يحيى بن زَكَرِيَّا وَيُقَال لَهُ ابْن أبي الحواجب الْكُوفِي يروي عَن الْأَعْمَش قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ ضَعِيف
I pay $140/month to host my websites. If you wish to help, please use the following button (secure payments with Stripe).
Jump to entry:الذهاب إلى موضوع رقم:
500100015002000250030003500400045005000550060006500700075008000850090009500100001050011000115001200012500130001350014000145001500015500160001650017000175001800018500190001950020000205002100021500220002250023000235002400024500250002550026000265002700027500280002850029000295003000030500310003150032000325003300033500340003450035000355003600036500370003750038000385003900039500400004050041000415004200042500430004350044000445004500045500460004650047000475004800048500490004950050000505005100051500520005250053000535005400054500550005550056000565005700057500580005850059000595006000060500610006150062000625006300063500640006450065000655006600066500670006750068000685006900069500700007050071000715007200072500730007350074000745007500075500760007650077000775007800078500790007950080000805008100081500820008250083000835008400084500850008550086000865008700087500880008850089000895009000090500910009150092000925009300093500940009450095000955009600096500970009750098000985009900099500100000100500Similar and related entries:
مواضيع متعلقة أو مشابهة بهذا الموضوع
يحيى بن زكريا بن لشوى
ويقال: زكريا بن ادن بن مسلم بن صندوق بن فخشان بن داود بن سليمان بن مسلم بن صندوق بن برخيا بن شفاطنة بن ناحور بن شالوم بن يوشافاط بن انييا بن ابنا بن رخيعم بن سليمان بن داود نبي الله ابن نبيه صلى الله عليهما وأم يحيى ايشاع بنت عمران، اخت مريم بنت عمران.
قيل: إنه كان بدمشق.
عن ابن عباس، في قوله عز وجل: " ذكر رحمة ربك " قال: ذكره الله منه برحمة عبده زكريا كتب دعاءه فذلك قوله: " ذكر رحمة ربك عبده زكريا إذ نادى ربه نداءً خفياً " يعني دعا ربه دعاءً خفياً في الليل، لا يسمع أحداً ويسمع أذنيه، " قال رب إني وهن " يعني: ضعف " العظم مني واشتعل الرأس شيباً " يعني: غلب البياض السواد " ولم أكن بدعائك رب شقياً " أي: إني لم أدعك قط فخيبتني فيما مضى، فتخيبني فيما بقي، فكما لم أشق بدعائي فيما مضى، فكذلك لا أشقى فيما بقي، عودتني الإجابة من نفسك. " وإني خفت الموالي من ورائي " فلم يبق لي وارث، وخفت العصبة أن ترثني " فهب لي من لدنك ولياً " يعني: من عندك ولداً " يرثني " يعني: يرث محرابي وعصاي وبرنس القربان وقلمي الذي أكتب به الوحي " ويرث من آل يعقوب " النبوة " واجعله رب رضياً " يعني: مرضياً عندك.
قوله: " وكانت امرأتي عاقراً " قال ابن عباس: خاف أنها لا تلد فقال: وامرأتي عاقر، وأنت تفعل ما تشاء، فهب لي ولداً، فإذا وهبته فاجعله رب رضياً زاكياً بالعمل، فاستجاب الله له، وكانا قد دخلا في السن هو وامرأته.
فبينا هو قائم يصلي في المحراب حيث يذبح القربان، إذا هو برجل عليه البياض حياله، وهو جبريل عليه السلام فقال: يا زكريا، إن الله يبشرك وهو قوله: " نبشرك بغلام اسمه يحيى " واسم يحيى هو اسم من أسماء الله اشتق من يا حي، سماه الله من فوق عرشه، " لم نجعل له من قبل سمياً ".
قال ابن عباس: لم يجعل لزكريا من قبل يحيى ولداً، نظيرها " هل تعلم له سمياً " يعني: هل تعلم له ولداً، ولم يكن لزكريا قبله ولد، ولم يكن قبل يحيى أحد يسمى يحيى.
قال: وكان اسمه حي، فلما وهب الله لسارة إسحاق، فكان اسمها يسارة، ويسارة من النساء التي لا تلد، وسارة من النساء الطالقة الرحم التي تلد، فسماها سارة، وحول الياء من يسارة إلى يحيى، فسماه يحيى، ثم قال: " مصدقاً بكلمة " يعني: بعيسى " من الله " وكان يحيى أول من صدق بعيسى، وهو ابن ثلاث سنين، وبين يحيى وعيسى ثلاث سنين، وهما ابنا خالة، ثم قال تعالى: " وسيدا " يعني: حليماً " وحصوراً " يعني: لا ماء له، ولا يحتاج إلى النساء.
قال الحسن: فأحيا الله عز وجل ماء صلبه وألاق الجلد على العظم فسمي يحيى لما أحيا الله ماء صلبه.
وقيل: كان اسمه حي لأنه خلق من قحول، والقحول: العتي، يعني: الذي قال الله: " وقد بلغت من الكبر عتياً " يعني قحولاً، قد يبس الجلد على العظم، وانقطع ماء الصلب.
وعن ابن عباس، في قوله: " كذلك قال ربك " يا زكريا " هو علي هين وقد خلقتك من قبل " أن أهب لك يحيى " ولم تك شيئاً " وكذلك أقدر أن أخلق من الكبير والعاقر " قال رب اجعل لي آية " أعرف ذلك إذا استجيب لي، فأوحى الله إليه " قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سوياً " يعني: صحيحاً من غير خرس.
قال ابن عباس: في قوله: " فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه " يعني: فحاضت، فلما طهرت طاف عليها فاستحملت، فأصبح لا يتكلم، فكان إذا أراد التسبيح والصلاة أطلق الله لسانه، فإذا أراد أن يكلم الناس اعتقل لسانه، فلا يستطيع أن يتكلم، وذلك أن إبليس أتاه فقال: يا زكريا، دعاؤك كان دعاءً خفياً، فأجبت بصوت رفيع وبشرت بصوت عال، ذلك الصوت من الشيطان ليس من جبريل، ولا من ربك فلذلك " قال رب اجعل لي آية " حتى أعرف أن هذه البشرى منك. قال الله تعالى: " آيتك " إذا جامعتها على طهر فحملت فإنك تصبح لا تستنكر من نفسك خرساً، ولا سقماً، فتصبح لا تطيق الكلام مع الناس ثلاثة أيام إلا إشارة، تومئ بيدك أو برأسك أو بالحاجبين.
قال ابن عباس: كانت عقوبة له لأنه بشر بالولد فقال: " أنى يكون لي غلام " فخاف أن يكون الصوت من غير الله " فخرج علىقومه من الحراب " يعني: من مصلاه الذي كان يصلي فيه " فأوحى إليهم " بكتاب كتبه بيده " أن سبحوا بكرة وعشياً " يعني: صلاة الغداة والعصر، فقد وهب الله لي يحيى. فولد له يحيى على ما بشره الله نبياً
تقياً صالحاً، قد أنزل الله في ذلك قرآناً على نبيه محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما عنى من قصته " يا يحيى خذ الكتاب بقوة " يعني: بجد وطاعة واجتهاد وشكر، وبالعمل بما فيه " وآتيناه الحكم صبياً " قال ابن عباس: ذلك أنه مر على صبية أتراب له يلعبون على الشاطئ نهر بطين وبماء، فقالوا: يا يحيى، تعال حتى نلعب، فقال: سبحان الله أو للعب خلقنا؟! وعن أبي مسلم، في قوله عز وجل: " يرثني يرث من آل يعقوب " يرثني يرث مالي ويرث من آل يعقوب قال: نبياً كما كان آباؤه أنبياء.
وعن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " يرحم الله زكريا، ما كان عليه من ورثه! ويرحم الله لوطاً إن كان ليأوي إلى ركن شديد " قال قتادة: ولم يبعث نبي إلا في ثروة من قومه بعد لوط، بعث الله محمدا في ثروة من قومه. وعن مجاهد: في قوله: لم نجعل له من قبل سمياً قال: شبهاً. وقال قتادة: لم يسم أحد قبله يحيى. وعن ابن عباس، في قوله عز وجل: " وآتيناه الحكم صبياً " يعني: الفهم صغيراً وحناناً يعني: ورحمة منا وعطفاً وزكاة يعني: وصدقة على زكريا وكان تقياً يعني: مطهراً مطيعاً لله عز وجل.
وعن ابن عباس، في قوله عز وجل: " وبراً بوالديه " قال: كان لا يعصيهما " ولم يكن حباراً " قال: ولم يكن قتال النفس التي حرم الله قتلها " عصياً " يعني: لم يكن عاصياً لربه. " وسلام عليه " يعني: حين سلم الله عليه يوم ولد، ويوم يموت، ويوم يبعث حياً.
قال عمرو بن العاص: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " كل نبي يأتي يوم القيامة وله ذنب إلا ما كان من يحيى بن زكريا " ثم دلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يده إلى الأرض، فأخذ عوداً صغيراً ثم قال: " وذلك أنه لم يكن له ما للرجل إلا مثل هذا العود، كذلك سماه الله " وسيداً وحصوراً ونبياً من الصالحين ".
قال ابن عيينة: أوحش ما يكون ابن آدم في ثلاثة مواطن: يوم يولد فيخرج إلى دار هم، وليلة يبيت مع الموتى فيجاور جيراناً لم ير مثلهم، ويوم يبعث فيشهد مشهداً لم ير مثله قط، قال الله ليحيى بن زكريا في هذه الثلاثة مواطن: " وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حياً ".
وعن الحسن قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قال يحيى بن زكريا لعيسى بن مريم: أنت روح الله وكلمته، وأنت خير مني، فقال عيسى: بل أنت خير مني، سلم الله عليك، وسلمت على نفسي ". والحضور: الذي لا يأتي النساء. والسيد: الذي يطيع الله ولا يعصيه، وقيل: الحليم، وقيل: السيد: الذي يملك غضبه، وقيل: الذي لا يغلبه غضبه، وقيل: سيداً حصوراً: حليماً تقياً، وقيل: السيد: الحسن الخلق، وقيل: سيداً كريماً
على الله، وقيل: الحصور: الذي لا يأتي النساء، وهو المجبوب، وسمي حصوراً لأنه حصر عن الجماع، أي: حبس عنه ومنع منه، جاء على فعول ومعناه مفعول كما قالوا: شاة حلوب، وفرس ركوب.
قال سفيان بن عيينة: خلق يحيى من غير شهوة، فجاء بغير شهوة. يريد أن خلقه كان آية من آيات الله، لم يكن عن شهوة، بشر به، ألا تراه يقول: " قال رب أنى يكون لي غلام وقد بلغني الكبر " الآية.
وعن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خلق الله يحيى بن زكريا في بطن أمه مؤمناً، وخلق فرعون في بطن أمه كافراً ". وعنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يولد العبد مؤمناً، ويحيا مؤمناً، ويموت مؤمناً منهم: يحيى بن زكريا، ويولد العبد كافراً، ويحيا كافراً، ويموت كافراً منهم: فرعون ".
وعن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " رحم الله أخي يحيى حين دعاه الصبيان إلى اللعب وهو صغير، فقال: أللعب خلقنا، فكيف بمن أدرك الحنث من مقاله ".
حدث هشام بن محمد عن أبيه قال: أول نبي بعث آدم، ثم نوح، ثم إبراهيم، ثم إسماعيل وإسحاق، ثم يعقوب، ثم يوسف، ثم لوط، ثم هود، ثم صالح، ثم شعيب، ثم موسى بن عمران، ثم إلياس، ثم اليسع، ثم يونس بن متى، ثم أيوب، ثم داود، ثم سليمان بن داود، ثم زكريا بن لشوى من بني يهود بن يعقوب، ثم يحيى بن زكريا، ثم عيسى بن مريم، ثم النبي محمد صلى الله عليه وعليهم أجمعين.
حدث الحارث الأشعري أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن الله أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات يعمل بهن ويأمر بني إسرائيل أن
يعملوا بهن، فكان يبطئ بهن، فقال له عيسى بن مريم: إنك أمرت بخمس كلمات تعمل بهن، وتأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن، فإما أن تأمرهم بهن وإما أقوم آمرهم بهن. قال يحيى: إنك إن تسبقني بهن أخف أن أعذب أو يخسف بي، فجمع الناس في بيت المقدس حتى امتلأ المسجد، حتى جلس الناس على الشرفات، فوعظ الناس ثم قال: إن الله أمرني بخمس كلمات أعمل بهن، وآمركم أن تعملوا بهن - زاد في رواية: وإنه من يعمل بهن حتى يموت فإنه لا حساب عليه يوم القيامة -: أولهن ألا تشركوا بالله شيئاً، وإن مثل الشرك بالله كمثل رجل اشترى عبداً من خالص ماله بذهب أو ورق، ثم قال: هذي داري وعملي، فاعمل وأود إلي عملك، فجعل يعمل ويؤدي إلى غير سيده، فأيكم يحب أن يكون له عبد كذلك، يؤدي عمله لغير سيده؟ وإن الله هو خلقكم ورزقكم فلا تشركوا بالله شيئاً.
وإن الله أمركم بالصلاة، فإذا نصبتم وجوهكم فلا تلتفوا، فإن الله ينصب وجهه لوجه عبده حين يصلي له، ولا يصرف وجهه عنه حتى يكون هو ينصرف. وآمركم بالصيام، فإن مثل الصائم مثل الصائم مثل رجل معه صرة مسك، فهو في عصابة ليس مع أحد منهم مسك غيره، كلهم يشتهي أن يجد ريحها، وإن فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك. وآمركم بالصقة. قال: مثلها كمثل رجل أسره العدو، فشدوا يده إلى عنقه، فقدموه ليضربوا عنقه فقال: لا تقتلوني، فإني أفدي نفسي منكم بكذا وكذا من المال، فأرسلوه، فجعل يجمع حتى فدى نفسه منه، كذلك الصدقة. وآمركم بكثرة ذكر الله، فإن مثل ذكر الله كمثل رجل طلبه العدو، فانطلقوا في طلبه سراعاً حتى أتى حصناً حصيناً، فأحرز نفسه فيه، فكذلك مثل الشيطان لا يحرز العباد منه أنفسهم إلا بذكر الله ". وقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "
وأنا آمركم بخمس، أمرني الله بهن: الجماعة، والسمع، والطاعة، والهجرة، والجهاد في سبيل الله فمن خرج من الطاعة قدر سبر فقد خلع ربقة الإسلام من رأسه إلا أن يراجع، ومن دعا دعوة جاهلية فإنه من جثى جهنم "، فقال رجل: يا رسول الله، وإن صام وصلى؟ قال: " وإن صام وصلى، فادعوا بدعوة الله الذي سماكم بها المسلمين والمؤمنين جميعاً ".
زاد في رواية في معنى الصلاة: " فمثلها فيكم كمثل رجل يناجي ذا سلطان، والسلطان فوقه يسمع ما يقوله، ولا يتكلم فيه بشيء إلا شفعه فيه، وأقبل إليه بوجههن فأيكم كان يسأم من مناجاة ذي السلطان ما استوفى منه أي في حاجته قبل أن يسأم ذو السلطان "؟ قالوا: لا أحد منا، قال: " فإن الله ليس بصارف وجهه عن عبده، وهو في صلاته حتى يكون هو الذي يصرف وجهه عن ربه، وإن من تقرب إلى الله قيد شبر تقرب منه قيد ذراع، وإنه من تقرب إلى الله قيد ذراع تقرب الله منه قيد يده، ومن يرد الله يرده، وإن الله حليم شكور. ثم على أثرها الصدقة، فمثلها فيكم كمثل رجل يطلب بدم، فأتاه أولياء القتيل، فأخذوه ليقتلوه، فقال لهم: لا تقتلوني، وسموا رضاكم من المال ففعلوا، فأذى إليهم المال أنجماً حتى أكملها فانطلق آمناً لقومه، وانطلق آمناً لعدوه، فأيكم يخشى قومه أن يصدقن الذي له "؟ قالوا: لا أحد منان قال: " فإنها فكاك لأعناقكم من سلاسل النار يوم القيامة ".
وعن ابن عباس قال: كنا في حلقة المسجد نتذاكر فضائل الأنبياء، أيهم أفضل؟ ذكرنا نوحاً وطول عبادته ربه غز وجل، وذكرنا إبراهيم خليل الرحمن، وذكرنا موسى مكلم الله، وذكرنا عيسى بن مريم، وذكرنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلنا: رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أفضل: بعثه الله إلى
الناس كافة، غفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وهو خاتم الأنبياء. قال: فبينا نحن كذلك إذ خرج علينا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: ما تذاكرون بينكم؟ قلنا: يا رسول الله، تذاكرنا فضائل الأنبياء، أيهم أفضل؟ قال: فذكرنا نوحاً وطول عبادته ربه، وذكرنا إبراهيم خليل الرحمن، وذكرنا موسى مكلم الله، وذكرنا عيسى بن مريم. قال: فمن فضلتم؟ قلنا: فضلناك يا رسول الله: بعثك الله إلى الناس كافة، وغفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، وأنت خاتم الأنبياء، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أما إنه لا ينبغي لأحد أن يكون خيراً من يحيى بن زكريا، فقلنا: يا رسول الله، ومن أين ذلك؟ قال: أما سمعتم الله حيث وصفه بالقرآن: " يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبياً " إلى قوله: " ويوم يبعث حياً " " مصدقاً بكلمة من الله وسيداً وحصوراً ونبياً من الصالحين " لم يعمل سيئة قط، ولم يهم بها.
وفي رواية: فخرج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهم يذكرون ذلك، فقال: " أين الشهيد ابن الشهيد يلبس الوبر، ويأكل الشجر مخافة الذنب ". قال: يريد: يحيى بن زكريا.
وعن عائشة أنها قالت للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوماً: يا سيد العرب، فقال: " أنا سيد ولد آدم ولا فخر، وآدم تحت لوائي يوم القيامة ولا فخر، وأبوك سيد كهول العرب، وعلي سيد شباب العرب، والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة إلا ابني الخالة يحيى وعيسى عليهم السلام ".
وعن وهب قال: نادى مناد من السماء إن يحيى بن زكريا سيد من ولدته النساء، وإن جرجيس سيد الشهداء. وعن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " ما من أحد من ولد آدم وقد أخطأ، أو هم بخطيئة ليس يحيى بن زكريا، وما ينبغي لأحد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى.
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ما من نبي إلا أخطأ أو هم بخطيئة غير يحيى بن زكريا، فإنه لم يخطئ، ولم يهم بخطيئته ".
وعن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " كل نبي يلقى الله بذنب قد أذنبه، يعذبه عليه إن شاء، أو يرحمه إلا يحيى بن زكريا، فإنه " كان سيداً وحصوراً ونبياً من الصالحين " فأهوى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى قذاة من الأرض فأخذها وقال: " كان يكره مثل هذهالقذاة ".
وفي رواية: ثم رفع شيئاً من الأرض فقال: " ما كان معه إلا مثل هذا، ثم ذبح ذبحاً ".
وعن ضمرة بن حبيب قال: قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ما تعلت النساء عن ولد ينبغي له أن يقول: أنا أفضل من يحيى بن زكريا. لم يحك في صدره خطيئة، وله يهم بها ".
وعن الحسن قال: بلغني أنه لم يكن أحد من ولد آدم إلا نال منه إبليس، وأصحاب الدنيا إلا ما كان من يحيى بن زكريا عليهم السلام.
وحدث بعضهم ورفع الحديث قال: لعن الله والملائكة رجلاً تأنث، وامرأة تذكرت، ورجلاً تحصن بعد يحيى بن زكريا، ورجلاً قعد على الطريق يستهزئ من أعمى، ورجلاً شبع من الطعام في يوم مسغبة.
أتي عيسى برجل زنى فأمر برجمه، فأخذوا الحجارة، فقال عيسى: لا يرجم رجل عمل عمله، قال: فألقوا الحجارة غير يحيى بن زكريا.
قال أبو سليمان: خرج عيسى بن مريم ويحيى بن زكريا يتماشيان، فصدم يحيى امرأة، فقال له عيسى: يا بن الخالة، لقد أصبت اليوم خطيئة ما أظن أنه يغفر لك أبداً، قال: وما هي يا بن الخالة؟ قال: امرأة صدمتها، قال: والله ما شعرت بها، قال: سبحان الله، بدنك معي فأين روحك؟ قال: معلق بالعرش، ولو أن قلبي اطمأن إلى جبريل لظننت أني ما عرفت الله طرفة عين.
وعن الشافعي أنه قال: لا نعلم أحداً أعطي طاعة الله حتى لم يخلطها بمعصية إلا يحيى بن زكريا، ولا عصى الله فلم يخلط بطاعة، فإذا كان الأغلب الطاعة فهو المعدل، وإذا كان الأغلب المعصية فهو المجرح.
وعن زيد بن ميسرة قال: كان طعام يحيى بن زكريا الجراد وقلوب الشجر، وكان يقول: من أنعم منك يا يحيى؟! طعامك الجراد وقلوب الشجر.
وفي حديث آخر: أن يحيى كان أطيب الناس طعاماً، إنما كان يأكل مع الوحش كراهية أن يخالط الناس في معايشهم.
وعن مجاهد قال: كان طعام يحيى بن زكريا العشب، وإن كان ليبكي من خشية الله، حتى لو كان القار على عينيه لحرقه. ولقد كانت الدموع اتخذت في وجهه مجرى.
وعن خيثمة قال: كان عيسى بن مريم بن زكريا ابني خالة، وكان عيسى يلبس الصوف، وكان يحيى يلبس الوبر، ولم يكن لواحد منهما دينار ولا درهم، ولا عبد ولا أمة، ولا ما يأويان إليه، أينما جنهما الليل أويا، فلما أرادا أن يتفرقا قال له يحيى: أوصني، قال:
لا تغضب، قال: لا أستطيع إلا أن أغضب، قال: فلا تقتن مالاً، قال: أما هذه فعسى.
قال يونس بن ميسرة: مر يحيى بن زكريا على دينار فقال: قبح هذا الوجه يا دينار، يا عبد العبيد، يا معبد الأحرار.
قال عبد الله بن عبد الحميد: مر إبليس بيحيى بن زكريا ومعه رغيف شعير، فقال له: يا يحيى، أنت تزعم أنك زاهد، ومعك رغيف قد ادخرت، فقال له يحيى: يا ملعون، هذا هو القوت، فقال له: يا يحيى، إن أقل من القوت يكفي لمن يموت، فأوحى الله إليه: يا يحيى، اعقل إيش قال لك.
روي عن يحيى بن زكريا أنه قال: لئن كان أهل الجنة لا ينامون للذة ما هم فيه من النعيم، فالصديقون كيف ينامون للذة ما هم فيه من حب الله؟! وكم بين النعمتين، وكم بينهما؟! قال يحيى لعيسى: أوصني يا بن خالة، قال: لا تشاح في ميراث، ولا تأس على ما فاتك، فقال: أنا لا أفرح بما جاءني منها، فكيف آسى على ما فاتني، فقال: لا تغضب، قال: فكيف لي بأن لا أغضب؟! وروى أن يحيى وعيسى التقيا، فقال له يحيى: يا روح الله وكلمته، ما أشد ما خلق الله؟ قال: غضب الله أشد، قال: يا روح الله وكلمته، دلني على عمل يباعد من غضب الله، قال: يباعدك من غضب الله ألا تغضب فيغضب عليك، قال: فما الذي يبدي الغضب؟ قال: التعزز والفخر والحمية. قال: يا روح الله، دلني على عمل يباعدني من النار، قال: لا تزن، قال: كيف بدء الزنا؟ قال: النظرة ثم تردفها التمني والشهوة.
قال وهيب بن الورد: فقد زكريا ابنه يحيى ثلاثة أيام، فخرج يلتمسه في البرية، فإذا هو قد احتفر قبراً، وأقام فيه يبكي على نفسه، فقال: يا بني، أنا أطلبك منذ ثلاثة أيام، وأنت في قبر قد احتفرته قائم تبكي فيه؟ فقال: يا أبه، ألست أنت أخبرتني أن بين الجنة والنار مفازة لا تقطع إلا بدموع البكائين؟ فقال له: ابك يا بني، فبكيا جميعاً.
وفي رواية: فقال له: يا أبت، أنت حدثتني عن جبريل صلى الله عليه مسلم أنه أخبرك أن بين يدي الجنة والنار مفازة لا يطفئ حرها إلا الدموع، فقال له: فابك يا بني.
شبع يحيى بن زكريا ليلة من خبز الشعير، فنام عن جزئه حتى أصبح، فأوحى الله إليه: يا يحيى، هل وجدت داراً خيراً لك من داري؟ وجواراً خيراً لك من جواري؟ وعزتي يا يحيى، لو اطلعت إلى الفردوس اطلاعةً لذاب جسمك، وزهقت نفسك اشتياقاً، ولو اطلعت إلى جهنم اطلاعة لبكيت الصديد بعد الدموع، وللبست الحديد بعد المسوح.
وعن مجاهد: أن يحيى بكى حتى قرحت دموعه وجنتيه، فقال له زكريا: يا بني، ما يبكيك وقد سألت الله تعالى أن يهبك لي؟ فقال: إن جبريل أخبرني أن بين الجنة والنار مفاوز لا يقطعها إلا كل بكاء.
وروي عن يحيى بن زكريا أنه قال: يا حوباه إني رأيت كأن القيامة قد قامت، وكأن الجبار وضع كرسيه لفصل القضاء، فخررت ميتاً، يا حوباه، هذا إنما رآه روحي، فكيف لو عاينته معاينة. وقام رجل بهذا الكلام في مدينة من مدائن خراسان، فصعق جماعة فماتوا.
وعن إبراهيم بن أدهم، أنه أقبل على بعض إخوانه بطرسوس فقال له: أتحب ان تكون لله تعالى ولياً ويكون لك محباً؟ نعم قال: دع الدنيا والآخرة لله عز وجل، قال: فماذا
أصنع؟ قال: أقبل على ربك بقلبك عليك بوجهه، فإنه بلغني أن الله أوحى إلى يحيى بن زكريا: يا يحيى، إني قضيت على نفسي أن لا يحبني أحد من خلقي أعلم ذلك من نيته إلا كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، وفؤاده الذي يعقل به، فإذا كنت له كذلك بغضت إليه الاشتغال بأحد غيري، وأدمت فكرته، وأسهرت ليله، وأظمأت نهاره، أطلع عليه كل يوم سبعين نظرة، فأرى قلبه مشتغلاً بي، فأزداد من حبي في قلبه نوراً، حتى ينظر بنوري، أقربه مني، وأمسح برأسه، وأضع يدي على ألمه، فإنه لا يشكو إلي ألمه، لأنه مشغول بحبي عن ألم أوجاعه، فإنه يعرف الألم إذا فقدني من قلبه، وعندها يطلبني كما تطلب الوالدة الشفيقة ولدها إذا غاب عنها، أسمع خفقان فؤاده، فأقول: ما قال قلبه، يخفق، فيقول: حقيق على قلبي أن لا يسكن بعد إذ مننت عليه بحبك، فكيف يسكن قلبه يا يحيى وأنا جليسه، وغاية أمنيته؟! وعزتي وجلالي لأبعثنه مبعثاً يغبطه النبيون والمرسلون، ثم آمر منادياً ينادي: هذا حبيب الله وصفيه، دعاه الله إلى زيارته، فإذا جاءني رفعت الحجاب فيما بيني وبينه. فلما ذكر الحجاب صاح يحيى صيحة، فلم يفق ثلاثة أيام. قال: من لم يرض بك صاحباً فبمن يرضى؟ فكيف أصاحب خلقك، وقد دعوتني إلى مصاحبتك؟! سأل يحيى بن زكريا ربه عز وجل قال: رب، اجعلني أسلم على ألسنة الناس ولا يقولون في إلا خيراً، فأوحى الله إليه: يا يحيى، لم أجعل هذا لي، فكيف أجعله لك؟! ظهر إبليس ليحيى بن زكريا، فرأى عليه معاليق، فقال: يا إبليس، ما هذه المعاليق التي أرى عليك؟ قال: هذه الشهوات التي أصبت من بني آدم، قال: فهل لي فيها من شيء؟ قال: لا، قال: فهل تصيب مني شيئاً؟ قال: ربما شبعت فثقلناك عن الصلاة والذكر، فقال له يحيى: هل غير؟ قال: لا، قال: لا جرم والله لا أشبع أبداً. قال إبليس: ولله علي ألا أنصح مسلماً.
لقي يحيى بن زكريا إبليس في صورته، فقال له يا إبليس، أخبرني بأحب الناس إليك، وأبغض الناس إليك، قال: أحب الناس إلي المؤمن البخيل، وأبغضهم إلي الفاسق السمح، قال يحيى: وكيف ذلك؟ قال: لأن البخيل قد كفاني بخله، والفاسق السخي
أتخوف أن يطلع الله عليه في سخائه فيقبله، ثم ولى وهو يقول: لولا أنك يحيى لم أخبرك.
كان عيسى بن مريم أكثر من يحيى بسنتين. فبينا يحيى جالس إذ سمع زجلاً، فقال يحيى: يا روح الله، ما هذا؟ فقال عيسى: إبليس، فقال يحيى: يا روح الله، أرنيه، فقال عيسى: وما حاجتك إليه؟ هو أكذب البرية وأسحر البرية، وأخبث البرية، وأفسق البرية، قال: يا روح الله، أرنيه، فقال عيسى: يا إبليس، تبد له، فتبدى له إبليس، فإذا عليه برنس فيه أباريق من رأسه إلى قدمه، فقال له يحيى: ما هذه الأباريق؟ قال: هي اللذات التي أفتن بها الناس، قال يحيى: فأنشدك بالذي جعل عليك اللعنة إلى يوم الدين، هل أصبتني بشيء منها؟ فقال إبليس: نعم هذه، وأشار بأصبعه إلى شيء فيها عند كعبه، فقال يحيى: وما هي؟ فقال إبليس: إنك رجل تصوم، فأحبب إليك الطعام، لتنهله، فتثقل عن الصلاة، قال يحيى: أما والذي جعل عليك اللعنة إلى يوم الدين لا آكل ما عملته أيدي بني آدم حتى ألقى الله، وكان يأكل من نبت الأرض.
قال وهب بن الورد: تبدى إبليس ليحيى بن زكريا فقال: إني أريد أن أنصحك، فقال: كذبت، أنت لا تنصحني، ولكن أخبرني عن بني آدم قال: هم عندنا على ثلاثة أصناف، أما صنف منهم فهم أشد الأصناف علينا، نقبل عليه حتى نصيبه ونستمكن منه، ثم يفزع إلى الاستغفار والتوبة فيفسد علينا كل شيء أدركنا منه، ثم نعود له فيعود، فلا نحن نأيس منه، ولا نحن ندرك منه حاجتنا، فنحن من ذلك في عناء، وأما الصنف الآخر فهم في أيدينا بمنزلة الكرة في أيدي صبيانكم، نتلقفهم كيف شئنا، قد كفونا أنفسهم، وأما الصنف الآخر فهم مثلك معصومون لا نقدر معهم على شيء. قال يحيى: هل قدرت مني على شيء أبداً؟ قال: لا، إلا مرة واحدة، فإنك قدمت طعاماً تأكله فلم أزل أشهيه إليك حتى أكلت منه أكثر مما تريد، فنمت تلك الليلة، فلم تقم إلى الصلاة كما كنت تقوم إليها،
فقال له يحيى: لا جرم، لا شبعت من طعام أبداً، قال له الخبيث: لا جرم، لا نصحت آدمياً بعدك أبداً.
قال أبي بن كعب: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إن من هوان الدنيا على الله أن يحيى بن زكريا قتلته امرأة ".
قال علي بن الحسين: أقبلنا مع الحسين بن علي، فكان قلما نزلنا منزلاً إلا حدثنا حديث يحيى بن زكريا حيث قتل. قال: كان ملك مات، فترك امرأته وابنته، فورث ملكه أخوه، فأراد أن يتزوج امرأة أخيه، فاستشار يحيى بن زكريا، وكانت الملوك في ذلك الزمان يعملون بأمر الأنبياء، فقال له: لا تتزوجها فإنها بغى، فسمعت المرأة وعرفت أنه من قبل يحيى، فقالت: ليقتلن يحيى، أو ليخرجن من ملكه، فعمدت إلى بنتها فصنعتها، وقالت: اذهبي إلى عمك عندالملأ فإنه يدعوك ويجلسك في حجره، ويقول: سليني ما شئت، فإنك لن تسأليني شيئاً إلا أعطيتك، فقولي: لا أسأل شيئاً إلا رأس يحيى بن زكريا، وكانت الملوك إذا تكلم أحدهم بشيء على رؤوس الملأ ثم لم يمض له نزع من ملكه، ففعلت ذلك، فجعل يأتيه الموت من قتل يحيى، وجعل يأتيه الموت من خروجه من ملكه، فاختار ملكه، فقتله، فساخت بأمها الأرض.
وقيل: إن زكريا حيث قتل ابنه انطلق هارباً منهم، واتبعوه حتى أتى إلى شجرة ذات ساق فدعته إليها، فانطوت عليه، وبقيت من ثوبه هدبة تلفها الريح، فانطلقوا إلى الشجرة فلم يجدوا أثره بعدها، ونظروا بتلك الهدبة، فدعوا بالمنشار، فقطعوا الشجرة، فقطعوه معها.
