عَائِشَةُ بِنْتُ الصِّدِّيْقِ أَبِي بَكْرٍ التَّيْمِيَّةُ أُمُّ المُؤْمِنِيْنَ
بِنْتُ الإِمَامِ الصِّدِّيْقِ الأَكْبَرِ، خَلِيْفَةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي قُحَافَةَ عُثْمَانَ بنِ عَامِرِ بنِ عَمْرِو بنِ كَعْبِ بنِ سَعْدِ بنِ تَيْمِ بنِ مُرَّةَ بنِ كَعْبِ بنِ لُؤَيٍّ القُرَشِيَّةُ، التَّيْمِيَّةُ، المَكِّيَّةُ، النَّبَوِيَّةُ، أُمُّ المُؤْمِنِيْنَ، زَوجَةُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَفْقَهُ نِسَاءِ الأُمَّةِ عَلَى الإِطْلاَقِ.
وَأُمُّهَا: هِيَ أُمُّ رُوْمَانَ بِنْتُ عَامِرِ بنِ عُوَيْمِرِ بنِ عَبْدِ شَمْسٍ بنِ عَتَّابِ بنِ أُذَيْنَةَ الكِنَانِيَّةُ.
هَاجَرَ بِعَائِشَةَ أَبَوَاهَا، وَتَزَوَّجَهَا نَبِيُّ اللهِ قَبْلَ مُهَاجَرِهِ بَعْدَ وَفَاةِ الصِّدِّيْقَةِ خَدِيْجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ الهِجْرَةِ بِبِضْعَةَ عَشَرَ شَهْراً، وَقِيْلَ: بِعَامَيْنِ.
وَدَخَلَ بِهَا فِي شَوَّالٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ، مُنَصَرَفَهُ - عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ - مِنْ غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَهِيَ ابْنَةُ تِسْعٍ.
فَرَوَتْ عَنْهُ: عِلْماً كَثِيْراً، طَيِّباً، مُبَارَكاً فِيْهِ.
وَعَنْ: أَبِيْهَا.
وَعَنْ: عُمَرَ، وَفَاطِمَةَ، وَسَعْدٍ، وَحَمْزَةَ بنِ عَمْرٍو الأَسْلَمِيِّ، وَجُدَامَةَ بِنْتِ وَهْبٍ.
حَدَّثَ عَنْهَا: إِبْرَاهِيْمُ بنُ يَزِيْدَ النَّخَعِيُّ مُرْسَلاً، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ يَزِيْدَ التَّيْمِيُّ كَذَلِكَ، وَإِسْحَاقُ بنُ طَلْحَةَ، وَإِسْحَاقُ بنُ عُمَرَ، وَالأَسْوَدُ بنُ يَزِيْدَ، وَأَيْمَنُ المَكِّيُّ، وَثُمَامَةُ بنُ حَزْنٍ.وَجُبَيْرُ بنُ نُفَيْرٍ، وَجُمَيْعُ بنُ عُمَيْرٍ.
وَالحَارِثُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي رَبِيْعَةَ المَخْزُوْمِيُّ، وَالحَارِثُ بنُ نَوْفَلٍ، وَالحَسَنُ، وَحَمْزَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، وَخَالِدُ بنُ سَعْدٍ، وَخَالِدُ بنُ مَعْدَانَ - وَقِيْلَ: لَمْ يَسَمَعْ مِنْهَا - وَخَبَّابٌ صَاحِبُ المَقْصُوْرَةِ، وَخُبَيْبُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ، وَخِلاَسٌ الهَجَرِيُّ، وَخِيَارُ بنُ سَلَمَةَ، وَخَيْثَمَةُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
وَذَكْوَانُ السَّمَّانُ؛ وَمَولاَهَا ذَكْوَانُ، وَرَبِيْعَةُ الجُرَشِيُّ - وَلَهُ صُحْبَةٌ - وَزَاذَانُ أَبُو عُمَرَ الكِنْدِيُّ، وَزُرَارَةُ بنُ أَوْفَى، وَزِرُّ بنُ حُبَيْشٍ، وَزَيْدُ بنُ أَسْلَمَ.
وَسَالِمُ بنُ أَبِي الجَعْدِ - وَلَمْ يَسَمَعَا مِنْهَا - وَزَيْدُ بنُ خَالِدٍ الجُهَنِيُّ، وَسَالِمُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَسَالِمُ سَبَلاَنَ، وَالسَّائِبُ بنُ يَزِيْدَ، وَسَعْدُ بنُ هِشَامٍ، وَسَعِيْدٌ المَقْبُرِيُّ، وَسَعِيْدُ بنُ العَاصِ، وَسَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، وَسُلَيْمَانُ بنُ يَسَارٍ، وَسُلَيْمَانُ بنُ بُرَيْدَةَ.
وَشُرَيْحُ بنُ أَرْطَاةَ، وَشُرَيْحُ بنُ هَانِئ، وَشَرِيْقٌ الهَوْزَنِيُّ، وَشَقِيْقٌ أَبُو وَائِلٍ، وَشَهْرُ بنُ حَوْشَبٍ.
وَصَالِحُ بنُ رَبِيْعَةَ بنِ الهَدِيْرِ، وَصَعْصَعَةُ عَمُّ الأَحْنَفِ، وَطَاوُوْسٌ، وَطَلْحَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ التَّيْمِيُّ.
وَعَابِسُ بنُ رَبِيْعَةَ، وَعَاصِمُ بنُ حُمَيْدٍ السَّكُوْنِيُّ، وَعَامِرُ بنُ سَعْدٍ، وَالشَّعْبِيُّ، وَعبَّادُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ، وَعُبَادَةُ بنُ الوَلِيْدِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ بُرَيْدَةَ، وَأَبُو الوَلِيْدِ عَبْدُ اللهِ بنُ الحَارِثِ البَصْرِيُّ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ ابْنُ أُخْتِهَا، وَأَخُوْهُ عُرْوَةُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ شَدَّادٍ اللَّيْثِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ شَقِيْقٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ
شِهَابٍ الخَوْلاَنِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَامِرِ بنِ رَبِيْعَةَ، وَابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ فَرُّوْخٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُبَيْدِ بنِ عُمَيْرٍ، وَأَبُوْهُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُكَيْمٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي قَيْسٍ، وَابْنَا أَخِيْهَا: عَبْدُ اللهِ، وَالقَاسِمُ ابْنَا مُحَمَّدٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي عَتِيْقٍ مُحَمَّدٍ، ابْنُ أَخِيْهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ وَاقِدٍ العُمَرِيُّ، وَرَضِيْعُهَا عَبْدُ اللهِ بنُ يَزِيْدَ، وَعَبْدُ اللهِ البَهِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الأَسْوَدِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الحَارِثِ بنِ هِشَامٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ سَعِيْدِ بنِ وَهْبٍ الهَمْدَانِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ شُمَاسَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ سَابِطٍ الجُمَحِيُّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ وَالِدُ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عِيَاضٍ، وَعِرَاكٌ - وَلَمْ يَلْقَهَا - وَعُرْوَةُ المُزَنِيُّ، وَعَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَعَطَاءُ بنُ يَسَارٍ، وَعِكْرِمَةُ، وَعَلْقَمَةُ، وَعَلْقَمَةُ بنُ وَقَّاصٍ، وَعَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ، وَعَمْرُو بنُ سَعِيْدٍ الأَشْدَقُ، وَعَمْرُو بنُ شُرَحْبِيْلَ، وَعَمْرُو بنُ غَالِبٍ، وَعَمْرُو بنُمَيْمُوْنٍ، وَعِمْرَانُ بنُ حِطَّانَ، وَعَوْفُ بنُ الحَارِثِ رَضِيْعُهَا، وَعِيَاضُ بنُ عُرْوَةَ، وَعِيْسَى بنُ طَلْحَةَ، وَغُضَيْفُ بنُ الحَارِثِ.
وَفَرْوَةُ بنُ نَوْفَلٍ، وَالقَعْقَاعُ بنُ حَكِيْمٍ، وَقَيْسُ بنُ أَبِي حَازِمٍ، وَكَثِيْرُ بنُ عُبَيْدٍ الكُوْفِيُّ
رَضِيْعُهَا، وَكُرَيْبٌ.وَمَالِكُ بنُ أَبِي عَامِرٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيُّ - إِنْ كَانَ لَقِيَهَا - وَمُحَمَّدُ بنُ الأَشْعَثِ، وَمُحَمَّدُ بنُ زِيَادٍ الجُمَحِيُّ، وَابْنُ سِيْرِيْنَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَارِثِ بنِ هِشَامٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ البَاقِرُ - وَلَمْ يَلْقَهَا - وَمُحَمَّدُ بنُ قَيْسِ بنِ مَخْرَمَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُنْتَشِرِ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُنْكَدِرِ - وَكَأَنَّهُ مُرْسَلٌ - وَمَرْوَانُ العُقَيْلِيُّ أَبُو لُبَابَةَ، وَمَسْرُوْقٌ، وَمِصْدَعٌ أَبُو يَحْيَى، وَمُطَرِّفُ بنُ الشِّخِّيْرِ، وَمِقْسَمٌ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالمُطَّلِبُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ حَنْطَبٍ، وَمَكْحُوْلٌ - وَلَمْ يَلْحَقْهَا - وَمُوْسَى بنُ طَلْحَةَ، وَمَيْمُوْنُ بنُ أَبِي شَبِيْبٍ، وَمَيْمُوْنُ بنُ مِهْرَانَ.
وَنَافِعُ بنُ جُبَيْرٍ، وَنَافِعُ بنُ عَطَاءٍ، وَنَافِعٌ العُمَرِيُّ، وَالنُّعْمَانُ بنُ بَشِيْرٍ، وَهَمَّامُ بنُ الحَارِثِ، وَهِلاَلُ بنُ يِسَافٍ.
وَيَحْيَى بنُ الجَزَّارِ، وَيَحْيَى بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حَاطِبٍ، وَيَحْيَى بنُ يَعْمَرَ، وَيَزِيْدُ بنُ بَابَنُوْسَ، وَيَزِيْدُ بنُ الشِّخِّيْرِ، وَيَعْلَى بنُ عُقْبَةَ، وَيُوْسُفُ بنُ مَاهَكَ.
وَأَبُو أُمَامَةَ بنُ سَهْلٍ، وَأَبُو بُرْدَةَ بنُ أَبِي مُوْسَى، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَارِثِ، وَأَبُو الجَوْزَاءِ الرَّبَعِيُّ،
وَأَبُو حُذَيْفَةَ الأَرْحَبِيُّ، وَأَبُو حَفْصَةَ مَوْلاَهَا، وَأَبُو الزُّبَيْرِ المَكِّيُّ - وَكَأَنَّهُ مُرْسل - وَأَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو الشَّعْثَاءِ المُحَارِبِيُّ، وَأَبُو الصِّدِّيْقِ النَّاجِي، وَأَبُو ظَبْيَانَ الجَنْبِيُّ، وَأَبُو العَالِيَةِ رُفَيْعٌ الرِّيَاحِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الجَدَلِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ، وَأَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ، وَأَبُو عَطِيَّةَ الوَادِعِيُّ، وَأَبُو قِلاَبَةَ الجَرْمِيُّ - وَلَمْ يَلْقَهَا - وَأَبُو المَلِيْحِ الهُذَلِيُّ، وَأَبُو مُوْسَى، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَأَبُو نَوْفَلٍ بنُ أَبِي عَقْرَبٍ، وَأَبُو يُوْنُسَ مَوْلاَهَا.وَبُهَيَّةُ مَوْلاَةُ الصِّدِّيْقِ، وَجَسْرَةُ بِنْتُ دَجَاجَةَ، وَحَفْصَةُ بِنْتُ أَخِيْهَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَخَيْرَةُ وَالِدَةُ الحَسَنِ البَصْرِيِّ، وَذِفْرَةُ بِنْتُ غَالِبٍ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ نَصْرٍ، وَزَيْنَبُ السَّهْمِيَّةُ، وَسُمَيَّةُ البَصْرِيَّةُ، وَشُمَيْسَةُ العَتْكِيَّةُ، وَصَفِيَّةُ بِنْتُ شَيْبَةَ، وَصَفِيَّةُ بِنْتُ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَعَائِشَةُ بِنْتُ طَلْحَةَ، وَعَمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمَرْجَانَةُ وَالِدَةُ عَلْقَمَةَ بنِ أَبِي عَلْقَمَةَ، وَمُعَاذَةُ العَدَوِيَّةُ، وَأُمُّ كُلْثُوْمٍ التَّيْمِيَّةُ أُخْتُهَا، وَأُمُّ مُحَمَّدٍ امْرَأَةُ وَالِدِ عَلِيِّ بنِ زَيْدِ بنِ جُدْعَانَ، وَطَائِفَةٌ سِوَى هَؤُلاَءِ.
(مُسْنَدُ عَائِشَةَ) : يَبْلُغُ أَلْفَيْنِ وَمائَتَيْنِ وَعَشْرَةِ أَحَادِيْثَ.
اتَّفَقَ لَهَا البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَلَى: مائَةٍ وَأَرْبَعَةٍ وَسَبْعِيْنَ حَدِيْثاً.
وَانْفَرَدَ البُخَارِيُّ بِأَرْبَعَةٍ وَخَمْسِيْنَ.
وَانْفَرَدَ مُسْلِمٌ بِتِسْعَةٍ وَسِتِّيْنَ.
وَعَائِشَةُ مِمَّنْ وُلِدَ فِي الإِسْلاَمِ، وَهِيَ أَصْغَرُ مِنْ فَاطِمَةَ بِثَمَانِي سِنِيْنَ، وَكَانَتْ تَقُوْلُ: لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ إِلاَّ وَهُمَا يَدِيْنَانِ الدِّيْنَ.
وَذَكَرَتْ أَنَّهَا لَحِقَتْ بِمَكَّةَ سَائِسَ الفِيْلِ شَيْخاً أَعْمَى يَسْتَعْطِي.
وَكَانَتِ امْرَأَةً بَيْضَاءَ جَمِيْلَةً، وَمِنْ ثَمَّ يُقَالُ لَهَا: الحُمَيْرَاءُ، وَلَمْ يَتَزَوَّجِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِكْراً غَيْرَهَا، وَلاَ أَحَبَّ امْرَأَةً حُبَّهَا، وَلاَ أَعْلَمُ فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَلْ وَلاَ فِي النِّسَاءِ مُطْلَقاً امْرَأَةً أَعْلَمَ مِنْهَا.وَذَهَبَ بَعْضُ العُلَمَاءِ إِلَى أَنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ أَبِيْهَا، وَهَذَا مَرْدُوْدٌ، وَقَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً، بَلْ نَشْهَدُ أَنَّهَا زَوْجَةُ نَبِيِّنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الدُّنْيَا وَالآخرَةِ، فَهَلْ فَوْقَ ذَلِكَ مَفْخَرٌ، وَإِنْ كَانَ لِلصِّدِّيْقَةِ خَدِيْجَةَ شَأْوٌ لاَ يُلْحَقُ، وَأَنَا وَاقِفٌ فِي أَيَّتِهِمَا أَفْضَلُ، نَعَمْ جَزَمْتُ بِأَفْضَلِيَّةِ خَدِيْجَةَ عَلَيْهَا، لأُمُوْرٍ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعُهَا.
هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ: عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أُرِيْتُكِ فِي المَنَامِ ثَلاَثَ لَيَالٍ، جَاءَ بِكِ المَلَكُ فِي سَرَقَةٍ [مِنْ] حَرِيْرٍ، فَيَقُوْلُ: هَذِهِ امْرَأَتُكَ.
فَأَكْشِفُ عَنْ وَجْهِكِ، فَإِذَا أَنْتِ فِيْهِ، فَأَقُوْلُ: إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللهِ يُمْضِهِ ) .
وَأَخْرَجَ: التِّرْمِذِيُّ، مِنْ حَدِيْثِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ عَلْقَمَةَ المَكِّيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ جِبْرِيْلَ جَاءَ بِصُوْرَتِهَا
فِي خِرْقَةِ حَرِيْرٍ خَضْرَاءَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: هَذِهِ زَوْجَتُكَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.حَسَّنَهُ: التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: لاَ نَعْرِفُهُ إِلاَّ مِنْ حَدِيْثِ عَبْدِ اللهِ.
وَرَوَاهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِي عَنْهُ مُرْسَلاً.
بِشْرُ بنُ الوَلِيْدِ القَاضِي: حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ بنِ جُدْعَانَ، عَنْ جَدَّتِهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ:
لَقَدْ أُعْطِيْتُ تِسْعاً مَا أُعْطِيَتْهَا امْرَأَةٌ بَعْدَ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ: لَقَدْ نَزَلَ جِبْرِيْلُ بِصُوْرَتِي فِي رَاحَتِهِ حَتَّى أَمَرَ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَتَزَوَّجَنِي، وَلَقَدْ تَزَوَّجَنِي بِكْراً، وَمَا تَزَوَّجَ بِكْراً غَيْرِي، وَلَقَدْ قُبِضَ وَرَأْسُهُ فِي حَجْرِي، وَلَقَدْ قَبَرْتُهُ فِي بَيْتِي، وَلَقَدْ حَفَّتِ الملاَئكَةُ بِبَيْتِي، وَإِنْ كَانَ الوَحْيُ لَيَنْزِلُ عَلَيْهِ وَإِنِّي لَمَعَهُ فِي لِحَافِهِ، وَإِنِّي لابْنَةُ خَلِيْفَتِهِ وَصِدِّيْقِهِ، وَلَقَدْ نَزَلَ عُذْرِي مِنَ السَّمَاءِ، وَلَقَدْ خُلِقْتُ طَيِّبَةً عِنْدَ طَيِّبٍ، وَلَقَدْ وُعِدْتُ مَغْفِرَةً وَرِزْقاً كَرِيْماً.
رَوَاهُ: أَبُو بَكْرٍ الآجُرِّيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ يَحْيَى الحُلْوَانِيِّ، عَنْهُ.
وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ، وَلَهُ طَرِيْقٌ آخَرُ سَيَأْتِي.
وَكَانَ تَزْوِيْجُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِهَا إِثْرَ وَفَاةِ خَدِيْجَةَ، فَتَزَوَّجَ بِهَا وَبِسَوْدَةَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ دَخَلَ بِسَوْدَةَ، فَتَفَرَّدَ بِهَا ثَلاَثَةَ أَعْوَامٍ حَتَّى بَنَى بِعَائِشَةَ فِي شَوَّالٍ، بَعْدَ
وَقْعَةِ بَدْرٍ، فَمَا تَزَوَّجَ بِكْراً سِوَاهَا، وَأَحَبَّهَا حُبّاً شَدِيْداً كَانَ يَتَظَاهَرُ بِهِ، بِحَيْثُ إِنَّ عَمْرَو بنَ العَاصِ - وَهُوَ مِمَّنْ أَسْلَمَ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنَ الهِجْرَةِ - سَأَلَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ يَا رَسُوْلَ اللهِ؟
قَالَ: (عَائِشَةُ) .
قَالَ: فَمِنَ الرِّجَالِ؟
قَالَ: (أَبُوْهَا ) .
وَهَذَا خَبَرٌ ثَابِتٌ عَلَى رَغْمِ أُنُوْفِ الرَّوَافِضِ، وَمَا كَانَ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- لِيُحِبَّ إِلاَّ طَيِّباً.
وَقَدْ قَالَ: (لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذاً خَلِيْلاً مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ، لاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيْلاً، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلاَمِ أَفْضَلُ) .
فَأَحَبَّ أَفْضَلَ رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِهِ، وَأَفْضَلَ امْرَأَةٍ مِنْ أُمَّتِهِ، فَمَنْ أَبْغَضَ حَبِيْبَيْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَهُوَ حَرِيٌّ أَنْ يَكُوْنَ بَغِيْضاً إِلَى اللهِ وَرَسُوْلِهِ.
وَحُبُّهُ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- لِعَائِشَةَ كَانَ أَمْراً مُسْتَفِيْضاً، أَلاَ تَرَاهُمْ كَيْفَ كَانُوا يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَهَا، تَقَرُّباً إِلَى مَرْضَاتِهِ؟
قَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
كَانَ النَّاسُ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ.
قَالَتْ: فَاجْتَمَعْنَ صَوَاحِبِي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَقُلْنَ لَهَا:
إِنَّ النَّاسَ يَتَحَرَّوْنُ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ، وَإِنَّا نُرِيْدُ الخَيْرَ كَمَا تُرِيْدُهُ عَائِشَةُ، فَقُوْلِي لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأْمُرِ النَّاسَ أَنْ يُهْدُوا لَهُ أَيْنَمَا كَانَ.
فَذَكَرَتْ أُمُّ سَلَمَةَ لَهُ ذَلِكَ، فَسَكَتَ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهَا، فَعَادَتِ الثَّانِيَةَ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهَا.
فَلَمَّا كَانَتِ الثَّالِثَةُ، قَالَ: (يَا أُمَّ سَلَمَةَ! لاَ تُؤْذِيْنِي فِي عَائِشَةَ، فَإِنَّهُ -وَاللهِ- مَا نَزَلَ عَلَيَّ الوَحْيُ وَأَنَا فِي لِحَافِ امْرَأَةٍ مِنْكُنَّ غَيْرِهَا) .
مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ.وَهَذَا الجَوَابُ مِنْهُ دَالٌّ عَلَى أَنَّ فَضْلَ عَائِشَةَ عَلَى سَائِرِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ بِأَمْرٍ إِلَهِيٍّ وَرَاءَ حُبِّهِ لَهَا، وَأَنَّ ذَلِكَ الأَمْرَ مِنْ أَسْبَابِ حُبِّهِ لَهَا.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي أُوَيْسٍ: حَدَّثَنَا أَخِي أَبُو بَكْرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ بِلاَلٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ نِسَاءَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كُنَّ حِزْبَيْنِ، فَحِزْبٌ فِيْهِ: عَائِشَةُ، وَحَفْصَةُ، وَصَفِيَّةُ، وَسَوْدَةُ، وَالحِزْبُ الآخَرُ: أُمُّ سَلَمَةَ، وَسَائِرُ أَزْوَاجِهِ.
وَكَانَ المُسْلِمُوْنَ قَدْ عَلِمُوا حُبَّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَائِشَةَ، فَإِذَا كَانَتْ عِنْدَ أَحَدِهِمْ هَدِيَّةٌ يُرِيْدُ أَنْ يُهْدِيَهَا إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخَّرَهَا، حَتَّى إِذَا كَانَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ، بَعَثَ بِهَا إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَيْتِ عَائِشَةَ.
فَتَكَلَّمَ حِزْبُ أُمِّ سَلَمَةَ، فَقُلْنَ لَهَا: كَلِّمِي رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُكَلِّمُ النَّاسَ، فَيَقُوْلُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُهْدِيَ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ هَدِيَّةً، فَلْيُهْدِ إِلَيْهِ حَيْثُ كَانَ مِنْ نِسَائِهِ.
فَكَلَّمَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ بِمَا قُلْنَ، فَلَمْ يَقُلْ لَهَا شَيْئاً، فَسَأَلْنَهَا، فَقَالَتْ: مَا قَالَ لِي شَيْئاً.
فَقُلْنَ: كَلِّمِيْهِ.
قَالَتْ: فَكَلَّمَتْهُ حِيْنَ دَارَ إِلَيْهَا، فَلَمْ يَقُلْ لَهَا شَيْئاً، فَسَأَلْنَهَا، فَقَالَتْ: مَا قَالَ لِي شَيْئاً.
فَقُلْنَ لَهَا: كَلِّمِيْهِ.
فَدَارَ إِلَيْهَا، فَكَلَّمَتْهُ، فَقَالَ لَهَا: (لاَ تُؤْذِيْنِي فِي عَائِشَةَ، فَإِنَّ الوَحْيَ لَمْ يَأْتِنِي وَأَنَا فِي ثَوْبِ
امْرَأَةٍ إِلاَّ عَائِشَةَ) .فَقَالَتْ: أَتُوْبُ إِلَى اللهِ مِنْ أَذَاكَ يَا رَسُوْلَ اللهِ.
ثُمَّ إِنَّهُنَّ دَعَوْنَ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَقُوْلُ : إِنَّ نِسَاءكَ يَنْشُدْنَكَ العَدْلَ فِي بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ.
فَكَلَّمَتْهُ، فَقَالَ: (يَا بُنَيَّةُ! أَلاَ تُحِبِّيْنَ مَا أُحِبُّ؟) .
قَالَتْ: بَلَى.
فَرَجَعَتْ إِلَيْهِنَّ، وَأَخْبَرَتْهُنَّ، فَقُلْنَ: ارْجِعِي إِلَيْهِ.
فَأَبَتْ أَنْ تَرْجِعَ، فَأَرْسَلْنَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ، فَأَتَتْهُ، فَأَغْلَظَتْ، وَقَالَتْ:
إِنَّ نِسَاءكَ يَنْشُدْنَكَ اللهَ العَدْلَ فِي ابْنَةِ أَبِي قُحَافَةَ.
فَرَفَعَتْ صَوْتَهَا، حَتَّى تَنَاوَلَتْ عَائِشَةَ وَهِيَ قَاعِدَةٌ، فَسَبَّتْهَا، حَتَّى إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيَنْظُرُ إِلَى عَائِشَةَ هَلْ تَتَكَلَّمُ.
قَالَ: فَتَكَلَّمَتْ عَائِشَةُ تَرُدُّ عَلَى زَيْنَبَ حَتَّى أَسْكَتَتْهَا، فَنَظَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى عَائِشَةَ، وَقَالَ: (إِنَّهَا ابْنَةُ أَبِي بَكْرٍ) .
فَضِيْلَةٌ:
إِسْمَاعِيْلُ بنُ جَعْفَرٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، سَمِعَ أَنَساً يَقُوْلُ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ، كَفَضْلِ الثَّرِيْدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ) .
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ طُرُقٍ، عَنْ أَبِي طُوَالَةَ.
شُعْبَةُ: عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، عَنْ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي مُوْسَى:عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (كَمُلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيْرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَفَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيْدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ).
فَضِيْلَةٌ أُخْرَى:
رَوَى: الحَاكِمُ فِي (مُسْتَدْرَكِهِ) ، مِنْ طَرِيْقِ يُوْسُفَ بنِ المَاجِشُوْنِ، قَالَ:
حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! مَنْ مِنْ أَزْوَاجِكَ فِي الجَنَّةِ؟
قَالَ: (أَمَا إِنَّكِ مِنْهُنَّ) .
قَالَتْ: فَخُيِّلَ إِلَيَّ أَنَّ ذَاكَ، لأَنَّهُ لَمْ يَتَزَوَّجْ بِكْراً غَيْرِي.
مُوْسَى - وَهُوَ الجُهَنِيُّ -: عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ حَفْصٍ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّهَا جَاءتْ هِيَ وَأَبَوَاهَا، فَقَالاَ: إِنَّا نُحِبُّ أَنْ تَدْعُوَ لِعَائِشَةَ بِدَعْوَةٍ وَنَحْنُ نَسْمَعُ.
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَائِشَةَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ مَغْفِرَةً وَاجِبَةً، ظَاهِرَةً، بَاطِنَةً) .
فَعَجِبَ أَبَوَاهَا، فَقَالَ: (أَتَعْجَبَانِ، هَذِهِ دَعْوَتِي لِمَنْ شَهِدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهَ، وَأَنِّي رَسُوْلُ اللهِ) .
أَخْرَجَهُ: الحَاكمُ فِي (مُسْتَدْرَكِهِ) ، مِنْ طَرِيْقِ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ مُوْسَى. وَهُوَ غَرِيْبٌ جِدّاً.
فَضِيْلَةٌ أُخْرَى:شُعَيْبٌ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يَا عَائِشُ! هَذَا جِبْرِيْلُ، وَهُوَ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلاَمَ) .
قَالَتْ: وَعَلَيْهِ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللهِ، تَرَى مَا لاَ نَرَى يَا رَسُوْلَ اللهِ.
زَكَرِيَّا بنُ أَبِي زَائِدَةَ: عَنْ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهُ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لَهَا: (إِنَّ جِبْرِيْلَ يُقْرِئُكِ السَّلاَمَ) .
فَقَالَتْ: وَعَلَيْهِ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللهِ.
وَأَخْرَجَ: النَّسَائِيُّ، مِنْ طَرِيْقِ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ نَحْوَ الأَوَّلِ.
وَفِي (مُسْنَدِ أَحْمَدَ) : عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
رَأَيْتُكَ يَا رَسُوْلَ اللهِ وَأَنْتَ قَائِمٌ تُكَلِّمُ دِحْيَةَ الكَلْبِيَّ.
فَقَالَ: (وَقَدْ رَأَيْتِهِ؟) .
قَالَتْ: نَعَمْ.
قَالَ: (فَإِنَّهُ جِبْرِيْلُ، وَهُوَ يُقْرِئُكِ السَّلاَمَ) .
قَالَتْ: وَعَلَيْهِ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللهِ، جَزَاهُ اللهُ مِنْ زَائِرٍ وَدَخِيْلٍ، فَنِعْمَ الصَّاحِبُ، وَنِعْمَ الدَّخِيْلُ.
قَالَ: وَالِدَّخِيْلُ: الضَّيْفُ.
مُجَالِدٌ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ.
كَثِيْرُ بنُ هِشَامٍ: حَدَّثَنَا الحَكَمُ بنُ هِشَامٍ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ،
قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ لِنِسَاءِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: فُضِّلْتُ عَلَيْكُنَّ بِعَشْرٍ وَلاَ فَخْرٍ: كُنْتُ أَحَبُّ نِسَائِهِ إِلَيْهِ، وَكَانَ أَبِي أَحَبَّ رِجَالِهِ إِلَيْهِ، وَابْتَكَرَنِي وَلَمْ يَبْتَكِرْ غَيْرِي، وَتَزَوَّجَنِي لِسَبْعٍ، وَبَنَى بِي لِتِسْعٍ، وَنَزَلَ عُذْرِي مِنَ السَّمَاءِ، وَاسْتَأْذَنَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نِسَاءهُ فِي مَرَضِهِ، فَقَالَ: (إِنَّهُ لَيَشُقُّ عَلَيَّ الاخْتِلاَفُ بَيْنَكُنَّ، فَائْذَنَّ لِي أَنْ أَكُوْنَ عِنْدَ بَعْضِكُنَّ) .
فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: قَدْ عَرَفْنَا مَنْ تُرِيْدُ، تُرِيْدُ عَائِشَةَ، قَدْ أَذِنَّا لَكَ، وَكَانَ آخِرُ زَادِهِ مِنَ الدُّنْيَا رِيْقِي، أُتِيَ بِسِوَاكٍ، فَقَالَ: (انْكُثِيْهِ يَا عَائِشَةُ) ، فَنَكَثْتُهُ، وَقُبِضَ بَيْنَ حَجْرِي وَنَحْرِي، وَدُفِنَ فِي بَيْتِي.
هَذَا حَدِيْثٌ صَالِحُ الإِسْنَادِ، وَلَكِنْ فِيْهِ انْقِطَاعٌ.
فَضِيْلَةٌ بَاهِرَةٌ لَهَا:
خَالِدٌ الحَذَّاءُ: عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ عَمْرِو بنِ العَاصِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اسْتَعْمَلَهُ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلاسِلِ.
قَالَ: فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟
قَالَ: (عَائِشَةُ) .
قَالَ: مِنَ الرِّجَالِ؟
قَالَ: (أَبُوْهَا) .
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ.
قُلْتُ: قَدْ أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ.ابْنُ المُبَارَكِ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأُمَوِيُّ: عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ العَاصِ:
أَنَّهُ قَالَ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَنْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيْكَ؟
قَالَ: (عَائِشَةُ) .
قَالَ: مِنَ الرِّجَالِ؟
قَالَ: (أَبُوْهَا) .
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ.
أَخْرَجَهُ: النَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ، وَغَرَّبَهُ.
التِّرْمِذِيُّ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدَةَ، حَدَّثَنَا المُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
قِيْلَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! مَنْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيْكَ؟
قَالَ: (عَائِشَةُ) .
قِيْلَ: مِنَ الرِّجَالِ؟
قَالَ: (أَبُوْهَا ) .
قَالَ: هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ غَرِيْبٌ.
تَزْوِيْجُهَا بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
رَوَى: هِشَامٌ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
تَزَوَّجَنِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُتَوَفَّى خَدِيْجَةَ، وَأَنَا ابْنَةُ سِتٍّ، وَأُدْخِلْتُ عَلَيْهِ وَأَنَا ابْنَةُ تِسْعٍ، جَاءنِي نِسْوَةٌ وَأَنَا أَلْعَبُ عَلَى أُرْجُوْحَةٍ، وَأَنَا مُجَمَّمَةٌ، فَهَيَّأْنَنِي، وَصَنَعْنَنِي، ثُمَّ أَتَيْنَ بِي إِلَيْهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قَالَ عُرْوَةُ: فَمَكَثَتْ عِنْدَهُ تِسْعَ سِنِيْنَ.
وَأَخْرَجَ: البُخَارِيُّ مِنْ قَوْلِ عُرْوَةَ:أَنَّ خَدِيْجَةَ تُوُفِّيَتْ قَبْلَ الهِجْرَةِ بِثَلاَثِ سِنِيْنَ، فَلَبِثَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَنَتَيْنِ أَوْ قَرِيْباً مِنْ ذَلِكَ، وَنَكَحَ عَائِشَةَ وَهِيَ بِنْتُ سِتِّ سِنِيْنَ.
ابْنُ إِدْرِيْسَ: عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرٍو، عَنْ يَحْيَى بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حَاطِبٍ، قَالَ:
قَالَتْ عَائِشَةُ: لَمَّا مَاتَتْ خَدِيْجَةُ جَاءتْ خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيْمٍ، فَقَالَتْ:
يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَلاَ تَزَوَّجُ؟
قَالَ: (وَمَنْ؟) .
قَالَتْ: إِنْ شِئْتَ بِكْراً، وَإِنْ شِئْتَ ثَيِّباً.
قَالَ: (مَنِ البِكْرُ، وَمَنِ الثَّيِّبُ؟) .
قَالَتْ: أَمَّا البِكْرُ؛ فَعَائِشَةُ ابْنَةُ أَحَبِّ خَلْقِ اللهِ إِلَيْكَ، وَأَمَّا الثَّيِّبُ؛ فَسَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ، قَدْ آمَنَتْ بِكَ، وَاتَّبَعَتْكَ.
قَالَ: (اذْكُرِيْهِمَا عَلَيَّ) .
قَالَتْ: فَأَتَيْتُ أُمَّ رُوْمَانَ، فَقُلْتُ:
يَا أُمَّ رُوْمَانَ! مَاذَا أَدْخَلَ اللهُ عَلَيْكُمْ مِنَ الخَيْرِ وَالبَرَكَةِ؟
قَالَتْ: مَاذَا؟
قَالَتْ: رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَذْكُرُ عَائِشَةَ.
قَالَتْ: انْتَظِرِي، فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ آتٍ.
فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: أَوَ تَصْلُحُ لَهُ وَهِيَ ابْنَةُ أَخِيْهِ.
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَنَا أَخُوْهُ وَهُوَ أَخِي، وَابْنَتُهُ تَصْلُحُ لِي) .
فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَتْ لِي أُمُّ رُوْمَانَ:
إِنَّ المُطْعِمَ بنَ عَدِيٍّ كَانَ قَدْ ذَكَرَهَا عَلَى ابْنِهِ، وَوَاللهِ مَا أُخْلِفُ وَعْداً قَطُّ.
قَالَتْ: فَأَتَى أَبُو بَكْرٍ المُطْعِمَ، فَقَالَ: مَا تَقُوْلُ فِي أَمْرِ هَذِهِ الجَارِيَةِ؟
قَالَ: فَأَقْبَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ، فَقَالَ: مَا تَقُوْلِيْنَ؟
فَأَقْبَلَتْ عَلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَتْ: لَعَلَّنَا إِنْ أَنْكَحْنَا هَذَا الفَتَى إِلَيْكَ تُدْخِلُهُ فِي دِيْنِكَ.
فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: مَا تَقُوْلُ أَنْتَ؟
قَالَ: إِنَّهَا لَتَقُوْلُ مَا تَسْمَعُ.
فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ، وَلَيْسَ فِي نَفْسِهِ مِنَ المَوْعِدِ شَيْءٌ، فَقَالَ لَهَا:
قُوْلِي لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلْيَأْتِ. فَجَاءَ،
فَمَلَكَهَا.قَالَتْ: ثُمَّ انْطَلَقْتُ إِلَى سَوْدَةَ، وَأَبُوْهَا شَيْخٌ كَبِيْرٌ ... ، وَذَكَرَتِ الحَدِيْثَ.
