِدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهَ، وَأَنِّي رَسُوْلُ اللهِ) .
أَخْرَجَهُ: الحَاكمُ فِي (مُسْتَدْرَكِهِ) ، مِنْ طَرِيْقِ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ مُوْسَى. وَهُوَ غَرِيْبٌ جِدّاً.
فَضِيْلَةٌ أُخْرَى:شُعَيْبٌ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يَا عَائِشُ! هَذَا جِبْرِيْلُ، وَهُوَ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلاَمَ) .
قَالَتْ: وَعَلَيْهِ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللهِ، تَرَى مَا لاَ نَرَى يَا رَسُوْلَ اللهِ.
زَكَرِيَّا بنُ أَبِي زَائِدَةَ: عَنْ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهُ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لَهَا: (إِنَّ جِبْرِيْلَ يُقْرِئُكِ السَّلاَمَ) .
فَقَالَتْ: وَعَلَيْهِ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللهِ.
وَأَخْرَجَ: النَّسَائِيُّ، مِنْ طَرِيْقِ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ نَحْوَ الأَوَّلِ.
وَفِي (مُسْنَدِ أَحْمَدَ) : عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
رَأَيْتُكَ يَا رَسُوْلَ اللهِ وَأَنْتَ قَائِمٌ تُكَلِّمُ دِحْيَةَ الكَلْبِيَّ.
فَقَالَ: (وَقَدْ رَأَيْتِهِ؟) .
قَالَتْ: نَعَمْ.
قَالَ: (فَإِنَّهُ جِبْرِيْلُ، وَهُوَ يُقْرِئُكِ السَّلاَمَ) .
قَالَتْ: وَعَلَيْهِ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللهِ، جَزَاهُ اللهُ مِنْ زَائِرٍ وَدَخِيْلٍ، فَنِعْمَ الصَّاحِبُ، وَنِعْمَ الدَّخِيْلُ.
قَالَ: وَالِدَّخِيْلُ: الضَّيْفُ.
مُجَالِدٌ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ.
كَثِيْرُ بنُ هِشَامٍ: حَدَّثَنَا الحَكَمُ بنُ هِشَامٍ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ،
قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ لِنِسَاءِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: فُضِّلْتُ عَلَيْكُنَّ بِعَشْرٍ وَلاَ فَخْرٍ: كُنْتُ أَحَبُّ نِسَائِهِ إِلَيْهِ، وَكَانَ أَبِي أَحَبَّ رِجَالِهِ إِلَيْهِ، وَابْتَكَرَنِي وَلَمْ يَبْتَكِرْ غَيْرِي، وَتَزَوَّجَنِي لِسَبْعٍ، وَبَنَى بِي لِتِسْعٍ، وَنَزَلَ عُذْرِي مِنَ السَّمَاءِ، وَاسْتَأْذَنَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نِسَاءهُ فِي مَرَضِهِ، فَقَالَ: (إِنَّهُ لَيَشُقُّ عَلَيَّ الاخْتِلاَفُ بَيْنَكُنَّ، فَائْذَنَّ لِي أَنْ أَكُوْنَ عِنْدَ بَعْضِكُنَّ) .
فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: قَدْ عَرَفْنَا مَنْ تُرِيْدُ، تُرِيْدُ عَائِشَةَ، قَدْ أَذِنَّا لَكَ، وَكَانَ آخِرُ زَادِهِ مِنَ الدُّنْيَا رِيْقِي، أُتِيَ بِسِوَاكٍ، فَقَالَ: (انْكُثِيْهِ يَا عَائِشَةُ) ، فَنَكَثْتُهُ، وَقُبِضَ بَيْنَ حَجْرِي وَنَحْرِي، وَدُفِنَ فِي بَيْتِي.
هَذَا حَدِيْثٌ صَالِحُ الإِسْنَادِ، وَلَكِنْ فِيْهِ انْقِطَاعٌ.
فَضِيْلَةٌ بَاهِرَةٌ لَهَا:
خَالِدٌ الحَذَّاءُ: عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ عَمْرِو بنِ العَاصِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اسْتَعْمَلَهُ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلاسِلِ.
قَالَ: فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟
قَالَ: (عَائِشَةُ) .
قَالَ: مِنَ الرِّجَالِ؟
قَالَ: (أَبُوْهَا) .
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ.
قُلْتُ: قَدْ أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ.ابْنُ المُبَارَكِ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأُمَوِيُّ: عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ العَاصِ:
أَنَّهُ قَالَ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَنْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيْكَ؟
قَالَ: (عَائِشَةُ) .
قَالَ: مِنَ الرِّجَالِ؟
قَالَ: (أَبُوْهَا) .
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ.
أَخْرَجَهُ: النَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ، وَغَرَّبَهُ.
التِّرْمِذِيُّ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدَةَ، حَدَّثَنَا المُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
قِيْلَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! مَنْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيْكَ؟
قَالَ: (عَائِشَةُ) .
قِيْلَ: مِنَ الرِّجَالِ؟
قَالَ: (أَبُوْهَا ) .
قَالَ: هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ غَرِيْبٌ.
تَزْوِيْجُهَا بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
رَوَى: هِشَامٌ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
تَزَوَّجَنِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُتَوَفَّى خَدِيْجَةَ، وَأَنَا ابْنَةُ سِتٍّ، وَأُدْخِلْتُ عَلَيْهِ وَأَنَا ابْنَةُ تِسْعٍ، جَاءنِي نِسْوَةٌ وَأَنَا أَلْعَبُ عَلَى أُرْجُوْحَةٍ، وَأَنَا مُجَمَّمَةٌ، فَهَيَّأْنَنِي، وَصَنَعْنَنِي، ثُمَّ أَتَيْنَ بِي إِلَيْهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قَالَ عُرْوَةُ: فَمَكَثَتْ عِنْدَهُ تِسْعَ سِنِيْنَ.
وَأَخْرَجَ: البُخَارِيُّ مِنْ قَوْلِ عُرْوَةَ:أَنَّ خَدِيْجَةَ تُوُفِّيَتْ قَبْلَ الهِجْرَةِ بِثَلاَثِ سِنِيْنَ، فَلَبِثَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَنَتَيْنِ أَوْ قَرِيْباً مِنْ ذَلِكَ، وَنَكَحَ عَائِشَةَ وَهِيَ بِنْتُ سِتِّ سِنِيْنَ.
ابْنُ إِدْرِيْسَ: عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرٍو، عَنْ يَحْيَى بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حَاطِبٍ، قَالَ:
قَالَتْ عَائِشَةُ: لَمَّا مَاتَتْ خَدِيْجَةُ جَاءتْ خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيْمٍ، فَقَالَتْ:
يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَلاَ تَزَوَّجُ؟
قَالَ: (وَمَنْ؟) .
قَالَتْ: إِنْ شِئْتَ بِكْراً، وَإِنْ شِئْتَ ثَيِّباً.
قَالَ: (مَنِ البِكْرُ، وَمَنِ الثَّيِّبُ؟) .
قَالَتْ: أَمَّا البِكْرُ؛ فَعَائِشَةُ ابْنَةُ أَحَبِّ خَلْقِ اللهِ إِلَيْكَ، وَأَمَّا الثَّيِّبُ؛ فَسَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ، قَدْ آمَنَتْ بِكَ، وَاتَّبَعَتْكَ.
قَالَ: (اذْكُرِيْهِمَا عَلَيَّ) .
قَالَتْ: فَأَتَيْتُ أُمَّ رُوْمَانَ، فَقُلْتُ:
يَا أُمَّ رُوْمَانَ! مَاذَا أَدْخَلَ اللهُ عَلَيْكُمْ مِنَ الخَيْرِ وَالبَرَكَةِ؟
قَالَتْ: مَاذَا؟
قَالَتْ: رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَذْكُرُ عَائِشَةَ.
قَالَتْ: انْتَظِرِي، فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ آتٍ.
فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: أَوَ تَصْلُحُ لَهُ وَهِيَ ابْنَةُ أَخِيْهِ.
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَنَا أَخُوْهُ وَهُوَ أَخِي، وَابْنَتُهُ تَصْلُحُ لِي) .
فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَتْ لِي أُمُّ رُوْمَانَ:
إِنَّ المُطْعِمَ بنَ عَدِيٍّ كَانَ قَدْ ذَكَرَهَا عَلَى ابْنِهِ، وَوَاللهِ مَا أُخْلِفُ وَعْداً قَطُّ.
قَالَتْ: فَأَتَى أَبُو بَكْرٍ المُطْعِمَ، فَقَالَ: مَا تَقُوْلُ فِي أَمْرِ هَذِهِ الجَارِيَةِ؟
قَالَ: فَأَقْبَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ، فَقَالَ: مَا تَقُوْلِيْنَ؟
فَأَقْبَلَتْ عَلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَتْ: لَعَلَّنَا إِنْ أَنْكَحْنَا هَذَا الفَتَى إِلَيْكَ تُدْخِلُهُ فِي دِيْنِكَ.
فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: مَا تَقُوْلُ أَنْتَ؟
قَالَ: إِنَّهَا لَتَقُوْلُ مَا تَسْمَعُ.
فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ، وَلَيْسَ فِي نَفْسِهِ مِنَ المَوْعِدِ شَيْءٌ، فَقَالَ لَهَا:
قُوْلِي لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلْيَأْتِ. فَجَاءَ،
فَمَلَكَهَا.قَالَتْ: ثُمَّ انْطَلَقْتُ إِلَى سَوْدَةَ، وَأَبُوْهَا شَيْخٌ كَبِيْرٌ ... ، وَذَكَرَتِ الحَدِيْثَ.
هِشَامٌ: عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
أُدْخِلْتُ عَلَى نَبِيِّ اللهِ وَأَنَا بِنْتُ تِسْعٍ، جَاءنِي نِسْوَةٌ وَأَنَا أَلْعَبُ عَلَى أُرْجُوْحَةٍ، وَأَنَا مُجَمَّمَةٌ، فَهَيَّأْنَنِي، وَصَنَعْنَنِي، ثُمَّ أَتَيْنَ بِي إِلَيْهِ.
هِشَامٌ: عَنْ أَبِيْهِ، عَنْهَا، أَنَّهَا قَالَتْ:
كُنْتُ أَلْعَبُ بِالبَنَاتِ - تَعْنِي: اللُّعَبَ - فَيَجِيْءُ صَوَاحِبِي، فَيَنْقَمِعْنَ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيَخْرُجُ رَسُوْلُ اللهِ، فَيَدْخُلْنَ عَلَيَّ، وَكَانَ يُسَرِّبُهُنَّ إِلَيَّ، فَيَلْعَبْنَ مَعِي.
وَفِي لَفْظٍ: فَكُنَّ جَوَارٍ يَأْتِيْنَ يَلْعَبْنَ مَعِي بِهَا، فَإِذَا رَأَيْنَ رَسُوْلَ اللهِ تَقَمَّعْنَ، فَكَانَ يُسَرِّبُهُنَّ إِلَيَّ.
وَعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
دَخَلَ عَلَيَّ رَسُوْلُ اللهِ وَأَنَا أَلْعَبُ بِالبَنَاتِ، فَقَالَ:
(مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ؟) .قُلْتُ: خَيْلُ سُلَيْمَانَ، وَلَهَا أَجْنِحَةٌ.
فَضَحِكَ.
الزُّهْرِيُّ: عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْمُ عَلَى بَابِ حُجْرَتِي، وَالحَبَشَةُ يَلْعَبُوْنَ بِالحِرَابِ فِي المَسْجِدِ، وَإِنَّهُ لَيَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ لِكَيْ أَنْظُرَ إِلَى لَعِبِهِمْ، ثُمَّ يَقِفُ مِنْ أَجْلِي حَتَّى أَكُوْنَ أَنَا الَّتِي أَنْصَرِفُ، فَاقْدُرُوا قَدْرَ الجَارِيَةِ الحَدِيْثَةِ السِّنِّ، الحَرِيْصَةِ عَلَى اللَّهْوِ.
وَفِي لَفْظِ مَعْمَرٍ: عَنِ الزُّهْرِيِّ:
فَمَا زِلْتُ أَنْظُرُ حَتَّى كُنْتُ أَنَا أَنْصَرِفُ، فَاقْدُرُوا قَدْرَ الجَارِيَةِ الحَدِيْثَةِ السِّنِّ الَّتِي تَسْمَعُ اللَّهْوَ.
وَلَفْظُ الأَوْزَاعِيِّ: عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي هَذَا الحَدِيْثِ، قَالَتْ:
قَدِمَ وَفْدُ الحَبَشَةِ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَامُوا يَلْعَبُوْنَ فِي المَسْجِدِ، فَرَأَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِم حَتَّى أَكُوْنَ أَنَا الَّتِي أَسْأَمُ.
وَفِي حَدِيْثِ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:أَنَّ عُمَرَ وَجَدَهُمْ يَلْعَبُوْنَ، فَزَجَرَهُمْ.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (دَعْهُم، فَإِنَّهُمْ بَنُو أَرْفِدَةَ ) .
الوَاقِدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوْسَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ خَرِيطَة، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
لَمَّا هَاجَرَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى المَدِيْنَةِ خَلَّفَنَا وَخَلَّفَ بَنَاتِهِ، فَلَمَّا قَدِمَ المَدِيْنَةَ، بَعَثَ إِلَيْنَا زَيْدَ بنَ حَارِثَةَ، وَأَبَا رَافِعٍ، وَأَعْطَاهُمَا بَعِيْرَيْنِ، وَخَمْسَ مائَةِ دِرْهَمٍ أَخَذَهَا مِنْ أَبِي بَكْرٍ، يَشْتَرِيَانِ بِهَا مَا نَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الظَّهْرِ، وَبَعَثَ أَبُو بَكْرٍ مَعَهُمَا عَبْدَ اللهِ بنَ أُرَيْقِطٍ اللَّيْثِيَّ بِبَعِيْرَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ، وَكَتَبَ إِلَى ابْنِهِ عَبْدِ اللهِ، يَأْمُرُهُ أَنْ يَحْمِلَ أَهْلَهُ؛ أُمَّ رُوْمَانَ، وَأَنَا، وَأُخْتِي أَسْمَاءَ.
فَخَرَجُوا، فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَى قُدَيْدٍ، اشْتَرَى زَيْدٌ بِتِلْكَ الدَّرَاهِمِ ثَلاَثَةَ أَبْعِرَةٍ، ثُمَّ دَخَلُوا مَكَّةَ، وَصَادَفُوا طَلْحَةَ يُرِيْدُ الهِجْرَةَ بِآلِ أَبِي بَكْرٍ، فَخَرَجْنَا جَمِيْعاً، وَخَرَجَ زَيْدٌ وَأَبُو رَافِعٍ بِفَاطِمَةَ، وَأُمِّ كُلْثُوْمٍ، وَسَوْدَةَ، وَأُمِّ أَيْمَنَ، وَأُسَامَةَ، فَاصْطَحَبَنَا جَمِيْعاً، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالبَيْضِ نَفَرَ بَعِيْرِي، وَقُدَّامِي مِحَفَّةٌ فِيْهَا
أُمِّي، فَجَعَلَتْ أُمِّي تَقُوْلُ: وَابِنْتَاهُ! وَاعَرُوْسَاهُ!حَتَّى أُدْرِكَ بَعِيْرُنَا، فَقَدِمْنَا وَالمَسْجِدُ يُبْنَى ... ، وَذَكَرَ الحَدِيْثَ.
شَأْنُ الإِفْكِ:
كَانَ فِي غَزْوَةِ المُرَيْسِيْعِ، سَنَةَ خَمْسٍ مِنَ الهِجْرَةِ، وَعُمُرُهَا - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - يَوْمَئِذٍ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً.
فَرَوَى: حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَالنُّعْمَانِ بنِ رَاشِدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا أَرَادَ سَفَراً، أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزْوَةِ المُرَيْسِيْعِ، فَخَرَجَ سَهْمِي، فَهَلَكَ فِيَّ مَنْ هَلَكَ.
وَكَذَلِكَ ذَكَرَ: ابْنُ إِسْحَاقَ، وَالوَاقِدِيُّ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ: أَنَّ الإِفْكَ كَانَ فِي غَزْوَةِ المُرَيْسِيْعِ.
يُوْنُسُ: عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، وَابْنُ المُسَيِّبِ، وَعَلْقَمَةُ بنُ وَقَّاصٍ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ:
عَنْ حَدِيْثِ عَائِشَةَ حِيْنَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا، فَبَرَّأَهَا اللهُ -تَعَالَى- وَكُلٌّ حَدَّثَنِي بِطَائِفَةٍ مِنْ حَدِيْثِهَا، وَبَعْضُ حَدِيْثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضاً، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضٍ، قَالَتْ:
كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا أَرَادَ سَفَراً، أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا
مَعَهُ، فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا، فَخَرَجَ سَهْمِي، فَخَرَجْتُ مَعَهُ بَعْدَ مَا نَزَلَ الحِجَابُ، وَأَنَا أُحْمَلُ فِي هَوْدَجٍ وَأُنْزَلُ فِيْهِ.فَسِرْنَا، حَتَّى إِذَا فَرغَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ غَزْوَتِهِ تِلْكَ، وَقَفَلَ، وَدَنَوْنَا مِنَ المَدِيْنَةِ، آذَنَ لَيْلَةً بِالرَّحِيْلِ، فَقُمْتُ حِيْنَئِذٍ، فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ حَاجَتِي، أَقْبَلْتُ إِلَى رَحْلِي، فَإِذَا عِقْدٌ لِي مِنْ جَزْعِ ظَفَارٍ قَدِ انْقَطَعَ، فَالْتَمَسْتُهُ، وَحَبَسَنِي الْتِمَاسُهُ.
وَأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِيْنَ كَانُوا يَرْحَلُوْنَ بِي، فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي، فَرَحَلُوْهُ عَلَى بَعِيْرِي، وَهُمْ يَحْسَبُوْنَ أَنِّي فِيْهِ، وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافاً لَمْ يُثْقِلْهُنَّ اللَّحْمُ، إِنَّمَا يَأْكُلْنَ العُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرُوا خِفَّةَ المَحْمِلِ حِيْنَ رَفَعُوْهُ، وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيْثَةَ السِّنِّ، فَبَعَثُوا الجَمَلَ، وَسَارُوا، فَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَ مَا اسْتَمَرَّ الجَيْشُ.
فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ وَلَيْسَ بِهَا دَاعٍ وَلاَ مُجِيْبٌ، فَأَمَّمْتُ مَنْزِلِي الَّذِي كُنْتُ فِيْهِ، وَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ سَيَفْقِدُوْنِي، فَيَرْجِعُوْنَ إِلَيَّ.
فَبَيْنَمَا أَنَا جَالِسَةٌ غَلَبَتْنِي عَيْنِي، فَنِمْتُ، وَكَانَ صَفْوَانُ بنُ المُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ، ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِنْ وَرَاءِ الجَيْشِ، فَأَدْلَجَ، فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي، فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ، فَأَتَانِي، فَعَرَفَنِي حِيْنَ
رَآنِي - وَكَانَ يَرَانِي قَبْلَ الحِجَابِ - فَاسْتَرْجَعَ.فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حِيْنَ عَرَفْتُ، فَخَمَّرْتُ وَجْهِي بِجِلْبَابِي، وَاللهِ مَا كَلَّمَنِي كَلِمَةً، وَلاَ سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً غَيْرَ اسْتِرْجَاعِهِ، فَأَنَاخَ رَاحِلَتَهُ، فَوَطِئَ عَلَى يَدَيْهَا، فَرَكِبْتُهَا، فَاْنَطَلَق يَقُوْدُ بِيَ الرَّاحِلَةَ، حَتَّى أَتَيْنَا الجَيْشَ بَعْدَ مَا نَزَلُوا مُوْغِرِيْنَ فِي نَحْرِ الظَّهِيْرَةِ، فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ فِيَّ، وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَ الإِفْكِ: عَبْدُ اللهِ بنُ أُبَيِّ ابْنِ سَلُوْلٍ.
فَقَدِمْنَا المَدِيْنَةَ، فَاشْتَكَيْتُ شَهْراً، وَالنَّاسُ يُفِيْضُونَ فِي قَوْلِ أَهْلِ الإِفْكِ، وَلاَ أَشْعُرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَيُرِيْبُنِي فِي وَجَعِي أَنِّي لاَ أَعْرِفُ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اللُّطْفَ الَّذِي كُنْتُ أَرَى مِنْهُ حِيْنَ أَشْتَكِي، إِنَّمَا يَدْخُلُ عَلَيَّ فَيُسَلِّمُ، ثُمَّ يَقُوْلُ: (كَيْفَ تِيْكُمْ) ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ.
فَذَلِكَ الَّذِي يُرِيْبُنِي، وَلاَ أَشْعُرُ بِالشَّرِّ حَتَّى خَرَجْتُ بَعْدَ مَا نَقِهْتُ.
فَخَرَجْتُ مَعَ أُمِّ مِسْطَحٍ قِبَلَ المَنَاصِعِ، وَهُوَ مُتَبَرَّزُنَا، وَكُنَّا لاَ نَخْرُجُ إِلاَّ لَيْلاً إِلَى لَيْلٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تُتَّخَذَ الكُنُفُ قَرِيْباً مِنْ بُيُوْتِنَا، وَأَمْرُنَا أَمْرُ العَرَبِ الأَوَّلِ مِنَ التَّبَرُّزِ قِبَلَ الغَائِطِ، وَكُنَّا نَتَأَذَّى بِالكُنُفِ أَنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوْتِنَا.
فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ بِنْتُ أَبِي رُهْمٍ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَأُمُّهَا: ابْنَةُ صَخْرِ بنِ عَامِرٍ خَالَةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ، وَابْنُهَا مِسْطَحُ بنُ أُثَاثَةَ بنِ المُطَّلِبِ، فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَهِيَ قِبَلَ بَيْتِي، قَدْ فَرَغْنَا مِنْ شَأْنِنَا، فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ فِي مِرْطِهَا،
فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ.فَقُلْتُ لَهَا: بِئْسَ مَا قُلْتِ، أَتَسُبِّيْنَ رَجُلاً شَهِدَ بَدْراً؟
قَالَتْ: أَيْ هَنْتَاهُ، أَوَ لَمْ تَسْمَعِي مَا قَالَ؟
قُلْتُ: وَمَا ذَاكَ؟
فَأَخْبَرَتْنِي الخَبَرَ، فَازْدَدْتُ مَرَضاً عَلَى مَرَضِي.
فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي، وَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: (كَيْفَ تِيْكُمْ؟) .
فَقُلْتُ: أَتَأْذَنُ لِي أَنْ آتِيَ أَبَوَيَّ، وَأَنَا حِيْنَئِذٍ أُرِيْدُ أَنْ أَسْتَيْقِنَ الخَبَرَ مِنْ قِبَلِهَمَا، فَأَذِنَ لِي، فَجِئْتُ أَبَوَيَّ.
فَقُلْتُ: يَا أُمَّتَاهُ! مَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ؟
قَالَتْ: يَا بُنَيَّةُ! هَوِّنِي عَلَيْكِ، فَوَاللهِ لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ وَضِيْئَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا، لَهَا ضَرَائِرُ إِلاَّ كَثَّرْنَ عَلَيْهَا.
فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللهِ، وَقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بِهَذَا؟!
فَبَكَيْتُ اللَّيْلَةَ حَتَّى لاَ يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ، وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، ثُمَّ أَصْبَحْتُ أَبْكِي، فَدَعَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلِيَّ بنَ أَبِي طَالِبٍ، وَأُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ حِيْنَ اسْتَلْبَثَ الوَحْيُ يَسْتَأْمِرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ.
فَأَمَّا أُسَامَةُ: فَأَشَارَ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ بِالَّذِي يَعْلَمُ مِنْ بَرَاءةِ أَهْلِهِ، وَبِالَّذِي يَعْلَمُ لَهُمْ فِي نَفْسِهِ مِنَ الوُدِّ، فَقَالَ:
يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَهْلُكَ وَلاَ نَعْلَمُ إِلاَّ خَيْراً.
وَأَمَّا عَلِيٌّ، فَقَالَ: لَمْ يُضَيِّقِ اللهُ عَلَيْكَ، وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيْرٌ، وَاسْأَلِ الجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ.
فَدَعَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَرِيْرَةَ، فَقَالَ: (أَيْ بَرِيْرَةُ، هَلْ رَأَيْتِ مِنْ شَيْءٍ يَرِيْبُكِ؟) .
قَالَتْ: لاَ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، إِنْ رَأَيْتُ عَلَيْهَا أَمْراً أَغْمِصُهُ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيْثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عَنْ عَجِيْنِ أَهْلِهَا، فَيَأْتِي الدَّاجِنُ فَيَأْكُلُهُ.
فَقَامَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أُبَيِّ ابْنِ سَلُوْلٍ، فَقَالَ وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ: (يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِيْنَ! مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِ بَيْتِي، فَوَاللهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلاَّ خَيْراً، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلاً مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلاَّ خَيْراً، وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلاَّ مَعِي) .فَقَامَ سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ، فَقَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَنَا أَعْذِرُكَ مِنْهُ، إِنْ كَانَ مِنَ الأَوْسِ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنَ الخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ.
فَقَامَ سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ - وَهُوَ سَيِّدُ الخَزْرَجِ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلاً صَالِحاً، وَلَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الحَمِيَّةُ - فَقَالَ سَعْدٌ:
كَذَبْتَ - لَعَمْرُ اللهِ - لاَ تَقْتُلُهُ، وَلاَ تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ.
فَقَامَ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ - وَهُوَ ابْنُ عَمِّ سَعْدِ بنِ مُعَاذٍ - فَقَالَ:
كَذَبْتَ - لَعَمْرُ اللهِ - لَنَقْتُلَنَّهُ، فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ المُنَافِقِيْنَ.
فَتَثَاوَرَ الحَيَّانِ الأَوْسُ وَالخَزْرَجُ، حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا، وَرَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَائِمٌ عَلَى المِنْبَرِ، فَلَمْ يَزَلْ يَخْفِضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا، وَسَكَتَ.
قَالَتْ: فَبَكَيْتُ يَوْمِي ذَلِكَ وَلَيْلَتِي، لاَ يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ، وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، فَأَصْبَحَ أَبَوَايَ عِنْدِي، وَقَدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ وَيَوْماً، لاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، وَلاَ يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ البُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي.
فَبَيْنَمَا هُمَا جَالِسَانِ عِنْدِي وَأَنَا أَبْكِي، اسْتَأْذَنَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَأَذِنْتُ لَهَا، فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي.
فَبَيْنَمَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ، دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَلَّمَ، ثُمَّ
جَلَسَ، وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِي مُنْذُ قِيْلَ لِي مَا قِيْلَ، وَلَقَدْ لَبِثَ شَهْراً لاَ يُوْحَى إِلَيْهِ فِي شَأْنِي شَيْءٌ.قَالَتْ: فَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قَالَ: (أَمَّا بَعْدُ يَا عَائِشَةُ، فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ كُنْتِ بَرِيْئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللهُ، وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرِي اللهَ، وَتُوْبِي إِلَيْهِ، فَإِنَّ العَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ بِذَنْبِهِ ثُمَّ تَابَ، تَابَ اللهُ عَلَيْهِ) .
فَلَمَّا قَضَى مَقَالَتْهُ، قَلَصَ دَمْعِي، حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً.
فَقُلْتُ لأَبِي: أَجِبْ رَسُوْلَ اللهِ فِيْمَا قَالَ.
قَالَ: وَاللهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُوْلُ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فَقُلْتُ لأُمِّي: أَجِيْبِي رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قَالَتْ: مَا أَدْرِي مَا أَقُوْلُ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فَقُلْتُ - وَأَنَا يَوْمئذٍ حَدِيْثَةُ السِّنِّ، لاَ أَقْرَأُ كَثِيْراً مِنَ القُرْآنِ -: إِنِّي -وَاللهِ- لَقَدْ عَلِمْتُ، لَقَدْ سَمِعْتُمْ هَذَا الحَدِيْثَ حَتَّى اسْتَقَرَّ فِي أَنْفُسِكُمْ، وَصَدَّقْتُمْ بِهِ، فَلَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ إِنِّي بَرِيْئَةٌ - وَاللهُ يَعْلَمُ أَنِّي بَرِيْئَةٌ - لاَ تُصَدِّقُونِي بِذَلِكَ، وَلَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ - وَاللهُ يَعْلَمُ أَنِّي بَرِيْئَةٌ - لَتُصَدِّقُنِّي، وَاللهِ مَا أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلاً إِلاَّ قَوْلَ أَبِي يُوْسَفَ: {فَصَبْرٌ جَمِيْلٌ، وَاللهُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُوْنَ} [يُوْسُفُ: 18] .
ثُمَّ تَحَوَّلْتُ، فَاضْطَجَعْتُ عَلَى فِرَاشِي، وَأَنَا أَعْلَمُ أَنِّي بَرِيْئَةٌ، وَأَنَّ اللهَ -تَعَالَى- يُبَرِّئُنِي بِبَرَاءتِي، وَلَكِنْ -وَاللهِ- مَا ظَنَنْتُ أَنَّ اللهَ يُنْزِلُ فِي شَأْنِي وَحْياً يُتْلَى، وَلَشَأْنِي كَانَ فِي نَفْسِي أَحْقَرُ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللهُ فِيَّ بِأَمْرٍ يُتْلَى، وَلَكِنْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللهُ بِهَا.
قَالَتْ: فَوَاللهِ مَا قَامَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلاَ خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ البَيْتِ،
حَتَّى نَزَلَ عَلَيْهِ الوَحْيُ.فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ البُرَحَاءِ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِثْلُ الجُمَانِ مِنَ العَرَقِ، وَهُوَ فِي يَوْمٍ شَاتٍ، مِنْ ثِقَلِ القَوْلِ الَّذِي يَنْزِلُ عَلَيْهِ.
فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ وَهُوَ يَضْحَكُ، كَانَ أَوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا: (يَا عَائِشَةُ، أَمَا -وَاللهِ - لَقَدْ بَرَّأَكِ اللهُ) .
فَقَالَتْ أُمِّي: قُوْمِي إِلَيْهِ.
فَقُلْتُ: وَاللهِ لاَ أَقُوْمُ إِلَيْهِ، وَلاَ أَحْمَدُ إِلاَّ اللهَ.
وَأَنْزَلَ اللهُ -تَعَالَى -: {إِنَّ الَّذِيْنَ جَاؤُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُم} [النُّوْرُ: 11] العَشْرُ الآيَاتُ كُلُّهَا.
فَلَمَّا أَنْزَلَ اللهُ هَذَا فِي بَرَاءتِي، قَالَ أَبُو بَكْرٍ - وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ لِقَرَابَتِهِ وَفَقْرِهِ -:
وَاللهِ لاَ أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئاً أَبَداً بَعْدَ الَّذِي قَالَ لِعَائِشَةَ.
فَأُنْزِلَتْ: {وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُو الفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُوْلِي القُرْبَى وَالمَسَاكِيْنَ وَالمُهَاجِرِيْنَ فِي سَبِيْلِ اللهِ، وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا، أَلاَ تُحِبُّوْنَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ} [النُّوْرُ: 22] .
قَالَ: بَلَى -وَاللهِ- إِنِّي لأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لِي.
فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِي كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ، وَقَالَ: وَاللهِ لاَ أَنْزِعُهَا مِنْهُ أَبَداً.
قَالَتْ: وَكَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْأَلُ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ عَنِ أَمْرِي، فَقَالَتْ:
أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي، مَا عَلِمْتُ إِلاَّ خَيْراً، وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِيْنِي مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَعَصَمَهَا اللهُ بِالوَرَعِ، وَطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ تُحَارِبُ لَهَا، فَهَلَكَتْ فِيْمَنْ هَلَكَ مِنْ أَصْحَابِ الإِفْكِ.
وَهَذَا الحَدِيْثُ: لَهُ طُرُقٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ.وَرَوَاهُ: هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ.
قَالَ أَبُو مَعْشَرٍ السِّنْدِيُّ : حَدَّثَنِي أَفْلَحُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ المُغِيْرَةِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ الوَلِيْدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ ... ، فَذَكَرَ حَدِيْثَ الإِفْكِ بِطُوْلِهِ.
وَفِيْهِ: أَنَّ ذَاكَ فِي غَزْوَةِ بَنِي المُصْطَلِقِ، وَأَنَّ سَهْمَهَا وَسَهْمَ أُمِّ سَلَمَةَ خَرَجَ.
وَرَوَى: مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ الوَلِيْدِ، فَقَالَ: الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ: عَلِيٌّ.
فَقُلْتُ: لاَ، حَدَّثَنِي سَعِيْدٌ، وَعُرْوَةُ، وَعَلْقَمَةُ، وَعُبَيْدُ اللهِ، كُلُّهُمْ سَمِعَ عَائِشَةَ تَقُوْلُ: إِنَّ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ أُبَيٍّ.
فَقَالَ لِي: فَمَا كَانَ جُرْمُهُ؟
قُلْتُ: سُبْحَانَ اللهِ، حَدَّثَنِي مِنْ قَوْمِكَ أَبُو سَلَمَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُمَا سَمِعَا عَائِشَةَ تَقُوْلُ: كَانَ مُسِيْئاً فِي أَمْرِي.
يُوْنُسُ بنُ بُكَيْرٍ: عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي بَكْرٍ بنِ حَزْمٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
لَمَّا تَلاَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- القِصَّةَ الَّتِي نَزَلَ
بِهَا عُذْرِي عَلَى النَّاسِ نَزَلَ، فَأَمَرَ بِرَجُلَيْنِ وَامْرَأَةٍ مِمَّنْ كَانَ تَكَلَّمَ بِالفَاحِشَةِ فِي عَائِشَةَ، فُجُلِدُوا الحَدَّ.قَالَ: وَكَانَ رَمَاهَا: ابْنُ أُبَيٍّ، وَمِسْطَحٌ، وَحَسَّانٌ، وَحَمْنَةُ.
الأَعْمَشُ: عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوْقٍ، قَالَ:
دَخَلَ حَسَّانُ بنُ ثَابِتٍ عَلَى عَائِشَةَ يُشَبِّبُ بِأَبْيَاتٍ لَهُ فِيْهَا، فَقَالَ:
حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيْبَةٍ ... وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُوْمِ الغَوَافِلِ
قَالَتْ: لَسْتُ كَذَاكَ.
فَقُلْتُ: تَدَعِيْنَ مِثْلَ هَذَا يَدْخُلُ عَلَيْكِ، وَقَدْ أَنْزَلَ اللهُ - تَعَالَى -: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُم لَهُ عَذَابٌ عَظِيْمٌ} [النُّوْرُ: 11] .
قَالَتْ: وَأَيُّ عَذَابٍ أَشَدُّ مِنَ العَمَى.
ثُمَّ قَالَتْ: كَانَ يَرُدُّ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيُّ، قَالَ:كَانَ صَفْوَانُ بنُ المُعَطَّلِ قَدْ كَثَّرَ عَلَيْهِ حَسَّانٌ فِي شَأْنِ عَائِشَةَ، وَقَالَ يُعَرِّضُ بِهِ:
أَمْسَى الجَلاَبِيْبُ قَدْ عَزُّوا وَقَدْ كَثُرُوا ... وَابْنُ الفُرَيْعَةِ أَمْسَى بَيْضَةَ البَلَدِ
فَاعْتَرَضَهُ صَفْوَانُ لَيْلَةً وَهُوَ آتٍ مِنْ عِنْدِ أَخْوَالِهِ بَنِي سَاعِدَةَ، فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ عَلَى رَأْسِهِ، فَاسْتَعْدَوْا عَلَيْهِ ثَابِتَ بنَ قَيْسٍ، فَجَمَعَ يَدَيْهِ إِلَى عُنُقِهِ بِحَبْلٍ، وَقَادَهُ إِلَى دَارِ بَنِي حَارِثَةَ.
فَلَقِيَهُ ابْنُ رَوَاحَةَ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟
فَقَالَ: مَا أَعْجَبَكَ، إِنَّهُ عَدَا عَلَى حَسَّانٍ بِالسَّيْفِ، فَوَاللهِ مَا أُرَاهُ إِلاَّ قَدْ قَتَلَهُ.
فَقَالَ: هَلْ عَلِمَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَا صَنَعْتَ بِهِ؟
فَقَالَ: لاَ.
فَقَالَ: وَاللهِ لَقَدِ اجْتَرَأْتَ، خَلِّ سَبِيْلَهُ، فَسَنَغْدُو عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَنُعْلِمَهُ أَمْرَهُ.
فَخَلَّى سَبِيْلَهُ، فَلَمَّا أَصْبَحُوا غَدَوْا عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَذَكَرُوا لَهُ ذَلِكَ.
فَقَالَ: (أَينَ ابْنُ المُعَطَّلِ؟) .
فَقَامَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: هَا أَنَا ذَا يَا رَسُوْلَ اللهِ.
فَقَالَ: (مَا دَعَاكَ إِلَى مَا صَنَعْتَ؟) .
قَالَ: آذَانِي يَا رَسُوْلَ اللهِ، وَكَثَّرَ عَلَيَّ، وَلَمْ يَرْضَ حَتَّى عَرَّضَ بِي فِي الهِجَاءِ، فَاحْتَمَلَنِي الغَضَبُ، وَهَا أَنَا ذَا، فَمَا كَانَ عَلَيَّ مِنْ حَقٍّ، فَخُذْنِي بِهِ.
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (ادْعُوا لِي حَسَّانَ بنَ ثَابِتٍ) .
فَأُتِيَ بِهِ، فَقَالَ: (يَا
حَسَّانُ! أَتَشَوَّهْتَ عَلَى قَوْمِي أَنْ هَدَاهُمُ اللهُ لِلإِسْلاَمِ - يَقُوْلُ: تَنَفَّسْتَ عَلَيْهِم - يَا حَسَّانُ، أَحْسِنْ فِيْمَا أَصَابَكَ) .قَالَ: هِيَ لَكَ يَا رَسُوْلَ اللهِ.
فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سِيْرِيْنَ القُبْطِيَّةَ، فَوَلَدَتْ لَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، وَأَعْطَاهُ أَرْضاً كَانَتْ لأَبِي طَلْحَةَ، تَصَدَّقَ بِهَا أَبُو طَلْحَةَ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَالَ حَسَّانُ فِي عَائِشَةَ:
رَأَيْتُكِ - وَلْيَغْفِرْ لَكِ اللهُ - حُرَّةً ... مِنَ المُحْصَنَاتِ غَيْرِ ذَاتِ غَوَائِلِ
حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيْبَةٍ ... وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُوْمِ الغَوَافِلِ
وَإِنَّ الَّذِي قَدْ قِيْلَ لَيْسَ بِلائِقٍ ... بِكِ الدَّهْرَ بَلْ قِيْلُ امْرِئٍ مُتَمَاحِلِ
فَإِنْ كُنْتُ أَهْجُوْكُمْ كَمَا بَلَّغُوْكُمُ ... فَلاَ رَفَعَتْ سَوطِي إِلَيَّ أَنَامِلِي
وَكَيْفَ وُوُدِّي مَا حَيِيْتُ وُنُصْرَتِي ... لآلِ رَسُوْلِ اللهِ زَيْنِ المَحَافِلِ
وَإِنَّ لَهُمْ عِزّاً يُرَى النَّاسُ دُوْنَهُ ... قِصَاراً وَطَالَ العِزُّ كُلَّ التَّطَاوُلِ
عَقِيْلَةُ حَيٍّ مِنْ لُؤَيِّ بنِ غَالِبٍ ... كِرَامِ المَسَاعِي مَجْدُهُمْ غَيْرُ زَائِلِ
مُهَذَّبَةٌ قَدْ طَيَّبَ اللهُ خِيْمَهَا ... وَطَهَّرَهَا مِنْ كُلِّ سُوْءٍ وَبَاطِلِ
ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ بِلاَلٍ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَرَأَيْتَ لَو أَنَّكَ
نَزَلْتَ وَادِياً فِيْهِ شَجَرَةٌ قَدْ أُكِلَ مِنْهَا، وَوَجَدْتَ شَجَرَةً لَمْ يُؤْكَلْ مِنْهَا، فَأَيُّهُمَا كُنْتَ تُرْتِعُ بَعِيْرَكَ؟قَالَ: (الشَّجَرَةَ الَّتِي لَمْ يُؤْكَلْ مِنْهَا) .
قَالَتْ: فَأَنَا هِيَ.
تَعْنِي: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَتَزَوَّجْ بِكْراً غَيْرَهَا.
سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ أَبِي سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -: مَا تَزَوَّجَنِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى أَتَاهُ جِبْرِيْلُ بِصُوْرَتِي، وَقَالَ: هَذِهِ زَوْجَتُكَ.
فَتَزَوَّجَنِي، وَإِنِّي لَجَارِيَةٌ عَلَيَّ حَوْفٌ، وَلَمَّا تَزَوَّجَنِي وَقَعَ عَلَيَّ الحَيَاءُ، وَإِنِّي لَصَغِيْرَةٌ.
تَفَرَّدَ بِهِ: أَبُو سَعْدٍ، وَهُوَ سَعِيْدُ بنُ المَرْزُبَانِ البَقَّالُ، لَيِّنُ الحَدِيْثِ.
وَالحَوْفُ: شَيْءٌ يُشَدُّ فِي وَسَطِ الصَّبِيِّ مِنْ سُيُوْرٍ.
يَحْيَى بنُ يَمَانٍ: عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أُمَيَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
تَزَوَّجَنِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي شَوَّالٍ، وَأَعْرَسَ بِي فِي شَوَّالٍ، فَأَيُّ نِسَائِهِ كَانَ أَحْظَى عِنْدَهُ مِنِّي ؟
وَكَانَتِ العَرَبُ تَسْتَحِبُّ لِنِسَائِهَا أَنْ يُدْخَلْنَ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ فِي شَوَّالٍ.
وَقَالَتْ عَائِشَةُ: مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيْجَةَ، مِنْ كَثْرَةِ مَا كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَذْكُرُهَا. قُلْتُ: وَهَذَا مِنْ أَعْجَبِ شَيْءٍ أَنْ تَغَارَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - مِنِ امْرَأَةٍ عَجُوْزٍ، تُوُفِّيَتْ قَبْلَ تَزَوُّجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعَائِشَةَ بِمُدَيْدَةٍ، ثُمَّ يَحْمِيْهَا اللهُ مِنَ الغَيْرَةِ مِنْ عِدَّةِ نِسْوَةٍ يُشَارِكْنَهَا فِي النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَهَذَا مِنْ أَلْطَافِ اللهِ بِهَا وَبِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِئَلاَّ يَتَكَدَّرَ عَيْشُهُمَا، وَلَعَلَّهُ إِنَّمَا خَفَّفَ أَمْرَ الغَيْرَةِ عَلَيْهَا حُبُّ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَهَا، وَمَيْلُهُ إِلَيْهَا، فَرَضِيَ اللهُ عَنْهَا وَأَرْضَاهَا.
مَعْمَرٌ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ:
دَخَلَتِ امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَقْبَلَ عَلَيْهَا.
قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَقْبَلْتَ عَلَى هَذِهِ السَّوْدَاءِ هَذَا الإِقْبَالَ.
فَقَالَ: (إِنَّهَا كَانَتْ تَدْخُلُ عَلَى خَدِيْجَةَ، وَإِنَّ حُسْنَ العَهْدِ مِنَ الإِيْمَانِ).
أَخْبَرَنَا أَبُو الفِدَاءِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُعَدَّلُ، أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ المَقْدِسِيُّ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحَسَنِ الدَّقَّاقُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيِّ بنِ زِكْرِيٍّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ المُعَدَّلُ، قَالَ:حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو الرَّزَّازُ، حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - أَنَّهَا قَالَتْ:
مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّداً -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأَى رَبَّهُ، فَقَدْ أَعْظَمَ الفِرْيَةَ عَلَى اللهِ -تَعَالَى- وَلَكِنَّهُ رَأَى جِبْرِيْلَ مَرَّتَيْنِ فِي صُوْرَتِهِ وَخَلْقِهِ سَادّاً مَا بَيْنَ الأُفُقِ.
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحُ الإِسْنَادِ.وَلَمْ يَأْتِنَا نَصٌّ جَلِيٌّ بِأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأَى اللهَ -تَعَالَى- بِعَيْنَيْهِ، وَهَذِهِ المَسْأَلَةُ مِمَّا يَسَعُ المَرْءَ المُسْلِمَ فِي دِيْنِهِ السُّكُوتُ عَنْهَا.
فَأَمَّا رُؤْيَةُ المَنَامِ: فَجَاءتْ مِنْ وُجُوْهٍ مُتَعَدِّدَةٍ مُسْتَفِيْضَةٍ.
وَأَمَّا رُؤْيَةُ اللهِ عِيَاناً فِي الآخِرَةِ: فَأَمْرٌ مُتَيَقَّنٌ، تَوَاتَرَتْ بِهِ النُّصُوْصُ، جَمَعَ أَحَادِيْثَهَا: الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالبَيْهَقِيُّ، وَغَيْرُهُمَا.
أَبُو الحَسَنِ المَدَائِنِيُّ: عَنْ يَزِيْدَ بنِ عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
دَخَلَ عُيَيْنَةُ بنُ حِصْنٍ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعِنْدَهُ عَائِشَةُ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ الحِجَابُ، فَقَالَ:
مَنْ هَذِهِ الحُمَيْرَاءُ يَا رَسُوْلَ اللهِ؟
قَالَ: (هَذِهِ عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ) .
قَالَ: أَفَلاَ أَنْزِلُ لَكَ عَنْ أَجْمَلِ النِّسَاءِ؟
قَالَ: (لاَ) .
فَلَمَّا خَرَجَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: مَنْ هَذَا يَا رَسُوْلَ اللهِ؟
قَالَ: (هَذَا الأَحْمَقُ المُطَاعُ فِي قَوْمِهِ) .
هَذَا حَدِيْثٌ مُرْسَلٌ، وَيَزِيْدُ مَتْرُوكٌ، وَمَا أَسْلَمَ عُيَيْنَةُ إِلاَّ بَعْدَ نُزُولِ الحِجَابِ.
وَقَدْ قِيْلَ: إِنَّ كُلَّ حَدِيْثٍ فِيْهِ: يَا حُمَيْرَاءُ، لَمْ يَصِحَّ، وَأَوْهَى ذَلِكَ
تَشْمِيْسُ المَاءِ، وَقَوْلُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَهَا: لَا تَفْعَلِي يَا حُمَيْرَاءُ، فَإِنَّهُ يُوْرِثُ البَرَصَ، فَإِنَّهُ خَبَرٌ مَوْضُوْعٌ.وَالحَمْرَاءُ فِي خِطَابِ أَهْلِ الحِجَازِ: هِيَ البَيْضَاءُ بِشُقْرَةٍ، وَهَذَا نَادِرٌ فِيْهِم، وَمِنْهُ فِي الحَدِيْثِ: رَجُلٌ أَحْمَرُ كَأَنَّهُ مِنَ المَوَالِي، يُرِيْدُ القَائِلُ: أَنَّهُ فِي لَوْنِ المَوَالِي الَّذِيْنَ سُبُوا مِنْ نَصَارَى الشَّامِ وَالرُّوْمِ وَالعَجَمِ.
ثُمَّ إِنَّ العَرَبَ إِذَا قَالَتْ: فُلاَنٌ أَبْيَضُ، فَإِنَّهُمْ يُرِيْدُوْنَ الحِنْطِيَّ اللَّوْنِ بِحِلْيَةٍ سَوْدَاءَ.
فَإِنْ كَانَ فِي لَوْنِ أَهْلِ الهِنْدِ، قَالُوا: أَسْمَرُ، وَآدَمُ.
وَإِنْ كَانَ فِي سَوَادِ التِّكْرُوْرِ، قَالُوا: أَسْوَدُ.
وَكَذَا كُلُّ مَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ السَّوَادُ، قَالُوا: أَسْوَدُ، أَوْ شَدِيْدُ الأُدْمَةِ.
وَمِنْ ذَلِكَ قُوْلُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (بُعِثْتُ إِلَى الأَحْمَرِ وَالأَسْوَدِ ) .
فَمَعْنَى ذَلِكَ: أَنَّ بَنِي آدَمَ لاَ يَنْفَكُّوْنَ عَنْ أَحَدِ الأَمْرَيْنِ، وَكُلُّ
لَوْنٍ بِهَذَا الاعْتِبَارِ يَدُوْرُ بَيْنَ السَّوَادِ وَالبَيَاضِ الَّذِي هُوَ الحُمْرَةُ.أَحْمَدُ فِي (مُسْنَدِهِ ) : حَدَّثَنَا عَبَّادُ بنُ عَبَّادٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَقُوْلُ لَهَا: (إِنِّي أَعْرِفُ غَضَبَكِ إِذَا غَضِبْتِ، وَرِضَاكِ إِذَا رَضِيْتِ) .
قَالَتْ: وَكَيْفَ تَعْرِفُ؟
قَالَ: (إِذَا غَضِبْتِ قُلْتِ: يَا مُحَمَّدُ، وَإِذَا رَضِيْتِ قُلْتِ: يَا رَسُوْلَ اللهِ) .
هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ.
وَالمَحْفُوظُ: مَا أَخْرَجَا فِي (الصَّحِيْحَيْنِ) لأَبِي أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ بِلَفْظِ: (إِنِّي لأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى) .
قَالَتْ: وَكَيْفَ يَا رَسُوْلَ اللهِ؟
قَالَ: (إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، قُلْتِ: لاَ، وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى، قُلْتِ: لاَ، وَرَبِّ إِبْرَاهِيْمَ) .
قُلْتُ: أَجَلْ، وَاللهِ مَا أَهْجُرُ إِلاَّ اسْمَكَ.
تَابَعَهُ: عَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ، وَأَخْرَجَ: النَّسَائِيُّ حَدِيْثَ عَلِيٍّ.
هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ: عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ قِلاَدَةً فِي سَفَرٍ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَانْسَلَّتْ مِنْهَا، وَكَانَ ذَلِكَ المَكَانُ يُقَالُ لَهُ: الصُّلْصُلُ.
فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَطَلَبُوْهَا حَتَّى وَجَدُوْهَا، وَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ، وَلَمْ
يَكُنْ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَصَلَّوْا بِغَيْرِ وُضُوْءٍ.فَأَنْزَلَ اللهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ.
فَقَالَ لَهَا أُسَيْدُ بنُ الحُضَيْرِ: جَزَاكِ اللهُ خَيْراً، فَوَاللهِ مَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ قَطُّ تَكْرَهِيْنَهُ إِلاَّ جَعَلَ اللهُ لَكِ فِيْهِ خَيْراً.
رَوَاهُ: ابْنُ نُمَيْرٍ، وَعَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ، عَنْهُ.
مَالِكٌ: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ القَاسِمِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
خَرَجْنَا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالبَيْدَاءِ، أَوْ بِذَاتِ الجَيْشِ، انْقَطَعَ عِقْدِي، فَأَقَامَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْتِمَاسِهِ، وَأَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ.
فَأَتَى النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فَقَالُوا: مَا تَرَى مَا صَنَعَتْ عَائِشَةُ، أَقَامَتْ بِرَسُوْلِ اللهِ وَبِالنَّاسِ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاء!
قَالَتْ: فَعَاتَبَنِي أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَقُوْلَ، وَجَعَلَ يَطْعَنُ بِيَدِهِ فِي خَاصِرَتِي، فَلاَ يَمْنَعُنِي مِنَ التَّحَرُّكِ إِلاَّ مَكَانُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى فَخِذِي.
فَنَامَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ، فَأَنْزَلَ اللهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ، فَتَيَمَّمُوا.
فَقَالَ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ - وَهُوَ أَحَدُ النُّقَبَاءِ -: مَا هَذَا بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ.
قَالَتْ: فَبَعَثْنَا البَعِيْرَ الَّذِي كُنْتُ عَلَيْهِ، فَوَجَدْنَا العِقْدَ تَحْتَهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي (مُسْنَدِ أَحْمَدَ) : مِنْ طَرِيْقِ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عَبَّادِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى إِذَا كُنَّا بِتُرْبَانَ - بَلَدٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ المَدِيْنَةِ بَرِيْدٌ وَأَمْيَالٌ، وَهُوَ بَلَدٌ لاَ مَاءَ بِهِ - وَذَلِكَ مِنَ السَّحَرِ، انْسَلَّتْ قِلاَدَةٌ مِنْ عُنُقِي، فَوَقَعَتْ، فَحُبِسَ عَلَيَّ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لاَلْتِمَاسِهَا حَتَّى طَلَعَ الفَجْرُ، وَلَيْسَ مَعَ القَوْمِ مَاءٌ، فَلَقِيْتُ مِنْ أَبِي مَا اللهُ بِهِ عَلِيْمٌ مِنَ التَّعْنِيْفِ وَالتَّأْفِيْفِ، وَقَالَ: فِي كُلِّ سَفَرٍ لِلمُسْلِمِيْنَ مِنْكِ عَنَاءٌ وَبَلاَءٌ، فَأَنْزَلَ اللهُ الرُّخْصَةَ فِي التَّيَمُّمِ، فَتَيَمَّمَ القَوْمُ، وَصَلَّوْا.
قَالَتْ: يَقُوْلُ أَبِي حِيْنَ جَاءَ مِنَ اللهِ مِنَ الرُّخْصَةِ لِلمُسْلِمِيْنَ:
وَاللهِ مَا عَلِمْتُ يَا بُنَيَّةُ إِنَّكِ لَمُبَارَكَةٌ، مَاذَا جَعَلَ اللهُ لِلمُسْلِمِيْنَ فِي حَبْسِكِ إِيَّاهُمْ مِنَ البَرَكَةِ وَاليُسْرِ.
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ العَيْزَارِ بنِ حُرَيْثٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بنِ بَشِيْرٍ، قَالَ:
اسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِذَا عَائِشَةُ تَرْفَعُ صَوْتَهَا عَلَيْهِ، فَقَالَ:
يَا بِنْتَ فُلاَنَةٍ، تَرْفَعِيْنَ صَوْتَكِ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟
فَحَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا.
ثُمَّ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَرَضَّاهَا، وَقَالَ: (أَلَمْ تَرَيْنِي حُلْتُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَكِ؟) .
ثُمَّ اسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ مَرَّةً أُخْرَى، فَسَمِعَ تَضَاحُكَهُمَا، فَقَالَ:
أَشْرِكَانِي فِي سِلْمِكُمَا، كَمَا أَشْرَكْتُمَانِي فِي حَرْبِكُمَا.
أَخْرَجَهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، مِنْ طَرِيْقِ حَجَّاجِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يُوْنُسَ
نَحْوَهُ، لَكِنَّهُ قَالَ:عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ العَيْزَارِ، عَنِ النُّعْمَانِ.
وَرَوَاهُ: عَمْرٌو العَنْقَزِيُّ، عَنْ يُوْنُسَ، عَنْ أَبِيْهِ، فَأَسْقَطَ العَيْزَارَ.
وَرَوَى نَحْوَهُ: أَحْمَدُ فِي (مُسْنَدِهِ ) ، عَنْ وَكِيْعٍ، عَنْ إِسْرَائِيْلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ العَيْزَارِ بنِ حُرَيْثٍ، عَنِ النُّعْمَانِ.
مُوْسَى بنُ عُلَيِّ بنِ رَبَاحٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ:
أَخْبَرَنِي أَبُو قَيْسٍ مَوْلَى عَمْرٍو، قَالَ:
بَعَثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ: سَلْهَا أَكَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ؟ فَإِنْ قَالَتْ: لاَ، فَقُلْ: إِنَّ عَائِشَةَ تُخْبِرُ النَّاسَ أَنَّهُ كَانَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ.
فَقَالَتْ: لَعَلَّهُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَتَمَالَكُ عَنْهَا حُبّاً، أَمَّا إِيَّايَ فَلاَ.
أَحْمَدُ فِي (مُسْنَدِهِ) : حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا يُوْنُسُ الأَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو شَدَّادٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، قَالَتْ:
كُنْتُ صَاحِبَةَ عَائِشَةَ الَّتِي هَيَّأْتُهَا وَأَدْخَلْتُهَا عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَعِي نِسْوَةٌ، فَمَا وَجَدْنَا عِنْدَهُ قِرَىً إِلاَّ قَدَحاً مِنْ لَبَنٍ، فَشَرِبَ مِنْهُ، ثُمَّ نَاوَلَهُ عَائِشَةَ.
فَاسْتَحْيَتِ الجَارِيَةُ، فَقُلْنَا: لاَ تَرُدِّي يَدَ رَسُوْلِ اللهِ، خُذِي مِنْهُ.
فَأَخَذَتْ مِنْهُ عَلَى حَيَاءٍ، فَشَرِبَتْ، ثُمَّ قَالَ: (نَاوِلِي صَوَاحِبَكِ) .
فَقُلْنَا: لاَ نَشْتَهِيْهِ.
فَقَالَ: (لاَ تَجْمَعْنَ جُوْعاً وَكَذِباً) .
فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! إِنْ قَالَتْ إِحْدَانَا لِشَيْءٍ تَشْتَهِيْهِ
لاَ تَشْتَهِيْهِ أَيُعَدُّ كَذِباً؟قَالَ: (إِنَّ الكَذِبَ يُكْتَبُ حَتَّى تُكْتَبُ الكُذَيْبَةُ كُذَيْبَةً ) .
هَذَا حَدِيْثٌ مُنْكَرٌ، لاَ نَعْرفُهُ إِلاَّ مِنْ طَرِيْقِ أَبِي شَدَّادٍ، وَلَيْسَ بِالمَشْهُوْرِ.
قَدْ رَوَى عَنْهُ: ابْنُ جُرَيَجٍ أَيْضاً.
ثُمَّ هُوَ خَطَأٌ، فَإِنَّ أَسْمَاءَ كَانَتْ وَقْتَ عُرْسِ عَائِشَةَ بِالحَبَشَةِ مَعَ جَعْفَرِ بنِ أَبِي طَالِبٍ، وَلاَ نَعْلَمُ لِمُجَاهِدٍ سَمَاعاً عَنْ أَسْمَاءَ، أَوْ لَعَلَّهَا أَسْمَاءُ بِنْتُ يَزِيْدَ، فَإِنَّهَا رَوَتْ عَجُزَ هَذَا الحَدِيْثِ.
زَكَرِيَّا بنُ أَبِي زَائِدَةَ: عَنْ خَالِدِ بنِ سَلَمَةَ، عَنِ البَهِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ:
قَالَتْ عَائِشَةُ: مَا عَلِمْتُ حَتَّى دَخَلَتْ عَلَيَّ زَيْنَبُ بِغَيْرِ إِذْنٍ وَهِيَ غَضْبَى، ثُمَّ قَالَتْ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَحْسَبُكَ إِذَا قَلَبَتْ لَكَ بُنَيَّةُ أَبِي بَكْرٍ ذُرَيْعَتَيْهَا ؟
ثُمَّ أَقْبَلَتْ عَلَيَّ، فَأَعْرَضْتُ عَنْهَا.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (دُوْنَكِ
فَانْتَصِرِي) .فَأَقْبَلْتُ عَلَيْهَا، حَتَّى رَأَيْتُ قَدْ يَبِسَ رِيْقُهَا فِي فَمِهَا، فَمَا تَرُدُّ عَلَيَّ شَيْئاً، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ.
أَحْمَدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ النَّرْسِيُّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى الخَوَّاصُ، حَدَّثَنَا مُحَاضِرٌ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
أَتَانِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غَيْرِ يَوْمِي يَطْلُبُ مِنِّي ضَجْعاً، فَدَقَّ، فَسَمِعْتُ الدَّقَّ، ثُمَّ خَرَجْتُ، فَفَتَحْتُ لَهُ.
فَقَالَ: (مَا كُنْتِ تَسْمَعِيْنَ الدَّقَّ؟!) .
قُلْتُ: بَلَى، وَلَكِنَّنِي أَحْبَبْتُ أَنْ يَعْلَمَ النِّسَاءُ أَنَّكَ أَتَيْتَنِي فِي غَيْرِ يَوْمِي.
هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ: عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
سَابَقَنِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَبَقْتُهُ مَا شَاءَ، حَتَّى إِذَا رَهِقَنِي اللَّحْمُ سَابَقَنِي، فَسَبَقَنِي، فَقَالَ: (يَا عَائِشَةُ، هَذِهِ بِتِلْكَ).
وَرَوَاهُ: أَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ، عَنْ هِشَامٍ، فَقَالَ: عَنْ أَبِيْهِ، وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْهَا.أَخْرَجَهُ هَكَذَا: أَبُو دَاوُدَ.
أَبُو سَعْدٍ البَقَّالُ : عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيْهِ:
قَالَتْ عَائِشَةُ: تَزَوَّجَنِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِيْنَ أَتَاهُ جِبْرِيْلَ بِصُوْرَتِي، وَإِنِّي لَجَارِيَةٌ عَلَيَّ حَوْفٌ، فَلَمَّا تَزَوَّجَنِي، أَلْقَى اللهُ عَلَيَّ حَيَاءً وَأَنَا صَغِيْرَةٌ.
الحَوْفُ: سُيُوْرٌ فِي الوَسَطِ.
مِسْعَرٌ: عَنِ المِقْدَامِ بنِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُعْطِيْنِي العَظْمَ فَأَتَعَرَّقُهُ، ثُمَّ يَأْخُذُهُ، فَيُدِيْرُهُ حَتَّى يَضَعَ فَاهُ عَلَى مَوْضِعِ فَمِي.
رَوَاهُ: شُعْبَةُ، وَالنَّاسُ، عَنِ المِقْدَامِ.
أَخْرَجَهُ: مُسْلِمٌ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ، وَعَلِيُّ بنُ بَقَاءٍ، وَأَهْلُهُ فَاطِمَةُ الآمِدِيَّةُ، وَأَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الدَّبَّاغُ، وَعَبْدُ الدَّائَمِ الوَزَّانُ، وَعَبْدُ الصَّمَدِ
الزَّاهِدُ، وَمُحَمَّدُ بنُ هَاشِمٍ العَبَّاسِيُّ، وَنَصْرُ بنُ أَبِي الضَّوْءِ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ سُلَيْمَانَ، وَعِدَّةٌ، قَالُوا:أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ المُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ بنُ عِيْسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَيْمَنَ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ القَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا خَرَجَ أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَطَارَتِ القُرْعَةُ لِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ، وَكَانَ إِذَا كَانَ بِاللَّيْلِ سَارَ مَعَ عَائِشَةَ يَتَحَدَّثُ.
فَقَالَتْ حَفْصَةُ: أَلاَ تَرْكَبِيْنَ اللَّيْلَةَ بَعِيْرِي، وَأَرْكَبُ بَعِيْرَكِ تَنْظُرِيْنَ وَأَنْظُرُ؟
فَقَالَتْ: بَلَى.
فَرَكِبَتْ، فَجَاءَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى جَمَلِ عَائِشَةَ وَعَلَيْهِ حَفْصَةُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهَا.
ثُمَّ سَارَ حَتَّى نَزَلُوا، وَافْتَقَدَتْهُ عَائِشَةُ، فَلَمَّا نَزَلُوا جَعَلَتْ رِجْلَيْهَا بَيْنَ الإِذْخِرِ، وَتَقُوْلُ:
يَا رَبِّ سَلِّطْ عَلَيَّ عَقْرَباً أَوْ حَيَّةً تَلْدَغُنِي، رَسُوْلُكَ وَلاَ أَسْتَطِيْعُ أَنْ أَقُوْلَ لَهُ شَيْئاً.
أَخْرَجَهُ: مُسْلِمٌ، عَنْ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، فَوَقَعَ لَنَا بَدَلاً عَالِياً.
زِيَادُ بنُ أَيُّوْبَ: حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بنُ سَلاَّمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سُوْقَةَ، عَنْ
عَاصِمِ بنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:انْتَهَيْنَا إِلَى عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فَذَكَرَ عَائِشَةَ، فَقَالَ:
خَلِيْلَةُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ.
وَمُصْعَبٌ: فَصَالِحٌ، لاَ بَأْسَ بِهِ، وَهَذَا يَقُوْلُهُ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ فِي حَقِّ عَائِشَةَ، مَعْ مَا وَقَعَ بَيْنَهُمَا - فَرَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - وَلاَ رَيْبَ أَنَّ عَائِشَةَ نَدِمَتْ نَدَامَةً كُلِّيَّةً عَلَى مَسِيْرِهَا إِلَى البَصْرَةِ، وَحُضُورِهَا يَوْمَ الجَمَلِ، وَمَا ظَنَّتْ أَنَّ الأَمْرَ يَبْلُغُ مَا بَلَغَ.
فَعَنْ عُمَارَةَ بنِ عُمَيْرٍ، عَمَّنْ سَمِعَ عَائِشَةَ إِذَا قَرَأَتْ: {وَقَرْنَ فِي بُيُوْتِكُنَّ} [الأَحْزَابُ: 33] بَكَتْ حَتَّى تَبُلَّ خِمَارَهَا.
قَالَ أَحْمَدُ فِي (مُسْنَدِهِ) : حَدَّثَنَا يَحْيَى القَطَّانُ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ، حَدَّثَنَا قَيْسٌ، قَالَ:
لَمَّا أَقْبَلَتْ عَائِشَةُ، فَلَمَّا بَلَغَتْ مِيَاهَ بَنِي عَامِرٍ لَيْلاً نَبَحَتِ الكِلاَبُ.
فَقَالَتْ: أَيُّ مَاءٍ هَذَا؟
قَالُوا: مَاءُ الحَوْأَبِ.
قَالَتْ: مَا أَظُنُّنِي إِلاَّ أَنَّنِي رَاجِعَةٌ.
قَالَ بَعْضُ مَنْ كَانَ مَعَهَا: بَلْ تَقْدَمِيْنَ، فَيَرَاكِ المُسْلِمُوْنَ، فَيُصْلِحُ اللهُ ذَاتَ بَيْنِهِمْ.
قَالَتْ: إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ: (كَيْفَ بِإِحْدَاكُنَّ تَنْبُحُ عَلَيْهَا كِلاَبُ الحَوْأَبِ) 02) .
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحُ الإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجُوْهُ.عَنْ صَالِحِ بنِ كَيْسَانَ، وَغَيْرِهِ:
أَنَّ عَائِشَةَ جَعَلَتْ تَقُوْلُ: إِنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ مَظْلُوْماً، وَأَنَا أَدْعُوْكُمْ إِلَى الطَّلَبِ بِدَمِهِ، وَإِعَادَةِ الأَمْرِ شُوْرَى.
هِلاَلُ بنُ خَبَّابٍ: عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
أَنَّهُ قَالَ لِلزُّبَيْرِ يَوْمَ الجَمَلِ: هَذِهِ عَائِشَةُ تُمَلِّكُ المُلْكَ لِقَرَابَتِهَا طَلْحَةَ، فَأَنْتَ عَلاَمَ تُقَاتِلُ قَرِيْبَكَ عَلِيّاً.
فَرَجَعَ الزُّبَيْرُ، فَلَقِيَهُ ابْنُ جُرْمُوْزٍ، فَقَتَلَهُ.
قُلْتُ: قَدْ سُقْتُ وَقْعَةَ الجَمَلِ مُلَخَّصَةً فِي مَنَاقِبِ عَلِيٍّ، وَإِنَّ عَلِيّاً وَقَفَ عَلَى خِبَاءِ عَائِشَةَ يَلُوْمُهَا عَلَى مَسِيْرِهَا.
فَقَالَتْ: يَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ، مَلَكْتَ فَأَسْجِحْ.
فَجَهَّزَهَا إِلَى المَدِيْنَةِ، وَأَعْطَاهَا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفاً، فَرَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَعَنْهَا.
وَفِي (صَحِيْحِ البُخَارِيِّ) : مِنْ طَرِيْقِ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ زِيَادٍ، عَنْ عَمَّارِ بنِ يَاسِرٍ:
سَمِعَهُ عَلَى المِنْبَرِ يَقُوْلُ: إِنَّهَا لَزَوْجَةُ نَبِيِّنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ - يَعْنِي عَائِشَةَ -.
وَفِي لَفْظِ ثَابِتٍ: أَشْهَدُ بِاللهِ إِنَّهَا لَزَوْجَتُهُ.
شُعْبَةُ: عَنِ الحَكَمِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ:
سَمِعَ عَمَّاراً يَقُوْلُ حِيْنَ بَعَثَهُ عَلِيٌّ إِلَى الكُوْفَةِ لِيَسْتَنْفِرَ النَّاسَ: إِنَّا لَنَعْلَمُ إِنَّهَا لَزَوْجَةُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَلَكِنَّ اللهَ ابْتَلاَكُمْ بِهَا، لِتَتَّبِعُوْهُ أَوْ إِيَّاهَا.
أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ: عَنْ عَمْرِو بنِ غَالِبٍ:أَنَّ رَجُلاً نَالَ مِنْ عَائِشَةَ عِنْدَ عَمَّارٍ، فَقَالَ: اغْرُبْ مَقْبُوْحاً، أَتُؤْذِي حَبِيْبَةَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟!
صَحَّحَهُ: التِّرْمِذِيُّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ.
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بنُ مَسْعَدَةَ، حَدَّثَنَا زِيَادُ بنُ الرَّبِيْعِ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ سَلَمَةَ المَخْزُوْمِيُّ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوْسَى، قَالَ:
مَا أَشْكَلَ عَلَيْنَا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدِيْثٌ قَطُّ، فَسَأَلْنَا عَائِشَةَ إِلاَّ وَجَدْنَا عِنْدَهَا مِنْهُ عِلْماً.
هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ غَرِيْبٌ.
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ المُبَارَكِ: حَدَّثَنَا زِيَادُ بنُ الرَّبِيْعِ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ أَبِي سَلَمَةَ المَخْزُوْمِيُّ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: مَا أَشْكَلَ عَلَيْنَا ... ، فَذَكَرَهُ.
فَأَمَّا زِيَادٌ: فَثِقَةٌ.
وَخَالِدٌ - صَوَابُهُ: ابْنُ سَلَمَةَ -: احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ.
بِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ بنِ خُثَيْمٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ ذَكْوَانَ أَبَا عَمْرٍو حَدَّثَهُ، قَالَ:
جَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- يَسْتَأْذِنُ عَلَى عَائِشَةَ وَهِيَ فِي المَوْتِ.
قَالَ: فَجِئْتُ، وَعِنْدَ رَأْسِهَا عَبْدُ اللهِ ابْنُ
أَخِيْهَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقُلْتُ:هَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ يَسْتَأْذِنُ.
قَالَتْ: دَعْنِي مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، لاَ حَاجَةَ لِي بِهِ، وَلاَ بِتَزْكِيَتِهِ.
فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: يَا أُمَّه! إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ مِنْ صَالِحِي بَنِيْكِ يُوَدِّعُكِ، وَيُسَلِّمُ عَلَيْكِ.
قَالَتْ: فَائْذَنْ لَهُ إِنْ شِئْتَ.
قَالَ: فَجَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَلَمَّا قَعَدَ، قَالَ:
أَبْشِرِي، فَوَاللهِ مَا بَيْنَكِ وَبَيْنَ أَنْ تُفَارِقِي كُلَّ نَصَبٍ وَتَلْقَيْ مُحَمَّداً -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالأَحِبَّةَ إِلاَّ أَنْ تُفَارِقَ رُوْحُكِ جَسَدَكِ.
قَالَتْ: إِيْهاً يَا ابْنَ عَبَّاسٍ.
قَالَ: كُنْتِ أَحَبَّ نِسَاءِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -يَعْنِي: إِلَيْهِ- وَلَمْ يَكُنْ يُحِبُّ إِلاَّ طَيِّباً، سَقَطَتْ قِلاَدَتُكِ لَيْلَةَ الأَبْوَاءِ، وَأَصْبَحَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِيَلْقُطَهَا، فَأَصْبَحَ النَّاسُ لَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَأَنْزَلَ اللهُ: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيْداً طَيِّباً } [النِّسَاءُ: 42] ، فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ سَبَبِكِ، وَمَا أَنْزَلَ اللهُ بِهَذِهِ الأُمَّةِ مِنَ الرُّخْصَةِ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ -تَعَالَى- بَرَاءتَكِ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ، فَأَصْبَحَ لَيْسَ مَسْجِدٌ مِنْ مَسَاجِدَ يُذْكَرُ فِيْهَا اللهُ إِلاَّ بَرَاءتُكِ تُتْلَى فِيْهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ.
قَالَتْ: دَعْنِي عَنْكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، فَوَاللهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ نَسْياً مَنْسِيّاً.
يَحْيَى القَطَّانُ: عَنْ عُمَرَ بنِ سَعِيْدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ:
أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ اسْتَأْذنَ عَلَى عَائِشَةَ وَهِيَ مَغْلُوْبَةٌ، فَقَالَتْ:
أَخْشَى أَنْ يُثْنِي عَلَيَّ.
فَقِيْلَ: ابْنُ عَمِّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمِنْ وُجُوْهِ المُسْلِمِيْنَ.
قَالَتْ: ائْذَنُوا لَهُ.
فَقَالَ: كَيْفَ تَجِدِيْنَكِ؟
فَقَالَتْ: بِخَيْرٍ إِنِ اتَّقَيْتُ.
قَالَ: فَأَنْتِ بِخَيْرٍ - إِنْ شَاءَ اللهُ -
زَوْجَةُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَمْ يَتَزَوَّجْ بِكْراً غَيْرَكِ، وَنَزَلَ عُذْرُكِ مِنَ السَّمَاءِ.فَلَمَّا جَاءَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، قَالَتْ لَهُ:
جَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَثْنَى عَلَيَّ، وَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ نَسْياً مَنْسِيّاً.
وَقَالَ القِاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ: اشْتَكَتْ عَائِشَةُ، فَجَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَقَالَ:
يَا أُمَّ المُؤْمِنِيْنَ، تَقْدَمِيْنَ عَلَى فَرَطِ صِدْقٍ، عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَلَى أَبِي بَكْرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -.
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الخَالِقِ بنُ عُلْوَانَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ قُدَامَةَ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ البَطِّيِّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ بِشْرَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ بنُ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي العَوَّامِ، حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَبُو مَسْعُوْدٍ الجَرَّارُ، عَنْ عَلِيِّ بنِ الأَقْمَرِ، قَالَ:
كَانَ مَسْرُوْقٌ إِذَا حَدَّثَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَ:
حَدَّثَتْنِي الصِّدِّيْقَةُ بِنْتُ الصِّدِّيْقِ، حَبِيْبَةُ حَبِيْبِ اللهِ، المُبَرَّأَةُ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ، فَلَمْ أَكْذِبْهَا.
الأَعْمَشُ: عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوْقٍ، قَالَ:
قُلْنَا لَهُ: هَلْ كَانَتْ
عَائِشَةُ تُحْسِنُ الفَرَائِضَ؟قَالَ: وَاللهِ لَقَدْ رَأَيْتُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الأَكَابِرَ يَسْأَلُوْنَهَا عَنِ الفَرَائِضِ.
أَنْبَأَنَا ابْنُ قُدَامَةَ، وَابْنُ عِلاَّنَ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا حَنْبَلٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الحُصَيْنِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ المُذْهَبِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُعَاوِيَةَ الزُّبَيْرِيُّ، قَدِمَ عَلَيْنَا مَكَّةَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، قَالَ:
كَانَ عُرْوَةُ يَقُوْلُ لِعَائِشَةَ: يَا أُمَّتَاهُ! لاَ أَعْجَبُ مِنْ فِقْهِكِ، أَقُوْلُ: زَوْجَةُ نَبِيِّ اللهِ، وَابْنَةُ أَبِي بَكْرٍ، وَلاَ أَعْجَبُ مِنْ عِلْمِكِ بِالشِّعْرِ وَأَيَّامِ النَّاسِ، أَقُوْلُ: ابْنَةُ أَبِي بَكْرٍ، وَكَانَ أَعْلَمَ النَّاسِ، وَلَكِنْ أَعْجَبُ مِنْ عِلْمِكِ بِالطِّبِّ [كَيْفَ هُوَ، وَمِنْ] أَيْنَ هُوَ، أَوْ مَا هُوَ؟!
قَالَ: فَضَرَبَتْ عَلَى مَنْكِبِهِ، وَقَالَتْ:
أَيْ عُرَيَّةُ، إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَسْقَمُ عِنْدَ آخِرِ عُمُرِهِ - أَوْ فِي آخِرِ عُمُرِهِ - وَكَانَتْ تَقْدَمُ عَلَيْهِ وُفُودُ العَرَبِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، فَتَنْعَتُ لَهُ الأَنْعَاتَ، وَكُنْتُ أُعَالِجُهَا لَهُ، فَمِنْ ثَمَّ.
قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ قَايْمَازَ: أَخْبَرَكُمْ مُحَمَّدُ بنُ قِوَامٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيْدٍ الرَّارَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ
جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ الفُرَاتِ، أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَعْلَمَ بِالطِّبِّ مِنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -.
فَقُلْتُ: يَا خَالَةُ، مِمَّنْ تَعَلَّمْتِ الطِّبَّ؟!
قَالَتْ: كُنْتُ أَسْمَعُ النَّاسَ يَنْعَتُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، فَأَحْفَظُهُ.
سَعِيْدُ بنُ سُلَيْمَانَ: عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
لَقَدْ صَحِبْتُ عَائِشَةَ، فَمَا رَأَيْتُ أَحَداً قَطُّ كَانَ أَعْلَمَ بِآيَةٍ أُنْزِلَتْ، وَلاَ بِفَرِيْضَةٍ، وَلاَ بِسُنَّةٍ، وَلاَ بِشِعْرٍ، وَلاَ أَرْوَى لَهُ، وَلاَ بِيَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ العَرَبِ، وَلاَ بِنَسَبٍ، وَلاَ بِكَذَا، وَلاَ بِكَذَا، وَلاَ بِقَضَاءٍ، وَلاَ طِبٍّ مِنْهَا.
فَقُلْتُ لَهَا: يَا خَالَةُ، الطِّبُّ مِنْ أَيْنَ عُلِّمْتِهِ؟!
فَقَالَتْ: كُنْتُ أَمْرَضُ، فَيُنْعَتُ لِيَ الشَّيْءُ، وَيَمْرَضُ المَرِيْضُ، فَيُنْعَتُ لَهُ، وَأَسْمَعُ النَّاسَ يَنْعَتُ بَعَضُهُمْ لِبَعْضٍ، فَأَحْفَظُهُ.
قَالَ عُرْوَةُ: فَلَقَدْ ذَهَبَ عَامَّةُ عِلْمِهَا لَمْ أَسْأَلْ عَنْهُ.
إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ الحِزَامِيُّ : حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ عُثْمَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنَا القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ:
أَنَّ مُعَاوِيَةَ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ، فَكَلَّمَهَا.
قَالَ: فَلمَّا قَامَ مُعَاوِيَةُ، اتَّكَأَ عَلَى يَدِ مَوْلاَهَا ذَكْوَانَ، فَقَالَ: وَاللهِ مَا سَمِعْتُ قَطُّ أَبْلَغَ مِنْ عَائِشَةَ، لَيْسَ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
عُمَرُ بنُ عُثْمَانَ التَّيْمِيُّ: لَيْسَ بِالثَّبْتِ.
الزُّهْرِيُّ: مِنْ رِوَايَةِ مَعْمَرٍ وَالأَوْزَاعِيِّ عَنْهُ، وَهَذَا لَفْظُ الأَوْزَاعِيِّ عَنْهُ، قَالَ:
أَخْبَرَنِي عَوْفُ بنُ الطُّفَيْلِ بنِ الحَارِثِ الأَزْدِيُّ، وَهُوَ ابْنُ أَخِي عَائِشَةَ
لأُمِّهَا:أَنَّ عَائِشَةَ بَلَغَهَا أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ الزُّبَيْرِ كَانَ فِي دَارٍ لَهَا بَاعَتْهَا، فَتَسَخَّطَ عَبْدُ اللهِ بَيْعَ تِلْكَ الدَّارِ، فَقَالَ:
أَمَا -وَاللهِ- لَتَنْتَهِيَنَّ عَائِشَةُ عَنْ بَيْعِ رِبَاعِهَا، أَوْ لأَحْجُرَنَّ عَلَيْهَا.
قَالَتْ عَائِشَةُ: أَوَ قَالَ ذَلِكَ؟
قَالُوا: قَدْ كَانَ ذَلِكَ.
قَالَتْ: للهِ عَلَيَّ أَلاَ أُكَلِّمَهُ، حَتَّى يُفَرِّقَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ المَوْتُ.
فَطَالَتْ هِجْرَتُهَا إِيَّاهُ، فَنَقَصَهُ اللهُ بِذَلِكَ فِي أَمْرِهِ كُلِّهِ، فَاسْتَشْفَعَ بِكُلِّ أَحَدٍ يَرَى أَنَّهُ يَثْقُلُ عَلَيْهَا، فَأَبَتْ أَنْ تُكَلِّمَهُ.
فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ، كَلَّمَ المِسْوَرَ بنَ مَخْرَمَةَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ الأَسْوَدِ بنِ عَبْدِ يَغُوْثَ أَنْ يَشْمَلاَهُ بِأَرْدِيَتِهِمَا، ثُمَّ يَسْتَأْذِنَا، فَإِذَا أَذِنَتْ لَهُمَا، قَالاَ: كُلُّنَا؟
حَتَّى يُدْخِلاَهُ عَلَى عَائِشَةَ، فَفَعَلاَ ذَلِكَ.
فَقَالَتْ: نَعَمْ، كُلُّكُمْ فَلْيَدْخُلْ، وَلاَ تَشْعُرُ.
فَدَخَلَ مَعَهُمَا ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَكشَفَ السِّتْرَ، فَاعْتَنَقَهَا، وَبَكَى، وَبَكَتْ عَائِشَةُ بُكَاءً كَثِيْراً، وَنَاشَدَهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ اللهَ وَالرَّحِمَ، وَنَشَدَهَا مِسْوَرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بِاللهِ وَالرَّحِمِ، وَذَكَرَا لَهَا قَوْلَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثٍ) .
فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَيْهَا، كَلَّمَتْهُ، بَعْدَ مَا خَشِيَ أَلاَّ تُكَلِّمَهُ، ثُمَّ بَعَثَتْ إِلَى اليَمَنِ بِمَالٍ، فَابْتِيْعَ لَهَا أَرْبَعُوْنَ رَقَبَةً، فَأَعْتَقَتْهَا.
قَالَ عَوْفٌ: ثُمَّ سَمِعْتُهَا بَعْدُ تَذْكُرُ نَذْرَهَا ذَلِكَ، فَتَبْكِي، حَتَّى تَبُلَّ خِمَارَهَا.
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: كَذَا قَالَ.وَالصَّوَابُ عِنْدِي: عَوْفُ بنُ الحَارِثِ بنِ الطُّفَيْلِ بنِ سَخْبَرَةَ.
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ: صَالِحُ بنُ كَيْسَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَتَابَعَهُ: مَعْمَرٌ.
قَالَ عَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ: كَانَتْ عَائِشَةُ أَفْقَهَ النَّاسِ، وَأَحْسَنَ النَّاسِ رَأْياً فِي العَامَّةِ.
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: لَوْ جُمِعَ عِلْمُ عَائِشَةَ إِلَى عِلْمِ جَمِيْعِ النِّسَاءِ، لَكَانَ عِلْمُ عَائِشَةَ أَفْضَلَ.
قَالَ حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ:
قَالَ مَسْرُوْقٌ: لَوْلاَ بَعْضُ الأَمْرِ، لأَقَمْتُ المَنَاحَةَ عَلَى أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ -يَعْنِي: عَائِشَةَ -.
وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عُبَيْدِ بنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: أَمَا إِنَّهُ لاَ يَحْزَنُ عَلَيْهَا إِلاَّ مَنْ كَانَتْ أُمَّهُ.
القَاسِمُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ أَيْمَنَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ جَدِّهِ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
فَخَرْتُ بِمَالِ أَبِي فِي الجَاهِلِيَّةِ - وَكَانَ أَلْفَ
أَلْفِ أُوْقِيَّةٍ -.فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يَا عَائِشَةُ، كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لأُمِّ زَرْعٍ ) .
هكَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ: أَلْفَ أَلْفِ أُوْقِيَّةٍ.
وَإِسْنَادُهَا فِيْهِ لِيْنٌ، وَأَعْتَقِدُ لَفْظَةَ: (أَلْفَ) الوَاحِدَةَ بَاطِلَةٌ، فَإِنَّهُ يَكُوْنُ: أَرْبَعِيْنَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَفِي ذَلِكَ مَفْخَرٌ لِرَجُلٍ تَاجِرٍ، وَقَدْ أَنْفَقَ مَالَهُ فِي ذَاتِ اللهِ.
وَلَمَّا هَاجَرَ كَانَ قَدْ بَقِي مَعَهُ سِتَّةُ آلاَفِ دِرْهَمٍ، فَأَخَذَهَا صُحْبَتَهُ، أَمَّا أَلْفُ أَلْفِ أُوْقِيَّةٍ، فَلاَ تَجْتَمِعُ إِلاَّ لِسُلْطَانٍ كَبِيْرٍ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: عَنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ:
إِنَّ مُعَاوِيَةَ لَمَّا حَجَّ قَدِمَ، فَدَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ، فَلَمْ يَشْهَدْ كَلاَمَهَا إِلاَّ ذَكْوَانُ مَوْلَى عَائِشَةَ.
فَقَالَتْ لِمُعَاوِيَةَ: أَمِنْتَ أَنْ أَخْبَأَ لَكَ رَجُلاً يَقْتُلُكَ بِأَخِي مُحَمَّدٍ؟
قَالَ: صَدَقْتِ، - وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى، قَالَ لَهَا: مَا كُنْتِ لِتَفْعَلِي -.
ثُمَّ إِنَّهَا وَعَظَتْهُ، وَحَضَّتْهُ عَلَى الاتِّبَاعِ.
وَقَالَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ التَّنُوْخِيُّ: قَضَى مُعَاوِيَةُ عَنْ عَائِشَةَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفَ دِيْنَارٍ.
هَذِهِ رِوَايَةٌ مُنْقَطِعَةٌ.
وَالصَّحِيْحُ: رِوَايَةُ عُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ: أَنَّ مُعَاوِيَةَ
بَعَثَ مَرَّةً إِلَى عَائِشَةَ بِمائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَوَاللهِ مَا أَمْسَتْ حَتَّى فَرَّقَتْهَا.فَقَالَتْ لَهَا مَوْلاَتُهَا: لَوْ اشْتَرَيْتِ لَنَا مِنْهَا بِدِرْهَمٍ لَحْماً؟
فَقَالَتْ: أَلاَ قُلْتِ لِي ؟
يَحْيَى بنُ أَبِي زَائِدَةَ: عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ عَطَاءٍ:
أَنَّ مُعَاوِيَةَ بَعَثَ إِلَى عَائِشَةَ بِقِلاَدَةٍ بِمائَةِ أَلْفٍ، فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ.
الأَعْمَشُ: عَنْ تَمِيْمِ بنِ سَلَمَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّهَا تَصَدَّقَتْ بِسَبْعِيْنَ أَلْفاً؛ وَإِنَّهَا لَتَرْقَعُ جَانِبَ دِرْعَهَا - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -.
أَبُو مُعَاوِيَةَ: عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ ابْنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ أُمِّ ذَرَّةَ، قَالَتْ:
بَعَثَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى عَائِشَةَ بِمَالٍ فِي غِرَارَتَيْنِ، يَكُوْنُ مائَةَ أَلْفٍ، فَدَعَتْ بِطَبَقٍ، فَجَعَلَتْ تَقْسِمُ فِي النَّاسِ.
فَلَمَّا أَمْسَتْ، قَالَتْ: هَاتِي يَا جَارِيَةُ فُطُوْرِي.
فَقَالَتْ أُمُّ ذَرَّةَ: يَا أُمَّ المُؤْمِنِيْنَ، أَمَا اسْتَطَعْتِ أَنْ تَشْتَرِي لَنَا لَحْماً بِدِرْهَمٍ؟
قَالَتْ: لاَ تُعَنِّفِيْنِي، لَوْ أَذْكَرْتِيْنِي لَفَعَلْتُ.
مُطَرِّفُ بنُ طَرِيْفٍ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُصْعَبِ بنِ سَعْدٍ، قَالَ:
فَرَضَ عُمَرُ لأُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ عَشْرَةَ آلاَفٍ، عَشْرَةَ آلاَفٍ، وَزَادَ عَائِشَةَ أَلْفَيْنِ، وَقَالَ: إِنَّهَا حَبِيْبَةُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
شُعْبَةُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ القَاسِمِ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَصُوْمُ الدَّهْرَ.
ابْنُ جُرَيْجٍ: عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ:كُنْتُ آتِي عَائِشَةَ أَنَا وَعُبَيْدُ بنُ عُمَيْرٍ، وَهِيَ مُجَاوِرَةٌ فِي جَوْفِ ثَبِيْرٍ فِي قُبَّةٍ لَهَا تُرْكِيَّةٍ، عَلَيْهَا غِشَاؤُهَا، وَقَدْ رَأَيْتُ عَلَيْهَا - وَأَنَا صَبِيٌّ - دِرْعاً مُعَصْفَراً.
وَرَوَى: سُلَيْمَانُ بنُ بِلاَلٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ أَبِي عَمْرٍو، سَمِعَ القَاسِمَ يَقُوْلُ:
كَانَتْ عَائِشَةُ تَلْبَسُ الأَحْمَرَيْنِ: الذَّهَبَ وَالمُعَصْفَرَ، وَهِيَ مُحْرِمَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: رَأَيْتُ عَلَيْهَا دِرْعاً مُضَرَّجاً.
وَقَالَ مُعَلَّى بنُ أَسَدٍ: حَدَّثَنَا المُعَلَّى بنُ زِيَادٍ، قَالَ:
حَدَّثَتْنَا بَكْرَةُ بِنْتُ عُقْبَةَ: أَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى عَائِشَةَ وَهِيَ جَالِسَةٌ فِي مُعَصْفَرَةٍ، فَسَأَلَتْهَا عَنِ الحِنَّاءِ؟
فَقَالَتْ: شَجَرَةٌ طَيِّبَةٌ، وَمَاءٌ طَهُوْرٌ.
وَسَأَلَتْهَا عَنِ الحِفَافِ؟
فَقَالَتْ لَهَا: إِنْ كَانَ لَكِ زَوْجٌ، فَاسْتَطَعْتِ أَنْ تَنْزِعِي مُقْلَتَيْكِ، فَتَصْنَعِيْنَهُمَا أَحْسَنَ مِمَّا هُمَا، فَافْعَلِي.
المُعَلَّيَانِ: ثِقَتَانِ.وَعَنْ مُعَاذَةَ العَدَوِيَّةِ، قَالَتْ: رَأَيْتُ عَلَى عَائِشَةَ مِلْحَفَةً صَفْرَاءَ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
رُبَّمَا رَوَتْ عَائِشَةُ القَصِيْدَةَ سِتِّيْنَ بَيْتاً وَأَكْثَرَ.
مِسْعَرٌ: عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ، قَالَ:
قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا لَيْتَنِي كُنْتُ وَرَقَةً مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ !
ابْنُ عُلَيَّةَ: عَنْ أَيُّوْبَ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ:
قَالَتْ عَائِشَةُ: تُوُفِّيَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَيْتِي، وَفِي يَوْمِي وَلَيْلَتِي، وَبَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي.
وَدَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي بَكْرٍ، وَمَعَهُ سِوَاكٌ رَطْبٌ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ يُرِيْدُهُ، فَأَخَذْتُهُ، فَمَضَغْتُهُ، وَنَفَضْتُهُ، وَطَيَّبْتُهُ، ثُمَّ دَفَعْتُهُ إِلَيْهِ، فَاسْتَنَّ بِهِ كَأَحْسَن مَا رَأَيْتُهُ مُسْتَنّاً قَطُّ.
ثُمَّ ذَهَبَ يَرْفَعُهُ إِلَيَّ، فَسَقَطَتْ يَدُهُ، فَأَخَذْتُ أَدْعُو لَهُ بِدُعَاءٍ كَانَ يَدْعُو بِهِ لَهُ جِبْرِيْلُ، وَكَانَ هُوَ يَدْعُو بِهِ إِذَا مَرِضَ، فَلَمْ يَدْعُ بِهِ فِي مَرَضِهِ ذَاكَ.
فَرَفَعَ بَصَرهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَقَالَ: (الرَّفِيْقَ الأَعْلَى) ، وَفَاضَتْ نَفْسُهُ.
فَالحَمْدُ للهِ الَّذِي جَمَعَ بَيْنَ رِيْقِي وَرِيْقِهِ فِي آخرِ يَوْمٍ مِنَ الدُّنْيَا.
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ.عُمَرُ بنُ سَعِيْدِ بنِ أَبِي حُسَيْنٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، حَدَّثَنِي أَبُو عَمْرٍو ذَكْوَانُ مَوْلَى عَائِشَةَ، قَالَ:
قَدِمَ دُرْجٌ مِنَ العِرَاقِ، فِيْهِ جَوْهَرٌ إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ لأَصْحَابِهِ: تَدْرُوْنَ مَا ثَمَنُهُ؟
قَالُوا: لاَ.
وَلَمْ يَدْرُوا كَيْفَ يَقْسِمُوْنَهُ، فَقَالَ: أَتَأْذَنُوْنَ أَنْ أُرْسِلَ بِهِ إِلَى عَائِشَةَ، لِحُبِّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِيَّاهَا؟
قَالُوا: نَعَمْ.
فَبَعَثَ بِهِ إِلَيْهَا، فَقَالَتْ: مَاذَا فُتِحَ عَلَى ابْنِ الخَطَّابِ بَعْدَ رَسُوْلِ اللهِ؟ اللَّهُمَّ لاَ تُبْقِنِي لِعَطِيَّتِهِ لِقَابِلٍ.
هَذَا مُرْسَلٌ.
وَأَخْرَجَ: الحَاكِمُ فِي (مُسْتَدْرَكِهِ) ، مِنْ طَرِيْقِ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ الأُمَوِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو العَنْبَسِ سَعِيْدُ بنُ كَثِيْرٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
حَدَّثَتْنَا عَائِشَةُ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَكَرَ فَاطِمَةَ.
قَالَتْ: فَتَكَلَّمْتُ أَنَا.
فَقَالَ: (أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُوْنِي زَوْجَتِي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ؟) .
قُلْتُ: بَلَى وَاللهِ.
قَالَ: (فَأَنْتِ زَوْجَتِي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ) .
إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الضَّحَّاكِ:
أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ صَفْوَانَ أَتَى عَائِشَةَ، فَقَالَتْ:
لِي خِلاَلٌ تِسْعٌ، لَمْ تَكُنْ لأَحَدٍ، إِلاَّ مَا آتَى اللهُ مَرْيَمَ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - وَاللهِ مَا أَقُوْلُ هَذَا فَخْراً عَلَى صَوَاحِبَاتِي.
فَقَالَ ابْنُ صَفْوَانَ: وَمَا هُنَّ؟قَالَتْ: جَاءَ المَلَكُ بِصُوْرَتِي إِلَى رَسُوْلِ اللهِ، فَتَزَوَّجَنِي، وَتَزَّوَجَنِي بِكْراً؛ وَكَانَ يَأْتِيْهِ الوَحْيُ وَأَنَا وَهُوَ فِي لِحَافٍ؛ وَكُنْتُ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيْهِ؛ وَنَزَلَ فِيَّ آيَاتٌ كَادَتِ الأُمَّةُ تَهْلِكُ فِيْهَا؛ وَرَأَيْتُ جِبْرِيْلَ، وَلَمْ يَرَهُ أَحَدٌ مِنْ نِسَائِهِ غَيْرِي، وَقُبِضَ فِي بَيْتِي، لَمْ يَلِهِ أَحَدٌ - غَيْرُ المَلَكِ - إِلاَّ أَنَا.
صَحَّحَهُ: الحَاكِمُ.
العَوَّامُ بنُ حَوْشَبٍ: عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {إِنَّ الَّذِيْن يَرْمُوْنَ المُحْصَنَاتِ ... } الآيَةَ، [النُّوْرُ: 23] قَالَ: نَزَلَتْ فِي عَائِشَةَ خَاصَّةً.
عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ - وَفِيْهِ لِيْنٌ -: حَدَّثَنَا خَالِدٌ الحَذَّاءُ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، عَنِ الأَحْنَفِ، قَالَ:
سَمِعْتُ خُطبَةَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ وَالخُلَفَاءِ بَعْدَهُمْ، فَمَا سَمِعْتُ الكَلاَمَ مِنْ فَمِ مَخْلُوْقٍ أَفْخَمَ وَلاَ أَحْسَنَ مِنْهُ مِنْ فِيِّ عَائِشَةَ.
وَقَالَ مُوْسَى بنُ طَلْحَةَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَفْصَحَ مِنْ عَائِشَةَ.
وَفِي (المُسْتَدْرَكِ) بِإِسْنَادٍ صَالِحٍ، عَنِ أُمِّ سَلَمَةَ:
أَنَّهَا لَمَّا سَمِعَتِ الصَّرْخَةَ عَلَى عَائِشَةَ، قَالَتْ: وَاللهِ لَقَدْ كَانَتْ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلاَّ أَبَاهَا.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بنِ أَبِي عَتِيْقٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:رَأَيْتُ لَيْلَةَ مَاتَتْ عَائِشَةُ حُمِلَ مَعَهَا جَرِيْدٌ بِالخِرَقِ وَالزَّيْتِ، وَأُوْقِدَ، وَرَأَيْتُ النِّسَاءَ بِالبَقِيْعِ، كَأَنَّهُ عِيْدٌ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ:
شَهِدْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ صَلَّى عَلَى عَائِشَةَ بِالبَقِيْعِ، وَكَانَ خَلِيْفَةَ مَرْوَانَ عَلَى المَدِيْنَةِ، وَقَدِ اعْتَمَرَ تِلْكَ الأَيَّامَ.
قَالَ عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ: دُفِنَتْ عَائِشَةُ لَيْلاً.
قَالَ هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَشَبَابٌ، وَغَيْرُهُمْ: تُوُفِّيَتْ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بنُ المُثَنَّى، وَالوَاقِدِيُّ، وَغَيْرُهُمَا: سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ مُوْسَى بنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ سَالِمِ سَبَلاَنَ:
أَنَّهَا مَاتَتْ فِي اللَّيْلَةِ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ بَعْدَ الوِتْرِ، فَأَمَرَتْ أَنْ تُدْفَنَ مِنْ لَيْلَتِهَا.
فَاجْتَمَعَ الأَنْصَارُ، وَحَضَرُوا، فَلَمْ يُرَ لَيْلَةٌ أَكْثَرَ
نَاساً مِنْهَا، نَزَلَ أَهْلُ العَوَالِي، فَدُفِنَتْ بِالبَقِيْعِ.إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ: عَنْ قَيْسٍ، قَالَ:
قَالَتْ عَائِشَةُ - وَكَانَتْ تُحَدِّثُ نَفْسَهَا أَنْ تُدْفَنَ فِي بَيْتِهَا - فَقَالَتْ:
إِنِّي أَحْدَثْتُ بَعْدَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدَثاً، ادْفِنُوْنِي مَعَ أَزْوَاجِهِ.
فَدُفِنَتْ بِالبَقِيْعِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -.
قُلْتُ: تَعْنِي بِالحَدَثِ : مَسِيْرَهَا يَوْمَ الجَمَلِ، فَإِنَّهَا نَدِمَتْ نَدَامَةً كُلِّيَّةً، وَتَابَتْ مِنْ ذَلِكَ، عَلَى أَنَّهَا مَا فَعَلَتْ ذَلِكَ إِلاَّ مُتَأَوِّلَةً، قَاصِدَةً لِلْخَيْرِ، كَمَا اجْتَهَدَ طَلْحَةُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ، وَالزُّبَيْرُ بنُ العَوَّامِ، وَجَمَاعَةٌ مِنَ الكِبَارِ - رَضِيَ اللهُ عَنِ الجَمِيْعِ -.
رَوَى: إِسْمَاعِيْلُ بنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ بنِ العَلاَءِ المَازِنِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَتِيْقٍ، قَالَ:
قَالَتْ عَائِشَةُ: إِذَا مَرَّ ابْنُ عُمَرَ، فَأَرُوْنِيْهِ.
فَلَمَّا مَرَّ بِهَا، قِيْلَ لَهَا: هَذَا ابْنُ عُمَرَ.
فَقَالَتْ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَا مَنَعَكَ أَنْ تَنْهَانِي عَنْ مَسِيْرِي؟
قَالَ: رَأَيْتُ رَجُلاً قَدْ غَلَبَ عَلَيْكِ -يَعْنِي: ابْنَ الزُّبَيْرِ -.
وَقَدْ قِيْلَ: إِنَّهَا مَدْفُوْنَةٌ بِغَرْبِيِّ جَامِعِ دِمَشْقَ.
وَهَذَا غَلَطٌ فَاحِشٌ، لَمْ تَقْدَمْ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - إِلَى دِمَشْقَ أَصْلاً، وَإِنَّمَا هِيَ مَدْفُوْنَةٌ بِالبَقِيْعِ.
وَمُدَّةُ عُمُرِهَا: ثَلاَثٌ وَسِتُّوْنَ سَنَةً، وَأَشْهُرٌ.
ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ عَالِي حَدِيْثِهَا:
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ الأَبَرْقُوْهِيُّ غَيْرَ مَرَّةٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ
بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ أَبِي حَامِدٍ الدِّيْنَوَرِيُّ سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَنَا عَمِّي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَامِدٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بنُ الحَسَنِ العَاصِمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ المَحَامِلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُوْسَى مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ:أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا جَاءَ إِلَى مَكَّةَ، دَخَلَهَا مِنْ أَعْلاَهَا، وَخَرَجَ مِنْ أَسْفَلِهَا.
أَخْرَجَهُ: الأَئِمَةُ السِّتَّةُ، سِوَى ابْنِ مَاجَه، عَنِ ابْنِ مُثَنَّى، فَوَافَقْنَاهُمْ بِعُلُوٍّ، وَللهِ الحَمْدُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ هبَةِ اللهِ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ الهَرَوِيُّ، أَخْبَرَنَا تَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعْدٍ الجُرْجَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوْذِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ بَكَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ، عَنْ سَعِيْدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يَا عَائِشَةُ، لَوْ شِئْتُ لَسَارَتْ مَعِي جِبَالُ الذَّهَبِ، جَاءنِي مَلَكٌ، إِنَّ حُجْزَتَهُ لَتُسَاوِي الكَعْبَةَ،
فَقَالَ:إِنَّ رَبَّكَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلاَمَ، وَيَقُوْلُ لَكَ: إِنْ شِئْتَ نَبِيّاً عَبْداً، وَإِنْ شِئْتَ نَبِيّاً مَلِكاً؟
فَنَظَرْتُ إِلَى جِبْرِيْلَ، فَأَشَارَ إِلَيَّ: أَنْ ضَعْ نَفْسَكَ.
فَقُلْتُ: نَبِيّاً عَبْداً) .
فَكَانَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْدَ ذَلِكَ لاَ يَأْكُلُ مُتَّكِئاً، يَقُوْلُ: (آكُلُ كَمَا يَأْكُلُ العَبْدُ، وَأَجْلِسُ كَمَا يَجْلِسُ العَبْدُ ) .
هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ غَرِيْبٌ.
وَلاَ يُمْكِنُ أَنْ يَقَعَ لَنَا حَدِيْثُ أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ أَقْرَبَ إِسْنَاداً مِنْ هَذَا.
قَرَأْتُ عَلَى ابْنِ عَسَاكِرَ، عَنْ أَبِي رَوْحٍ، أَخْبَرَنَا تَمِيْمٌ، حَدَّثَنَا أَبُو سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ حَمْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ إِسْمَاعِيْلُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلِيِّ بنِ هَاشِمٍ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ بَكْرِ بنِ وَائِلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
مَا ضَرَبَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- امْرَأَةً قَطُّ، وَلاَ ضَرَبَ خَادِماً لَهُ قَطُّ، وَلاَ ضَرَبَ بِيَدِهِ شَيْئاً، إِلاَّ أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيْلِ اللهِ، وَمَا نِيْلَ مِنْهُ شَيْءٌ فَانْتَقَمَهُ مِنْ صَاحِبِهِ، إِلاَّ أَنْ تُنْتَهَكَ مَحَارِمُ اللهِ، فَيَنْتَقِمُ.
أَخْرَجَهُ: النَّسَائِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ القَاضِي، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ.فَوَقَعَ لَنَا بَدَلاً عَالِياً.
يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ: حَدَّثَنَا أَبُو يُوْنُسَ حَاتِمُ بنُ أَبِي صَغِيْرَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -:
أَنَّهَا قَتَلَتْ جَانّاً، فَأُتِيَتْ فِي مَنَامِهَا: وَاللهِ لَقَدْ قَتَلْتِ مُسْلِماً.
قَالَتْ: لَوْ كَانَ مُسْلِماً، لَمْ يَدْخُلْ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فَقِيْلَ: أَوَكَانَ يَدْخُلُ عَلَيْكِ إِلاَّ وَعَلَيْكِ ثِيَابُكِ؟
فَأَصْبَحَتْ فَزِعَةً، فَأَمَرَتْ بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَجَعَلَتْهَا فِي سَبِيْلِ اللهِ.
عَفِيْفُ بنُ سَالِمٍ: عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ المُؤَمَّلِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، قَالَتْ:
كَانَ جَانٌّ يَطْلُعُ عَلَى عَائِشَةَ، فَحَرَّجَتْ عَلَيْهِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ بَعْدَ مَرَّةٍ، فَأَبَى إِلاَّ أَنْ يَظْهَرَ، فَعَدَتْ عَلَيْهِ بِحَدِيْدَةٍ، فَقَتَلَتْهُ.
فَأُتِيَتْ فِي مَنَامِهَا، فَقِيْلَ لَهَا: أَقَتَلْتِ فُلاَناً، وَقَدْ شَهِدَ بَدْراً، وَكَانَ لاَ يَطْلُعُ عَلَيْكِ، لاَ حَاسِراً وَلاَ مُتَجَرِّدَةً، إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ يَسْمَعُ حَدِيْثَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟
فَأَخَذَهَا مَا تَقَدَّمَ وَمَا تَأَخَّرَ؛ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لأَبِيْهَا.
فَقَالَ: تَصَدَّقِي بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفاً دِيَتَهُ.
رَوَاهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، عَنْ عَفِيْفٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ.وَابْنُ المُؤَمَّلِ: فِيْهِ ضَعْفٌ.
وَالإِسْنَادُ الأَوَّلُ أَصَحُّ، وَمَا أَعْلَمُ أَحَداً اليَوْمَ يَقُوْلُ بِوُجُوْبِ دِيَةٍ فِي مِثْلِ هَذَا.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: عَنْ مُصْعَبِ بنِ سَعْدٍ، قَالَ:
فَرَضَ عُمَرُ لأُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ عَشْرَةَ آلاَفٍ، وَزَادَ عَائِشَةَ أَلْفَيْنِ، وَقَالَ:
إِنَّهَا حَبِيْبَةُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
عَنِ الشَّعْبِيِّ: أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: رَوَيْتُ لِلَبِيْدٍ نَحْواً مِنْ أَلْفِ بَيْتٍ، وَكَانَ الشَّعْبِيُّ يَذْكُرُهَا، فَيَتَعَجَّبُ مِنْ فِقْهِهَا وَعِلْمِهَا، ثُمَّ يَقُوْلُ: مَا ظَنُّكُمْ بِأَدَبِ النُّبُوَةِ.
وَعَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
قِيْلَ لِعَائِشَةَ: يَا أُمَّ المُؤْمِنِيْنَ! هَذَا القُرْآنُ تَلَقَّيْتِهِ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَذَلِكَ الحَلاَلُ وَالحَرَامُ؛ وَهَذَا الشِّعْرُ وَالنَّسَبُ وَالأَخْبَارُ سَمِعْتِهَا مِنْ أَبِيْكِ وَغَيْرِهِ؛ فَمَا بِالُ الطِّبِّ؟
قَالَتْ: كَانَتِ الوُفُوْدُ تَأْتِي رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلاَ يَزَالُ الرَّجُلُ يَشْكُو عِلَّةً، فَيَسْأَلُهُ عَنْ دَوَائِهَا، فَيُخْبِرُهُ بِذَلِكَ، فَحَفِظْتُ مَا كَانَ يَصِفُهُ لَهُم، وَفَهِمْتُهُ.
هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ: عَنْ أَبِيْهِ: أَنَّهَا أَنْشَدَتْ بَيْتَ لَبِيْدٍ:
ذَهَبَ الَّذِيْنَ يُعَاشُ فِي أَكْنَافِهِمْ ... وَبَقِيْتُ فِي خَلْفٍ كَجِلْدِ الأَجْرَبِ
فَقَالَتْ: رَحِمَ اللهُ لَبِيْداً، فَكَيْفَ لَوْ رَأَى زَمَانَنَا هَذَا!قَالَ عُرْوَةُ: رَحِمَ اللهُ أُمَّ المُؤْمِنِيْنَ؟ فَكَيْفَ لَوْ أَدْرَكَتْ زَمَانَنَا هَذَا.
قَالَ هِشَامٌ: رَحِمَ اللهُ أَبِي، فَكَيْفَ لَوْ رَأَى زَمَانَنَا هَذَا!
قَالَ كَاتِبُهُ: سَمِعْنَاهُ مُسَلْسَلاً بِهَذَا القَوْلِ بِإِسْنَادٍ مُقَارِبٍ.
مُحَمَّدُ بنُ وَضَّاحٍ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيْعٌ، عَنْ عِصَامِ بنِ قُدَامَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَيَّتُكُنَّ صَاحِبَةُ الجَمَلِ الأَدْبَبِ، يُقْتَلُ حَوْلَهَا قَتْلَى كَثِيْرٌ، وَتَنْجُو بَعْدَ مَا كَادَتْ) .
قَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: هَذَا الحَدِيْثُ مِنْ أَعْلاَمِ النُّبُوَّةِ.
وَعِصَامٌ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو حَسَّانٍ الزِّيَادِيُّ: عَنْ أَبِي عَاصِمٍ العَبَادَانِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ، قَالَ:
بَاعَتْ عَائِشَةُ دَاراً لَهَا بِمائَةِ أَلْفٍ، ثُم قَسَمَتِ الثَّمَنَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ الزُّبَيْرِ؟
فَقَالَ:
قَسَمْتِ مائَةَ أَلْفٍ! وَاللهِ لَتَنْتَهِيَنَّ عَنْ بَيْعِ رِبَاعِهَا، أَوْ لأَحْجُرَنَّ عَلَيْهَا.
فَقَالَتْ: أَهُوَ يَحْجُرُ عَلَيَّ؟ للهِ عَلَيَّ نَذْرٌ إِنْ كَلَّمْتُهُ أَبَداً.
فَضَاقَتْ بِهِ الدُّنْيَا حَتَّى كَلَّمَتْهُ! فَأَعْتَقَتْ مائَةَ رَقَبَةٍ.
قُلْتُ: كَانَتْ أُمُّ المُؤْمِنِيْنَ مِنْ أَكْرَمِ أَهْلِ زَمَانِهَا؛ وَلَهَا فِي السَّخَاءِ أَخْبَارٌ، وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِخِلاَفِ ذَلِكَ.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، عَنْ عَوْفِ بنِ الحَارِثِ، عَنْ رُمَيْثَةَ، عَنِ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ:كَلَّمَنِي صَوَاحِبِي أَنْ أُكَلِّمَ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَأْمُرَ النَّاسَ، فَيُهْدُوْنَ لَهُ حَيْثُ كَانَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ؛ وَإِنَا نُحِبُّ الخَيْرَ.
فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، إِنَّ صَوَاحِبِي كَلَّمْنَنِي - وَذَكَرَتُ لَهُ -.
فَسَكَتَ، فَلَمْ يُرَاجِعْنِي، فَكَلَّمْتُهُ فِيْمَا بَعْدُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثاً؛ كُلُّ ذَلِكَ يَسْكُتُ، ثُمَّ قَالَ: (لاَ تُؤْذِيْنِي فِي عَائِشَةَ، فَإِنِّي -وَاللهِ- مَا نَزَلَ الوَحْيُ عَلَيَّ، وَأَنَا فِي ثَوْبِ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِي غَيْرِ عَائِشَةَ) .
قُلْتُ: أَعُوْذُ بِاللهِ أَنْ أَسُوْءكَ فِي عَائِشَةَ.
أَخْرَجَهُ: النَّسَائِيُّ.
يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأُمَوِيُّ: حَدَّثَنِي أَبُو العَنْبَسِ سَعِيْدُ بنُ كَثِيْرٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
حَدَّثَتْنَا عَائِشَةُ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَكَرَ فَاطِمَةَ، فَتَكَلَّمْتُ أَنَا.
فَقَالَ: (أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُوْنِي زَوْجَتِي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ؟) .
قُلْتُ: بَلَى وَاللهِ.
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: لَوْ جُمِعَ عِلْمُ النَّاسِ كُلِّهِمْ، وَأُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ، لَكَانَتْ عَائِشَةُ أَوْسَعُهُمْ عِلْماً.
ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ مُوْسَى الجُهَنِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ حَفْصٍ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ أَبَوَيْهَا قَالاَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنَّا نُحِبُّ أَنْ تَدْعُوَ لِعَائِشَةَ وَنَحْنُ نَسْمَعُ.
فَقَالَ: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَائِشَةَ مَغْفِرَةً وَاجِبَةً، ظَاهِرَةً، بَاطِنَةً) .
فَعَجِبَ أَبَوَاهَا لِحُسْنِ دُعَائِهِ
لَهَا.فَقَالَ: (أَتَعْجَبَانِ؟ هَذِهِ دَعْوَتِي لِمَنْ شَهِدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهَ، وَأَنِّي رَسُوْلُ اللهِ) .
أَخْرَجَهُ: الحَاكِمُ.
الأَعْمَشُ: عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوْقٍ:
قَالَتْ لِي عَائِشَةُ: رَأَيْتُنِي عَلَى تَلٍّ، وَحَوْلِي بَقَرٌ تُنْحَرُ.
قُلْتُ: لَئِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكِ، لَتَكُوْنَنَّ حَوْلَكِ مَلْحَمَةٌ.
قَالَتْ: أَعُوْذُ بِاللهِ مِنْ شَرِّكَ، بِئْسَ مَا قُلْتَ.
فَقُلْتُ لَهَا: فَلَعَلَّهُ - إِنْ كَانَ - أَمْرٌ.
قَالَتْ: لأَنْ أَخِرَّ مِنَ السَّمَاءِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَفْعَلَ ذَلِكَ.
فَلَمَّا كَانَ بَعْدُ، ذُكِرَ عِنْدَهَا أَنَّ عَلِيّاً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَتَلَ ذَا الثُّدَيَّةِ.
فَقَالَتْ لِي: إِذَا أَنْتَ قَدِمْتَ الكُوْفَةَ، فَاكْتُبْ لِي نَاساً مِمَّنْ شَهِدَ ذَلِكَ.
فَقَدِمْتُ، فَوَجَدْتُ النَّاسَ أَشْيَاعاً، فَكَتَبتُ لَهَا مِنْ كُلِّ شِيْعَةٍ عَشْرَةً؛ فَأَتَيْتُهَا بِشَهَادَتِهِمْ.
فَقَالَتْ: لَعَنَ اللهُ عَمْراً، فَإِنَّهُ زَعَمَ أَنَّهُ قَتَلَهُ بِمِصْرَ.
قَالَ الحَاكِمُ: هَذَا عَلَى شَرْطِ البُخَارِيِّ، وَمُسْلِمٍ.
رَوَى: مُغِيْرَةُ بنُ زِيَادٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ:
كَانَتْ عَائِشَةُ أَفْقَهَ النَّاسِ، وَأَعْلَمَهُمْ، وَأَحَسَنَ النَّاسِ رَأْياً فِي العَامَّةِ.
قَالَ البُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، حَدَّثَنِي مَسْرُوْقٌ، حَدَّثَتْنِي أُمُّ رُوْمَانَ، قَالَتْ:
بَيْنَمَا أَنَا قَاعِدَةٌ، وَلَجَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَتْ: فَعَلَ اللهُ بِفُلاَنٍ وَفَعَلَ!
فَقَالَتْ أُمُّ رُوْمَانَ: وَمَا ذَاكَ؟قَالَتْ: ابْنِي فِيْمَنْ حَدَّثَ الحَدِيْثَ.
قَالَتْ: وَمَا ذَاكَ؟
قَالَتْ: كَذَا وَكَذَا.
قَالَتْ عَائِشَةُ: سَمِعَ رَسُوْلُ اللهِ؟
قَالَتْ: نَعَمْ.
قَالَتْ: وَأَبُو بَكْرٍ؟
قَالَتْ: نَعَمْ.
فَخَرَّتْ مَغْشِيّاً عَلَيْهَا، فَمَا أَفَاقَتْ إِلاَّ وَعَلَيْهَا حُمَّى بِنَافِضٍ، فَطَرَحْتُ عَلَيْهَا ثِيَابَهَا، فَجَاءَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: (مَا شَأْنُ هَذِهِ؟) .
قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، أَخَذَتْهَا الحُمَّى بِنَافِضٍ.
قَالَ: (فَلَعَلَّ فِي حَدِيْثٍ تُحُدِّثَ بِهِ؟) .
قُلْتُ: نَعَمْ.
فَقَعَدَتْ، فَقَالَتْ: وَاللهِ لَئِنْ حَلَفْتُ لاَ تُصَدِّقُوْنِي، وَلَئِنْ قُلْتُ لاَ تَعْذِرُوْنِي؛ مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَيَعْقُوْبَ وَبَنِيْهِ: وَاللهُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُوْنَ.
قَالَتْ: وَانْصَرَفَ، وَلَمْ يَقُلْ شَيْئاً.
فَأَنْزَلَ اللهُ عُذْرَهَا.
قَالَتْ: بِحَمْدِ اللهِ، لاَ بِحَمْدِ أَحَدٍ، وَلاَ بِحَمْدِكَ.
صَحِيْحٌ غَرِيْبٌ.

