- عبد الله بن عون بن أرطبان. مولى عبد الله بن ذرة المزني, يكنى أبا عون. مات سنة إحدى وخمسين ومائة, عُمِّرَ, كان أكبر من أيوب بعشر سنين, ومات بعد أيوب بعشر سنين.
عبد الله بن عون، يكنى: أبا عون: "بصري"، ثقة، رجل صالح، وقال ابن المبارك: ما وصف لي أحد إلا وجدته دون صفته، إلا ابن عون، وحيوة بن شريح.
قال العجلي: أهل البصرة يفخرون بأربعة: أيوب السختياني، وعبد الله بن عون، وسليمان التيمي، ويونس بن عبيد.
"فأما" ابن عون فكان إذا غضب على أهله، قال: بارك الله فيك، فقال لابن له يومًا: بارك الله فيك! قال: ٍأنا بارك الله فيَّ، قال: نعم، فقال بعض من حضر: ما قال لك إلا خيرًا. قال: ما قال لي هذا حتى أجهد.
قال وكان يأتيه السابريُّ من سابور، فإذا أراد أن يبيعه أخرجه إلى صحن الدار يريهم المتاع، قال: فيشترون منه قال: وكان له جارٌ مجوسيٌّ يأتيه السابري من سابور، فإذا أراد أن يبيعهم أدخلهم في موضع مظلم، وكانوا لا يَرَون من المجوسي شيئًا حتى لا يصيبوا عن ابن عون شيئًا.
قال العجلي: أهل البصرة يفخرون بأربعة: أيوب السختياني، وعبد الله بن عون، وسليمان التيمي، ويونس بن عبيد.
"فأما" ابن عون فكان إذا غضب على أهله، قال: بارك الله فيك، فقال لابن له يومًا: بارك الله فيك! قال: ٍأنا بارك الله فيَّ، قال: نعم، فقال بعض من حضر: ما قال لك إلا خيرًا. قال: ما قال لي هذا حتى أجهد.
قال وكان يأتيه السابريُّ من سابور، فإذا أراد أن يبيعه أخرجه إلى صحن الدار يريهم المتاع، قال: فيشترون منه قال: وكان له جارٌ مجوسيٌّ يأتيه السابري من سابور، فإذا أراد أن يبيعهم أدخلهم في موضع مظلم، وكانوا لا يَرَون من المجوسي شيئًا حتى لا يصيبوا عن ابن عون شيئًا.
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنِ
- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنِ بْنِ أَرْطَبَانَ. ويكنى أبا عون مولى عبد الله بن درة بن سراق المزني وكان أكبر من سليمان التميمي. وكان عثمانيًا. وكان ثقة كثير الحديث ورعًا. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَوْنٍ يَقُولُ: رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُقَادُ بِهِ دَابَّتُهُ لا يَلْقَى مَا أَلْقَى أَنَا. لَقَدْ تَرَكُونِي مَا أَقْدِرُ أَنْ أَخْرُجَ إِلَى حَاجَةٍ. أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: وُلِدَ ابْنُ عَوْنٍ قَبْلَ الْجَارِفِ بِثَلاثِ سِنِينَ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَوْنٍ لا يُسَلِّمُ عَلَى الْقَدَرِيَّةِ إذا مر بهم. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَوْنٍ قَدْ سَمِعَ بِالْكُوفَةِ عِلْمًا كَثِيرًا فَعَرَضَهُ عَلَى مُحَمَّدٍ فَمَا قَالَ مُحَمَّدٌ: مَا أَحْسَنَ هَذَا! حَدَّثَ بِهِ. وَمَا كَانَ سِوَى ذَلِكَ أَمْسَكَ عَنْهُ حَتَّى مَاتَ. وَكَانَ إِذَا حَدَّثَ بِالْحَدِيثِ تَخَشَّعَ عِنْدَهُ حَتَّى تَرْحَمَهُ مَخَافَةَ أَنْ يَزِيدَ أَوْ يَنْقُصَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إسماعيل بن عُلَيَّةَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَوْنٍ يَقُولُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عِلْمِ الشُّيُوخِ!. قَالَ: وَقَالَ أَبُو قَطَنٍ سَمِعْتُ ابْنَ عَوْنٍ يَقُولُ: وَدِدْتُ أَنِّي خَرَجْتُ مِنْهُ كَفَافًا. يَعْنِي الْعِلْمَ. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عَوْنٍ: يَا ابْنَ أَخِي قَدْ قَطَعُوا عَلَيَّ الطَّرِيقَ مَا أَقْدِرُ أَنْ أَخْرُجَ لِحَاجَةٍ. يَعْنِي مِمَّا يَسْأَلُونَهُ عَنِ الْحَدِيثِ. قَالَ بَكَّارٌ: وَكَانَ لابْنِ عَوْنٍ إِخْوَانٌ يَأْتُونَهُ فَيَأْذَنُ لَهُمْ خَاصَّةً وَلا يَأْذَنُ لِلْجَمَاعَةِ. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَوْنٍ إِذَا جَاءَهُ إِخْوَانُهُ فَسَلَّمُوا عليه كأن على رؤوسهم الطَّيْرَ لَهُمْ خُشُوعٌ وَخُضُوعٌ لَيْسَ أَرَاهُ لأَحَدٍ. وَكَانَ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ: وَعَلَيْكُمُ السَّلامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ. وَكَانَ لا يَدَعُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَلا غَيْرِهِمْ يَتْبَعُهُ. وَاتَّبَعَ ابْنَ عَوْنٍ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ يَوْمًا فَقَالَ: أَلَكَ حَاجَةٌ؟ قَالَ: لا. قَالَ: فَانْصَرِفْ. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ ابْنَ عَوْنٍ يُمَازِحُ أَحَدًا وَلا يُمَارِي أَحَدًا وَلا يُنْشِدُ شِعْرًا. وَكَانَ مَشْغُولا بِنَفْسِهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَوْنٍ إِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ يَمْكُثُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ فِي مَجْلِسِهِ يَذْكُرُ اللَّهَ. فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ صَلَّى ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ. قَالَ بَكَّارٌ: وَمَا رَأَيْتُ ابْنَ عَوْنٍ شَاتِمًا أَحَدًا قَطُّ عَبْدًا وَلا أَمَةً وَلا شَاةً وَلا دَجَاجَةً وَلا شَيْئًا وَلا رَأَيْتُ أَحَدًا أَمْلَكَ لِلِسَانِهِ مِنْهُ. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: مَا سَمِعْتُ ابْنَ عَوْنٍ ذَاكِرًا بِلالَ بْنَ أبي بُرْدَةَ بِشَيْءٍ قَطُّ. وَلَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ قَوْمًا قَالُوا: يَا أبا عَوْنٍ بِلالٌ فَعَلَ. فَقَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ يَكُونُ مَظْلُومًا فَلا يَزَالُ يَقُولُ حَتَّى يَكُونَ ظَالِمًا. مَا أَظُنُّ أَحَدًا مِنْكُمْ أَشَدَّ عَلَى بِلالٍ مِنِّي. قَالَ: وَكَانَ بِلالٌ قَدْ ضَرَبَهُ بِالسِّيَاطِ لأَنَّهُ كَانَ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَرَبِيَّةً. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: صَحِبْتُ ابْنَ عَوْنٍ دَهْرًا مِنَ الدَّهْرِ حَتَّى مَاتَ. وَأَوْصَى إِلَى أبي فَمَا سَمِعْتُهُ حَالِفًا عَلَى يَمِينٍ بَرَّةٍ وَلا فَاجِرَةٍ حَتَّى فَرَّقَ الْمَوْتُ بَيْنَنَا. قَالَ: وَكَانَ ابْنُ عَوْنٍ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا حَتَّى مَاتَ. قَالَ: وَمَا رَأَيْتُ بِيَدِ ابْنِ عَوْنٍ دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا قَطُّ وَلا رَأَيْتُهُ يَزِنُ شَيْئًا قَطُّ. وَكَانَ إِذَا تَوَضَّأَ لِلصَّلاةِ لا يُعِينُهُ عَلَيْهِ أَحَدٌ. وَكَانَ يَمْسَحُ وَجْهَهُ إِذَا تَوَضَّأَ بِالْمِنْدِيلِ أَوْ بِخِرْقَةٍ. قَالَ: وَكَانَ لا يُبَكِّرُ إِلَى الْجُمُعَةِ ذَاكَ التَّبْكِيرَ الَّذِي يُعْرَفُ وَلا يُؤَخِّرُهَا. وَكَانَ أَحَبَّ الأُمُورِ إِلَيْهِ أَوْسَطُهَا وَالاخْتِلاطُ بِالْجَمَاعَةِ. وَكَانَ يَغْتَسِلُ الجمعة والعيدين ويتطيب للجمعة وللعيدين وَيَرَى ذَلِكَ سُنَّةً. وَكَانَ طَيِّبَ الرِّيحِ فِي سَائِرِ الأَيَّامِ لَيِّنَ الْكِسْوَةِ. وَكَانَ يَلْبَسُ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ أَنْظَفَ ثِيَابِهِ. وَكَانَ يَأْتِي الْجُمُعَةَ مَاشِيًا وَرَاكِبًا وَلا يُقِيمُ بَعْدَ صَلاةِ الْجُمُعَةِ. وَكَانَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لا يَزِيدُ عَلَى الْمَكْتُوبَةِ فِي الْجَمَاعَةِ. ثُمَّ يَخْلُو فِي بَيْتِهِ. وَكَانَ إِذَا خَلا فِي مَنْزِلِهِ إِنَّمَا هُوَ صَامِتٌ لا يَزِيدُ عَلَى الْحَمْدِ لِلَّهِ رَبِّنَا. وَمَا رَأَيْتُ ابْنَ عَوْنٍ دَخَلَ حَمَّامًا قَطُّ. وَكَانَ لَهُ وَكِيلٌ نَصْرَانِيُّ يُحْيِي غَلَّةَ دَارِهِ. وَكَانَ سُكَّانُهُ فِي دَارِهِ الَّتِي هُوَ فِيهَا نَصَارَى وَمُسْلِمِينَ وَالدَّارِ الَّتِي فِي السُّوقِ. وَكَانَ يَقُولُ: يَكُونُ تَحْتِي نَصَارَى لا يَكُونُ تَحْتِي مُسْلِمُونَ. وَكَانَ يَسْكُنُ أَعْلَى دَارِهِ. وَكَانَ ابْنُ عَوْنٍ يُصَلِّي بِنَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ. وَكَانَ لَهُ مَسْجِدٌ فِي دَارِهِ يُصَلِّي فِيهِ الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا وَمَنْ حَضَرَهُ مِنْ إِخْوَانِهِ وَسُكَّانِهِ وَوَلَدِهِ. وَكَانَ يُؤَذِّنُ مَوْلًى لَهُ يُقَالُ لَهُ زَيْدٌ. وَيُقِيمُ يُؤَذِّنُ مَثْنَى مَثْنَى. وَيُقِيمُ وَتْرًا وَتْرًا. وَكَانَ رُبَّمَا أَمَّنَا ابْنُ عَوْنٍ وَرُبَّمَا قَدَّمَ بَعْضَ بَنِيهِ. وَكَانَ لا يَدْعُو بِشَيْءٍ إِلا أَنْ يُؤْتَى بِهِ. وَكَانَ إِذَا عَلِمَ أَنَّ فِيَ شَيْءٍ مِنْ طَعَامِهِ ثُومًا لَمْ يَذُقْهُ. وَكَانَ يَأْتِيهِ الْخَادِمُ قَبْلَ الطَّعَامِ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ. ثُمَّ يَأْتِيهِ بِالْمِنْدِيلِ فَيَمْسَحُ بِهَا يَدَيْهِ. وَقَالَ بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَتْنَا مَوْلاةٌ لَنَا يُقَالُ لَهَا عَيْنا أَنَّهَا كَانَتْ تَخْدُمُ ابْنَ عَوْنٍ وَهِيَ يَوْمَئِذٍ مَمْلُوكَةٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ. وَكَانَتِ ابْنَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عِنْدَ ابنِ عَوْنٍ وأمها عِنْدَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِهِ. قَالَتْ: فَكُنْتُ أَخْدُمُهَا فَطَبَخْتُ لابْنِ عَوْنٍ قِدْرًا فَوَجَدَ مِنْهَا رِيحَ الثُّومِ. قَالَتْ: فَسَأَلَنِي فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: بَارَكَ اللَّهُ فِيكِ بَارَكَ اللَّهُ فِيكِ! ارْفَعِيهِ مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ. قَالَتْ: فَوَقَعَ فِي جَسَدِي مِثْلُ الْحَرِيقِ فَهَرَبْتُ إِلَى دَارِ سِيرِينَ. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ذُكِرَ الْقَدَرُ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ فَقَالَ لِي: يَا ابْنَ أَخِي إِنِّي أَنَا أَكْبَرُ مِنْهُ قَدْ أَدْرَكْتُ النَّاسَ وَمَا يَذْكُرُ بِهَذَا الْكَلامِ إِلا رَجُلانِ مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ وَسِنْهَوَيْهِ زَوْجُ أُمِّ مُوسَى وَذَاكَ شَرٌّ. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: سَعَتِ الْمُعْتَزِلَةُ بِابْنِ عَوْنٍ إِلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ فَقَالُوا: إِنَّ هَهُنَا رَجُلا يَرْبُثُ النَّاسَ عَنْكَ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ. فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ أَنْ مَا لِي وَلَكَ. فَخَرَجَ عَنِ الْبَصْرَةِ حَتَّى نَزَلَ الْقُرَيْظِيَّةَ فَلَمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى كَانَ مِنْ أَمْرِ إِبْرَاهِيمَ مَا كَانَ. قَالَ بَكَّارٌ: وَرَأَيْتُ ابْنَ عَوْنٍ لَمَّا خَرَجَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ أَمَرَ بِأَبْوَابِهِ وَكَانَتْ شَارِعَةً عَلَى سِكَّةِ الْمِرْبَدِ فَغُلِّقَتْ. فَلَمْ يَكُنْ يَدَعُ أَحَدًا يَطْلُعُ وَلا يَنْظُرُ وَلا يَفْتَحُ بَابًا. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَوْنٍ إِنْ وَصَلَ إِنْسَانًا بِشَيْءٍ وَصَلَهُ سِرًّا وَإِنْ صَنَعَ شَيْئًا صَنَعَهُ سِرًّا يَكْرَهُ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ أَحَدٌ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنِّي مَعَ مُحَمَّدٍ فِي بُسْتَانٍ. قَالَ: فَجَعَلَ يَمْشِي فِيهِ فَيَمُرُّ عَلَى الْجَرْوَلِ فَيَبُثُّهُ وَأَنَا خَلْفَهُ أَفْعَلُ ذَلِكَ. قَالَ: فَأَتَيْتُهُ فَقَصَصْتُهَا عَلَيْهِ فَرَأَيْتُ أَنَّهُ عَرَفَهَا فَقَالَ: مَا شَاءَ اللَّهُ مَا شَاءَ اللَّهُ! هَذَا رَجُلٌ يَتْبَعُ رَجُلا يَتَعَلَّمُ مِنْهُ الْخَيْرَ. قَالَ: فَرَأَى أَنِّي كُنْتُ. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ ابْنِ عَوْنٍ فِي بَيْتٍ فَقُلْتُ: أَلَيْسَ أَبُو مُحَمَّدٍ عُبَيْدَةُ بِأَطْرَافٍ؟ فَقَالَ: أَيْهَاتَ عِنْدَ مَنْ تَقُولُ هَذَا. لا لا. وَكُنْتُ أَرَدْتُهُ أَنْ يُحَدِّثَنِي فِي كِتَابٍ فَأَبَى عَلَيَّ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ الْبَتِّيَّ يَقُولُ فِي شَهَادَةِ الرَّجُلِ لأَبِيهِ: لا يَجُوزُ إِلا أَنْ يَكُونَ مِثْلَ ابْنِ عَوْنٍ. قَالَ الأَنْصَارِيُّ: وَبِهِ آخُذُ وَقَدْ شَهِدْتُ عِنْدَ سَوَّارِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ لأَبِي عَلِيٍّ شَهَادَةً فَقَبِلَهَا. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَيَّ سَلْمُ بْنُ قُتَيْبَةَ وَهُوَ أَمِيرٌ فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ. قَالَ: فَضَحِكَ وَقَالَ: نَحْمِلُهَا لابْنِ عَوْنٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ مَرَّةً. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: مَنْ حَدَّثَكَ بِهِ؟ قَالَ: مَنْ لَمْ تَرَ عَيْنَايَ وَاللَّهِ مِثْلَهُ قَطُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ وَمَا أَسْتَثْنِي الْحَسَنَ وَلا ابْنَ سِيرِينَ. قَالَ الأَنْصَارِيُّ: وَقَدِمَ هِشَامٌ مَرَّةً مِنْ مَكَّةَ فَأَتَى ابْنَ عَوْنٍ وَنَحْنُ عِنْدَهُ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَتَيْتُ أَهْلِي وَلا أَحَدًا حَتَّى أَتَيْتُكَ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: رَأَيْتُ فِي المنام كَأَنِّي كُنْتُ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ فَنَدَرَتْ حَصَاةٌ فَوَقَعَتْ فِي أُذُنِي فَمِلْتُ بِرَأْسِي فَسَقَطَتْ. فَسَأَلْتُ عَنْهَا ابْنَ سِيرِينَ فَقَالَ: هَذَا رَجُلٌ سَمِعَ كَلِمَةً تَسُوءُهُ فَلَمْ يَكُنْ لَهَا فِي قَلْبِهِ قَرَارٌ. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَوْنٍ يَكْرَهُ الْمُصَافَحَةَ. وَكَانَ لا يُصَافِحُ أَحَدًا. وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ لا يَكَادُ يُصَافِحُ إِنَّمَا يَقُولُ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ. أَخْبَرَنَا بَكَّارٌ قَالَ: لَمْ يَكُنْ لِمَسْجِدِ ابْنِ عَوْنٍ الَّذِي اتَّخَذَهُ فِي دَارِهِ مِحْرَابٌ. أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ خُلَيْفِ بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: مَرَّ ابْنُ عَوْنٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ فَمَرَّ ابْنُ سِيرِينَ مَوْضِعَ الْمَطَرِ عَلَى جِذْعٍ وَمَرَّ ابْنُ عَوْنٍ فِي مَوْضِعِ الْمَطَرِ. فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَمْشِيَ عَلَى الْجِذْعِ؟ قَالَ: لَمْ أَدْرِ مَا يُوَافِقُ صَاحِبَهُ. أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ خُلَيْفٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَوْنٍ إِذَا اجْتَهَدَ فِي الدُّعَاءِ قَالَ: يَا أَحَدُ يَا أَحَدُ. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ: كَانَ لَهُ نَاقَةٌ يَغْزُو عَلَيْهَا وَيَحُجُّ عَلَيْهَا وَكَانَ بِهَا مُعْجَبًا فَأَمَرَ غُلامًا لَهُ يَسْتَقِي عَلَيْهَا فَجَاءَ بِهَا وَقَدْ ضَرَبَهَا عَلَى وَجْهِهَا فَسَالَتْ عَيْنُهَا عَلَى خَدِّهَا فَقُلْنَا: إِنْ كَانَ مِنِ ابْنِ عَوْنٍ شَيْءٌ فَالْيَوْمَ. قَالَ: فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ نَزَلَ إلينا. فلما نظر إلى النَّاقَةَ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ أَفَلا غَيْرَ الْوَجْهِ؟ بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ! اخْرُجْ عَنِّي. اشْهَدُوا أَنَّهُ حُرٌّ. أَخْبَرَنَا بَكَّارٌ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَوْنٍ يَغْزُو عَلَى نَاقَتِهِ إِلَى الشَّامِ فَإِذَا صَارَ إِلَى الشَّامِ رَكِبَ الْخَيْلَ. قَالَ: وَبَارَزَ ابْنُ عَوْنٍ رُومِيًّا فَقَتَلَهُ. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانَ لابْنِ عَوْنٍ سُبْعٌ يَقْرَأُهُ كُلَّ لَيْلَةٍ فَإِذَا لَمْ يَقْرَأْهُ بِاللَّيْلِ أَتَمَّهُ بِالنَّهَارِ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: ثَلاثٌ أُحِبُّهُنَّ لِنَفْسِي وَلأَصْحَابِي. قَالَ: فَذَكَرَهُ فَإِذَا هُوَ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَالثَّالِثَةُ أَقْبَلَ رَجُلٌ عَلَى نَفْسِهِ وَلَهَا مِنَ النَّاسِ إِلا مِنْ خَيْرٍ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ: وَسَمِعْتُهُم يَذْكُرُونَ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ أَنَّهُ رَأَى دَابَّةَ أبي مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ فَرَكِبَهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَأْمِرَهُ. يَعْنِي يَفْعَلُ ذَلِكَ عَلَى الثِّقَةِ بِهِ. أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَوْنٍ يَقُولُ: سُلَيْمٌ سُلَيْمٌ أَزْهَرُ أَزْهَرُ. قَالَ: إِنَّهُمْ كَانُوا يَشْتَرُونَ لَهُ حَوَائِجَهُ مِنَ السوق. أَخْبَرَنَا أَزْهَرُ بْنُ بَلْجٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: قُلْتُ لابْنِ عَوْنٍ: إِنِّي أَرَاكَ تُحِبُّ الدَّرَاهِمَ. قَالَ: إِنَّهَا تَنْفَعُنِي. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانَ خَاتَمُ ابْنِ عَوْنٍ مِنْ فِضَّةٍ. وَكَانَ فَصُّهُ مِنْهُ وَنَقْشُهُ خَاتَمُ سُلَيْمَانَ. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى ابْنِ عَوْنٍ قَلَنْسُوَةً ارْتِفَاعُهَا نَحْوٌ مِنْ شِبْرٍ حِبَرَةً مِنْ هَذِهِ الْيَمَانِيَةِ الْمُسَلْسَلَةِ. وَرَأَيْتُهُ يَلْبَسُ الثِّيَابَ الْبُرُودَ. وَرَأَيْتُهُ يَلْبَسُ إِزَارًا وَرِدَاءً وَيَخْرُجُ إِلَى السُّوقِ. وَكَانَ يَلْبَسُ ثَوْبَيْنِ مُمَشَّقَيْنِ يُصْبَغَانِ بِالْمِشْقِ. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَوْنٍ لا يُحْفِي شَارِبَهُ. وَكَانَ يَأْخُذُهُ أَخْذًا وَسَطًا. وَكَانَ لَهُ شَعْرٌ إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ وَلَوْ رَأَيْتَهُ قُلْتَ لَيْسَ مِنْ تِلْكَ الطَّبَقَةِ شَدِيدُ الاخْتِلاطِ بِالنَّاسِ. أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَوْنٍ تَبْدُو سُرَّتُهُ إِذَا اتَّزَرَ. أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى ابْنِ عَوْنٍ بُرْنُسًا مِنْ صُوفٍ رَقِيقًا حَسَنًا. فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: مَا هَذَا الْبُرْنُسُ يَا أبا عَوْنٍ؟ فَقَالَ: هَذَا بُرْنُسٌ كَانَ لابْنِ عُمَرَ. قَالَ: فَكَسَاهُ أَنَسَ بْنَ سِيرِينَ فَبِيعَ فِي مِيرَاثِ أَنَسٍ فَاشْتَرَيْتُهُ. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانَتْ نَعْلُ ابْنِ عَوْنٍ لَهَا زِمَامٌ وَاحِدٌ وَلَمْ تَكُنْ سِبْتِيَّةً. وَكَانَتْ أَرْدِيَةُ ابْنِ عَوْنٍ مَفْتُولَةً وَكَانَتْ ثِيَابَ ابْنِ عَوْنٍ تَمَسُّ ظَهْرَ قَدَمِهِ. أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو قَطَنٍ قَالَ: رَأَيْتُ بَعْضَ أَسْنَانِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ مَشْدُودَةً بِالذَّهَبِ. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَوْنٍ يَتَمَنَّى أَنْ يَرَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَرَهُ إِلا قَبْلَ وَفَاتِهِ بِيَسِيرٍ فَسُرَّ بِذَلِكَ سُرُورًا شَدِيدًا فَنَزَلَ مِنْ دَرَجَتِهِ إِلَى مَسْجِدٍ كَانَ فِي الدَّارِ. قَالَ: فَسَقَطَ فَأُصِيبَ فِي رِجْلِهِ فَلَمْ يُعَالِجْهَا حتى مات. وكفن في برد شراه مائتي دِرْهَمٍ فَمَاكَسَنَا بَنُوهُ وَقَالُوا: لا نَشْتَرِي إِلا بِدُونِ ذَلِكَ. فَقَالَتْ عَمَّتِي. وَكَانَتِ امْرَأَتَهُ: احْسِبُوا الْبَاقِيَ عَلَيَّ. قَالَ: وَحَضَرَتْ وَفَاةُ ابْنِ عَوْنٍ فَكَانَ مُوَجَّهًا حَتَّى قُبِضَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى غَرْغَرَ بِالْمَوْتِ. قَالَ: وَقَالَتْ لِي عَمَّتِي أُمُّ مُحَمَّدٍ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سيرين: اقرأ عِنْدَ ابْنِ عَوْنٍ سُورَةَ يس. فَقَرَأْتُهَا. قَالَ: وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَشَدَّ عَقْلا عِنْدَ الْمَوْتِ مِنَ ابْنَ عَوْنٍ. وَمَا كَانَ يَزِيدُ أَنْ يَقُولَ بِالثَّوْبِ هَكَذَا يَرْفَعْهُ عَنْ بَطْنِهِ. وَمَاتَ فِي السَّحَرِ فَمَا قَدَرْنَا أَنْ نُصَلِّيَ عَلَيْهِ حَتَّى وَضَعْنَاهُ فِي مِحْرَابِ الْمُصَلَّى. غَلَبَنَا عَلَيْهِ النُّعَاسُ. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: مَاتَ ابْنُ عَوْنٍ وَعَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ بِضْعَةَ عَشَرَ أَلْفًا وَأَوْصَى بِخُمْسِ مَالِهِ بَعْدَ دَيْنِهِ إِلَى أبي فِي قَرَابَتِهِ الْمُحْتَاجِينَ وَغَيْرِ الْمُحْتَاجِينَ. قَالَ: وَكَانَ ابْنُ عَوْنٍ فِي مَرَضِهِ أَصْبَرَ مِنْ أَسَدٍ أَيْ مَا رَأَيْتُهُ يَشْكُو شَيْئًا مِنْ عِلَّتِهِ حَتَّى مَاتَ وَلَمْ يُخَلِّفْ دِرْهَمًا وَلا دِينَارًا وَإِنَّمَا خَلَّفَ دَارًا فِي الْعَطَّارِينَ وَدَارَهُ الَّتِي كَانَ يَسْكُنُهَا فِي سِكَّةِ الْمِرْبَدِ. قَالَ: وَمَاتَ. رَحِمَهُ اللَّهُ. فِي رَجَبٍ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ فِي خِلافَةِ أبي جَعْفَرٍ. وَصَلَّى عَلَيْهِ جَمِيلُ بْنُ مَحْفُوظٍ الأَزْدِيُّ صَاحِبُ شُرْطَةِ عُقْبَةَ بْنِ سَلْمٍ.
- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنِ بْنِ أَرْطَبَانَ. ويكنى أبا عون مولى عبد الله بن درة بن سراق المزني وكان أكبر من سليمان التميمي. وكان عثمانيًا. وكان ثقة كثير الحديث ورعًا. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَوْنٍ يَقُولُ: رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُقَادُ بِهِ دَابَّتُهُ لا يَلْقَى مَا أَلْقَى أَنَا. لَقَدْ تَرَكُونِي مَا أَقْدِرُ أَنْ أَخْرُجَ إِلَى حَاجَةٍ. أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: وُلِدَ ابْنُ عَوْنٍ قَبْلَ الْجَارِفِ بِثَلاثِ سِنِينَ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَوْنٍ لا يُسَلِّمُ عَلَى الْقَدَرِيَّةِ إذا مر بهم. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَوْنٍ قَدْ سَمِعَ بِالْكُوفَةِ عِلْمًا كَثِيرًا فَعَرَضَهُ عَلَى مُحَمَّدٍ فَمَا قَالَ مُحَمَّدٌ: مَا أَحْسَنَ هَذَا! حَدَّثَ بِهِ. وَمَا كَانَ سِوَى ذَلِكَ أَمْسَكَ عَنْهُ حَتَّى مَاتَ. وَكَانَ إِذَا حَدَّثَ بِالْحَدِيثِ تَخَشَّعَ عِنْدَهُ حَتَّى تَرْحَمَهُ مَخَافَةَ أَنْ يَزِيدَ أَوْ يَنْقُصَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إسماعيل بن عُلَيَّةَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَوْنٍ يَقُولُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عِلْمِ الشُّيُوخِ!. قَالَ: وَقَالَ أَبُو قَطَنٍ سَمِعْتُ ابْنَ عَوْنٍ يَقُولُ: وَدِدْتُ أَنِّي خَرَجْتُ مِنْهُ كَفَافًا. يَعْنِي الْعِلْمَ. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عَوْنٍ: يَا ابْنَ أَخِي قَدْ قَطَعُوا عَلَيَّ الطَّرِيقَ مَا أَقْدِرُ أَنْ أَخْرُجَ لِحَاجَةٍ. يَعْنِي مِمَّا يَسْأَلُونَهُ عَنِ الْحَدِيثِ. قَالَ بَكَّارٌ: وَكَانَ لابْنِ عَوْنٍ إِخْوَانٌ يَأْتُونَهُ فَيَأْذَنُ لَهُمْ خَاصَّةً وَلا يَأْذَنُ لِلْجَمَاعَةِ. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَوْنٍ إِذَا جَاءَهُ إِخْوَانُهُ فَسَلَّمُوا عليه كأن على رؤوسهم الطَّيْرَ لَهُمْ خُشُوعٌ وَخُضُوعٌ لَيْسَ أَرَاهُ لأَحَدٍ. وَكَانَ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ: وَعَلَيْكُمُ السَّلامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ. وَكَانَ لا يَدَعُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَلا غَيْرِهِمْ يَتْبَعُهُ. وَاتَّبَعَ ابْنَ عَوْنٍ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ يَوْمًا فَقَالَ: أَلَكَ حَاجَةٌ؟ قَالَ: لا. قَالَ: فَانْصَرِفْ. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ ابْنَ عَوْنٍ يُمَازِحُ أَحَدًا وَلا يُمَارِي أَحَدًا وَلا يُنْشِدُ شِعْرًا. وَكَانَ مَشْغُولا بِنَفْسِهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَوْنٍ إِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ يَمْكُثُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ فِي مَجْلِسِهِ يَذْكُرُ اللَّهَ. فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ صَلَّى ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ. قَالَ بَكَّارٌ: وَمَا رَأَيْتُ ابْنَ عَوْنٍ شَاتِمًا أَحَدًا قَطُّ عَبْدًا وَلا أَمَةً وَلا شَاةً وَلا دَجَاجَةً وَلا شَيْئًا وَلا رَأَيْتُ أَحَدًا أَمْلَكَ لِلِسَانِهِ مِنْهُ. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: مَا سَمِعْتُ ابْنَ عَوْنٍ ذَاكِرًا بِلالَ بْنَ أبي بُرْدَةَ بِشَيْءٍ قَطُّ. وَلَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ قَوْمًا قَالُوا: يَا أبا عَوْنٍ بِلالٌ فَعَلَ. فَقَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ يَكُونُ مَظْلُومًا فَلا يَزَالُ يَقُولُ حَتَّى يَكُونَ ظَالِمًا. مَا أَظُنُّ أَحَدًا مِنْكُمْ أَشَدَّ عَلَى بِلالٍ مِنِّي. قَالَ: وَكَانَ بِلالٌ قَدْ ضَرَبَهُ بِالسِّيَاطِ لأَنَّهُ كَانَ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَرَبِيَّةً. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: صَحِبْتُ ابْنَ عَوْنٍ دَهْرًا مِنَ الدَّهْرِ حَتَّى مَاتَ. وَأَوْصَى إِلَى أبي فَمَا سَمِعْتُهُ حَالِفًا عَلَى يَمِينٍ بَرَّةٍ وَلا فَاجِرَةٍ حَتَّى فَرَّقَ الْمَوْتُ بَيْنَنَا. قَالَ: وَكَانَ ابْنُ عَوْنٍ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا حَتَّى مَاتَ. قَالَ: وَمَا رَأَيْتُ بِيَدِ ابْنِ عَوْنٍ دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا قَطُّ وَلا رَأَيْتُهُ يَزِنُ شَيْئًا قَطُّ. وَكَانَ إِذَا تَوَضَّأَ لِلصَّلاةِ لا يُعِينُهُ عَلَيْهِ أَحَدٌ. وَكَانَ يَمْسَحُ وَجْهَهُ إِذَا تَوَضَّأَ بِالْمِنْدِيلِ أَوْ بِخِرْقَةٍ. قَالَ: وَكَانَ لا يُبَكِّرُ إِلَى الْجُمُعَةِ ذَاكَ التَّبْكِيرَ الَّذِي يُعْرَفُ وَلا يُؤَخِّرُهَا. وَكَانَ أَحَبَّ الأُمُورِ إِلَيْهِ أَوْسَطُهَا