محمد بن علي بن جعفر
أبو بكر الكتاني، البغدادي الصوفي قال أبو بكر الكتاني: كنت أنا وأبو سعيد الخراز وعباس بن المهتدي وآخر لم يذكره، نسير بالشام على ساحل البحر إذا شابٌ سيمشي معه محبرةٌ ظننا أنه من أصحاب الحديث، فتثاقلنا به، فقال له أبو سعيد: يا فتى على أي طريق تسير؟ فقال: ليس أعرف إلا طريقين: طريق الخاصة وطريق العامة؛ فأما طريق العامة فهذا الذي أنتم عليه، وأما طريق الخاصة فبسم الله؛ وتقدم إلى البحر، ومشى على الماء، فلم نزل نراه حتى غاب عن أبصارنا.
قال محمد بن علي الكتاني:
إن لله تعالى ريحاً تسمى الصيحة، مخزونة تحت العرش، تهب عند الأسحار، تحمل الأنين والاستغفار إلى الملك الجبار.
قال الكتاني: رأيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام وهو شعث غبر، وعليه جبة صوفٍ قصيرة إلى أنصاف ساقيه دنسة، محلول الأزرار، كثير شعر الرأس، حاسر، حافي القدمين؛ فساءني منظره ذلك لأنني لم أره قط على تلك الحال، فاغتممت لذلك غماً شديداً، وقد كان أبو حمزة محمد بن إبراهيم حدثني مرة أن منامات أصحابنا لا يعبرها غيرهم لأنها على حسب أحوالهم ومقاماتهم، فقصدت أبا حمزة وقصصت عليه رؤياي وغمي بها؛ فقال: لا يغمك ما رأيت، تراءى لك صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صورة واعظٍ منذرٍ فقال: هكذا كن، وبي فاقتد، وعلى هذا فالقني؛ فسرى عني ذلك.
وكان يقال: إن الكتاني ختم في الطواف اثنتي عشرة ألف ختمة.
قال الكتاني: كنت في ابتداء أمري أطوف فيجيء أبو سعيد الخراز فيقوم على طرف المطاف فإذا علم أني قد فرغت من طوافي أخذني إلى جانب ويعطيني شيئاً، وكنت أكره ذلك وأحب أن أطوي، فقال لي يوماً: أراك تكره هذا، قلت: نعم، قال لي: اسكت لو ابتليت بطعامٍ مسلحي، أيش كنت تعمل؟ سئل محمد بن علي الكتاني عن التوبة فقال: التبعد من المذمومات كلها إلى الممدوحات كلها، ثم المكابدات، ثم المجاهدات، ثم الثبات، ثم الرشاد، ثم تدرك من الله الولاية وحسن المعونة.
كان الكتاني يقول: العاجز من عجز عن سياسة نفسه.
وقال: من يدخل هذه المفازة يحتاج إلى أربعة أشياء: حالٍ يحميه، وعلمٍِ يسوسه، وورعٍ يحجزه، وذكرٍ يؤنسه.
وكان الكتاني يقول إني لأعرف من اشتكت عينه فاعتقد فيما بينه وبين الله عز وجل
أن لا يرجع إلى شيءٍ من مصالح نفسه أو تبرأ عينه، فأغفى غفوةً فهتف به هاتفٌ: يا هذا لو عقدت هذا العقد على أهل النار لأخرج من في النار؛ فلما انتبه كأن عينه صحيحة، وليس به بأسٌ.
وكان يقول: كن في الدنيا ببدنك وفي الآخرة بقلبك.
قال الكتاني: صحبني رجل وكان على قلبي ثقيلاً، فوهبت له شيئاً ليزول ما في قلبي فلم يزل، فحملته إلى بيتي وقلت له: ضع رجلك على خدي، فأبى، فقلت: لا بد، ففعل، واعتقدت أن لا يرفع رجله من خدي حتى يرفع الله من قلبي ما كنت أجده، فلما زال عن قلبي ما كنت أجده قلت له: ارفع رجلك الآن.
قال أبو بكر الكتاني: سألت ابن الفرجي فقلت: إن لله صفوةً وإن لله خيرةً، فمتى يعرف العبد أنه من صفوة الله ومن خيرة الله؟ فقال: كيف وقعت ها هنا؟ قلت: جرى على لساني؛ قال: إذا خلع الراحة، وأعطى المجهود في الطاعة، وأحب سقوط المنزلة، وصار المدح والذم عنده سواء.
كان الكتاني يقول: التصوف خلق من زاد عليك في الخلق فقد زاد عليك في التصوف.