اسماعيل بن ابراهيم بن معمر بن الحسن ابو معمر الهذلي

إسماعيل بن إبراهيم بن معمر بن الحسن، أبو معمر الهذلي، وقيل: مولى بني تميم :
من ساكني قطيعة الربيع، كان ينزل درب أبي خلف، وهو هروي الأصل. سمع إبراهيم بن سعد، وإسماعيل بن عياش، وَهشيم بْن بشير، وَعبد اللَّه بْن المبارك، وسفيان بْن عيينة، وخلف بن خليفة، وجرير بن عبد الحميد، ومروان بن معاوية، وعبد السلام بن حرب، وحفص بن غياث، ويحيى بن يمان. رَوَى عَنْهُ مُحَمَّد بْن يَحْيَى الذهلي، ومُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل الْبُخَاريّ، ومسلم بْن الحجاج وأبو يحيى صاعقة، وعباس بن محمد الدوري، وإبراهيم الحربي، وجعفر بن محمد بن كزال، ومحمد بن عبدوس بن كامل السراج، وعَبْد اللَّهِ بْن أَحْمَدَ بْنِ حنبل، وعَبْد اللَّه بن صالح البخاري.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُعَدَّلِ وعَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمُؤَدِّبُ.
قَالا: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الصواف، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل.
وأخبرنا الحسن بن أبي بكر، أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله القطّان، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ. قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو معمّر، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ السُّوقِ- قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ زَعَمُوا: أَنَّهُ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ- عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الْعَلاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ.
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَمْكُثُ الْمُهَاجِرُ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ ثَلاثًا»
. أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَلِيٍّ الْمُقْرِئُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو مسلم عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن مهران، حدّثنا عبد المؤمن بن خلف النسفي، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ- أَبُو عَلِيٍّ الْبَغْدَادِيُّ- حدّثنا أبو معمّر، حدثنا جرير بن عبد الحميد عن سفيان الثوري، عن سفيان، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ السُّوقِ، عَنْ عَبْدِ الرحمن بن حميد، عن السائب بن يزيد، عن العلاء بن الْحَضْرَمِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ للمهاجر أن يقيم بعد العصر ثلاثا.
قال أبو علي: غلط فيه أبو معمر، إنما روى هذا سفيان عن رجل من أهل السوق، ويرون أنه حاتم بن إسماعيل.
قلت: أما رواية صالح هذه عن أبي معمر التي ألزمه فيها الغلط بسبب تسميته الرجل الذي روى الثوري عنه هذا الحديث؛ فقد روينا عن عبد الله بن أحمد ومحمد بن غالب- جميعا- عن أبي معمر خلافها، وأنه لم يسم الرجل فيها، ويحتمل أن يكون أبو معمر روى الحديث لصالح كما ذكره، ثم رجع أبو معمر بعد عن ذلك إلى القول الذي رواه عنه عبد الله بن أحمد ومحمد بن غالب.
وقد وافقهما على روايتهما الحسن بن علي بن شبيب المعمري، عن أبي معمر، على أن عثمان بن أبي شيبة أيضا قد روى هذا الحديث عن جرير مثل رواية صالح عن أبي معمر إياه، وهذا الحديث محفوظ عن سفيان بن عيينة وعن حاتم بن إسماعيل جميعا عن عبد الرحمن بن حميد، فأما رواية المعمري عن أبي معمر بموافقة عبد الله ابن أحمد ومحمد بن غالب على قولهما.
فَأَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحافظ، حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوبَ الطبراني، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: سُلَيْمَانُ، وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ علي المعمّري، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ الْقَطِيعِيُّ. قَالا: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بن عبد الحميد، عن سفيان الثوري، عن رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ السُّوقِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْعَلاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «لا يَمْكُثُ أَحَدٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ بِمَكَّةَ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ فَوْقَ ثَلاثٍ»
. قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ: الرَّجُلُ الَّذِي رَوَى عَنْهُ سُفْيَانُ هَذَا الْحَدِيثَ هُوَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وَيُقَالُ هُوَ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَلَمْ يَرْوِهِ عَنْ سُفْيَانَ إِلا جَرِيرٌ.
قلت: وأرى أن الطبراني حمل حديث عثمان بن أبي شيبة على حديث أبي معمر في ترك تسمية الرجل، لأن المحفوظ عن عثمان أنه كان يسمي الرجل في روايته، كَذَلِكَ:
أَخْبَرَنِي عَبْد اللَّه بْن يَحْيَى السكري، أَخْبَرَنَا محمّد بن أحمد بن الحسن، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة العبسي، حدّثنا أبي، حدّثنا جرير بن عبد الحميد، عن
سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ- رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ السُّوقِ- عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْعَلاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا يَمْكُثُ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ بِمَكَّةَ بَعْدَ قَضَاءِ النُّسُكِ فَوْقَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ»
. وَأَخْبَرَنِي أبو سعد الماليني- قراءة- أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد بن يعقوب، حدّثنا جعفر بن أحمد الدّهقان، حدّثنا عثمان بن محمّد، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ بن عيينة، عن عبد الرحمن بن حميد بن السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْعَلاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يُقِيمُ الْمُهَاجِرُ بِمَكَّةَ بَعْدَ أَنْ يَقْضِيَ نسكه ثلاثا»
. أخبرنا أبو بكر البرقاني، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِم عَبْد اللَّه بْن الْحَسَن النخاس، حدّثنا محمّد بن محمّد الباغندي، حدثنا عثمان بن أبي شيبة- في المسند- أخبرنا جرير عبد الحميد عن سفيان الثوري عن رجل مِنْ أَهْلِ السُّوقِ يُقَالُ لَهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْعَلاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا يَمْكُثُ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ بِمَكَّةَ بَعْدَ قضاء النسك عن فوق ثلاث»
. قال الباغندي: حدّثنا عبد الله بن محمّد الزّهريّ، حدثنا سفيان بن عيينة بإسناده مثله.
أخبرنا أحمد بن عبد الله الأنماطيّ، حدّثنا محمّد بن المظفّر الحافظ، حدّثنا محمّد ابن محمّد، حدثنا عثمان بن أبي شيبة نحو ما تقدم، ولم يذكر حديث عبد الله بن محمد الزهري، وهكذا رواه أبو العباس بن عقدة عن داود بن يحيى عن عثمان بْن أَبِي شيبة.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن محمد بن حسنويه النرسي، أخبرنا موسى بن عيسى ابن عبد الله السّرّاج، حدّثنا محمّد بن محمّد بن سليمان، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ- فِي مَسْجِدِ الجامع- حدثنا جرير بن عبد الحميد، عن سفيان، عن عبد الرحمن بن حميد، عن السائب بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْعَلاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «لا يَمْكُثُ الْمُهَاجِرُ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ فَوْقَ ثلاثة أيام» .
أخبرنا أحمد بن عبد الله الأنماطيّ، حدّثنا محمّد بن المظفّر، حدّثنا محمّد بن محمّد بن سليمان، حدثنا عثمان بن أبي شيبة- في «المسند» - حدثنا جرير بن عبد الحميد، عن سفيان، عن عبد الرحمن بن حميد، عن السائب بن يزيد بالحديث.
وهذا خلاف رواية ابن النخاس التي ذكر الباغندي أن عثمان حدثهم في «المسند» ، فالله أعلم.
وقد رواه جعفر بن محمد الفريابي، عن عثمان بن أبي شيبة هكذا، ونسب سفيان في روايته إلى أنه الثوري.
كَذَلِكَ أَخْبَرَنَا أَبُو بكر البرقاني، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، وَأَخْبَرَنَا أبو طالب عمر بن إبراهيم الفقيه، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَرِيبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَزَّازُ. قَالا: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ، أخبرنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير بن عبد الحميد، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْعَلاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا يَمْكُثُ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ بِمَكَّةَ بَعْدَ قَضَاءِ النُّسُكِ فَوْقَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ»
. وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ.
أَخْبَرْنَاهُ أَحْمَدُ بن محمّد بن غالب الفقيه، حدّثنا عمر بن نوح البجلي، حدّثنا أبو خليفة، حدّثنا مسدد، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْعَلاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «يَمْكُثُ الْمُهَاجِرُ بِمَكَّةَ ثَلاثًا بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ»
. أخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق، أخبرنا إسماعيل بن علي الخطبي قال: حدثنا الحسين بن فهم- أبو علي- قال: قال لي جعفر الطيالسي: قال يحيى بن معين:
- وذكر أبا معمر- لا صلى الله عليه، ذهب إلى الرقة فحدث بخمسة آلاف حديث، أخطأ في ثلاثة آلاف! قال أبو علي: ما حدث أبو معمر حتى مات يحيى بن معين .
قلت: في هذا القول نظر، ويبعد صحته عند من اعتبر، ولو كان صحيحا لدون
أصحاب الحديث ما غلط أبو معمر فيه لعظمه وفحشه، ولم يغفلوا عنه، كما دونوا ما أخطأ فيه شعبة بن الحجاج، ومعمر بن راشد، ومالك بن أنس، وغيرهم، مع قلته في اتساع رواياتهم، والأشبه في هذا المعنى :
ما أَخْبَرَنَا الْبَرْقَانِيُّ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي بَكْرِ أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي:
سمعت أبا يعلى أحمد بن علي بن المثنى يحكى: أن أبا معمر حدث بالموصل بنحو ألفي حديث حفظا، فلما رجع إلى بغداد كتب إليهم بالصحيح من أحاديث كان أخطأ فيها، أحسبه قال- نحو ثلاثين أو أربعين .
أخبرنا علي بن الحسين- صاحب العبّاسي- حدّثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر الخلال، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إسماعيل الفارسيّ، حدّثنا بكر بن سهل، حَدَّثَنَا عَبْد الخالق بْن مَنْصُور. قَالَ: - وسئل يحيى بن معين عن أبي معمر الكرخي- فقال: مثل أبي معمر لا يسأل عنه، أنا أعرفه يكتب الحديث وهو غلام، ثقة مأمون .
أخبرني أحمد بن أبي جعفر، أخبرنا عثمان بن محمّد المخرمي، أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن يعقوب الأصم أن الْعَبَّاس بن محمد بن حاتم حدثهم قَالَ: سُئِلَ يَحْيَى بْن معين عَنْ أبي معمر وعن هارون بن معروف فقال: أبو معمر كان أكيس من هارون.
أخبرني الأزهري، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن معروف الخشاب، حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن فهم، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سعد. قال: أبو معمر إسماعيل بن إبراهيم ابن معمر الهروي صاحب سنة وفضل وخير، وهو ثقة ثبت.
أخبرنا البرقاني، حدّثنا يعقوب بن موسى الأردبيلي، حدّثنا أحمد بن طاهر بن النجم، حَدَّثَنَا سعيد بْن عَمْرو البرذعي قَالَ: سمعت أبا زرعة يَقُولُ: كان أَحْمَد بْن حنبل لا يرى الكتابة عن أبي نصر التمار، ولا عن أبي معمر، ولا يحيى بن معين، ولا أحد ممن امتحن فأجاب .
حدثني عبيد الله بن أبي الفتح، حدثنا عمر بن إبراهيم المقرئ قال: سمعت أحمد ابن علي الديباجي يقول: سمعت عبيد بن شريك يقول: كان أبو معمّر القطيعيّ
من شدة إدلاله بالسنة يقول: لو تكلمت بغلتي لقالت إنها سنية. قال: فأخذ في المحنة فأجاب، فلما خرج قال: كفرنا وخرجنا .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أَبِي طاهر الدقاق، أخبرنا أحمد بن سلمان، حدثنا عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن حنبل قَالَ: سمعت أبا معمر- يعني الهذلي- يقول: القرآن كلام الله ليس بمخلوق، من شك في أنه غير مخلوق فهو جهمي، لا بل شر من جهمي.
أخبرنا عَبْد الْعَزِيزِ بْن مُحَمَّد بْن نَصْرٍ السُّتُورِيُّ، حدّثنا أحمد بن سلمان النجاد، حَدَّثَنَا عبد اللَّه بْن أَحْمَد قَالَ: سمعت أبا معمر الهذلي يقول: من زعم أن الله لا يتكلم ولا يسمع ولا يبصر ولا يغضب ولا يرضى- وذكر أشياء من هذه الصفات- فهو كافر بالله، إن رأيتموه على بئر فألقوه فيها، بهذا أُدينُ اللَّهَ لأنهم كفار .
أَخْبَرَنَا البرقاني قَالَ: سمعت أبا الحسن الدارقطني يقول: حدّث البخاريّ عن أبي، عن معمر القطيعي، وحدث عن رجل عنه، والرجل هو صاعقة، واسم أبي معمر هذا إسماعيل بن إبراهيم الهذلي، أصله هروي، ثم أقام ببغداد.
أَخْبَرَنَا محمد بن أحمد بن رزق، حدثنا أحمد بن عيسى بن الهيثم التمار، حَدَّثَنَا عُبَيْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد بْن خلف البزار. قال: مات أبو معمر الهذلي يوم الاثنين للنصف من جمادى الأولى سنة ست وثلاثين ومائتين .

إبراهيم بن يزيد النخعي

إبراهيم بن يزيد النّخعي.
* رواية إبراهيم عن عبد الله منقطعة لا شك فيها (السنن الكبرى: 8/ 76).
* قال شعبة: لم يسمع إبراهيم النّخعي من أبي عبد الله الجدلي حديث المسح (السنن الكبرى: 1/ 278).
* قال يحيى بن معين: مرسلات إبراهيم صحيحة إلَّا حديث تاجر البحرين، وحديث الضّحك في الصّلاة (السنن الكبرى: 1/ 148).
* وهو مرسل بين إبراهيم وأبي سعيد -يعني لم يسمع من أبي سعيد الخدري- (السنن الكبرى: 6/ 120).
إبراهيم بن يزيد النخعي، يكنى أبا عمران: "كوفي"، ثقة، وكان مفتي الكوفة هو والشعبي في زمانهما، وكان رجلًا صالحًا وفقيهًا متوقيًا، قليل التكلف، والأسود بن يزيد خاله، ومات وهو مختف من الحجاج.
حدثنا أبو زيد الهروي: سعيد بن الربيع، عن شعبة، قال: لم يسمع إبراهيم النخعي من مسروق شيئًا.
قال العجلي: إبراهيم بن يزيد النخعي لم يحدث عن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أدرك منهم جماعة، ورأى عائشة رضي الله عنها رؤيا.
إبراهيم بن يزيد النخعي
ذكره الحاكم وغيره من المدلسين وحكى خلف بن سلام عن عدة من مشايخه أن تدليسه من أعمض شيء وكانوا يتعجبون منه. انتهى
إبراهيم بن يزيد النخعي، ذكر الحاكم وغيره أنه مدلس وحكى خلف بي سالم عن عدة من مشايخه أن تدليسه من أعمض شئ وكانوا يتعجبون منه.
إبراهيم بن يزيد النخعي ذكر الحاكم وغيره انه مدلس وحكى خلف بن سالم عن عدة من مشايخه ان تدليسه من أحمض شئ وكانوا يتعجبون منه. توفى سنة 39.
إبراهيم بن يزيد النخعي
قال صالح: قال أبي: إبراهيم بن يزيد أبو عمران.
"مسائل صالح" (817).

وقال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا عمرو بن مجمع الكوفي أبو المنذر، قال: حدثنا يونس بن خباب أبو حمزة، قال: كان إبراهيم النخعي يلبس الملاحف الحمر.
"مسائل صالح" (848).

وقال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا حماد الخياط، قال: قال شعبة: ما لقي إبراهيم أبا عبد اللَّه، يعني الجدلي.
"مسائل صالح" (905).

وقال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن يمان، عن الأعمش، عن إبراهيم قال: كان عبد اللَّه لطيفًا فطنًا.
"مسائل صالح" (1229).
وقال صالح: حدثني أبي: ثنا أسود بن عامر أنا أبو بكر، عن مغيرة قال: قلت لإبراهيم النخعي: يا أبا عمران.
"الأسامي والكنى" (301).

قال صالح: قال أبي: إبراهيم النخعي إبراهيم بن يزيد، يكنى أبا عمران.
"الأسامي والكنى" (306)، (384).

قال ابن هانئ: وسمعته يقول: مات إبراهيم النخعي، وهو ابن نيف وخمسين سنة.
"مسائل ابن هانئ" (2186).

قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن أبي قيس قال: رأيت إبراهيم غلامًا أعورًا محلوقًا.
قال سفيان: أراه قال: يمسك لعلقمة الركاب يوم الجمعة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (35).

قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا ابن عيينة قال: قال الأعمش: جهدنا بإبراهيم أن نجلسه إلى سارية فأبى.
"العلل" رواية عبد اللَّه (131)

قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن سعيد القطان، عن سفيان بن عيينة، عن الأعمش قال: جهدنا بإبراهيم فأبى. مثله.
"العلل" رواية عبد اللَّه (132).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أسود بن عامر قال: حدثنا شريك عن سلم بن عبد الرحمن النخعي قال: سمع إبراهيم السدي يفسر، فقال: تفسيره تفسير القوم، قال شريك: كان إبراهيم شديد القول في المرجئة، كأنه لا يقول بالإرجاء.
"العلل" رواية عبد اللَّه (200) (561).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع عن سفيان عن زيد -يعني: البرجمي- قال: سمعت إبراهيم يسب الحجاج.
"العلل" رواية عبد اللَّه (217).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا أبو بكر النهشلي عن حماد قال: ما رأيت أحدًا قط كان أحضر مقياسًا من إبراهيم.
"العلل" رواية عبد اللَّه (355).

وقال عبد اللَّه: سألته سمع إبراهيم من مَسروق شيئًا، قال: نعم، عن إبراهيم بن محمد بن المنُتِشر.
"العلل" رواية عبد اللَّه (593).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا هشيم عن خالد بن سلمة المخزومي قال: لقد رأيت إبراهيم النخعي فرأيت رجلًا لحانًا.
"العلل" رواية عبد اللَّه (648) (2148).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: يحيى بن آدم قال: حدثنا أبو بكر عن عاصم قال: كان إبراهيم رجل صدوق، ولو سمعته يقرأ، قلت: ما يحسن هذا شيئًا.
"العلل" رواية عبد اللَّه (649).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو أسامة عن الأعمش قال: كان إبراهيم صيرفيًا في الحديث أجيئه بالحديث، قال: فكتب فما أخذته عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: كانوا يتركون أشياء من أحاديث أبي هريرة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (946).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد اللَّه بن إدريس قال: أخبرنا
شعبة، عن عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قنت في الصبح وفي المغرب (1).
فذكرت ذلك لإبراهيم فقال: أهو كان كأصحاب عبد اللَّه، إنما كان صاحب أمراء.
قال: فتركت القنوت.
قال: فتكلم أهل مسجدنا في ذلك؛ فعدت للقنوت.
قال: فلقيني إبراهيم فقال: أما هذا فرجل قد غُلب على صلاته.
"العلل" رواية عبد اللَّه (952).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن عبد اللَّه بن الزبير أبو أحمد الزبيري قال: حدثنا سفيان، عن عمرو بن مرة قال: حدثت إبراهيم بحديث عن رجل، فقال: ذاك صاحب أمراء.
"العلل" رواية عبد اللَّه (953).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن سفيان بن عيينة، عن الأعمش قال: جهدنا بإبراهيم أن يستند فأبى.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1183).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا أبو شهاب، عن الأعمش، عن إبراهيم قال: كان لا يَعْدل بقول عمرو وعبد اللَّه إذا اجتمع، فإن اختلفا كان قول عبد اللَّه أعجب إليه، لأنه كان ألطف.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1659).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أسود بن عامر قال: حدثنا
شريك، عن الأعمش قال: قال لي إبراهيم: خذ فرائض عبد اللَّه، قال: فأخذتها.
قال: ثم قال: خذ فرائض علي، قال: فأخذتها.
قال: خذ فرائض زيد، قلت: حسبي.
قال: خذ فرائض زيد ودع ما سوى زيدٍ.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1776).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا شُعبة عن الأعمش: قال: قال لي عُمارة: أيجلِس إبراهيم فيُفتي ويحدث؟
قال: فذكرت ذلك لإِبراهيم، قال: نجلس، فإن سألنا عن شيء نَعلَمُه، أفتيناه.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1817).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع، عن شريك، عن عطاء ابن السائب قال: ربما أمَرَتْ أمي لإِبراهيم بالنفقة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1971).

قال عبد اللَّه: وحدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن شعبة، عن الحكم قال: سألنا لإِبراهيم مرتين.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1972).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: قال سُفيان: علقمة عَم الأسود.
قال أبي: والأسود خال إبراهيم.
قال أبي: قال يحيى: مات إبراهيم وهو ابن نَيف وخمسين.
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثني يحيى بن سعيد قال: لم يكن
إبراهيم مع ابن الأشعث.
"العلل" رواية عبد اللَّه (2334).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا ابن علية قال: حدثنا ابن عون قال: دفنا إبراهيم ليلًا ونحن خائفون.
"العلل" رواية عبد اللَّه (2726).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عُبيد اللَّه -يعني ابن موسى- قال: سمعت الأعمش قال: كنا نأتي شَقِيقًا، ونأتي ذا، ونأتي ذا، ولا نُرى أن عند إبراهيم شيئًا.
"العلل" رواية عبد اللَّه (2846).

وقال عبد اللَّه: قرأت على أبي: ابن مهدي قال: سفيان أخبرنا، عن منصور، عن إبراهيم قال: يكره النهاب في العرس.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3761).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا معاوية بن هِشامٍ عن سُفيان الأعمش ومُغيرة قالا: كُنّا نهابُ إبراهيم هيبَة الأمير.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4522)، (4525).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا مصعب بن سلام قال: حدثنا ابن شبرمة قال: قال الشعبي مَن يَعذُرني من هذا الأعور، يعني: إبراهيم يجيء يتعلم مني بالليل ويُفتي بالنهار.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4883).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال حدثنا مصعب بن سلام قال: حدثنا ابن شبرمة قال: لما مات إبراهيم جلس حمّاد يَبُثُّ علمه فقال: قال إبراهيم، قال إبراهيم، فقال عامر: واللَّه لإبراهيم ميتًا أفقه منه حَيّا.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4884).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا مسعر عن ابن عون قال: قرأ رجل على إبراهيم كتابًا فيه: وأعوذ بك من شر كل ذي ريش، فكرهه إبراهيم.
"العلل" رواية عبد اللَّه (5116).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا مؤمّل قال: حدثنا حماد بن زيد قال: حدثنا محمد بن ذكوان خال (1) ولده -يعني: حماد بن زيد- قلتُ لحماد ابن أبي سليمان: أكان إبراهيم يقول بقولكم في الإرجاء؟ قال: لا، كان شاكًّا مثلك.
"العلل" رواية عبد اللَّه (5226).

