أُمُّ سَلَمَةَ أُمُّ المُؤْمِنِيْنَ هِنْدُ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ المَخْزُوْمِيَّةُ
السَّيِّدَةُ، المُحَجَّبَةُ، الطَّاهِرَةُ، هِنْدُ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ بنِ المُغِيْرَةِ بنِ عَبْدِ اللهِ
بنِ عُمَرَ بنِ مَخْزُوْم بنِ يَقَظَةَ بنِ مُرَّةَ المَخْزُوْمِيَّةُ، بِنْتُ عَمِّ خَالِدِ بنِ الوَلِيْدِ سَيْفِ اللهِ؛ وَبِنْتُ عَمِّ أَبِي جَهْلٍ بنِ هِشَامٍ.مِنْ المُهَاجِرَاتِ الأُوَلِ.
كَانَتْ قَبْلَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَ أَخِيْهِ مِنَ الرَّضَاعَةِ؛ أَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الأَسَدِ المَخْزُوْمِيِّ، الرَّجُلِ الصَّالِحِ.
دَخَلَ بِهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ مِنَ الهِجْرَةِ.
وَكَانَتْ مِنْ أَجْمَلِ النِّسَاءِ وَأَشْرَفِهِنَّ نَسَباً، وَكَانَتْ آخِرَ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ.
عُمِّرَتْ حَتَّى بَلَغَهَا مَقْتَلُ الحُسَيْنِ الشَّهِيْدِ، فَوَجَمَتْ لِذَلِكَ، وَغُشِيَ عَلَيْهَا، وَحَزِنَتْ عَلَيْهِ كَثِيْراً، لَمْ تَلْبَثْ بَعْدَهُ إِلاَّ يَسِيْراً، وَانْتَقَلَتْ إِلَى اللهِ.
وَلَهَا أَوْلاَدٌ صَحَابِيُّوْنَ: عُمَرُ، وَسَلَمَةُ، وَزَيْنَبُ.
وَلَهَا جُمْلَةُ أَحَادِيْثَ.
رَوَى عَنْهَا: سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، وَشَقِيْقُ بنُ سَلَمَةَ، وَالأَسْوَدُ بنُ يَزِيْدَ، وَالشَّعْبِيُّ، وَأَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ، وَمُجَاهِدٌ، وَنَافِعُ بنُ جُبَيْرِ بنِ مُطْعِمٍ، وَنَافِعٌ مَوْلاَهَا، وَنَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَعَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَشَهْرُ بنُ حَوْشَبٍ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
عَاشَتْ نَحْواً مِنْ تِسْعِيْنَ سَنَةً.
وَأَبُوْهَا: هُوَ زَادُ الرَّاكِبِ، أَحَدُ الأَجْوَادِ، - قِيْلَ: اسْمُهُ حُذَيْفَةُ -.
وَقَدْ وَهِمَ مَنْ سَمَّاهَا: رَمْلَةُ؛ تِلْكَ أُمُّ حَبِيْبَةَ.
وَكَانَتْ تُعَدُّ مِنْ فُقَهَاءِ الصَّحَابِيَّاتِ.الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُبَيْدٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ يَرْبُوْعٍ، عَنْ عُمَرَ بنِ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ:
بَعَثَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبِي إِلَى أَبِي قَطَنٍ فِي المُحَرَّمِ سنَةَ أَرْبَعٍ، فَغَابَ تِسْعاً وَعِشْرِيْنَ لَيْلَةً، ثُمَّ رَجَعَ فِي صَفَرٍ، وَجُرْحُهُ الَّذِي أَصَابَهُ يَوْمَ أُحُدٍ مُنْتَقِضٌ؛ فَمَاتَ مِنْهُ، لِثَمَانٍ خَلَوْنَ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ، وَحَلَّتْ أُمِّي فِي شَوَّالٍ، وَتَزَوَّجَهَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
إِلَى أَنْ قَالَ: وَتُوُفِّيَتْ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ فِي ذِي القَعْدَةِ.
ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ الحَضْرَمِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الأَحْوَلُ، عَنْ زِيَادِ بنِ أَبِي مَرْيَمَ:
قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ لأَبِي سَلَمَةَ: بَلَغَنِي أَنَّهُ لَيْسَ امْرَأَةٌ يَمُوْتُ زَوْجُهَا، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، ثُمَّ لَمْ تَزَوَّجْ، إِلاَّ جَمَعَ اللهُ بَيْنَهُمَا فِي الجَنَّةِ، فَتَعَالَ أُعَاهِدْكَ أَلاَّ تَزَوَّجَ بَعْدِي، ولاَ أَتَزَوَّجُ بَعْدَكِ.
قَالَ: أَتُطِيْعِيْنَنِي؟
قَالَتْ: نَعَمْ.
