Book Home Page
الصفحة الرئيسية للكتاب
Number of entries in this book
عدد المواضيع في هذا الكتاب 5806
928. ابن الحبوبي حمزة بن علي بن هبة الله الثعلبي...1 929. ابن الحبير أبو بكر محمد بن يحيى بن مظفر البغدادي...1 930. ابن الحجاج أبو عبد الله الحسين البغدادي...1 931. ابن الحجام عبد الله بن مسرور التجيبي...1 932. ابن الحداد أحمد بن إبراهيم بن أحمد الأسدي...1 933. ابن الحداد سعيد بن محمد بن صبيح المغربي...1934. ابن الحداد عبيد الله بن الحسن بن أحمد الأصبهاني...1 935. ابن الحداد محمد بن أحمد بن محمد المصري...1 936. ابن الحذاء أحمد بن محمد بن يحيى القرطبي...1 937. ابن الحذاء محمد بن يحيى بن أحمد التميمي...1 938. ابن الحرستاني عبد الصمد بن محمد الأنصاري...1 939. ابن الحصري أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج...1 940. ابن الحصين هبة الله بن محمد بن عبد الواحد...1 941. ابن الحطاب أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن أحمد...1 942. ابن الحطيئة أحمد بن عبد الله بن أحمد اللخمي...1 943. ابن الحكم جعفر بن محمد بن أحمد الواسطي...1 944. ابن الحلاوي أحمد بن محمد بن أبي الوفاء الربعي...1 945. ابن الحمامي محمد بن محمود بن إبراهيم...1 946. ابن الحنفية أبو القاسم محمد بن علي بن أبي طالب القرشي...1 947. ابن الحيري أبو سعيد أحمد بن محمد بن سعيد...1 948. ابن الخازن أبو الفضل أحمد بن محمد بن الفضل...1 949. ابن الخازن أبو بكر محمد بن سعيد بن الموفق النيسابوري...1 950. ابن الخاضبة محمد بن أحمد بن عبد الباقي البغدادي...1 951. ابن الخالة محمد بن أحمد بن سهل الواسطي...1 952. ابن الخريف ضياء بن أحمد بن الحسن السقلاطوني...1 953. ابن الخشاب أبو الفرج أحمد بن القاسم1 954. ابن الخشاب عبد الله بن أحمد بن أحمد البغدادي...1 955. ابن الخشوعي أبو إسحاق إبراهيم بن بركات بن إبراهيم...1 956. ابن الخشوعي عبد الله بن بركات بن إبراهيم الدمشقي...1 957. ابن الخصيب أبو الفضل محمد بن الحسين القرشي...1 958. ابن الخصيب عبد الله بن محمد الأصبهاني...1 959. ابن الخضر أحمد بن الخضر بن أحمد النيسابوري...1 960. ابن الخل محمد بن المبارك بن محمد البغدادي...1 961. ابن الخلال أبو الحجاج يوسف بن محمد المصري...1 962. ابن الخلال عبد الله بن الحسن بن محمد البغدادي...1 963. ابن الخلال محمد بن عبد الرحمن الطائي...1 964. ابن الخياط أبو عبد الله أحمد بن محمد بن علي...1 965. ابن الخير إبراهيم بن محمود بن سالم بن مهدي البغدادي...1 966. ابن الداعي محمد بن الحسن بن القاسم العلوي...1 967. ابن الدامغاني جعفر بن عبد الله بن محمد البغدادي...1 968. ابن الداية محمد بن علي البغدادي1 969. ابن الدباغ خلف بن القاسم بن سهل الأندلسي...1 970. ابن الدباغ يوسف بن عبد العزيز بن يوسف...1 971. ابن الدجاجي محمد بن علي بن علي البغدادي...1 972. ابن الدرفس محمد بن العباس الغساني1 973. ابن الدلم صدقة بن محمد بن أحمد القرشي...1 974. ابن الدنف محمد بن علي بن عبيد الله البغدادي...1 975. ابن الدهان المبارك بن المبارك بن سعيد الواسطي...1 976. ابن الدهان سعيد بن المبارك بن الدهان البغدادي...1 977. ابن الدهان عبد الله بن أسعد بن علي الموصلي...1 978. ابن الدوامي هبة الله بن الحسن بن هبة الله البغدادي...1 979. ابن الدورقي عبد الله بن أحمد بن إبراهيم بن كثير...1 