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: أخبرنا علي بن بحر قال: أخبرنا عيسى بن يونس قال: أخبرنا الأعمش قال: كنت آتي إبراهيم مما يلي عَينه الصحيحة، أطلب يُسره، كان إذا أتاه إنسان مما يلي عينه الأخرى، يلتوي إليه يشْقُّ عليه.
"العلل" رواية عبد اللَّه (5681).

قال حرب: قلت لأحمد: أبو عبد اللَّه الجدلي معروف؟
قال: نعم، رجل معروف، ووثقه، ولكان شعبة قال: إن إبراهيم لم يسمع من أبي عبد اللَّه الجدلي.
"مسائل حرب" ص 453.

قال أبو طالب: قال أبو عبد اللَّه: الحكم عن إبراهيم أحب إليّ من الأعمش عن إبراهيم.
"المعرفة والتاريخ" 2/ 176.

قال سلمة: قال أحمد: حدثنا حجاج قال: سمعت شعبة يحدث عن
منصور قال: قال إبراهيم: ما كتبت شيئًا قط.
قال منصور وددت أن كتبت وأن على كذا وكذا، قد ذهب مثل علمي.
"المعرفة والتاريخ" 2/ 609

قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل يقول: حدثني حماد بن خالد الخياط، عن شعبة قال: لم يسمع إبراهيم النخعي من أبي عبد اللَّه الجدلي حديث خزيمة بن ثابت في المسح.
"المراسيل" لابن أبي حاتم ص 8

محمد بن خالد بن عبد الله الواسطي

مُحَمَّد بن خَالِد بن عبد الله الوَاسِطِيّ قَالَ يحيى كَذَّاب رجل سوء
مُحَمَّد بْن خَالِد بْن عَبْد الله الواسطي،
قال ابن معين لا شئ، وأنكر روايته عَنْ أَبِيه عَنِ ابْن أَبِي عروبة والأعمش، قَالَ يحيى قَالَ خَالِد بْن عَبْد اللَّه كتبت حديث الأعمش ولم أسمع منه.
محمد بن خالد بن عبد الله الواسطي روى عن ابيه وشريك وابراهيم بن سعد سمع منه أبي سمعت أبي يقول ذلك، نا عبد الرحمن نا أبي قال سألت يحيى بن معين عن محمد بن خالد بن عبد الله هذا قال ذاك رجل سوء كذاب، نا عبد الرحمن سمعت أبي يقول سألت عمرو بن عون عن ابن خالد بن عبد الله فقال اكتب عنه، وحمل عليه يحيى بن معين بمرة، نا عبد الرحمن قال سمعت ابا زرعة يقول اخبرني وهب الفامى قال سمعت محمد بن خالد الواسطي يقول لم اسمع من ابى الا حديثا واحدا خالد عن بيان عن الشعبى لا ادرى ايهما اكبر في الناس البخل أو الكذب ثم حدث عنه حديثا كثيرا.
نا عبد الرحمن قال سمعت ابا زرعة يقول اخبرني أبو عون بن عمرو بن
عون قال اخرج ابن خالد الواسطي عن ابيه عن الاعمش كتابا، قال أبو زرعة ولم يسمع ابوه من الاعمش حرفا، نا عبد الرحمن قال سألت ابى عن محمد بن خالد ابن عبد الله الواسطي فقال بلغني عن يحيى بن معين انه قال اخرج محمد بن خالد لابيه عن الاعمش ولم يسمع ابوه من الاعمش واخرج اصناف ابن ابى عروبة واخرج اشياء منكرة، نا عبد الرحمن قال سألت ابا زرعة عن محمد بن خالد الواسطي فقال ضعيف الحديث لا أحدث عنه ولم يقرأ علينا حديثه وكان حدث عنه قديما وابى ان يقرأ علينا، سئل أبي عنه فقال هو على يدى عدل.
مُحَمد بْنُ خَالِدِ بْنِ عَبد اللَّه الواسطي.
سمعت مُحَمد بْن سعد يقول: سَمعتُ علي بْن الحسين بْن الجنيد أَبُو صالح جزرة يقول: سَمعتُ يَحْيى بْن مَعِين يقول مُحَمد بْن خالد بْن عَبد اللَّه الواسطي كذاب إن لقيتموه فاصفعوه.
سمعت عَبد الْمَلِكِ بْنَ مُحَمد يَقُولُ: سَمعتُ مُحَمد بْن يزداد يقولُ: سَألتُ يَحْيى بْن مَعِين فقلت يا أبا زكريا بواسط عمن نكتب قَالَ عليك بزحمويه وهناد فقلت ما تقول فِي مُحَمد بْن خالد بْن عَبد اللَّه فقال ليس بشَيْءٍ.
قَالَ الشيخ: فقلت لعبدان الأهوازي لم لم تكتب عن مُحَمد بْن خالد بْن عَبد اللَّه الواسطي فقال كنت أصلي خلفه عشرين يوما مقامي عَلَى وهب بْن بقية وكان إمام مسجد وهب ولم أكتب عنه.
سمعتُ ابن حماد يقول: قَالَ البُخارِيّ مُحَمد بْن خالد بْن عَبد اللَّه الواسطي قَالَ ابن مَعِين لا شيء وأنكر روايته، عن أبيه عن الأَعْمَش.
حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ إِمَامُ جَامِعِ وَاسِطَ أَنَا سَأَلْتُهُ، حَدَّثَنا مُحَمد بن خالد
بْنِ عَبد اللَّهِ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنا هُشَيْمٌ عَنْ عُبَيد اللَّهِ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيد عَنْ نَافِعٍ، عنِ ابْنِ عُمَر، أَن رسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وسَلَّم قَال: مَنْ رَاحَ إِلَى الْجُمُعَةِ فَلْيَغْتَسِلْ.
قَالَ الشَّيْخُ: لَمْ يَرْوِ أَحَدٌ هَذَا عَنْ هُشَيْمٍ غَيْرُ عُبَيد اللَّهِ وَحْدَهُ عَنْ نَافِعٍ وَمِنْ حَدِيثِ هُشَيْمٍ، عَن يَحْيى بْنِ سَعِيد مُنْكَرٌ جِدًّا.
وَقَدْ رَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَن يَحْيى بْنِ سَعِيد.
وسمعت البرديجي يقول قد نهينا عن هذا الشيخ يعني يوسف بْن يعقوب أن يحدث بهذا فيأبي.
قَالَ الشيخ: وهذا يرويه، عَن يَحْيى بْن سَعِيد عن نافع إسماعيل بْن عياش وأما من حديث هشيم منكر.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الصُّوفيّ، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ خَالِدِ بْنِ عَبد اللَّهِ، حَدَّثَنا أَبِي عَنْ سَعِيد، عَن قَتادَة، عَن أَنَس، أَن النَّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ كَانَ يَتَخَتَّمُ فِي يَمِينِهِ.
قَالَ الشيخ: وهذا إنما يعرف من روايه عباد بْن العوام عن سَعِيد ويرويه عن عباد موسى بْن داود.
وأما عن خالد عن سَعِيد منكر لا يرويه عن خالد غير مُحَمد بنه هذا.
حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ خَالِدِ بْنِ عَبد اللَّهِ، حَدَّثَنا أَبِي عَنْ سَعِيد بْنِ أَبِي عَرُوبة، عَن قَتادَة، عَن أَنَس، أَن النَّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ نَهَى عَنْ صِيَامِ خَمْسَةِ أَيَّامٍ يَوْمُ الْفِطْرِ وَيَوْمُ الأَضْحَى وَثَلاثَةُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ.
قَالَ الشَّيْخُ: لا يَرْوِيهِ بَهَذَا الإِسْنَادِ غَيْرُ مُحَمد بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِيهِ
أَخْبَرنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ خَالِدِ بْنِ عَبد اللَّهِ، حَدَّثَنا نَصْرُ بْنُ طَرِيفٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي الأَخْضَرِ وَمُعَمَّرٍ، وَعَبد الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عنِ الزُّهْريّ عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَن النَّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانُوا يَمْشُونَ أَمَامَ الْجَنَازَةِ.
قَالَ الشَّيْخُ: وَهَذَا عَنْ مَعْمَرٍ، عنِ الزُّهْريّ غَرِيبٌ لا أَعْلَمُ حَدَّثَ بِهِ غَيْرُ يَحْيى بْنِ يَمَانٍ، وَمُحمد بْنُ خَالِدٍ رَوَاهُ عَنْ نَصْرُ بْنُ طَرِيفٍ عَنْ صَالِحِ وَمُعَمَّرٍ، وَعَبد الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ.
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيد، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ خَالِدِ بْنِ عَبد الله الواسطي، حَدَّثَنا أَبُو شِهَابٍ الْخَيَّاطُ عَنِ الْحَجَّاجِ عَنْ عَطَاءٍ، عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: قَال رَسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ: لاَ يَدْخُلُ أَحَدٌ مَكَّةَ إلاَّ بِالإِحْرَامِ مِنْ أَهْلِهَا، ولاَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا.
قَالَ الشَّيْخُ: وَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ لا أَعْرِفُهُ مُسْنَدًا إلاَّ من هذا الطريق، وَمُحمد بْنُ خَالِدٍ أَشَدُّ مَا أَنْكَرَ عَلَيْهِ ابْنُ مَعِين وَأَحْمَدُ رِوَايَتُهُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الأَعْمَش ثُمَّ لَهُ مِنَ الْحَدِيثِ الْمُتَفَرِّقِ الَّذِي أنكرت عليه غير ما ذكرت أَحَادِيثُ عِدَادٍ.

الأشجعي عبيد الله بن عبيد الرحمن

الأَشْجَعِيُّ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُبَيْدِ الرَّحْمَنِ
وَقِيْلَ: ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، الحَافِظُ، الثَّبْتُ، الإِمَامُ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَشْجَعِيُّ، الكُوْفِيُّ، نَزِيْلُ بَغْدَادَ.
حَدَّثَ عَنْ: هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَمْرِو بنِ عَلْقَمَةَ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ، وَعَبْدِ المَلِكِ بنِ سَعِيْدِ بنِ أَبْجَرَ، وَمُجَمِّعِ بنِ يَحْيَى الأَنْصَارِيِّ، وَهَارُوْنَ بنِ عَنْتَرَةَ، وَمُسَاوِرٍ الوَرَّاقِ، وَمَالِكِ بنِ مِغْوَلٍ، وَسُفْيَانَ، وَشُعْبَةَ، وَجَمَاعَةٍ.
وَعَنْهُ: ابْنُ المُبَارَكِ، وَأَبُو النَّضْرِ هَاشِمٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ غَزْوَانَ، قُرَادٌ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بنُ يَمَانِ بنِ مَعِيْنٍ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ، وَعُثْمَانُ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَحْمَدُ بنُ حُمَيْدٍ الكُوْفِيُّ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، وَأَبوَ هَمَّامٍ السَّكُوْنِيُّ، وَيَعْقُوْبُ الدَّوْرَقِيُّ، وَخَلْقٌ، وَابْنَاهُ: أَبُو عُبَيْدَةَ، وَعَبَّادٌ.قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ النَّضْرِ: سَمِعْتُ الأَشْجَعِيَّ: سَمِعْتُ مِنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ثَلاَثِيْنَ أَلْفَ حَدِيْثٍ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ: كَانَ عِنْدَ الأَشْجَعِيِّ، وَيَحْيَى بنِ آدَمَ، عَنْ سُفْيَانَ: ثَلاَثُوْنَ أَلْفاً.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: رَوَى الأَشْجَعِيُّ كُتُبَ الثَّوْرِيِّ عَلَى وَجْهِهَا، وَرَوَى عَنْهُ (الجَامِعَ) .
وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الكُوْفَةِ، فَلَمْ يَزَلْ بِبَغْدَادَ حَتَّى مَاتَ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ سُلَيْمَانَ الرُّهَاوِيُّ: سَمِعْتُ قَبِيْصَةَ يَقُوْلُ:
لَمَّا مَاتَ سُفْيَانُ، أَرَادُوا الأَشْجَعِيَّ عَلَى أَنْ يَقعُدَ -يَعْنِي: مَكَانَ سُفْيَانَ- فَأَبَى، حَتَّى كَلَّمُوا زَائِدَةَ، فَقَعَدَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الأَعْيَنُ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ عَنْ أَصْحَابِ سُفْيَانَ، فَقَالَ:
يَحْيَى القَطَّانُ، وَوَكِيْعٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثُمَّ الأَشْجَعِيُّ.
وَرَوَى: أَبُو دَاوُدَ، عَنْ أَحْمَدَ، قَالَ:
كَانَ الأَشْجَعِيُّ يَكْتُبُ فِي المَجْلِسِ، فَمِنْ ذَاكَ، صَحَّ حَدِيْثُه.
وَرَوَى: عَبَّاسٌ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، قَالَ:
لَيْسَ أَحَدٌ فِي حَدِيْثِ الثَّوْرِيِّ يُشبِهُ هَؤُلاَءِ: ابْنُ المُبَارَكِ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، وَوَكِيْعٌ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ.
فَقِيْلَ لَهُ: وَالأَشْجَعِيُّ؟
قَالَ: الأَشْجَعِيُّ: ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ، وَلَكِنْ هَاتُوا مَنْ يَرْوِي عَنْهُ.
قُلْتُ: صَدَقَ، فَإِنَّ الرِّوَايَةَ عَنْهُ عَزِيْزَةٌ؛ لِتَقَدُّمِ مَوْتِهِ، وَقِلَّةِ مَا خَرَجَ عَنْهُ.ثُمَّ قَالَ: وَبَعدَ هَؤُلاَءِ فِي سُفْيَانَ: يَحْيَى بنُ آدَمَ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى، وَأَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، وَأَبُو حُذَيْفَةَ، وَقَبِيْصَةُ، وَمُعَاوِيَةُ بنُ هِشَامٍ، وَالفِرْيَابِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ الحَفَرِيُّ.
وَرَوَى: عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ، صَالِحٌ.
وَرَوَى: أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحْرِزٍ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ، قَالَ:
مَا كَانَ بِالكُوْفَةِ أَحَدٌ أَعْلَمَ بِسُفْيَانَ مِنَ الأَشْجَعِيِّ، كَانَ أَعْلَمَ بِهِ مِنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، وَمِنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ ... ، وَسَمَّى جَمَاعَةً.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ، عَنْ مِهرَانَ بنِ أَبِي عُمَرَ، وَالأَشْجَعِيِّ، فِي سُفْيَانَ، فَقَالَ:
الأَشْجَعِيُّ، كَأَنَّهُ قَدَّمَهُ، وَمِهْرَانُ كَانَتْ فِيْهِ عُجْمَةٌ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ.
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: عُبَيْدُ الرَّحْمَنِ أَخُو مُبَارَكِ بنِ فَضَالَةَ، عَنْ بَكْرٍ المُزَنِيِّ، يَرْوِي عَنْهُ مُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، قَالَ: وَلَيْسَ فِي المُحَدِّثِيْنَ عُبَيْدُ الرَّحْمَنِ سِوَاهُ، وَوَالِدُ الأَشْجَعِيِّ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: فِي أَوَّلِ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ مَاتَ الأَشْجَعِيُّ.
وَقَالَ الأَشْجَعِيُّ: كَتَبْتُ عَنْ سُفْيَانَ ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي الفَتْحِ، وَالفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ القَاضِي، أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ بنُ النَّقُّوْرِ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عُمَرَ الحَرْبِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الصُّوْفِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ
مَعِيْنٍ، حَدَّثَنَا الأَشْجَعِيُّ، عَنْ مُوْسَى، فَرَوَى عَنِ الحَسَنِ، قَالَ:إِنَّ أَزْهَدَ النَّاسِ فِي العَالِمِ جِيْرَانُهُ، وَشَرَّ النَّاسِ لِمَيِّتٍ أَهْلُهُ، يَبْكُوْنَ عَلَيْهِ، وَلاَ يَقْضُوْنَ دَيْنَهُ.

اشعث بن سوار النجار الكوفي

أشعث بْن سوار النجار الْكُوفِيّ ويقال الكندي.
وهو الأَشْعَث الأفرق، وَهو صاحب التوابيت وَكَانَ قاضي الأهواز، وَهو مولى ثقيف.
حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُس، حَدَّثَنا أبو بكر الأثرم، حَدَّثَنا أحمد بْن حنبل، حَدَّثَنا يَحْيى بْن آدم، قَال: قَال زهير رأيت أَشْعَث بْن سوار عند أَبِي الزبير قائما دونه الناس، وأَبُو الزبير يحدث فيقول الأَشْعَث كيف قَالَ وأي شيء قَالَ.
حَدَّثَنَا مُحَمد بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمَّادٍ، حَدَّثني صالح بن أحمد، حَدَّثَنا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيى بْن سَعِيد يَقُولُ الحجاج بْن أَرْطَاةَ، وَمُحمد بْن إِسْحَاق عندي سواء وأشعث بن سوار دونهما.
حَدَّثَنَا ابْن حَمَّاد، قَال: حَدَّثَنا عَبَّاس ومعاوية، عَن يَحْيى، قَالَ: أَشْعَث بْن سوار ضعيف.
وقال النَّسائِيُّ، فيما أخبرني مُحَمد بْن العباس، عَنْهُ: قَالَ أَشْعَث بْن سوار كوفي ضعيف، حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْمَطِيرِيُّ، حَدَّثَنا عَبد اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الدَّوْرَقِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيى بْنَ مَعِين يَقُولُ أَشْعَث بْن سوار الأفرق كوفي ثقة.
حَدَّثَنَا ابْن أَبِي عصمة، حَدَّثَنا الفضل بن زياد، قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَقُولُ أَشْعَث بْن سوار، يُقَال لَهُ: الأفرق ويقال لَهُ النجار.
حَدَّثَنَا ابن حماد، حَدَّثني عَبد اللَّه بن أحمد، عن أبيه قَالَ أَشْعَث بْن سوار هُوَ أمثل فِي الْحَدِيث من مُحَمد بن سالم
أَخْبَرنا زكريا السَّاجي، قَالَ: سَمِعْتُ ابن المثنى يقول ما سمعت يَحْيى، ولاَ عَبد الرحمن حدثا عَن أَشْعَث بْن سوار بشَيْءٍ قَطُّ.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنا عَبد اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الدَّوْرَقي وأخبرنا عَبد الرَّحْمَنِ بْن أَبِي بَكْر، حَدَّثَنا عَبَّاس قالا سمعنا يَحْيى يَقُولُ: قَالَ جرير بْن عَبد الحميد وذكر أحاديث عاصم الأحول فَقَالَ اخْتَلَطَتْ عَلَيَّ فلم أفصل بينها وبين أحاديث أشعث حتى قدم علينا بهن البصري فخلصها لي فحدثت بها.
قالَ قُلتُ ليحيى كيف تكتب عنا هذه عَن جرير، وَهو هكذا قَالَ ألا تراه قد بين أمرها وقصتها.
حَدَّثَنَا الجنيدي، حَدَّثَنا البُخارِيّ، حَدَّثني عَبد اللَّهِ بْن أَبِي الأسود سَمِعْتُ عَبد الرَّحْمَنِ بْن أَبِي الأسود سَمِعْتُ عَبد الرَّحْمَنِ بْن مهدي يَقُولُ: سَمعتُ سفيان يَقُولُ أَشْعَث أثْبَتُ من مجالد، وَهو أَشْعَث بْن سوار الكندي الْكُوفِيّ.
قَالَ عَلِيّ هُوَ مولى ثقيف، وَهو الأثرم.
قَالَ شُعْبَة، حَدَّثني أَشْعَث الأفرق.
قَالَ أَحْمَد الأفرق النَّجَّار.
ذكر عَبد الرَّحْمَنِ بن أبي بكر، عَن عباس سَمِعْتُ يَحْيى يَقُولُ أَشْعَثُ بْنُ سوار أحب إِلَيَّ من إسماعيل بْن مسلم وسمع من الشعبي ولم يسمع من إِبْرَاهِيم.
قَالَ يَحْيى، حَدَّثَنا المحاربي عَن أَشْعَث بْن سوار قَالَ مات شريح، وَهو بن مِئَة وعشر سنين.
حَدَّثَنَا خالد بْن النضر، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرو بن عَلِيّ يَقُولُ ومات الأَشْعَث بْن سوار مولى لثقيف سنة ست وثلاثين ومِئَة.
سَمِعْتُ عَبْدَانَ الأَهْوَازِيَّ يَقُولُ: سَمعتُ زَيْدَ بْنِ الْحُرَيْشِ يَقُولُ: سَمعتُ أبا همام
يَقُولُ كَانَ الأَشْعَثُ بْنُ سَوَّارٍ عَلَى قَضَاءِ الأَهْوَازِ فَصَلَّى بِهِمْ فقرأ والنجم فَسَجَدَ مَنْ خَلْفَهُ وَلَمْ يَسْجُدْ هُوَ ثُمَّ صَلَّى بِهِمْ مَرَّةً أخرى فقرأ إذا السماء انشقت فَسَجَدَ هُوَ وَلَمْ يَسْجُدْ مَنْ خلفه.
حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ، حَدَّثَنا بُنْدَار، حَدَّثَنا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنا شُعْبَة عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سَوَّارٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ، عنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ السُّنَّةُ بِالنِّسَاءِ فِي الطَّلاقِ الْعِدَّةُ.
سَمِعْتُ أَحْمَد بْن مُحَمد بن سَعِيد يقول: سَمعتُ الحضرمي يَقُولُ، حَدَّثَنا عُثْمَان بْن أَبِي شيبة إملاء، قَالَ: سَمِعْتُ وكيعا يَقُولُ كنا نتحدث أن عَلِيّ بْن الأقْمَرِ فِي لا آكل متكئا كتبه شَرِيك، عَن أَشْعَث عَن عَلِيّ بْن الأقمر.
حَدَّثَنَا أَحْمَدَ بْنَ مُحَمد بْنِ سَعِيد، حَدَّثني عَبد اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، عَن أبيه، عَن يَحْيى بْن آدم عَن شَرِيك، عَن مِسْعَر عَن عَلِيّ بْن الأقمر.
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيد بْنِ بَشِيرٍ، حَدَّثَنا عَلِيّ بْن جعفر بْن زياد الأحمر.
حَدَّثَنَا عَبد الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سَوَّارٍ النَّجَّارِ عَنِ الْحَسَنِ، عَن أَبِي مُوسَى، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ.
حَدَّثَنَاهُ حَاجِبُ بْنُ مَالِكٍ، حَدَّثَنا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنا عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ الأَحْمَرُ بإسنادِه، نَحوه.
قَالَ الشَّيْخُ: ولاَ أَعْلَمُ رَفَعَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَبد الرَّحِيمِ غَيْرَ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ وَرَوَاهُ غَيْرُهُ مَوْقُوفًا عن عَبد الرحيم.
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنا عَبد الرَّحِيمِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ بإسنادِه، نَحوه، مَوقُوفًا.
حَدَّثَنَا جَعْفَرَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ بَيَّانٍ، حَدَّثَنا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، حَدَّثَنا عَبد الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سَوَّارٍ، عَن أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ عَنْ عَائِشَةَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالَطَهَا مِنْ غَيْرِ ان ينزل فاغتسلا جميعًا
وَهَذَا الْحَدِيثُ يَرْوِيهِ الأَشْعَثُ، عَن أَبِي الزُّبَيْرِ.
حَدَّثَنَا مُحَمد بْنُ صَالِحِ بْنِ ذُرَيْحٍ، حَدَّثَنا التَّرْجُمَانِيُّ، حَدَّثَنا خَدِيجٌ، عَن أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الأَشْعَثِ عَنْ صَاحِبِ التَّوَابِيتِ، عنِ ابْنِ سِيرِين، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْدَى صَلاتَيِ الْعِشَاءِ رَكْعَتِينِ فَذَكَرَهُ.
حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ، حَدَّثَنا أَبُو مُوسَى، حَدَّثَنا عُمَر بْنُ عَلِيٍّ الْمُقَدَّمِيُّ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سَوَّارٍ عَنِ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاعِيًا فِينَا فَأَخَذَ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِنَا فجعلها في فقارئنا فَأَمَرَ لِي بِقَلُوصٍ.
حَدَّثَنَا ابْنُ ذُرَيْحٍ، حَدَّثَنا مَسْرُوقُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ، حَدَّثَنا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، حَدَّثَنا أَشْعَثُ عَنْ نَافِعٍ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ، قَال: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَإِنِّي حَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ مَا بَيْنَ لابَّتَيْهَا.
قَالَ الشَّيْخُ: وهذا الحديث يرويه بن أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَشْعَثِ.
حَدَّثَنَا ابْنُ ذُرَيْحٍ، حَدَّثَنا مَسْرُوقُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ، حَدَّثَنا ابْنُ أَبِي زائِدة، عَن أَشْعَثَ، عنِ ابْنِ سِيرِين، عَن أَبِي سَلَمَةَ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وسَلَّم قَال: الْفِقْهُ يَمَانٍ.
حَدَّثَنَا مُحَمد بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبد الْوَاحِدِ بْنِ عَبْدُوسٍ بِصُوَرٍ، حَدَّثَنا سليمان بن
عَبد الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنا عِيسَى بْنُ يُونُس، حَدَّثَنا أَشْعَثُ، عنِ ابْنِ سِيرِين، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ وَاجْتَهَدَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ.
قَالَ الشَّيْخُ: وَهَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَقُلْ فِيهِ عَنْ عِيسَى عَنْ أَشْعَثَ، عنِ ابْنِ سِيرِين، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبد الرَّحِيمِ وَغَيْرُهُ يَقُولُ عَنِ الأَشْعَثِ عَنِ الْحَسَنِ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَمْ أَكْتُبْهُ إِلا، عنِ ابْنِ عَبْدُوسٍ.
حَدَّثَنَا عَبد الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمد الْكَاتِبُ، حَدَّثَنا أَبُو هَمَّامٍ الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ، حَدَّثَنا عَبْثَرٌ أَبُو زُبَيْدٍ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ مُحَمد، لا يَدْرِي أَبُو زُبَيْدٍ مَنْ مُحَمد، عَنْ نَافِعٍ، عنِ ابْنِ عُمَر، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمُ شَهْرٍ فَلْيُطْعَمْ عَنْهُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا.
قَالَ الشَّيْخُ: وَهَذَا الْحَدِيثُ لا أَعْلَمُهُ رَوَاهُ عَنْ أَشْعَثَ غَيْرَ عَبْثَرٍ، وَمُحمد الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الإِسْنَادِ هُوَ مُحَمد بْنُ عَبد الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى وِلأَشْعَثَ بْنِ سَوَّارٍ غَيْرَ مَا ذَكَرْتُ رِوَايَاتٌ عَنْ مَشَايِخِهِ وَفِي بعض ما ذكرته يُخَالِفُونَهُ وَفِي الْجُمْلَةِ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ وَأَشْعَثُ بْنُ عَبد الْمَلِكِ خَيْرٌ مِنْهُ.
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبَّاسٍ وَالْفَضْلُ بْنُ عَبد اللَّهِ بْنِ مُخَلَّدٍ، قَالا: حَدَّثَنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى السُّدِّيُّ، أَخْبَرنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ أَشْعَثَ، عَن أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ سَعِيد بْنِ جُبَيْرٍ، عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ مَنْ تَسَمَّى بِاسْمِي فَلا يُكْتَنَي بكنيتي
قَالَ الشَّيْخُ: وَهَذَا الْحَدِيثُ يُعْرَفُ مِنْ حَدِيثِ أَشْعَثَ بِهَذَا الإِسْنَادِ، حَدَّثَنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ السُّدِّيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ عَنْهُ.
وأشعث بْن سوار قد روى عَنْهُ أَبُو إِسْحَاق السبيعي، وشُعبة وشَرِيك ولم أجد لأشعث فيما يرويه متنا منكرا إنما فِي الأحايين يخلط فِي الإسناد ويخالف.

باب الميم

عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ ابْنِ عَاقِلِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ فَارِ بْنِ شَمْخِ بْنِ مَخْزُومِ بْنِ صَاهِلَةَ بْنِ كَاهِلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ تَمِيمِ بْنِ سَعْدِ بْنِ هُذَيْلِ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ، قَالَهُ شَبَّابٌ فِيمَا
- حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْهُ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ شَمْخِ بْنِ مَخْزُومِ بْنِ صَاهِلَةَ بْنِ كَاهِلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ سَعْدِ بْنِ هُذَيْلٍ، مِنْ حُلَفَاءِ بَنِي زُهْرَةَ
- حَدَّثَنَا بِهِ حَبِيبُ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ وَقَالَ مُوسَى بْنُ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْمَسْعُودِيُّ فِيمَا
- حَدَّثَنَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ رِشْدِينَ، قَالَ: أَمْلَى عَلَيَّ مُوسَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ نَسَبَهُ: عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ كَاهِلِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ زايدِ بْنِ مَخْزُومِ بْنِ صَاهِلَةَ بْنِ كَاهِلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ تَمِيمِ بْنِ سَعْدِ بْنِ هُذَيْلِ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارٍ وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي نَسَبِهِ: ابْنِ الْحَارِثِ بْنِ غَنْمِ بْنِ سَعْدِ بْنِ هُذَيْلِ، وَهُوَ تَصْحِيفٌ فَاحِشٌ، فَإِنَّهُ: تَمِيمٌ، بَدَلَ غَنْمٍ شَهِدَ بَدْرًا وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا، مُهَاجِرِيُّ، ذُو الْهِجْرَتَيْنِ، هَاجَرَ قَبْلَ جَعْفَرٍ إِلَى الْحَبَشَةِ، مِنَ النُّجَبَاءِ، وَالنُّقَبَاءِ، وَالرُّفَقَاءِ، كَنَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَبْلَ أَنْ يُولَدَ لَهُ، سَادِسُ الْإِسْلَامِ سَبْقًا وَإِيمَانًا أُمُّهُ أُمُّ عَبْدَةَ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ زُهْرَةَ، وَقِيلَ: أُمُّ عَبْدٍ بِنْتُ عَبْدِ وُدِّ بْنِ سُوَى بْنِ قَرْمِ بْنِ صَاهِلَةَ بْنِ كَاهِلٍ، وَالْأَوَّلُ أَثْبَتُ، حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ وَعِدَادُهُ فِيهِمْ، أَحَدُ الْأَرْبَعَةِ الَّذِينَ قَالَ فِيهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اسْتَقْرِئُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ» ، تَلَقَّنَ مِنْ فِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعِينَ سُورَةً، وَقَالَ فِيهِ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ غَضًّا كَمَا أُنْزِلَ، فَلْيَقْرَأْهُ بِقِرَاءَتِهِ» ، وَأَخْبَرَ أَنَّ سَاقَيْهِ فِي الْمِيزَانِ أَثْقَلُ مِنْ أُحُدٍ وَأَمَرَ أُمَّتَهُ أَنْ يَتَمَسَّكُوا بِعَهْدِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ، وَقَالَ: «رَضِيتُ لِأُمَّتِي مَا رَضِيَ لَهَا ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ» ، وَقَالَ لَهُ حِينَ سَمِعَ دُعَاءَهُ وَثَنَاءَهُ: «سَلْ تُعْطَهْ» ، وَقَالَ لَهُ: «إِذْنُكَ عَلَيَّ أَنْ تَرْفَعَ الْحِجَابَ، وَأَنْ تَسْمَعَ سِوَادِي حَتَّى أَنْهَاكَ» ، كَانَ أَشْبَهَ هَدْيًا وَدَلًّا بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلِمَ الْمَحْفُوظُونَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مِنْ أَقْرَبِهِمْ إِلَى اللهِ وَسِيلَةً، نَفَّلَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيْفَ أَبِي جَهْلٍ حِينَ أَتَاهُ بِرَأْسِهِ، بَعَثَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى الْكُوفَةِ، وَوُلَّاهُ بَيْتَ الْمَالِ، وَكَتَبَ فِيهِ إِلَى أَهْلِهِ: «هُوَ مِنَ النُّجَبَاءِ، وَآثَرْتُكُمْ بِعَبْدِ اللهِ عَلَى نَفْسِي، فَاقْتَدُوا بِهِ» ، وَقَالَ: " هُوَ كُنَيِّفٌ مُلِئَ عِلْمًا وَفِقْهًا، وَقَالَ فِيهِ عَلِيٌّ: «قَرَأَ الْقُرْآنَ وَقَامَ عِنْدَهُ وَكُفِيَ بِهِ» ، وَقَالَ أَبُو مُوسَى: «كَانَ يَشْهَدَ إِذَا غِبْنَا، وَيُؤْذَنُ لَهُ إِذَا حُجِبْنَا» ، وَقَالَ: «لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ مَا دَامَ هَذَا الْحَبْرُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ» ، وَقَالَ فِيهِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ، وَأَوْصَى أَصْحَابَهُ: " الْتَمِسُوا الْعِلْمَ عِنْدَ أَرْبَعَةٍ: عِنْدَ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ، كَانَ أَحَدَ الثَّمَانِيَةِ الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدَ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ، وَكَانَ يُعَدُّ مِمَّنْ جَهَرَ بِالْقُرْآنِ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ أَفْشَى الْقُرْآنَ بِمَكَّةَ مِنْ فِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ يُوقِظُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا نَامَ، وَيَسْتُرُهُ إِذَا اغْتَسَلَ، وَيَرْحَلُ لَهُ إِذَا سَافَرَ، وَيُمَاشِيهِ فِي الْأَرْضِ الْوَحْشَاءِ، أَحَدُ النَّفَرِ الَّذِينَ دَارَ عَلَيْهِمْ عِلْمُ الْقَضَاءِ وَالْأَحْكَامِ مِنَ الصَّحَابَةِ، تُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ، وَأَوْصَى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَادَهُ عُثْمَانُ فِي مَرَضِهِ، فَقَالَ: «كَيْفَ تَجِدُكَ» ؟ قَالَ: « مَرْدُودٌ إِلَى مَوْلَى الْحَقِّ» تَرَكَ تِسْعِينَ أَلْفًا، وَعَقِبُهُ بِالْكُوفَةِ، وَلَهُ بِالْكُوفَةِ دَارٌ مَشْهُورَةٌ، تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ بِالْمَدِينَةِ، وَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ، وَهُوَ ابْنُ بِضْعٍ وَسِتِّينَ سَنَةً، وَصَلَّى عَلَيْهِ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، لِلْمُؤَاخَاةِ بَيْنَهُمَا، كَانَ أَحْمَشَ السَّاقَيْنِ، عَظِيمَ الْبَطْنِ، قَضِيفًا لَطِيفًا فَطِنًا، لَهُ ضَفِيرَتَانِ يُرْسِلُهُمَا مِنْ وَرَاءِ أُذُنَيْهِ، أَسْنَدَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَيِّفًا وَثَلَاثَمِائَةِ حَدِيثٍ، حَدَّثَ عَنْهُ مِنَ الصَّحَابَةِ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ، وَأَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ، وَوَابِصَةُ بْنُ مَعْبَدٍ، وَعَمْرُو بْنُ الْحُرَيْثِ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَأَبُو رَافِعٍ، وَأَبُو شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيُّ، وَطَارِقُ بْنُ شِهَابٍ، أَصْحَابُهُ سُرُجُ الْقَرْيَةِ وَأَعْلَامُهَا
- حَدَّثَنَا فَارُوقٌ الْخَطَّابِيُّ، ثنا زِيَادُ بْنُ الْخَلِيلِ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، ثنا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، فِي تَسْمِيَةِ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ بَنِي زُهْرَةَ مِنْ حُلَفَائِهِمْ: عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ
- حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، فِي تَسْمِيَةِ مَنْ هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ فِي أَوَّلِ مَنْ خَرَجَ مَعَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ مِنْ بَنِي زُهْرَةَ مِنْ حُلَفَائِهِمْ مِنْ هُذَيْلٍ: عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ شَمْخٍ
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا الْحَضْرَمِيُّ، ثنا كُرَيْبٌ، ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَنَّاهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَلَمْ يُولَدْ لَهُ»
- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ: «لَقَدْ رَأَيْتُنِي سَادِسَ سِتَّةٍ مَا عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ مِنْ مُسْلِمٍ غَيْرُنَا»
- حَدَّثَنَا فَارُوقٌ، ثنا أَبُو مُسْلِمٍ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اسْتَقْرِئُوا الْقُرْآنَ عَلَى أَرْبَعَةٍ: مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ - فَبَدَأَ بِهِ - وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَأُبَيٍّ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ " وَرَوَاهُ شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، وَرَوَاهُ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ
- حَدَّثَنَا فَارُوقٌ، ثنا عَبَّاسٌ الْأَسْفَاطِيُّ، ثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ، ثنا أَبُو شِهَابٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: خَطَبَنَا عَبْدُ اللهِ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ: «أَخَذْتُ مِنْ فِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِضْعًا وَسَبْعِينَ سُورَةً، وَإِنَّ زَيْدًا لَيَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ لَهُ ذُؤَابَتَانِ» رَوَاهُ الْأَسْوَدُ، وَعَلْقَمَةُ، وَمَسْرُوقٌ، وَأَبُو مَيْسَرَةَ، وَهُبَيْرَةُ بْنُ يَرِيمَ، وَخُمَيْرُ بْنُ مَالِكٍ، وَزِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ، وَأَبُو سَعْدٍ الْأَزْدِيُّ، وَأَبُو فَاخِتَةَ، وَزَاذَانُ أَبُو عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ: جَاءَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَجُلٌ فَقَالَ: جِئْتُكَ مِنْ عِنْدِ رَجُلٍ يُمِلُّ الْمَصَاحِفَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِهِ، فَفَزِعَ عُمَرُ، وَقَالَ: وَيْحَكَ، انْظُرْ مَا تَقُولُ، وَغَضِبَ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ هُوَ؟ قَالَ: ابْنُ مَسْعُودٍ، قَالَ: مَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَحَقَّ بِذَلِكَ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَطْبًا كَمَا أُنْزِلَ، فَلْيَقْرَأْهُ عَلَى قِرَاءَةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ» وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، وَشُعْبَةُ، وَزَائِدَةُ، وَالنَّاسُ عَنِ الْأَعْمَشِ، مِثْلَهُ وَرَوَاهُ زَائِدَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مَرْوَانَ، عَنْ عُمَرَ وَرَوَاهُ الْقَرْثَعُ، عَنْ قَيْسٍ أَوْ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ عُمَرَ وَرَوَاهُ حَبِيبُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عُمَرَ وَرَوَاهُ عَاصِمٌ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَرَوَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ وَرَوَاهُ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ الْخُزَاعِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ
- حَدَّثَنَا الطَّلْحِيُّ، ثنا عُبَيْدٌ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، ثنا مُغِيرَةُ، عَنْ أُمِّ مُوسَى، قَالَتْ: سَمِعْتُ عَلِيًّا، يَقُولُ: أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ أَنْ يَصْعَدَ شَجَرَةً، فَيَأْتِيهِ بِشَيْءٍ مِنْهَا، فَنَظَرَ أَصْحَابُهُ إِلَى حُمُوشَةِ سَاقَيْهِ، فَضَحِكُوا مِنْهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِمَّا تَضْحَكُونَ؟ لَرِجْلُ عَبْدِ اللهِ فِي الْمِيزَانِ أَثْقَلُ مِنْ أُحُدٍ»
- حُدِّثْنَاهُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ مُغِيرَةَ، وَرَوَاهُ أَبُو الضُّحَى، عَنِ الْأَزْهَرِ بْنِ أَسْوَدَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، مِثْلَهُ وَرَوَاهُ عَاصِمٌ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، وَمُعَلَّى بْنِ عُرْفَانَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، وَشُعْبَةَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ أَبِيهِ وَرَوَتْهُ سَارَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهَا، نَحْوَهُ
- حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَرِيكٍ ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي الزَّعْرَاءِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَاهْتَدُوا بِهَدْيِ عَمَلِهِ، وَتَمَسَّكُوا بِعَهْدِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ»
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، ثنا أَبُو شِهَابٍ، عَنْ مُحْتَسِبٍ الْبَصْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ، عَنِ ابْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، ثُمَّ قَالَ: «يَا ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ، قُمْ فَاخْطُبْ» ، فَقَامَ فَخَطَبَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَصَابَ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ، وَصَدَقَ، وَرَضِيتُ مَا رَضِيَ اللهُ لِي، وَلِأُمَّتِي، وَابْنُ أُمِّ عَبْدٍ، وَكَرِهْتُ مَا كَرِهَ اللهُ لِي، وَلِأُمَّتِي، وَابْنُ أُمِّ عَبْدٍ» رَوَاهُ مَنْصُورٌ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَحْوَهُ
- حَدَّثَنَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ، ثنا مُعَاوِيَةُ، ثنا زَائِدَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حُدِّثْتُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «رَضِيتُ لِأُمَّتِي مَا رَضِيَ لَهَا ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ»
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدَةَ، يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا أُصَلِّي ذَاتَ لَيْلَةٍ، إِذْ مَرَّ بِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَلْ تُعْطَهْ» ، قَالَ عُمَرُ: فَاسْتَبَقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ، وَمَا سَابَقْتُ أَبَا بَكْرٍ إِلَى خَيْرٍ، إِلَّا وَجَدْتُهُ قَدْ سَبَقَنِي إِلَيْهِ، ثُمَّ انْطَلَقْتُ، فَقَالَ: إِنَّ لِي دُعَاءً مَا أَكَادُ أَنْ أَدَعَهُ: " اللهُمَّ، إِنِّي أَسْأَلُكَ إِيمَانًا لَا يَرْتَدُّ، وَقُرَّةَ عَيْنٍ لَا تَنْقَطِعُ، أَوْ قَالَ: لَا تَبِيدُ، وَمُرَافَقَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَعْلَى جَنَّةِ الْخُلْدِ " وَرَوَاهُ عَوْنُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، مِثْلَهُ
- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا قُتَيْبَةُ، ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُوَيْدٍ، سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ، يَقُولُ: قَالَ عَبْدُ اللهِ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذْنُكَ عَلَيَّ أَنْ تَرْفَعَ الْحِجَابَ، وَأَنْ تَسْمَعَ سِوَادِي حَتَّى أَنْهَاكَ» وَقَالَ الْأَعْمَشُ: سَمِعْتُهُمْ يَذْكُرُونَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ نَحْوَهُ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، ثنا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبَانَ، ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: قُلْتُ لِحُذَيْفَةَ: أَخْبِرْنَا بِأَقْرَبِ النَّاسِ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدْيًا، وَسَمْتًا، وَدَلًّا، فَنَأْخُذُ عَنْهُ، فَنَسْمَعُ مِنْهُ، فَقَالَ: كَانَ أَقْرَبَ النَّاسِ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدْيًا، وَدَلًّا، وَسَمْتًا ابْنُ مَسْعُودٍ، لَقَدْ عَلِمَ الْمَحْفُوظُونَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ مِنْ أَقْرَبِهِمْ إِلَى اللهِ وَسِيلَةً وَرَوَاهُ شُعْبَةُ، وَشَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَرَوَاهُ غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ وَرَوَاهُ وَاصِلٌ، وَعُبَيْدَةُ، وَجَامَعُ بْنُ أَبِي رَاشِدٍ، وَحَكِيمُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَفِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ، وَأَبُو سِنَانٍ الشَّيْبَانِيُّ كُلُّهُمْ عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ وَرَوَاهُ الْأَعْمَشُ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، ثنا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبَانَ، ثنا فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ، ثنا أَبُو وَائِلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ يَقُولُ، وَابْنُ مَسْعُودٍ قَائِمٌ: " لَقَدْ عَلِمَ الْمَحْفُوظُونَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مِنْ أَقْرَبِهِمْ وَسِيلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الطَّلْحِيُّ، ثنا أَبُو حُصَيْنٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، ثنا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ، فَقُلْتُ: «يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي قَدْ قَتَلْتُ أَبَا جَهْلٍ» فَنَفَّلَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيْفَهُ " رَوَاهُ الْأَعْمَشُ، وَشُعْبَةُ، وَالثَّوْرِيُّ، وَزَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، وَكَثِيرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ وَرَوَاهُ زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، وَأَبُو وَكِيعٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ نَحْوَهُ
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، كَتَبَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ: «إِنِّي قَدْ بَعَثْتُ عَمَّارًا أَمِيرًا، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ مُعَلِّمًا وَوَزِيرًا، وَهُمَا مِنَ النُّجَبَاءِ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ فَاقْتَدُوا بِهِمَا، وَاسْمَعُوا مِنْ قَوْلِهِمَا، قَدْ آثَرْتُكُمْ بِعَبْدِ اللهِ عَلَى نَفْسِي» وَرَوَاهُ شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ
- حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ، ثنا ابْنُ أَبِي عُمَرَ
- حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ كَثِيرٍ النَّوَّاءِ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ، عَنِ الْمُسَيِّبِ بْنِ نَجَبَةَ، قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ أُعْطِيَ سَبْعَةَ نُجَبَاءَ رُفَقَاءَ» - أَوْ قَالَ: رُقَبَاءَ - فَأَعْطَيْتُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ "، فَقُلْنَا: مَنْ هُمْ؟ قَالَ: فَذَكَرَهُمْ، وَقَالَ: «وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ»
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، فِي الْمُعْجَمِ فِي حَدِيثِ سَلْمَانَ، ثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا فِطْرٌ، ح وَحَدَّثَنَا الطَّلْحِيُّ، ثنا عُبَيْدُ بْنُ غَنَّامٍ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، عَنْ فِطْرٍ، عَنْ كَثِيرٍ النَّوَّاءِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ مُلَيْلٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَلِيًّا، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيُّ قَبْلِي إِلَّا قَدْ أُعْطِيَ سَبْعَةَ رُفَقَاءَ نُجَبَاءَ وُزَرَاءَ، وَإِنِّي أَعْطَيْتُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ: حَمْزَةُ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعَلِيٌّ، وَجَعْفَرٌ، وَحَسَنٌ، وَحُسَيْنٌ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَأَبُو ذَرٍّ، وَالْمِقْدَادُ، وَحُذَيْفَةُ، وَعَمَّارٌ، وَسَلْمَانُ "
- وَرَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ هَاشِمٍ، عَنْ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَاهُ أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، ثنا عَلِيُّ بْنُ هَاشِمِ بْنِ الْبَرِيدِ، عَنْ كَثِيرٍ النَّوَّاءِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُلَيْلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا، يَقُولُ: «إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ سَبْعَةً، وَأُعْطِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ نُجَبَاءَ رُفَقَاءَ، أَنَا وَابْنَايَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ، وَحَمْزَةُ، وَجَعْفَرٌ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَحُذَيْفَةُ، وَعَمَّارٌ، وَأَبُو ذَرٍّ، وَالْمِقْدَادُ، وَسَلْمَانُ، وَبِلَالٌ»
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ النَّضْرِ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا زَائِدَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: " إِنَّا لَجُلُوسٌ مَعَ عُمَرَ، إِذْ جَاءَ عَبْدُ اللهِ يَكَادُ الْجُلُوسُ يُوَارُونَهُ مِنْ قِصَرِهِ، فَضَحِكَ عُمَرُ حِينَ رَآهُ، قَالَ: فَجَعَلَ يُكَلِّمُ عُمَرَ وَيُضَاحِكُهُ، وَهُوَ قَائِمٌ، ثُمَّ وَلَّى، فَأَتْبَعَهُ عُمَرُ بَصَرَهُ، حَتَّى تَوَارَى، فَقَالَ: كُنَيِّفٌ مُلِئَ فِقْهًا "
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدَانَ، ثنا بَكْرُ بْنُ بَكَّارٍ، ثنا مِسْعَرٌ، ثنا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الْبُحْتُرِيِّ، قَالَ: سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: «قَرَأَ الْقُرْآنَ، ثُمَّ وَقَفَ عِنْدَهُ وَكَفَى بِهِ»
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا الْمُفَضَّلُ بْنُ غَسَّانَ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: دَخَلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ عَلَى عَبْدِ اللهِ يَعُودُهُ، فَقَالَ عُثْمَانُ: «كَيْفَ تَجِدُكَ» ؟ فَقَالَ: «مَرْدُودٌ إِلَى مَوْلَاهُ الْحَقِّ»
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا أَبُو كُرَيْبٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ، يَقُولُ: «لَقَدْ قَدِمْتُ أَنَا وَأَخِي مِنَ الْيَمَنِ فَمَكَثْنَا حِينًا مَا نَرَى أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ إِلَّا رَجُلًا مِنْ أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا نَرَى مِنْ دُخُولِهِ وَدُخُولِ أُمِّهِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»
- وَمِمَّا أَسْنَدَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، ثنا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ: كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْنَا: السَّلَامُ عَلَى اللهِ دُونَ عِبَادِهِ، السَّلَامُ عَلَى جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ، السَّلَامُ عَلَى فُلَانٍ، فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " إِنَّ اللهَ هُوَ السَّلَامُ، فَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ، فَلْيَقُلِ: «التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ، وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، فَإِنَّكُمْ إِذَا قُلْتُمُوهَا، أَصَابَتْ كُلَّ عَبْدٍ صَالِحٍ لِلَّهِ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ»
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا وَرْقَاءُ، عَنْ مَنْصُورِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالًا هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ، فَخَرَجَ عَلَيْنَا الْأَشْعَثُ، فَقَالَ: مَا حَدَّثَكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ فَقُلْنَا: كَذَا وَكَذَا، قَالَ: صَدَقْتَ نَزَلَتْ فِيَّ خَاصَمْتُ رَجُلًا فِي بِئْرٍ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «مَنْ حَلَفَ» ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ، وَنَزَلَتْ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ} [آل عمران: 77] الْآيَةَ
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْهَيْثَمِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الصَّائِغُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ، ثنا بَشِيرُ بْنُ سَلْمَانَ، عَنْ سَيَّارٍ، عَنْ طَارِقٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ عَبْدِ اللهِ يَرْوِي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ تَسْلِيمُ الْخَاصَّةِ، وَفُشُوُّ التِّجَارَةِ، حَتَّى تُعِينَ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا عَلَى التِّجَارَةِ، حَتَّى يُوشِكَ أَنْ يَذْهَبَ الرَّجُلُ بِالْمَالِ إِلَى طَرَفٍ مِنْ أَطْرَافِ الْأَرْضِ فَيَرْجِعُ، وَيَقُولُ: مَا رَبِحْتُ شَيْئًا "
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ، ثنا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَامَ فِي سُجُودِهِ، ثُمَّ قَامَ فَمَضَى فِي صَلَاتِهِ
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، ثنا شَيْبَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا عِكْرِمَةُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا عَاصِمٌ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخَّرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْعِشَاءِ ذَاتَ لَيْلَةٍ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَإِذَا النَّاسُ يَنْتَظِرُونَ الصَّلَاةَ، فَقَالَ: «أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ مِنْ أَهْلِ الْأَدْيَانِ أَحَدٌ يَذْكُرُ اللهَ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ غَيْرُكُمْ» ، قَالَ: وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ} [آل عمران: 113] الْآيَةَ، إِلَى قَوْلِهِ: {عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 115]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ الْخُتَّلِيُّ، ثنا جُبَارَةُ بْنُ مُغَلِّسٍ ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ أَبِي الْمُسَاوِرِ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنَ امْرِئٍ يُعْتِقُ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً، إِلَّا أَعْتَقَ اللهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهُ مِنَ النَّارِ»
- حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ الطَّبَّاعِ، ثنا عَفَّانُ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا مَعَ عَبْدِ اللهِ، فَقَالَ: اقْرَأْ يَا عَلْقَمَةُ، ثُمَّ قَالَ عَبْدُ اللهِ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً، الْإِيمَانُ يَمَانٍ، وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ»
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْهَيْثَمِ بْنِ خَالِدٍ، ثنا عَفَّانُ، ثنا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ مِهْرَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسِ أَبِي شِبْلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَاشِمَاتِ، وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ، وَالْمُغَيِّرَاتِ لِخَلْقِ اللهِ، وَالْمُتَنَمِّصَاتِ»
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ كَوْثَرٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ، ثنا مُعَلَّى بْنُ مَهْدِيٍّ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، رَفَعَهُ، قَالَ: " مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللهِ كُتِبَ لَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ، أَمَا إِنِّي لَا أَقُولُ: {الم} [البقرة: 1] حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلْفٌ، وَلَامٌ، وَمِيمٌ، ثَلَاثُونَ حَسَنَةً "
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ الْمَكِّيُّ، ثنا ثَابِتُ بْنُ عَيَّاشٍ الْأَحْدَبُ، ثنا أَبُو رَجَاءٍ الْكُلَيْبِيُّ، ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَزَالُ أَرْبَعُونَ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي قُلُوبُهُمْ عَلَى قَلْبِ إِبْرَاهِيمَ، يَدْفَعُ اللهُ بِهِمْ عَنْ أَهْلِ الْأَرْضِ، يُقَالُ لَهُمُ الْأَبْدَالُ» قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُمْ لَمْ يُدْرِكُوهَا بِصَلَاةٍ، وَلَا بِصَوْمٍ، وَلَا بِصَدَقَةٍ» ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، فَبِمَ أَدْرَكُوهَا؟ قَالَ: «بِالسَّخَاءِ، وَالنَّصِيحَةِ لِلْمُسْلِمِينَ»
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يَزِيدَ السِّجِسْتَانِيُّ، ثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ، ثنا عَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «طَلَبُ الْحَلَالِ فَرِيضَةٌ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ»

عفير بن معدان الحمصي

عفير بن معدان الحمصي، يُكَنَّى أبا عائذ.
حَدَّثَنَا أحمد بن عَبد الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ عِقَالٍ، حَدَّثَنا أَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنا عفير بن معدان أَبُو عائذ الحمصي (ح) وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٌّ بْنِ بَحْرٍ، حَدَّثَنا عَبد اللَّهِ بْن أَحْمَد الدورقي، قَال: قَال يَحْيى بن مَعِين عفير بن معدان حمصي وليس بثقة.
حَدَّثَنَا مُحَمد بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنا عُثْمَانُ سألت يَحْيى فقلت فعفير بن معدان قَالَ ليس بشَيْءٍ.
حَدَّثَنَا ابْن حَمَّاد، حَدَّثَنا العباس، عَن يَحْيى، قَالَ: عفير بن معدان ليس بثقة.
حَدَّثَنَا ابن أَبِي عِصْمَةَ، حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي يَحْيى سمعت أحمد بن حنبل يقول عفير بن معدان منكر الحديث ضعيف.
حَدَّثَنَا علي بن إسحاق بن رداء، حَدَّثَنا مُحَمد بن يزيد المستملي، حَدَّثَنا أَبُو مسهر، قَال: قَال مُحَمد بن شُعَيب أبرأ إليكم من حديث عفير وسعيد بن سنان.
سمعتُ ابن حماد يقول: قال السعدي قلت ليحيى بن مَعِين عفير بن معدان تضمه إِلَى بن مهدي قَالَ هُوَ قريب مِنْهُ أحاديث سليم بن عامر من أين وقع عليها.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبد الرَّحْمَنِ الْحَرَّانِيُّ أَبُو الفوارس، حَدَّثَنا النفيلي، حَدَّثَنا عفير بن معدان، حَدَّثَنا سليم بن عامر، عَن أبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْعَمَامَةِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ فِي بعض مغازيه فمر بأهل
أَبْيَاتٍ مِنَ الْعَرَبِ فَأَرْسَلَ إِلَيْهُمْ هَلْ مِنْ مَاءٍ لِوُضُوءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا مِا عِنْدَنَا مَاءٌ إلاَّ فِي إِهَابِ مَيْتَةٍ دَبَغْنَاهُ بِلَبَنٍ فَأَرْسَلَ إِلَيْهُمْ أَنَّ دِبَاغَهُ طَهُورُهُ قَالَ فَأَتَي بِهِ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ صَلَّى.
حَدَّثَنَا بَنَانُ بْنُ أَحْمَدَ بن علوية، حَدَّثَنا دَاوُدُ بْنُ رَشِيدٍ، حَدَّثَنا الْوَلِيدُ عَنْ عُفَيْرِ بْنِ مُعْدَانَ عن سليم بن عامر، عَن أَبِي أُمَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وسَلَّم قَال: خَيْرُ الْكَفَنِ الْحُلَّةُ وَخَيْرُ الضَّحَايَا الْكَبْشُ الأَقْرَنُ.
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بن الهيثم، حَدَّثَنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمد بْنِ فضيل، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنا عفير بن معدان أَبُو عائذ المؤذن، حَدَّثَنا سليم بن عامر، عَن أبي أُمَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ كِيلُوا الطَّعَامَ يُبَارَكُ لَكُمْ فِيهِ.
حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عاصم، حَدَّثَنا ابن مصفى، حَدَّثَنا الأصبغ مرسلا وحدثني عُفَيْرُ بْنُ مُعْدَانَ قَالَ أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَسَمِعْتُ سُلَيْمَ بْنَ عَامِرٍ يَقُولُ أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَسَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ يَقُولُ أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَسَمِعْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِي الْقَدَرِيَّةِ إِنَّ الْمُجْرِمِينَ في ضلال وسعر.
حَدَّثَنَا ابن قتيبة، حَدَّثَنا عباس بن الوليد الخلال، حَدَّثَنا يَحْيى بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنا عُفَيْرُ بْنُ مُعْدَانَ، حَدَّثني سُلَيْمُ بن عامر، عَن أبي أمامة الْبَاهِلِيِّ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَأَيْتُمْ أَمْرًا لا تَسْتَطِيعُونَ تَغْيِيرَهُ فَاصْبِرُوا حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ الَّذِي يغيره.
حَدَّثَنَا المنجنيقي، حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبد الرَّحْمَنِ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ سُلَيْمَانَ الحراني
عَنْ عُفَيْرٍ، عَن قَتادَة عَنْ مُحَمد، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وسَلَّم قَال: الإِيمَانُ يَمَانٌ وَالْفِقْهُ يَمَانٌ.
حَدَّثَنَا مُحَمد بْنُ سَعِيد الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنا أبو فروة، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنا أَبُو عَائِذٍ، عَن قَتادَة، عَنْ عِكرمَة، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ بنحوه والحديث حديث بن سِيرِين والصواب ما قَالَ المنجنيقي، عَن قَتادَة عَنْ مُحَمد، عَن أَبِي هريرة وعن عِكرمَة خطأ.
حَدَّثَنَا مُحَمد بْنُ حَفْصٍ الْفَارِسِيُّ، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كثير الصوري، حَدَّثَنا أبو اليمان، حَدَّثَنا عُفَيْرٌ عَنْ عَطَاءٍ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيد الْخُدْرِيَّ يَقُولُ: سَمعتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لا تَسْتَقْصُوا بِالنُّجُومِ.
حَدَّثَنَا عَلِيَّ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ مَرَوَانَ، حَدَّثَنا مُحَمد بن الوليد المخزومي، حَدَّثَنا أبو اليمان، حَدَّثَنا عُفَيْرُ بْنُ مُعْدَانَ عَنْ عَطَاءٍ، عَن أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ يَأْخُذْ أَحَدُكُمْ مِنْ طُولِ لِحْيَتِهِ وَلَكِنْ مِنَ الصدغين.
حَدَّثَنَا أَبُو عَرُوبة، حَدَّثَنا ابْنُ مصفى، حَدَّثَنا بقية، حَدَّثَنا أَبُو عَائِذٍ الْمُؤَذِّنُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ سَمِعْتُ عَبد اللَّهِ بْنَ عُمَر يَقُولُ: قَال رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ إن النميمة، وَهو الكذب وَالشَّتِيمَةَ وَالْحَقِيبَةَ فِي النَّارِ لا يَجْتَمِعَانِ فِي صَدْرِ مُسْلِمٍ يَعْنِي بالحقيبة الحقد
، حَدَّثَنا ابن قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنا الوليد بن مسلم، حَدَّثَنا أَبُو عَائِذٍ عُفَيْرُ بْنُ مُعْدَانَ، عَن أَبِي دَوْسٍ الْيَحْصَبِيِّ، عنِ ابْنِ عَائِذٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عِمَارَةَ بْنَ زَعْكَرَةَ يَقُولُ: سَمعتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى إِنَّ عَبْدِي كُلَّ عَبْدِي الَّذِي يَذْكُرُنِي، وَهو مُلاقٍ قِرْنَهُ.
حَدَّثَنَا مُحَمد بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَهْلٍ الصَّفَّارِ بمصر، حَدَّثَنا وهب بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي دَاوُدَ الْحَرَّانِيُّ يلقب بومة، حَدَّثَنا أَبُو عَائِذٍ عُفَيْرُ بْنُ مُعْدَانَ، عَن قَتادَة، عَنْ عِكرمَة، عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ صُرِفَتِ الْجِنُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتَيْنِ وَكَانَ أَشْرَافُ الْجِنِّ بِالْمُوصِلِ.
- وَبِإِسْنَادِهِ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ اسْتَخْلَفَ بن أُمِّ مَكْتُومٍ عَلَى الْمَدِينَةِ، وَهو أَعْمَى.
ولعفير بن معدان غير مَا ذَكَرْتُ مِنَ الْحَدِيثِ وَعَامَّةُ رواياته غير محفوظة.