قَالَ: إِذَا مِتُّ تَزَوَّجِي، اللَّهُمَّ ارْزُقْ أُمَّ سَلَمَةَ بَعْدِي رَجُلاً خَيْراً مِنِّي، لاَ يُحْزِنُهَا وَلاَ يُؤْذِيْهَا.
فَلَمَّا مَاتَ، قُلْتُ: مَنْ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ؟
فَمَا لَبِثْتُ، وَجَاءَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَامَ عَلَى البَابِ فَذَكَرَ الخِطْبَةَ إِلَى ابْنِ أَخِيْهَا، أَوِ ابْنِهَا.
فَقَالَتْ: أَرُدُّ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ، أَوْ أَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ بِعِيَالِي.
ثُمَّ جَاءَ الغَدُ، فَخَطَبَ.
عَفَّانُ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، حَدَّثَنِي ابْنُ عُمَرَ بنِ أَبِي سَلَمَةَ،
عَنْ أَبِيْهِ:أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ لَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، خَطَبَهَا أَبُو بَكْرٍ، فَرَدَّتْهُ، ثُمَّ عُمَرُ، فَرَدَّتْهُ.
فَبَعَثَ إِلَيْهَا رَسُوْلُ اللهِ، فَقَالَتْ: مَرْحَباً، أَخْبِرْ رَسُوْلَ اللهِ أَنِّي غَيْرَى، وَأَنِّي مُصْبِيَةٌ، وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَائِي شَاهِداً.
فَبَعَثَ إِلَيْهَا: (أَمَّا قَوْلُكِ: إِنِّي مُصْبِيَةٌ؛ فَإِنَّ اللهَ سَيَكْفِيْكِ صِبْيَانَكِ، وَأَمَّا قَوْلُكِ: إِنِّي غَيْرَى، فَسَأَدْعُو اللهَ أَنْ يُذْهِبَ غَيْرَتَكِ، وَأَمَّا الأَوْلِيَاءُ؛ فَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْهُم إِلاَّ سَيَرْضَى بِي) .
قَالَتْ: يَا عُمَرُ، قُمْ، فَزَوِّجْ رَسُوْلَ اللهِ.
وَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَمَا إِنِّي لاَ أَنْقُصُكِ مِمَّا أَعْطَيْتُ فُلاَنَةَ ... ) ، الحَدِيْثَ.
عَبْدُ اللهِ بنُ نُمَيْرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ، عَنْ حَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ، قَالَ:
قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: أَتَانِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَلَّمَنِي، وَبَيْنَنَا حِجَابٌ، فَخَطَبَنِي.
فَقُلْتُ: وَمَا تُرِيْدُ إِلَيَّ؟ مَا أَقُوْلُ هَذَا إِلاَّ رَغْبَةً لَكَ عَنْ نَفْسِي؛ إِنِّي
امْرَأَةٌ قَدْ أَدْبَرَ مِنْ سِنِّي، وَإِنِّي أُمُّ أَيْتَامٍ، وَأَنَا شَدِيْدَةُ الغَيْرَةِ، وَأَنْتَ يَا رَسُوْلَ اللهِ تَجْمَعُ النِّسَاءَ.قَالَ: (أَمَّا الغَيْرَةُ فَيُذْهِبُهَا اللهُ، وَأَمَّا السِّنُّ فَأَنَا أَكْبَرُ مِنْكِ، وَأَمَّا أَيْتَامُكِ فَعَلَى اللهِ وَعَلَى رَسُوْلِهِ) .
فَأَذِنْتُ، فَتَزَوَّجَنِي.
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَيْمَنَ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَارِثِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَطَبَ أُمَّ سَلَمَةَ، فَقَالَتْ:
فِيَّ خِصَالٌ ثَلاَثٌ: كَبِيْرَةٌ، وَمُطْفِلٌ، وَغَيُوْرٌ ... ، الحَدِيْثَ.
وَعَنِ المُطَّلِبِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حَنْطَبٍ، قَالَ:
دَخَلَتْ أَيِّمُ العَرَبِ عَلَى سَيِّدِ المُسْلِمِيْنَ أَوَّلَ العِشَاءِ عَرُوْساً، وَقَامَتْ آخِرَ اللَّيْلِ تَطْحَنُ -يَعْنِي: أُمَّ سَلَمَةَ-.
مَالِكٌ: عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
لَمَّا بَنَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِأُمِّ سَلَمَةَ، قَالَ: (لَيْسَ بِكِ عَلَى أَهْلِكِ هَوَانٌ، إِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ لَكِ، وَسَبَّعْتُ عِنْدَهُنَّ -يَعْنِي: نِسَاءهُ- وَإِنْ شِئْتِ ثَلاَثاً، وَدُرْتُ؟) .
قَالَتْ: ثَلاَثاً.
