محمد بن عبد الله بن نمير
ابن خرشة بن ربيعة بن الحارث بن حبيب بن مالك بن حطيط ابن جشم بن قسي - وهو ثقيف - الثقفي الطائفي، المعروف بالنميري
شاعر غزل، كان يشبب بزينب بنت يوسف بن الحكم أخت الحجاج بن يوسف، فلما ولي الحجاج الحجاز هرب النميري إلى عبد الملك بن مروان، فاستجار به، وقد ذكر بصرى في شعره فقال: من الوافر
أهاجتك الظعائن يوم بانوا ... بذي الزي الجميل من الأثاث
تؤمل أن تلاقي أهل بصرى ... فيا لك من لقاء مستراث
كأن على الحدائج يوم بانوا ... نعاجاً ترتعي بقل البراث
حدث أبو سلمة الغفاري قال: هرب النميري من الحجاج إلى عبد الملك، واستجار به. فقال له عبد الملك: ما قلت في زينب؟ فأنشده، فلما انتهى إلى قوله: من الطويل
فلما رأت ركب النميري أعرضت ... وكن من أن يلقينه حذرات
قال له عبد الملك: وما كان ركبك يا نميري؟ قال: أربعة أحمرة كنت أجلب عليها القطران، وثلاثة أحمرة صحبتي تحمل البعر. فضحك عبد الملك، حتى استغرب، وقال: لقد عظمت أمرك وأمر ركبك. وكتب إلى الحجاج أن لا سبيل له عليه. فلما أتاه الكتاب، وضعه، ولم يقرأه. ثم أقبل على يزيد بن أبي مسلم، وقال: أنا بريء من بيعة أمير المؤمنين، لئن لم ينشدني ما قال في زينب لآتين على نفسه، ولئن أنشدني لأعفون عنه، وهو إذا أنشدني آمن. فقال له يزيد: ويلك! أنشده، فأنشده: من الطويل
تضوع مسكاً بطن نعمان أن مشت ... به زينب في نسوة خفرات
قال: فقال: كذبت، والله ما كانت تتعطر إذا خرجت من منزلها. ثم أنشده حتى بلغ إلى قوله:
ولما رأت ركب النميري راعها ... وكن من أن يلقينه حذرات
فقال له: حق لها أن ترتاع، لأنها من نسوة خفرات. ثم أنشده حتى بلغ إلى قوله:
مررن بفخ رائحات عشية ... يلبين للرحمن معتمرات
فقال: صدقت، لقد كانت صوامة حجاجة ما علمتها. ثم أنشده حتى بلغ إلى قوله:
يخمرن أطراف البنان من التقى ... ويخرجن جنح الليل معتجرات
قال له: صدقت، هكذا كانت تفعل، وهكذا تفعل المرأة الحرة الصالحة المسلمة. ثم قال له: ويحك! إني أرى ارتياعك ارتياع مريب، وقولك قول بريء، وقد امتثلت فيك أمر أمير المؤمنين. ولم يعرض له.
روى إبراهيم بن محمد: أن سعيد بن المسيب مر ببعض أزقة مكة، فسمع الأخضر الحربي يتغنى في دار العاص بن وائل:
تضوع مسكاً بطن نعمان أن مشت ... به زينب في نسوة خفرات
ولما رأت ركب النميري أعرضت ... وكن من أن يلقينه حذرات
فضرب سعيد برجله الأرض، وقال: هذا - والله - يلتذ بسماعه. ثم قال: من الطويل
وليست كأخرى وسعت جيب درعها ... وأبدت بنان الكف بالجمرات
وغلت فتات المسك وحفاً مرجلاً ... على مثل بدر لاح في الظلمات
فقامت تراءى يوم جمع فأفتنت ... برؤيتها من راح من عرفات
فكانوا يرون أن هذا الشعر لسعيد بن المسيب.