أبو موسى الأشعري عبد الله بن قيس

أَبُو مُوْسَى الأَشْعَرِيُّ عَبْدُ اللهِ بنُ قَيْسِ
ابْنِ سُلَيْمِ بنِ حَضَّارِ بنِ حَرْبٍ. الإِمَامُ الكَبِيْرُ،
صَاحِبُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبُو مُوْسَى الأَشْعَرِيُّ، التَّمِيْمِيُّ، الفَقِيْهُ، المُقْرِئُ.حَدَّثَ عَنْهُ: بُرَيْدَةُ بنُ الحَصِيْبِ، وَأَبُو أُمَامَةَ البَاهِلِيُّ، وَأَبُو سَعِيْدٍ الخُدْرِيُّ، وَأَنَسُ بنُ مَالِكٍ، وَطَارِقُ بنُ شِهَابٍ، وَسَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، وَالأَسْوَدُ بنُ يَزِيْدَ، وَأَبُو وَائِلٍ شَقِيْقُ بنُ سَلَمَةَ، وَزَيْدُ بنُ وَهْبٍ، وَأَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّهْدِيُّ، وَمُرَّةُ الطَّيِّبُ، وَرِبْعِيُّ بنُ حِرَاشٍ، وَزَهْدَمُ بنُ مُضَرِّبٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ.
وَهُوَ مَعْدُوْدٌ فِيْمَنْ قَرَأَ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَقْرَأَ أَهْلَ البَصْرَةِ، وَفَقَّهَهُمْ فِي الدِّيْنِ.
قَرَأَ عَلَيْهِ: حِطَّانُ بنُ عَبْدِ اللهِ الرَّقَاشِيُّ، وَأَبُو رَجَاءٍ العُطَارِدِيُّ.
فَفِي (الصَّحِيْحَيْنِ) : عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بنِ أَبِي مُوْسَى، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِ اللهِ بنِ قَيْسٍ ذَنْبَهُ، وَأَدْخِلْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُدْخَلاً كَرِيْماً ) .
وَقَدِ اسْتَعْمَلَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمُعَاذاً عَلَى زَبِيْدٍ، وَعَدَنَ. وَوَلِيَ إِمْرَةَ الكُوْفَةِ
لِعُمَرَ، وَإِمْرَةَ البَصْرَةِ، وَقَدِمَ لَيَالِيَ فَتْحِ خَيْبَرَ، وَغَزَا، وَجَاهَدَ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَحَمَلَ عَنْهُ عِلْماً كَثِيْراً.قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: حَدَّثَنِي أَبُو يُوْسُفَ حَاجِبُ مُعَاوِيَةَ:
أَنَّ أَبَا مُوْسَى الأَشْعَرِيَّ قَدِمَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَنَزَلَ فِي بَعْضِ الدُّوْرِ بِدِمَشْقَ، فَخَرَجَ مُعَاوِيَةُ مِنَ اللَّيْلِ لِيَسْتَمِعَ قِرَاءتَهُ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: أُمُّ أَبِي مُوْسَى هِيَ: ظَبْيَةُ بِنْتُ وَهْبٍ، كَانَتْ أَسْلَمَتْ، وَمَاتَتْ بِالمَدِيْنَةِ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ، قَالَ:
أَسْلَمَ أَبُو مُوْسَى بِمَكَّةَ، وَهَاجَرَ إِلَى الحَبَشَةِ، وَأَوَّلُ مَشَاهِدِهِ خَيْبَرُ، وَمَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ: أَسْلَمَ بِمَكَّةَ، ثُمَّ قَدِمَ مَعَ أَهْلِ السَّفِيْنَتَيْنِ بَعْدَ فَتْحِ خَيْبَرَ بِثَلاَثٍ، فَقَسَمَ لَهُمُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلِيَ البَصْرَةَ لِعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَوَلِيَ الكُوْفَةَ، وَبِهَا مَاتَ.
وَقَالَ ابْنُ مَنْدَةَ: افْتَتَحَ أَصْبَهَانَ زَمَنَ عُمَرَ.وَقَالَ العِجْلِيُّ: بَعَثَهُ عُمَرُ أَمِيْراً عَلَى البَصْرَةِ، فَأَقْرَأَهُمْ، وَفَقَّهَهُمْ، وَهُوَ فَتَحَ تُسْتَرَ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الصَّحَابَةِ أَحَدٌ أَحْسَنَ صَوْتاً مِنْهُ.
قَالَ حُسَيْنٌ المُعَلِّمُ: سَمِعْتُ ابْنَ بُرَيْدَةَ يَقُوْلُ:
كَانَ الأَشْعَرِيُّ قَصِيْراً، أَثَطَّ، خَفِيْفَ الجِسْمِ.
وَأَمَّا الوَاقِدِيُّ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ إِلْيَاسَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي جَهْمٍ، قَالَ:
لَيْسَ أَبُو مُوْسَى مِنْ مُهَاجِرَةِ الحَبَشَةِ، وَلاَ حِلْفَ لَهُ فِي قُرَيْشٍ، وَقَدْ كَانَ أَسْلَمَ بِمَكَّةَ، وَرَجَعَ إِلَى أَرْضِهِ، حَتَّى قَدِمَ هُوَ وَأُنَاسٌ مِنَ الأَشْعَرِيِّيْنَ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَذَكَرَهُ: مُوْسَى بنُ عُقْبَةَ فِيْمَنْ هَاجَرَ إِلَى الحَبَشَةِ.
وَرَوَى: أَبُو بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوْسَى، قَالَ:
خَرَجْنَا مِنَ اليَمَنِ فِي بضْعٍ وَخَمْسِيْنَ مِنْ قَوْمِي، وَنَحْنُ ثَلاَثَةُ إِخْوَةٍ: أَنَا، وَأَبُو رُهْمٍ، وَأَبُو عَامِرٍ، فَأَخْرَجَتْنَا سَفِيْنَتُنَا إِلَى النَّجَاشِيِّ، وَعِنْدَهُ جَعْفَرٌ وَأَصْحَابُهُ، فَأَقْبَلْنَا حِيْنَ افْتُتِحَتْ
خَيْبَرُ.فَقَالَ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لَكُمُ الهِجْرَةُ مَرَّتَيْنِ، هَاجَرْتُمْ إِلَى النَّجَاشِيِّ، وَهَاجَرْتُمْ إِلَيَّ ) .
وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَا وَأَخَوَايَ: أَبُو رُهْمٍ، وَأَبُو بُرْدَةَ، أَنَا أَصْغَرُهُمْ.
أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ غَداً قَوْمٌ، هُمْ أَرَقُّ قُلُوْباً لِلإِسْلاَمِ مِنْكُمْ) .
فَقَدِمَ الأَشْعَرِيُّوْنَ، فَلَمَّا دَنَوْا، جَعَلُوا يَرْتَجِزُوْنَ:
غَداً نَلْقَى الأَحِبَّهْ ... مُحَمَّداً وَحِزْبَهْ
فَلَمَّا أَنْ قَدِمُوا، تَصَافَحُوا، فَكَانُوا أَوَّلَ مَنْ أَحْدَثَ المُصَافَحَةَ.
شُعْبَةُ: عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِيَاضٍ الأَشْعَرِيِّ، قَالَ:
لَمَا نَزَلَتْ: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المَائِدَةُ: 57] ؛ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (هُمْ قَوْمُكَ يَا أَبَا مُوْسَى) .
وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ.
صَحَّحَهُ: الحَاكِمُ، وَالأَظْهَرُ أَنَّ لِعِيَاضِ بنِ عَمْرٍو صُحْبَةٌ.
وَلَكِنْ رَوَاهُ: جَمَاعَةٌ، عَنْ شُعْبَةَ أَيْضاً (ح) .
وَعَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ، عَنْ أَبِيْهِ كِلاَهُمَا، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِيَاضٍ، عَنْ أَبِي مُوْسَى.
بُرَيْدٌ: عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوْسَى، قَالَ:
لَمَّا فَرَغَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ حُنَيْنٍ، بَعَثَ أَبَا عَامِرٍ الأَشْعَرِيَّ عَلَى جَيْشِ أَوْطَاسٍ، فَلَقِيَ دُرَيْدَ بنَ
الصِّمَّةِ، فَقُتِلَ دُرَيْدٌ، وَهَزَمَ اللهُ أَصْحَابَهُ.فَرَمَى رَجُلٌ أَبَا عَامِرٍ فِي رُكْبَتِهِ بِسَهْمٍ، فَأَثْبَتَهُ.
فَقُلْتُ: يَا عَمّ! مَنْ رَمَاكَ؟
فَأَشَارَ إِلَيْهِ، فَقَصَدْتُ لَهُ، فَلَحِقْتُهُ، فَلَمَّا رَآنِي، وَلَّى ذَاهِباً، فَجَعَلْتُ أَقُوْلُ لَهُ: أَلاَ تَسْتَحْيِي؟ أَلَسْتَ عَرَبٍيّاً؟ أَلاَ تَثْبُتُ؟
قَالَ: فَكَفَّ، فَالْتَقَيْتُ أَنَا وَهُوَ، فَاخْتَلَفْنَا ضَرْبَتَيْنِ، فَقَتَلْتُهُ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى أَبِي عَامِرٍ، فَقُلْتُ قَدْ قَتَلَ اللهُ صَاحِبَكَ.
قَالَ: فَانْزِعْ هَذَا السَّهْمَ.
فَنَزَعْتُهُ، فَنَزَا مِنْهُ المَاءُ، فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، انْطَلِقْ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَقْرِهِ مِنِّي السَّلاَمَ، وَقُلْ لَهُ يَسْتَغْفِرْ لِي.
وَاسْتَخْلَفَنِي أَبُو عَامِرٍ عَلَى النَّاسِ، فَمَكَثَ يَسِيْراً، ثُمَّ مَاتَ.
فَلَمَّا قَدِمْنَا، وَأَخْبَرْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَوَضَّأَ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أَبِي عَامِرٍ) ، حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبِطَيْهِ.
ثُمَّ قَالَ: (اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ فَوْقَ كَثِيْرٍ مِنْ خَلْقِكَ) .
فَقُلْتُ: وَلِي يَا رَسُوْلَ اللهِ؟
فَقَالَ: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِ اللهِ بنِ قَيْسٍ ذَنْبَهُ، وَأَدْخِلْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُدْخَلاً كَرِيْماً ) .
وَبِهِ: عَنْ أَبِي مُوْسَى، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالجِعْرَانَةِ، فَأَتَى أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: أَلاَ تُنْجِزُ لِي مَا وَعَدْتَنِي؟
قَالَ: (أَبْشِرْ) .
قَالَ: قَدْ أَكْثَرْتَ منَ البُشْرَى.
فَأَقْبَلَ رَسُوْلُ اللهِ عَلَيَّ وَعلَى بِلاَلٍ، فَقَالَ: (إِنَّ هَذَا قَدْ رَدَّ البُشْرَى، فَاقْبَلاَ أَنْتُمَا) .
فَقَالاَ: قَبِلْنَا يَا رَسُوْلَ اللهِ.
فَدَعَا بِقَدَحٍ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ
وَوَجْهَهُ فِيْهِ، وَمَجَّ فِيْهِ، ثُمَّ قَالَ: (اشْرَبَا مِنْهُ، وَأَفْرِغَا عَلَى رُؤُوْسِكُمَا وَنُحُوْرِكُمَا) .فَفَعَلاَ! فَنَادَتْ أُمُّ سَلَمَةَ مِنْ وَرَاءِ السَّتْرِ: أَنَّ فَضِّلاَ لأُمِّكُمَا.
فَأَفْضَلاَ لَهَا مِنْهُ.
مَالِكُ بنُ مِغْوَلٍ، وَغَيْرُهُ: عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
خَرَجْتُ لَيْلَةً مِنَ المَسْجِدِ، فَإِذَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَ بَابِ المَسْجِدِ قَائِمٌ، وَإِذَا رَجُلٌ يُصَلِّي، فَقَالَ لِي: (يَا بُرَيْدَةَ، أَتَرَاهُ يُرَائِي؟) .
قُلْتُ: اللهُ وَرَسُوْلُهُ أَعْلَمُ.
قَالَ: (بَلْ هُوَ مُؤْمِنٌ مُنِيْبٌ، لَقَدْ أُعْطِيَ مِزْمَاراً مِنْ مَزَامِيْرِ آلِ دَاوُدَ) .
فَأَتَيْتُهُ، فَإِذَا هُوَ أَبُو مُوْسَى؛ فَأَخْبَرْتُهُ.
أَنْبَؤُوْنَا عَنْ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ اللَّبَّانِ، وَغَيْرِهِ: أَنَّ أَبَا عَلِيٍّ الحَدَّادَ أَخْبَرَهُمْ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بنُ الحُبَابِ، عَنْ مَالِكِ بنِ مِغْوَلٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
جَاءَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى المَسْجِدِ، وَأَنَا عَلَى بَابِ المَسْجِدِ، فَأَخَذَ بِيَدِيْ، فَأَدْخَلَنِي المَسْجِدَ، فَإِذَا رَجُلٌ يُصَلِّي يَدْعُو، يَقُوْلُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ اللهُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ الأَحَدُ الصَّمَدُ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ، وَلَمْ يُوْلَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ.
قَالَ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ سَأَلَ اللهَ بِاسْمِهِ الأَعْظَمِ، الَّذِي إِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى، وَإِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ) .
وَإِذَا رَجُلٌ يَقْرَأُ، فَقَالَ: (لَقَدْ أُعْطِيَ هَذَا مِزْمَاراً مِنْ مَزَامِيْرِ آلِ دَاوُدَ) .
قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، أُخْبِرُهُ؟
قَالَ: (نَعَمْ) .
فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ لِي: لاَ تَزَالُ لِي صَدِيْقاً، وَإِذَا هُوَ أَبُو مُوْسَى.
رَوَاهُ: حُسَيْنُ بنُ وَاقِدٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، مُخْتَصَراً.وَرَوَى: أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (لَقَدْ أُعْطِيَ أَبُو مُوْسَى مِزْمَاراً مِنْ مَزَامِيْرِ آلِ دَاوُدَ ) .
خَالِدُ بنُ نَافِعٍ: حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي مُوْسَى:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَائِشَةَ مَرَّا بِهِ، وَهُوَ يَقْرَأُ فِي بَيْتِهِ، فَاسْتَمَعَا لِقِرَاءتِهِ.
فَلَمَّا أَصْبَحَ، أَخْبَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ فَقَالَ: لَوْ أَعْلَمُ بِمَكَانِكَ، لَحَبَّرْتُهُ لَكَ تَحْبِيْراً.
خَالِدٌ: ضُعِّفَ.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ:أَنَّ أَبَا مُوْسَى قَرَأَ لَيْلَةً، فَقُمْنَ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْتَمِعْنَ لِقِرَاءتِهِ.
فَلَمَّا أَصْبَحَ، أُخْبِرَ بِذَلِكَ، فَقَالَ: لَوْ عَلِمْتُ، لَحَبَّرْتُ تَحْبِيْراً، وَلَشَوَّقْتُ تَشْوِيْقاً.
الأَعْمَشُ: عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي البَخْتَرِيِّ، قَالَ:
أَتَيْنَا عَلِيّاً، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟
قَالَ: عَنْ أَيِّهِمْ تَسْأَلُوْنِي؟
قُلْنَا: عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ.
قَالَ: عَلِمَ القُرْآنَ وَالسُّنَّةَ، ثُمَّ انْتَهَى، وَكَفَى بِهِ عِلْماً.
قُلْنَا: أَبُو مُوْسَى؟
قَالَ: صُبِغَ فِي العِلْمِ صِبْغَةً، ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ.
قُلْنَا: حُذَيْفَةُ؟
قَالَ: أَعْلَمُ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ بِالمُنَافِقِيْنَ.
قَالُوا: سَلْمَانُ؟
قَالَ: أَدْرَكَ العِلْمَ الأَوَّلَ، وَالعِلْمَ الآخِرَ؛ بَحْرٌ لاَ يُدْرَكُ قَعْرُهُ، وَهُوَ مِنَّا أَهْلَ البَيْتِ.
قَالُوا: أَبُو ذَرٍّ؟
قَالَ: وَعَى عِلْماً عَجِزَ عَنْهُ.
فَسُئِلَ عَنْ نَفْسِهِ.
قَالَ: كُنْتُ إِذَا سَأَلْتُ أُعْطِيْتُ، وَإِذَا سَكَتُّ ابْتُدِيْتُ.
أَبُو إِسْحَاقَ: سَمِعَ الأَسْوَدَ بنَ يَزِيْدَ، قَالَ:
لَمْ أَرَ بِالكُوْفَةِ أَعْلَمَ مِنْ عَلِيٍّ، وَأَبِي مُوْسَى.
وَقَالَ مَسْرُوْقٌ: كَانَ القَضَاءُ فِي الصَّحَابَةِ إِلَى سِتَّةٍ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَأُبَيٍّ، وَزِيْدٍ، وَأَبِي مُوْسَى.
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: يُؤْخَذُ العِلْمُ عَنْ سِتَّةٍ: عُمَرَ، وَعَبْدِ اللهِ، وَزَيْدٍ، يُشْبِهُ عِلْمُهُمْ بَعْضُهُ بَعْضاً، وَكَانَ عَلِيٌّ، وَأُبَيٌّ، وَأَبُو مُوْسَى يُشْبِهُ عِلْمُهُمْ بَعْضُهُ بَعْضاً، يَقْتَبِسُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ.وَقَالَ دَاوُدُ: عَنِ الشَّعْبِيِّ:
قُضَاةُ الأُمَّةِ: عُمَرُ، وَعَلِيٌّ، وَزَيْدٌ، وَأَبُو مُوْسَى.
أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ: عَنْ صَفْوَانَ بنِ سُلَيْمٍ، قَالَ:
لَمْ يَكُنْ يُفْتِي فِي المَسْجِدِ زَمَنَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَيْرُ هَؤُلاَءِ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَمُعَاذٍ، وَأَبِي مُوْسَى.
قَالَ أَبُو بُرْدَةَ: قَالَ: إِنِّي تَعَلَّمْتُ المُعْجَمَ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَانَتْ كِتَابَتِي مِثْلَ العَقَارِبِ.
أَيُّوْبُ: عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ عُمَرُ:
بِالشَّامِ أَرْبَعُوْنَ رَجُلاً، مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ كَانَ يَلِي أَمْرَ الأُمَّةَ إِلاَّ أَجْزَأَهُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ.
فَجَاءَ رَهْطٌ، فِيْهِم أَبُو مُوْسَى، فَقَالَ: إِنِّي أُرْسِلُكَ إِلَى قَوْمٍ عَسْكَرَ الشَّيْطَانُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ.
قَالَ: فَلاَ تُرْسِلْنِي.
قَالَ: إِنَّ بِهَا جِهَاداً وَرِبَاطاً.
فَأَرْسَلَهُ إِلَى البَصْرَةِ.
قَالَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ: مَا قَدِمَهَا رَاكِبٌ خَيْرٌ لأَهْلِهَا مِنْ أَبِي مُوْسَى.
قَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ: كَانَ أَبُو مُوْسَى إِذَا صَلَّى الصُّبْحَ، اسْتَقْبَلَ الصُّفُوْفَ رَجُلاً رَجُلاً يُقْرِئُهُمْ، وَدَخَلَ البَصْرَةَ عَلَى جَمَلٍ أَوْرَقَ، وَعَلَيْهِ خَرَجَ لَمَّا
عُزِلَ.قَتَادَةُ: عَنْ أَنَسٍ: بَعَثَنِي الأَشْعَرِيُّ إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ لِي: كَيْفَ تَرَكْتَ الأَشْعَرِيَّ؟
قُلْتُ: تَرَكْتُهُ يُعَلِّمُ النَّاسَ القُرْآنَ.
فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ كَيِّسٌ! وَلاَ تُسْمِعْهَا إِيَّاهُ.
قَالَ أَبُو بُرْدَةَ: كَتَبْتُ عَنْ أَبِي أَحَادِيْثَ، فَفَطِنَ بِي، فَمَحَاهَا، وَقَالَ: خُذْ كَمَا أَخَذْنَا.
أَبُو هِلاَلٍ: عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ:
بَلَغَ أَبَا مُوْسَى أَنَّ نَاساً يَمْنَعُهُمْ مِنَ الجُمُعَةِ أَنْ لَيْسَ لَهُم ثِيَابٌ، فَخَرَجَ عَلَى النَّاسِ فِي عَبَاءةٍ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: اسْتُخْلِفَ عُثْمَانُ، فَنَزَعَ أَبَا مُوْسَى عَنِ البَصْرَةِ، وَأَمَّرَ عَلَيْهَا عَبْدَ اللهِ بنَ عَامِرِ بنِ كُرَيْزٍ.
قَالَ خَلِيْفَةُ: وَلِيَ أَبُو مُوْسَى البَصْرَةَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ بَعْدَ المُغِيْرَةِ، فَلَمَّا افْتَتَحَ الأَهْوَازَ، اسْتَخْلَفَ عِمْرَانَ بنَ حُصَيْنٍ بِالبَصْرَةِ - وَيُقَالُ: افْتَتَحَهَا صُلْحاً - فَوَظَّفَ عَلَيْهَا عُمَرُ عَشْرَةَ آلاَفِ أَلْفٍ، وَأَرْبَعَ مائَةِ أَلْفٍ.
وَقِيْلَ: فِي سَنَةِ ثَمَانِ عَشْرَةَ، افْتَتَحَ أَبُو مُوْسَى الرُّهَا وَسُمَيْسَاطَ وَمَا وَالاَهَا عَنْوَةً.زُهَيْرُ بنُ مُعَاوِيَةَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، حَدَّثَنَا أَنَسٌ:
أَنَّ الهُرْمُزَانَ نَزَلَ عَلَى حُكْمِ عُمَرَ مِنْ تُسْتَرَ، فَبَعَثَ بِهِ أَبُو مُوْسَى مَعِي إِلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ؛ فَقَدِمْتُ بِهِ.
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: تَكَلَّمْ، لاَ بَأْسَ عَلَيْكَ.
فَاسْتَحْيَاهُ، ثُمَّ أَسْلَمَ، وَفَرَضَ لَهُ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: سَارَ أَبُو مُوْسَى مِنْ نَهَاوَنْدَ، فَفَتَحَ أَصْبَهَانَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ.
مُجَالِدٌ: عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
كَتَبَ عُمَرُ فِي وَصِيَّتِهِ: أَلاَّ يَقِرَّ لِي عَامِلٌ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ، وَأَقِرُّوا الأَشْعَرِيَّ أَرْبَعَ سِنِيْنَ.
حُمَيْدُ بنُ هِلاَلٍ: عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، سَمِعتُ أَبِي يُقْسِمُ مَا خَرَجَ حِيْنَ نُزعَ عَنِ البَصْرَةِ إِلاَّ بِسِتِّ مائَةِ دِرْهَمٍ.
الزُّهْرِيُّ: عَنْ أَبِي سَلَمَةَ:
كَانَ عُمَرُ إِذَا جَلَسَ عِنْدَهُ أَبُو مُوْسَى، رُبَّمَا قَالَ لَهُ: ذَكِّرْنَا يَا أَبَا مُوْسَى، فَيَقْرَأُ.
وَفِي رِوَايَةٍ تَفَرَّدَ بِهَا رِشْدِيْنُ بنُ سَعْدٍ: فَيَقْرَأُ، وَيَتَلاَحَنُ.وَقَالَ ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ: قَدِمْنَا البَصْرَةَ مَعَ أَبِي مُوْسَى، فَقَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ، قِيْلَ لَهُ:
أَصْلَحَ اللهُ الأَمِيْرَ! لَوْ رَأَيْتَ إِلَى نِسْوَتِكَ وَقَرَابَتِكَ وَهُمْ يَسْتَمِعُوْنَ لِقِرَاءتِكَ!
فَقَالَ: لَوْ عَلِمْتُ، لَزَيَّنْتُ كِتَابَ اللهِ بِصَوْتِي، وَلَحَبَّرْتُهُ تَحْبِيْراً.
قَالَ أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ: مَا سَمِعْتُ مِزْمَاراً وَلاَ طُنْبُوْراً وَلاَ صَنْجاً أَحْسَنَ مِنْ صَوْتِ أَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيِّ؛ إِنْ كَانَ لَيُصَلِّي بِنَا فَنَوَدُّ أَنَّه قَرَأَ البَقَرَةَ مِنْ حُسْنِ صَوْتِهِ.
هِشَامُ بنُ حَسَّانٍ: عَنْ وَاصِلٍ مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ، عَنْ لَقِيْطٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوْسَى، قَالَ:
غَزَوْنَا فِي البَحْرِ، فَسِرْنَا؛ حَتَّى إِذَا كُنَّا فِي لُجَّةِ البَحْرِ، سَمِعنَا مُنَادِياً يُنَادِيْ: يَا أَهْلَ السَّفِيْنَةِ، قِفُوْا أُخْبِرْكُمْ.
فَقُمْتُ، فَنَظَرْتُ يَمِيْناً وَشِمَالاً، فَلَمْ أَرَ شَيْئاً، حَتَّى نَادَى سَبْعَ مِرَارٍ.
فَقُلْتُ: أَلاَ تَرَى فِي أَيِّ مَكَانٍ نَحْنُ، إِنَّا لاَ نَسْتَطِيْعُ أَنْ نَقِفَ.
فَقَالَ: أَلاَ أُخْبِرُكَ بِقَضَاءٍ قَضَى اللهُ عَلَى نَفْسِهِ: إِنَّهُ مَنْ عَطَّشَ نَفْسَهُ للهِ فِي يَوْمٍ حَارٍّ، كَانَ حَقّاً عَلَى اللهِ أَنْ يَرْوِيَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ.
قَالَ: وَكَانَ أَبُو مُوْسَى لاَ تَكَادُ تَلْقَاهُ فِي يَوْمٍ حَارٍّ إِلاَّ
صَائِماً.وَرَوَاهُ: ابْنُ المُبَارَكِ فِي (الزُّهْدِ) : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ وَاصِلٍ.
الأَعْمَشُ: عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوْقٍ، قَالَ:
خَرَجْنَا مَعَ أَبِي مُوْسَى فِي غَزَاةٍ، فَجَنَّنَا اللَّيْلُ فِي بُسْتَانٍ خَرِبٍ؛ فَقَامَ أَبُو مُوْسَى يُصَلِّي، وَقَرَأَ قِرَاءةً حَسَنَةً، وَقَالَ:
اللَّهُمَّ أَنْتَ المُؤْمِنُ تُحِبُّ المُؤْمِنَ، وَأَنْتَ المُهَيْمِنُ تُحِبُّ المُهَيْمِنَ، وَأَنْتَ السَّلاَمُ تُحِبُّ السَّلاَمَ.
وَرَوَى: صَالِحُ بنُ مُوْسَى الطَّلْحِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
اجْتَهَدَ الأَشْعَرِيُّ قَبْلَ مَوْتِهِ اجْتِهَاداً شَدِيْداً، فَقِيْلَ لَهُ: لَوْ أَمْسَكْتَ وَرَفَقْتَ بِنَفْسِكَ!
قَالَ: إِنَّ الخَيْلَ إِذَا أُرْسِلَتْ فَقَارَبَتْ رَأْسَ مَجْرَاهَا، أَخْرَجَتْ جَمِيْعَ مَا عِنْدَهَا؛ وَالَّذِي بَقِيَ مِنْ أَجَلِي أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ:
أَنَّ أَبَا مُوْسَى كَانَ لَهُ سَرَاوِيْلُ يَلْبَسُهُ مَخَافَةَ أَنْ يَتَكَشَّفَ.
الأَعْمَشُ: عَنْ شَقِيْقٍ، قَالَ:
كُنَّا مَعَ حُذَيْفَةَ جُلُوْساً، فَدَخَلَ عَبْدُ اللهِ،
وَأَبُو مُوْسَى المَسْجِدَ، فَقَالَ: أَحَدُهُمَا مُنَافِقٌ.ثُمَّ قَالَ: إِنَّ أَشْبَهَ النَّاسِ هَدْياً وَدَلاًّ وَسَمْتاً بِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَبْدُ اللهِ.
قُلْتُ: مَا أَدْرِي مَا وَجْهُ هَذَا القَوْلِ، سَمِعَهُ عَبْدُ اللهِ بنُ نُمَيْرٍ مِنْهُ، ثُمَّ يَقُوْلُ الأَعْمَشُ: حَدَّثْنَاهُمْ بِغَضَبِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاتَّخَذُوْهُ دِيْناً.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ: كَانَ الأَعْمَشُ بِهِ دِيَانَةٌ مِنْ خَشْيَتِهِ.
قُلْتُ: رُمِيَ الأَعْمَشُ بِيَسِيْرِ تَشَيُّعٍ فَمَا أَدْرِي.
وَلاَ رَيْبَ أَنَّ غُلاَةَ الشِّيْعَةِ يُبْغِضُوْنَ أَبَا مُوْسَى -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- لِكَوْنِهِ مَا قَاتَلَ مَعَ عَلِيٍّ، ثُمَّ لَمَّا حَكَّمَهُ عَلِيٌّ عَلَى نَفْسِهِ عَزَلَهُ، وَعَزَلَ مُعَاوِيَةَ، وَأَشَارَ بِابْنِ عُمَرَ؛ فَمَا انْتَظَمَ مِنْ ذَلِكَ حَالٌ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ عَلْقَمَةَ، عَنْ دَاوُدَ بنِ الحُصَيْنِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
قُلْتُ لِعَلِيٍّ يَوْمَ
الحَكَمَيْنِ: لاَ تُحَكِّمِ الأَشْعَرِيَّ؛ فَإِنَّ مَعَهُ رَجُلاً حَذِراً مَرِساً قَارِحاً، فَلُزَّنِي إِلَى جَنْبِهِ، فَلاَ يَحُلُّ عُقْدَةً إِلاَّ عَقَدْتُهَا، وَلاَ يَعْقِدُ عُقْدَةً إِلاَّ حَلَلْتُهَا.قَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، مَا أَصْنَعُ؟
إِنَّمَا أُوْتَى مِنْ أَصْحَابِي، قَدْ ضَعُفَتْ نِيَّتُهُمْ، وَكَلُّوا، هَذَا الأَشْعَثُ يَقُوْلُ: لاَ يَكُوْنُ فِيْهَا مُضَرِيَّانِ أَبَداً، حَتَّى يَكُوْنَ أَحَدُهُمَا يَمَانٍ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَعَذَرْتُهُ، وَعَرَفْتُ أَنَّهُ مُضْطَهَدٌ.
وَعَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: حَكَّمَ مُعَاوِيَةُ عَمْراً؛ فَقَالَ الأَحْنَفُ لِعَلِيٍّ: حَكِّمِ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ مُجَرَّبٌ.
قَالَ: أَفْعَلُ.
فَأَبَت اليَمَانِيَّةُ، وَقَالُوا: حَتَّى يَكُوْنَ مِنَّا رَجُلٌ.
فَجَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَى عَلِيٍّ، فَقَالَ:
عَلاَمَ تُحَكِّمُ أَبَا مُوْسَى؟ لَقَدْ عَرَفْتَ رَأْيَهُ فِيْنَا، فَوَاللهِ مَا نَصَرَنَا؛ وَهُوَ يَرْجُو مَا نَحْنُ فِيْهِ؛ فَتُدْخِلُهُ الآنَ فِي مَعَاقِدِ أَمْرِنَا، مَعَ أَنَّه لَيْسَ بِصَاحِبِ ذَلِكَ! فَإِذَا أَبَيْتَ أَنْ تَجْعَلَنِي مَعَ عَمْرٍو، فَاجْعَلِ الأَحْنَفَ بنَ قَيْسٍ؛ فَإِنَّهُ مُجَرَّبٌ مِنَ العَرَبِ، وَهُوَ قِرْنٌ لِعَمْرٍو.
فَقَالَ: نَعَمْ.
فَأَبَتِ اليَمَانِيَةُ أَيْضاً، فَلَمَّا غُلِبَ، جَعَلَ أَبَا مُوْسَى.
قَالَ أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ: قَالَ عَلِيٌّ: يَا أَبَا مُوْسَى، احْكُمْ، وَلو عَلَى حَزِّ
عُنُقِي.زَيْدُ بنُ الحُبَابِ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ المُغِيْرَةِ البَكْرِيُّ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوْسَى، أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ إِلَيْهِ:
أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ عَمْرَو بنَ العَاصِ قَدْ بَايَعَنِي عَلَى مَا أُرِيْدُ، وَأُقْسِمُ بِاللهِ، لَئِنْ بَايَعْتَنِي عَلَى الَّذِي بَايَعَنِي، لأَسْتَعْمِلَنَّ أَحَدَ ابْنَيْكَ عَلَى الكُوْفَةِ، وَالآخَرَ عَلَى البَصْرَةِ؛ وَلاَ يُغْلَقُ دُوْنَكَ بَابٌ، وَلاَ تُقْضَى دُوْنَكَ حَاجَةٌ، وَقَدْ كَتَبْتُ إِلَيْكَ بِخَطِّي، فَاكْتُبْ إِلَيَّ بِخَطِّ يَدِكَ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّكَ كَتَبْتَ إِلَيَّ فِي جَسِيْمِ أَمْرِ الأُمَّةِ، فَمَاذَا أَقُوْلُ لِرَبِّي إِذَا قَدِمْتُ عَلَيْهِ، لَيْسَ لِي فِيْمَا عَرَضْتَ مِنْ حَاجَةٍ، وَالسَّلاَمُ عَلَيْكَ.
قَالَ أَبُو بُرْدَةَ: فَلَمَّا وَلِيَ مُعَاوِيَةُ، أَتَيْتُهُ، فَمَا أَغْلَقَ دُوْنِي بَاباً، وَلاَ كَانَتْ لِي حَاجَةٌ إِلاَّ قُضِيَتْ.
قُلْتُ: قَدْ كَانَ أَبُو مُوْسَى صَوَّاماً، قَوَّاماً، رَبَّانِيّاً، زَاهِداً، عَابِداً، مِمَّنْ جَمَعَ العِلْمَ وَالعَمَلَ وَالجِهَادَ وَسَلاَمَةَ الصَّدْرِ، لَمْ تُغَيِّرْهُ الإِمَارَةُ، وَلاَ اغْتَرَّ بِالدُّنْيَا.
وَمِنْ عَوَالِيْهِ:
أَخْبَرَنَا الفَقِيْهَانِ: يَحْيَى بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ كِتَابَهُ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ غَيْلاَنَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ
اللهِ البَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ (ح) .وَبِهِ: إِلَى الشَّافِعِيِّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَسْلَمَةَ - وَاللَّفْظُ لَهُ - حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ أَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيِّ، قَالَ:
كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ، وَكَانَ القَوْمُ يَصْعَدُوْنَ ثَنِيَّةً أَوْ عَقَبَةً؛ فَإِذَا صَعِدَ الرَّجُلُ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ - أَحْسِبُهُ قَالَ: بِأَعْلَى صَوْتِهِ -، وَرَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى بَغْلَتِهِ يَعْتَرِضُهَا فِي الجَبَلِ، فَقَالَ: (أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ لاَ تُنَادُوْنَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِباً) .
ثُمَّ قَالَ: (يَا عَبْدَ اللهِ بنَ قَيْسٍ - أَوْ يَا أَبَا مُوْسَى - أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَةٍ مِنْ كُنُوْزِ الجَنَّةِ؟) .
قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُوْلَ اللهِ.
قَالَ: (قُلْ: لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ ) .
قَدْ مَرَّ أَنَّ أَبَا مُوْسَى تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ.
وَقِيْلَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَقَعْنَبُ بنُ المُحَرَّرِ :
تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ.
وَأَمَّا الوَاقِدِيُّ، فَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ.
وَقَالَ المَدَائِنِيُّ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ، بَعْدَ المُغِيْرَةِ.
وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي (طَبَقَاتِ القُرَّاءِ) : تُوُفِّيَ أَبُو مُوْسَى فِي ذِيْ الحَجَّةِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ، عَلَى الصَّحِيْحِ.ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا يَزِيْدُ، وَعَفَّانُ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ:
أَنَّ أَبَا مُوْسَى كَانَ حُلْوَ الصَّوْتِ، فَقَامَ لَيْلَةً يُصَلِّي، فَسَمِعَ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُمْنَ يَسْتَمِعْنَ.
فَلَمَّا أَصْبَحَ، قِيْلَ لَهُ: إِنَّ النِّسَاءَ سَمِعْنَكَ.
قَالَ: لَوْ عَلِمْتُ لَحَبَّرْتُكُنَّ تَحْبِيْراً، وَلَشَوَّقْتُكُنَّ تَشْوِيْقاً.
قَالَ أَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: كَانَ عُمَرُ إِذَا رَأَى أَبَا مُوْسَى، قَالَ: ذَكِّرْنَا يَا أَبَا مُوْسَى.
فَيَقْرَأُ عِنْدَهُ.
شُعْبَةُ: عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ:
قَالَ عُمَرُ لأَبِي مُوْسَى: شَوِّقْنَا إِلَى رَبِّنَا.
فَقَرَأَ، فَقَالُوا: الصَّلاَةَ.
فَقَالَ: أَوَ لَسْنَا فِي صَلاَةٍ !
رَوَى: حُمَيْدُ بنُ هِلاَلٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، قَالَ:
حَدَّثَتْنِي أُمِّي، قَالَتْ: خَرَجَ أَبُو مُوْسَى حِيْنَ نُزِعَ عَنِ البَصْرَةِ، مَا مَعَهُ إِلاَّ سِتُّ مائَةِ دِرْهَمٍ عَطَاءً لِعِيَالِهِ.
رَوَى: الزُّبَيْرُ بنُ الخِرِّيْتِ، عَنْ أَبِي لَبِيْدٍ، قَالَ:
مَا كُنَّا نُشَبِّهُ كَلاَمَ أَبِي مُوْسَى إِلاَّ بِالجَزَّارِ الَّذِي مَا يُخْطِئُ المَفْصِلَ.
عَنْ بَعْضِهِمْ: أَنَّ أَبَا مُوْسَى أَتَى مُعَاوِيَةَ، وَهُوَ بِالنُّخَيْلَةِ، وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ، وَجُبَّةٌ سَوْدَاءُ، وَمَعَهُ عَصَا سَوْدَاءُ.ثَابِتٌ: عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
كَانَ أَبُو مُوْسَى إِذَا نَامَ، لَيْسَ تُبَّاناً، مَخَافَةَ أَنْ تَنْكَشِفَ عَوْرَتُهُ.
مَنْصُوْرُ بنُ المُعْتَمِرِ: عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، قَالَ:
قَالَ أَبُو مُوْسَى: لأَنْ يَمْتَلِئَ مَنْخِرِيْ مِنْ رِيْحِ جِيْفَةٍ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ مِنْ رِيْحِ امْرَأَةٍ.
ابْنُ أَبِي عَرُوْبَةَ: عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ قَزَعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ مَوْلَى أُمِّ بُرْثُنٍ، قَالَ:
قَدِمَ أَبُو مُوْسَى الأَشْعَرِيُّ وَزِيَادٌ عَلَى عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فَرَأَى فِي يَدِ زِيَادٍ خَاتَماً مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ: اتَّخَذْتُمْ حِلَقَ الذَّهَبِ.
فَقَالَ أَبُو مُوْسَى: أَمَّا أَنَا فَخَاتَمِي مِنْ حَدِيْدٍ.
فَقَالَ عُمَرُ: ذَاكَ أَنْتَنُ - أَوْ أَخْبَثُ - مَنْ كَانَ مُتَخَتِّماً، فَلْيَتَخَتَّمْ بِخَاتَمٍ مِنْ فِضَّةٍ.
قَالَ ابْنُ بُرَيْدَةَ: كَانَ أَبُو مُوْسَى أَثَطَّ، قَصِيْراً، خَفِيْفَ اللَّحْمِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -.
وَلَهُ فِي (مُسْنَدِ بَقِيٍّ) : ثَلاَثُ مائَةٍ وَسِتُّوْنَ حَدِيْثاً.
وَقَعَ لَهُ فِي (الصَّحِيْحَيْنِ) : تِسْعَةٌ وَأَرْبَعُوْنَ حَدِيْثاً.
وَتَفَرَّدَ البُخَارِيُّ: بِأَرْبَعَةِ
أَحَادِيْثَ، وَمُسْلِمٌ: بِخَمْسَةَ عَشَرَ حَدِيْثاً.وَكَانَ إِمَاماً رَبَّانِيّاً.
جَوَّدَ تَرْجَمَتَهُ: ابْنُ سَعْدٍ، وَابْنُ عَسَاكِرَ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ، وَغَيْرُهُ: قَدِمَ أَبُو مُوْسَى مَكَّةَ، وَحَالَفَ أَبَا أُحَيْحَةَ الأُمَوِيَّ، وَأَسْلَمَ بِمَكَّةَ، وَهَاجَرَ إِلَى الحَبَشَةِ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ: عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَمَرَنَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ نَنْطَلِقَ مَعَ جَعْفَرٍ إِلَى أَرْضِ النَّجَاشِيِّ، فَبَعَثَتْ قُرَيْشٌ عَمْراً وَعُمَارَةَ بنَ الوَلِيْدِ، وَجَمَعُوا لَهُ هَدِيَّةً.
وَلَمْ يَذْكُرْهُ: ابْنُ عُقْبَةَ، وَابْنُ إِسْحَاقَ، وَأَبُو مَعْشَرٍ، فِيْمَنْ هَاجَرَ إِلَى الحَبَشَةِ.
قَتَادَةُ: عَنْ سَعِيْدِ بنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيْهِ:
قَالَ لِي أَبِي: لَوْ رَأَيْتَنَا وَنَحْنُ نَخْرُجُ مَعَ نَبِيِّنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا أَصَابَتْنَا السَّمَاءُ، لَوَجَدْتَ مِنَّا رِيْحَ الضَّأْنِ، مِنْ لِبَاسِنَا الصُّوْفِ.
قَالَ حُمَيْدُ بنُ هِلاَلٍ: عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، قَالَ:
حَدَّثَتْنِي أُمِّي، قَالَتْ: خَرَجَ أَبُوْكَ حِيْنَ نُزِعَ عَنِ البَصْرَةِ، وَمَا مَعَهُ إِلاَّ سِتُّ مائَةِ دِرْهَمٍ، عَطَاءَ عِيَالِهِ.
سُلَيْمَانُ بنُ المُغِيْرَةِ: عَنْ حُمَيْدِ بنِ هِلاَلٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، قَالَ:دَخَلْتُ عَلَى مُعَاوِيَةَ حِيْنَ أَصَابَتْهُ قَرْحَتُهُ، فَقَالَ: هَلُمَّ يَا ابْنَ أَخِي.
فَنَظَرْتُ، فَإِذَا هُوَ قَدْ سُبِرَتْ -يَعْنِي: قَرْحَتُهُ- فَقُلْتُ: لَيْسَ عَلَيْكَ بَأْسٌ.
إِذْ دَخَلَ ابْنُهُ يَزِيْدُ، فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: إِنْ وُلِّيْتَ، فَاسْتَوْصِ بِهَذَا؛ فَإِنَّ أَبَاهُ كَانَ أَخاً لِي، أَوْ خَلِيْلاً، غَيْرَ أَنِّي قَدْ رَأَيْتُ فِي القِتَالِ مَا لَمْ يَرَ.
وَقَالَ أَبُو بُرْدَةَ: قَالَ أَبِي: ائْتِنِي بِكُلِّ شَيْءٍ كَتَبْتَهُ.
فَمَحَاهُ، ثُمَّ قَالَ: احْفَظْ كَمَا حَفِظْتُ.
ابْنُ عَوْنٍ: عَنِ الحَسَنِ، قَالَ:
كَانَ الحَكَمَانِ: أَبَا مُوْسَى، وَعَمْراً؛ وَكَانَ أَحَدُهُمَا يَبْتَغِي الدُّنْيَا، وَالآخَرُ يَبْتَغِي الآخِرَةَ.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ:
أَنَّ أَبَا مُوْسَى قَالَ: إِنِّي لأَغْتَسِلُ فِي البَيْتِ المُظْلِمِ، فَأَحْنِي ظَهْرِي حَيَاءً مِنْ رَبِّي.
زُهَيْرُ بنُ مُعَاوِيَةَ: عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، قَالَ:
رَأَيْتُ أَبَا مُوْسَى دَاخِلاً مِنْ هَذَا البَابِ، وَعَلَيْهِ مُقَطَّعٌ، وَمِطْرَفٌ حِيْرِيٌّ.
عَاصِمُ بنُ بَهْدَلَةَ: عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي مُوْسَى:أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (اللَّهُمَّ اجْعَلْ عُبَيْداً أَبَا عَامِرٍ فَوْقَ أَكْثَرِ النَّاسِ يَوْمَ القِيَامَةِ) .
فَقُتِلَ يَوْمَ أَوْطَاسٍ، فَقَتَلَ أَبُو مُوْسَى قَاتِلَهُ.
الجُرَيْرِيُّ: عَنْ قَسَامَةَ بنِ زُهَيْرٍ، عَنْ أَبِي مُوْسَى، قَالَ: أَعْمِقُوا لِي قَبْرِي.

محمد بن عبد الله نمير

ومن العلماء الجهابذة النقاد من الطبقة الثالثة بالكوفة محمد بن عبد الله بن نمير الهمذاني الخارفي رحمة الله عليه

باب ما ذكر من علم محمد بن عبد الله بن نمير ومعرفته بناقلة الآثار ورواة الأخبار حدثنا عبد الرحمن نا ابراهيم بن مسعود الهمذاني قال سمعت احمد
ابن حنبل يقول: محمد بن عبد الله بن نمير درة العراق.
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسين بن الجنيد قال كان أحمد بن حنبل ويحيى بن معين يقولان في شيوخ الكوفيين ما يقول ابن نمير فيهم.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت علي بن الحسين يقول: ما رأيت مثل محمد بن عبد الله بن نمير بالكوفة، كان رجلا قد جمع العلم والفهم والسنة والزهد [كان يلبس في الشتاء الشاتي لبادة وفي الصيف يتزر وكان فقيرا - 1] .
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت (162 م) أحمد بن سنان الواسطي يقول: ما رأيت من الكوفيين من أحداثهم رجلا عندي أفضل من محمد بن عبد الله بن نمير، كان يصلي بنا الفرائض وأبوه يصلي خلفه، قدم علينا أيام يزيد -[يعني واسطا - 2] .

باب ما ذكر من قول محمد بن عبد الله بن نمير في ناقلة الأخبار في جرحهم وتعديلهم (88 ك) (87 د) حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسين بن الجنيد قال سمعت محمد بن عبد الله بن نمير يقول: ذواد (2) بن علبة كان شيخا صدوقا صالحا كوفيا قرابة لمطرف بن طريف، ليس من أصحاب الحديث.
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسين قال سمعت ابن نمير يقول:
جعفر بن برقان ثقة، أحاديثه عن الزهري مضطربة.
حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسين قال سمعت ابن نمير يقول: النضر بن عربي (4) صالح ثقة.
[نا علي بن الحسين قال سمعت ابن نمير يقول: سعيد بن بشير منكر
الحديث ليس بشئ ليس بقوي الحديث، يروي عن قتادة المنكرات - 1] .
حدثنا عبد الرحمن [نا علي قال 2] سمعت ابن نمير يقول: المسعودي كان ثقة، بأخرة اختلط، سمع منه عبد الرحمن بن مهدي ويزيد بن هارون أحاديث مختلطة، وما روى عنه الشيوخ فهو مستقيمة (3) .
حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول: أبو جناب يحيى بن أبي حية صدوق وكان صاحب تدليس أفسد حديثه بالتدليس كان يحدث بما لم يسمع.
حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول: يحيى بن عبد الرحمن الذي يحدث عن عبيدة بن الأسود لم يكن صاحب حديث، لا بأس به هو أصلح من الذي يحدث عنه عبيدة.
[حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ نا علي قال سمعت ابن نمير يقول: محمد بن صبيح بن السماك ليس حديثه بشئ - 4] .
حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول: قبيصة
ابن عقبة (5) بن ليث الأسدي كان رجل صدق، وسفيان بن عقبة (6) لا بأس به وقبيصة أكبر منه.
حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير (163 م) يقول رشدين بن سعد ليس يحدث عنه أي (7) لا يكتب حديثه.
حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول: رشدين
ابن كريب ضعيف، ومحمد بن كريب ضعيف.
حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول: موسى ابن داود قاضي طرسوس ثقة.
حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول: يحيى بن بريد - الكوفيون يروون عنه ما يسوى تمرة.
حدثنا عبد الرحمن نا علي سمعت ابن نمير يقول: محمد بن الصلب
كان ثقة وأبو غسان النهدي (1) أحب إلي منه، وأبو [غسان - 2] محدث من أئمة المحدثين.
حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول: حبان وأخوه مندل أحاديثهم (3) فيها بعض الغلط.
حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول: ابن إدريس كان أتقن، وحفص كان أعلم بالحديث من ابن إدريس، وابن أبي زائدة كان أكثر (4) في الحديث من ابن إدريس، وفي الإتقان.
حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول: وكيع أعلم بالحديث من ابن إدريس ولكن ليس مثل ابن إدريس، وكانوا إذا رأوا وكيعا سكتوا يعني في الحفظ والإجلال.
حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول: هذه الاحاديث التي قال ابن جريح، زعموا أنها (5) سمعها من داود العطار حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول: مسلم بن خالد الزنجي ليس يعبأ بحديثه.
حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول: إبراهيم بن يزيد الخوزي كان الناس يتوقون حديثه.
حدثنا عبد الرحمن نا علي سمعت ابن نمير يقول: عبد الوهاب بن عطاء قد حدث عنه أصحابنا، وكان أصحاب الحديث يقولون أنه سمع من سعيد بأخرة، كان شبه المتروك، ووكيع سمع [منه - 1] بأخرة يعني من سعيد، وأبو نعيم سمع من سعيد بأخرة.
حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول: زعم أبو أسامة أنه كتب عن سعيد بالكوفة.
[نا علي قال سمعت ابن نمير يقول: شعبة بن دينار ثقة روى عنه الثوري وابن عيينة - 2] .
[نا علي قال سمعت ابن نمير يقول: كان مروان بن معاوية يتلقط الشيوخ من السكك - 3] .
حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول: يزيد بن زياد الدمشقي الذي روى عنه وكيع ليس بشئ.
حدثنا عبد الرحمن نا علي قال (164 م) سمعت ابن نمير يقول: صدقة بن خالد الدمشقي ثقة.
[نا علي قال سمعت ابن نمير يقول: عبد الملك بن عطاء كان شيخا ثقة روى عنه شيوخنا هو كوفي له حديث أو حديثان - 3] .
حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول: مكحول الأزدي - يعني البصري - أدرك أنسا ليس يحدث عنه إلا عمارة بن زاذان.
حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت أبي نمير يقول: بسطام بن مسلم هو رفيع جدا روى عنه وكيع وحماد بن زيد، هو شيخ قديم
كان من قدماء شيوخ وكيع، وكذلك ابن عون وكهمس وعيينة (1) ابن عبد الرحمن، وخرج وكيع إلى البصرة سنة ثمان وأربعين.
حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول: شعبة بن دينار ثقة روى عنه الثوري وابن عيينة.
حدثنا عبد الرحمن [نا علي قال - 2] سمعت ابن نمير يقول: إسماعيل الأزرق (3) الذي يروي عن أبي عمر (4) كان من الشيعة الغلاة، وأبو عمر صاحب ابن الحنفية.
حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول: سلمة بن نبيط من الثقات كوفي كان يفتخر به أبو نعيم.
حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول: كثير (5) الرماح بلخي روى عنه الشيوخ.
حدثنا عبد الرحمن [نا علي - 6] سمعت ابن نمير يقول: روى سفيان عن عمير الخثعمي شيخ [ثقة - 6] قديم من أصحاب الحجاج ابن أرطاة، والحجاج أشهر في العلم منه.
حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول: أبو سهل محمد ابن عمرو (7) هو بصري ليس يسوي شيئا.
حدثنا عبد الرحمن (89 ك) نا علي قال سمعت ابن نمير (88 د)
يقول: أبو السوداء عمرو بن عمران.
حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول: عثمان بن سعد (1) شيخ ليس بذاك كان بصريا.
حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول: صالح بن مسلم (2) عجل ثقة.
حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول (3) : أبو لينة النضر بن مطرق (4) يحدث عن الضحاك.
حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول: روى ابن ابي نجيح عن الزبيربن موسى، هذا شيخ مكي روى عنه الكبار القدماء ليس بقديم الموت.
حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول: عثمان أبو اليقظان ليس بقوي.
حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول: يعلي بن النعمان شيخ قديم روى عنه العلاء بن المسيب، هذا من قدماء شيوخ سفيان.
حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول: روى وكيع عن القاسم الجعفي شيخ ليس بمعروف.
حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول: محمد بن مهزم الشعاب هو شيخ [قديم - 5] (165 م) بصري.
حدثنا عبد الرحمن [نا علي نا - 6] سمعت ابن نمير يقول: روى سفيان عن أبي غياث هو طلق بن معاوية جد حفص بن غياث.
حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول: عبد الرحمن
ابن حضير (1) شيخ بصري.
حدثنا عبد الرحمن نا علي قال سمعت ابن نمير يقول: الحسن بن ثابت الاحوال ثقة وأثنى عليه.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت ابن نمير يضعفه - يعني يحيى ابن يمان ويقول: كأن حديثه خيال.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول سألت ابن نمير عن يونس بن بكير قلت (2) : هذا الذي يقال فيه؟ [قال - 3] :
ما لشئمن
هذا أصل، إنما روى حديث أسماء بنت يزيد [بن سكن - 4] وحديث ابن عباس في الرؤية وكان حدثان ما روى هذه الأحاديث.

باب في كلام محمد بن عبد الله بن نمير في علل الحديث حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسين بن الجنيد قال سمعت محمد بن عبد الله بن نمير يقول: [حديث - 3] وكيع عن سفيان عن يحيى بن سعيد عن عباية بن رفاعة عن رافع بن خديج: أن جبريل عليه السلام قال للنبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر، والناس يروون عن يحيى بن سعيد عن معاذ بن رفاعة، ليس فيه رافع - خالف وكيع الناس فيه.
حدثنا عبد الرحمن نا أَبِي قَالَ سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ عَنْ حَدِيثٍ كَتَبْتُهُ عَنْ ثَابِتِ بْنِ مُوسَى عَنْ شَرِيكٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ صَلَّى بِاللَّيْلِ حَسُنَ وَجْهُهُ بِالنَّهَارِ، قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ.
[قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - 3] قُلْتُ لأَبِي مَا تَقُولُ أَنْتَ فيه؟ قال: هو حديث موضوع.
باب ما ذكر من كلام محمد بن عبد الله بن نمير في كنى ناقلة الآثار وأسمائهم ومواطنهم من البلدان حدثنا عبد الرحمن نا أبي قال سمعت ابن نمير يقول: كنية زياد ابن الحصين أبو جهمة - قلت (166 م) لابن نمير من أين هو؟ قال: بصري كان يقدم (1) عليهم الكوفة.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي قال سألت ابن نمير عن أبي اليقظان فضعفه وقال: اسمه عثمان بن عمير.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي قال سألت ابن نمير عن عثمان بن أبي زرعة الأخنسي (2) فقال: هو ابن المغيرة وهو عثمان الأعشى (3) .
حدثنا عبد الرحمن نا أبي قال سمعت ابن نمير يقول: أمة امرأة الزبير هي أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص وهي أم خالد بن الزبير.

ياسين بن شيبان العجلي

ياسين بْن شيبان العجلي كوفي.
سمعتُ ابن حماد يقول: قال البُخارِيّ ياسين العجلي عن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمد بْن الحنفية فيه نظر.
حَدَّثَنَا ابن أبي بكر، حَدَّثَنا عَبَّاس سَمِعت يَحْيى يَقُول ياسين العجلي لَيْسَ به بأس.
حَدَّثَنَا أَحْمَد بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ بِقَيْسَارِيَّةَ، أَخْبَرنا مُحَمد بْنُ حَمَّادٍ الطهراني، أَخْبَرنا أبو نعيم، حَدَّثَنا ياسين العجلي عن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمد بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وسَلَّم قَال: الْمَهْدِيُّ منا أهل البيت يصلح الله في ليلة
، حَدَّثَنا عَبد اللَّهِ بْنُ أَبِي سفيان، حَدَّثَنا زكريا بن الحكم، حَدَّثَنا أبو نعيم، حَدَّثَنا ياسين وكان يجالسنا عِنْدَ الثَّوْريّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمد بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ قَال رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ الْمَهْدِيُّ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ يُصْلِحُهُ اللَّهُ في ليلة.
حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنا أَبُو دَاوُدَ عُمَر بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَاسِينَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمد، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ قَال رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ الْمَهْدِيُّ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ يُصْلِحُهُ اللَّهُ فِي لَيْلَةٍ.
حَدَّثَنَا أَحْمَدَ بْنَ مُحَمد بْنِ سَعِيد أَخْبَرَنِي يَحْيى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قِرَاءَةً، حَدَّثَنا جعفر عن علي، حَدَّثَنا ابْنُ يَمَانٍ عَنْ يَاسِينَ بْنِ شَيْبَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمد بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ قَال رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ الْمَهْدِيُّ مِنِّي يُصْلِحُهُ اللَّهُ فِي لَيْلَةٍ.
قَالَ ابْن يمان سَمِعت سُفْيَان يسأل ياسين عن هذا الحديث.
وياسين العجلي هذا يعرف بهذا الحديث المهدي ورواه أَبُو دَاوُد الجفري، وأَبُو نعيم والثوري على ما ذكرناه، وَهو يعرف به
المجلد التاسع
مَن اسْمُه يَحْيى.
ياسين بن شيبان العجلى روى عن إبراهيم بن محمد بن على ابن الحنفية روى عنه وكيع والقاسم بن مالك المزني وعبد الله بن نمير وأبو نعيم سمعت أبي يقول ذلك.
نا عبد الرحمن قال قرئ على العباس ابن محمد الدوري قال سمعت يحيى بن معين يقول: ياسين العجلى ليس به بأس.
نا عبد الرحمن قال سئل أبو زرعة عن ياسين العجلى فقال: لا بأس به.

دعبل بن علي بن رزين بن عثمان

دعبل بن علي بن رزين بن عثمان
أبو علي الخزاعي الشاعر المشهور. وفي نسبه اختلاف، له شعر رائق. يقال: أصله من الكوفة، ويقال: من قرقيسياء، وأكثر مقامه ببغداد، وسافر إلى غيرها، وقدم دمشق ومصر.
ويقال إن اسمه محمد وكنيته أبو جعفر، ودعبل لقب؛ ويقال: الدعبل، البعير المسن، ويقال: الشيء القديم.
حدث عن مالك بن أنس وسفيان الثوري وغيرهم.
روى عن مالك بن أنس عن أبي الزبير عن جابر قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " نعم الإدام الخل ".
وحدث عنه بسنده عن أبي هريرة قال: لم يزل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتختم في يمينه حتى قبضه الله عز وجل إليه.
وحدث عن شعبة بن الحجاج بسنده عن البراء بن عازب عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قول الله عز وجل: " يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة " قال: في القبر إذا سئل المؤمن.
قال أحمد بن أبي داود: خرج دعبل بن علي إلى خراسان، فنادم عبد الله بن طاهر، فأعجب به، فكان في كل يوم ينادمه فيه، يأمر له بعشرة آلاف درهم، وكان ينادمه في الشهر خمسة عشر يوماً، وابن طاهر يصله في كل شهر بمئة ألف وخمسين ألف درهم. فلما كثرت صلاته له توارى عنه دعبل يوم منادمته في بعض الخانات، وطلبه فلم يقدر عليه، فشق ذلك عليه. فلما كان من الغد كتب:
هجرتك لم أهجرك من كفر نعمة ... وهل ترتجى فيك الزيادة بالكفر
ولكنني لما أتيتك زائراً ... فأفرطت في بري عجزت عن الشكر
فملآن لا آتيك إلا معذراً ... أزورك في الشهرين يوماً وفي الشهر
فإن زدت في بري تزيدت جفوةً ... ولم نلتقي حتى القيامة والحشر
وقد حدثني أمير المؤمنين المأمون عن أمير المؤمنين الرشيد عن المهدي عن المنصور عن أبيه عن جده عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من لا يشكر الناس لا يشكر الله عز وجل، ومن لا يشكر القليل لا يشكر الكثير. فوصله بثلاث مئة ألف درهم ".
قدم دعبل مصر هارباً من المعتصم لهجو هجاه به، وخرج منها إلى المغرب إلى الأغلب. وكان خبيث اللسان، قبيح الهجاء. وروي عنه أحاديث مسندة عن مالك بن أنس وعن غيره، وكلها باطلة من وضع ابن أخيه إسماعيل بن علي. وقيل: كان اسمه الحسن، وقيل عبد الرحمن، وكان أطروشاً، وكان في قفاه سلعة.
استنشد المأمون يوماً عبد الله بن طاهر بن الحسين من شعر دعبل بن علي قوله:
سقياً ورعياً لأيام الصبابات ... أيام أرفل في أثواب لذاتي
أيام غصني رطيب من لدونته ... أصبو إلى غير كناتي وجاراتي
دع عنك ذكر زمان فات مطلبه ... واقذف برجلك عن متن الجهالات
واقصد بكل مديح أنت قائله ... نحو الهداة بني بيت الكرامات
فلما أتى على القصيدة قال المأمون: لله دره، ما أغوصه وأنصفه وأوصفه! ثم قال: إنه وجد والله مقالاً فقال، ونال من بعيد ذكرهم ما من غيرهم لا ينال.
قال أبو طالب الدعبلي: أنشدنا علي بن الجهم وليست له وجعل يعيدها ويستحسنها:
لما رأت شيباً يلوح بمفرقي ... صدت صدود مفارق متجمل
فظللت أطلب وصلها بتذلل ... والشيب يغمزها بأن لا تفعلي
قال أبو طالب: ومن أحسن ما قيل في هذا قول جدي دعبل بن علي:
أين الشباب وأيةً سلكا ... لا أين يطلب ضل بل هلكا
لا تعجبي يا سلم من رجل ... ضحك المشيب برأسه فبكى
لا تأخذي بظلامتي أحداً ... طرفي وقلبي في دمي اشتركا
قال أبو هفان: أنشدني دعبل لنفسه:
وداعك مثل وداع الحياة ... وفقدك مثل افتقاد الديم
عليك السلام فكم من وفاء ... أفارق منك وكم من كرم
فقلت له: أحسنت، غير أنك سرقت البيت الأول من الربعيين. النصف الأول من القطامي:
ما للكواعب ودعن الحياة وإن ... ودعتني واتخذن الشيب ميعادي
والنصف الثاني من ابن بجرة حيث يقول:
عليك سلام الله وقفاً فإنني ... أرى الموت وقاعاً بكل شريف
فقال لي: بل الطائي سرق هذا البيت بأسره من ابن بجرة في قصيدته المعروفة بالمسروقة، رثى بها محمد بن حميد الطوسي، وأولها:
كذا فليجل الخطب أو يفدح الأمر ... وليس لعين لم يفض ماؤها عذر
إلى قوله:
عليك سلام الله وقفاً فإنني ... رأيت الكريم الحر ليس له عمر
قال دعبل: بينا أنا جالس على باب داري بالكرخ إذ مرت بي غصن جارية ابن الأحدب، وكانت شاعرة مغنية، يبلغني خبرها ولم أكن شاهدتها، فرأيت وجهاً جميلاً وقداً حسناً، وقواماً وشكلاً، وهي تخطر في مشيتها وتنظر في أعطافها فقلت لها:
دموع عيني بها انبساط ... ونوم عيني به انقباض
فقالت مسرعةً:
ذاك قليل لمن دهته ... بلحظها الأعين المراض
فقلت:
فهل لمولاي عطف قلب ... أم للذي في الحشا انقراض
فقالت:
إن كنت تهوى الوداد منا ... فالود في ديننا قراض
فما دخل في أذني كلام أحلى من كلامها، ولا رأت عيني أنضر وجهاً منهال. فعدلت بها عن ذلك الروي فقلت:
أترى الزمان يسرنا بتلاق ... ويضم مشتاقاً إلى مشتاق
فقالت:
ما للزمان يقال فيه فإنما ... أنت الزمان فسرنا بتلاق
قال دعبل لإبراهيم بن العباس: أريد أن أصحبك إلى خراسان، فقال له إبراهيم: حبذا أنت صاحباً مصحوباً إن كنا على شريطة بشار، قال: وما شريطة بشار؟ قال: قوله:
أخ خير من آخيت أحمل ثقله ... ويحمل عني حين يفدحني ثقلي
أخ إن نبا دهر به كنت دونه ... وإن كان كون كان لي ثقة مثلي
أخ ماله لي لست أرهب بخله ... ومالي له لا يرهب الدهر من بخلي
قال: ذلك لك، ومزية. فاصطحبا.
أنشد أبو العباس المبرد لدعبل:
أخ لك عاداه الزمان فأصبحت ... مذممة فيما لديه العواقب
متى ما تحذره التجارب صاحباً ... من الناس تردده إليك التجارب
كان علي بن القاسم الخوافي مدح أبا عمرو احمد بن نصر، وتردد إليه بعد أن مدحه، ولم يخرج الجواب كما أحبه، فكتب إليه رقعةً يقول فيها: قال علي بن الجهم في مثل ما نحن فيه:
يا من يوقع لا في قصتي أبداً ... ماذا يضرك لو وقعت لي نعماء
وقع نعم ثم لا تنوي الوفاء بها ... إن كنت من قوله باللفظ محتشما
أو لا قوقع عسى كيما تعللني ... فإن قولك لا يبكي العيون دما
وكتب في رقعته: ومن أحسن ما يذكر لعبد الله بن طاهر:
افعل الخير ما استطعت وإن كا ... ن قليلاً فلن تحيط بكله
ومتى تفعل الكثير من الخير إذا كنت تاركاً لأقله؟
وكتب في رقعته: إن دعبل بن علي كتب إلى عبد الله بن طاهر:
ماذا أقول إذا انصرفت وقيل لي: ... ماذا أخذت من الجواد المفضل؟
إن قلت أعطاني كذبت وإن أقل ... ضن الجواد بما له لم يجمل
فاحتل لنفسك كيف شئت فإنني ... لا بد مخبرهم وإن لم أسأل
وفد دعبل إلى عبد الله بن طاهر، فلما وصل إليه قام تلقاء وجهه وأنشد:
أتيت مستشفعاً بلا سبب ... إليك إلا بحرمة الأدب
فاقض ذمامي فإنني رجل ... غير ملح عليك في الطلب
فدخل عبد الله ووجه إليه بستين ألف درهم، ورقعة فيها مكتوب:
أعجلتنا فأتاك أول برنا ... قلاً ولو أخرته لم يقلل
فخذ القليل وكن كمن لم يقبل ... ونكون نحن كأننا لم نفعل
ومن شعر دعبل:
هدايا الناس بعضهم لبعض ... تولد في قلوبهم الوصالا
وتزرع في الضمير هوىً ووداً ... وتكسوهم إذا حضروا جمالا
ومن شعر دعبل:
أهملته حين لم آملك مقادته ... ثم انقبضت بودي عنه وانقبضا
فقلت للنفس عديه منىً نزحت ... به النوى، أو من القرن الذي انقرضا
فما بكيت عليه حين فارقني ... ولا وجدت له بين الحشا مضضا
ومن شعره:
كيف احتيالي لبسط الضيف من حصر ... عند الطعام فقد ضاقت به حيلي
أخاف يزداد قولي: كل، فأحشمه ... والكف يحمله مني على البخل
حدث ضبي وهو أحمد بن عبد الله راوية العتابي وكان سميراً لعبد الله بن طاهر أن عبد الله بن طاهرن بينا هو معه ذات ليلة إذ تذاكرا الأدب وأهله، فذكرا دعبل بن علي، فقال عبد الله بن طاهر: يا ضبي، أريد أن أوعز إليك بشيء تستره علي أيام حياتي، فقلت: أنا عبدك وأنا في موضع تهمة؟! قال: لا، ولكن أطيب لنفسي أن توثق لي بالإيمان، فقلت: أصلحك الله، إن كنت عندك في هذه الحال فلا حاجة بك إلى إفشاء سرك إلي، واستعفيته، فلم يعفني، فقلت: يرى الأمير رأيه، فأكد اليمين علي بالبيعة والطلاق ثم قال: أشعرت أني أظن دعبلاً مدخول النسب وأمسك؟ فقلت: أفي هذا أخذت علي الأيمان؟ قال: إي والله، قلت: ولم؟ قال: لأني في نفسي حاجة، ودعبل رجل قد حمل جذعه على عنقه ولايجد من يصلبه عليه، فأتخوف إن بلغه أن يلقي علي من الخزي ما يبقى على الدهر، وقصاراي إن ظفرت به وأسلمته اليمن وما أراها تسلمه لأنه لسانها وشاعرها والذاب عنها، والمحامي دونها أن أضربه مئة سوط، وأثقله حديداً وأصيره في مطبق باب الشام، وليس في ذلك عوضاً مما سار من الهجاء في وفي عقبي من بعدي، قلت: أتراه يفعل ذلك ويقدم عليك؟ قال: يا عاجز، أهون ما لم يكن عليه، أتراه أقدم على سيدي هارون ومولاي المأمون وعلى أبي، ولم يكن يقدم علي؟! قلت: إذا كان الأمر على ما وصفت فقد وفق الأمير فيما أخذ علي قال: وكان دعبل لي صديقاً فقلت: هذا قد عرفته، ولكن من أين قلت إنه مدخول النسب؟ فوالله لعلمته في البيت الرفيع من خزاعة، وما أعلم فيها بيتاً أكرم من بيته إلا بيت أهبان مكلم الذئب وهم بنو عمه دنيةً، قال: ويحك! كان دعبل غلاماً خاملاً أيام ترعرع، لا يؤبه له، وكان خله لا يدرك بقله، وكان بينه وبين مسلم بن الوليد إزار لا يملكان غيره شيئاً، فإذا أراد دعبل الخروج جلس مسلم بن الوليد في البيت عارياً، وإذا أراد الخروج فعل دعبل مثل ذلك؛ وكانا إذا
اجتمعا لدعوة يتلاصقان بطرح هذا شيئاً منه عليه، والآخر الباقي. وكانا يعبثان بالشعر إلى أن قال دعبل:
أين الشباب وأيةً سلكا ... لا، أين يطلب ضل بل هلكا
لا تعجبي يا سلم من رجل ... ضحك المشيب برأسه فبكى
قصر الغواية عن هوى قمر ... وجد السبيل إليه مشتركا
وعداً بأخرى عز مطلبها ... صباً يطامن دونها الحسكا
يا ليت شعري كيف نومكما ... يا صاحبي إذا دمي سفكا
لاتأخذا بظلامتي أحداً ... قلبي وطرفي في دمي اشتركا
إلى آخرها. فغني به هارون الرشيد، فاستحسنه واستجاد قوله: ضحك المشيب برأسه فبكى
فقال للمغني: لمن هذا الشعر؟ قال: لبعض أحداث خزاعة ممن لا يؤبه له. قال: من هو؟ قال: دعبل بن علي، قال: يا غلام، أحضرني عشرة آلاف درهم وحلةً من حللي ومركباً من مراكبي خاصة، فأحضر ذلك، فقال: ادع لي فلاناً، فقال: اذهب بهذا إلى دعبل، وأجاز المغني بجائزة عظيمة؛ وتقدم إلى الرجل الذي بعثه إلى دعبل أن يعرض عليه المصير إلى هارون، فإن صار وإلا أعفاه، فأتاه الرسول وأشار عليه بالمصيرإليه، فانطلق دعبل معه، فلما مثل بين يديه سلم، فرد عليه هارون السلام ورحب به وقربه حتى سكن روعه، واستنشده الشعر فأنشده، وأعجب به وأقام عنده يمتدحه. وأجرى عليه الرشيد أجزل جراية وأسناها، وكان الرشيد أول من ضراه على قول الشعر؛ فما كان إلا بعد ما غيب الرشيد في حفرته إذ أنشأ يمتدح آل سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويهجو آل الرشيد، فمن ذلك قوله:
وليس حي من الأحياء نعرفه ... من ذي يمان ولا بكر ولا مضر
إلا وهم شركاء في دمائهم ... كما تشارك أيسار على جزر
قتل وأسر وتحريق ومنهبة ... فعل الغزاة بأهل الروم والخزر
أرى أمية معذورين إن قتلوا ... ولا أرى لبني العباس من عذر
أبناء حرب ومروان وأسرتهم ... بنو معيط ولاة الحقد والوغر
قوم قتلتم على الإسلام أولهم ... حتى إذا استمكنوا جازوا على الكفر
أربع بطوس على القبر الزكي به ... إن كنت تربع من دين على وطر
قبران في طوس: خير الناس كلهم ... وقبر شرهم، هذا من العبر
ماينفع النجس من قرب الزكي ولا ... على الزكي بقرب النجس من ضرر
هيهات كل امرئ رهن بما كسبت ... يداه حقا فخذ ما شئت أو فذر
القبران اللذان بطوس: قبر هارون والآخر قبر الرضا علي بن موسى.
فوالله ما كافأه، هذه واحدة ياضبي وأما الثانية فإنه لما استخلف المأمون جعل يطلب دعبلاً إلى أن كان من أمره مع إبراهيم بن شكلة، وخروجه مع أهل العراق يطلب الخلافة، فأرسل إليه دعبل يقول من أبيات:
أنى يكون وليس ذاك بكائن ... يرث الخلافة فاسق عن فاسق
نفر ابن شكلة بالعراق وأهلها ... فهفا إليه كل أطلس مائق
إن كان إبراهيم مضطلعا بها ... فلتصلحن من بعده لمخارق
فضحك المأمون وقال: قد غفرنا لدعبل كل ماهجانا به بهذا البيت؛ وكتب إلى أبي
طاهر أن يطلب دعبلاً حيث كان ويؤمنه، فكتب إليه وحمله وأجازه، وأشار إليه بالمصير إلى المأمون، فتحمل دعبل إلى المأمون.
وثبت المأمون في الخلافة، وضرب الدنانير باسمه؛ وأقبل يجمع الآثار في فضائل آل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتناهى إليه قول دعبل:
مدارس آيات خلت من تلاوة ... ومنزل وحي مقفر العرصات
لآل رسول الله بالخيف من منى ... وبالركن والتعريف والجمرات
فما زالت تتردد في صدر المأمون حتى قدم عليه دعبل، فقال: أنشدني ولابأس عليك ولك الأمان من كل شيء فيها، فإني أعرفها وقد رويتها، إلا أني أحب أن أسمعها من فيك، فأنشده حتى صار إلى هذا الموضع:
ألم تراني مذ ثلاثين حجةً ... أروح وأغدو دائم الحسرات
أرى فيئهم في غيرهم متقسماً ... وأيديهم من فيئهم صفرات
وآل رسول الله نحف جسومها ... وآل زياد غلظ القصرات
بنات زياد في القصور مصونةً ... وبنت رسول الله في الفلوات
إذا وتروا مدوا إلى واتريهم ... أكفاً عن الأوتار منقبضات
فلولا الذي أرجوه في اليوم أو غد ... تقطع قلبي إثرهم حسرات
قال: فبكى المأمون حتى اخضلت لحيته، وجرت دموعه على نحره، وكان دعبل أول داخل إليه وخارج من عنده. فلم نشعر إلا وقد عتب على المأمون وأرسل إليه بشعر يقول فيه:
ويسومني المأمون خطة ظالم ... أو ما رأى بالأمس رأس محمد؟
يوفي على هام الخلائق مثلما ... توفي الجبال على رؤوس القردد
لا تحسبن جهلي كحلم أبي فما ... حلم المشايخ مثل جهل الأمرد
إني من القوم الذين سيوفهم ... قتلت أخاك وشرفتك بمقعد
شادوا بذكرك بعد طول خموله ... واستنقذوك من الحضيض الأبعد
فلما سمع هذا المأمون قال: كذب علي، متى كنت خاملاً؟! وإني لخليفة وابن خليفة وأخو خليفة، ومتى كنت خاملاً فيرفعني دعبل؟! فوالله ما كافأه ولا كافأ أبي ما أسدى إليه. وذلك أنه لما توفي أنشأ يقول:
وأبقى طاهر فينا خلالاً ... عجائب تستخف بها الحلوم
ثلاثة إخوة لأب وأم ... تمايز عن ثلاثتهم أروم
فبعضهم يقول قريش قومي ... وتدفعه الموالي والصميم
وبعض في خزاعة منتماه ... ولاء غير مجهول قديم
وبعضهم يهش لآل كسرى ... ويزعم أنه علج لئيم
لقد كثرت مناسبهم علينا ... فكلهم على حال زنيم
فهذه الثالثة يا ضبي. وأما الرابعة: فإنه لما استخلف المعتصم دخل عليه دعبل ذات يوم، فأنشده قصيدة، فقال: أحسنت يا دعبل، فاسألني ما أحببت، قال: مئة بدرة، قال: نعم، على أن تمهلني مئة سنة ويضمن لي أجل معها؛ قال: قد أمهلتك ما شئت. وخرج مغضباً، فلقي خصياً قد كان عوده أن يدخل مدائحه إلى أمير المؤمنين ويجعل له سهماً من الجائزة، فقال: ويحك! إني كنت عند أمير المؤمنين وأغفلت حاجةً لي أن أذكرها له، فأذكرها في أبيات وتدخلها له؟ قال: نعم، ولي نصف الجائزة؟ فماكسه ساعةً ثم أجابه فأخذ رقعةً فكتب فيها:
بغداد دار الملوك كانت ... حتى دهاها الذي دهاها
ما غاب عنها سرور ملك ... أعاره بلدةً سواها
ما سر من را بسر من را ... بل هي بؤس لمن يراها
عجل ربي لها خراباً ... برغم أنف الذي ابتناها
وختمها ودفعها إلى الخصي، فأدخلها إلى المعتصم. فلما رآها قال: من صاحب هذه الرقعة؟ قال: دعبل، وقد جعل لي نصف الجائزة؛ فطلب، فكأن الأرض انطوت عليه ولم يعرف له خبر، فقال المعتصم: أخرجوا الخصي فأجيزوه بألف سوط، فإنه زعم أن له نصف الجائزة، وقد أردنا أن نجيز دعبلاً بألفي سوط. قال: ثم لم يلبث أن كتب إليه من قم بهذه الأبيات:
ملوك بني العباس في الكتب سبعة ... ولم تأتنا في ثامن منهم الكتب
كذلك أهل الكهف في الكهف سبعة ... غداة ثووا فيه وثامنهم كلب
وإني لأزهي كلبهم عنك رغبةً ... لأنك ذو ذنب وليس له ذنب
كأنك إذ ملكتنا لشقائنا ... عجوز عليها التاج والعقد والإتب
فقد ضاع أمر الناس حتى يسوسهم ... وصيف وأشناس وقد عظم الخطب
وإني لأرجو أن ترى من مغيبها ... مطالع شمس قد يغص بها الشرب
وهمك تركي عليه مهانةً ... فأنت له أم وأنت له أب
وأما الخامسة: فإن ابن أبي داود كان يعطيه الجزيل من ماله، ويقسم له على أهل عمله، فعتب عليه، فقال فيه:
أبا عبد الإله أصخ لقولي ... وبعض القول يصحبه السداد
نرى طسماً تعود بها الليالي ... إلى الدنيا كما رجعت إياد
قبائل جذ أصلهم فبادوا ... وأودى ذكرهم زمناً فعادوا
وكانوا غرزوا في الرمل بيضاً ... فأمسكه كما غرز الجراد
فلما أن سقوا درجوا ودبوا ... وزادوا حين جادهم العهاد
هم بيض الرماد يشق عنهم ... وبعض البيض يشبهه الرماد
غداً يأتيك إخوتهم جديس ... وجرهم قصراً وتعود عاد
فتعجز عنهم الأمصار ضيقاً ... وتمتلئ المنازل والبلاد
فلم أر مثلهم بادوا فعادوا ... ولم أر مثلهم قلوا فزادوا
توغل فيهم سفل وخوز ... وأوباش فهم لهم مداد
وأنباط السواد قد استحالوا ... بها عرباً فقد خرب السواد
فلو شاء الإمام أقام سوقاً ... فباعهم كما بيع السماد
وقال فيه وقد تزوج في بني عجل:
أيا للناس من خبر طريف ... تفرد ذكره في الخافقين:
أعجل أنكحوا ابن أبي داود ... ولم يتأملوا فيه اثنتين
أرادوا نقد عاجلة فباعوا ... رخيصاً عاجلاً نقداً بدين
بضاعة خاسر بارت عليه ... فباعك بالنواة التمرتين
ولو غلطوا بواحدة لقلنا ... يكون الوهم بين الغافلين
ولكن شفع واحدة بأخرى ... يدل على فساد المنصبين
لحى الله المعاش بفرج أنثى ... ولو زوجتها من ذي رعين
ولما أن أفاد طريف مال ... وأصبح رافلاً في الحلتين
تكنى وانتمى لأبي داود ... وقد كان اسمه ابن الفاعلين
فردوه غلى فرج أبيه ... وزرياب فألأم والدين
وقال في الحسن بن وهب وكان على برد الآفاق:
ألا بلغا عني الإمام رسالةً ... رسالة تاء عن جنابيه شاحط
بأن ابن وهب حين يشحج شاحج ... يمر على القرطاس أقلام غالط
وهؤلاء أهل قم، كانوا يعطونه الكثير من أموالهم ويمنعون الخلفاء منه فكافأهم بأن قال فيهم:
تلاشى أهل قم فاضمحلوا ... تحل المخزيات بحيث حلوا
وكانوا شيدوا في الفقر مجداً ... فلما جاءت الأموال ملوا
قال: وهذا علي بن عيسى الأشعري قد دل بعض شعره على أنه أخذ منه ألوفاً وذلك في قوله له:
فلا تفسدن خمسين ألفاً وهبتها ... وعشرة أحوال وحق تناسب
وشكراً تهاداه الرجال تهادياً ... إلى كل مصر بين جاء وذاهب
بلا زلة كانت وإن تك زلة ... فإن عليك العفو ضربة لازب
فما كان بين هذا القول وبين أن هجاه إلا أياماً قلائل حتى قال فيه:
كنت من أرفض خلق الله إذ كنت صبياً
وتواليت أبا بك ... ر وأرجأت الوليا
وتجنبت علياً ... إذ تسميت عليا
قال: وهذه خزاعة هجاهم، وهي قبيلته، فقال فيهم:
أخزاع غيركم الكرام فأقصروا ... وضعوا أكفكم على الأفواه
الراتقين ولات حين مراتق ... والفاتقين شرائع الأستاه
فدعوا الفخار فلستم من أهله ... يوم الفخار ففخركم بشياه
قال: وهذا المطلب بن عبد الله الخزاعي كان يعطيه الجزيل، فقال يمدحه:
إن كاثرونا جئنا بأسرته ... أو واحدونا جئنا بمطلب
أبعد مصر وبعد مطلب ... نرجو الغنى، إن ذامن العجب
وقال فيه يهجوه:
شعارك في الحرب يوم الوغى ... بفرسانك الأول الأول
فأنت إذا اقتتلوا آخر ... وأنت إذا أدبروا أول
فمنك الرؤوس غداة اللقا ... وممن يحاربك المقصل
فذلك دأبكما أويموت ... من القوم بينكما الأعجل
قال: وهذا الحسن بن رجاء، وابنا هشام، ودينار بن عبد الله بن يحيى بن أكثم،
وكانوا ينزلون المخرم ببغداد، فقال يهجوهم كلهم:
ألا فاشتروا مني ملوك المخرم ... أبع حسناً وابني هشام بدرهم
وأعط رجاءً بعد ذاك زيادةً ... وأغلط بدينار بغير تندم
فإن رد من عيب علي جميعهم ... فليس يرد العيب يحيى بن أكثم
وقال في يحيى بن أكثم يهجوه:
رفع الكلب فاتضع ... ليس في الكلب مصطنع
بلغ الغاية التي ... دونها كل مرتفع
إنما قصر كل شي ... ء إذا طار أن يقع
قل ليحيى بن أكثم ... إن ما خفت قد وقع
لعن الله نخوةً ... كان من بعدها ضرع
قال: وهؤلاء بنو أهبان مكلم الذئب، وهم بنو عمه دنيةً قال فيهم:
تهتم علينا بأن الذئب كلمكم ... فقد لعمري أبوكم كلم الذيبا
فكيف لو كلم الليث الهصور إذاً ... جعلتم الناس مأكولاً ومشروبا
هذا السنيدي لا يسوى إتاوته ... يكلم الفيل تصعيداً وتصويبا
فاذهب إليك فإني لا أرى أبداً ... بباب دارك طلاباً ومطلوبا
قال: وهذا الهيثم بن عثمان الغنوي دل شعره على أنه كان محسناً إليه إذ يقول فيه:
يا هيثماً يابن عثمان الذي افتخرت ... به المكارم والأيام تفتخر
أضحت ربيعة والأحياء من يمن ... تيهاً بنجدته لا وحدها مضر
وقال فيه يهجوه:
سألت أبي وكان أبي عليماً ... بساكنة الجزيرة والسواد
فقلت: أهيثم من حي قيس ... فقال: نعم كأحمد من دواد
فإن يك هيثم من حي قيس ... فأحمد غير شك من إياد
وقال في أخيه رزين بن علي الخزاعي يهجوه:
مهدت له ودي صغيراً ونصرتي ... وقاسمته مالي وبوأته حجري
وقد كان يكفيه من العيش كله ... رجاء ويأس يرجعان إلى فقري
وفيه عيوب ليس يحصى عدادها ... فأصغرها عيباً يجل عن الفكر
ولو أنني أبديت للناس بعضها ... لأصبح من بصق الأحبة في بحر
فدونك عرضي فاهج حياً فإن أمت ... فأقسم إلا ما خريت على قبري
وقال في امرأته يهجوها:
يا ركبتي خزز وساق نعامة ... وزبيل كناس ورأس بعير
يا من أشبهها بحمى نافض ... قطاعة للظهر ذات زئير
صدغاك قد شمطا ونحرك يابس ... والصدر منك كجؤجؤ الطنبور
يا من معانقها يبيت كأنه ... في محبس قمل وفي ساجور
قبلتها فوجدت طعم لثاتها ... فوق اللثام كلسعة الزنبور
وله في امرأته هجاء قبيح، وله في جاريته غزال يهجوها:
رأيت غزالاً وقد أقبلت ... فأبدت لعيني عن مبصقه
قصيرة الخلق دحداحة ... تدحرج في المشي كالبندقه
كأن ذراعاً على كفها ... إذا حسرت ذنب الملعقة
تخطط حاجبها بالمداد ... وتربط في عجزها مرفقه
وأنف على وجهها ملصق ... قصير المناخر كالفستقه
وثديان ثدي كبلوطة ... وآخر كالقربة المفهقه
وصدر نحيف كثير العظام ... تقعقع من فوقه المخنقه
ثم قال عبد الله بن طاهر لضبي: فعلى من بقي هذا؟ فقال ضبي: ما أحسبه إلا كما قلت، فعجبت من حفظه لهذه الأشياء. قال: فلقيت دعبلاً فخفت أن أذكر له شيئاً فضحكت، فقال لي: ويلك! قد تحاماني الناس وأنا عندك موضع مطنزة وسخرية! قلت: لا، ولكني إنما ضحكت استبشاراً بالنظر إليك؛ قال: ثم لقيته من بعد فضحكت فقال لي: ويلك! أنت على ذاك الذي عهدت، فالتفت إلى غلامه نفنف فقال: خذ برجله
ابن كذا وكذا؛ قال: قلت: يا أبا علي، إن هجرتني وصلتك، وإن فصلتني وددتك، وإن جفوتني زرتك، ولا سبيل إلى إخبارك بهذا الذي أنا فيه. فلما توفي عبد الله بن طاهر لقيت دعبلاً يوماً بكرخ بغداد فضحكت، فقال: ليس لضحكك هذا آخر يا ابن الفاعلة؟! قال: فقلت له: امض بنا فقد فرج الله عني وعنك، فذهبت به إلى منزلي، فطعمنا وأخبرته الخبر على جهته، فقال: ويلي على ابن العوراء الفاعلة! والله لو أعلمتني قبل وفاته لأعلمتك كيف كانت تكون حاله؛ قال: قلت: هو أبصر منك وأعرف بك إذ أخذ علي في أمرك ما أخذ. ثم أمسك متعجباً.
قال دعبل: أدخلت على المعتصم فقال لي: يا عدو الله، أنت الذي تقول في بني العباس أنهم في الكتب سبعة؟ وأمر بضرب عنقي، وما كان في المجلس إلا من كان عدواً لي؛ وأشدهم علي ابن شكلة، فقام قائماً فقال: يا أمير المؤمنين، أنا الذي قلت هذا ونميته إلى دعبل؛ فقال له: وما أردت بهذا؟ قال: لما تعلم بيني وبينه من العداوة، فأردت أن أشيط بدمه. قال: فقال: أطلقوه. فلما كان بعد مدة قال لابن شكلة: سألتك بالله أنت الذي قلته؟ فقال: لا والله يا أمير المؤمنين، وما نظرة انظر أبغض إلي من دعبل. قال: فما الذي أردت بهذا؟ قال: علم أن ماله في المجلس عدو أعدى مني، فنظر إلي بعين العداوة، ونظرت إليه بعين الرحمة. قال: فجزاه خيراً.
قال إسحاق بن محمد بن أبان: كنت قاعداً مع دعبل بن علي بالبصرة، وعلى رأسه غلام اسمه نفنف، فمر به أعرابي يرفل في ثياب خز، فقال لغلامه: ادع هذا الأعرابي إلينا، فأومى إليه فجاء، فقال له دعبل: ممن الرجل؟ فقال: رجل من بني كلاب. قال: من أي بني كلاب؟ قال: من ولد أبي بكر، قال: أتعرف الذي يقول فيه:
ونبئت كلباً من كلاب يسبني ... ومحض كلاب يقطع الصلوات
فإن أنا لم أعلم كلاباً بأنها ... كلاب وأني باسل النقمات
فكان إذاً من قيس غيلان والدي ... وكانت إذاً أمي من الحبطات
يعني بني تميم، وهم أعدى الناس لليمن. وهذا الشعر لدعبل في عمرو بن عاصم الكلابي. فقال له الأعرابي: ممن أنت؟ فكره أن يقول له من خزاعة فيهجوه فقال: أنا أنتمي إلى القوم الذين يقول فيهم الشاعر:
أناس علي الخير منهم وجعفر ... وحمزة والسجاد ذو الثفنات
إذا افتخروا يوماً أتوا بمحمد ... وجبريل والقرآن والسورات
وهذا الشعر أيضاً له. قال: فوثب الأعرابي وهو يقول: محمد وجبريل والقرآن والسورات! ما إلى هؤلاء مرتقى!.
قال الأزرقي: بلغ دعبلاً أن أبا تمام هجاه لما قال قصيدته التي رد فيها على الكميت وهي:
أفيقي من ملامك يا ظعينا ... كفاك الشيب مر الأربعينا
فقال أبو تمام:
نقضنا للحطيئة ألف بيت ... كذاك الحي يغلب ألف ميت
كذلك دعبل يرجو سفاهاً ... وحمقاً أن ينال مدى الكميت
إذا ما الحي ناقض حثو رمس ... فذلكم ابن فاعلة بزيت
فقال دعبل:
يا عجباً من شاعر مفلق ... آباؤه في طيئ تنمي
أنبئته يشتم من جهله ... أمي وما أصبح من همي
فقلت لكن حبذا أمه ... طاهرة زاكيةً علمي
كذبت والله على أمه ... ككذبه أيضاً على أمي
ورويت هذه الأبيات لغير دعبل في أبي تمام.
قدم صديق لدعبل من الحج، فوعده أن يهدي له نعلاً فأبطأت عليه فكتب إليه:
وعدت النعل ثم صدفت عنها ... كأنك تبتغي شتماً وقذفا
فإن لم تهد لي نعلاً فكنها ... إذا أعجمت بعد النون حرفا
قال عون بن محمد: لما هجا دعبل المطلب بن عبد الله الخزاعي فقال:
اضرب ندى طلحة الطلحات متئداً ... ببخل مطلب فينا وكن حكما
تخرج خزاعة من لؤم ومن كرم ... فلا تعد لها لؤماً ولا كرما
فدعاه المطلب وقال: والله لأقتلنك لهجائك لي، فقال له: فأشبعني إذاً ولا تقتلني جائعاً، فقال: قبحك الله هذا أهجى من الأول. ثم وصله، فحلف أن يمدحه ما عاش فقال فيه:
سألت الندى لا عدمت الندى ... وقد كان منا زماناً عزب
فقلت له: طال عهد اللقا ... فهل غبت بالله أم لم تغب
فقال: بلى لم أزل غائباً ... ولكن قدمت مع المطلب
قال: وفي هذا الخبر ما دل على دهاء دعبل ولطف حيلته، وأنبأ عن ذكاء المطلب ودقة فطنته.
وقد روي مثل هذا عن معن بن زائدة وأتي بجماعة قد عاثوا في عمله، فأمر بقتلهم، فقال أحدهم: أعيذك بالله أن تقتلنا عطاشاً، فأمر بإحضار ماء يسقونهم، فلما شربوا قال: أيها الأمير لا تقتل أضيافك، فقال: أولى لك. وأمر بتخليتهم.
ولد دعبل بن علي سنة ثمان وأربعين ومئة، ومات سنة ست وأربعين ومئتين بالطيب. فعاش سبعاً وتسعين سنة وشهوراً. واسيمه عبد الرحمن، وإنما لقبته دايته لدعابة كانت فيه، فأرادت ذعبلاً، فقلبت الذال دالاً.
وقيل: إن المعتصم قتله في سنة عشرين ومئتين لهجائه له؛ وكان قد استجار بقبر الرشيد بطوس، فلم يجره. والصحيح ما تقدم.
وقيل قي سبب وفاته: إنه هجا مالك بن طوق التغلبي، فبعث إليه رجلاً ضمن له عشرة آلاف درهم، وأعطاه سماً؛ فلم يزل يطلبه حتى وجده قد نزل في قرية بنواحي السوس، فاغتاله في وقت من الأوقات بعد صلاة العتمة؛ فضرب ظهر قدمه بعكاز لها زج مسموم، فمات من غد، ودفن بتلك القرية، وقيل: بل حمل إلى السوس فدفن بها.

