أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَمْرٍو
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الصَّادِقُ، مُحَدِّثُ الشَّامِ، أَبُو زُرْعَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَمْرِو بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ صَفْوَانَ بنِ عَمْرٍو النَّصْرِيُّ - بنُوْنٍ - الدِّمَشْقِيُّ، وَكَانَتْ دَارُهُ عِنْدَ بَابِ الجَابِيَةِ.
وُلِدَ: قَبْلَ المائَتَيْنِ.وَرَوَى عَنْ: أَبِي نُعَيْمٍ الفَضْلِ بنِ دُكَيْنٍ، وَهَوْذَةَ بنِ خَلِيْفَةَ، وَعَفَّانَ بنِ مُسْلِمٍ، وَأَبِي مُسْهِرٍ الغَسَّانِيُّ، وَأَحْمَدَ بنِ خَالِدٍ الوَهْبِيِّ، وَسُلَيْمَانَ بنِ حَرْبٍ، وَعَلِيِّ بنِ عَيَّاشٍ، وَأَبِي اليَمَانِ الحَكَمِ بنِ نَافِعٍ، وَأَبِي بَكْرٍ الحُمَيْدِيِّ، وَأَبِي غَسَّانَ النَّهْدِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ سُلَيْمَانَ سَعْدَوَيْه، وَعَبْدِ الغَفَارِ بنِ دَاوُدَ، وَأَبِي الجُمَاهِرِ مُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ التَّنوخِيِّ، وَإِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الفرَادِيسِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ مَنْصُوْرٍ، وَسُلَيْمَانَ بنِ دَاوُدَ الهَاشِمِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، وَهِشَامِ بنِ عَمَّارٍ، وَيَحْيَى بنِ صَالِحٍ الوُحَاظِيِّ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ بِالشَّامِ وَالعِرَاقِ وَالحِجَازِ.
وَجَمَعَ وَصَنَّفَ، وَذَاكَرَ الحُفَّاظَ، وَتَمَيَّزَ، وَتَقَدَّمَ عَلَى أَقْرَانِهِ، لِمَعْرِفَتِهِ وَعُلَوِّ سَنَدِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ فِي (سُنَنِهِ) ، وَيَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ المُعَلَّى القَاضِي، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَإِسْحَاقُ بنُ أَبِي الدَّرْدَاءِ الصَّرَفَنْدِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ جَوْصَا، وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ، وَأَبُو العَبَّاسِ الأَصَمُّ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ حَذْلم، وَأَبُو يَعْقُوْبَ الأَذْرَعِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ أَبِي العَقَبِ، وَأَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ أَبِي المَكَارِمِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عبْدِ
الغَفَّارِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ شِيْرَوَيْه، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الحِيْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ الأَصَمُّ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عِيَاضِ بنِ دِيْنَارٍ، قَالَ:دَخَلْتُ المَسْجَدَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَخُطُبُ النَّاسَ خَلِيْفَةً لِمَرْوَانَ أَيَّامِ الحَجِّ، فِي يَوْمِ الجُمُعَةِ، فَقَالَ:
قَالَ أَبُو القَاسِمِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي عَلَى صُوْرَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، ثُمَّ الَّتِي تَلِيْهَا عَلَى أَشَدِّ نُجُوْمِ السَّمَاءِ إِضَاءةً ) .
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: كَانَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ رَفِيْقَ أَبِي، وَكَتَبْتُ عَنْهُ أَنَا، وَأَبِي، وَكَانَ ثِقَةً صَدُوْقاً.
قَالَ أَبُو المَيْمُوْنِ بنُ رَاشِدٍ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ، يَقُوْلُ: أُعْجِبَ أَبُو مُسْهِرٍ بِمجَالَسَتِي إِيَّاهُ صَغِيراً.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: ذَكَرَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ أَبَا زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيَّ، فَقَالَ: هُوَ شَيْخُ الشَّبَابِ.
وَسُئِلَ أَبِي عَنْهُ، فَقَالَ: صَدُوْقٌ.