هِشَامٌ: عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
أُدْخِلْتُ عَلَى نَبِيِّ اللهِ وَأَنَا بِنْتُ تِسْعٍ، جَاءنِي نِسْوَةٌ وَأَنَا أَلْعَبُ عَلَى أُرْجُوْحَةٍ، وَأَنَا مُجَمَّمَةٌ، فَهَيَّأْنَنِي، وَصَنَعْنَنِي، ثُمَّ أَتَيْنَ بِي إِلَيْهِ.
هِشَامٌ: عَنْ أَبِيْهِ، عَنْهَا، أَنَّهَا قَالَتْ:
كُنْتُ أَلْعَبُ بِالبَنَاتِ - تَعْنِي: اللُّعَبَ - فَيَجِيْءُ صَوَاحِبِي، فَيَنْقَمِعْنَ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيَخْرُجُ رَسُوْلُ اللهِ، فَيَدْخُلْنَ عَلَيَّ، وَكَانَ يُسَرِّبُهُنَّ إِلَيَّ، فَيَلْعَبْنَ مَعِي.
وَفِي لَفْظٍ: فَكُنَّ جَوَارٍ يَأْتِيْنَ يَلْعَبْنَ مَعِي بِهَا، فَإِذَا رَأَيْنَ رَسُوْلَ اللهِ تَقَمَّعْنَ، فَكَانَ يُسَرِّبُهُنَّ إِلَيَّ.
وَعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
دَخَلَ عَلَيَّ رَسُوْلُ اللهِ وَأَنَا أَلْعَبُ بِالبَنَاتِ، فَقَالَ:
(مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ؟) .قُلْتُ: خَيْلُ سُلَيْمَانَ، وَلَهَا أَجْنِحَةٌ.
فَضَحِكَ.
الزُّهْرِيُّ: عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْمُ عَلَى بَابِ حُجْرَتِي، وَالحَبَشَةُ يَلْعَبُوْنَ بِالحِرَابِ فِي المَسْجِدِ، وَإِنَّهُ لَيَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ لِكَيْ أَنْظُرَ إِلَى لَعِبِهِمْ، ثُمَّ يَقِفُ مِنْ أَجْلِي حَتَّى أَكُوْنَ أَنَا الَّتِي أَنْصَرِفُ، فَاقْدُرُوا قَدْرَ الجَارِيَةِ الحَدِيْثَةِ السِّنِّ، الحَرِيْصَةِ عَلَى اللَّهْوِ.
وَفِي لَفْظِ مَعْمَرٍ: عَنِ الزُّهْرِيِّ:
فَمَا زِلْتُ أَنْظُرُ حَتَّى كُنْتُ أَنَا أَنْصَرِفُ، فَاقْدُرُوا قَدْرَ الجَارِيَةِ الحَدِيْثَةِ السِّنِّ الَّتِي تَسْمَعُ اللَّهْوَ.
وَلَفْظُ الأَوْزَاعِيِّ: عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي هَذَا الحَدِيْثِ، قَالَتْ:
قَدِمَ وَفْدُ الحَبَشَةِ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَامُوا يَلْعَبُوْنَ فِي المَسْجِدِ، فَرَأَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِم حَتَّى أَكُوْنَ أَنَا الَّتِي أَسْأَمُ.
وَفِي حَدِيْثِ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:أَنَّ عُمَرَ وَجَدَهُمْ يَلْعَبُوْنَ، فَزَجَرَهُمْ.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (دَعْهُم، فَإِنَّهُمْ بَنُو أَرْفِدَةَ ) .
الوَاقِدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوْسَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ خَرِيطَة، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
لَمَّا هَاجَرَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى المَدِيْنَةِ خَلَّفَنَا وَخَلَّفَ بَنَاتِهِ، فَلَمَّا قَدِمَ المَدِيْنَةَ، بَعَثَ إِلَيْنَا زَيْدَ بنَ حَارِثَةَ، وَأَبَا رَافِعٍ، وَأَعْطَاهُمَا بَعِيْرَيْنِ، وَخَمْسَ مائَةِ دِرْهَمٍ أَخَذَهَا مِنْ أَبِي بَكْرٍ، يَشْتَرِيَانِ بِهَا مَا نَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الظَّهْرِ، وَبَعَثَ أَبُو بَكْرٍ مَعَهُمَا عَبْدَ اللهِ بنَ أُرَيْقِطٍ اللَّيْثِيَّ بِبَعِيْرَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ، وَكَتَبَ إِلَى ابْنِهِ عَبْدِ اللهِ، يَأْمُرُهُ أَنْ يَحْمِلَ أَهْلَهُ؛ أُمَّ رُوْمَانَ، وَأَنَا، وَأُخْتِي أَسْمَاءَ.
فَخَرَجُوا، فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَى قُدَيْدٍ، اشْتَرَى زَيْدٌ بِتِلْكَ الدَّرَاهِمِ ثَلاَثَةَ أَبْعِرَةٍ، ثُمَّ دَخَلُوا مَكَّةَ، وَصَادَفُوا طَلْحَةَ يُرِيْدُ الهِجْرَةَ بِآلِ أَبِي بَكْرٍ، فَخَرَجْنَا جَمِيْعاً، وَخَرَجَ زَيْدٌ وَأَبُو رَافِعٍ بِفَاطِمَةَ، وَأُمِّ كُلْثُوْمٍ، وَسَوْدَةَ، وَأُمِّ أَيْمَنَ، وَأُسَامَةَ، فَاصْطَحَبَنَا جَمِيْعاً، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالبَيْضِ نَفَرَ بَعِيْرِي، وَقُدَّامِي مِحَفَّةٌ فِيْهَا
أُمِّي، فَجَعَلَتْ أُمِّي تَقُوْلُ: وَابِنْتَاهُ! وَاعَرُوْسَاهُ!حَتَّى أُدْرِكَ بَعِيْرُنَا، فَقَدِمْنَا وَالمَسْجِدُ يُبْنَى ... ، وَذَكَرَ الحَدِيْثَ.
شَأْنُ الإِفْكِ:
كَانَ فِي غَزْوَةِ المُرَيْسِيْعِ، سَنَةَ خَمْسٍ مِنَ الهِجْرَةِ، وَعُمُرُهَا - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - يَوْمَئِذٍ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً.
فَرَوَى: حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَالنُّعْمَانِ بنِ رَاشِدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا أَرَادَ سَفَراً، أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزْوَةِ المُرَيْسِيْعِ، فَخَرَجَ سَهْمِي، فَهَلَكَ فِيَّ مَنْ هَلَكَ.
وَكَذَلِكَ ذَكَرَ: ابْنُ إِسْحَاقَ، وَالوَاقِدِيُّ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ: أَنَّ الإِفْكَ كَانَ فِي غَزْوَةِ المُرَيْسِيْعِ.
يُوْنُسُ: عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، وَابْنُ المُسَيِّبِ، وَعَلْقَمَةُ بنُ وَقَّاصٍ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ:
عَنْ حَدِيْثِ عَائِشَةَ حِيْنَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا، فَبَرَّأَهَا اللهُ -تَعَالَى- وَكُلٌّ حَدَّثَنِي بِطَائِفَةٍ مِنْ حَدِيْثِهَا، وَبَعْضُ حَدِيْثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضاً، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضٍ، قَالَتْ:
كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا أَرَادَ سَفَراً، أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا
مَعَهُ، فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا، فَخَرَجَ سَهْمِي، فَخَرَجْتُ مَعَهُ بَعْدَ مَا نَزَلَ الحِجَابُ، وَأَنَا أُحْمَلُ فِي هَوْدَجٍ وَأُنْزَلُ فِيْهِ.فَسِرْنَا، حَتَّى إِذَا فَرغَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ غَزْوَتِهِ تِلْكَ، وَقَفَلَ، وَدَنَوْنَا مِنَ المَدِيْنَةِ، آذَنَ لَيْلَةً بِالرَّحِيْلِ، فَقُمْتُ حِيْنَئِذٍ، فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ حَاجَتِي، أَقْبَلْتُ إِلَى رَحْلِي، فَإِذَا عِقْدٌ لِي مِنْ جَزْعِ ظَفَارٍ قَدِ انْقَطَعَ، فَالْتَمَسْتُهُ، وَحَبَسَنِي الْتِمَاسُهُ.
وَأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِيْنَ كَانُوا يَرْحَلُوْنَ بِي، فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي، فَرَحَلُوْهُ عَلَى بَعِيْرِي، وَهُمْ يَحْسَبُوْنَ أَنِّي فِيْهِ، وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافاً لَمْ يُثْقِلْهُنَّ اللَّحْمُ، إِنَّمَا يَأْكُلْنَ العُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرُوا خِفَّةَ المَحْمِلِ حِيْنَ رَفَعُوْهُ، وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيْثَةَ السِّنِّ، فَبَعَثُوا الجَمَلَ، وَسَارُوا، فَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَ مَا اسْتَمَرَّ الجَيْشُ.
فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ وَلَيْسَ بِهَا دَاعٍ وَلاَ مُجِيْبٌ، فَأَمَّمْتُ مَنْزِلِي الَّذِي كُنْتُ فِيْهِ، وَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ سَيَفْقِدُوْنِي، فَيَرْجِعُوْنَ إِلَيَّ.
فَبَيْنَمَا أَنَا جَالِسَةٌ غَلَبَتْنِي عَيْنِي، فَنِمْتُ، وَكَانَ صَفْوَانُ بنُ المُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ، ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِنْ وَرَاءِ الجَيْشِ، فَأَدْلَجَ، فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي، فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ، فَأَتَانِي، فَعَرَفَنِي حِيْنَ
رَآنِي - وَكَانَ يَرَانِي قَبْلَ الحِجَابِ - فَاسْتَرْجَعَ.فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حِيْنَ عَرَفْتُ، فَخَمَّرْتُ وَجْهِي بِجِلْبَابِي، وَاللهِ مَا كَلَّمَنِي كَلِمَةً، وَلاَ سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً غَيْرَ اسْتِرْجَاعِهِ، فَأَنَاخَ رَاحِلَتَهُ، فَوَطِئَ عَلَى يَدَيْهَا، فَرَكِبْتُهَا، فَاْنَطَلَق يَقُوْدُ بِيَ الرَّاحِلَةَ، حَتَّى أَتَيْنَا الجَيْشَ بَعْدَ مَا نَزَلُوا مُوْغِرِيْنَ فِي نَحْرِ الظَّهِيْرَةِ، فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ فِيَّ، وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَ الإِفْكِ: عَبْدُ اللهِ بنُ أُبَيِّ ابْنِ سَلُوْلٍ.
فَقَدِمْنَا المَدِيْنَةَ، فَاشْتَكَيْتُ شَهْراً، وَالنَّاسُ يُفِيْضُونَ فِي قَوْلِ أَهْلِ الإِفْكِ، وَلاَ أَشْعُرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَيُرِيْبُنِي فِي وَجَعِي أَنِّي لاَ أَعْرِفُ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اللُّطْفَ الَّذِي كُنْتُ أَرَى مِنْهُ حِيْنَ أَشْتَكِي، إِنَّمَا يَدْخُلُ عَلَيَّ فَيُسَلِّمُ، ثُمَّ يَقُوْلُ: (كَيْفَ تِيْكُمْ) ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ.
فَذَلِكَ الَّذِي يُرِيْبُنِي، وَلاَ أَشْعُرُ بِالشَّرِّ حَتَّى خَرَجْتُ بَعْدَ مَا نَقِهْتُ.
فَخَرَجْتُ مَعَ أُمِّ مِسْطَحٍ قِبَلَ المَنَاصِعِ، وَهُوَ مُتَبَرَّزُنَا، وَكُنَّا لاَ نَخْرُجُ إِلاَّ لَيْلاً إِلَى لَيْلٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تُتَّخَذَ الكُنُفُ قَرِيْباً مِنْ بُيُوْتِنَا، وَأَمْرُنَا أَمْرُ العَرَبِ الأَوَّلِ مِنَ التَّبَرُّزِ قِبَلَ الغَائِطِ، وَكُنَّا نَتَأَذَّى بِالكُنُفِ أَنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوْتِنَا.
فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ بِنْتُ أَبِي رُهْمٍ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَأُمُّهَا: ابْنَةُ صَخْرِ بنِ عَامِرٍ خَالَةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ، وَابْنُهَا مِسْطَحُ بنُ أُثَاثَةَ بنِ المُطَّلِبِ، فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَهِيَ قِبَلَ بَيْتِي، قَدْ فَرَغْنَا مِنْ شَأْنِنَا، فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ فِي مِرْطِهَا،
فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ.فَقُلْتُ لَهَا: بِئْسَ مَا قُلْتِ، أَتَسُبِّيْنَ رَجُلاً شَهِدَ بَدْراً؟
قَالَتْ: أَيْ هَنْتَاهُ، أَوَ لَمْ تَسْمَعِي مَا قَالَ؟
قُلْتُ: وَمَا ذَاكَ؟
فَأَخْبَرَتْنِي الخَبَرَ، فَازْدَدْتُ مَرَضاً عَلَى مَرَضِي.
فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي، وَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: (كَيْفَ تِيْكُمْ؟) .
فَقُلْتُ: أَتَأْذَنُ لِي أَنْ آتِيَ أَبَوَيَّ، وَأَنَا حِيْنَئِذٍ أُرِيْدُ أَنْ أَسْتَيْقِنَ الخَبَرَ مِنْ قِبَلِهَمَا، فَأَذِنَ لِي، فَجِئْتُ أَبَوَيَّ.
فَقُلْتُ: يَا أُمَّتَاهُ! مَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ؟
قَالَتْ: يَا بُنَيَّةُ! هَوِّنِي عَلَيْكِ، فَوَاللهِ لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ وَضِيْئَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا، لَهَا ضَرَائِرُ إِلاَّ كَثَّرْنَ عَلَيْهَا.
فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللهِ، وَقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بِهَذَا؟!
فَبَكَيْتُ اللَّيْلَةَ حَتَّى لاَ يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ، وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، ثُمَّ أَصْبَحْتُ أَبْكِي، فَدَعَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلِيَّ بنَ أَبِي طَالِبٍ، وَأُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ حِيْنَ اسْتَلْبَثَ الوَحْيُ يَسْتَأْمِرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ.
فَأَمَّا أُسَامَةُ: فَأَشَارَ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ بِالَّذِي يَعْلَمُ مِنْ بَرَاءةِ أَهْلِهِ، وَبِالَّذِي يَعْلَمُ لَهُمْ فِي نَفْسِهِ مِنَ الوُدِّ، فَقَالَ:
يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَهْلُكَ وَلاَ نَعْلَمُ إِلاَّ خَيْراً.
وَأَمَّا عَلِيٌّ، فَقَالَ: لَمْ يُضَيِّقِ اللهُ عَلَيْكَ، وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيْرٌ، وَاسْأَلِ الجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ.
فَدَعَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَرِيْرَةَ، فَقَالَ: (أَيْ بَرِيْرَةُ، هَلْ رَأَيْتِ مِنْ شَيْءٍ يَرِيْبُكِ؟) .
قَالَتْ: لاَ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، إِنْ رَأَيْتُ عَلَيْهَا أَمْراً أَغْمِصُهُ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيْثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عَنْ عَجِيْنِ أَهْلِهَا، فَيَأْتِي الدَّاجِنُ فَيَأْكُلُهُ.
فَقَامَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أُبَيِّ ابْنِ سَلُوْلٍ، فَقَالَ وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ: (يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِيْنَ! مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِ بَيْتِي، فَوَاللهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلاَّ خَيْراً، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلاً مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلاَّ خَيْراً، وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلاَّ مَعِي) .فَقَامَ سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ، فَقَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَنَا أَعْذِرُكَ مِنْهُ، إِنْ كَانَ مِنَ الأَوْسِ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنَ الخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ.
فَقَامَ سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ - وَهُوَ سَيِّدُ الخَزْرَجِ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلاً صَالِحاً، وَلَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الحَمِيَّةُ - فَقَالَ سَعْدٌ:
كَذَبْتَ - لَعَمْرُ اللهِ - لاَ تَقْتُلُهُ، وَلاَ تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ.
فَقَامَ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ - وَهُوَ ابْنُ عَمِّ سَعْدِ بنِ مُعَاذٍ - فَقَالَ:
كَذَبْتَ - لَعَمْرُ اللهِ - لَنَقْتُلَنَّهُ، فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ المُنَافِقِيْنَ.
فَتَثَاوَرَ الحَيَّانِ الأَوْسُ وَالخَزْرَجُ، حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا، وَرَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَائِمٌ عَلَى المِنْبَرِ، فَلَمْ يَزَلْ يَخْفِضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا، وَسَكَتَ.
قَالَتْ: فَبَكَيْتُ يَوْمِي ذَلِكَ وَلَيْلَتِي، لاَ يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ، وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، فَأَصْبَحَ أَبَوَايَ عِنْدِي، وَقَدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ وَيَوْماً، لاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، وَلاَ يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ البُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي.
فَبَيْنَمَا هُمَا جَالِسَانِ عِنْدِي وَأَنَا أَبْكِي، اسْتَأْذَنَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَأَذِنْتُ لَهَا، فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي.
فَبَيْنَمَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ، دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَلَّمَ، ثُمَّ
جَلَسَ، وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِي مُنْذُ قِيْلَ لِي مَا قِيْلَ، وَلَقَدْ لَبِثَ شَهْراً لاَ يُوْحَى إِلَيْهِ فِي شَأْنِي شَيْءٌ.قَالَتْ: فَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قَالَ: (أَمَّا بَعْدُ يَا عَائِشَةُ، فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ كُنْتِ بَرِيْئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللهُ، وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرِي اللهَ، وَتُوْبِي إِلَيْهِ، فَإِنَّ العَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ بِذَنْبِهِ ثُمَّ تَابَ، تَابَ اللهُ عَلَيْهِ) .
فَلَمَّا قَضَى مَقَالَتْهُ، قَلَصَ دَمْعِي، حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً.
فَقُلْتُ لأَبِي: أَجِبْ رَسُوْلَ اللهِ فِيْمَا قَالَ.
قَالَ: وَاللهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُوْلُ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فَقُلْتُ لأُمِّي: أَجِيْبِي رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قَالَتْ: مَا أَدْرِي مَا أَقُوْلُ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فَقُلْتُ - وَأَنَا يَوْمئذٍ حَدِيْثَةُ السِّنِّ، لاَ أَقْرَأُ كَثِيْراً مِنَ القُرْآنِ -: إِنِّي -وَاللهِ- لَقَدْ عَلِمْتُ، لَقَدْ سَمِعْتُمْ هَذَا الحَدِيْثَ حَتَّى اسْتَقَرَّ فِي أَنْفُسِكُمْ، وَصَدَّقْتُمْ بِهِ، فَلَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ إِنِّي بَرِيْئَةٌ - وَاللهُ يَعْلَمُ أَنِّي بَرِيْئَةٌ - لاَ تُصَدِّقُونِي بِذَلِكَ، وَلَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ - وَاللهُ يَعْلَمُ أَنِّي بَرِيْئَةٌ - لَتُصَدِّقُنِّي، وَاللهِ مَا أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلاً إِلاَّ قَوْلَ أَبِي يُوْسَفَ: {فَصَبْرٌ جَمِيْلٌ، وَاللهُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُوْنَ} [يُوْسُفُ: 18] .
ثُمَّ تَحَوَّلْتُ، فَاضْطَجَعْتُ عَلَى فِرَاشِي، وَأَنَا أَعْلَمُ أَنِّي بَرِيْئَةٌ، وَأَنَّ اللهَ -تَعَالَى- يُبَرِّئُنِي بِبَرَاءتِي، وَلَكِنْ -وَاللهِ- مَا ظَنَنْتُ أَنَّ اللهَ يُنْزِلُ فِي شَأْنِي وَحْياً يُتْلَى، وَلَشَأْنِي كَانَ فِي نَفْسِي أَحْقَرُ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللهُ فِيَّ بِأَمْرٍ يُتْلَى، وَلَكِنْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللهُ بِهَا.
قَالَتْ: فَوَاللهِ مَا قَامَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلاَ خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ البَيْتِ،
حَتَّى نَزَلَ عَلَيْهِ الوَحْيُ.فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ البُرَحَاءِ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِثْلُ الجُمَانِ مِنَ العَرَقِ، وَهُوَ فِي يَوْمٍ شَاتٍ، مِنْ ثِقَلِ القَوْلِ الَّذِي يَنْزِلُ عَلَيْهِ.
فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ وَهُوَ يَضْحَكُ، كَانَ أَوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا: (يَا عَائِشَةُ، أَمَا -وَاللهِ - لَقَدْ بَرَّأَكِ اللهُ) .
فَقَالَتْ أُمِّي: قُوْمِي إِلَيْهِ.
فَقُلْتُ: وَاللهِ لاَ أَقُوْمُ إِلَيْهِ، وَلاَ أَحْمَدُ إِلاَّ اللهَ.
وَأَنْزَلَ اللهُ -تَعَالَى -: {إِنَّ الَّذِيْنَ جَاؤُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُم} [النُّوْرُ: 11] العَشْرُ الآيَاتُ كُلُّهَا.
فَلَمَّا أَنْزَلَ اللهُ هَذَا فِي بَرَاءتِي، قَالَ أَبُو بَكْرٍ - وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ لِقَرَابَتِهِ وَفَقْرِهِ -:
وَاللهِ لاَ أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئاً أَبَداً بَعْدَ الَّذِي قَالَ لِعَائِشَةَ.
فَأُنْزِلَتْ: {وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُو الفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُوْلِي القُرْبَى وَالمَسَاكِيْنَ وَالمُهَاجِرِيْنَ فِي سَبِيْلِ اللهِ، وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا، أَلاَ تُحِبُّوْنَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ} [النُّوْرُ: 22] .
قَالَ: بَلَى -وَاللهِ- إِنِّي لأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لِي.
فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِي كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ، وَقَالَ: وَاللهِ لاَ أَنْزِعُهَا مِنْهُ أَبَداً.
قَالَتْ: وَكَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْأَلُ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ عَنِ أَمْرِي، فَقَالَتْ:
أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي، مَا عَلِمْتُ إِلاَّ خَيْراً، وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِيْنِي مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَعَصَمَهَا اللهُ بِالوَرَعِ، وَطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ تُحَارِبُ لَهَا، فَهَلَكَتْ فِيْمَنْ هَلَكَ مِنْ أَصْحَابِ الإِفْكِ.
وَهَذَا الحَدِيْثُ: لَهُ طُرُقٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ.وَرَوَاهُ: هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ.
قَالَ أَبُو مَعْشَرٍ السِّنْدِيُّ : حَدَّثَنِي أَفْلَحُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ المُغِيْرَةِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ الوَلِيْدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ ... ، فَذَكَرَ حَدِيْثَ الإِفْكِ بِطُوْلِهِ.
وَفِيْهِ: أَنَّ ذَاكَ فِي غَزْوَةِ بَنِي المُصْطَلِقِ، وَأَنَّ سَهْمَهَا وَسَهْمَ أُمِّ سَلَمَةَ خَرَجَ.
وَرَوَى: مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ الوَلِيْدِ، فَقَالَ: الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ: عَلِيٌّ.
فَقُلْتُ: لاَ، حَدَّثَنِي سَعِيْدٌ، وَعُرْوَةُ، وَعَلْقَمَةُ، وَعُبَيْدُ اللهِ، كُلُّهُمْ سَمِعَ عَائِشَةَ تَقُوْلُ: إِنَّ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ أُبَيٍّ.
فَقَالَ لِي: فَمَا كَانَ جُرْمُهُ؟
قُلْتُ: سُبْحَانَ اللهِ، حَدَّثَنِي مِنْ قَوْمِكَ أَبُو سَلَمَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُمَا سَمِعَا عَائِشَةَ تَقُوْلُ: كَانَ مُسِيْئاً فِي أَمْرِي.
يُوْنُسُ بنُ بُكَيْرٍ: عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي بَكْرٍ بنِ حَزْمٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
لَمَّا تَلاَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- القِصَّةَ الَّتِي نَزَلَ
بِهَا عُذْرِي عَلَى النَّاسِ نَزَلَ، فَأَمَرَ بِرَجُلَيْنِ وَامْرَأَةٍ مِمَّنْ كَانَ تَكَلَّمَ بِالفَاحِشَةِ فِي عَائِشَةَ، فُجُلِدُوا الحَدَّ.قَالَ: وَكَانَ رَمَاهَا: ابْنُ أُبَيٍّ، وَمِسْطَحٌ، وَحَسَّانٌ، وَحَمْنَةُ.
الأَعْمَشُ: عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوْقٍ، قَالَ:
دَخَلَ حَسَّانُ بنُ ثَابِتٍ عَلَى عَائِشَةَ يُشَبِّبُ بِأَبْيَاتٍ لَهُ فِيْهَا، فَقَالَ:
حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيْبَةٍ ... وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُوْمِ الغَوَافِلِ
قَالَتْ: لَسْتُ كَذَاكَ.
فَقُلْتُ: تَدَعِيْنَ مِثْلَ هَذَا يَدْخُلُ عَلَيْكِ، وَقَدْ أَنْزَلَ اللهُ - تَعَالَى -: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُم لَهُ عَذَابٌ عَظِيْمٌ} [النُّوْرُ: 11] .
قَالَتْ: وَأَيُّ عَذَابٍ أَشَدُّ مِنَ العَمَى.
ثُمَّ قَالَتْ: كَانَ يَرُدُّ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيُّ، قَالَ:كَانَ صَفْوَانُ بنُ المُعَطَّلِ قَدْ كَثَّرَ عَلَيْهِ حَسَّانٌ فِي شَأْنِ عَائِشَةَ، وَقَالَ يُعَرِّضُ بِهِ:
أَمْسَى الجَلاَبِيْبُ قَدْ عَزُّوا وَقَدْ كَثُرُوا ... وَابْنُ الفُرَيْعَةِ أَمْسَى بَيْضَةَ البَلَدِ
فَاعْتَرَضَهُ صَفْوَانُ لَيْلَةً وَهُوَ آتٍ مِنْ عِنْدِ أَخْوَالِهِ بَنِي سَاعِدَةَ، فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ عَلَى رَأْسِهِ، فَاسْتَعْدَوْا عَلَيْهِ ثَابِتَ بنَ قَيْسٍ، فَجَمَعَ يَدَيْهِ إِلَى عُنُقِهِ بِحَبْلٍ، وَقَادَهُ إِلَى دَارِ بَنِي حَارِثَةَ.
فَلَقِيَهُ ابْنُ رَوَاحَةَ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟
فَقَالَ: مَا أَعْجَبَكَ، إِنَّهُ عَدَا عَلَى حَسَّانٍ بِالسَّيْفِ، فَوَاللهِ مَا أُرَاهُ إِلاَّ قَدْ قَتَلَهُ.
فَقَالَ: هَلْ عَلِمَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَا صَنَعْتَ بِهِ؟
فَقَالَ: لاَ.
فَقَالَ: وَاللهِ لَقَدِ اجْتَرَأْتَ، خَلِّ سَبِيْلَهُ، فَسَنَغْدُو عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَنُعْلِمَهُ أَمْرَهُ.
فَخَلَّى سَبِيْلَهُ، فَلَمَّا أَصْبَحُوا غَدَوْا عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَذَكَرُوا لَهُ ذَلِكَ.
فَقَالَ: (أَينَ ابْنُ المُعَطَّلِ؟) .
فَقَامَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: هَا أَنَا ذَا يَا رَسُوْلَ اللهِ.
فَقَالَ: (مَا دَعَاكَ إِلَى مَا صَنَعْتَ؟) .
قَالَ: آذَانِي يَا رَسُوْلَ اللهِ، وَكَثَّرَ عَلَيَّ، وَلَمْ يَرْضَ حَتَّى عَرَّضَ بِي فِي الهِجَاءِ، فَاحْتَمَلَنِي الغَضَبُ، وَهَا أَنَا ذَا، فَمَا كَانَ عَلَيَّ مِنْ حَقٍّ، فَخُذْنِي بِهِ.
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (ادْعُوا لِي حَسَّانَ بنَ ثَابِتٍ) .
فَأُتِيَ بِهِ، فَقَالَ: (يَا
حَسَّانُ! أَتَشَوَّهْتَ عَلَى قَوْمِي أَنْ هَدَاهُمُ اللهُ لِلإِسْلاَمِ - يَقُوْلُ: تَنَفَّسْتَ عَلَيْهِم - يَا حَسَّانُ، أَحْسِنْ فِيْمَا أَصَابَكَ) .قَالَ: هِيَ لَكَ يَا رَسُوْلَ اللهِ.
فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سِيْرِيْنَ القُبْطِيَّةَ، فَوَلَدَتْ لَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، وَأَعْطَاهُ أَرْضاً كَانَتْ لأَبِي طَلْحَةَ، تَصَدَّقَ بِهَا أَبُو طَلْحَةَ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَالَ حَسَّانُ فِي عَائِشَةَ:
رَأَيْتُكِ - وَلْيَغْفِرْ لَكِ اللهُ - حُرَّةً ... مِنَ المُحْصَنَاتِ غَيْرِ ذَاتِ غَوَائِلِ
حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيْبَةٍ ... وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُوْمِ الغَوَافِلِ
وَإِنَّ الَّذِي قَدْ قِيْلَ لَيْسَ بِلائِقٍ ... بِكِ الدَّهْرَ بَلْ قِيْلُ امْرِئٍ مُتَمَاحِلِ
فَإِنْ كُنْتُ أَهْجُوْكُمْ كَمَا بَلَّغُوْكُمُ ... فَلاَ رَفَعَتْ سَوطِي إِلَيَّ أَنَامِلِي
وَكَيْفَ وُوُدِّي مَا حَيِيْتُ وُنُصْرَتِي ... لآلِ رَسُوْلِ اللهِ زَيْنِ المَحَافِلِ
وَإِنَّ لَهُمْ عِزّاً يُرَى النَّاسُ دُوْنَهُ ... قِصَاراً وَطَالَ العِزُّ كُلَّ التَّطَاوُلِ
عَقِيْلَةُ حَيٍّ مِنْ لُؤَيِّ بنِ غَالِبٍ ... كِرَامِ المَسَاعِي مَجْدُهُمْ غَيْرُ زَائِلِ
مُهَذَّبَةٌ قَدْ طَيَّبَ اللهُ خِيْمَهَا ... وَطَهَّرَهَا مِنْ كُلِّ سُوْءٍ وَبَاطِلِ
ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ بِلاَلٍ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَرَأَيْتَ لَو أَنَّكَ
نَزَلْتَ وَادِياً فِيْهِ شَجَرَةٌ قَدْ أُكِلَ مِنْهَا، وَوَجَدْتَ شَجَرَةً لَمْ يُؤْكَلْ مِنْهَا، فَأَيُّهُمَا كُنْتَ تُرْتِعُ بَعِيْرَكَ؟قَالَ: (الشَّجَرَةَ الَّتِي لَمْ يُؤْكَلْ مِنْهَا) .
قَالَتْ: فَأَنَا هِيَ.
تَعْنِي: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَتَزَوَّجْ بِكْراً غَيْرَهَا.
سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ أَبِي سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -: مَا تَزَوَّجَنِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى أَتَاهُ جِبْرِيْلُ بِصُوْرَتِي، وَقَالَ: هَذِهِ زَوْجَتُكَ.
فَتَزَوَّجَنِي، وَإِنِّي لَجَارِيَةٌ عَلَيَّ حَوْفٌ، وَلَمَّا تَزَوَّجَنِي وَقَعَ عَلَيَّ الحَيَاءُ، وَإِنِّي لَصَغِيْرَةٌ.
تَفَرَّدَ بِهِ: أَبُو سَعْدٍ، وَهُوَ سَعِيْدُ بنُ المَرْزُبَانِ البَقَّالُ، لَيِّنُ الحَدِيْثِ.
وَالحَوْفُ: شَيْءٌ يُشَدُّ فِي وَسَطِ الصَّبِيِّ مِنْ سُيُوْرٍ.
يَحْيَى بنُ يَمَانٍ: عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أُمَيَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
تَزَوَّجَنِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي شَوَّالٍ، وَأَعْرَسَ بِي فِي شَوَّالٍ، فَأَيُّ نِسَائِهِ كَانَ أَحْظَى عِنْدَهُ مِنِّي ؟
وَكَانَتِ العَرَبُ تَسْتَحِبُّ لِنِسَائِهَا أَنْ يُدْخَلْنَ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ فِي شَوَّالٍ.
وَقَالَتْ عَائِشَةُ: مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيْجَةَ، مِنْ كَثْرَةِ مَا كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَذْكُرُهَا. قُلْتُ: وَهَذَا مِنْ أَعْجَبِ شَيْءٍ أَنْ تَغَارَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - مِنِ امْرَأَةٍ عَجُوْزٍ، تُوُفِّيَتْ قَبْلَ تَزَوُّجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعَائِشَةَ بِمُدَيْدَةٍ، ثُمَّ يَحْمِيْهَا اللهُ مِنَ الغَيْرَةِ مِنْ عِدَّةِ نِسْوَةٍ يُشَارِكْنَهَا فِي النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَهَذَا مِنْ أَلْطَافِ اللهِ بِهَا وَبِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِئَلاَّ يَتَكَدَّرَ عَيْشُهُمَا، وَلَعَلَّهُ إِنَّمَا خَفَّفَ أَمْرَ الغَيْرَةِ عَلَيْهَا حُبُّ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَهَا، وَمَيْلُهُ إِلَيْهَا، فَرَضِيَ اللهُ عَنْهَا وَأَرْضَاهَا.
مَعْمَرٌ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ:
دَخَلَتِ امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَقْبَلَ عَلَيْهَا.
قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَقْبَلْتَ عَلَى هَذِهِ السَّوْدَاءِ هَذَا الإِقْبَالَ.
فَقَالَ: (إِنَّهَا كَانَتْ تَدْخُلُ عَلَى خَدِيْجَةَ، وَإِنَّ حُسْنَ العَهْدِ مِنَ الإِيْمَانِ).
أَخْبَرَنَا أَبُو الفِدَاءِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُعَدَّلُ، أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ المَقْدِسِيُّ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحَسَنِ الدَّقَّاقُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيِّ بنِ زِكْرِيٍّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ المُعَدَّلُ، قَالَ:حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو الرَّزَّازُ، حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - أَنَّهَا قَالَتْ:
مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّداً -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأَى رَبَّهُ، فَقَدْ أَعْظَمَ الفِرْيَةَ عَلَى اللهِ -تَعَالَى- وَلَكِنَّهُ رَأَى جِبْرِيْلَ مَرَّتَيْنِ فِي صُوْرَتِهِ وَخَلْقِهِ سَادّاً مَا بَيْنَ الأُفُقِ.
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحُ الإِسْنَادِ.وَلَمْ يَأْتِنَا نَصٌّ جَلِيٌّ بِأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأَى اللهَ -تَعَالَى- بِعَيْنَيْهِ، وَهَذِهِ المَسْأَلَةُ مِمَّا يَسَعُ المَرْءَ المُسْلِمَ فِي دِيْنِهِ السُّكُوتُ عَنْهَا.
فَأَمَّا رُؤْيَةُ المَنَامِ: فَجَاءتْ مِنْ وُجُوْهٍ مُتَعَدِّدَةٍ مُسْتَفِيْضَةٍ.
وَأَمَّا رُؤْيَةُ اللهِ عِيَاناً فِي الآخِرَةِ: فَأَمْرٌ مُتَيَقَّنٌ، تَوَاتَرَتْ بِهِ النُّصُوْصُ، جَمَعَ أَحَادِيْثَهَا: الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالبَيْهَقِيُّ، وَغَيْرُهُمَا.
أَبُو الحَسَنِ المَدَائِنِيُّ: عَنْ يَزِيْدَ بنِ عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
دَخَلَ عُيَيْنَةُ بنُ حِصْنٍ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعِنْدَهُ عَائِشَةُ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ الحِجَابُ، فَقَالَ:
مَنْ هَذِهِ الحُمَيْرَاءُ يَا رَسُوْلَ اللهِ؟
قَالَ: (هَذِهِ عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ) .
قَالَ: أَفَلاَ أَنْزِلُ لَكَ عَنْ أَجْمَلِ النِّسَاءِ؟
قَالَ: (لاَ) .
