عبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد
ابن جابر أبو إسماعيل الأردني الداراني روى عن أبيه بسنده عن أبي أمامة الباهلي، عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن قال:
" بينما أنا نائم انطلق بي إلى جبلٍ وعرٍ، فقيل لي: اصعد، قال: قلت: لست أستطيع الصعود، قيل: أنا سنسهله لك، قال: فصعدت حتى إذا كنت في أسوأ الجبل إذا أنا بأصواتٍ، فقلت: ما هذه الأصوات؟ قيل: هذه أصوات أهل جهنم، قال: ثم انطلق بي حتى مررت بقوم أشده انتفاخاً، وأسوأه منظراً، وأنتنه ريحاً، قال: قلت: من هؤلاء؟ قيل: الكفار، ثم انطلق بي حتى مر بي على قومٍ أشد شيءٍ انتفاخاً، وأسوأ منظراً، وأنتنه ريحاً، ريحهم كريح المراحيض. قال: قلت: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الزانون والزواني، ثم انطلق بي حتى مُرَّ بي على نسوةٍ معلقاتٍ بثديهن، تنهش ثديهن الحيات، قال: قلت: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء اللاتي يمنعن أولادهن ألبانهن. ثم انطلق بي حتى مررت على قومٍ معلقين بعراقيبهم مشققة أشداقهم، تسيل أشداقهم دماً، قال: قلت: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين يفطرون قبل إنجاز صومهم - قال أبو يحيى: سمعت أبا أمامة يقول: خابت اليهود والنصارى، فلا أدري شيء سمعه من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أم قاله من قبل نفسه - ثم انطلق بي حتى أشرفت على ثلاثة نفرٍ يشربون من خمرٍ لهم، قال: قلت: من هؤلاء؟ قال: هذا زيد، وجعفر، وابن رواحة، قال: ثم انطلق بي حتى أشرفت على غلمان يلعبون بين نهرين، قال: قلت: من هؤلاء؟ قال: ذراري المؤمنين يحضُنُهم إبراهيم عليه السلام. قال: ثم انطلق بي حتى أشرفت على ثلاثة نفرٍ،
قلت: من هؤلاء؟ قال: إبراهيم، وموسى، وعيسى، وهم ينتظرونك ".
وروى عن عطاء الخراساني بسنده عن عائشة: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا أراد أن يخرج سفراً أقرع بين أزواجه، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه.
قالت عائشة: فأقرع بيننا في غزوةٍ غزاها، فخرج فيها سهمي، فخرجت مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بعدما أنزل الحجاب، فأنا أحمل في هودجٍ، وأنزل فيه. فسرنا حتى فرغ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من غزوته وقفل، ثم دنوا من المدينة، فآذن ليلةً بالرحيل، فقمت حين آذن بالرحيل، فلمست صدري عقداً من جزع أظفَارٍ قد انقطع، فرجعت، فالتمست عقدي، فحبسني ابتغاؤه، وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلون لي. واحتملوا هودجي، فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب، وهم يحسبون أني فيه، وكن إذ ذاك النساء خفافاً لم يمتلئن، وإنما نأكل العلقة من الطعام، فلم يستنكر القوم ثقل الهودج حين رفعوه ورحلوه، وكنت جاريةً حديثة السن، فبعثوا البعير وساروا، ووجدت عِقدي بعدما استمر الجيش، فجئت منزلهم وليس به داعٍ، ولا مجيب، فتيممت منزلي الذي كنت فيه، وظننت أنهم سيفقدوني، فيرجعون إلي، فبينا أنا لبيثة في منزلة إذا غلبتني عيني فنمت، وكان صفوان بن المعطل السلمي من وراء الجيش، فادلج، فأصبح في المنزل، فرأى سواد إنسان نائماً، فأتاني، فعرفني حين رآني، وقد كان يراني قبل الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني، فخمرت وجهي بجلبابي، وولى ما يكلمني بكلمةٍ، ولا سمعت منه كلمةً غير استرجاعه حتى أناخ راحلته، ووطئ على يديها، فركبتها، فانطلق يقود بي حتى أتينا الجيش بعدما نزلوا في نحر الظهيرة، فهلك من هلك، وكان الذي تولى كِبْرَه منهم عبد الله بن أُبَيّ ابن سلول.
