عايذ الله بن عبد الله
ويقال: عَيِّذ الله بن إدريس بن عايذ بن عبد الله ابن عتبة بن غيلان بن مَكين أبو إدريس الخولاني قاضي دمشق في أيام عبد الملك بن مروان. ولد عام حنين وهزيمة الله هوازن في حياة سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
حدث أبو إدريس الخولاني عن أبي ذر عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن جبريل عن الله تبارك وتعالى أنه قال: " يا عبادي، إنكم الذين تُخطئون بالليل والنهار، وأنا الذي أغفر لكم الذنوب ولا أبالي، فاستغفروني أغفر لكم. يا عبادي، كلكم جائع إلا من أطعمته، فاستطعموني أطعمكم. يا عبادي، كلكم عارٍ إلا من كسوتُه فاستكسوني أكسُكم. يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنّكم كانوا على أفجر قلب رجلٍ منكم لم ينقص ذلك من ملكي شيئاً. يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنّكم كانوا على أتقى قلب رجلٍ منكم لم يزد ذلك في ملكي شيئاً. يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجِنّكم كانوا في صعيدٍ واحدٍ فسألوني فأعطيت كل إنسان منهم ما سأل لم ينقص ذلك من ملكي شيئاً إلا كما ينقُص البحر أن يغمس المِخيَط غمسة واحدة. يا عبادي، إنما هي أعمالكم أحفظها عليكم، فمن وجد خيراً فليحمد الله عزّ وجلّ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومّنّ إلا نفسه ".
قال سعيد بن عبد العزيز: كان أبو إدريس الخولاني إذا حدَّث بهذا الحديث جثا على ركبتيه.
وحدث أبو إدريس عن أبي ثعلبة الخُشَني أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا توضأت فاستنثر، وإذا استجمرت فأوتر ".
هكذا روى هذا الحديث، وإنما هو عن أبي هريرة.
وعن أبي إدريس قال: جلست خلف معاذ بن جبل وهو يصلي. فلما انصرف من الصلاة قلت: إن أحبك لله، قال: فأدناني منه ثم قال: إنك لتحبني لله؟ قلت: نعم، إن لأحبك لله، قال: فإني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " المتحابون في الله في ظل عرشه يوم لا ظلّ إلا ظلّه ".
وقيل: إن أبا إدريس لم يسمع من معاذ ولا لقيه. وقيل: إنه لقيه.
حدث عايذ الله بن عبد الله
أن معاذاً قدم عليهم اليمن فلقيته امرأة من خولان معها بنون لها، اثنا عشر، وتركت أباهم في بيتها، أصغرهم الذي قد اجتمعت لحيته، فقامت فسلمت على معاذ، ورجلان من بنيها ممسكان بعضديها، فقالت: من أرسلك إليها أيها الرجل؟ قال لها معاذ: أرسلني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قالت المرأة: أرسلك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أفلا تحدثني يا رسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال لها معاذ: سلي عما شئت، قالت: حدِّثني ما حقُّ المرء على زوجته؟ قال لها معاذ: تتقي الله ما استطعت، وتسمع وتطيع. قالت: أقسمت عليك بالله ما حقّ المرء على زوجته؟ قال لها معاذ: ما رضيتِ بأن تسمعي وتطيعي، وتتقي الله؟! قالت: بلى، ولكن حدثني ما حقّ المرء على زوجته، فإني تركت أبا هؤلاء شيخاً كبيراً في البيت، فقال لها معاذ: والذي نفس معاذٍ بيده لو أنك ترجعين إذا رجعت إليه فوجدت الجذام قد خرق أنفه، ووجدت منخريه يسيلان قيحاً ودماً ثم التعقتيهما بفيك لكيما تبلغي حقه ما بلغته أبداً.