وعن ابن عباس قال: بعث عيسى بن مريم يحيى بن زكريا في اثني عشر من الحواريين يعلمون الناس، فكانوا فيما يعلمونهم ينهونهم عن نكاح بنت الأخت، وكان لملكهم بنت أخت تعجبه، وكان يريد أن يتزوجها، وكان لها كل يوم حاجة يقضيها. فلما بلغ أمها أنهم نهوا عن نكاح بنت
الأخت قالت لها: إذا قال لك الملك: ألك حاجة؟ فقولي: حاجتي أن تذبح يحيى بن زكريا، ففعلت ذلك، فقال: سليني سوى هذا، قالت: ما أسألك إلا هذا. فلما أبت عليه، دعا بطست ودعا به فذبحه، فندرت قطرة من دمه على الأرض، فلم تزل تغلي، حتى بعث الله بخت نصر عليهم، فألقى في نفسه أن يقتل على ذلك الدم منهم حتى يسكن، فقتل عليه منهم سبعين ألفاً. قالوا: ولما قتله دفع إليها رأسه، فجعلته في طست من ذهب، فأهدته إلى أمها، فجعل الرأس يتكلم في الطست: إنها لا تحل له، ولا يحل لها، ثلاث مرات. فلما رأت الرأس قالت: اليوم قرت عيني، وأمنت على ملكي، فلبست درعاً من حرير، وخماراً من حرير، وملفحة من حرير، وصعدت قصراً لها، وكان لها كلاب تضربها بلحوم الناس، فجعلت تمشي على قصرها، فبعث الله عليها عاصفاً من الريح يلقيها في ثيابها، فألقتها إلى كلابها، فجعلن ينهشنها، وهي تنظر، وكان آخر ما أكلن منها عينيها.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: التي قتلت يحيى بن زكريا امرأة، ورثت الملك عن آبائها، فأتيت برأس يحيى في شيء، فوضع رأسه بين يديها، وهي على سريرها، فجعلت ترفل وجهه بقضيب في يدها، فقيل للأرض: خذيها، فأخذتها وسريرها، فذهب بها. قال: في التوراة مقتلة الأنبياء، قتلت في يوم ستين نبياً، هي في النار على منبر من نار، تصرخ، يسمع صراخها أقصى أهل النار. وقيل: إنه كان ملك دمشق هداد بن هداد وكان قد زوج ابنه ابنة أخيه أزيل ملكة صيدا، وكان حلف بطلاقها ثلاثاً ثم أراد مراجعتها، فاستفتى يحيى بن زكريا صلى الله على نبينا وعليه السلم، فقال يحيى: لا تحل لك حتى تنكح زوجاً غيرك، فحقدت عليه أزيل، وكان للملك ابنة يقال لها: هروسة، وكان يحبها حباً شديداً، وكان
يخرجها إذا قدم عليه وفود الملك، وترقى بين أيديهم، وإذا رقيت قضى لها حاجة، فقدم عليه وفود ملك الهند، فقالت أزيل لابنتها: إذا رقيت وقال: سلي حاجتك، فقولي: حاجتي رأس يحيى بن زكريا، ولا تقبلي منه إلا رأسه، وأعطتها حين أصبحت طبقاً وقالت: إذا قطع رأسه، فاجعليه فوق هذا الطبق، واحمليه، وائتيني به. فلما أصبحت دعاها الملك، فخرجت مزينة، ومعها الطبق، فضرب لها بالطبل والمزمار، ورقيت يومئذ رقياً ما رقيت قبله مثله، فقال لها أبوها: سلي حاجتك، فقالت: حاجتي رأس يحيى بن زكريا، فقال: ويحك، ما تصنعين برأس نبي من أنبياء الله؟! سلي غيره ما شئت، قالت: ما لي حاجة غيره. فإن أعطيتنيه وإلا لم أسألك شيئاً بعده، فقال من حوله من وزراء السوء: اقض حاجتها، وشفعنا في حاجتها، وما رأس يحيى ورأس غيره إلا سواء، فأكثروا عليه، وغلبوه فقال: اذهبوا، وأعطوها رأسه، فخرج السياف، والناس معه حتى أتوه، وهو يصلي في ذلك المسجد الذي عند باب جيرون، فقال يحيى للسياف: بم أمرت؟ قال: أمرت بضرب عنقك، قال: ويحك ما تعلم أني نبي الله؟! قال: بلى، ولكني مأمور، قال: شقاء جدك، وعسى أن تكون صادقاً، فضرب رأسه، فأخذت الرأس فوضعته على الطبق، فجعل يقول من فوق الطبق: إنها لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، فلم يزل الرأس يقول ذلك وهي تمشي حتى انتهت إلى الفسقية فخسف بها، فأخذتها الأرض حتى غيبت قدميها فصاحت، ووقع الرأس والطبق عن رأسها، ثم غيبتها إلى أنصاف ساقيها وهي تصيح، فذهب الصريخ إلى أمها: أدركي ابنتك، قد خسف بها، فجاءت تسعى، فوجدتها في الأرض قد أخذتها وهي تصيح، فجعلت الأرض تغيبها حتى بلغت سرتها، ثم غيبتها حتى بلغت ثدييها، ثم غيبتها حتى بلغت منكبيها، فلما خشيت أمها أن تغيبها الأرض قالت للسياف: اقطع رأسها يكون عندي، فضرب السياف رأسها ورمى به. فلما وقع الرأس لفظتها الأرض وطرحتها. فلم يزالوا بعد ذلك في الذل، حتى بعث الله بخت نصر عقوبة لقتل يحيى بن زكريا، فدخل دمشق من باب توما، وباب شرقي، وأتى الدرج فصعد، فجلس على
الكنيسة فوجد دم يحيى يغلي، ويفور، ويسيل، فعجب لذلك، ثم قال: ما بعثت إلا لأنتصر لهذا الدم، لا أزال أقتل عليه أبداً حتى يسكن ويغيب، فدعا بكرسي، فنصبه، وجلس عليه، ثم أمر بالسيافين، فقاموا، ثم أمر بهم أن يأتوا عشرة عشرة مكتفين، فضرب أعناقهم على الدم، والدم يغلي، ويفور، ويسيل، فقتل يومه ذلك إلى الليل. ثم غدا الوم الثاني فقتل عليه حتى الليل، والدم يغلي، ويفور. ثم غدا عليه اليوم الثالث فقتل عليه خمسة وسبعين ألفاً. قالوا: هي دية كل نبي. فجاء نبي من أنبياء بني إسرائيل يقال له: إرميا، فوقف على الدم فقال: أيها الدم، دم يحيى، فني بنو إسرائيل والناس فيك. قال: فسكن الدم، ورسب حتى غاب، فأمر بالكرسي، فرفع، ورفع السيف. قالوا: وهرب من هرب إلى بيت المقدس، فتبعهم إلى بيت المقدس حتى دخلها وخربها، وقتل فيها وسبى ثم رجع.
وعن علي: في قوله عز وجل: " وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب " إلى " أولاهما " قال: قتل زكريا، وقال: " فإذا جاء وعد الآخرة " مقتل يحيى. والأولى من فساد هذه الأمة مقتل عثمان، والآخرة النفس التي تباح لها قريش.
وعن وهب بن منبه: أن يحيى بن زكريا لما قتل رد الله إليه روحه، وأوقفه بين يديه، فقال له: يا يحيى، هذا عملك الذي عملته، وقد أعطيتك ثواب عملك، لكل واحدة عشراً، الحسنة بعشرة أمثالها، قال: فرأى يحيى ثواب عمله، فإذا قد أعطي من الثواب ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فقالالله: يا يحيى هذا عملك، وهذا ثوابه، فأين نعمائي عليك؟ ثم قال الله عز وجل للملائكة: أخرجوا نعمائي عليه، فأخرجوا نعمة واحدة من نعمه، فإذا قد استوعبت حميع أعماله والثواب، فقال يحيى: إلهي، ما هذه النعمة الجليلة العظيمة التي قد استوعبت عملي وعشرة أضعاف ثوابها؟ فقال الله عز وجل: هذه النعمة الجليلة العظيمة معرفتك بي. قال: فخر يحيى لوجهه، فقال: إلهي جازني برحمتك وبفضلك لا بعملي.
لما قتل يحيى بن زكريا أوحى الله إلى نبي من أنبيائهم أن قل لبني إسرائيل: يا بني إسرائيل، حتى متى تجترئون علي، وتعصونني وتعصون أمري، وتقتلون رسلي؟ وحتى متى أضمكم في كنفي كما تضم الدجاجة أولادها في كنفها؟ اتقوا ألا آخذكم بكل دم من بني آدم إلى يحيى بن زكريا، واتقوا لا أصرف وجهي عنكم فإني إن صرفت وجهي عنكم لم أقبل عليكم إلى يوم القيامة.
وقيل في قتل يحيى: إن بنت الملك همت بأبيها فقالت: لو تزوجت أبي فيجتمع إلي سلطانه دون نسائه، فقالت: يا أبت تزوجني، ودعته إلى نفسها، فقال لها: يا بنية، إن يحيى بن زكريا لا يحل لنا هذا، فقالت: من لي بيحيى بن زكريا، ضيق وحال بيني وبين أن أتزوج أبي، فأغلب على ملكه ودنياه دون النساء، فأمرت اللعاب، وقالت: ادخلوا على أبي فالعبوا، وإذا فرغتم فإنه سيحكمكم، فقولوا: دم يحيى بن زكريا، ولا تقبلوا غيره، وكان الملك إذا حدث فكذب، أو وعد فأخلف، خلع واستبدل به غيره، فلما لعبوا وكثر تعجبه منهم قال: سلوني، قالوا: نسألك دم يحيى بن زكريا، قال: سلوني غير هذا، قالوا: لا نسألك غيره، فخاف على ملكه إن هو أخلفهم أن يخلع، فبعث إلى يحيى بن زكريا، وهو في محرابه يصلي، فذبحوه وحزوا رأسه، واحتمله الرجل في يده، والدم في الطست، ورأسه في يدي الذي يحمله، وهو يقول: لا يحل لك ما تريد. قال: فأعظم الناس قول الرأس وفزعوا إلى ملكهم، حتى بنوا ديراً من على رأس يحيى ودمه. قالوا: وكان ذلك قبل أن يرفع عيسى بسنة ونصف، ورفع عيسى بين أظهرهم بعد ذلك، فعند ذلك حلت بهم الوقعة الثانية.
وعن ابن عباس قال: أوحى الله عز وجل إلى سيدنا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أني قد قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفاً، وإني قاتل بابن ابنتك سبعين ألفاً وسبعين ألفاً.
وعن شمر بن عطية قال: قتل على الصخرة التي في بيت المقدس سبعون نبياً، منهم يحيى بن زكريا.
وعن قرة قال: ما بكت السماء على أحد إلا على يحيى بن زكريا والحسين بن علي، وحمرتها بكاؤها وعن سعيد بن جبير قال: لما قتل يحيى بن زكريا عليه السلام قال بعض أصحابه لصاحب له: ابعث إلي بقيص نبي الله حتى أسمه، فإني قد عرفت أني مقتول، قال: فبعثه إليه فإذا سداه أو لحمته ليف.
قال زيد بن واقد: ولقد رأيت رأس يحيى بن زكريا صلى الله عليهما، حيث أرادوا بناء مسجد دمشق، أخرج من تحت ركن من أركان القبة الذي يلي المحراب مما يلي الشرق، فكانت البشرة والشعر على حاله لم يتغير. وفي رواية عنه: أنا رأيت الرأس الذي يغلي، هو رأس يحيى بن زكريا، طري كأنما قتل الساعة.
ويقال: زكريا بن ادن بن مسلم بن صندوق بن فخشان بن داود بن سليمان بن مسلم بن صندوق بن برخيا بن شفاطنة بن ناحور بن شالوم بن يوشافاط بن انييا بن ابنا بن رخيعم بن سليمان بن داود نبي الله ابن نبيه صلى الله عليهما وأم يحيى ايشاع بنت عمران، اخت مريم بنت عمران.
قيل: إنه كان بدمشق.
عن ابن عباس، في قوله عز وجل: " ذكر رحمة ربك " قال: ذكره الله منه برحمة عبده زكريا كتب دعاءه فذلك قوله: " ذكر رحمة ربك عبده زكريا إذ نادى ربه نداءً خفياً " يعني دعا ربه دعاءً خفياً في الليل، لا يسمع أحداً ويسمع أذنيه، " قال رب إني وهن " يعني: ضعف " العظم مني واشتعل الرأس شيباً " يعني: غلب البياض السواد " ولم أكن بدعائك رب شقياً " أي: إني لم أدعك قط فخيبتني فيما مضى، فتخيبني فيما بقي، فكما لم أشق بدعائي فيما مضى، فكذلك لا أشقى فيما بقي، عودتني الإجابة من نفسك. " وإني خفت الموالي من ورائي " فلم يبق لي وارث، وخفت العصبة أن ترثني " فهب لي من لدنك ولياً " يعني: من عندك ولداً " يرثني " يعني: يرث محرابي وعصاي وبرنس القربان وقلمي الذي أكتب به الوحي " ويرث من آل يعقوب " النبوة " واجعله رب رضياً " يعني: مرضياً عندك.
قوله: " وكانت امرأتي عاقراً " قال ابن عباس: خاف أنها لا تلد فقال: وامرأتي عاقر، وأنت تفعل ما تشاء، فهب لي ولداً، فإذا وهبته فاجعله رب رضياً زاكياً بالعمل، فاستجاب الله له، وكانا قد دخلا في السن هو وامرأته.
فبينا هو قائم يصلي في المحراب حيث يذبح القربان، إذا هو برجل عليه البياض حياله، وهو جبريل عليه السلام فقال: يا زكريا، إن الله يبشرك وهو قوله: " نبشرك بغلام اسمه يحيى " واسم يحيى هو اسم من أسماء الله اشتق من يا حي، سماه الله من فوق عرشه، " لم نجعل له من قبل سمياً ".
قال ابن عباس: لم يجعل لزكريا من قبل يحيى ولداً، نظيرها " هل تعلم له سمياً " يعني: هل تعلم له ولداً، ولم يكن لزكريا قبله ولد، ولم يكن قبل يحيى أحد يسمى يحيى.
قال: وكان اسمه حي، فلما وهب الله لسارة إسحاق، فكان اسمها يسارة، ويسارة من النساء التي لا تلد، وسارة من النساء الطالقة الرحم التي تلد، فسماها سارة، وحول الياء من يسارة إلى يحيى، فسماه يحيى، ثم قال: " مصدقاً بكلمة " يعني: بعيسى " من الله " وكان يحيى أول من صدق بعيسى، وهو ابن ثلاث سنين، وبين يحيى وعيسى ثلاث سنين، وهما ابنا خالة، ثم قال تعالى: " وسيدا " يعني: حليماً " وحصوراً " يعني: لا ماء له، ولا يحتاج إلى النساء.
قال الحسن: فأحيا الله عز وجل ماء صلبه وألاق الجلد على العظم فسمي يحيى لما أحيا الله ماء صلبه.
وقيل: كان اسمه حي لأنه خلق من قحول، والقحول: العتي، يعني: الذي قال الله: " وقد بلغت من الكبر عتياً " يعني قحولاً، قد يبس الجلد على العظم، وانقطع ماء الصلب.
وعن ابن عباس، في قوله: " كذلك قال ربك " يا زكريا " هو علي هين وقد خلقتك من قبل " أن أهب لك يحيى " ولم تك شيئاً " وكذلك أقدر أن أخلق من الكبير والعاقر " قال رب اجعل لي آية " أعرف ذلك إذا استجيب لي، فأوحى الله إليه " قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سوياً " يعني: صحيحاً من غير خرس.
قال ابن عباس: في قوله: " فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه " يعني: فحاضت، فلما طهرت طاف عليها فاستحملت، فأصبح لا يتكلم، فكان إذا أراد التسبيح والصلاة أطلق الله لسانه، فإذا أراد أن يكلم الناس اعتقل لسانه، فلا يستطيع أن يتكلم، وذلك أن إبليس أتاه فقال: يا زكريا، دعاؤك كان دعاءً خفياً، فأجبت بصوت رفيع وبشرت بصوت عال، ذلك الصوت من الشيطان ليس من جبريل، ولا من ربك فلذلك " قال رب اجعل لي آية " حتى أعرف أن هذه البشرى منك. قال الله تعالى: " آيتك " إذا جامعتها على طهر فحملت فإنك تصبح لا تستنكر من نفسك خرساً، ولا سقماً، فتصبح لا تطيق الكلام مع الناس ثلاثة أيام إلا إشارة، تومئ بيدك أو برأسك أو بالحاجبين.
قال ابن عباس: كانت عقوبة له لأنه بشر بالولد فقال: " أنى يكون لي غلام " فخاف أن يكون الصوت من غير الله " فخرج علىقومه من الحراب " يعني: من مصلاه الذي كان يصلي فيه " فأوحى إليهم " بكتاب كتبه بيده " أن سبحوا بكرة وعشياً " يعني: صلاة الغداة والعصر، فقد وهب الله لي يحيى. فولد له يحيى على ما بشره الله نبياً
تقياً صالحاً، قد أنزل الله في ذلك قرآناً على نبيه محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما عنى من قصته " يا يحيى خذ الكتاب بقوة " يعني: بجد وطاعة واجتهاد وشكر، وبالعمل بما فيه " وآتيناه الحكم صبياً " قال ابن عباس: ذلك أنه مر على صبية أتراب له يلعبون على الشاطئ نهر بطين وبماء، فقالوا: يا يحيى، تعال حتى نلعب، فقال: سبحان الله أو للعب خلقنا؟! وعن أبي مسلم، في قوله عز وجل: " يرثني يرث من آل يعقوب " يرثني يرث مالي ويرث من آل يعقوب قال: نبياً كما كان آباؤه أنبياء.
وعن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " يرحم الله زكريا، ما كان عليه من ورثه! ويرحم الله لوطاً إن كان ليأوي إلى ركن شديد " قال قتادة: ولم يبعث نبي إلا في ثروة من قومه بعد لوط، بعث الله محمدا في ثروة من قومه. وعن مجاهد: في قوله: لم نجعل له من قبل سمياً قال: شبهاً. وقال قتادة: لم يسم أحد قبله يحيى. وعن ابن عباس، في قوله عز وجل: " وآتيناه الحكم صبياً " يعني: الفهم صغيراً وحناناً يعني: ورحمة منا وعطفاً وزكاة يعني: وصدقة على زكريا وكان تقياً يعني: مطهراً مطيعاً لله عز وجل.
وعن ابن عباس، في قوله عز وجل: " وبراً بوالديه " قال: كان لا يعصيهما " ولم يكن حباراً " قال: ولم يكن قتال النفس التي حرم الله قتلها " عصياً " يعني: لم يكن عاصياً لربه. " وسلام عليه " يعني: حين سلم الله عليه يوم ولد، ويوم يموت، ويوم يبعث حياً.
قال عمرو بن العاص: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " كل نبي يأتي يوم القيامة وله ذنب إلا ما كان من يحيى بن زكريا " ثم دلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يده إلى الأرض، فأخذ عوداً صغيراً ثم قال: " وذلك أنه لم يكن له ما للرجل إلا مثل هذا العود، كذلك سماه الله " وسيداً وحصوراً ونبياً من الصالحين ".
قال ابن عيينة: أوحش ما يكون ابن آدم في ثلاثة مواطن: يوم يولد فيخرج إلى دار هم، وليلة يبيت مع الموتى فيجاور جيراناً لم ير مثلهم، ويوم يبعث فيشهد مشهداً لم ير مثله قط، قال الله ليحيى بن زكريا في هذه الثلاثة مواطن: " وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حياً ".
وعن الحسن قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قال يحيى بن زكريا لعيسى بن مريم: أنت روح الله وكلمته، وأنت خير مني، فقال عيسى: بل أنت خير مني، سلم الله عليك، وسلمت على نفسي ". والحضور: الذي لا يأتي النساء. والسيد: الذي يطيع الله ولا يعصيه، وقيل: الحليم، وقيل: السيد: الذي يملك غضبه، وقيل: الذي لا يغلبه غضبه، وقيل: سيداً حصوراً: حليماً تقياً، وقيل: السيد: الحسن الخلق، وقيل: سيداً كريماً
على الله، وقيل: الحصور: الذي لا يأتي النساء، وهو المجبوب، وسمي حصوراً لأنه حصر عن الجماع، أي: حبس عنه ومنع منه، جاء على فعول ومعناه مفعول كما قالوا: شاة حلوب، وفرس ركوب.
قال سفيان بن عيينة: خلق يحيى من غير شهوة، فجاء بغير شهوة. يريد أن خلقه كان آية من آيات الله، لم يكن عن شهوة، بشر به، ألا تراه يقول: " قال رب أنى يكون لي غلام وقد بلغني الكبر " الآية.
وعن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خلق الله يحيى بن زكريا في بطن أمه مؤمناً، وخلق فرعون في بطن أمه كافراً ". وعنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يولد العبد مؤمناً، ويحيا مؤمناً، ويموت مؤمناً منهم: يحيى بن زكريا، ويولد العبد كافراً، ويحيا كافراً، ويموت كافراً منهم: فرعون ".
وعن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " رحم الله أخي يحيى حين دعاه الصبيان إلى اللعب وهو صغير، فقال: أللعب خلقنا، فكيف بمن أدرك الحنث من مقاله ".
حدث هشام بن محمد عن أبيه قال: أول نبي بعث آدم، ثم نوح، ثم إبراهيم، ثم إسماعيل وإسحاق، ثم يعقوب، ثم يوسف، ثم لوط، ثم هود، ثم صالح، ثم شعيب، ثم موسى بن عمران، ثم إلياس، ثم اليسع، ثم يونس بن متى، ثم أيوب، ثم داود، ثم سليمان بن داود، ثم زكريا بن لشوى من بني يهود بن يعقوب، ثم يحيى بن زكريا، ثم عيسى بن مريم، ثم النبي محمد صلى الله عليه وعليهم أجمعين.
حدث الحارث الأشعري أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن الله أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات يعمل بهن ويأمر بني إسرائيل أن
يعملوا بهن، فكان يبطئ بهن، فقال له عيسى بن مريم: إنك أمرت بخمس كلمات تعمل بهن، وتأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن، فإما أن تأمرهم بهن وإما أقوم آمرهم بهن. قال يحيى: إنك إن تسبقني بهن أخف أن أعذب أو يخسف بي، فجمع الناس في بيت المقدس حتى امتلأ المسجد، حتى جلس الناس على الشرفات، فوعظ الناس ثم قال: إن الله أمرني بخمس كلمات أعمل بهن، وآمركم أن تعملوا بهن - زاد في رواية: وإنه من يعمل بهن حتى يموت فإنه لا حساب عليه يوم القيامة -: أولهن ألا تشركوا بالله شيئاً، وإن مثل الشرك بالله كمثل رجل اشترى عبداً من خالص ماله بذهب أو ورق، ثم قال: هذي داري وعملي، فاعمل وأود إلي عملك، فجعل يعمل ويؤدي إلى غير سيده، فأيكم يحب أن يكون له عبد كذلك، يؤدي عمله لغير سيده؟ وإن الله هو خلقكم ورزقكم فلا تشركوا بالله شيئاً.
وإن الله أمركم بالصلاة، فإذا نصبتم وجوهكم فلا تلتفوا، فإن الله ينصب وجهه لوجه عبده حين يصلي له، ولا يصرف وجهه عنه حتى يكون هو ينصرف. وآمركم بالصيام، فإن مثل الصائم مثل الصائم مثل رجل معه صرة مسك، فهو في عصابة ليس مع أحد منهم مسك غيره، كلهم يشتهي أن يجد ريحها، وإن فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك. وآمركم بالصقة. قال: مثلها كمثل رجل أسره العدو، فشدوا يده إلى عنقه، فقدموه ليضربوا عنقه فقال: لا تقتلوني، فإني أفدي نفسي منكم بكذا وكذا من المال، فأرسلوه، فجعل يجمع حتى فدى نفسه منه، كذلك الصدقة. وآمركم بكثرة ذكر الله، فإن مثل ذكر الله كمثل رجل طلبه العدو، فانطلقوا في طلبه سراعاً حتى أتى حصناً حصيناً، فأحرز نفسه فيه، فكذلك مثل الشيطان لا يحرز العباد منه أنفسهم إلا بذكر الله ". وقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "
وأنا آمركم بخمس، أمرني الله بهن: الجماعة، والسمع، والطاعة، والهجرة، والجهاد في سبيل الله فمن خرج من الطاعة قدر سبر فقد خلع ربقة الإسلام من رأسه إلا أن يراجع، ومن دعا دعوة جاهلية فإنه من جثى جهنم "، فقال رجل: يا رسول الله، وإن صام وصلى؟ قال: " وإن صام وصلى، فادعوا بدعوة الله الذي سماكم بها المسلمين والمؤمنين جميعاً ".
زاد في رواية في معنى الصلاة: " فمثلها فيكم كمثل رجل يناجي ذا سلطان، والسلطان فوقه يسمع ما يقوله، ولا يتكلم فيه بشيء إلا شفعه فيه، وأقبل إليه بوجههن فأيكم كان يسأم من مناجاة ذي السلطان ما استوفى منه أي في حاجته قبل أن يسأم ذو السلطان "؟ قالوا: لا أحد منا، قال: " فإن الله ليس بصارف وجهه عن عبده، وهو في صلاته حتى يكون هو الذي يصرف وجهه عن ربه، وإن من تقرب إلى الله قيد شبر تقرب منه قيد ذراع، وإنه من تقرب إلى الله قيد ذراع تقرب الله منه قيد يده، ومن يرد الله يرده، وإن الله حليم شكور. ثم على أثرها الصدقة، فمثلها فيكم كمثل رجل يطلب بدم، فأتاه أولياء القتيل، فأخذوه ليقتلوه، فقال لهم: لا تقتلوني، وسموا رضاكم من المال ففعلوا، فأذى إليهم المال أنجماً حتى أكملها فانطلق آمناً لقومه، وانطلق آمناً لعدوه، فأيكم يخشى قومه أن يصدقن الذي له "؟ قالوا: لا أحد منان قال: " فإنها فكاك لأعناقكم من سلاسل النار يوم القيامة ".
وعن ابن عباس قال: كنا في حلقة المسجد نتذاكر فضائل الأنبياء، أيهم أفضل؟ ذكرنا نوحاً وطول عبادته ربه غز وجل، وذكرنا إبراهيم خليل الرحمن، وذكرنا موسى مكلم الله، وذكرنا عيسى بن مريم، وذكرنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلنا: رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أفضل: بعثه الله إلى
الناس كافة، غفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وهو خاتم الأنبياء. قال: فبينا نحن كذلك إذ خرج علينا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: ما تذاكرون بينكم؟ قلنا: يا رسول الله، تذاكرنا فضائل الأنبياء، أيهم أفضل؟ قال: فذكرنا نوحاً وطول عبادته ربه، وذكرنا إبراهيم خليل الرحمن، وذكرنا موسى مكلم الله، وذكرنا عيسى بن مريم. قال: فمن فضلتم؟ قلنا: فضلناك يا رسول الله: بعثك الله إلى الناس كافة، وغفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، وأنت خاتم الأنبياء، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أما إنه لا ينبغي لأحد أن يكون خيراً من يحيى بن زكريا، فقلنا: يا رسول الله، ومن أين ذلك؟ قال: أما سمعتم الله حيث وصفه بالقرآن: " يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبياً " إلى قوله: " ويوم يبعث حياً " " مصدقاً بكلمة من الله وسيداً وحصوراً ونبياً من الصالحين " لم يعمل سيئة قط، ولم يهم بها.
وفي رواية: فخرج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهم يذكرون ذلك، فقال: " أين الشهيد ابن الشهيد يلبس الوبر، ويأكل الشجر مخافة الذنب ". قال: يريد: يحيى بن زكريا.
وعن عائشة أنها قالت للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوماً: يا سيد العرب، فقال: " أنا سيد ولد آدم ولا فخر، وآدم تحت لوائي يوم القيامة ولا فخر، وأبوك سيد كهول العرب، وعلي سيد شباب العرب، والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة إلا ابني الخالة يحيى وعيسى عليهم السلام ".
وعن وهب قال: نادى مناد من السماء إن يحيى بن زكريا سيد من ولدته النساء، وإن جرجيس سيد الشهداء. وعن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " ما من أحد من ولد آدم وقد أخطأ، أو هم بخطيئة ليس يحيى بن زكريا، وما ينبغي لأحد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى.
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ما من نبي إلا أخطأ أو هم بخطيئة غير يحيى بن زكريا، فإنه لم يخطئ، ولم يهم بخطيئته ".
وعن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " كل نبي يلقى الله بذنب قد أذنبه، يعذبه عليه إن شاء، أو يرحمه إلا يحيى بن زكريا، فإنه " كان سيداً وحصوراً ونبياً من الصالحين " فأهوى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى قذاة من الأرض فأخذها وقال: " كان يكره مثل هذهالقذاة ".
وفي رواية: ثم رفع شيئاً من الأرض فقال: " ما كان معه إلا مثل هذا، ثم ذبح ذبحاً ".
وعن ضمرة بن حبيب قال: قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ما تعلت النساء عن ولد ينبغي له أن يقول: أنا أفضل من يحيى بن زكريا. لم يحك في صدره خطيئة، وله يهم بها ".
وعن الحسن قال: بلغني أنه لم يكن أحد من ولد آدم إلا نال منه إبليس، وأصحاب الدنيا إلا ما كان من يحيى بن زكريا عليهم السلام.
وحدث بعضهم ورفع الحديث قال: لعن الله والملائكة رجلاً تأنث، وامرأة تذكرت، ورجلاً تحصن بعد يحيى بن زكريا، ورجلاً قعد على الطريق يستهزئ من أعمى، ورجلاً شبع من الطعام في يوم مسغبة.
أتي عيسى برجل زنى فأمر برجمه، فأخذوا الحجارة، فقال عيسى: لا يرجم رجل عمل عمله، قال: فألقوا الحجارة غير يحيى بن زكريا.
قال أبو سليمان: خرج عيسى بن مريم ويحيى بن زكريا يتماشيان، فصدم يحيى امرأة، فقال له عيسى: يا بن الخالة، لقد أصبت اليوم خطيئة ما أظن أنه يغفر لك أبداً، قال: وما هي يا بن الخالة؟ قال: امرأة صدمتها، قال: والله ما شعرت بها، قال: سبحان الله، بدنك معي فأين روحك؟ قال: معلق بالعرش، ولو أن قلبي اطمأن إلى جبريل لظننت أني ما عرفت الله طرفة عين.
وعن الشافعي أنه قال: لا نعلم أحداً أعطي طاعة الله حتى لم يخلطها بمعصية إلا يحيى بن زكريا، ولا عصى الله فلم يخلط بطاعة، فإذا كان الأغلب الطاعة فهو المعدل، وإذا كان الأغلب المعصية فهو المجرح.
وعن زيد بن ميسرة قال: كان طعام يحيى بن زكريا الجراد وقلوب الشجر، وكان يقول: من أنعم منك يا يحيى؟! طعامك الجراد وقلوب الشجر.
وفي حديث آخر: أن يحيى كان أطيب الناس طعاماً، إنما كان يأكل مع الوحش كراهية أن يخالط الناس في معايشهم.
وعن مجاهد قال: كان طعام يحيى بن زكريا العشب، وإن كان ليبكي من خشية الله، حتى لو كان القار على عينيه لحرقه. ولقد كانت الدموع اتخذت في وجهه مجرى.
وعن خيثمة قال: كان عيسى بن مريم بن زكريا ابني خالة، وكان عيسى يلبس الصوف، وكان يحيى يلبس الوبر، ولم يكن لواحد منهما دينار ولا درهم، ولا عبد ولا أمة، ولا ما يأويان إليه، أينما جنهما الليل أويا، فلما أرادا أن يتفرقا قال له يحيى: أوصني، قال:
لا تغضب، قال: لا أستطيع إلا أن أغضب، قال: فلا تقتن مالاً، قال: أما هذه فعسى.
قال يونس بن ميسرة: مر يحيى بن زكريا على دينار فقال: قبح هذا الوجه يا دينار، يا عبد العبيد، يا معبد الأحرار.
قال عبد الله بن عبد الحميد: مر إبليس بيحيى بن زكريا ومعه رغيف شعير، فقال له: يا يحيى، أنت تزعم أنك زاهد، ومعك رغيف قد ادخرت، فقال له يحيى: يا ملعون، هذا هو القوت، فقال له: يا يحيى، إن أقل من القوت يكفي لمن يموت، فأوحى الله إليه: يا يحيى، اعقل إيش قال لك.
روي عن يحيى بن زكريا أنه قال: لئن كان أهل الجنة لا ينامون للذة ما هم فيه من النعيم، فالصديقون كيف ينامون للذة ما هم فيه من حب الله؟! وكم بين النعمتين، وكم بينهما؟! قال يحيى لعيسى: أوصني يا بن خالة، قال: لا تشاح في ميراث، ولا تأس على ما فاتك، فقال: أنا لا أفرح بما جاءني منها، فكيف آسى على ما فاتني، فقال: لا تغضب، قال: فكيف لي بأن لا أغضب؟! وروى أن يحيى وعيسى التقيا، فقال له يحيى: يا روح الله وكلمته، ما أشد ما خلق الله؟ قال: غضب الله أشد، قال: يا روح الله وكلمته، دلني على عمل يباعد من غضب الله، قال: يباعدك من غضب الله ألا تغضب فيغضب عليك، قال: فما الذي يبدي الغضب؟ قال: التعزز والفخر والحمية. قال: يا روح الله، دلني على عمل يباعدني من النار، قال: لا تزن، قال: كيف بدء الزنا؟ قال: النظرة ثم تردفها التمني والشهوة.
قال وهيب بن الورد: فقد زكريا ابنه يحيى ثلاثة أيام، فخرج يلتمسه في البرية، فإذا هو قد احتفر قبراً، وأقام فيه يبكي على نفسه، فقال: يا بني، أنا أطلبك منذ ثلاثة أيام، وأنت في قبر قد احتفرته قائم تبكي فيه؟ فقال: يا أبه، ألست أنت أخبرتني أن بين الجنة والنار مفازة لا تقطع إلا بدموع البكائين؟ فقال له: ابك يا بني، فبكيا جميعاً.
وفي رواية: فقال له: يا أبت، أنت حدثتني عن جبريل صلى الله عليه مسلم أنه أخبرك أن بين يدي الجنة والنار مفازة لا يطفئ حرها إلا الدموع، فقال له: فابك يا بني.
شبع يحيى بن زكريا ليلة من خبز الشعير، فنام عن جزئه حتى أصبح، فأوحى الله إليه: يا يحيى، هل وجدت داراً خيراً لك من داري؟ وجواراً خيراً لك من جواري؟ وعزتي يا يحيى، لو اطلعت إلى الفردوس اطلاعةً لذاب جسمك، وزهقت نفسك اشتياقاً، ولو اطلعت إلى جهنم اطلاعة لبكيت الصديد بعد الدموع، وللبست الحديد بعد المسوح.
وعن مجاهد: أن يحيى بكى حتى قرحت دموعه وجنتيه، فقال له زكريا: يا بني، ما يبكيك وقد سألت الله تعالى أن يهبك لي؟ فقال: إن جبريل أخبرني أن بين الجنة والنار مفاوز لا يقطعها إلا كل بكاء.
وروي عن يحيى بن زكريا أنه قال: يا حوباه إني رأيت كأن القيامة قد قامت، وكأن الجبار وضع كرسيه لفصل القضاء، فخررت ميتاً، يا حوباه، هذا إنما رآه روحي، فكيف لو عاينته معاينة. وقام رجل بهذا الكلام في مدينة من مدائن خراسان، فصعق جماعة فماتوا.
وعن إبراهيم بن أدهم، أنه أقبل على بعض إخوانه بطرسوس فقال له: أتحب ان تكون لله تعالى ولياً ويكون لك محباً؟ نعم قال: دع الدنيا والآخرة لله عز وجل، قال: فماذا
أصنع؟ قال: أقبل على ربك بقلبك عليك بوجهه، فإنه بلغني أن الله أوحى إلى يحيى بن زكريا: يا يحيى، إني قضيت على نفسي أن لا يحبني أحد من خلقي أعلم ذلك من نيته إلا كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، وفؤاده الذي يعقل به، فإذا كنت له كذلك بغضت إليه الاشتغال بأحد غيري، وأدمت فكرته، وأسهرت ليله، وأظمأت نهاره، أطلع عليه كل يوم سبعين نظرة، فأرى قلبه مشتغلاً بي، فأزداد من حبي في قلبه نوراً، حتى ينظر بنوري، أقربه مني، وأمسح برأسه، وأضع يدي على ألمه، فإنه لا يشكو إلي ألمه، لأنه مشغول بحبي عن ألم أوجاعه، فإنه يعرف الألم إذا فقدني من قلبه، وعندها يطلبني كما تطلب الوالدة الشفيقة ولدها إذا غاب عنها، أسمع خفقان فؤاده، فأقول: ما قال قلبه، يخفق، فيقول: حقيق على قلبي أن لا يسكن بعد إذ مننت عليه بحبك، فكيف يسكن قلبه يا يحيى وأنا جليسه، وغاية أمنيته؟! وعزتي وجلالي لأبعثنه مبعثاً يغبطه النبيون والمرسلون، ثم آمر منادياً ينادي: هذا حبيب الله وصفيه، دعاه الله إلى زيارته، فإذا جاءني رفعت الحجاب فيما بيني وبينه. فلما ذكر الحجاب صاح يحيى صيحة، فلم يفق ثلاثة أيام. قال: من لم يرض بك صاحباً فبمن يرضى؟ فكيف أصاحب خلقك، وقد دعوتني إلى مصاحبتك؟! سأل يحيى بن زكريا ربه عز وجل قال: رب، اجعلني أسلم على ألسنة الناس ولا يقولون في إلا خيراً، فأوحى الله إليه: يا يحيى، لم أجعل هذا لي، فكيف أجعله لك؟! ظهر إبليس ليحيى بن زكريا، فرأى عليه معاليق، فقال: يا إبليس، ما هذه المعاليق التي أرى عليك؟ قال: هذه الشهوات التي أصبت من بني آدم، قال: فهل لي فيها من شيء؟ قال: لا، قال: فهل تصيب مني شيئاً؟ قال: ربما شبعت فثقلناك عن الصلاة والذكر، فقال له يحيى: هل غير؟ قال: لا، قال: لا جرم والله لا أشبع أبداً. قال إبليس: ولله علي ألا أنصح مسلماً.