ثم قدمنا المدينة، فاشتكيت حين قدمت شهراً، والناس يخوضون في قول أصحاب الإفك، لا أشعر بشيءٍ من ذلك، وهو يريبُني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللطف الذي كنت أرى منه، إنما يدخل علي فيسلم، ثم يقول: " كيف تيكم؟ " فذلك يريبني، ولا أشعر بالشر حتى خرجت بعدما نقهت، وخرجت معي أمُّ مسطح قبل المناصع، وهو متبرزنا، ولا نخرج إلا ليلاً إلى ليل، وذلك قبل أن نتخذ الكنف قريباً من بيوتنا، وأمرنا أمر العرب الأول التبرز قبل الغائط، وكنا نتأذى بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا، فانطلقت وأم مسطح - وهي ابنة أبي رهم بن المطلب بن عبد مناف، وأمها ابنة صخر بن عامر، خالة أبي بكر الصديق، وابنها مسطح بن أثاثة بن عباد بن عبد المطلب بن عبد مناف - فأقبلت أنا وابنة أبي رهم بيتي حين فرغنا، فعثرت أم مسطح في مرطها، فقالت: تعس مسطح، قال: فقلت: بئس ما قلت، أتسبين رجلاً شهد بدراً!؟ قالت لي: أي هنتاه، وما سمعت ما قال؟ قلت: وماذا قال؟ قالت: فأخبرتني بقول أهل الإفك، فازددت مرضاً على ما كان بي، فلما رجعت إلى بيتي دخل علي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسلم، ثم قال: " كيف تيكم؟ " قالت: قلت: يا رسول الله، ائذن لي أن آتي أبويَّ؟ وأنا أريد حينئذٍ أن أستثبت الخبر من قبلهما، قالت: فأذن لي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجئت أبويّ، فقلت: يا أمتاه، ماذا يتحدث الناس؟ قالت: أي بنية، هوني على نفسك، فوالله لأقل ما كانت امرأة قط وضيئة عند رجلٍ يحبها، لها ضرائر إلا كثرن عليها، قالت: فقلت: سبحان الله! وقد تحدث الناس بهذا؟ قالت: فبكيت تلك الليلة لا ترقأ لي دمعة، ولا تكتحل عيني بنوم، ثم أصبحت أبكي، فدعا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علياً، وأسامة بن زيد حين استلبث الوحي، يستشيرهما في فراق أهله، فأما أسامة فأشار على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالذي يعلم من براءة
أهله، وبالذي يعلم في نفسه من الود لهم، فقال: يا رسول الله، أهلُك، ولا نعلم إلا خيراً، وأما علي فقال: يا رسول الله، لم يضيّق الله عليك، والنساء سواها كثير، وإن تسأل الجارية عنها تصدقك، فدعا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بريرة فقال لها: " أي بريرة، هل رأيت من شيءٍ يريبك؟ " فقالت: لا والذي بعثك بالحق! إن رأيت عليها أمراً قط أغمصه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فتدخل الداجن، فتأكله. قالت: فقام رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاستعذر من عبد الله بن أُبي ابن سلول، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو على المنبر: " يا معشر المسلمين، من يعذرني من رجلٍ قد بلغني أذاه في أهلي؟ فوالله ما علمت على أهلي إلا خيراً، ولقد ذكروا رجلاً ما علمت عليه إلا خيراً، وما كان يدخل على أهلي إلا معي " قالت: فقام سعد ابن معاذ، فقال: أنا أعذرك منه يا رسول الله، إن كان من الأوس ضربت عنقه، وإن كان من إخواننا أمرتنا ففعلنا أمرك. فقال سعد بن عبادة، وهو سيد الخزرج، وكان قبل ذلك رجلاً صالحاً، ولكن حملته الحمية فقال لسعد: كذبت لعمر الله، لا تقتله، ولا تقرب إلى قتله، فقام أسيد بن حضير وهو ابن عم سعد بن معاذ، فقال لسعد بن عبادة: لعمر الله لنقتلنه، وإنك لمنافق تجادل عن المنافقين، فثار الحيان: الأوس والخزرج حتى هموا أن يقتتلوا، ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قائم على المنبر يكفهم حتى