قُلْتُ: لأَبِي زُرْعَةَ (تَارِيْخ) مُفِيْد فِي مُجَلَّدٍ، وَلَمَّا قَدِمَ أَهْلُ الرَّيِّ إِلَى دِمَشْقَ، أَعْجَبَهُم عِلْمُ أَبِي زُرْعَةَ، فَكَنَّوا صَاحِبَهُم الحَافِظَ عُبَيْدَ اللهِ بنَ عَبْدِ الكَرِيْمِ بِكُنْيَتِهِ.أَخْبَرَتْنَا نَخْوَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الطَّرَسُوْسِيُّ، وَأَنْبَأَنِي أَحْمَدُ بنُ أَبِي الخَيْرِ، عَنِ الطَّرَسُوْسِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ المُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: قَالَ طَاوُوْسُ:
قُلْتُ لابْنِ عَبَّاسٍ: ذَكَرُوا أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (اغْتَسِلُوا يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَاغْسِلُوا رُؤُوْسَكُمْ، وَإِنْ لَمْ تَكُوْنُوا جُنُباً، وَأَصِيْبُوا مِنَ الطِّيْبِ) .
فَقَالَ: أَمَّا الغُسْلُ: فَنَعَم، وَأَمَّا الطِّيْبُ: فَلاَ أَدْرِي.
أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ، عَنْ أَبِي اليَمَانِ.قَالَ أَبُو القَاسِمِ ابنُ عَسَاكِرَ: قَرَأْتُ فِي كِتَابِ أَبِي الحُسَيْنِ الرَّازِيِّ -يَعْنِي: وَالِدَ تَمَّامٍ- قَالَ: سَمِعْتُ جَمَاعَةً قَالُوا:
لَمَّا اتَّصَلَ الخَبَرَ بِأَبِي أَحْمَدَ الوَاثِقِ، أَنَّ أَحْمَدَ بنَ طُولُوْنَ قَدْ خَلَعَهُ بِدِمَشْقَ، أَمَرَ بِلَعْنِ أَحْمَدَ بنَ طولُوْنَ عَلَى المنَابِرِ، فَلَمَّا بَلَغَ أَحْمَدَ، أَمَرَ بِلَعْنِ المُوَفَّقِ عَلَى المنَابِرِ بِمِصْرَ وَالشَّامِ، وَكَانَ أَبُو زُرْعَةَ مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ القَاضِي مِمَّنْ خَلَعَ المُوَفَّقَ -يَعْنِي: مِنْ وَلاَيَةِ العَهْدِ- وَلَعَنَهُ، وَوَقَفَ عِنْدَ المِنْبَرِ بِدِمَشْقَ، وَلَعَنَهُ، وَقَالَ: نَحْنُ أَهْلُ الشَّامِ، نَحْنُ أَهْلُ صِفِّيْنَ، وَقَدْ كَانَ فِيْنَا مَنْ حَضَرَ الجَمَل، وَنَحْنُ القَائِمُوْنَ بِمَنْ عَانَدَ أَهْل الشَّامِ، وَأَنَا أُشْهِدُكُم أَنِّي قَدْ خَلَعْتَ أَبَا أَحْمَقَ -يَعْنِي: أَبَا أَحْمَدَ- كَمَا يُخْلَعُ الخَاتَمُ مِنَ الإِصْبَعِ، فَالعَنُوهُ، لَعَنَهُ اللهُ.
قَالَ الرَّازِيُّ: وَحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَالِحٍ، قَالَ: لَمَّا رَجَعَ أَحْمَدُ بنُ المُوَفَّقِ مِنْ وَقْعَةِ الطَّوَاحِيْنِ إِلَى دِمَشْقَ، مِنْ مُحَارَبَةِ خُمَارَوَيه بنَ أَحْمَدَ بنِ طُولُوْنَ -يَعْنِي: بَعْدَ مَوْتِ أَبِيْهِ؛ أَحْمَدَ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ- قَالَ لأَبِي عَبْدِ اللهِ الوَاسِطِيِّ: انْظُرْ مَا انْتَهَى إِلَيْكَ مِمَّنْ كَانَ يُبْغِضُنَا فَليُحْمَل.
فَحُمِلَ يَزِيْدُ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، وَأَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، وَالقَاضِي أَبُو زُرْعَةَ بنُ عُثْمَانَ، حَتَّى صَارُوا بِهِم مُقيَّدِيْنَ إِلى أَنْطَاكِيَةَ، فَبَيْنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي المُوَفَّقِ - وَهُوَ المُعْتَضِدُ - يَسِيْرُ يَوْماً، إِذْ بَصُرَ بِمَحَامِلِ هَؤُلاَءِ.