980. ابن الربيع يحيى بن الربيع بن سليمان العمري...1 981. ابن الرخلة صالح بن المبارك بن محمد البغدادي...1 982. ابن الرزاز أبو منصور سعيد بن محمد بن عمر...1 983. ابن الرزاز سعيد بن محمد بن سعيد البغدادي...1 984. ابن الرسان أحمد بن فتح بن عبد الله القرطبي...1 985. ابن الرطبي أبو العباس أحمد بن سلامة بن عبيد الله...1 986. ابن الرماح عبد الله بن عمر بن ميمون البلخي...1 987. ابن الرماك عبد الرحمن بن محمد الأموي...1 988. ابن الرواس عبد الرحمن بن القاسم الهاشمي...1 989. ابن الرومي أبو الحسن علي بن العباس1 990. ابن الرومي عبد الله بن محمد النيسابوري...1 991. ابن الرومية أبو العباس أحمد بن محمد بن مفرج الإشبيلي...1 992. ابن الزاغوني أبو بكر محمد بن عبيد الله بن نصر...1 993. ابن الزبيدي الحسين بن المبارك بن محمد الربعي...1 994. ابن الزبيدي عبد العزيز بن يحيى بن المبارك الربعي...1 995. ابن الزبير أحمد بن علي بن إبراهيم الغساني...1 996. ابن الزبير علي بن محمد بن الزبير القرشي...1 997. ابن الزكي أبو المعالي محمد بن علي القرشي...1 998. ابن الزكي محمد بن يحيى بن علي القرشي1 999. ابن الزنف محمد بن وهب بن سلمان السلمي...1 1000. ابن الزيات أبو جعفر محمد بن عبد الملك بن أبان...1 1001. ابن الزيات عمر بن محمد بن علي البغدادي...1 1002. ابن الزينبي أبو الحسن محمد بن علي بن أبي طالب...1 1003. ابن الساعاتي أبو الحسن علي بن محمد الخراساني...1 1004. ابن السباك محمد بن محمد بن الحسن البغدادي...1 1005. ابن السراج أبو بكر محمد بن السري البغدادي...1 1006. ابن السراج أحمد بن محمد بن أحمد الأنصاري...1 1007. ابن السرح أحمد بن عمرو الأموي1 1008. ابن السرماري إسحاق بن أحمد بن إسحاق1 1009. ابن السقا علي بن محمد بن علي الإسفراييني...1 1010. ابن السقاء عبد الله بن محمد الواسطي1 1011. ابن السقاء محمد بن علي بن حسين الإسفراييني...1 1012. ابن السكن سعيد بن عثمان بن سعيد المصري...1 1013. ابن السكيت يعقوب بن إسحاق البغدادي النحوي...1 1014. ابن السلار أبو الحسن علي بن السلار الكردي...1 1015. ابن السلال محمد بن محمد بن أحمد الكرخي...1 1016. ابن السليم محمد بن إسحاق بن إبراهيم الأموي...1 1017. ابن السماك أبو العباس محمد بن صبيح العجلي...1 1018. ابن السماك عثمان بن أحمد البغدادي1 1019. ابن السمرقندي إسماعيل بن أحمد بن عمر...1 1020. ابن السمرقندي عبد الله بن أحمد بن عمر...1 1021. ابن السمسار علي بن موسى بن الحسين الدمشقي...1 1022. ابن السمسار محمد بن موسى الدمشقي1 1023. ابن السمناني أحمد بن محمد بن أحمد الحنفي...1 1024. ابن السني أحمد بن محمد بن إسحاق الهاشمي...1 1025. ابن السوادي أبو الحسين المبارك بن محمد...1 1026. ابن الشبل محمد بن الحسين بن عبد الله السامي...1 1027. ابن الشجري هبة الله بن علي بن محمد الهاشمي...1 Prev. 100
«
Previous

ابن الحداد سعيد بن محمد بن صبيح المغربي

»
Next
ابْنُ الحَدَّادِ سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَبِيْحٍ المَغْرِبِيُّ
الإِمَامُ، شَيْخُ المَالِكِيَّة، أَبُو عُثْمَانَ، سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَبِيْح بن الحَدَّاد المَغْرِبِيّ، صَاحِب سَحْنُوْن، وَهُوَ أَحَد الْمُجْتَهدين، وَكَانَ بَحْراً فِي الفُرُوْع، وَرَأْساً فِي لِسَان العَرَب، بَصِيْراً بِالسُّنَنِ.