رَوْحُ بنُ عُبَادَةَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي حَبِيْبُ بنُ أَبِي ثَابِتٍ، أَنَّ عَبْدَ الحَمِيْدِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَالقَاسِمَ بنَ مُحَمَّدٍ حَدَّثَاهُ، أَنَّهُمَا سَمِعَا أَبَا بَكْرٍ
بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يُخْبِرُ، أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ:أَنَّهَا لَمَّا قَدِمَتِ المَدِيْنَةَ أَخْبَرَتْهُمْ: أَنَّهَا بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ، فَكَذَّبُوْهَا، حَتَّى أَنْشَأَ نَاسٌ مِنْهُم الحَجَّ، فَقَالُوا: أَتَكْتُبِيْنَ إِلَى أَهْلِكِ؟
فَكَتَبَتْ مَعَهُمْ، فَرَجَعُوا، فَصَدَّقُوْهَا، وَازْدَادَتْ عَلَيْهِمْ كَرَامَةً.
قَالَتْ: فَلَمَّا وَضَعْتُ زَيْنَبَ، جَاءنِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَخَطَبَنِي، فَقُلْتُ: مَا مِثْلِي يُنْكَحُ!
قَالَ: فَتَزَوَّجَهَا، فَجَعَلَ يَأْتِيْهَا، فَيَقُوْلُ: (أَيْنَ زُنَابُ؟) .
حَتَّى جَاءَ عَمَّارٌ، فَاخْتَلَجَهَا، وَقَالَ: هَذِهِ تَمْنَعُ رَسُوْلَ اللهِ.
وَكَانَتْ تُرْضِعُهَا، فَجَاءَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: (أَينَ زُنَابُ؟)
فَقِيْلَ: أَخَذَهَا عَمَّارٌ.
فَقَالَ: (إِنِّي آتِيْكُمُ اللَّيْلَةَ) .
قَالَتْ: فَوَضَعْتُ ثِفَالِي، وَأَخْرَجْتُ حَبَّاتٍ مِنْ شَعِيْرٍ كَانَتْ فِي جَرَّتِي، وَأَخْرَجْتُ شَحْماً، فَعَصَدْتُهُ لَهُ، ثُمَّ بَاتَ، ثُمَّ أَصْبَحَ.
فَقَالَ: (إِنَّ بِكِ عَلَى أَهْلِكِ كَرَامَةً، إِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ لَكِ؟ وَإِنْ أُسَبِّعْ لَكِ أُسَبِّعْ لِنِسَائِي ) .
قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: هِيَ أَوَّلُ ظَعِيْنَةٍ دَخَلَتِ المَدِيْنَةَ مُهَاجِرَةً؛ فَشَهِدَ أَبُو سَلَمَةَ بَدْراً؛ وَوَلَدَتْ لَهُ: عُمَرَ، وَسَلمَةَ، وَزَيْنَبَ، وَدُرَّةَ.
أَبُو أُسَامَةَ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيْقٍ، عَنِ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ:
لَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ، أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ: كَيْفَ أَقُوْلُ؟
قَالَ: (قُوْلِي: اللَّهُمَّ
اغْفِرْ لَنَا وَلَهُ، وَأَعْقِبْنِي مِنْهُ عُقْبَى صَالِحَةً) .فَقُلْتُهَا، فَأَعْقَبَنِي اللهُ مُحَمَّداً -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي (صَحِيْحِهِ ) : أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ صَفْوَانَ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فِي خِلاَفَةِ يَزِيْدَ.
وَرَوَى: إِسْمَاعِيْلُ بنُ نَشِيْطٍ، عَنْ شَهْرٍ، قَالَ: أَتَيْتُ أُمَّ سَلَمَةَ أُعَزِّيْهَا بِالحُسَيْنِ.
وَمِنْ فَضْلِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ قَوْلُهُ -تَعَالَى-: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ ... } ، إِلَى قَوْلِهِ: {وَأَقِمْنَ الصَّلاَةَ، وَآتِيْنَ الزَّكَاةَ، وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُوْلَهُ، إِنَّمَا يُرِيْدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيْراً، وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوْتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللهِ وَالحِكْمَةِ} [الأَحْزَابُ: 32 - 34] .
فَهَذِهِ آيَاتٌ شَرِيْفَةٌ فِي زَوْجَاتِ نَبِيِّنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.قَالَ زَيْدُ بنُ الحُبَابِ: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بنُ وَاقِدٍ، عَنْ يَزِيْدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {إِنَّمَا يُرِيْدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ} ، قَالَ: نَزَلَتْ فِي نِسَاءِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
ثُمَّ قَالَ عِكْرِمَةُ: مَنْ شَاءَ بَاهَلْتُهُ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي نِسَاءِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَاصَّةً.