وعن أبي إدريس قال: دخلت مسجد دمشق فإذا أنا بفتىً براق الثنايا، وإذا الناس معه إذا اختلفوا في شيء أسندوه إليه وصدروا عن رأيه، فسألت عنه فقيل: هذا معاذ بن جبل. فلما كان الغد هجّرت فوجدته قد سبقني بالتهجير ووجدته يصلي، فانتظرته حتى قضى صلاته، ثم جئت من قبل وجهه فسلمت عليه ثم قلت: والله إن لأحبك لله، قال: آلله؟ فقلت: آلله. فقال: آلله؟ فقلت: آلله. فأخذ بحبوة ردائي فجبذني إليه وقال: أبشر فإني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " قال الله تبارك وتعالى: وجبت محبتي للمتحابين فيَّ والمتجالسين فيّ والمتزاورين فيّ، والمتباذلين فيَّ ".
حدث يزيد بن عبيدة أنه رأى أبا إدريس الخولاني في زمان عبد الملك بن مروان، وأن حلق المسجد
بدمشق يقرؤون القرآن، يدرسون جميعاً، وأبو إدريس جالس إلى بعض العمد، فكلما مرت حلقة بآية سجدة بعثوا إليه يقرأ بها، وأنصتوا له، وسجد بهم، وسجدوا جميعاً بسجوده، فربما سجد بهم ثنتي عشرة سجدة، حتى إذا فرغوا من قراءتهم قام أبو إدريس يقص.
حدث يزيد بن أبي مالك قال: كنا نجلس إلى أبي إدريس الخولاني فيحدثنا في الشيء من العلم لا يقطعه بغيره حتى يقوم أو تقام الصلاة حفظاً لما سَّمع. قال: فحدث يوماً عن بعض مغازي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى استوعب الغزاة، فقال له رجل من ناحية المجلس: أحضرت هذه الغزاة؟ قال: فقال: لا، فقال الرجل: قد حضرتها مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولأنت أحفظ لها مني.
وحدث يوماً بأحاديث، فقال له رجل: أرأيت هذه الأحاديث إلى من تسندها؟ فقال: إن رضيت بما تسمع منا وإلا فلا تجالسنا.
قال: وكان أبو إدريس إذا أخذ في نوع في مجلس لم يكد يأخذ في غيره حتى يقوم من مجلسه، وكان إذا جلس لم يحتب حتى يقوم، وإذا احتبى لم يحلّ حَبْوَته حتى يقوم ولم يُرَ يعبث بشيء.
قال: وقال له رجل وهو يحدث: عمن يا أبا إدريس؟ قال: لأنا أقدر على الإسناد مني على الحديث.
قال معاوية لأبي إدريس الخولاني يا أهل اليمن، إن فيكم خلالاً ما تخطئكم، قالوا: وما هي؟ قال: الجود والحِدَّة وكثرة الأولاد. قال: أما ما ذكرت من الجود فذلك لمعرفتنا من الله عزّ وجلّ بحسن الخلف، وما الحِدّة فإن قلوبنا ملئت خيراً فليس فيها للشر موضع، وأما كثرة الأولاد فإنا لسنا نعزل ذلك عن نسائنا. قال: صدقت، لا يفضض الله فاك.
وعن أبي إدريس قال: ما أودى شيء إلى شيء خير من حلم إلى علم.
وكان أبو إدريس يقول: عِفّوا، رحمكم الله، فإنه مع عفّ نساء قومٍ قط حتى تعفّ رجالهم.
وكان يقول: ما أكون خيراً مني، يعني: إلا إذا كنت مع من هو خير مني.
وكان يقول: من نظر فتفكر خير من نظر فتعجب.
وقال أبو إدريس: ما على ظهرها من بشر لا يخاف على إيمانه أن يذهب إلا ذهب.
وقال أبو إدريس: المساجد مجالس الكرام.
وكان يقول: لأن أرى في المسجد ناراً تأجج أحَبُّ إليّ من أن أرى بدعة لا تغيّر.
توفي أبو إدريس سنة ثمانين.