فَقَالَ لِلْوَاسِطِيِّ: مَنْ هَؤُلاَءِ؟
قَالَ: أَهْلُ دِمَشْقَ.
قَالَ: وَفِي الأَحْيَاءِ هُم؟ إِذَا نَزَلْتُ فَاذْكُرْنِي بِهِم.
قَالَ ابْنُ صَالِح: فَحَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: قَالَ: فَلَمَّا نَزَلَ أَحضَرَنَا بَعْدَ أَنْ فُكَّتِ القُيُوْدُ، وَأَوْقَفَنَا مَذْعُوْرِيْنَ.
فَقَالَ: أَيُّكُم القَائِل: قَدْ نَزَعْتُ أَبَا
أَحْمَقَ؟قَالَ: فَرَبَتْ أَلْسِنَتُنَا حَتَّى خُيِّلَ إِلَيْنَا أَنَّنَا مَقْتُوْلُوْنَ، فَأَمَّا أَنَا: فَأُبْلِسْتُ، وَأَمَّا ابْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ: فَخَرِسَ، وَكَانَ تَمْتَاماً، وَكَانَ أَبُو زُرْعَةَ القَاضِي أَحَدَثَنَا سِنّاً، فَقَالَ: أَصْلَحَ اللهُ الأَمِيْرَ.
فَالتفت إِلَيْهِ الوَاسِطِيُّ، فَقَالَ: أَمْسِكْ حَتَّى يَتَكَلَّمَ أَكْبَرُ مِنْكَ، ثُمَّ عَطَفَ عَلَيْنَا، وَقَالَ: مَاذَا عِنْدَكُم؟
فَقُلْنَا: أَصَلَحَكَ اللهُ! هَذَا رَجُلٌ مُتَكَلِّمٌ يَتَكَلَّمُ عَنَّا.
قَالَ: تَكَلَّمَ.
فَقَالَ: وَاللهِ مَا فِيْنَا هَاشِمِيٌّ، وَلاَ قُرَشِيٌّ صَحِيْحٌ، وَلاَ عَرَبِيٌّ فَصِيْحٌ، وَلَكِنَّا قَوْمٌ مُلِكْنَا حَتَّى قُهِرْنَا.
وَرَوَى أَحَادِيْثَ كَثِيْرَةً عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، فِي المَنَشْطِ وَالمَكْرَهِ، وَأَحَادِيْثَ فِي العَفْوِ وَالإِحْسَانِ، وَكَانَ هُوَ الَّذِي تَكَلَّمَ بِالكَلِمَةِ الَّتِي نُطَالِبُ بِخَزْيِهَا، ثُمَّ قَالَ: أَصْلَحَ اللهُ الأَمِيْرَ، وَأُشْهِدُكَ أَنَّ نِسْوَانِي طَوَالِق، وَعَبِيْدِي أَحْرَارٌ، وَمَالِي حَرَامٌ إِنْ كَانَ فِي هَؤُلاَءِ القَوْمِ أَحَدٌ قَالَ هَذِهِ الكَلِمَةَ، وَوَرَءَانَا عِيَالٌ وَحُرَمٌ، وَقَدْ تَسَامَعَ النَّاسُ بِهَلاَكِنَا، وَقَدْ قَدَرْتَ، وَإِنَّمَا العَفْوُ بَعْدَ المَقْدِرَةِ.
فَقَالَ لِلْوَاسِطِيِّ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ! أَطْلِقْهُم، لاَ كَثَّرَ اللهُ فِي النَّاسِ مِثْلَهُم.
فَأَطْلَقَنَا، فَاشْتَغَلْتُ أَنَا وَيَزِيْدُ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ عِنْدَ عُثْمَانَ بنِ خُرَّزَاذَ فِي نُزَهِ أَنطَاكِيَةَ وَطِيْبِهَا وَحَمَّامَاتِهَا، وَسَبَقَ أَبُو زُرْعَةَ القَاضِي إِلى حِمْصَ.
قَالَ ابْنُ زَبْرٍ وَالدِّمَشْقِيُّوْنَ: مَاتَ أَبُو زُرْعَةَ النَّصرِيُّ سَنَةَ إِحدَى وَثَمَانِيْن وَمائَتَيْن، وَغَلِطَ مَنْ قَالَ: سَنَةَ ثَمَانِيْنَ.