وَكَانَ يذُمُّ التَّقليد وَيَقُوْلُ: هُوَ مِنْ نقص العُقول، أَوْ دنَاءة الهِمَم.ويَقُوْلُ: مَا لِلْعَالِم وَملاَءَمَة المَضَاجع.
وَكَانَ يَقُوْلُ: دليلُ الضَّبْطِ الإِقلاَل، وَدليلُ التَّقْصِير الإِكثَار.
وَكَانَ مِنْ رُؤُوْس السُّنَّة.
قَالَ ابْنُ حَارِث: لَهُ مَقَامَاتٌ كَرِيْمَة، وَموَاقفُ مَحْمُودَة فِي الدَّفع عَنِ الإِسْلاَم، وَالذَّبِّ عَنِ السُّنَّة، نَاظرَ فِيْهَا أَبَا العَبَّاسِ المعجوقِيّ أَخَا أَبِي عَبْدِ اللهِ الشِّيْعِيِّ الدَّاعِي إِلَى دَوْلَة عُبَيْد اللهِ، فَتَكَلَّم ابْنُ الحَدَّاد وَلَمْ يَخَفْ سَطْوَة سُلطَانهم، حَتَّى قَالَ لَهُ: وَلدُه أَبُو مُحَمَّدٍ: يَا أَبَة! اتَّقِ الله فِي نَفْسِك وَلاَ تبَالغ.
قَالَ: حَسْبِي مَنْ لَهُ غَضِبتُ، وَعَنْ دِينه ذَبَبْت.
وَله مَعَ شَيْخ المُعْتَزِلَة الفَرَّاء مُنَاظَرَاتٌ بِالقَيْرَوَان، رَجَعَ بِهَا عددٌ مِنَ المُبتدِعَة.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ صَنَّف فِي الرَّدِّ عَلَى (المدَوَّنَة ) وَأَلَّف أَشيَاء.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ اللَّبَّاد: بَيْنَا سَعِيْدُ بنُ الحَدَّاد جَالسٌ أَتَاهُ رَسُوْلُ عُبَيْد اللهِ - يَعْنِي: المَهْدِيّ - قَالَ: فَأَتَيْتُهُ وَأَبُو جَعْفَرٍ البَغْدَادِيُّ وَاقف، فَتَكَلَّمتُ بِمَا حَضَرنِي، فَقَالَ: اجْلِسْ.
فجلَسْت، فَإِذَا بِكِتَابٍ لطيف، فَقَالَ لأَبِي
جَعْفَر: اعرضِ الكِتَابَ عَلَى الشَّيْخ.فَإِذَا حَدِيْثُ غَدِير خُمّ.
قُلْتُ: وَهُوَ صَحِيْح، وَقَدْ رَوَيْنَاهُ.
فَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ: فَمَا لِلنَّاسِ لاَ يكُونُوْنَ عَبِيْدنَا؟
قُلْتُ: أَعزَّ اللهُ السَّيِّد، لَمْ يُرِدْ وَلاَيَةَ الرِّق، بَلْ وَلاَيَة الدِّين.