ويقال: عَيِّذ الله بن إدريس بن عايذ بن عبد الله ابن عتبة بن غيلان بن مَكين أبو إدريس الخولاني قاضي دمشق في أيام عبد الملك بن مروان. ولد عام حنين وهزيمة الله هوازن في حياة سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
حدث أبو إدريس الخولاني عن أبي ذر عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن جبريل عن الله تبارك وتعالى أنه قال: " يا عبادي، إنكم الذين تُخطئون بالليل والنهار، وأنا الذي أغفر لكم الذنوب ولا أبالي، فاستغفروني أغفر لكم. يا عبادي، كلكم جائع إلا من أطعمته، فاستطعموني أطعمكم. يا عبادي، كلكم عارٍ إلا من كسوتُه فاستكسوني أكسُكم. يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنّكم كانوا على أفجر قلب رجلٍ منكم لم ينقص ذلك من ملكي شيئاً. يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنّكم كانوا على أتقى قلب رجلٍ منكم لم يزد ذلك في ملكي شيئاً. يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجِنّكم كانوا في صعيدٍ واحدٍ فسألوني فأعطيت كل إنسان منهم ما سأل لم ينقص ذلك من ملكي شيئاً إلا كما ينقُص البحر أن يغمس المِخيَط غمسة واحدة. يا عبادي، إنما هي أعمالكم أحفظها عليكم، فمن وجد خيراً فليحمد الله عزّ وجلّ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومّنّ إلا نفسه ".
قال سعيد بن عبد العزيز: كان أبو إدريس الخولاني إذا حدَّث بهذا الحديث جثا على ركبتيه.
وحدث أبو إدريس عن أبي ثعلبة الخُشَني أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا توضأت فاستنثر، وإذا استجمرت فأوتر ".
هكذا روى هذا الحديث، وإنما هو عن أبي هريرة.
وعن أبي إدريس قال: جلست خلف معاذ بن جبل وهو يصلي. فلما انصرف من الصلاة قلت: إن أحبك لله، قال: فأدناني منه ثم قال: إنك لتحبني لله؟ قلت: نعم، إن لأحبك لله، قال: فإني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " المتحابون في الله في ظل عرشه يوم لا ظلّ إلا ظلّه ".
وقيل: إن أبا إدريس لم يسمع من معاذ ولا لقيه. وقيل: إنه لقيه.
حدث عايذ الله بن عبد الله
أن معاذاً قدم عليهم اليمن فلقيته امرأة من خولان معها بنون لها، اثنا عشر، وتركت أباهم في بيتها، أصغرهم الذي قد اجتمعت لحيته، فقامت فسلمت على معاذ، ورجلان من بنيها ممسكان بعضديها، فقالت: من أرسلك إليها أيها الرجل؟ قال لها معاذ: أرسلني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قالت المرأة: أرسلك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أفلا تحدثني يا رسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال لها معاذ: سلي عما شئت، قالت: حدِّثني ما حقُّ المرء على زوجته؟ قال لها معاذ: تتقي الله ما استطعت، وتسمع وتطيع. قالت: أقسمت عليك بالله ما حقّ المرء على زوجته؟ قال لها معاذ: ما رضيتِ بأن تسمعي وتطيعي، وتتقي الله؟! قالت: بلى، ولكن حدثني ما حقّ المرء على زوجته، فإني تركت أبا هؤلاء شيخاً كبيراً في البيت، فقال لها معاذ: والذي نفس معاذٍ بيده لو أنك ترجعين إذا رجعت إليه فوجدت الجذام قد خرق أنفه، ووجدت منخريه يسيلان قيحاً ودماً ثم التعقتيهما بفيك لكيما تبلغي حقه ما بلغته أبداً.