فَلَمَّا خَرَجَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: مَنْ هَذَا يَا رَسُوْلَ اللهِ؟
قَالَ: (هَذَا الأَحْمَقُ المُطَاعُ فِي قَوْمِهِ) .
هَذَا حَدِيْثٌ مُرْسَلٌ، وَيَزِيْدُ مَتْرُوكٌ، وَمَا أَسْلَمَ عُيَيْنَةُ إِلاَّ بَعْدَ نُزُولِ الحِجَابِ.
وَقَدْ قِيْلَ: إِنَّ كُلَّ حَدِيْثٍ فِيْهِ: يَا حُمَيْرَاءُ، لَمْ يَصِحَّ، وَأَوْهَى ذَلِكَ
تَشْمِيْسُ المَاءِ، وَقَوْلُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَهَا: لَا تَفْعَلِي يَا حُمَيْرَاءُ، فَإِنَّهُ يُوْرِثُ البَرَصَ، فَإِنَّهُ خَبَرٌ مَوْضُوْعٌ.وَالحَمْرَاءُ فِي خِطَابِ أَهْلِ الحِجَازِ: هِيَ البَيْضَاءُ بِشُقْرَةٍ، وَهَذَا نَادِرٌ فِيْهِم، وَمِنْهُ فِي الحَدِيْثِ: رَجُلٌ أَحْمَرُ كَأَنَّهُ مِنَ المَوَالِي، يُرِيْدُ القَائِلُ: أَنَّهُ فِي لَوْنِ المَوَالِي الَّذِيْنَ سُبُوا مِنْ نَصَارَى الشَّامِ وَالرُّوْمِ وَالعَجَمِ.
ثُمَّ إِنَّ العَرَبَ إِذَا قَالَتْ: فُلاَنٌ أَبْيَضُ، فَإِنَّهُمْ يُرِيْدُوْنَ الحِنْطِيَّ اللَّوْنِ بِحِلْيَةٍ سَوْدَاءَ.
فَإِنْ كَانَ فِي لَوْنِ أَهْلِ الهِنْدِ، قَالُوا: أَسْمَرُ، وَآدَمُ.
وَإِنْ كَانَ فِي سَوَادِ التِّكْرُوْرِ، قَالُوا: أَسْوَدُ.
وَكَذَا كُلُّ مَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ السَّوَادُ، قَالُوا: أَسْوَدُ، أَوْ شَدِيْدُ الأُدْمَةِ.
وَمِنْ ذَلِكَ قُوْلُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (بُعِثْتُ إِلَى الأَحْمَرِ وَالأَسْوَدِ ) .
فَمَعْنَى ذَلِكَ: أَنَّ بَنِي آدَمَ لاَ يَنْفَكُّوْنَ عَنْ أَحَدِ الأَمْرَيْنِ، وَكُلُّ
لَوْنٍ بِهَذَا الاعْتِبَارِ يَدُوْرُ بَيْنَ السَّوَادِ وَالبَيَاضِ الَّذِي هُوَ الحُمْرَةُ.أَحْمَدُ فِي (مُسْنَدِهِ ) : حَدَّثَنَا عَبَّادُ بنُ عَبَّادٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَقُوْلُ لَهَا: (إِنِّي أَعْرِفُ غَضَبَكِ إِذَا غَضِبْتِ، وَرِضَاكِ إِذَا رَضِيْتِ) .
قَالَتْ: وَكَيْفَ تَعْرِفُ؟
قَالَ: (إِذَا غَضِبْتِ قُلْتِ: يَا مُحَمَّدُ، وَإِذَا رَضِيْتِ قُلْتِ: يَا رَسُوْلَ اللهِ) .
هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ.
وَالمَحْفُوظُ: مَا أَخْرَجَا فِي (الصَّحِيْحَيْنِ) لأَبِي أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ بِلَفْظِ: (إِنِّي لأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى) .
قَالَتْ: وَكَيْفَ يَا رَسُوْلَ اللهِ؟
قَالَ: (إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، قُلْتِ: لاَ، وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى، قُلْتِ: لاَ، وَرَبِّ إِبْرَاهِيْمَ) .
قُلْتُ: أَجَلْ، وَاللهِ مَا أَهْجُرُ إِلاَّ اسْمَكَ.
تَابَعَهُ: عَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ، وَأَخْرَجَ: النَّسَائِيُّ حَدِيْثَ عَلِيٍّ.
هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ: عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ قِلاَدَةً فِي سَفَرٍ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَانْسَلَّتْ مِنْهَا، وَكَانَ ذَلِكَ المَكَانُ يُقَالُ لَهُ: الصُّلْصُلُ.
فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَطَلَبُوْهَا حَتَّى وَجَدُوْهَا، وَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ، وَلَمْ
يَكُنْ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَصَلَّوْا بِغَيْرِ وُضُوْءٍ.فَأَنْزَلَ اللهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ.
فَقَالَ لَهَا أُسَيْدُ بنُ الحُضَيْرِ: جَزَاكِ اللهُ خَيْراً، فَوَاللهِ مَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ قَطُّ تَكْرَهِيْنَهُ إِلاَّ جَعَلَ اللهُ لَكِ فِيْهِ خَيْراً.
رَوَاهُ: ابْنُ نُمَيْرٍ، وَعَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ، عَنْهُ.
مَالِكٌ: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ القَاسِمِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
خَرَجْنَا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالبَيْدَاءِ، أَوْ بِذَاتِ الجَيْشِ، انْقَطَعَ عِقْدِي، فَأَقَامَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْتِمَاسِهِ، وَأَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ.
فَأَتَى النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فَقَالُوا: مَا تَرَى مَا صَنَعَتْ عَائِشَةُ، أَقَامَتْ بِرَسُوْلِ اللهِ وَبِالنَّاسِ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاء!
قَالَتْ: فَعَاتَبَنِي أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَقُوْلَ، وَجَعَلَ يَطْعَنُ بِيَدِهِ فِي خَاصِرَتِي، فَلاَ يَمْنَعُنِي مِنَ التَّحَرُّكِ إِلاَّ مَكَانُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى فَخِذِي.
فَنَامَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ، فَأَنْزَلَ اللهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ، فَتَيَمَّمُوا.
فَقَالَ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ - وَهُوَ أَحَدُ النُّقَبَاءِ -: مَا هَذَا بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ.
قَالَتْ: فَبَعَثْنَا البَعِيْرَ الَّذِي كُنْتُ عَلَيْهِ، فَوَجَدْنَا العِقْدَ تَحْتَهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي (مُسْنَدِ أَحْمَدَ) : مِنْ طَرِيْقِ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عَبَّادِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى إِذَا كُنَّا بِتُرْبَانَ - بَلَدٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ المَدِيْنَةِ بَرِيْدٌ وَأَمْيَالٌ، وَهُوَ بَلَدٌ لاَ مَاءَ بِهِ - وَذَلِكَ مِنَ السَّحَرِ، انْسَلَّتْ قِلاَدَةٌ مِنْ عُنُقِي، فَوَقَعَتْ، فَحُبِسَ عَلَيَّ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لاَلْتِمَاسِهَا حَتَّى طَلَعَ الفَجْرُ، وَلَيْسَ مَعَ القَوْمِ مَاءٌ، فَلَقِيْتُ مِنْ أَبِي مَا اللهُ بِهِ عَلِيْمٌ مِنَ التَّعْنِيْفِ وَالتَّأْفِيْفِ، وَقَالَ: فِي كُلِّ سَفَرٍ لِلمُسْلِمِيْنَ مِنْكِ عَنَاءٌ وَبَلاَءٌ، فَأَنْزَلَ اللهُ الرُّخْصَةَ فِي التَّيَمُّمِ، فَتَيَمَّمَ القَوْمُ، وَصَلَّوْا.
قَالَتْ: يَقُوْلُ أَبِي حِيْنَ جَاءَ مِنَ اللهِ مِنَ الرُّخْصَةِ لِلمُسْلِمِيْنَ:
وَاللهِ مَا عَلِمْتُ يَا بُنَيَّةُ إِنَّكِ لَمُبَارَكَةٌ، مَاذَا جَعَلَ اللهُ لِلمُسْلِمِيْنَ فِي حَبْسِكِ إِيَّاهُمْ مِنَ البَرَكَةِ وَاليُسْرِ.
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ العَيْزَارِ بنِ حُرَيْثٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بنِ بَشِيْرٍ، قَالَ:
اسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِذَا عَائِشَةُ تَرْفَعُ صَوْتَهَا عَلَيْهِ، فَقَالَ:
يَا بِنْتَ فُلاَنَةٍ، تَرْفَعِيْنَ صَوْتَكِ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟
فَحَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا.
ثُمَّ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَرَضَّاهَا، وَقَالَ: (أَلَمْ تَرَيْنِي حُلْتُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَكِ؟) .
ثُمَّ اسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ مَرَّةً أُخْرَى، فَسَمِعَ تَضَاحُكَهُمَا، فَقَالَ:
أَشْرِكَانِي فِي سِلْمِكُمَا، كَمَا أَشْرَكْتُمَانِي فِي حَرْبِكُمَا.
أَخْرَجَهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، مِنْ طَرِيْقِ حَجَّاجِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يُوْنُسَ
نَحْوَهُ، لَكِنَّهُ قَالَ:عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ العَيْزَارِ، عَنِ النُّعْمَانِ.
وَرَوَاهُ: عَمْرٌو العَنْقَزِيُّ، عَنْ يُوْنُسَ، عَنْ أَبِيْهِ، فَأَسْقَطَ العَيْزَارَ.
وَرَوَى نَحْوَهُ: أَحْمَدُ فِي (مُسْنَدِهِ ) ، عَنْ وَكِيْعٍ، عَنْ إِسْرَائِيْلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ العَيْزَارِ بنِ حُرَيْثٍ، عَنِ النُّعْمَانِ.
مُوْسَى بنُ عُلَيِّ بنِ رَبَاحٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ:
أَخْبَرَنِي أَبُو قَيْسٍ مَوْلَى عَمْرٍو، قَالَ:
بَعَثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ: سَلْهَا أَكَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ؟ فَإِنْ قَالَتْ: لاَ، فَقُلْ: إِنَّ عَائِشَةَ تُخْبِرُ النَّاسَ أَنَّهُ كَانَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ.
فَقَالَتْ: لَعَلَّهُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَتَمَالَكُ عَنْهَا حُبّاً، أَمَّا إِيَّايَ فَلاَ.
أَحْمَدُ فِي (مُسْنَدِهِ) : حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا يُوْنُسُ الأَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو شَدَّادٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، قَالَتْ:
كُنْتُ صَاحِبَةَ عَائِشَةَ الَّتِي هَيَّأْتُهَا وَأَدْخَلْتُهَا عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَعِي نِسْوَةٌ، فَمَا وَجَدْنَا عِنْدَهُ قِرَىً إِلاَّ قَدَحاً مِنْ لَبَنٍ، فَشَرِبَ مِنْهُ، ثُمَّ نَاوَلَهُ عَائِشَةَ.
فَاسْتَحْيَتِ الجَارِيَةُ، فَقُلْنَا: لاَ تَرُدِّي يَدَ رَسُوْلِ اللهِ، خُذِي مِنْهُ.
فَأَخَذَتْ مِنْهُ عَلَى حَيَاءٍ، فَشَرِبَتْ، ثُمَّ قَالَ: (نَاوِلِي صَوَاحِبَكِ) .
فَقُلْنَا: لاَ نَشْتَهِيْهِ.
فَقَالَ: (لاَ تَجْمَعْنَ جُوْعاً وَكَذِباً) .
فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! إِنْ قَالَتْ إِحْدَانَا لِشَيْءٍ تَشْتَهِيْهِ
لاَ تَشْتَهِيْهِ أَيُعَدُّ كَذِباً؟قَالَ: (إِنَّ الكَذِبَ يُكْتَبُ حَتَّى تُكْتَبُ الكُذَيْبَةُ كُذَيْبَةً ) .
هَذَا حَدِيْثٌ مُنْكَرٌ، لاَ نَعْرفُهُ إِلاَّ مِنْ طَرِيْقِ أَبِي شَدَّادٍ، وَلَيْسَ بِالمَشْهُوْرِ.
قَدْ رَوَى عَنْهُ: ابْنُ جُرَيَجٍ أَيْضاً.
ثُمَّ هُوَ خَطَأٌ، فَإِنَّ أَسْمَاءَ كَانَتْ وَقْتَ عُرْسِ عَائِشَةَ بِالحَبَشَةِ مَعَ جَعْفَرِ بنِ أَبِي طَالِبٍ، وَلاَ نَعْلَمُ لِمُجَاهِدٍ سَمَاعاً عَنْ أَسْمَاءَ، أَوْ لَعَلَّهَا أَسْمَاءُ بِنْتُ يَزِيْدَ، فَإِنَّهَا رَوَتْ عَجُزَ هَذَا الحَدِيْثِ.
زَكَرِيَّا بنُ أَبِي زَائِدَةَ: عَنْ خَالِدِ بنِ سَلَمَةَ، عَنِ البَهِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ:
قَالَتْ عَائِشَةُ: مَا عَلِمْتُ حَتَّى دَخَلَتْ عَلَيَّ زَيْنَبُ بِغَيْرِ إِذْنٍ وَهِيَ غَضْبَى، ثُمَّ قَالَتْ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَحْسَبُكَ إِذَا قَلَبَتْ لَكَ بُنَيَّةُ أَبِي بَكْرٍ ذُرَيْعَتَيْهَا ؟
ثُمَّ أَقْبَلَتْ عَلَيَّ، فَأَعْرَضْتُ عَنْهَا.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (دُوْنَكِ
فَانْتَصِرِي) .فَأَقْبَلْتُ عَلَيْهَا، حَتَّى رَأَيْتُ قَدْ يَبِسَ رِيْقُهَا فِي فَمِهَا، فَمَا تَرُدُّ عَلَيَّ شَيْئاً، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ.
أَحْمَدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ النَّرْسِيُّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى الخَوَّاصُ، حَدَّثَنَا مُحَاضِرٌ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
أَتَانِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غَيْرِ يَوْمِي يَطْلُبُ مِنِّي ضَجْعاً، فَدَقَّ، فَسَمِعْتُ الدَّقَّ، ثُمَّ خَرَجْتُ، فَفَتَحْتُ لَهُ.
فَقَالَ: (مَا كُنْتِ تَسْمَعِيْنَ الدَّقَّ؟!) .
قُلْتُ: بَلَى، وَلَكِنَّنِي أَحْبَبْتُ أَنْ يَعْلَمَ النِّسَاءُ أَنَّكَ أَتَيْتَنِي فِي غَيْرِ يَوْمِي.
هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ: عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
سَابَقَنِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَبَقْتُهُ مَا شَاءَ، حَتَّى إِذَا رَهِقَنِي اللَّحْمُ سَابَقَنِي، فَسَبَقَنِي، فَقَالَ: (يَا عَائِشَةُ، هَذِهِ بِتِلْكَ).
وَرَوَاهُ: أَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ، عَنْ هِشَامٍ، فَقَالَ: عَنْ أَبِيْهِ، وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْهَا.أَخْرَجَهُ هَكَذَا: أَبُو دَاوُدَ.
أَبُو سَعْدٍ البَقَّالُ : عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيْهِ:
قَالَتْ عَائِشَةُ: تَزَوَّجَنِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِيْنَ أَتَاهُ جِبْرِيْلَ بِصُوْرَتِي، وَإِنِّي لَجَارِيَةٌ عَلَيَّ حَوْفٌ، فَلَمَّا تَزَوَّجَنِي، أَلْقَى اللهُ عَلَيَّ حَيَاءً وَأَنَا صَغِيْرَةٌ.
الحَوْفُ: سُيُوْرٌ فِي الوَسَطِ.
مِسْعَرٌ: عَنِ المِقْدَامِ بنِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُعْطِيْنِي العَظْمَ فَأَتَعَرَّقُهُ، ثُمَّ يَأْخُذُهُ، فَيُدِيْرُهُ حَتَّى يَضَعَ فَاهُ عَلَى مَوْضِعِ فَمِي.
رَوَاهُ: شُعْبَةُ، وَالنَّاسُ، عَنِ المِقْدَامِ.
أَخْرَجَهُ: مُسْلِمٌ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ، وَعَلِيُّ بنُ بَقَاءٍ، وَأَهْلُهُ فَاطِمَةُ الآمِدِيَّةُ، وَأَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الدَّبَّاغُ، وَعَبْدُ الدَّائَمِ الوَزَّانُ، وَعَبْدُ الصَّمَدِ
الزَّاهِدُ، وَمُحَمَّدُ بنُ هَاشِمٍ العَبَّاسِيُّ، وَنَصْرُ بنُ أَبِي الضَّوْءِ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ سُلَيْمَانَ، وَعِدَّةٌ، قَالُوا:أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ المُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ بنُ عِيْسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَيْمَنَ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ القَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا خَرَجَ أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَطَارَتِ القُرْعَةُ لِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ، وَكَانَ إِذَا كَانَ بِاللَّيْلِ سَارَ مَعَ عَائِشَةَ يَتَحَدَّثُ.
فَقَالَتْ حَفْصَةُ: أَلاَ تَرْكَبِيْنَ اللَّيْلَةَ بَعِيْرِي، وَأَرْكَبُ بَعِيْرَكِ تَنْظُرِيْنَ وَأَنْظُرُ؟
فَقَالَتْ: بَلَى.
فَرَكِبَتْ، فَجَاءَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى جَمَلِ عَائِشَةَ وَعَلَيْهِ حَفْصَةُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهَا.
ثُمَّ سَارَ حَتَّى نَزَلُوا، وَافْتَقَدَتْهُ عَائِشَةُ، فَلَمَّا نَزَلُوا جَعَلَتْ رِجْلَيْهَا بَيْنَ الإِذْخِرِ، وَتَقُوْلُ:
يَا رَبِّ سَلِّطْ عَلَيَّ عَقْرَباً أَوْ حَيَّةً تَلْدَغُنِي، رَسُوْلُكَ وَلاَ أَسْتَطِيْعُ أَنْ أَقُوْلَ لَهُ شَيْئاً.
أَخْرَجَهُ: مُسْلِمٌ، عَنْ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، فَوَقَعَ لَنَا بَدَلاً عَالِياً.
زِيَادُ بنُ أَيُّوْبَ: حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بنُ سَلاَّمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سُوْقَةَ، عَنْ
عَاصِمِ بنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:انْتَهَيْنَا إِلَى عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فَذَكَرَ عَائِشَةَ، فَقَالَ:
خَلِيْلَةُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ.
وَمُصْعَبٌ: فَصَالِحٌ، لاَ بَأْسَ بِهِ، وَهَذَا يَقُوْلُهُ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ فِي حَقِّ عَائِشَةَ، مَعْ مَا وَقَعَ بَيْنَهُمَا - فَرَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - وَلاَ رَيْبَ أَنَّ عَائِشَةَ نَدِمَتْ نَدَامَةً كُلِّيَّةً عَلَى مَسِيْرِهَا إِلَى البَصْرَةِ، وَحُضُورِهَا يَوْمَ الجَمَلِ، وَمَا ظَنَّتْ أَنَّ الأَمْرَ يَبْلُغُ مَا بَلَغَ.
فَعَنْ عُمَارَةَ بنِ عُمَيْرٍ، عَمَّنْ سَمِعَ عَائِشَةَ إِذَا قَرَأَتْ: {وَقَرْنَ فِي بُيُوْتِكُنَّ} [الأَحْزَابُ: 33] بَكَتْ حَتَّى تَبُلَّ خِمَارَهَا.
قَالَ أَحْمَدُ فِي (مُسْنَدِهِ) : حَدَّثَنَا يَحْيَى القَطَّانُ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ، حَدَّثَنَا قَيْسٌ، قَالَ:
لَمَّا أَقْبَلَتْ عَائِشَةُ، فَلَمَّا بَلَغَتْ مِيَاهَ بَنِي عَامِرٍ لَيْلاً نَبَحَتِ الكِلاَبُ.
فَقَالَتْ: أَيُّ مَاءٍ هَذَا؟
قَالُوا: مَاءُ الحَوْأَبِ.
قَالَتْ: مَا أَظُنُّنِي إِلاَّ أَنَّنِي رَاجِعَةٌ.
قَالَ بَعْضُ مَنْ كَانَ مَعَهَا: بَلْ تَقْدَمِيْنَ، فَيَرَاكِ المُسْلِمُوْنَ، فَيُصْلِحُ اللهُ ذَاتَ بَيْنِهِمْ.
قَالَتْ: إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ: (كَيْفَ بِإِحْدَاكُنَّ تَنْبُحُ عَلَيْهَا كِلاَبُ الحَوْأَبِ) 02) .
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحُ الإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجُوْهُ.عَنْ صَالِحِ بنِ كَيْسَانَ، وَغَيْرِهِ:
أَنَّ عَائِشَةَ جَعَلَتْ تَقُوْلُ: إِنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ مَظْلُوْماً، وَأَنَا أَدْعُوْكُمْ إِلَى الطَّلَبِ بِدَمِهِ، وَإِعَادَةِ الأَمْرِ شُوْرَى.
هِلاَلُ بنُ خَبَّابٍ: عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
أَنَّهُ قَالَ لِلزُّبَيْرِ يَوْمَ الجَمَلِ: هَذِهِ عَائِشَةُ تُمَلِّكُ المُلْكَ لِقَرَابَتِهَا طَلْحَةَ، فَأَنْتَ عَلاَمَ تُقَاتِلُ قَرِيْبَكَ عَلِيّاً.
فَرَجَعَ الزُّبَيْرُ، فَلَقِيَهُ ابْنُ جُرْمُوْزٍ، فَقَتَلَهُ.
قُلْتُ: قَدْ سُقْتُ وَقْعَةَ الجَمَلِ مُلَخَّصَةً فِي مَنَاقِبِ عَلِيٍّ، وَإِنَّ عَلِيّاً وَقَفَ عَلَى خِبَاءِ عَائِشَةَ يَلُوْمُهَا عَلَى مَسِيْرِهَا.
فَقَالَتْ: يَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ، مَلَكْتَ فَأَسْجِحْ.
فَجَهَّزَهَا إِلَى المَدِيْنَةِ، وَأَعْطَاهَا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفاً، فَرَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَعَنْهَا.
وَفِي (صَحِيْحِ البُخَارِيِّ) : مِنْ طَرِيْقِ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ زِيَادٍ، عَنْ عَمَّارِ بنِ يَاسِرٍ:
سَمِعَهُ عَلَى المِنْبَرِ يَقُوْلُ: إِنَّهَا لَزَوْجَةُ نَبِيِّنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ - يَعْنِي عَائِشَةَ -.
وَفِي لَفْظِ ثَابِتٍ: أَشْهَدُ بِاللهِ إِنَّهَا لَزَوْجَتُهُ.
شُعْبَةُ: عَنِ الحَكَمِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ:
سَمِعَ عَمَّاراً يَقُوْلُ حِيْنَ بَعَثَهُ عَلِيٌّ إِلَى الكُوْفَةِ لِيَسْتَنْفِرَ النَّاسَ: إِنَّا لَنَعْلَمُ إِنَّهَا لَزَوْجَةُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَلَكِنَّ اللهَ ابْتَلاَكُمْ بِهَا، لِتَتَّبِعُوْهُ أَوْ إِيَّاهَا.
أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ: عَنْ عَمْرِو بنِ غَالِبٍ:أَنَّ رَجُلاً نَالَ مِنْ عَائِشَةَ عِنْدَ عَمَّارٍ، فَقَالَ: اغْرُبْ مَقْبُوْحاً، أَتُؤْذِي حَبِيْبَةَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟!
صَحَّحَهُ: التِّرْمِذِيُّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ.
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بنُ مَسْعَدَةَ، حَدَّثَنَا زِيَادُ بنُ الرَّبِيْعِ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ سَلَمَةَ المَخْزُوْمِيُّ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوْسَى، قَالَ:
مَا أَشْكَلَ عَلَيْنَا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدِيْثٌ قَطُّ، فَسَأَلْنَا عَائِشَةَ إِلاَّ وَجَدْنَا عِنْدَهَا مِنْهُ عِلْماً.
هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ غَرِيْبٌ.
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ المُبَارَكِ: حَدَّثَنَا زِيَادُ بنُ الرَّبِيْعِ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ أَبِي سَلَمَةَ المَخْزُوْمِيُّ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: مَا أَشْكَلَ عَلَيْنَا ... ، فَذَكَرَهُ.
فَأَمَّا زِيَادٌ: فَثِقَةٌ.
وَخَالِدٌ - صَوَابُهُ: ابْنُ سَلَمَةَ -: احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ.
بِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ بنِ خُثَيْمٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ ذَكْوَانَ أَبَا عَمْرٍو حَدَّثَهُ، قَالَ:
جَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- يَسْتَأْذِنُ عَلَى عَائِشَةَ وَهِيَ فِي المَوْتِ.
قَالَ: فَجِئْتُ، وَعِنْدَ رَأْسِهَا عَبْدُ اللهِ ابْنُ
أَخِيْهَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقُلْتُ:هَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ يَسْتَأْذِنُ.
قَالَتْ: دَعْنِي مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، لاَ حَاجَةَ لِي بِهِ، وَلاَ بِتَزْكِيَتِهِ.
فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: يَا أُمَّه! إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ مِنْ صَالِحِي بَنِيْكِ يُوَدِّعُكِ، وَيُسَلِّمُ عَلَيْكِ.
قَالَتْ: فَائْذَنْ لَهُ إِنْ شِئْتَ.
قَالَ: فَجَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَلَمَّا قَعَدَ، قَالَ:
أَبْشِرِي، فَوَاللهِ مَا بَيْنَكِ وَبَيْنَ أَنْ تُفَارِقِي كُلَّ نَصَبٍ وَتَلْقَيْ مُحَمَّداً -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالأَحِبَّةَ إِلاَّ أَنْ تُفَارِقَ رُوْحُكِ جَسَدَكِ.
قَالَتْ: إِيْهاً يَا ابْنَ عَبَّاسٍ.
قَالَ: كُنْتِ أَحَبَّ نِسَاءِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -يَعْنِي: إِلَيْهِ- وَلَمْ يَكُنْ يُحِبُّ إِلاَّ طَيِّباً، سَقَطَتْ قِلاَدَتُكِ لَيْلَةَ الأَبْوَاءِ، وَأَصْبَحَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِيَلْقُطَهَا، فَأَصْبَحَ النَّاسُ لَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَأَنْزَلَ اللهُ: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيْداً طَيِّباً } [النِّسَاءُ: 42] ، فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ سَبَبِكِ، وَمَا أَنْزَلَ اللهُ بِهَذِهِ الأُمَّةِ مِنَ الرُّخْصَةِ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ -تَعَالَى- بَرَاءتَكِ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ، فَأَصْبَحَ لَيْسَ مَسْجِدٌ مِنْ مَسَاجِدَ يُذْكَرُ فِيْهَا اللهُ إِلاَّ بَرَاءتُكِ تُتْلَى فِيْهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ.
قَالَتْ: دَعْنِي عَنْكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، فَوَاللهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ نَسْياً مَنْسِيّاً.
يَحْيَى القَطَّانُ: عَنْ عُمَرَ بنِ سَعِيْدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ:
أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ اسْتَأْذنَ عَلَى عَائِشَةَ وَهِيَ مَغْلُوْبَةٌ، فَقَالَتْ:
أَخْشَى أَنْ يُثْنِي عَلَيَّ.
فَقِيْلَ: ابْنُ عَمِّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمِنْ وُجُوْهِ المُسْلِمِيْنَ.
قَالَتْ: ائْذَنُوا لَهُ.
فَقَالَ: كَيْفَ تَجِدِيْنَكِ؟
فَقَالَتْ: بِخَيْرٍ إِنِ اتَّقَيْتُ.
قَالَ: فَأَنْتِ بِخَيْرٍ - إِنْ شَاءَ اللهُ -
زَوْجَةُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَمْ يَتَزَوَّجْ بِكْراً غَيْرَكِ، وَنَزَلَ عُذْرُكِ مِنَ السَّمَاءِ.فَلَمَّا جَاءَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، قَالَتْ لَهُ:
جَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَثْنَى عَلَيَّ، وَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ نَسْياً مَنْسِيّاً.
وَقَالَ القِاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ: اشْتَكَتْ عَائِشَةُ، فَجَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَقَالَ:
يَا أُمَّ المُؤْمِنِيْنَ، تَقْدَمِيْنَ عَلَى فَرَطِ صِدْقٍ، عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَلَى أَبِي بَكْرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -.
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الخَالِقِ بنُ عُلْوَانَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ قُدَامَةَ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ البَطِّيِّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ بِشْرَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ بنُ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي العَوَّامِ، حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَبُو مَسْعُوْدٍ الجَرَّارُ، عَنْ عَلِيِّ بنِ الأَقْمَرِ، قَالَ:
كَانَ مَسْرُوْقٌ إِذَا حَدَّثَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَ:
حَدَّثَتْنِي الصِّدِّيْقَةُ بِنْتُ الصِّدِّيْقِ، حَبِيْبَةُ حَبِيْبِ اللهِ، المُبَرَّأَةُ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ، فَلَمْ أَكْذِبْهَا.
الأَعْمَشُ: عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوْقٍ، قَالَ:
قُلْنَا لَهُ: هَلْ كَانَتْ
عَائِشَةُ تُحْسِنُ الفَرَائِضَ؟قَالَ: وَاللهِ لَقَدْ رَأَيْتُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الأَكَابِرَ يَسْأَلُوْنَهَا عَنِ الفَرَائِضِ.
أَنْبَأَنَا ابْنُ قُدَامَةَ، وَابْنُ عِلاَّنَ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا حَنْبَلٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الحُصَيْنِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ المُذْهَبِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُعَاوِيَةَ الزُّبَيْرِيُّ، قَدِمَ عَلَيْنَا مَكَّةَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، قَالَ:
كَانَ عُرْوَةُ يَقُوْلُ لِعَائِشَةَ: يَا أُمَّتَاهُ! لاَ أَعْجَبُ مِنْ فِقْهِكِ، أَقُوْلُ: زَوْجَةُ نَبِيِّ اللهِ، وَابْنَةُ أَبِي بَكْرٍ، وَلاَ أَعْجَبُ مِنْ عِلْمِكِ بِالشِّعْرِ وَأَيَّامِ النَّاسِ، أَقُوْلُ: ابْنَةُ أَبِي بَكْرٍ، وَكَانَ أَعْلَمَ النَّاسِ، وَلَكِنْ أَعْجَبُ مِنْ عِلْمِكِ بِالطِّبِّ [كَيْفَ هُوَ، وَمِنْ] أَيْنَ هُوَ، أَوْ مَا هُوَ؟!
قَالَ: فَضَرَبَتْ عَلَى مَنْكِبِهِ، وَقَالَتْ:
أَيْ عُرَيَّةُ، إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَسْقَمُ عِنْدَ آخِرِ عُمُرِهِ - أَوْ فِي آخِرِ عُمُرِهِ - وَكَانَتْ تَقْدَمُ عَلَيْهِ وُفُودُ العَرَبِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، فَتَنْعَتُ لَهُ الأَنْعَاتَ، وَكُنْتُ أُعَالِجُهَا لَهُ، فَمِنْ ثَمَّ.
قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ قَايْمَازَ: أَخْبَرَكُمْ مُحَمَّدُ بنُ قِوَامٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيْدٍ الرَّارَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ
جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ الفُرَاتِ، أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَعْلَمَ بِالطِّبِّ مِنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -.
فَقُلْتُ: يَا خَالَةُ، مِمَّنْ تَعَلَّمْتِ الطِّبَّ؟!
قَالَتْ: كُنْتُ أَسْمَعُ النَّاسَ يَنْعَتُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، فَأَحْفَظُهُ.
سَعِيْدُ بنُ سُلَيْمَانَ: عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
لَقَدْ صَحِبْتُ عَائِشَةَ، فَمَا رَأَيْتُ أَحَداً قَطُّ كَانَ أَعْلَمَ بِآيَةٍ أُنْزِلَتْ، وَلاَ بِفَرِيْضَةٍ، وَلاَ بِسُنَّةٍ، وَلاَ بِشِعْرٍ، وَلاَ أَرْوَى لَهُ، وَلاَ بِيَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ العَرَبِ، وَلاَ بِنَسَبٍ، وَلاَ بِكَذَا، وَلاَ بِكَذَا، وَلاَ بِقَضَاءٍ، وَلاَ طِبٍّ مِنْهَا.
فَقُلْتُ لَهَا: يَا خَالَةُ، الطِّبُّ مِنْ أَيْنَ عُلِّمْتِهِ؟!
فَقَالَتْ: كُنْتُ أَمْرَضُ، فَيُنْعَتُ لِيَ الشَّيْءُ، وَيَمْرَضُ المَرِيْضُ، فَيُنْعَتُ لَهُ، وَأَسْمَعُ النَّاسَ يَنْعَتُ بَعَضُهُمْ لِبَعْضٍ، فَأَحْفَظُهُ.
قَالَ عُرْوَةُ: فَلَقَدْ ذَهَبَ عَامَّةُ عِلْمِهَا لَمْ أَسْأَلْ عَنْهُ.
إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ الحِزَامِيُّ : حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ عُثْمَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنَا القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ:
أَنَّ مُعَاوِيَةَ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ، فَكَلَّمَهَا.
قَالَ: فَلمَّا قَامَ مُعَاوِيَةُ، اتَّكَأَ عَلَى يَدِ مَوْلاَهَا ذَكْوَانَ، فَقَالَ: وَاللهِ مَا سَمِعْتُ قَطُّ أَبْلَغَ مِنْ عَائِشَةَ، لَيْسَ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
عُمَرُ بنُ عُثْمَانَ التَّيْمِيُّ: لَيْسَ بِالثَّبْتِ.
الزُّهْرِيُّ: مِنْ رِوَايَةِ مَعْمَرٍ وَالأَوْزَاعِيِّ عَنْهُ، وَهَذَا لَفْظُ الأَوْزَاعِيِّ عَنْهُ، قَالَ:
أَخْبَرَنِي عَوْفُ بنُ الطُّفَيْلِ بنِ الحَارِثِ الأَزْدِيُّ، وَهُوَ ابْنُ أَخِي عَائِشَةَ
لأُمِّهَا:أَنَّ عَائِشَةَ بَلَغَهَا أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ الزُّبَيْرِ كَانَ فِي دَارٍ لَهَا بَاعَتْهَا، فَتَسَخَّطَ عَبْدُ اللهِ بَيْعَ تِلْكَ الدَّارِ، فَقَالَ:
أَمَا -وَاللهِ- لَتَنْتَهِيَنَّ عَائِشَةُ عَنْ بَيْعِ رِبَاعِهَا، أَوْ لأَحْجُرَنَّ عَلَيْهَا.
قَالَتْ عَائِشَةُ: أَوَ قَالَ ذَلِكَ؟
قَالُوا: قَدْ كَانَ ذَلِكَ.
قَالَتْ: للهِ عَلَيَّ أَلاَ أُكَلِّمَهُ، حَتَّى يُفَرِّقَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ المَوْتُ.
فَطَالَتْ هِجْرَتُهَا إِيَّاهُ، فَنَقَصَهُ اللهُ بِذَلِكَ فِي أَمْرِهِ كُلِّهِ، فَاسْتَشْفَعَ بِكُلِّ أَحَدٍ يَرَى أَنَّهُ يَثْقُلُ عَلَيْهَا، فَأَبَتْ أَنْ تُكَلِّمَهُ.
فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ، كَلَّمَ المِسْوَرَ بنَ مَخْرَمَةَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ الأَسْوَدِ بنِ عَبْدِ يَغُوْثَ أَنْ يَشْمَلاَهُ بِأَرْدِيَتِهِمَا، ثُمَّ يَسْتَأْذِنَا، فَإِذَا أَذِنَتْ لَهُمَا، قَالاَ: كُلُّنَا؟
حَتَّى يُدْخِلاَهُ عَلَى عَائِشَةَ، فَفَعَلاَ ذَلِكَ.
فَقَالَتْ: نَعَمْ، كُلُّكُمْ فَلْيَدْخُلْ، وَلاَ تَشْعُرُ.
فَدَخَلَ مَعَهُمَا ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَكشَفَ السِّتْرَ، فَاعْتَنَقَهَا، وَبَكَى، وَبَكَتْ عَائِشَةُ بُكَاءً كَثِيْراً، وَنَاشَدَهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ اللهَ وَالرَّحِمَ، وَنَشَدَهَا مِسْوَرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بِاللهِ وَالرَّحِمِ، وَذَكَرَا لَهَا قَوْلَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثٍ) .
فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَيْهَا، كَلَّمَتْهُ، بَعْدَ مَا خَشِيَ أَلاَّ تُكَلِّمَهُ، ثُمَّ بَعَثَتْ إِلَى اليَمَنِ بِمَالٍ، فَابْتِيْعَ لَهَا أَرْبَعُوْنَ رَقَبَةً، فَأَعْتَقَتْهَا.
قَالَ عَوْفٌ: ثُمَّ سَمِعْتُهَا بَعْدُ تَذْكُرُ نَذْرَهَا ذَلِكَ، فَتَبْكِي، حَتَّى تَبُلَّ خِمَارَهَا.
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: كَذَا قَالَ.وَالصَّوَابُ عِنْدِي: عَوْفُ بنُ الحَارِثِ بنِ الطُّفَيْلِ بنِ سَخْبَرَةَ.
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ: صَالِحُ بنُ كَيْسَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَتَابَعَهُ: مَعْمَرٌ.
قَالَ عَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ: كَانَتْ عَائِشَةُ أَفْقَهَ النَّاسِ، وَأَحْسَنَ النَّاسِ رَأْياً فِي العَامَّةِ.
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: لَوْ جُمِعَ عِلْمُ عَائِشَةَ إِلَى عِلْمِ جَمِيْعِ النِّسَاءِ، لَكَانَ عِلْمُ عَائِشَةَ أَفْضَلَ.
قَالَ حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ:
قَالَ مَسْرُوْقٌ: لَوْلاَ بَعْضُ الأَمْرِ، لأَقَمْتُ المَنَاحَةَ عَلَى أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ -يَعْنِي: عَائِشَةَ -.
وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عُبَيْدِ بنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: أَمَا إِنَّهُ لاَ يَحْزَنُ عَلَيْهَا إِلاَّ مَنْ كَانَتْ أُمَّهُ.
القَاسِمُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ أَيْمَنَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ جَدِّهِ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
فَخَرْتُ بِمَالِ أَبِي فِي الجَاهِلِيَّةِ - وَكَانَ أَلْفَ
أَلْفِ أُوْقِيَّةٍ -.فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يَا عَائِشَةُ، كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لأُمِّ زَرْعٍ ) .
هكَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ: أَلْفَ أَلْفِ أُوْقِيَّةٍ.
وَإِسْنَادُهَا فِيْهِ لِيْنٌ، وَأَعْتَقِدُ لَفْظَةَ: (أَلْفَ) الوَاحِدَةَ بَاطِلَةٌ، فَإِنَّهُ يَكُوْنُ: أَرْبَعِيْنَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَفِي ذَلِكَ مَفْخَرٌ لِرَجُلٍ تَاجِرٍ، وَقَدْ أَنْفَقَ مَالَهُ فِي ذَاتِ اللهِ.
وَلَمَّا هَاجَرَ كَانَ قَدْ بَقِي مَعَهُ سِتَّةُ آلاَفِ دِرْهَمٍ، فَأَخَذَهَا صُحْبَتَهُ، أَمَّا أَلْفُ أَلْفِ أُوْقِيَّةٍ، فَلاَ تَجْتَمِعُ إِلاَّ لِسُلْطَانٍ كَبِيْرٍ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: عَنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ:
إِنَّ مُعَاوِيَةَ لَمَّا حَجَّ قَدِمَ، فَدَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ، فَلَمْ يَشْهَدْ كَلاَمَهَا إِلاَّ ذَكْوَانُ مَوْلَى عَائِشَةَ.
فَقَالَتْ لِمُعَاوِيَةَ: أَمِنْتَ أَنْ أَخْبَأَ لَكَ رَجُلاً يَقْتُلُكَ بِأَخِي مُحَمَّدٍ؟
قَالَ: صَدَقْتِ، - وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى، قَالَ لَهَا: مَا كُنْتِ لِتَفْعَلِي -.
ثُمَّ إِنَّهَا وَعَظَتْهُ، وَحَضَّتْهُ عَلَى الاتِّبَاعِ.
وَقَالَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ التَّنُوْخِيُّ: قَضَى مُعَاوِيَةُ عَنْ عَائِشَةَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفَ دِيْنَارٍ.
هَذِهِ رِوَايَةٌ مُنْقَطِعَةٌ.
وَالصَّحِيْحُ: رِوَايَةُ عُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ: أَنَّ مُعَاوِيَةَ
بَعَثَ مَرَّةً إِلَى عَائِشَةَ بِمائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَوَاللهِ مَا أَمْسَتْ حَتَّى فَرَّقَتْهَا.فَقَالَتْ لَهَا مَوْلاَتُهَا: لَوْ اشْتَرَيْتِ لَنَا مِنْهَا بِدِرْهَمٍ لَحْماً؟
فَقَالَتْ: أَلاَ قُلْتِ لِي ؟
يَحْيَى بنُ أَبِي زَائِدَةَ: عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ عَطَاءٍ:
أَنَّ مُعَاوِيَةَ بَعَثَ إِلَى عَائِشَةَ بِقِلاَدَةٍ بِمائَةِ أَلْفٍ، فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ.
الأَعْمَشُ: عَنْ تَمِيْمِ بنِ سَلَمَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّهَا تَصَدَّقَتْ بِسَبْعِيْنَ أَلْفاً؛ وَإِنَّهَا لَتَرْقَعُ جَانِبَ دِرْعَهَا - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -.
أَبُو مُعَاوِيَةَ: عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ ابْنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ أُمِّ ذَرَّةَ، قَالَتْ:
بَعَثَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى عَائِشَةَ بِمَالٍ فِي غِرَارَتَيْنِ، يَكُوْنُ مائَةَ أَلْفٍ، فَدَعَتْ بِطَبَقٍ، فَجَعَلَتْ تَقْسِمُ فِي النَّاسِ.
فَلَمَّا أَمْسَتْ، قَالَتْ: هَاتِي يَا جَارِيَةُ فُطُوْرِي.
فَقَالَتْ أُمُّ ذَرَّةَ: يَا أُمَّ المُؤْمِنِيْنَ، أَمَا اسْتَطَعْتِ أَنْ تَشْتَرِي لَنَا لَحْماً بِدِرْهَمٍ؟
قَالَتْ: لاَ تُعَنِّفِيْنِي، لَوْ أَذْكَرْتِيْنِي لَفَعَلْتُ.
مُطَرِّفُ بنُ طَرِيْفٍ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُصْعَبِ بنِ سَعْدٍ، قَالَ:
فَرَضَ عُمَرُ لأُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ عَشْرَةَ آلاَفٍ، عَشْرَةَ آلاَفٍ، وَزَادَ عَائِشَةَ أَلْفَيْنِ، وَقَالَ: إِنَّهَا حَبِيْبَةُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
شُعْبَةُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ القَاسِمِ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَصُوْمُ الدَّهْرَ.
ابْنُ جُرَيْجٍ: عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ:كُنْتُ آتِي عَائِشَةَ أَنَا وَعُبَيْدُ بنُ عُمَيْرٍ، وَهِيَ مُجَاوِرَةٌ فِي جَوْفِ ثَبِيْرٍ فِي قُبَّةٍ لَهَا تُرْكِيَّةٍ، عَلَيْهَا غِشَاؤُهَا، وَقَدْ رَأَيْتُ عَلَيْهَا - وَأَنَا صَبِيٌّ - دِرْعاً مُعَصْفَراً.
وَرَوَى: سُلَيْمَانُ بنُ بِلاَلٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ أَبِي عَمْرٍو، سَمِعَ القَاسِمَ يَقُوْلُ:
كَانَتْ عَائِشَةُ تَلْبَسُ الأَحْمَرَيْنِ: الذَّهَبَ وَالمُعَصْفَرَ، وَهِيَ مُحْرِمَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: رَأَيْتُ عَلَيْهَا دِرْعاً مُضَرَّجاً.
وَقَالَ مُعَلَّى بنُ أَسَدٍ: حَدَّثَنَا المُعَلَّى بنُ زِيَادٍ، قَالَ:
حَدَّثَتْنَا بَكْرَةُ بِنْتُ عُقْبَةَ: أَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى عَائِشَةَ وَهِيَ جَالِسَةٌ فِي مُعَصْفَرَةٍ، فَسَأَلَتْهَا عَنِ الحِنَّاءِ؟
فَقَالَتْ: شَجَرَةٌ طَيِّبَةٌ، وَمَاءٌ طَهُوْرٌ.
وَسَأَلَتْهَا عَنِ الحِفَافِ؟
فَقَالَتْ لَهَا: إِنْ كَانَ لَكِ زَوْجٌ، فَاسْتَطَعْتِ أَنْ تَنْزِعِي مُقْلَتَيْكِ، فَتَصْنَعِيْنَهُمَا أَحْسَنَ مِمَّا هُمَا، فَافْعَلِي.
المُعَلَّيَانِ: ثِقَتَانِ.وَعَنْ مُعَاذَةَ العَدَوِيَّةِ، قَالَتْ: رَأَيْتُ عَلَى عَائِشَةَ مِلْحَفَةً صَفْرَاءَ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
رُبَّمَا رَوَتْ عَائِشَةُ القَصِيْدَةَ سِتِّيْنَ بَيْتاً وَأَكْثَرَ.
مِسْعَرٌ: عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ، قَالَ:
قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا لَيْتَنِي كُنْتُ وَرَقَةً مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ !
ابْنُ عُلَيَّةَ: عَنْ أَيُّوْبَ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ:
قَالَتْ عَائِشَةُ: تُوُفِّيَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَيْتِي، وَفِي يَوْمِي وَلَيْلَتِي، وَبَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي.
وَدَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي بَكْرٍ، وَمَعَهُ سِوَاكٌ رَطْبٌ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ يُرِيْدُهُ، فَأَخَذْتُهُ، فَمَضَغْتُهُ، وَنَفَضْتُهُ، وَطَيَّبْتُهُ، ثُمَّ دَفَعْتُهُ إِلَيْهِ، فَاسْتَنَّ بِهِ كَأَحْسَن مَا رَأَيْتُهُ مُسْتَنّاً قَطُّ.
ثُمَّ ذَهَبَ يَرْفَعُهُ إِلَيَّ، فَسَقَطَتْ يَدُهُ، فَأَخَذْتُ أَدْعُو لَهُ بِدُعَاءٍ كَانَ يَدْعُو بِهِ لَهُ جِبْرِيْلُ، وَكَانَ هُوَ يَدْعُو بِهِ إِذَا مَرِضَ، فَلَمْ يَدْعُ بِهِ فِي مَرَضِهِ ذَاكَ.
فَرَفَعَ بَصَرهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَقَالَ: (الرَّفِيْقَ الأَعْلَى) ، وَفَاضَتْ نَفْسُهُ.
فَالحَمْدُ للهِ الَّذِي جَمَعَ بَيْنَ رِيْقِي وَرِيْقِهِ فِي آخرِ يَوْمٍ مِنَ الدُّنْيَا.
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ.عُمَرُ بنُ سَعِيْدِ بنِ أَبِي حُسَيْنٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، حَدَّثَنِي أَبُو عَمْرٍو ذَكْوَانُ مَوْلَى عَائِشَةَ، قَالَ:
قَدِمَ دُرْجٌ مِنَ العِرَاقِ، فِيْهِ جَوْهَرٌ إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ لأَصْحَابِهِ: تَدْرُوْنَ مَا ثَمَنُهُ؟
قَالُوا: لاَ.
وَلَمْ يَدْرُوا كَيْفَ يَقْسِمُوْنَهُ، فَقَالَ: أَتَأْذَنُوْنَ أَنْ أُرْسِلَ بِهِ إِلَى عَائِشَةَ، لِحُبِّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِيَّاهَا؟
قَالُوا: نَعَمْ.
فَبَعَثَ بِهِ إِلَيْهَا، فَقَالَتْ: مَاذَا فُتِحَ عَلَى ابْنِ الخَطَّابِ بَعْدَ رَسُوْلِ اللهِ؟ اللَّهُمَّ لاَ تُبْقِنِي لِعَطِيَّتِهِ لِقَابِلٍ.
هَذَا مُرْسَلٌ.
وَأَخْرَجَ: الحَاكِمُ فِي (مُسْتَدْرَكِهِ) ، مِنْ طَرِيْقِ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ الأُمَوِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو العَنْبَسِ سَعِيْدُ بنُ كَثِيْرٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
حَدَّثَتْنَا عَائِشَةُ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَكَرَ فَاطِمَةَ.
قَالَتْ: فَتَكَلَّمْتُ أَنَا.
فَقَالَ: (أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُوْنِي زَوْجَتِي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ؟) .
قُلْتُ: بَلَى وَاللهِ.
قَالَ: (فَأَنْتِ زَوْجَتِي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ) .
إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الضَّحَّاكِ:
أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ صَفْوَانَ أَتَى عَائِشَةَ، فَقَالَتْ:
لِي خِلاَلٌ تِسْعٌ، لَمْ تَكُنْ لأَحَدٍ، إِلاَّ مَا آتَى اللهُ مَرْيَمَ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - وَاللهِ مَا أَقُوْلُ هَذَا فَخْراً عَلَى صَوَاحِبَاتِي.
فَقَالَ ابْنُ صَفْوَانَ: وَمَا هُنَّ؟قَالَتْ: جَاءَ المَلَكُ بِصُوْرَتِي إِلَى رَسُوْلِ اللهِ، فَتَزَوَّجَنِي، وَتَزَّوَجَنِي بِكْراً؛ وَكَانَ يَأْتِيْهِ الوَحْيُ وَأَنَا وَهُوَ فِي لِحَافٍ؛ وَكُنْتُ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيْهِ؛ وَنَزَلَ فِيَّ آيَاتٌ كَادَتِ الأُمَّةُ تَهْلِكُ فِيْهَا؛ وَرَأَيْتُ جِبْرِيْلَ، وَلَمْ يَرَهُ أَحَدٌ مِنْ نِسَائِهِ غَيْرِي، وَقُبِضَ فِي بَيْتِي، لَمْ يَلِهِ أَحَدٌ - غَيْرُ المَلَكِ - إِلاَّ أَنَا.
صَحَّحَهُ: الحَاكِمُ.
العَوَّامُ بنُ حَوْشَبٍ: عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {إِنَّ الَّذِيْن يَرْمُوْنَ المُحْصَنَاتِ ... } الآيَةَ، [النُّوْرُ: 23] قَالَ: نَزَلَتْ فِي عَائِشَةَ خَاصَّةً.
عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ - وَفِيْهِ لِيْنٌ -: حَدَّثَنَا خَالِدٌ الحَذَّاءُ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، عَنِ الأَحْنَفِ، قَالَ:
سَمِعْتُ خُطبَةَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ وَالخُلَفَاءِ بَعْدَهُمْ، فَمَا سَمِعْتُ الكَلاَمَ مِنْ فَمِ مَخْلُوْقٍ أَفْخَمَ وَلاَ أَحْسَنَ مِنْهُ مِنْ فِيِّ عَائِشَةَ.
وَقَالَ مُوْسَى بنُ طَلْحَةَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَفْصَحَ مِنْ عَائِشَةَ.
وَفِي (المُسْتَدْرَكِ) بِإِسْنَادٍ صَالِحٍ، عَنِ أُمِّ سَلَمَةَ:
أَنَّهَا لَمَّا سَمِعَتِ الصَّرْخَةَ عَلَى عَائِشَةَ، قَالَتْ: وَاللهِ لَقَدْ كَانَتْ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلاَّ أَبَاهَا.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بنِ أَبِي عَتِيْقٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:رَأَيْتُ لَيْلَةَ مَاتَتْ عَائِشَةُ حُمِلَ مَعَهَا جَرِيْدٌ بِالخِرَقِ وَالزَّيْتِ، وَأُوْقِدَ، وَرَأَيْتُ النِّسَاءَ بِالبَقِيْعِ، كَأَنَّهُ عِيْدٌ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ:
شَهِدْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ صَلَّى عَلَى عَائِشَةَ بِالبَقِيْعِ، وَكَانَ خَلِيْفَةَ مَرْوَانَ عَلَى المَدِيْنَةِ، وَقَدِ اعْتَمَرَ تِلْكَ الأَيَّامَ.
قَالَ عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ: دُفِنَتْ عَائِشَةُ لَيْلاً.
قَالَ هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَشَبَابٌ، وَغَيْرُهُمْ: تُوُفِّيَتْ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بنُ المُثَنَّى، وَالوَاقِدِيُّ، وَغَيْرُهُمَا: سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ مُوْسَى بنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ سَالِمِ سَبَلاَنَ:
أَنَّهَا مَاتَتْ فِي اللَّيْلَةِ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ بَعْدَ الوِتْرِ، فَأَمَرَتْ أَنْ تُدْفَنَ مِنْ لَيْلَتِهَا.
فَاجْتَمَعَ الأَنْصَارُ، وَحَضَرُوا، فَلَمْ يُرَ لَيْلَةٌ أَكْثَرَ
نَاساً مِنْهَا، نَزَلَ أَهْلُ العَوَالِي، فَدُفِنَتْ بِالبَقِيْعِ.إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ: عَنْ قَيْسٍ، قَالَ:
قَالَتْ عَائِشَةُ - وَكَانَتْ تُحَدِّثُ نَفْسَهَا أَنْ تُدْفَنَ فِي بَيْتِهَا - فَقَالَتْ:
إِنِّي أَحْدَثْتُ بَعْدَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدَثاً، ادْفِنُوْنِي مَعَ أَزْوَاجِهِ.
فَدُفِنَتْ بِالبَقِيْعِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -.
قُلْتُ: تَعْنِي بِالحَدَثِ : مَسِيْرَهَا يَوْمَ الجَمَلِ، فَإِنَّهَا نَدِمَتْ نَدَامَةً كُلِّيَّةً، وَتَابَتْ مِنْ ذَلِكَ، عَلَى أَنَّهَا مَا فَعَلَتْ ذَلِكَ إِلاَّ مُتَأَوِّلَةً، قَاصِدَةً لِلْخَيْرِ، كَمَا اجْتَهَدَ طَلْحَةُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ، وَالزُّبَيْرُ بنُ العَوَّامِ، وَجَمَاعَةٌ مِنَ الكِبَارِ - رَضِيَ اللهُ عَنِ الجَمِيْعِ -.
رَوَى: إِسْمَاعِيْلُ بنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ بنِ العَلاَءِ المَازِنِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَتِيْقٍ، قَالَ:
قَالَتْ عَائِشَةُ: إِذَا مَرَّ ابْنُ عُمَرَ، فَأَرُوْنِيْهِ.
فَلَمَّا مَرَّ بِهَا، قِيْلَ لَهَا: هَذَا ابْنُ عُمَرَ.
فَقَالَتْ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَا مَنَعَكَ أَنْ تَنْهَانِي عَنْ مَسِيْرِي؟
قَالَ: رَأَيْتُ رَجُلاً قَدْ غَلَبَ عَلَيْكِ -يَعْنِي: ابْنَ الزُّبَيْرِ -.
وَقَدْ قِيْلَ: إِنَّهَا مَدْفُوْنَةٌ بِغَرْبِيِّ جَامِعِ دِمَشْقَ.
وَهَذَا غَلَطٌ فَاحِشٌ، لَمْ تَقْدَمْ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - إِلَى دِمَشْقَ أَصْلاً، وَإِنَّمَا هِيَ مَدْفُوْنَةٌ بِالبَقِيْعِ.
وَمُدَّةُ عُمُرِهَا: ثَلاَثٌ وَسِتُّوْنَ سَنَةً، وَأَشْهُرٌ.
ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ عَالِي حَدِيْثِهَا:
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ الأَبَرْقُوْهِيُّ غَيْرَ مَرَّةٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ
بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ أَبِي حَامِدٍ الدِّيْنَوَرِيُّ سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَنَا عَمِّي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَامِدٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بنُ الحَسَنِ العَاصِمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ المَحَامِلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُوْسَى مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ:أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا جَاءَ إِلَى مَكَّةَ، دَخَلَهَا مِنْ أَعْلاَهَا، وَخَرَجَ مِنْ أَسْفَلِهَا.
أَخْرَجَهُ: الأَئِمَةُ السِّتَّةُ، سِوَى ابْنِ مَاجَه، عَنِ ابْنِ مُثَنَّى، فَوَافَقْنَاهُمْ بِعُلُوٍّ، وَللهِ الحَمْدُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ هبَةِ اللهِ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ الهَرَوِيُّ، أَخْبَرَنَا تَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعْدٍ الجُرْجَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوْذِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ بَكَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ، عَنْ سَعِيْدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يَا عَائِشَةُ، لَوْ شِئْتُ لَسَارَتْ مَعِي جِبَالُ الذَّهَبِ، جَاءنِي مَلَكٌ، إِنَّ حُجْزَتَهُ لَتُسَاوِي الكَعْبَةَ،
فَقَالَ:إِنَّ رَبَّكَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلاَمَ، وَيَقُوْلُ لَكَ: إِنْ شِئْتَ نَبِيّاً عَبْداً، وَإِنْ شِئْتَ نَبِيّاً مَلِكاً؟
فَنَظَرْتُ إِلَى جِبْرِيْلَ، فَأَشَارَ إِلَيَّ: أَنْ ضَعْ نَفْسَكَ.
فَقُلْتُ: نَبِيّاً عَبْداً) .
فَكَانَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْدَ ذَلِكَ لاَ يَأْكُلُ مُتَّكِئاً، يَقُوْلُ: (آكُلُ كَمَا يَأْكُلُ العَبْدُ، وَأَجْلِسُ كَمَا يَجْلِسُ العَبْدُ ) .
هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ غَرِيْبٌ.
وَلاَ يُمْكِنُ أَنْ يَقَعَ لَنَا حَدِيْثُ أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ أَقْرَبَ إِسْنَاداً مِنْ هَذَا.
قَرَأْتُ عَلَى ابْنِ عَسَاكِرَ، عَنْ أَبِي رَوْحٍ، أَخْبَرَنَا تَمِيْمٌ، حَدَّثَنَا أَبُو سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ حَمْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ إِسْمَاعِيْلُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلِيِّ بنِ هَاشِمٍ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ بَكْرِ بنِ وَائِلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
مَا ضَرَبَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- امْرَأَةً قَطُّ، وَلاَ ضَرَبَ خَادِماً لَهُ قَطُّ، وَلاَ ضَرَبَ بِيَدِهِ شَيْئاً، إِلاَّ أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيْلِ اللهِ، وَمَا نِيْلَ مِنْهُ شَيْءٌ فَانْتَقَمَهُ مِنْ صَاحِبِهِ، إِلاَّ أَنْ تُنْتَهَكَ مَحَارِمُ اللهِ، فَيَنْتَقِمُ.
أَخْرَجَهُ: النَّسَائِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ القَاضِي، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ.فَوَقَعَ لَنَا بَدَلاً عَالِياً.
يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ: حَدَّثَنَا أَبُو يُوْنُسَ حَاتِمُ بنُ أَبِي صَغِيْرَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -:
أَنَّهَا قَتَلَتْ جَانّاً، فَأُتِيَتْ فِي مَنَامِهَا: وَاللهِ لَقَدْ قَتَلْتِ مُسْلِماً.
قَالَتْ: لَوْ كَانَ مُسْلِماً، لَمْ يَدْخُلْ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فَقِيْلَ: أَوَكَانَ يَدْخُلُ عَلَيْكِ إِلاَّ وَعَلَيْكِ ثِيَابُكِ؟
فَأَصْبَحَتْ فَزِعَةً، فَأَمَرَتْ بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَجَعَلَتْهَا فِي سَبِيْلِ اللهِ.
عَفِيْفُ بنُ سَالِمٍ: عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ المُؤَمَّلِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، قَالَتْ:
كَانَ جَانٌّ يَطْلُعُ عَلَى عَائِشَةَ، فَحَرَّجَتْ عَلَيْهِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ بَعْدَ مَرَّةٍ، فَأَبَى إِلاَّ أَنْ يَظْهَرَ، فَعَدَتْ عَلَيْهِ بِحَدِيْدَةٍ، فَقَتَلَتْهُ.
فَأُتِيَتْ فِي مَنَامِهَا، فَقِيْلَ لَهَا: أَقَتَلْتِ فُلاَناً، وَقَدْ شَهِدَ بَدْراً، وَكَانَ لاَ يَطْلُعُ عَلَيْكِ، لاَ حَاسِراً وَلاَ مُتَجَرِّدَةً، إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ يَسْمَعُ حَدِيْثَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟
فَأَخَذَهَا مَا تَقَدَّمَ وَمَا تَأَخَّرَ؛ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لأَبِيْهَا.
فَقَالَ: تَصَدَّقِي بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفاً دِيَتَهُ.
رَوَاهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، عَنْ عَفِيْفٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ.وَابْنُ المُؤَمَّلِ: فِيْهِ ضَعْفٌ.
وَالإِسْنَادُ الأَوَّلُ أَصَحُّ، وَمَا أَعْلَمُ أَحَداً اليَوْمَ يَقُوْلُ بِوُجُوْبِ دِيَةٍ فِي مِثْلِ هَذَا.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: عَنْ مُصْعَبِ بنِ سَعْدٍ، قَالَ:
فَرَضَ عُمَرُ لأُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ عَشْرَةَ آلاَفٍ، وَزَادَ عَائِشَةَ أَلْفَيْنِ، وَقَالَ:
إِنَّهَا حَبِيْبَةُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
عَنِ الشَّعْبِيِّ: أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: رَوَيْتُ لِلَبِيْدٍ نَحْواً مِنْ أَلْفِ بَيْتٍ، وَكَانَ الشَّعْبِيُّ يَذْكُرُهَا، فَيَتَعَجَّبُ مِنْ فِقْهِهَا وَعِلْمِهَا، ثُمَّ يَقُوْلُ: مَا ظَنُّكُمْ بِأَدَبِ النُّبُوَةِ.
وَعَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
قِيْلَ لِعَائِشَةَ: يَا أُمَّ المُؤْمِنِيْنَ! هَذَا القُرْآنُ تَلَقَّيْتِهِ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَذَلِكَ الحَلاَلُ وَالحَرَامُ؛ وَهَذَا الشِّعْرُ وَالنَّسَبُ وَالأَخْبَارُ سَمِعْتِهَا مِنْ أَبِيْكِ وَغَيْرِهِ؛ فَمَا بِالُ الطِّبِّ؟
قَالَتْ: كَانَتِ الوُفُوْدُ تَأْتِي رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلاَ يَزَالُ الرَّجُلُ يَشْكُو عِلَّةً، فَيَسْأَلُهُ عَنْ دَوَائِهَا، فَيُخْبِرُهُ بِذَلِكَ، فَحَفِظْتُ مَا كَانَ يَصِفُهُ لَهُم، وَفَهِمْتُهُ.
هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ: عَنْ أَبِيْهِ: أَنَّهَا أَنْشَدَتْ بَيْتَ لَبِيْدٍ:
ذَهَبَ الَّذِيْنَ يُعَاشُ فِي أَكْنَافِهِمْ ... وَبَقِيْتُ فِي خَلْفٍ كَجِلْدِ الأَجْرَبِ
فَقَالَتْ: رَحِمَ اللهُ لَبِيْداً، فَكَيْفَ لَوْ رَأَى زَمَانَنَا هَذَا!قَالَ عُرْوَةُ: رَحِمَ اللهُ أُمَّ المُؤْمِنِيْنَ؟ فَكَيْفَ لَوْ أَدْرَكَتْ زَمَانَنَا هَذَا.
قَالَ هِشَامٌ: رَحِمَ اللهُ أَبِي، فَكَيْفَ لَوْ رَأَى زَمَانَنَا هَذَا!
قَالَ كَاتِبُهُ: سَمِعْنَاهُ مُسَلْسَلاً بِهَذَا القَوْلِ بِإِسْنَادٍ مُقَارِبٍ.
مُحَمَّدُ بنُ وَضَّاحٍ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيْعٌ، عَنْ عِصَامِ بنِ قُدَامَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَيَّتُكُنَّ صَاحِبَةُ الجَمَلِ الأَدْبَبِ، يُقْتَلُ حَوْلَهَا قَتْلَى كَثِيْرٌ، وَتَنْجُو بَعْدَ مَا كَادَتْ) .
قَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: هَذَا الحَدِيْثُ مِنْ أَعْلاَمِ النُّبُوَّةِ.
وَعِصَامٌ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو حَسَّانٍ الزِّيَادِيُّ: عَنْ أَبِي عَاصِمٍ العَبَادَانِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ، قَالَ:
بَاعَتْ عَائِشَةُ دَاراً لَهَا بِمائَةِ أَلْفٍ، ثُم قَسَمَتِ الثَّمَنَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ الزُّبَيْرِ؟
فَقَالَ:
قَسَمْتِ مائَةَ أَلْفٍ! وَاللهِ لَتَنْتَهِيَنَّ عَنْ بَيْعِ رِبَاعِهَا، أَوْ لأَحْجُرَنَّ عَلَيْهَا.
فَقَالَتْ: أَهُوَ يَحْجُرُ عَلَيَّ؟ للهِ عَلَيَّ نَذْرٌ إِنْ كَلَّمْتُهُ أَبَداً.
فَضَاقَتْ بِهِ الدُّنْيَا حَتَّى كَلَّمَتْهُ! فَأَعْتَقَتْ مائَةَ رَقَبَةٍ.
قُلْتُ: كَانَتْ أُمُّ المُؤْمِنِيْنَ مِنْ أَكْرَمِ أَهْلِ زَمَانِهَا؛ وَلَهَا فِي السَّخَاءِ أَخْبَارٌ، وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِخِلاَفِ ذَلِكَ.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، عَنْ عَوْفِ بنِ الحَارِثِ، عَنْ رُمَيْثَةَ، عَنِ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ:كَلَّمَنِي صَوَاحِبِي أَنْ أُكَلِّمَ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَأْمُرَ النَّاسَ، فَيُهْدُوْنَ لَهُ حَيْثُ كَانَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ؛ وَإِنَا نُحِبُّ الخَيْرَ.
فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، إِنَّ صَوَاحِبِي كَلَّمْنَنِي - وَذَكَرَتُ لَهُ -.
فَسَكَتَ، فَلَمْ يُرَاجِعْنِي، فَكَلَّمْتُهُ فِيْمَا بَعْدُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثاً؛ كُلُّ ذَلِكَ يَسْكُتُ، ثُمَّ قَالَ: (لاَ تُؤْذِيْنِي فِي عَائِشَةَ، فَإِنِّي -وَاللهِ- مَا نَزَلَ الوَحْيُ عَلَيَّ، وَأَنَا فِي ثَوْبِ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِي غَيْرِ عَائِشَةَ) .
قُلْتُ: أَعُوْذُ بِاللهِ أَنْ أَسُوْءكَ فِي عَائِشَةَ.
أَخْرَجَهُ: النَّسَائِيُّ.
يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأُمَوِيُّ: حَدَّثَنِي أَبُو العَنْبَسِ سَعِيْدُ بنُ كَثِيْرٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
حَدَّثَتْنَا عَائِشَةُ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَكَرَ فَاطِمَةَ، فَتَكَلَّمْتُ أَنَا.
فَقَالَ: (أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُوْنِي زَوْجَتِي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ؟) .
قُلْتُ: بَلَى وَاللهِ.
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: لَوْ جُمِعَ عِلْمُ النَّاسِ كُلِّهِمْ، وَأُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ، لَكَانَتْ عَائِشَةُ أَوْسَعُهُمْ عِلْماً.
ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ مُوْسَى الجُهَنِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ حَفْصٍ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ أَبَوَيْهَا قَالاَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنَّا نُحِبُّ أَنْ تَدْعُوَ لِعَائِشَةَ وَنَحْنُ نَسْمَعُ.
فَقَالَ: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَائِشَةَ مَغْفِرَةً وَاجِبَةً، ظَاهِرَةً، بَاطِنَةً) .
فَعَجِبَ أَبَوَاهَا لِحُسْنِ دُعَائِهِ
لَهَا.فَقَالَ: (أَتَعْجَبَانِ؟ هَذِهِ دَعْوَتِي لِمَنْ شَهِدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهَ، وَأَنِّي رَسُوْلُ اللهِ) .
أَخْرَجَهُ: الحَاكِمُ.
الأَعْمَشُ: عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوْقٍ:
قَالَتْ لِي عَائِشَةُ: رَأَيْتُنِي عَلَى تَلٍّ، وَحَوْلِي بَقَرٌ تُنْحَرُ.
قُلْتُ: لَئِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكِ، لَتَكُوْنَنَّ حَوْلَكِ مَلْحَمَةٌ.
قَالَتْ: أَعُوْذُ بِاللهِ مِنْ شَرِّكَ، بِئْسَ مَا قُلْتَ.
فَقُلْتُ لَهَا: فَلَعَلَّهُ - إِنْ كَانَ - أَمْرٌ.
قَالَتْ: لأَنْ أَخِرَّ مِنَ السَّمَاءِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَفْعَلَ ذَلِكَ.
فَلَمَّا كَانَ بَعْدُ، ذُكِرَ عِنْدَهَا أَنَّ عَلِيّاً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَتَلَ ذَا الثُّدَيَّةِ.
فَقَالَتْ لِي: إِذَا أَنْتَ قَدِمْتَ الكُوْفَةَ، فَاكْتُبْ لِي نَاساً مِمَّنْ شَهِدَ ذَلِكَ.
فَقَدِمْتُ، فَوَجَدْتُ النَّاسَ أَشْيَاعاً، فَكَتَبتُ لَهَا مِنْ كُلِّ شِيْعَةٍ عَشْرَةً؛ فَأَتَيْتُهَا بِشَهَادَتِهِمْ.
فَقَالَتْ: لَعَنَ اللهُ عَمْراً، فَإِنَّهُ زَعَمَ أَنَّهُ قَتَلَهُ بِمِصْرَ.
قَالَ الحَاكِمُ: هَذَا عَلَى شَرْطِ البُخَارِيِّ، وَمُسْلِمٍ.
رَوَى: مُغِيْرَةُ بنُ زِيَادٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ:
كَانَتْ عَائِشَةُ أَفْقَهَ النَّاسِ، وَأَعْلَمَهُمْ، وَأَحَسَنَ النَّاسِ رَأْياً فِي العَامَّةِ.
قَالَ البُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، حَدَّثَنِي مَسْرُوْقٌ، حَدَّثَتْنِي أُمُّ رُوْمَانَ، قَالَتْ:
بَيْنَمَا أَنَا قَاعِدَةٌ، وَلَجَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَتْ: فَعَلَ اللهُ بِفُلاَنٍ وَفَعَلَ!
فَقَالَتْ أُمُّ رُوْمَانَ: وَمَا ذَاكَ؟قَالَتْ: ابْنِي فِيْمَنْ حَدَّثَ الحَدِيْثَ.
قَالَتْ: وَمَا ذَاكَ؟
قَالَتْ: كَذَا وَكَذَا.
قَالَتْ عَائِشَةُ: سَمِعَ رَسُوْلُ اللهِ؟
قَالَتْ: نَعَمْ.
قَالَتْ: وَأَبُو بَكْرٍ؟
قَالَتْ: نَعَمْ.
فَخَرَّتْ مَغْشِيّاً عَلَيْهَا، فَمَا أَفَاقَتْ إِلاَّ وَعَلَيْهَا حُمَّى بِنَافِضٍ، فَطَرَحْتُ عَلَيْهَا ثِيَابَهَا، فَجَاءَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: (مَا شَأْنُ هَذِهِ؟) .
قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، أَخَذَتْهَا الحُمَّى بِنَافِضٍ.
قَالَ: (فَلَعَلَّ فِي حَدِيْثٍ تُحُدِّثَ بِهِ؟) .
قُلْتُ: نَعَمْ.
فَقَعَدَتْ، فَقَالَتْ: وَاللهِ لَئِنْ حَلَفْتُ لاَ تُصَدِّقُوْنِي، وَلَئِنْ قُلْتُ لاَ تَعْذِرُوْنِي؛ مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَيَعْقُوْبَ وَبَنِيْهِ: وَاللهُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُوْنَ.
قَالَتْ: وَانْصَرَفَ، وَلَمْ يَقُلْ شَيْئاً.
فَأَنْزَلَ اللهُ عُذْرَهَا.
قَالَتْ: بِحَمْدِ اللهِ، لاَ بِحَمْدِ أَحَدٍ، وَلاَ بِحَمْدِكَ.