وكيع بن الجراح بن مليح

وكيع بن الجراح بن مليح
ابن عدي بن فرس بن جمحة. وفي نسبه اختلاف
أبو سفيان الرؤاسي الكوفي قدم دمشق.
حدث وكيع عن جعفر بن برقان بسنده إلى أبي هريرة عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لقد هممت أن آمر بالصلاة، ثم آمر فتيتي، فيجمعوا حزم الحطب، ثم أحرق على أقوام لا يشهدون الصلاة ".
وحدث وكيع عن سعد بن أوس بسنده إلى شكل قال: قلت: يا رسول الله، علمني دعاء أنتفع به، قال: قل: " اللهم إني أعوذ بك من شر سمعي وبصري وقلبي ومنيي ".
وكان وكيع تقةً مأموناً عالياً رفيعاً كثير الحديث، حجة.
ولد وكيع سنة تسع وعشرين، وقيل: سنة ثمان وعشرين ومئة.
قال وكيع: أتيت الأعمش، فقلت: حدثني، فقال لي: ما اسمك؟ فقلت: وكيع، قال: اسم نبيل ما أحسب إلا ستكون أديباً، أين تنزل من الكوفة؟ فقلت: في بني رؤاس، فقال: أين من منزل الجراح بن مليح؟ قلت: ذاك أبي، وكان على بيت المال، فقال: اذهب فجئني بعطائي وتعال حتى أحدثك بخمسة أحاديث.
فجئت أبي فأخبرته، فقال: خذ نصف العطاء، واذهب به، فإذا حدثك بالخمسة فخذ النصف الآخر، واذهب به حتى تكون عشرة.
قال: فأتيته بنصف عطائه فأخذه، فوضعه في كفه، ثم سكت، فقلت: حدثني، قال: اكتب، فأملى علي حديثين، قال: قلت: وعدتني خمسة، قال: فأين الدراهم كلها؟ أحسب أن أباك أمرك بهذا، ولم يعلم أن الأعمش مدرب، قد شهد الوقائع، اذهب فجئني بتمامها، وتعال أحدثك بخمسة أحاديث، فجئته فحدثني بخمسة، فكان إذا كان كل شهر جئته بعطائه، فحدثني بخمسة أحاديث.
قال عبد الرزاق: رأيت الثوري وابن عيينة ومعمراً ومالكاً، ورأيت ورأيت، فما رأت عيناي قط مثل وكيع.
ذكر أحمد بن حنبل يوماً وكيعاً فقال: ما رات عيناي مثله قط، يحفظ الحديث جيداً، ويذاكر بالفقه فيحسن مع ورع واجتهاد، ولا يتكلم في أحد.
قال علي بن خشرم: رأيت وكيعاً ما رأيت بيده كتاباً قط، إنما هو حفظ، فسألته عن أدوية للحفظ، فقال: إن علمتك الدواء استعملته؟ قلت: إي والله، قال: ترك المعاصي، ما جربت مثله للحفظ.
قال صالح بن أحمد بن حنبل: قلت لأبي أيهما أثبت عندك: وكيع أو يزيد؟ قال: ما منهما بحمد الله إلا ثبت، قلت: فأيهما أصلح عندك في الإيمان؟ فقال: ما منهما بحمد الله إلا مؤمن، ولكن وكيعاً لم يتلطخ بالسلطان، وما رأيت أحداً أوعى للعلم من وكيع، ولا أشبه بأهل النسك منه.
قال مروان: ما رأيت فيمن لقيت أخشع من وكيع، ما وصف لي أحد قط إلا رأيته دون الصفة إلا وكيع، فإني رأيته فوق ما وصف لي.
قدم رجل إلى شريك القاضي رجلاً، فادعى عليه مئة ألف دينار، فأقر به، فقال شريك: أما إنه لو أنكر لم أقبل عليه شهادة أحد بالكوفة إلا شهادة وكيع بن الجراح وعبد الله بن نمير.
قال يحيى بن أكثم القاضي: صبحت وكيعاً في الحضر والسفر، فكان يصوم الدهر، ويختم القرآن كل ليلة.
وحدث بعض من كان يلزمه قال: كان لا ينام حتى يقرأ جزأه في كل ليلة ثلث القرآن، ثم يقوم في آخر الليل فيقرأ المفصل، ثم يجلس فيأخذ في الاستغفار حتى يطلع الفجر، فيصلي الركعتين.
حدث رجل من أهل بيت وكيع قال: أورثت وكيعاً أمه مئة ألف، وما قاسم وكيع ميراثاً قط.
قال: وكان يؤتى بطعامه ولباسه، ولا يسأل عن شيء، ولا يطلب شيئاً، وكان لا يستعين بأحد، ولا على وضوء، كان إذا أراد ذلك قام هو.
قال عبد الرحمن بن سفيان بن وكيع بن الجراح: حدثني أبي قال: كان أبي يصوم الدهر، فكان يبكر فيجلس لأصحاب الحديث إلى ارتفاع النهار، ثم
ينصرف فيقيل إلى وقت صلاة الظهر، ثم يخرج فيصلي الظهر، فيقصد طريق المشرعة التي كان يصعد منها أصحاب الروايا فيريحون نواضحهم، فيعلمهم من القرآن ما إلى حدود العصر، ثم يرجع إلى مسجده، فيصلي العصر ويقرأ القرآن ويذكر الله إلى آخر النهار، ثم يدخل إلى منزله، وكان يفطر على نحو عشرة أرطال من الطعام، ثم يقدم إليه عشرة أرطال نبيذ، فيشرب منها ما طاب له على طعامه، ثم يجعلها بين يديه، ثم يقوم فيصلي ورده من الليل، فكلما صلى ركعتين أو أكثر من شفع أو وتر شرب منها حتى ينفذها، ثم ينام.
قال إسحاق بن البهلول: قدم علينا وكيع بن الجراح، فنزل في مسجد على الفرات، فكنت أصير إليه لاستماع الحديث منه، فطلب مني نبيذاً، فجئته بمخيشته ليلاً، فأقبلت أقرأ عليه الحديث وهو يشرب، فلما نفذ ما جئت به طفأ السراج، فقلت: ما هذا؟ فقال: لو زدتنا زدناك.
قال يحيى بن معين: سمعت رجلاً سأل وكيعاً فقال: يا أبا سفيان شربت البارحة نبيذاً، فرأيت فيما يرى النائم كأن رجلاً يقول لك: شربت خمراً. فقال وكيع: ذلك الشيطان.
قال نعيم بن حماد: تعشينا عند وكيع أو قال: تغذينا، فقال: أي شيء تريدون أجيئكم به، نبيذ الشيوخ أو نبيذ الفتيان؟ قال: قلت: تكلم بهذا، قال: هو عندي أحل من ماء الفرات.
قلت له: ماء الفرات لم يختلف فيه، وقد اختلف في هذا.
قدم وكيع مكة حاجاً، فرآه بن عياض، وكان وكيع سميناً. فقال الفضيل: ما هذا السمن وأنت راهب العراق؟ فقال له وكيع: هذا من فرحي بالإسلام. فأفحمه.
قال سلم بن جنادة: جالست وكيع بن الجراح سبع سنين، فما رأيته بزق، ولا رأيته مس حصاة بيده، ولا رأيته جلس مجلسه فتحرك، وما رأيته إلا مستقبل القبلة، وما رأيته يحلف بالله.
أغلظ رجل لوكيع بن الجراح، فدخل وكيع بيتاً، فعفر وجهه في التراب، ثم خرج إلى الرجل، فقال: زد وكيعاً بدينه، فلولاه ما سلطت عليه.
قال بعض المشايخ: سألت وكيعاً عن مقدمه هو وابن إدريس وحفص على الرشيد هارون، فقال لي: ما سألني عن هذا أحد قبلك: قدمنا، فأقعدنا بين السريرين، فكان أول من دعا به أنا، فقال: يا وكيع، إن أهل بلدك طلبوا مني قاضياً، وسموك لي فيمن سموا، وقد رأيت أن أشركك في أمانتي وصالح ما أدخل فيه من أمر هذه الأمة، فخذ عهدك وامض. فقلت: يا أمير المؤمنين، أنا شيخ كبير، وإحدى عيني ذاهبة، والأخرى ضعيفة. فقال هارون: اللهم غفراً، خذ عهدك أيها الرجل وامض. فقلت: يا أمير المؤمنين، إن كنت صادقاً إنه لينبغي أن تقبل مني، وإن كنت كاذباً فما ينبغي أن تولي القضاء كذاباً. فقال: اخرج، فخرجت.
ودخل ابن إدريس، وكان هارون قد وسم له من ابن إدريس وسم، يعني خشونة جانبه. فدخل فسمعنا صوت ركبتيه على الأرض حين برك، وما سمعناه يسلم إلا سلاماً خفياً، فقال له هارون: أتدري، لم دعوتك؟ قال: لا، قال: إن أهل بلدك طلبوا مني قاضياً وسموك لي فيمن سموا، وقد رأيت أن أشركك في أمانتي، وأدخلك في صالح ما أدخل فيه من أمر هذه الأمة، فخذ عهدك وامض. فقال له ابن إدريس: ليس أصلح للقضاء؛ فنكت هارون بأصبعه، وقال له: وددت أني لم أكن رأيتك. قال له
ابن إدريس: وأنا وددت أني لم أكن رأيتك، فخرج.
ثم دخل حفص بن غياث، فقال له كما قال لنا؛ فقبل عهده، وخرج.
فأتانا خادم معه ثلاثة أكياس، في كل كيس خمسة آلاف دينار، فقال: أمير المؤمنين يقرئكم السلام، ويقول لكم: قد لزمتكم في شخوصكم مؤنة، فاستعينوا بهذه في سفركم.
فقال وكيع: أقر أمير المؤمنين السلام، وقل له: قد وقعت مني بحيث يحب أمير المؤمنين، وأنا عنهما مستغن، وفي رعية أمير المؤمنين من هو أحوج إليها مني، فإن رأى أمير المؤمنين أن يصرفها إلى من أحب.
وأما ابن إدريس فصاح به: مر من ها هنا. وقبلها حفص.
وخرجت الرقعة إلى ابن إدريس من بيننا: عافانا الله وإياك، سألناك أن تدخل في أعمالنا، فلم تفعل، ووصلناك من أموالنا، فلم تقبل، فإذا جاءك ابني المأمون فحدثه - إن شاء الله -.
فقال للرسول: إذا جاءنا مع الجماعة حدثناه - إن شاء الله -.
ثم مضينا، فلما صرنا إلى الياسرية حضرت الصلاة، فنزلنا نتوضأ للصلاة.
قال وكيع: فنظرت إلى شرطي محموم قائم في الشمس، عليه سوادة، فطرحت كسائي عليه، وقلت: تدفأ إلى أن أتوضأ.
فجاء ابن إدريس فاستلبه، ثم قال لي: رحمته!؟ لا رحمك الله في الدنيا، أحد يرحم مثل ذا؟! ثم التفت إلى حفص، فقال له: يا حفص، قد علمت حين دخلت إلى سوق
أسد، فخضبت لحيتك، ودخلت الحمام أنك ستلي القضاء، لا والله، لا كلمتك حتى تموت! قال: فما كلمه حتى مات.
جاء رجل إلى وكيع بن الجراح فقال له: إني أمت إليك بحرمة، قال: وما حرمتك؟ قال: كنت تكتب من محبرتي في مجلس الأعمش.
قال: فوثب وكيع، فدخل منزله؛ فأخرج له صرة فيها دنانير، وقال: اعذرني فإني ما أملك غيرها.
وكان وكيع لا يغضب بواحدة، فإذا غضب سكن غضبه بالتؤدة والوقار.
وكان وكيع إذا أتى مسجد الجامع يوم الجمعة في يوم مطير كان يخرج ونعلاه في يده، يخوض في الطين، ثم يدخل فيصلي.
فقيل له: كان يغسل قدميه؟ قال: لا.
وكان لا يصحبه أحد إلى المسجد، فإن سأله أحد في الطريق كان لا يزيد على أن يقول: في الطريق؟! في الطريق؟! على التؤدة.
قال وكيع: لو علمت أن الصلاة أفضل من الحديث ما حدثتكم.
قيل لابن معين: قوم يقدمون عبد الرحمن بن مهدي على وكيع، فقال ابن معين: من قدم عبد الرحمن على وكيع فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.
قال يعقوب بن سفيان: كان غير هذا أشبه بكلام أهل العلم، ومن يحاسب نفسه، وعلم أن كلامه من عمله لم يقل مثل هذا، وكيع خير فاضل حافظ.
وسئل أحمد بن حنبل: إذا اختلف وكيع وعبد الرحمن بن مهدي بقول من نأخذ؟ فقال: عبد الرحمن يوافق أكثر، وخاصة في سفيان، - وكان معنياً بحديث سفيان -، وعبد الرحمن يسلم عليه السلف، ويجتنب شرب المسكر، وكان لا يرى أن يزرع في أرض الفرات.
قال علي بن عثمان بن نفيل: قلت لأحمد بن حنبل: إن فلاناً كان يقع في وكيع وعيسى بن يونس وابن المبارك. فقال: من كذب أهل الصدق فهو الكذاب.
قال يحيى بن معين: رأيت عند مروان بن معاوية لوحاً فيه أسماء شيوخ: فلان رافضي، وفلان كذا، وفلان كذا، ووكيع رافضي.
قال يحيى: فقلت له: وكيع خير منك، قال: مني؟ قلت: نعم، قال: فما قال لي شيئاً، ولو قال لي شيئاً لوثب أصحاب الحديث عليه.
قال: فبلغ ذلك وكيعاً، فقال: يحيى صاحبنا، قال: فكان بعد ذلك يعرف لي ويوجب.
وكان عبد الرحمن بن مهدي لا يتحدث في مجلسه، ولا يقوم أحد من مجلسه، ولا يبرى فيه قلم، ولا يبتسم أحد، فإن تحدث أو برى صاح ونهى عنه، وكذا كان يكون ابن نمير، وكان يغضب ويصيح، وإذا رأى من يبري قلماً تغير وجهه غضباً.
وكان وكيع يكونون في مجلسه كأنهم في صلاة، فإن أنكر من أمرهم شيئاً انتعل ودخل.
قال أحمد بن حنبل: أخطأ وكيع بن الجراح في خمس مئة حديث.
قال علي بن المديني: كان وكيع يلحن، ولو حدثت عنه بألفاظه لكانت عجباً. كان يقول: حدثنا مسعر عن عيسة.
قال وكيع: من زعم أن القرآن مخلوق فقد زعم أن القرآن محدث ومن زعم أن القرآن محدث فقد كفر.
قال وكيع: العاقل من عقل عن الله أمره، ليس من عقل تدبير دنياه.
حدث وكيع عن ابن أبي خالد عن البهي: أن أبا بكر جاء إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد وفاته، فأكب عليه، فقبله، وقال: بأبي أنت وأمي، ما أطيب حياتك، وما أطيب ميتتك.
قال البهي: وكان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ترك يوماً وليلة حتى ربا بطنه. وانثنت خنصره.
ولما حدث وكيع بهذا الحديث بمكة اجتمعت قريش، وأرادوا صلبه، ونصبوا خشبة ليصلبوه، فجاء سفيان بن عيينة، فقال: الله، الله، هذا فقيه أهل العراق، وابن فقيهه، وهذا حديث معروف. ثم قال ابن عيينة: لم أكن سمعت هذا الحديث إلا أني أردت تخليصه.
قال علي: وسمعت هذا الحديث من وكيع بعد ما أرادوا صلبه، فتعجبت من جسارته.
قال علي: وأخبرت عن وكيع أنه احتج، فقال: إن عدة من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالوا: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يمت، فأحب الله أن يريهم آية الموت، منهم عمر بن الخطاب.
قال قتيبة: حدث وكيع بهذا الحديث في مكة سنة حج فيها الرشيد فقدموه إليه، فدعا الرشيد سفيان بن عيينة وعبد المجيد ابن عبد العزيز بن أبي رواد.
فأما عبد المجيد فقال: يجب أن يقتل هذا، فإنه لم يرو هذا إلا وفي قلبه غش للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فسأل الرشيد سفيان بن عيينة، فقال: لا يجب عليه القتل، رجل سمع حديثاً؛ فرواه، لا يجب عليه القتل. المدينة أرض شديدة الحر، توفي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم الاثنين فترك
إلى ليلة الأربعاء، لأن القوم كانوا في صلاح أمر أمة محمد، واختلفت قريش والأنصار، فمن ذلك تغير.
قال قتيبة: فكان وكيع إذا ذكر له فعل عبد المجيد، قال: ذلك رجل جاهل، سمع حديثاً لم يعرف وجهه، فتكلم بما تكلم.
وفي حديث آخر بمعناه: أنه لما حدث بهذا رفع أمره إلى العثماني، ودخل إليه سفيان، فكلمه فيه، فأبى العثماني إلا قتله. فقال له سفيان: إني لك ناصح، إن هذا من أهل العلم، وله عشيرة، وإن أقدمت عليه أقل ما يكون أن تقوم عليك عشيرته وولده بباب أمير المؤمنين، فيشخص لمناظرتهم. فعمل فيه كلام سفيان؛ وأطلقه.
قال الحارث بن صديق: فدخلت على العثماني، فقلت: الحمد لله الذي لم تقتل بهذا الرجل، وسلمك الله.
فقال: يا حارث ما ندمت على شيء ندامتي على.
خطر ببالي هذه الليلة حديث جابر بن عبد الله حولت أبي والشهداء بعد أربعين سنة، فوجدناهم رطاباً ينثنون، لم يتغير منهم شيء.
قال سعيد بن منصور: كنا بالمدينة، فكتب أهل مكة إلى أهل المدينة بالذي كان من وكيع وابن عيينة والعثماني. وقالوا: إذا قدم المدينة فلا تتكلوا على الوالي، وأرجموه بالحجارة حتى تقتلوه. فعزموا على ذلك. فقدم بريد على وكيع ألا يأتي المدينة، ويمضي من طريق الربذة. وكان جاوز مفرق الطريقين إلى المدينة، فلما أتاه البريد رجع إلى الربذة، ومضى إلى الكوفة.
قال مليح بن وكيع: لما نزل بأبي الموت أخرج إلي يديه، فقال: يا بني ترى يدي ما ضربت بهما شيئاً قط.
قال مليح: وحدثني داود بن يحيى بن يمان قال: رأيت رسول الله صلى عليه وسلم في النوم، فقلت: يا رسول الله، من الأبدال؟ قال: الذين لا يضربون بأيديهم شيئاً، وإن وكيع بن الجراح منهم.
قال علي بن عثام: مرض وكيع: فدخلنا عليه نعوده، فقال: إن سفيان الثوري أتاني، فبشرني بجواره، فإني مبادر إليه.
توفي وكيع سنة ثمان وتسعين ومئة، وقيل: سنة ست وتسعين ومئة مصدره من الحج بفيد، وقيل: سنة سبع وتسعين ومئة، وهو ابن ست وستين.
قال سلمة بن عفار: رأيت وكيعاً في المنام، فقلت: ما صنع بك ربك؟ قال: الجنة، قلت: بأي شيء يا أبا سفيان؟ قال: بالعلم.
وكيع بن الجراح بن مليح بن عدى الرؤاسي أبو سفيان من الحفاظ المتقنين
وأهل الفضل في الدين ممن رحل وكتب وجمع وصنف وحفظ وحدث وذاكر وبث كان مولده سنة تسع وعشرين ومائة ومات بفيد في طريق مكة سنة ست وتسعين ومائة

عبد الله بن قيس بن سليم

عبد الله بن قيس بن سليم
ابن حضار بن حرب بن عامر بن عنز بن بكر بن عامر بن عذر بن وائل بن ناجية بن الجماهر بن الأشعر - وهو نبت - بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان أبو موسى الأشعري كان عامل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على زبيد وعدن وساحل اليمن، واستعمله عمر على الكوفة، والبصرة، وشهد وفاة أبي عبيدة بالأردن، وخطبة عمر بالجابية، ثم قدم دمشق على معاوية.
عن أبي موسى الأشعري قال: كنا مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سفرٍ، وكان القوم يصعدون ثنية أو عقبةً، فإذا صعد الرجل قال: لا إله إلا الله والله أكبر، قال: أحسبه قال: بأعلى صوته، ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على بغلته يعترضها في الخيل، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أيها الناس، إنكم لا تنادون أصم، ولا غائباً " ثم قال: " يا عبد الله بن قيس - أو يا أبا موسى الأشعري - ألا أدلك على كلمة من كنوز الجنة؟ " قال: قلت: بلى يا رسول الله، قال: " قل لا حول ولا قوة إلا بالله ".
عن أبي يوسف الحاجب قال: قدم أبو موسى الأشعري، فنزل بعض الدور بدمشق، وكان معاوية يخرج ليلاً، فيسمع قراءته.
قال خليفة: ولي لعمر بن الخطاب البصرة، واستعمله عثمان بن عفان على الكوفة بعد أن فتح الله به البلدان الكثيرة، وبنى بها داراً إلى جنب المسجد، وقُتل عثمان وهو على الكوفة، وله بها عقب.
وأم أبي موسى ظبية بنت وهب من عك، كانت أسلمت، وماتت بالمدينة، وكان أبو موسى الأشعري قدم مكة، فحالف سعيد بن العاص بن أمية أبا أُحَيحة، وأسلم بمكة، وهاجر إلى أرض الحبشة، ثم قدم مع أهل السفينتين على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد فتح خيبر بثلاث، قسم لهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يقسم لأحدٍ لم يشهد الفتح غيرهم، وكان تولى فتح أصبهان في وقت عمر بن الخطاب، وكان أحسن أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صوتاً، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لقد أُوتي هذا مزماراً من مزامير آل داود " دعا له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم أوطاس فقال: " اللهم اغفر له ذنبه، وأدخله مدخلاً كريماً ".
تزوج أم كلثوم بنت الفضل بن العباس بن عبد المطلب، وأولدها موسى بن أبي موسى.
وكان رجلاً خفيف الجسم، خفيف اللحية، قصيراً.
عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي جهم قال: ليس أبو موسى من مهاجرة الحبشة، وليس له حلف في قريش، وقد كان أسلم بمكة قديماً، ثم رجع إلى بلاد قومه، فلم يزل بها حتى قدم هو وناس من الأشعريين على رسول
الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فوافق قدومهم قدوم أهل السفينتين جعفر وأصحابه من أرض الحبشة، ووافوا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بخيبر، فقالوا: قدم أبو موسى مع أصحاب السفينتين.
ويقولون: إنما أصابوا دماً باليمن، فخرجوا منها، وهم عشرة، ورأسهم أبو عامر حتى قدموا مكة، فنزلوا بالمعلاة حيث يقال: بيت أبي موسى، وحالفوا آل سعيد بن العاص، ثم شخصوا حين سمعوا بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمدينة، فركبوا في السفينة عند جدة، فقدموا على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فاتفق قدومهم، وقدوم جعفر، فأطعمهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من خيبر طعمة وهي معروفة، يقال لها: طعمة الأشعريين، وشهدوا معه حنيناً، وهم عشرة، فلما انهزمت هوازن وجه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبا عامر في طلبهم، فلحقهم بأوطاس، فنزل إليه رجل منهم، فدعا إلى البراز، فخرج إليه أبو عامر، وقال: اللهم اشهد، فقتله، ثم آخر، فخرج إليه أبو عامر، فقال: اللهم اشهد، فقتله، حتى قتل منهم تسعة، ثم خرج العاشر، فبرز له أبو عامر، فقال: اللهم اشهد، فقال العاشر: اللهم لا تشهد، فقتل أبا عامر، وأخذ الراية أبو موسى، فقتل قاتله، وانهزم القوم، وصارت الرئاسة لأبي موسى.
عن أبي موسى قال: بلغنا مخرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ونحن باليمن، فخرجنا مهاجرين إليه، أنا وأخوان لي أنا أصغرهما، أحدهما أبو بردة، والآخر أبو رهم - إما قال: بضعاً، وإما قال ثلاثة، أو اثنين وخمسين رجلاً من قومي - فركبنا سفينة، فألقتنا سفينتنا إلى النجاشي بالحبشة، فوافقنا جعفر بن أبي طالب وأصحابه عنده، قال جعفر: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعثنا، وأمرنا بالإقامة، فأقيموا معنا. قال: فأقمنا معه حتى قدمنا جميعاً، قال: فوافقنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليه وسلم حين افتتح خيبر، فأسهم لنا، أو قال: فأعطانا منها، وما قسم لأحدٍ غاب عن فتح خيبر شيئاً إلا لمن شهد معه، إلا لأصحاب سفينتنا مع جعفرٍ وأصحابه؛
قسم لهم معهم، قال: قال: فكان ناس من الناس يقولون لنا - يعني لأهل السفينة -: سبقناكم بالهجرة، قال: فدخلت أسماء بنت عميس، وهي ممن قدم معنا، على حفصة ذا مرة - وفي رواية: حفصة زوج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زائرةً - وقد كانت هاجرت إلى النجاشي فيمن هاجر إليه، فدخل عمر على حفصة، وأسماء عندها، فقال عمر حين رأى أسماء: من هذه؟ قالت: أسماء بنت عميس، فقال عمر: آلحبشيه هذه، آلبحرية هذه؟ فقالت أسماء: نعم، فقال عمر: سبقناكم بالهجرة، ونحن أحق برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فغضبت، وقالت: كلمةً يا عمر، كلا والله، كنتم مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يطعم جائعكم، ويعظ - وفي رواية: ويعلم - جاهلكم، وكنا في دار - أو في أرض - البعداء والبغضاء بالحبشة، وذلك في الله وفي رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وايم الله لا أطعم طعاماً، ولا أشرب شرباً حتى أذكر ما قلت لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ونحن كنا نؤذى ونخاف، وسأذكر ذلك لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأسأله، ووالله لا أكذب، ولا أزيغ، ولا أزيد على ذلك.
فلما جاء النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت: يا نبي الله، إن عمر قال كذا وكذا، قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فما قلت له؟ " قالت: قلت كذا وكذا، قال: " ليس بأحق بي منكم، وله ولأصحابه هجرة واحدة ولكم أنتم - أهل السفينة - هجرتان " قال: فلقد رأيت أبا موسى وأصحاب السفينة يأتونني أرسالاً يسألونني عن هذا الحديث، ما من الدنيا شيء هم به أفرح، ولا أعظم في أنفسهم مما قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قالت أسماء: فلقد رأيت أبا موسى وإنه ليستعيد هذا الحديث.
قال أنس بن مالك: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يقدم عليكم غداً قوم هم أرق قلوباً للإسلام منكم " قال: فقدم الأشعريون، فيهم أبو موسى الأشعري، فلما دنوا من المدينة جعلوا يرتجزون يقولون:
غداً نلقى الأحبه ... محمداً وحزبه
فلما أن قدموا تصافحوا، فكانوا هم أول من أحدث المصافحة.
قال عياض الأشعري: لما نزلت: " فسوف يأتي الله بقومٍ يحبهم ويحبونه " قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هم قومك يا أبا موسى " وأومى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيده إلى أبي موسى.
عن أبي بردة، عن أبي موسى قال: يا بني، لو رأيتنا ونحن مع نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأصابتنا السماء لحسبت ريحنا ريح الضأن؛ وإنما لباسنا الصوف، وطعامنا الأسودان: الماء والتمر.
عن أبي موسى قال: خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في غزاةٍ، ونحن ستة نفرٍ بيننا بعير نعتقبه، فنقبت أقدامنا، فنقبت قدماي، وسقطت أظفاري، فكنا نلف على أرجلنا الخرق، قال: فسميت غزوة ذات الرقاع لما كنا نعصب على أرجلنا من الخرق.
فحدث أبو موسى بهذا الحديث، ثم كره ذلك، فقال: ما كنت أصنع بأن أذكر هذا الحديث، قال: لأنه كره أن يكون شيء من عمله أفشاه، الله يجزي به.
عن أبي موسى قال: لما فرغ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من حنين بعث أبا عامر على جيشٍ إلى أوطاس، فلقي دريد بن الصمة، فقتل دريداً، وهزم الله أصحابه.
قال أبو موسى: وبعثني مع أبي عامرٍ، قال: فرمي أبو عامر في ركبته، رماه رجل من بني جشم بسهمٍ، فأثبته قي ركبته، فانتهيت إليه فقلت: يا عم، من رماك؟
فأشار أبو عامر إلى أبي موسى: إن ذاك قاتلي، تراه، ذاك الذي رماني، قال أبو موسى: فقصدت له، فاعتمدت له، فلحقته، فلما رآني ولى عني ذاهباً، فاتبعته، وجعلت أقول له: ألا تستحي، ألا تثبت، ألا تستحي، ألست عربياً؟ فكف فالتقيت أنا وهو، فاختلفنا أنا وهو ضربتين، فضربته بالسيف، فقتلته، ثم رجعت إلى أبي عامر، فقلت: قد قتل الله صاحبك، قال: فانزع هذا السهم، فنزعته، فنزا منه الماء، قال: يا بن أخي، انطلق إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأقره مني السلام، وقل له: يقول لك: استغفر لي، قال: فاستخلفني أبو عامر، ومكث يسيراً، ثم إنه مات، فلما رجعت إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دخلت عليه، وهو في بيت على سرير، قد أثّر السرير بظهر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجنبيه، فأخبرته خبرنا وخبر أبي عامرٍ، فقلت: إنه قد قال: استغفر لي - وفي رواية: قل له يستغفر لي - قال: فدعا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بماءٍ، فتوضأ منه، ثم رفع يديه، ثم قال: " اللهم اغفر لعُبيدٍ أبي عامر " ثم قال: " اللهم اجعله يوم القيامة فوق كثير خلقك - أو من الناس - " فقلت: وليّ يا رسول الله فاستغفر، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اللهم اغفر لعبد الله بن قيسٍ ذنبه، وأدخله مدخلاً كريماً " قال أبو بردة: إحداهما لأبي عامر، والأخرى لأبي موسى. عن أبي موسى قال:
كنت عند النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو نازل بالجعرانة بين مكة والمدينة، ومعه بلال، فأتى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجل أعرابي، فقال: ألا تنجز لي يا محمد ما وعدتني؟ فقال له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أبشر " فقال الأعرابي: أكثرت عليَّ من أبشر، ألا تنجز لي ما وعدتني؟ فأقبل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أبي موسى وبلال كهيئة الغضبان، فقال: " إن هذا قد رد البشرى فاقبلا أنتما " فقالا: قبلنا يا رسول الله، ثم دعا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقدحٍ فيه ماء، فغسل يديه ووجهه فيه، ومج فيه، ثم قال لهما: " اشربا منه، وأفرغا منه على وجوهكما،
ونحوركما وأبشرا " فأخذا القدح، ففعلا ما أمرهما رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فنادتهما أم سلمة من وراء الستر أن أفضلا لأمكما مما في إنائكما، فأفضلا لها منه طائفةً.
خرج بريدة عشاءً، فلقيه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخذ بيده، فأدخله المسجد، فإذا صوت رجلٍ يقرأ، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تراه يرائي؟ " فأسكت بريدة، فإذا رجل يدعو، فقال: اللهم إني أسألك بأني أشهد أن لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " والذي نفسي بيده - أو قال: والذي نفس محمد بيده - لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دُعي به أجاب " قال: فلما كان من القابلة خرج بريدة عشاءً، ولقيه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخذ بيده، فأدخله المسجد، فإذا صوت رجل يقرأ فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تراه مرائياً؟ " فقال بريدة: أتقوله مرائياً يا رسول الله؟ فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا بل مؤمن منيب، لا بل مؤمن منيب " فإذا الأشعري يقرأ بصوتٍ له في جانب المسجد، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن الأشعري - أو إن عبد الله بن قيس - أُعطي مزماراً من مزامير داود "، فقلت: ألا أخبره يا رسول الله؟ فقال: " بلى فأخبره " فأخبرته، فقال: أنت لي صديق، أخبرتني عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بحديث.
عن أنسٍ قال: قعد أبو موسى في بيتٍ - وفي رواية: في بيته - واجتمع إليه ناس، وأنشأ يقرأ عليهم القرآن، قال: فأتى رجل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله، ألا أعجبك من أبي موسى! إنه قعد في بيتٍ، واجتمع إليه ناس، وأنشأ يقول عليهم القرآن، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "
أتستطيع أن تقعدني حيث - وفي رواية: من حيث - لا يراني منهم أحد؟ " قال: نعم، فخرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأقعده الرجل حيث لا يراه منهم أحد، فسمع قراءة أبي موسى، قال: فقال: " إنه يقرأ - وفي رواية: ليقرأ - على مزمارٍ من مزامير آل داود ".
عن أنسٍ: أن أبا موسى الأشعري قام ليلةً يصلي، فسمع أزواج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صوته، وكان حلو الصوت، فقمن يستمعن، فلما أصبح قيل له: النساء كن يستمعن، فقال: لو علمت لحبّرتكن تحبيراً، ولشوقتكن تشويقاً - وفي رواية: لحبرتكم وشوقتكم.
عن أبي موسى قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو، وقل طعامهم - وفي رواية: أو قل طعام عيالهم - بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوبٍ واحدٍ، ثم اقتسموه بينهم في إناءٍ واحد بالسوية، فهم مني وأنا منهم ".
عن أبي عامر الأشعري، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " نِعْم الحي الأسد، والأشعريون لا يفرون في القتال، ولا يغلون، هم مني وأنا منهم " قال عامر ابن أبي عامر: فحدثت به معاوية، فقال: ليس هكذا قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولكنه قال: " هم مني وإليَّ " فقلت: ليس هكذا حدثني أبي عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولكنه قال: " هم مني وأنا منهم " قال: فأنت أعلم بحديث أبيك.
عن أبي موسى قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إني لأعرف أصوات رفقة الأشعريين بالقرآن، وإن كنت لم أر منازلهم حين نزلوا، بالقرآن، وأعرف منازلهم من أصواتهم بالليل، ومنهم حكيم إذا لقي الخيل - أو قال: العدو - قال لهم: إن أصحابي يأمرونكم أن تنتظروهم ".
حدث كعب بن عاصم الأشعري قال:
ابتعت قمحاً أبيض، ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حي، فأتيت به أهلي، فقالوا: تركت القمح الأسمر الجيد وابتعت هذا؟ والله لقد أنكحني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إياك، وإنك لعيي اللسان، دميم الجسم، ضعيف البطش، وصنعت منه خبزةً، فأردت أن أدعو عليها أصحابي الأشعريين أصحاب العقبة، فقلت: أتجشأ من الشبع، وأصحابي جياع، فأتت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تشكو زوجها، وقالت: انزعني من حيث وضعتني، فأرسل إليه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجمع بينهما، فحدثه حديثها، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لم تنقمي منه شيئاً غير هذا؟ " قالت: لا، قال: " فلعلك تريدين أن تختلعي منه، فتكوني كجيفة الحمار؟ أو تبغين ذا جمة فينانة على كل جانب من قُصَّته شيطان قاعد؟ ألا ترضين أني أنكحتك رجلاً من نفرٍ ما تطلع الشمس على نفَرٍ خير منهم؟ " قالت: رضيت، فقامت المرأة حتى قبلت رأس زوجها، وقالت: لا أفارق زوجي أبداً.
خطب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الناس قائماً، فحمد الله، وأثنى عليه، وذكر الطوائف من المسلمين، فأثنى عليهم خيراً، ثم قال: " ما بال أقوام لا يعلمون جيرانهم، ولا يفقهونهم، ولا يفطنونهم، ولا يأمرونهم، ولا ينهونهم؟ ما بال أقوامٍ لا يتعلمون من جيرانهم، ولا يفقهون، ولا يفطنون!؟ والذي نفسي بيده لتعلمن جيرانكم، ولتفقهنهم ولتعظنهم، ولتأمرنهم، ولتنهنهم؛ وليتعلمن قوم من جيرانهم، وليتفقهن وليتفطنن أو لأعجلنهم بالعقوبة في دار الدنيا " ثم نزل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فدخل بيته، فقال أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بينهم: من يعني بهذا الكلام؟ قالوا: ما نعلم بهذا الكلام إلا الأشعريين؛ إنهم فقهاء علماء، ولهم جيران من أهل المياه جفاة جهلة، فاجتمع جماعة من الأشعريين، فدخلوا على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالوا: ذكرت طوائف المسلمين بخير، وذكرتنا بشرٍ، فما بالنا؟ فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لتعلمن جيرانكم، ولتفقهنهم، ولتفطننهم، ولتأمرنهم، ولتنهنهم، أو لأعاجلنكن بالعقوبة في دار الدنيا " فقالوا: يا رسول الله أمّا إذاً فأمهلنا سنةً ففي سنةٍ، نعلمهم ويتعلمون، فأمهلهم سنةً ثم قرأ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لُعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون، كانوا لا يتناهون عن منكرٍ فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون ".
قال نعيم بن يحيى التميمي: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " سيد الفوارس أبو موسى ".
عن أبي بردة قال: قال ابن عمر: علمت أن أباك لقي أبي، فقال: يا أبا موسى، أتحب أن تخلص عملك مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنك تفلت كفافاً؟ قال: لا، قد علمت الناس، وأقرأتهم، قال عمر: ولكن وددت أنه يخلص عملي مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأني أنفلت كفافاً، قال: إن أباك كان أفقه من أبي.
قال الأسود بن يزيد: لم أر بالكوفة من أصحاب محمدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعلم من علي بن أبي طالب والأشعري.
قال الشعبي: كان الفقهاء من أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ستة: عمر، وعلي، وعبد الله بن مسعود، وزيد، وأبو موسى، وأُبي بن كعب.
وقال: قضاة هذه الأمة أربعة: عمر، وعلي، وزيد، وأبو موسى الأشعري، ودهاة هذه الأمة أربعة: عمرو بن العاص، ومعاوية بن أبي سفيان، والمغيرة، وزياد.
عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري قال: قال أبي: تعلمت المعجم بعد وفاة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فكان كتابي مثل العقارب.
قال سليمان أو غيره: ما كان يشبه كلام أبي موسى إلا الجزار الذي لا يخطئ المفصل.
قال عمر بن الخطاب: بالشام أربعون رجلاً، ما منهم رجل كان يلي أمر الأمة إلا أجزأه، فأرسل إليهم، فجاء رهط منهم، فيهم: أبو موسى الأشعري، فقال: إني أرسلت إليكم لأرسلك إلى قومٍ عسكر الشيطان بين أظهرهم، قال: فلا ترسلني، فقال: إن بها جهاداً، وإن بها رباطاً، قال: فأرسله إلى البصرة.
عن الحسن قال: بعث عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري وهو بالشام، فقدم عليه، فلما قدم عليه قال له: إني إنما بعثت إليك لخيرٍ، لتؤثر حاجتي على حاجتك؛ أما حاجتك فالجهاد في سبيل الله، وأما حاجتي فأبعثك إلى البصرة، فتعلمهم كتاب ربهم وسُنة نبيهم، وتجاهد بهم عدوهم، وتقسم بينهم فيئهم.
قال الحسن: ففعل والله، لقد علمهم كتاب ربهم، وسُنة نبيهم، وجاهد بهم عدوهم، وقسم بينهم فيئهم، فوالله ما قدم عليهم راكب كان خيراً لهم من أبي موسى.
قال ابن شوذب: كان إذا صلى الصبح أمر الناس فثبتوا في مجالسهم، ثم استقبل الصفوف رجلاً رجلاً يقرئه القرآن، حتى يأتي على الصفوف، ودخل على جملٍ أورق، وخرج عليه حين عُزل.
عن أبي مرية قال: جعل أبو موسى الأشعري يعلم سنتهم ودينهم فقال: ولا يدافعن أحد منكم في
بطنه غائطاً ولا بولاً، وإن حك أحدكم فرجه فمرشة أو مرشتين، وليكن ذلك خفيفاً، فشخصت أبصارهم - أو قال: فصرفوها عنه - فقال: ما صرف أبصاركم عني؟ قالوا: الهلال، أيها الأمير، قال: أفذاك الذي أشخص أبصاركم عني؟ قالوا: نعم، قال: فكيف بكم إذا رأيتم الله جهرةً؟! وقال لأهل البصرة: إن أمير المؤمنين عمر بعثني أعلمكم كتاب ربكم، وسُنة نبيكم، وأنظف لكم طرقكم.
عن أبي المليح الهذلي قال: كتب عمر إلى أبي موسى: أما بعد؛ فإن القضاء فريضة محكمة، وسنة متبعة، فافهم إذا أدلي إليك، فإنه لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له، آسِ بين الناس في وجهك ومجلسك وعدلك حتى لا يأيس الضعيف من عدلك، ولا يطمع الشريف في حيفك، البينة على من ادعى، واليمين على من أنكر والصلح بين المسلمين إلا صلح أحل حراماً أو حرّم حلالاً، لا يمنعك قضاء قضية راجعت فيه نفسك، وهُديت فيه لرشدك أن تراجع الحق؛ فإن الحق قديم، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل، الفهم الفهم فيما يختلج في صدرك مما لم يبلغك في الكتاب والسُنة، اعرف الأمثال والأشباه، ثم قس الأمور عند ذلك، فأحبه إليّ أحبه إلى الله، وأشبهها بالحق فيما يرى، اجعل للمدعي أمداً ينتهي إليه، فإن أحضر بينته أخذ حقه، وإلا وجهت عليه القضاء، فإن ذلك أجلى للعمى، وأبلغ للعذر، والمسلمون عدول بعضهم على بعض إلا مجلود في حد، أو مجرب في شهادة زورٍ، أو ظنين في ولاءٍ أو قرابةٍ، إن الله تولى منكم السرائر، ودرأ عنكم الشبهات، ثم إياك والقلق، والضجر، والتأذي بالناس، والتنكر للخصوم في مواطن الحق التي يوجب الله بها الأجر، ويحسن بها الذخر، فإنه من يصلح نيته فيما بينه وبين الله ولو على نفسه يكفه الله ما بينه وبين الناس، ومن
تزين للناس بما يعلم الله منه غير ذلك يشنه الله، فما ظنك بثواب غير الله في عاجل رزقه، وخزائن رحمته، والسلام عليك.
عن أبي بردة قال: كتبت حديث أبي، فقال: ألا أراك تكتب حديثي؟ قلت: أجل، قال: فاتني به، قال: فأتيته به، فمحاه، وقال: احفظ كما حفظت.
قال قتادة: بلغ أبا موسى أن قوماً منعهم من الجمعة أن ليس لهم ثياب، قال: فخرج على الناس في عباءة.
عن السميط بن عبد الله السدوسي قال: قال أبو موسى وهو يخطب: إن باهلة كانت كراعاً، فجعلناها ذراعاً، قال: فقام رجل، ألا أنبئك بألأم منهم؟ قال: من؟ قال: عك والأشعريون، قال: أولئك وأبيك آبائي، يا ساب أميره، تعال؛ قال: فضرب عليه فسطاطاً فراحت عليه قصعة، وغدت أخرى، فكان ذاك سجنه.
قدم أبو موسى البصرة والياً سنة سبع عشرة بعد عزل المغيرة، فلم يزل عليها حتى قتل عمر.
وكتب إليه عمر: أن سر إلى كور الأهواز، فسار أبو موسى، واستخلف على البصرة عمران ابن حصين، فأتى الأهواز، فافتتحها - يقال: عنوةً، ويقال: صلحاً - فوظف عليها عمر عشرة آلاف ألف وأربعمائة ألف، وفي سنة ثمان عشرة افتتح الرها، وافتتح سميساط، وما والاها عنوة.
وكان أبو عبيدة بن الجراح وجه عياض بن غنم الفهري إلى الجزيرة، فوافق أبا موسى
بعد فتح هذه المدائن، فمضى ومعه أبو موسى، فافتتحا حران، ونصيبين وطوائف الجزيرة عنوةً - ويقال: وجه أبو عبيدة خالد بن الوليد إلى الجزيرة فوافق أبا موسى الأشعري قد افتتح الرها، وسميساط، فوجه خالد أبا موسى وعياضاً إلى حران فصالحا أهلها، ومضى خالد إلى نصيبين فافتتحها، ثم رجع إلى آمد، فافتتحها صلحاً وما بينهما عنوةً، وفيها: فتح جنديسابور، والسوس صلحاً، صالحهم أبو موسى، ثم رجع إلى الأهواز، وفي سنة عشرين كانت وقعة تستر، وفتحها.
سار أبو موسى الأشعري إلى تستر، وفيها الهرمزان، وكان من أهل مهرجان كذق، وكان شهد جلولاً، مع الناس، فلما هزم لحق بيزدجرد، فقال له: ائذن لي فأرجع إلى عملي بالأهواز، فأحبس عنك العرب من هذا الوجه، وأمدك بالأموال، فأذن له، فجاء حتى أتى تستر، وأجفلت الأساورة، وعظماء الأعاجم إليه، وأمده.
ونزل الهرمزان على حكم أمير المؤمنين عمر بعد أن هزمه الله، فبعثه أبو موسى مع أنس إلى عمر، فقدم به عليه، فقال عمر: تكلم لا بأس عليك، فاستحياه، فأسلم، وفرض له.
وفي ذلك يقول ابن ذي نمر الخزاعي: من المتقارب
قدمنا المدينة بالهرمزان ... عليه القلائد والمنطقه
يزف إليك زفاف العروس ... على بغلةٍ سهوةٍ معتقه
قد أنزله الله من حصنه ... على الحكم، أرجوك أن تعتقه
وذا الأشعري لنا والد ... وأم بنا برة مشفقه
تهيء المهاد لأولادها ... وتنفض عن لطعها المرفقه
ترى الوجه منه طليقاً لنا ... ونلقاه بالأوجه المشرقه
فلسنا نريد به غيره ... عليه الجماعة مستوسقه
ولا تشمتن بنا حاسداً ... رماه بأسهمه المفرقه
قال: فأشرق وجه عمر سروراً بكلامه.
قال عبد الله بن يزيد الباهلي: دخل ضبة بن محصن من الليل، فتحدث عندي حتى خشيت عليه الحرس، قال: فكان فيما حدثني قال: شاكيت أبا موسى في بعض ما يشاكي الرجل أمره، قال: فانطلقت أبووا عليه عند عمر، قال: وذلك عند حضور وفادة أبي موسى إلى عمر، فكتب أبو موسى إلى عمر - والبرد إذ ذاك على الإبل - قال: السلام عليك، أما بعد فإني كتبت إليك، وأنا خارج إليك في كذا وكذا، قال: وكتب إليه، وضبة بن محصن قد خرج من عندي عاصياً بغير إذن بيني وبينك، فأحببت أن تعلم ذلك يا أمير المؤمنين، قال: فسبقني كتابه، فقدمت المدينة، فجئت إلى باب عمر، فقلت: السلام عليكم، يدخل ضبة بن محصن، فقال عمر: لا مرحباً ولا أهلاً! قال: فقلت: أما المرحب فمن الله، وأما الأهل فلا أهل ولا مال! قال: فأعدت ذلك ثلاث مرات، وأعادهن ثلاثاً، ثم قال: ادخل، أو قال: أذن لي، فدخلت، قال: فقلت: يا أمير المؤمنين الرجل يظلمه سلطانه، فإذا انتهى إلى أمير المؤمنين لم يجد عنده خيراً، فوالله يا أمير المؤمنين إن الأرض لواسعة، وإن العدو لكثير، قال: فكأنما كُشف عن وجهه غطاء، فقال: ادن دنوك، فقال: إيه، ثم قال: إيه، قال: قلت: أبو موسى اصطفى لنفسه أربعين من الأساورة. قال: فقال: اكتب، فكتب. قال: ثم قال: إيه؟ قلت: أبو موسى له مكتالان يكيل للناس بغير الذي يكتال به، قال: اكتب، فكتب قال: قلت: عقيلة سريته، لها قصعة غادية رائحة يأكل منها أشراف الجند، قال: اكتب، فكتب. فما لبث إلا يسيراً حتى قدم أبو موسى، قال: فمشيت إلى جنبه، أعطفه، وأذكر أمير المؤمنين قال: حتى
انتهى إلى أمير المؤمنين، قال: فقال له: ما بال أربعين اصطفيتهم لنفسك من أبناء الأساورة؟ قال: يا أمير المؤمنين، اصطفيتهم، وخشيت أن يخدع الجند عنهم، ففاديتهم، واجتهدت في فدائهم، وكنت أعلم بفدائهم، ثم خمست وقسمت، قال ضبة: وصادقاً، والله ما كذبه أمير المؤمنين وما كذبته، قال: فما بال مكتالٍ تكتال به، وتكيل للناس بغيره؟ قال: مكتال أكيل به قوت أهلي، وأرزاق دوابي، وما كلت به لأحدٍ، وما اكتلت به من أحد، قال ضبة: وصادقاً والله، فوالله ما كذبه أمير المؤمنين وما كذبته، قال: فما بال قصعة عقيلة الغادية الرائحة؟ قال: فسكت ولم يعتذر منها بشيءٍ، قال: فقال عمر لوفده: أنشد الله رجلاً أكل منها، قال: فسكت القوم، ثم عاد ثلاث مرات، قال: فقال وكيع بن قشير التميمي: قبح الله تلكم القصعة، فإني إخالنا قد أصبنا منها، قال: فقال عمر: لا جرم، والذي نفسي بيده لا ترى عقيلة العراق ما دمت أملك شيئاً! فاحتبسها عنده.
عن أنس بن مالك قال: قال الأشعري وهو على البصرة:
جهزني، فإني خارج يوم كذا وكذا، فجعلت أجهزه، فجاء ذلك اليوم، وقد بقي من جهازه شيء لم أفرغ منه، فقال: يا أنس إني خارج، فقلت: لو أقمت حتى أفرغ من بقية جهازك، فقال: إني قد قلت لأهلي إني خارج يوم كذا وكذا، وإني إن كذبت أهلي كذبوني، وإن خنتهم خانوني، وإن أخلفتهم أخلفوني، فخرج وقد بقي من حوائجه بعد شيء لم يفرغ منه.
قال محمد بن عمر: وفي سنة تسع وعشرين عزل عثمان أبا موسى الأشعري عن البصرة، وكان عامله عليها سبع سنين، وولى عبد الله بن عامر بن كريز.
قال خليفة: وفيها - يعني سنة تسع وعشرين - عزل عثمان أبا موسى الأشعري عن البصرة، وفيها -
يعني سنة أربع وثلاثين - أخرج أهل الكوفة سعيد بن العاص، وولوا أبا موسى، وكتبوا إلى عثمان يسألونه أن يولي أبا موسى، فولاه، وأقر عثمان أبا موسى الأشعري على البصرة أربع سنين.
عن أبي مجلز قال: صلى أبو موسى بأصحابه، وهو مرتحل من مكة إلى المدينة، فصلى العشاء ركعتين، وسلم، ثم قام، فقرأ مائة آية من سورة النساء في ركعة، فأُنكر ذلك عليه، فقال: ما ألوت أن أضع قدمي حيث وضع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأن أصنع مثل الذي صنع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
كان عمر إذا جلس عنده أبو موسى ربما قال له: ذكرنا يا أبا موسى، فيقرأ.
وكان يقرأ بين يدي عثمان بن عفان في غير صلاة.
وكان أبو موسى إذا قرأ: " يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم " قال: يعني الجهل، ويبكي. وإذا قرأ: " أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني، وهم لكم عدو " بكى.
عن أبي موسى قال: غزونا غزوةً في البحر نحو الروم، فسرنا، حتى إذا كنا في لجة البحر، وطابت لنا الريح، فرفعنا الشراع إذ سمعنا منادياً ينادي: يا أهل السفينة، قفوا أخبركم، قال: فقمت، فنظرت يميناً وشمالاً، فلم أر شيئاً، حتى نادى سبع مرات، فقلت: من هذا؟ ألا ترى على أي حالٍ نحن؟! إنا لا نستطيع أن نُحبس قال: ألا أخبرك بقضاءٍ قضاه الله على نفسه؟ قال: قلت: بلى، قال: فإنه من عطش نفسه لله في الدنيا في يومٍ حار كان على الله أن يرويه يوم القيامة.
فكان أبو موسى لا نكاد نلقاه إلا صائماً في يوم حار.
عن أبي إدريس قال: صام أبو موسى حتى عاد كأنه خلال، فقيل له: لو أجممت نفسك؟ فقال: هيهات، إنما يسبق من الخيل المضمرة! عن أبي موسى قال: ما استويت قائماً لغسل منذ أسلمت.
وكان إذا اغتسل في بيتٍ مظلمٍ تحادب وحنى ظهره حتى يأخذ ثوبه، ولا ينتصب، وكان له سراويل يلبسه بالليل إذا نام، مخافة أنت تنكشف عورته.
قال أبو موسى: من كثر صديقه ركب رقاب أعدائه.
وقال: إن هذه الفتنة فتنة باقرة كوجع البطن لا يُدرى أنى يؤتى، المضطجع فيها خير من القاعد، والقاعد فيها خير من القائم، والقائم خير من الماشي، والماشي خير من الساعي، كسروا القسي، وقطعوا الأوتار.
وقال: قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا كانت معك أسهم فخذ بنصولها لا تجرح مسلماً، أو تخرق ثوبه ".
قال أبو موسى: فهؤلاء يأمرونني أن أستقبل بها حدق المسلمين.
قال عمار بن ياسر: يا أبا موسى، أنشدك الله، ألم تسمع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار " وأنا سائلك عن حديثٍ، فإن صدقت، وإلا بعثت عليك من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من يقررك به، أنشدك الله، أليس إنما عناك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فقال: " إنها ستكون فتنة بين أمتي، أنت - يا أبا موسى فيها نائماً خير منك قاعداً، وقاعداً خير منك قائماً، وقائماً خير منك ماشياً " فخصك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يعم الناس؟ فخرج أبو موسى ولم يرد عليه شيئاً.
عن سويد بن غفلة قال: سمعت أبا موسى الأشعري يقول: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يكون في هذه الأمة حكمين ضالين، ضال من اتبعهما " فقلت: يا أبا موسى، انظر لا تكون أحدهما، قال: فوالله ما مات حتى رأيته أحدهما.
عن عكرمة قال:
لما كان يوم الحكمين، فحكم معاوية من قبله عمرو بن العاص قال الأحنف بن قيس لعلي: يا أمير المؤمنين، حكم ابن عباس، فإنه نحوه وابن عباس رجل مجرب، قال علي: فأنا أفعل، فحكم ابن عباس، فأتت اليمانية، وقالوا: لا، حتى يكون منا رجل، ودعوا إلى أبي موسى الأشعري، فجاء ابن عباس إلى علي فقال: علام تحكم أبا موسى؟ فوالله لقد عرفت رأيه فينا، فوالله ما نصرنا وهو يرجو ما نحن فيه، فتدخله الآن في معاقد الأمر، مع أن أبا موسى ليس بصاحب ذاك، فإذا أبيت أن تجعلني مع عمرو فاجعل الأحنف بن قيس، فإنه مجرب من العرب، وهو قرن لعمرو بن العاص، فقال علي: فأنا أجعل الأحنف، فأتت اليمانية أيضاً، وقالوا: لا يكون فيها إلا يمان، فلما غلب علي جعل أبا موسى.
وقال ابن عباس: قلت لعلي يوم الحكمين: لا تحكم الأشعري، فإنه معه رجلاً حذر مرس قارح من الرجال، فَلُز بي إلى جنبه، فإنه لا يحل عقدة إلا عقدتها، ولا يعقد عقدة إلا حللتها، قال: يا بن عباس، فما أصنع؟ إنما أوتى من أصحابي، قد ضعفت بينهم، وكلوا في الحرب، هذا الأشعث بن قيس يقول: لا يكون فيها مضريان أبداً حتى يكون أحدهما يمان، قال ابن عباس: فعذرته، وعرفت أنه مضطهد، وأن أصحابه لا نية لهم.
قال أبو صالح: قال علي: يا أبا موسى، احكم ولو على حز عنقي.
وعن عبد الله بن الحسن قال: قال علي في الحكمين: أحكمكما على أن تحكما بكتاب الله، وكتاب الله كله لي، فإن لم تحكما بكتاب الله فلا حكومة لكما.
عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، عن أبيه أن معاوية كتب إليه: سلام عليك، أما بعد فإن عمرو بن العاص قد تابعني على ما أريد، وأقسم بالله لئن بايعتني على الذي بايعني لأستعملن ابنيك، أحدهما على الكوفة والآخر على البصرة، ولا يغلق دونك باب، ولا تقضى دونك حاجة، وقد كتبت إليك بخط يدي، فاكتب إلي بخط يدك. قال: فقال لي أبي: يا بني إنما تعلمت المعجم بعد وفاة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: فكتب إليه كتاباً مثل العقارب، فكتب: سلام عليك، أما بعد فإنك كتبت إلي في جسيم أمر أمة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فماذا أقول لربي عز وجل إذا قدمت عليه؟ ليس لي فيما عرضت من حاجةٍ، والسلام عليك.
وكتب معاوية بن أبي سفيان بعد الحكومة إلى أبي موسى الأشعري، وهو يومئذ عائذ بمكة من علي، وأراد بكتابه إليه أن يضمه إلى الشام: أما بعد، فلو كانت النية تدفع خطأ لنجا المجتهد، وأعذر الطالب، ولكن الحق لمن قصد له فأصابه، ليس لمن عارضه فأخطأه، وقد كان الحكمان إذا حكما على رجلٍ لم يكن له الخيار عليهما، وقد اختار القوم عليك، فاكره منهم ما كرهوا منك؛ وأقبل إلى الشام؛ فإنها أوسع لك.
وكتب إليه بهذه الأبيات: من الطويل
وفي الشام أمر واسع ومعول ... وعذرك مبسوط وقولك جائز
وإن كنت قد أعطيت عقلاً فشبته ... بتركك وجه الحق والحق بارز
وإن كنت أبصرت الهدى فاتبع الهدى ... وإن كنت لم تبصر فإنك عاجز
جمعت بخرقٍ منك خلعي وخلعه ... كما جمع السيرين في الخرز خارز
فأصبحت فيما بيننا متذبذباً ... تهادى بما قد كان منك العجائز
قدم أبو موسى على معاوية بعد الجماعة، فقال: السلام عليك أيها الأمير ورحمة الله، قال: فرحب به معاوية؛ ثم قال: بايع يا أبا موسى، قال: لنا وعلينا؟ فقبض معاوية يده، وخرج أبو موسى من عنده، فأتى منزله، فأتاه عبد الله بن عضاه، فدخل عليه منزله، فقال: يا أبا موسى إنك والله ما أنت في زمان أبي بكر، ولا زمان عمر، ولا عثمان، فاتق على نفسك؛ فإني أخاف أن تقتل، وخرج ابن عضاه، فقال أبو موسى لأبي بردة: اتبع الرجل، فانظر أين يدخل؟ قال: فتبعه، فدخل ابن عضاه إلى معاوية، فرجع أبو بردة إلى أبي موسى، فأخبره، فقال أبو موسى: معاوية أرسله، ثم راح أبو موسى إلى معاوية، فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، ثم قال: ما الذي أنكرت من سلامي عليك بالأمس؟ قد كنا نسلم على عمر، وعلى عثمان بأمير المؤمنين، وبالأمير، إذا سلمنا عليك بالإمرة فنحن المؤمنون، وأنت أمير المؤمنين، وإن لم نقلها لك، وما الذي أنكرت من قولي لك: لنا وعلينا؟ لنا أجرها، وعلينا الوفاء بها! ثم قال: امدد يدك يا أبا موسى، قد علمت أنك لم تأتنا حتى زممتها، وخطمتها! قال: ثم بايع، فأمر له بعطاء خمس سنين كان حرمه إياها.
قال أبو بردة: أوصى أبو موسى حين حضره الموت، فقال: إذا انطلقتم بجنازتي فأسرعوا المشي، ولا يتبعني مجمر، ولا تجعلوا في لحدي شيئاً يحول بيني وبين التراب، ولا تجعلوا على قبري
بناءً، وأشهدكم أني بريء من كل حالقة، أو سالقة، أو خارقة، قالوا: أو سمعت فيه شيئاً؟ قال: نعم من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
عن الضحاك بن عبد الرحمن بن عرزب قال: دعا أبو موسى فتيانه حين حضرت الوفاة، قال: اذهبوا فما حفروا، وأوسعوا وأعمقوا. فجاؤوا فقالوا: قد حفرنا، وأوسعنا وأعمقنا، فقال: والله إنها لإحدى المنزلتين، إما ليوسعن علي قبري حتى تكون كل زاوية منه أربعين ذراعاً، ثم ليفتحن لي باب إلى الجنة فلأنظرن إلى أزواجي ومنازلي، وما أعد الله لي من الكرامة، ثم لأكونن أهدى إلى منزلي مني اليوم إلى بيتي، ثم ليصيبني من ريحها، ورَوحها حتى أبعث، ولئن كانت الأخرى، ونعوذ بالله منها، ليضيقن علي قبري حتى يكون أضيق من القناة في الزج، ثم ليفتحن لي باب من أبواب جهنم، فلأنظرن إلى سلاسلي وأغلالي وقرنائي، ثم لأكونن إلى مقعدي من جهنم أهدى مني اليوم إلى بيتي، ثم ليصيبني من سمومها وحميمها حتى أبعث.
عن ثابت بن قيس قال: أرسل أبو موسى إلى امرأته وهو مريض، فلما أتته بكت قال: مه، ألم تعلمي أني بريء ممن تبرأ منه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إذا أنا مت فغسليني وعلي قميصي، فإذا فرغت فانزعيه عني أو شقيه.
ومات أبو موسى الأشعري بالكوفة في خلافة معاوية، واختلف في تاريخ وفاته، فقيل: سنة ثنتين وأربعين، وقيل: سنة أربع وأربعين، وقيل: سنة تسع وأربعين، وقيل: سنة خمسين، وقيل: سنة ثنتين وخمسين.