قَالَ: هَلْ مِنْ شَاهد؟
قُلْتُ: قَالَ الله تَعَالَى: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ الكِتَابَ وَالحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُوْلَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَاداً لِي مِنْ دُوْنِ اللهِ} [آل عِمْرَانَ:79] ، فَمَا لَمْ يَكُنْ لِنبِيّ الله لَمْ يَكُنْ لِغَيْره.
قَالَ: انْصَرَفْ لاَ ينَالُكَ الحرّ.
فَتَبِعَنِي البَغْدَادِيُّ، فَقَالَ: اكتُمْ هَذَا المَجْلِس.
وَقَالَ مُوْسَى بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القَطَّان: لَوْ سَمِعْتُم سَعِيْدَ بنَ الحَدَّاد فِي تِلْكَ المحَافل - يَعْنِي: مُنَاظرته لِلشِّيعِيِّ - وَقَدِ اجْتَمَعَ لَهُ جَهَارَةُ الصَّوت، وَفخَامَةُ المَنْطِقِ، وَفَصَاحَةُ اللِّسَان، وَصوَابُ المَعَانِي، لتَمَنَّيْتُم أَنْ لاَ يَسْكُت.
وَقِيْلَ: إِنَّ ابْنَ الحَدَّاد تَحوَّل شَافِعِيّاً مِنْ غَيْر تَقْلِيد، وَلاَ يَعْتَقِدُ مَسْأَلَةً إِلاَّ بِحجَّة.
وَكَانَ حَسَنَ البِزَّة، لكنَّه كَانَ يتقوَّتُ بِاليَسِيْر، وَلَمْ يَحُجّ، وَكَانَ كَثِيْر الردِّ عَلَى الكُوْفِيِّين.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ سَارَ لتلقِّي أَبِي عَبْدِ اللهِ الشِّيْعِيّ، فَقَالَ لَهُ: يَا شَيْخ! بِمَ كُنْت تقضِي؟فَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ يُوْنُسَ: بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
قَالَ: فَمَا السُّنَّة؟
قَالَ: السُّنَّة السُّنَّة.
قَالَ ابْنُ الحَدَّاد: فَقُلْتُ لِلشِّيعِي: المَجْلِسُ مشتَرَك أُمْ خَاصّ؟
قَالَ: مشترَك.
فَقُلْتُ: أَصلُ السُّنَّة فِي كَلاَم العَرَب المثَال، قَالَ الشَّاعِر:
تُرِيْكَ سَنَّةَ وَجْهٍ غَيْرَ مُقْرِفَةٍ ... مَلْسَاءَ لَيْسَ بِهَا خَالٌ وَلاَ نَدَبُ
أَي صُورَة وَجه وَمثَاله.
وَالسُّنَّة محصورَةٌ فِي ثَلاَث: الاَئِتمَار بِمَا أَمرَ بِهِ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالاَنتهَاء عَمَّا نَهَى عَنْهُ، وَالاَئِتسَاء بِمَا فعل.
فَقَالَ الشِّيْعِيّ: فَإِنِ اختلفَ عَلَيْكَ النّقل، وَجَاءتِ السُّنَّةُ مِنْ طُرق؟
قُلْتُ: أَنظرُ إِلَى أَصحِّ الخَبَرَيْن، كشُهُوْدٍ عدولٍ اختلفُوا فِي شهَادَة.
قَالَ: فَلَو اسْتَوَوْا فِي الثَّبَات؟
قُلْتُ: يَكُوْنُ أَحَدهُمَا نَاسخاً لِلآخر.