سكتوا وسكت. قالت: وبكيت يومي ذلك كله، لا ترقأ لي دمعة، ولا أكتحل بنومٍ، فأصبح أبواي عندي وقد بكيت ليلتي ويومي ذلك حتى ظننت أن البكاء فالق كبدي، فبينما هما جالسان عندي، وأنا أبكي إذ استأذنت علي امرأة من الأنصار، فأذنت لها، فجلست تبكي معي، فبينما نحن على ذلك دخل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وجلس، ولم يجلس عندي منذ قيل لي ما قيل قبلها، وقد لبث شهراً لا يوحى إليه في شأني شيء، فتشهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين جلس، ثم قال: " أما بعد يا عائشة فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنت ألممت بذنبٍ فاستغفري الله تعالى وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله عز وجل، تاب الله عز وجل
عليه " فلما فرغ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من مقالته قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة، فقلت لأبي: أجب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: ما أدري ما أقول لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلت لأمي:
أجيبي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما قال، فقالت: ما أدري ما أقول لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قالت: فقلت، وأنا جارية حديثة السن، لا أقرأ كثيراً من القرآن: إي والله لقد علمتم وسمعتم هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم، وصدقتم به، فإن قلت: إني بريئة، والله يعلم أني بريئة، لم تصدقوني بذلك، وإن اعترفت بأمرٍ والله يعلم أني بريئة لتصدقونني. ما أجد لكم مثلاً إلا أبا يوسف " فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون ". قالت: ثم تحولت فاضطجعت على فراشي، والله يعلم أني بريئة، والله يبرئني ببراءتي، ولكن لم أكن أرجو أن ينزل الله في شأني وحياً، لشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله به بأمرٍ يتلى، ولكن كنت أرجو أن يري الله رسوله في منامه رؤيا يبرئني بها. قالت: فوالله ما رام رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مجلسه، ولا خرج من أهل البيت حتى أنزل الله عليه، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء حين نزل عليه، وكان إذا أوحي إليه أخذه البرحاء حتى إنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق في اليوم الشات من ثقل القول الذي ينزل عليه. قالت: فلما سري عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو يضحك، فكان أول كلمةٍ تكلم بها أن قال: " أما الله فقد برأك " قال: فقالت أمي: قومي إليه، قلت: والله ما أقوم إليه، ولا أحمد على ذلك إلا الله، فأنزل الله عز وجل: " إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شراً لكم بل هو خير لكم، لكل امرئٍ منهم ما اكتسب من الإثم، والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم " قالت: وكان أبو أيوب الأنصاري حين أخبرته امرأته قالت: يا أبا أيوب، ألم تسمع ما يتحدث الناس؟ قال: وما يتحدثون؟ فأخبرته بقول أهل الإفك، قالت: قال: ما يكون لنا أن نتكلم بهذا، سبحانك هذا بهتان عظيم. قالت: فأنزل الله عز وجل: " لولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك
هذا بهتان عظيم " حتى بلغ " ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة " حتى بلغ " ألا تحبون أن يغفر الله لكم " قالت: وكان أبو بكر ينفق على مسطح لفقره وقرابته. قال: والله لا أنفق عليه وقد قال في عائشة ما قال، فلما أنزل الله " ألا تحبون أن يغفر الله لكم " قال أبو بكر: بلى، أنا أحب أن يغفر الله لي، فأنفق على مسطح مثلما كان ينفق عليه قبل ذلك، وقال: لا أتركك منه أبداً. يبي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما قال، فقالت: ما أدري ما أقول لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قالت: فقلت، وأنا جارية حديثة السن، لا أقرأ كثيراً من القرآن: إي والله لقد علمتم وسمعتم هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم، وصدقتم به، فإن قلت: إني بريئة، والله يعلم أني بريئة، لم تصدقوني بذلك، وإن اعترفت بأمرٍ والله يعلم أني بريئة لتصدقونني. ما أجد لكم مثلاً إلا أبا يوسف " فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون ". قالت: ثم تحولت فاضطجعت على فراشي، والله يعلم أني بريئة، والله يبرئني ببراءتي، ولكن لم أكن أرجو أن ينزل الله في شأني وحياً، لشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله به بأمرٍ يتلى، ولكن كنت أرجو أن يري الله رسوله في منامه رؤيا يبرئني بها. قالت: فوالله ما رام رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مجلسه، ولا خرج من أهل البيت حتى أنزل الله عليه، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء حين نزل عليه، وكان إذا أوحي إليه أخذه البرحاء حتى إنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق في اليوم الشات من ثقل القول الذي ينزل عليه. قالت: فلما سري عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو يضحك، فكان أول كلمةٍ تكلم بها أن قال: " أما الله فقد برأك " قال: فقالت أمي: قومي إليه، قلت: والله ما أقوم إليه، ولا أحمد على ذلك إلا الله، فأنزل الله عز وجل: " إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شراً لكم بل هو خير لكم، لكل امرئٍ منهم ما اكتسب من الإثم، والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم " قالت: وكان أبو أيوب الأنصاري حين أخبرته امرأته قالت: يا أبا أيوب، ألم تسمع ما يتحدث الناس؟ قال: وما يتحدثون؟ فأخبرته بقول أهل الإفك، قالت: قال: ما يكون لنا أن نتكلم بهذا، سبحانك هذا بهتان عظيم. قالت: فأنزل الله عز وجل: " لولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم " حتى بلغ " ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة " حتى بلغ " ألا تحبون أن يغفر الله لكم " قالت: وكان أبو بكر ينفق على مسطح لفقره وقرابته. قال: والله لا أنفق عليه وقد قال في عائشة ما قال، فلما أنزل الله " ألا تحبون أن يغفر الله لكم " قال أبو بكر: بلى، أنا أحب أن يغفر الله لي، فأنفق على مسطح مثلما كان ينفق عليه قبل ذلك، وقال: لا أتركك منه أبداً.
قالت عائشة: كانت زينب بنت جحش زوجة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسألها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " يا زينب، ما علمت، أو ما رأيت من عائشة؟ " قالت: يا رسول الله أحمي سمعي وبصري، والله ما علمت إلا خيراً، قالت: وهي التي كانت تساميني من أزواج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعصمها الله بالورع، وكانت أختها تجانب لها فهلكت فيمن هلك.
قال الوليد بن مسلم: كنت جالساً مع عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، فمر
عبد الله بن عبد الرحمن - يعني ابنه - فقال: أنا أكبر منه بثلاث عشرة أو أربع عشرة سنة.
قال النسائي ويحيى: ليس به بأس.
وقال أبو حاتم: صالح الحديث.