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الصَّادِقُ، مُحَدِّثُ الشَّامِ، أَبُو زُرْعَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَمْرِو بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ صَفْوَانَ بنِ عَمْرٍو النَّصْرِيُّ - بنُوْنٍ - الدِّمَشْقِيُّ، وَكَانَتْ دَارُهُ عِنْدَ بَابِ الجَابِيَةِ.
وُلِدَ: قَبْلَ المائَتَيْنِ.وَرَوَى عَنْ: أَبِي نُعَيْمٍ الفَضْلِ بنِ دُكَيْنٍ، وَهَوْذَةَ بنِ خَلِيْفَةَ، وَعَفَّانَ بنِ مُسْلِمٍ، وَأَبِي مُسْهِرٍ الغَسَّانِيُّ، وَأَحْمَدَ بنِ خَالِدٍ الوَهْبِيِّ، وَسُلَيْمَانَ بنِ حَرْبٍ، وَعَلِيِّ بنِ عَيَّاشٍ، وَأَبِي اليَمَانِ الحَكَمِ بنِ نَافِعٍ، وَأَبِي بَكْرٍ الحُمَيْدِيِّ، وَأَبِي غَسَّانَ النَّهْدِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ سُلَيْمَانَ سَعْدَوَيْه، وَعَبْدِ الغَفَارِ بنِ دَاوُدَ، وَأَبِي الجُمَاهِرِ مُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ التَّنوخِيِّ، وَإِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الفرَادِيسِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ مَنْصُوْرٍ، وَسُلَيْمَانَ بنِ دَاوُدَ الهَاشِمِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، وَهِشَامِ بنِ عَمَّارٍ، وَيَحْيَى بنِ صَالِحٍ الوُحَاظِيِّ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ بِالشَّامِ وَالعِرَاقِ وَالحِجَازِ.
وَجَمَعَ وَصَنَّفَ، وَذَاكَرَ الحُفَّاظَ، وَتَمَيَّزَ، وَتَقَدَّمَ عَلَى أَقْرَانِهِ، لِمَعْرِفَتِهِ وَعُلَوِّ سَنَدِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ فِي (سُنَنِهِ) ، وَيَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ المُعَلَّى القَاضِي، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَإِسْحَاقُ بنُ أَبِي الدَّرْدَاءِ الصَّرَفَنْدِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ جَوْصَا، وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ، وَأَبُو العَبَّاسِ الأَصَمُّ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ حَذْلم، وَأَبُو يَعْقُوْبَ الأَذْرَعِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ أَبِي العَقَبِ، وَأَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ أَبِي المَكَارِمِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عبْدِ
الغَفَّارِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ شِيْرَوَيْه، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الحِيْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ الأَصَمُّ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عِيَاضِ بنِ دِيْنَارٍ، قَالَ:دَخَلْتُ المَسْجَدَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَخُطُبُ النَّاسَ خَلِيْفَةً لِمَرْوَانَ أَيَّامِ الحَجِّ، فِي يَوْمِ الجُمُعَةِ، فَقَالَ:
قَالَ أَبُو القَاسِمِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي عَلَى صُوْرَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، ثُمَّ الَّتِي تَلِيْهَا عَلَى أَشَدِّ نُجُوْمِ السَّمَاءِ إِضَاءةً ) .
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: كَانَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ رَفِيْقَ أَبِي، وَكَتَبْتُ عَنْهُ أَنَا، وَأَبِي، وَكَانَ ثِقَةً صَدُوْقاً.
قَالَ أَبُو المَيْمُوْنِ بنُ رَاشِدٍ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ، يَقُوْلُ: أُعْجِبَ أَبُو مُسْهِرٍ بِمجَالَسَتِي إِيَّاهُ صَغِيراً.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: ذَكَرَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ أَبَا زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيَّ، فَقَالَ: هُوَ شَيْخُ الشَّبَابِ.
وَسُئِلَ أَبِي عَنْهُ، فَقَالَ: صَدُوْقٌ.