لقي يحيى بن زكريا إبليس في صورته، فقال له يا إبليس، أخبرني بأحب الناس إليك، وأبغض الناس إليك، قال: أحب الناس إلي المؤمن البخيل، وأبغضهم إلي الفاسق السمح، قال يحيى: وكيف ذلك؟ قال: لأن البخيل قد كفاني بخله، والفاسق السخي
أتخوف أن يطلع الله عليه في سخائه فيقبله، ثم ولى وهو يقول: لولا أنك يحيى لم أخبرك.
كان عيسى بن مريم أكثر من يحيى بسنتين. فبينا يحيى جالس إذ سمع زجلاً، فقال يحيى: يا روح الله، ما هذا؟ فقال عيسى: إبليس، فقال يحيى: يا روح الله، أرنيه، فقال عيسى: وما حاجتك إليه؟ هو أكذب البرية وأسحر البرية، وأخبث البرية، وأفسق البرية، قال: يا روح الله، أرنيه، فقال عيسى: يا إبليس، تبد له، فتبدى له إبليس، فإذا عليه برنس فيه أباريق من رأسه إلى قدمه، فقال له يحيى: ما هذه الأباريق؟ قال: هي اللذات التي أفتن بها الناس، قال يحيى: فأنشدك بالذي جعل عليك اللعنة إلى يوم الدين، هل أصبتني بشيء منها؟ فقال إبليس: نعم هذه، وأشار بأصبعه إلى شيء فيها عند كعبه، فقال يحيى: وما هي؟ فقال إبليس: إنك رجل تصوم، فأحبب إليك الطعام، لتنهله، فتثقل عن الصلاة، قال يحيى: أما والذي جعل عليك اللعنة إلى يوم الدين لا آكل ما عملته أيدي بني آدم حتى ألقى الله، وكان يأكل من نبت الأرض.
قال وهب بن الورد: تبدى إبليس ليحيى بن زكريا فقال: إني أريد أن أنصحك، فقال: كذبت، أنت لا تنصحني، ولكن أخبرني عن بني آدم قال: هم عندنا على ثلاثة أصناف، أما صنف منهم فهم أشد الأصناف علينا، نقبل عليه حتى نصيبه ونستمكن منه، ثم يفزع إلى الاستغفار والتوبة فيفسد علينا كل شيء أدركنا منه، ثم نعود له فيعود، فلا نحن نأيس منه، ولا نحن ندرك منه حاجتنا، فنحن من ذلك في عناء، وأما الصنف الآخر فهم في أيدينا بمنزلة الكرة في أيدي صبيانكم، نتلقفهم كيف شئنا، قد كفونا أنفسهم، وأما الصنف الآخر فهم مثلك معصومون لا نقدر معهم على شيء. قال يحيى: هل قدرت مني على شيء أبداً؟ قال: لا، إلا مرة واحدة، فإنك قدمت طعاماً تأكله فلم أزل أشهيه إليك حتى أكلت منه أكثر مما تريد، فنمت تلك الليلة، فلم تقم إلى الصلاة كما كنت تقوم إليها،
فقال له يحيى: لا جرم، لا شبعت من طعام أبداً، قال له الخبيث: لا جرم، لا نصحت آدمياً بعدك أبداً.
قال أبي بن كعب: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إن من هوان الدنيا على الله أن يحيى بن زكريا قتلته امرأة ".
قال علي بن الحسين: أقبلنا مع الحسين بن علي، فكان قلما نزلنا منزلاً إلا حدثنا حديث يحيى بن زكريا حيث قتل. قال: كان ملك مات، فترك امرأته وابنته، فورث ملكه أخوه، فأراد أن يتزوج امرأة أخيه، فاستشار يحيى بن زكريا، وكانت الملوك في ذلك الزمان يعملون بأمر الأنبياء، فقال له: لا تتزوجها فإنها بغى، فسمعت المرأة وعرفت أنه من قبل يحيى، فقالت: ليقتلن يحيى، أو ليخرجن من ملكه، فعمدت إلى بنتها فصنعتها، وقالت: اذهبي إلى عمك عندالملأ فإنه يدعوك ويجلسك في حجره، ويقول: سليني ما شئت، فإنك لن تسأليني شيئاً إلا أعطيتك، فقولي: لا أسأل شيئاً إلا رأس يحيى بن زكريا، وكانت الملوك إذا تكلم أحدهم بشيء على رؤوس الملأ ثم لم يمض له نزع من ملكه، ففعلت ذلك، فجعل يأتيه الموت من قتل يحيى، وجعل يأتيه الموت من خروجه من ملكه، فاختار ملكه، فقتله، فساخت بأمها الأرض.
وقيل: إن زكريا حيث قتل ابنه انطلق هارباً منهم، واتبعوه حتى أتى إلى شجرة ذات ساق فدعته إليها، فانطوت عليه، وبقيت من ثوبه هدبة تلفها الريح، فانطلقوا إلى الشجرة فلم يجدوا أثره بعدها، ونظروا بتلك الهدبة، فدعوا بالمنشار، فقطعوا الشجرة، فقطعوه معها.
وعن ابن عباس قال: بعث عيسى بن مريم يحيى بن زكريا في اثني عشر من الحواريين يعلمون الناس، فكانوا فيما يعلمونهم ينهونهم عن نكاح بنت الأخت، وكان لملكهم بنت أخت تعجبه، وكان يريد أن يتزوجها، وكان لها كل يوم حاجة يقضيها. فلما بلغ أمها أنهم نهوا عن نكاح بنت
الأخت قالت لها: إذا قال لك الملك: ألك حاجة؟ فقولي: حاجتي أن تذبح يحيى بن زكريا، ففعلت ذلك، فقال: سليني سوى هذا، قالت: ما أسألك إلا هذا. فلما أبت عليه، دعا بطست ودعا به فذبحه، فندرت قطرة من دمه على الأرض، فلم تزل تغلي، حتى بعث الله بخت نصر عليهم، فألقى في نفسه أن يقتل على ذلك الدم منهم حتى يسكن، فقتل عليه منهم سبعين ألفاً. قالوا: ولما قتله دفع إليها رأسه، فجعلته في طست من ذهب، فأهدته إلى أمها، فجعل الرأس يتكلم في الطست: إنها لا تحل له، ولا يحل لها، ثلاث مرات. فلما رأت الرأس قالت: اليوم قرت عيني، وأمنت على ملكي، فلبست درعاً من حرير، وخماراً من حرير، وملفحة من حرير، وصعدت قصراً لها، وكان لها كلاب تضربها بلحوم الناس، فجعلت تمشي على قصرها، فبعث الله عليها عاصفاً من الريح يلقيها في ثيابها، فألقتها إلى كلابها، فجعلن ينهشنها، وهي تنظر، وكان آخر ما أكلن منها عينيها.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: التي قتلت يحيى بن زكريا امرأة، ورثت الملك عن آبائها، فأتيت برأس يحيى في شيء، فوضع رأسه بين يديها، وهي على سريرها، فجعلت ترفل وجهه بقضيب في يدها، فقيل للأرض: خذيها، فأخذتها وسريرها، فذهب بها. قال: في التوراة مقتلة الأنبياء، قتلت في يوم ستين نبياً، هي في النار على منبر من نار، تصرخ، يسمع صراخها أقصى أهل النار. وقيل: إنه كان ملك دمشق هداد بن هداد وكان قد زوج ابنه ابنة أخيه أزيل ملكة صيدا، وكان حلف بطلاقها ثلاثاً ثم أراد مراجعتها، فاستفتى يحيى بن زكريا صلى الله على نبينا وعليه السلم، فقال يحيى: لا تحل لك حتى تنكح زوجاً غيرك، فحقدت عليه أزيل، وكان للملك ابنة يقال لها: هروسة، وكان يحبها حباً شديداً، وكان
يخرجها إذا قدم عليه وفود الملك، وترقى بين أيديهم، وإذا رقيت قضى لها حاجة، فقدم عليه وفود ملك الهند، فقالت أزيل لابنتها: إذا رقيت وقال: سلي حاجتك، فقولي: حاجتي رأس يحيى بن زكريا، ولا تقبلي منه إلا رأسه، وأعطتها حين أصبحت طبقاً وقالت: إذا قطع رأسه، فاجعليه فوق هذا الطبق، واحمليه، وائتيني به. فلما أصبحت دعاها الملك، فخرجت مزينة، ومعها الطبق، فضرب لها بالطبل والمزمار، ورقيت يومئذ رقياً ما رقيت قبله مثله، فقال لها أبوها: سلي حاجتك، فقالت: حاجتي رأس يحيى بن زكريا، فقال: ويحك، ما تصنعين برأس نبي من أنبياء الله؟! سلي غيره ما شئت، قالت: ما لي حاجة غيره. فإن أعطيتنيه وإلا لم أسألك شيئاً بعده، فقال من حوله من وزراء السوء: اقض حاجتها، وشفعنا في حاجتها، وما رأس يحيى ورأس غيره إلا سواء، فأكثروا عليه، وغلبوه فقال: اذهبوا، وأعطوها رأسه، فخرج السياف، والناس معه حتى أتوه، وهو يصلي في ذلك المسجد الذي عند باب جيرون، فقال يحيى للسياف: بم أمرت؟ قال: أمرت بضرب عنقك، قال: ويحك ما تعلم أني نبي الله؟! قال: بلى، ولكني مأمور، قال: شقاء جدك، وعسى أن تكون صادقاً، فضرب رأسه، فأخذت الرأس فوضعته على الطبق، فجعل يقول من فوق الطبق: إنها لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، فلم يزل الرأس يقول ذلك وهي تمشي حتى انتهت إلى الفسقية فخسف بها، فأخذتها الأرض حتى غيبت قدميها فصاحت، ووقع الرأس والطبق عن رأسها، ثم غيبتها إلى أنصاف ساقيها وهي تصيح، فذهب الصريخ إلى أمها: أدركي ابنتك، قد خسف بها، فجاءت تسعى، فوجدتها في الأرض قد أخذتها وهي تصيح، فجعلت الأرض تغيبها حتى بلغت سرتها، ثم غيبتها حتى بلغت ثدييها، ثم غيبتها حتى بلغت منكبيها، فلما خشيت أمها أن تغيبها الأرض قالت للسياف: اقطع رأسها يكون عندي، فضرب السياف رأسها ورمى به. فلما وقع الرأس لفظتها الأرض وطرحتها. فلم يزالوا بعد ذلك في الذل، حتى بعث الله بخت نصر عقوبة لقتل يحيى بن زكريا، فدخل دمشق من باب توما، وباب شرقي، وأتى الدرج فصعد، فجلس على
الكنيسة فوجد دم يحيى يغلي، ويفور، ويسيل، فعجب لذلك، ثم قال: ما بعثت إلا لأنتصر لهذا الدم، لا أزال أقتل عليه أبداً حتى يسكن ويغيب، فدعا بكرسي، فنصبه، وجلس عليه، ثم أمر بالسيافين، فقاموا، ثم أمر بهم أن يأتوا عشرة عشرة مكتفين، فضرب أعناقهم على الدم، والدم يغلي، ويفور، ويسيل، فقتل يومه ذلك إلى الليل. ثم غدا الوم الثاني فقتل عليه حتى الليل، والدم يغلي، ويفور. ثم غدا عليه اليوم الثالث فقتل عليه خمسة وسبعين ألفاً. قالوا: هي دية كل نبي. فجاء نبي من أنبياء بني إسرائيل يقال له: إرميا، فوقف على الدم فقال: أيها الدم، دم يحيى، فني بنو إسرائيل والناس فيك. قال: فسكن الدم، ورسب حتى غاب، فأمر بالكرسي، فرفع، ورفع السيف. قالوا: وهرب من هرب إلى بيت المقدس، فتبعهم إلى بيت المقدس حتى دخلها وخربها، وقتل فيها وسبى ثم رجع.
وعن علي: في قوله عز وجل: " وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب " إلى " أولاهما " قال: قتل زكريا، وقال: " فإذا جاء وعد الآخرة " مقتل يحيى. والأولى من فساد هذه الأمة مقتل عثمان، والآخرة النفس التي تباح لها قريش.
وعن وهب بن منبه: أن يحيى بن زكريا لما قتل رد الله إليه روحه، وأوقفه بين يديه، فقال له: يا يحيى، هذا عملك الذي عملته، وقد أعطيتك ثواب عملك، لكل واحدة عشراً، الحسنة بعشرة أمثالها، قال: فرأى يحيى ثواب عمله، فإذا قد أعطي من الثواب ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فقالالله: يا يحيى هذا عملك، وهذا ثوابه، فأين نعمائي عليك؟ ثم قال الله عز وجل للملائكة: أخرجوا نعمائي عليه، فأخرجوا نعمة واحدة من نعمه، فإذا قد استوعبت حميع أعماله والثواب، فقال يحيى: إلهي، ما هذه النعمة الجليلة العظيمة التي قد استوعبت عملي وعشرة أضعاف ثوابها؟ فقال الله عز وجل: هذه النعمة الجليلة العظيمة معرفتك بي. قال: فخر يحيى لوجهه، فقال: إلهي جازني برحمتك وبفضلك لا بعملي.
لما قتل يحيى بن زكريا أوحى الله إلى نبي من أنبيائهم أن قل لبني إسرائيل: يا بني إسرائيل، حتى متى تجترئون علي، وتعصونني وتعصون أمري، وتقتلون رسلي؟ وحتى متى أضمكم في كنفي كما تضم الدجاجة أولادها في كنفها؟ اتقوا ألا آخذكم بكل دم من بني آدم إلى يحيى بن زكريا، واتقوا لا أصرف وجهي عنكم فإني إن صرفت وجهي عنكم لم أقبل عليكم إلى يوم القيامة.
وقيل في قتل يحيى: إن بنت الملك همت بأبيها فقالت: لو تزوجت أبي فيجتمع إلي سلطانه دون نسائه، فقالت: يا أبت تزوجني، ودعته إلى نفسها، فقال لها: يا بنية، إن يحيى بن زكريا لا يحل لنا هذا، فقالت: من لي بيحيى بن زكريا، ضيق وحال بيني وبين أن أتزوج أبي، فأغلب على ملكه ودنياه دون النساء، فأمرت اللعاب، وقالت: ادخلوا على أبي فالعبوا، وإذا فرغتم فإنه سيحكمكم، فقولوا: دم يحيى بن زكريا، ولا تقبلوا غيره، وكان الملك إذا حدث فكذب، أو وعد فأخلف، خلع واستبدل به غيره، فلما لعبوا وكثر تعجبه منهم قال: سلوني، قالوا: نسألك دم يحيى بن زكريا، قال: سلوني غير هذا، قالوا: لا نسألك غيره، فخاف على ملكه إن هو أخلفهم أن يخلع، فبعث إلى يحيى بن زكريا، وهو في محرابه يصلي، فذبحوه وحزوا رأسه، واحتمله الرجل في يده، والدم في الطست، ورأسه في يدي الذي يحمله، وهو يقول: لا يحل لك ما تريد. قال: فأعظم الناس قول الرأس وفزعوا إلى ملكهم، حتى بنوا ديراً من على رأس يحيى ودمه. قالوا: وكان ذلك قبل أن يرفع عيسى بسنة ونصف، ورفع عيسى بين أظهرهم بعد ذلك، فعند ذلك حلت بهم الوقعة الثانية.
وعن ابن عباس قال: أوحى الله عز وجل إلى سيدنا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أني قد قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفاً، وإني قاتل بابن ابنتك سبعين ألفاً وسبعين ألفاً.
وعن شمر بن عطية قال: قتل على الصخرة التي في بيت المقدس سبعون نبياً، منهم يحيى بن زكريا.
وعن قرة قال: ما بكت السماء على أحد إلا على يحيى بن زكريا والحسين بن علي، وحمرتها بكاؤها وعن سعيد بن جبير قال: لما قتل يحيى بن زكريا عليه السلام قال بعض أصحابه لصاحب له: ابعث إلي بقيص نبي الله حتى أسمه، فإني قد عرفت أني مقتول، قال: فبعثه إليه فإذا سداه أو لحمته ليف.
قال زيد بن واقد: ولقد رأيت رأس يحيى بن زكريا صلى الله عليهما، حيث أرادوا بناء مسجد دمشق، أخرج من تحت ركن من أركان القبة الذي يلي المحراب مما يلي الشرق، فكانت البشرة والشعر على حاله لم يتغير. وفي رواية عنه: أنا رأيت الرأس الذي يغلي، هو رأس يحيى بن زكريا، طري كأنما قتل الساعة.
يَحْيَى بْنُ مَعِينِ بْنِ عَوْنِ بْنِ زِيَادٍ بن بسطام بن عبد الرحمن، وقيل: يحيى بن معين بن غياث بن زياد بن عون بن بسطام، أبو زكريا المري، مرة غطفان:
سمع عبد الله بن المبارك، وهشاما، وعيسى بن يونس، وسفيان بن عيينة، وغندرًا
ومعاذ بن معاذ، ويحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، ووكيعًا، وأبا معاوية، في أمثالِهم. روى عنه أَحْمَد بْن حنبل، وأبو خيثمة زهير بن حرب، ومحمّد ابن سعد الكاتب، ويعقوب وأحمد الدورقيان، ومحمد بْن إِسْحَاق الصاغاني وعباس الدوري، ويعقوب بن شيبة، ومحمد بْن إِسْمَاعِيل البخاري، وأحمد بْن أَبِي خيثمة، وحنبل بن إِسْحَاق، وأبو داود السجستاني، وجعفر الطيالسي، والْحُسَيْن بن فهم، وعبد اللَّه بن أَحْمَد بن حنبل، وإبراهيم بن الجنيد، وغيرهم. وكان إمامًا ربَّانيًا، عالِمًا حافظًا، ثبتا متقنًا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن رزق قال: أخبرنا إسماعيل بن علي الخطبي، حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن فَهْم قَالَ: سمعتُ يَحْيَى بْن معين يَقُولُ: ولدت فِي خلافة أبي جَعْفَر سنة ثَمان وخَمْسين ومائة فِي آخرها.
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَالِينِيُّ- قِرَاءَةً- أخبرنا عبد الله بن عدي الحافظ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن خَلَف بْن المرزبان قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْعَبَّاس الْمَرْوَزِيّ قَالَ: كَانَ يَحْيَى من قرية نحو الأنبار يقَالُ لَها نِقْيَا ويُقالُ إن فرعونَ كَانَ من أهل نِقْيَا.
أَخْبَرَنَا حمزة بن محمّد بن طاهر، حدثنا الوليد بن بكر الأندلسي، حدثنا علي بن أحمد بن زكريا الهاشمي، حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي قال:
حدثني أبي قال: يَحْيَى بْن مَعين من أهل الأنبار عَلَى اثني عشر فَرْسَخًا من بغداد، كَانَ أبوهُ كاتبًا لعبد الله بْن مالك.
أَخْبَرَنَا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن الحرشي وأبو سعيد محمّد بن موسى
الصيرفِي قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّد بْن يعقوب الأصم قَالَ: سمعتُ الْعَبَّاس بْن مُحَمَّد الدوري يقول: سمعت يحيى بن معين يقول بالبصرة- وسأله عبّاس العنبري- ونحن عِنْدَ عَبَّاس النرسي نسمعُ منه. فقال لَهُ: يا أَبَا زكريا من أي العرب أنت؟ قَالَ:
لستُ من العرب، ولكني مولى للعرب.
أخبرنا الصيمري، حدثنا علي بن الحسن الرّازيّ، حدثنا محمّد بن الحسين الزّعفرانيّ، حَدَّثَنَا أحمد بن زهير قَالَ: سمعت يحيى بن معين يقول: أنا مولى للجنيد ابن عَبْد الرَّحْمَن المرِّي.
أَخْبَرَنَا أَبُو سعد الماليني، حَدَّثَنَا عَبْد الله بْن عدي قَالَ: أَخْبَرَنِي شيخٌ كاتب ببغداد فِي حلقة أبي عمران بْن الأشيب ذكر أَنَّهُ ابن عم ليحيى بْن معين قَالَ: كَانَ معين عَلَى خراج الري، فمات فخلف لابنه يَحْيَى ألف ألف درهم وخمسين ألف درهم. فأنفقه كله عَلَى الحديث حتى لم يبق لَهُ نعلٌ يلبسهُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفتح منصور بْن ربيعة الزُّهْرِيّ الخطيب- بالدينور- أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن علي بن راشد، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن يَحْيَى بْن الجارود قَالَ: قَالَ عَلِيّ ابْن الْمَدِينِيّ: انتهى العلم بالبصرة إلى يَحْيَى بْن أبي كثير وقتادة، وعلمُ الكوفة إلى أبي إِسْحَاق والأعمش، وانتهى علم الحجاز إلى ابن شهاب وعمرو بْن دينار، وصار علمُ هَؤُلَاءِ الستة إلى اثني عشر رجلا منهم بالبصرة سَعِيد بْن أبي عروبة، وشعبة، ومعْمَر، وحمّاد بْن سلمة، وأبو عوانة، ومن أهل الكوفة سُفيان الثوري وَسُفْيَان بْن عيينة، ومن أهل الحجاز مالك بْن أنس، ومن أهل الشام إلى الأوزاعي. وانتهى علم هؤلاء إلى محمّد بن إسحاق، وهشام، ويحيى بن سعيد بن أبي زائدة، ووكيع، وابن المبارك- وهو أوسعُ هَؤُلَاءِ عِلْمًا- وابن مهدي، وابن آدم. فصارَ علم هَؤُلَاءِ جميعًا إلى يَحْيَى ابن معين.
أخبرني محمّد بن علي المقرئ، أخبرنا أبو مسلم بن مهران، أخبرنا عبد المؤمن بن خلف النسفي قال: سمعت أَبَا عَلِيٍّ صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ يَقُولُ: سمعت علي بن الْمَدِينِيّ يَقُولُ: انتهى علمُ الحجاز إلى الزُّهْرِيّ وعمرو بْن دينار، وعلمُ الكوفة إلى الأعمش وأبي إِسْحَاق، وعلمُ أهل البصرة إلى قتادة ويحيى بْن أبي كثير. وذكر كلامًا وقال:
ثُمَّ وجدتُ علم هَؤُلَاءِ انتهى إلى يَحْيَى بن معين.
أخبرنا ابن رزق، أخبرنا أحمد بن إسحاق بن وهب البندار، حدثنا علي بن أحمد ابن النّضر قال: قال علي بن الْمَدِينِيّ: انتهى العلم إلى يَحْيَى بْن آدم، وبعده إلى يحيى ابن معين.
أخبرنا أبو الوليد الحسن بن علي بن محمّد الدربندي، أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان الحافظ- ببخاري- حَدَّثَنَا خَلَف بْن مُحَمَّد قَالَ: سمعتُ أَبَا علي صالح بن محمد يقول: سمعت علي بن الْمَدِينِيّ يَقُولُ: انتهى علم الناس إلى يَحْيَى بْن معين.
أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن الْحُسَيْن- صاحب العبّاسي- أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر الخلال، حَدَّثَنَا محمّد بن إسماعيل الفارسي، حدثنا بكر بن سهل، حدثنا عبد الخالق بن منصور قال: قلت لابن الرومي: سمعتُ أَبَا سَعِيد الحداد يَقُولُ: لولا يَحْيَى بْن معين ما كتبتُ الحديث. فقال لي ابن الرومي: وما تعجب فو الله لقد نفعنا الله بِهِ، ولقد كَانَ المحدث يحدثنا لكرامته ما لم يكن نحدث بِهِ أنفسنا. قلت لابن الرومي: فإنّ أَبَا سَعِيد الحداد حدَّثَنِي قَالَ: إنا لنذهبُ إلى المحدث فننظرُ فِي كتبه فلا نَرى فيها إلا كل حديث صحيح، حتى يجيء أَبُو زكريا فأول شيء يقعُ فِي يده يقع الخطأ، ولولا أَنَّهُ عرّفناهُ لَم نعرفه. فقال لي ابن الرومي: وما تعجب لقد كُنَّا فِي مجلس لبعض أصحابنا، فقلتُ لَهُ: يا أَبَا زكريا نُفيدك حديثًا من أحسن حديث يكون- وفينا يومئذ علي وَأَحْمَد وقد سمعوه- فقال: وما هُوَ؟ قُلْنَا: حديث كذا وكذا، فقال: هذا غلطٌ، فكان كما قَالَ.
قَالَ: وسمعتُ ابن الرومي يَقُولُ: كنتُ عِنْدَ أَحْمَد فجاءه رجلٌ فقال: يا أَبَا عَبْد الله انظر فِي هذه الأحاديث فإنَّ فيها خطأ، قَالَ: عليك بأبي زكريا فإنه يعرف الخطأ.
وقال عَبْد الخالق: قلتُ لابن الرومي: حدَّثَنِي أَبُو عمرو أَنَّهُ سَمِعَ أَحْمَد بْن حنبل يَقُولُ: السماع من يَحْيَى بْن معين شِفاء لِما فِي الصدور. فقال لي: وما تعجب من هذا؟ كنتُ أختلف أَنَا وَأَحْمَد إلى يعقوب بْن إِبْرَاهِيم فِي المغازي ويحيى بالبصرة، فقال أَحْمَد: ليت أن يحيى هاهنا. قلت لَهُ: وما تصنعُ بِهِ؟ قَالَ: يعرف الخطأ.
أَخْبَرَنَا عُبيد الله بْن عُمَر الواعظ، حدثنا أبي، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَبْد الله بْن سالِم، حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن سهل قَالَ: سمعتُ أَحْمَد بْن حنبل فِي دهليز عفان يَقُولُ لعبد الله بن
الرومي: ليت أن أَبَا زكريا قد قَدِمَ- يعني ابن معين- فقال لَهُ اليمامي ما تصنعُ بقدومه؟ يُعيد علينا ما قد سَمعنا، فقال لَهُ أَحْمَد: اسكت هُوَ يعرفُ خطأ الحديث.
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيد الصيرفي قَالَ: سمعتُ أَبَا الْعَبَّاس مُحَمَّد بْن يعقوب الأصم يَقُولُ:
سمعتُ الْعَبَّاس الدوري يَقُولُ: رأيتُ أَحْمَد بْن حنبل فِي مجلس رَوْح بْن عُبادة سنة خمس ومائتين يسأل يَحْيَى بْن معين عَن أشياء يَقُولُ لَهُ: يا أَبَا زكريا كيف حديث كذا، وكيف حديث كذا، يريد أَحْمَد أن يستثبته فِي أحاديث قد سمعوها. فما قَالَ يَحْيَى كتبه أَحْمَد. وقلما سمعتُ أَحْمَد بْن حنبل يُسمي يَحْيَى بْن معين باسمه، إنّما كَانَ يَقُولُ قَالَ أَبُو زكريّا قاله أَبُو زكريا.
أَنْبَأنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحمد أبو سعد الهرويّ، أخبرنا عبد الرّحمن بن محمّد الإدريسي، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى الْبُخَاريّ- بِهَا- قَالَ:
سمعتُ الْحُسَيْن بْن إِسْمَاعِيل الفارسي يَقُولُ: سمعتُ أَبَا مقاتل سُلَيْمَان بْن عَبْد الله يَقُولُ: سمعتُ أَحْمَد بْن حنبل يقول: هاهنا رجلٌ خلقه الله لِهذا الشأن، يُظهر كذب الكذابين- يعني يَحْيَى بْن معين-.
أَخْبَرَنَا التنوخي وأبو الْحَسَن مُحَمَّد بْن طلحة النعالي قَالا: حَدَّثَنَا أبو نصر أحمد ابن محمّد بن إبراهيم البخاريّ، حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن حريث قَالَ:
سمعتُ أَحْمَد بْن سلمة يَقُولُ: سمعتُ مُحَمَّد بْن رافع قَالَ: سمعتُ أَحْمَد بْن حنبل يَقُولُ: كل حديث لا يعرفه يَحْيَى بْن معين فليس هُوَ بِحديث. وقال ابن طلحة: فليس هو بثابت.
أخبرنا أَبُو سعد الماليني، أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بْن عدي، حدثنا يحيى بن زكريّا بن حيويه، حَدَّثَنَا الْعَبَّاس بْن إِسْحَاق قَالَ: سمعتُ هارون بْن معروف يَقُولُ: قدمَ علينا بعضُ الشيوخ من الشام وكنت أول من نكر عَلَيْهِ، فدخلتُ عَلَيْهِ فسألته أن يُملي عليَّ شيئًا. فأخذ الكتاب يُملي عليَّ فإذا بإنسان يدق الباب، فقال الشيخ من هذا؟ قَالَ أَحْمَد بْن حنبل فأذنَ لَهُ والشيخ عَلَى حالته والكتاب فِي يده لا يتحرك، فإذا بآخر يدق الباب فقال الشيخ: من هذا؟ قَالَ أَحْمَد الدورقي، فأذن لَهُ والشيخ عَلَى حالته والكتاب فِي يده لا يتحرك، فإذا بآخر يدق الباب فقال الشيخ من هذا؟ قَالَ عَبْد الله ابْن الرومي فأذن لَهُ والشيخ على حالته والكتاب فِي يده لا يتحرك، فإذا بآخر يدق الباب فقال الشيخ من هذا؟ قَالَ أَبُو خيثمة زُهير بْن حرب، فأذنَ لَهُ والشيخ عَلَى
حالته والكتاب فِي يده لا يتحرك، فإذا بآخر يدق الباب فقال الشيخ من هذا؟ قَالَ:
يَحْيَى بْن معين. قَالَ: فرأيتُ الشيخ ارتعدت يده وسقط الكتاب من يده! أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْن الْحَسَن بْن مَنْصُورٍ الطَّبَرِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الجراح قَالَ: سمعتُ مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن يَعْقُوب بْن شيبة يَقُولُ: سمعت جعفر الطيالسي يَقُولُ: سمعتُ يَحْيَى بْن معين يَقُولُ: لَمَّا قَدِمَ عَبْد الوهاب بْن عطاء أتيته فكتبتُ عَنْهُ فبينا أَنَا عنده إذ أتاهُ كتابٌ من أهله من البصرة فقرأه وأجابَهم، فرأيته وقد كتب عَلَى ظهره: وقدمتُ بغداد وقبلني يَحْيَى بْن معين والحمد لله رب العالمين.
أخبرنا العتيقي، أخبرنا محمد بن عدي البصري- في كتابه- حدثنا أبو عبيد محمد بن علي الآجري قَالَ: قلت لأبي داود أيُّما أعلم بالرجال يَحْيَى أو عَلِيّ بْن عَبْد الله؟ قال: يَحْيَى عالمٌ بالرجال، وليس عِنْدَ علي من خبر أهل الشام شيء.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن علي المقرئ، أخبرنا أبو مسلم بن مهران، أخبرنا عبد المؤمن بن خلف النسفي قال: سألتُ أَبَا علي صالِح بْن مُحَمَّد: من أعلمُ بالحديث؟ يَحْيَى بْن معين، أم أَحْمَد بْن حنبل؟ فقال: أما أَحْمَد فأعلمُ بالفقه والاختلاف، وأمّا يَحْيَى فأعلمُ بالرجال والْكُنى.
أَخْبَرَنَا أبو نعيم الحافظ، حَدَّثَنَا أَبُو القاسم مُوسَى بْن إِبْرَاهِيم بْن النّضر العطّار، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قَالَ: سمعتُ عليًّا- وهو ابن الْمَدِينِيّ- يَقُولُ:
كنتُ إذا قدمتُ إلى بغداد منذُ أربعين سنة كَانَ الَّذِي يذاكرني أَحْمَد بْن حنبل، فربما اختلفنا فِي الشيء فنسأل أَبَا زكريا يَحْيَى بْن معين فيقوم فيخرجه، ما كَانَ أعرفه بِموضع حديثه.
أَخْبَرَنَا الْحَسَن بْن أَحْمَد بن إبراهيم الدّورقيّ، أَخْبَرَنَا عُثمان بْن أَحْمَد الدقاق- فيما أجازَ لنا أن نرويه عنه- حدثنا أبو الحسين بن البراء قال: سمعت علي بن الْمَدِينِيّ يَقُولُ: ما رأيتُ يَحْيَى بْن معين استفهم حديثًا قط ولا ردَّه.
أَخْبَرَنَا عَلِيّ بن الحسين، أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر الخلال، حَدَّثَنَا محمّد بن إسماعيل الفارسي، حدثنا بكر بن سهل، حدثنا عبد الخالق بن منصور قال: قلت لابن الرومي: سمعتُ بعض أصحاب الحديث يُحدث بأحاديث يَحْيَى ويقول: حدَّثَنِي من لم تطلع الشمس عَلَى أكبر منه؟ فقال: وما تعجب.
سمعت علي بن الْمَدِينِيّ يَقُولُ: ما رأيتُ فِي الناس مثله.
أخبرنا منصور بن ربيعة الزّهريّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ راشد، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن يَحْيَى بْن الجارود قَالَ: قال علي بن الْمَدِينِيّ: ما أعلم أحدًا كتب ما كتب يَحْيَى بْن معين.
أَخْبَرَنَا الْحَسَن بْن أَحْمَد الدّورقيّ، أَخْبَرَنَا عُثمان بْن أَحْمَد الدقاق- فيما أجازَ لنا- حدثنا أبو الحسن بن البراء قَالَ: سمعتُ عليًّا يَقُولُ: لا نعلمُ أحدًا من لدن آدم كتب من الحديث ما كتب يَحْيَى بْن معين.
أَخْبَرَنَا أَبُو سعد الماليني، أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بْن عدي، حدثنا محمّد بن ثابت، حَدَّثَنَا مُوسَى بْن حمدون قَالَ: سمعتُ أَحْمَد بْن عُقبة قَالَ: سألتُ يَحْيَى بْن معين كم كتبت من الحديث يا أَبَا زكريا؟ قال: كتبت بيدي هذه ستمائة ألف حديث. قَالَ أَحْمَد:
وإني أظنّ أنَّ المحدِّثين قد كَتَبوا لَهُ بأيديهم ستمائة ألف، وستمائة ألف.
أَخْبَرَنَا أَبُو منصور مُحَمَّد بْن عيسى بْن عَبْد العزيز البزاز- بهمذان- قَالَ: حَدَّثَنَا صَالِح بْن أَحْمَد الحافظ قَالَ: سمعتُ أَبَا عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد الله يَقُولُ: سمعتُ أبي يَقُولُ: خَلَّفَ يَحْيَى من الكتب مائة قِمَطر، وأربعة عشر قِمَطْرًا، وأربعة حِباب شرابيّة مملوءة كُتبًا.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن علي المقرئ، حدثنا أبو مسلم بن مهران، أخبرنا عبد المؤمن بن خلف النسفي قال: سمعت أَبَا عَلِيٍّ صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ يَقُولُ: ذُكِرَ لي أنَّ يَحْيَى بْن معين خَلَّف من الكتب لَمَّا مات ثلاثين قِمطرًا، وعشرين حبا. وطلب يَحْيَى بْن أكثم كتبه بمائتي دينار فلم يدع أَبُو خيثمة أن تُباع.