عبد الله بن عبد الرحمن
ويقال عبد الرحمن بن عبد الله روى خطبة عمر بالجابية وشهدها قال: قدم عمر الجابية جابية دمشق، فقام خطيباً، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قام فينا يوماً كقيامي فيكم اليوم فقال: " أكرموا أصحابي، ثم
الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يظهر الكذب حتى يحلف الرجل وإن لم يستحلف، وحتى يشهد وإن لم يستشهد، فمن أراد بحيحة الجنة فعليه بالجماعة، فإن الشيطان مع الفرد، وهو من الاثنين أبعد، ألا لا يخلون رجل بامرأةٍ، فإن ثالثهما الشيطان، ومن ساءته خطيئته فهو مؤمن " ثم قال: إذا انصرفت من مقامي هذا فلا يبقين أحد له حق في الصدقة إلا أتاني، فلم يأته ممن حضره إلا رجلان، فأمر لهما، فأعطيا، فقام رجل فقال: أصلح الله أمير المؤمنين، ما هذا الغني المتفقد بأحق بالصدقة من هذا الفقير المتعفف، فقال عمر: ويحك وكيف بالدليل؟
ابن جابر أبو إسماعيل الأردني الداراني روى عن أبيه بسنده عن أبي أمامة الباهلي، عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن قال:
" بينما أنا نائم انطلق بي إلى جبلٍ وعرٍ، فقيل لي: اصعد، قال: قلت: لست أستطيع الصعود، قيل: أنا سنسهله لك، قال: فصعدت حتى إذا كنت في أسوأ الجبل إذا أنا بأصواتٍ، فقلت: ما هذه الأصوات؟ قيل: هذه أصوات أهل جهنم، قال: ثم انطلق بي حتى مررت بقوم أشده انتفاخاً، وأسوأه منظراً، وأنتنه ريحاً، قال: قلت: من هؤلاء؟ قيل: الكفار، ثم انطلق بي حتى مر بي على قومٍ أشد شيءٍ انتفاخاً، وأسوأ منظراً، وأنتنه ريحاً، ريحهم كريح المراحيض. قال: قلت: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الزانون والزواني، ثم انطلق بي حتى مُرَّ بي على نسوةٍ معلقاتٍ بثديهن، تنهش ثديهن الحيات، قال: قلت: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء اللاتي يمنعن أولادهن ألبانهن. ثم انطلق بي حتى مررت على قومٍ معلقين بعراقيبهم مشققة أشداقهم، تسيل أشداقهم دماً، قال: قلت: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين يفطرون قبل إنجاز صومهم - قال أبو يحيى: سمعت أبا أمامة يقول: خابت اليهود والنصارى، فلا أدري شيء سمعه من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أم قاله من قبل نفسه - ثم انطلق بي حتى أشرفت على ثلاثة نفرٍ يشربون من خمرٍ لهم، قال: قلت: من هؤلاء؟ قال: هذا زيد، وجعفر، وابن رواحة، قال: ثم انطلق بي حتى أشرفت على غلمان يلعبون بين نهرين، قال: قلت: من هؤلاء؟ قال: ذراري المؤمنين يحضُنُهم إبراهيم عليه السلام. قال: ثم انطلق بي حتى أشرفت على ثلاثة نفرٍ،
قلت: من هؤلاء؟ قال: إبراهيم، وموسى، وعيسى، وهم ينتظرونك ".
وروى عن عطاء الخراساني بسنده عن عائشة: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا أراد أن يخرج سفراً أقرع بين أزواجه، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه.
قالت عائشة: فأقرع بيننا في غزوةٍ غزاها، فخرج فيها سهمي، فخرجت مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بعدما أنزل الحجاب، فأنا أحمل في هودجٍ، وأنزل فيه. فسرنا حتى فرغ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من غزوته وقفل، ثم دنوا من المدينة، فآذن ليلةً بالرحيل، فقمت حين آذن بالرحيل، فلمست صدري عقداً من جزع أظفَارٍ قد انقطع، فرجعت، فالتمست عقدي، فحبسني ابتغاؤه، وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلون لي. واحتملوا هودجي، فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب، وهم يحسبون أني فيه، وكن إذ ذاك النساء خفافاً لم يمتلئن، وإنما نأكل العلقة من الطعام، فلم يستنكر القوم ثقل الهودج حين رفعوه ورحلوه، وكنت جاريةً حديثة السن، فبعثوا البعير وساروا، ووجدت عِقدي بعدما استمر الجيش، فجئت منزلهم وليس به داعٍ، ولا مجيب، فتيممت منزلي الذي كنت فيه، وظننت أنهم سيفقدوني، فيرجعون إلي، فبينا أنا لبيثة في منزلة إذا غلبتني عيني فنمت، وكان صفوان بن المعطل السلمي من وراء الجيش، فادلج، فأصبح في المنزل، فرأى سواد إنسان نائماً، فأتاني، فعرفني حين رآني، وقد كان يراني قبل الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني، فخمرت وجهي بجلبابي، وولى ما يكلمني بكلمةٍ، ولا سمعت منه كلمةً غير استرجاعه حتى أناخ راحلته، ووطئ على يديها، فركبتها، فانطلق يقود بي حتى أتينا الجيش بعدما نزلوا في نحر الظهيرة، فهلك من هلك، وكان الذي تولى كِبْرَه منهم عبد الله بن أُبَيّ ابن سلول.