بلال بن رباح ابو عبد الله

بِلَالُ بْنُ رَبَاحٍ أَبُو عَبْدِ اللهِ، وَقِيلَ: أَبُو عَمْرٍو، وَقِيلَ: أَبُو عَبْدِ الْكَرِيمِ وَاسْمُ أُمِّهِ حَمَامَةُ، مِنَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ شَهِدَ بَدْرًا وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ فِي اللهِ فَاشْتَرَاهُ الصِّدِّيقُ فَأَعْتَقَهُ، وَكَانَ تِرْبَ أَبِي بَكْرٍ مِنْ مَوْلِدِي السَّرَاةِ، كَانَ يُؤَذِّنُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيَاتَهُ سَفَرًا وَحَضَرًا، وَكَانَ خَازِنَهُ عَلَى بَيْتِ مَالِهِ، وَهُوَ سَابِقٌ الْحَبَشَةَ، رَوَى عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعَلِيٌّ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، وَالْبَرَاءُ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ عُمَرَ وَكَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ وَجَابِرٌ وَطَارِقُ بْنُ شِهَابٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، تُوُفِّيَ بِدِمَشْقَ وَهُوَ ابْنُ بِضْعٍ وَسِتِّينَ سَنَةً وَدُفِنَ بِبَابِ الصَّغِيرِ سَنَةَ عِشْرِينَ، وَقِيلَ: سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ، وَقِيلَ: تُوُفِّيَ بِحَلَبٍ وَدُفِنَ بِبَابِ الْأَرْبَعِينَ، وَقِيلَ: كَانَ بِلَالٌ تِرْبَ أَبِي بَكْرٍ، وَكَانَ شَدِيدَ الْأُدْمَةِ نَحِيفًا أَجْنَى كَثِيرَ الشَّعْرِ خَفِيفَ الْعَارِضَيْنِ لَهُ شَمَطٌ كَثِيرٌ لَا يَخْضِبُ
- حَدَّثَنَا فَارُوقٌ الْخَطَّابِيُّ، ثنا زِيَادُ بْنُ الْخَلِيلِ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، «فِي تَسْمِيَةِ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنْ بَنِي تَمِيمِ بْنِ مُرَّةَ، بِلَالُ بْنُ رَبَاحٍ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ»
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا أَبُو الزِّنْبَاعِ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: " تُوُفِّيَ بِلَالٌ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ وَيُقَالُ: إِنَّهُ تِرْبُ أَبِي بَكْرٍ بِدِمَشْقَ فِي الطَّاعُونِ، وَدُفِنَ عِنْدَ بَابِ الصَّغِيرِ، وَيُكْنَى أَبَا عَبْدِ اللهِ، فِي سَنَةِ سَبْعٍ أَوْ ثَمَانِ عَشْرَةَ، وهُوَ مِنْ مَوْلِدِي السَّرَايَاهُ، وَيُقَالُ: يُكْنَى أَبَا عَمْرٍو "
- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَأَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، قَالَا: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا قُتَيْبَةُ، ثنا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «أَعْتَقَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مِمَّنْ يُعَذَّبُ فِي اللهِ سَبْعَةً؛ مِنْهُمْ بِلَالٌ وَعَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ»
- حَدَّثَنَا الطَّلْحِيُّ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمَاجُشُونُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَقُولُ: «أَبُو بَكْرٍ سَيِّدُنَا وَأَعْتَقَ سَيِّدَنَا، يَعْنِي بِلَالًا»
- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ، قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ الثَّقَفِيُّ، ثنا قُتَيْبَةُ، ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: أَوَّلُ مَنْ أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ سَبْعَةٌ: رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَخَبَّابٌ وَصُهَيْبٌ، وَبِلَالٌ وَعَمَّارٌ وَأُمُّهُ سُمَيَّةُ، فَجَعَلَ الْمُشْرِكُونَ يُعَنِّفُونَ بِلَالًا وَيَقُولُ: أَحَدٌ أَحَدٌ، هَانَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ فِي اللهِ، وَهَانَ عَلَى قَوْمِهِ، أَخَذُوهُ فَكَتَّفُوهُ، ثُمَّ جَعَلُوا فِي عُنُقِهِ حَبْلًا مِنْ لِيفٍ فَدَفَعُوهُ إِلَى صِبْيَانِهِمْ، فَجَعَلُوا يَلْعَبُونَ بِهِ بَيْنَ أَخْشَبِي مَكَّةَ حَتَّى مَلُّوهُ فَتَرَكُوهُ "
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: " ذَكَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَضْلَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، فَجَعَلَ يَصِفُ مَنَاقِبَهُ، ثُمَّ: وَهَذَا سَيِّدُنَا بِلَالٌ حَسَنَةٌ مِنْ حَسَنَاتِ أَبِي بَكْرٍ " وَمِنْ مَسَانِيدِ حَدِيثِهِ
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا أَبُو يَحْيَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، ثنا الْهَيْثَمُ بْنُ يَمَانٍ، ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الطَّلْحِيُّ، ثنا الْحَضْرَمِيُّ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّلْحِيُّ، ثنا شَبَابَةُ، قَالَا: ثنا أَيُّوبُ بْنُ سَيَّارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، عَنْ بِلَالٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا بِلَالُ أَصْبِحُوا بِالصُّبْحِ فَإِنَّهُ خَيْرٌ لَكُمْ»
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَبُو جَعْفَرٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُؤَمَّلِ الصُّورِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْمُسْتَمْلِي، ثنا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، ثنا أَيُّوبُ بْنُ سَيَّارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ بِلَالٍ، قَالَ: أَذَّنْتُ فِي غَدَاةٍ بَارِدَةٍ فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَرَ فِي الْمَسْجِدِ أَحَدًا فَقَالَ: «أَيْنَ النَّاسُ يَا بِلَالُ؟» فَقُلْتُ: حَبَسَهُمُ الْقُرُّ، فَقَالَ: «اللهُمَّ أَذْهِبْ عَنْهُمُ الْبَرْدَ» ، قَالَ: فَلَقَدْ رَأَيْتُهُمْ يَتَرَوَّحُونَ فِي الصَّلَاةِ " وَرَوَاهُ الْحِمَّانِيُّ وَغَيْرُهُ، عَنْ أَيُّوبَ مِثْلَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَبَا بَكْرٍ
- حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ السَّدُوسِيُّ، ثنا أَبُو بِلَالٍ الْأَشْعَرِيُّ مِرْدَاسُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ، ثنا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنْ بِلَالٍ، قَالَ: كَانَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدِي تَمْرٌ فَتَغَيَّرَ فَأَخْرَجَتْهُ إِلَى السُّوقِ فَبِعْتُهُ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ، فَلَمَّا قَدَّمْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ قَالَ: «مَا هَذَا يَا بِلَالُ» ؟ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: «مَهْلًا أَرْبَيْتَ، ارْدُدِ الْبَيْعَ ثُمَّ بِعْ تَمْرَنَا بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ حِنْطَةٍ ثُمَّ اشْتَرِ بِهِ تَمْرًا» ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «التَّمْرُ بِالتَّمْرِ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَالْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَالذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَزْنًا بِوَزْنٍ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَزْنًا بِوَزْنٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَ النَّوْعَانِ فَلَا بَأْسَ وَاحِدٌ بِعَشَرَةٍ» رَوَاهُ جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ بِلَالٍ وَلَمْ يَذْكُرْ عُمَرَ
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَاكِرٍ، ثنا هَاشِمُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، ثنا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ سِيَاهٍ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو دَهْقَانَةَ التَّيْمِيُّ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَحَدَّثَ، عَنْ بِلَالٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُ ضَيْفٌ فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ بِطَعَامٍ قَالَ: فَكَانَ التَّمْرُ دُونًا فَأَخَذْتُ صَاعَيْنِ فَأَبْدَلْتُهُمَا بِصَاعٍ، قَالَ: فَأَتَيْتُهُ فَسَأَلَنِي عَنِ التَّمْرِ، فَأَخْبَرْتُهُ أَنِّي أَبْدَلْتُ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ، قَالَ: فَقَالَ: «رُدَّ عَلَيْنَا تَمْرَنَا» رَوَاهُ الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى السِّينَانِيُّ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ نَحْوَهُ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، ثنا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، ثنا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا قَيْسٌ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بِلَالٍ وَعِنْدَهُ صُبْرٌ مِنْ تَمْرٍ، فَقَالَ: «مَا هَذَا يَا بِلَالُ؟» قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ لَكَ وَلِضِيفَانِكَ، قَالَ: «أَمَا تَخْشَى أَنْ يَكُونَ لَهُ بُخَارٌ فِي النَّارِ، أَنْفِقْ بِلَالََا وَلَا تَخْشَ مِنْ ذِي الْعَرْشِ إِقْلَالًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَأَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ، عَنْ قَيْسٍ مِثْلَهُ
- حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْمُقْرِئُ، ثنا جُبَارَةُ بْنُ مُغَلِّسٍ، ثنا أَبُو حَمَّادٍ الْحَنَفِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ بِلَالٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا بِلَالُ عِنْدَكَ شَيْءٌ؟» فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَجِئْتُهُ بِهِ، فَقَالَ: «بَقِيَ عِنْدَكَ شَيْءٌ يَا بِلَالُ؟» فَقُلْتُ: مَا بَقِيَ عِنْدِي شَيْءٌ إِلَّا قَدْرُ قَبْضَةٍ، قَالَ: «أَنْفِقْ بِلَالُ وَلَا تَخْشَ مِنْ ذِي الْعَرْشِ إِقْلَالًا» رَوَاهُ إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، وَقَالَ: «أَطْعِمْنَا يَا بِلَالُ تَمْرًا» فَقَبَضْتُ لَهُ قَبَضَاتٍ فَذَكَرَ نَحْوَهُ
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، وَفَارُوقٌ الْخَطَّابِيُّ، قَالَا: ثنا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَشِّيُّ، ثنا بَكَّارُ السِّيرِينِيُّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى بِلَالٍ وَعِنْدَهُ صُبْرٌ مِنْ تَمْرٍ، فَقَالَ: «مَا هَذَا يَا بِلَالُ؟» قَالَ: تَمْرٌ أَدَّخِرُهُ، قَالَ: «وَيْحَكَ يَا بِلَالُ أَوَ مَا تَخَافُ أَنْ يَكُونَ لَهُ بُخَارٌ فِي النَّارِ، أَنْفِقْ بِلَالُ وَلَا تَخْشَ مِنْ ذِي الْعَرْشِ إِقْلَالًا» وَرَوَاهُ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدٍ
- حَدَّثَنَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا الْفِرْيَابِيُّ، ثنا بِشْرُ بْنُ سَيْحَانُ، ثنا حَرْبُ بْنُ مَيْمُونٍ، ثنا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَادَ بِلَالًا فَأَخْرَجَ لَهُ صُبْرًا مِنْ تَمْرٍ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَرَوَاهُ يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ
- حَدَّثَنَاهُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ رَوْحٍ الْبَغْدَادِيُّ الْبَرْدِيجِيُّ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ، ثنا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى بِلَالٍ وَعِنْدَهُ صُبْرٌ مِنْ تَمْرٍ. . . الْحَدِيثَ

ذكوان السمان أبو صالح

ذكوان السمان، أبو صالح
قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن يمان، عن الأعمش، عن أبي صالح، قال: ما كنت أتمنى من الدنيا إلا ثوبين نظيفين أجالس فيهما أبا هريرة.
"مسائل صالح" (1230)

وقال عبد اللَّه: قال أبي: أبو صالح ذكوان مولى غطفان وهو أبو سهيل وهو السمان وهو الزيات روى عنه الكوفيون وأهل المدينة فيروي عنه من أهل المدينة سمي، وزيد بن أسلم، والقعقاع بن حكيم، وعبد اللَّه بن دينار
ومن أهل الكوفة الأعمش، والحكم، وعاصم بن أبي النجود.
"الأسامي والكنى" (55)

قال أبو داود: سمعت أحمد قال: أبو صالح، أبو سهيل، هو: أبو صالح مولى غطفان، وهو أبو صالح السمان، وهو أبو صالح الزيات، وكان أحد الثقات، سمع منه الكوفيون، كان يقدم عليهم.
"سؤالات أبي داود" (72)

قال ابن أبي خيثمة: سمعت أحمد بن حنبل يقول: أبو صالح ذكوان مولى غطفان، وهو أبو سهيل وهو السمان وهو الزيات، روى عنه الكوفيون وأهل المدينة، يروي عنه سُمي، وزيد بن أسلم والقعقاع بن حكيم وعبد اللَّه بن دينار من أهل المدينة، ومن أهل الكوفة: الأعمش، وعاصم بن أبي النجود.
"تاريخ بن أبي خيثمة" (2426)

قال عبد اللَّه: وسمعته يقول: محمد بن سيرين في أبي هريرة لا يقدم عليه أحد.
قلت: فأبو صالح ذكوان؟ قال: محمد بن سيرين -يعني: فوقه- وأبو صالح أكبر منه، لا يقدم عليه أحد.
قلت: سعيد بن المسيب؟
قال: جميع حسبك بهما، سعيد أكبر من أبي سلمة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (664)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع، عن الأعمش، عن أبي صالح قال: كان أبو هريرة من أحفظ أصحاب محمد ولم يكن من أفضلهم.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4088)
وقال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: قال شعبة: حدثنا سليمان الأعمش، عن أبي صالح. وحدثنا عصام بن أبي النجود، عن أبي صالح، عن أبي هريرة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4509)

وقال عبد اللَّه: قلت لأبي: أبو صالح السمان؟
قال: هو أوثقهم، قالوا: ثقة ثقة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4723)

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع وعبد اللَّه بن داود، عن الأعمش، عن أبي صالح، قال قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بعثت مهداة ورحمة" (1).
"العلل" رواية عبد اللَّه (5844)

وقال عبد اللَّه: قلت لأبي: أبو صالح ذكوان فوق عبد الرحمن بن يعقوب، أبو العلاء، فقال: أبو صالح من أجلة الناس، وأوثقهم من أصحاب أبي هريرة، وقد شهد الدار، يعني: زمن عثمان -رضي اللَّه عنه- وهو ثقة ثقة.
"الجرح والتعديل" 3/ 450، "تهذيب الكمال" 8/ 515

قال الميموني، عن أحمد بن حنبل، عن يحيى بن آدم. عن الأعمش، قال أبو صالح: ما كنت أتمنى من الدنيا إلا يومين أجالس فيهما أبا هريرة.
قال أبو عبد اللَّه: ولعله قد ذكر فيهما: أبيضين.
قال الميموني: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: لما ذكر أبا صالح: كانت له لحية طويلة، فإذا ذكر عثمان بكى، فارتجت لحيته، وقال: هاه هاه. وذكر أبو عبد اللَّه من فضله.
"تهذيب الكمال" 8/ 515 - 516، "سير أعلام النبلاء" 5/ 37

عبد الله بن عباس البحر أبو العباس الهاشمي

عَبْدُ اللهِ بنُ عَبَّاسٍ البَحْرُ أَبُو العَبَّاسِ الهَاشِمِيُّ
حَبْرُ الأُمَّةِ، وَفَقِيْهُ العَصْرِ، وَإِمَامُ التَّفْسِيْرِ، أَبُو العَبَّاسِ عَبْدُ اللهِ، ابْنُ
عَمِّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - العَبَّاسِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ شَيْبَةَ بنِ هَاشِمٍ، وَاسْمُهُ عَمْرُو بنُ عَبْدِ مَنَافٍ بنِ قُصَيِّ بنِ كِلاَبِ بنِ مُرَّةَ بنِ كَعْبِ بنِ لُؤَيِّ بنِ غَالِبِ بنِ فِهْرٍ القُرَشِيُّ، الهَاشِمِيُّ، المَكِّيُّ، الأَمِيْرُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -.مَوْلِدُهُ: بِشِعْبِ بَنِي هَاشِمٍ، قَبْلَ عَامِ الهِجْرَةِ بِثَلاَثِ سِنِيْنَ.
صَحِبَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَحْواً مِنْ ثَلاَثينَ شَهْراً، وَحَدَّثَ عَنْهُ بِجُمْلَةٍ صَالِحَةٍ.
وَعَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَمُعَاذٍ، وَوَالِدِهِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، وَأَبِي سُفْيَانَ صَخْرِ بنِ حَرْبٍ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَأُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، وَزَيْدِ بنِ ثَابِتٍ، وَخَلْقٍ.
وَقَرَأَ عَلَى: أُبَيٍّ، وَزَيْدٍ.
قَرَأَ عَلَيْهِ: مُجَاهِدٌ، وَسَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ، وَطَائِفَةٌ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُه؛ عَلِيٌّ، وَابْنُ أَخِيْهِ؛ عَبْدُ اللهِ بنُ مَعْبَدٍ، وَمَوَالِيهِ؛ عِكْرِمَةُ، وَمِقْسَمٌ، وَكُرَيْبٌ، وَأَبُو مَعْبَدٍ نَافِذٌ، وَأَنَسُ بنُ مَالِكٍ، وَأَبُو الطُّفَيْلِ، وَأَبُو أُمَامَةَ بنُ سَهْلٍ، وَأَخُوْهُ؛ كَثِيْرُ بنُ العَبَّاسِ، وَعُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَطَاوُوْسٌ، وَأَبُو الشَّعْثَاءِ جَابِرٌ، وَعَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ، وَسَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ، وَمُجَاهِدُ بنُ جَبْرٍ، وَالقَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ؛ وَأَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ، وَأَبُو رَجَاءٍ العُطَارِدِيُّ، وَأَبُو العَالِيَةِ، وَعُبَيْدُ بنُ عُمَيْرٍ، وَابْنُهُ؛ عَبْدُ اللهِ، وَعَطَاءُ بنُ يَسَارٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مَعْبَدٍ، وَأَرْبَدَةُ التَّمِيْمِيُّ -
صَاحِبُ التَّفْسِيْرِ - وَأَبُو صَالِحٍ بَاذَامُ، وَطَلِيْقُ بنُ قَيْسٍ الحَنَفِيُّ، وَعَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالحَسَنُ، وَابْنُ سِيْرِيْنَ؛ وَمُحَمَّدُ بنُ كَعْبٍ القُرَظِيُّ، وَشَهْرُ بنُ حَوْشَبٍ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَعَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ أَبِي يَزِيْدَ، وَأَبُو جَمْرَةَ نَصْرُ بنُ عِمْرَانَ الضُّبَعِيُّ، وَالضَّحَّاكُ بنُ مُزَاحِمٍ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ المَكِّيُّ، وَبَكْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ المُزَنِيُّ، وَحَبِيْبُ بنُ أَبِي ثَابِتٍ، وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي الحَسَنِ، وَإِسْمَاعِيْلُ السُّدِّيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.وَفِي (التَّهْذِيْبِ) مِنَ الرُّوَاةِ عَنْهُ: مائَتَانِ، سِوَى ثَلاَثَةِ أَنْفُسٍ.
وَأُمُّهُ؛ هِيَ أُمُّ الفَضْلِ لُبَابَةُ بِنْتُ الحَارِثِ بنِ حَزْنِ بنِ بُجَيْرٍ الهِلاَلِيَّةُ، مِنْ هِلاَلِ بنِ عَامِرٍ.
وَلَهُ جَمَاعَةُ أَوْلاَدٍ؛ أَكْبَرُهُمُ: العَبَّاسُ - وَبهِ كَانَ يُكْنَى - وَعَلِيٌّ أَبُو الخُلَفَاءِ - وَهُوَ أَصْغَرُهُم - وَالفَضْلُ، وَمُحَمَّدٌ، وَعُبَيْدُ اللهِ، وَلُبَابَةُ، وَأَسْمَاءُ.
وَكَانَ وَسِيماً، جَمِيْلاً، مَدِيدَ القَامَةِ، مَهِيباً، كَامِلَ العَقْلِ، ذَكِيَّ النَّفْسِ، مِنْ رِجَالِ الكَمَالِ.
وَأَوْلاَدُهُ: الفَضْلُ، وَمُحَمَّدٌ، وَعُبَيْدُ اللهِ، مَاتُوا وَلاَ عَقِبَ لَهُم.
وَلُبَابَةُ، وَلَهَا أَوْلاَدٌ، وَعَقِبٌ مِنْ زَوْجِهَا عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرِ بنِ أَبِي طَالِبٍ، وَبِنْتُهُ الأُخْرَى أَسْمَاءُ، وَكَانَتْ عِنْدَ ابْنِ عَمِّهَا عَبْدِ اللهِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ العَبَّاسِ، فَوَلَدَتْ لَهُ: حَسَناً، وَحُسَيْناً.
انتَقَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَعَ أَبَويهِ إِلَى دَارِ الهِجْرَةِ سَنَةَ الفَتْحِ، وَقَدْ أَسْلَمَ قَبلَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ صَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ:
كُنْتُ أَنَا وَأُمِّي مِنَ المُسْتَضْعَفِيْنَ؛ أَنَا مِنَ الوِلْدَانِ، وَأُمِّي مِنَ النِّسَاءِ.
رَوَى: خَالِدٌ الحَذَّاءُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:مَسَحَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأْسِي، وَدَعَا لِي بِالحِكْمَةِ.
شَبِيْبُ بنُ بِشْرٍ: عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
دَخَلَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المَخْرَجَ وَخَرَجَ، فَإِذَا تَوْرٌ مُغَطَّى،
قَالَ: (مَنْ صَنَعَ هَذَا؟) .
فَقُلْتُ: أَنَا.
فَقَالَ: (اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ تَأْوِيْلَ القُرْآنِ ) .
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
أَقْبَلْتُ عَلَى أَتَانٍ، وَقَدْ نَاهَزتُ الاحْتِلاَمَ، وَرَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي بِالنَّاسِ بِمِنَىً.
وَرَوَى: أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:تُوُفِّيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَا ابْنُ عَشرٍ.
رَوَاهُ: شُعْبَةُ، وَغَيْرُه، عَنْهُ.
وَقَالَ هُشَيْمٌ: أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيْدٍ، عَنْهُ:
جَمعْتُ المُحْكَمَ فِي عَهْدِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقُبِضَ وَأَنَا ابْنُ عَشْرِ حِجَجٍ.
وَقَالَ شُعْبَةُ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
تُوُفِّيَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَأَنَا خَتِيْنٌ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: لاَ خِلاَفَ أَنَّهُ وُلِدَ فِي الشِّعْبِ، وَبَنُو هَاشِمٍ مَحْصُوْرُوْنَ، فَوُلِدَ قَبْلَ خُرُوجِهِم مِنْهُ بِيَسِيْرٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ الهِجْرَةِ بِثَلاَثِ سِنِيْنَ.
أَلاَ تَرَاهُ يَقُوْلُ: وَقَدْ رَاهَقْنَا الاحْتِلاَمَ.
وَهَذَا أَثْبَتُ مِمَّا نَقَلهُ أَبُو بِشْرٍ فِي سِنِّهِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ - فِيمَا رَوَاهُ ابْنُه عَبْدُ اللهِ عَنْهُ -: حَدِيْثُ أَبِي بِشْرٍ عِنْدِي وَاهٍ، قَدْ رَوَى أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيْدٍ، فَقَالَ: خَمْسَ عَشْرَةَ.وَهَذَا يُوَافقُ حَدِيْثَ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ.
قَالَ الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: تُوُفِّيَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلابْنِ عَبَّاسٍ ثَلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً.
قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: غَزَا ابْنُ عَبَّاسٍ إِفْرِيْقِيَةَ مَعَ ابْنِ أَبِي سَرْحٍ؛ وَرَوَى عَنْهُ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ: خَمسَةَ عَشَرَ نَفْساً.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَةَ: أُمُّهُ هِيَ: أُمُّ الفَضْلِ، أُخْتُ أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ مَيْمُوْنَةَ، وُلِدَ قَبْلَ الهِجْرَةِ بِسَنَتَيْنِ.
وَكَانَ أَبيضَ، طَوِيْلاً، مُشْرَباً صُفْرَةً، جَسِيماً، وَسِيماً، صَبِيْحَ الوَجْهِ، لَهُ وَفْرَةٌ، يَخْضِبُ بِالحِنَّاءِ، دَعَا لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالحِكْمَةِ.
قُلْتُ: وَهُوَ ابْنُ خَالَةِ خَالِدِ بنِ الوَلِيْدِ المَخْزُوْمِيِّ.
سَعِيْدُ بنُ سَالِمٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ:
كُنَّا جُلُوْساً مَعَ عَطَاءٍ فِي المَسْجَدِ الحَرَامِ، فَتَذَاكَرْنَا ابْنَ عَبَّاسٍ؛ فَقَالَ عَطَاءٌ:
مَا رَأَيْتُ القَمَرَ لَيْلَةَ أَرْبَعَ
عَشْرَةَ إِلاَّ ذَكَرتُ وَجْهَ ابْنِ عَبَّاسٍ.إِبْرَاهِيْمُ بنُ الحَكَمِ بنِ أَبَانَ: عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ:
كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِذَا مَرَّ فِي الطَّرِيْقِ، قُلْنَ النِّسَاءُ عَلَى الحِيْطَانِ: أَمَرَّ المِسْكُ، أَمْ مَرَّ ابْنُ عَبَّاسٍ؟
الزُّبَيْرُ: حَدَّثَنِي سَاعِدَةُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ المُزَنِيُّ، عَنْ دَاوُدَ بنِ عَطَاءٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
أَنَّ عُمَرَ دَعَا ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَرَّبه، وَكَانَ يَقُوْلُ:
إِنِّيْ رَأَيتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَعَاكَ يَوْماً، فَمَسحَ رَأْسَكَ، وَتَفَلَ فِي فِيْكَ، وَقَالَ: (اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّيْنِ، وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيْلَ ) .
دَاوُدُ: مَدَنِيٌّ، ضَعِيْفٌ.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، وَغَيْرُه: عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عُثْمَانَ بنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
بِتُّ فِي بَيْتِ خَالَتِي مَيْمُوْنَةَ، فَوَضَعتُ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غُسْلاً، فَقَالَ: (مَنْ وَضَعَ هَذَا؟) .
قَالُوا: عَبْدُ اللهِ.
فَقَالَ: (اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ التَّأْوِيْلَ، وَفَقِّهْهُ فِي الدِّيْنِ).
أَخْبَرْنَا إِسْحَاقُ الأَسَدِيُّ، أَخْبَرْنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرْنَا اللَّبَّانُ، أَخْبَرْنَا الحَدَّادُ، أَخْبَرْنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ الهَيْثَمِ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي العَوَّامِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ بَكْرٍ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بنُ أَبِي صَغِيْرَةَ، عَنْ عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ: أَنَّ كُرَيْباً أَخْبَرَهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:صَلَّيْتُ خَلفَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، فَجَعَلَنِي حِذَاءهُ، فَلَمَّا انْصرفَ، قُلْتُ: وَيَنْبَغِي لأَحدٍ أَنْ يُصَلِّيَ حِذَاءكَ وَأَنْتَ رَسُوْلُ اللهِ؟!
فَدَعَا اللهَ أَنْ يَزِيْدَنِي فَهْماً وَعِلْماً.
حَاتِمُ بنُ أَبِي صَغِيْرَةَ: عَنْ عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَعَا لَهُ: أَنْ يَزِيدَهُ اللهُ فَهْماً وَعِلْماً.
وَرْقَاءُ : سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللهِ بنَ أَبِي يَزِيْدَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وَضَعْتُ
لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَضُوءاً، فَقَالَ: (اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّيْنِ، وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيْلَ) .وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: دَعَا لِي رَسُوْلُ اللهِ بِالحِكْمَةِ مَرَّتينِ.
كَوْثَرُ بنُ حَكِيْمٍ - وَاهٍ -: عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، مَرْفُوعاً: (إِنَّ حَبْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ ابْنُ عَبَّاسٍ) .
تَفَرَّد بِهِ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ يَزِيْدَ الرُّهَاوِيُّ.
عَبْدُ المُؤْمِنِ بنُ خَالِدٍ: عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
انْتَهَيتُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعِنْدَهُ جِبْرِيْلُ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيْلُ: إِنَّهُ كَائِنٌ هَذَا حَبْرَ الأُمَّةِ، فَاسْتَوصِ بِهِ خَيراً.
حَدِيثٌ مُنْكَرٌ.
تَفَرَّدَ بِهِ: سَعْدَانُ بنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ المُؤْمِنِ.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: عَنْ عَمَّارِ بنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
كُنْتُ مَعَ أَبِي عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ كَالمُعْرِضِ عَنْ أَبِي، فَخَرَجنَا مِنْ عِنْدِهِ، فَقَالَ: أَلَمْ تَرَ ابْنَ عَمِّكَ كَالمُعْرِضِ عَنِّي؟
فَقُلْتُ: إِنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ رَجُلٌ يُنَاجِيهِ.
قَالَ: أَوَ كَانَ عِنْدَهُ أَحَدٌ؟
قُلْتُ: نَعَمْ.
فَرَجَعَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! هَلْ كَانَ عِنْدَكَ أَحَدٌ؟
فَقَالَ لِي: (هَلْ رَأَيْتَهُ يَا عَبْدَ اللهِ؟) .
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: (ذَاكَ جِبْرِيْلُ، فَهُوَ الَّذِي شَغَلَنِي عَنْكَ) .
أَخْرَجَهُ: أَحْمَدُ فِي (مُسْنَدِهِ ) .المِنْهَالُ بنُ بَحْرٍ: حَدَّثَنَا العَلاَءُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الفَضْلِ بنِ حَبِيْبٍ، عَنْ فُرَاتِ بنِ السَّائِبِ، عَنْ مَيْمُوْنِ بنِ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
مَررْتُ بِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ بِيضٌ نَقِيَّةٌ، وَهُوَ يُنَاجِي دِحْيَةَ بنَ خَلِيْفَةَ الكَلْبِيَّ، وَهُوَ جِبْرِيْلُ وَأَنَا لاَ أَعْلَمُ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟
فَقَالَ: ابْنُ عَمِّي.
قَالَ: مَا أَشَدَّ وَسَخَ ثِيَابهِ، أَمَا إِنَّ ذُرِّيَتَهُ سَتَسُودُ بَعْدَهُ.
ثُمَّ قَالَ لِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (رَأَيْتَ مَنْ يُنَاجِيْنِي؟) .
قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: (أَمَا إِنَّهُ سَيَذْهَبُ بَصَرُكَ ) .
إِسْنَادُهُ لَيِّنٌ.
ثَوْرُ بنُ زَيْدٍ الدِّيْلِيُّ، عَنْ مُوْسَى بنِ مَيْسَرَةَ:
أَنَّ العَبَّاسَ بَعثَ ابْنَهُ عَبْدَ اللهِ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَاجَةٍ، فَوَجَدَ عِنْدَهُ رَجُلاً، فَرَجَعَ، وَلَمْ يُكَلِّمْهُ.
فَلَقِيَ العَبَّاسُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ: أَرْسَلتُ إِلَيْكَ ابْنِي، فَوَجَدَ عِنْدَكَ رَجُلاً، فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُكَلِّمَهُ.
فَقَالَ: (يَا عَمِّ! تَدْرِي مَنْ ذَاكَ الرَّجُلُ؟) .
قَالَ: لاَ.
قَالَ: (ذَاكَ جِبْرِيْلُ لَقِيَنِي، لَنْ يَمُوْتَ ابْنُكَ حَتَّى يَذْهَبَ بَصَرُهُ، وَيُؤْتَى عِلْماً) .
رَوَى: سُلَيْمَانُ بنُ بِلاَلٍ، وَالدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ ثَوْرٍ، نَحْوَهُ.
وَقَدْ رَوَاهُ: مُحَمَّدُ بنُ زِيَادٍ الزِّيَادِيُّ، عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ، فَقَالَ: عَنْ أَيُّوْبَ، عَنْ مُوْسَى بنِ
مَيْسَرَةَ، عَنْ بَعْضِ وَلَدِ العَبَّاسِ ... ، فَذَكَرَهُ.زَكَرِيَّا بنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ:
دَخَلَ العَبَّاسُ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَرَ عِنْدَهُ أَحَداً،
فَقَالَ لَهُ ابْنُه عَبْدُ اللهِ: لَقَدْ رَأَيتُ عِنْدَهُ رَجُلاً.
فَسَأَلَ العَبَّاسُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: (ذَاكَ جِبْرِيْلُ ) .
هَذَا مُرْسَلٌ.
حِبَّانُ بنُ عَلِيٍّ: عَنْ رِشْدِيْنَ بنِ كُرَيْبٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
أَتيتُ خَالَتِي مَيْمُوْنَةَ، فَقَلْتُ: إِنِّيْ أُرِيْدُ أَنْ أَبِيْتَ اللَّيْلَةَ عِنْدَكُم.
فَقَالَتْ: وَكَيْفَ تَبِيْتُ، وَإِنَّمَا الفِرَاشُ وَاحِدٌ؟
فَقُلْتُ: لاَ حَاجَةَ لِي بِهِ، أَفْرُشُ إِزَارِي، وَأَمَّا الوِسَادُ، فَأَضَعُ رَأْسِي مَعَ رُؤُوْسِكُمَا مِنْ وَرَاءَ الوِسَادَةِ.
قَالَ: فَجَاءَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَحَدَّثَتْهُ مَيْمُوْنَةُ بِمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: (هَذَا شَيْخُ قُرَيْشٍ) .
إِسْنَادُهُ ضَعِيْفٌ.
قَرَأْتُ عَلَى إِسْحَاقَ بنِ طَارِقٍ، أَخْبَرَكُم ابْنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرْنَا اللَّبَّانُ، أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ المُقْرِئُ، أَخْبَرْنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا حَبِيْبٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا نَافِعُ بنُ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ:
سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا بَلَغَ مِنْ هَمِّ يُوْسُفَ؟
قَالَ: جَلَسَ يَحُلُّ هِمْيَانَهُ، فَصِيحَ بِهِ، يَا يُوْسُفُ! لاَ تَكُنْ كَالطَّيْرِ لَهُ رِيْشٌ، فَإِذَا زَنَى، قَعَدَ لَيْسَ لَهُ رِيْشٌ.
صَالِحُ بنُ رُسْتُمَ الخَزَّازُ: عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ:صَحِبْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ مِنْ مَكَّةَ إِلَى المَدِيْنَةِ، فَكَانَ إِذَا نَزَلَ، قَامَ شَطْرَ اللَّيْلِ، فَسَأَلَهُ أَيُّوْبُ: كَيْفَ كَانَتْ قِرَاءتُهُ؟
قَالَ: قَرَأَ: {وَجَاءتْ سَكْرَةُ المَوْتِ بِالحَقِّ، ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيْدُ} [ق: 19] ، فَجَعَلَ يُرَتِّلُ، وَيُكْثِرُ فِي ذَلِكَ النَّشِيْجَ.
ابْنُ جُرَيْجٍ: عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ:
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ذَهَبَ النَّاسُ وَبَقِيَ النَّسْنَاسُ.
قِيْلَ: مَا النَّسْنَاسُ؟
قَالَ: الَّذِيْنَ يُشْبِهُوْنَ النَّاسَ وَلَيْسُوا بِالنَّاسِ.
ابْنُ طَاوُوْسٍ: عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
قَالَ لِي مُعَاوِيَةُ: أَنْتَ عَلَى مِلَّةِ عَلِيٍّ؟
قُلْتُ: وَلاَ عَلَى مِلَّةِ عُثْمَانَ، أَنَا عَلَى مِلَّةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَعَنْ طَاوُوْسٍ، قَالَ:
مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَشدَّ تَعْظِيماً لِحُرُمَاتِ اللهِ مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
جَرِيرُ بنُ حَازِمٍ: عَنْ يَعْلَى بنِ حَكِيْمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُلْتُ لِرَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ: هَلُمَّ نَسْأَلْ أَصْحَابَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُمُ اليَوْمَ كَثِيْرٌ.
فَقَالَ: وَاعَجَباً لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ! أَتَرَى النَّاسَ يَحْتَاجُونَ إِلَيْكَ، وَفِي النَّاسِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلاَةُ
والسَّلاَمُ - مَنْ تَرَى؟فَتَرَكَ ذَلِكَ، وَأَقْبَلْتُ عَلَى المَسْألَةِ، فَإِنْ كَانَ لَيبْلُغُنِي الحَدِيْثُ عَنِ الرَّجُلِ، فَآتِيهِ وَهُوَ قَائِلٌ، فَأَتَوَسَّدُ رِدَائِي عَلَى بَابِهِ، فَتَسْفِي الرِّيْحُ عَلَيَّ التُّرَابَ، فَيَخرجُ، فَيَرَانِي، فَيَقُوْلُ: يَا ابْنَ عَمِّ رَسُوْلِ اللهِ! أَلاَ أَرْسَلتَ إِلَيَّ فَآتِيَكَ؟
فَأَقُوْلُ: أَنَا أَحَقُّ أَنْ آتِيَكَ، فَأَسْأَلَكَ.
قَالَ: فَبَقِيَ الرَّجُلُ حَتَّى رَآنِي وَقَدِ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيَّ، فَقَالَ: هَذَا الفَتَى أَعقَلُ مِنِّي.
عَبْدُ المَلِكِ بنُ أَبِي سُلَيْمَانَ: عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، قَالَ:
كَانَ نَاسٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ قَدْ وَجَدُوا عَلَى عُمَرَ فِي إِدْنَائِهِ ابْنَ عَبَّاسٍ دُوْنَهم.
قَالَ: وَكَانَ يَسْأَلُهُ، فَقَالَ عُمَرُ: أَمَا إِنِّيْ سَأُرِيْكُمُ اليَوْمَ مِنْهُ مَا تَعْرِفُوْنَ فَضْلَهُ.
فَسَأَلَهُم عَنْ هَذِهِ السُّوْرَةِ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ} [النَّصْرُ: 1] ، فَقَالَ بَعْضُهُم:
أَمَرَ اللهُ نَبِيَّهُ إِذَا رَأَى النَّاسَ يَدخُلُوْنَ فِي دِيْنِ اللهِ أَفْوَاجاً أَنْ يَحْمَدَهُ وَيَسْتَغْفِرَهُ.
فَقَالَ عُمَرُ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، تَكَلَّمْ.
فَقَالَ: أَعْلَمَهُ مَتَى يَمُوتُ، أَيْ: فَهِيَ آيَتُكَ مِنَ المَوْتِ، فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ.
وَرَوَى نَحْوَهُ: أَحْمَدُ فِي (مُسْنَدِهِ) : حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو: عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
وَجَدْتُ عَامَّةَ عِلْمِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ هَذَا الحَيِّ مِنَ الأَنْصَارِ، إِنْ كُنْتُ لآتِي الرَّجُلَ مِنْهُم، فَيُقَالُ: هُوَ نَائِمٌ؛ فَلَو شِئْتُ أَنْ يُوْقَظَ لِي، فَأَدَعُهُ حَتَّى يَخرُجَ لأَسْتطِيبَ بِذَلِكَ قَلْبَهُ.
يَزِيْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ: عَنْ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلِ، عَنْ طَاوُوْسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
إِنْ كُنْتُ لأَسْأَلُ عَنِ الأَمرِ الوَاحِدِ ثَلاَثِيْنَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
إِسْنَادُه صَحِيْحٌ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ أَبِي بَكْرٍ الهُذَلِيِّ، عَنِ الحَسَنِ، قَالَ:
كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ مِنَ الإِسْلاَمِ بِمَنْزِلٍ، وَكَانَ مِنَ القُرْآنِ بِمَنْزِلٍ، وَكَانَ يَقُومُ عَلَى مِنْبَرِنَا هَذَا، فَيَقرَأُ البَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ، فَيُفَسِّرُهُمَا آيَةً آيَةً. وَكَانَ عُمَرُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - إِذَا
ذَكَرَهُ، قَالَ:ذَلِكَ فَتَى الكُهُولِ، لَهُ لِسَانٌ سَؤُولٌ، وَقَلْبٌ عَقُوْلٌ.
إِسْرَائِيْلُ: أَخْبَرَنَا سِمَاكٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
كُلُّ القُرْآنِ أَعْلَمُهُ إِلاَّ ثَلاَثاً؛ (الرَّقِيْمَ) ، و (غِسْلِيْنَ) ، و (حَنَاناً ) .
يَحْيَى بنُ يَمَانٍ: عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، قَالَ:
قَالَ عُمَرُ لابْنِ عَبَّاسٍ: لَقَدْ عَلِمْتَ عِلْماً مَا عَلِمْنَاهُ.
عَاصِمُ بنُ كُلَيْب: عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
دَعَانِي عُمَرُ مَعَ الأَكَابِرِ، وَيَقُوْلُ لِي: لاَ تَتَكَلَّمْ حَتَّى يَتَكَلَّمُوا، ثُمَّ يَسْأَلُنِي، ثُمَّ يُقْبِلُ عَلَيْهِم، فَيَقُوْلُ:
مَا مَنَعَكُم أَنْ تَأْتُونِي بِمِثلِ مَا يَأْتِينِي بِهِ هَذَا الغُلاَمُ الَّذِي لَمْ تَسْتَوِ شُؤُونُ رَأْسِهِ.
مَعْمَرٌ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ:
قَالَ المُهَاجِرُوْنَ لِعُمَرَ: أَلاَ تَدْعُو أَبْنَاءنَا كَمَا تَدْعُو ابْنَ عَبَّاسٍ؟
قَالَ: ذَاكُم فَتَى الكُهُولِ؛ إِنَّ لَهُ لِسَاناً سَؤُولاً، وَقَلْباً عَقُوْلاً.
مُوْسَى بنُ عُبَيْدَةَ: عَنْ يَعْقُوْبَ بنِ زَيْدٍ، قَالَ:كَانَ عُمَرُ يَسْتَشِيرُ ابْنَ عَبَّاسٍ فِي الأَمْرِ إِذَا أَهَمَّه، وَيَقُوْلُ: غُصْ غَوَّاصُ.
أَبُو يَحْيَى الحِمَّانِيُّ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ:
قَالَ عُمَرُ: لاَ يَلُوْمَنِّي أَحَدٌ عَلَى حُبِّ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَعَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ لِي أَبِي: يَا بُنَيَّ! إِنَّ عُمَرَ يُدنِيكَ، فَاحفَظْ عَنِّي ثَلاَثاً: لاَ تُفْشِيَنَّ لَهُ سِرّاً، وَلاَ تَغْتَابَنَّ عِنْدَهُ أَحَداً، وَلاَ يُجَرِّبَنَّ عَلَيْكَ كَذِباً.
ابْنُ عُلَيَّةَ: حَدَّثَنَا أَيُّوْبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ:
أَنَّ عَلِيّاً حَرقَ نَاساً ارْتَدُّوا عَنِ الإِسْلاَمِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ:
لَمْ أَكُنْ لأَحرِقَهُم أَنَا بِالنَّارِ، إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (لاَ تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللهِ) .
وَكُنْتُ قَاتِلَهُم، لِقَوْلِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (مَنْ بَدَّلَ دِيْنَهُ، فَاقْتُلُوْهُ) .
فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيّاً، فَقَالَ: وَيْحَ ابْنِ أُمِّ الفَضْلِ، إِنَّهُ لَغَوَّاصٌ عَلَى الهَنَاتِ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ مُوْسَى بنِ سَعْدٍ، عَنْ عَامِرِ بنِ سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ:سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَحْضَرَ فَهْماً، وَلاَ أَلَبَّ لُبّاً، وَلاَ أَكْثَرَ عِلماً، وَلاَ أَوسعَ حِلماً مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، لَقَدْ رَأَيْتُ عُمَرَ يَدعُوْهُ لِلمُعْضِلاَتِ فَيَقُوْلُ: قَدْ جَاءت مُعْضِلَةٌ، ثُمَّ لاَ يُجَاوِزُ قَوْلَه، وَإِنَّ حَوْلَهُ لأَهْلُ بَدْرٍ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ مَالِكِ بنِ أَبِي عَامِرٍ، سَمِعَ طَلْحَةَ بنَ عُبَيْدِ اللهِ يَقُوْلُ:
لَقَدْ أُعْطِيَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَهْماً، وَلَقناً، وَعِلْماً، مَا كُنْتُ أَرَى عُمَرَ يُقَدِّمُ عَلَيْهِ أَحَداً.
الأَعْمَشُ: عَنْ مُسْلِمِ بنِ صُبَيْحٍ، عَنْ مَسْرُوْقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ، قَالَ:
لَوْ أَدْركَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَسْنَانَنَا، مَا عَشَرهُ مِنَّا أَحَدٌ.
وَفِي رِوَايَةٍ: مَا عَاشَرَهُ.
الأَعْمَشُ: حَدِّثُوْنَا: أَنَّ عَبْدَ اللهِ قَالَ: وَلَنِعْمَ تَرْجُمَانُ القُرْآنِ ابْنُ عَبَّاسٍ.
الأَعْمَشُ: عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، قَالَ:
قَالَ عَبْدُ اللهِ: لَوْ أَنَّ هَذَا الغُلاَمَ أَدْرَكَ مَا أَدْرَكْنَا، مَا تَعلَّقْنَا مَعَهُ بِشَيْءٍ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثنَا مَخْرَمَةُ بنُ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ بُسْرِ بنِ سَعِيْدٍ، عَنْ
مُحَمَّدِ بنِ أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ؛ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُوْلُ - وَكَانَ عِنْدَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَقَامَ -، فَقَالَ:هَذَا يَكُوْنُ حَبْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ، أَرَى عَقْلاً وَفَهْماً، وَقَدْ دَعَا لَهُ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُفَقِّهَهُ فِي الدِّيْنِ.
وَعَنْ عِكْرِمَةَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ يَقُوْلُ لِي: مَوْلاَكَ -وَاللهِ - أَفْقَهُ مَنْ مَاتَ وَمَنْ عَاشَ.
وَيُرْوَى عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: أَعْلَمُ مَنْ بَقِيَ بِالحجِّ ابْنُ عَبَّاسٍ.
قُلْتُ: وَقَدْ كَانَ يَرَى مُتعَةَ الحجِّ حَتْماً.
قَرَأْتُ عَلَى إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَكُم عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الفَقِيْهُ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ الأَنْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ بنُ بِشْرَانَ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ، حَدَّثنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ عَلِيِّ بنِ بَذِيْمَةَ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ الأَصَمِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
قَدِمَ عَلَى عُمَرَ رَجُلٌ، فَجَعَلَ عُمَرُ يَسْأَلُهُ عَنِ النَّاس، فَقَالَ: يَا أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ، قَدْ قَرَأَ القُرْآنَ مِنْهُم كَذَا وَكَذَا.
فَقُلْتُ: وَاللهِ مَا أُحِبُّ أَنْ يُسَارعُوا يَوْمَهم هَذَا فِي القُرْآنِ هَذِهِ المُسَارَعَةَ.
قَالَ: فَزَبَرَنِي عُمَر، ثُمَّ قَالَ: مَهْ.
فَانطَلَقتُ إِلَى مَنْزِلِي مُكْتَئِباً حَزِيناً، فَقُلْتُ: قَدْ كُنْتُ نَزَلتُ مِنْ هَذَا بِمَنْزِلَةٍ، وَلاَ أُرَانِي إِلاَّ قَدْ سَقَطتُ مِنْ نَفْسِهِ، فَاضْطَجَعتُ عَلَى فِرَاشِي، حَتَّى عَادَنِي نِسْوَةُ أَهْلِي وَمَا بِيَ وَجعٌ، فَبَيْنَا أَنَا عَلَى ذَلِكَ، قِيْلَ لِي: أَجِبْ أَمِيْرَ
المُؤْمِنِيْنَ.فَخَرَجتُ، فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ عَلَى البَابِ يَنْتَظِرُنِي، فَأَخَذَ بِيَدِي، ثُمَّ خَلاَ بِي، فَقَالَ: مَا الَّذِي كَرِهتَ مِمَّا قَالَ الرَّجُلُ آنِفاً؟
قُلْتُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، إِنْ كُنْتُ أَسَأْتُ، فَإِنِّي أَسْتَغْفِرُ اللهَ، وَأَتُوبُ إِلَيْهِ، وَأَنْزِلُ حَيْثُ أَحْبَبْتَ.
قَالَ: لَتُخْبِرَنِّي.
قُلْتُ: مَتَى مَا يُسَارِعُوا هَذِهِ المُسَارَعَةَ يَحْتَقُّوا، وَمَتَى مَا يَحْتَقُّوا يَخْتَصِمُوا، وَمَتَى مَا اخْتَصَمُوا يَخْتَلِفُوا، وَمَتَى مَا يَخْتَلِفُوا يَقْتَتِلُوا.
قَالَ: للهِ أَبُوْكَ، لَقَدْ كُنْتُ أَكْتُمُهَا النَّاسَ حَتَّى جِئْتَ بِهَا.
ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي مُرَّةَ - مَكِّيٌّ - حَدَّثَنَا نَافِعُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ:
أَنَّ أَهْلَ المَدِيْنَةِ كَلَّمُوا ابْنَ عَبَّاسٍ أَنْ يَحُجَّ بِهِم، فَدَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ، فَأَمَّرَهُ، فَحَجَّ، ثُمَّ رَجَعَ، فَوَجَدَ عُثْمَانَ قَدْ قُتِلَ؛ فَقَالَ لِعَلِيٍّ:
إِنْ أَنْتَ قُمْتَ بِهَذَا الأَمْرِ الآنَ، أَلْزَمَكَ النَّاسُ دَمَ عُثْمَانَ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ.
وَعَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
أَنَّهُ قَالَ لِعَلِيٍّ لَمَّا قَالَ: سِرْ، فَقَدْ وَلَّيْتُكَ الشَّامَ، فَقَالَ: مَا هَذَا بِرَأْيٍ، وَلَكِنِ اكْتُبْ إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَمَنِّهِ، وَعِدْهُ.
قَالَ: لاَ كَانَ هَذَا أَبَداً.
وَعَنْ عِكْرِمَةَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ يَقُوْلُ:
قُلْتُ لِعَلِيٍّ: لاَ تُحَكِّمْ أَبَا مُوْسَى، فَإِنَّ مَعَهُ رَجُلاً، حَذِراً، مَرِساً، قَارِحاً مِنَ الرِّجَالِ، فَلُزَّنِي إِلَى
جَنْبِهِ، فَإِنَّهُ لاَ يَحُلُّ عُقْدَةً إِلاَّ عَقَدْتُهَا، وَلاَ يَعْقِدُ عُقْدَةً إِلاَّ حَلَلْتُهَا.قَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ! فَمَا أَصْنَعُ؟ إِنَّمَا أُوْتَى مِنْ أَصْحَابِي، قَدْ ضَعُفَتْ نِيَّتُهُم وَكَلُّوا، هَذَا الأَشْعَثُ يَقُوْلُ: لاَ يَكُوْنُ فِيْهَا مُضَرِيَّانِ أَبَداً.
فَعَذَرْتُ عَلِيّاً.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَدْ فَاتَ النَّاسَ بِخِصَالٍ: بِعِلْمِ مَا سَبَقَ، وَفِقْهٍ فِيمَا احتِيجَ إِلَيْهِ مِنْ رَأْيِهِ، وَحِلْمٍ، وَنَسَبٍ، وَنَائِلٍ، وَمَا رَأَيْتُ أَحَداً أَعْلَمَ بِمَا سَبَقَهُ مِنْ حَدِيْثِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلاَ بِقَضَاءِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ مِنْهُ، وَلاَ أَعْلَمَ بِمَا مَضَى، وَلاَ أَثقَبَ رَأْياً فِيمَا احتِيجَ إِلَيْهِ مِنْهُ، وَلَقَدْ كُنَّا نَحضُرُ عِنْدَهُ، فَيُحَدِّثُنَا العَشِيَّةَ كُلَّهَا فِي المَغَازِي، وَالعَشِيَّةَ كُلَّهَا فِي النَّسَبِ، وَالعَشِيَّةَ كُلَّهَا فِي الشِّعْرِ.
ابْنُ جُرَيْجٍ: عَنْ طَاوُوْسٍ، قَالَ:
مَا رَأَيْتُ أَورَعَ مِنِ ابْنِ عُمَرَ، وَلاَ أَعْلَمَ مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً قَطُّ مِثْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ، لَقَدْ مَاتَ يَوْمَ مَاتَ وَإِنَّهُ لَحَبْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ.
الأَعْمَشُ: عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ:
كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُسَمَّى البَحْرَ؛ لِكَثْرَةِ عِلْمِهِ.
ابْنُ أَبِي نَجِيْحٍ: عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: مَا سَمِعْتُ فُتْيَا أَحْسَنَ مِنْ فُتْيَا ابْنِ
عَبَّاسٍ، إِلاَّ أَنْ يَقُوْلَ قَائِلٌ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.وَعَنْ طَاوُوْسٍ، قَالَ:
أَدْرَكْتُ نَحْواً مِنْ خَمْسِ مائَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، إِذَا ذَاكَرُوا ابْنَ عَبَّاسٍ، فَخَالَفُوهُ، فَلَمْ يَزَلْ يُقَرِّرُهُم حَتَّى يَنْتَهُوا إِلَى قَوْلِهِ.
قَالَ يَزِيْدُ بنُ الأَصَمِّ: خَرَجَ مُعَاوِيَةُ حَاجّاً مَعَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَكَانَ لِمُعَاوِيَةَ مَوْكِبٌ، وَلابْنِ عَبَّاسٍ مَوْكِبٌ مِمَّنْ يَطْلُبُ العِلْمَ.
الأَعْمَشُ: حَدَّثَنَا أَبُو وَائِلٍ، قَالَ:
خَطَبَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ، وَهُوَ أَمِيْرٌ عَلَى المَوْسِمِ، فَافْتَتَحَ سُورَةَ النُّوْرَ، فَجَعَلَ يَقْرَأُ، وَيُفَسِّرُ، فَجَعَلْتُ أَقُوْلُ:
مَا رَأَيْتُ وَلاَ سَمِعْتُ كَلاَمَ رَجُلٍ مِثْلَ هَذَا، لَوْ سَمِعَتْهُ فَارِسُ، وَالرُّوْمُ، وَالتُّرْكُ، لأَسْلَمَتْ.
وَرَوَى: عَاصِمُ بنُ بَهْدَلَةَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، مِثْلَهُ.
رَوَى: جُوَيْبِرٌ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ:
مَا رَأَيْتُ بَيْتاً أَكْثَرَ خُبْزاً وَلَحْماً مِنْ بَيْتِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
سُلَيْمُ بنُ أَخْضَرَ: عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، قَالَ:
أَنْبَأَنِي مَنْ أَرْسَلَهُ الحَكَمُ بنُ أَيُّوْبَ إِلَى الحَسَنِ، فَسَأَلَهُ: مَنْ أَوَّلُ مَنْ جَمَعَ النَّاسَ فِي هَذَا المَسْجَدِ يَوْمَ عَرَفَةَ؟
فَقَالَ: إِنَّ أَوَّلَ مَنْ جَمَعَ: ابْنُ عَبَّاسٍ.
وَعَنْ مَسْرُوْقٍ، قَالَ:
كُنْتُ إِذَا رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، قُلْتُ: أَجْمَلُ النَّاسِ، فَإِذَا نَطَقَ، قُلْتُ: أَفصَحُ النَّاسِ، فَإِذَا تَحَدَّثَ، قُلْتُ: أَعْلَمُ النَّاسِ.
قَالَ القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ: مَا رَأَيْتُ فِي مَجْلِسِ ابْنِ عَبَّاسٍ بَاطِلاً قَطُّ.
قَالَ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: لَمْ يُدْرَكْ مِثْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي زَمَانِهِ، وَلاَ مِثْلُ الشَّعْبِيِّ فِي زَمَانِهِ، وَلاَ مِثْلُ الثَّوْرِيِّ فِي زَمَانِهِ.أَبُو عَامِرٍ الخَزَّازُ: عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ:
صَحِبتُ ابْنَ عَبَّاسٍ مِنْ مَكَّةَ إِلَى المَدِيْنَةِ، فَكَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، فَإِذَا نَزَلَ، قَامَ شَطْرَ اللَّيْلِ، وَيُرَتِّلُ القُرْآنَ حَرْفاً حَرْفاً، وَيُكْثِرُ فِي ذَلِكَ مِنَ النَّشِيْجِ وَالنَّحِيْبِ.
مُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ: عَنْ شُعَيْبِ بنِ دِرْهَمٍ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، قَالَ:
رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَأَسفَلَ مِنْ عَيْنَيْهِ مِثْلُ الشِّرَاكِ البَالِي مِنَ البُكَاءِ.
عَبْدُ الوَهَّابِ الخَفَّافُ: عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ بنِ يَعْلَى، عَنْ سَعِيْدِ بنِ أَبِي سَعِيْدٍ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَجَاءهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ! كَيْفَ صَومُكَ؟
قَالَ: أَصُومُ الاثْنَيْنِ وَالخَمِيْسَ.
قَالَ: وَلِمَ؟
قَالَ: لأَنَّ الأَعمَالَ تُرْفَعُ فِيْهِمَا، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ.
إِسْحَاقُ بنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا سِنَانٍ، عَنْ حَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ:
أَنَّ أَبَا أَيُّوْبَ الأَنْصَارِيَّ أَتَى مُعَاوِيَةَ، فَشَكَا دَيْناً، فَلَمْ يَرَ مِنْهُ مَا يُحِبُّ، فَقَدِمَ البَصْرَةَ، فَنَزَلَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَفَرَّغَ لَهُ بَيْتَهُ، وَقَالَ:
لأَصْنَعَنَّ بِكَ كَمَا صَنَعتَ بِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
ثُمَّ قَالَ: كَمْ دَيْنُكَ؟
قَالَ: عِشْرُوْنَ أَلْفاً.
فَأَعْطَاهُ أَرْبَعِيْنَ أَلْفاً، وَعِشْرِيْنَ مَمْلُوْكاً، وَكُلَّ مَا فِي البَيْتِ.
وَعَنِ الشَّعْبِيِّ، وَغَيْرِهِ: أَنَّ عَلِيّاً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أَقَامَ بَعْدَ وَقْعَةِ الجَمَلِ بِالبَصْرَةِ خَمْسِيْنَ لَيْلَةً، ثُمَّ سَارَ إِلَى الكُوْفَةِ، وَاسْتَخلَفَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَلَى البَصْرَةِ، وَوَجَّهَ الأَشْتَرَ عَلَى مُقَدِّمَتِهُ إِلَى الكُوْفَةِ، فَلَحِقَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: مَنِ اسْتَخلَفَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ عَلَى البَصْرَةِ؟قَالَ: ابْنُ عَمِّهِ.
قَالَ: فَفِيمَ قَتَلْنَا الشَّيْخَ أَمْسَ بِالمَدِيْنَةِ؟
قَالَ: فَلَمْ يَزَلِ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى البَصْرَةِ حَتَّى سَارَ إِلَى صِفِّيْنَ، فَاسْتَخلَفَ أَبَا الأَسْوَدِ بِالبَصْرَةِ عَلَى الصَّلاَةِ، وَزِيَاداً عَلَى بَيْتِ المَالِ.
قُلْتُ: وَقَدْ كَانَ عَلِيٌّ لَمَّا بُوْيِعَ، قَالَ لابْنِ عَبَّاسٍ: اذهَبْ عَلَى إِمْرَةِ الشَّامِ.
فَقَالَ: كَلاَّ، أَقَلُّ مَا يَصنَعُ بِي مُعَاوِيَةُ إِنْ لَمْ يَقْتُلْنِي الحَبْسُ، وَلَكِنِ اسْتَعْمِلْهُ، وَبَيْنَ يَدَيْكَ عَزْلُهُ بَعْدُ، فَلَمْ يَقبَلْ مِنْهُ.
وَكَذَلِكَ أَشَارَ عَلَى عَلِيٍّ أَنْ لاَ يُوَلِّيَ أَبَا مُوْسَى يَوْمَ الحَكَمَيْنِ، وَقَالَ: وَلِّنِي، أَوْ فَوَلِّ الأَحْنَفَ.
فَأَرَادَ عَلِيٌّ ذَلِكَ، فَغَلَبُوهُ عَلَى رَأْيِهِ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي تَسْمِيَةِ أُمَرَاءِ عَلِيٍّ يَوْمَ صِفِّيْنَ:
فَكَانَ عَلَى المَيْسَرَةِ ابْنُ عَبَّاسٍ، ثُمَّ رُدَّ بَعْدُ إِلَى وِلاَيَةِ البَصْرَةِ.
وَمِمَّا قَالَ حَسَّانٌ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - فِيمَا بَلَغَنَا:
إِذَا مَا ابْنُ عَبَّاسٍ بَدَا لَكَ وَجْهُهُ ... رَأَيْتَ لَهُ فِي كُلِّ أَقْوَالِهِ فَضْلاَ
إِذَا قَالَ لَمْ يَتْرُكْ مَقَالاً لِقَائِلٍ ... بِمُنْتَظَمَاتٍ لاَ تَرَى بَيْنَهَا فَصْلاَ
كَفَى وَشَفَى مَا فِي النُّفُوْسِ فَلَمْ يَدَعْ ... لِذِي أَرَبٍ فِي القَوْلِ جِدّاً وَلاَ هَزْلاَ
سَمَوْتَ إِلَى العَلْيَا بِغَيْرِ مَشَقَّةٍ ... فَنِلْتَ ذُرَاهَا لاَ دَنِيّاً وَلاَ وَغْلاَ
خُلِقْتَ حَلِيْفاً لِلمُرُوْءةِ وَالنَّدَى ... بَلِيْجاً وَلَمْ تُخْلَقْ كَهَاماً وَلاَ خَبْلاَ
رَوَى: العُتْبِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:لَمَّا سَارَ الحُسَيْنُ إِلَى الكُوْفَةِ، اجْتَمَعَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ، فَضَرَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى جَيْبِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَتَمَثَّلَ:
يَا لَكِ مِنْ قُنْبَرَةٍ بِمَعْمَرِ ... خَلاَ لَكِ الجَوُّ فَبِيْضِي وَاصْفِرِي
وَنَقِّرِي مَا شِئْتِ أَنْ تُنَقِّرِي ...
خَلاَ لَكَ -وَاللهِ - يَا ابْنَ الزُّبَيْرِ الحِجَازُ، وَذَهَبَ الحُسَيْنُ.
فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: وَاللهِ مَا تَرَوْنَ إِلاَّ أَنَّكُم أَحَقُّ بِهَذَا الأَمْرِ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ.
فَقَالَ: إِنَّمَا يَرَى مَنْ كَانَ فِي شَكٍّ، وَنَحْنُ فَعَلَى يَقِينٍ، لَكنْ أَخْبِرْنِي عنْ نَفْسِكَ: لِمَ زَعَمْتَ أَنَّكَ أَحَقُّ بِهَذَا الأَمْرِ مِنْ سَائِرِ العَرَبِ؟
فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: لِشَرَفِي عَلَيْهِم.
قَالَ: أَيُّمَا أَشْرَفُ، أَنْتَ أَمْ مَنْ شُرِّفْتَ بِهِ؟
قَالَ: الَّذِي شَرُفْتُ بِهِ زَادَنِي شَرَفاً.
قَالَ: وَعَلَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى اعتَرَضَ بَيْنَهُمَا رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فَسَكَّتُوهُمَا.
وَعَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي العِلْمِ بَحْراً يَنشَقُّ لَهُ الأَمْرُ مِنَ الأُمُوْرِ، وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (اللَّهُمَّ أَلْهِمْهُ الحِكْمَةَ، وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيْلَ) .
فَلَمَّا عَمِيَ، أَتَاهُ النَّاسُ مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ وَمَعَهُم عِلْمٌ مِنْ عِلْمِهِ -أَوْ قَالَ: كُتُبٌ مِنْ كُتُبِهِ - فَجَعَلُوا يَسْتَقْرِؤُونَهُ، وَجَعَلَ يُقدِّمُ وَيُؤَخِّرُ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ، قَالَ: إِنِّيْ قَدْ
تَلِهْتُ مِنْ مُصِيْبَتِي هَذِهِ، فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنْ عِلْمِي، فَلْيَقْرَأْ عَلَيَّ، فَإِنَّ إِقْرَارِي لَهُ كَقِرَاءتِي عَلَيْهِ.قَالَ: فَقَرَؤُوا عَلَيْهِ.
تَلِهْتُ: تَحَيَّرْتُ، وَالأَصْلُ: وَلِهْتُ، كَمَا قِيْلَ فِي وُجَاهُ: تِجَاهُ.
أَبُو عَوَانَةَ: عَنْ هِلاَلِ بنِ خَبَّابٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ الحَمَّامَ إِلاَّ وَحْدَهُ، وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ صَفِيقٌ، يَقُوْلُ: إِنِّيْ أَسْتَحْيِي اللهَ أَنْ يَرَانِي فِي الحَمَّامِ مُتَجَرِّداً.
أَبُو عَوَانَةَ: عَنْ أَبِي الجُوَيْرِيَةِ، قَالَ:
رَأَيْتُ إِزَارَ ابْنِ عَبَّاسٍ إِلَى نِصْفِ سَاقِهِ أَوْ فَوْقَ ذَلِكَ، وَعَلَيْهِ قَطِيفَةٌ رُوْمِيَّةٌ وَهُوَ يُصَلِّي.
رِشْدِيْنُ بنُ كُرَيْب: عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَعْتَمُّ بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ، فَيُرْخِي شِبْراً بَيْنَ كَتِفَيْهِ وَمِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ.
ابْنُ جُرَيْجٍ: عَنْ عُثْمَانَ بنِ أَبِي سُلَيْمَانَ:
أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَتَّخِذُ الرِّدَاءَ بِأَلْفٍ.
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بنُ شَابُوْرٍ؛ قَالَ رَجُلٌ لِعَطِيَّةَ: مَا أَضْيَقَ كُمَّكَ!
قَالَ: كَذَا كَانَ كُمُّ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ.
مَالِكُ بنُ دِيْنَارٍ: عَنْ عِكْرِمَةَ:كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَلْبَسُ الخَزَّ، وَيَكْرَهُ المُصْمَتَ.
عَنْ عَطِيَّةَ العَوْفِيِّ، قَالَ:
لَمَّا وَقَعَتِ الفِتْنَةُ بَيْنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَعَبْدِ المَلِكِ، ارْتَحَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُحَمَّدُ ابْنُ الحَنَفِيَّةِ بِأَهْلِهِمَا حَتَّى نَزَلُوا مَكَّةَ؛ فَبَعَثَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَيْهِمَا: أَنْ بَايِعَا.
فَأَبَيَا، وَقَالاَ: أَنْتَ وَشَأْنُكَ، لاَ نَعرِضُ لَكَ وَلاَ لِغَيْرِكَ.
فَأَبَى، وَأَلَحَّ عَلَيْهِمَا، وَقَالَ: وَاللهِ لَتُبَايِعُنَّ، أَوْ لأُحَرِّقَنَّكُم بِالنَّارِ.
فَبَعَثَا أَبَا الطُّفَيْلِ عَامِرَ بنَ وَاثِلَةَ إِلَى شِيْعَتِهِم بِالكُوْفَةِ، فَانْتَدَبَ أَرْبَعَةَ آلاَفٍ، فَحَمَلُوا السِّلاَحَ، حَتَّى دَخَلُوا مَكَّةَ، ثُمَّ كَبَّرُوا تَكْبِيْرَةً سَمِعَهَا أَهْلُ مَكَّةَ، وَانْطَلَقَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مِنَ المَسْجَدِ هَارِباً حَتَّى دَخَلَ دَارَ النَّدْوَةِ - وَقِيْلَ: بَلْ تَعَلَّقَ بِأَسْتَارِ الكَعْبَةِ - وَقَالَ: أَنَا عَائِذٌ بِبَيْتِ اللهِ.
قَالَ: ثُمَّ مِلْنَا إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الحَنَفِيَّةِ، قَدْ عُمِلَ حَوْلَ دُوْرِهِمُ الحَطَبُ لِيُحْرِقَهَا، فَخَرَجْنَا بِهِم، حَتَّى نَزَلْنَا بِهِمُ الطَّائِفَ.
وَلأَبِي الطُّفَيْلِ الكِنَانِيِّ حِيْنَ مَنَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَبْدَ اللهِ بنَ عَبَّاسٍ مِنَ الاجتِمَاعِ بِالنَّاسِ، كَانَ يَخَافُهُ، وَإِنَّمَا أَخَّرَ النَّاسَ عَنْ بَيْعَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ - أَنْ لَوْ شَاءَ الخِلاَفَةَ - ذَهَابُ بَصَرِهِ:
لاَ دَرَّ دَرُّ اللَّيَالِي كَيْفَ تُضْحِكُنَا ... مِنْهَا خُطُوبٌ أَعَاجِيبٌ وَتُبْكِينَا
وَمِثْلُ مَا تُحْدِثُ الأَيَّامُ مِنْ غِيَرٍ ... فِي ابْنِ الزُّبَيْرِ عَنِ الدُّنْيَا تُسَلِّينَا
كُنَّا نَجِيْءُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَيُقْبِسُنَا ... فِقْهاً وَيُكْسِبُنَا أَجْراً وَيَهْدِيْنَا
وَلاَ يَزَالُ عُبَيْدُ اللهِ مُتْرَعَةً ... جِفَانُهُ مُطْعِماً ضَيْفاً وَمِسْكِينَا
فَالبِرُّ وَالدِّيْنُ وَالدُّنْيَا بِدَارِهِمَا ... نَنَالُ مِنْهَا الَّذِي نَبْغِي إِذَا شِيْنَا
إِنَّ الرَّسُولَ هُوَ النُّوْرُ الَّذِي كُشِفَتْ ... بِهِ عَمَايَاتُ مَاضِينَا وَبَاقِيْنَاوَرَهْطُهُ عِصْمَةٌ فِي دِيْنِنَا وَلَهُم ... فَضْلٌ عَلَيْنَا وَحَقٌّ وَاجِبٌ فِيْنَا
فَفِيْمَ تَمْنَعُهُم مِنَّا وَتَمْنَعُنَا ... مِنْهُم، وَتُؤْذِيْهُمُ فِيْنَا وَتُؤْذِيْنَا
لَنْ يُؤْتِيَ اللهُ إِنْسَاناً بِبُغْضِهِمُ ... فِي الدِّيْنِ عِزّاً وَلاَ فِي الأَرْضِ تَمْكِينَا
قَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ فِي تَرْجَمَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
هُوَ القَائِلُ مَا رُوِيَ عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ:
إِنْ يَأْخُذِ اللهُ مِنْ عَيْنَيَّ نُورَهُمَا ... فَفِي لِسَانِي وَقَلْبِي مِنْهُمَا نُورُ
قَلْبِي ذَكِيٌّ، وَعَقْلِي غَيْرُ ذِي دَخَلٍ ... وَفِي فَمِي صَارِمٌ كَالسَّيْفِ مَأْثُورُ
قَالَ سَالِمُ بنُ أَبِي حَفْصَةَ: عَنْ أَبِي كُلْثُوْمٍ:
أَنَّ ابْنَ الحَنَفِيَّةِ لَمَّا دُفِنَ ابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ: اليَوْمَ مَاتَ رَبَّانِيُّ هَذِهِ الأُمَّةِ.
وَرَوَاهُ بَعْضُهُم، فَقَالَ: عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ، بَدَلَ أَبِي كُلْثُوْمٍ.
قَالَ حُسَيْنُ بنُ وَاقِدٍ المَرْوَزِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، قَالَ:
لَمَّا مَاتَ ابْنُ عَبَّاسٍ جَاءَ طَائِرٌ أَبْيَضُ، فَدَخَلَ فِي أَكْفَانِهِ.
رَوَاهَا: الأَجْلَحُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، فَزَادَ: فَكَانُوا يُرَوْنَ أَنَّهُ عِلْمُهُ.
وَرَوَى: عَطَاءُ بنُ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، نَحْوَهُ، وَزَادَ:
فَمَا رُئِيَ بَعْدُ -يَعْنِي: الطَّائِرَ -.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: عَنْ يَعْلَى بنِ عَطَاءٍ، عَنْ بُجَيْرِ بنِ أَبِي عُبَيْدٍ، قَالَ:مَاتَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِالطَّائِفِ، فَلَمَّا خَرَجُوا بِنَعشِهِ، جَاءَ طيْرٌ عَظِيْمٌ أَبيضُ مِنْ قِبَلِ وَجٍّ حَتَّى خَالطَ أَكْفَانَهُ، ثُمَّ لَمْ يَرَوْهُ، فَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ عِلْمُهُ.
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ فِي كِتَابِ (الإِحكَامِ ) : جَمعَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى بنِ يَعْقُوْبَ بنِ المَأْمُوْنِ أَحَدُ أَئِمَّةِ الإِسْلاَمِ فَتَاوَى ابْنِ عَبَّاسٍ فِي عِشْرِيْنَ كِتَاباً.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ فِي كِتَابِهِ، عَنِ ابْنِ كُلَيْبٍ، أَخْبَرْنَا ابْنُ بَيَانٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ مَخْلَدٍ، أَخْبَرَنَا الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَرَفَةَ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بنُ شُجَاعٍ، عَنْ سَالِمٍ الأَفْطَسِ، عَنْ سَعِيْدٍ؛ قَالَ:
مَاتَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِالطَّائِفِ، فَجَاءَ طَائِرٌ لَمْ يُرَ عَلَى خِلْقتِهِ، فَدَخَلَ نَعْشَهُ، ثُمَّ لَمْ يُرَ خَارِجاً مِنْهُ، فَلَمَّا دُفِنَ، تُلِيَتْ هَذِهِ الآيَةُ عَلَى شَفِيْرِ القَبْرِ، لاَ يُدْرَى مَنْ تَلاَهَا: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ المُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً} [الفَجْرُ: 27] ، الآيَةَ.
رَوَاهُ: بَسَّامٌ الصَّيْرَفِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ يَامِيْنَ، وَسَمَّى الطَّائِرَ: غُرْنُوْقاً.
رَوَاهُ: فُرَاتُ بنُ السَّائِبِ، عَنْ مَيْمُوْنِ بنِ مِهْرَان:
شَهِدتُ جِنَازَةَ ابْنِ عَبَّاسٍ ... ، بنَحْوٍ مِنْ حَدِيْثِ سَالِمٍ الأَفْطَسِ.
فَهَذِهِ قَضِيَّةٌ مُتَوَاتِرَةٌ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: تُوُفِّيَ ابْنُ عَبَّاسٍ سَنَةَ ثَمَانٍ، أَوْ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ.وَقَالَ الوَاقِدِيُّ، وَالهَيْثَمُ، وَأَبُو نُعَيْمٍ: سَنَةَ ثَمَانٍ.
وَقِيْلَ: عَاشَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
و (مُسْنَدُهُ) : أَلْفٌ وَسِتُّ مائَةٍ وَسِتُّوْنَ حَدِيثاً.
وَلَهُ مِنْ ذَلِكَ فِي (الصَّحِيْحَيْنِ) : خَمْسَةٌ وَسَبْعُوْنَ.
وَتَفَرَّدَ: البُخَارِيُّ لَهُ بِمائَةٍ وَعِشْرِيْنَ حَدِيثاً، وَتَفَرَّدَ: مُسْلِمٌ بِتِسْعَةِ أَحَادِيْثَ.