قَالَ: فمِنْ أَيْنَ قلتُم بِالقِيَاس؟
قُلْتُ: مِنْ كِتَاب الله: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُم} [المَائِدَة:95] فَالصَّيْدُ معلومَةٌ عينُه، فَالجزَاءُ أُمرنَا أَنْ نمثِّلَهُ بِشَيْءٍ مِنَ النَّعَم، وَمثلُه فِي تَثْبِيت القِيَاس: {لَعَلِمَهُ الَّذِيْنَ يَسْتَنبِطُوْنَهُ} [النِّسَاء:83] وَالاستنباط غَيْر مَنْصُوص.
ثُمَّ عَطَفَ عَلَى مُوْسَى القَطَّان فَقَالَ: أَيْنَ وَجدتُمْ حدَّ الخَمْر فِي كِتَاب الله، تَقُولُ: اضرِبُوْهُ بِالأَرديَة وَبَالأَيْدِي ثُمَّ بِالجَرِيد ؟
فَقُلْتُ أَنَا: إِنَّمَا حُدَّ قِيَاساً عَلَى حدِّ القَاذف، لأَنَّه إِذَا شرِبَ سَكِر، وَإِذَا سَكِرَ هَذَى، وَإِذَا هَذَى افترَى،
فَأَوجبَ عَلَيْهِ مَا يَؤُولُ إِلَيْهِ أَمرُه.قَالَ: أَوَلَمْ يقلْ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (وَأَقْضَاكُمْ عَليّ..) فَسَاقَ لَهُ مُوْسَى تمَامَه وَهُوَ: (وَأَعْلَمُكُمْ بِالحَلاَلِ وَالحَرَام مُعَاذ، وَأَرْأَفُكُمْ أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّكُمْ فِي دِيْنِ اللهِ عُمَر ) .
قَالَ: كَيْفَ يَكُوْنُ أَشدَّهُم وَقَدْ هَرَبَ بِالرَّايَة يَوْم خَيْبَر ؟
قَالَ مُوْسَى: مَا سَمِعْنَا بِهَذَا.
فَقُلْتُ: إِنَّمَا تحيَّز إِلَى فئَةٍ فلَيْسَ بفَارّ.
وَقَالَ فِي: {لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا} [التَّوبَة:40] إِنَّمَا نَهَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ حُزْنِه لأَنَّه كَانَ مسخوطاً.قُلْتُ: لَمْ يَكُنْ قَوْلُه إِلاَّ تَبْشِيْراً بِأَنَّهُ آمنٌ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ وَعَلَى نَفْسه، فَقَالَ: أَيْنَ نَظِيْرُ مَا قُلْتَ؟
قُلْتُ: قَوْلُهُ لِمُوْسَى وَهَارُوْن: {لاَ تخَافَا إِنَّنِي مَعْكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه:46] فَلَمْ يَكُنْ خَوْفُهُمَا مِنْ فِرْعَوْن خَوْفاً بِسخط الله.
ثُمَّ قَالَ: يَا أَهْل البلدَة: إِنَّكُم تبغضُون عَلِيّاً؟
قُلْتُ: عَلَى مُبْغِضِهِ لعنَةُ الله.
فَقَالَ: صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: نَعَمْ، وَرفعتُ صَوْتِي: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأَنَّ الصَّلاَةَ فِي خطَاب العَرَب الرَّحْمَةُ وَالدُّعَاء، قَالَ: أَلَمْ يقلْ رَسُوْل اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُوْنَ مِنْ مُوْسَى) ؟
قُلْتُ: نَعَمْ، إِلاَّ أَنَّهُ، قَالَ: (إِلاَّ أَنَّهُ لاَ نَبِيَّ بَعْدِي ) .
وَهَارُوْن كَانَ حجَّة فِي حَيَاة مُوْسَى، وَعلِيٌّ لَمْ يَكُنْ حجَّةً فِي حَيَاةِ النَّبِيّ، وَهَارُوْنُ فَكَانَ شَرِيْكاً، أَفَكَانَ عليٌّ شريكاً لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النُّبُوَّة؟! وَإِنَّمَا أَرَادَ التَّقْرِيْب وَالوِزَارَة وَالوِلاَيَة.