وَالاخْتِلاطُ بِالْجَمَاعَةِ. وَكَانَ يَغْتَسِلُ الجمعة والعيدين ويتطيب للجمعة وللعيدين وَيَرَى ذَلِكَ سُنَّةً. وَكَانَ طَيِّبَ الرِّيحِ فِي سَائِرِ الأَيَّامِ لَيِّنَ الْكِسْوَةِ. وَكَانَ يَلْبَسُ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ أَنْظَفَ ثِيَابِهِ. وَكَانَ يَأْتِي الْجُمُعَةَ مَاشِيًا وَرَاكِبًا وَلا يُقِيمُ بَعْدَ صَلاةِ الْجُمُعَةِ. وَكَانَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لا يَزِيدُ عَلَى الْمَكْتُوبَةِ فِي الْجَمَاعَةِ. ثُمَّ يَخْلُو فِي بَيْتِهِ. وَكَانَ إِذَا خَلا فِي مَنْزِلِهِ إِنَّمَا هُوَ صَامِتٌ لا يَزِيدُ عَلَى الْحَمْدِ لِلَّهِ رَبِّنَا. وَمَا رَأَيْتُ ابْنَ عَوْنٍ دَخَلَ حَمَّامًا قَطُّ. وَكَانَ لَهُ وَكِيلٌ نَصْرَانِيُّ يُحْيِي غَلَّةَ دَارِهِ. وَكَانَ سُكَّانُهُ فِي دَارِهِ الَّتِي هُوَ فِيهَا نَصَارَى وَمُسْلِمِينَ وَالدَّارِ الَّتِي فِي السُّوقِ. وَكَانَ يَقُولُ: يَكُونُ تَحْتِي نَصَارَى لا يَكُونُ تَحْتِي مُسْلِمُونَ. وَكَانَ يَسْكُنُ أَعْلَى دَارِهِ. وَكَانَ ابْنُ عَوْنٍ يُصَلِّي بِنَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ. وَكَانَ لَهُ مَسْجِدٌ فِي دَارِهِ يُصَلِّي فِيهِ الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا وَمَنْ حَضَرَهُ مِنْ إِخْوَانِهِ وَسُكَّانِهِ وَوَلَدِهِ. وَكَانَ يُؤَذِّنُ مَوْلًى لَهُ يُقَالُ لَهُ زَيْدٌ. وَيُقِيمُ يُؤَذِّنُ مَثْنَى مَثْنَى. وَيُقِيمُ وَتْرًا وَتْرًا. وَكَانَ رُبَّمَا أَمَّنَا ابْنُ عَوْنٍ وَرُبَّمَا قَدَّمَ بَعْضَ بَنِيهِ. وَكَانَ لا يَدْعُو بِشَيْءٍ إِلا أَنْ يُؤْتَى بِهِ. وَكَانَ إِذَا عَلِمَ أَنَّ فِيَ شَيْءٍ مِنْ طَعَامِهِ ثُومًا لَمْ يَذُقْهُ. وَكَانَ يَأْتِيهِ الْخَادِمُ قَبْلَ الطَّعَامِ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ. ثُمَّ يَأْتِيهِ بِالْمِنْدِيلِ فَيَمْسَحُ بِهَا يَدَيْهِ. وَقَالَ بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَتْنَا مَوْلاةٌ لَنَا يُقَالُ لَهَا عَيْنا أَنَّهَا كَانَتْ تَخْدُمُ ابْنَ عَوْنٍ وَهِيَ يَوْمَئِذٍ مَمْلُوكَةٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ. وَكَانَتِ ابْنَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عِنْدَ ابنِ عَوْنٍ وأمها عِنْدَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِهِ. قَالَتْ: فَكُنْتُ أَخْدُمُهَا فَطَبَخْتُ لابْنِ عَوْنٍ قِدْرًا فَوَجَدَ مِنْهَا رِيحَ الثُّومِ. قَالَتْ: فَسَأَلَنِي فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: بَارَكَ اللَّهُ فِيكِ بَارَكَ اللَّهُ فِيكِ! ارْفَعِيهِ مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ. قَالَتْ: فَوَقَعَ فِي جَسَدِي مِثْلُ الْحَرِيقِ فَهَرَبْتُ إِلَى دَارِ سِيرِينَ. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ذُكِرَ الْقَدَرُ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ فَقَالَ لِي: يَا ابْنَ أَخِي إِنِّي أَنَا أَكْبَرُ مِنْهُ قَدْ أَدْرَكْتُ النَّاسَ وَمَا يَذْكُرُ بِهَذَا الْكَلامِ إِلا رَجُلانِ مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ وَسِنْهَوَيْهِ زَوْجُ أُمِّ مُوسَى وَذَاكَ شَرٌّ. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: سَعَتِ الْمُعْتَزِلَةُ بِابْنِ عَوْنٍ إِلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ فَقَالُوا: إِنَّ هَهُنَا رَجُلا يَرْبُثُ النَّاسَ عَنْكَ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ. فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ أَنْ مَا لِي وَلَكَ. فَخَرَجَ عَنِ الْبَصْرَةِ حَتَّى نَزَلَ الْقُرَيْظِيَّةَ فَلَمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى كَانَ مِنْ أَمْرِ إِبْرَاهِيمَ مَا كَانَ. قَالَ بَكَّارٌ: وَرَأَيْتُ ابْنَ عَوْنٍ لَمَّا خَرَجَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ أَمَرَ بِأَبْوَابِهِ وَكَانَتْ شَارِعَةً عَلَى سِكَّةِ الْمِرْبَدِ فَغُلِّقَتْ. فَلَمْ يَكُنْ يَدَعُ أَحَدًا يَطْلُعُ وَلا يَنْظُرُ وَلا يَفْتَحُ بَابًا. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَوْنٍ إِنْ وَصَلَ إِنْسَانًا بِشَيْءٍ وَصَلَهُ سِرًّا وَإِنْ صَنَعَ شَيْئًا صَنَعَهُ سِرًّا يَكْرَهُ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ أَحَدٌ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنِّي مَعَ مُحَمَّدٍ فِي بُسْتَانٍ. قَالَ: فَجَعَلَ يَمْشِي فِيهِ فَيَمُرُّ عَلَى الْجَرْوَلِ فَيَبُثُّهُ وَأَنَا خَلْفَهُ أَفْعَلُ ذَلِكَ. قَالَ: فَأَتَيْتُهُ فَقَصَصْتُهَا عَلَيْهِ فَرَأَيْتُ أَنَّهُ عَرَفَهَا فَقَالَ: مَا شَاءَ اللَّهُ مَا شَاءَ اللَّهُ! هَذَا رَجُلٌ يَتْبَعُ رَجُلا يَتَعَلَّمُ مِنْهُ الْخَيْرَ. قَالَ: فَرَأَى أَنِّي كُنْتُ. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ ابْنِ عَوْنٍ فِي بَيْتٍ فَقُلْتُ: أَلَيْسَ أَبُو مُحَمَّدٍ عُبَيْدَةُ بِأَطْرَافٍ؟ فَقَالَ: أَيْهَاتَ عِنْدَ مَنْ تَقُولُ هَذَا. لا لا. وَكُنْتُ أَرَدْتُهُ أَنْ يُحَدِّثَنِي فِي كِتَابٍ فَأَبَى عَلَيَّ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ الْبَتِّيَّ يَقُولُ فِي شَهَادَةِ الرَّجُلِ لأَبِيهِ: لا يَجُوزُ إِلا أَنْ يَكُونَ مِثْلَ ابْنِ عَوْنٍ. قَالَ الأَنْصَارِيُّ: وَبِهِ آخُذُ وَقَدْ شَهِدْتُ عِنْدَ سَوَّارِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ لأَبِي عَلِيٍّ شَهَادَةً فَقَبِلَهَا. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَيَّ سَلْمُ بْنُ قُتَيْبَةَ وَهُوَ أَمِيرٌ فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ. قَالَ: فَضَحِكَ وَقَالَ: نَحْمِلُهَا لابْنِ عَوْنٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ مَرَّةً. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: مَنْ حَدَّثَكَ بِهِ؟ قَالَ: مَنْ لَمْ تَرَ عَيْنَايَ وَاللَّهِ مِثْلَهُ قَطُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ وَمَا أَسْتَثْنِي الْحَسَنَ وَلا ابْنَ سِيرِينَ. قَالَ الأَنْصَارِيُّ: وَقَدِمَ هِشَامٌ مَرَّةً مِنْ مَكَّةَ فَأَتَى ابْنَ عَوْنٍ وَنَحْنُ عِنْدَهُ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَتَيْتُ أَهْلِي وَلا أَحَدًا حَتَّى أَتَيْتُكَ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: رَأَيْتُ فِي المنام كَأَنِّي كُنْتُ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ فَنَدَرَتْ حَصَاةٌ فَوَقَعَتْ فِي أُذُنِي فَمِلْتُ بِرَأْسِي فَسَقَطَتْ. فَسَأَلْتُ عَنْهَا ابْنَ سِيرِينَ فَقَالَ: هَذَا رَجُلٌ سَمِعَ كَلِمَةً تَسُوءُهُ فَلَمْ يَكُنْ لَهَا فِي قَلْبِهِ قَرَارٌ. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَوْنٍ يَكْرَهُ الْمُصَافَحَةَ. وَكَانَ لا يُصَافِحُ أَحَدًا. وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ لا يَكَادُ يُصَافِحُ إِنَّمَا يَقُولُ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ. أَخْبَرَنَا بَكَّارٌ قَالَ: لَمْ يَكُنْ لِمَسْجِدِ ابْنِ عَوْنٍ الَّذِي اتَّخَذَهُ فِي دَارِهِ مِحْرَابٌ. أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ خُلَيْفِ بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: مَرَّ ابْنُ عَوْنٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ فَمَرَّ ابْنُ سِيرِينَ مَوْضِعَ الْمَطَرِ عَلَى جِذْعٍ وَمَرَّ ابْنُ عَوْنٍ فِي مَوْضِعِ الْمَطَرِ. فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَمْشِيَ عَلَى الْجِذْعِ؟ قَالَ: لَمْ أَدْرِ مَا يُوَافِقُ صَاحِبَهُ. أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ خُلَيْفٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَوْنٍ إِذَا اجْتَهَدَ فِي الدُّعَاءِ قَالَ: يَا أَحَدُ يَا أَحَدُ. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ: كَانَ لَهُ نَاقَةٌ يَغْزُو عَلَيْهَا وَيَحُجُّ عَلَيْهَا وَكَانَ بِهَا مُعْجَبًا فَأَمَرَ غُلامًا لَهُ يَسْتَقِي عَلَيْهَا فَجَاءَ بِهَا وَقَدْ ضَرَبَهَا عَلَى وَجْهِهَا فَسَالَتْ عَيْنُهَا عَلَى خَدِّهَا فَقُلْنَا: إِنْ كَانَ مِنِ ابْنِ عَوْنٍ شَيْءٌ فَالْيَوْمَ. قَالَ: فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ نَزَلَ إلينا. فلما نظر إلى النَّاقَةَ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ أَفَلا غَيْرَ الْوَجْهِ؟ بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ! اخْرُجْ عَنِّي. اشْهَدُوا أَنَّهُ حُرٌّ. أَخْبَرَنَا بَكَّارٌ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَوْنٍ يَغْزُو عَلَى نَاقَتِهِ إِلَى الشَّامِ فَإِذَا صَارَ إِلَى الشَّامِ رَكِبَ الْخَيْلَ. قَالَ: وَبَارَزَ ابْنُ عَوْنٍ رُومِيًّا فَقَتَلَهُ. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانَ لابْنِ عَوْنٍ سُبْعٌ يَقْرَأُهُ كُلَّ لَيْلَةٍ فَإِذَا لَمْ يَقْرَأْهُ بِاللَّيْلِ أَتَمَّهُ بِالنَّهَارِ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: ثَلاثٌ أُحِبُّهُنَّ لِنَفْسِي وَلأَصْحَابِي. قَالَ: فَذَكَرَهُ فَإِذَا هُوَ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَالثَّالِثَةُ أَقْبَلَ رَجُلٌ عَلَى نَفْسِهِ وَلَهَا مِنَ النَّاسِ إِلا مِنْ خَيْرٍ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ: وَسَمِعْتُهُم يَذْكُرُونَ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ أَنَّهُ رَأَى دَابَّةَ أبي مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ فَرَكِبَهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَأْمِرَهُ. يَعْنِي يَفْعَلُ ذَلِكَ عَلَى الثِّقَةِ بِهِ. أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَوْنٍ يَقُولُ: سُلَيْمٌ سُلَيْمٌ أَزْهَرُ أَزْهَرُ. قَالَ: إِنَّهُمْ كَانُوا يَشْتَرُونَ لَهُ حَوَائِجَهُ مِنَ السوق. أَخْبَرَنَا أَزْهَرُ بْنُ بَلْجٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: قُلْتُ لابْنِ عَوْنٍ: إِنِّي أَرَاكَ تُحِبُّ الدَّرَاهِمَ. قَالَ: إِنَّهَا تَنْفَعُنِي. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانَ خَاتَمُ ابْنِ عَوْنٍ مِنْ فِضَّةٍ. وَكَانَ فَصُّهُ مِنْهُ وَنَقْشُهُ خَاتَمُ سُلَيْمَانَ. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى ابْنِ عَوْنٍ قَلَنْسُوَةً ارْتِفَاعُهَا نَحْوٌ مِنْ شِبْرٍ حِبَرَةً مِنْ هَذِهِ الْيَمَانِيَةِ الْمُسَلْسَلَةِ. وَرَأَيْتُهُ يَلْبَسُ الثِّيَابَ الْبُرُودَ. وَرَأَيْتُهُ يَلْبَسُ إِزَارًا وَرِدَاءً وَيَخْرُجُ إِلَى السُّوقِ. وَكَانَ يَلْبَسُ ثَوْبَيْنِ مُمَشَّقَيْنِ يُصْبَغَانِ بِالْمِشْقِ. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَوْنٍ لا يُحْفِي شَارِبَهُ. وَكَانَ يَأْخُذُهُ أَخْذًا وَسَطًا. وَكَانَ لَهُ شَعْرٌ إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ وَلَوْ رَأَيْتَهُ قُلْتَ لَيْسَ مِنْ تِلْكَ الطَّبَقَةِ شَدِيدُ الاخْتِلاطِ بِالنَّاسِ. أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَوْنٍ تَبْدُو سُرَّتُهُ إِذَا اتَّزَرَ. أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى ابْنِ عَوْنٍ بُرْنُسًا مِنْ صُوفٍ رَقِيقًا حَسَنًا. فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: مَا هَذَا الْبُرْنُسُ يَا أبا عَوْنٍ؟ فَقَالَ: هَذَا بُرْنُسٌ كَانَ لابْنِ عُمَرَ. قَالَ: فَكَسَاهُ أَنَسَ بْنَ سِيرِينَ فَبِيعَ فِي مِيرَاثِ أَنَسٍ فَاشْتَرَيْتُهُ. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانَتْ نَعْلُ ابْنِ عَوْنٍ لَهَا زِمَامٌ وَاحِدٌ وَلَمْ تَكُنْ سِبْتِيَّةً. وَكَانَتْ أَرْدِيَةُ ابْنِ عَوْنٍ مَفْتُولَةً وَكَانَتْ ثِيَابَ ابْنِ عَوْنٍ تَمَسُّ ظَهْرَ قَدَمِهِ. أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو قَطَنٍ قَالَ: رَأَيْتُ بَعْضَ أَسْنَانِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ مَشْدُودَةً بِالذَّهَبِ. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَوْنٍ يَتَمَنَّى أَنْ يَرَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَرَهُ إِلا قَبْلَ وَفَاتِهِ بِيَسِيرٍ فَسُرَّ بِذَلِكَ سُرُورًا شَدِيدًا فَنَزَلَ مِنْ دَرَجَتِهِ إِلَى مَسْجِدٍ كَانَ فِي الدَّارِ. قَالَ: فَسَقَطَ فَأُصِيبَ فِي رِجْلِهِ فَلَمْ يُعَالِجْهَا حتى مات. وكفن في برد شراه مائتي دِرْهَمٍ فَمَاكَسَنَا بَنُوهُ وَقَالُوا: لا نَشْتَرِي إِلا بِدُونِ ذَلِكَ. فَقَالَتْ عَمَّتِي. وَكَانَتِ امْرَأَتَهُ: احْسِبُوا الْبَاقِيَ عَلَيَّ. قَالَ: وَحَضَرَتْ وَفَاةُ ابْنِ عَوْنٍ فَكَانَ مُوَجَّهًا حَتَّى قُبِضَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى غَرْغَرَ بِالْمَوْتِ. قَالَ: وَقَالَتْ لِي عَمَّتِي أُمُّ مُحَمَّدٍ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سيرين: اقرأ عِنْدَ ابْنِ عَوْنٍ سُورَةَ يس. فَقَرَأْتُهَا. قَالَ: وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَشَدَّ عَقْلا عِنْدَ الْمَوْتِ مِنَ ابْنَ عَوْنٍ. وَمَا كَانَ يَزِيدُ أَنْ يَقُولَ بِالثَّوْبِ هَكَذَا يَرْفَعْهُ عَنْ بَطْنِهِ. وَمَاتَ فِي السَّحَرِ فَمَا قَدَرْنَا أَنْ نُصَلِّيَ عَلَيْهِ حَتَّى وَضَعْنَاهُ فِي مِحْرَابِ الْمُصَلَّى. غَلَبَنَا عَلَيْهِ النُّعَاسُ. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: مَاتَ ابْنُ عَوْنٍ وَعَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ بِضْعَةَ عَشَرَ أَلْفًا وَأَوْصَى بِخُمْسِ مَالِهِ بَعْدَ دَيْنِهِ إِلَى أبي فِي قَرَابَتِهِ الْمُحْتَاجِينَ وَغَيْرِ الْمُحْتَاجِينَ. قَالَ: وَكَانَ ابْنُ عَوْنٍ فِي مَرَضِهِ أَصْبَرَ مِنْ أَسَدٍ أَيْ مَا رَأَيْتُهُ يَشْكُو شَيْئًا مِنْ عِلَّتِهِ حَتَّى مَاتَ وَلَمْ يُخَلِّفْ دِرْهَمًا وَلا دِينَارًا وَإِنَّمَا خَلَّفَ دَارًا فِي الْعَطَّارِينَ وَدَارَهُ الَّتِي كَانَ يَسْكُنُهَا فِي سِكَّةِ الْمِرْبَدِ. قَالَ: وَمَاتَ. رَحِمَهُ اللَّهُ. فِي رَجَبٍ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ فِي خِلافَةِ أبي جَعْفَرٍ. وَصَلَّى عَلَيْهِ جَمِيلُ بْنُ مَحْفُوظٍ الأَزْدِيُّ صَاحِبُ شُرْطَةِ عُقْبَةَ بْنِ سَلْمٍ.
- عبد الله بن عون.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يحيى اخبرني محمود ابن غيلان نا النضر بن شميل قال قال شعبة: شك ابن عون أحب إلى من يقين غيره.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي نا أحمد بن إبراهيم الدورقي نا أبو داود الطيالسي قال سمعت شعبة قال: ما رأيت مثل أيوب السختياني وابن عون ويونس بن عبيد.