الحسن بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب

الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ
ابْنِ هَاشِمِ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ، الإِمَامُ السَّيِّدُ، رَيْحَانَةُ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسِبْطُهُ، وَسَيِّدُ شَبَابِ أَهْلِ الجَنَّةِ، أَبُو مُحَمَّدٍ القُرَشِيُّ، الهَاشِمِيُّ، المَدَنِيُّ، الشَّهِيْدُ.مَوْلِدُهُ: فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ ثَلاَثٍ مِنَ الهِجْرَةِ.
وَقِيْلَ: فِي نِصْفِ رَمَضَانِهَا.
وَعَقَّ عَنْهُ جَدُّهُ بِكَبشٍ.
وَحَفِظَ عَنْ جَدِّهِ أَحَادِيْثَ، وَعَنْ أَبِيْهِ وَأُمِّهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُه؛ الحَسَنُ بنُ الحَسَنِ، وَسُوَيْدُ بنُ غَفَلَةَ، وَأَبُو الحَوْرَاءِ السَّعْدِيُّ، وَالشَّعْبِيُّ، وَهُبَيْرَةُ بنُ يَرِيْمَ، وَأَصْبَغُ بنُ نُبَاتَةَ، وَالمُسَيَّبُ بنُ نَجَبَةَ.
وَكَانَ يُشْبِهُ جَدَّهُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قَالَهُ: أَبُو جُحَيْفَةَ.
أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: سَمِعْتُ بُرَيْدَ بنَ أَبِي مَرْيَمَ يُحدِّثُ عَنْ أَبِي الحَوْرَاءِ:
قُلْتُ لِلْحَسَنِ: مَا تَذكُرُ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟
قَالَ: أَذْكُرُ أَنِّي أَخذْتُ تَمْرَةً مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ، فَجَعَلتُهَا فِي فِيَّ، فَنَزَعهَا رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلُعَابِهَا، فَجَعَلَهَا فِي التَّمْرِ.
فَقِيْلَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! وَمَا كَانَ عَلَيْكَ مِنْ هَذِهِ التَّمْرَةِ لِهَذَا الصَّبيِّ؟
قَالَ: (إِنَّا - آلَ مُحَمَّدٍ - لاَ تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ) .
قَالَ: وَكَانَ يَقُوْلُ: (دَعْ مَا يَرِيْبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيْبُكَ، فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِيْنَةٌ، وَالكَذِبَ رِيْبَةٌ) .
وَكَانَ يُعلِّمُنَا هَذَا الدُّعَاءَ: (اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيْمَنْ هَدَيْتَ ... ) ، الحَدِيْثَ.
ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ، أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيْلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ بُرَيْدِ بنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ أَبِي الحَوْرَاءِ، عَنِ الحَسَنِ، قَالَ:عَلَّمَنِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَلمَاتٍ أَقُوْلُهُنَّ فِي القُنُوتِ: (اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيْمَنْ هَدَيْتَ ) .
إِسْرَائِيْلُ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ هَانِئ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ:
لَمَّا وُلِدَ الحَسَنُ، جَاءَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: (أَرُوْنِي ابْنِي؛ مَا سَمَّيْتُمُوْهُ؟) .
قُلْتُ: حَرْبٌ.
قَالَ: (بَلْ هُوَ حَسَنٌ ... ) ، وَذَكَرَ الحَدِيْثَ.
يَحْيَى بنُ عِيْسَى التَّمِيْمِيُّ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ سَالِمِ بنِ أَبِي الجَعْدِ:
قَالَ عَلِيٌّ: كُنْتُ رَجُلاً أُحبُّ الحَرْبَ، فَلَمَّا وُلِدَ الحَسَنُ، هَمَمْتُ أَنْ أُسَمِّيَهُ حَرْباً.
فَسَمَّاهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: الحَسَنَ.
فَلَمَّا وُلِدَ الحُسَيْنُ، هَمَمْتُ أَنْ أُسَمِّيَهُ حَرْباً، فَسَمَّاهُ: الحُسَيْنَ، وَقَالَ: (إِنَّنِي سَمَّيْتُ ابْنَيَّ هَذَيْنِ بِاسْمِ ابْنَيْ هَرُوْنَ شَبَّرَ وَشَبِيْرَ ) .
عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَقِيْلٍ: عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّهُ سَمَّى ابْنَهُ الأَكْبَرَ حَمْزَةَ، وَسَمَّى حُسَيْناً بِعَمِّهِ جَعْفَرٍ.
فَدَعَاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: (قَدْ غَيَّرْتُ اسْمَ ابْنَيَّ هَذَيْنِ) .
فَسَمَّى: حَسَناً، وَحُسَيْناً.
ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ:لَمَّا وَلدَتْ فَاطِمَةُ حَسَناً، أَتَتِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَمَّاهُ: حَسَناً.
فَلَمَّا وَلَدَتِ الآخرَ، سَمَّاهُ: حُسَيْناً، وَقَالَ: (هَذَا أَحْسَنُ مِنْ هَذَا) .
فَشقَّ لَهُ مِنِ اسْمِهِ.
ذَكَرَ الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: أَنَّهُ - أَعْنِي الحَسَنَ - وُلِدَ فِي نِصْفِ رَمَضَانَ، سَنَةَ ثَلاَثٍ، وَفِي شَعْبَانَ أَصَحُّ.
السُّفْيَانَانِ: عَنْ عَاصِمِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَذَّنَ فِي أُذُنِ الحَسَنِ بِالصَّلاَةِ حِيْنَ وُلِدَ.
أَيُّوْبُ: عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَقَّ عَنِ الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ كَبْشاً كَبْشاً.
شَرِيْكٌ: عَنِ ابْنِ عَقِيْلٍ، عَنْ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، قَالَ:
لَمَّا وَلدَتْ فَاطِمَةُ حَسَناً، قَالَتْ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَلاَ أَعُقُّ عَنِ ابْنِي بِدَمٍ؟
قَالَ: (لاَ، وَلَكِنِ احْلِقِي رَأْسَهُ، وَتَصَدَّقِي بِوَزْنِ شَعْرِهِ فِضَّةً عَلَى المَسَاكِيْنِ) . فَفَعَلْتُ.
جَعْفَرٌ الصَّادِقُ: عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:وَزَنَتْ فَاطِمَةُ شَعْرَ حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ، وَأُمِّ كُلْثُوْمٍ، فَتَصَدَّقَتْ بِزِنَتِهِ فِضَّةً.
حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عُمَرَ بنِ سَعِيْدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بنِ الحَارِثِ، قَالَ:
صَلَّى بِنَا أَبُو بَكْرٍ العَصرَ، ثُمَّ قَامَ وَعَلِيٌّ يَمْشيَانِ، فَرَأَى الحَسَنَ يَلعبُ مَعَ الغِلْمَانِ، فَأَخَذَهُ أَبُو بَكْرٍ، فَحَمَلَهُ عَلَى عُنُقِهِ، وَقَالَ:
بأَبِي شَبِيْهٌ النَّبِيّ ... لَيْسَ شَبِيْهٌ بِعَلِيّ
وَعَلِيٌّ يَتبسَّمُ.
عَلِيُّ بنُ عَابِسٍ: حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ أَبِي زِيَادٍ، عَنِ البَهِيِّ، قَالَ:
دَخَلَ عَلَيْنَا ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ: رَأَيْتُ الحَسَنَ يَأْتِي النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ سَاجِدٌ، يَرْكَبُ عَلَى ظَهْرِهِ، وَيَأْتِي وَهُوَ رَاكعٌ، فَيَفْرِجُ لَهُ بَيْنَ رِجْلَيْهِ، حَتَّى يَخْرُجَ مِنَ الجَانبِ الآخَرِ.
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: قَالَ أَنَسٌ: كَانَ أَشْبَهَهُم بِالنَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ - الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ.
إِسْرَائِيْلُ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ هَانِئ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: الحَسَنُ
أَشْبَهُ النَّاسِ بِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا بَيْنَ الصَّدْرِ إِلَى الرَّأْسِ، وَالحُسَيْنُ أَشْبَهُ بِهِ مَا كَانَ أَسفلَ مِنْ ذَلِكَ.عَاصِمُ بنُ كُلَيْبٍ: عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
أَنَّهُ شَبَّهَ الحَسَنَ بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قَالَ أُسَامَةُ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأخُذُنِي وَالحَسَنَ، وَيَقُوْلُ: (اللَّهُمَّ إِنِّيْ أُحِبُّهُمَا، فَأَحِبَّهُمَا ) .
وَفِي (الجَعْدِيَّاتِ) لِفُضَيْلِ بنِ مَرْزُوْقٍ: عَنْ عَدِيِّ بنِ ثَابِتٍ، عَنِ البَرَاءِ:
قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْحَسَنِ: (اللَّهُمَّ إِنِّيْ أُحِبُّهُ، فَأَحِبَّهُ، وَأَحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُ) .
صَحَّحَهُ: التِّرْمِذِيُّ.
أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ أَبِي يَزِيْدَ، عَنْ نَافِعِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِلْحَسَنِ: (اللَّهُمَّ إِنِّيْ أُحِبُّهُ، فَأَحِبَّهُ، وَأَحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُ ) .
وَرَوَاهُ: نُعَيْمٌ المُجْمِرُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَزَادَ: قَالَ: فَمَا رَأَيْتُ الحَسَنَ إِلاَّ دَمَعَتْ عَيْنِي.
وَرَوَى نَحْوَهُ: ابْنُ سِيْرِيْنَ، عَنْهُ، وَفِي ذَلِكَ عِدَّةُ أَحَادِيْثَ، فَهُوَ مُتَوَاتِرٌ.قَالَ أَبُو بَكْرَةَ: رَأَيتُ رَسُولَ الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى المِنْبَرِ، وَالحَسَنُ إِلَى جَنْبِهِ، وَهُوَ يَقُوْلُ: (إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِيْنَ ) .
يَزِيْدُ بنُ أَبِي زِيَادٍ: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي نُعْمٍ، عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ، مَرْفُوعاً: (الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الجَنَّةِ) .
صَحَّحَهُ: التِّرْمِذِيُّ.
وَحَسَّنَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيْثِ أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ، قَالَ:
خَرَجَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلَةً وَهُوَ مُشتمِلٌ عَلَى شَيْءٍ.
قُلْتُ: مَا هَذَا؟
فَكَشَفَ، فَإِذَا حَسَنٌ وَحُسَيْنٌ عَلَى وَرِكَيْهِ، فَقَالَ: (هَذَانِ ابْنَايَ وَابْنَا بِنْتِي، اللَّهُمَّ إِنِّيْ أُحِبُّهُمَا، فَأَحِبَّهُمَا، وَأَحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُمَا).
تَفَرَّدَ بِهِ: عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي بَكْرٍ بنِ زَيْدِ بنِ المُهَاجَرِ المَدَنِيُّ، عَنْ مُسْلِمِ بنِ أَبِي سَهْلٍ النَّبَّالِ، عَنِ الحَسَنِ بنِ أُسَامَةَ، عَنْ أَبِيْهِ.وَلَمْ يَرْوِهِ غَيْرُ مُوْسَى بنِ يَعْقُوْبَ الزَّمْعِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ.
فَهَذَا مِمَّا يُنتقَدُ تَحسينُهُ عَلَى التِّرْمِذِيِّ.
وَحَسَّنَ أَيْضاً لِيُوْسُفَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ أَنَسٍ:
سُئِلَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَيُّ أَهْلِ بَيْتِكَ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟
قَالَ: (الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ) .
وَكَانَ يَشَمُّهُمَا، وَيَضُمُّهُمَا إِلَيْهِ.
مَيْسَرَةُ بنُ حَبِيْبٍ: عَنِ المِنْهَالِ بنِ عَمْرٍو، عَنْ زِرٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ:
سَمِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ: (هَذَا مَلَكٌ لَمْ يَنْزِلْ قَبْلَ هَذِهِ اللَّيْلَةِ، اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيَّ، وَيُبَشِّرَنِي بِأَنَّ فَاطِمَةَ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَأَنَّ الحَسَنَ وَالحُسَيْنَ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الجَنَّةِ) .
حَسَّنَهُ: التِّرْمِذِيُّ.
وَصَحَّحَ لِلْبَرَاءِ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبْصرَ الحَسَنَ وَالحُسَيْنَ، فَقَالَ: (اللَّهُمَّ إِنِّيْ أُحِبُّهُمَا، فَأَحِبَّهُمَا).
قَالَ قَابُوسُ بنُ أَبِي ظِبْيَانَ: عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَّجَ بَيْنَ فَخِذَي الحَسَنِ، وَقَبَّلَ زُبَيْبَهُ.
وَقَدْ كَانَ هَذَا الإِمَامُ سَيِّداً، وَسِيماً، جَمِيْلاً، عَاقِلاً، رَزِيناً، جَوَاداً، مُمَدَّحاً، خَيِّراً، دَيِّناً، وَرِعاً، مُحتشِماً، كَبِيرَ الشَّأْنِ.
وَكَانَ مِنْكَاحاً، مِطْلاَقاً، تَزَوَّجَ نَحْواً مِنْ سَبْعِيْنَ امْرَأَةً، وَقَلَّمَا كَانَ يُفَارِقُهُ أَرْبَعُ ضَرَائِرَ.
عَنْ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ: أَنَّ عَلِيّاً قَالَ: يَا أَهْلَ الكُوْفَةِ! لاَ تُزَوِّجُوا الحَسَنَ، فَإِنَّهُ مِطْلاَقٌ.
فَقَالَ رَجُلٌ: وَاللهِ لَنُزَوِّجَنَّهُ، فَمَا رَضِيَ أَمْسَكَ، وَمَا كَرِهَ طَلَّقَ.
قَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ: تَزَوَّجَ الحَسَنُ امْرَأَةً، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا بِمائَةِ جَارِيَةٍ، مَعَ كُلِّ جَارِيَةٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ.
وَكَانَ يُعطِي الرَّجُلَ الوَاحِدَ مائَةَ أَلْفٍ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ حَجَّ خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةً، وَحَجَّ كَثِيْراً مِنْهَا مَاشياً مِنَ المَدِيْنَةِ إِلَى مَكَّةَ، وَنَجَائِبُهُ تُقَادُ مَعَهُ.
الحَاكِمُ فِي (مُسْتَدْرَكِهِ) : مِنْ طرِيقِ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَارِثِ، عَنْ زُهَيْرِ بنِ الأَقْمَرِ البَكْرِيِّ، قَالَ:
قَامَ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ يَخْطُبُهُم، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَزْدِ شَنُوْءةَ، فَقَالَ:
أَشْهَدُ لَقَدْ رَأَيتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاضِعَهُ فِي حَبْوَتِهِ، وَهُوَ يَقُوْلُ: (مَنْ أَحَبَّنِي فَلْيُحِبَّهُ، وَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ).
وَفِي (جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ) : مِنْ طرِيقِ عَلِيِّ بنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ:أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخذَ الحَسَنَ وَالحُسَيْنَ، فَقَالَ: (مَنْ أَحَبَّ هَذَيْنِ، وَأَبَاهُمَا، وَأُمَّهُمَا، كَانَ مَعِي فِي دَرَجَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ ) .
إِسْنَادُهُ ضَعِيْفٌ، وَالمَتْنُ مُنْكَرٌ.
(المُسْنَدُ) : حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَارِثِ، عَنْ زُهَيْرِ بنِ الأَقْمَرِ، قَالَ:
بَيْنَمَا الحَسَنُ يَخطُبُ بَعْدَ مَا قُتِلَ عَلِيٌّ، إِذْ قَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَزْدِ، آدَمُ، طُوَالٌ، فَقَالَ:
لَقدْ رَأَيتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاضِعَهُ فِي حَبْوَتِهِ يَقُوْلُ: (مَنْ أَحَبَّنِي فَلْيُحِبَّهُ، فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ) .
وَلَوْلاَ عِزمَةُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا حَدَّثْتُكُم.
عَلِيُّ بنُ صَالِحٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ : عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (هَذَانِ ابْنَايَ، مَنْ أَحَبَّهُمَا فَقَدْ أَحَبَّنِي) .
جَمَاعَةٌ: عَنْ شَهْرِ بنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَلَّلَ حَسَناً وَحُسَيْناً وَفَاطِمَةَ بِكسَاءٍ، ثُمَّ قَالَ: (اللَّهُمَّ هَؤُلاَءِ أَهْلُ بَيْتِي وَخَاصَّتِي، اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ، وَطَهِّرْهُم تَطْهِيْراً).
إِسْرَائِيْلُ: عَنِ ابْنِ أَبِي السَّفَرِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ حُذَيْفَةَ:قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (يَا حُذَيْفَةُ، جَاءنِي جِبْرِيْلُ، فَبَشَّرَنِي أَنَّ الحَسَنَ وَالحُسَيْنَ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الجَنَّةِ ) .
وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ: قَيْسِ بنِ أَبِي حَازِمٍ، وَزِرٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ بنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ رَاشِدٍ، عَنْ يَعْلَى بنِ مُرَّةَ، قَالَ:
جَاءَ الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ يَسعيَانِ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَاءَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الآخَرِ، فَجَعَلَ يَدَهُ فِي رَقبتِهِ، ثُمَّ ضَمَّهُ إِلَى إِبطِهِ، ثُمَّ قَبَّلَ هَذَا، ثُمَّ قَبَّلَ هَذَا، وَقَالَ: (إِنِّيْ أُحِبُّهُمَا، فَأَحِبَّهُمَا) .
ثُمَّ قَالَ: (أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ الوَلَدَ مَبْخَلَةٌ، مَجْبَنَةٌ، مَجْهَلَةٌ ) .
مَعْمَرٌ: عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ الأَسْوَدِ بنِ خَلَفٍ، عَنْ أَبِيْهِ: أَنَّ
النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخذَ حَسَناً، فَقَبَّلَهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِم، فَقَالَ: (إِنَّ الوَلَدَ مَبْخَلَةٌ، مَجْبَنَةٌ ) .كَامِلٌ أَبُو العَلاَءِ: عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صَلاَةِ العِشَاءِ، فَكَانَ إِذَا سَجدَ، رَكبَ الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ عَلَى ظَهْرِهِ، فَإِذَا رَفعَ رَأْسَهُ، رَفَعَهُمَا رَفْعاً رَفِيقاً، ثُمَّ إِذَا سَجدَ، عَادَا.
فَلَمَّا صَلَّى، قُلْتُ: أَلاَ أَذْهبُ بِهِمَا إِلَى أُمِّهِمَا؟
قَالَ: فَبَرقَتْ بَرْقَةٌ، فَلَمْ يَزَالاَ فِي ضَوئهَا حَتَّى دَخَلاَ عَلَى أُمِّهِمَا.
رَوَاهُ: أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، وَأَسْبَاطُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْهُ.
زَيْدُ بنُ الحُبَابِ: عَنْ حُسَيْنِ بنِ وَاقِدٍ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخطُبُ، فَأَقْبَلَ الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ، عَلَيْهِمَا قَمِيْصَانِ أَحْمَرَانِ، يَعْثُرَانِ وَيَقُوْمَانِ، فَنَزَلَ، فَأَخَذَهُمَا، فَوَضَعَهُمَا بَيْنَ يَدَيْهِ؛ ثُمَّ قَالَ: (صَدَقَ اللهُ: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُم وَأَوْلاَدُكُم فِتْنَةٌ} [التَّغَابُنُ: 15] رَأَيْتُ هَذَيْنِ، فَلَمْ أَصْبِرْ) .
ثُمَّ أَخَذَ فِي خُطبتِهِ.
أَبُو شِهَابٍ: مَسْرُوْحٌ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ:
دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ، وَعَلَى ظَهْرِهِ الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ، وَهُوَ يَقُوْلُ: (نِعْمَ الجَمَلُ جَمَلُكُمَا، وَنِعْمَ العِدْلاَنِ أَنْتُمَا ) .
مَسْرُوحٌ: لَيِّنٌ.
جَرِيرُ بنُ حَازِمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي يَعْقُوْبَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ شَدَّادٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ حَامِلٌ حَسَناً أَوْ حُسَيْناً، فَتَقَدَّمَ، فَوَضَعَهُ، ثُمَّ كَبَّرَ فِي الصَّلاَةِ، فَسَجَدَ سجدَةً أَطَالَهَا، فَرفعْتُ رَأْسِي، فَإِذَا الصَّبِيُّ عَلَى ظَهْرِهِ، فَرَجعْتُ فِي سُجُودِي.
فَلَمَّا قَضَى صَلاَتَهُ، قَالُوا: يَا رَسُوْلَ اللهِ، إِنَّكَ أَطَلْتَ!
قَالَ: (إِنَّ ابْنِي ارْتَحَلَنِي، فَكَرِهْتُ أَنْ أُعْجِلَهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ ) .
قُلْتُ: أَيْنَ الفَقِيْهُ المُتَنَطِّعُ عَنْ هَذَا الفِعْلِ؟
عَنْ سَلَمَةَ بنِ وَهْرَامَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
خَرَجَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَامِلَ الحَسَنِ عَلَى عَاتِقِهِ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا غُلاَمُ! نِعْمَ المَرْكَبُ رَكِبْتَ.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (وَنِعْمَ الرَّاكِبُ هُوَ ) .
رَوَاهُ: أَبُو يَعْلَى فِي (مُسْنَدِهِ) .
أَحْمَدُ فِي (مُسْندِهِ ) : حَدَّثَنَا تَلِيْدُ بنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو الجَحَّافِ، حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
نَظَرَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى
عَلِيٍّ وَابْنَيْهِ وَفَاطِمَةَ، فَقَالَ: (أَنَا حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَكُم، سِلْمٌ لِمَنْ سَالَمَكُم) .الطَّيَالِسِيُّ فِي (مُسْنَدِهِ ) : حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي فَاخِتَةَ:
قَالَ عَلِيٌّ: زَارَنَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبَاتَ عِنْدَنَا، وَالحَسَنُ وَالحُسَيْنُ نَائِمَانِ، فَاسْتَسقَى الحَسَنُ، فَقَامَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى قُرْبَةٍ، وَسَقَاهُ.
فَتنَاوَلَ الحُسَيْنُ لِيَشْرَبَ، فَمَنَعَهُ، وَبدَأَ بِالحَسَنِ.
فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! كَأَنَّهُ أَحَبُّهُمَا إِلَيْكَ.
قَالَ: (لاَ، وَلَكِنْ هَذَا اسْتَسقَى أَوَّلاً) .
ثُمَّ قَالَ: (إِنِّيْ وَإِيَّاكِ وَهَذَيْنِ يَوْمَ القِيَامَةِ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ) .
وَأَحسِبُهُ قَالَ: (وَعَلِيّاً) .
بَقِيَّةُ: عَنْ بَحِيْرٍ، عَنْ خَالِدِ بنِ مَعْدَانَ، عَنِ المِقْدَامِ بنِ مَعْدِ يْكَرِبٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (حَسَنٌ مِنِّي، وَالحُسَيْنُ مِنْ عَلِيٍّ ) .
رَوَاهُ: ثَلاَثَةٌ، عَنْهُ، وَإِسْنَادُهُ قويٌّ.
ابْنُ عَوْنٍ: عَنْ عُمَيْرِ بنِ إِسْحَاقَ، قَالَ:
كُنْتُ مَعَ الحَسَنِ، فَلَقِيَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، فَقَالَ: أَرِنِي أُقَبِّلُ مِنْكَ حَيْثُ رَأَيتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقَبِّلُ.
فَقَالَ بِقمِيْصِهِ، فَقَبَّلَ سُرَّتَهُ.
رَوَاهُ: عِدَّةٌ، عَنْهُ.حَرِيزُ بنُ عُثْمَانَ: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي عَوْفٍ الجُرَشِيِّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ، قَالَ:
رَأَيتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمُصُّ لِسَانَهُ أَوْ شَفَتَهُ -يَعْنِي: الحَسَنَ - وَإِنَّهُ لَنْ يُعَذَّبَ لِسَانٌ أَوْ شَفَتَانِ مَصَّهُمَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
رَوَاهُ: أَحْمَدُ.
يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأُمَوِيُّ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ:
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ لِلْحَسَنِ: (إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، يُصْلِحُ اللهُ بِهِ فِئَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِيْنَ ) .
وَمِثْلُهُ مِنْ: حَدِيْثِ الحَسَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ.
رَوَاهُ: يُوْنُسُ، وَمَنْصُوْرُ بنُ زَاذَانَ، وَإِسْرَائِيْلُ أَبُو مُوْسَى، وَهِشَامُ بنُ حَسَّانٍ، وَأَشْعَثُ بنُ سَوَّارٍ، وَمُبَارَكُ بنُ فَضَالَةَ، وَغَيْرُهُم، عَنْهُ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي مُوْسَى بنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ عُمَرَ لَمَّا دَوَّنَ الدِّيْوَانَ، أَلْحقَ الحَسَنَ وَالحُسَيْنَ بِفَرِيضَةِ أَبِيهِمَا؛ لِقَرَابَتِهِمَا مِنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَضَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا خَمْسَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ.
أَبُو المَلِيحِ الرَّقِّيُّ: حَدَّثَنَا هَاشِمٌ الجُعْفِيُّ، قَالَ:فَاخَرَ يَزِيْدُ بنُ مُعَاوِيَةَ الحَسَنَ بنَ عَلِيٍّ، فَقَالَ لَهُ أَبُوْهُ: فَاخَرْتَ الحَسَنَ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: لَعَلَّكَ تَظُنُّ أَنَّ أُمَّكَ مِثْلُ أُمِّهِ، أَوْ جَدَّكَ كَجَدِّهِ، فَأَمَّا أَبُوْكَ وَأَبُوْهُ فَقَدْ تَحَاكَمَا إِلَى اللهِ، فَحَكَمَ لأَبِيْكَ عَلَى أَبِيْهِ.
زُهَيْرُ بنُ مُعَاوِيَةَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ الوَلِيْدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُبَيْدِ بنِ عُمَيْرٍ:
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا نَدِمْتُ عَلَى شَيْءٍ فَاتَنِي فِي شَبَابِي إِلاَّ أَنِّي لَمْ أَحُجَّ مَاشياً، وَلَقَدْ حَجَّ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ خَمْساً وَعِشْرِيْنَ حَجَّةً مَاشِياً، وَإِنَّ النَّجَائِبَ لَتُقَادُ مَعَهُ، وَلَقَدْ قَاسَمَ اللهَ مَالَهُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، حَتَّى إِنَّهُ يُعطِي الخُفَّ وَيُمْسِكُ النَّعْلَ.
رَوَى نَحْواً مِنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بنُ عُبَيْدٍ، عَنِ ابْنِ جُدْعَانَ؛ لَكنْ قَالَ: خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةً.
رَوَى: مُغِيْرَةُ بنُ مِقْسَمٍ، عَنْ أُمِّ مُوْسَى:
كَانَ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَرَأَ الكَهْفَ.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: سَمِعَ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ رَجُلاً إِلَى جَنْبِهِ يَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَرزُقَهُ عَشْرَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ، فَانْصَرَفَ، فَبَعَثَ بِهَا إِلَيْهِ.
رَجَاءٌ: عَنِ الحَسَنِ:
أَنَّهُ كَانَ مُبَادراً إِلَى نُصْرَةِ عُثْمَانَ، كَثِيرَ الذَّبِّ عَنْهُ، بَقِيَ فِي الخِلاَفَةِ بَعْدَ أَبِيْهِ سَبْعَةَ أَشهُرٍ.
إِسْرَائِيْلُ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ، عَنْ عَلِيٍّ:
أَنَّهُ خَطبَ، وَقَالَ: إِنَّ الحَسَنَ قَدْ جَمَعَ مَالاً، وَهُوَ يُرِيْدُ أَنْ يَقسِمَهُ بَينَكُم، فَحَضَرَ
النَّاسُ، فَقَامَ الحَسَنُ، فَقَالَ: إِنَّمَا جَمَعتُهُ لِلْفُقَرَاءِ.فَقَامَ نِصْفُ النَّاسِ.
القَاسِمُ بنُ الفَضْلِ الحُدَّانِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو هَارُوْنَ، قَالَ:
انْطَلَقْنَا حُجَّاجاً، فَدَخَلْنَا المَدِيْنَةَ، فَدَخَلْنَا عَلَى الحَسَنِ، فَحَدَّثْنَاهُ بِمَسيْرِنَا وَحَالِنَا، فَلَمَّا خَرَجْنَا، بَعثَ إِلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنَّا بِأَرْبَعِ مائَةٍ.
فَرَجَعْنَا، فَأَخْبَرْنَاهُ بِيَسَارِنَا، فَقَالَ: لاَ تَرُدُّوا عَلَيَّ مَعْرُوفِي، فَلَو كُنْتُ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الحَالِ، كَانَ هَذَا لَكُم يَسِيْراً، أَمَا إِنِّيْ مُزوِّدُكُم: إِنَّ اللهَ يُبَاهِي مَلاَئِكَتَهُ بِعِبَادِهِ يَوْمَ عَرَفَةَ.
قَالَ المَدَائِنِيُّ: أَحصَنَ الحَسَنُ تِسْعيْنَ امْرَأَةً.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ دَاوُدَ بنِ الحُصَيْنِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
خَرَجْنَا إِلَى الجَمَلِ سِتَّ مائَةٍ، فَأَتَينَا الرَّبَذَةَ، فَقَامَ الحَسَنُ، فَبَكَى، فَقَالَ عَلِيٌّ: تَكلَّمْ، وَدَعْ عَنْكَ أَنْ تَحِنَّ حَنِينَ الجَارِيَةِ.
قَالَ: إِنِّيْ كُنْتُ أَشَرْتُ عَلَيْكَ بِالمقَامِ، وَأَنَا أُشيْرُهُ الآنَ؛ إِنَّ لِلْعَرَبِ جَولَةً، وَلَوْ قَدْ رَجَعَتْ إِلَيْهَا عَوَازِبُ أَحلاَمِهَا، قَدْ ضَرَبُوا إِلَيْكَ آبَاطَ الإِبِلِ حَتَّى يَسْتَخْرِجُوكَ وَلَوْ كُنْتَ فِي مِثْلِ جُحْرِ ضَبٍّ.
قَالَ: أَتَرَانِي - لاَ أَبَالَكَ - كُنْتُ مُنتَظراً كَمَا يَنتَظرُ الضَّبُعُ اللَّدْمَ ؟
إِسْرَائِيْلُ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ هُبَيْرَةَ بنِ يَرِيْمَ، قَالَ:
قِيْلَ لِعَلِيٍّ: هَذَا الحَسَنُ فِي المَسجدِ يُحدِّثُ النَّاسَ، فَقَالَ: طَحْنُ إِبلٍ لَمْ تَعَلَّمْ طحناً.
شُعْبَةُ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مَعْدِ يْكَرِبٍ: أَنَّ عَلِيّاً مَرَّ عَلَى قَوْمٍ قَدِ
اجْتَمَعُوا عَلَى رَجُلٍ، فَقَالَ: مَنْ ذَا؟قَالُوا: الحَسَنُ.
قَالَ: طَحنُ إِبلٍ لَمْ تَعَوَّدْ طَحناً، إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ صُدَّاداً، وَإِنَّ صُدَّادَنَا الحَسَنُ.
جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ: عَنْ أَبِيْهِ؛ قَالَ عَلِيٌّ: يَا أَهْلَ الكُوْفَةِ! لاَ تُزوِّجُوا الحَسَنَ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ مِطْلاَقٌ، قَدْ خَشِيْتُ أَنْ يُورِثَنَا عَدَاوَةً فِي القبَائِلِ.
عَنْ سُوَيْدِ بنِ غَفَلَةَ، قَالَ: كَانَتِ الخَثْعَمِيَّةُ تَحْتَ الحَسَنِ، فَلَمَّا قُتلَ عَلِيٌّ، وَبُوْيِعَ الحَسَنُ، دَخَلَ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ: لِتَهْنِكَ الخِلاَفَةُ.
فَقَالَ: أَظْهَرتِ الشَّمَاتَةَ بِقَتْلِ عَلِيًّ! أَنْتِ طَالِقٌ ثَلاَثاً.
فَقَالَتْ: وَاللهِ مَا أَردْتُ هَذَا.
ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهَا بِعِشْرِيْنَ أَلْفاً، فَقَالَتْ:
مَتَاعٌ قَلِيلٌ مِنْ حَبِيْبٍ مُفَارقِ...
شَرِيْكٌ: عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي رَزِيْنٍ، قَالَ:
خَطَبَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ يَوْمَ جُمُعَةٍ، فَقَرَأَ سُورَةَ إِبْرَاهِيْمَ عَلَى المِنْبَرِ حَتَّى خَتَمهَا.
مَنْصُوْرُ بنُ زَاذَانَ: عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، قَالَ:
كَانَ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ لاَ يَدعُو أَحَداً إِلَى الطَّعَامِ، يَقُوْلُ: هُوَ أَهوَنُ مِنْ أَنْ يُدعَى إِلَيْهِ أَحَدٌ.
قَالَ المُبَرِّدُ: قِيْلَ لِلْحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ:
إِنَّ أَبَا ذَرٍّ يَقُوْلُ: الفَقْرُ أَحبُّ إِلَيَّ مِنَ الغِنَى، وَالسُّقْمُ أَحبُّ إِلَيَّ مِنَ الصِّحَّةِ.
فَقَالَ: رَحِمَ اللهُ أَبَا ذَرٍّ، أَمَّا أَنَا فَأَقُوْلُ: مَنِ اتَّكَلَ عَلَى حُسْنِ اخْتيَارِ اللهِ لَهُ، لَمْ يَتَمَنَّ شَيْئاً.
وَهَذَا حَدُّ الوُقُوفِ عَلَى الرِّضَى بِمَا تَصَرَّفَ بِهِ القَضَاءُ.
عَنِ الحرْمَازِيِّ: خَطبَ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ بِالكُوْفَةِ، فَقَالَ:إِنَّ الحِلْمَ زِينَةٌ، وَالوَقَارَ مُرُوءةٌ، وَالعَجَلَةَ سَفَهٌ، وَالسَّفَهَ ضَعْفٌ، وَمُجَالَسَةَ أَهْلِ الدَّنَاءةِ شَيْنٌ، وَمُخَالَطَةَ الفُسَّاقِ رِيْبَةٌ.
زُهَيْرٌ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بنِ الأَصَمِّ:
قُلْتُ لِلْحَسَنِ: إِنَّ الشِّيْعَةَ تَزْعُمُ أَنَّ عَلِيّاً مَبْعُوْثٌ قَبْلَ يَوْمِ القِيَامَةِ.
قَالَ: كَذَبُوا وَاللهِ، مَا هَؤُلاَءِ بِالشِّيْعَةِ، لَوْ عَلِمْنَا أَنَّهُ مَبْعُوْثٌ مَا زَوَّجْنَا نِسَاءهُ، وَلاَ اقْتسَمْنَا مَالَهُ.
قَالَ جَرِيرُ بنُ حَازِمٍ: قُتِلَ عَلِيٌّ، فَبَايَعَ أَهْلُ الكُوْفَةِ الحَسَنَ، وَأَحبُّوهُ أَشَدَّ مِنْ حُبِّ أَبِيْهِ.
وَقَالَ الكَلْبِيُّ: بُوْيِعَ الحَسَنُ، فَوَلِيَهَا سَبْعَةَ أَشْهُرٍ وَأَحَدَ عَشَرَ يَوْماً، ثُمَّ سَلَّمَ الأَمْرَ إِلَى مُعَاوِيَةَ.
وَقَالَ عَوَانَةُ بنُ الحَكَمِ: سَارَ الحَسَنُ حَتَّى نَزَلَ المَدَائِنَ، وَبَعثَ قَيْسَ بنَ سَعْدٍ عَلَى المُقَدَّمَاتِ، وَهُمُ اثْنَا عَشَرَ أَلْفاً، فَوَقَعَ الصَّائِحُ: قُتلَ قَيْسٌ.
فَانْتَهَبَ النَّاسُ سُرَادِقَ الحَسَنِ، وَوَثَبَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الخَوَارِجِ، فَطَعَنَهُ بِالخِنْجَرِ، فَوَثَبَ النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ، فَقَتَلُوْهُ.
فَكَتبَ الحَسَنُ إِلَى مُعَاوِيَةَ فِي الصُّلْحِ.
ابْنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدٍ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَعَنْ يُوْنُسَ بنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ أَهْلَ العِرَاقِ لَمَّا بَايَعُوا الحَسَنَ، قَالُوا لَهُ: سِرْ إِلَى هَؤُلاَءِ الَّذِيْنَ عَصَوُا اللهَ وَرَسُوْلَهُ وَارتَكَبُوا العَظَائِمَ، فَسَارَ إِلَى أَهْلِ
الشَّامِ، وَأَقْبَلَ مُعَاوِيَةُ حَتَّى نَزَلَ جِسرَ مَنْبِجٍ، فَبَيْنَا الحَسَنُ بِالمَدَائِنِ، إِذْ نَادَى مُنَادٍ فِي عَسْكَرِهِ: أَلاَ إِنَّ قَيْسَ بنَ سَعْدٍ قَدْ قُتِلَ.فَشَدَّ النَّاسُ عَلَى حُجْرَةِ الحَسَنِ، فَنَهَبُوْهَا حَتَّى انْتُهِبَتْ بُسطُهُ، وَأَخَذُوا رِدَاءهُ، وَطَعَنَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ فِي ظَهرِهِ بِخِنْجَرٍ مَسْمُوْمٍ فِي أَلْيَتِهِ، فَتحوَّلَ، وَنَزَلَ قَصرَ كِسْرَى الأَبْيَضَ، وَقَالَ: عَلَيْكُم لَعنَةُ اللهِ مِنْ أَهْلِ قَرْيَةٍ، قَدْ عَلِمْتُ أَنْ لاَ خَيرَ فِيْكُم، قَتلتُم أَبِي بِالأَمسِ، وَاليَوْمَ تَفْعَلُوْنَ بِي هَذَا.
ثُمَّ كَاتَبَ مُعَاوِيَةَ فِي الصُّلْحِ عَلَى أَنْ يُسِلِّمَ لَهُ ثَلاَثَ خِصَالٍ: يُسلِّمَ لَهُ بَيْتَ المَالِ فَيَقْضِي مِنْهُ دَيْنَهُ وَمَوَاعِيدَهُ وَيَتحمَّلَ مِنْهُ هُوَ وَآلُهُ، وَلاَ يُسَبَّ عَلِيٌّ وَهُوَ يَسَمَعُ، وَأَنْ يُحملَ إِلَيْهِ خَرَاجُ فَسَا وَدَرَابْجِرْدَ كُلَّ سَنَةٍ إِلَى المَدِيْنَةِ، فَأَجَابَهُ مُعَاوِيَةُ، وَأَعْطَاهُ مَا سَأَلَ.
وَيُقَالُ: بَلْ أَرْسَلَ عَبْدَ اللهِ بنَ الحَارِثِ بنِ نَوْفَلٍ إِلَى مُعَاوِيَةَ حَتَّى أَخذَ لَهُ مَا سَألَ، فَكَتبَ إِلَيْهِ الحَسَنُ: أَنْ أَقبِلْ.
فَأَقْبَلَ مِنْ جِسْرِ مَنْبِجٍ إِلَى مَسْكَنَ فِي خَمْسَةِ أَيَّامٍ، فَسَلَّمَ إِلَيْهِ الحَسَنُ الأَمْرَ، وَبَايَعَهُ حَتَّى قَدِمَا الكُوْفَةَ.
وَوَفَّى مُعَاوِيَةُ لِلْحَسَنِ بِبَيْتِ المَالِ، وَكَانَ فِيْهِ يَوْمَئِذٍ سَبْعَةُ آلاَفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ؛ فَاحتَمَلهَا الحَسَنُ، وَتَجَهَّزَ هُوَ وَأَهْلُ بَيْتِهِ إِلَى المَدِيْنَةِ، وَكَفَّ مُعَاوِيَةُ عَنْ سَبِّ عَلِيٍّ وَالحَسَنُ يَسَمَعُ.
وَأَجْرَى مُعَاوِيَةُ عَلَى الحَسَنِ كُلَّ سَنَةٍ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ.
وَعَاشَ الحَسَنُ بَعْدَ ذَلِكَ عَشْرَ سِنِيْنَ.
وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ بَكْرٍ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بنُ أَبِي صَغِيْرَةَ، عَنْ عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ:
أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَانَ يَعلَمُ أَنَّ الحَسَنَ أَكْرَهُ النَّاسِ لِلْفِتْنَةِ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ عَلِيٌّ بَعثَ إِلَى الحَسَنِ، فَأَصْلَحَ مَا بَينَهُ وَبَينَهُ سِرّاً، وَأَعْطَاهُ مُعَاوِيَةُ عَهداً إِنْ حَدَثَ بِهِ حَدَثٌ وَالحَسَنُ حَيٌّ لَيُسَمِّيَنَّهُ، وَلَيَجْعَلَنَّ الأَمْرَ إِلَيْهِ.
فَلَمَّا تَوثَّقَ مِنْهُ الحَسَنُ، قَالَ ابْنُ جَعْفَرٍ: وَاللهِ إِنِّيْ لَجَالِسٌ عِنْدَ الحَسَنِ، إِذْ أَخذْتُ لأَقُوْمَ،
فَجَذَبَ بِثَوْبِي، وَقَالَ: يَا هنَاهُ اجلِسْ!فَجلَسْتُ، فَقَالَ: إِنِّيْ قَدْ رَأَيْتُ رَأْياً، وَإِنِّي أُحبُّ أَنْ تُتَابِعَنِي عَلَيْهِ!
قُلْتُ: مَا هُوَ؟
قَالَ: قَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَعمَدَ إِلَى المَدِيْنَةِ، فَأَنْزِلَهَا، وَأُخَلِّيَ بَيْنَ مُعَاوِيَةَ وَبَيْنَ هَذَا الحَدِيْثِ، فَقَدْ طَالتِ الفِتْنَةُ، وَسُفِكَتِ الدِّمَاءُ، وَقُطعَتِ الأَرْحَامُ وَالسُّبُلُ، وَعُطِّلَتِ الفُرُوْجُ.
قَالَ ابْنُ جَعْفَرٍ: جَزَاكَ اللهُ خَيراً عَنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، فَأَنَا مَعَكَ.
فَقَالَ: ادْعُ لِي الحُسَيْنَ!
فَأَتَاهُ، فَقَالَ: أَيْ أَخِي! قَدْ رَأَيْتُ كَيْتَ وَكَيْتَ.
فَقَالَ: أُعِيذُكَ بِاللهِ أَنْ تُكذِّبَ عَلِيّاً، وَتُصَدِّقَ مُعَاوِيَةَ.
فَقَالَ الحَسَنُ: وَاللهِ مَا أَردْتُ أَمراً قَطُّ إِلاَّ خَالَفْتَنِي، وَاللهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَقذِفَكَ فِي بَيْتٍ، فَأُطَيِّنَهُ عَلَيْكَ، حَتَّى أَقْضِيَ أَمْرِي.
فَلَمَّا رَأَى الحُسَيْنُ غَضَبَهُ، قَالَ: أَنْتَ أَكْبَرُ وَلَدِ عَلِيٍّ، وَأَنْتَ خَلِيفَتُهُ، وَأَمْرُنَا لأَمْرِكَ تَبَعٌ.
فَقَامَ الحَسَنُ، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ! إِنِّيْ كُنْتُ أَكْرَهُ النَّاسِ لأَوِّلِ هَذَا الأَمْرِ، وَأَنَا أَصلَحْتُ آخِرَهُ ... ، إِلَى أَنْ قَالَ:
إِنَّ اللهَ قَدْ وَلاَّكَ يَا مُعَاوِيَةُ هَذَا الحَدِيْثَ لِخيرٍ يَعْلَمُهُ عِنْدَكَ، أَوْ لِشَرٍّ يَعْلَمُهُ فِيكَ: {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِيْنٍ} [الأَنْبِيَاءُ: 111] ثُمَّ نَزَلَ.
شَرِيْكٌ: عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي رَزِيْنٍ، قَالَ:
خَطَبنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ يَوْمَ جُمُعَةٍ، فَقَرَأَ (إِبْرَاهِيْمَ) عَلَى المِنْبَرِ حَتَّى خَتَمهَا.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ البَاقِرُ: كَانَ الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ لاَ يَرَيَانِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ.
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ رُؤْيَتَهُنَّ حَلاَلٌ لَهُمَا.
قُلْتُ: الحِلُّ مُتَيَقَّنٌ.
ابْنُ عَوْنٍ: عَنْ مُحَمَّدٍ:
قَالَ الحَسَنُ: الطَّعَامُ أَدقُّ مِنْ أَنْ نُقْسِمَ عَلَيْهِ.
وَقَالَ قُرَّةُ: أَكلْتُ فِي بَيْتِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، فَلَمَّا رَفَعْتُ يَدَيَّ، قَالَ: قَالَ
الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ: إِنَّ الطَّعَامَ أَهْوَنُ مِنْ أَنْ يُقْسَمَ عَلَيْهِ.رَوَى: جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ الحَسَنَ وَالحُسَيْنَ كَانَا يَقْبَلاَنِ جَوَائِزَ مُعَاوِيَةَ.
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا مُسَافِرٌ الجَصَّاصُ، عَنْ رُزَيْقِ بنِ سَوَّارٍ، قَالَ:
كَانَ بَيْنَ الحَسَنِ وَمَرْوَانَ كَلاَمٌ، فَأَغلظَ مَرْوَانُ لَهُ، وَحَسَنٌ سَاكِتٌ، فَامْتَخَطَ مَرْوَانُ بِيَمِيْنِهِ.
فَقَالَ الحَسَنُ: وَيْحَكَ! أَمَا عَلمْتَ أَنَّ اليَمِينَ لِلوَجْهِ، وَالشِّمَالَ لِلْفَرْجِ؟ أُفٍّ لَكَ!
فَسَكَتَ مَرْوَانُ.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيِّ: أَنَّ عُمَرَ أَلْحقَ الحَسَنَ وَالحُسَيْنَ بفَرِيضَةِ أَبِيهِمَا مَعَ أَهْلِ بَدْرٍ؛ لِقَرَابَتِهِمَا بِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَمَّارِ بنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
اتَّحدَ الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ عِنْدَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَعَلَ يَقُوْلُ: (هَيَّ يَا حَسَنُ، خُذْ يَا حَسَنُ) .
فَقَالَتْ عَائِشَةُ: تُعِيْنُ الكَبِيْرَ؟
قَالَ: (إِنَّ جِبْرِيْلَ يَقُوْلُ: خُذْ يَا حُسَيْنُ ) .
شَيْبَانُ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بنِ مُضَرِّبٍ:
سَمِعَ الحَسَنَ يَقُوْلُ: وَاللهِ لاَ أُبَايعُكُم إِلاَّ عَلَى مَا أَقُوْلُ لَكُم.
قَالُوا: مَا هُوَ؟
قَالَ: تُسَالِمُوْنَ مَنْ سَالَمْتُ، وَتُحَارِبُوْنَ مَنْ حَارَبْتُ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ المَدَائِنِيُّ: عَنْ خَلاَّدِ بنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَلِيِّ بنِ
جُدْعَانَ، قَالَ: حَجَّ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ خَمْسَ عَشْرَةَ حَجَّةً مَاشياً، وَإِنَّ النَّجَائِبَ لَتُقَادُ مَعَهُ، وَخَرجَ مِنْ مَالهِ مَرَّتَيْنِ، وَقَاسَمَ اللهَ مَالَهُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ.الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ؛ عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيْهِ:
قَالَ عَلِيٌّ: مَا زَالَ حَسَنٌ يَتَزوَّجُ وَيُطلِّقُ حَتَّى خَشِيْتُ أَنْ يَكُوْنَ يُورِثَنَا عَدَاوَةً فِي القَبَائِلِ، يَا أَهْلَ الكُوْفَةِ! لاَ تُزَوِّجُوهُ، فَإِنَّهُ مِطْلاَقٌ.
فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ هَمْدَانَ: وَاللهِ لَنُزَوِّجَنَّهُ، فَمَا رَضِيَ أَمْسَكَ، وَمَا كَرِهَ طَلَّقَ.
قَالَ المَدَائِنِيُّ: أَحصَنَ الحَسَنُ تِسْعِيْنَ امْرَأَةً.
شَرِيْكٌ: عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي رَزِيْنٍ، قَالَ:
خَطَبنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ سُودٌ وَعِمَامَةٌ سَوْدَاءُ.
زُهَيْرُ بنُ مُعَاوِيَةَ: حَدَّثَنَا مُخَوَّلٌ، عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ :
أَنَّ أَبَا رَافِعٍ أَتَى الحَسَنَ بنَ عَلِيٍّ، وَهُوَ يُصَلِّي عَاقِصاً رَأْسَهُ، فَحَلَّهُ، فَأَرْسَلَهُ.
فَقَالَ الحَسَنُ: مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا؟
قَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ: (لاَ يُصَلِّي الرَّجُلُ عَاقِصاً رَأْسَهُ ) .
وَرَوَى نَحْوَهُ: ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عِمْرَانَ بنِ مُوْسَى، أَخْبَرَنِي سَعِيْدٌ المَقْبُرِيُّ: أَنَّ أَبَا رَافِعٍ مَرَّ بِحَسَنٍ وَقَدْ غَرزَ ضَفِيْرَتَهُ فِي قَفَاهُ، فَحَلَّهَا، فَالْتفَتَ
مُغْضَباً.قَالَ: أَقْبِلْ عَلَى صَلاَتِكَ وَلاَ تَغضَبْ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ: (ذَلِكَ كِفْلُ الشَّيْطَانِ ) .
يَعْنِي: مَقْعَدَ الشَّيْطَانِ.
حَاتِمُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ: عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ الحَسَنَ وَالحُسَيْنَ كَانَا يَتَخَتَّمَانِ فِي اليَسَارِ.
الثَّوْرِيُّ: عَنْ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ رُفَيْعٍ، عَنْ قَيْسٍ مَوْلَى خَبَّابٍ: رَأَيْتُ الحَسَنَ يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ.
حجَّاجُ بنُ نُصَيْرٍ: حَدَّثَنَا يَمَانُ بنُ المُغِيْرَةِ، حَدَّثَنِي مُسْلِمُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: رَأَيْتُ الحَسَنَ بنَ عَلِيٍّ يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ.
أَبُو الرَّبِيْعِ السَّمَّانُ: عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ أَبِي يَزِيْدَ، قَالَ:
رَأَيْتُ الحَسَنَ بنَ عَلِيٍّ قَدْ خَضَبَ بِالسَّوَادِ.
مُجَالِدٌ: عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَعَنْ يُوْنُسَ بنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيْهِ، وَعَنْ غَيْرِهِمَا، قَالُوا:بَايعَ أَهْلُ العِرَاقِ الحَسَنَ، وَقَالُوا لَهُ: سِرْ إِلَى هَؤُلاَءِ.
فَسَارَ إِلَى أَهْلِ الشَّامِ، وَعَلَى مُقَدِّمَتِهُ قَيْسُ بنُ سَعْدٍ فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفاً.
وَقَالَ غَيْرُهُ: فَنَزَلَ المَدَائِنَ، وَأَقْبَلَ مُعَاوِيَةُ، إِذْ نَادَى مُنَادٍ فِي عَسْكَرِ الحَسَنِ: قُتلَ قَيْسٌ.
فَشدَّ النَّاسُ عَلَى حُجْرَةِ الحَسَنِ، فَانْتَهَبُوْهَا، حَتَّى انْتَهَبُوا جَوَارِيَه، وَسَلبُوْهُ رِدَاءهُ، وَطَعَنهُ ابْنُ أُقَيْصِرٍ بِخِنْجَرٍ مَسْمُوْمٍ فِي أَلْيتِهِ، فَتَحوَّلَ، وَنَزَلَ قَصرَ كِسْرَى، وَقَالَ: عَليكُمُ اللَّعْنَةُ، فَلاَ خَيرَ فِيكُم.
ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بنُ الحُبَابِ، عَنْ حُسَيْنِ بنِ وَاقِدٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ بُرَيْدَةَ:
أَنَّ الحَسَنَ دَخَلَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ: لأُجِيْزَنَّكَ بِجَائِزَةٍ لَمْ أُجِزْ بِهَا أَحَداً.
فَأَجَازَهُ بِأَرْبَعِ مائَةِ أَلْفٍ، أَوْ أَرْبَعِ مائَةِ أَلْفِ أَلْفٍ، فَقَبِلَهَا.
وَفِي (مُجْتَنَى) ابْنِ دُرَيْدٍ: قَامَ الحَسَنُ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيْهِ، فَقَالَ: وَاللهِ مَا ثَنَانَا عَنْ أَهْلِ الشَّامِ شَكٌّ وَلاَ نَدَمٌ، وَإِنَّمَا كُنَّا نُقَاتِلُهُم بِالسَّلاَمَةِ وَالصَّبرِ، فَشِيبَتِ السَّلاَمَةُ بِالعَدَاوَةِ، وَالصَّبرُ بِالجَزعِ، وَكُنْتُم فِي مُنتدَبِكُم إِلَى صِفِّيْنَ؛ دِيْنُكُم أَمَامَ دُنْيَاكُم، فَأَصْبَحْتُم وَدُنْيَاكُم أَمَامَ دِيْنِكُم، أَلاَ وَإِنَّا لَكُم كَمَا كُنَّا، وَلَسْتُم لَنَا كَمَا كُنْتُم، أَلاَ وَقَدْ أَصْبَحْتُم بَيْنَ قَتِيْلَيْنِ؛ قَتيلٍ بِصِفِّيْنَ تَبكُوْنَ عَلَيْهِ، وَقَتيلٍ بِالنَّهْرَوَانِ تَطلُبُوْنَ بِثَأْرِهِ، فَأَمَّا البَاقِي، فَخَاذِلٌ، وَأَمَّا البَاكِي، فَثَائِرٌ.
أَلاَ وَإِنَّ مُعَاوِيَةَ دَعَانَا إِلَى أَمرٍ ليسَ فِيْهِ عِزٌّ وَلاَ نَصَفَةٌ؛ فَإِنْ أَردْتُمُ الموتَ، رَدَدْنَاهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَردْتُمُ الحَيَاةَ قَبِلنَاهُ.
قَالَ: فَنَادَاهُ القَوْمُ مِنْ كُلِّ جَانبٍ؛ التَّقِيَّةَ التَّقِيَّةَ.
فَلَمَّا أَفْردُوْهُ، أَمْضَى الصُّلْحَ.
يَزِيْدُ: أَخْبَرَنَا العَوَّامُ بنُ حَوْشَبٍ، عَنْ هِلاَلِ بنِ يِسَافٍ: سَمِعْتُ الحَسَنَ
يَخطُبُ، وَيَقُوْلُ: يَا أَهْلَ الكُوْفَةِ! اتَّقُوا الله فِيْنَا، فَإِنَّا أُمَرَاؤُكُم، وَإِنَّا أَضْيَافُكُم، وَنَحْنُ أَهْلُ البَيْتِ الَّذِيْنَ قَالَ اللهُ فِيهِم: {إِنَّمَا يُرِيْدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ} [الأَحْزَابُ: 33] .قَالَ: فَمَا رَأَيْتُ قَطُّ بَاكِياً أَكْثَرَ مِنْ يَوْمَئِذٍ.
أَبُو عَوَانَةَ: عَنْ حُصَيْنِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي جَمِيْلَةَ مَيْسَرَةَ بنِ يَعْقُوْبَ:
أَنَّ الحَسَنَ بَيْنَمَا هُوَ يُصَلِّي، إِذْ وَثَبَ عَلَيْهِ رَجُلٌ، فَطَعَنَهُ بِخِنْجَرٍ.
قَالَ حُصَيْنٌ: وَعَمِّي أَدْركَ ذَاكَ، فَيَزعُمُوْنَ أَنَّ الطَّعْنَةَ وَقَعَتْ فِي وَرِكِهِ، فَمَرِضَ مِنْهَا أَشهُراً، فَقَعَدَ عَلَى المِنْبَرِ، فَقَالَ: اتَّقُوا اللهَ فِيْنَا، فَإِنَّا أُمَرَاؤُكُم وَأَضْيَافُكُمُ الَّذِي قَالَ اللهُ فِيْنَا.
قَالَ: فَمَا أَرَى فِي المَسجدِ إِلاَّ مَنْ يَحِنُّ بُكَاءً.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي مُوْسَى:
سَمِعَ الحَسَنَ يَقُوْلُ: اسْتَقبلَ -وَاللهِ - الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ مُعَاوِيَةَ بِكَتَائِبَ مِثْلِ الجِبَالِ.
فَقَالَ عَمْرُو بنُ العَاصِ: إِنِّيْ لأَرَى كَتَائِبَ لاَ تُوَلِّي حَتَّى تَقتُلَ أَقرَانَهَا.
فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ - وَكَانَ وَاللهِ خَيْرَ رَجُلَيْنِ -: أَيْ عَمْرُو! إِنْ قَتَلَ هَؤُلاَءِ هَؤُلاَءِ، وَهَؤُلاَءِ هَؤُلاَءِ، مَنْ لِي بِأُمُوْرِ المُسْلِمِيْنَ، مَنْ لِي بِنِسَائِهِم، مَنْ لِي بِضَيْعَتِهِم؟!
فَبعثَ إِلَيْهِم بِرَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ؛ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ سَمُرَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَامِرِ بنِ كُرَيْزٍ، فَقَالَ: اذْهَبَا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ، فَاعْرِضَا عَلَيْهِ، وَقُوْلاَ لَهُ، وَاطْلُبَا إِلَيْهِ.
فَأَتيَاهُ، فَقَالَ لَهُمَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ: إِنَّا بنُو عَبْدِ المُطَّلِبِ قَدْ أَصَبنَا مِنْ هَذَا المَالِ، وَإِنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ قَدْ عَاثَتْ فِي دِمَائِهَا.
قَالاَ: فَإِنَّا نَعرِضُ عَلَيْكَ كَذَا وَكَذَا، وَنَطلُبُ إِلَيْكَ، وَنَسْأَلُكَ.
قَالَ: فَمَنْ لِي بِهَذَا؟
قَالاَ: نَحْنُ
لَكَ بِهِ.فَمَا سَأَلَهُمَا شَيْئاً إِلاَّ قَالاَ: نَحْنُ لَكَ بِهِ، فَصَالَحَهُ.
قَالَ الحَسَنُ: وَلَقَدْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرَةَ يَقُوْلُ:
رَأَيتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ: (إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ ... ) ، وَذَكَرَ الحَدِيْثَ.
ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ: عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ أَنَسِ بنِ سِيْرِيْنَ، قَالَ:
قَالَ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ: مَا بَيْنَ جَابَرْسَ وَجَابَلْقَ رَجُلٌ جَدُّهُ نَبِيٌّ غَيرِي وَغَيرَ أَخِي، وَإِنّي رَأَيْتُ أَنْ أُصلِحَ بَيْنَ الأُمَّةِ، أَلاَ وَإِنَّا قَدْ بَايعنَا مُعَاوِيَةَ، وَلاَ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُم وَمَتَاعٌ إِلَى حِيْنَ.
قَالَ مَعْمَرٌ: جَابَلْقُ وَجَابَرْسُ : المَشْرِقُ وَالمَغْرِبُ.
هُشَيْمٌ: عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ:
أَنَّ الحَسَنَ خَطبَ، فَقَالَ: إِنَّ أَكْيَسَ الكَيْسِ التُّقَى، وَإِنَّ أَحْمَقَ الحُمْقِ الفُجُورُ، أَلاَ وَإِنَّ هَذِهِ الأُمُوْرَ الَّتِي اخْتَلفتُ فِيهَا أَنَا وَمُعَاوِيَةُ، تَركْتُ لِمُعَاوِيَةَ إِرَادَةَ إِصلاَحِ المُسْلِمِيْنَ وَحَقْنِ دِمَائِهِم.
هَوْذَةُ: عَنْ عَوْفٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ:
لَمَّا وَرَدَ مُعَاوِيَةُ الكُوْفَةَ، وَاجْتمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ، قَالَ لَهُ عَمْرُو بنُ العَاصِ: إِنَّ الحَسَنَ مُرتَفِعٌ فِي الأَنْفُسِ؛ لِقَرَابتِه مِنْ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنَّهُ حَدِيثُ السِّنِّ، عَيِيٌّ، فَمُرْهُ فَلْيَخْطُبْ، فَإِنَّهُ سَيَعْيَى، فَيسقُطُ مِنْ أَنْفُسِ النَّاسِ.
فَأَبَى، فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى أَمَرهُ، فَقَامَ عَلَى المِنْبَرِ دُوْنَ مُعَاوِيَةَ: فَحَمِدَ اللهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: لَوِ ابْتغَيْتُم بَيْنَ جَابَلْقَ
وَجَابَرْسَ رَجُلاً جَدُّهُ نَبيٌّ غَيرِي وَغَيرَ أَخِي لَمْ تَجِدُوْهُ، وَإِنَّا قَدْ أَعْطَيْنَا مُعَاوِيَةَ بَيْعَتَنَا، وَرَأَينَا أَنَّ حَقْنَ الدِّمَاءِ خَيْرٌ: {وَمَا أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُم وَمَتَاعٌ إِلَى حِيْنٍ} .وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى مُعَاوِيَةَ، فغَضِبَ مُعَاوِيَةُ، فَخَطَبَ بَعْدَهُ خُطبَةً عَيِيَّة فَاحِشَةً، ثُمَّ نَزَل.
وَقَالَ: مَا أَردتَ بِقَوْلكَ: فِتْنَةٌ لَكُم وَمَتَاعٌ؟
قَالَ: أَردْتُ بِهَا مَا أَرَادَ اللهُ بِهَا.
القَاسِمُ بنُ الفَضْلِ الحُدَّانِيُّ: عَنْ يُوْسُفَ بنِ مَازِنٍ، قَالَ:
عَرضَ لِلْحَسَنِ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا مُسَوِّدَ وُجُوهِ المُؤْمِنِيْنَ!
قَالَ: لاَ تَعْذُلْنِي، فَإِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُرِيهِم يَثِبُوْنَ عَلَى مِنْبَرهِ رَجُلاً رَجُلاً، فَأَنْزَلَ اللهُ -تَعَالَى -: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ} .
قَالَ: أَلْفُ شَهْرٍ يَملِكُونَهُ بَعْدِي -يَعْنِي: بَنِي أُمَيَّةَ -.
سَمِعَهُ مِنْهُ: أَبُو سَلَمَةَ التَّبُوْذَكِيُّ، وَفِيْهِ انْقطَاعٌ.
وَعَنْ فُضَيْلِ بنِ مَرْزُوْقٍ؛ قَالَ:
أَتَى مَالِكُ بنُ ضَمْرَةَ الحَسَنَ، فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مُسَخِّمَ وُجُوهِ المُؤْمِنِيْنَ.
فَقَالَ: لاَ تَقُلْ هَذَا ... ، وَذَكرَ كَلاَماً يَعتَذِرُ بِهِ - رضيَ اللهُ عَنْهُ -.
وَقَالَ لَهُ آخَرُ: يَا مُذِلَّ المُؤْمِنِيْنَ!
فَقَالَ: لاَ، وَلَكِنْ كَرِهتُ أَنْ أَقتلَكُم عَلَى المُلْكِ.
عَاصِمُ بنُ بَهْدَلَةَ: عَنْ أَبِي رَزِيْنٍ، قَالَ:
خَطَبنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ سُودٌ وَعِمَامَةٌ سَوْدَاءُ.
مُحَمَّدُ بنُ رَبِيْعَةَ الكِلاَبِيُّ: عَنْ مُسْتَقِيْمِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ، قَالَ:رَأَيْتُ الحَسَنَ وَالحُسَيْنَ شَابَا، وَلَمْ يَخْضِبَا، وَرَأَيتُهُمَا يَرْكَبَانِ البَرَاذِيْنَ بِالسُّرُوجِ المُنَمَّرَةِ.
جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ: عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ الحَسَنَ وَالحُسَيْنَ كَانَا يَتَخَتَّمَانِ فِي يَسَارِهِمَا، وَفِي الخَاتَمِ ذِكْرُ اللهِ.
وَعَنْ قَيْسٍ مَوْلَى خَبَّابٍ، قَالَ: رَأَيْتُ الحَسَنَ يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ.
شُعْبَةُ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ العَيْزَارِ: أَنَّ الحَسَنَ كَانَ يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ.
وَعَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ أَبِي يَزِيْدَ: رَأَيْتُ الحَسَنَ خَضَبَ بِالسَّوَادِ.
ابْنُ عُلَيَّةَ: عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ عُمَيْرِ بنِ إِسْحَاقَ، قَالَ:
دَخَلْنَا عَلَى الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ نَعُوْدُهُ، فَقَالَ لِصَاحِبِي: يَا فُلاَنُ! سَلْنِي.
ثُمَّ قَامَ مِنْ عِنْدِنَا، فَدَخَلَ كَنِيْفاً، ثُمَّ خَرَجَ، فَقَالَ: إِنِّيْ -وَاللهِ - قَدْ لَفظْتُ طَائِفَةً مِنْ كَبِدِي قَلَبْتُهَا بِعُوْدٍ، وَإِنِّي قَدْ سُقِيْتُ السُّمَّ مِرَاراً، فَلَمْ أُسْقَ مِثْلَ هَذَا.
فَلَمَّا كَانَ الغَدُ، أَتيتُهُ وَهُوَ يَسُوْقُ، فَجَاءَ الحُسَيْنُ، فَقَالَ: أَيْ أَخِي! أَنْبِئنِي مَنْ سَقَاكَ؟
قَالَ: لِمَ! لِتَقْتُلَهُ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: مَا أَنَا مُحدِّثُكَ شَيْئاً، إِنْ يَكُنْ صَاحِبِي الَّذِي أَظُنُّ، فَاللهُ أَشَدُّ نِقْمَةً، وَإِلاَّ - فَوَاللهِ - لاَ يُقتلُ بِي بَرِيْءٌ.
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ جُبَيْرِ بنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيْهِ:قُلْتُ لِلْحَسَنِ: يَقُوْلُوْنَ: إِنَّك تُرِيْدُ الخِلاَفَةَ.
فَقَالَ: كَانَتْ جَمَاجِمُ العَربِ فِي يَدِي، يُسَالِمُوْنَ مَنْ سَالَمْتُ، وَيُحَاربُوْنَ مَنْ حَاربْتُ، فَتركْتُهَا للهِ، ثُمَّ أَبْتَزُّهَا بِأَتْيَاسِ الحِجَازِ ؟
رَوَاهُ: الطَّيَالِسِيُّ فِي (مُسْنَدِهِ) ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ خُمَيْرٍ، فَقَالَ مَرَّةً: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ نُمَيْرٍ، عَنْ أَبِيْهِ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي (العِلَلِ ) : وَهَذَا أَصَحُّ.
قَالَ قَتَادَةُ: قَالَ الحَسَنُ لِلْحُسَيْنِ: قَدْ سُقِيْتُ السُّمَّ غَيرَ مَرَّةٍ، وَلَمْ أُسْقَ مِثْلَ هَذِهِ، إِنِّيْ لأَضعُ كَبِدِي.
فَقَالَ: مَنْ فَعَلَهُ؟
فَأَبَى أَنْ يُخْبِرَهُ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ حَسَنٍ، قَالَ:
كَانَ الحَسَنُ كَثِيْرَ النِّكَاحِ، وَقَلَّ مَنْ حَظِيَتْ عِنْدَهُ، وَقَلَّ مَنْ تَزَوَّجَهَا إِلاَّ أَحبَّتْهُ، وَصَبَتْ بِهِ.
فَيُقَالُ: إِنَّهُ كَانَ سُقِيَ، ثُمَّ أُفْلِتَ، ثُمَّ سُقِيَ فَأُفْلِتَ، ثُمَّ كَانَتِ الآخِرَةُ، وَحَضرَتْهُ الوَفَاةُ، فَقَالَ الطَّبِيْبُ: هَذَا رَجُلٌ قَدْ قَطَعَ السُّمُّ أَمْعَاءهُ.
وَقَدْ سَمِعْتُ بَعضَ مَنْ يَقُوْلُ: كَانَ مُعَاوِيَةُ قَدْ تَلَطَّفَ لِبَعضِ خَدَمِهِ أَنْ يَسْقِيَهُ سُمّاً.
أَبُو عَوَانَةَ: عَنْ مُغِيْرَةَ، عَنْ أُمِّ مُوْسَى: أَنَّ جَعْدَةَ بِنْتَ الأَشْعَثِ بنِ
قَيْسٍ، سَقَتِ الحَسَنَ السُّمَّ، فَاشْتَكَى، فَكَانَ تُوضَعُ تَحْتَهُ طِشْتٌ، وَتُرفَعُ أُخْرَى نَحْواً مِنْ أَرْبَعِيْنَ يَوْماً.ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ رَقَبَةَ بنِ مَصْقَلَةَ :
لَمَّا احتُضِرَ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، قَالَ: أَخْرِجُوا فِرَاشِي إِلَى الصَّحْنِ.
فَأَخْرَجُوْهُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّيْ أَحتسِبُ نَفْسِي عِنْدَكَ، فَإِنَّهَا أَعزُّ الأَنْفُسِ عَلَيَّ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:
حَضَرْتُ مَوْتَ الحَسَنِ، فَقُلْتُ لِلْحُسَيْنِ: اتَّقِ اللهَ، وَلاَ تُثِرْ فِتْنَةً، وَلاَ تَسفِكِ الدِّمَاءَ، ادفُنْ أَخَاكَ إِلَى جَنْبِ أُمِّهِ، فَإِنَّهُ قَدْ عَهِدَ بِذَلِكَ إِلَيْكَ.
أَبُو عَوَانَةَ: عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ:
لَمَّا حُضِرَ الحَسَنُ، قَالَ لِلْحُسَيْنِ: ادفِنِّي عِنْد أَبِي -يَعْنِي: النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلاَّ أَنْ تَخَافُوا الدِّمَاءَ، فَادْفِنِّي فِي مَقَابرِ المُسْلِمِيْنَ.
فَلَمَّا قُبِضَ، تَسَلَّحَ الحُسَيْنُ، وَجَمعَ مَوَالِيهِ، فَقَالَ لَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَنْشُدُكَ اللهَ وَوَصِيَّةَ أَخِيْكَ، فَإِنَّ القَوْمَ لَنْ يَدَعُوْكَ حَتَّى يَكُوْنَ بَيْنَكُم دِمَاءٌ.
فَدفَنَهُ بِالبَقِيْعِ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَرَأَيْتُم لَوْ جِيْءَ بِابْنِ مُوْسَى لِيُدفَنَ مَعَ أَبِيْهِ، فَمُنِعَ، أَكَانُوا قَدْ ظَلمُوْهُ؟
فَقَالُوا: نَعَمْ.
قَالَ: فَهَذَا ابْنُ نَبِيِّ الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ جِيْءَ لِيُدْفَنَ مَعَ أَبِيْهِ.
وَعَنْ رَجُلٍ، قَالَ:
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ مَرَّةً يَوْمَ دُفِنَ الحَسَنُ: قَاتَلَ اللهُ مَرْوَانَ.
قَالَ: وَاللهِ مَا كُنْتُ لأَدَعَ ابْنَ أَبِي تُرَابٍ يُدفَنُ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ دُفنَ عُثْمَانُ بِالبَقِيْعِ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ مِرْدَاسٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، قَالَ:
جَعَلَ الحَسَنُ يُوعِزُ لِلْحُسَيْنِ: يَا أَخِي؛ إِيَّاكَ أَنْ تَسفِكَ دَماً، فَإِنَّ النَّاسَ سِرَاعٌ إِلَى الفِتْنَةِ.
فَلَمَّا تُوُفِّيَ، ارْتَجَّتِ المَدِيْنَةُ صيَاحاً، فَلاَ
تَلْقَى إِلاَّ بَاكِياً.وَأَبردَ مَرْوَانُ إِلَى مُعَاوِيَةَ بِخَبرِهِ، وَأَنَّهُم يُرِيْدُوْنَ دَفْنَهُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلاَ يَصِلُوْنَ إِلَى ذَلِكَ أَبَداً وَأَنَا حَيٌّ.
فَانْتَهَى حُسَيْنٌ إِلَى قَبْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: احْفِرُوا.
فَنكبَ عَنْهُ سَعِيْدُ بنُ العَاصِ -يَعْنِي: أَمِيْرَ المَدِيْنَةِ - فَاعْتزلَ، وَصَاحَ مَرْوَانُ فِي بَنِي أُمَيَّةَ، وَلَبِسُوا السِّلاَحَ.
فَقَالَ لَهُ حُسَيْنٌ: يَا ابْنَ الزَّرْقَاءِ، مَا لَكَ وَلِهَذَا! أَوَالٍ أَنْتَ؟
فَقَالَ: لاَ تَخْلُصُ إِلَى هَذَا وَأَنَا حَيٌّ.
فَصَاحَ حُسَيْنٌ بِحلفِ الفُضُولِ، فَاجتمعتْ هَاشِمٌ، وَتَيْمٌ، وَزُهْرَةُ، وَأَسدٌ فِي السِّلاَحِ، وَعَقَدَ مَرْوَانُ لِوَاءً، وَكَانَتْ بَيْنَهُم مُرَامَاةٌ.
وَجَعلَ عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ يُلِحُّ عَلَى الحُسَيْنِ، وَيَقُوْلُ: يَا ابْنَ عَمِّ! أَلَمْ تَسْمَعْ إِلَى عَهدِ أَخِيْكَ؟ أُذَكِّرُكَ اللهَ أَنْ تَسفِكَ الدِّمَاءَ، وَهُوَ يَأبَى.
قَالَ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ: فَسَمِعْتُ أَبِي، يَقُوْلُ:
لَقَدْ رَأَيتُنِي يَوْمَئِذٍ وَإِنِّي لأُرِيْدُ أَنْ أَضْرِبَ عُنُقَ مَرْوَانَ، مَا حَالَ بَيْنِي وَبَيْنَ ذَلِكَ إِلاَّ أَنْ أَكُوْنَ أَرَاهُ مُسْتوجِباً لِذَلِكَ.
ثُمَّ رَفقتُ بِأَخِي، وَذَكَّرْتُهُ وَصيَّةَ الحَسَنِ، فَأَطَاعنِي.
قَالَ جُوَيْرِيَةُ بنُ أَسْمَاءَ: لَمَّا أَخرجُوا جَنَازَةَ الحَسَنِ، حَمَلَ مَرْوَانُ سَرِيرَهُ، فَقَالَ الحُسَيْنُ: تَحملُ سَرِيْرَهُ! أَمَا وَاللهِ لَقَدْ كُنْتَ تُجَرِّعُهُ الغَيْظَ.
قَالَ: كُنْتُ أَفْعَلُ ذَلِكَ بِمَنْ يُوَازِنُ حِلْمُهُ الجِبَالَ.
وَيُرْوَى أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: لاَ يَكُوْنُ لَهُم رَابعٌ أَبَداً، وَإِنَّهُ لَبَيْتِي أَعْطَانِيْهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَيَاتِهِ.
إِسْنَادهُ مُظْلِمٌ.
الثَّوْرِيُّ: عَنْ سَالِمِ بنِ أَبِي حَفْصَةَ؛ سَمِعَ أَبَا حَازِمٍ يَقُوْلُ: إِنِّيْ لَشَاهِدٌ يَوْمَ مَاتَ الحَسَنُ، فَرَأَيْتُ الحُسَيْنَ يَقُوْلُ لِسَعِيْدِ بنِ العَاصِ، وَيَطْعَنُ فِي
عُنُقِهِ:تَقَدَّمْ، فَلَوْلاَ أَنَّهَا سُنَّةٌ مَا قُدِّمْتَ -يَعْنِي: فِي الصَّلاَةِ -.
فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ: (مَنْ أَحَبَّهُمَا فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَبْغَضَهُمَا فَقَدْ أَبْغَضَنِي).
ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مُسَاوِرٌ السَّعْدِيُّ، قَالَ:
رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ قَائِماً عَلَى مَسجدِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ مَاتَ الحَسَنُ؛ يَبْكِي، وَيُنَادِي بِأَعلَى صَوْتِهِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ! مَاتَ اليَوْمَ حِبُّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَابْكُوا.
قَالَ جَعْفَرٌ الصَّادِقُ: عَاشَ الحَسَنُ سَبْعاً وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: وَغَلِطَ مَنْ نَقَلَ عَنْ جَعْفَرٍ أَنَّ عُمُرَهُ ثَمَانٍ وَخَمْسُوْنَ سَنَةً غَلطاً بَيِّناً.
قَالَ الوَاقِدِيُّ، وَسَعِيْدُ بنُ عُفَيْرٍ، وَخَلِيْفَةُ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ.
وَقَالَ المَدَائِنِيُّ، وَالغَلاَبِيُّ، وَالزُّبَيْرُ، وَابْنُ الكَلْبِيِّ، وَغَيْرُهُم: مَاتَ سَنَةَ خَمْسِيْنَ.
وَزَادَ بَعْضُهُم: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ.
وَغَلِطَ أَبُو نُعَيْمٍ المُلاَئِيُّ، وَقَالَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ.
وَنَقَلَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: أَنَّهُم لَمَّا التَمَسُوا مِنْ عَائِشَةَ أَنْ يُدفنَ الحَسَنُ فِي الحُجْرَةِ، قَالَتْ: نَعَمْ وَكَرَامَةٌ.
فَردَّهُم مَرْوَانُ، وَلَبِسُوا السِّلاَحَ، فَدُفنَ عِنْدَ أُمِّهِ بِالبَقِيْعِ إِلَى جَانِبِهَا.
وَمِنَ (الاسْتِيْعَابِ) لأَبِي عُمَرَ، قَالَ:
سَارَ الحَسَنُ إِلَى مُعَاوِيَةَ، وَسَارَ مُعَاوِيَةُ إِلَيْهِ، وَعَلِمَ أَنَّهُ لاَ تَغْلِبُ طَائِفَةٌ الأُخْرَى حَتَّى تَذهبَ أَكْثَرُهَا، فَبَعَثَ إِلَى مُعَاوِيَةَ أَنَّهُ يَصِيْرُ الأَمْرُ إِلَيْكَ بِشَرْطِ أَنْ لاَ تَطْلُبَ أَحَداً بِشَيْءٍ كَانَ فِي أَيَّامِ أَبِي،
فَأَجَابَهُ، وَكَادَ يَطِيرُ فَرَحاً، إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ: أَمَّا عَشْرَةُ أَنْفُسٍ فَلاَ.فَرَاجَعَهُ الحَسَنُ فِيْهِم، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنِّيْ قَدْ آلَيْتُ مَتَى ظَفِرْتُ بِقَيْسِ بنِ سَعْدٍ أَنْ أَقْطَعَ لِسَانَهُ وَيَدَهُ.
فَقَالَ: لاَ أُبَايِعُكَ.
فَبَعَثَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ بِرَقٍّ أَبْيضَ، وَقَالَ: اكتُبْ مَا شِئْتَ فِيْهِ، وَأَنَا أَلتَزِمُهُ.
فَاصْطَلَحَا عَلَى ذَلِكَ.
وَاشْتَرطَ عَلَيْهِ الحَسَنُ أَنْ يَكُوْنَ لَهُ الأَمْرُ مِنْ بَعْدِهِ، فَالْتَزمَ ذَلِكَ كُلَّهُ مُعَاوِيَةُ.
فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو: إِنَّهُ انفَلَّ حَدُّهُم، وَانكسَرَتْ شَوْكتُهُم.
قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ بَايَعَ عَلِيّاً أَرْبَعُوْنَ أَلْفاً عَلَى المَوْتِ، فَوَاللهِ لاَ يُقتَلُوْنَ حَتَّى يُقتَلَ أَعْدَادُهُم مِنَّا، وَمَا -وَاللهِ - فِي العَيشِ خَيْرٌ بَعْدَ ذَلِكَ.
قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَسَلَّمَ فِي نِصْفِ جُمَادَى الأَوَّلِ الأَمْرَ إِلَى مُعَاوِيَةَ، سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ.
قَالَ: وَمَاتَ - فِيْمَا قِيْلَ - سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ.
وَقِيْلَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ خَمْسِيْنَ.
وَقِيْلَ: سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ.
قَالَ: وَرَوَيْنَا مِنْ وُجُوْهٍ: أَنَّ الحَسَنَ لَمَّا احتُضِرَ، قَالَ لِلْحُسَيْنِ:
يَا أَخِي! إِنَّ أَبَاكَ لَمَّا قُبِضَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَشْرَفَ لِهَذَا الأَمْرِ، فَصَرَفَهُ اللهُ عَنْهُ، فَلَمَّا احْتُضِرَ أَبُو بَكْرٍ، تَشَرَّفَ أَيْضاً لَهَا، فَصُرِفَتْ عَنْهُ إِلَى عُمَرَ، فَلَمَّا احتُضِرَ عُمَرُ، جَعَلَهَا شُوْرَى، أَبِي أَحَدُهُم، فَلَمْ يَشُكَّ أَنَّهَا لاَ تَعْدُوْهُ، فَصُرِفَتْ عَنْهُ إِلَى عُثْمَانَ، فَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ، بُوْيِعَ، ثُمَّ نُوزِعَ حَتَّى جَرَّدَ السَّيْفَ وَطَلَبَهَا، فَمَا صَفَا لَهُ شَيْءٌ مِنْهَا، وَإِنِّي -وَاللهِ - مَا أَرَى أَنْ يَجْمَعَ اللهُ فِيْنَا - أَهْلَ البَيْتِ - النُّبُوَّةَ وَالخِلاَفَةَ؛ فَلاَ أَعْرِفَنَّ مَا اسْتَخَفَّكَ سُفَهَاءُ أَهْلِ الكُوْفَةِ، فَأَخرَجُوكَ، وَقَدْ كُنْتُ طَلَبتُ إِلَى عَائِشَةَ أَنْ أُدفَنَ فِي حُجرَتِهَا؛ فَقَالَتْ: نَعَمْ، وَإِنِّي لاَ أَدْرِي لَعَلَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْهَا حَيَاءً، فَإِذَا مَا مِتُّ، فَاطلُبْ ذَلِكَ
إِلَيْهَا، وَمَا أَظنُّ القَوْمَ إِلاَّ سَيَمنعُوْنَكَ، فَإِنْ فَعَلُوا، فَادْفِنِّي فِي البَقِيْعِ.فَلَمَّا مَاتَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: نَعَمْ، وَكرَامَةٌ.
فَبَلَغَ ذَلِكَ مَرْوَانَ، فَقَالَ: كَذَبَ وَكَذَبَتْ، وَاللهِ لاَ يُدفَنُ هُنَاكَ أَبَداً؛ مَنَعُوا عُثْمَانَ مِنْ دَفْنهِ فِي المَقْبُرَةِ، وَيُرِيْدُوْنَ دَفْنَ حَسَنٍ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ.
فَلَبِسَ الحُسَيْنُ وَمَنْ مَعَهُ السِّلاَحَ، وَاسْتَلأمَ مَرْوَانُ أَيْضاً فِي الحَديدِ، ثُمَّ قَامَ فِي إِطفَاءِ الفِتْنَةِ أَبُو هُرَيْرَةَ.
أَعَاذنَا اللهُ مِنَ الفِتَنِ، وَرَضِيَ عَنْ جَمِيْعِ الصَّحَابَةِ، فَترضَّ عَنْهُم يَا شِيْعِيُّ تُفلحْ، وَلاَ تَدْخُلْ بَيْنَهُم، فَاللهُ حَكَمٌ عَدْلٌ، يَفعلُ فِيْهِم سَابقَ عِلْمِهِ، وَرَحْمتُهُ وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ، وَهُوَ القَائِلُ: (إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي ) ، وَ: {لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ، وَهُم يُسَألُوْنَ} [الأَنْبِيَاءُ: 23] .
فَنسَألُ اللهَ أَنْ يَعفُوَ عَنَّا، وَأَنْ يُثَبِّتَنَا بِالقَولِ الثَّابتِ، آمِيْنَ.
فَبنُو الحَسَنِ هُم: الحَسَنُ، وَزَيْدٌ، وَطَلْحَةُ، وَالقَاسِمُ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعَبْدُ اللهِ - فَقُتِلُوا بِكَرْبَلاَءَ مَعَ عَمِّهِمُ الشَّهِيْدِ - وَعَمْرٌو، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَالحُسَيْنُ، وَمُحَمَّدٌ، وَيَعْقُوْبُ، وَإِسْمَاعِيْلُ، فَهَؤُلاَءِ الذُّكُورُ مِنْ أَوْلاَدِ السَّيِّدِ الحَسَنِ.
وَلَمْ يُعْقِبْ مِنْهُم سِوَى الرَّجُلَيْنِ الأَوَّلَيْنِ؛ الحَسَنِ، وَزَيْدٍ.
فَلِحَسَنٍ خَمْسَةُ أَوْلاَدٍ أَعْقَبُوا، وَلزِيدٍ ابْنٌ وَهُوَ الحَسَنُ بنُ زَيْدٍ، فَلاَ عَقِبَ لَهُ إِلاَّ مِنْهُ، وَلِي إِمْرَةَ المَدِيْنَةِ، وَهُوَ وَالِدُ السِّتِّ نَفِيْسَةَ، وَالقَاسِمِ، وَإِسْمَاعِيْلَ، وَعَبْدِ اللهِ، وَإِبْرَاهِيْمَ، وَزَيْدٍ، وَإِسْحَاقَ، وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُم -.