صَحِيْحٌ غَرِيْبٌ.
بِنْتُ الإِمَامِ الصِّدِّيْقِ الأَكْبَرِ، خَلِيْفَةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي قُحَافَةَ عُثْمَانَ بنِ عَامِرِ بنِ عَمْرِو بنِ كَعْبِ بنِ سَعْدِ بنِ تَيْمِ بنِ مُرَّةَ بنِ كَعْبِ بنِ لُؤَيٍّ القُرَشِيَّةُ، التَّيْمِيَّةُ، المَكِّيَّةُ، النَّبَوِيَّةُ، أُمُّ المُؤْمِنِيْنَ، زَوجَةُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَفْقَهُ نِسَاءِ الأُمَّةِ عَلَى الإِطْلاَقِ.
وَأُمُّهَا: هِيَ أُمُّ رُوْمَانَ بِنْتُ عَامِرِ بنِ عُوَيْمِرِ بنِ عَبْدِ شَمْسٍ بنِ عَتَّابِ بنِ أُذَيْنَةَ الكِنَانِيَّةُ.
هَاجَرَ بِعَائِشَةَ أَبَوَاهَا، وَتَزَوَّجَهَا نَبِيُّ اللهِ قَبْلَ مُهَاجَرِهِ بَعْدَ وَفَاةِ الصِّدِّيْقَةِ خَدِيْجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ الهِجْرَةِ بِبِضْعَةَ عَشَرَ شَهْراً، وَقِيْلَ: بِعَامَيْنِ.
وَدَخَلَ بِهَا فِي شَوَّالٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ، مُنَصَرَفَهُ - عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ - مِنْ غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَهِيَ ابْنَةُ تِسْعٍ.
فَرَوَتْ عَنْهُ: عِلْماً كَثِيْراً، طَيِّباً، مُبَارَكاً فِيْهِ.
وَعَنْ: أَبِيْهَا.
وَعَنْ: عُمَرَ، وَفَاطِمَةَ، وَسَعْدٍ، وَحَمْزَةَ بنِ عَمْرٍو الأَسْلَمِيِّ، وَجُدَامَةَ بِنْتِ وَهْبٍ.
حَدَّثَ عَنْهَا: إِبْرَاهِيْمُ بنُ يَزِيْدَ النَّخَعِيُّ مُرْسَلاً، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ يَزِيْدَ التَّيْمِيُّ كَذَلِكَ، وَإِسْحَاقُ بنُ طَلْحَةَ، وَإِسْحَاقُ بنُ عُمَرَ، وَالأَسْوَدُ بنُ يَزِيْدَ، وَأَيْمَنُ المَكِّيُّ، وَثُمَامَةُ بنُ حَزْنٍ.وَجُبَيْرُ بنُ نُفَيْرٍ، وَجُمَيْعُ بنُ عُمَيْرٍ.
وَالحَارِثُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي رَبِيْعَةَ المَخْزُوْمِيُّ، وَالحَارِثُ بنُ نَوْفَلٍ، وَالحَسَنُ، وَحَمْزَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، وَخَالِدُ بنُ سَعْدٍ، وَخَالِدُ بنُ مَعْدَانَ - وَقِيْلَ: لَمْ يَسَمَعْ مِنْهَا - وَخَبَّابٌ صَاحِبُ المَقْصُوْرَةِ، وَخُبَيْبُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ، وَخِلاَسٌ الهَجَرِيُّ، وَخِيَارُ بنُ سَلَمَةَ، وَخَيْثَمَةُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
وَذَكْوَانُ السَّمَّانُ؛ وَمَولاَهَا ذَكْوَانُ، وَرَبِيْعَةُ الجُرَشِيُّ - وَلَهُ صُحْبَةٌ - وَزَاذَانُ أَبُو عُمَرَ الكِنْدِيُّ، وَزُرَارَةُ بنُ أَوْفَى، وَزِرُّ بنُ حُبَيْشٍ، وَزَيْدُ بنُ أَسْلَمَ.
وَسَالِمُ بنُ أَبِي الجَعْدِ - وَلَمْ يَسَمَعَا مِنْهَا - وَزَيْدُ بنُ خَالِدٍ الجُهَنِيُّ، وَسَالِمُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَسَالِمُ سَبَلاَنَ، وَالسَّائِبُ بنُ يَزِيْدَ، وَسَعْدُ بنُ هِشَامٍ، وَسَعِيْدٌ المَقْبُرِيُّ، وَسَعِيْدُ بنُ العَاصِ، وَسَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، وَسُلَيْمَانُ بنُ يَسَارٍ، وَسُلَيْمَانُ بنُ بُرَيْدَةَ.
وَشُرَيْحُ بنُ أَرْطَاةَ، وَشُرَيْحُ بنُ هَانِئ، وَشَرِيْقٌ الهَوْزَنِيُّ، وَشَقِيْقٌ أَبُو وَائِلٍ، وَشَهْرُ بنُ حَوْشَبٍ.
وَصَالِحُ بنُ رَبِيْعَةَ بنِ الهَدِيْرِ، وَصَعْصَعَةُ عَمُّ الأَحْنَفِ، وَطَاوُوْسٌ، وَطَلْحَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ التَّيْمِيُّ.
وَعَابِسُ بنُ رَبِيْعَةَ، وَعَاصِمُ بنُ حُمَيْدٍ السَّكُوْنِيُّ، وَعَامِرُ بنُ سَعْدٍ، وَالشَّعْبِيُّ، وَعبَّادُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ، وَعُبَادَةُ بنُ الوَلِيْدِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ بُرَيْدَةَ، وَأَبُو الوَلِيْدِ عَبْدُ اللهِ بنُ الحَارِثِ البَصْرِيُّ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ ابْنُ أُخْتِهَا، وَأَخُوْهُ عُرْوَةُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ شَدَّادٍ اللَّيْثِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ شَقِيْقٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ
شِهَابٍ الخَوْلاَنِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَامِرِ بنِ رَبِيْعَةَ، وَابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ فَرُّوْخٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُبَيْدِ بنِ عُمَيْرٍ، وَأَبُوْهُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُكَيْمٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي قَيْسٍ، وَابْنَا أَخِيْهَا: عَبْدُ اللهِ، وَالقَاسِمُ ابْنَا مُحَمَّدٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي عَتِيْقٍ مُحَمَّدٍ، ابْنُ أَخِيْهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ وَاقِدٍ العُمَرِيُّ، وَرَضِيْعُهَا عَبْدُ اللهِ بنُ يَزِيْدَ، وَعَبْدُ اللهِ البَهِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الأَسْوَدِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الحَارِثِ بنِ هِشَامٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ سَعِيْدِ بنِ وَهْبٍ الهَمْدَانِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ شُمَاسَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ سَابِطٍ الجُمَحِيُّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ وَالِدُ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عِيَاضٍ، وَعِرَاكٌ - وَلَمْ يَلْقَهَا - وَعُرْوَةُ المُزَنِيُّ، وَعَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَعَطَاءُ بنُ يَسَارٍ، وَعِكْرِمَةُ، وَعَلْقَمَةُ، وَعَلْقَمَةُ بنُ وَقَّاصٍ، وَعَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ، وَعَمْرُو بنُ سَعِيْدٍ الأَشْدَقُ، وَعَمْرُو بنُ شُرَحْبِيْلَ، وَعَمْرُو بنُ غَالِبٍ، وَعَمْرُو بنُمَيْمُوْنٍ، وَعِمْرَانُ بنُ حِطَّانَ، وَعَوْفُ بنُ الحَارِثِ رَضِيْعُهَا، وَعِيَاضُ بنُ عُرْوَةَ، وَعِيْسَى بنُ طَلْحَةَ، وَغُضَيْفُ بنُ الحَارِثِ.
وَفَرْوَةُ بنُ نَوْفَلٍ، وَالقَعْقَاعُ بنُ حَكِيْمٍ، وَقَيْسُ بنُ أَبِي حَازِمٍ، وَكَثِيْرُ بنُ عُبَيْدٍ الكُوْفِيُّ
رَضِيْعُهَا، وَكُرَيْبٌ.وَمَالِكُ بنُ أَبِي عَامِرٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيُّ - إِنْ كَانَ لَقِيَهَا - وَمُحَمَّدُ بنُ الأَشْعَثِ، وَمُحَمَّدُ بنُ زِيَادٍ الجُمَحِيُّ، وَابْنُ سِيْرِيْنَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَارِثِ بنِ هِشَامٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ البَاقِرُ - وَلَمْ يَلْقَهَا - وَمُحَمَّدُ بنُ قَيْسِ بنِ مَخْرَمَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُنْتَشِرِ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُنْكَدِرِ - وَكَأَنَّهُ مُرْسَلٌ - وَمَرْوَانُ العُقَيْلِيُّ أَبُو لُبَابَةَ، وَمَسْرُوْقٌ، وَمِصْدَعٌ أَبُو يَحْيَى، وَمُطَرِّفُ بنُ الشِّخِّيْرِ، وَمِقْسَمٌ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالمُطَّلِبُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ حَنْطَبٍ، وَمَكْحُوْلٌ - وَلَمْ يَلْحَقْهَا - وَمُوْسَى بنُ طَلْحَةَ، وَمَيْمُوْنُ بنُ أَبِي شَبِيْبٍ، وَمَيْمُوْنُ بنُ مِهْرَانَ.
وَنَافِعُ بنُ جُبَيْرٍ، وَنَافِعُ بنُ عَطَاءٍ، وَنَافِعٌ العُمَرِيُّ، وَالنُّعْمَانُ بنُ بَشِيْرٍ، وَهَمَّامُ بنُ الحَارِثِ، وَهِلاَلُ بنُ يِسَافٍ.
وَيَحْيَى بنُ الجَزَّارِ، وَيَحْيَى بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حَاطِبٍ، وَيَحْيَى بنُ يَعْمَرَ، وَيَزِيْدُ بنُ بَابَنُوْسَ، وَيَزِيْدُ بنُ الشِّخِّيْرِ، وَيَعْلَى بنُ عُقْبَةَ، وَيُوْسُفُ بنُ مَاهَكَ.
وَأَبُو أُمَامَةَ بنُ سَهْلٍ، وَأَبُو بُرْدَةَ بنُ أَبِي مُوْسَى، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَارِثِ، وَأَبُو الجَوْزَاءِ الرَّبَعِيُّ،
وَأَبُو حُذَيْفَةَ الأَرْحَبِيُّ، وَأَبُو حَفْصَةَ مَوْلاَهَا، وَأَبُو الزُّبَيْرِ المَكِّيُّ - وَكَأَنَّهُ مُرْسل - وَأَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو الشَّعْثَاءِ المُحَارِبِيُّ، وَأَبُو الصِّدِّيْقِ النَّاجِي، وَأَبُو ظَبْيَانَ الجَنْبِيُّ، وَأَبُو العَالِيَةِ رُفَيْعٌ الرِّيَاحِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الجَدَلِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ، وَأَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ، وَأَبُو عَطِيَّةَ الوَادِعِيُّ، وَأَبُو قِلاَبَةَ الجَرْمِيُّ - وَلَمْ يَلْقَهَا - وَأَبُو المَلِيْحِ الهُذَلِيُّ، وَأَبُو مُوْسَى، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَأَبُو نَوْفَلٍ بنُ أَبِي عَقْرَبٍ، وَأَبُو يُوْنُسَ مَوْلاَهَا.وَبُهَيَّةُ مَوْلاَةُ الصِّدِّيْقِ، وَجَسْرَةُ بِنْتُ دَجَاجَةَ، وَحَفْصَةُ بِنْتُ أَخِيْهَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَخَيْرَةُ وَالِدَةُ الحَسَنِ البَصْرِيِّ، وَذِفْرَةُ بِنْتُ غَالِبٍ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ نَصْرٍ، وَزَيْنَبُ السَّهْمِيَّةُ، وَسُمَيَّةُ البَصْرِيَّةُ، وَشُمَيْسَةُ العَتْكِيَّةُ، وَصَفِيَّةُ بِنْتُ شَيْبَةَ، وَصَفِيَّةُ بِنْتُ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَعَائِشَةُ بِنْتُ طَلْحَةَ، وَعَمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمَرْجَانَةُ وَالِدَةُ عَلْقَمَةَ بنِ أَبِي عَلْقَمَةَ، وَمُعَاذَةُ العَدَوِيَّةُ، وَأُمُّ كُلْثُوْمٍ التَّيْمِيَّةُ أُخْتُهَا، وَأُمُّ مُحَمَّدٍ امْرَأَةُ وَالِدِ عَلِيِّ بنِ زَيْدِ بنِ جُدْعَانَ، وَطَائِفَةٌ سِوَى هَؤُلاَءِ.
(مُسْنَدُ عَائِشَةَ) : يَبْلُغُ أَلْفَيْنِ وَمائَتَيْنِ وَعَشْرَةِ أَحَادِيْثَ.
اتَّفَقَ لَهَا البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَلَى: مائَةٍ وَأَرْبَعَةٍ وَسَبْعِيْنَ حَدِيْثاً.
وَانْفَرَدَ البُخَارِيُّ بِأَرْبَعَةٍ وَخَمْسِيْنَ.
وَانْفَرَدَ مُسْلِمٌ بِتِسْعَةٍ وَسِتِّيْنَ.
وَعَائِشَةُ مِمَّنْ وُلِدَ فِي الإِسْلاَمِ، وَهِيَ أَصْغَرُ مِنْ فَاطِمَةَ بِثَمَانِي سِنِيْنَ، وَكَانَتْ تَقُوْلُ: لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ إِلاَّ وَهُمَا يَدِيْنَانِ الدِّيْنَ.
وَذَكَرَتْ أَنَّهَا لَحِقَتْ بِمَكَّةَ سَائِسَ الفِيْلِ شَيْخاً أَعْمَى يَسْتَعْطِي.
وَكَانَتِ امْرَأَةً بَيْضَاءَ جَمِيْلَةً، وَمِنْ ثَمَّ يُقَالُ لَهَا: الحُمَيْرَاءُ، وَلَمْ يَتَزَوَّجِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِكْراً غَيْرَهَا، وَلاَ أَحَبَّ امْرَأَةً حُبَّهَا، وَلاَ أَعْلَمُ فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَلْ وَلاَ فِي النِّسَاءِ مُطْلَقاً امْرَأَةً أَعْلَمَ مِنْهَا.وَذَهَبَ بَعْضُ العُلَمَاءِ إِلَى أَنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ أَبِيْهَا، وَهَذَا مَرْدُوْدٌ، وَقَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً، بَلْ نَشْهَدُ أَنَّهَا زَوْجَةُ نَبِيِّنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الدُّنْيَا وَالآخرَةِ، فَهَلْ فَوْقَ ذَلِكَ مَفْخَرٌ، وَإِنْ كَانَ لِلصِّدِّيْقَةِ خَدِيْجَةَ شَأْوٌ لاَ يُلْحَقُ، وَأَنَا وَاقِفٌ فِي أَيَّتِهِمَا أَفْضَلُ، نَعَمْ جَزَمْتُ بِأَفْضَلِيَّةِ خَدِيْجَةَ عَلَيْهَا، لأُمُوْرٍ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعُهَا.
هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ: عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أُرِيْتُكِ فِي المَنَامِ ثَلاَثَ لَيَالٍ، جَاءَ بِكِ المَلَكُ فِي سَرَقَةٍ [مِنْ] حَرِيْرٍ، فَيَقُوْلُ: هَذِهِ امْرَأَتُكَ.
فَأَكْشِفُ عَنْ وَجْهِكِ، فَإِذَا أَنْتِ فِيْهِ، فَأَقُوْلُ: إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللهِ يُمْضِهِ ) .
وَأَخْرَجَ: التِّرْمِذِيُّ، مِنْ حَدِيْثِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ عَلْقَمَةَ المَكِّيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ جِبْرِيْلَ جَاءَ بِصُوْرَتِهَا
فِي خِرْقَةِ حَرِيْرٍ خَضْرَاءَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: هَذِهِ زَوْجَتُكَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.حَسَّنَهُ: التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: لاَ نَعْرِفُهُ إِلاَّ مِنْ حَدِيْثِ عَبْدِ اللهِ.
وَرَوَاهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِي عَنْهُ مُرْسَلاً.
بِشْرُ بنُ الوَلِيْدِ القَاضِي: حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ بنِ جُدْعَانَ، عَنْ جَدَّتِهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ:
لَقَدْ أُعْطِيْتُ تِسْعاً مَا أُعْطِيَتْهَا امْرَأَةٌ بَعْدَ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ: لَقَدْ نَزَلَ جِبْرِيْلُ بِصُوْرَتِي فِي رَاحَتِهِ حَتَّى أَمَرَ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَتَزَوَّجَنِي، وَلَقَدْ تَزَوَّجَنِي بِكْراً، وَمَا تَزَوَّجَ بِكْراً غَيْرِي، وَلَقَدْ قُبِضَ وَرَأْسُهُ فِي حَجْرِي، وَلَقَدْ قَبَرْتُهُ فِي بَيْتِي، وَلَقَدْ حَفَّتِ الملاَئكَةُ بِبَيْتِي، وَإِنْ كَانَ الوَحْيُ لَيَنْزِلُ عَلَيْهِ وَإِنِّي لَمَعَهُ فِي لِحَافِهِ، وَإِنِّي لابْنَةُ خَلِيْفَتِهِ وَصِدِّيْقِهِ، وَلَقَدْ نَزَلَ عُذْرِي مِنَ السَّمَاءِ، وَلَقَدْ خُلِقْتُ طَيِّبَةً عِنْدَ طَيِّبٍ، وَلَقَدْ وُعِدْتُ مَغْفِرَةً وَرِزْقاً كَرِيْماً.
رَوَاهُ: أَبُو بَكْرٍ الآجُرِّيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ يَحْيَى الحُلْوَانِيِّ، عَنْهُ.
وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ، وَلَهُ طَرِيْقٌ آخَرُ سَيَأْتِي.
وَكَانَ تَزْوِيْجُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِهَا إِثْرَ وَفَاةِ خَدِيْجَةَ، فَتَزَوَّجَ بِهَا وَبِسَوْدَةَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ دَخَلَ بِسَوْدَةَ، فَتَفَرَّدَ بِهَا ثَلاَثَةَ أَعْوَامٍ حَتَّى بَنَى بِعَائِشَةَ فِي شَوَّالٍ، بَعْدَ
وَقْعَةِ بَدْرٍ، فَمَا تَزَوَّجَ بِكْراً سِوَاهَا، وَأَحَبَّهَا حُبّاً شَدِيْداً كَانَ يَتَظَاهَرُ بِهِ، بِحَيْثُ إِنَّ عَمْرَو بنَ العَاصِ - وَهُوَ مِمَّنْ أَسْلَمَ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنَ الهِجْرَةِ - سَأَلَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ يَا رَسُوْلَ اللهِ؟
قَالَ: (عَائِشَةُ) .
قَالَ: فَمِنَ الرِّجَالِ؟
قَالَ: (أَبُوْهَا ) .
وَهَذَا خَبَرٌ ثَابِتٌ عَلَى رَغْمِ أُنُوْفِ الرَّوَافِضِ، وَمَا كَانَ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- لِيُحِبَّ إِلاَّ طَيِّباً.
وَقَدْ قَالَ: (لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذاً خَلِيْلاً مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ، لاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيْلاً، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلاَمِ أَفْضَلُ) .
فَأَحَبَّ أَفْضَلَ رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِهِ، وَأَفْضَلَ امْرَأَةٍ مِنْ أُمَّتِهِ، فَمَنْ أَبْغَضَ حَبِيْبَيْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَهُوَ حَرِيٌّ أَنْ يَكُوْنَ بَغِيْضاً إِلَى اللهِ وَرَسُوْلِهِ.
وَحُبُّهُ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- لِعَائِشَةَ كَانَ أَمْراً مُسْتَفِيْضاً، أَلاَ تَرَاهُمْ كَيْفَ كَانُوا يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَهَا، تَقَرُّباً إِلَى مَرْضَاتِهِ؟
قَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
كَانَ النَّاسُ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ.
قَالَتْ: فَاجْتَمَعْنَ صَوَاحِبِي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَقُلْنَ لَهَا:
إِنَّ النَّاسَ يَتَحَرَّوْنُ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ، وَإِنَّا نُرِيْدُ الخَيْرَ كَمَا تُرِيْدُهُ عَائِشَةُ، فَقُوْلِي لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأْمُرِ النَّاسَ أَنْ يُهْدُوا لَهُ أَيْنَمَا كَانَ.
فَذَكَرَتْ أُمُّ سَلَمَةَ لَهُ ذَلِكَ، فَسَكَتَ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهَا، فَعَادَتِ الثَّانِيَةَ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهَا.
فَلَمَّا كَانَتِ الثَّالِثَةُ، قَالَ: (يَا أُمَّ سَلَمَةَ! لاَ تُؤْذِيْنِي فِي عَائِشَةَ، فَإِنَّهُ -وَاللهِ- مَا نَزَلَ عَلَيَّ الوَحْيُ وَأَنَا فِي لِحَافِ امْرَأَةٍ مِنْكُنَّ غَيْرِهَا) .
مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ.وَهَذَا الجَوَابُ مِنْهُ دَالٌّ عَلَى أَنَّ فَضْلَ عَائِشَةَ عَلَى سَائِرِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ بِأَمْرٍ إِلَهِيٍّ وَرَاءَ حُبِّهِ لَهَا، وَأَنَّ ذَلِكَ الأَمْرَ مِنْ أَسْبَابِ حُبِّهِ لَهَا.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي أُوَيْسٍ: حَدَّثَنَا أَخِي أَبُو بَكْرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ بِلاَلٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ نِسَاءَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كُنَّ حِزْبَيْنِ، فَحِزْبٌ فِيْهِ: عَائِشَةُ، وَحَفْصَةُ، وَصَفِيَّةُ، وَسَوْدَةُ، وَالحِزْبُ الآخَرُ: أُمُّ سَلَمَةَ، وَسَائِرُ أَزْوَاجِهِ.
وَكَانَ المُسْلِمُوْنَ قَدْ عَلِمُوا حُبَّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَائِشَةَ، فَإِذَا كَانَتْ عِنْدَ أَحَدِهِمْ هَدِيَّةٌ يُرِيْدُ أَنْ يُهْدِيَهَا إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخَّرَهَا، حَتَّى إِذَا كَانَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ، بَعَثَ بِهَا إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَيْتِ عَائِشَةَ.
فَتَكَلَّمَ حِزْبُ أُمِّ سَلَمَةَ، فَقُلْنَ لَهَا: كَلِّمِي رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُكَلِّمُ النَّاسَ، فَيَقُوْلُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُهْدِيَ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ هَدِيَّةً، فَلْيُهْدِ إِلَيْهِ حَيْثُ كَانَ مِنْ نِسَائِهِ.
فَكَلَّمَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ بِمَا قُلْنَ، فَلَمْ يَقُلْ لَهَا شَيْئاً، فَسَأَلْنَهَا، فَقَالَتْ: مَا قَالَ لِي شَيْئاً.
فَقُلْنَ: كَلِّمِيْهِ.
قَالَتْ: فَكَلَّمَتْهُ حِيْنَ دَارَ إِلَيْهَا، فَلَمْ يَقُلْ لَهَا شَيْئاً، فَسَأَلْنَهَا، فَقَالَتْ: مَا قَالَ لِي شَيْئاً.
فَقُلْنَ لَهَا: كَلِّمِيْهِ.
فَدَارَ إِلَيْهَا، فَكَلَّمَتْهُ، فَقَالَ لَهَا: (لاَ تُؤْذِيْنِي فِي عَائِشَةَ، فَإِنَّ الوَحْيَ لَمْ يَأْتِنِي وَأَنَا فِي ثَوْبِ
امْرَأَةٍ إِلاَّ عَائِشَةَ) .فَقَالَتْ: أَتُوْبُ إِلَى اللهِ مِنْ أَذَاكَ يَا رَسُوْلَ اللهِ.
ثُمَّ إِنَّهُنَّ دَعَوْنَ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَقُوْلُ : إِنَّ نِسَاءكَ يَنْشُدْنَكَ العَدْلَ فِي بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ.
فَكَلَّمَتْهُ، فَقَالَ: (يَا بُنَيَّةُ! أَلاَ تُحِبِّيْنَ مَا أُحِبُّ؟) .
قَالَتْ: بَلَى.
فَرَجَعَتْ إِلَيْهِنَّ، وَأَخْبَرَتْهُنَّ، فَقُلْنَ: ارْجِعِي إِلَيْهِ.
فَأَبَتْ أَنْ تَرْجِعَ، فَأَرْسَلْنَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ، فَأَتَتْهُ، فَأَغْلَظَتْ، وَقَالَتْ:
إِنَّ نِسَاءكَ يَنْشُدْنَكَ اللهَ العَدْلَ فِي ابْنَةِ أَبِي قُحَافَةَ.
فَرَفَعَتْ صَوْتَهَا، حَتَّى تَنَاوَلَتْ عَائِشَةَ وَهِيَ قَاعِدَةٌ، فَسَبَّتْهَا، حَتَّى إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيَنْظُرُ إِلَى عَائِشَةَ هَلْ تَتَكَلَّمُ.
قَالَ: فَتَكَلَّمَتْ عَائِشَةُ تَرُدُّ عَلَى زَيْنَبَ حَتَّى أَسْكَتَتْهَا، فَنَظَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى عَائِشَةَ، وَقَالَ: (إِنَّهَا ابْنَةُ أَبِي بَكْرٍ) .
فَضِيْلَةٌ:
إِسْمَاعِيْلُ بنُ جَعْفَرٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، سَمِعَ أَنَساً يَقُوْلُ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ، كَفَضْلِ الثَّرِيْدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ) .
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ طُرُقٍ، عَنْ أَبِي طُوَالَةَ.
شُعْبَةُ: عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، عَنْ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي مُوْسَى:عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (كَمُلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيْرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَفَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيْدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ).
فَضِيْلَةٌ أُخْرَى:
رَوَى: الحَاكِمُ فِي (مُسْتَدْرَكِهِ) ، مِنْ طَرِيْقِ يُوْسُفَ بنِ المَاجِشُوْنِ، قَالَ:
حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! مَنْ مِنْ أَزْوَاجِكَ فِي الجَنَّةِ؟
قَالَ: (أَمَا إِنَّكِ مِنْهُنَّ) .
قَالَتْ: فَخُيِّلَ إِلَيَّ أَنَّ ذَاكَ، لأَنَّهُ لَمْ يَتَزَوَّجْ بِكْراً غَيْرِي.
مُوْسَى - وَهُوَ الجُهَنِيُّ -: عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ حَفْصٍ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّهَا جَاءتْ هِيَ وَأَبَوَاهَا، فَقَالاَ: إِنَّا نُحِبُّ أَنْ تَدْعُوَ لِعَائِشَةَ بِدَعْوَةٍ وَنَحْنُ نَسْمَعُ.
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَائِشَةَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ مَغْفِرَةً وَاجِبَةً، ظَاهِرَةً، بَاطِنَةً) .
فَعَجِبَ أَبَوَاهَا، فَقَالَ: (أَتَعْجَبَانِ، هَذِهِ دَعْوَتِي لِمَنْ شَهِدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهَ، وَأَنِّي رَسُوْلُ اللهِ) .
أَخْرَجَهُ: الحَاكمُ فِي (مُسْتَدْرَكِهِ) ، مِنْ طَرِيْقِ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ مُوْسَى. وَهُوَ غَرِيْبٌ جِدّاً.
فَضِيْلَةٌ أُخْرَى:شُعَيْبٌ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يَا عَائِشُ! هَذَا جِبْرِيْلُ، وَهُوَ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلاَمَ) .
قَالَتْ: وَعَلَيْهِ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللهِ، تَرَى مَا لاَ نَرَى يَا رَسُوْلَ اللهِ.
زَكَرِيَّا بنُ أَبِي زَائِدَةَ: عَنْ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهُ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لَهَا: (إِنَّ جِبْرِيْلَ يُقْرِئُكِ السَّلاَمَ) .
فَقَالَتْ: وَعَلَيْهِ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللهِ.
وَأَخْرَجَ: النَّسَائِيُّ، مِنْ طَرِيْقِ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ نَحْوَ الأَوَّلِ.
وَفِي (مُسْنَدِ أَحْمَدَ) : عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
رَأَيْتُكَ يَا رَسُوْلَ اللهِ وَأَنْتَ قَائِمٌ تُكَلِّمُ دِحْيَةَ الكَلْبِيَّ.
فَقَالَ: (وَقَدْ رَأَيْتِهِ؟) .
قَالَتْ: نَعَمْ.
قَالَ: (فَإِنَّهُ جِبْرِيْلُ، وَهُوَ يُقْرِئُكِ السَّلاَمَ) .
قَالَتْ: وَعَلَيْهِ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللهِ، جَزَاهُ اللهُ مِنْ زَائِرٍ وَدَخِيْلٍ، فَنِعْمَ الصَّاحِبُ، وَنِعْمَ الدَّخِيْلُ.
قَالَ: وَالِدَّخِيْلُ: الضَّيْفُ.
مُجَالِدٌ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ.
كَثِيْرُ بنُ هِشَامٍ: حَدَّثَنَا الحَكَمُ بنُ هِشَامٍ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ،
قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ لِنِسَاءِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: فُضِّلْتُ عَلَيْكُنَّ بِعَشْرٍ وَلاَ فَخْرٍ: كُنْتُ أَحَبُّ نِسَائِهِ إِلَيْهِ، وَكَانَ أَبِي أَحَبَّ رِجَالِهِ إِلَيْهِ، وَابْتَكَرَنِي وَلَمْ يَبْتَكِرْ غَيْرِي، وَتَزَوَّجَنِي لِسَبْعٍ، وَبَنَى بِي لِتِسْعٍ، وَنَزَلَ عُذْرِي مِنَ السَّمَاءِ، وَاسْتَأْذَنَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نِسَاءهُ فِي مَرَضِهِ، فَقَالَ: (إِنَّهُ لَيَشُقُّ عَلَيَّ الاخْتِلاَفُ بَيْنَكُنَّ، فَائْذَنَّ لِي أَنْ أَكُوْنَ عِنْدَ بَعْضِكُنَّ) .
فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: قَدْ عَرَفْنَا مَنْ تُرِيْدُ، تُرِيْدُ عَائِشَةَ، قَدْ أَذِنَّا لَكَ، وَكَانَ آخِرُ زَادِهِ مِنَ الدُّنْيَا رِيْقِي، أُتِيَ بِسِوَاكٍ، فَقَالَ: (انْكُثِيْهِ يَا عَائِشَةُ) ، فَنَكَثْتُهُ، وَقُبِضَ بَيْنَ حَجْرِي وَنَحْرِي، وَدُفِنَ فِي بَيْتِي.
هَذَا حَدِيْثٌ صَالِحُ الإِسْنَادِ، وَلَكِنْ فِيْهِ انْقِطَاعٌ.
فَضِيْلَةٌ بَاهِرَةٌ لَهَا:
خَالِدٌ الحَذَّاءُ: عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ عَمْرِو بنِ العَاصِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اسْتَعْمَلَهُ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلاسِلِ.
قَالَ: فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟
قَالَ: (عَائِشَةُ) .
قَالَ: مِنَ الرِّجَالِ؟
قَالَ: (أَبُوْهَا) .
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ.
قُلْتُ: قَدْ أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ.ابْنُ المُبَارَكِ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأُمَوِيُّ: عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ العَاصِ:
أَنَّهُ قَالَ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَنْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيْكَ؟
قَالَ: (عَائِشَةُ) .
قَالَ: مِنَ الرِّجَالِ؟
قَالَ: (أَبُوْهَا) .
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ.
أَخْرَجَهُ: النَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ، وَغَرَّبَهُ.
التِّرْمِذِيُّ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدَةَ، حَدَّثَنَا المُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
قِيْلَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! مَنْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيْكَ؟
قَالَ: (عَائِشَةُ) .
قِيْلَ: مِنَ الرِّجَالِ؟
قَالَ: (أَبُوْهَا ) .
قَالَ: هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ غَرِيْبٌ.
تَزْوِيْجُهَا بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
رَوَى: هِشَامٌ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
تَزَوَّجَنِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُتَوَفَّى خَدِيْجَةَ، وَأَنَا ابْنَةُ سِتٍّ، وَأُدْخِلْتُ عَلَيْهِ وَأَنَا ابْنَةُ تِسْعٍ، جَاءنِي نِسْوَةٌ وَأَنَا أَلْعَبُ عَلَى أُرْجُوْحَةٍ، وَأَنَا مُجَمَّمَةٌ، فَهَيَّأْنَنِي، وَصَنَعْنَنِي، ثُمَّ أَتَيْنَ بِي إِلَيْهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قَالَ عُرْوَةُ: فَمَكَثَتْ عِنْدَهُ تِسْعَ سِنِيْنَ.
وَأَخْرَجَ: البُخَارِيُّ مِنْ قَوْلِ عُرْوَةَ:أَنَّ خَدِيْجَةَ تُوُفِّيَتْ قَبْلَ الهِجْرَةِ بِثَلاَثِ سِنِيْنَ، فَلَبِثَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَنَتَيْنِ أَوْ قَرِيْباً مِنْ ذَلِكَ، وَنَكَحَ عَائِشَةَ وَهِيَ بِنْتُ سِتِّ سِنِيْنَ.
ابْنُ إِدْرِيْسَ: عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرٍو، عَنْ يَحْيَى بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حَاطِبٍ، قَالَ:
قَالَتْ عَائِشَةُ: لَمَّا مَاتَتْ خَدِيْجَةُ جَاءتْ خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيْمٍ، فَقَالَتْ:
يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَلاَ تَزَوَّجُ؟
قَالَ: (وَمَنْ؟) .
قَالَتْ: إِنْ شِئْتَ بِكْراً، وَإِنْ شِئْتَ ثَيِّباً.
قَالَ: (مَنِ البِكْرُ، وَمَنِ الثَّيِّبُ؟) .
قَالَتْ: أَمَّا البِكْرُ؛ فَعَائِشَةُ ابْنَةُ أَحَبِّ خَلْقِ اللهِ إِلَيْكَ، وَأَمَّا الثَّيِّبُ؛ فَسَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ، قَدْ آمَنَتْ بِكَ، وَاتَّبَعَتْكَ.
قَالَ: (اذْكُرِيْهِمَا عَلَيَّ) .
قَالَتْ: فَأَتَيْتُ أُمَّ رُوْمَانَ، فَقُلْتُ:
يَا أُمَّ رُوْمَانَ! مَاذَا أَدْخَلَ اللهُ عَلَيْكُمْ مِنَ الخَيْرِ وَالبَرَكَةِ؟
قَالَتْ: مَاذَا؟
قَالَتْ: رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَذْكُرُ عَائِشَةَ.
قَالَتْ: انْتَظِرِي، فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ آتٍ.
فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: أَوَ تَصْلُحُ لَهُ وَهِيَ ابْنَةُ أَخِيْهِ.
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَنَا أَخُوْهُ وَهُوَ أَخِي، وَابْنَتُهُ تَصْلُحُ لِي) .
فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَتْ لِي أُمُّ رُوْمَانَ:
إِنَّ المُطْعِمَ بنَ عَدِيٍّ كَانَ قَدْ ذَكَرَهَا عَلَى ابْنِهِ، وَوَاللهِ مَا أُخْلِفُ وَعْداً قَطُّ.
قَالَتْ: فَأَتَى أَبُو بَكْرٍ المُطْعِمَ، فَقَالَ: مَا تَقُوْلُ فِي أَمْرِ هَذِهِ الجَارِيَةِ؟
قَالَ: فَأَقْبَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ، فَقَالَ: مَا تَقُوْلِيْنَ؟
فَأَقْبَلَتْ عَلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَتْ: لَعَلَّنَا إِنْ أَنْكَحْنَا هَذَا الفَتَى إِلَيْكَ تُدْخِلُهُ فِي دِيْنِكَ.
فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: مَا تَقُوْلُ أَنْتَ؟
قَالَ: إِنَّهَا لَتَقُوْلُ مَا تَسْمَعُ.
فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ، وَلَيْسَ فِي نَفْسِهِ مِنَ المَوْعِدِ شَيْءٌ، فَقَالَ لَهَا:
قُوْلِي لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلْيَأْتِ. فَجَاءَ،
فَمَلَكَهَا.قَالَتْ: ثُمَّ انْطَلَقْتُ إِلَى سَوْدَةَ، وَأَبُوْهَا شَيْخٌ كَبِيْرٌ ... ، وَذَكَرَتِ الحَدِيْثَ.