ثم قدمنا المدينة، فاشتكيت حين قدمت شهراً، والناس يخوضون في قول أصحاب الإفك، لا أشعر بشيءٍ من ذلك، وهو يريبُني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللطف الذي كنت أرى منه، إنما يدخل علي فيسلم، ثم يقول: " كيف تيكم؟ " فذلك يريبني، ولا أشعر بالشر حتى خرجت بعدما نقهت، وخرجت معي أمُّ مسطح قبل المناصع، وهو متبرزنا، ولا نخرج إلا ليلاً إلى ليل، وذلك قبل أن نتخذ الكنف قريباً من بيوتنا، وأمرنا أمر العرب الأول التبرز قبل الغائط، وكنا نتأذى بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا، فانطلقت وأم مسطح - وهي ابنة أبي رهم بن المطلب بن عبد مناف، وأمها ابنة صخر بن عامر، خالة أبي بكر الصديق، وابنها مسطح بن أثاثة بن عباد بن عبد المطلب بن عبد مناف - فأقبلت أنا وابنة أبي رهم بيتي حين فرغنا، فعثرت أم مسطح في مرطها، فقالت: تعس مسطح، قال: فقلت: بئس ما قلت، أتسبين رجلاً شهد بدراً!؟ قالت لي: أي هنتاه، وما سمعت ما قال؟ قلت: وماذا قال؟ قالت: فأخبرتني بقول أهل الإفك، فازددت مرضاً على ما كان بي، فلما رجعت إلى بيتي دخل علي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسلم، ثم قال: " كيف تيكم؟ " قالت: قلت: يا رسول الله، ائذن لي أن آتي أبويَّ؟ وأنا أريد حينئذٍ أن أستثبت الخبر من قبلهما، قالت: فأذن لي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجئت أبويّ، فقلت: يا أمتاه، ماذا يتحدث الناس؟ قالت: أي بنية، هوني على نفسك، فوالله لأقل ما كانت امرأة قط وضيئة عند رجلٍ يحبها، لها ضرائر إلا كثرن عليها، قالت: فقلت: سبحان الله! وقد تحدث الناس بهذا؟ قالت: فبكيت تلك الليلة لا ترقأ لي دمعة، ولا تكتحل عيني بنوم، ثم أصبحت أبكي، فدعا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علياً، وأسامة بن زيد حين استلبث الوحي، يستشيرهما في فراق أهله، فأما أسامة فأشار على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالذي يعلم من براءة
أهله، وبالذي يعلم في نفسه من الود لهم، فقال: يا رسول الله، أهلُك، ولا نعلم إلا خيراً، وأما علي فقال: يا رسول الله، لم يضيّق الله عليك، والنساء سواها كثير، وإن تسأل الجارية عنها تصدقك، فدعا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بريرة فقال لها: " أي بريرة، هل رأيت من شيءٍ يريبك؟ " فقالت: لا والذي بعثك بالحق! إن رأيت عليها أمراً قط أغمصه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فتدخل الداجن، فتأكله. قالت: فقام رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاستعذر من عبد الله بن أُبي ابن سلول، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو على المنبر: " يا معشر المسلمين، من يعذرني من رجلٍ قد بلغني أذاه في أهلي؟ فوالله ما علمت على أهلي إلا خيراً، ولقد ذكروا رجلاً ما علمت عليه إلا خيراً، وما كان يدخل على أهلي إلا معي " قالت: فقام سعد ابن معاذ، فقال: أنا أعذرك منه يا رسول الله، إن كان من الأوس ضربت عنقه، وإن كان من إخواننا أمرتنا ففعلنا أمرك. فقال سعد بن عبادة، وهو سيد الخزرج، وكان قبل ذلك رجلاً صالحاً، ولكن حملته الحمية فقال لسعد: كذبت لعمر الله، لا تقتله، ولا تقرب إلى قتله، فقام أسيد بن حضير وهو ابن عم سعد بن معاذ، فقال لسعد بن عبادة: لعمر الله لنقتلنه، وإنك لمنافق تجادل عن المنافقين، فثار الحيان: الأوس والخزرج حتى هموا أن يقتتلوا، ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قائم على المنبر يكفهم حتى سكتوا وسكت. قالت: وبكيت يومي ذلك كله، لا ترقأ لي دمعة، ولا أكتحل بنومٍ، فأصبح أبواي عندي وقد بكيت ليلتي ويومي ذلك حتى ظننت أن البكاء فالق كبدي، فبينما هما جالسان عندي، وأنا أبكي إذ استأذنت علي امرأة من الأنصار، فأذنت لها، فجلست تبكي معي، فبينما نحن على ذلك دخل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وجلس، ولم يجلس عندي منذ قيل لي ما قيل قبلها، وقد لبث شهراً لا يوحى إليه في شأني شيء، فتشهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين جلس، ثم قال: " أما بعد يا عائشة فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنت ألممت بذنبٍ فاستغفري الله تعالى وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله عز وجل، تاب الله عز وجل