قال الزبير بن بكار: وقال محمد بن عبد الله النميري أيضاً:
تهادين ما بين المحصب من منىً ... وأقبلن لا شعثاً ولا غبرات
خرجن إلى البيت العتيق لعمرة ... نواجب في سجف ومختمرات
فلم تر عيني مثل سرب رأيته ... خرجن من التنعيم معتجرات
مررن بفخ ثم رحن عشية ... يلبين للرحمن معتمرات
ومما قاله محمد بن عبد الله بن نمير الثقفي: من الطويل
أمن أن نأت دار الأحبة تجزع ... وكل هوىً لا بد يوماً مودع
لقد لبث القلب البعيد ذهوله ... من البين قبل البين حيناً يروع
فقلت لقلبي: كيف إذ شطت النوى ... وعلقت ما علقت منهن تصنع؟
وبانت بذاك القلب شمس لقيتها ... بمكة بين المشعرين تطوع
فما برح المسعى لدن أن مشت به ... إلى الحول ريا المسك فيه تضوع
وإن يكو أمسى اليوم في الجسم حبها ... سريعاً جواه فهو في النفس أسرع
تمسك بحبل الود لا تقطعنه ... وشر حبال الود ما يتقطع
وحافظ على سر الأمين فلا يضع ... لديك، وماذا بعد سرك تمنع؟!
ومما قاله أيضاً: من الطويل
أمن رسم دار عهدها متقادم ... غراماً وجهداً دمع عينيك ساجم؟
فحتى متى لله درك فاستفقتهيم بذكراها كأنك حالم؟
نأت بعد إسعاف بليلى ديارها ... وقلبي لليلى في المودة لائم
وكنا، ولكن الليالي دولة، ... كلانا قرير العين، بالعيش ناعم
فتبدي صدوداً ظاهراً وخيانة ... وفي السر ود بيننا وتكاتم
ويعصمنا من كل سوء وريبةوفاحشة والحمد لله عاصم
ومن شعره قوله:
خليلي عوجا نقض أسباب حاجة ... ونشك الذي قد شفنا ونسائل
وأم بريه هم قلبي لو أنها ... تلين لود أو تجود بنائل
بذلت لها ودي وضنت بودها ... وكم من مسول وده غير باذل
وعلقتها يوم المعرف إنني ... كذاك مشوق بالحسان العقائل
وقلت لها عند الجمار، فأعرضت: ... صلي حبلنا يا زين أهل المنازل
تشوب بياضاً ناصعاً وصباحة ... بمعتدل فعم من الخلق كامل
أسيلة مجرى الدمع صاف جبينها ... هضيم حشاها، جيدها غير عاطل
تروق على النسوان حيث لقيتها ... إذا خرجت في حفلة أو مباذل
ابن خرشة بن ربيعة بن الحارث بن حبيب بن مالك بن حطيط ابن جشم بن قسي - وهو ثقيف - الثقفي الطائفي، المعروف بالنميري
شاعر غزل، كان يشبب بزينب بنت يوسف بن الحكم أخت الحجاج بن يوسف، فلما ولي الحجاج الحجاز هرب النميري إلى عبد الملك بن مروان، فاستجار به، وقد ذكر بصرى في شعره فقال: من الوافر
أهاجتك الظعائن يوم بانوا ... بذي الزي الجميل من الأثاث
تؤمل أن تلاقي أهل بصرى ... فيا لك من لقاء مستراث
كأن على الحدائج يوم بانوا ... نعاجاً ترتعي بقل البراث
حدث أبو سلمة الغفاري قال: هرب النميري من الحجاج إلى عبد الملك، واستجار به. فقال له عبد الملك: ما قلت في زينب؟ فأنشده، فلما انتهى إلى قوله: من الطويل
فلما رأت ركب النميري أعرضت ... وكن من أن يلقينه حذرات
قال له عبد الملك: وما كان ركبك يا نميري؟ قال: أربعة أحمرة كنت أجلب عليها القطران، وثلاثة أحمرة صحبتي تحمل البعر. فضحك عبد الملك، حتى استغرب، وقال: لقد عظمت أمرك وأمر ركبك. وكتب إلى الحجاج أن لا سبيل له عليه. فلما أتاه الكتاب، وضعه، ولم يقرأه. ثم أقبل على يزيد بن أبي مسلم، وقال: أنا بريء من بيعة أمير المؤمنين، لئن لم ينشدني ما قال في زينب لآتين على نفسه، ولئن أنشدني لأعفون عنه، وهو إذا أنشدني آمن. فقال له يزيد: ويلك! أنشده، فأنشده: من الطويل
تضوع مسكاً بطن نعمان أن مشت ... به زينب في نسوة خفرات
قال: فقال: كذبت، والله ما كانت تتعطر إذا خرجت من منزلها. ثم أنشده حتى بلغ إلى قوله:
ولما رأت ركب النميري راعها ... وكن من أن يلقينه حذرات
فقال له: حق لها أن ترتاع، لأنها من نسوة خفرات. ثم أنشده حتى بلغ إلى قوله:
مررن بفخ رائحات عشية ... يلبين للرحمن معتمرات
فقال: صدقت، لقد كانت صوامة حجاجة ما علمتها. ثم أنشده حتى بلغ إلى قوله:
يخمرن أطراف البنان من التقى ... ويخرجن جنح الليل معتجرات
قال له: صدقت، هكذا كانت تفعل، وهكذا تفعل المرأة الحرة الصالحة المسلمة. ثم قال له: ويحك! إني أرى ارتياعك ارتياع مريب، وقولك قول بريء، وقد امتثلت فيك أمر أمير المؤمنين. ولم يعرض له.