إِسْحَاقُ السَّلُوْلِيُّ: حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ صِلَةَ، عَنْ حُذَيْفَةَ:
أَنَّهُ قَالَ لامْرَأَتِهِ: إِنْ سَرَّكِ أَنْ تَكُوْنِي زَوْجَتِي فِي الجَنَّةِ، فَلاَ تَزَوَّجِي بَعْدِي، فَإِنَّ المَرْأَةَ فِي الجَنَّةِ لآخِرِ أَزْوَاجِهَا فِي الدُّنْيَا؛ فَلِذَلِكَ حُرِّمَ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُنْكَحْنَ بَعْدَهُ؛ لأَنَّهُنَّ أَزْوَاجُهُ فِي الجَنَّةِ.
رَوَى: عَطَاءُ بنُ السَّائِبِ، عَنْ مُحَارِبِ بنِ دِثَارٍ:
أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أَوْصَتْ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهَا سَعِيْدُ بنُ زَيْدٍ، أَحَدُ العَشَرَةِ.
وَهَذَا مُنْقَطِعٌ.
وَقَدْ كَانَ سَعِيْدٌ تُوُفِّيَ قَبْلَهَا بِأَعْوَامٍ، فَلَعَلَّهَا أَوْصَتْ فِي وَقْتٍ، ثُمَّ عُوْفِيَتْ، وَتَقَدَّمَهَا هُوَ.
وَرُوِيَ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ صَلَّى عَلَيْهَا، وَلَمْ يَثْبُتْ، وَقَدْ مَاتَ قَبْلَهَا.
وَدُفِنَتْ بِالبَقِيْعِ.قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
لَمَّا تَزَوَّجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُمَّ سَلَمَةَ، حَزِنْتُ حُزْناً شَدِيْداً؛ لِمَا ذَكَرُوا لَنَا مِنْ جَمَالِهَا، فَتَلَطَّفْتُ حَتَّى رَأَيْتُهَا، فَرَأَيْتُهَا -وَاللهِ- أَضْعَافَ مَا وُصِفَتْ لِي فِي الحُسْنِ؛ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِحَفْصَةَ - وَكَانَتَا يَداً وَاحِدَةً -.
فَقَالَتْ: لاَ وَاللهِ، إِنْ هَذِهِ إِلاَّ الغَيْرَةُ، مَا هِيَ كَمَا تَقُوْلِيْنَ، وَإِنَّهَا لَجَمِيْلَةٌ، فَرَأَيْتُهَا بَعْدُ، فَكَانَتْ كَمَا قَالَتْ حَفْصَةُ، وَلَكِنِّي كُنْتُ غَيْرَى.
مُسْلِمٌ الزَّنْجِيُّ: عَنْ مُوْسَى بنِ عُقْبَةَ، عَنْ أُمِّهِ، عَنِ أُمِّ كُلْثُوْمٍ، قَالَتْ:
لَمَّا تَزَوَّجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُمَّ سَلَمَةَ، قَالَ لَهَا: (إِنِّي قَدْ أَهْدَيْتُ إِلَى النَّجَاشِيِّ أَوَاقِيَّ مِنْ مِسْكٍ وَحُلَّةً، وَإِنِّي أَرَاهُ قَدْ مَاتَ، وَلاَ أَرَى الهَدِيَّةَ إِلاَّ سَتُرَدُّ، فَإِنْ رُدَّتْ فَهِيَ لَكِ) .
قَالَتْ: فَكَانَ كَمَا قَالَ، فَأَعْطَى كُلَّ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ أُوْقِيَّةٍ، وَأَعْطَى سَائِرَهُ أُمَّ سَلَمَةَ وَالحُلَّةَ.
القَعْنَبِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ الزُّهْرِيُّ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ أَمَرَ أُمَّ سَلَمَةَ أَنْ تُصَلِّيَ الصُّبْحَ بِمَكَّةَ يَوْمَ النَّحْرِ، وَكَانَ يَوْمَهَا، فَأَحَبَّ أَنْ تُوَافِيَهُ.
الوَاقِدِيُّ: عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: صَلَّى أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ.قُلْتُ: الوَاقِدِيُّ: لَيْسَ بِمُعْتَمَدٍ - وَاللهُ أَعْلَمُ - وَلاَ سِيَّمَا وَقَدْ خُوْلِفَ.
وَفِي (صَحِيْحِ مُسْلِمٍ) : أَنَّ عَبْدَ الله بنَ صَفْوَانَ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فِي خِلاَفَةِ يَزِيْدَ.
وَبَعْضُهُم أَرَّخَ مَوْتَهَا فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ، فَوَهِمَ أَيْضاً، وَالظَّاهِرُ وَفَاتُهَا فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -.
وَقَدْ تَزَوَّجَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِيْنَ حَلَّتْ فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ أَرْبَعٍ.
وَيَبْلُغُ مُسْنَدُهَا: ثَلاَثَ مائَةٍ وَثَمَانِيَةً وَسَبْعِيْنَ حَدِيْثاً.
وَاتَّفَقَ البُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ لَهَا عَلَى ثَلاَثَةَ عَشَرَ.
وَانْفَرَدَ البُخَارِيُّ بِثَلاَثَةٍ، وَمُسْلِمٌ بِثَلاَثَةَ عَشَرَ.