قَالَ: أَولَيْسَ هُوَ أَفضل؟
قُلْتُ: أَلَيْسَ الحَقُّ مُتَّفِقاً عَلَيْهِ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: قَدْ ملكتَ مدَائِن قَبْلَ مدينتنَا، وَهِيَ أَعْظَمُ مَدِيْنَة، وَاسْتفَاضَ عَنْكَ أَنَّك لَمْ تُكْرِهْ أَحَداً عَلَى مذهَبِكَ، فَاسلُكْ بِنَا مسلَكَ غيرِنَا وَنَهَضْنَا.
قَالَ ابْنُ الحَدَّاد: وَدخلتُ يَوْماً عَلَى أَبِي العَبَّاسِ، فَأَجلسَنِي مَعَهُ فِي مَكَانِهِ وَهُوَ يَقُوْلُ لِرَجُلٍ: أَلَيْسَ المتعلِّم مُحتَاجاً إِلَى المُعَلِّم أَبَداً؟ فَعَرفتُ أَنَّهُ
يُرِيْدُ الطَّعن عَلَى الصِّدِّيق فِي سُؤَاله عَنْ فرض الجَدَّة، فَبدرتُ وَقُلْتُ: المتعلِّم قَدْ يَكُوْنُ أَعْلَمَ مِنَ المُعَلِّم وَأَفقَهَ وَأَفْضَلَ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: (رُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ... ) .ثُمَّ مُعَلِّمُ الصِّغَار القُرْآن يَكبرُ أَحَدُهُم ثُمَّ يَصير أَعْلَمَ مِنَ المُعَلِّم.
قَالَ: فَاذكر مِنْ عَامِّ القُرْآنِ وَخَاصِّه شَيْئاً؟
قُلْتُ: قَالَ تَعَالَى: {وَلاَ تَنْكِحُوا المُشْرِكَاتِ} [البَقَرَة:221] فَاحتمل المرَادُ بِهَا العَامّ، فَقَالَ تَعَالَى: {وَالمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِيْنَ أُوْتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُم} [المَائِدَة:5] فعَلمنَا أَنَّ مُرَاده بِالآيَة الأُولَى خَاصٌّ، أَرَادَ: وَلاَ
تَنْكِحُوا المُشْركَاتِ غَيْرَ الكتَابيَّات مِنْ قَبْلِكُم حَتَّى يُؤمِنّ.قَالَ: وَمَنْ هنَّ المحصَنَات؟
قُلْتُ: العفَائِف.
قَالَ: بَلِ المتزوِّجَات.
قُلْتُ: الإِحصَانُ فِي اللُّغَة: الإِحرَاز، فَمَنْ أَحرزَ شَيْئاً فَقَدْ أَحصَنَهُ، وَالعِتْقُ يُحَصِّنُ المَمْلُوْكَ لأَنَّه يحرزُهُ عَنْ أَنْ يجرِيَ عَلَيْهِ مَا عَلَى المَمَالِيْك، وَالتّزويجُ يحصِنُ الفرجَ لأَنَّهُ أَحرزَهُ عَنْ أَنْ يَكُوْنَ مبَاحاً، وَالعفَافُ إِحْصَانٌ لِلْفَرْج.
قَالَ: مَا عِنْدِي الإِحصَان إِلاَّ التَّزْوِيج.
قُلْتُ لَهُ: مُنْزِلُ القُرْآنِ يَأْبَى ذَلِكَ، قَالَ: {وَمَرْيَمَ ابْنَةَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا} [التّحريم:12] أَي أَعَفَّتْه، وَقَالَ: {مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ} [النِّسَاء:25] عفَائِف.
قَالَ: فَقَدْ قَالَ فِي الإِمَاء: {فَإِذَا أُحْصِنَّ} [النِّسَاء:25] وَهنَّ عِنْدَكَ قَدْ يكنَّ عفَائِف.