أَخْبَرَنَا أَبُو سعد الماليني، أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بْن عدي، حَدَّثَنَا مُوسَى بْن القاسم بْن الْحَسَن بْن مُوسَى بْن الأشْيب عَن بعض شيوخه قَالَ: كَانَ أَحْمَد ويحيى وعلي عِنْدَ عفَّان- أو سُلَيْمَان بْن حَرْب- فأُتِيَ بصكّ فشهدوا فِيهِ، وكتب يَحْيَى فِيهِ: شهد يَحْيَى بْن أبي علي. وقال عفان لَهُم: أمّا أنت يا أَحْمَد فضعيفٌ فِي إِبْرَاهِيم بْن سعد، وأمّا أنت يا علي فضعيف فِي حَمَّاد بْن زيد، وأمّا أنت يا يَحْيَى فضعيفٌ فِي ابن المبارك. قَالَ: فسكت أَحْمَد وعلي، وقال يَحْيَى: وأمّا أنت يا عفان فضعيفٌ فِي شُعْبَة.
قلت: لَمْ يَكُن واحدٌ منهم ضعيفًا، وإنَّما جَرَى هذا الكلام بينهم عَلَى سبيل الْمُزاح.
أخبرنا علي بن الحسين، أخبرنا عبد الرّحمن بن عمر، حدثنا محمّد بن إسماعيل الفارسي، حدثنا بكر بن سهل، حدثنا عبد الخالق بن منصور قال: قلت لابن الرومي:
سمعتُ أَبَا سَعِيد الحداد يَقُولُ: الناس كلهم عيالٌ عَلَى يَحْيَى بْن معين. فقال: صدق ما فِي الدُّنْيَا أحد مثله، سبق الناس إلى هذا الباب الَّذِي هُوَ فِيهِ، لَم يسبقه إِلَيْهِ أحد.
وأما من يجيء بعدُ فلا ندري كيف يكون.
قَالَ: وسمعتُ ابن الرومي يَقُولُ: ما رأيتُ أحدًا قط يَقُولُ الحق في المشايخ غير يَحْيَى، وغيره كان يتحامل بالقول.
أخبرني الصوري، أخبرنا الحسن بن حامد الأديب، حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن سَعِيد الموصلي، حدثنا الحسن بن علي- إملاء- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن معين قَالَ: أخطأ عَفَّان فِي نَيّف وعشرين حديثًا ما أعلمتُ بِهَا أحدًا، وأعلمته فيما بيني وبينه. ولقد طلب إليّ خَلَف بْن سالِم فقال: قل لي أي شيء هِيَ؟ فما قلت لَهُ. وكان يحب أن يجد عَلَيْهِ. قَالَ يَحْيَى: ما رأيتُ عَلَى رجلٍ قط خطأ إلا سترته وأحببتُ أن أزين أمره، وما استقبلت رجلا فِي وجهه بأمر يكرهه، ولكن أبين لَهُ خطأه فيما بيني وبينه، فإن قبل ذَلِكَ وإلا تركته.
أَخْبَرَنِي عَبْد اللَّه بْن يَحْيَى السكري، أَخْبَرَنَا محمّد بن عبد الله الشّافعيّ، حدثنا جعفر بن محمّد بن الأزهر، حَدَّثَنَا ابن الغلابي قَالَ: قَالَ يَحْيَى: إني لأحدِّث بالحديث فأسهر لَهُ مخافة أن أكون قد أخطأت فِيهِ.
أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن طلحة المقرئ، أَخْبَرَنَا صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْهَمَذَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن حمدان بْن المرزبان قَالَ: قَالَ لي أَبُو حاتِم الرازي: إذا رأيت البغدادي يُحبُّ أَحْمَد بْن حنبل فاعلم أَنَّهُ صاحب سنة، وإذا رَأَيْته يُبغضُ يَحْيَى بْن معين فاعلم أنه كذّاب.
أَخْبَرَنَا أَبُو زرعة روح بْن مُحَمَّد الرازي- إجازة شافهني بها- أَخْبَرَنَا علي بن محمد بن عمر القصار، حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قَالَ: سمعتُ مُحَمَّد بْن هارون الفَلاس المخرمي يَقُولُ: إذا رأيت الرجل يقع فِي يَحْيَى بْن معين فاعلم أَنَّهُ كَذَّاب يضعُ الحديث، وإنَّما يبغضه لما يبين من أمر الكذابين.
حدثنا الصوري، أَخْبَرَنَا الخصيب بْن عَبْد اللَّه الْقَاضِي، أَخْبَرَنَا عبد الكريم بن أحمد ابن شعيب النّسائيّ، أَخْبَرَنِي أبي قَالَ: أَبُو زكريا يَحْيَى بْن معين الثقة المأمون أحد الأئمة فِي الحديث.
حدثنا محمّد بن يوسف القطّان النّيسابوريّ، أخبرنا محمّد بن عبد الله الحافظ، أخبرنا دعلج، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عليّ الأبار قَالَ: قَالَ يَحْيَى بْن معين: كتبنا عَن الكذابين، وسجرنا بِهِ التنور، وأخرجنا بِهِ خُبزا نضيجًا.
أَخْبَرَنَا أبو سعيد الماليني، أَخْبَرَنَا عَبْد الله بْن عدي قَالَ: سمعتُ عَبْد الله بْن أبي داود السجستاني يَقُولُ: سمعتُ أبي يَقُولُ: سمعتُ يَحْيَى بْن معين يَقُولُ: أكلتُ عجنةَ خُبزٍ وأنا ناقهٌ من عِلَّة.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن سُلَيْمَان السليطي- بنيسابور- حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قَالَ: سمعتُ الْعَبَّاس بْن مُحَمَّد الدوري يَقُولُ: سئل يحيى بن معين عن الروس فقال: ثلاثة بين اثنين صالِح.
أَخْبَرَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ المأمون الهاشميّ، أخبرنا علي بن عمر السّكّري، حدثنا أَبُو القاسم عيسى بْن سُلَيْمَان الْقُرَشِيّ قَالَ: أنشدني داود بْن رشيد قَالَ: أنشدني يَحْيَى بْن معين:
المال يذهب حله وحرامه ... طرًّا ويبقى فِي غدٍ آثامُهُ
لَيْسَ التقي بِمتق لإلهه ... حتى يطيب شرابه وطعامه
ويطيب ما تحوى وتكسب كفه ... ويكون في حسن الحديث كلامه
نَطق النَّبِيّ لنا بِهِ عَن ربه ... فعلى النَّبِيّ صلاته وسلامه
أَنْبَأنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن عبد الله الكاتب، أخبرنا محمّد بن حميد المخرميّ، حدثنا علي بن الحسين بن حبان قال: حدَّثَنِي يَحْيَى الأحول قَالَ: لقينا يَحْيَى بْن معين- قدومه من مكة- فسألناهُ عَن حُسين بْن حِبَّان، فقال: أحدثكم أَنَّهُ لَمَّا كَانَ بآخر رَمَقٍ قَالَ لي: يا أَبَا زكريا أترى ما مكتوبٌ عَلَى الخيمة؟ قلت: ما أرى شيئًا، قَالَ:
بلى أرى مكتوبًا: يَحْيَى بْن معين يقضي- أو يفصل- بين الظالمين. قَالَ: ثم خرجت نفسه.
أخبرنا أبو نعيم الحافظ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بن جعفر بن حيّان، حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن بُنان قَالَ: سمعتُ حُبَيْش بْن مُبَشِّر الفقيه يَقُولُ: كَانَ يَحْيَى بْن معين يحج فيذهب إلى مكة عَلَى المدينة، ويرجع عَلَى المدينة. فلما كَانَ آخر حجة حجّها خرج عَلَى المدينة ورجع عَلَى المدينة، فأقامَ بِهَا يومين- أو ثلاثة- ثُمَّ خرج حتى نزل المنزل مَعَ رفقائه. فباتوا فرأى فِي النوم هاتفًا يهتفُ بِهِ يا أَبَا زكريا أترغبُ عَن جواري؟ فلما أصبحَ قَالَ لرفقائه: امضوا فإني راجع إلى المدينة، فمضوا ورَجَع فأقام بِهَا ثلاثًا ثُمَّ مات. قَالَ: فحمل عَلَى أعواد النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وصلى عَلَيْهِ الناس وجعلوا يقولون: هذا الذابّ عَن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الكذب.
قلت: الصحيح أن يَحْيَى تُوُفِّيَ فِي ذهابه قبل أن يحج.
أَخْبَرَنِي الْحَسَن بْن محمّد الخلّال، حدثنا يوسف بن عمر القوّاس، حدثنا حمزة بن القاسم، حَدَّثَنَا عَبَّاس- هُوَ الدوري- قَالَ: مات يَحْيَى بْن معين بالمدينة أيام الحج قبل أن يحج وهو يريدُ مكة سنة ثلاث وثلاثين ومائتين، وصلى عَلَيْهِ والي المدينة، وكلم الحزامي الوالي فأخرجوا لَهُ سرير النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فحُمِلَ عَلَيْهِ، فصلى عَلَيْهِ الوالي ثُمَّ صُلي عَلَيْهِ مرارًا. ومات يَحْيَى وسنه سبع وسبعون سنة إلا أيامًا.
أَخْبَرَنَا الْحَسَن بْن أبي بكر، حدثني أحمد بن كامل القاضي، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن غالب قَالَ: لَمَّا مات يَحْيَى بْن معين نادى إِبْرَاهِيم بْن المنذر الحزامي من أراد أن يشهد جنازة المأمون عَلَى حديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فليشهد. أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْر أحمد ابن محمّد بن عبد الواحد المنكدري، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الله بْن مُحَمَّد الحافظ- بنيسابور- قَالَ: سمعتُ بَكْر بْن مُحَمَّد بْن حمدان الصيرفي يَقُولُ: سمعتُ جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن كُزال يَقُولُ: كنتُ مَعَ يَحْيَى بْن معين بالمدينة فَمَرِضَ مرضه الَّذِي مات فِيهِ وَتُوُفِّيَ بالمدينة، فحمل عَلَى سرير رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورجل ينادي بين يديه: هذا الَّذِي كَانَ ينفي الكذب عَنْ حديث رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أخبرنا الحسن بْن مُحَمَّد بْن جَعْفَرٍ الْخَالِعُ- فِيمَا أَذِنَ أن نرويه عنه- أخبرنا علي بن محمّد الهمذانيّ، حدثني موسى بن هارون الزّيّات، حدثني عبد الله بن أحمد قال:
قال بعض المحدثين فِي يَحْيَى بْن معين:
ذهبَ العليمُ بعيب كل مُحدِّث ... وبكل مختلف من الإسناد
وبكل وَهْم فِي الحديث ومُشكلٍ ... يعيى بِهِ عُلماء كلّ بلادِ
أَخْبَرَنَا الْبَرْقَانِيُّ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي بَكْرِ أَحْمَد بْن جَعْفَر بْن سَلم حدثكم أَبُو أَيُّوبَ أَحْمَدُ بْنُ بِشْرٍ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: مات أَبُو زكريا يَحْيَى بْن معين سنة ثلاث وثلاثين وهو حاج بالمدينة ذاهبًا قبل أن يحج لتسع- أو لسبع- ليال بقين من ذي القعدة سنة ثلاث وثلاثين ومائتين.
أَخْبَرَنَا القاضي أَبُو بَكْر الحيري وأبو سَعِيد الصيرفي قالا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد ابن يعقوب الأصم قَالَ: سمعتُ الْعَبَّاس بْن مُحَمَّد الدوري يَقُولُ: مات يَحْيَى بْن معين سنة ثلاث وثلاثين ومائتين، وكان قد بلغ سنة سبعًا وسبعين إلا عشرة أيام- أو نحوه-.
قلت: هكذا ذكر الدوري مبلغ سنه، والصحيح ما:
أخبرنا الصيمري، حدثنا علي بن الحسن الرّازيّ، حدثنا محمّد بن الحسين الزّعفرانيّ، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن زهير قَالَ: وُلِدَ يَحْيَى بْن معين سنة ثَمان وخمسين ومائة، ومات بمدينة رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لسبع ليال بقين من ذي القعدة سنة ثلاث وثلاثين ومائتين وقد استوفى خمسًا وسبعين سنة ودخل فِي الست. ودُفِنَ بالبقيع وصلى عليه صاحب الشرطة.
أخبرنا محمّد بن الحسن الأزرق، أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن القطّان، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَبِي عُثْمَان الطيالسي قَالَ: سمعتُ حُبيشًا- يعني ابن مُبَشِّر- الفقيه يَقُولُ: رأيتُ يَحْيَى بْن معين فِي النوم فقلتُ: ما فعل ربك بك؟ قال: أعطاني وحباني وزوجني ثلاثمائة حوراء، ومهد لي بين الناس.
أَخْبَرَنِي الأزهري، حدثنا محمّد بن الحسن الصّيرفيّ، حدثنا أبو أحمد بن المهدي بالله، حدثني الحسين بن الخصيب، حدَّثَنِي حُبَيْش بْن مُبشر قَالَ: رأيتُ يَحْيَى بْن معين فِي النوم فقلتُ: ما فعل الله بك؟ قَالَ: أدخلني عَلَيْهِ فِي داره. وزوجني ثلاثمائة حوراء، ثُمَّ قَالَ للملائكة: انظروا إلى عَبْدي كيف تطرَّى وحَسُنَ-.
سمع عبد الله بن المبارك، وهشاما، وعيسى بن يونس، وسفيان بن عيينة، وغندرًا
ومعاذ بن معاذ، ويحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، ووكيعًا، وأبا معاوية، في أمثالِهم. روى عنه أَحْمَد بْن حنبل، وأبو خيثمة زهير بن حرب، ومحمّد ابن سعد الكاتب، ويعقوب وأحمد الدورقيان، ومحمد بْن إِسْحَاق الصاغاني وعباس الدوري، ويعقوب بن شيبة، ومحمد بْن إِسْمَاعِيل البخاري، وأحمد بْن أَبِي خيثمة، وحنبل بن إِسْحَاق، وأبو داود السجستاني، وجعفر الطيالسي، والْحُسَيْن بن فهم، وعبد اللَّه بن أَحْمَد بن حنبل، وإبراهيم بن الجنيد، وغيرهم. وكان إمامًا ربَّانيًا، عالِمًا حافظًا، ثبتا متقنًا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن رزق قال: أخبرنا إسماعيل بن علي الخطبي، حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن فَهْم قَالَ: سمعتُ يَحْيَى بْن معين يَقُولُ: ولدت فِي خلافة أبي جَعْفَر سنة ثَمان وخَمْسين ومائة فِي آخرها.
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَالِينِيُّ- قِرَاءَةً- أخبرنا عبد الله بن عدي الحافظ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن خَلَف بْن المرزبان قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْعَبَّاس الْمَرْوَزِيّ قَالَ: كَانَ يَحْيَى من قرية نحو الأنبار يقَالُ لَها نِقْيَا ويُقالُ إن فرعونَ كَانَ من أهل نِقْيَا.
أَخْبَرَنَا حمزة بن محمّد بن طاهر، حدثنا الوليد بن بكر الأندلسي، حدثنا علي بن أحمد بن زكريا الهاشمي، حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي قال:
حدثني أبي قال: يَحْيَى بْن مَعين من أهل الأنبار عَلَى اثني عشر فَرْسَخًا من بغداد، كَانَ أبوهُ كاتبًا لعبد الله بْن مالك.
أَخْبَرَنَا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن الحرشي وأبو سعيد محمّد بن موسى
الصيرفِي قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّد بْن يعقوب الأصم قَالَ: سمعتُ الْعَبَّاس بْن مُحَمَّد الدوري يقول: سمعت يحيى بن معين يقول بالبصرة- وسأله عبّاس العنبري- ونحن عِنْدَ عَبَّاس النرسي نسمعُ منه. فقال لَهُ: يا أَبَا زكريا من أي العرب أنت؟ قَالَ:
لستُ من العرب، ولكني مولى للعرب.
أخبرنا الصيمري، حدثنا علي بن الحسن الرّازيّ، حدثنا محمّد بن الحسين الزّعفرانيّ، حَدَّثَنَا أحمد بن زهير قَالَ: سمعت يحيى بن معين يقول: أنا مولى للجنيد ابن عَبْد الرَّحْمَن المرِّي.
أَخْبَرَنَا أَبُو سعد الماليني، حَدَّثَنَا عَبْد الله بْن عدي قَالَ: أَخْبَرَنِي شيخٌ كاتب ببغداد فِي حلقة أبي عمران بْن الأشيب ذكر أَنَّهُ ابن عم ليحيى بْن معين قَالَ: كَانَ معين عَلَى خراج الري، فمات فخلف لابنه يَحْيَى ألف ألف درهم وخمسين ألف درهم. فأنفقه كله عَلَى الحديث حتى لم يبق لَهُ نعلٌ يلبسهُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفتح منصور بْن ربيعة الزُّهْرِيّ الخطيب- بالدينور- أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن علي بن راشد، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن يَحْيَى بْن الجارود قَالَ: قَالَ عَلِيّ ابْن الْمَدِينِيّ: انتهى العلم بالبصرة إلى يَحْيَى بْن أبي كثير وقتادة، وعلمُ الكوفة إلى أبي إِسْحَاق والأعمش، وانتهى علم الحجاز إلى ابن شهاب وعمرو بْن دينار، وصار علمُ هَؤُلَاءِ الستة إلى اثني عشر رجلا منهم بالبصرة سَعِيد بْن أبي عروبة، وشعبة، ومعْمَر، وحمّاد بْن سلمة، وأبو عوانة، ومن أهل الكوفة سُفيان الثوري وَسُفْيَان بْن عيينة، ومن أهل الحجاز مالك بْن أنس، ومن أهل الشام إلى الأوزاعي. وانتهى علم هؤلاء إلى محمّد بن إسحاق، وهشام، ويحيى بن سعيد بن أبي زائدة، ووكيع، وابن المبارك- وهو أوسعُ هَؤُلَاءِ عِلْمًا- وابن مهدي، وابن آدم. فصارَ علم هَؤُلَاءِ جميعًا إلى يَحْيَى ابن معين.
أخبرني محمّد بن علي المقرئ، أخبرنا أبو مسلم بن مهران، أخبرنا عبد المؤمن بن خلف النسفي قال: سمعت أَبَا عَلِيٍّ صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ يَقُولُ: سمعت علي بن الْمَدِينِيّ يَقُولُ: انتهى علمُ الحجاز إلى الزُّهْرِيّ وعمرو بْن دينار، وعلمُ الكوفة إلى الأعمش وأبي إِسْحَاق، وعلمُ أهل البصرة إلى قتادة ويحيى بْن أبي كثير. وذكر كلامًا وقال:
ثُمَّ وجدتُ علم هَؤُلَاءِ انتهى إلى يَحْيَى بن معين.
أخبرنا ابن رزق، أخبرنا أحمد بن إسحاق بن وهب البندار، حدثنا علي بن أحمد ابن النّضر قال: قال علي بن الْمَدِينِيّ: انتهى العلم إلى يَحْيَى بْن آدم، وبعده إلى يحيى ابن معين.
أخبرنا أبو الوليد الحسن بن علي بن محمّد الدربندي، أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان الحافظ- ببخاري- حَدَّثَنَا خَلَف بْن مُحَمَّد قَالَ: سمعتُ أَبَا علي صالح بن محمد يقول: سمعت علي بن الْمَدِينِيّ يَقُولُ: انتهى علم الناس إلى يَحْيَى بْن معين.
أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن الْحُسَيْن- صاحب العبّاسي- أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر الخلال، حَدَّثَنَا محمّد بن إسماعيل الفارسي، حدثنا بكر بن سهل، حدثنا عبد الخالق بن منصور قال: قلت لابن الرومي: سمعتُ أَبَا سَعِيد الحداد يَقُولُ: لولا يَحْيَى بْن معين ما كتبتُ الحديث. فقال لي ابن الرومي: وما تعجب فو الله لقد نفعنا الله بِهِ، ولقد كَانَ المحدث يحدثنا لكرامته ما لم يكن نحدث بِهِ أنفسنا. قلت لابن الرومي: فإنّ أَبَا سَعِيد الحداد حدَّثَنِي قَالَ: إنا لنذهبُ إلى المحدث فننظرُ فِي كتبه فلا نَرى فيها إلا كل حديث صحيح، حتى يجيء أَبُو زكريا فأول شيء يقعُ فِي يده يقع الخطأ، ولولا أَنَّهُ عرّفناهُ لَم نعرفه. فقال لي ابن الرومي: وما تعجب لقد كُنَّا فِي مجلس لبعض أصحابنا، فقلتُ لَهُ: يا أَبَا زكريا نُفيدك حديثًا من أحسن حديث يكون- وفينا يومئذ علي وَأَحْمَد وقد سمعوه- فقال: وما هُوَ؟ قُلْنَا: حديث كذا وكذا، فقال: هذا غلطٌ، فكان كما قَالَ.
قَالَ: وسمعتُ ابن الرومي يَقُولُ: كنتُ عِنْدَ أَحْمَد فجاءه رجلٌ فقال: يا أَبَا عَبْد الله انظر فِي هذه الأحاديث فإنَّ فيها خطأ، قَالَ: عليك بأبي زكريا فإنه يعرف الخطأ.
وقال عَبْد الخالق: قلتُ لابن الرومي: حدَّثَنِي أَبُو عمرو أَنَّهُ سَمِعَ أَحْمَد بْن حنبل يَقُولُ: السماع من يَحْيَى بْن معين شِفاء لِما فِي الصدور. فقال لي: وما تعجب من هذا؟ كنتُ أختلف أَنَا وَأَحْمَد إلى يعقوب بْن إِبْرَاهِيم فِي المغازي ويحيى بالبصرة، فقال أَحْمَد: ليت أن يحيى هاهنا. قلت لَهُ: وما تصنعُ بِهِ؟ قَالَ: يعرف الخطأ.
أَخْبَرَنَا عُبيد الله بْن عُمَر الواعظ، حدثنا أبي، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَبْد الله بْن سالِم، حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن سهل قَالَ: سمعتُ أَحْمَد بْن حنبل فِي دهليز عفان يَقُولُ لعبد الله بن
الرومي: ليت أن أَبَا زكريا قد قَدِمَ- يعني ابن معين- فقال لَهُ اليمامي ما تصنعُ بقدومه؟ يُعيد علينا ما قد سَمعنا، فقال لَهُ أَحْمَد: اسكت هُوَ يعرفُ خطأ الحديث.
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيد الصيرفي قَالَ: سمعتُ أَبَا الْعَبَّاس مُحَمَّد بْن يعقوب الأصم يَقُولُ:
سمعتُ الْعَبَّاس الدوري يَقُولُ: رأيتُ أَحْمَد بْن حنبل فِي مجلس رَوْح بْن عُبادة سنة خمس ومائتين يسأل يَحْيَى بْن معين عَن أشياء يَقُولُ لَهُ: يا أَبَا زكريا كيف حديث كذا، وكيف حديث كذا، يريد أَحْمَد أن يستثبته فِي أحاديث قد سمعوها. فما قَالَ يَحْيَى كتبه أَحْمَد. وقلما سمعتُ أَحْمَد بْن حنبل يُسمي يَحْيَى بْن معين باسمه، إنّما كَانَ يَقُولُ قَالَ أَبُو زكريّا قاله أَبُو زكريا.
أَنْبَأنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحمد أبو سعد الهرويّ، أخبرنا عبد الرّحمن بن محمّد الإدريسي، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى الْبُخَاريّ- بِهَا- قَالَ:
سمعتُ الْحُسَيْن بْن إِسْمَاعِيل الفارسي يَقُولُ: سمعتُ أَبَا مقاتل سُلَيْمَان بْن عَبْد الله يَقُولُ: سمعتُ أَحْمَد بْن حنبل يقول: هاهنا رجلٌ خلقه الله لِهذا الشأن، يُظهر كذب الكذابين- يعني يَحْيَى بْن معين-.
أَخْبَرَنَا التنوخي وأبو الْحَسَن مُحَمَّد بْن طلحة النعالي قَالا: حَدَّثَنَا أبو نصر أحمد ابن محمّد بن إبراهيم البخاريّ، حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن حريث قَالَ:
سمعتُ أَحْمَد بْن سلمة يَقُولُ: سمعتُ مُحَمَّد بْن رافع قَالَ: سمعتُ أَحْمَد بْن حنبل يَقُولُ: كل حديث لا يعرفه يَحْيَى بْن معين فليس هُوَ بِحديث. وقال ابن طلحة: فليس هو بثابت.
أخبرنا أَبُو سعد الماليني، أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بْن عدي، حدثنا يحيى بن زكريّا بن حيويه، حَدَّثَنَا الْعَبَّاس بْن إِسْحَاق قَالَ: سمعتُ هارون بْن معروف يَقُولُ: قدمَ علينا بعضُ الشيوخ من الشام وكنت أول من نكر عَلَيْهِ، فدخلتُ عَلَيْهِ فسألته أن يُملي عليَّ شيئًا. فأخذ الكتاب يُملي عليَّ فإذا بإنسان يدق الباب، فقال الشيخ من هذا؟ قَالَ أَحْمَد بْن حنبل فأذنَ لَهُ والشيخ عَلَى حالته والكتاب فِي يده لا يتحرك، فإذا بآخر يدق الباب فقال الشيخ: من هذا؟ قَالَ أَحْمَد الدورقي، فأذن لَهُ والشيخ عَلَى حالته والكتاب فِي يده لا يتحرك، فإذا بآخر يدق الباب فقال الشيخ من هذا؟ قَالَ عَبْد الله ابْن الرومي فأذن لَهُ والشيخ على حالته والكتاب فِي يده لا يتحرك، فإذا بآخر يدق الباب فقال الشيخ من هذا؟ قَالَ أَبُو خيثمة زُهير بْن حرب، فأذنَ لَهُ والشيخ عَلَى
حالته والكتاب فِي يده لا يتحرك، فإذا بآخر يدق الباب فقال الشيخ من هذا؟ قَالَ:
يَحْيَى بْن معين. قَالَ: فرأيتُ الشيخ ارتعدت يده وسقط الكتاب من يده! أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْن الْحَسَن بْن مَنْصُورٍ الطَّبَرِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الجراح قَالَ: سمعتُ مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن يَعْقُوب بْن شيبة يَقُولُ: سمعت جعفر الطيالسي يَقُولُ: سمعتُ يَحْيَى بْن معين يَقُولُ: لَمَّا قَدِمَ عَبْد الوهاب بْن عطاء أتيته فكتبتُ عَنْهُ فبينا أَنَا عنده إذ أتاهُ كتابٌ من أهله من البصرة فقرأه وأجابَهم، فرأيته وقد كتب عَلَى ظهره: وقدمتُ بغداد وقبلني يَحْيَى بْن معين والحمد لله رب العالمين.
أخبرنا العتيقي، أخبرنا محمد بن عدي البصري- في كتابه- حدثنا أبو عبيد محمد بن علي الآجري قَالَ: قلت لأبي داود أيُّما أعلم بالرجال يَحْيَى أو عَلِيّ بْن عَبْد الله؟ قال: يَحْيَى عالمٌ بالرجال، وليس عِنْدَ علي من خبر أهل الشام شيء.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن علي المقرئ، أخبرنا أبو مسلم بن مهران، أخبرنا عبد المؤمن بن خلف النسفي قال: سألتُ أَبَا علي صالِح بْن مُحَمَّد: من أعلمُ بالحديث؟ يَحْيَى بْن معين، أم أَحْمَد بْن حنبل؟ فقال: أما أَحْمَد فأعلمُ بالفقه والاختلاف، وأمّا يَحْيَى فأعلمُ بالرجال والْكُنى.
أَخْبَرَنَا أبو نعيم الحافظ، حَدَّثَنَا أَبُو القاسم مُوسَى بْن إِبْرَاهِيم بْن النّضر العطّار، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قَالَ: سمعتُ عليًّا- وهو ابن الْمَدِينِيّ- يَقُولُ:
كنتُ إذا قدمتُ إلى بغداد منذُ أربعين سنة كَانَ الَّذِي يذاكرني أَحْمَد بْن حنبل، فربما اختلفنا فِي الشيء فنسأل أَبَا زكريا يَحْيَى بْن معين فيقوم فيخرجه، ما كَانَ أعرفه بِموضع حديثه.
أَخْبَرَنَا الْحَسَن بْن أَحْمَد بن إبراهيم الدّورقيّ، أَخْبَرَنَا عُثمان بْن أَحْمَد الدقاق- فيما أجازَ لنا أن نرويه عنه- حدثنا أبو الحسين بن البراء قال: سمعت علي بن الْمَدِينِيّ يَقُولُ: ما رأيتُ يَحْيَى بْن معين استفهم حديثًا قط ولا ردَّه.
أَخْبَرَنَا عَلِيّ بن الحسين، أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر الخلال، حَدَّثَنَا محمّد بن إسماعيل الفارسي، حدثنا بكر بن سهل، حدثنا عبد الخالق بن منصور قال: قلت لابن الرومي: سمعتُ بعض أصحاب الحديث يُحدث بأحاديث يَحْيَى ويقول: حدَّثَنِي من لم تطلع الشمس عَلَى أكبر منه؟ فقال: وما تعجب.
سمعت علي بن الْمَدِينِيّ يَقُولُ: ما رأيتُ فِي الناس مثله.
أخبرنا منصور بن ربيعة الزّهريّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ راشد، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن يَحْيَى بْن الجارود قَالَ: قال علي بن الْمَدِينِيّ: ما أعلم أحدًا كتب ما كتب يَحْيَى بْن معين.
أَخْبَرَنَا الْحَسَن بْن أَحْمَد الدّورقيّ، أَخْبَرَنَا عُثمان بْن أَحْمَد الدقاق- فيما أجازَ لنا- حدثنا أبو الحسن بن البراء قَالَ: سمعتُ عليًّا يَقُولُ: لا نعلمُ أحدًا من لدن آدم كتب من الحديث ما كتب يَحْيَى بْن معين.
أَخْبَرَنَا أَبُو سعد الماليني، أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بْن عدي، حدثنا محمّد بن ثابت، حَدَّثَنَا مُوسَى بْن حمدون قَالَ: سمعتُ أَحْمَد بْن عُقبة قَالَ: سألتُ يَحْيَى بْن معين كم كتبت من الحديث يا أَبَا زكريا؟ قال: كتبت بيدي هذه ستمائة ألف حديث. قَالَ أَحْمَد:
وإني أظنّ أنَّ المحدِّثين قد كَتَبوا لَهُ بأيديهم ستمائة ألف، وستمائة ألف.
أَخْبَرَنَا أَبُو منصور مُحَمَّد بْن عيسى بْن عَبْد العزيز البزاز- بهمذان- قَالَ: حَدَّثَنَا صَالِح بْن أَحْمَد الحافظ قَالَ: سمعتُ أَبَا عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد الله يَقُولُ: سمعتُ أبي يَقُولُ: خَلَّفَ يَحْيَى من الكتب مائة قِمَطر، وأربعة عشر قِمَطْرًا، وأربعة حِباب شرابيّة مملوءة كُتبًا.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن علي المقرئ، حدثنا أبو مسلم بن مهران، أخبرنا عبد المؤمن بن خلف النسفي قال: سمعت أَبَا عَلِيٍّ صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ يَقُولُ: ذُكِرَ لي أنَّ يَحْيَى بْن معين خَلَّف من الكتب لَمَّا مات ثلاثين قِمطرًا، وعشرين حبا. وطلب يَحْيَى بْن أكثم كتبه بمائتي دينار فلم يدع أَبُو خيثمة أن تُباع.
أَخْبَرَنَا أَبُو سعد الماليني، أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بْن عدي، حَدَّثَنَا مُوسَى بْن القاسم بْن الْحَسَن بْن مُوسَى بْن الأشْيب عَن بعض شيوخه قَالَ: كَانَ أَحْمَد ويحيى وعلي عِنْدَ عفَّان- أو سُلَيْمَان بْن حَرْب- فأُتِيَ بصكّ فشهدوا فِيهِ، وكتب يَحْيَى فِيهِ: شهد يَحْيَى بْن أبي علي. وقال عفان لَهُم: أمّا أنت يا أَحْمَد فضعيفٌ فِي إِبْرَاهِيم بْن سعد، وأمّا أنت يا علي فضعيف فِي حَمَّاد بْن زيد، وأمّا أنت يا يَحْيَى فضعيفٌ فِي ابن المبارك. قَالَ: فسكت أَحْمَد وعلي، وقال يَحْيَى: وأمّا أنت يا عفان فضعيفٌ فِي شُعْبَة.
قلت: لَمْ يَكُن واحدٌ منهم ضعيفًا، وإنَّما جَرَى هذا الكلام بينهم عَلَى سبيل الْمُزاح.
أخبرنا علي بن الحسين، أخبرنا عبد الرّحمن بن عمر، حدثنا محمّد بن إسماعيل الفارسي، حدثنا بكر بن سهل، حدثنا عبد الخالق بن منصور قال: قلت لابن الرومي:
سمعتُ أَبَا سَعِيد الحداد يَقُولُ: الناس كلهم عيالٌ عَلَى يَحْيَى بْن معين. فقال: صدق ما فِي الدُّنْيَا أحد مثله، سبق الناس إلى هذا الباب الَّذِي هُوَ فِيهِ، لَم يسبقه إِلَيْهِ أحد.
وأما من يجيء بعدُ فلا ندري كيف يكون.
قَالَ: وسمعتُ ابن الرومي يَقُولُ: ما رأيتُ أحدًا قط يَقُولُ الحق في المشايخ غير يَحْيَى، وغيره كان يتحامل بالقول.
أخبرني الصوري، أخبرنا الحسن بن حامد الأديب، حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن سَعِيد الموصلي، حدثنا الحسن بن علي- إملاء- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن معين قَالَ: أخطأ عَفَّان فِي نَيّف وعشرين حديثًا ما أعلمتُ بِهَا أحدًا، وأعلمته فيما بيني وبينه. ولقد طلب إليّ خَلَف بْن سالِم فقال: قل لي أي شيء هِيَ؟ فما قلت لَهُ. وكان يحب أن يجد عَلَيْهِ. قَالَ يَحْيَى: ما رأيتُ عَلَى رجلٍ قط خطأ إلا سترته وأحببتُ أن أزين أمره، وما استقبلت رجلا فِي وجهه بأمر يكرهه، ولكن أبين لَهُ خطأه فيما بيني وبينه، فإن قبل ذَلِكَ وإلا تركته.
أَخْبَرَنِي عَبْد اللَّه بْن يَحْيَى السكري، أَخْبَرَنَا محمّد بن عبد الله الشّافعيّ، حدثنا جعفر بن محمّد بن الأزهر، حَدَّثَنَا ابن الغلابي قَالَ: قَالَ يَحْيَى: إني لأحدِّث بالحديث فأسهر لَهُ مخافة أن أكون قد أخطأت فِيهِ.
أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن طلحة المقرئ، أَخْبَرَنَا صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْهَمَذَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن حمدان بْن المرزبان قَالَ: قَالَ لي أَبُو حاتِم الرازي: إذا رأيت البغدادي يُحبُّ أَحْمَد بْن حنبل فاعلم أَنَّهُ صاحب سنة، وإذا رَأَيْته يُبغضُ يَحْيَى بْن معين فاعلم أنه كذّاب.
أَخْبَرَنَا أَبُو زرعة روح بْن مُحَمَّد الرازي- إجازة شافهني بها- أَخْبَرَنَا علي بن محمد بن عمر القصار، حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قَالَ: سمعتُ مُحَمَّد بْن هارون الفَلاس المخرمي يَقُولُ: إذا رأيت الرجل يقع فِي يَحْيَى بْن معين فاعلم أَنَّهُ كَذَّاب يضعُ الحديث، وإنَّما يبغضه لما يبين من أمر الكذابين.
حدثنا الصوري، أَخْبَرَنَا الخصيب بْن عَبْد اللَّه الْقَاضِي، أَخْبَرَنَا عبد الكريم بن أحمد ابن شعيب النّسائيّ، أَخْبَرَنِي أبي قَالَ: أَبُو زكريا يَحْيَى بْن معين الثقة المأمون أحد الأئمة فِي الحديث.