هِشَامٌ: عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
أُدْخِلْتُ عَلَى نَبِيِّ اللهِ وَأَنَا بِنْتُ تِسْعٍ، جَاءنِي نِسْوَةٌ وَأَنَا أَلْعَبُ عَلَى أُرْجُوْحَةٍ، وَأَنَا مُجَمَّمَةٌ، فَهَيَّأْنَنِي، وَصَنَعْنَنِي، ثُمَّ أَتَيْنَ بِي إِلَيْهِ.
هِشَامٌ: عَنْ أَبِيْهِ، عَنْهَا، أَنَّهَا قَالَتْ:
كُنْتُ أَلْعَبُ بِالبَنَاتِ - تَعْنِي: اللُّعَبَ - فَيَجِيْءُ صَوَاحِبِي، فَيَنْقَمِعْنَ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيَخْرُجُ رَسُوْلُ اللهِ، فَيَدْخُلْنَ عَلَيَّ، وَكَانَ يُسَرِّبُهُنَّ إِلَيَّ، فَيَلْعَبْنَ مَعِي.
وَفِي لَفْظٍ: فَكُنَّ جَوَارٍ يَأْتِيْنَ يَلْعَبْنَ مَعِي بِهَا، فَإِذَا رَأَيْنَ رَسُوْلَ اللهِ تَقَمَّعْنَ، فَكَانَ يُسَرِّبُهُنَّ إِلَيَّ.
وَعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
دَخَلَ عَلَيَّ رَسُوْلُ اللهِ وَأَنَا أَلْعَبُ بِالبَنَاتِ، فَقَالَ:
(مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ؟) .قُلْتُ: خَيْلُ سُلَيْمَانَ، وَلَهَا أَجْنِحَةٌ.
فَضَحِكَ.
الزُّهْرِيُّ: عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْمُ عَلَى بَابِ حُجْرَتِي، وَالحَبَشَةُ يَلْعَبُوْنَ بِالحِرَابِ فِي المَسْجِدِ، وَإِنَّهُ لَيَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ لِكَيْ أَنْظُرَ إِلَى لَعِبِهِمْ، ثُمَّ يَقِفُ مِنْ أَجْلِي حَتَّى أَكُوْنَ أَنَا الَّتِي أَنْصَرِفُ، فَاقْدُرُوا قَدْرَ الجَارِيَةِ الحَدِيْثَةِ السِّنِّ، الحَرِيْصَةِ عَلَى اللَّهْوِ.
وَفِي لَفْظِ مَعْمَرٍ: عَنِ الزُّهْرِيِّ:
فَمَا زِلْتُ أَنْظُرُ حَتَّى كُنْتُ أَنَا أَنْصَرِفُ، فَاقْدُرُوا قَدْرَ الجَارِيَةِ الحَدِيْثَةِ السِّنِّ الَّتِي تَسْمَعُ اللَّهْوَ.
وَلَفْظُ الأَوْزَاعِيِّ: عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي هَذَا الحَدِيْثِ، قَالَتْ:
قَدِمَ وَفْدُ الحَبَشَةِ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَامُوا يَلْعَبُوْنَ فِي المَسْجِدِ، فَرَأَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِم حَتَّى أَكُوْنَ أَنَا الَّتِي أَسْأَمُ.
وَفِي حَدِيْثِ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:أَنَّ عُمَرَ وَجَدَهُمْ يَلْعَبُوْنَ، فَزَجَرَهُمْ.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (دَعْهُم، فَإِنَّهُمْ بَنُو أَرْفِدَةَ ) .
الوَاقِدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوْسَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ خَرِيطَة، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
لَمَّا هَاجَرَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى المَدِيْنَةِ خَلَّفَنَا وَخَلَّفَ بَنَاتِهِ، فَلَمَّا قَدِمَ المَدِيْنَةَ، بَعَثَ إِلَيْنَا زَيْدَ بنَ حَارِثَةَ، وَأَبَا رَافِعٍ، وَأَعْطَاهُمَا بَعِيْرَيْنِ، وَخَمْسَ مائَةِ دِرْهَمٍ أَخَذَهَا مِنْ أَبِي بَكْرٍ، يَشْتَرِيَانِ بِهَا مَا نَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الظَّهْرِ، وَبَعَثَ أَبُو بَكْرٍ مَعَهُمَا عَبْدَ اللهِ بنَ أُرَيْقِطٍ اللَّيْثِيَّ بِبَعِيْرَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ، وَكَتَبَ إِلَى ابْنِهِ عَبْدِ اللهِ، يَأْمُرُهُ أَنْ يَحْمِلَ أَهْلَهُ؛ أُمَّ رُوْمَانَ، وَأَنَا، وَأُخْتِي أَسْمَاءَ.
فَخَرَجُوا، فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَى قُدَيْدٍ، اشْتَرَى زَيْدٌ بِتِلْكَ الدَّرَاهِمِ ثَلاَثَةَ أَبْعِرَةٍ، ثُمَّ دَخَلُوا مَكَّةَ، وَصَادَفُوا طَلْحَةَ يُرِيْدُ الهِجْرَةَ بِآلِ أَبِي بَكْرٍ، فَخَرَجْنَا جَمِيْعاً، وَخَرَجَ زَيْدٌ وَأَبُو رَافِعٍ بِفَاطِمَةَ، وَأُمِّ كُلْثُوْمٍ، وَسَوْدَةَ، وَأُمِّ أَيْمَنَ، وَأُسَامَةَ، فَاصْطَحَبَنَا جَمِيْعاً، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالبَيْضِ نَفَرَ بَعِيْرِي، وَقُدَّامِي مِحَفَّةٌ فِيْهَا
أُمِّي، فَجَعَلَتْ أُمِّي تَقُوْلُ: وَابِنْتَاهُ! وَاعَرُوْسَاهُ!حَتَّى أُدْرِكَ بَعِيْرُنَا، فَقَدِمْنَا وَالمَسْجِدُ يُبْنَى ... ، وَذَكَرَ الحَدِيْثَ.
شَأْنُ الإِفْكِ:
كَانَ فِي غَزْوَةِ المُرَيْسِيْعِ، سَنَةَ خَمْسٍ مِنَ الهِجْرَةِ، وَعُمُرُهَا - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - يَوْمَئِذٍ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً.
فَرَوَى: حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَالنُّعْمَانِ بنِ رَاشِدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا أَرَادَ سَفَراً، أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزْوَةِ المُرَيْسِيْعِ، فَخَرَجَ سَهْمِي، فَهَلَكَ فِيَّ مَنْ هَلَكَ.
وَكَذَلِكَ ذَكَرَ: ابْنُ إِسْحَاقَ، وَالوَاقِدِيُّ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ: أَنَّ الإِفْكَ كَانَ فِي غَزْوَةِ المُرَيْسِيْعِ.
يُوْنُسُ: عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، وَابْنُ المُسَيِّبِ، وَعَلْقَمَةُ بنُ وَقَّاصٍ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ:
عَنْ حَدِيْثِ عَائِشَةَ حِيْنَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا، فَبَرَّأَهَا اللهُ -تَعَالَى- وَكُلٌّ حَدَّثَنِي بِطَائِفَةٍ مِنْ حَدِيْثِهَا، وَبَعْضُ حَدِيْثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضاً، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضٍ، قَالَتْ:
كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا أَرَادَ سَفَراً، أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا
مَعَهُ، فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا، فَخَرَجَ سَهْمِي، فَخَرَجْتُ مَعَهُ بَعْدَ مَا نَزَلَ الحِجَابُ، وَأَنَا أُحْمَلُ فِي هَوْدَجٍ وَأُنْزَلُ فِيْهِ.فَسِرْنَا، حَتَّى إِذَا فَرغَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ غَزْوَتِهِ تِلْكَ، وَقَفَلَ، وَدَنَوْنَا مِنَ المَدِيْنَةِ، آذَنَ لَيْلَةً بِالرَّحِيْلِ، فَقُمْتُ حِيْنَئِذٍ، فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ حَاجَتِي، أَقْبَلْتُ إِلَى رَحْلِي، فَإِذَا عِقْدٌ لِي مِنْ جَزْعِ ظَفَارٍ قَدِ انْقَطَعَ، فَالْتَمَسْتُهُ، وَحَبَسَنِي الْتِمَاسُهُ.
وَأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِيْنَ كَانُوا يَرْحَلُوْنَ بِي، فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي، فَرَحَلُوْهُ عَلَى بَعِيْرِي، وَهُمْ يَحْسَبُوْنَ أَنِّي فِيْهِ، وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافاً لَمْ يُثْقِلْهُنَّ اللَّحْمُ، إِنَّمَا يَأْكُلْنَ العُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرُوا خِفَّةَ المَحْمِلِ حِيْنَ رَفَعُوْهُ، وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيْثَةَ السِّنِّ، فَبَعَثُوا الجَمَلَ، وَسَارُوا، فَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَ مَا اسْتَمَرَّ الجَيْشُ.
فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ وَلَيْسَ بِهَا دَاعٍ وَلاَ مُجِيْبٌ، فَأَمَّمْتُ مَنْزِلِي الَّذِي كُنْتُ فِيْهِ، وَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ سَيَفْقِدُوْنِي، فَيَرْجِعُوْنَ إِلَيَّ.
فَبَيْنَمَا أَنَا جَالِسَةٌ غَلَبَتْنِي عَيْنِي، فَنِمْتُ، وَكَانَ صَفْوَانُ بنُ المُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ، ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِنْ وَرَاءِ الجَيْشِ، فَأَدْلَجَ، فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي، فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ، فَأَتَانِي، فَعَرَفَنِي حِيْنَ
رَآنِي - وَكَانَ يَرَانِي قَبْلَ الحِجَابِ - فَاسْتَرْجَعَ.فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حِيْنَ عَرَفْتُ، فَخَمَّرْتُ وَجْهِي بِجِلْبَابِي، وَاللهِ مَا كَلَّمَنِي كَلِمَةً، وَلاَ سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً غَيْرَ اسْتِرْجَاعِهِ، فَأَنَاخَ رَاحِلَتَهُ، فَوَطِئَ عَلَى يَدَيْهَا، فَرَكِبْتُهَا، فَاْنَطَلَق يَقُوْدُ بِيَ الرَّاحِلَةَ، حَتَّى أَتَيْنَا الجَيْشَ بَعْدَ مَا نَزَلُوا مُوْغِرِيْنَ فِي نَحْرِ الظَّهِيْرَةِ، فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ فِيَّ، وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَ الإِفْكِ: عَبْدُ اللهِ بنُ أُبَيِّ ابْنِ سَلُوْلٍ.
فَقَدِمْنَا المَدِيْنَةَ، فَاشْتَكَيْتُ شَهْراً، وَالنَّاسُ يُفِيْضُونَ فِي قَوْلِ أَهْلِ الإِفْكِ، وَلاَ أَشْعُرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَيُرِيْبُنِي فِي وَجَعِي أَنِّي لاَ أَعْرِفُ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اللُّطْفَ الَّذِي كُنْتُ أَرَى مِنْهُ حِيْنَ أَشْتَكِي، إِنَّمَا يَدْخُلُ عَلَيَّ فَيُسَلِّمُ، ثُمَّ يَقُوْلُ: (كَيْفَ تِيْكُمْ) ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ.
فَذَلِكَ الَّذِي يُرِيْبُنِي، وَلاَ أَشْعُرُ بِالشَّرِّ حَتَّى خَرَجْتُ بَعْدَ مَا نَقِهْتُ.
فَخَرَجْتُ مَعَ أُمِّ مِسْطَحٍ قِبَلَ المَنَاصِعِ، وَهُوَ مُتَبَرَّزُنَا، وَكُنَّا لاَ نَخْرُجُ إِلاَّ لَيْلاً إِلَى لَيْلٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تُتَّخَذَ الكُنُفُ قَرِيْباً مِنْ بُيُوْتِنَا، وَأَمْرُنَا أَمْرُ العَرَبِ الأَوَّلِ مِنَ التَّبَرُّزِ قِبَلَ الغَائِطِ، وَكُنَّا نَتَأَذَّى بِالكُنُفِ أَنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوْتِنَا.
فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ بِنْتُ أَبِي رُهْمٍ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَأُمُّهَا: ابْنَةُ صَخْرِ بنِ عَامِرٍ خَالَةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ، وَابْنُهَا مِسْطَحُ بنُ أُثَاثَةَ بنِ المُطَّلِبِ، فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَهِيَ قِبَلَ بَيْتِي، قَدْ فَرَغْنَا مِنْ شَأْنِنَا، فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ فِي مِرْطِهَا،
فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ.فَقُلْتُ لَهَا: بِئْسَ مَا قُلْتِ، أَتَسُبِّيْنَ رَجُلاً شَهِدَ بَدْراً؟
قَالَتْ: أَيْ هَنْتَاهُ، أَوَ لَمْ تَسْمَعِي مَا قَالَ؟
قُلْتُ: وَمَا ذَاكَ؟
فَأَخْبَرَتْنِي الخَبَرَ، فَازْدَدْتُ مَرَضاً عَلَى مَرَضِي.
فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي، وَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: (كَيْفَ تِيْكُمْ؟) .
فَقُلْتُ: أَتَأْذَنُ لِي أَنْ آتِيَ أَبَوَيَّ، وَأَنَا حِيْنَئِذٍ أُرِيْدُ أَنْ أَسْتَيْقِنَ الخَبَرَ مِنْ قِبَلِهَمَا، فَأَذِنَ لِي، فَجِئْتُ أَبَوَيَّ.
فَقُلْتُ: يَا أُمَّتَاهُ! مَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ؟
قَالَتْ: يَا بُنَيَّةُ! هَوِّنِي عَلَيْكِ، فَوَاللهِ لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ وَضِيْئَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا، لَهَا ضَرَائِرُ إِلاَّ كَثَّرْنَ عَلَيْهَا.
فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللهِ، وَقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بِهَذَا؟!
فَبَكَيْتُ اللَّيْلَةَ حَتَّى لاَ يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ، وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، ثُمَّ أَصْبَحْتُ أَبْكِي، فَدَعَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلِيَّ بنَ أَبِي طَالِبٍ، وَأُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ حِيْنَ اسْتَلْبَثَ الوَحْيُ يَسْتَأْمِرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ.
فَأَمَّا أُسَامَةُ: فَأَشَارَ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ بِالَّذِي يَعْلَمُ مِنْ بَرَاءةِ أَهْلِهِ، وَبِالَّذِي يَعْلَمُ لَهُمْ فِي نَفْسِهِ مِنَ الوُدِّ، فَقَالَ:
يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَهْلُكَ وَلاَ نَعْلَمُ إِلاَّ خَيْراً.
وَأَمَّا عَلِيٌّ، فَقَالَ: لَمْ يُضَيِّقِ اللهُ عَلَيْكَ، وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيْرٌ، وَاسْأَلِ الجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ.
فَدَعَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَرِيْرَةَ، فَقَالَ: (أَيْ بَرِيْرَةُ، هَلْ رَأَيْتِ مِنْ شَيْءٍ يَرِيْبُكِ؟) .
قَالَتْ: لاَ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، إِنْ رَأَيْتُ عَلَيْهَا أَمْراً أَغْمِصُهُ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيْثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عَنْ عَجِيْنِ أَهْلِهَا، فَيَأْتِي الدَّاجِنُ فَيَأْكُلُهُ.
فَقَامَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أُبَيِّ ابْنِ سَلُوْلٍ، فَقَالَ وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ: (يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِيْنَ! مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِ بَيْتِي، فَوَاللهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلاَّ خَيْراً، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلاً مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلاَّ خَيْراً، وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلاَّ مَعِي) .فَقَامَ سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ، فَقَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَنَا أَعْذِرُكَ مِنْهُ، إِنْ كَانَ مِنَ الأَوْسِ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنَ الخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ.
فَقَامَ سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ - وَهُوَ سَيِّدُ الخَزْرَجِ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلاً صَالِحاً، وَلَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الحَمِيَّةُ - فَقَالَ سَعْدٌ:
كَذَبْتَ - لَعَمْرُ اللهِ - لاَ تَقْتُلُهُ، وَلاَ تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ.
فَقَامَ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ - وَهُوَ ابْنُ عَمِّ سَعْدِ بنِ مُعَاذٍ - فَقَالَ:
كَذَبْتَ - لَعَمْرُ اللهِ - لَنَقْتُلَنَّهُ، فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ المُنَافِقِيْنَ.
فَتَثَاوَرَ الحَيَّانِ الأَوْسُ وَالخَزْرَجُ، حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا، وَرَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَائِمٌ عَلَى المِنْبَرِ، فَلَمْ يَزَلْ يَخْفِضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا، وَسَكَتَ.
قَالَتْ: فَبَكَيْتُ يَوْمِي ذَلِكَ وَلَيْلَتِي، لاَ يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ، وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، فَأَصْبَحَ أَبَوَايَ عِنْدِي، وَقَدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ وَيَوْماً، لاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، وَلاَ يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ البُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي.
فَبَيْنَمَا هُمَا جَالِسَانِ عِنْدِي وَأَنَا أَبْكِي، اسْتَأْذَنَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَأَذِنْتُ لَهَا، فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي.
فَبَيْنَمَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ، دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَلَّمَ، ثُمَّ
جَلَسَ، وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِي مُنْذُ قِيْلَ لِي مَا قِيْلَ، وَلَقَدْ لَبِثَ شَهْراً لاَ يُوْحَى إِلَيْهِ فِي شَأْنِي شَيْءٌ.قَالَتْ: فَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قَالَ: (أَمَّا بَعْدُ يَا عَائِشَةُ، فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ كُنْتِ بَرِيْئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللهُ، وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرِي اللهَ، وَتُوْبِي إِلَيْهِ، فَإِنَّ العَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ بِذَنْبِهِ ثُمَّ تَابَ، تَابَ اللهُ عَلَيْهِ) .
فَلَمَّا قَضَى مَقَالَتْهُ، قَلَصَ دَمْعِي، حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً.
فَقُلْتُ لأَبِي: أَجِبْ رَسُوْلَ اللهِ فِيْمَا قَالَ.
قَالَ: وَاللهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُوْلُ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فَقُلْتُ لأُمِّي: أَجِيْبِي رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قَالَتْ: مَا أَدْرِي مَا أَقُوْلُ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فَقُلْتُ - وَأَنَا يَوْمئذٍ حَدِيْثَةُ السِّنِّ، لاَ أَقْرَأُ كَثِيْراً مِنَ القُرْآنِ -: إِنِّي -وَاللهِ- لَقَدْ عَلِمْتُ، لَقَدْ سَمِعْتُمْ هَذَا الحَدِيْثَ حَتَّى اسْتَقَرَّ فِي أَنْفُسِكُمْ، وَصَدَّقْتُمْ بِهِ، فَلَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ إِنِّي بَرِيْئَةٌ - وَاللهُ يَعْلَمُ أَنِّي بَرِيْئَةٌ - لاَ تُصَدِّقُونِي بِذَلِكَ، وَلَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ - وَاللهُ يَعْلَمُ أَنِّي بَرِيْئَةٌ - لَتُصَدِّقُنِّي، وَاللهِ مَا أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلاً إِلاَّ قَوْلَ أَبِي يُوْسَفَ: {فَصَبْرٌ جَمِيْلٌ، وَاللهُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُوْنَ} [يُوْسُفُ: 18] .
ثُمَّ تَحَوَّلْتُ، فَاضْطَجَعْتُ عَلَى فِرَاشِي، وَأَنَا أَعْلَمُ أَنِّي بَرِيْئَةٌ، وَأَنَّ اللهَ -تَعَالَى- يُبَرِّئُنِي بِبَرَاءتِي، وَلَكِنْ -وَاللهِ- مَا ظَنَنْتُ أَنَّ اللهَ يُنْزِلُ فِي شَأْنِي وَحْياً يُتْلَى، وَلَشَأْنِي كَانَ فِي نَفْسِي أَحْقَرُ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللهُ فِيَّ بِأَمْرٍ يُتْلَى، وَلَكِنْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللهُ بِهَا.
قَالَتْ: فَوَاللهِ مَا قَامَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلاَ خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ البَيْتِ،
حَتَّى نَزَلَ عَلَيْهِ الوَحْيُ.فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ البُرَحَاءِ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِثْلُ الجُمَانِ مِنَ العَرَقِ، وَهُوَ فِي يَوْمٍ شَاتٍ، مِنْ ثِقَلِ القَوْلِ الَّذِي يَنْزِلُ عَلَيْهِ.
فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ وَهُوَ يَضْحَكُ، كَانَ أَوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا: (يَا عَائِشَةُ، أَمَا -وَاللهِ - لَقَدْ بَرَّأَكِ اللهُ) .
فَقَالَتْ أُمِّي: قُوْمِي إِلَيْهِ.
فَقُلْتُ: وَاللهِ لاَ أَقُوْمُ إِلَيْهِ، وَلاَ أَحْمَدُ إِلاَّ اللهَ.
وَأَنْزَلَ اللهُ -تَعَالَى -: {إِنَّ الَّذِيْنَ جَاؤُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُم} [النُّوْرُ: 11] العَشْرُ الآيَاتُ كُلُّهَا.
فَلَمَّا أَنْزَلَ اللهُ هَذَا فِي بَرَاءتِي، قَالَ أَبُو بَكْرٍ - وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ لِقَرَابَتِهِ وَفَقْرِهِ -:
وَاللهِ لاَ أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئاً أَبَداً بَعْدَ الَّذِي قَالَ لِعَائِشَةَ.
فَأُنْزِلَتْ: {وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُو الفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُوْلِي القُرْبَى وَالمَسَاكِيْنَ وَالمُهَاجِرِيْنَ فِي سَبِيْلِ اللهِ، وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا، أَلاَ تُحِبُّوْنَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ} [النُّوْرُ: 22] .
قَالَ: بَلَى -وَاللهِ- إِنِّي لأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لِي.
فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِي كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ، وَقَالَ: وَاللهِ لاَ أَنْزِعُهَا مِنْهُ أَبَداً.
قَالَتْ: وَكَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْأَلُ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ عَنِ أَمْرِي، فَقَالَتْ:
أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي، مَا عَلِمْتُ إِلاَّ خَيْراً، وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِيْنِي مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَعَصَمَهَا اللهُ بِالوَرَعِ، وَطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ تُحَارِبُ لَهَا، فَهَلَكَتْ فِيْمَنْ هَلَكَ مِنْ أَصْحَابِ الإِفْكِ.
وَهَذَا الحَدِيْثُ: لَهُ طُرُقٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ.وَرَوَاهُ: هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ.
قَالَ أَبُو مَعْشَرٍ السِّنْدِيُّ : حَدَّثَنِي أَفْلَحُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ المُغِيْرَةِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ الوَلِيْدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ ... ، فَذَكَرَ حَدِيْثَ الإِفْكِ بِطُوْلِهِ.
وَفِيْهِ: أَنَّ ذَاكَ فِي غَزْوَةِ بَنِي المُصْطَلِقِ، وَأَنَّ سَهْمَهَا وَسَهْمَ أُمِّ سَلَمَةَ خَرَجَ.
وَرَوَى: مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ الوَلِيْدِ، فَقَالَ: الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ: عَلِيٌّ.
فَقُلْتُ: لاَ، حَدَّثَنِي سَعِيْدٌ، وَعُرْوَةُ، وَعَلْقَمَةُ، وَعُبَيْدُ اللهِ، كُلُّهُمْ سَمِعَ عَائِشَةَ تَقُوْلُ: إِنَّ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ أُبَيٍّ.
فَقَالَ لِي: فَمَا كَانَ جُرْمُهُ؟
قُلْتُ: سُبْحَانَ اللهِ، حَدَّثَنِي مِنْ قَوْمِكَ أَبُو سَلَمَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُمَا سَمِعَا عَائِشَةَ تَقُوْلُ: كَانَ مُسِيْئاً فِي أَمْرِي.
يُوْنُسُ بنُ بُكَيْرٍ: عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي بَكْرٍ بنِ حَزْمٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
لَمَّا تَلاَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- القِصَّةَ الَّتِي نَزَلَ
بِهَا عُذْرِي عَلَى النَّاسِ نَزَلَ، فَأَمَرَ بِرَجُلَيْنِ وَامْرَأَةٍ مِمَّنْ كَانَ تَكَلَّمَ بِالفَاحِشَةِ فِي عَائِشَةَ، فُجُلِدُوا الحَدَّ.قَالَ: وَكَانَ رَمَاهَا: ابْنُ أُبَيٍّ، وَمِسْطَحٌ، وَحَسَّانٌ، وَحَمْنَةُ.
الأَعْمَشُ: عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوْقٍ، قَالَ:
دَخَلَ حَسَّانُ بنُ ثَابِتٍ عَلَى عَائِشَةَ يُشَبِّبُ بِأَبْيَاتٍ لَهُ فِيْهَا، فَقَالَ:
حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيْبَةٍ ... وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُوْمِ الغَوَافِلِ
قَالَتْ: لَسْتُ كَذَاكَ.
فَقُلْتُ: تَدَعِيْنَ مِثْلَ هَذَا يَدْخُلُ عَلَيْكِ، وَقَدْ أَنْزَلَ اللهُ - تَعَالَى -: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُم لَهُ عَذَابٌ عَظِيْمٌ} [النُّوْرُ: 11] .
قَالَتْ: وَأَيُّ عَذَابٍ أَشَدُّ مِنَ العَمَى.
ثُمَّ قَالَتْ: كَانَ يَرُدُّ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيُّ، قَالَ:كَانَ صَفْوَانُ بنُ المُعَطَّلِ قَدْ كَثَّرَ عَلَيْهِ حَسَّانٌ فِي شَأْنِ عَائِشَةَ، وَقَالَ يُعَرِّضُ بِهِ:
أَمْسَى الجَلاَبِيْبُ قَدْ عَزُّوا وَقَدْ كَثُرُوا ... وَابْنُ الفُرَيْعَةِ أَمْسَى بَيْضَةَ البَلَدِ
فَاعْتَرَضَهُ صَفْوَانُ لَيْلَةً وَهُوَ آتٍ مِنْ عِنْدِ أَخْوَالِهِ بَنِي سَاعِدَةَ، فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ عَلَى رَأْسِهِ، فَاسْتَعْدَوْا عَلَيْهِ ثَابِتَ بنَ قَيْسٍ، فَجَمَعَ يَدَيْهِ إِلَى عُنُقِهِ بِحَبْلٍ، وَقَادَهُ إِلَى دَارِ بَنِي حَارِثَةَ.
فَلَقِيَهُ ابْنُ رَوَاحَةَ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟
فَقَالَ: مَا أَعْجَبَكَ، إِنَّهُ عَدَا عَلَى حَسَّانٍ بِالسَّيْفِ، فَوَاللهِ مَا أُرَاهُ إِلاَّ قَدْ قَتَلَهُ.
فَقَالَ: هَلْ عَلِمَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَا صَنَعْتَ بِهِ؟
فَقَالَ: لاَ.
فَقَالَ: وَاللهِ لَقَدِ اجْتَرَأْتَ، خَلِّ سَبِيْلَهُ، فَسَنَغْدُو عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَنُعْلِمَهُ أَمْرَهُ.
فَخَلَّى سَبِيْلَهُ، فَلَمَّا أَصْبَحُوا غَدَوْا عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَذَكَرُوا لَهُ ذَلِكَ.
فَقَالَ: (أَينَ ابْنُ المُعَطَّلِ؟) .
فَقَامَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: هَا أَنَا ذَا يَا رَسُوْلَ اللهِ.
فَقَالَ: (مَا دَعَاكَ إِلَى مَا صَنَعْتَ؟) .
قَالَ: آذَانِي يَا رَسُوْلَ اللهِ، وَكَثَّرَ عَلَيَّ، وَلَمْ يَرْضَ حَتَّى عَرَّضَ بِي فِي الهِجَاءِ، فَاحْتَمَلَنِي الغَضَبُ، وَهَا أَنَا ذَا، فَمَا كَانَ عَلَيَّ مِنْ حَقٍّ، فَخُذْنِي بِهِ.
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (ادْعُوا لِي حَسَّانَ بنَ ثَابِتٍ) .
فَأُتِيَ بِهِ، فَقَالَ: (يَا
حَسَّانُ! أَتَشَوَّهْتَ عَلَى قَوْمِي أَنْ هَدَاهُمُ اللهُ لِلإِسْلاَمِ - يَقُوْلُ: تَنَفَّسْتَ عَلَيْهِم - يَا حَسَّانُ، أَحْسِنْ فِيْمَا أَصَابَكَ) .قَالَ: هِيَ لَكَ يَا رَسُوْلَ اللهِ.
فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سِيْرِيْنَ القُبْطِيَّةَ، فَوَلَدَتْ لَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، وَأَعْطَاهُ أَرْضاً كَانَتْ لأَبِي طَلْحَةَ، تَصَدَّقَ بِهَا أَبُو طَلْحَةَ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَالَ حَسَّانُ فِي عَائِشَةَ:
رَأَيْتُكِ - وَلْيَغْفِرْ لَكِ اللهُ - حُرَّةً ... مِنَ المُحْصَنَاتِ غَيْرِ ذَاتِ غَوَائِلِ
حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيْبَةٍ ... وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُوْمِ الغَوَافِلِ
وَإِنَّ الَّذِي قَدْ قِيْلَ لَيْسَ بِلائِقٍ ... بِكِ الدَّهْرَ بَلْ قِيْلُ امْرِئٍ مُتَمَاحِلِ
فَإِنْ كُنْتُ أَهْجُوْكُمْ كَمَا بَلَّغُوْكُمُ ... فَلاَ رَفَعَتْ سَوطِي إِلَيَّ أَنَامِلِي
وَكَيْفَ وُوُدِّي مَا حَيِيْتُ وُنُصْرَتِي ... لآلِ رَسُوْلِ اللهِ زَيْنِ المَحَافِلِ
وَإِنَّ لَهُمْ عِزّاً يُرَى النَّاسُ دُوْنَهُ ... قِصَاراً وَطَالَ العِزُّ كُلَّ التَّطَاوُلِ
عَقِيْلَةُ حَيٍّ مِنْ لُؤَيِّ بنِ غَالِبٍ ... كِرَامِ المَسَاعِي مَجْدُهُمْ غَيْرُ زَائِلِ
مُهَذَّبَةٌ قَدْ طَيَّبَ اللهُ خِيْمَهَا ... وَطَهَّرَهَا مِنْ كُلِّ سُوْءٍ وَبَاطِلِ
ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ بِلاَلٍ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَرَأَيْتَ لَو أَنَّكَ
نَزَلْتَ وَادِياً فِيْهِ شَجَرَةٌ قَدْ أُكِلَ مِنْهَا، وَوَجَدْتَ شَجَرَةً لَمْ يُؤْكَلْ مِنْهَا، فَأَيُّهُمَا كُنْتَ تُرْتِعُ بَعِيْرَكَ؟قَالَ: (الشَّجَرَةَ الَّتِي لَمْ يُؤْكَلْ مِنْهَا) .
قَالَتْ: فَأَنَا هِيَ.
تَعْنِي: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَتَزَوَّجْ بِكْراً غَيْرَهَا.
سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ أَبِي سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -: مَا تَزَوَّجَنِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى أَتَاهُ جِبْرِيْلُ بِصُوْرَتِي، وَقَالَ: هَذِهِ زَوْجَتُكَ.
فَتَزَوَّجَنِي، وَإِنِّي لَجَارِيَةٌ عَلَيَّ حَوْفٌ، وَلَمَّا تَزَوَّجَنِي وَقَعَ عَلَيَّ الحَيَاءُ، وَإِنِّي لَصَغِيْرَةٌ.
تَفَرَّدَ بِهِ: أَبُو سَعْدٍ، وَهُوَ سَعِيْدُ بنُ المَرْزُبَانِ البَقَّالُ، لَيِّنُ الحَدِيْثِ.
وَالحَوْفُ: شَيْءٌ يُشَدُّ فِي وَسَطِ الصَّبِيِّ مِنْ سُيُوْرٍ.
يَحْيَى بنُ يَمَانٍ: عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أُمَيَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
تَزَوَّجَنِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي شَوَّالٍ، وَأَعْرَسَ بِي فِي شَوَّالٍ، فَأَيُّ نِسَائِهِ كَانَ أَحْظَى عِنْدَهُ مِنِّي ؟
وَكَانَتِ العَرَبُ تَسْتَحِبُّ لِنِسَائِهَا أَنْ يُدْخَلْنَ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ فِي شَوَّالٍ.
وَقَالَتْ عَائِشَةُ: مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيْجَةَ، مِنْ كَثْرَةِ مَا كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَذْكُرُهَا. قُلْتُ: وَهَذَا مِنْ أَعْجَبِ شَيْءٍ أَنْ تَغَارَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - مِنِ امْرَأَةٍ عَجُوْزٍ، تُوُفِّيَتْ قَبْلَ تَزَوُّجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعَائِشَةَ بِمُدَيْدَةٍ، ثُمَّ يَحْمِيْهَا اللهُ مِنَ الغَيْرَةِ مِنْ عِدَّةِ نِسْوَةٍ يُشَارِكْنَهَا فِي النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَهَذَا مِنْ أَلْطَافِ اللهِ بِهَا وَبِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِئَلاَّ يَتَكَدَّرَ عَيْشُهُمَا، وَلَعَلَّهُ إِنَّمَا خَفَّفَ أَمْرَ الغَيْرَةِ عَلَيْهَا حُبُّ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَهَا، وَمَيْلُهُ إِلَيْهَا، فَرَضِيَ اللهُ عَنْهَا وَأَرْضَاهَا.
مَعْمَرٌ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ:
دَخَلَتِ امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَقْبَلَ عَلَيْهَا.
قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَقْبَلْتَ عَلَى هَذِهِ السَّوْدَاءِ هَذَا الإِقْبَالَ.
فَقَالَ: (إِنَّهَا كَانَتْ تَدْخُلُ عَلَى خَدِيْجَةَ، وَإِنَّ حُسْنَ العَهْدِ مِنَ الإِيْمَانِ).
أَخْبَرَنَا أَبُو الفِدَاءِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُعَدَّلُ، أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ المَقْدِسِيُّ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحَسَنِ الدَّقَّاقُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيِّ بنِ زِكْرِيٍّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ المُعَدَّلُ، قَالَ:حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو الرَّزَّازُ، حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - أَنَّهَا قَالَتْ:
مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّداً -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأَى رَبَّهُ، فَقَدْ أَعْظَمَ الفِرْيَةَ عَلَى اللهِ -تَعَالَى- وَلَكِنَّهُ رَأَى جِبْرِيْلَ مَرَّتَيْنِ فِي صُوْرَتِهِ وَخَلْقِهِ سَادّاً مَا بَيْنَ الأُفُقِ.
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحُ الإِسْنَادِ.وَلَمْ يَأْتِنَا نَصٌّ جَلِيٌّ بِأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأَى اللهَ -تَعَالَى- بِعَيْنَيْهِ، وَهَذِهِ المَسْأَلَةُ مِمَّا يَسَعُ المَرْءَ المُسْلِمَ فِي دِيْنِهِ السُّكُوتُ عَنْهَا.
فَأَمَّا رُؤْيَةُ المَنَامِ: فَجَاءتْ مِنْ وُجُوْهٍ مُتَعَدِّدَةٍ مُسْتَفِيْضَةٍ.
وَأَمَّا رُؤْيَةُ اللهِ عِيَاناً فِي الآخِرَةِ: فَأَمْرٌ مُتَيَقَّنٌ، تَوَاتَرَتْ بِهِ النُّصُوْصُ، جَمَعَ أَحَادِيْثَهَا: الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالبَيْهَقِيُّ، وَغَيْرُهُمَا.
أَبُو الحَسَنِ المَدَائِنِيُّ: عَنْ يَزِيْدَ بنِ عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
دَخَلَ عُيَيْنَةُ بنُ حِصْنٍ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعِنْدَهُ عَائِشَةُ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ الحِجَابُ، فَقَالَ:
مَنْ هَذِهِ الحُمَيْرَاءُ يَا رَسُوْلَ اللهِ؟
قَالَ: (هَذِهِ عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ) .
قَالَ: أَفَلاَ أَنْزِلُ لَكَ عَنْ أَجْمَلِ النِّسَاءِ؟
قَالَ: (لاَ) .