كان الكتاني يقول: من حكم المريد أن تكون فيه ثلاثة أشياء: نومه غلبة وأكله فاقة وكلامه ضرورة.
وكان يقول: لولا أن ذكره فرضٌ علي لم أذكره إجلالاً له؛ مثلي يذكره ولم يغسل فمه بألف توبة متقبلة عز ذكره.
سئل محمد بن علي الكتاني: أيش الفائدة في مذاكرة الحكايات؟ فقال: الحكايات جند من جنود الله يقوى بها أبدان المريدين، فقيل له: هل لهذا من شاهد؟ قال: نعم، قال الله عز وجل: " وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك ".
كان أبو بكر الكتاني يقول: إذا صح الافتقار إلى الله عز وجل صح الغنى لأنهما حالات لا يتم أحدهما إلا بصاحبه.
وكان يقول: الغافلون يعيشون في حلم الله، والعارفون يعيشون في لطف الله، والصادقون يعيشون في قرب الله عز وجل.
وكان يقول: أنزهك عما وحدك به الموحدون.
وكان الكتاني يقول: روعةٌ عند انتباهٍ من غفلةٍ، وانقطاعٌ عن حظ النفسانية، وارتعادٌ من خوف قطيعةٍ أفضل من عبادة الثقلين.
نظر الكتاني إلى شيخٍ أبيض الرأس واللحية يسأل، فقال: هذا رجلٌ أضاع حق الله سبحانه وتعالى في صغره فضيعه الله تعالى في كبره.
وقال الكتاني: الشهوة زمام إبليس فمن أخذ بزمامه كان عبده.
قال أبو بكر الكتاني: كنت في طريف مكة فإذا أنا بهميان ملء دنانير فهممت أن أحمله لأفرقه بمكة على الفقراء فهتف بي هاتف: إن أخذته سلبناك فقرك.
قال الكتاني: رأيت بعض الصوفية تقدم إلى الكعبة فقال: يا رب ما أدري ما يقول هؤلاء يعني الطائفين انظر ما في هذه الرقعة، قال: فطارت الرقعة في الهواء وغابت
توفي الكتاني سنة اثنتين وعشرين وثلاث مئة.
وكان يقول: قسمت الدنيا على البلوى وقسمت الجنة على التقوى.
أبو بكر الكتاني، البغدادي الصوفي قال أبو بكر الكتاني: كنت أنا وأبو سعيد الخراز وعباس بن المهتدي وآخر لم يذكره، نسير بالشام على ساحل البحر إذا شابٌ سيمشي معه محبرةٌ ظننا أنه من أصحاب الحديث، فتثاقلنا به، فقال له أبو سعيد: يا فتى على أي طريق تسير؟ فقال: ليس أعرف إلا طريقين: طريق الخاصة وطريق العامة؛ فأما طريق العامة فهذا الذي أنتم عليه، وأما طريق الخاصة فبسم الله؛ وتقدم إلى البحر، ومشى على الماء، فلم نزل نراه حتى غاب عن أبصارنا.
قال محمد بن علي الكتاني:
إن لله تعالى ريحاً تسمى الصيحة، مخزونة تحت العرش، تهب عند الأسحار، تحمل الأنين والاستغفار إلى الملك الجبار.
قال الكتاني: رأيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام وهو شعث غبر، وعليه جبة صوفٍ قصيرة إلى أنصاف ساقيه دنسة، محلول الأزرار، كثير شعر الرأس، حاسر، حافي القدمين؛ فساءني منظره ذلك لأنني لم أره قط على تلك الحال، فاغتممت لذلك غماً شديداً، وقد كان أبو حمزة محمد بن إبراهيم حدثني مرة أن منامات أصحابنا لا يعبرها غيرهم لأنها على حسب أحوالهم ومقاماتهم، فقصدت أبا حمزة وقصصت عليه رؤياي وغمي بها؛ فقال: لا يغمك ما رأيت، تراءى لك صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صورة واعظٍ منذرٍ فقال: هكذا كن، وبي فاقتد، وعلى هذا فالقني؛ فسرى عني ذلك.
وكان يقال: إن الكتاني ختم في الطواف اثنتي عشرة ألف ختمة.