أبو أسامة حماد بن أسامة بن زيد الكوفي

أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بنُ أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ الكُوْفِيُّ
الحَافِظُ، الثَّبْتُ، مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ.
وَيُقَالُ: وَلاَؤُهُ لِزَيْدِ بنِ عَلِيٍّ.
وَقِيْلَ: بَلْ مَوْلَى الحَسَنِ بنِ سَعْدٍ؛ مَوْلَى الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ.
وُلِدَ: فِي حُدُوْدِ العِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، وَالأَعْمَشِ، وَابْنِ أَبِي خَالِدٍ، وَإِدْرِيْسَ بنِ يَزِيْدَ الأَوْدِيِّ، وَأَجْلَحَ الكِنْدِيِّ، وَأَحْوَصَ بنِ حَكِيْمٍ الشَّامِيِّ، وَأُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ اللَّيْثِيِّ، وَبُرَيْدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي بُرْدَةَ، وَبَهْزِ بنِ حَكِيْمٍ، وَحَاتِمِ بنِ أَبِي صَغِيْرَةَ، وَحَبِيْبِ بنِ الشَّهِيْدِ، وَالحَسَنِ بنِ الحَكَمِ النَّخَعِيِّ، وَسَعْدِ بنِ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيِّ، وَحُسَيْنِ بنِ ذَكْوَانَ المُعَلِّمِ، وَسَعِيْدٍ الجُرَيْرِيِّ، وَطَلْحَةَ بنِ يَحْيَى، وَمُجَالدٍ، وَعَوْفٍ، وَهَاشِمِ بنِ هَاشِمٍ الزُّهْرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَمْرٍو، وَفُضَيْلِ بنِ مَرْزُوْقٍ، وَمَالِكِ بنِ مِغْوَلٍ، وَابْنِ أَبِي عَرُوْبَةَ، وَشُعْبَةَ، وَسُفْيَانَ، وَسُلَيْمَانَ بنِ المُغِيْرَةِ، وَمُسَاوِرٍ الوَرَّاقِ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ العِلْمِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَقُتَيْبَةُ، وَالحُمَيْدِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعِيْدٍ
الجَوْهَرِيُّ، وَابْنَا الدَّوْرَقِيِّ، وَابْنَا أَبِي شَيْبَةَ، وَإِسْحَاقُ الكَوْسَجُ، وَالحَسَنُ الحُلْوَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ الفُرَاتِ، وَدُحَيْمٌ، وَعُبَيْدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، وَمُحَمَّدُ بنُ رَافِعٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ المَخْزُوْمِيُّ، وَمَحْمُوْدُ بنُ غَيْلاَنَ، وَهَارُوْنُ الحَمَّالُ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ كَرَامَةَ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.رَوَى: حَنْبَلُ بنُ إِسْحَاقَ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ:
أَبُو أُسَامَةَ ثِقَةٌ، كَانَ أَعْلَمَ النَّاسِ بِأُمُوْرِ النَّاسِ، وَأَخْبَارِ أَهْلِ الكُوْفَةِ، مَا كَانَ أَرْوَاهُ عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ.
وَرَوَى: عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: كَانَ ثَبْتاً، مَا كَانَ أَثبتَهُ! لاَ يَكَادُ يُخْطِئُ.
وَقَالَ أَيْضاً: سُئِلَ أَبِي عَنْ أَبِي عَاصِمٍ، وَابْنِ أُسَامَةَ، فَقَالَ:
أَبُو أُسَامَةَ أَثْبَتُ مِنْ مائَةٍ مِثْلِ أَبِي عَاصِمٍ، كَانَ أَبُو أُسَامَةَ ضَابِطاً، صَحِيْحَ الكِتَابِ، كَيِّساً، صَدُوْقاً.
وَقَالَ عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ: سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ وَعَبْدَةَ، قَالَ: مَا مِنْهُمَا إِلاَّ ثِقَةٌ.
عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ أَبَانٍ: سَمِعْتُ أَبَا أُسَامَةَ يَقُوْلُ:
كَتَبْتُ بِأُصْبُعَيَّ هَاتَيْنِ مائَةَ أَلْفِ حَدِيْثٍ، وَسَمِعَ ذَلِكَ مِنْهُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ.
وَقَالَ ابْنُ الفُرَاتِ: كَانَ عِنْدَ أَبِي أُسَامَةَ سِتُّ مائَةِ حَدِيْثٍ عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ.
وَقَالَ ابْنُ عَمَّارٍ: كَانَ أَبُو أُسَامَةَ فِي زَمَانِ سُفْيَانَ يُعَدُّ مِنَ النُّسَّاكِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بنُ يَحْيَى بنِ يَمَانٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: مَا بِالكُوْفَةِ شَابٌّ أَعقَلُ مِنْ أَبِي أُسَامَةَ.
ثُمَّ قَالَ العِجْلِيُّ: مَاتَ فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ إِحْدَى وَمائَتَيْنِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَلِيٍّ العَبَّاسِيُّ، وَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعاً.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: مَاتَ فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ إِحْدَى وَمائَتَيْنِ، وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِيْنَ سَنَةً - فِيْمَا قِيْلَ -.قُلْتُ: حَدِيْثُهُ فِي جَمِيْعِ الصِّحَاحِ، وَالدَّوَاوِيْنِ، وَهُوَ مِنْ نُظَرَاءِ وَكِيْعٍ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الفَقِيْهُ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ هِلاَلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ بنُ بِشْرَانَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ شَاكِرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ خَيْثَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَدِيِّ بنِ حَاتِمٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَا مِنْكُم مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ حَاجِبٌ وَلاَ تَرْجُمَانُ، فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ، فَلاَ يَرَى إِلاَّ النَّارَ، فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ) .
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَقَعَ لَنَا مُخْتَصَراً.

محمد بن الفضل الخراساني

محمّد بن الفضل، الخراساني :
سكن بغداد وحدث بها عَنْ سفيان بْن عيينة، وأبي داود الحفري. روى عنه عبّاس ابن محمد الدوري، ومحمد بن إسماعيل الصائغ نزيل مكة.
حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ يَحْيَى بْنِ جَعْفَرٍ الإِمَامُ وَأَبُو الْفَرَجِ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ ابن عبد الله البراثي جميعا بأصبهان. قالا: حدّثنا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَن بن بندار المديني حدّثنا محمّد بن إسماعيل الصّائغ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ الْبَغْدَادِيُّ عَنِ الْحَفَرِيِّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شَقِيقٍ عَنْ عَلِيٍّ: مِثْلَ حَدِيثِ قَبْلَهُ، أَنَّهُ خَطَبَ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَعْهَدْ إِلَيْنَا فِي الإِمَارَةِ عَهْدًا، وَلَكِنَّهُ رَأْيٌ رَأَيْنَاهُ فَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ فَقَامَ وَاسْتَقَامَ.
وَذَكَرَ الْحَدِيثَ كَذَا رَوَيَاهُ لَنَا. فَقَالا: عَنْ عَمْرِو بْنِ شَقِيقٍ وَإِنَّمَا هُوَ عَمْرُو بن سفيان، وقالا عصام بْن النُّعْمَانِ وَإِنَّمَا هُوَ عَاصِمُ بْنُ النُّعْمَانِ بْنِ أَبِي خَالِدِ بن أَخِي إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ رَوَاهُ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ هَكَذَا، وَخَالَفَهُ أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ ابن مَخْلَدٍ فَرَوَاهُ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قيس عن عَمْرِو بْنِ سُفْيَانَ عَنْ أَبِيهِ، وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَمْرٍو أَوْ عَمْرِو بْنِ سُفْيَانَ، وَرَوَاهُ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ حَسَّانٍ فَلَمْ يَقُمْ إِسْنَادُهُ وَقَالَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ رَجُلٍ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ عَلِيٍّ، وَرَوَاهُ أَبُو يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ وَقَبِيصَةُ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ شَيْخٍ غَيْرِ مُسَمًّى! عَنْ عَلِيٍّ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ شَرِيكٌ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، وَرَوَاهُ عَبْثَرُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ سَوَّارٍ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ، وَكَانَ الثَّوْرِيُّ يَضْطَرِبُ فِيهِ وَلا يَثْبُتُ إِسْنَادُهُ.

الافطس والاخرم

الْأَفْطَسُ وَالْأَخْرَمُ لَا يُعْرَفُ لَهُمَا اسْمٌ وَلَا قَبِيلَةٌ وَلَا ذَكَرَهُمَا أَحَدٌ مِنَ الْمَاضِينَ فِي الصَّحَابَةِ ذَكَرَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَنْهُمَا مَا
- حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ، ثنا كَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ، قَالَ: «أَدْرَكْتُ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَالُ لَهُ الْأَفْطَسُ عَلَيْهِ ثَوْبُ خَزٍّ»
- أَخْبَرَنَاهُ خَيْثَمَةُ، فِي كِتَابِهِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، قَالَ: ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، ح وَأَخْبَرَنَاهُ الصَّرْصَرِيُّ، ثنا الْبَغَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، ثنا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللهِ التَّيْمِيُّ، عَنِ ابْنِ الْأَخْرَمِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَوْمَ ذِي قَارٍ: «الْيَوْمَ انْتَصَفَ فِيهِ الْعَرَبُ مِنَ الْعَجَمِ» رَوَاهُ سُلَيْمَانُ الشَّاذَكُونِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَوَاءٍ، عَنِ الْأَشْهَبِ الضُّبَعِيِّ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

محمد بن علي ابو عبد الله الحافظ

محمد بن علي، أبو عبد الله الحافظ، يعرف بقرطمة :
بغدادي كبير، حافظ مقدم في العلم. سمع محمد بن حميد الرازي، وأبا سعيد الأشج، والحسن بْن مُحَمَّد بْن الصباح الزعفراني، وَأحمد بْن منصور الرمادي.
ورحل إلى خراسان فكتب عن محمد بن يحيى الذهلي بنيسابور، وعن غيره. وله أيضا رحلة إلى الشام، والحجاز، ومصر، وأحسبه سكن الكوفة وحدث بها. روى عنه أبو بكر بن أبي دارم الكوفيّ، وغيره.
حدثت عَن أَبِي أَحْمَد مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن إسحاق الحافظ النيسابوري قَالَ: سمعت أبا العباس بن عقدة يقول: داود بن يحيى بن يمان؛ يقول الناس فيقولون: أبو زرعة، وأبو حاتم في الحفظ! والله ما رأيت أحفظ من قرطمة، دخلت عليه غرفته وبين يديه كتب وكيع سماعه من عمرو الأزديّ مصبوبة. فقال: ترى هذه الكتب المصبوبة؟ أيما أحب إليك أن أذكر من أول الباب إلى آخره، أو من آخر الباب إلى أوله؟ فقال: خذ أي كتاب شئت. فقلت: كتاب الأشربة- وكان من أشق كتبه- فجعل يذكر من آخر الباب إلى أوله حتى أتى على الكتاب كله. بلغني أن قرطمة هذا توفي بمكة في سنة تسعين ومائتين.

إبراهيم بن أدهم بن منصور بن يزيد بن جابر العجلي

إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَمَ بنِ مَنْصُوْرِ بنِ يَزِيْدَ بنِ جَابِرٍ العِجْلِيُّ
القُدْوَةُ، الإِمَامُ، العَارِفُ، سَيِّدُ الزُّهَّادِ، أَبُو إِسْحَاقَ العِجْلِيُّ - وَقِيْلَ: التَّمِيْمِيُّ - الخُرَاسَانِيُّ، البَلْخِيُّ، نَزِيْلُ الشَّامِ.
مَوْلِدُهُ:
فِي حُدُوْدِ المائَةِ.حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَمُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ الجُمَحِيِّ - صَاحِبِ أَبِي هُرَيْرَةَ - وَأَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيِّ، وَمَنْصُوْرِ بنِ المُعْتَمِرِ، وَمَالِكِ بنِ دِيْنَارٍ، وَأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ، وَسُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ، وَابْنِ عَجْلاَنَ، وَمُقَاتِلِ بنِ حَيَّانَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: رَفِيْقُهُ؛ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَشَقِيْقٌ البَلْخِيُّ، وَبَقِيَّةُ بنُ الوَلِيْدِ، وَضَمْرَةُ بنُ رَبِيْعَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ حِمْيَرٍ، وَخَلَفُ بنُ تَمِيْمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الفِرْيَابِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ بَشَّارٍ الخُرَاسَانِيُّ - خَادِمُهُ - وَسَهْلُ بنُ هَاشِمٍ، وَعُتْبَةُ بنُ السَّكَنِ.
وَحَكَى عَنْهُ: الأَوْزَاعِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ.
قَالَ البُخَارِيُّ: قَالَ لِي قُتَيْبَةُ:
إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَمَ تَمِيْمِيٌّ، يَرْوِي عَنْ مَنْصُوْرٍ.
قَالَ: وَيُقَالُ لَهُ: العِجْلِيُّ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: هُوَ مِنْ بَنِي عِجْلٍ.
وَذَكَرَ المُفَضَّلُ الغَلاَبِيُّ: أَنَّهُ هَرَبَ مِنْ أَبِي مُسْلِمٍ، صَاحِبِ الدَّعْوَةِ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: هُوَ ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ، أَحَدُ الزُّهَّادِ.
وَعَنِ الفَضْلِ بنِ مُوْسَى، قَالَ: حَجَّ وَالِدُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَدْهَمَ وَزَوْجَتُهُ، فَوَلَدَتْ لَهُ إِبْرَاهِيْمَ بِمَكَّةَ.
وَعَنْ يُوْنُسَ البَلْخِيِّ، قَالَ: كَانَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَمَ مِنَ الأَشْرَافِ، وَكَانَ أَبُوْهُ كَثِيْرَ المَالِ وَالخَدَمِ، وَالمَرَاكِبِ وَالجنَائِبِ وَالبُزَاةِ، فَبَيْنَا إِبْرَاهِيْمُ فِي الصَّيْدِ عَلَى فَرَسِه يُرْكِضُه، إِذَا هُوَ بِصَوْتٍ مِنْ فَوْقِه: يَا إِبْرَاهِيْمُ! مَا هَذَا العَبَثُ ؟ {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً} [المُؤْمِنُوْنَ: 115] ، اتَّقِ اللهَ، عَلَيْكَ بِالزَّادِ لِيَوْمِ الفَاقَةِ.
فَنَزَلَ عَنْ دَابَّتِه، وَرَفَضَ الدُّنْيَا.
وَفِي (رِسَالَةِ) القُشَيْرِيِّ، قَالَ: هُوَ مِنْ كُوْرَةِ بَلْخٍ، مِنْ أَبْنَاءِ المُلُوْكِ، أَثَارَ ثَعْلَباً أَوْ أَرْنَباً، فَهَتَفَ بِهِ هَاتِفٌ: أَلِهَذَا
خُلِقتَ؟ أَمْ بِهَذَا أُمِرتَ؟فَنَزَلَ، وَصَادفَ رَاعِياً لأَبِيْهِ، فَأَخَذَ عَبَاءتَه، وَأَعْطَاهُ فَرَسَه، وَمَا مَعَهُ، وَدَخَلَ البَادِيَةَ، وَصَحِبَ الثَّوْرِيَّ، وَالفُضَيْلَ بنَ عِيَاضٍ، وَدَخَلَ الشَّامَ، وَكَانَ يَأْكُلُ مِنَ الحَصَادِ وَحِفْظِ البَسَاتِيْنِ، وَرَأَى فِي البَادِيَةِ رَجُلاً، عَلَّمَهُ الاسْمَ الأَعْظَمَ فَدَعَا بِهِ، فَرَأَى الخَضِرَ، وَقَالَ: إِنَّمَا عَلَّمَكَ أَخِي دَاوُدُ.
رَوَاهَا: عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ المِصْرِيُّ الوَاعِظُ.
حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيْدٍ الخَرَّازُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَمَ بِذَلِكَ، لَمَّا سَأَلْتُه عَنْ بَدْءِ أَمرِهِ.
وَرُوِيتُ عَنِ: ابْنِ بَشَّارٍ بِإِسْنَادٍ آخَرَ، وَزَادَ، قَالَ: فَسَأَلْتُ بَعْضَ المَشَايِخِ عَنِ الحَلاَلِ، فَقَالَ: عَلَيْكُم بِالشَّامِ.
فَصِرتُ إِلَى المَصِّيْصَةِ، فَعَمِلتُ بِهَا أَيَّاماً، ثُمَّ قِيْلَ لِي: عَلَيْك بِطَرَسُوْسَ، فَإِنَّ بِهَا المُبَاحَاتِ، فَبَيْنَا أَنَا عَلَى بَابِ البَحْرِ، اكْتَرَانِي رَجُلٌ أَنْطُرُ بُسْتَانَه، فَمَكَثتُ مُدَّةً.
قَالَ المُسَيَّبُ بنُ وَاضِحٍ: حَدَّثَنَا أَبُو عُتْبَةَ الخَوَّاصُ:
سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ أَدْهَمَ يَقُوْلُ: مَنْ أَرَادَ التَّوبَةَ، فَلْيَخرُجْ مِنَ المَظَالِمِ، وَلْيَدَعْ مُخَالطَةَ النَّاسِ، وَإِلاَّ لَمْ يَنَلْ مَا يُرِيْدُ.
قَالَ خَلَفُ بنُ تَمِيْمٍ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ يَقُوْلُ:
رَآنِي ابْنُ عَجْلاَنَ، فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ سَاجِداً، وَقَالَ: سَجَدتُ للهِ شُكْراً حِيْنَ رَأَيتُكَ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ: قُلْتُ لابْنِ المُبَارَكِ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَمَ مِمَّنْ
سَمِعَ؟قَالَ: قَدْ سَمِعَ مِنَ النَّاسِ، وَلَهُ فَضْلٌ فِي نَفْسِهِ، صَاحِبُ سَرَائِرَ، وَمَا رَأَيتُهُ يُظْهِرُ تَسبِيْحاً، وَلاَ شَيْئاً مِنَ الخَيْرِ، وَلاَ أَكَلَ مَعَ قَوْمٍ قَطُّ، إِلاَّ كَانَ آخِرَ مَنْ يَرْفَعُ يَدَه.
أَبُو نُعَيْمٍ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُوْلُ:
كَانَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَمَ يُشْبِهُ إِبْرَاهِيْمَ الخَلِيْلَ، وَلَوْ كَانَ فِي الصَّحَابَةِ، لَكَانَ رَجُلاً فَاضِلاً.
قَالَ بِشْرٌ الحَافِي: مَا أَعْرِفُ عَالِماً إِلاَّ وَقَدْ أَكَلَ بِدِيْنِهِ، إِلاَّ وُهَيْبَ بنَ الوَرْدِ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ أَدْهَمَ، وَيُوْسُفَ بنَ أَسْبَاطٍ، وَسَلْمَ الخَوَّاصَ.
قَالَ شَقِيْقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ: قُلْتُ لإِبْرَاهِيْمَ بنِ أَدْهَمَ: تَرَكتَ خُرَاسَانَ؟
قَالَ: مَا تَهنَّأتُ بِالعَيْشِ إِلاَّ فِي الشَّامِ، أَفِرُّ بِدِيْنِي مِنْ شَاهِقٍ إِلَى شَاهِقٍ، فَمَنْ رَآنِي يَقُوْلُ: مُوَسْوَسٌ، وَمَنْ رَآنِي يَقُوْلُ: جَمَّالٌ، يَا شَقِيْقُ! مَا نَبُلَ عِنْدَنَا مَنْ نَبُلَ بِالجِهَادِ وَلاَ بِالحجِّ، بَلْ كَانَ بِعَقْلِ مَا يَدْخُلُ بَطْنَه.
قَالَ خَلَفُ بنُ تَمِيْمٍ: سَأَلْتُ إِبْرَاهِيْمَ: مُنْذُ كَمْ قَدِمتَ الشَّامَ؟
قَالَ: مُنْذُ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، مَا جِئْتُ لِربَاطٍ وَلاَ لِجِهَادٍ، جِئْتُ لأَشبَعَ مِنْ خُبْزِ الحَلاَلِ.
وَعَنْ إِبْرَاهِيْمَ، قَالَ: الزُّهْدُ فَرضٌ، وَهُوَ الزُّهْدُ فِي الحَرَامِ، وَزُهْدُ سَلاَمَةٍ، وَهُوَ الزُّهْدُ فِي الشُّبُهَاتِ، وَزُهْدُ فَضْلٍ، وَهُوَ الزُّهْدُ فِي الحَلاَلِ.
يَحْيَى بنُ عُثْمَانَ البَغْدَادِيُّ: حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، قَالَ:دَعَانِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَمَ إِلَى طَعَامِه، فَأَتَيْتُهُ، فَجَلَسَ، فَوَضَعَ رِجْلَه اليُسْرَى تَحْتَ أَلْيَتِه، وَنَصَبَ اليُمْنَى، وَوَضَعَ مِرْفَقَهُ عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ:
هَذِهِ جِلْسَةُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَجْلِسُ جِلْسَةَ العَبْدِ، خُذُوا بِسْمِ اللهِ.
فَلَمَّا أَكَلْنَا، قُلْتُ لِرَفِيْقِه: أَخْبِرْنِي عَنْ أَشدِّ شَيْءٍ مَرَّ بِكَ مُنْذُ صَحِبْتَه.
قَالَ: كُنَّا صِيَاماً، فَلَمْ يَكُنْ لَنَا مَا نُفطِرُ عَلَيْهِ، فَأَصْبَحْنَا، فَقُلْتُ: هَلْ لَكَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ أَنْ نَأْتِيَ الرَّسْتَنَ، فَنكْرِي أَنْفُسَنَا مَعَ الحَصَّادِيْنَ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: فَاكْتَرَانِي رَجُلٌ بِدِرْهَمٍ.
فَقُلْتُ: وَصَاحِبِي؟
قَالَ: لاَ حَاجَةَ لِي فِيْهِ، أَرَاهُ ضَعِيْفاً.
فَمَا زِلتُ بِهِ حَتَّى اكْتَرَاهُ بِثُلُثَيْنِ، فَاشْتَرَيتُ مِنْ كِرَائِي حَاجَتِي، وَتَصَدَّقتُ بِالبَاقِي، فَقرَّبتُ إِلَيْهِ الزَّادَ، فَبَكَى، وَقَالَ: أَمَّا نَحْنُ فَاسْتَوفَيْنَا أُجُورَنَا، فَلَيْتَ شِعْرِي أَوَفَّيْنَا صَاحِبَنَا أَم لاَ؟
فَغضِبتُ، فَقَالَ: أَتَضْمَنُ لِي أَنَّا وَفَّيْنَاهُ، فَأَخَذتُ الطَّعَامَ، فَتصَدَّقتُ بِهِ.
وَبِالإِسْنَادِ عَنْ بَقِيَّةَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ إِبْرَاهِيْمَ فِي البَحْرِ، فَهَاجَتْ رِيْحٌ، وَاضْطَرَبتْ السَّفِيْنَةُ، وَبَكَوْا، فَقُلْنَا: يَا أَبَا إِسْحَاقَ! مَا تَرَى؟
فَقَالَ: يَا حَيُّ حِيْنَ لاَ حَيَّ، وَيَا حَيُّ قَبْلَ كُلِّ حَيٍّ، وَيَا حَيُّ بَعْدَ كُلِّ حَيٍّ، يَا حَيُّ، يَا قَيُّومُ، يَا مُحْسِنُ، يَا مُجْمِلُ! قَدْ أَرَيْتَنَا قُدْرَتَكَ، فَأَرِنَا عَفْوَكَ، فَهَدَأَتِ السَّفِيْنَةُ مِنْ سَاعَتِه.
ضَمْرَةُ: سَمِعْتُ ابْنَ أَدْهَمَ، قَالَ:
أَخَافُ أَنْ لاَ أُؤْجَرَ فِي تَرْكِي أَطَايِبَ الطَّعَامِ، لأَنِّيْ لاَ أَشْتَهِيهِ.
وَكَانَ إِذَا جَلَسَ عَلَى طَعَامٍ طَيِّبٍ، قَدَّمَ إِلَى أَصْحَابِهِ،
وَقَنَعَ بِالخُبْزِ وَالزَّيْتُوْنِ.مُحَمَّدُ بنُ مَيْمُوْنٍ المَكِّيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ:
قِيْلَ لإِبْرَاهِيْمَ بنِ أَدْهَمَ: لَوْ تَزَوَّجتَ؟
قَالَ: لَوْ أَمْكَنَنِي أَنْ أُطَلِّقَ نَفْسِي، لَفَعَلْتُ.
عَنْ خَلَفِ بنِ تَمِيْمٍ، قَالَ: دَخَلَ إِبْرَاهِيْمُ الجَبَلَ، وَاشْتَرَى فَأْساً، فَقَطَعَ حَطَباً، وَبَاعَهُ، وَاشْتَرَى نَاطِفاً، وَقَدَّمَه إِلَى أَصْحَابِهِ، فَأَكَلُوا، فَقَالَ يُبَاسِطُهُم: كَأَنَّكُم تَأْكُلُوْنَ فِي رَهْنٍ.
عِصَامُ بنُ رَوَّادِ بنِ الجَرَّاحِ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ:
كُنْتُ لَيْلَةً مَعَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَدْهَمَ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ بِبَاكُورَةٍ، فَنَظَرَ حَوْلَهُ هَلْ يَرَى مَا يُكَافِئُه، فَنَظَرَ إِلَى سَرْجِي، فَقَالَ: خُذْ ذَاكَ السَّرْجَ.
فَأَخَذَهُ، فَسُرِرتُ حِيْنَ نَزَلَ مَالِي بِمَنْزِلَةِ مَالِهِ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ بَكَّارٍ: كَانَ إِبْرَاهِيْمُ مِنْ بَنِي عِجْلٍ، كَرِيْمَ الحَسَبِ، وَإِذَا حَصدَ، ارْتَجَزَ، وَقَالَ:
اتَّخِذِ اللهَ صَاحِباً ... وَدَعِ النَّاسَ جَانِباً
وَكَانَ يَلْبَس فَرْواً بِلاَ قَمِيْصٍ، وَفِي الصَّيْفِ شَقَّتَيْنِ بِأَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ: إِزَارٌ وَرِدَاءٌ، وَيَصُومُ فِي الحَضَرِ وَالسَّفَرِ، وَلاَ يَنَامُ اللَّيْلَ، وَكَانَ يَتفكَّرُ، وَيَقْبِضُ أَصْحَابُهُ أُجرَتَه، فَلاَ يَمَسُّهَا بِيَدِهِ، وَيَقُوْلُ: كُلُوا بِهَا شَهَوَاتِكُم. وَكَانَ يَنْطُرُ،
وَكَانَ يَطحَنُ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ مُدَّيْنِ مِنْ قَمْحٍ.قَالَ أَبُو يُوْسُفَ الغَسُّوْلِيُّ: دَعَا الأَوْزَاعِيُّ إِبْرَاهِيْمَ بنَ أَدْهَمَ، فَقصَّرَ فِي الأَكلِ، فَقَالَ: لِمَ قَصَّرتَ؟
قَالَ: رَأَيتُكَ قَصَّرتَ فِي الطَّعَامِ.
بِشْرٌ الحَافِي: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ يَمَانٍ، قَالَ:
كَانَ سُفْيَانُ إِذَا قَعَدَ مَعَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَدْهَمَ، تَحرَّزَ مِنَ الكَلاَمِ.
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ: عَنْ طَالُوْتَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ أَدْهَم يَقُوْلُ: مَا صَدَقَ اللهَ عَبْدٌ أَحَبَّ الشُّهْرَةَ.
قُلْتُ: عَلاَمَةُ المُخْلِصِ الَّذِي قَدْ يُحبُّ شُهرَةً، وَلاَ يَشعُرُ بِهَا، أَنَّهُ إِذَا عُوتِبَ فِي ذَلِكَ، لاَ يَحرَدُ وَلاَ يُبرِّئُ نَفْسَه، بَلْ يَعترِفُ، وَيَقُوْلُ: رَحِمَ اللهُ مَنْ أَهدَى إِلَيَّ عُيُوبِي، وَلاَ يَكُنْ مُعجَباً بِنَفْسِهِ؛ لاَ يَشعرُ بِعُيُوبِهَا، بَلْ لاَ يَشعرُ أَنَّهُ لاَ يَشعرُ، فَإِنَّ هَذَا دَاءٌ مُزْمِنٌ.
عِصَامُ بنُ رَوَّادٍ: سَمِعْتُ عِيْسَى بنَ حَازِمٍ النَّيْسَابُوْرِيَّ يَقُوْلُ:
كُنَّا بِمَكَّةَ مَعَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَدْهَمَ، فَنَظَرَ إِلَى أَبِي قُبَيْسٍ، فَقَالَ: لَوْ أَنَّ مُؤْمِناً، مُسْتكمِلَ الإِيْمَانِ، يَهزُّ الجَبَلَ لَتَحَرَكَ.
فَتَحَرَّكَ أَبُو قُبَيْسٍ، فَقَالَ: اسْكُنْ، لَيْسَ إِيَّاكَ أَرَدْتُ.
قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَنْصُوْرٍ، حَدَّثَنَا الحَارِثُ بنُ النُّعْمَانِ، قَالَ:
كَانَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَم يَجْتَنِي الرُّطَبَ مِنْ شَجَرِ البَلُّوْطِ.
وَعَنْ مَكِّيِّ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، قَالَ: قِيْلَ لابْنِ أَدْهَم: مَا تَبلُغُ مِنْ كَرَامَةِ المُؤْمِنِ؟قَالَ: أَنْ يَقُوْلَ لِلْجَبَلِ: تَحرَّكْ، فَيَتحَرَّكُ.
قَالَ: فَتَحَرَّكَ الجَبَلُ، فَقَالَ: مَا إِيَّاكَ عَنَيْتُ.
وَعَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَدْهَمَ، قَالَ: كُلُّ مَلِكٍ لاَ يَكُوْنُ عَادِلاً، فَهُوَ وَاللِّصُّ سَوَاءٌ، وَكُلُّ عَالِمٍ لاَ يَكُوْنُ تَقِيّاً، فَهُوَ وَالذِّئْبُ سَوَاءٌ، وَكُلُّ مَنْ ذَلَّ لِغَيْرِ اللهِ، فَهُوَ وَالكَلْبُ سَوَاءٌ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الجُلُوْدِيُّ، وَغَيْرُهُ: أَنَّ عَبْدَ الله بنَ اللَّتِّيِّ أَخْبَرَهُم، قَالَ:
أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بنُ المُتَوَكِّلِ، أَنْبَأَنَا أَبُو الحَسَنِ بنُ العَلاَّفِ، حَدَّثَنَا الحَمَّامِيُّ، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ الخُلْدِيُّ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ بَشَّارٍ:
سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ أَدْهَمَ يَقُوْلُ: وَأَيُّ دِيْنٍ لَوْ كَانَ لَهُ رِجَالٌ! مَنْ طَلَبَ العِلْمَ للهِ، كَانَ الخُمُوْلُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ التَّطَاوُلِ، وَاللهِ مَا الحَيَاةُ بِثِقَةٍ، فَيُرْجَى نَوْمُهَا، وَلاَ المَنِيَّةُ بِعُذرٍ، فَيُؤمَنُ عُذْرُهَا، فَفِيْمَ التَّفْرِيطُ وَالتَّقْصِيْرُ وَالاتِّكَالُ وَالإِبطَاءُ؟ قَدْ رَضِينَا مِنْ أَعْمَالِنَا بِالمَعَانِي، وَمِنْ طَلَبِ التَّوبَةِ بِالتَّوَانِي، وَمِنَ العَيْشِ البَاقِي بِالعَيْشِ الفَانِي.
وَبِهِ: قَالَ ابْنُ بَشَّارٍ: أَمْسَينَا مَعَ إِبْرَاهِيْمَ لَيْلَةً، لَيْسَ لَنَا مَا نَفطَرُ عَلَيْهِ، فَقَالَ:
يَا ابْنَ بَشَّارٍ! مَاذَا أَنْعَمَ اللهُ عَلَى الفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِيْنِ مِنَ النَّعِيْمِ وَالرَّاحَةِ، لاَ يَسْأَلُهُم يَوْمَ القِيَامَةَ عَنْ زَكَاةٍ، وَلاَ حَجٍّ، وَلاَ صَدَقَةٍ، وَلاَ صِلَةِ رَحِمٍ! لاَ تَغتمَّ، فَرِزقُ اللهِ سَيَأْتِيْكَ، نَحْنُ -وَاللهِ- المُلُوْكُ الأَغْنِيَاءُ، تعجلُنَا الرَّاحَة، لاَ نُبَالِي عَلَى أَيِّ حَالٍ كُنَّا إِذَا أَطَعنَا اللهَ.
ثُمَّ قَامَ إِلَى صَلاَتِه، وَقُمْتُ إِلَى صَلاَتِي، فَإِذَا بِرَجُلٍ قَدْ جَاءَ بِثَمَانِيَةِ أَرْغِفَةٍ، وَتَمْرٍ كَثِيْرٍ، فَوَضَعَهُ، فَقَالَ: كُلْ يَا مَغْمُوْمُ.
فَدَخَلَ سَائِلٌ، فَأَعْطَاهُ ثَلاَثَةَ أَرغِفَةٍ مَعَ تَمْرٍ، وَأَعْطَانِي ثَلاَثَةً، وَأَكَلَ رَغِيْفَيْنِ.وَكُنْتُ مَعَهُ، فَأَتَيْنَا عَلَى قَبْرٍ مُسنَّمٍ، فَترحَّمَ عَلَيْهِ، وَقَالَ:
هَذَا قَبْرُ حُمَيْدِ بنِ جَابِرٍ، أَمِيْرِ هَذِهِ المُدُنِ كُلِّهَا، كَانَ غَارِقاً فِي بِحَارِ الدُّنْيَا، ثُمَّ أَخْرَجَهُ اللهُ مِنْهَا.
بَلَغَنِي: أَنَّهُ سُرَّ ذَاتَ يَوْمٍ بِشَيْءٍ، وَنَامَ، فَرَأَى رَجُلاً بِيَدِهِ كِتَابٌ، فَفَتَحَهُ، فَإِذَا هُوَ كِتَابٌ بِالذَّهَبِ: لاَ تُؤثِرَنَّ فَانِياً عَلَى بَاقٍ، وَلاَ تَغتَرَّنَّ بِمُلْكِكَ، فَإِنَّ مَا أَنْتَ فِيْهِ جَسِيْمٌ لَوْلاَ أَنَّهُ عَدِيْمٌ، وَهُوَ مُلْكٌ لَوْلاَ أَنَّ بَعْدَهُ هُلْكٌ، وَفَرَحٌ وَسُرُوْرٌ، لَوْلاَ أَنَّهُ غُرُوْرٌ، وَهُوَ يَوْمٌ لَوْ كَانَ يُوثَقُ لَهُ بَعْدُ، فَسَارِعْ إِلَى أَمْرِ اللهِ، فَإِنَّ اللهَ قَالَ: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ، أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِيْنَ} [آلُ عِمْرَانَ: 133] .
فَانتَبَهُ فَزَعاً، وَقَالَ: هَذَا تَنْبِيْهٌ مِنَ اللهِ وَمَوْعِظَةٌ.
فَخَرَجَ مِنْ مُلْكِهِ، وَقَصَدَ هَذَا الجَبَلَ، فَعَبَدَ اللهَ فِيْهِ حَتَّى مَاتَ.
وَرُوِيَ: أَنَّ إِبْرَاهِيْمَ بنَ أَدْهَمَ حَصدَ لَيْلَةً مَا يَحصُدُهُ عَشَرَةٌ، فَأَخَذَ أُجْرَتَهُ دِيْنَاراً.
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا السَّرَّاجُ:
سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ بَشَّارٍ يَقُوْلُ: قُلْتُ لإِبْرَاهِيْمَ بنِ أَدْهَمَ: كَيْفَ كَانَ بَدءُ أَمرِكَ؟
قَالَ: غَيْرُ ذَا أَوْلَى بِكَ.
قَالَ: قُلْتُ: أَخْبِرْنِي لَعَلَّ اللهَ أَنْ يَنْفَعَنَا بِهِ يَوْماً.
قَالَ: كَانَ أَبِي مِنَ المُلُوْكِ المَيَاسِيْرِ، وَحُبِّبَ إِلَيْنَا الصَّيْدُ، فَرَكِبتُ، فَثَارَ أَرْنَبٌ أَوْ ثَعْلَبٌ، فَحرَّكتُ فَرَسِي، فَسَمِعْتُ نِدَاءً مِنْ وَرَائِي: لَيْسَ لِذَا خُلِقْتَ، وَلاَ بِذَا أُمِرْتَ.
فَوَقَفتُ أَنظُرُ يَمنَةً وَيَسْرَةً، فَلَمْ أَرَ أَحَداً، فَقُلْتُ: لَعَنَ اللهُ إِبْلِيسَ.
ثُمَّ حَرَّكتُ فَرَسِي، فَأَسْمَعُ نِدَاءً أَجْهَرَ مِنْ ذَلِكَ: يَا إِبْرَاهِيْمُ! لَيْسَ لِذَا خُلِقتَ، وَلاَ بِذَا أُمِرتَ.
فَوَقَفتُ أَنظُرُ فَلاَ أَرَى أَحَداً، فَقُلْتُ: لَعَنَ اللهُ إِبْلِيسَ.
فَأَسْمَعُ نِدَاءً مِنْ قَرَبُوْسِ سَرجِي
بِذَاكَ، فَقُلْتُ: أُنْبِهْتُ، أُنْبِهْتُ، جَاءنِي نَذِيرٌ، وَاللهِ لاَ عَصَيتُ اللهَ بَعْدَ يَوْمِي مَا عَصَمنِي اللهُ.فَرَجَعْتُ إِلَى أَهْلِي، فَخَلَّيتُ فَرَسِي، ثُمَّ جِئْتُ إِلَى رُعَاةٍ لأَبِي، فَأَخَذتُ جُبَّةً كِسَاءً، وَأَلقَيْتُ ثِيَابِي إِلَيْهِ، ثُمَّ أَقْبَلتُ إِلَى العِرَاقِ، فَعَمِلتُ بِهَا أَيَّاماً، فَلَمْ يَصْفُ لِي مِنْهَا الحَلاَلُ، فَقِيْلَ لِي: عَلَيْكَ بِالشَّامِ ... ، فَذَكَرَ حِكَايَةَ نِطَارَتِه الرُّمَّانَ.
وَقَالَ الخَادِمُ لَهُ: أَنْتَ تَأْكُلُ فَاكِهَتنَا، وَلاَ تَعْرِفُ الحُلْوَ مِنَ الحَامِضِ؟
قُلْتُ: وَاللهِ مَا ذُقْتُهَا.
فَقَالَ: أَتُرَاكَ لَوْ أَنَّكَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَمَ.
فَانْصَرَفَ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الغَدِ، ذَكَرَ صِفَتِي فِي المَسْجِدِ، فَعَرَفَنِي بَعْضُ النَّاسِ، فَجَاءَ الخَادِمُ وَمَعَهُ عُنُقٌ مِنَ النَّاسِ، فَاخْتَفَيْتُ خَلْفَ الشَّجرِ، وَالنَّاسُ دَاخِلُوْنَ، فَاخْتلَطْتُ مَعَهُم وَأَنَا هَاربٌ.
قَدْ سُقْتُ أَخْبَارَ إِبْرَاهِيْمَ فِي (تَارِيْخِي) أَزْيَدَ مِمَّا هُنَا، وَأَخْبَارَهُ فِي: (تَارِيْخِ دِمَشْقَ ) وَفِي: (الحِلْيَة ) ؛ وَتَآلِيْفَ لابْنِ جَوْصَا، وَأَخْبَارَهُ الَّتِي رَوَاهَا ابْنُ اللَّتِّيِّ، وَأَشْيَاءَ.
وثَّقهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ.
وَتُوُفِّيَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ، وَقَبْرُهُ يُزَارُ.
وَتَرْجَمَتُه فِي (تَارِيْخِ دِمَشْقَ) فِي ثَلاَثَةٍ وَثَلاَثِيْنَ وَرَقَةً.

العباس بن عبد العظيم بن اسماعيل بن توبة بن كيسان ابو الفضل العنبري

العباس بْن عبد العظيم بْن إسماعيل بْن توبة بْن كيسان، أَبُو الفضل العنبري :
من أهل البصرة سمع يَحْيَى بْن سَعِيد القطان، وعبد الرَّحْمَن بْن مهدي، ومعاذ بْن هشام، والنضر بْن مُحَمَّد الجرشي، وصفوان بْن عيسى، وعبد الرَّزَّاق بْن همام. روى عنه أَبُو حاتم الرازي، ومسلم بْن الحجاج، وأبو داود السجستاني. وقدم بغداد وجالس بها أَحْمَد بْن حنبل، وأبا عبيد القاسم بْن سلام، وبشر بْن الحارث وذاكرهم.
فسمع منه ببغداد- محمد بْن يوسف الجوهري، وأبو بكر الأثرم.
حدّثنا عبد الكريم بن محمّد المحامليّ، أخبرنا أحمد بن منصور النوشري، أخبرنا محمّد بن مخلد، حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن يوسف الجوهري قَالَ: سمعت بشر بْن الحارث وذكر له عَبَّاس بْن عبد العظيم عَنْ يحيى بْن يمان قَالَ: إني أرى اللَّه يستحي من حسن- يعني أن يعذبه- قَالَ بشر: ما أدري ما هذا، وكرهه.
أَخْبَرَنَا الحسين بْن مُحَمَّد أخو الخلال، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيم بن عبد اللَّه الشطي- بِجُرجان- حَدَّثَنَا أَبُو عبد اللَّه الحسين بْن بكر، حدّثنا محمّد بن إسحاق المعدّل، حدّثنا محمّد
ابن مسلمة بْن عثمان قَالَ: سمعت معاوية بْن عبد الكريم الزيادي يقول: أدركت البصرة والناس يقولون: ما بالبصرة أعقل من أبي الوليد، وبعده أَبُو بَكْر بْن خلاد.
ويقولون: أعقل أهل البصرة بعد أبي بكر عَبَّاس بْن عبد العظيم.
أَخْبَرَنِي الصوري، أَخْبَرَنِي القاضي أَبُو الحَسَن عُبَيْد اللَّه بْن القاسم الهمدانيّ- بأطرابلس- أخبرنا عبد الرّحمن بن سعيد العروضي الخشاب- بمصر- حَدَّثَنَا أَبُو عبد الرحمن النسائي قَالَ: العباس بْن عبد العظيم العنبري ثقة مأمون.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن رزق، أخبرنا عثمان بن أحمد الدّقّاق، حدّثنا حنبل ابن إسحاق قَالَ: ومات العباس العنبري في سنة ست- أو سبع- وثلاثين، وكذا قال حنبل.
وأخبرنا ابن الفضل، أخبرنا عليّ بن إبراهيم، حدثنا أبو أحمد بن فارس قال:
حدثنا البخاري قَالَ: عَبَّاس بْن عبد العظيم أَبُو الفضل العنبري البصري مات سنة ست وأربعين ومائتين.