حدثنا محمّد بن يوسف القطّان النّيسابوريّ، أخبرنا محمّد بن عبد الله الحافظ، أخبرنا دعلج، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عليّ الأبار قَالَ: قَالَ يَحْيَى بْن معين: كتبنا عَن الكذابين، وسجرنا بِهِ التنور، وأخرجنا بِهِ خُبزا نضيجًا.
أَخْبَرَنَا أبو سعيد الماليني، أَخْبَرَنَا عَبْد الله بْن عدي قَالَ: سمعتُ عَبْد الله بْن أبي داود السجستاني يَقُولُ: سمعتُ أبي يَقُولُ: سمعتُ يَحْيَى بْن معين يَقُولُ: أكلتُ عجنةَ خُبزٍ وأنا ناقهٌ من عِلَّة.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن سُلَيْمَان السليطي- بنيسابور- حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قَالَ: سمعتُ الْعَبَّاس بْن مُحَمَّد الدوري يَقُولُ: سئل يحيى بن معين عن الروس فقال: ثلاثة بين اثنين صالِح.
أَخْبَرَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ المأمون الهاشميّ، أخبرنا علي بن عمر السّكّري، حدثنا أَبُو القاسم عيسى بْن سُلَيْمَان الْقُرَشِيّ قَالَ: أنشدني داود بْن رشيد قَالَ: أنشدني يَحْيَى بْن معين:
المال يذهب حله وحرامه ... طرًّا ويبقى فِي غدٍ آثامُهُ
لَيْسَ التقي بِمتق لإلهه ... حتى يطيب شرابه وطعامه
ويطيب ما تحوى وتكسب كفه ... ويكون في حسن الحديث كلامه
نَطق النَّبِيّ لنا بِهِ عَن ربه ... فعلى النَّبِيّ صلاته وسلامه
أَنْبَأنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن عبد الله الكاتب، أخبرنا محمّد بن حميد المخرميّ، حدثنا علي بن الحسين بن حبان قال: حدَّثَنِي يَحْيَى الأحول قَالَ: لقينا يَحْيَى بْن معين- قدومه من مكة- فسألناهُ عَن حُسين بْن حِبَّان، فقال: أحدثكم أَنَّهُ لَمَّا كَانَ بآخر رَمَقٍ قَالَ لي: يا أَبَا زكريا أترى ما مكتوبٌ عَلَى الخيمة؟ قلت: ما أرى شيئًا، قَالَ:
بلى أرى مكتوبًا: يَحْيَى بْن معين يقضي- أو يفصل- بين الظالمين. قَالَ: ثم خرجت نفسه.
أخبرنا أبو نعيم الحافظ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بن جعفر بن حيّان، حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن بُنان قَالَ: سمعتُ حُبَيْش بْن مُبَشِّر الفقيه يَقُولُ: كَانَ يَحْيَى بْن معين يحج فيذهب إلى مكة عَلَى المدينة، ويرجع عَلَى المدينة. فلما كَانَ آخر حجة حجّها خرج عَلَى المدينة ورجع عَلَى المدينة، فأقامَ بِهَا يومين- أو ثلاثة- ثُمَّ خرج حتى نزل المنزل مَعَ رفقائه. فباتوا فرأى فِي النوم هاتفًا يهتفُ بِهِ يا أَبَا زكريا أترغبُ عَن جواري؟ فلما أصبحَ قَالَ لرفقائه: امضوا فإني راجع إلى المدينة، فمضوا ورَجَع فأقام بِهَا ثلاثًا ثُمَّ مات. قَالَ: فحمل عَلَى أعواد النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وصلى عَلَيْهِ الناس وجعلوا يقولون: هذا الذابّ عَن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الكذب.
قلت: الصحيح أن يَحْيَى تُوُفِّيَ فِي ذهابه قبل أن يحج.
أَخْبَرَنِي الْحَسَن بْن محمّد الخلّال، حدثنا يوسف بن عمر القوّاس، حدثنا حمزة بن القاسم، حَدَّثَنَا عَبَّاس- هُوَ الدوري- قَالَ: مات يَحْيَى بْن معين بالمدينة أيام الحج قبل أن يحج وهو يريدُ مكة سنة ثلاث وثلاثين ومائتين، وصلى عَلَيْهِ والي المدينة، وكلم الحزامي الوالي فأخرجوا لَهُ سرير النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فحُمِلَ عَلَيْهِ، فصلى عَلَيْهِ الوالي ثُمَّ صُلي عَلَيْهِ مرارًا. ومات يَحْيَى وسنه سبع وسبعون سنة إلا أيامًا.
أَخْبَرَنَا الْحَسَن بْن أبي بكر، حدثني أحمد بن كامل القاضي، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن غالب قَالَ: لَمَّا مات يَحْيَى بْن معين نادى إِبْرَاهِيم بْن المنذر الحزامي من أراد أن يشهد جنازة المأمون عَلَى حديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فليشهد. أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْر أحمد ابن محمّد بن عبد الواحد المنكدري، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الله بْن مُحَمَّد الحافظ- بنيسابور- قَالَ: سمعتُ بَكْر بْن مُحَمَّد بْن حمدان الصيرفي يَقُولُ: سمعتُ جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن كُزال يَقُولُ: كنتُ مَعَ يَحْيَى بْن معين بالمدينة فَمَرِضَ مرضه الَّذِي مات فِيهِ وَتُوُفِّيَ بالمدينة، فحمل عَلَى سرير رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورجل ينادي بين يديه: هذا الَّذِي كَانَ ينفي الكذب عَنْ حديث رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أخبرنا الحسن بْن مُحَمَّد بْن جَعْفَرٍ الْخَالِعُ- فِيمَا أَذِنَ أن نرويه عنه- أخبرنا علي بن محمّد الهمذانيّ، حدثني موسى بن هارون الزّيّات، حدثني عبد الله بن أحمد قال:
قال بعض المحدثين فِي يَحْيَى بْن معين:
ذهبَ العليمُ بعيب كل مُحدِّث ... وبكل مختلف من الإسناد
وبكل وَهْم فِي الحديث ومُشكلٍ ... يعيى بِهِ عُلماء كلّ بلادِ
أَخْبَرَنَا الْبَرْقَانِيُّ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي بَكْرِ أَحْمَد بْن جَعْفَر بْن سَلم حدثكم أَبُو أَيُّوبَ أَحْمَدُ بْنُ بِشْرٍ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: مات أَبُو زكريا يَحْيَى بْن معين سنة ثلاث وثلاثين وهو حاج بالمدينة ذاهبًا قبل أن يحج لتسع- أو لسبع- ليال بقين من ذي القعدة سنة ثلاث وثلاثين ومائتين.
أَخْبَرَنَا القاضي أَبُو بَكْر الحيري وأبو سَعِيد الصيرفي قالا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد ابن يعقوب الأصم قَالَ: سمعتُ الْعَبَّاس بْن مُحَمَّد الدوري يَقُولُ: مات يَحْيَى بْن معين سنة ثلاث وثلاثين ومائتين، وكان قد بلغ سنة سبعًا وسبعين إلا عشرة أيام- أو نحوه-.
قلت: هكذا ذكر الدوري مبلغ سنه، والصحيح ما:
أخبرنا الصيمري، حدثنا علي بن الحسن الرّازيّ، حدثنا محمّد بن الحسين الزّعفرانيّ، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن زهير قَالَ: وُلِدَ يَحْيَى بْن معين سنة ثَمان وخمسين ومائة، ومات بمدينة رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لسبع ليال بقين من ذي القعدة سنة ثلاث وثلاثين ومائتين وقد استوفى خمسًا وسبعين سنة ودخل فِي الست. ودُفِنَ بالبقيع وصلى عليه صاحب الشرطة.
أخبرنا محمّد بن الحسن الأزرق، أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن القطّان، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَبِي عُثْمَان الطيالسي قَالَ: سمعتُ حُبيشًا- يعني ابن مُبَشِّر- الفقيه يَقُولُ: رأيتُ يَحْيَى بْن معين فِي النوم فقلتُ: ما فعل ربك بك؟ قال: أعطاني وحباني وزوجني ثلاثمائة حوراء، ومهد لي بين الناس.
أَخْبَرَنِي الأزهري، حدثنا محمّد بن الحسن الصّيرفيّ، حدثنا أبو أحمد بن المهدي بالله، حدثني الحسين بن الخصيب، حدَّثَنِي حُبَيْش بْن مُبشر قَالَ: رأيتُ يَحْيَى بْن معين فِي النوم فقلتُ: ما فعل الله بك؟ قَالَ: أدخلني عَلَيْهِ فِي داره. وزوجني ثلاثمائة حوراء، ثُمَّ قَالَ للملائكة: انظروا إلى عَبْدي كيف تطرَّى وحَسُنَ-.
يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ أَبُو زَكَرِيَّا المُرِّيُّ
مَوْلاَهُم هُوَ: الإِمَامُ، الحَافِظُ، الجِهْبَذُ، شَيْخُ المُحَدِّثِيْنَ، أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ مَعِيْنِ
بنِ عَوْنِ بنِ زِيَادِ بنِ بِسْطَامَ.وَقِيْلَ: اسْمُ جَدِّهِ: غِيَاثُ بنُ زِيَادِ بنِ عَوْنِ بنِ بِسْطَامَ الغَطَفَانِيُّ، ثُمَّ المُرِّيُّ مَوْلاَهُمُ، البَغْدَادِيُّ، أَحَدُ الأَعْلاَمِ.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنِ: ابْنِ المُبَارَكِ، وَهُشَيْمٍ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ عَيَّاشٍ، وَعَبَّادِ بنِ عَبَّادٍ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ مُجَالدِ بنِ سَعِيْدٍ، وَيَحْيَى بنِ زَكَرِيَّا بنِ أَبِي زَائِدَةَ، وَمُعْتَمِرِ بنِ سُلَيْمَانَ، وَسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَغُنْدَرٍ، وَأَبِي مُعَاوِيَةَ، وَحَاتِمِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ، وَحَفْصِ بنِ غِيَاثٍ، وَجَرِيْرِ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ، وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَمَرْوَانَ بنِ مُعَاوِيَةَ، وَهِشَامِ بنِ يُوْسُفَ، وَعِيْسَى بنِ يُوْنُسَ، وَوَكِيْعٍ، وَمَعْنٍ، وَأَبِي حَفْصٍ الأَبَّارِ، وَعُمَرَ بنِ عُبَيْدٍ، وَعَلِيِّ بنِ هَاشِمٍ، وَيَحْيَى القَطَّانِ، وَابْنِ مَهْدِيٍّ، وَعَفَّانَ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ بِالعِرَاقِ وَالحِجَازِ وَالجَزِيْرَةِ وَالشَّامِ وَمِصْرَ.
رَوَى عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ، وَهَنَّادُ بنُ السَّرِيِّ، وَعِدَّةٌ مِنْ أَقْرَانِهِ، وَالبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَعَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الصَّاغَانِيُّ، وَعَبْدُ الخَالِقِ بنُ مَنْصُوْرٍ، وَعُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَإِسْحَاقُ الكَوْسَجُ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الجُنَيْدِ، وَمُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ الأَشْعَرِيُّ، وَحَنْبَلُ بنُ إِسْحَاقَ، وَصَالِحُ بنُ مُحَمَّدِ جَزَرَةُ، وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ المَرْوَزِيُّ، وَأَبُو مَعِيْنٍ الحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ الرَّازِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُطَيَّنٌ، وَمُضَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَسَدِيُّ، وَالمُفَضَّلُ بنُ غَسَّانَ الغَلاَبِيُّ، وَأَبُو زُرْعَةَ النَّصْرِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ التَّمَّارُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، وَمُحَمَّدُ بنُ صَالِحٍ كَيْلَجَةُ، وَعَلِيُّ بنُ
الحَسَنِ مَاغَمَّةُ، وَعُبَيْدٌ العِجْلُ، وَحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ وَضَّاحٍ، وَجَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ، وَمُوْسَى بنُ هَارُوْنَ، وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ الصُّوْفِيُّ، وَخَلاَئِقُ.أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ الزَّاهِدُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ الدَّقَّاقُ، وَالفَتْحُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ بِبَغْدَادَ (ح) .
وَأَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ، عَنْ أَبِي اليُمْنِ الكِنْدِيِّ، قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الأُرْمَوِيُّ، وَقَرَأْتُ علَى أَحْمَدَ بنِ هِبَةِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا يُوْسُفُ بنُ أَيُّوْبَ الزَّاهِدُ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ النَّقُّوْرِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عُمَرَ السُّكَّرِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الصُّوْفِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُجَالدٍ، عَنْ بَيَانٍ، عَنْ وَبْرَةَ، عَنْ هَمَّامٍ، قَالَ:
قَالَ عَمَّارُ بنُ يَاسِرٍ: رَأَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَا مَعَهُ إِلاَّ خَمْسَةُ أَعْبُدٍ، وَامْرَأَتَانِ، وَأَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُم -.
أَخْرَجَهُ: البُخَارِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ.
وبَالإِسْنَادِ إِلَى يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، قَالَ:حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ يَزِيْدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أُنَيْسٍ الأَنْصَارِيُّ، سَمِعْتُ طَلْحَةَ بنَ خِرَاشٍ، يُحَدِّثُ عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ:
أَنَّ رَجُلاً قَامَ، فَرَكَعَ رَكْعَتَيِ الفَجْرِ، فَقَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الأُوْلَى: {قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُوْنَ} [الكَافِرُوْنَ: 1] حَتَّى انْقَضَتِ السُّوْرَةُ.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (هَذَا عَبْدٌ عَرَفَ رَبَّهُ) .
وَقَرَأَ فِي الآخِرَةِ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} [الإِخْلاَصُ: 1] حَتَّى انْقَضَتِ السُّوْرَةُ.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (هَذَا عَبْدٌ آمَنَ بِرَبِّهِ) .
قَالَ طَلْحَةُ: فَأَنَا أَسْتَحِبُّ أَنْ أَقْرَأَهُمَا فِي هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ.
وبَالإِسْنَادِ إِلَى ابْنِ مَعِيْنٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ الأَعْرَجِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ عَتِيْقٍ، عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَ بِوَضْعِ الجَوَائِحِ، وَنَهَى عَنْ بَيْعِ السِّنِيْنَ.
أَخْرَجَهُ: أَبُو دَاوُدَ، عَنْ يَحْيَى، فَوَافَقْنَاهُ.
وبَالإِسْنَادِ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ أَقَالَ مُسْلِماً عَثْرَتَهُ، أَقَالَهُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ) .
أَخْرَجَهُ: أَبُو دَاوُدَ، عَنْ يَحْيَى.وَقَدْ رَوَاهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ فِي زِيَادَاتِ (المُسْنَدِ) ، عَنْ يَحْيَى، وَهُوَ مَعْدُوْدٌ فِي أَفْرَادِهِ.
ورَوَيْنَا فِي (البُخَارِيِّ) : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ:
قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: وَكَانَ بَيْنَهُمَا شَيْءٌ، فَغَدَوْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقُلْتُ: أَتُرِيدُ أَنْ تُقَاتِلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَتُحِلَّ مَا حَرَّمَ اللهُ؟
قَالَ: مَعَاذَ اللهِ.
وَذَكَرَ بَاقِي الأَثَرِ، وَهُوَ فِي تَفْسِيْرِ بَرَاءةَ.
فَعَبْدُ اللهِ أَظُنُّهُ المُسْنَدِيَّ.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الفَضْلِ أَحْمَدَ بنِ هِبَةِ اللهِ، عَنْ أَبِي رَوْحٍ الهَرَوِيِّ، أَخْبَرَنَا تَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّحْوِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ المَوْصِلِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوْقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ: {وَالنَّازِعَاتِ غَرْقاً} [النَّازِعَاتُ: 1] ، قَالَ: المَلاَئِكَةُ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ عَبْدَانَ الأَهْوَازيَّ يَقُوْلُ:سَمِعْتُ حُسَيْنَ بنَ حُمَيْدِ بنِ الرَّبِيْعِ، سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي شَيْبَةَ يَتَكَلَّمُ فِي يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، يَقُوْلُ: مِنْ أَينَ لَهُ حَدِيْثُ حَفْصِ بنِ غِيَاثٍ عَنِ الأَعْمَشِ -يَعْنِي: مَنْ أَقَالَ مُسْلِماً-؟
وَقَالَ: هُوَ ذَا كُتُبُ حَفْصِ بنِ غِيَاثٍ عِنْدَنَا، وَهُوَ ذَا كُتُبُ ابْنِهِ عُمَرَ عِنْدَنَا، وَلَيْسَ فِيْهَا شَيْءٌ مِنْ هَذَا.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: قَدْ رَوَى الحَدِيْثَ مَالِكُ بنُ سُعَيْرٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو عَوْفٍ البُزُوْرِيُّ، عَنْ زَكَرِيَّا بنِ عَدِيٍّ، عَنْ حَفْصِ بنِ غِيَاثٍ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: الحُسَيْنُ بنُ حُمَيْدٍ لاَ يُعْتَمَدُ عَلَى رِوَايَتِهِ، هُوَ مُتَّهَمٌ فِي هَذِهِ الحِكَايَةِ، وَيَحْيَى أَوْثَقُ وَأَجَلُّ مِنْ أَنْ يُنْسَبَ إِلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَبِهِ يُسْبَرُ أَحْوَالُ الضُّعَفَاءِ.
قُلْتُ: فَحَاصِلُ الأَمْرِ: أَنَّ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ مَعَ إِمَامَتِهِ لَمْ يَنْفَرِدْ بِالحَدِيْثِ - وَللهِ الحَمْدُ -.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ: وُلِدَ يَحْيَى فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ. قُلْتُ: وَكَتَبَ
العِلْمَ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِيْنَ سَنَةً.قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: سُئِلَ أَبِي عَنْ يَحْيَى، فَقَالَ: إِمَامٌ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: أَبُو زَكَرِيَّا أَحَدُ الأَئِمَّةِ فِي الحَدِيْثِ، ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ.
قَالَ الكَلاَبَاذِيُّ: رَوَى عَنْهُ البُخَارِيُّ، ثُمَّ رَوَى عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَحْيَى فِي تَفْسِيْرِ بَرَاءةَ، وَرَوَى عَنْ عَبْدِ اللهِ غَيْرَ مَنْسُوْبٍ عَنْهُ فِي ذِكْرِ أَيَّامِ الجَاهِلِيَّةِ.
قَالَ ابْنُ المَرْزُبَانِ: حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ المَرْوَزِيُّ، سَمِعْتُ دَاوُدَ بنَ رُشَيْدٍ يَذْكُرُ:
أَنَّ وَالِدَ ابْنِ مَعِيْنٍ كَانَ مُشَعْبِذاً مِنْ قَرْيَةٍ نَحْوَ الأَنْبَارِ، يُقَالُ لَهَا: نِقْيَا، وَيُقَالُ: إِنَّ فِرْعَوْنَ كَانَ مِنْ أَهْلِ نِقْيَا.
قَالَ العِجْلِيُّ: كَانَ أَبُوْهُ مَعِيْنٌ كَاتِباً لِعَبْدِ اللهِ بنِ مَالِكٍ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: حَدَّثَنِي شَيْخٌ كَاتِبٌ ذَكَرَ أَنَّهُ قَرَابَةُ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، قَالَ:
كَانَ مَعِيْنٌ عَلَى خَرَاجِ الرَّيِّ، فَمَاتَ، فَخَلَّفَ لِيَحْيَى ابْنِهِ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَأَنفَقَهُ كُلَّهُ عَلَى الحَدِيْثِ حَتَّى لَمْ يَبْقَ لَهُ نَعلٌ يَلبَسُهُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الغَنَائِمِ القَيْسِيُّ إِجَازَةً، أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ القَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الحَرَشِيُّ، وَأَبُو سَعِيْدٍ الصَّيْرَفِيُّ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو العَبَّاسِ الأَصَمُّ، سَمِعْتُ العَبَّاسَ بنَ مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ، وَسَأَلَهُ عَبَّاسٌ العَنْبَرِيُّ: يَا أَبَا زَكَرِيَّا، مِنْ أَيِّ العَرَبِ أَنْتَ؟
قَالَ: أَنَا مَوْلَىً لِلْعَرَبِ.
قِيْلَ: أَصْلُ ابْنِ مَعِيْنٍ مِنَ الأَنْبَارِ، وَنَشَأَ بِبَغْدَادَ، وَهُوَ أَسَنُّ الجَمَاعَةِ الكِبَارِ الَّذِيْنَ هُمْ: عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ بنُ رَاهْوَيْه، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ، فَكَانُوا يَتَأَدَّبُوْنَ مَعَهُ، وَيَعْتَرِفُوْنَ لَهُ، وَكَانَ لَهُ هَيْبَةٌ وَجَلاَلَةٌ، يَركَبُ البَغْلَةَ، وَيَتَجَمَّلُ فِي لِبَاسِهِ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -.وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ: أَنَا مَوْلَىً لِلْجُنَيْدِ.
ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُرِّيُّ: قَالَ أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى الجَارُوْدُ:
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: انْتَهَى العِلْمُ بِالبَصْرَةِ إِلَى: يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، وَقَتَادَةَ، وعِلْمُ الكُوْفَةِ إِلَى: أَبِي إِسْحَاقَ، وَالأَعْمَشِ، وَعِلْمُ الحِجَازِ إِلَى: ابْنِ شِهَابٍ، وَعَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، وَصَارَ عِلْمُ هَؤُلاَءِ السِّتَّةِ إِلَى اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلاً: ابْنِ أَبِي عَرُوْبَةَ، وَمَعْمَرٍ، وَشُعْبَةَ، وَحَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، وَالسُّفْيَانَيْنِ، وَمَالِكٍ، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَابْنِ إِسْحَاقَ، وَهُشَيْمٍ، وَأَبِي عَوَانَةَ، وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، وَيَحْيَى بنِ أَبِي زَائِدَةَ ... ، إِلَى أَنْ ذَكَرَ ابْنَ المُبَارَكِ، وَابْنَ مَهْدِيٍّ، وَيَحْيَى بنَ آدَمَ، فَصَارَ عِلْمُ هَؤُلاَءِ جَمِيْعِهِم إِلَى يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ.
قُلْتُ: نَعَمْ، وَإِلَى: أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَلِيٍّ، وَعِدَّةٍ.
ثُمَّ مِنْ بَعْدِ هَؤُلاَءِ إِلَى: أَبِي عَبْدِ اللهِ البُخَارِيِّ، وَأَبِي زُرْعَةَ، وَأَبِي حَاتِمٍ، وَأَبِي دَاوُدَ، وَطَائِفَةٍ.
ثُمَّ إِلَى: أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ المَرْوَزِيِّ، وَابْنِ خُزَيْمَةَ، وَابْنِ جَرِيْرٍ.
ثُمَّ شَرَعَ العِلْمُ يَنقُصُ قَلِيْلاً قَلِيْلاً - فَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ -.
وبَإِسْنَادِي إِلَى الخَطِيْبِ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ المُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُسْلِمٍ بنُ مِهْرَانَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ المُؤْمِنِ بنُ خَلَفٍ، سَمِعْتُ صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ،
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ يَقُوْلُ:سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ يَقُوْلُ: انْتَهَى عِلْمُ الحِجَازِ إِلَى الزُّهْرِيِّ، وَعَمْرٍو ... ، إِلَى أَنْ قَالَ: فَانْتَهَى عِلْمُ هَؤُلاَءِ إِلَى ابْنِ مَعِيْنٍ.
عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ النَّضْرِ: قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ:
انْتَهَى العِلْمُ إِلَى يَحْيَى بنِ آدَمَ، وَبَعْدَهُ إِلَى يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ -رَحِمَهُ اللهُ-.
عَبْدُ الخَالِقِ بنُ مَنْصُوْرٍ: قُلْتُ لاِبْنِ الرُّوْمِيِّ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيْدٍ الحَدَّادَ يَقُوْلُ: لَوْلاَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، مَا كَتَبْتُ الحَدِيْثَ.
قَالَ: وَمَا تَعْجَبُ!! فَوَاللهِ لَقَدْ نَفَعَنَا اللهُ بِهِ، لَقَدْ كَانَ المُحَدِّثُ يُحَدِّثُنَا لِكَرَامَتِهِ مَا لَمْ نَكُنْ نُحَدِّثُ بِهِ أَنْفُسَنَا، وَلَقَدْ كُنْتُ عِنْدَ أَحْمَدَ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، انْظُرْ فِي هَذِهِ الأَحَادِيْثِ، فَإِنَّ فِيْهَا خَطَأً.
قَالَ: عَلَيْكَ بِأَبِي زَكَرِيَّا، فَإِنهُ يَعْرِفُ الخَطَأَ.
قَالَ عَبْدُ الخَالِقِ: فَقُلْتُ لاِبْنِ الرُّوْمِيِّ: حَدَّثَنِي أَبُو عَمْرٍو، أَنَّهُ سَمِعَ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ:
السَّمَاعُ مَعَ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ شِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُوْرِ.
عَلِيُّ بنُ سَهْلٍ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ فِي دِهْلِيْزِ عَفَّانَ يَقُوْلُ لِعَبْدِ اللهِ بنِ الرُّوْمِيِّ: لَيْتَ أَنَّ أَبَا زَكَرِيَّا قَدِمَ.
فَقَالَ: مَا تَصْنَعُ بِهِ؟
قَالَ أَحْمَدُ: اسكُتْ، هُوَ يَعْرِفُ خَطَأَ الحَدِيْثِ.
وَبِهِ، إِلَى الخَطِيْبِ: أَخْبَرَنَا الصَّيْرَفِيُّ، حَدَّثَنَا الأَصَمُّ، سَمِعْتُ الدُّوْرِيَّ يَقُوْلُ:
رَأَيْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ فِي مَجْلِسِ رَوْحٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَمائَتَيْنِ، فَيَسْأَلُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ عَنْ أَشْيَاءَ، يَقُوْلُ: يَا أَبَا زَكَرِيَّا، مَا تَقُوْلُ فِي حَدِيْثِ كَذَا؟ وَكَيْفَ حَدِيْثُ كَذَا؟ فَيَسْتَثْبِتُهُ فِي أَحَادِيْثَ قَدْ سَمِعُوْهَا.
فَمَا قَالَ يَحْيَى: كَتَبَهُ أَحْمَدُ.
وَقَلَّمَا سَمِعْتُه يُسَمِّي يَحْيَى بِاسْمِهِ، بَلْ يَكْنِيْهِ.
وَبِهِ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ المَالِيْنِيُّ كِتَابَةً، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ الإِدْرِيْسِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى البُخَارِيُّ، سَمِعْتُ
الحُسَيْنَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ الفَارِسِيَّ، سَمِعْتُ أَبَا مُقَاتِلٍ سُلَيْمَانَ بنَ عَبْدِ اللهِ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ:هَا هُنَا رَجُلٌ خَلَقَهُ اللهُ لِهَذَا الشَّأْنِ، يُظهِرُ كَذِبَ الكَذَّابِيْنَ -يَعْنِي: ابْنَ مَعِيْنٍ-.
وَبِهِ: حَدَّثَنَا التَّنُوْخِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ طَلْحَةَ النِّعَالِيُّ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ البُخَارِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حُرَيْثٍ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ سَلَمَةَ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ رَافِعٍ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ:
كُلُّ حَدِيْثٍ لاَ يَعْرِفُهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، فَلَيْسَ هُوَ بِحَدِيْثٍ.
ابْنُ عَدِيٍّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ زَكَرِيَّا بنِ حَيَّوَيْه، حَدَّثَنَا العَبَّاسُ بنُ إِسْحَاقَ، سَمِعْتُ هَارُوْنَ بنَ مَعْرُوْفٍ يَقُوْلُ:
قَدِمَ عَلَيْنَا شَيْخٌ، فَبَكَّرْتُ عَلَيْهِ، فَسَأَلْنَاهُ أَنْ يُمْلِيَ عَلَيْنَا، فَأَخَذَ الكِتَابَ، وَإِذَا البَابُ يُدَقُّ، فَقَالَ الشَّيْخُ: مَنْ هَذَا؟
قَالَ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ.
فَأَذِنَ لَهُ، وَالشَّيْخُ عَلَى حَالَتِهِ لَمْ يَتَحَرَّكْ، فَإِذَا آخَرُ يَدُقُّ البَابَ، فَقَالَ: مَنْ ذَا؟
قَالَ: أَحْمَدُ الدَّوْرَقِيُّ.
فَأَذِنَ لَهُ، وَلَمْ يَتَحَرَّكْ، ثُمَّ ابْنُ الرُّوْمِيِّ فَكَذَلِكَ، ثُمَّ أَبُو خَيْثَمَةَ فَكَذَلِكَ، ثُمَّ دُقَّ البَابُ، فَقَالَ: مَنْ ذَا؟
قَالَ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ.
فَرَأَيْتُ الشَّيْخَ ارْتَعَدَتْ يَدُهُ، وَسَقَطَ مِنْهُ الكِتَابُ.
جَعْفَرٌ الطَّيَالِسِيُّ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ:
لَمَّا قَدِمَ عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عَطَاءٍ، أَتَيتُهُ، فَكَتَبْتُ عَنْهُ، فَبَيْنَا أَنَا عِنْدَهُ، إِذْ أَتَاهُ كِتَابٌ مِنْ أَهْلِهِ، فَقَرَأَهُ، وَأَجَابَهُمْ، فَرَأَيْتُهُ وَقَدْ كَتَبَ عَلَى ظَهْرِهِ: قَدِمتُ بَغْدَادَ، وَقَبِلَنِي يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ: قُلْتُ لأَبِي دَاوُدَ: أَيُّمَا أَعْلمُ بِالرِّجَالِ: يَحْيَى، أَوْ عَلِيٌّ؟
قَال: يَحْيَى، وَلَيْسَ عِنْدِي مِنْ خَبَرِ أَهْلِ الشَّامِ شَيْءٌ.
قَالَ عَبْدُ المُؤْمِنِ النَّسَفِيُّ: سَأَلْتُ أَبَا عَلِيٍّ صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ: مَنْ أَعْلَمُ بِالحَدِيْثِ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، أَوْ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ؟
فَقَالَ: أَحْمَدُ أَعْلَمُ بِالفِقْهِ
وَالاخْتِلاَفِ، وَأَمَّا يَحْيَى، فَأَعْلَمُ بِالرِّجَالِ وَالكُنَى.مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ يَقُوْلُ:
كُنْتُ إِذَا قَدِمتُ إِلَى بَغْدَادَ مُنْذُ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً، كَانَ الَّذِي يُذَاكِرُنِي أَحْمَدُ، فَرُبَّمَا اخْتَلَفْنَا فِي الشَّيْءِ، فَنَسْأَلُ أَبَا زَكَرِيَّا، فَيَقُوْمُ فَيُخْرِجَهُ، مَا كَانَ أَعْرَفَهُ بِمَوْضِعِ حَدِيْثِهِ!
وَقَالَ أَبُو الحَسَنِ بنُ البَرَاءِ: سَمِعْتُ ابْنَ المَدِيْنِيِّ يَقُوْلُ:
مَا رَأَيْتُ يَحْيَى اسْتَفهَمَ حَدِيْثاً قَطُّ، وَلاَ رَدَّهُ.
بَكْرُ بنُ سَهْلٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الخَالِقِ بنُ مَنْصُوْرٍ، قُلْتُ لاِبْنِ الرُّوْمِيِّ:
سَمِعْتُ بَعْضَ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ يُحَدِّثُ بِأَحَادِيْثِ يَحْيَى، وَيَقُوْلُ: حَدَّثَنِي مَنْ لَمْ تَطْلِعُ الشَّمْسُ عَلَى أَكْبَرَ مِنْهُ، فَقَالَ: وَمَا تَعْجَبُ؟ سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ فِي النَّاسِ مِثْلَهُ.
وَعَنِ ابْنِ المَدِيْنِيِّ، قَالَ: مَا أَعْلَمُ أَحَداً كَتَبَ مَا كَتَبَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ.
وَقَالَ أَبُو الحَسَنِ بنُ البَرَاءِ: سَمِعْتُ عَلِيّاً يَقُوْلُ:
لاَ نَعْلَمُ أَحَداً مِنْ لَدُنْ آدَمَ كَتَبَ مِنَ الحَدِيْثِ مَا كَتَبَ يَحْيَى.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عُقْبَةَ: سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ: كَمْ كَتَبتَ مِنَ الحَدِيْثِ؟
قَالَ: كَتَبْتُ بِيَدِي هَذِهِ سِتَّ مائَةِ أَلْفِ حَدِيْثٍ.
قُلْتُ: يَعْنِي بِالمُكَرَّرِ.
قَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ الحَافِظُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ، سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ:
خَلَّفَ يَحْيَى مِنَ الكُتُبِ مائَةَ قِمَطْرٍ، وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ قِمَطْراً، وَأَرْبَعَةَ حِبَابٍ شَرَابِيَّةٍ مَملُوءةٍ كُتُباً.
وَقَالَ عَبْدُ المُؤْمِنِ: سَمِعْتُ صَالِحاً جَزَرَةَ يَقُوْلُ:
ذُكِرَ لِي أَنَّ يَحْيَى بنَ
مَعِيْنٍ خَلَّفَ مِنَ الكُتُبِ ثَلاَثِيْنَ قِمَطْراً وَعِشْرِيْنَ حُبّاً، فَطَلَبَ يَحْيَى بنُ أَكْثَمَ كُتُبَهُ بِمائَتَي دِيْنَارٍ، فَلَمْ يَدَعْ أَبُو خَيْثَمَةَ أَنْ تُبَاعَ.وَبإِسْنَادِيَ إِلَى الخَطِيْبِ: أَخْبَرَنَا المَالِيْنِيُّ، أَخْبَرْنَا ابْنُ عَدِيٍّ، حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ القَاسِمِ بنِ الأَشْيَبِ، عَنْ بَعْضِ شُيُوْخِهِ، قَالَ:
كَانَ أَحْمَدُ وَيَحْيَى وَعَلِيٌّ عِنْدَ عَفَّانَ - أَوْ عِنْدَ سُلَيْمَانَ بنِ حَرْبٍ - فَأَتَى بِصَكٍّ، فَشَهِدُوا فِيْهِ، وَكَتَبَ يَحْيَى فِيْهِ.
فَقَالَ عَفَّانُ: أَمَّا أَنْتَ يَا أَحْمَدُ، فَضَعِيفٌ فِي إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ، وَأَمَّا أَنْتَ يَا عَلِيُّ، فَضَعِيفٌ فِي حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، وَأَمَّا أَنْتَ يَا يَحْيَى فَضَعِيفٌ فِي ابْنِ المُبَارَكِ.
فَقَالَ يَحْيَى: وَأَنْتَ يَا عَفَّانُ، فَضَعِيفٌ فِي شُعْبَةَ.
ثُمَّ قَالَ الخَطِيْبُ: لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِنْهُم ضَعِيْفاً، وَإِنَّمَا هَذَا مُزَاحٌ.
قُلْتُ: كُلٌّ مِنْهُم صَغِيْرٌ فِي شَيْخِهِ ذَلِكَ، وَمُقِلٌّ عَنهُ.
عَبْدُ الخَالِقِ بنُ مَنْصُوْرٍ: سَمِعْتُ ابْنَ الرُّوْمِيِّ يَقُوْلُ:
مَا رَأَيْتُ أَحَداً قَطُّ يَقُوْلُ الحَقَّ فِي المَشَايِخِ غَيْرَ يَحْيَى، وَغَيْرُهُ كَانَ يَتَحَامَلُ بِالقَوْلِ.