السَّيِّدَةُ، المُحَجَّبَةُ، الطَّاهِرَةُ، هِنْدُ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ بنِ المُغِيْرَةِ بنِ عَبْدِ اللهِ
بنِ عُمَرَ بنِ مَخْزُوْم بنِ يَقَظَةَ بنِ مُرَّةَ المَخْزُوْمِيَّةُ، بِنْتُ عَمِّ خَالِدِ بنِ الوَلِيْدِ سَيْفِ اللهِ؛ وَبِنْتُ عَمِّ أَبِي جَهْلٍ بنِ هِشَامٍ.مِنْ المُهَاجِرَاتِ الأُوَلِ.
كَانَتْ قَبْلَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَ أَخِيْهِ مِنَ الرَّضَاعَةِ؛ أَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الأَسَدِ المَخْزُوْمِيِّ، الرَّجُلِ الصَّالِحِ.
دَخَلَ بِهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ مِنَ الهِجْرَةِ.
وَكَانَتْ مِنْ أَجْمَلِ النِّسَاءِ وَأَشْرَفِهِنَّ نَسَباً، وَكَانَتْ آخِرَ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ.
عُمِّرَتْ حَتَّى بَلَغَهَا مَقْتَلُ الحُسَيْنِ الشَّهِيْدِ، فَوَجَمَتْ لِذَلِكَ، وَغُشِيَ عَلَيْهَا، وَحَزِنَتْ عَلَيْهِ كَثِيْراً، لَمْ تَلْبَثْ بَعْدَهُ إِلاَّ يَسِيْراً، وَانْتَقَلَتْ إِلَى اللهِ.
وَلَهَا أَوْلاَدٌ صَحَابِيُّوْنَ: عُمَرُ، وَسَلَمَةُ، وَزَيْنَبُ.
وَلَهَا جُمْلَةُ أَحَادِيْثَ.
رَوَى عَنْهَا: سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، وَشَقِيْقُ بنُ سَلَمَةَ، وَالأَسْوَدُ بنُ يَزِيْدَ، وَالشَّعْبِيُّ، وَأَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ، وَمُجَاهِدٌ، وَنَافِعُ بنُ جُبَيْرِ بنِ مُطْعِمٍ، وَنَافِعٌ مَوْلاَهَا، وَنَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَعَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَشَهْرُ بنُ حَوْشَبٍ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
عَاشَتْ نَحْواً مِنْ تِسْعِيْنَ سَنَةً.
وَأَبُوْهَا: هُوَ زَادُ الرَّاكِبِ، أَحَدُ الأَجْوَادِ، - قِيْلَ: اسْمُهُ حُذَيْفَةُ -.
وَقَدْ وَهِمَ مَنْ سَمَّاهَا: رَمْلَةُ؛ تِلْكَ أُمُّ حَبِيْبَةَ.
وَكَانَتْ تُعَدُّ مِنْ فُقَهَاءِ الصَّحَابِيَّاتِ.الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُبَيْدٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ يَرْبُوْعٍ، عَنْ عُمَرَ بنِ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ:
بَعَثَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبِي إِلَى أَبِي قَطَنٍ فِي المُحَرَّمِ سنَةَ أَرْبَعٍ، فَغَابَ تِسْعاً وَعِشْرِيْنَ لَيْلَةً، ثُمَّ رَجَعَ فِي صَفَرٍ، وَجُرْحُهُ الَّذِي أَصَابَهُ يَوْمَ أُحُدٍ مُنْتَقِضٌ؛ فَمَاتَ مِنْهُ، لِثَمَانٍ خَلَوْنَ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ، وَحَلَّتْ أُمِّي فِي شَوَّالٍ، وَتَزَوَّجَهَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
إِلَى أَنْ قَالَ: وَتُوُفِّيَتْ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ فِي ذِي القَعْدَةِ.
ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ الحَضْرَمِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الأَحْوَلُ، عَنْ زِيَادِ بنِ أَبِي مَرْيَمَ:
قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ لأَبِي سَلَمَةَ: بَلَغَنِي أَنَّهُ لَيْسَ امْرَأَةٌ يَمُوْتُ زَوْجُهَا، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، ثُمَّ لَمْ تَزَوَّجْ، إِلاَّ جَمَعَ اللهُ بَيْنَهُمَا فِي الجَنَّةِ، فَتَعَالَ أُعَاهِدْكَ أَلاَّ تَزَوَّجَ بَعْدِي، ولاَ أَتَزَوَّجُ بَعْدَكِ.
قَالَ: أَتُطِيْعِيْنَنِي؟
قَالَتْ: نَعَمْ.
قَالَ: إِذَا مِتُّ تَزَوَّجِي، اللَّهُمَّ ارْزُقْ أُمَّ سَلَمَةَ بَعْدِي رَجُلاً خَيْراً مِنِّي، لاَ يُحْزِنُهَا وَلاَ يُؤْذِيْهَا.