روى إبراهيم بن محمد: أن سعيد بن المسيب مر ببعض أزقة مكة، فسمع الأخضر الحربي يتغنى في دار العاص بن وائل:
تضوع مسكاً بطن نعمان أن مشت ... به زينب في نسوة خفرات
ولما رأت ركب النميري أعرضت ... وكن من أن يلقينه حذرات
فضرب سعيد برجله الأرض، وقال: هذا - والله - يلتذ بسماعه. ثم قال: من الطويل
وليست كأخرى وسعت جيب درعها ... وأبدت بنان الكف بالجمرات
وغلت فتات المسك وحفاً مرجلاً ... على مثل بدر لاح في الظلمات
فقامت تراءى يوم جمع فأفتنت ... برؤيتها من راح من عرفات
فكانوا يرون أن هذا الشعر لسعيد بن المسيب.
قال الزبير بن بكار: وقال محمد بن عبد الله النميري أيضاً:
تهادين ما بين المحصب من منىً ... وأقبلن لا شعثاً ولا غبرات
خرجن إلى البيت العتيق لعمرة ... نواجب في سجف ومختمرات
فلم تر عيني مثل سرب رأيته ... خرجن من التنعيم معتجرات
مررن بفخ ثم رحن عشية ... يلبين للرحمن معتمرات
ومما قاله محمد بن عبد الله بن نمير الثقفي: من الطويل
أمن أن نأت دار الأحبة تجزع ... وكل هوىً لا بد يوماً مودع
لقد لبث القلب البعيد ذهوله ... من البين قبل البين حيناً يروع
فقلت لقلبي: كيف إذ شطت النوى ... وعلقت ما علقت منهن تصنع؟
وبانت بذاك القلب شمس لقيتها ... بمكة بين المشعرين تطوع
فما برح المسعى لدن أن مشت به ... إلى الحول ريا المسك فيه تضوع
وإن يكو أمسى اليوم في الجسم حبها ... سريعاً جواه فهو في النفس أسرع
تمسك بحبل الود لا تقطعنه ... وشر حبال الود ما يتقطع
وحافظ على سر الأمين فلا يضع ... لديك، وماذا بعد سرك تمنع؟!
ومما قاله أيضاً: من الطويل
أمن رسم دار عهدها متقادم ... غراماً وجهداً دمع عينيك ساجم؟
فحتى متى لله درك فاستفقتهيم بذكراها كأنك حالم؟
نأت بعد إسعاف بليلى ديارها ... وقلبي لليلى في المودة لائم
وكنا، ولكن الليالي دولة، ... كلانا قرير العين، بالعيش ناعم
فتبدي صدوداً ظاهراً وخيانة ... وفي السر ود بيننا وتكاتم
ويعصمنا من كل سوء وريبةوفاحشة والحمد لله عاصم
ومن شعره قوله:
خليلي عوجا نقض أسباب حاجة ... ونشك الذي قد شفنا ونسائل
وأم بريه هم قلبي لو أنها ... تلين لود أو تجود بنائل
بذلت لها ودي وضنت بودها ... وكم من مسول وده غير باذل
وعلقتها يوم المعرف إنني ... كذاك مشوق بالحسان العقائل
وقلت لها عند الجمار، فأعرضت: ... صلي حبلنا يا زين أهل المنازل
تشوب بياضاً ناصعاً وصباحة ... بمعتدل فعم من الخلق كامل
أسيلة مجرى الدمع صاف جبينها ... هضيم حشاها، جيدها غير عاطل
تروق على النسوان حيث لقيتها ... إذا خرجت في حفلة أو مباذل