قُلْتُ: لأَبِي زُرْعَةَ (تَارِيْخ) مُفِيْد فِي مُجَلَّدٍ، وَلَمَّا قَدِمَ أَهْلُ الرَّيِّ إِلَى دِمَشْقَ، أَعْجَبَهُم عِلْمُ أَبِي زُرْعَةَ، فَكَنَّوا صَاحِبَهُم الحَافِظَ عُبَيْدَ اللهِ بنَ عَبْدِ الكَرِيْمِ بِكُنْيَتِهِ.أَخْبَرَتْنَا نَخْوَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الطَّرَسُوْسِيُّ، وَأَنْبَأَنِي أَحْمَدُ بنُ أَبِي الخَيْرِ، عَنِ الطَّرَسُوْسِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ المُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: قَالَ طَاوُوْسُ:
قُلْتُ لابْنِ عَبَّاسٍ: ذَكَرُوا أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (اغْتَسِلُوا يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَاغْسِلُوا رُؤُوْسَكُمْ، وَإِنْ لَمْ تَكُوْنُوا جُنُباً، وَأَصِيْبُوا مِنَ الطِّيْبِ) .
فَقَالَ: أَمَّا الغُسْلُ: فَنَعَم، وَأَمَّا الطِّيْبُ: فَلاَ أَدْرِي.
أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ، عَنْ أَبِي اليَمَانِ.قَالَ أَبُو القَاسِمِ ابنُ عَسَاكِرَ: قَرَأْتُ فِي كِتَابِ أَبِي الحُسَيْنِ الرَّازِيِّ -يَعْنِي: وَالِدَ تَمَّامٍ- قَالَ: سَمِعْتُ جَمَاعَةً قَالُوا:
لَمَّا اتَّصَلَ الخَبَرَ بِأَبِي أَحْمَدَ الوَاثِقِ، أَنَّ أَحْمَدَ بنَ طُولُوْنَ قَدْ خَلَعَهُ بِدِمَشْقَ، أَمَرَ بِلَعْنِ أَحْمَدَ بنَ طولُوْنَ عَلَى المنَابِرِ، فَلَمَّا بَلَغَ أَحْمَدَ، أَمَرَ بِلَعْنِ المُوَفَّقِ عَلَى المنَابِرِ بِمِصْرَ وَالشَّامِ، وَكَانَ أَبُو زُرْعَةَ مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ القَاضِي مِمَّنْ خَلَعَ المُوَفَّقَ -يَعْنِي: مِنْ وَلاَيَةِ العَهْدِ- وَلَعَنَهُ، وَوَقَفَ عِنْدَ المِنْبَرِ بِدِمَشْقَ، وَلَعَنَهُ، وَقَالَ: نَحْنُ أَهْلُ الشَّامِ، نَحْنُ أَهْلُ صِفِّيْنَ، وَقَدْ كَانَ فِيْنَا مَنْ حَضَرَ الجَمَل، وَنَحْنُ القَائِمُوْنَ بِمَنْ عَانَدَ أَهْل الشَّامِ، وَأَنَا أُشْهِدُكُم أَنِّي قَدْ خَلَعْتَ أَبَا أَحْمَقَ -يَعْنِي: أَبَا أَحْمَدَ- كَمَا يُخْلَعُ الخَاتَمُ مِنَ الإِصْبَعِ، فَالعَنُوهُ، لَعَنَهُ اللهُ.
قَالَ الرَّازِيُّ: وَحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَالِحٍ، قَالَ: لَمَّا رَجَعَ أَحْمَدُ بنُ المُوَفَّقِ مِنْ وَقْعَةِ الطَّوَاحِيْنِ إِلَى دِمَشْقَ، مِنْ مُحَارَبَةِ خُمَارَوَيه بنَ أَحْمَدَ بنِ طُولُوْنَ -يَعْنِي: بَعْدَ مَوْتِ أَبِيْهِ؛ أَحْمَدَ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ- قَالَ لأَبِي عَبْدِ اللهِ الوَاسِطِيِّ: انْظُرْ مَا انْتَهَى إِلَيْكَ مِمَّنْ كَانَ يُبْغِضُنَا فَليُحْمَل.
فَحُمِلَ يَزِيْدُ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، وَأَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، وَالقَاضِي أَبُو زُرْعَةَ بنُ عُثْمَانَ، حَتَّى صَارُوا بِهِم مُقيَّدِيْنَ إِلى أَنْطَاكِيَةَ، فَبَيْنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي المُوَفَّقِ - وَهُوَ المُعْتَضِدُ - يَسِيْرُ يَوْماً، إِذْ بَصُرَ بِمَحَامِلِ هَؤُلاَءِ.