قُلْتُ: هَذَا القَوْلُ مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ الرُّوْمِيِّ غَيْرُ مَقْبُوْلٍ، وَإِنَّمَا قَالَهُ بِاجْتِهَادِهِ، وَنَحْنُ لاَ نَدَّعِي العِصْمَةَ فِي أَئِمَّةِ الجَرحِ وَالتَّعدِيلِ، لَكِنْ هُمْ أَكْثَرُ النَّاسِ صَوَاباً، وَأَنْدَرُهُمْ خَطَأً، وَأَشَدُّهُم إِنصَافاً، وَأَبْعَدُهُمْ عَنِ التَّحَامُلِ.
وَإِذَا اتَّفَقُوا عَلَى تَعدِيلٍ أَوْ جَرْحٍ، فَتَمَسَّكْ بِهِ، وَاعضُضْ عَلَيْهِ بِنَاجِذَيْكَ، وَلاَ تَتَجَاوَزْهُ، فَتَنْدَمَ، وَمَنْ شَذَّ مِنْهُم، فَلاَ عِبْرَةَ بِهِ.
فَخَلِّ عَنْكَ العَنَاءَ، وَأَعطِ القَوسَ بَارِيَهَا، فَوَاللهِ لَوْلاَ الحُفَّاظُ الأَكَابِرُ، لَخَطَبَتِ الزَّنَادِقَةُ عَلَى المَنَابِرِ، وَلَئِنْ خَطَبَ خَاطِبٌ مِنْ أَهْلِ البِدَعِ، فَإِنَّمَا هُوَ بِسَيفِ الإِسْلاَمِ، وَبِلِسَانِ الشَّرِيعَةِ، وَبِجَاهِ السُّنَّةِ، وَبِإِظهَارِ مُتَابَعَةِ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُوْلُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَنَعُوْذُ بِاللهِ مِنَ الخِذْلاَنِ.
وَمِنْ نَادِرِ مَا شَذَّ بِهِ ابْنُ مَعِيْنٍ -رَحِمَهُ اللهُ-: كَلاَمُهُ فِي أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ؛ حَافِظِ
مِصْرَ، فَإِنَّهُ تَكَلَّمَ فِيْهِ بِاجْتِهَادِهِ، وَشَاهَدَ مِنْهُ مَا يُلَيِّنُهُ بِاعتِبَارِ عَدَالَتِهِ، لاَ بِاعتِبَارِ إِتْقَانهِ، فَإِنَّهُ مُتْقِنٌ، ثَبْتٌ، وَلَكِنْ عَلَيْهِ مَآخِذُ فِي تِيْهٍ وَبَأْوٍ كَانَ يَتَعَاطَاهُ، وَاللهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ، وَلَعَلَّهُ اطَّلَعَ مِنْهُ عَلَى حَالٍ فِي أَيَّامِ شَبِيبِةِ ابْنِ صَالِحٍ، فَتَابَ مِنْهُ، أَوْ مِنْ بَعْضهِ، ثُمَّ شَاخَ، وَلَزِمَ الخَيْرَ، فَلَقِيَهُ البُخَارِيُّ وَالكِبَارُ، وَاحتَجُّوا بِهِ.وَأَمَّا كَلاَمُ النَّسَائِيِّ فِيْهِ، فَكَلاَمُ مَوْتُورٍ؛ لأَنَّهُ آذَى النَّسَائِيَّ، وَطَرَدَهُ مِنْ مَجْلِسِهِ، فَقَالَ فِيْهِ: لَيْسَ بِثِقَةٍ.
قَالَ الحَسَنُ بنُ عَلِيْلٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، قَالَ:
أَخطَأَ عَفَّانُ فِي نَيِّفٍ وَعِشْرِيْنَ حَدِيْثاً، مَا أَعْلَمتُ بِهَا أَحَداً؛ وَأَعْلَمتُه سِرّاً، وَلَقَدْ طَلَبَ إِلَيَّ خَلَفُ بنُ سَالِمٍ أَنْ أُخبِرَهُ بِهَا، فَمَا عَرَّفتُهُ، وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يَجِدَ عَلَيْهِ.
قَالَ يَحْيَى: مَا رَأَيْتُ عَلَى رَجُلٍ خَطَأً، إِلاَّ سَتَرتُهُ، وَأَحْبَبْتُ أَنْ أُزَيِّنَ أَمرَهُ، وَمَا اسْتَقبَلتُ رَجُلاً فِي وَجْهِهِ بِأَمرٍ يَكرَهُهُ، وَلَكِنْ أُبَيِّنُ لَهُ خَطَأَهُ فِيْمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ، فَإِنْ قَبِلَ ذَلِكَ، وَإِلاَ تَرَكتُهُ.
وَقَالَ ابْنُ الغَلاَبِيِّ: قَالَ يَحْيَى:
إِنِّي لأُحَدِّثُ بِالحَدِيْثِ، فَأَسهَرُ لَهُ؛ مَخَافَةَ أَنْ أَكُوْنَ قَدْ أَخطَأْتُ فِيْهِ.
وبإِسْنَادِي إِلَى الخَطِيْبِ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ طَلْحَةَ، أَخْبَرَنَا صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ الهَمَذَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حَمْدَانَ بنِ المَرْزُبَانِ، قَالَ:
قَالَ لِي أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: إِذَا رَأَيْتَ البَغْدَادِيَّ يُحِبُّ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، فَاعلَمْ أَنَّهُ صَاحِبُ سُنَّةٍ، وَإِذَا رَأَيْتهُ يُبغِضُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ، فَاعلَمْ أَنَّهُ كَذَّابٌ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ هَارُوْنَ الفَلاَّسُ: إِذَا رَأَيْتَ الرَّجُلَ يَقَعُ فِي يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، فَاعلَمْ أَنَّهُ كَذَّابٌ، يَضَعُ الحَدِيْثَ، وَإِنَّمَا يُبغِضُهُ لِمَا يُبَيِّنُ مِنْ أَمرِ الكَذَّابِينَ.
قَالَ الأَبَّارُ فِي (تَارِيْخِهِ) : قَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ:
كَتَبنَا عَنِ الكَذَّابِينَ، وَسَجَرنَا
بِهِ التَّنُّورُ، وَأَخرَجنَا بِهِ خُبْزاً نَضِيجاً.قَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ: أَكَلتُ عَجِينَةَ خُبْزٍ، وَأَنَا نَاقِهٌ مِنْ عِلَّةٍ.
قَالَ الدُّوْرِيُّ: سُئِلَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ عَنِ الرُّؤُوْسِ، فَقَالَ: ثَلاَثَةٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ صَالِحٌ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ حِبَّانَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى الأَحْوَلُ، قَالَ:
تَلَقَّيْنَا يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ مَقْدَمَهُ مِنْ مَكَّةَ، فَسَأَلنَاهُ عَنِ الحُسَيْنِ بنِ حِبَّانَ، فَقَالَ: أُحَدِّثُكُمْ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ بآخِرِ رَمَقٍ، قَالَ لِي: يَا أَبَا زَكَرِيَّا: أَتَرَى مَا مَكْتُوْبٌ عَلَى الخَيمَةِ؟
قُلْتُ: مَا أَرَى شَيْئاً.
قَالَ: بَلَى أَرَى مَكْتُوْباً: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ يَقضِي أَوْ يَفصِلُ بَيْنَ الظَّالِمِيْنَ.
قَالَ: ثُمَّ خَرَجَتْ نَفْسُهُ.
الخَطِيْبُ: أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الشَّيْخِ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ بُنَانٍ، سَمِعْتُ حُبَيْشَ بنَ مُبَشِّرٍ يَقُوْلُ:
كَانَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ يَحُجُّ، فَيَذْهَبُ إِلَى مَكَّةَ عَلَى المَدِيْنَةِ، وَيَرجِعُ عَلَيْهَا.
فَلَمَّا كَانَ آخِرُ حَجَّةٍ حَجَّهَا، رَجَعَ عَلَى المَدِيْنَةِ، فَأَقَامَ بِهَا يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً، ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى نَزَلَ المَنْزِلَ مَعَ رُفَقَائِه، فَبَاتُوا، فَرَأَى فِي النَّوْمِ هَاتِفاً يَهتِفُ بِهِ: يَا أَبَا زَكَرِيَّا، أَتَرغَبُ عَنْ جِوَارِي؟
فَلَمَّا أَصبَحَ، قَالَ لِرُفَقَائِه: امضُوا، فَإِنِّي رَاجِعٌ إِلَى المَدِيْنَةِ.
فَمَضَوْا، وَرَجَعَ، فَأَقَامَ بِهَا ثَلاَثاً، ثُمَّ مَاتَ.
قَالَ: فَحُمِلَ عَلَى أَعوَادِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَصَلَّى عَلَيْهِ النَّاسُ، وَجَعَلُوا يَقُوْلُوْنَ: هَذَا الذَّابُّ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الكَذِبَ.
قَالَ الخَطِيْبُ: الصَّحِيْحُ مَوْتُهُ فِي ذَهَابِهِ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ.
قَالَ عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ:
لَوْ لَمْ نَكتُبِ الحَدِيْثَ خَمْسِيْنَ مَرَّةً، مَا عَرَفْنَاهُ.
وَفِي (تَارِيْخ دِمَشْقَ) : مِنْ طَرِيْقِ مُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ، سَمِعَ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ
يَقُوْلُ: كَتَبْتُ بِيَدِي أَلْفَ أَلْفِ حَدِيْثٍ.قُلْتُ: يَعْنِي بِالمُكَرَّرِ، أَلاَ تَرَاهُ يَقُوْلُ: لَوْ لَمْ نَكتُبِ الحَدِيْثَ خَمْسِيْنَ مَرَّةً مَا عَرَفْنَاهُ.
أُنْبِئْتُ عَنْ أَبِي المَكَارِمِ اللَّبَّانِ، وَغَيْرِهِ، عَنْ عَبْدِ الغَفَّارِ بنِ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الكَرْمَانِيُّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ غُنْجَارَ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ مُوْسَى السَّلاَمِيَّ، سَمِعْتُ الفَضْلَ بنَ شَاكِرٍ بِبَلَدِ الدَّيْلَمِ، سَمِعْتُ يَزِيْدَ بنَ مُجَالِدٍ، سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ:
إِذَا كَتَبتَ فَقَمِّشْ، وَإِذَا حَدَّثْتَ فَفَتِّشْ.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: سَيَندَمُ المُنتَخِبُ فِي الحَدِيْثِ حَيْثُ لاَ تَنفَعُهُ النَّدَامَةُ.
الأَصَمُّ: حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ، سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ:
كُنَّا بِقَريَةٍ مِنْ قُرَى مِصْرَ، وَلَمْ يَكُنْ مَعَنَا شَيْءٌ، وَلاَ ثَمَّ شَيْءٌ نَشتَرِيهِ، فَلَمَّا أَصبَحْنَا، إِذَا نَحْنُ بِزِنْبِيلٍ مُلِئَ بِسَمَكٍ مَشْوِيٍّ، وَلَيْسَ عِنْدَ أَحَدٍ، فَسَأَلُونِي، فَقُلْتُ: اقتَسِمُوهُ، وَكُلُوْهُ، فَإِنِّي أَظُنُّ أَنَّهُ رِزْقٌ رَزَقَكُمُ اللهُ -تَعَالَى-.
وَسَمِعْتُ يَحْيَى مِرَاراً يَقُوْلُ: القُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ، وَلَيْسَ بِمَخْلُوْقٍ، وَالإِيْمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ، يَزِيْدُ وَيَنقُصُ.
وَرَوَى: عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي زِيَادٍ القَطَوَانِيُّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، قَالَ:
انْتَهَى الحَدِيْثُ إِلَى أَرْبَعَةٍ: أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ؛ وَهُوَ أَفْقَهُهُمْ فِيْهِ، وَإِلَى يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ؛ وَهُوَ أَكْتَبُهُمْ لَهُ، وَإِلَى عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ؛ وَهُوَ أَعلَمُهُم بِهِ، وَإِلَى أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ؛ وَهُوَ أَحْفَظُهُمْ لَهُ.
وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ: وَإِلَى ابْنِ مَعِيْنٍ؛ وَهُوَ أَعْلَمُهُمْ بِصَحِيْحِهِ وَسَقِيمِهِ.
قَالَ عُبَيْدُ اللهِ القَوَارِيْرِيُّ: قَالَ لِي يَحْيَى القَطَّانُ:
مَا قَدِمَ عَلَيْنَا البَصْرَةَ مِثْلُ أَحْمَدَ، وَيَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ.
قَالَ حَنْبَلٌ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ:كَانَ أَعْلَمَنَا بِالرِّجَالِ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَأَحْفَظَنَا لِلأَبْوَابِ: سُلَيْمَانُ الشَّاذَكُوْنِيُّ، وَأَحْفَظَنَا لِلطِّوَالِ: عَلِيٌّ.
أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ الزُّبَيْرَ بنَ عَبْدِ الوَاحِدِ الحَافِظَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَكْرِيُّ، سَمِعْتُ جَعْفَراً الطَّيَالِسِيَّ يَقُوْلُ:
صَلَّى أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ فِي مَسْجِدِ الرُّصَافَةِ، فَقَامَ قَاصٌّ، فَقَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ أَنَسٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، خَلَقَ اللهُ مِنْ كُلِّ كَلِمَةٍ مِنْهَا طَيْراً، مِنْقَارُهُ مِنْ ذَهَبٍ، وَرِيْشُهُ مِنْ مَرْجَانَ) .
وَأَخَذَ فِي قِصَّةٍ نَحْوَ عِشْرِيْنَ وَرَقَةً.
فَجَعَلَ أَحْمَدُ يَنْظُرُ إِلَى يَحْيَى، وَيَحْيَى يَنْظُرُ إِلَيْهِ، وَهُمَا يَقُوْلاَنِ: مَا سَمِعنَا بِهَذَا إِلاَّ السَّاعَةَ.
فَسَكَتَا حَتَّى فَرَغَ مِنْ قَصَصِهِ، وَأَخَذَ قِطَاعَهُ، ثُمَّ قَعَدَ يَنْتَظِرُ بِقُبَّتِهَا، فَأَشَارَ إِلَيْهِ يَحْيَى، فَجَاءَ مُتَوَهِّماً لِنَوَالٍ يُجِيزُهُ، فَقَالَ: مَنْ حَدَّثَكَ بِهَذَا الحَدِيْثِ؟
فَقَالَ: أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِيْنٍ.
فَقَالَ: أَنَا يَحْيَى، وَهَذَا أَحْمَدُ، مَا سَمِعْنَا بِهَذَا قَطُّ، فَإِنْ كَانَ وَلاَ بُدَّ مِنَ الكَذِبِ، فَعَلَى غَيْرِنَا.
فَقَالَ: أَنْتَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: لَمْ أَزَلْ أَسْمَعُ أَنَّ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ أَحْمَقُ، وَمَا عَلِمتُ إِلاَّ السَّاعَةَ، كَأَنَّهُ لَيْسَ فِي الدُّنْيَا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ غَيْرَكُمَا!! كَتَبْتُ عَنْ سَبْعَةَ عَشَرَ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ وَيَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ.
قَالَ: فَوَضَعَ أَحْمَدُ كُمَّهُ عَلَى وَجْههِ، وَقَالَ: دَعْهُ يَقُومُ.
فَقَامَ كَالمُستَهْزِئِ بِهِمَا.
هَذِهِ حِكَايَةٌ عَجِيْبَةٌ، وَرَاوِيهَا البَكْرِيُّ لاَ أَعْرِفُهُ، فَأَخَافُ أَنْ يَكُوْنَ وَضَعَهَا.
عَنْ أَحْمَدَ بنِ عُقْبَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ:
مَنْ لَمْ يَكُنْ
سَمْحاً فِي الحَدِيْثِ، كَانَ كَذَّاباً.قِيْلَ: كَيْفَ يَكُوْنُ سَمْحاً؟
قَالَ: إِذَا شَكَّ فِي حَدِيْثِهِ، تَرَكَهُ.
وَقَالَ جَعْفَرُ بنُ أَبِي عُثْمَانَ: كُنَّا عِنْدَ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ مُستَعجِلٌ، فَقَالَ: يَا أَبَا زَكَرِيَّا، حَدِّثْنِي بِشَيْءٍ أَذْكُرْكَ بِهِ.
فَقَالَ يَحْيَى: اذْكُرْنِي أَنَّكَ سَأَلْتَنِي أَنْ أُحَدِّثَكَ، فَلَمْ أَفْعَلْ.
الحُسَيْنُ بنُ فَهْمٍ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ:
كُنْتُ بِمِصْرَ، فَرَأَيْتُ جَارِيَةً بِيْعَتْ بِأَلْفِ دِيْنَارٍ، مَا رَأَيْتُ أَحْسَنَ مِنْهَا، صَلَّى اللهُ عَلَيْهَا!
فَقُلْتُ: يَا أَبَا زَكَرِيَّا! مِثْلُكَ يَقُوْلُ هَذَا؟
قَالَ: نَعَمْ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهَا وَعَلَى كُلِّ مَلِيْحٍ.
هَذِهِ الحِكَايَةُ مَحْمُوْلَةٌ عَلَى الدُّعَابَةِ مِنْ أَبِي زَكَرِيَّا.
وَتُرْوَى عَنْهُ بِإِسْنَادٍ آخَرَ.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَمْرٍو البَرْذَعِيُّ: سَمِعْتُ الحَافِظَ أَبَا زُرْعَةَ الرَّازِيَّ يَقُوْلُ:
كَانَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ لاَ يَرَى الكِتَابَةَ عَنْ أَبِي نَصْرٍ التَّمَّارِ، وَلاَ عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، وَلاَ عَنْ أَحَدٍ مِمَّنْ امْتُحِنَ فَأَجَابَ.
قُلْتُ: هَذَا أَمرٌ ضَيِّقٌ، وَلاَ حَرَجَ عَلَى مَنْ أَجَابَ فِي المِحْنَةِ، بَلْ وَلاَ عَلَى مَنْ أُكرِهَ عَلَى صَرِيحِ الكُفْرِ عَمَلاً بِالآيَةِ - وَهَذَا هُوَ الحَقُّ -.
وَكَانَ يَحْيَى -رَحِمَهُ اللهُ- مِنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ، فَخَافَ مِنْ سَطْوَةِ الدَّوْلَةِ، وَأَجَابَ تَقِيَّةً.
عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ:
كُنْتُ إِذَا دَخَلْتُ مَنْزِلِي بِاللَّيْلِ، قَرَأْتُ آيَةَ الكُرْسِيِّ عَلَى دَارِي وَعِيَالِيَ خَمْسَ مَرَّاتٍ، فَبَيْنَا أَنَا أَقْرَأُ، إِذَا شَيْءٌ يُكَلِّمُنِي: كَمْ تَقرَأُ هَذَا؟ كَأَنْ لَيْسَ إِنْسَانٌ يُحسِنُ يَقْرَأُ غَيْرَكَ؟
فَقُلْتُ: أَرَى هَذَا يَسُوءكَ؟ وَاللهِ لأَزِيدَنَّكَ.
فَصِرْتُ أَقرَؤُهَا فِي اللَّيْلَةِ خَمْسِيْنَ، سِتِّيْنَ مَرَّةً.
وَقَالَ عَبَّاسٌ: قُلْتُ لِيَحْيَى: مَا تَقُوْلُ فِي الرَّجُلِ يُقَوِّمُ لِلرَّجُلِ حَدِيْثَهُ؟
يَعْنِي: يَنزِعُ مِنْهُ اللَّحْنَ.فَقَالَ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: لَوْ لَمْ نَكتُبِ الحَدِيْثَ مِنْ ثَلاَثِيْنَ وَجْهاً، مَا عَقَلنَاهُ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الجُنَيْدِ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ:
مَا الدُّنْيَا إِلاَّ كَحُلُمٍ، وَاللهِ مَا ضَرَّ رَجُلاً اتَّقَى اللهَ عَلَى مَا أَصْبَحَ وَأَمسَى، لَقَدْ حَجَجتُ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، خَرَجتُ رَاجِلاً مِنْ بَغْدَادَ إِلَى مَكَّةَ، هَذَا مِنْ خَمْسِيْنَ سَنَةً، كَأَنَّمَا كَانَ أَمْسِ.
فَقُلْتُ لِيَحْيَى: تَرَى أَنْ يَنظُرَ الرَّجُلُ فِي رَأْيِ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيْفَةَ؟
قَالَ: مَا أَرَى لأَحَدٍ أَنْ يَنْظُرَ فِي رَأْيِ الشَّافِعِيِّ، يَنْظُرُ فِي رَأْيِ أَبِي حَنِيْفَةَ أَحَبُّ إِلَيَّ.
قُلْتُ: قَدْ كَانَ أَبُو زَكَرِيَّا -رَحِمَهُ اللهُ- حَنَفِيّاً فِي الفُرُوْعِ، فَلِهَذَا قَالَ هَذَا، وَفِيْهِ انحِرَافٌ يَسِيْرٌ عَنِ الشَّافِعِيِّ.
قَالَ ابْنُ الجُنَيْدِ: وَسَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ:
تَحْرِيْمُ النَّبِيذِ صَحِيْحٌ، وَلَكِنْ أَقِفُ، وَلاَ أُحَرِّمُهُ، قَدْ شَرِبَهُ قَوْمٌ صَالِحُونَ بِأَحَادِيْثَ صِحَاحٍ، وَحَرَّمَهُ قَوْمٌ صَالِحُونَ بِأَحَادِيْثَ صِحَاحٍ.
وَسَمِعْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ القَطَّانَ يَقُوْلُ: حَدِيْثُ الطِّلاَءِ وَحَدِيْثُ
عُتْبَةَ بنِ فَرْقَدٍ جَمِيْعاً صَحِيْحَانِ.قَالَ عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، قَالَ:
حَضَرتُ نُعَيْمَ بنَ حَمَّادٍ بِمِصْرَ، فَجَعَلَ يَقْرَأُ كِتَاباً صَنَّفَهُ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ المُبَارَكِ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ ... ، وَذَكَرَ أَحَادِيْثَ.
فَقُلْتُ: لَيْسَ ذَا عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ.
فَغَضِبَ، وَقَالَ: تَرُدُّ عَلَيَّ؟
قُلْتُ: إِيْ وَاللهِ، أُرِيْدُ زَيْنَكَ.
فَأَبَى أَنْ يَرجِعَ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ لاَ يَرجِعُ، قُلْتُ: لاَ وَاللهِ، مَا سَمِعْتَ هَذِهِ مِنِ ابْنِ المُبَارَكِ، وَلاَ سَمِعَهَا هُوَ مِنِ ابْنِ عَوْنٍ قَطُّ.
فَغَضِبَ، وَغَضِبَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ، وَقَامَ، فَدَخَلَ، فَأَخْرَجَ صَحَائِفَ، فَجَعَلَ
يَقُوْلُ - وَهِيَ بِيَدِهِ -: أَيْنَ الَّذِيْنَ يَزْعُمُوْنَ أَنَّ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ لَيْسَ بِأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ فِي الحَدِيْثِ؟ نَعَمْ، يَا أَبَا زَكَرِيَّا غَلِطْتُ، وَإِنَّمَا رَوَى هَذِهِ الأَحَادِيْثَ غَيْرُ ابْنِ المُبَارَكِ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ.قَالَ الحُسَيْنُ بنُ حِبَّانَ: قَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ:
دَفَعَ إِلَيَّ ابْنُ وَهْبٍ كِتَاباً عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ صَالِحٍ فِيْهِ خَمْسُ مائَةِ حَدِيْثٍ، أَو أَكْثَرُ، فَانتَقَيتُ مِنْهَا شِرَارَهَا، لَمْ يَكُنْ لِي يَوْمَئِذٍ مَعْرِفَةٌ، قُلْتُ: أَسْمِعْتَهَا مِنْ أَحَدٍ قَبْلَ ابْنِ وَهْبٍ؟
قَالَ: لاَ.
قُلْتُ: كَذَا كُلُّ مَنْ يَكُوْنُ مُبْتَدِئاً، لاَ يُحْسِنُ الانتِخَابَ، فَعَلْنَا نَحْوَ هَذَا، وَنَدِمنَا بَعْدُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ الطَّبَرِيُّ: خَرَجَ ابْنُ مَعِيْنٍ حَاجّاً، وَكَانَ أَكُولاً، فَحَدَّثَنِي أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ شَاهٍ: أَنَّهُ كَانَ فِي رُفْقَتِهِ، فَلَمَّا قَدِمُوا فَيْدَ، أُهدِيَ إِلَى يَحْيَى فَالُوْذَجٌ لَمْ يَنْضِجْ، فَقُلْنَا لَهُ: يَا أَبَا زَكَرِيَّا، لاَ تَأْكُلْهُ، فَإِنَّا نَخَافُ عَلَيْكَ.
فَلَمْ يَعبَأْ بِكَلاَمِنَا، وَأَكَلَهُ، فَمَا اسْتَقَرَّ فِي مَعِدَتِهِ حَتَّى شَكَا وَجَعَ بَطنِهِ، وَانْسَهَلَ، إِلَى أَنْ وَصَلنَا إِلَى المَدِيْنَةِ، وَلاَ نُهُوضَ بِهِ، فَتَفَاوَضْنَا فِي أَمرِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَنَا سَبِيْلٌ إِلَى المُقَامِ عَلَيْهِ لأَجلِ الحَجِّ، وَلَمْ نَدرِ مَا نَعمَلُ فِي أَمرِهِ.
فَعَزَمَ بَعْضُنَا عَلَى القِيَامِ عَلَيْهِ وَتَرْكِ الحَجِّ، وَبِتْنَا فَلَمْ يُصْبِحْ حَتَّى وَصَّى وَمَاتَ، فَغَسَلنَاهُ، وَدَفَنَّاهُ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ: لَمْ يُنْتَفَعْ بِيَحْيَى؛ لأَنَّهُ كَانَ يَتَكَلَّمُ فِي النَّاسِ.
وَقَدْ رَأَيْتُ حِكَايَةً شَاذَّةً، قَالَهَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، عَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ: أَنَّ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ مَاتَ قَبْلَ أَبِيْهِ بِعَشْرَةِ أَشْهُرٍ.
قَالَ مَهِيْبُ بنُ سُلَيْمٍ البُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ البُخَارِيُّ الحَافِظُ، قَالَ:
كُنَّا فِي الحَجِّ مَعَ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، فَدَخَلْنَا المَدِيْنَةَ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ، وَمَاتَ مِنْ لَيلَتِهِ، فَلَمَّا أَصبَحْنَا، تَسَامَعَ النَّاسُ بِقُدُوْمِهِ وَبِمَوْتِهِ، فَاجْتَمَعَ العَامَّةُ، وَجَاءَتْ بَنُو هَاشِمٍ، فَقَالُوا: نُخْرِجُ لَهُ الأَعوَادَ التِي غُسِّلَ عَلَيْهَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فَكَرِهَ العَامَّةُ ذَلِكَ، وَكَثُرَ الكَلاَمُ، فَقَالَتْ بَنُو هَاشِمٍ: نَحْنُ أَوْلَى بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ أَهْلٌ أنْ
يُغسَلَ عَلَيْهَا.فَغُسِلَ عَلَيْهَا، وَدُفِنَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فِي ذِي القَعْدَةِ.
قَالَ مَهِيْبٌ: فِيْهَا وُلِدْتُ -يَعْنِي: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ-.
قَالَ عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ: مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ عَامَئِذٍ، وَصَلَّى عَلَيْهِ وَالِي المَدِيْنَةِ، وَكَلَّمَ الحِزَامِيُّ الوَالِيَ، فَأَخرَجُوا لَهُ سَرِيرَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَحُمِلَ عَلَيْهِ.
أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، قَالَ: مَاتَ يَحْيَى لِسَبْعٍ بَقِيْنَ مِنْ ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ، وَقَدِ اسْتَوْفَى خَمْساً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً، وَدَخَلَ فِي السِتِّ، وَدُفِنَ بِالبَقِيْعِ.
قَالَ حُبَيْشُ بنُ مُبَشِّرِ الفَقِيْهُ - وَهُوَ ثِقَةٌ -: رَأَيْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ فِي النَّوْمِ، فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ؟
قَالَ: أَعطَانِي، وَحَبَانِي، وَزَوَّجَنِي ثَلاَثَ مائَةِ حَوْرَاءَ، وَمَهَّدَ لِي بَيْنَ البَابَيْنِ -أَوْ قَالَ: بَيْنَ النَّاسِ-.
سَمِعَهَا: جَعْفَرُ بنُ أَبِي عُثْمَانَ، مِنْ حُبَيْشٍ.
وَرَوَاهَا: الحُسَيْنُ بنُ الخَصِيْبِ، عَنْ حُبَيْشٍ، قَالَ:
رَأَيْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ فِي النَّوْمِ، فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ؟
قَالَ: أَدْخَلَنِي عَلَيْهِ فِي دَارِهِ، وَزَوَّجَنِي ثَلاَثَ مائَةِ حَوْرَاءَ.
ثُمَّ قَالَ لِلْمَلاَئِكَةِ: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي كَيْفَ تَطَرَّى وَحَسُنَ!
قَالَ أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى بنِ الجَارُوْدِ: قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ:
مَا أَعْلَمُ أَحَداً كَتَبَ مَا كَتَبَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ.
وَقَالَ ابْنُ البَرَاءِ: سَمِعْتُ عَلِيّاً يَقُوْلُ:
لاَ نَعْلَمُ أَحَداً مِنْ لَدُنْ آدَمَ كَتَبَ مِنَ الحَدِيْثِ، مَا كَتَبَ ابْنُ مَعِيْنٍ.
مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ رَاشِدٍ الطَّبَرِيُّ: عَنْ مُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ الطَّبَرِيِّ، قَالَ:
دَخَلْتُ عَلَى يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، فَوَجَدْتُ عِنْدَهُ كَذَا وَكَذَا سِفْطاً دَفَاتِرَ، وَسَمِعْتُهُ
يَقُوْلُ:كَتَبْتُ بِيَدِي أَلْفَ أَلفِ حَدِيْثٍ، وَكُلُّ حَدِيْثٍ لاَ يُوجَدُ هَا هُنَا - وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الأَسفَاطِ - فَهُوَ كَذِبٌ.
وَعَنْ مُجَاهِدِ بنِ مُوْسَى، قَالَ: كَانَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ يَكْتُبُ الحَدِيْثَ نَيِّفاً وَخَمْسِيْنَ مَرَّةً.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ دَاوُدَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ:
أَشْتَهِي أَنْ أَقَعَ عَلَى شَيْخٍ ثِقَةٍ، عِنْدَهُ بَيْتٌ مُلِئَ بِكُتُبٍ، أَكْتُبُ عَنْهُ وَحْدِي.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ أَكْثَرَ مِنْ كِتَابَةِ الحَدِيْثِ، وَعُرِفَ بِهِ، وَكَانَ لاَ يَكَادُ يُحَدِّثُ.
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي مَهْزُوْلٍ: عَنْ مُحَمَّدِ بنِ حَفْصٍ، سَمِعَ عَمْراً النَّاقِدَ يَقُوْلُ:
مَا كَانَ فِي أَصْحَابِنَا أَحْفَظُ لِلأَبْوَابِ مِنْ أَحْمَدَ، وَلاَ أَسَرَدُ لِلْحَدِيْثِ مِنِ ابْنِ الشَّاذَكُوْنِيِّ، وَلاَ أَعْلَمُ بِالإِسْنَادِ مِنْ يَحْيَى، مَا قَدِرَ أَحَدٌ يَقلِبَ عَلَيْهِ إِسْنَاداً قَطُّ.
القَوَارِيْرِيُّ: قَالَ لِي يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ: مَا قَدِمَ عَلَيْنَا مِثْلُ هَذَيْنِ: أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِيْنٍ.
قَالَ هَارُوْنُ بنُ بَشِيْرٍ الرَّازِيُّ: رَأَيْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ اسْتَقبَلَ القِبْلَةَ رَافِعاً يَدَيْهِ، يَقُوْلُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ تَكَلَّمتُ فِي رَجُلٍ، وَلَيْسَ هُوَ عِنْدِي كَذَّاباً، فَلاَ تَغْفِرْ لِي.
هَذِهِ حِكَايَةٌ تُسْتَنكَرُ.
الحَسَنُ بنُ عُلَيْلٍ العَنَزِيُّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، قَالَ:
أَخطَأَ عَفَّانُ فِي نَيِّفٍ وَعِشْرِيْنَ حَدِيْثاً، مَا أَعْلَمتُ بِهَا أَحَداً، أَعْلَمتُهُ سِرّاً، وَطَلَبَ إِلَيَّ خَلَفُ بنُ سَالِمٍ، فَقَالَ: قُلْ لِي: أَيُّ شَيْءٍ هِيَ؟
فَمَا قُلْتُ لَهُ، كَانَ يُحِبُّ أَنْ يَجِدَ عَلَيْهِ.
قَالَ بِشْرُ بنُ مُوْسَى: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: وَيْلٌ لِلْمُحَدِّثِ إِذَا اسْتَضعَفَهُ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ.قُلْتُ: يَعْمَلُوْنَ بِهِ مَاذَا؟
قَالَ: إِنْ كَانَ كَوْدَناً، سَرَقُوا كُتُبَهُ، وَأَفسَدُوا حَدِيْثَهُ، وَحَبَسُوهُ وَهُوَ حَاقِنٌ حَتَّى يَأْخُذَهُ الحَصْرُ، فَقَتَلُوهُ شَرَّ قِتْلَةٍ، وَإِنْ كَانَ فَحلاً، اسْتَضعَفَهُمْ، وَكَانُوا بَيْنَ أَمرِهِ وَنَهْيِهِ.
قُلْتُ: وَكَيْفَ يَكُوْنُ ذَكَراً؟
قَالَ: يَعرِفُ مَا يَخْرُجُ مِنْ رَأْسِهِ.
قَالَ عَبَّاسٌ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ فِي قَوْلهِ: (لاَ تَمْنَعُهُ نَفْسَهَا وَلَوْ كَانَتْ عَلَى قَتَبٍ ) ، قَالَ:
كَانَتِ المَرْأَةُ فِي الجَاهِلِيَّةِ إِذَا أَرَادَتْ أَنْ تَلِدَ، تَقْعُدُ عَلَى قَتَبٍ؛ لِيَكُوْنَ أَسْرَعَ لِوِلاَدَتِهَا.
وَقَالَ: لَسْتُ أَعجَبُ مِمَّنْ يُحَدِّثُ فَيُخطِئُ، بَلْ مِمَّنْ يُصِيبُ.
وسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ لِحُبَّى المَدَنِيَّةِ: أَيُّ الرِّجَالِ أَعجَبُ إِلَى النِّسَاءِ؟
قَالَتْ: الَّذِي يُشْبِهُ خَدُّه خَدَّهَا.
وَقَالَ يَحْيَى فِي زَكَاةِ الفِطْرِ: لاَ بَأْسَ أَنْ تُعْطَى فِضَّةً.
وَقَالَ يَحْيَى فِيْمَنْ صَلَّى خَلْفَ الصَّفِّ وَحدَهُ، قَالَ: يُعِيدُ.
وَقَالَ فِي مَنْ صَلَّى بِقَومٍ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ، قَالَ: لاَ يُعِيدُوْنَ، وَيُعِيدُ.