عليه " فلما فرغ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من مقالته قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة، فقلت لأبي: أجب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: ما أدري ما أقول لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلت لأمي:
أجيبي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما قال، فقالت: ما أدري ما أقول لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قالت: فقلت، وأنا جارية حديثة السن، لا أقرأ كثيراً من القرآن: إي والله لقد علمتم وسمعتم هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم، وصدقتم به، فإن قلت: إني بريئة، والله يعلم أني بريئة، لم تصدقوني بذلك، وإن اعترفت بأمرٍ والله يعلم أني بريئة لتصدقونني. ما أجد لكم مثلاً إلا أبا يوسف " فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون ". قالت: ثم تحولت فاضطجعت على فراشي، والله يعلم أني بريئة، والله يبرئني ببراءتي، ولكن لم أكن أرجو أن ينزل الله في شأني وحياً، لشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله به بأمرٍ يتلى، ولكن كنت أرجو أن يري الله رسوله في منامه رؤيا يبرئني بها. قالت: فوالله ما رام رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مجلسه، ولا خرج من أهل البيت حتى أنزل الله عليه، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء حين نزل عليه، وكان إذا أوحي إليه أخذه البرحاء حتى إنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق في اليوم الشات من ثقل القول الذي ينزل عليه. قالت: فلما سري عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو يضحك، فكان أول كلمةٍ تكلم بها أن قال: " أما الله فقد برأك " قال: فقالت أمي: قومي إليه، قلت: والله ما أقوم إليه، ولا أحمد على ذلك إلا الله، فأنزل الله عز وجل: " إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شراً لكم بل هو خير لكم، لكل امرئٍ منهم ما اكتسب من الإثم، والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم " قالت: وكان أبو أيوب الأنصاري حين أخبرته امرأته قالت: يا أبا أيوب، ألم تسمع ما يتحدث الناس؟ قال: وما يتحدثون؟ فأخبرته بقول أهل الإفك، قالت: قال: ما يكون لنا أن نتكلم بهذا، سبحانك هذا بهتان عظيم. قالت: فأنزل الله عز وجل: " لولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك
هذا بهتان عظيم " حتى بلغ " ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة " حتى بلغ " ألا تحبون أن يغفر الله لكم " قالت: وكان أبو بكر ينفق على مسطح لفقره وقرابته. قال: والله لا أنفق عليه وقد قال في عائشة ما قال، فلما أنزل الله " ألا تحبون أن يغفر الله لكم " قال أبو بكر: بلى، أنا أحب أن يغفر الله لي، فأنفق على مسطح مثلما كان ينفق عليه قبل ذلك، وقال: لا أتركك منه أبداً. يبي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما قال، فقالت: ما أدري ما أقول لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قالت: فقلت، وأنا جارية حديثة السن، لا أقرأ كثيراً من القرآن: إي والله لقد علمتم وسمعتم هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم، وصدقتم به، فإن قلت: إني بريئة، والله يعلم أني بريئة، لم