فَقَالَ لِلْوَاسِطِيِّ: مَنْ هَؤُلاَءِ؟
قَالَ: أَهْلُ دِمَشْقَ.
قَالَ: وَفِي الأَحْيَاءِ هُم؟ إِذَا نَزَلْتُ فَاذْكُرْنِي بِهِم.
قَالَ ابْنُ صَالِح: فَحَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: قَالَ: فَلَمَّا نَزَلَ أَحضَرَنَا بَعْدَ أَنْ فُكَّتِ القُيُوْدُ، وَأَوْقَفَنَا مَذْعُوْرِيْنَ.
فَقَالَ: أَيُّكُم القَائِل: قَدْ نَزَعْتُ أَبَا
أَحْمَقَ؟قَالَ: فَرَبَتْ أَلْسِنَتُنَا حَتَّى خُيِّلَ إِلَيْنَا أَنَّنَا مَقْتُوْلُوْنَ، فَأَمَّا أَنَا: فَأُبْلِسْتُ، وَأَمَّا ابْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ: فَخَرِسَ، وَكَانَ تَمْتَاماً، وَكَانَ أَبُو زُرْعَةَ القَاضِي أَحَدَثَنَا سِنّاً، فَقَالَ: أَصْلَحَ اللهُ الأَمِيْرَ.
فَالتفت إِلَيْهِ الوَاسِطِيُّ، فَقَالَ: أَمْسِكْ حَتَّى يَتَكَلَّمَ أَكْبَرُ مِنْكَ، ثُمَّ عَطَفَ عَلَيْنَا، وَقَالَ: مَاذَا عِنْدَكُم؟
فَقُلْنَا: أَصَلَحَكَ اللهُ! هَذَا رَجُلٌ مُتَكَلِّمٌ يَتَكَلَّمُ عَنَّا.
قَالَ: تَكَلَّمَ.
فَقَالَ: وَاللهِ مَا فِيْنَا هَاشِمِيٌّ، وَلاَ قُرَشِيٌّ صَحِيْحٌ، وَلاَ عَرَبِيٌّ فَصِيْحٌ، وَلَكِنَّا قَوْمٌ مُلِكْنَا حَتَّى قُهِرْنَا.
وَرَوَى أَحَادِيْثَ كَثِيْرَةً عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، فِي المَنَشْطِ وَالمَكْرَهِ، وَأَحَادِيْثَ فِي العَفْوِ وَالإِحْسَانِ، وَكَانَ هُوَ الَّذِي تَكَلَّمَ بِالكَلِمَةِ الَّتِي نُطَالِبُ بِخَزْيِهَا، ثُمَّ قَالَ: أَصْلَحَ اللهُ الأَمِيْرَ، وَأُشْهِدُكَ أَنَّ نِسْوَانِي طَوَالِق، وَعَبِيْدِي أَحْرَارٌ، وَمَالِي حَرَامٌ إِنْ كَانَ فِي هَؤُلاَءِ القَوْمِ أَحَدٌ قَالَ هَذِهِ الكَلِمَةَ، وَوَرَءَانَا عِيَالٌ وَحُرَمٌ، وَقَدْ تَسَامَعَ النَّاسُ بِهَلاَكِنَا، وَقَدْ قَدَرْتَ، وَإِنَّمَا العَفْوُ بَعْدَ المَقْدِرَةِ.
فَقَالَ لِلْوَاسِطِيِّ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ! أَطْلِقْهُم، لاَ كَثَّرَ اللهُ فِي النَّاسِ مِثْلَهُم.
فَأَطْلَقَنَا، فَاشْتَغَلْتُ أَنَا وَيَزِيْدُ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ عِنْدَ عُثْمَانَ بنِ خُرَّزَاذَ فِي نُزَهِ أَنطَاكِيَةَ وَطِيْبِهَا وَحَمَّامَاتِهَا، وَسَبَقَ أَبُو زُرْعَةَ القَاضِي إِلى حِمْصَ.
قَالَ ابْنُ زَبْرٍ وَالدِّمَشْقِيُّوْنَ: مَاتَ أَبُو زُرْعَةَ النَّصرِيُّ سَنَةَ إِحدَى وَثَمَانِيْن وَمائَتَيْن، وَغَلِطَ مَنْ قَالَ: سَنَةَ ثَمَانِيْنَ.