وَقَالَ لِي: أَنَا أُوتِرُ بِثَلاَثٍ، وَلاَ أَقْنُتُ إِلاَّ فِي النِّصْفِ الأَخِيْرِ مِنْ رَمَضَانَ،
وَأَرفَعُ يَدَيَّ إِذَا قَنَتُّ، وَلاَ أَرَى المَسْحَ عَلَى العِمَامَةِ، وَلاَ أَرَى الصَّلاَةَ عَلَى رَجُلٍ يَمُوْتُ بِغَيْرِ البَلَدِ - كَانَ يَحْيَى يُوْهِنُ هَذَا الحَدِيْثَ - وَلاَ أَرَى أَنْ يَهَبَ الرَّجُلُ بِنْتَهُ بلاَ مَهرٍ، وَلاَ أَنْ يُزَوِّجَهَا عَلَى سُوْرَةٍ - رَأَيْتُ يَحْيَى يُوَهِّنُ هَذِهِ الأَحَادِيْثَ -.أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنَ طَبَرْزَدَ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ الشُّرُوْطِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ الزَّاغُوْنِيِّ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ المَأْمُوْنِ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عُمَرَ الحَرْبِيُّ، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ سُلَيْمَانَ القُرَشِيُّ، أَنْشَدَنِي دَاوُدُ بنُ رَشِيْدٍ، أَنْشَدَنِي يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ:
المَالُ يَذْهَبُ حِلُّهُ وَحَرَامُهُ ... يَوْماً وَتَبْقَى فِي غَدٍ آثَامُهُ
لَيْسَ التَّقِيُّ بِمُتَّقٍ لإِلَهِهِ ... حَتَّى يَطِيْبَ شَرَابُهُ وَطَعَامُهُ
وَيَطِيْبَ مَا يَحوِي وَتَكْسِبُ كَفُّه ... وَيَكُوْنَ فِي حُسْنِ الحَدِيْثِ كَلاَمُهُ
نَطَقَ النَّبِيُّ لَنَا بِهِ عَنْ رَبِّهِ ... فَعَلَى النَّبِيِّ صَلاَتُهُ وَسَلاَمُهُ
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَقِيْلٍ البَغْدَادِيَّ يَقُوْلُ:
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ هَانِئٍ : رَأَيْتُ أَبَا دَاوُدَ يَقَعُ فِي يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، فَقُلْتُ لَهُ: تَقَعُ فِي مِثْلِ يَحْيَى؟
فَقَالَ: مَنْ جَرَّ ذُيُوْلَ النَّاسِ، جَرُّوا ذَيلَهُ.
قَالَ أَبُو الرَّبِيْعِ مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ البَلْخِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بنَ مَهْرَوَيْه، سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ الحُسَيْنِ بنِ الجُنَيْدِ، سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ:إِنَّا لَنَطْعَنُ عَلَى أَقوَامٍ لَعَلَّهُمْ قَدْ حَطُّوا رِحَالَهُمْ فِي الجَنَّةِ مِنْ أَكْثَرَ مِنْ مائَتَيْ سَنَةٍ.
قَالَ ابْنُ مَهْرَوَيْه: فَدَخَلْتُ عَلَى ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ، وَهُوَ يَقْرَأُ عَلَى النَّاسِ كِتَابَ (الجَرْحِ وَالتَّعْدِيْلِ) ، فَحَدَّثْتُهُ بِهَذِهِ الحِكَايَةِ، فَبَكَى، وَارتَعَدَتْ يَدَاهُ حَتَّى سَقَطَ الكِتَابُ مِنْ يَدِهِ، وَجَعَلَ يَبْكِي، وَيَسْتَعِيدُنِي الحِكَايَةَ - أَوْ كَمَا قَالَ -.
قَالَ الحُسَيْنُ بنُ فَهْمٍ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ:
وُلِدَتُ فِي خِلاَفَةِ أَبِي جَعْفَرٍ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ، فِي آخِرِهَا.
قُلْتُ: وَقَدِ ارْتَحَلَ وَهُوَ ابْنُ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ سَنَةً إِلَى مِصْرَ وَالشَّامِ،
وَلَقِيَ: أَبَا مُسْهِرٍ، وَسَعِيْدَ بنَ أَبِي مَرْيَمَ، وَكَاتِبَ اللَّيْثِ، وَسَمِعُوا إِذْ ذَاكَ بِهَذِهِ البِلاَدِ.
قَالَ عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ: مَاتَ، فَحُمِلَ عَلَى أَعوَادِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنُودِيَ بَيْنَ يَدَيْهِ: هَذَا الَّذِي كَانَ يَنفِي الكَذِبَ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَقَالَ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ كُزَالٍ: كُنْتُ مَعَ ابْنِ مَعِيْنٍ بِالمَدِيْنَةِ، فَمِرَضَ، وَتُوُفِّيَ بِهَا، فَحُمِلَ عَلَى سَرِيرِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرَجُلٌ يُنَادِي بَيْنَ يَدَيْهِ: هَذَا الَّذِي كَانَ يَنْفِي الكَذِبَ عَنْ حَدِيْثِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قَالَ الخَطِيْبُ: حَدَّثَ عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ التَّمَّارُ، وَبَيْنَ وَفَاتَيْهِمَا خَمْسٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً، أَوْ أَكْثَرُ.
قُلْتُ: هَذَا التَّمَّارُ هُوَ آخِرُ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَقِيَ يَحْيَى، وَعَاشَ إِلَى سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَمَاتَ مَعَ ابْنِ مَعِيْنٍ فِي العَامِ: أَبُو طَالِبٍ عَبْدُ الجَبَّارِ بنُ عَاصِمٍ بِبَغْدَادَ، وَعَلِيُّ
بنُ قَرِيْنٍ - وَمَا هُوَ بثِقَةٍ - وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ الحَجَّاجِ السَّامِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْحَاقَ الصِّيْنِيُّ الضَّرِيْرُ، وَيَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ العَابِدُ، وَسُلَيْمَانُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ، وَحَامِدُ بنُ عُمَرَ البَكْرَاوِيُّ قَاضِي كِرْمَانَ، وَيَزِيْدُ بنُ مَوْهَبٍ الرَّمْلِيُّ، وَرَوْحُ بنُ صَلاَحٍ المِصْرِيُّ، وَجُمُعَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ البَلْخِيُّ أَخُو خَاقَانَ، وَحِبَّانُ بنُ مُوْسَى المَرْوَزِيُّ.
مَوْلاَهُم هُوَ: الإِمَامُ، الحَافِظُ، الجِهْبَذُ، شَيْخُ المُحَدِّثِيْنَ، أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ مَعِيْنِ
بنِ عَوْنِ بنِ زِيَادِ بنِ بِسْطَامَ.وَقِيْلَ: اسْمُ جَدِّهِ: غِيَاثُ بنُ زِيَادِ بنِ عَوْنِ بنِ بِسْطَامَ الغَطَفَانِيُّ، ثُمَّ المُرِّيُّ مَوْلاَهُمُ، البَغْدَادِيُّ، أَحَدُ الأَعْلاَمِ.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنِ: ابْنِ المُبَارَكِ، وَهُشَيْمٍ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ عَيَّاشٍ، وَعَبَّادِ بنِ عَبَّادٍ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ مُجَالدِ بنِ سَعِيْدٍ، وَيَحْيَى بنِ زَكَرِيَّا بنِ أَبِي زَائِدَةَ، وَمُعْتَمِرِ بنِ سُلَيْمَانَ، وَسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَغُنْدَرٍ، وَأَبِي مُعَاوِيَةَ، وَحَاتِمِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ، وَحَفْصِ بنِ غِيَاثٍ، وَجَرِيْرِ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ، وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَمَرْوَانَ بنِ مُعَاوِيَةَ، وَهِشَامِ بنِ يُوْسُفَ، وَعِيْسَى بنِ يُوْنُسَ، وَوَكِيْعٍ، وَمَعْنٍ، وَأَبِي حَفْصٍ الأَبَّارِ، وَعُمَرَ بنِ عُبَيْدٍ، وَعَلِيِّ بنِ هَاشِمٍ، وَيَحْيَى القَطَّانِ، وَابْنِ مَهْدِيٍّ، وَعَفَّانَ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ بِالعِرَاقِ وَالحِجَازِ وَالجَزِيْرَةِ وَالشَّامِ وَمِصْرَ.
رَوَى عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ، وَهَنَّادُ بنُ السَّرِيِّ، وَعِدَّةٌ مِنْ أَقْرَانِهِ، وَالبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَعَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الصَّاغَانِيُّ، وَعَبْدُ الخَالِقِ بنُ مَنْصُوْرٍ، وَعُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَإِسْحَاقُ الكَوْسَجُ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الجُنَيْدِ، وَمُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ الأَشْعَرِيُّ، وَحَنْبَلُ بنُ إِسْحَاقَ، وَصَالِحُ بنُ مُحَمَّدِ جَزَرَةُ، وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ المَرْوَزِيُّ، وَأَبُو مَعِيْنٍ الحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ الرَّازِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُطَيَّنٌ، وَمُضَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَسَدِيُّ، وَالمُفَضَّلُ بنُ غَسَّانَ الغَلاَبِيُّ، وَأَبُو زُرْعَةَ النَّصْرِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ التَّمَّارُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، وَمُحَمَّدُ بنُ صَالِحٍ كَيْلَجَةُ، وَعَلِيُّ بنُ
الحَسَنِ مَاغَمَّةُ، وَعُبَيْدٌ العِجْلُ، وَحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ وَضَّاحٍ، وَجَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ، وَمُوْسَى بنُ هَارُوْنَ، وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ الصُّوْفِيُّ، وَخَلاَئِقُ.أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ الزَّاهِدُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ الدَّقَّاقُ، وَالفَتْحُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ بِبَغْدَادَ (ح) .
وَأَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ، عَنْ أَبِي اليُمْنِ الكِنْدِيِّ، قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الأُرْمَوِيُّ، وَقَرَأْتُ علَى أَحْمَدَ بنِ هِبَةِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا يُوْسُفُ بنُ أَيُّوْبَ الزَّاهِدُ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ النَّقُّوْرِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عُمَرَ السُّكَّرِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الصُّوْفِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُجَالدٍ، عَنْ بَيَانٍ، عَنْ وَبْرَةَ، عَنْ هَمَّامٍ، قَالَ:
قَالَ عَمَّارُ بنُ يَاسِرٍ: رَأَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَا مَعَهُ إِلاَّ خَمْسَةُ أَعْبُدٍ، وَامْرَأَتَانِ، وَأَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُم -.
أَخْرَجَهُ: البُخَارِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ.
وبَالإِسْنَادِ إِلَى يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، قَالَ:حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ يَزِيْدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أُنَيْسٍ الأَنْصَارِيُّ، سَمِعْتُ طَلْحَةَ بنَ خِرَاشٍ، يُحَدِّثُ عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ:
أَنَّ رَجُلاً قَامَ، فَرَكَعَ رَكْعَتَيِ الفَجْرِ، فَقَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الأُوْلَى: {قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُوْنَ} [الكَافِرُوْنَ: 1] حَتَّى انْقَضَتِ السُّوْرَةُ.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (هَذَا عَبْدٌ عَرَفَ رَبَّهُ) .
وَقَرَأَ فِي الآخِرَةِ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} [الإِخْلاَصُ: 1] حَتَّى انْقَضَتِ السُّوْرَةُ.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (هَذَا عَبْدٌ آمَنَ بِرَبِّهِ) .
قَالَ طَلْحَةُ: فَأَنَا أَسْتَحِبُّ أَنْ أَقْرَأَهُمَا فِي هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ.
وبَالإِسْنَادِ إِلَى ابْنِ مَعِيْنٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ الأَعْرَجِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ عَتِيْقٍ، عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَ بِوَضْعِ الجَوَائِحِ، وَنَهَى عَنْ بَيْعِ السِّنِيْنَ.
أَخْرَجَهُ: أَبُو دَاوُدَ، عَنْ يَحْيَى، فَوَافَقْنَاهُ.
وبَالإِسْنَادِ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ أَقَالَ مُسْلِماً عَثْرَتَهُ، أَقَالَهُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ) .
أَخْرَجَهُ: أَبُو دَاوُدَ، عَنْ يَحْيَى.وَقَدْ رَوَاهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ فِي زِيَادَاتِ (المُسْنَدِ) ، عَنْ يَحْيَى، وَهُوَ مَعْدُوْدٌ فِي أَفْرَادِهِ.
ورَوَيْنَا فِي (البُخَارِيِّ) : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ:
قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: وَكَانَ بَيْنَهُمَا شَيْءٌ، فَغَدَوْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقُلْتُ: أَتُرِيدُ أَنْ تُقَاتِلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَتُحِلَّ مَا حَرَّمَ اللهُ؟
قَالَ: مَعَاذَ اللهِ.
وَذَكَرَ بَاقِي الأَثَرِ، وَهُوَ فِي تَفْسِيْرِ بَرَاءةَ.
فَعَبْدُ اللهِ أَظُنُّهُ المُسْنَدِيَّ.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الفَضْلِ أَحْمَدَ بنِ هِبَةِ اللهِ، عَنْ أَبِي رَوْحٍ الهَرَوِيِّ، أَخْبَرَنَا تَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّحْوِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ المَوْصِلِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوْقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ: {وَالنَّازِعَاتِ غَرْقاً} [النَّازِعَاتُ: 1] ، قَالَ: المَلاَئِكَةُ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ عَبْدَانَ الأَهْوَازيَّ يَقُوْلُ:سَمِعْتُ حُسَيْنَ بنَ حُمَيْدِ بنِ الرَّبِيْعِ، سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي شَيْبَةَ يَتَكَلَّمُ فِي يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، يَقُوْلُ: مِنْ أَينَ لَهُ حَدِيْثُ حَفْصِ بنِ غِيَاثٍ عَنِ الأَعْمَشِ -يَعْنِي: مَنْ أَقَالَ مُسْلِماً-؟
وَقَالَ: هُوَ ذَا كُتُبُ حَفْصِ بنِ غِيَاثٍ عِنْدَنَا، وَهُوَ ذَا كُتُبُ ابْنِهِ عُمَرَ عِنْدَنَا، وَلَيْسَ فِيْهَا شَيْءٌ مِنْ هَذَا.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: قَدْ رَوَى الحَدِيْثَ مَالِكُ بنُ سُعَيْرٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو عَوْفٍ البُزُوْرِيُّ، عَنْ زَكَرِيَّا بنِ عَدِيٍّ، عَنْ حَفْصِ بنِ غِيَاثٍ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: الحُسَيْنُ بنُ حُمَيْدٍ لاَ يُعْتَمَدُ عَلَى رِوَايَتِهِ، هُوَ مُتَّهَمٌ فِي هَذِهِ الحِكَايَةِ، وَيَحْيَى أَوْثَقُ وَأَجَلُّ مِنْ أَنْ يُنْسَبَ إِلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَبِهِ يُسْبَرُ أَحْوَالُ الضُّعَفَاءِ.
قُلْتُ: فَحَاصِلُ الأَمْرِ: أَنَّ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ مَعَ إِمَامَتِهِ لَمْ يَنْفَرِدْ بِالحَدِيْثِ - وَللهِ الحَمْدُ -.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ: وُلِدَ يَحْيَى فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ. قُلْتُ: وَكَتَبَ
العِلْمَ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِيْنَ سَنَةً.قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: سُئِلَ أَبِي عَنْ يَحْيَى، فَقَالَ: إِمَامٌ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: أَبُو زَكَرِيَّا أَحَدُ الأَئِمَّةِ فِي الحَدِيْثِ، ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ.
قَالَ الكَلاَبَاذِيُّ: رَوَى عَنْهُ البُخَارِيُّ، ثُمَّ رَوَى عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَحْيَى فِي تَفْسِيْرِ بَرَاءةَ، وَرَوَى عَنْ عَبْدِ اللهِ غَيْرَ مَنْسُوْبٍ عَنْهُ فِي ذِكْرِ أَيَّامِ الجَاهِلِيَّةِ.
قَالَ ابْنُ المَرْزُبَانِ: حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ المَرْوَزِيُّ، سَمِعْتُ دَاوُدَ بنَ رُشَيْدٍ يَذْكُرُ:
أَنَّ وَالِدَ ابْنِ مَعِيْنٍ كَانَ مُشَعْبِذاً مِنْ قَرْيَةٍ نَحْوَ الأَنْبَارِ، يُقَالُ لَهَا: نِقْيَا، وَيُقَالُ: إِنَّ فِرْعَوْنَ كَانَ مِنْ أَهْلِ نِقْيَا.
قَالَ العِجْلِيُّ: كَانَ أَبُوْهُ مَعِيْنٌ كَاتِباً لِعَبْدِ اللهِ بنِ مَالِكٍ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: حَدَّثَنِي شَيْخٌ كَاتِبٌ ذَكَرَ أَنَّهُ قَرَابَةُ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، قَالَ:
كَانَ مَعِيْنٌ عَلَى خَرَاجِ الرَّيِّ، فَمَاتَ، فَخَلَّفَ لِيَحْيَى ابْنِهِ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَأَنفَقَهُ كُلَّهُ عَلَى الحَدِيْثِ حَتَّى لَمْ يَبْقَ لَهُ نَعلٌ يَلبَسُهُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الغَنَائِمِ القَيْسِيُّ إِجَازَةً، أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ القَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الحَرَشِيُّ، وَأَبُو سَعِيْدٍ الصَّيْرَفِيُّ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو العَبَّاسِ الأَصَمُّ، سَمِعْتُ العَبَّاسَ بنَ مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ، وَسَأَلَهُ عَبَّاسٌ العَنْبَرِيُّ: يَا أَبَا زَكَرِيَّا، مِنْ أَيِّ العَرَبِ أَنْتَ؟
قَالَ: أَنَا مَوْلَىً لِلْعَرَبِ.
قِيْلَ: أَصْلُ ابْنِ مَعِيْنٍ مِنَ الأَنْبَارِ، وَنَشَأَ بِبَغْدَادَ، وَهُوَ أَسَنُّ الجَمَاعَةِ الكِبَارِ الَّذِيْنَ هُمْ: عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ بنُ رَاهْوَيْه، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ، فَكَانُوا يَتَأَدَّبُوْنَ مَعَهُ، وَيَعْتَرِفُوْنَ لَهُ، وَكَانَ لَهُ هَيْبَةٌ وَجَلاَلَةٌ، يَركَبُ البَغْلَةَ، وَيَتَجَمَّلُ فِي لِبَاسِهِ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -.وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ: أَنَا مَوْلَىً لِلْجُنَيْدِ.
ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُرِّيُّ: قَالَ أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى الجَارُوْدُ:
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: انْتَهَى العِلْمُ بِالبَصْرَةِ إِلَى: يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، وَقَتَادَةَ، وعِلْمُ الكُوْفَةِ إِلَى: أَبِي إِسْحَاقَ، وَالأَعْمَشِ، وَعِلْمُ الحِجَازِ إِلَى: ابْنِ شِهَابٍ، وَعَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، وَصَارَ عِلْمُ هَؤُلاَءِ السِّتَّةِ إِلَى اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلاً: ابْنِ أَبِي عَرُوْبَةَ، وَمَعْمَرٍ، وَشُعْبَةَ، وَحَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، وَالسُّفْيَانَيْنِ، وَمَالِكٍ، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَابْنِ إِسْحَاقَ، وَهُشَيْمٍ، وَأَبِي عَوَانَةَ، وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، وَيَحْيَى بنِ أَبِي زَائِدَةَ ... ، إِلَى أَنْ ذَكَرَ ابْنَ المُبَارَكِ، وَابْنَ مَهْدِيٍّ، وَيَحْيَى بنَ آدَمَ، فَصَارَ عِلْمُ هَؤُلاَءِ جَمِيْعِهِم إِلَى يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ.
قُلْتُ: نَعَمْ، وَإِلَى: أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَلِيٍّ، وَعِدَّةٍ.
ثُمَّ مِنْ بَعْدِ هَؤُلاَءِ إِلَى: أَبِي عَبْدِ اللهِ البُخَارِيِّ، وَأَبِي زُرْعَةَ، وَأَبِي حَاتِمٍ، وَأَبِي دَاوُدَ، وَطَائِفَةٍ.
ثُمَّ إِلَى: أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ المَرْوَزِيِّ، وَابْنِ خُزَيْمَةَ، وَابْنِ جَرِيْرٍ.
ثُمَّ شَرَعَ العِلْمُ يَنقُصُ قَلِيْلاً قَلِيْلاً - فَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ -.
وبَإِسْنَادِي إِلَى الخَطِيْبِ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ المُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُسْلِمٍ بنُ مِهْرَانَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ المُؤْمِنِ بنُ خَلَفٍ، سَمِعْتُ صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ،
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ يَقُوْلُ:سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ يَقُوْلُ: انْتَهَى عِلْمُ الحِجَازِ إِلَى الزُّهْرِيِّ، وَعَمْرٍو ... ، إِلَى أَنْ قَالَ: فَانْتَهَى عِلْمُ هَؤُلاَءِ إِلَى ابْنِ مَعِيْنٍ.
عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ النَّضْرِ: قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ:
انْتَهَى العِلْمُ إِلَى يَحْيَى بنِ آدَمَ، وَبَعْدَهُ إِلَى يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ -رَحِمَهُ اللهُ-.
عَبْدُ الخَالِقِ بنُ مَنْصُوْرٍ: قُلْتُ لاِبْنِ الرُّوْمِيِّ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيْدٍ الحَدَّادَ يَقُوْلُ: لَوْلاَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، مَا كَتَبْتُ الحَدِيْثَ.
قَالَ: وَمَا تَعْجَبُ!! فَوَاللهِ لَقَدْ نَفَعَنَا اللهُ بِهِ، لَقَدْ كَانَ المُحَدِّثُ يُحَدِّثُنَا لِكَرَامَتِهِ مَا لَمْ نَكُنْ نُحَدِّثُ بِهِ أَنْفُسَنَا، وَلَقَدْ كُنْتُ عِنْدَ أَحْمَدَ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، انْظُرْ فِي هَذِهِ الأَحَادِيْثِ، فَإِنَّ فِيْهَا خَطَأً.
قَالَ: عَلَيْكَ بِأَبِي زَكَرِيَّا، فَإِنهُ يَعْرِفُ الخَطَأَ.
قَالَ عَبْدُ الخَالِقِ: فَقُلْتُ لاِبْنِ الرُّوْمِيِّ: حَدَّثَنِي أَبُو عَمْرٍو، أَنَّهُ سَمِعَ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ:
السَّمَاعُ مَعَ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ شِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُوْرِ.
عَلِيُّ بنُ سَهْلٍ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ فِي دِهْلِيْزِ عَفَّانَ يَقُوْلُ لِعَبْدِ اللهِ بنِ الرُّوْمِيِّ: لَيْتَ أَنَّ أَبَا زَكَرِيَّا قَدِمَ.
فَقَالَ: مَا تَصْنَعُ بِهِ؟
قَالَ أَحْمَدُ: اسكُتْ، هُوَ يَعْرِفُ خَطَأَ الحَدِيْثِ.
وَبِهِ، إِلَى الخَطِيْبِ: أَخْبَرَنَا الصَّيْرَفِيُّ، حَدَّثَنَا الأَصَمُّ، سَمِعْتُ الدُّوْرِيَّ يَقُوْلُ:
رَأَيْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ فِي مَجْلِسِ رَوْحٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَمائَتَيْنِ، فَيَسْأَلُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ عَنْ أَشْيَاءَ، يَقُوْلُ: يَا أَبَا زَكَرِيَّا، مَا تَقُوْلُ فِي حَدِيْثِ كَذَا؟ وَكَيْفَ حَدِيْثُ كَذَا؟ فَيَسْتَثْبِتُهُ فِي أَحَادِيْثَ قَدْ سَمِعُوْهَا.
فَمَا قَالَ يَحْيَى: كَتَبَهُ أَحْمَدُ.
وَقَلَّمَا سَمِعْتُه يُسَمِّي يَحْيَى بِاسْمِهِ، بَلْ يَكْنِيْهِ.
وَبِهِ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ المَالِيْنِيُّ كِتَابَةً، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ الإِدْرِيْسِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى البُخَارِيُّ، سَمِعْتُ
الحُسَيْنَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ الفَارِسِيَّ، سَمِعْتُ أَبَا مُقَاتِلٍ سُلَيْمَانَ بنَ عَبْدِ اللهِ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ:هَا هُنَا رَجُلٌ خَلَقَهُ اللهُ لِهَذَا الشَّأْنِ، يُظهِرُ كَذِبَ الكَذَّابِيْنَ -يَعْنِي: ابْنَ مَعِيْنٍ-.
وَبِهِ: حَدَّثَنَا التَّنُوْخِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ طَلْحَةَ النِّعَالِيُّ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ البُخَارِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حُرَيْثٍ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ سَلَمَةَ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ رَافِعٍ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ:
كُلُّ حَدِيْثٍ لاَ يَعْرِفُهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، فَلَيْسَ هُوَ بِحَدِيْثٍ.
ابْنُ عَدِيٍّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ زَكَرِيَّا بنِ حَيَّوَيْه، حَدَّثَنَا العَبَّاسُ بنُ إِسْحَاقَ، سَمِعْتُ هَارُوْنَ بنَ مَعْرُوْفٍ يَقُوْلُ:
قَدِمَ عَلَيْنَا شَيْخٌ، فَبَكَّرْتُ عَلَيْهِ، فَسَأَلْنَاهُ أَنْ يُمْلِيَ عَلَيْنَا، فَأَخَذَ الكِتَابَ، وَإِذَا البَابُ يُدَقُّ، فَقَالَ الشَّيْخُ: مَنْ هَذَا؟
قَالَ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ.
فَأَذِنَ لَهُ، وَالشَّيْخُ عَلَى حَالَتِهِ لَمْ يَتَحَرَّكْ، فَإِذَا آخَرُ يَدُقُّ البَابَ، فَقَالَ: مَنْ ذَا؟
قَالَ: أَحْمَدُ الدَّوْرَقِيُّ.
فَأَذِنَ لَهُ، وَلَمْ يَتَحَرَّكْ، ثُمَّ ابْنُ الرُّوْمِيِّ فَكَذَلِكَ، ثُمَّ أَبُو خَيْثَمَةَ فَكَذَلِكَ، ثُمَّ دُقَّ البَابُ، فَقَالَ: مَنْ ذَا؟
قَالَ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ.
فَرَأَيْتُ الشَّيْخَ ارْتَعَدَتْ يَدُهُ، وَسَقَطَ مِنْهُ الكِتَابُ.
جَعْفَرٌ الطَّيَالِسِيُّ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ:
لَمَّا قَدِمَ عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عَطَاءٍ، أَتَيتُهُ، فَكَتَبْتُ عَنْهُ، فَبَيْنَا أَنَا عِنْدَهُ، إِذْ أَتَاهُ كِتَابٌ مِنْ أَهْلِهِ، فَقَرَأَهُ، وَأَجَابَهُمْ، فَرَأَيْتُهُ وَقَدْ كَتَبَ عَلَى ظَهْرِهِ: قَدِمتُ بَغْدَادَ، وَقَبِلَنِي يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ: قُلْتُ لأَبِي دَاوُدَ: أَيُّمَا أَعْلمُ بِالرِّجَالِ: يَحْيَى، أَوْ عَلِيٌّ؟
قَال: يَحْيَى، وَلَيْسَ عِنْدِي مِنْ خَبَرِ أَهْلِ الشَّامِ شَيْءٌ.
قَالَ عَبْدُ المُؤْمِنِ النَّسَفِيُّ: سَأَلْتُ أَبَا عَلِيٍّ صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ: مَنْ أَعْلَمُ بِالحَدِيْثِ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، أَوْ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ؟
فَقَالَ: أَحْمَدُ أَعْلَمُ بِالفِقْهِ
وَالاخْتِلاَفِ، وَأَمَّا يَحْيَى، فَأَعْلَمُ بِالرِّجَالِ وَالكُنَى.مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ يَقُوْلُ:
كُنْتُ إِذَا قَدِمتُ إِلَى بَغْدَادَ مُنْذُ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً، كَانَ الَّذِي يُذَاكِرُنِي أَحْمَدُ، فَرُبَّمَا اخْتَلَفْنَا فِي الشَّيْءِ، فَنَسْأَلُ أَبَا زَكَرِيَّا، فَيَقُوْمُ فَيُخْرِجَهُ، مَا كَانَ أَعْرَفَهُ بِمَوْضِعِ حَدِيْثِهِ!
وَقَالَ أَبُو الحَسَنِ بنُ البَرَاءِ: سَمِعْتُ ابْنَ المَدِيْنِيِّ يَقُوْلُ:
مَا رَأَيْتُ يَحْيَى اسْتَفهَمَ حَدِيْثاً قَطُّ، وَلاَ رَدَّهُ.
بَكْرُ بنُ سَهْلٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الخَالِقِ بنُ مَنْصُوْرٍ، قُلْتُ لاِبْنِ الرُّوْمِيِّ:
سَمِعْتُ بَعْضَ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ يُحَدِّثُ بِأَحَادِيْثِ يَحْيَى، وَيَقُوْلُ: حَدَّثَنِي مَنْ لَمْ تَطْلِعُ الشَّمْسُ عَلَى أَكْبَرَ مِنْهُ، فَقَالَ: وَمَا تَعْجَبُ؟ سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ فِي النَّاسِ مِثْلَهُ.
وَعَنِ ابْنِ المَدِيْنِيِّ، قَالَ: مَا أَعْلَمُ أَحَداً كَتَبَ مَا كَتَبَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ.
وَقَالَ أَبُو الحَسَنِ بنُ البَرَاءِ: سَمِعْتُ عَلِيّاً يَقُوْلُ:
لاَ نَعْلَمُ أَحَداً مِنْ لَدُنْ آدَمَ كَتَبَ مِنَ الحَدِيْثِ مَا كَتَبَ يَحْيَى.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عُقْبَةَ: سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ: كَمْ كَتَبتَ مِنَ الحَدِيْثِ؟
قَالَ: كَتَبْتُ بِيَدِي هَذِهِ سِتَّ مائَةِ أَلْفِ حَدِيْثٍ.
قُلْتُ: يَعْنِي بِالمُكَرَّرِ.
قَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ الحَافِظُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ، سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ:
خَلَّفَ يَحْيَى مِنَ الكُتُبِ مائَةَ قِمَطْرٍ، وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ قِمَطْراً، وَأَرْبَعَةَ حِبَابٍ شَرَابِيَّةٍ مَملُوءةٍ كُتُباً.
وَقَالَ عَبْدُ المُؤْمِنِ: سَمِعْتُ صَالِحاً جَزَرَةَ يَقُوْلُ:
ذُكِرَ لِي أَنَّ يَحْيَى بنَ
مَعِيْنٍ خَلَّفَ مِنَ الكُتُبِ ثَلاَثِيْنَ قِمَطْراً وَعِشْرِيْنَ حُبّاً، فَطَلَبَ يَحْيَى بنُ أَكْثَمَ كُتُبَهُ بِمائَتَي دِيْنَارٍ، فَلَمْ يَدَعْ أَبُو خَيْثَمَةَ أَنْ تُبَاعَ.وَبإِسْنَادِيَ إِلَى الخَطِيْبِ: أَخْبَرَنَا المَالِيْنِيُّ، أَخْبَرْنَا ابْنُ عَدِيٍّ، حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ القَاسِمِ بنِ الأَشْيَبِ، عَنْ بَعْضِ شُيُوْخِهِ، قَالَ:
كَانَ أَحْمَدُ وَيَحْيَى وَعَلِيٌّ عِنْدَ عَفَّانَ - أَوْ عِنْدَ سُلَيْمَانَ بنِ حَرْبٍ - فَأَتَى بِصَكٍّ، فَشَهِدُوا فِيْهِ، وَكَتَبَ يَحْيَى فِيْهِ.
فَقَالَ عَفَّانُ: أَمَّا أَنْتَ يَا أَحْمَدُ، فَضَعِيفٌ فِي إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ، وَأَمَّا أَنْتَ يَا عَلِيُّ، فَضَعِيفٌ فِي حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، وَأَمَّا أَنْتَ يَا يَحْيَى فَضَعِيفٌ فِي ابْنِ المُبَارَكِ.
فَقَالَ يَحْيَى: وَأَنْتَ يَا عَفَّانُ، فَضَعِيفٌ فِي شُعْبَةَ.
ثُمَّ قَالَ الخَطِيْبُ: لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِنْهُم ضَعِيْفاً، وَإِنَّمَا هَذَا مُزَاحٌ.
قُلْتُ: كُلٌّ مِنْهُم صَغِيْرٌ فِي شَيْخِهِ ذَلِكَ، وَمُقِلٌّ عَنهُ.
عَبْدُ الخَالِقِ بنُ مَنْصُوْرٍ: سَمِعْتُ ابْنَ الرُّوْمِيِّ يَقُوْلُ:
مَا رَأَيْتُ أَحَداً قَطُّ يَقُوْلُ الحَقَّ فِي المَشَايِخِ غَيْرَ يَحْيَى، وَغَيْرُهُ كَانَ يَتَحَامَلُ بِالقَوْلِ.
قُلْتُ: هَذَا القَوْلُ مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ الرُّوْمِيِّ غَيْرُ مَقْبُوْلٍ، وَإِنَّمَا قَالَهُ بِاجْتِهَادِهِ، وَنَحْنُ لاَ نَدَّعِي العِصْمَةَ فِي أَئِمَّةِ الجَرحِ وَالتَّعدِيلِ، لَكِنْ هُمْ أَكْثَرُ النَّاسِ صَوَاباً، وَأَنْدَرُهُمْ خَطَأً، وَأَشَدُّهُم إِنصَافاً، وَأَبْعَدُهُمْ عَنِ التَّحَامُلِ.
وَإِذَا اتَّفَقُوا عَلَى تَعدِيلٍ أَوْ جَرْحٍ، فَتَمَسَّكْ بِهِ، وَاعضُضْ عَلَيْهِ بِنَاجِذَيْكَ، وَلاَ تَتَجَاوَزْهُ، فَتَنْدَمَ، وَمَنْ شَذَّ مِنْهُم، فَلاَ عِبْرَةَ بِهِ.
فَخَلِّ عَنْكَ العَنَاءَ، وَأَعطِ القَوسَ بَارِيَهَا، فَوَاللهِ لَوْلاَ الحُفَّاظُ الأَكَابِرُ، لَخَطَبَتِ الزَّنَادِقَةُ عَلَى المَنَابِرِ، وَلَئِنْ خَطَبَ خَاطِبٌ مِنْ أَهْلِ البِدَعِ، فَإِنَّمَا هُوَ بِسَيفِ الإِسْلاَمِ، وَبِلِسَانِ الشَّرِيعَةِ، وَبِجَاهِ السُّنَّةِ، وَبِإِظهَارِ مُتَابَعَةِ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُوْلُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَنَعُوْذُ بِاللهِ مِنَ الخِذْلاَنِ.
وَمِنْ نَادِرِ مَا شَذَّ بِهِ ابْنُ مَعِيْنٍ -رَحِمَهُ اللهُ-: كَلاَمُهُ فِي أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ؛ حَافِظِ
مِصْرَ، فَإِنَّهُ تَكَلَّمَ فِيْهِ بِاجْتِهَادِهِ، وَشَاهَدَ مِنْهُ مَا يُلَيِّنُهُ بِاعتِبَارِ عَدَالَتِهِ، لاَ بِاعتِبَارِ إِتْقَانهِ، فَإِنَّهُ مُتْقِنٌ، ثَبْتٌ، وَلَكِنْ عَلَيْهِ مَآخِذُ فِي تِيْهٍ وَبَأْوٍ كَانَ يَتَعَاطَاهُ، وَاللهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ، وَلَعَلَّهُ اطَّلَعَ مِنْهُ عَلَى حَالٍ فِي أَيَّامِ شَبِيبِةِ ابْنِ صَالِحٍ، فَتَابَ مِنْهُ، أَوْ مِنْ بَعْضهِ، ثُمَّ شَاخَ، وَلَزِمَ الخَيْرَ، فَلَقِيَهُ البُخَارِيُّ وَالكِبَارُ، وَاحتَجُّوا بِهِ.وَأَمَّا كَلاَمُ النَّسَائِيِّ فِيْهِ، فَكَلاَمُ مَوْتُورٍ؛ لأَنَّهُ آذَى النَّسَائِيَّ، وَطَرَدَهُ مِنْ مَجْلِسِهِ، فَقَالَ فِيْهِ: لَيْسَ بِثِقَةٍ.