فَلَمَّا مَاتَ، قُلْتُ: مَنْ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ؟
فَمَا لَبِثْتُ، وَجَاءَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَامَ عَلَى البَابِ فَذَكَرَ الخِطْبَةَ إِلَى ابْنِ أَخِيْهَا، أَوِ ابْنِهَا.
فَقَالَتْ: أَرُدُّ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ، أَوْ أَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ بِعِيَالِي.
ثُمَّ جَاءَ الغَدُ، فَخَطَبَ.
عَفَّانُ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، حَدَّثَنِي ابْنُ عُمَرَ بنِ أَبِي سَلَمَةَ،
عَنْ أَبِيْهِ:أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ لَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، خَطَبَهَا أَبُو بَكْرٍ، فَرَدَّتْهُ، ثُمَّ عُمَرُ، فَرَدَّتْهُ.
فَبَعَثَ إِلَيْهَا رَسُوْلُ اللهِ، فَقَالَتْ: مَرْحَباً، أَخْبِرْ رَسُوْلَ اللهِ أَنِّي غَيْرَى، وَأَنِّي مُصْبِيَةٌ، وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَائِي شَاهِداً.
فَبَعَثَ إِلَيْهَا: (أَمَّا قَوْلُكِ: إِنِّي مُصْبِيَةٌ؛ فَإِنَّ اللهَ سَيَكْفِيْكِ صِبْيَانَكِ، وَأَمَّا قَوْلُكِ: إِنِّي غَيْرَى، فَسَأَدْعُو اللهَ أَنْ يُذْهِبَ غَيْرَتَكِ، وَأَمَّا الأَوْلِيَاءُ؛ فَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْهُم إِلاَّ سَيَرْضَى بِي) .
قَالَتْ: يَا عُمَرُ، قُمْ، فَزَوِّجْ رَسُوْلَ اللهِ.
وَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَمَا إِنِّي لاَ أَنْقُصُكِ مِمَّا أَعْطَيْتُ فُلاَنَةَ ... ) ، الحَدِيْثَ.
عَبْدُ اللهِ بنُ نُمَيْرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ، عَنْ حَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ، قَالَ:
قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: أَتَانِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَلَّمَنِي، وَبَيْنَنَا حِجَابٌ، فَخَطَبَنِي.
فَقُلْتُ: وَمَا تُرِيْدُ إِلَيَّ؟ مَا أَقُوْلُ هَذَا إِلاَّ رَغْبَةً لَكَ عَنْ نَفْسِي؛ إِنِّي
امْرَأَةٌ قَدْ أَدْبَرَ مِنْ سِنِّي، وَإِنِّي أُمُّ أَيْتَامٍ، وَأَنَا شَدِيْدَةُ الغَيْرَةِ، وَأَنْتَ يَا رَسُوْلَ اللهِ تَجْمَعُ النِّسَاءَ.قَالَ: (أَمَّا الغَيْرَةُ فَيُذْهِبُهَا اللهُ، وَأَمَّا السِّنُّ فَأَنَا أَكْبَرُ مِنْكِ، وَأَمَّا أَيْتَامُكِ فَعَلَى اللهِ وَعَلَى رَسُوْلِهِ) .
فَأَذِنْتُ، فَتَزَوَّجَنِي.
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَيْمَنَ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَارِثِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَطَبَ أُمَّ سَلَمَةَ، فَقَالَتْ:
فِيَّ خِصَالٌ ثَلاَثٌ: كَبِيْرَةٌ، وَمُطْفِلٌ، وَغَيُوْرٌ ... ، الحَدِيْثَ.
وَعَنِ المُطَّلِبِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حَنْطَبٍ، قَالَ:
دَخَلَتْ أَيِّمُ العَرَبِ عَلَى سَيِّدِ المُسْلِمِيْنَ أَوَّلَ العِشَاءِ عَرُوْساً، وَقَامَتْ آخِرَ اللَّيْلِ تَطْحَنُ -يَعْنِي: أُمَّ سَلَمَةَ-.
مَالِكٌ: عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
لَمَّا بَنَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِأُمِّ سَلَمَةَ، قَالَ: (لَيْسَ بِكِ عَلَى أَهْلِكِ هَوَانٌ، إِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ لَكِ، وَسَبَّعْتُ عِنْدَهُنَّ -يَعْنِي: نِسَاءهُ- وَإِنْ شِئْتِ ثَلاَثاً، وَدُرْتُ؟) .
قَالَتْ: ثَلاَثاً.