قال الكتاني: كنت في ابتداء أمري أطوف فيجيء أبو سعيد الخراز فيقوم على طرف المطاف فإذا علم أني قد فرغت من طوافي أخذني إلى جانب ويعطيني شيئاً، وكنت أكره ذلك وأحب أن أطوي، فقال لي يوماً: أراك تكره هذا، قلت: نعم، قال لي: اسكت لو ابتليت بطعامٍ مسلحي، أيش كنت تعمل؟ سئل محمد بن علي الكتاني عن التوبة فقال: التبعد من المذمومات كلها إلى الممدوحات كلها، ثم المكابدات، ثم المجاهدات، ثم الثبات، ثم الرشاد، ثم تدرك من الله الولاية وحسن المعونة.
كان الكتاني يقول: العاجز من عجز عن سياسة نفسه.
وقال: من يدخل هذه المفازة يحتاج إلى أربعة أشياء: حالٍ يحميه، وعلمٍِ يسوسه، وورعٍ يحجزه، وذكرٍ يؤنسه.
وكان الكتاني يقول إني لأعرف من اشتكت عينه فاعتقد فيما بينه وبين الله عز وجل
أن لا يرجع إلى شيءٍ من مصالح نفسه أو تبرأ عينه، فأغفى غفوةً فهتف به هاتفٌ: يا هذا لو عقدت هذا العقد على أهل النار لأخرج من في النار؛ فلما انتبه كأن عينه صحيحة، وليس به بأسٌ.
وكان يقول: كن في الدنيا ببدنك وفي الآخرة بقلبك.
قال الكتاني: صحبني رجل وكان على قلبي ثقيلاً، فوهبت له شيئاً ليزول ما في قلبي فلم يزل، فحملته إلى بيتي وقلت له: ضع رجلك على خدي، فأبى، فقلت: لا بد، ففعل، واعتقدت أن لا يرفع رجله من خدي حتى يرفع الله من قلبي ما كنت أجده، فلما زال عن قلبي ما كنت أجده قلت له: ارفع رجلك الآن.
قال أبو بكر الكتاني: سألت ابن الفرجي فقلت: إن لله صفوةً وإن لله خيرةً، فمتى يعرف العبد أنه من صفوة الله ومن خيرة الله؟ فقال: كيف وقعت ها هنا؟ قلت: جرى على لساني؛ قال: إذا خلع الراحة، وأعطى المجهود في الطاعة، وأحب سقوط المنزلة، وصار المدح والذم عنده سواء.
كان الكتاني يقول: التصوف خلق من زاد عليك في الخلق فقد زاد عليك في التصوف.
كان الكتاني يقول: من حكم المريد أن تكون فيه ثلاثة أشياء: نومه غلبة وأكله فاقة وكلامه ضرورة.
وكان يقول: لولا أن ذكره فرضٌ علي لم أذكره إجلالاً له؛ مثلي يذكره ولم يغسل فمه بألف توبة متقبلة عز ذكره.
سئل محمد بن علي الكتاني: أيش الفائدة في مذاكرة الحكايات؟ فقال: الحكايات جند من جنود الله يقوى بها أبدان المريدين، فقيل له: هل لهذا من شاهد؟ قال: نعم، قال الله عز وجل: " وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك ".
كان أبو بكر الكتاني يقول: إذا صح الافتقار إلى الله عز وجل صح الغنى لأنهما حالات لا يتم أحدهما إلا بصاحبه.
وكان يقول: الغافلون يعيشون في حلم الله، والعارفون يعيشون في لطف الله، والصادقون يعيشون في قرب الله عز وجل.
وكان يقول: أنزهك عما وحدك به الموحدون.
وكان الكتاني يقول: روعةٌ عند انتباهٍ من غفلةٍ، وانقطاعٌ عن حظ النفسانية، وارتعادٌ من خوف قطيعةٍ أفضل من عبادة الثقلين.
نظر الكتاني إلى شيخٍ أبيض الرأس واللحية يسأل، فقال: هذا رجلٌ أضاع حق الله سبحانه وتعالى في صغره فضيعه الله تعالى في كبره.
وقال الكتاني: الشهوة زمام إبليس فمن أخذ بزمامه كان عبده.
قال أبو بكر الكتاني: كنت في طريف مكة فإذا أنا بهميان ملء دنانير فهممت أن أحمله لأفرقه بمكة على الفقراء فهتف بي هاتف: إن أخذته سلبناك فقرك.
قال الكتاني: رأيت بعض الصوفية تقدم إلى الكعبة فقال: يا رب ما أدري ما يقول هؤلاء يعني الطائفين انظر ما في هذه الرقعة، قال: فطارت الرقعة في الهواء وغابت
توفي الكتاني سنة اثنتين وعشرين وثلاث مئة.
وكان يقول: قسمت الدنيا على البلوى وقسمت الجنة على التقوى.