تصدقوني بذلك، وإن اعترفت بأمرٍ والله يعلم أني بريئة لتصدقونني. ما أجد لكم مثلاً إلا أبا يوسف " فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون ". قالت: ثم تحولت فاضطجعت على فراشي، والله يعلم أني بريئة، والله يبرئني ببراءتي، ولكن لم أكن أرجو أن ينزل الله في شأني وحياً، لشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله به بأمرٍ يتلى، ولكن كنت أرجو أن يري الله رسوله في منامه رؤيا يبرئني بها. قالت: فوالله ما رام رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مجلسه، ولا خرج من أهل البيت حتى أنزل الله عليه، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء حين نزل عليه، وكان إذا أوحي إليه أخذه البرحاء حتى إنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق في اليوم الشات من ثقل القول الذي ينزل عليه. قالت: فلما سري عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو يضحك، فكان أول كلمةٍ تكلم بها أن قال: " أما الله فقد برأك " قال: فقالت أمي: قومي إليه، قلت: والله ما أقوم إليه، ولا أحمد على ذلك إلا الله، فأنزل الله عز وجل: " إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شراً لكم بل هو خير لكم، لكل امرئٍ منهم ما اكتسب من الإثم، والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم " قالت: وكان أبو أيوب الأنصاري حين أخبرته امرأته قالت: يا أبا أيوب، ألم تسمع ما يتحدث الناس؟ قال: وما يتحدثون؟ فأخبرته بقول أهل الإفك، قالت: قال: ما يكون لنا أن نتكلم بهذا، سبحانك هذا بهتان عظيم. قالت: فأنزل الله عز وجل: " لولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم " حتى بلغ " ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة " حتى بلغ " ألا تحبون أن يغفر الله لكم " قالت: وكان أبو بكر ينفق على مسطح لفقره وقرابته. قال: والله لا أنفق عليه وقد قال في عائشة ما قال، فلما أنزل الله " ألا تحبون أن يغفر الله لكم " قال أبو بكر: بلى، أنا أحب أن يغفر الله لي، فأنفق على مسطح مثلما كان ينفق عليه قبل ذلك، وقال: لا أتركك منه أبداً.
قالت عائشة: كانت زينب بنت جحش زوجة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسألها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " يا زينب، ما علمت، أو ما رأيت من عائشة؟ " قالت: يا رسول الله أحمي سمعي وبصري، والله ما علمت إلا خيراً، قالت: وهي التي كانت تساميني من أزواج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعصمها الله بالورع، وكانت أختها تجانب لها فهلكت فيمن هلك.
قال الوليد بن مسلم: كنت جالساً مع عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، فمر
عبد الله بن عبد الرحمن - يعني ابنه - فقال: أنا أكبر منه بثلاث عشرة أو أربع عشرة سنة.
قال النسائي ويحيى: ليس به بأس.
وقال أبو حاتم: صالح الحديث.
عبد الله بن عبد الرحمن
ويقال عبد الرحمن بن عبد الله روى خطبة عمر بالجابية وشهدها قال: قدم عمر الجابية جابية دمشق، فقام خطيباً، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قام فينا يوماً كقيامي فيكم اليوم فقال: " أكرموا أصحابي، ثم
الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يظهر الكذب حتى يحلف الرجل وإن لم يستحلف، وحتى يشهد وإن لم يستشهد، فمن أراد بحيحة الجنة فعليه بالجماعة، فإن الشيطان مع الفرد، وهو من الاثنين أبعد، ألا لا يخلون رجل بامرأةٍ، فإن ثالثهما الشيطان، ومن ساءته خطيئته فهو مؤمن " ثم قال: إذا انصرفت من مقامي هذا فلا يبقين أحد له حق في الصدقة إلا أتاني، فلم يأته ممن حضره إلا رجلان، فأمر لهما، فأعطيا، فقام رجل فقال: أصلح الله أمير المؤمنين، ما هذا الغني المتفقد بأحق بالصدقة من هذا الفقير المتعفف، فقال عمر: ويحك وكيف بالدليل؟