فَلَمَّا خَرَجَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: مَنْ هَذَا يَا رَسُوْلَ اللهِ؟
قَالَ: (هَذَا الأَحْمَقُ المُطَاعُ فِي قَوْمِهِ) .
هَذَا حَدِيْثٌ مُرْسَلٌ، وَيَزِيْدُ مَتْرُوكٌ، وَمَا أَسْلَمَ عُيَيْنَةُ إِلاَّ بَعْدَ نُزُولِ الحِجَابِ.
وَقَدْ قِيْلَ: إِنَّ كُلَّ حَدِيْثٍ فِيْهِ: يَا حُمَيْرَاءُ، لَمْ يَصِحَّ، وَأَوْهَى ذَلِكَ
تَشْمِيْسُ المَاءِ، وَقَوْلُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَهَا: لَا تَفْعَلِي يَا حُمَيْرَاءُ، فَإِنَّهُ يُوْرِثُ البَرَصَ، فَإِنَّهُ خَبَرٌ مَوْضُوْعٌ.وَالحَمْرَاءُ فِي خِطَابِ أَهْلِ الحِجَازِ: هِيَ البَيْضَاءُ بِشُقْرَةٍ، وَهَذَا نَادِرٌ فِيْهِم، وَمِنْهُ فِي الحَدِيْثِ: رَجُلٌ أَحْمَرُ كَأَنَّهُ مِنَ المَوَالِي، يُرِيْدُ القَائِلُ: أَنَّهُ فِي لَوْنِ المَوَالِي الَّذِيْنَ سُبُوا مِنْ نَصَارَى الشَّامِ وَالرُّوْمِ وَالعَجَمِ.
ثُمَّ إِنَّ العَرَبَ إِذَا قَالَتْ: فُلاَنٌ أَبْيَضُ، فَإِنَّهُمْ يُرِيْدُوْنَ الحِنْطِيَّ اللَّوْنِ بِحِلْيَةٍ سَوْدَاءَ.
فَإِنْ كَانَ فِي لَوْنِ أَهْلِ الهِنْدِ، قَالُوا: أَسْمَرُ، وَآدَمُ.
وَإِنْ كَانَ فِي سَوَادِ التِّكْرُوْرِ، قَالُوا: أَسْوَدُ.
وَكَذَا كُلُّ مَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ السَّوَادُ، قَالُوا: أَسْوَدُ، أَوْ شَدِيْدُ الأُدْمَةِ.
وَمِنْ ذَلِكَ قُوْلُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (بُعِثْتُ إِلَى الأَحْمَرِ وَالأَسْوَدِ ) .
فَمَعْنَى ذَلِكَ: أَنَّ بَنِي آدَمَ لاَ يَنْفَكُّوْنَ عَنْ أَحَدِ الأَمْرَيْنِ، وَكُلُّ
لَوْنٍ بِهَذَا الاعْتِبَارِ يَدُوْرُ بَيْنَ السَّوَادِ وَالبَيَاضِ الَّذِي هُوَ الحُمْرَةُ.أَحْمَدُ فِي (مُسْنَدِهِ ) : حَدَّثَنَا عَبَّادُ بنُ عَبَّادٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَقُوْلُ لَهَا: (إِنِّي أَعْرِفُ غَضَبَكِ إِذَا غَضِبْتِ، وَرِضَاكِ إِذَا رَضِيْتِ) .
قَالَتْ: وَكَيْفَ تَعْرِفُ؟
قَالَ: (إِذَا غَضِبْتِ قُلْتِ: يَا مُحَمَّدُ، وَإِذَا رَضِيْتِ قُلْتِ: يَا رَسُوْلَ اللهِ) .
هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ.
وَالمَحْفُوظُ: مَا أَخْرَجَا فِي (الصَّحِيْحَيْنِ) لأَبِي أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ بِلَفْظِ: (إِنِّي لأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى) .
قَالَتْ: وَكَيْفَ يَا رَسُوْلَ اللهِ؟
قَالَ: (إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، قُلْتِ: لاَ، وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى، قُلْتِ: لاَ، وَرَبِّ إِبْرَاهِيْمَ) .
قُلْتُ: أَجَلْ، وَاللهِ مَا أَهْجُرُ إِلاَّ اسْمَكَ.
تَابَعَهُ: عَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ، وَأَخْرَجَ: النَّسَائِيُّ حَدِيْثَ عَلِيٍّ.
هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ: عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ قِلاَدَةً فِي سَفَرٍ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَانْسَلَّتْ مِنْهَا، وَكَانَ ذَلِكَ المَكَانُ يُقَالُ لَهُ: الصُّلْصُلُ.
فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَطَلَبُوْهَا حَتَّى وَجَدُوْهَا، وَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ، وَلَمْ
يَكُنْ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَصَلَّوْا بِغَيْرِ وُضُوْءٍ.فَأَنْزَلَ اللهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ.
فَقَالَ لَهَا أُسَيْدُ بنُ الحُضَيْرِ: جَزَاكِ اللهُ خَيْراً، فَوَاللهِ مَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ قَطُّ تَكْرَهِيْنَهُ إِلاَّ جَعَلَ اللهُ لَكِ فِيْهِ خَيْراً.
رَوَاهُ: ابْنُ نُمَيْرٍ، وَعَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ، عَنْهُ.
مَالِكٌ: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ القَاسِمِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
خَرَجْنَا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالبَيْدَاءِ، أَوْ بِذَاتِ الجَيْشِ، انْقَطَعَ عِقْدِي، فَأَقَامَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْتِمَاسِهِ، وَأَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ.
فَأَتَى النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فَقَالُوا: مَا تَرَى مَا صَنَعَتْ عَائِشَةُ، أَقَامَتْ بِرَسُوْلِ اللهِ وَبِالنَّاسِ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاء!
قَالَتْ: فَعَاتَبَنِي أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَقُوْلَ، وَجَعَلَ يَطْعَنُ بِيَدِهِ فِي خَاصِرَتِي، فَلاَ يَمْنَعُنِي مِنَ التَّحَرُّكِ إِلاَّ مَكَانُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى فَخِذِي.
فَنَامَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ، فَأَنْزَلَ اللهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ، فَتَيَمَّمُوا.
فَقَالَ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ - وَهُوَ أَحَدُ النُّقَبَاءِ -: مَا هَذَا بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ.
قَالَتْ: فَبَعَثْنَا البَعِيْرَ الَّذِي كُنْتُ عَلَيْهِ، فَوَجَدْنَا العِقْدَ تَحْتَهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي (مُسْنَدِ أَحْمَدَ) : مِنْ طَرِيْقِ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عَبَّادِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى إِذَا كُنَّا بِتُرْبَانَ - بَلَدٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ المَدِيْنَةِ بَرِيْدٌ وَأَمْيَالٌ، وَهُوَ بَلَدٌ لاَ مَاءَ بِهِ - وَذَلِكَ مِنَ السَّحَرِ، انْسَلَّتْ قِلاَدَةٌ مِنْ عُنُقِي، فَوَقَعَتْ، فَحُبِسَ عَلَيَّ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لاَلْتِمَاسِهَا حَتَّى طَلَعَ الفَجْرُ، وَلَيْسَ مَعَ القَوْمِ مَاءٌ، فَلَقِيْتُ مِنْ أَبِي مَا اللهُ بِهِ عَلِيْمٌ مِنَ التَّعْنِيْفِ وَالتَّأْفِيْفِ، وَقَالَ: فِي كُلِّ سَفَرٍ لِلمُسْلِمِيْنَ مِنْكِ عَنَاءٌ وَبَلاَءٌ، فَأَنْزَلَ اللهُ الرُّخْصَةَ فِي التَّيَمُّمِ، فَتَيَمَّمَ القَوْمُ، وَصَلَّوْا.
قَالَتْ: يَقُوْلُ أَبِي حِيْنَ جَاءَ مِنَ اللهِ مِنَ الرُّخْصَةِ لِلمُسْلِمِيْنَ:
وَاللهِ مَا عَلِمْتُ يَا بُنَيَّةُ إِنَّكِ لَمُبَارَكَةٌ، مَاذَا جَعَلَ اللهُ لِلمُسْلِمِيْنَ فِي حَبْسِكِ إِيَّاهُمْ مِنَ البَرَكَةِ وَاليُسْرِ.
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ العَيْزَارِ بنِ حُرَيْثٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بنِ بَشِيْرٍ، قَالَ:
اسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِذَا عَائِشَةُ تَرْفَعُ صَوْتَهَا عَلَيْهِ، فَقَالَ:
يَا بِنْتَ فُلاَنَةٍ، تَرْفَعِيْنَ صَوْتَكِ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟
فَحَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا.
ثُمَّ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَرَضَّاهَا، وَقَالَ: (أَلَمْ تَرَيْنِي حُلْتُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَكِ؟) .
ثُمَّ اسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ مَرَّةً أُخْرَى، فَسَمِعَ تَضَاحُكَهُمَا، فَقَالَ:
أَشْرِكَانِي فِي سِلْمِكُمَا، كَمَا أَشْرَكْتُمَانِي فِي حَرْبِكُمَا.
أَخْرَجَهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، مِنْ طَرِيْقِ حَجَّاجِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يُوْنُسَ
نَحْوَهُ، لَكِنَّهُ قَالَ:عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ العَيْزَارِ، عَنِ النُّعْمَانِ.
وَرَوَاهُ: عَمْرٌو العَنْقَزِيُّ، عَنْ يُوْنُسَ، عَنْ أَبِيْهِ، فَأَسْقَطَ العَيْزَارَ.
وَرَوَى نَحْوَهُ: أَحْمَدُ فِي (مُسْنَدِهِ ) ، عَنْ وَكِيْعٍ، عَنْ إِسْرَائِيْلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ العَيْزَارِ بنِ حُرَيْثٍ، عَنِ النُّعْمَانِ.
مُوْسَى بنُ عُلَيِّ بنِ رَبَاحٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ:
أَخْبَرَنِي أَبُو قَيْسٍ مَوْلَى عَمْرٍو، قَالَ:
بَعَثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ: سَلْهَا أَكَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ؟ فَإِنْ قَالَتْ: لاَ، فَقُلْ: إِنَّ عَائِشَةَ تُخْبِرُ النَّاسَ أَنَّهُ كَانَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ.
فَقَالَتْ: لَعَلَّهُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَتَمَالَكُ عَنْهَا حُبّاً، أَمَّا إِيَّايَ فَلاَ.
أَحْمَدُ فِي (مُسْنَدِهِ) : حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا يُوْنُسُ الأَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو شَدَّادٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، قَالَتْ:
كُنْتُ صَاحِبَةَ عَائِشَةَ الَّتِي هَيَّأْتُهَا وَأَدْخَلْتُهَا عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَعِي نِسْوَةٌ، فَمَا وَجَدْنَا عِنْدَهُ قِرَىً إِلاَّ قَدَحاً مِنْ لَبَنٍ، فَشَرِبَ مِنْهُ، ثُمَّ نَاوَلَهُ عَائِشَةَ.
فَاسْتَحْيَتِ الجَارِيَةُ، فَقُلْنَا: لاَ تَرُدِّي يَدَ رَسُوْلِ اللهِ، خُذِي مِنْهُ.
فَأَخَذَتْ مِنْهُ عَلَى حَيَاءٍ، فَشَرِبَتْ، ثُمَّ قَالَ: (نَاوِلِي صَوَاحِبَكِ) .
فَقُلْنَا: لاَ نَشْتَهِيْهِ.
فَقَالَ: (لاَ تَجْمَعْنَ جُوْعاً وَكَذِباً) .
فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! إِنْ قَالَتْ إِحْدَانَا لِشَيْءٍ تَشْتَهِيْهِ
لاَ تَشْتَهِيْهِ أَيُعَدُّ كَذِباً؟قَالَ: (إِنَّ الكَذِبَ يُكْتَبُ حَتَّى تُكْتَبُ الكُذَيْبَةُ كُذَيْبَةً ) .
هَذَا حَدِيْثٌ مُنْكَرٌ، لاَ نَعْرفُهُ إِلاَّ مِنْ طَرِيْقِ أَبِي شَدَّادٍ، وَلَيْسَ بِالمَشْهُوْرِ.
قَدْ رَوَى عَنْهُ: ابْنُ جُرَيَجٍ أَيْضاً.
ثُمَّ هُوَ خَطَأٌ، فَإِنَّ أَسْمَاءَ كَانَتْ وَقْتَ عُرْسِ عَائِشَةَ بِالحَبَشَةِ مَعَ جَعْفَرِ بنِ أَبِي طَالِبٍ، وَلاَ نَعْلَمُ لِمُجَاهِدٍ سَمَاعاً عَنْ أَسْمَاءَ، أَوْ لَعَلَّهَا أَسْمَاءُ بِنْتُ يَزِيْدَ، فَإِنَّهَا رَوَتْ عَجُزَ هَذَا الحَدِيْثِ.
زَكَرِيَّا بنُ أَبِي زَائِدَةَ: عَنْ خَالِدِ بنِ سَلَمَةَ، عَنِ البَهِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ:
قَالَتْ عَائِشَةُ: مَا عَلِمْتُ حَتَّى دَخَلَتْ عَلَيَّ زَيْنَبُ بِغَيْرِ إِذْنٍ وَهِيَ غَضْبَى، ثُمَّ قَالَتْ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَحْسَبُكَ إِذَا قَلَبَتْ لَكَ بُنَيَّةُ أَبِي بَكْرٍ ذُرَيْعَتَيْهَا ؟
ثُمَّ أَقْبَلَتْ عَلَيَّ، فَأَعْرَضْتُ عَنْهَا.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (دُوْنَكِ
فَانْتَصِرِي) .فَأَقْبَلْتُ عَلَيْهَا، حَتَّى رَأَيْتُ قَدْ يَبِسَ رِيْقُهَا فِي فَمِهَا، فَمَا تَرُدُّ عَلَيَّ شَيْئاً، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ.
أَحْمَدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ النَّرْسِيُّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى الخَوَّاصُ، حَدَّثَنَا مُحَاضِرٌ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
أَتَانِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غَيْرِ يَوْمِي يَطْلُبُ مِنِّي ضَجْعاً، فَدَقَّ، فَسَمِعْتُ الدَّقَّ، ثُمَّ خَرَجْتُ، فَفَتَحْتُ لَهُ.
فَقَالَ: (مَا كُنْتِ تَسْمَعِيْنَ الدَّقَّ؟!) .
قُلْتُ: بَلَى، وَلَكِنَّنِي أَحْبَبْتُ أَنْ يَعْلَمَ النِّسَاءُ أَنَّكَ أَتَيْتَنِي فِي غَيْرِ يَوْمِي.
هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ: عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
سَابَقَنِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَبَقْتُهُ مَا شَاءَ، حَتَّى إِذَا رَهِقَنِي اللَّحْمُ سَابَقَنِي، فَسَبَقَنِي، فَقَالَ: (يَا عَائِشَةُ، هَذِهِ بِتِلْكَ).
وَرَوَاهُ: أَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ، عَنْ هِشَامٍ، فَقَالَ: عَنْ أَبِيْهِ، وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْهَا.أَخْرَجَهُ هَكَذَا: أَبُو دَاوُدَ.
أَبُو سَعْدٍ البَقَّالُ : عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيْهِ:
قَالَتْ عَائِشَةُ: تَزَوَّجَنِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِيْنَ أَتَاهُ جِبْرِيْلَ بِصُوْرَتِي، وَإِنِّي لَجَارِيَةٌ عَلَيَّ حَوْفٌ، فَلَمَّا تَزَوَّجَنِي، أَلْقَى اللهُ عَلَيَّ حَيَاءً وَأَنَا صَغِيْرَةٌ.
الحَوْفُ: سُيُوْرٌ فِي الوَسَطِ.
مِسْعَرٌ: عَنِ المِقْدَامِ بنِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُعْطِيْنِي العَظْمَ فَأَتَعَرَّقُهُ، ثُمَّ يَأْخُذُهُ، فَيُدِيْرُهُ حَتَّى يَضَعَ فَاهُ عَلَى مَوْضِعِ فَمِي.
رَوَاهُ: شُعْبَةُ، وَالنَّاسُ، عَنِ المِقْدَامِ.
أَخْرَجَهُ: مُسْلِمٌ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ، وَعَلِيُّ بنُ بَقَاءٍ، وَأَهْلُهُ فَاطِمَةُ الآمِدِيَّةُ، وَأَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الدَّبَّاغُ، وَعَبْدُ الدَّائَمِ الوَزَّانُ، وَعَبْدُ الصَّمَدِ
الزَّاهِدُ، وَمُحَمَّدُ بنُ هَاشِمٍ العَبَّاسِيُّ، وَنَصْرُ بنُ أَبِي الضَّوْءِ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ سُلَيْمَانَ، وَعِدَّةٌ، قَالُوا:أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ المُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ بنُ عِيْسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَيْمَنَ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ القَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا خَرَجَ أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَطَارَتِ القُرْعَةُ لِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ، وَكَانَ إِذَا كَانَ بِاللَّيْلِ سَارَ مَعَ عَائِشَةَ يَتَحَدَّثُ.
فَقَالَتْ حَفْصَةُ: أَلاَ تَرْكَبِيْنَ اللَّيْلَةَ بَعِيْرِي، وَأَرْكَبُ بَعِيْرَكِ تَنْظُرِيْنَ وَأَنْظُرُ؟
فَقَالَتْ: بَلَى.
فَرَكِبَتْ، فَجَاءَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى جَمَلِ عَائِشَةَ وَعَلَيْهِ حَفْصَةُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهَا.
ثُمَّ سَارَ حَتَّى نَزَلُوا، وَافْتَقَدَتْهُ عَائِشَةُ، فَلَمَّا نَزَلُوا جَعَلَتْ رِجْلَيْهَا بَيْنَ الإِذْخِرِ، وَتَقُوْلُ:
يَا رَبِّ سَلِّطْ عَلَيَّ عَقْرَباً أَوْ حَيَّةً تَلْدَغُنِي، رَسُوْلُكَ وَلاَ أَسْتَطِيْعُ أَنْ أَقُوْلَ لَهُ شَيْئاً.
أَخْرَجَهُ: مُسْلِمٌ، عَنْ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، فَوَقَعَ لَنَا بَدَلاً عَالِياً.
زِيَادُ بنُ أَيُّوْبَ: حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بنُ سَلاَّمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سُوْقَةَ، عَنْ
عَاصِمِ بنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:انْتَهَيْنَا إِلَى عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فَذَكَرَ عَائِشَةَ، فَقَالَ:
خَلِيْلَةُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ.
وَمُصْعَبٌ: فَصَالِحٌ، لاَ بَأْسَ بِهِ، وَهَذَا يَقُوْلُهُ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ فِي حَقِّ عَائِشَةَ، مَعْ مَا وَقَعَ بَيْنَهُمَا - فَرَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - وَلاَ رَيْبَ أَنَّ عَائِشَةَ نَدِمَتْ نَدَامَةً كُلِّيَّةً عَلَى مَسِيْرِهَا إِلَى البَصْرَةِ، وَحُضُورِهَا يَوْمَ الجَمَلِ، وَمَا ظَنَّتْ أَنَّ الأَمْرَ يَبْلُغُ مَا بَلَغَ.
فَعَنْ عُمَارَةَ بنِ عُمَيْرٍ، عَمَّنْ سَمِعَ عَائِشَةَ إِذَا قَرَأَتْ: {وَقَرْنَ فِي بُيُوْتِكُنَّ} [الأَحْزَابُ: 33] بَكَتْ حَتَّى تَبُلَّ خِمَارَهَا.
قَالَ أَحْمَدُ فِي (مُسْنَدِهِ) : حَدَّثَنَا يَحْيَى القَطَّانُ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ، حَدَّثَنَا قَيْسٌ، قَالَ:
لَمَّا أَقْبَلَتْ عَائِشَةُ، فَلَمَّا بَلَغَتْ مِيَاهَ بَنِي عَامِرٍ لَيْلاً نَبَحَتِ الكِلاَبُ.
فَقَالَتْ: أَيُّ مَاءٍ هَذَا؟
قَالُوا: مَاءُ الحَوْأَبِ.
قَالَتْ: مَا أَظُنُّنِي إِلاَّ أَنَّنِي رَاجِعَةٌ.
قَالَ بَعْضُ مَنْ كَانَ مَعَهَا: بَلْ تَقْدَمِيْنَ، فَيَرَاكِ المُسْلِمُوْنَ، فَيُصْلِحُ اللهُ ذَاتَ بَيْنِهِمْ.
قَالَتْ: إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ: (كَيْفَ بِإِحْدَاكُنَّ تَنْبُحُ عَلَيْهَا كِلاَبُ الحَوْأَبِ) 02) .
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحُ الإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجُوْهُ.عَنْ صَالِحِ بنِ كَيْسَانَ، وَغَيْرِهِ:
أَنَّ عَائِشَةَ جَعَلَتْ تَقُوْلُ: إِنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ مَظْلُوْماً، وَأَنَا أَدْعُوْكُمْ إِلَى الطَّلَبِ بِدَمِهِ، وَإِعَادَةِ الأَمْرِ شُوْرَى.
هِلاَلُ بنُ خَبَّابٍ: عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
أَنَّهُ قَالَ لِلزُّبَيْرِ يَوْمَ الجَمَلِ: هَذِهِ عَائِشَةُ تُمَلِّكُ المُلْكَ لِقَرَابَتِهَا طَلْحَةَ، فَأَنْتَ عَلاَمَ تُقَاتِلُ قَرِيْبَكَ عَلِيّاً.
فَرَجَعَ الزُّبَيْرُ، فَلَقِيَهُ ابْنُ جُرْمُوْزٍ، فَقَتَلَهُ.
قُلْتُ: قَدْ سُقْتُ وَقْعَةَ الجَمَلِ مُلَخَّصَةً فِي مَنَاقِبِ عَلِيٍّ، وَإِنَّ عَلِيّاً وَقَفَ عَلَى خِبَاءِ عَائِشَةَ يَلُوْمُهَا عَلَى مَسِيْرِهَا.
فَقَالَتْ: يَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ، مَلَكْتَ فَأَسْجِحْ.
فَجَهَّزَهَا إِلَى المَدِيْنَةِ، وَأَعْطَاهَا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفاً، فَرَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَعَنْهَا.
وَفِي (صَحِيْحِ البُخَارِيِّ) : مِنْ طَرِيْقِ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ زِيَادٍ، عَنْ عَمَّارِ بنِ يَاسِرٍ:
سَمِعَهُ عَلَى المِنْبَرِ يَقُوْلُ: إِنَّهَا لَزَوْجَةُ نَبِيِّنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ - يَعْنِي عَائِشَةَ -.
وَفِي لَفْظِ ثَابِتٍ: أَشْهَدُ بِاللهِ إِنَّهَا لَزَوْجَتُهُ.
شُعْبَةُ: عَنِ الحَكَمِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ:
سَمِعَ عَمَّاراً يَقُوْلُ حِيْنَ بَعَثَهُ عَلِيٌّ إِلَى الكُوْفَةِ لِيَسْتَنْفِرَ النَّاسَ: إِنَّا لَنَعْلَمُ إِنَّهَا لَزَوْجَةُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَلَكِنَّ اللهَ ابْتَلاَكُمْ بِهَا، لِتَتَّبِعُوْهُ أَوْ إِيَّاهَا.
أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ: عَنْ عَمْرِو بنِ غَالِبٍ:أَنَّ رَجُلاً نَالَ مِنْ عَائِشَةَ عِنْدَ عَمَّارٍ، فَقَالَ: اغْرُبْ مَقْبُوْحاً، أَتُؤْذِي حَبِيْبَةَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟!
صَحَّحَهُ: التِّرْمِذِيُّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ.
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بنُ مَسْعَدَةَ، حَدَّثَنَا زِيَادُ بنُ الرَّبِيْعِ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ سَلَمَةَ المَخْزُوْمِيُّ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوْسَى، قَالَ:
مَا أَشْكَلَ عَلَيْنَا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدِيْثٌ قَطُّ، فَسَأَلْنَا عَائِشَةَ إِلاَّ وَجَدْنَا عِنْدَهَا مِنْهُ عِلْماً.
هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ غَرِيْبٌ.
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ المُبَارَكِ: حَدَّثَنَا زِيَادُ بنُ الرَّبِيْعِ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ أَبِي سَلَمَةَ المَخْزُوْمِيُّ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: مَا أَشْكَلَ عَلَيْنَا ... ، فَذَكَرَهُ.
فَأَمَّا زِيَادٌ: فَثِقَةٌ.
وَخَالِدٌ - صَوَابُهُ: ابْنُ سَلَمَةَ -: احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ.
بِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ بنِ خُثَيْمٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ ذَكْوَانَ أَبَا عَمْرٍو حَدَّثَهُ، قَالَ:
جَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- يَسْتَأْذِنُ عَلَى عَائِشَةَ وَهِيَ فِي المَوْتِ.
قَالَ: فَجِئْتُ، وَعِنْدَ رَأْسِهَا عَبْدُ اللهِ ابْنُ
أَخِيْهَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقُلْتُ:هَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ يَسْتَأْذِنُ.
قَالَتْ: دَعْنِي مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، لاَ حَاجَةَ لِي بِهِ، وَلاَ بِتَزْكِيَتِهِ.
فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: يَا أُمَّه! إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ مِنْ صَالِحِي بَنِيْكِ يُوَدِّعُكِ، وَيُسَلِّمُ عَلَيْكِ.
قَالَتْ: فَائْذَنْ لَهُ إِنْ شِئْتَ.
قَالَ: فَجَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَلَمَّا قَعَدَ، قَالَ:
أَبْشِرِي، فَوَاللهِ مَا بَيْنَكِ وَبَيْنَ أَنْ تُفَارِقِي كُلَّ نَصَبٍ وَتَلْقَيْ مُحَمَّداً -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالأَحِبَّةَ إِلاَّ أَنْ تُفَارِقَ رُوْحُكِ جَسَدَكِ.
قَالَتْ: إِيْهاً يَا ابْنَ عَبَّاسٍ.
قَالَ: كُنْتِ أَحَبَّ نِسَاءِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -يَعْنِي: إِلَيْهِ- وَلَمْ يَكُنْ يُحِبُّ إِلاَّ طَيِّباً، سَقَطَتْ قِلاَدَتُكِ لَيْلَةَ الأَبْوَاءِ، وَأَصْبَحَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِيَلْقُطَهَا، فَأَصْبَحَ النَّاسُ لَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَأَنْزَلَ اللهُ: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيْداً طَيِّباً } [النِّسَاءُ: 42] ، فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ سَبَبِكِ، وَمَا أَنْزَلَ اللهُ بِهَذِهِ الأُمَّةِ مِنَ الرُّخْصَةِ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ -تَعَالَى- بَرَاءتَكِ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ، فَأَصْبَحَ لَيْسَ مَسْجِدٌ مِنْ مَسَاجِدَ يُذْكَرُ فِيْهَا اللهُ إِلاَّ بَرَاءتُكِ تُتْلَى فِيْهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ.
قَالَتْ: دَعْنِي عَنْكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، فَوَاللهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ نَسْياً مَنْسِيّاً.
يَحْيَى القَطَّانُ: عَنْ عُمَرَ بنِ سَعِيْدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ:
أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ اسْتَأْذنَ عَلَى عَائِشَةَ وَهِيَ مَغْلُوْبَةٌ، فَقَالَتْ:
أَخْشَى أَنْ يُثْنِي عَلَيَّ.
فَقِيْلَ: ابْنُ عَمِّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمِنْ وُجُوْهِ المُسْلِمِيْنَ.
قَالَتْ: ائْذَنُوا لَهُ.
فَقَالَ: كَيْفَ تَجِدِيْنَكِ؟
فَقَالَتْ: بِخَيْرٍ إِنِ اتَّقَيْتُ.
قَالَ: فَأَنْتِ بِخَيْرٍ - إِنْ شَاءَ اللهُ -
زَوْجَةُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَمْ يَتَزَوَّجْ بِكْراً غَيْرَكِ، وَنَزَلَ عُذْرُكِ مِنَ السَّمَاءِ.فَلَمَّا جَاءَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، قَالَتْ لَهُ:
جَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَثْنَى عَلَيَّ، وَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ نَسْياً مَنْسِيّاً.
وَقَالَ القِاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ: اشْتَكَتْ عَائِشَةُ، فَجَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَقَالَ:
يَا أُمَّ المُؤْمِنِيْنَ، تَقْدَمِيْنَ عَلَى فَرَطِ صِدْقٍ، عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَلَى أَبِي بَكْرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -.
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الخَالِقِ بنُ عُلْوَانَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ قُدَامَةَ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ البَطِّيِّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ بِشْرَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ بنُ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي العَوَّامِ، حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَبُو مَسْعُوْدٍ الجَرَّارُ، عَنْ عَلِيِّ بنِ الأَقْمَرِ، قَالَ:
كَانَ مَسْرُوْقٌ إِذَا حَدَّثَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَ:
حَدَّثَتْنِي الصِّدِّيْقَةُ بِنْتُ الصِّدِّيْقِ، حَبِيْبَةُ حَبِيْبِ اللهِ، المُبَرَّأَةُ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ، فَلَمْ أَكْذِبْهَا.
الأَعْمَشُ: عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوْقٍ، قَالَ:
قُلْنَا لَهُ: هَلْ كَانَتْ
عَائِشَةُ تُحْسِنُ الفَرَائِضَ؟قَالَ: وَاللهِ لَقَدْ رَأَيْتُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الأَكَابِرَ يَسْأَلُوْنَهَا عَنِ الفَرَائِضِ.
أَنْبَأَنَا ابْنُ قُدَامَةَ، وَابْنُ عِلاَّنَ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا حَنْبَلٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الحُصَيْنِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ المُذْهَبِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُعَاوِيَةَ الزُّبَيْرِيُّ، قَدِمَ عَلَيْنَا مَكَّةَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، قَالَ:
كَانَ عُرْوَةُ يَقُوْلُ لِعَائِشَةَ: يَا أُمَّتَاهُ! لاَ أَعْجَبُ مِنْ فِقْهِكِ، أَقُوْلُ: زَوْجَةُ نَبِيِّ اللهِ، وَابْنَةُ أَبِي بَكْرٍ، وَلاَ أَعْجَبُ مِنْ عِلْمِكِ بِالشِّعْرِ وَأَيَّامِ النَّاسِ، أَقُوْلُ: ابْنَةُ أَبِي بَكْرٍ، وَكَانَ أَعْلَمَ النَّاسِ، وَلَكِنْ أَعْجَبُ مِنْ عِلْمِكِ بِالطِّبِّ [كَيْفَ هُوَ، وَمِنْ] أَيْنَ هُوَ، أَوْ مَا هُوَ؟!
قَالَ: فَضَرَبَتْ عَلَى مَنْكِبِهِ، وَقَالَتْ:
أَيْ عُرَيَّةُ، إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَسْقَمُ عِنْدَ آخِرِ عُمُرِهِ - أَوْ فِي آخِرِ عُمُرِهِ - وَكَانَتْ تَقْدَمُ عَلَيْهِ وُفُودُ العَرَبِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، فَتَنْعَتُ لَهُ الأَنْعَاتَ، وَكُنْتُ أُعَالِجُهَا لَهُ، فَمِنْ ثَمَّ.
قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ قَايْمَازَ: أَخْبَرَكُمْ مُحَمَّدُ بنُ قِوَامٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيْدٍ الرَّارَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ
جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ الفُرَاتِ، أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَعْلَمَ بِالطِّبِّ مِنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -.
فَقُلْتُ: يَا خَالَةُ، مِمَّنْ تَعَلَّمْتِ الطِّبَّ؟!
قَالَتْ: كُنْتُ أَسْمَعُ النَّاسَ يَنْعَتُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، فَأَحْفَظُهُ.
سَعِيْدُ بنُ سُلَيْمَانَ: عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
لَقَدْ صَحِبْتُ عَائِشَةَ، فَمَا رَأَيْتُ أَحَداً قَطُّ كَانَ أَعْلَمَ بِآيَةٍ أُنْزِلَتْ، وَلاَ بِفَرِيْضَةٍ، وَلاَ بِسُنَّةٍ، وَلاَ بِشِعْرٍ، وَلاَ أَرْوَى لَهُ، وَلاَ بِيَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ العَرَبِ، وَلاَ بِنَسَبٍ، وَلاَ بِكَذَا، وَلاَ بِكَذَا، وَلاَ بِقَضَاءٍ، وَلاَ طِبٍّ مِنْهَا.
فَقُلْتُ لَهَا: يَا خَالَةُ، الطِّبُّ مِنْ أَيْنَ عُلِّمْتِهِ؟!
فَقَالَتْ: كُنْتُ أَمْرَضُ، فَيُنْعَتُ لِيَ الشَّيْءُ، وَيَمْرَضُ المَرِيْضُ، فَيُنْعَتُ لَهُ، وَأَسْمَعُ النَّاسَ يَنْعَتُ بَعَضُهُمْ لِبَعْضٍ، فَأَحْفَظُهُ.
قَالَ عُرْوَةُ: فَلَقَدْ ذَهَبَ عَامَّةُ عِلْمِهَا لَمْ أَسْأَلْ عَنْهُ.
إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ الحِزَامِيُّ : حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ عُثْمَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنَا القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ:
أَنَّ مُعَاوِيَةَ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ، فَكَلَّمَهَا.
قَالَ: فَلمَّا قَامَ مُعَاوِيَةُ، اتَّكَأَ عَلَى يَدِ مَوْلاَهَا ذَكْوَانَ، فَقَالَ: وَاللهِ مَا سَمِعْتُ قَطُّ أَبْلَغَ مِنْ عَائِشَةَ، لَيْسَ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
عُمَرُ بنُ عُثْمَانَ التَّيْمِيُّ: لَيْسَ بِالثَّبْتِ.
الزُّهْرِيُّ: مِنْ رِوَايَةِ مَعْمَرٍ وَالأَوْزَاعِيِّ عَنْهُ، وَهَذَا لَفْظُ الأَوْزَاعِيِّ عَنْهُ، قَالَ:
أَخْبَرَنِي عَوْفُ بنُ الطُّفَيْلِ بنِ الحَارِثِ الأَزْدِيُّ، وَهُوَ ابْنُ أَخِي عَائِشَةَ
لأُمِّهَا:أَنَّ عَائِشَةَ بَلَغَهَا أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ الزُّبَيْرِ كَانَ فِي دَارٍ لَهَا بَاعَتْهَا، فَتَسَخَّطَ عَبْدُ اللهِ بَيْعَ تِلْكَ الدَّارِ، فَقَالَ:
أَمَا -وَاللهِ- لَتَنْتَهِيَنَّ عَائِشَةُ عَنْ بَيْعِ رِبَاعِهَا، أَوْ لأَحْجُرَنَّ عَلَيْهَا.
قَالَتْ عَائِشَةُ: أَوَ قَالَ ذَلِكَ؟
قَالُوا: قَدْ كَانَ ذَلِكَ.
قَالَتْ: للهِ عَلَيَّ أَلاَ أُكَلِّمَهُ، حَتَّى يُفَرِّقَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ المَوْتُ.
فَطَالَتْ هِجْرَتُهَا إِيَّاهُ، فَنَقَصَهُ اللهُ بِذَلِكَ فِي أَمْرِهِ كُلِّهِ، فَاسْتَشْفَعَ بِكُلِّ أَحَدٍ يَرَى أَنَّهُ يَثْقُلُ عَلَيْهَا، فَأَبَتْ أَنْ تُكَلِّمَهُ.
فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ، كَلَّمَ المِسْوَرَ بنَ مَخْرَمَةَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ الأَسْوَدِ بنِ عَبْدِ يَغُوْثَ أَنْ يَشْمَلاَهُ بِأَرْدِيَتِهِمَا، ثُمَّ يَسْتَأْذِنَا، فَإِذَا أَذِنَتْ لَهُمَا، قَالاَ: كُلُّنَا؟
حَتَّى يُدْخِلاَهُ عَلَى عَائِشَةَ، فَفَعَلاَ ذَلِكَ.
فَقَالَتْ: نَعَمْ، كُلُّكُمْ فَلْيَدْخُلْ، وَلاَ تَشْعُرُ.
فَدَخَلَ مَعَهُمَا ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَكشَفَ السِّتْرَ، فَاعْتَنَقَهَا، وَبَكَى، وَبَكَتْ عَائِشَةُ بُكَاءً كَثِيْراً، وَنَاشَدَهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ اللهَ وَالرَّحِمَ، وَنَشَدَهَا مِسْوَرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بِاللهِ وَالرَّحِمِ، وَذَكَرَا لَهَا قَوْلَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثٍ) .
فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَيْهَا، كَلَّمَتْهُ، بَعْدَ مَا خَشِيَ أَلاَّ تُكَلِّمَهُ، ثُمَّ بَعَثَتْ إِلَى اليَمَنِ بِمَالٍ، فَابْتِيْعَ لَهَا أَرْبَعُوْنَ رَقَبَةً، فَأَعْتَقَتْهَا.
قَالَ عَوْفٌ: ثُمَّ سَمِعْتُهَا بَعْدُ تَذْكُرُ نَذْرَهَا ذَلِكَ، فَتَبْكِي، حَتَّى تَبُلَّ خِمَارَهَا.
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: كَذَا قَالَ.وَالصَّوَابُ عِنْدِي: عَوْفُ بنُ الحَارِثِ بنِ الطُّفَيْلِ بنِ سَخْبَرَةَ.
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ: صَالِحُ بنُ كَيْسَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَتَابَعَهُ: مَعْمَرٌ.
قَالَ عَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ: كَانَتْ عَائِشَةُ أَفْقَهَ النَّاسِ، وَأَحْسَنَ النَّاسِ رَأْياً فِي العَامَّةِ.
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: لَوْ جُمِعَ عِلْمُ عَائِشَةَ إِلَى عِلْمِ جَمِيْعِ النِّسَاءِ، لَكَانَ عِلْمُ عَائِشَةَ أَفْضَلَ.
قَالَ حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ:
قَالَ مَسْرُوْقٌ: لَوْلاَ بَعْضُ الأَمْرِ، لأَقَمْتُ المَنَاحَةَ عَلَى أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ -يَعْنِي: عَائِشَةَ -.
وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عُبَيْدِ بنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: أَمَا إِنَّهُ لاَ يَحْزَنُ عَلَيْهَا إِلاَّ مَنْ كَانَتْ أُمَّهُ.
القَاسِمُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ أَيْمَنَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ جَدِّهِ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
فَخَرْتُ بِمَالِ أَبِي فِي الجَاهِلِيَّةِ - وَكَانَ أَلْفَ
أَلْفِ أُوْقِيَّةٍ -.فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يَا عَائِشَةُ، كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لأُمِّ زَرْعٍ ) .
هكَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ: أَلْفَ أَلْفِ أُوْقِيَّةٍ.
وَإِسْنَادُهَا فِيْهِ لِيْنٌ، وَأَعْتَقِدُ لَفْظَةَ: (أَلْفَ) الوَاحِدَةَ بَاطِلَةٌ، فَإِنَّهُ يَكُوْنُ: أَرْبَعِيْنَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَفِي ذَلِكَ مَفْخَرٌ لِرَجُلٍ تَاجِرٍ، وَقَدْ أَنْفَقَ مَالَهُ فِي ذَاتِ اللهِ.
وَلَمَّا هَاجَرَ كَانَ قَدْ بَقِي مَعَهُ سِتَّةُ آلاَفِ دِرْهَمٍ، فَأَخَذَهَا صُحْبَتَهُ، أَمَّا أَلْفُ أَلْفِ أُوْقِيَّةٍ، فَلاَ تَجْتَمِعُ إِلاَّ لِسُلْطَانٍ كَبِيْرٍ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: عَنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ:
إِنَّ مُعَاوِيَةَ لَمَّا حَجَّ قَدِمَ، فَدَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ، فَلَمْ يَشْهَدْ كَلاَمَهَا إِلاَّ ذَكْوَانُ مَوْلَى عَائِشَةَ.
فَقَالَتْ لِمُعَاوِيَةَ: أَمِنْتَ أَنْ أَخْبَأَ لَكَ رَجُلاً يَقْتُلُكَ بِأَخِي مُحَمَّدٍ؟
قَالَ: صَدَقْتِ، - وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى، قَالَ لَهَا: مَا كُنْتِ لِتَفْعَلِي -.
ثُمَّ إِنَّهَا وَعَظَتْهُ، وَحَضَّتْهُ عَلَى الاتِّبَاعِ.
وَقَالَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ التَّنُوْخِيُّ: قَضَى مُعَاوِيَةُ عَنْ عَائِشَةَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفَ دِيْنَارٍ.
هَذِهِ رِوَايَةٌ مُنْقَطِعَةٌ.
وَالصَّحِيْحُ: رِوَايَةُ عُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ: أَنَّ مُعَاوِيَةَ
بَعَثَ مَرَّةً إِلَى عَائِشَةَ بِمائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَوَاللهِ مَا أَمْسَتْ حَتَّى فَرَّقَتْهَا.فَقَالَتْ لَهَا مَوْلاَتُهَا: لَوْ اشْتَرَيْتِ لَنَا مِنْهَا بِدِرْهَمٍ لَحْماً؟
فَقَالَتْ: أَلاَ قُلْتِ لِي ؟
يَحْيَى بنُ أَبِي زَائِدَةَ: عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ عَطَاءٍ:
أَنَّ مُعَاوِيَةَ بَعَثَ إِلَى عَائِشَةَ بِقِلاَدَةٍ بِمائَةِ أَلْفٍ، فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ.
الأَعْمَشُ: عَنْ تَمِيْمِ بنِ سَلَمَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّهَا تَصَدَّقَتْ بِسَبْعِيْنَ أَلْفاً؛ وَإِنَّهَا لَتَرْقَعُ جَانِبَ دِرْعَهَا - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -.
أَبُو مُعَاوِيَةَ: عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ ابْنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ أُمِّ ذَرَّةَ، قَالَتْ:
بَعَثَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى عَائِشَةَ بِمَالٍ فِي غِرَارَتَيْنِ، يَكُوْنُ مائَةَ أَلْفٍ، فَدَعَتْ بِطَبَقٍ، فَجَعَلَتْ تَقْسِمُ فِي النَّاسِ.
فَلَمَّا أَمْسَتْ، قَالَتْ: هَاتِي يَا جَارِيَةُ فُطُوْرِي.
فَقَالَتْ أُمُّ ذَرَّةَ: يَا أُمَّ المُؤْمِنِيْنَ، أَمَا اسْتَطَعْتِ أَنْ تَشْتَرِي لَنَا لَحْماً بِدِرْهَمٍ؟
قَالَتْ: لاَ تُعَنِّفِيْنِي، لَوْ أَذْكَرْتِيْنِي لَفَعَلْتُ.
مُطَرِّفُ بنُ طَرِيْفٍ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُصْعَبِ بنِ سَعْدٍ، قَالَ:
فَرَضَ عُمَرُ لأُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ عَشْرَةَ آلاَفٍ، عَشْرَةَ آلاَفٍ، وَزَادَ عَائِشَةَ أَلْفَيْنِ، وَقَالَ: إِنَّهَا حَبِيْبَةُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
شُعْبَةُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ القَاسِمِ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَصُوْمُ الدَّهْرَ.
ابْنُ جُرَيْجٍ: عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ:كُنْتُ آتِي عَائِشَةَ أَنَا وَعُبَيْدُ بنُ عُمَيْرٍ، وَهِيَ مُجَاوِرَةٌ فِي جَوْفِ ثَبِيْرٍ فِي قُبَّةٍ لَهَا تُرْكِيَّةٍ، عَلَيْهَا غِشَاؤُهَا، وَقَدْ رَأَيْتُ عَلَيْهَا - وَأَنَا صَبِيٌّ - دِرْعاً مُعَصْفَراً.
وَرَوَى: سُلَيْمَانُ بنُ بِلاَلٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ أَبِي عَمْرٍو، سَمِعَ القَاسِمَ يَقُوْلُ:
كَانَتْ عَائِشَةُ تَلْبَسُ الأَحْمَرَيْنِ: الذَّهَبَ وَالمُعَصْفَرَ، وَهِيَ مُحْرِمَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: رَأَيْتُ عَلَيْهَا دِرْعاً مُضَرَّجاً.
وَقَالَ مُعَلَّى بنُ أَسَدٍ: حَدَّثَنَا المُعَلَّى بنُ زِيَادٍ، قَالَ:
حَدَّثَتْنَا بَكْرَةُ بِنْتُ عُقْبَةَ: أَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى عَائِشَةَ وَهِيَ جَالِسَةٌ فِي مُعَصْفَرَةٍ، فَسَأَلَتْهَا عَنِ الحِنَّاءِ؟
فَقَالَتْ: شَجَرَةٌ طَيِّبَةٌ، وَمَاءٌ طَهُوْرٌ.
وَسَأَلَتْهَا عَنِ الحِفَافِ؟
فَقَالَتْ لَهَا: إِنْ كَانَ لَكِ زَوْجٌ، فَاسْتَطَعْتِ أَنْ تَنْزِعِي مُقْلَتَيْكِ، فَتَصْنَعِيْنَهُمَا أَحْسَنَ مِمَّا هُمَا، فَافْعَلِي.
المُعَلَّيَانِ: ثِقَتَانِ.وَعَنْ مُعَاذَةَ العَدَوِيَّةِ، قَالَتْ: رَأَيْتُ عَلَى عَائِشَةَ مِلْحَفَةً صَفْرَاءَ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
رُبَّمَا رَوَتْ عَائِشَةُ القَصِيْدَةَ سِتِّيْنَ بَيْتاً وَأَكْثَرَ.
مِسْعَرٌ: عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ، قَالَ:
قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا لَيْتَنِي كُنْتُ وَرَقَةً مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ !
ابْنُ عُلَيَّةَ: عَنْ أَيُّوْبَ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ:
قَالَتْ عَائِشَةُ: تُوُفِّيَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَيْتِي، وَفِي يَوْمِي وَلَيْلَتِي، وَبَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي.
وَدَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي بَكْرٍ، وَمَعَهُ سِوَاكٌ رَطْبٌ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ يُرِيْدُهُ، فَأَخَذْتُهُ، فَمَضَغْتُهُ، وَنَفَضْتُهُ، وَطَيَّبْتُهُ، ثُمَّ دَفَعْتُهُ إِلَيْهِ، فَاسْتَنَّ بِهِ كَأَحْسَن مَا رَأَيْتُهُ مُسْتَنّاً قَطُّ.
ثُمَّ ذَهَبَ يَرْفَعُهُ إِلَيَّ، فَسَقَطَتْ يَدُهُ، فَأَخَذْتُ أَدْعُو لَهُ بِدُعَاءٍ كَانَ يَدْعُو بِهِ لَهُ جِبْرِيْلُ، وَكَانَ هُوَ يَدْعُو بِهِ إِذَا مَرِضَ، فَلَمْ يَدْعُ بِهِ فِي مَرَضِهِ ذَاكَ.
فَرَفَعَ بَصَرهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَقَالَ: (الرَّفِيْقَ الأَعْلَى) ، وَفَاضَتْ نَفْسُهُ.
فَالحَمْدُ للهِ الَّذِي جَمَعَ بَيْنَ رِيْقِي وَرِيْقِهِ فِي آخرِ يَوْمٍ مِنَ الدُّنْيَا.
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ.عُمَرُ بنُ سَعِيْدِ بنِ أَبِي حُسَيْنٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، حَدَّثَنِي أَبُو عَمْرٍو ذَكْوَانُ مَوْلَى عَائِشَةَ، قَالَ:
قَدِمَ دُرْجٌ مِنَ العِرَاقِ، فِيْهِ جَوْهَرٌ إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ لأَصْحَابِهِ: تَدْرُوْنَ مَا ثَمَنُهُ؟
قَالُوا: لاَ.
وَلَمْ يَدْرُوا كَيْفَ يَقْسِمُوْنَهُ، فَقَالَ: أَتَأْذَنُوْنَ أَنْ أُرْسِلَ بِهِ إِلَى عَائِشَةَ، لِحُبِّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِيَّاهَا؟
قَالُوا: نَعَمْ.
فَبَعَثَ بِهِ إِلَيْهَا، فَقَالَتْ: مَاذَا فُتِحَ عَلَى ابْنِ الخَطَّابِ بَعْدَ رَسُوْلِ اللهِ؟ اللَّهُمَّ لاَ تُبْقِنِي لِعَطِيَّتِهِ لِقَابِلٍ.
هَذَا مُرْسَلٌ.
وَأَخْرَجَ: الحَاكِمُ فِي (مُسْتَدْرَكِهِ) ، مِنْ طَرِيْقِ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ الأُمَوِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو العَنْبَسِ سَعِيْدُ بنُ كَثِيْرٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
حَدَّثَتْنَا عَائِشَةُ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَكَرَ فَاطِمَةَ.
قَالَتْ: فَتَكَلَّمْتُ أَنَا.
فَقَالَ: (أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُوْنِي زَوْجَتِي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ؟) .
قُلْتُ: بَلَى وَاللهِ.
قَالَ: (فَأَنْتِ زَوْجَتِي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ) .
إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الضَّحَّاكِ:
أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ صَفْوَانَ أَتَى عَائِشَةَ، فَقَالَتْ:
لِي خِلاَلٌ تِسْعٌ، لَمْ تَكُنْ لأَحَدٍ، إِلاَّ مَا آتَى اللهُ مَرْيَمَ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - وَاللهِ مَا أَقُوْلُ هَذَا فَخْراً عَلَى صَوَاحِبَاتِي.
فَقَالَ ابْنُ صَفْوَانَ: وَمَا هُنَّ؟قَالَتْ: جَاءَ المَلَكُ بِصُوْرَتِي إِلَى رَسُوْلِ اللهِ، فَتَزَوَّجَنِي، وَتَزَّوَجَنِي بِكْراً؛ وَكَانَ يَأْتِيْهِ الوَحْيُ وَأَنَا وَهُوَ فِي لِحَافٍ؛ وَكُنْتُ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيْهِ؛ وَنَزَلَ فِيَّ آيَاتٌ كَادَتِ الأُمَّةُ تَهْلِكُ فِيْهَا؛ وَرَأَيْتُ جِبْرِيْلَ، وَلَمْ يَرَهُ أَحَدٌ مِنْ نِسَائِهِ غَيْرِي، وَقُبِضَ فِي بَيْتِي، لَمْ يَلِهِ أَحَدٌ - غَيْرُ المَلَكِ - إِلاَّ أَنَا.
صَحَّحَهُ: الحَاكِمُ.
العَوَّامُ بنُ حَوْشَبٍ: عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {إِنَّ الَّذِيْن يَرْمُوْنَ المُحْصَنَاتِ ... } الآيَةَ، [النُّوْرُ: 23] قَالَ: نَزَلَتْ فِي عَائِشَةَ خَاصَّةً.
عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ - وَفِيْهِ لِيْنٌ -: حَدَّثَنَا خَالِدٌ الحَذَّاءُ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، عَنِ الأَحْنَفِ، قَالَ:
سَمِعْتُ خُطبَةَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ وَالخُلَفَاءِ بَعْدَهُمْ، فَمَا سَمِعْتُ الكَلاَمَ مِنْ فَمِ مَخْلُوْقٍ أَفْخَمَ وَلاَ أَحْسَنَ مِنْهُ مِنْ فِيِّ عَائِشَةَ.
وَقَالَ مُوْسَى بنُ طَلْحَةَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَفْصَحَ مِنْ عَائِشَةَ.
وَفِي (المُسْتَدْرَكِ) بِإِسْنَادٍ صَالِحٍ، عَنِ أُمِّ سَلَمَةَ:
أَنَّهَا لَمَّا سَمِعَتِ الصَّرْخَةَ عَلَى عَائِشَةَ، قَالَتْ: وَاللهِ لَقَدْ كَانَتْ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلاَّ أَبَاهَا.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بنِ أَبِي عَتِيْقٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:رَأَيْتُ لَيْلَةَ مَاتَتْ عَائِشَةُ حُمِلَ مَعَهَا جَرِيْدٌ بِالخِرَقِ وَالزَّيْتِ، وَأُوْقِدَ، وَرَأَيْتُ النِّسَاءَ بِالبَقِيْعِ، كَأَنَّهُ عِيْدٌ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ:
شَهِدْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ صَلَّى عَلَى عَائِشَةَ بِالبَقِيْعِ، وَكَانَ خَلِيْفَةَ مَرْوَانَ عَلَى المَدِيْنَةِ، وَقَدِ اعْتَمَرَ تِلْكَ الأَيَّامَ.
قَالَ عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ: دُفِنَتْ عَائِشَةُ لَيْلاً.
قَالَ هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَشَبَابٌ، وَغَيْرُهُمْ: تُوُفِّيَتْ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بنُ المُثَنَّى، وَالوَاقِدِيُّ، وَغَيْرُهُمَا: سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ مُوْسَى بنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ سَالِمِ سَبَلاَنَ:
أَنَّهَا مَاتَتْ فِي اللَّيْلَةِ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ بَعْدَ الوِتْرِ، فَأَمَرَتْ أَنْ تُدْفَنَ مِنْ لَيْلَتِهَا.
فَاجْتَمَعَ الأَنْصَارُ، وَحَضَرُوا، فَلَمْ يُرَ لَيْلَةٌ أَكْثَرَ
نَاساً مِنْهَا، نَزَلَ أَهْلُ العَوَالِي، فَدُفِنَتْ بِالبَقِيْعِ.إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ: عَنْ قَيْسٍ، قَالَ:
قَالَتْ عَائِشَةُ - وَكَانَتْ تُحَدِّثُ نَفْسَهَا أَنْ تُدْفَنَ فِي بَيْتِهَا - فَقَالَتْ:
إِنِّي أَحْدَثْتُ بَعْدَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدَثاً، ادْفِنُوْنِي مَعَ أَزْوَاجِهِ.
فَدُفِنَتْ بِالبَقِيْعِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -.
قُلْتُ: تَعْنِي بِالحَدَثِ : مَسِيْرَهَا يَوْمَ الجَمَلِ، فَإِنَّهَا نَدِمَتْ نَدَامَةً كُلِّيَّةً، وَتَابَتْ مِنْ ذَلِكَ، عَلَى أَنَّهَا مَا فَعَلَتْ ذَلِكَ إِلاَّ مُتَأَوِّلَةً، قَاصِدَةً لِلْخَيْرِ، كَمَا اجْتَهَدَ طَلْحَةُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ، وَالزُّبَيْرُ بنُ العَوَّامِ، وَجَمَاعَةٌ مِنَ الكِبَارِ - رَضِيَ اللهُ عَنِ الجَمِيْعِ -.
رَوَى: إِسْمَاعِيْلُ بنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ بنِ العَلاَءِ المَازِنِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَتِيْقٍ، قَالَ:
قَالَتْ عَائِشَةُ: إِذَا مَرَّ ابْنُ عُمَرَ، فَأَرُوْنِيْهِ.
فَلَمَّا مَرَّ بِهَا، قِيْلَ لَهَا: هَذَا ابْنُ عُمَرَ.
فَقَالَتْ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَا مَنَعَكَ أَنْ تَنْهَانِي عَنْ مَسِيْرِي؟
قَالَ: رَأَيْتُ رَجُلاً قَدْ غَلَبَ عَلَيْكِ -يَعْنِي: ابْنَ الزُّبَيْرِ -.
وَقَدْ قِيْلَ: إِنَّهَا مَدْفُوْنَةٌ بِغَرْبِيِّ جَامِعِ دِمَشْقَ.
وَهَذَا غَلَطٌ فَاحِشٌ، لَمْ تَقْدَمْ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - إِلَى دِمَشْقَ أَصْلاً، وَإِنَّمَا هِيَ مَدْفُوْنَةٌ بِالبَقِيْعِ.
وَمُدَّةُ عُمُرِهَا: ثَلاَثٌ وَسِتُّوْنَ سَنَةً، وَأَشْهُرٌ.
ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ عَالِي حَدِيْثِهَا:
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ الأَبَرْقُوْهِيُّ غَيْرَ مَرَّةٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ
بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ أَبِي حَامِدٍ الدِّيْنَوَرِيُّ سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَنَا عَمِّي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَامِدٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بنُ الحَسَنِ العَاصِمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ المَحَامِلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُوْسَى مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ:أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا جَاءَ إِلَى مَكَّةَ، دَخَلَهَا مِنْ أَعْلاَهَا، وَخَرَجَ مِنْ أَسْفَلِهَا.
أَخْرَجَهُ: الأَئِمَةُ السِّتَّةُ، سِوَى ابْنِ مَاجَه، عَنِ ابْنِ مُثَنَّى، فَوَافَقْنَاهُمْ بِعُلُوٍّ، وَللهِ الحَمْدُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ هبَةِ اللهِ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ الهَرَوِيُّ، أَخْبَرَنَا تَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعْدٍ الجُرْجَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوْذِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ بَكَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ، عَنْ سَعِيْدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يَا عَائِشَةُ، لَوْ شِئْتُ لَسَارَتْ مَعِي جِبَالُ الذَّهَبِ، جَاءنِي مَلَكٌ، إِنَّ حُجْزَتَهُ لَتُسَاوِي الكَعْبَةَ،
فَقَالَ:إِنَّ رَبَّكَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلاَمَ، وَيَقُوْلُ لَكَ: إِنْ شِئْتَ نَبِيّاً عَبْداً، وَإِنْ شِئْتَ نَبِيّاً مَلِكاً؟
فَنَظَرْتُ إِلَى جِبْرِيْلَ، فَأَشَارَ إِلَيَّ: أَنْ ضَعْ نَفْسَكَ.
فَقُلْتُ: نَبِيّاً عَبْداً) .
فَكَانَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْدَ ذَلِكَ لاَ يَأْكُلُ مُتَّكِئاً، يَقُوْلُ: (آكُلُ كَمَا يَأْكُلُ العَبْدُ، وَأَجْلِسُ كَمَا يَجْلِسُ العَبْدُ ) .
هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ غَرِيْبٌ.
وَلاَ يُمْكِنُ أَنْ يَقَعَ لَنَا حَدِيْثُ أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ أَقْرَبَ إِسْنَاداً مِنْ هَذَا.
قَرَأْتُ عَلَى ابْنِ عَسَاكِرَ، عَنْ أَبِي رَوْحٍ، أَخْبَرَنَا تَمِيْمٌ، حَدَّثَنَا أَبُو سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ حَمْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ إِسْمَاعِيْلُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلِيِّ بنِ هَاشِمٍ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ بَكْرِ بنِ وَائِلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
مَا ضَرَبَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- امْرَأَةً قَطُّ، وَلاَ ضَرَبَ خَادِماً لَهُ قَطُّ، وَلاَ ضَرَبَ بِيَدِهِ شَيْئاً، إِلاَّ أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيْلِ اللهِ، وَمَا نِيْلَ مِنْهُ شَيْءٌ فَانْتَقَمَهُ مِنْ صَاحِبِهِ، إِلاَّ أَنْ تُنْتَهَكَ مَحَارِمُ اللهِ، فَيَنْتَقِمُ.
أَخْرَجَهُ: النَّسَائِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ القَاضِي، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ.فَوَقَعَ لَنَا بَدَلاً عَالِياً.
يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ: حَدَّثَنَا أَبُو يُوْنُسَ حَاتِمُ بنُ أَبِي صَغِيْرَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -:
أَنَّهَا قَتَلَتْ جَانّاً، فَأُتِيَتْ فِي مَنَامِهَا: وَاللهِ لَقَدْ قَتَلْتِ مُسْلِماً.
قَالَتْ: لَوْ كَانَ مُسْلِماً، لَمْ يَدْخُلْ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فَقِيْلَ: أَوَكَانَ يَدْخُلُ عَلَيْكِ إِلاَّ وَعَلَيْكِ ثِيَابُكِ؟
فَأَصْبَحَتْ فَزِعَةً، فَأَمَرَتْ بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَجَعَلَتْهَا فِي سَبِيْلِ اللهِ.
عَفِيْفُ بنُ سَالِمٍ: عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ المُؤَمَّلِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، قَالَتْ:
كَانَ جَانٌّ يَطْلُعُ عَلَى عَائِشَةَ، فَحَرَّجَتْ عَلَيْهِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ بَعْدَ مَرَّةٍ، فَأَبَى إِلاَّ أَنْ يَظْهَرَ، فَعَدَتْ عَلَيْهِ بِحَدِيْدَةٍ، فَقَتَلَتْهُ.
فَأُتِيَتْ فِي مَنَامِهَا، فَقِيْلَ لَهَا: أَقَتَلْتِ فُلاَناً، وَقَدْ شَهِدَ بَدْراً، وَكَانَ لاَ يَطْلُعُ عَلَيْكِ، لاَ حَاسِراً وَلاَ مُتَجَرِّدَةً، إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ يَسْمَعُ حَدِيْثَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟
فَأَخَذَهَا مَا تَقَدَّمَ وَمَا تَأَخَّرَ؛ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لأَبِيْهَا.
فَقَالَ: تَصَدَّقِي بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفاً دِيَتَهُ.
رَوَاهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، عَنْ عَفِيْفٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ.وَابْنُ المُؤَمَّلِ: فِيْهِ ضَعْفٌ.
وَالإِسْنَادُ الأَوَّلُ أَصَحُّ، وَمَا أَعْلَمُ أَحَداً اليَوْمَ يَقُوْلُ بِوُجُوْبِ دِيَةٍ فِي مِثْلِ هَذَا.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: عَنْ مُصْعَبِ بنِ سَعْدٍ، قَالَ:
فَرَضَ عُمَرُ لأُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ عَشْرَةَ آلاَفٍ، وَزَادَ عَائِشَةَ أَلْفَيْنِ، وَقَالَ:
إِنَّهَا حَبِيْبَةُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
عَنِ الشَّعْبِيِّ: أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: رَوَيْتُ لِلَبِيْدٍ نَحْواً مِنْ أَلْفِ بَيْتٍ، وَكَانَ الشَّعْبِيُّ يَذْكُرُهَا، فَيَتَعَجَّبُ مِنْ فِقْهِهَا وَعِلْمِهَا، ثُمَّ يَقُوْلُ: مَا ظَنُّكُمْ بِأَدَبِ النُّبُوَةِ.
وَعَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
قِيْلَ لِعَائِشَةَ: يَا أُمَّ المُؤْمِنِيْنَ! هَذَا القُرْآنُ تَلَقَّيْتِهِ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَذَلِكَ الحَلاَلُ وَالحَرَامُ؛ وَهَذَا الشِّعْرُ وَالنَّسَبُ وَالأَخْبَارُ سَمِعْتِهَا مِنْ أَبِيْكِ وَغَيْرِهِ؛ فَمَا بِالُ الطِّبِّ؟
قَالَتْ: كَانَتِ الوُفُوْدُ تَأْتِي رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلاَ يَزَالُ الرَّجُلُ يَشْكُو عِلَّةً، فَيَسْأَلُهُ عَنْ دَوَائِهَا، فَيُخْبِرُهُ بِذَلِكَ، فَحَفِظْتُ مَا كَانَ يَصِفُهُ لَهُم، وَفَهِمْتُهُ.
هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ: عَنْ أَبِيْهِ: أَنَّهَا أَنْشَدَتْ بَيْتَ لَبِيْدٍ:
ذَهَبَ الَّذِيْنَ يُعَاشُ فِي أَكْنَافِهِمْ ... وَبَقِيْتُ فِي خَلْفٍ كَجِلْدِ الأَجْرَبِ
فَقَالَتْ: رَحِمَ اللهُ لَبِيْداً، فَكَيْفَ لَوْ رَأَى زَمَانَنَا هَذَا!قَالَ عُرْوَةُ: رَحِمَ اللهُ أُمَّ المُؤْمِنِيْنَ؟ فَكَيْفَ لَوْ أَدْرَكَتْ زَمَانَنَا هَذَا.
قَالَ هِشَامٌ: رَحِمَ اللهُ أَبِي، فَكَيْفَ لَوْ رَأَى زَمَانَنَا هَذَا!
قَالَ كَاتِبُهُ: سَمِعْنَاهُ مُسَلْسَلاً بِهَذَا القَوْلِ بِإِسْنَادٍ مُقَارِبٍ.
مُحَمَّدُ بنُ وَضَّاحٍ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيْعٌ، عَنْ عِصَامِ بنِ قُدَامَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَيَّتُكُنَّ صَاحِبَةُ الجَمَلِ الأَدْبَبِ، يُقْتَلُ حَوْلَهَا قَتْلَى كَثِيْرٌ، وَتَنْجُو بَعْدَ مَا كَادَتْ) .
قَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: هَذَا الحَدِيْثُ مِنْ أَعْلاَمِ النُّبُوَّةِ.
وَعِصَامٌ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو حَسَّانٍ الزِّيَادِيُّ: عَنْ أَبِي عَاصِمٍ العَبَادَانِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ، قَالَ:
بَاعَتْ عَائِشَةُ دَاراً لَهَا بِمائَةِ أَلْفٍ، ثُم قَسَمَتِ الثَّمَنَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ الزُّبَيْرِ؟
فَقَالَ:
قَسَمْتِ مائَةَ أَلْفٍ! وَاللهِ لَتَنْتَهِيَنَّ عَنْ بَيْعِ رِبَاعِهَا، أَوْ لأَحْجُرَنَّ عَلَيْهَا.
فَقَالَتْ: أَهُوَ يَحْجُرُ عَلَيَّ؟ للهِ عَلَيَّ نَذْرٌ إِنْ كَلَّمْتُهُ أَبَداً.
فَضَاقَتْ بِهِ الدُّنْيَا حَتَّى كَلَّمَتْهُ! فَأَعْتَقَتْ مائَةَ رَقَبَةٍ.
قُلْتُ: كَانَتْ أُمُّ المُؤْمِنِيْنَ مِنْ أَكْرَمِ أَهْلِ زَمَانِهَا؛ وَلَهَا فِي السَّخَاءِ أَخْبَارٌ، وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِخِلاَفِ ذَلِكَ.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، عَنْ عَوْفِ بنِ الحَارِثِ، عَنْ رُمَيْثَةَ، عَنِ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ:كَلَّمَنِي صَوَاحِبِي أَنْ أُكَلِّمَ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَأْمُرَ النَّاسَ، فَيُهْدُوْنَ لَهُ حَيْثُ كَانَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ؛ وَإِنَا نُحِبُّ الخَيْرَ.
فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، إِنَّ صَوَاحِبِي كَلَّمْنَنِي - وَذَكَرَتُ لَهُ -.
فَسَكَتَ، فَلَمْ يُرَاجِعْنِي، فَكَلَّمْتُهُ فِيْمَا بَعْدُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثاً؛ كُلُّ ذَلِكَ يَسْكُتُ، ثُمَّ قَالَ: (لاَ تُؤْذِيْنِي فِي عَائِشَةَ، فَإِنِّي -وَاللهِ- مَا نَزَلَ الوَحْيُ عَلَيَّ، وَأَنَا فِي ثَوْبِ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِي غَيْرِ عَائِشَةَ) .
قُلْتُ: أَعُوْذُ بِاللهِ أَنْ أَسُوْءكَ فِي عَائِشَةَ.
أَخْرَجَهُ: النَّسَائِيُّ.
يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأُمَوِيُّ: حَدَّثَنِي أَبُو العَنْبَسِ سَعِيْدُ بنُ كَثِيْرٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
حَدَّثَتْنَا عَائِشَةُ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَكَرَ فَاطِمَةَ، فَتَكَلَّمْتُ أَنَا.
فَقَالَ: (أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُوْنِي زَوْجَتِي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ؟) .
قُلْتُ: بَلَى وَاللهِ.
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: لَوْ جُمِعَ عِلْمُ النَّاسِ كُلِّهِمْ، وَأُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ، لَكَانَتْ عَائِشَةُ أَوْسَعُهُمْ عِلْماً.
ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ مُوْسَى الجُهَنِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ حَفْصٍ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ أَبَوَيْهَا قَالاَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنَّا نُحِبُّ أَنْ تَدْعُوَ لِعَائِشَةَ وَنَحْنُ نَسْمَعُ.
فَقَالَ: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَائِشَةَ مَغْفِرَةً وَاجِبَةً، ظَاهِرَةً، بَاطِنَةً) .
فَعَجِبَ أَبَوَاهَا لِحُسْنِ دُعَائِهِ
لَهَا.فَقَالَ: (أَتَعْجَبَانِ؟ هَذِهِ دَعْوَتِي لِمَنْ شَهِدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهَ، وَأَنِّي رَسُوْلُ اللهِ) .
أَخْرَجَهُ: الحَاكِمُ.
الأَعْمَشُ: عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوْقٍ:
قَالَتْ لِي عَائِشَةُ: رَأَيْتُنِي عَلَى تَلٍّ، وَحَوْلِي بَقَرٌ تُنْحَرُ.
قُلْتُ: لَئِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكِ، لَتَكُوْنَنَّ حَوْلَكِ مَلْحَمَةٌ.
قَالَتْ: أَعُوْذُ بِاللهِ مِنْ شَرِّكَ، بِئْسَ مَا قُلْتَ.
فَقُلْتُ لَهَا: فَلَعَلَّهُ - إِنْ كَانَ - أَمْرٌ.
قَالَتْ: لأَنْ أَخِرَّ مِنَ السَّمَاءِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَفْعَلَ ذَلِكَ.
فَلَمَّا كَانَ بَعْدُ، ذُكِرَ عِنْدَهَا أَنَّ عَلِيّاً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَتَلَ ذَا الثُّدَيَّةِ.
فَقَالَتْ لِي: إِذَا أَنْتَ قَدِمْتَ الكُوْفَةَ، فَاكْتُبْ لِي نَاساً مِمَّنْ شَهِدَ ذَلِكَ.
فَقَدِمْتُ، فَوَجَدْتُ النَّاسَ أَشْيَاعاً، فَكَتَبتُ لَهَا مِنْ كُلِّ شِيْعَةٍ عَشْرَةً؛ فَأَتَيْتُهَا بِشَهَادَتِهِمْ.
فَقَالَتْ: لَعَنَ اللهُ عَمْراً، فَإِنَّهُ زَعَمَ أَنَّهُ قَتَلَهُ بِمِصْرَ.
قَالَ الحَاكِمُ: هَذَا عَلَى شَرْطِ البُخَارِيِّ، وَمُسْلِمٍ.
رَوَى: مُغِيْرَةُ بنُ زِيَادٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ:
كَانَتْ عَائِشَةُ أَفْقَهَ النَّاسِ، وَأَعْلَمَهُمْ، وَأَحَسَنَ النَّاسِ رَأْياً فِي العَامَّةِ.
قَالَ البُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، حَدَّثَنِي مَسْرُوْقٌ، حَدَّثَتْنِي أُمُّ رُوْمَانَ، قَالَتْ:
بَيْنَمَا أَنَا قَاعِدَةٌ، وَلَجَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَتْ: فَعَلَ اللهُ بِفُلاَنٍ وَفَعَلَ!
فَقَالَتْ أُمُّ رُوْمَانَ: وَمَا ذَاكَ؟قَالَتْ: ابْنِي فِيْمَنْ حَدَّثَ الحَدِيْثَ.
قَالَتْ: وَمَا ذَاكَ؟
قَالَتْ: كَذَا وَكَذَا.
قَالَتْ عَائِشَةُ: سَمِعَ رَسُوْلُ اللهِ؟
قَالَتْ: نَعَمْ.
قَالَتْ: وَأَبُو بَكْرٍ؟
قَالَتْ: نَعَمْ.
فَخَرَّتْ مَغْشِيّاً عَلَيْهَا، فَمَا أَفَاقَتْ إِلاَّ وَعَلَيْهَا حُمَّى بِنَافِضٍ، فَطَرَحْتُ عَلَيْهَا ثِيَابَهَا، فَجَاءَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: (مَا شَأْنُ هَذِهِ؟) .
قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، أَخَذَتْهَا الحُمَّى بِنَافِضٍ.
قَالَ: (فَلَعَلَّ فِي حَدِيْثٍ تُحُدِّثَ بِهِ؟) .
قُلْتُ: نَعَمْ.
فَقَعَدَتْ، فَقَالَتْ: وَاللهِ لَئِنْ حَلَفْتُ لاَ تُصَدِّقُوْنِي، وَلَئِنْ قُلْتُ لاَ تَعْذِرُوْنِي؛ مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَيَعْقُوْبَ وَبَنِيْهِ: وَاللهُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُوْنَ.
قَالَتْ: وَانْصَرَفَ، وَلَمْ يَقُلْ شَيْئاً.
فَأَنْزَلَ اللهُ عُذْرَهَا.
قَالَتْ: بِحَمْدِ اللهِ، لاَ بِحَمْدِ أَحَدٍ، وَلاَ بِحَمْدِكَ.
صَحِيْحٌ غَرِيْبٌ.