رَوْحُ بنُ عُبَادَةَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي حَبِيْبُ بنُ أَبِي ثَابِتٍ، أَنَّ عَبْدَ الحَمِيْدِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَالقَاسِمَ بنَ مُحَمَّدٍ حَدَّثَاهُ، أَنَّهُمَا سَمِعَا أَبَا بَكْرٍ
بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يُخْبِرُ، أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ:أَنَّهَا لَمَّا قَدِمَتِ المَدِيْنَةَ أَخْبَرَتْهُمْ: أَنَّهَا بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ، فَكَذَّبُوْهَا، حَتَّى أَنْشَأَ نَاسٌ مِنْهُم الحَجَّ، فَقَالُوا: أَتَكْتُبِيْنَ إِلَى أَهْلِكِ؟
فَكَتَبَتْ مَعَهُمْ، فَرَجَعُوا، فَصَدَّقُوْهَا، وَازْدَادَتْ عَلَيْهِمْ كَرَامَةً.
قَالَتْ: فَلَمَّا وَضَعْتُ زَيْنَبَ، جَاءنِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَخَطَبَنِي، فَقُلْتُ: مَا مِثْلِي يُنْكَحُ!
قَالَ: فَتَزَوَّجَهَا، فَجَعَلَ يَأْتِيْهَا، فَيَقُوْلُ: (أَيْنَ زُنَابُ؟) .
حَتَّى جَاءَ عَمَّارٌ، فَاخْتَلَجَهَا، وَقَالَ: هَذِهِ تَمْنَعُ رَسُوْلَ اللهِ.
وَكَانَتْ تُرْضِعُهَا، فَجَاءَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: (أَينَ زُنَابُ؟)
فَقِيْلَ: أَخَذَهَا عَمَّارٌ.
فَقَالَ: (إِنِّي آتِيْكُمُ اللَّيْلَةَ) .
قَالَتْ: فَوَضَعْتُ ثِفَالِي، وَأَخْرَجْتُ حَبَّاتٍ مِنْ شَعِيْرٍ كَانَتْ فِي جَرَّتِي، وَأَخْرَجْتُ شَحْماً، فَعَصَدْتُهُ لَهُ، ثُمَّ بَاتَ، ثُمَّ أَصْبَحَ.
فَقَالَ: (إِنَّ بِكِ عَلَى أَهْلِكِ كَرَامَةً، إِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ لَكِ؟ وَإِنْ أُسَبِّعْ لَكِ أُسَبِّعْ لِنِسَائِي ) .
قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: هِيَ أَوَّلُ ظَعِيْنَةٍ دَخَلَتِ المَدِيْنَةَ مُهَاجِرَةً؛ فَشَهِدَ أَبُو سَلَمَةَ بَدْراً؛ وَوَلَدَتْ لَهُ: عُمَرَ، وَسَلمَةَ، وَزَيْنَبَ، وَدُرَّةَ.
أَبُو أُسَامَةَ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيْقٍ، عَنِ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ:
لَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ، أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ: كَيْفَ أَقُوْلُ؟
قَالَ: (قُوْلِي: اللَّهُمَّ
اغْفِرْ لَنَا وَلَهُ، وَأَعْقِبْنِي مِنْهُ عُقْبَى صَالِحَةً) .فَقُلْتُهَا، فَأَعْقَبَنِي اللهُ مُحَمَّداً -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي (صَحِيْحِهِ ) : أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ صَفْوَانَ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فِي خِلاَفَةِ يَزِيْدَ.
وَرَوَى: إِسْمَاعِيْلُ بنُ نَشِيْطٍ، عَنْ شَهْرٍ، قَالَ: أَتَيْتُ أُمَّ سَلَمَةَ أُعَزِّيْهَا بِالحُسَيْنِ.
وَمِنْ فَضْلِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ قَوْلُهُ -تَعَالَى-: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ ... } ، إِلَى قَوْلِهِ: {وَأَقِمْنَ الصَّلاَةَ، وَآتِيْنَ الزَّكَاةَ، وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُوْلَهُ، إِنَّمَا يُرِيْدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيْراً، وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوْتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللهِ وَالحِكْمَةِ} [الأَحْزَابُ: 32 - 34] .
فَهَذِهِ آيَاتٌ شَرِيْفَةٌ فِي زَوْجَاتِ نَبِيِّنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.قَالَ زَيْدُ بنُ الحُبَابِ: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بنُ وَاقِدٍ، عَنْ يَزِيْدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {إِنَّمَا يُرِيْدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ} ، قَالَ: نَزَلَتْ فِي نِسَاءِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
ثُمَّ قَالَ عِكْرِمَةُ: مَنْ شَاءَ بَاهَلْتُهُ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي نِسَاءِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَاصَّةً.
إِسْحَاقُ السَّلُوْلِيُّ: حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ صِلَةَ، عَنْ حُذَيْفَةَ:
أَنَّهُ قَالَ لامْرَأَتِهِ: إِنْ سَرَّكِ أَنْ تَكُوْنِي زَوْجَتِي فِي الجَنَّةِ، فَلاَ تَزَوَّجِي بَعْدِي، فَإِنَّ المَرْأَةَ فِي الجَنَّةِ لآخِرِ أَزْوَاجِهَا فِي الدُّنْيَا؛ فَلِذَلِكَ حُرِّمَ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُنْكَحْنَ بَعْدَهُ؛ لأَنَّهُنَّ أَزْوَاجُهُ فِي الجَنَّةِ.