وعن أبي إدريس قال: دخلت مسجد دمشق فإذا أنا بفتىً براق الثنايا، وإذا الناس معه إذا اختلفوا في شيء أسندوه إليه وصدروا عن رأيه، فسألت عنه فقيل: هذا معاذ بن جبل. فلما كان الغد هجّرت فوجدته قد سبقني بالتهجير ووجدته يصلي، فانتظرته حتى قضى صلاته، ثم جئت من قبل وجهه فسلمت عليه ثم قلت: والله إن لأحبك لله، قال: آلله؟ فقلت: آلله. فقال: آلله؟ فقلت: آلله. فأخذ بحبوة ردائي فجبذني إليه وقال: أبشر فإني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " قال الله تبارك وتعالى: وجبت محبتي للمتحابين فيَّ والمتجالسين فيّ والمتزاورين فيّ، والمتباذلين فيَّ ".
حدث يزيد بن عبيدة أنه رأى أبا إدريس الخولاني في زمان عبد الملك بن مروان، وأن حلق المسجد
بدمشق يقرؤون القرآن، يدرسون جميعاً، وأبو إدريس جالس إلى بعض العمد، فكلما مرت حلقة بآية سجدة بعثوا إليه يقرأ بها، وأنصتوا له، وسجد بهم، وسجدوا جميعاً بسجوده، فربما سجد بهم ثنتي عشرة سجدة، حتى إذا فرغوا من قراءتهم قام أبو إدريس يقص.
حدث يزيد بن أبي مالك قال: كنا نجلس إلى أبي إدريس الخولاني فيحدثنا في الشيء من العلم لا يقطعه بغيره حتى يقوم أو تقام الصلاة حفظاً لما سَّمع. قال: فحدث يوماً عن بعض مغازي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى استوعب الغزاة، فقال له رجل من ناحية المجلس: أحضرت هذه الغزاة؟ قال: فقال: لا، فقال الرجل: قد حضرتها مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولأنت أحفظ لها مني.
وحدث يوماً بأحاديث، فقال له رجل: أرأيت هذه الأحاديث إلى من تسندها؟ فقال: إن رضيت بما تسمع منا وإلا فلا تجالسنا.
قال: وكان أبو إدريس إذا أخذ في نوع في مجلس لم يكد يأخذ في غيره حتى يقوم من مجلسه، وكان إذا جلس لم يحتب حتى يقوم، وإذا احتبى لم يحلّ حَبْوَته حتى يقوم ولم يُرَ يعبث بشيء.
قال: وقال له رجل وهو يحدث: عمن يا أبا إدريس؟ قال: لأنا أقدر على الإسناد مني على الحديث.
قال معاوية لأبي إدريس الخولاني يا أهل اليمن، إن فيكم خلالاً ما تخطئكم، قالوا: وما هي؟ قال: الجود والحِدَّة وكثرة الأولاد. قال: أما ما ذكرت من الجود فذلك لمعرفتنا من الله عزّ وجلّ بحسن الخلف، وما الحِدّة فإن قلوبنا ملئت خيراً فليس فيها للشر موضع، وأما كثرة الأولاد فإنا لسنا نعزل ذلك عن نسائنا. قال: صدقت، لا يفضض الله فاك.
وعن أبي إدريس قال: ما أودى شيء إلى شيء خير من حلم إلى علم.
وكان أبو إدريس يقول: عِفّوا، رحمكم الله، فإنه مع عفّ نساء قومٍ قط حتى تعفّ رجالهم.
وكان يقول: ما أكون خيراً مني، يعني: إلا إذا كنت مع من هو خير مني.
وكان يقول: من نظر فتفكر خير من نظر فتعجب.
وقال أبو إدريس: ما على ظهرها من بشر لا يخاف على إيمانه أن يذهب إلا ذهب.
وقال أبو إدريس: المساجد مجالس الكرام.
وكان يقول: لأن أرى في المسجد ناراً تأجج أحَبُّ إليّ من أن أرى بدعة لا تغيّر.
توفي أبو إدريس سنة ثمانين.