قُلْتُ: سَمَّاهُنَّ بِمتقدِّم إِحصَانِهِنَّ قَبْل زِنَاهُنَّ، قَالَ تَعَالَى: {وَلكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُم} [النِّسَاء:12] .
وَقَدِ انْقَطَعتِ العِصْمَةُ بِالمَوْت، يُرِيْدُ اللاَتِي كُنَّ أَزواجَكُم.
قَالَ: يَا شَيْخ! أَنْتَ تَلُوذ.
قُلْتُ: لَسْتُ أَلوذ، أَنَا المُجِيْب لَكَ، وَأَنْت الَّذِي تلوذُ بِمسأَلَة أُخْرَى، وَصِحْتُ أَلاَ أَحَدٌ يَكْتُبُ مَا أَقُولُ وَتَقُولُ.
قَالَ: فوقَى الله شرَّه.
وَقَالَ: كَأَنَّك تَقُولُ: أَنَا أَعْلَمُ النَّاس.
قُلْتُ: أَمَّا بِدينِي فَنَعم.
قَالَ: فَمَا تحتَاجُ إِلَى زِيَادَةٍ فِيْهِ؟
قُلْتُ: لاَ.
قَالَ: فَأَنْتَ إِذاً أَعْلَمُ مِنْ مُوْسَى إِذْ يَقُوْلُ: {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي} [الْكَهْف:66] قَالَ: هَذَا طعنٌ عَلَى نُبُوَّة مُوْسَى، مُوْسَى مَا كَانَ محتَاجاً إِلَيْهِ فِي دِيْنِهِ، كلاَّ، إِنَّمَا كَانَ العِلْم الَّذِي عِنْد الخَضِرِ دُنْيَاويّاً: سَفِيْنَةً خَرَقَهَا، وَغُلاَماً قَتَلَهُ، وَجِدَاراً أَقَامَهُ، وَذَلِكَ كُلُّه لاَ يَزِيْدُ فِي دِين مُوْسَى.
قَالَ: فَأَنَا أَسأَلُكَ.
قُلْتُ: أَوْرِدْ وَعلِيَّ الإِصدَارُ بِالْحَقِّ بِلاَ مَثْنَوِيَّة.
قَالَ: مَا تَفْسِيْرُ الله؟
قُلْتُ: ذُو الإِلهيَّة.
قَالَ: وَمَا هِيَ؟
قُلْتُ: الرُّبوبيَّة.
قَالَ: وَمَا الرُّبوبيَّة؟
قُلْتُ: المَالِكُ الأَشيَاء كُلّهَا.
قَالَ: فَقُرَيْشٌ فِي جَاهِليَّتهَا كَانَتْ تَعْرِفُ الله؟قُلْتُ: لاَ.
قَالَ: فَقَدْ أَخبر الله تَعَالَى عَنْهُم أَنَّهُم قَالُوا: {مَا نَعْبُدُهُم إِلاَّ لِيُقَرِّبُوْنَا إِلَى اللهِ} [الزمر:3] .
قُلْتُ: لَمَّا أَشركُوا مَعَهُ غَيْرَه قَالُوا: وَإِنَّمَا يَعْرِفُ اللهَ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ.
وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافرُوْنَ، لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُوْنَ} [الكَافرُوْنَ:1 - 2] فَلَو كَانُوا يعبدُوْنَهُ مَا قَالَ: {لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُوْنَ} .
إِلَى أَنْ قَالَ: فَقُلْتُ: المشركُونَ عَبَدَة الأَصْنَامِ الَّذِيْنَ بَعَثَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم - إِلَيْهِم عَلِيّاً ليقرأَ عَلَيْهِم سُوْرَة برَاءة.
قَالَ: وَمَا الأَصْنَام؟
قُلْتُ: الحجَارَة.
قَالَ: وَالحجَارَةُ أَتُعْبَد؟
قُلْتُ: نَعَمْ، وَالعُزَّى كَانَتْ تُعْبَد وَهِيَ شَجَرَة، وَالشِّعرَى كَانَتْ تُعبد وَهِيَ نجم.