رَوَى: عَطَاءُ بنُ السَّائِبِ، عَنْ مُحَارِبِ بنِ دِثَارٍ:
أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أَوْصَتْ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهَا سَعِيْدُ بنُ زَيْدٍ، أَحَدُ العَشَرَةِ.
وَهَذَا مُنْقَطِعٌ.
وَقَدْ كَانَ سَعِيْدٌ تُوُفِّيَ قَبْلَهَا بِأَعْوَامٍ، فَلَعَلَّهَا أَوْصَتْ فِي وَقْتٍ، ثُمَّ عُوْفِيَتْ، وَتَقَدَّمَهَا هُوَ.
وَرُوِيَ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ صَلَّى عَلَيْهَا، وَلَمْ يَثْبُتْ، وَقَدْ مَاتَ قَبْلَهَا.
وَدُفِنَتْ بِالبَقِيْعِ.قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
لَمَّا تَزَوَّجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُمَّ سَلَمَةَ، حَزِنْتُ حُزْناً شَدِيْداً؛ لِمَا ذَكَرُوا لَنَا مِنْ جَمَالِهَا، فَتَلَطَّفْتُ حَتَّى رَأَيْتُهَا، فَرَأَيْتُهَا -وَاللهِ- أَضْعَافَ مَا وُصِفَتْ لِي فِي الحُسْنِ؛ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِحَفْصَةَ - وَكَانَتَا يَداً وَاحِدَةً -.
فَقَالَتْ: لاَ وَاللهِ، إِنْ هَذِهِ إِلاَّ الغَيْرَةُ، مَا هِيَ كَمَا تَقُوْلِيْنَ، وَإِنَّهَا لَجَمِيْلَةٌ، فَرَأَيْتُهَا بَعْدُ، فَكَانَتْ كَمَا قَالَتْ حَفْصَةُ، وَلَكِنِّي كُنْتُ غَيْرَى.
مُسْلِمٌ الزَّنْجِيُّ: عَنْ مُوْسَى بنِ عُقْبَةَ، عَنْ أُمِّهِ، عَنِ أُمِّ كُلْثُوْمٍ، قَالَتْ:
لَمَّا تَزَوَّجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُمَّ سَلَمَةَ، قَالَ لَهَا: (إِنِّي قَدْ أَهْدَيْتُ إِلَى النَّجَاشِيِّ أَوَاقِيَّ مِنْ مِسْكٍ وَحُلَّةً، وَإِنِّي أَرَاهُ قَدْ مَاتَ، وَلاَ أَرَى الهَدِيَّةَ إِلاَّ سَتُرَدُّ، فَإِنْ رُدَّتْ فَهِيَ لَكِ) .
قَالَتْ: فَكَانَ كَمَا قَالَ، فَأَعْطَى كُلَّ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ أُوْقِيَّةٍ، وَأَعْطَى سَائِرَهُ أُمَّ سَلَمَةَ وَالحُلَّةَ.
القَعْنَبِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ الزُّهْرِيُّ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ أَمَرَ أُمَّ سَلَمَةَ أَنْ تُصَلِّيَ الصُّبْحَ بِمَكَّةَ يَوْمَ النَّحْرِ، وَكَانَ يَوْمَهَا، فَأَحَبَّ أَنْ تُوَافِيَهُ.
الوَاقِدِيُّ: عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: صَلَّى أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ.قُلْتُ: الوَاقِدِيُّ: لَيْسَ بِمُعْتَمَدٍ - وَاللهُ أَعْلَمُ - وَلاَ سِيَّمَا وَقَدْ خُوْلِفَ.
وَفِي (صَحِيْحِ مُسْلِمٍ) : أَنَّ عَبْدَ الله بنَ صَفْوَانَ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فِي خِلاَفَةِ يَزِيْدَ.
وَبَعْضُهُم أَرَّخَ مَوْتَهَا فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ، فَوَهِمَ أَيْضاً، وَالظَّاهِرُ وَفَاتُهَا فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -.
وَقَدْ تَزَوَّجَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِيْنَ حَلَّتْ فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ أَرْبَعٍ.
وَيَبْلُغُ مُسْنَدُهَا: ثَلاَثَ مائَةٍ وَثَمَانِيَةً وَسَبْعِيْنَ حَدِيْثاً.
وَاتَّفَقَ البُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ لَهَا عَلَى ثَلاَثَةَ عَشَرَ.
وَانْفَرَدَ البُخَارِيُّ بِثَلاَثَةٍ، وَمُسْلِمٌ بِثَلاَثَةَ عَشَرَ.