قَالَ: فَالله يَقُوْلُ: {أَمَّنْ لاَ يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدَى} [يُوْنُس:35] فَكَيْفَ تَقُولُ: إِنَّهَا الحجَارَة؟ وَالحجَارَةُ لاَ تهتدِي إِذَا هُديت، لأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ ذوَاتِ العُقُوْل.
قُلْتُ: أَخْبَرَنَا اللهُ أَنَّ الجُلُودَ تَنْطِقُ وَلَيْسَتْ بذوَاتِ عُقُوْل، قَالَ: نسبَ إِلَيْهَا النُّطْقَ مَجَازاً.
قُلْتُ: مُنْزِلُ القُرْآنِ يَأْبَى ذَلِكَ، فَقَالَ: {اليَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيْهِمْ} [يس:65] إِلَى أَنْ قَالَ: {قَالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ} [فصلت:21] وَمَا الفرقُ
بَيْنَ جِسمِنَا وَالحجَارَة؟ وَلَوْ لَمْ يُعقِّلْنَا لَمْ نَعْقِل، وَكَذَا الحجَارَةُ إِذَا شَاءَ أَنْ تَعقلَ عَقَلت.وَقِيْلَ: لَمْ يُرَ أَغزر دَمْعَةً مِن سَعِيْدِ بن الحَدَّاد، وَكَانَ قَدْ صَحِبَ النُّسَّاك، وَكَانَ مُقِلاً حَتَّى مَاتَ أَخٌ لَهُ بِصِقِلِّيَّة، فورِثَ مِنْهُ أَرْبَع مائَة دِيْنَارٍ، فَبنَى مِنْهَا دَارَهُ بِمَائتَيْ دِيْنَار، وَاكتسَى بخَمْسِيْنَ دِيْنَاراً.
وَكَانَ كَرِيْماً حليماً.
رَوَى عَنْهُ: وَلَدُهُ، أَبُو مُحَمَّدٍ، عَبْدُ اللهِ شَيْخُ ابْن أَبِي زَيْدٍ.
وَكَانَ يَقُوْلُ: القُرْبُ مِنَ السُّلْطَان فِي غَيْرِ هَذَا الوَقْت حتفٌ مِنَ الحُتوف، فَكَيْفَ اليَوْم؟
وَقَالَ: مَنْ طَالَتْ صُحْبتُهُ لِلدُّنْيَا وَلِلنَّاسِ فَقَدْ ثَقُل ظهرُه.
خَاب السَّالُوْنَ عَنِ اللهِ، المتنعِّمُوْنَ بِالدُّنْيَا.
من تَحَبَّبَ إِلَى العِبَاد بِالمَعَاصِي بَغَّضَهُ اللهُ إِلَيْهِم.
وَقَالَ: لاَ تعدِلَنَّ بِالوَحدَةِ شَيْئاً، فَقَدْ صَارَ النَّاسُ ذئاباً.
وَقَالَ: مَا صَدَّ عَنِ اللهِ مِثْلُ طلب المَحَامِد، وَطلب الرِّفعَة.
وَله:
بَعْدَ سَبْعِيْنَ حِجَّة وَثَمَانِ ... قَدْ تَوَفَّيْتُهَا مِنَ الأَزْمَانِ
يَا خَلِيْلِيَّ قَدْ دَنَا المَوْتُ مِنِّي ... فَابْكِيَانِي - هُدِيْتُمَا - وَانْعِيَانِي
قَالَ القَاضِي عِيَاض: مَاتَ أَبُو عُثْمَانَ سَنَة اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ ثَلاَثٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً - رَحِمَهُ اللهُ -.
You are viewing hadithtransmitters.hawramani.com in filtered mode: only posts belonging to Al-Dhahabī (d. 1348 CE) - Siyar aʿlām al-nubalāʾ - الذهبي - سير أعلام النبلاء are being displayed.