قَالَ الحَسَنُ بنُ عَلِيْلٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، قَالَ:
أَخطَأَ عَفَّانُ فِي نَيِّفٍ وَعِشْرِيْنَ حَدِيْثاً، مَا أَعْلَمتُ بِهَا أَحَداً؛ وَأَعْلَمتُه سِرّاً، وَلَقَدْ طَلَبَ إِلَيَّ خَلَفُ بنُ سَالِمٍ أَنْ أُخبِرَهُ بِهَا، فَمَا عَرَّفتُهُ، وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يَجِدَ عَلَيْهِ.
قَالَ يَحْيَى: مَا رَأَيْتُ عَلَى رَجُلٍ خَطَأً، إِلاَّ سَتَرتُهُ، وَأَحْبَبْتُ أَنْ أُزَيِّنَ أَمرَهُ، وَمَا اسْتَقبَلتُ رَجُلاً فِي وَجْهِهِ بِأَمرٍ يَكرَهُهُ، وَلَكِنْ أُبَيِّنُ لَهُ خَطَأَهُ فِيْمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ، فَإِنْ قَبِلَ ذَلِكَ، وَإِلاَ تَرَكتُهُ.
وَقَالَ ابْنُ الغَلاَبِيِّ: قَالَ يَحْيَى:
إِنِّي لأُحَدِّثُ بِالحَدِيْثِ، فَأَسهَرُ لَهُ؛ مَخَافَةَ أَنْ أَكُوْنَ قَدْ أَخطَأْتُ فِيْهِ.
وبإِسْنَادِي إِلَى الخَطِيْبِ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ طَلْحَةَ، أَخْبَرَنَا صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ الهَمَذَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حَمْدَانَ بنِ المَرْزُبَانِ، قَالَ:
قَالَ لِي أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: إِذَا رَأَيْتَ البَغْدَادِيَّ يُحِبُّ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، فَاعلَمْ أَنَّهُ صَاحِبُ سُنَّةٍ، وَإِذَا رَأَيْتهُ يُبغِضُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ، فَاعلَمْ أَنَّهُ كَذَّابٌ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ هَارُوْنَ الفَلاَّسُ: إِذَا رَأَيْتَ الرَّجُلَ يَقَعُ فِي يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، فَاعلَمْ أَنَّهُ كَذَّابٌ، يَضَعُ الحَدِيْثَ، وَإِنَّمَا يُبغِضُهُ لِمَا يُبَيِّنُ مِنْ أَمرِ الكَذَّابِينَ.
قَالَ الأَبَّارُ فِي (تَارِيْخِهِ) : قَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ:
كَتَبنَا عَنِ الكَذَّابِينَ، وَسَجَرنَا
بِهِ التَّنُّورُ، وَأَخرَجنَا بِهِ خُبْزاً نَضِيجاً.قَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ: أَكَلتُ عَجِينَةَ خُبْزٍ، وَأَنَا نَاقِهٌ مِنْ عِلَّةٍ.
قَالَ الدُّوْرِيُّ: سُئِلَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ عَنِ الرُّؤُوْسِ، فَقَالَ: ثَلاَثَةٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ صَالِحٌ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ حِبَّانَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى الأَحْوَلُ، قَالَ:
تَلَقَّيْنَا يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ مَقْدَمَهُ مِنْ مَكَّةَ، فَسَأَلنَاهُ عَنِ الحُسَيْنِ بنِ حِبَّانَ، فَقَالَ: أُحَدِّثُكُمْ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ بآخِرِ رَمَقٍ، قَالَ لِي: يَا أَبَا زَكَرِيَّا: أَتَرَى مَا مَكْتُوْبٌ عَلَى الخَيمَةِ؟
قُلْتُ: مَا أَرَى شَيْئاً.
قَالَ: بَلَى أَرَى مَكْتُوْباً: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ يَقضِي أَوْ يَفصِلُ بَيْنَ الظَّالِمِيْنَ.
قَالَ: ثُمَّ خَرَجَتْ نَفْسُهُ.
الخَطِيْبُ: أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الشَّيْخِ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ بُنَانٍ، سَمِعْتُ حُبَيْشَ بنَ مُبَشِّرٍ يَقُوْلُ:
كَانَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ يَحُجُّ، فَيَذْهَبُ إِلَى مَكَّةَ عَلَى المَدِيْنَةِ، وَيَرجِعُ عَلَيْهَا.
فَلَمَّا كَانَ آخِرُ حَجَّةٍ حَجَّهَا، رَجَعَ عَلَى المَدِيْنَةِ، فَأَقَامَ بِهَا يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً، ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى نَزَلَ المَنْزِلَ مَعَ رُفَقَائِه، فَبَاتُوا، فَرَأَى فِي النَّوْمِ هَاتِفاً يَهتِفُ بِهِ: يَا أَبَا زَكَرِيَّا، أَتَرغَبُ عَنْ جِوَارِي؟
فَلَمَّا أَصبَحَ، قَالَ لِرُفَقَائِه: امضُوا، فَإِنِّي رَاجِعٌ إِلَى المَدِيْنَةِ.
فَمَضَوْا، وَرَجَعَ، فَأَقَامَ بِهَا ثَلاَثاً، ثُمَّ مَاتَ.
قَالَ: فَحُمِلَ عَلَى أَعوَادِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَصَلَّى عَلَيْهِ النَّاسُ، وَجَعَلُوا يَقُوْلُوْنَ: هَذَا الذَّابُّ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الكَذِبَ.
قَالَ الخَطِيْبُ: الصَّحِيْحُ مَوْتُهُ فِي ذَهَابِهِ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ.
قَالَ عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ:
لَوْ لَمْ نَكتُبِ الحَدِيْثَ خَمْسِيْنَ مَرَّةً، مَا عَرَفْنَاهُ.
وَفِي (تَارِيْخ دِمَشْقَ) : مِنْ طَرِيْقِ مُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ، سَمِعَ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ
يَقُوْلُ: كَتَبْتُ بِيَدِي أَلْفَ أَلْفِ حَدِيْثٍ.قُلْتُ: يَعْنِي بِالمُكَرَّرِ، أَلاَ تَرَاهُ يَقُوْلُ: لَوْ لَمْ نَكتُبِ الحَدِيْثَ خَمْسِيْنَ مَرَّةً مَا عَرَفْنَاهُ.
أُنْبِئْتُ عَنْ أَبِي المَكَارِمِ اللَّبَّانِ، وَغَيْرِهِ، عَنْ عَبْدِ الغَفَّارِ بنِ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الكَرْمَانِيُّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ غُنْجَارَ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ مُوْسَى السَّلاَمِيَّ، سَمِعْتُ الفَضْلَ بنَ شَاكِرٍ بِبَلَدِ الدَّيْلَمِ، سَمِعْتُ يَزِيْدَ بنَ مُجَالِدٍ، سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ:
إِذَا كَتَبتَ فَقَمِّشْ، وَإِذَا حَدَّثْتَ فَفَتِّشْ.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: سَيَندَمُ المُنتَخِبُ فِي الحَدِيْثِ حَيْثُ لاَ تَنفَعُهُ النَّدَامَةُ.
الأَصَمُّ: حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ، سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ:
كُنَّا بِقَريَةٍ مِنْ قُرَى مِصْرَ، وَلَمْ يَكُنْ مَعَنَا شَيْءٌ، وَلاَ ثَمَّ شَيْءٌ نَشتَرِيهِ، فَلَمَّا أَصبَحْنَا، إِذَا نَحْنُ بِزِنْبِيلٍ مُلِئَ بِسَمَكٍ مَشْوِيٍّ، وَلَيْسَ عِنْدَ أَحَدٍ، فَسَأَلُونِي، فَقُلْتُ: اقتَسِمُوهُ، وَكُلُوْهُ، فَإِنِّي أَظُنُّ أَنَّهُ رِزْقٌ رَزَقَكُمُ اللهُ -تَعَالَى-.
وَسَمِعْتُ يَحْيَى مِرَاراً يَقُوْلُ: القُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ، وَلَيْسَ بِمَخْلُوْقٍ، وَالإِيْمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ، يَزِيْدُ وَيَنقُصُ.
وَرَوَى: عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي زِيَادٍ القَطَوَانِيُّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، قَالَ:
انْتَهَى الحَدِيْثُ إِلَى أَرْبَعَةٍ: أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ؛ وَهُوَ أَفْقَهُهُمْ فِيْهِ، وَإِلَى يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ؛ وَهُوَ أَكْتَبُهُمْ لَهُ، وَإِلَى عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ؛ وَهُوَ أَعلَمُهُم بِهِ، وَإِلَى أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ؛ وَهُوَ أَحْفَظُهُمْ لَهُ.
وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ: وَإِلَى ابْنِ مَعِيْنٍ؛ وَهُوَ أَعْلَمُهُمْ بِصَحِيْحِهِ وَسَقِيمِهِ.
قَالَ عُبَيْدُ اللهِ القَوَارِيْرِيُّ: قَالَ لِي يَحْيَى القَطَّانُ:
مَا قَدِمَ عَلَيْنَا البَصْرَةَ مِثْلُ أَحْمَدَ، وَيَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ.
قَالَ حَنْبَلٌ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ:كَانَ أَعْلَمَنَا بِالرِّجَالِ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَأَحْفَظَنَا لِلأَبْوَابِ: سُلَيْمَانُ الشَّاذَكُوْنِيُّ، وَأَحْفَظَنَا لِلطِّوَالِ: عَلِيٌّ.
أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ الزُّبَيْرَ بنَ عَبْدِ الوَاحِدِ الحَافِظَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَكْرِيُّ، سَمِعْتُ جَعْفَراً الطَّيَالِسِيَّ يَقُوْلُ:
صَلَّى أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ فِي مَسْجِدِ الرُّصَافَةِ، فَقَامَ قَاصٌّ، فَقَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ أَنَسٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، خَلَقَ اللهُ مِنْ كُلِّ كَلِمَةٍ مِنْهَا طَيْراً، مِنْقَارُهُ مِنْ ذَهَبٍ، وَرِيْشُهُ مِنْ مَرْجَانَ) .
وَأَخَذَ فِي قِصَّةٍ نَحْوَ عِشْرِيْنَ وَرَقَةً.
فَجَعَلَ أَحْمَدُ يَنْظُرُ إِلَى يَحْيَى، وَيَحْيَى يَنْظُرُ إِلَيْهِ، وَهُمَا يَقُوْلاَنِ: مَا سَمِعنَا بِهَذَا إِلاَّ السَّاعَةَ.
فَسَكَتَا حَتَّى فَرَغَ مِنْ قَصَصِهِ، وَأَخَذَ قِطَاعَهُ، ثُمَّ قَعَدَ يَنْتَظِرُ بِقُبَّتِهَا، فَأَشَارَ إِلَيْهِ يَحْيَى، فَجَاءَ مُتَوَهِّماً لِنَوَالٍ يُجِيزُهُ، فَقَالَ: مَنْ حَدَّثَكَ بِهَذَا الحَدِيْثِ؟
فَقَالَ: أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِيْنٍ.
فَقَالَ: أَنَا يَحْيَى، وَهَذَا أَحْمَدُ، مَا سَمِعْنَا بِهَذَا قَطُّ، فَإِنْ كَانَ وَلاَ بُدَّ مِنَ الكَذِبِ، فَعَلَى غَيْرِنَا.
فَقَالَ: أَنْتَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: لَمْ أَزَلْ أَسْمَعُ أَنَّ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ أَحْمَقُ، وَمَا عَلِمتُ إِلاَّ السَّاعَةَ، كَأَنَّهُ لَيْسَ فِي الدُّنْيَا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ غَيْرَكُمَا!! كَتَبْتُ عَنْ سَبْعَةَ عَشَرَ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ وَيَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ.
قَالَ: فَوَضَعَ أَحْمَدُ كُمَّهُ عَلَى وَجْههِ، وَقَالَ: دَعْهُ يَقُومُ.
فَقَامَ كَالمُستَهْزِئِ بِهِمَا.
هَذِهِ حِكَايَةٌ عَجِيْبَةٌ، وَرَاوِيهَا البَكْرِيُّ لاَ أَعْرِفُهُ، فَأَخَافُ أَنْ يَكُوْنَ وَضَعَهَا.
عَنْ أَحْمَدَ بنِ عُقْبَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ:
مَنْ لَمْ يَكُنْ
سَمْحاً فِي الحَدِيْثِ، كَانَ كَذَّاباً.قِيْلَ: كَيْفَ يَكُوْنُ سَمْحاً؟
قَالَ: إِذَا شَكَّ فِي حَدِيْثِهِ، تَرَكَهُ.
وَقَالَ جَعْفَرُ بنُ أَبِي عُثْمَانَ: كُنَّا عِنْدَ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ مُستَعجِلٌ، فَقَالَ: يَا أَبَا زَكَرِيَّا، حَدِّثْنِي بِشَيْءٍ أَذْكُرْكَ بِهِ.
فَقَالَ يَحْيَى: اذْكُرْنِي أَنَّكَ سَأَلْتَنِي أَنْ أُحَدِّثَكَ، فَلَمْ أَفْعَلْ.
الحُسَيْنُ بنُ فَهْمٍ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ:
كُنْتُ بِمِصْرَ، فَرَأَيْتُ جَارِيَةً بِيْعَتْ بِأَلْفِ دِيْنَارٍ، مَا رَأَيْتُ أَحْسَنَ مِنْهَا، صَلَّى اللهُ عَلَيْهَا!
فَقُلْتُ: يَا أَبَا زَكَرِيَّا! مِثْلُكَ يَقُوْلُ هَذَا؟
قَالَ: نَعَمْ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهَا وَعَلَى كُلِّ مَلِيْحٍ.
هَذِهِ الحِكَايَةُ مَحْمُوْلَةٌ عَلَى الدُّعَابَةِ مِنْ أَبِي زَكَرِيَّا.
وَتُرْوَى عَنْهُ بِإِسْنَادٍ آخَرَ.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَمْرٍو البَرْذَعِيُّ: سَمِعْتُ الحَافِظَ أَبَا زُرْعَةَ الرَّازِيَّ يَقُوْلُ:
كَانَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ لاَ يَرَى الكِتَابَةَ عَنْ أَبِي نَصْرٍ التَّمَّارِ، وَلاَ عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، وَلاَ عَنْ أَحَدٍ مِمَّنْ امْتُحِنَ فَأَجَابَ.
قُلْتُ: هَذَا أَمرٌ ضَيِّقٌ، وَلاَ حَرَجَ عَلَى مَنْ أَجَابَ فِي المِحْنَةِ، بَلْ وَلاَ عَلَى مَنْ أُكرِهَ عَلَى صَرِيحِ الكُفْرِ عَمَلاً بِالآيَةِ - وَهَذَا هُوَ الحَقُّ -.
وَكَانَ يَحْيَى -رَحِمَهُ اللهُ- مِنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ، فَخَافَ مِنْ سَطْوَةِ الدَّوْلَةِ، وَأَجَابَ تَقِيَّةً.
عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ:
كُنْتُ إِذَا دَخَلْتُ مَنْزِلِي بِاللَّيْلِ، قَرَأْتُ آيَةَ الكُرْسِيِّ عَلَى دَارِي وَعِيَالِيَ خَمْسَ مَرَّاتٍ، فَبَيْنَا أَنَا أَقْرَأُ، إِذَا شَيْءٌ يُكَلِّمُنِي: كَمْ تَقرَأُ هَذَا؟ كَأَنْ لَيْسَ إِنْسَانٌ يُحسِنُ يَقْرَأُ غَيْرَكَ؟
فَقُلْتُ: أَرَى هَذَا يَسُوءكَ؟ وَاللهِ لأَزِيدَنَّكَ.
فَصِرْتُ أَقرَؤُهَا فِي اللَّيْلَةِ خَمْسِيْنَ، سِتِّيْنَ مَرَّةً.
وَقَالَ عَبَّاسٌ: قُلْتُ لِيَحْيَى: مَا تَقُوْلُ فِي الرَّجُلِ يُقَوِّمُ لِلرَّجُلِ حَدِيْثَهُ؟
يَعْنِي: يَنزِعُ مِنْهُ اللَّحْنَ.فَقَالَ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: لَوْ لَمْ نَكتُبِ الحَدِيْثَ مِنْ ثَلاَثِيْنَ وَجْهاً، مَا عَقَلنَاهُ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الجُنَيْدِ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ:
مَا الدُّنْيَا إِلاَّ كَحُلُمٍ، وَاللهِ مَا ضَرَّ رَجُلاً اتَّقَى اللهَ عَلَى مَا أَصْبَحَ وَأَمسَى، لَقَدْ حَجَجتُ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، خَرَجتُ رَاجِلاً مِنْ بَغْدَادَ إِلَى مَكَّةَ، هَذَا مِنْ خَمْسِيْنَ سَنَةً، كَأَنَّمَا كَانَ أَمْسِ.
فَقُلْتُ لِيَحْيَى: تَرَى أَنْ يَنظُرَ الرَّجُلُ فِي رَأْيِ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيْفَةَ؟
قَالَ: مَا أَرَى لأَحَدٍ أَنْ يَنْظُرَ فِي رَأْيِ الشَّافِعِيِّ، يَنْظُرُ فِي رَأْيِ أَبِي حَنِيْفَةَ أَحَبُّ إِلَيَّ.
قُلْتُ: قَدْ كَانَ أَبُو زَكَرِيَّا -رَحِمَهُ اللهُ- حَنَفِيّاً فِي الفُرُوْعِ، فَلِهَذَا قَالَ هَذَا، وَفِيْهِ انحِرَافٌ يَسِيْرٌ عَنِ الشَّافِعِيِّ.
قَالَ ابْنُ الجُنَيْدِ: وَسَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ:
تَحْرِيْمُ النَّبِيذِ صَحِيْحٌ، وَلَكِنْ أَقِفُ، وَلاَ أُحَرِّمُهُ، قَدْ شَرِبَهُ قَوْمٌ صَالِحُونَ بِأَحَادِيْثَ صِحَاحٍ، وَحَرَّمَهُ قَوْمٌ صَالِحُونَ بِأَحَادِيْثَ صِحَاحٍ.
وَسَمِعْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ القَطَّانَ يَقُوْلُ: حَدِيْثُ الطِّلاَءِ وَحَدِيْثُ
عُتْبَةَ بنِ فَرْقَدٍ جَمِيْعاً صَحِيْحَانِ.قَالَ عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، قَالَ:
حَضَرتُ نُعَيْمَ بنَ حَمَّادٍ بِمِصْرَ، فَجَعَلَ يَقْرَأُ كِتَاباً صَنَّفَهُ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ المُبَارَكِ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ ... ، وَذَكَرَ أَحَادِيْثَ.
فَقُلْتُ: لَيْسَ ذَا عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ.
فَغَضِبَ، وَقَالَ: تَرُدُّ عَلَيَّ؟
قُلْتُ: إِيْ وَاللهِ، أُرِيْدُ زَيْنَكَ.
فَأَبَى أَنْ يَرجِعَ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ لاَ يَرجِعُ، قُلْتُ: لاَ وَاللهِ، مَا سَمِعْتَ هَذِهِ مِنِ ابْنِ المُبَارَكِ، وَلاَ سَمِعَهَا هُوَ مِنِ ابْنِ عَوْنٍ قَطُّ.
فَغَضِبَ، وَغَضِبَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ، وَقَامَ، فَدَخَلَ، فَأَخْرَجَ صَحَائِفَ، فَجَعَلَ
يَقُوْلُ - وَهِيَ بِيَدِهِ -: أَيْنَ الَّذِيْنَ يَزْعُمُوْنَ أَنَّ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ لَيْسَ بِأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ فِي الحَدِيْثِ؟ نَعَمْ، يَا أَبَا زَكَرِيَّا غَلِطْتُ، وَإِنَّمَا رَوَى هَذِهِ الأَحَادِيْثَ غَيْرُ ابْنِ المُبَارَكِ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ.قَالَ الحُسَيْنُ بنُ حِبَّانَ: قَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ:
دَفَعَ إِلَيَّ ابْنُ وَهْبٍ كِتَاباً عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ صَالِحٍ فِيْهِ خَمْسُ مائَةِ حَدِيْثٍ، أَو أَكْثَرُ، فَانتَقَيتُ مِنْهَا شِرَارَهَا، لَمْ يَكُنْ لِي يَوْمَئِذٍ مَعْرِفَةٌ، قُلْتُ: أَسْمِعْتَهَا مِنْ أَحَدٍ قَبْلَ ابْنِ وَهْبٍ؟
قَالَ: لاَ.
قُلْتُ: كَذَا كُلُّ مَنْ يَكُوْنُ مُبْتَدِئاً، لاَ يُحْسِنُ الانتِخَابَ، فَعَلْنَا نَحْوَ هَذَا، وَنَدِمنَا بَعْدُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ الطَّبَرِيُّ: خَرَجَ ابْنُ مَعِيْنٍ حَاجّاً، وَكَانَ أَكُولاً، فَحَدَّثَنِي أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ شَاهٍ: أَنَّهُ كَانَ فِي رُفْقَتِهِ، فَلَمَّا قَدِمُوا فَيْدَ، أُهدِيَ إِلَى يَحْيَى فَالُوْذَجٌ لَمْ يَنْضِجْ، فَقُلْنَا لَهُ: يَا أَبَا زَكَرِيَّا، لاَ تَأْكُلْهُ، فَإِنَّا نَخَافُ عَلَيْكَ.
فَلَمْ يَعبَأْ بِكَلاَمِنَا، وَأَكَلَهُ، فَمَا اسْتَقَرَّ فِي مَعِدَتِهِ حَتَّى شَكَا وَجَعَ بَطنِهِ، وَانْسَهَلَ، إِلَى أَنْ وَصَلنَا إِلَى المَدِيْنَةِ، وَلاَ نُهُوضَ بِهِ، فَتَفَاوَضْنَا فِي أَمرِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَنَا سَبِيْلٌ إِلَى المُقَامِ عَلَيْهِ لأَجلِ الحَجِّ، وَلَمْ نَدرِ مَا نَعمَلُ فِي أَمرِهِ.
فَعَزَمَ بَعْضُنَا عَلَى القِيَامِ عَلَيْهِ وَتَرْكِ الحَجِّ، وَبِتْنَا فَلَمْ يُصْبِحْ حَتَّى وَصَّى وَمَاتَ، فَغَسَلنَاهُ، وَدَفَنَّاهُ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ: لَمْ يُنْتَفَعْ بِيَحْيَى؛ لأَنَّهُ كَانَ يَتَكَلَّمُ فِي النَّاسِ.
وَقَدْ رَأَيْتُ حِكَايَةً شَاذَّةً، قَالَهَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، عَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ: أَنَّ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ مَاتَ قَبْلَ أَبِيْهِ بِعَشْرَةِ أَشْهُرٍ.
قَالَ مَهِيْبُ بنُ سُلَيْمٍ البُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ البُخَارِيُّ الحَافِظُ، قَالَ:
كُنَّا فِي الحَجِّ مَعَ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، فَدَخَلْنَا المَدِيْنَةَ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ، وَمَاتَ مِنْ لَيلَتِهِ، فَلَمَّا أَصبَحْنَا، تَسَامَعَ النَّاسُ بِقُدُوْمِهِ وَبِمَوْتِهِ، فَاجْتَمَعَ العَامَّةُ، وَجَاءَتْ بَنُو هَاشِمٍ، فَقَالُوا: نُخْرِجُ لَهُ الأَعوَادَ التِي غُسِّلَ عَلَيْهَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فَكَرِهَ العَامَّةُ ذَلِكَ، وَكَثُرَ الكَلاَمُ، فَقَالَتْ بَنُو هَاشِمٍ: نَحْنُ أَوْلَى بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ أَهْلٌ أنْ
يُغسَلَ عَلَيْهَا.فَغُسِلَ عَلَيْهَا، وَدُفِنَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فِي ذِي القَعْدَةِ.
قَالَ مَهِيْبٌ: فِيْهَا وُلِدْتُ -يَعْنِي: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ-.
قَالَ عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ: مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ عَامَئِذٍ، وَصَلَّى عَلَيْهِ وَالِي المَدِيْنَةِ، وَكَلَّمَ الحِزَامِيُّ الوَالِيَ، فَأَخرَجُوا لَهُ سَرِيرَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَحُمِلَ عَلَيْهِ.
أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، قَالَ: مَاتَ يَحْيَى لِسَبْعٍ بَقِيْنَ مِنْ ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ، وَقَدِ اسْتَوْفَى خَمْساً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً، وَدَخَلَ فِي السِتِّ، وَدُفِنَ بِالبَقِيْعِ.
قَالَ حُبَيْشُ بنُ مُبَشِّرِ الفَقِيْهُ - وَهُوَ ثِقَةٌ -: رَأَيْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ فِي النَّوْمِ، فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ؟
قَالَ: أَعطَانِي، وَحَبَانِي، وَزَوَّجَنِي ثَلاَثَ مائَةِ حَوْرَاءَ، وَمَهَّدَ لِي بَيْنَ البَابَيْنِ -أَوْ قَالَ: بَيْنَ النَّاسِ-.
سَمِعَهَا: جَعْفَرُ بنُ أَبِي عُثْمَانَ، مِنْ حُبَيْشٍ.
وَرَوَاهَا: الحُسَيْنُ بنُ الخَصِيْبِ، عَنْ حُبَيْشٍ، قَالَ:
رَأَيْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ فِي النَّوْمِ، فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ؟
قَالَ: أَدْخَلَنِي عَلَيْهِ فِي دَارِهِ، وَزَوَّجَنِي ثَلاَثَ مائَةِ حَوْرَاءَ.
ثُمَّ قَالَ لِلْمَلاَئِكَةِ: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي كَيْفَ تَطَرَّى وَحَسُنَ!
قَالَ أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى بنِ الجَارُوْدِ: قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ:
مَا أَعْلَمُ أَحَداً كَتَبَ مَا كَتَبَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ.
وَقَالَ ابْنُ البَرَاءِ: سَمِعْتُ عَلِيّاً يَقُوْلُ:
لاَ نَعْلَمُ أَحَداً مِنْ لَدُنْ آدَمَ كَتَبَ مِنَ الحَدِيْثِ، مَا كَتَبَ ابْنُ مَعِيْنٍ.
مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ رَاشِدٍ الطَّبَرِيُّ: عَنْ مُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ الطَّبَرِيِّ، قَالَ:
دَخَلْتُ عَلَى يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، فَوَجَدْتُ عِنْدَهُ كَذَا وَكَذَا سِفْطاً دَفَاتِرَ، وَسَمِعْتُهُ
يَقُوْلُ:كَتَبْتُ بِيَدِي أَلْفَ أَلفِ حَدِيْثٍ، وَكُلُّ حَدِيْثٍ لاَ يُوجَدُ هَا هُنَا - وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الأَسفَاطِ - فَهُوَ كَذِبٌ.
وَعَنْ مُجَاهِدِ بنِ مُوْسَى، قَالَ: كَانَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ يَكْتُبُ الحَدِيْثَ نَيِّفاً وَخَمْسِيْنَ مَرَّةً.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ دَاوُدَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ:
أَشْتَهِي أَنْ أَقَعَ عَلَى شَيْخٍ ثِقَةٍ، عِنْدَهُ بَيْتٌ مُلِئَ بِكُتُبٍ، أَكْتُبُ عَنْهُ وَحْدِي.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ أَكْثَرَ مِنْ كِتَابَةِ الحَدِيْثِ، وَعُرِفَ بِهِ، وَكَانَ لاَ يَكَادُ يُحَدِّثُ.
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي مَهْزُوْلٍ: عَنْ مُحَمَّدِ بنِ حَفْصٍ، سَمِعَ عَمْراً النَّاقِدَ يَقُوْلُ:
مَا كَانَ فِي أَصْحَابِنَا أَحْفَظُ لِلأَبْوَابِ مِنْ أَحْمَدَ، وَلاَ أَسَرَدُ لِلْحَدِيْثِ مِنِ ابْنِ الشَّاذَكُوْنِيِّ، وَلاَ أَعْلَمُ بِالإِسْنَادِ مِنْ يَحْيَى، مَا قَدِرَ أَحَدٌ يَقلِبَ عَلَيْهِ إِسْنَاداً قَطُّ.
القَوَارِيْرِيُّ: قَالَ لِي يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ: مَا قَدِمَ عَلَيْنَا مِثْلُ هَذَيْنِ: أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِيْنٍ.
قَالَ هَارُوْنُ بنُ بَشِيْرٍ الرَّازِيُّ: رَأَيْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ اسْتَقبَلَ القِبْلَةَ رَافِعاً يَدَيْهِ، يَقُوْلُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ تَكَلَّمتُ فِي رَجُلٍ، وَلَيْسَ هُوَ عِنْدِي كَذَّاباً، فَلاَ تَغْفِرْ لِي.
هَذِهِ حِكَايَةٌ تُسْتَنكَرُ.
الحَسَنُ بنُ عُلَيْلٍ العَنَزِيُّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، قَالَ:
أَخطَأَ عَفَّانُ فِي نَيِّفٍ وَعِشْرِيْنَ حَدِيْثاً، مَا أَعْلَمتُ بِهَا أَحَداً، أَعْلَمتُهُ سِرّاً، وَطَلَبَ إِلَيَّ خَلَفُ بنُ سَالِمٍ، فَقَالَ: قُلْ لِي: أَيُّ شَيْءٍ هِيَ؟
فَمَا قُلْتُ لَهُ، كَانَ يُحِبُّ أَنْ يَجِدَ عَلَيْهِ.
قَالَ بِشْرُ بنُ مُوْسَى: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: وَيْلٌ لِلْمُحَدِّثِ إِذَا اسْتَضعَفَهُ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ.قُلْتُ: يَعْمَلُوْنَ بِهِ مَاذَا؟
قَالَ: إِنْ كَانَ كَوْدَناً، سَرَقُوا كُتُبَهُ، وَأَفسَدُوا حَدِيْثَهُ، وَحَبَسُوهُ وَهُوَ حَاقِنٌ حَتَّى يَأْخُذَهُ الحَصْرُ، فَقَتَلُوهُ شَرَّ قِتْلَةٍ، وَإِنْ كَانَ فَحلاً، اسْتَضعَفَهُمْ، وَكَانُوا بَيْنَ أَمرِهِ وَنَهْيِهِ.
قُلْتُ: وَكَيْفَ يَكُوْنُ ذَكَراً؟
قَالَ: يَعرِفُ مَا يَخْرُجُ مِنْ رَأْسِهِ.
قَالَ عَبَّاسٌ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ فِي قَوْلهِ: (لاَ تَمْنَعُهُ نَفْسَهَا وَلَوْ كَانَتْ عَلَى قَتَبٍ ) ، قَالَ:
كَانَتِ المَرْأَةُ فِي الجَاهِلِيَّةِ إِذَا أَرَادَتْ أَنْ تَلِدَ، تَقْعُدُ عَلَى قَتَبٍ؛ لِيَكُوْنَ أَسْرَعَ لِوِلاَدَتِهَا.
وَقَالَ: لَسْتُ أَعجَبُ مِمَّنْ يُحَدِّثُ فَيُخطِئُ، بَلْ مِمَّنْ يُصِيبُ.
وسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ لِحُبَّى المَدَنِيَّةِ: أَيُّ الرِّجَالِ أَعجَبُ إِلَى النِّسَاءِ؟
قَالَتْ: الَّذِي يُشْبِهُ خَدُّه خَدَّهَا.
وَقَالَ يَحْيَى فِي زَكَاةِ الفِطْرِ: لاَ بَأْسَ أَنْ تُعْطَى فِضَّةً.
وَقَالَ يَحْيَى فِيْمَنْ صَلَّى خَلْفَ الصَّفِّ وَحدَهُ، قَالَ: يُعِيدُ.
وَقَالَ فِي مَنْ صَلَّى بِقَومٍ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ، قَالَ: لاَ يُعِيدُوْنَ، وَيُعِيدُ.
وَقَالَ لِي: أَنَا أُوتِرُ بِثَلاَثٍ، وَلاَ أَقْنُتُ إِلاَّ فِي النِّصْفِ الأَخِيْرِ مِنْ رَمَضَانَ،
وَأَرفَعُ يَدَيَّ إِذَا قَنَتُّ، وَلاَ أَرَى المَسْحَ عَلَى العِمَامَةِ، وَلاَ أَرَى الصَّلاَةَ عَلَى رَجُلٍ يَمُوْتُ بِغَيْرِ البَلَدِ - كَانَ يَحْيَى يُوْهِنُ هَذَا الحَدِيْثَ - وَلاَ أَرَى أَنْ يَهَبَ الرَّجُلُ بِنْتَهُ بلاَ مَهرٍ، وَلاَ أَنْ يُزَوِّجَهَا عَلَى سُوْرَةٍ - رَأَيْتُ يَحْيَى يُوَهِّنُ هَذِهِ الأَحَادِيْثَ -.أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنَ طَبَرْزَدَ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ الشُّرُوْطِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ الزَّاغُوْنِيِّ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ المَأْمُوْنِ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عُمَرَ الحَرْبِيُّ، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ سُلَيْمَانَ القُرَشِيُّ، أَنْشَدَنِي دَاوُدُ بنُ رَشِيْدٍ، أَنْشَدَنِي يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ:
المَالُ يَذْهَبُ حِلُّهُ وَحَرَامُهُ ... يَوْماً وَتَبْقَى فِي غَدٍ آثَامُهُ
لَيْسَ التَّقِيُّ بِمُتَّقٍ لإِلَهِهِ ... حَتَّى يَطِيْبَ شَرَابُهُ وَطَعَامُهُ
وَيَطِيْبَ مَا يَحوِي وَتَكْسِبُ كَفُّه ... وَيَكُوْنَ فِي حُسْنِ الحَدِيْثِ كَلاَمُهُ
نَطَقَ النَّبِيُّ لَنَا بِهِ عَنْ رَبِّهِ ... فَعَلَى النَّبِيِّ صَلاَتُهُ وَسَلاَمُهُ
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَقِيْلٍ البَغْدَادِيَّ يَقُوْلُ:
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ هَانِئٍ : رَأَيْتُ أَبَا دَاوُدَ يَقَعُ فِي يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، فَقُلْتُ لَهُ: تَقَعُ فِي مِثْلِ يَحْيَى؟
فَقَالَ: مَنْ جَرَّ ذُيُوْلَ النَّاسِ، جَرُّوا ذَيلَهُ.
قَالَ أَبُو الرَّبِيْعِ مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ البَلْخِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بنَ مَهْرَوَيْه، سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ الحُسَيْنِ بنِ الجُنَيْدِ، سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ:إِنَّا لَنَطْعَنُ عَلَى أَقوَامٍ لَعَلَّهُمْ قَدْ حَطُّوا رِحَالَهُمْ فِي الجَنَّةِ مِنْ أَكْثَرَ مِنْ مائَتَيْ سَنَةٍ.
قَالَ ابْنُ مَهْرَوَيْه: فَدَخَلْتُ عَلَى ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ، وَهُوَ يَقْرَأُ عَلَى النَّاسِ كِتَابَ (الجَرْحِ وَالتَّعْدِيْلِ) ، فَحَدَّثْتُهُ بِهَذِهِ الحِكَايَةِ، فَبَكَى، وَارتَعَدَتْ يَدَاهُ حَتَّى سَقَطَ الكِتَابُ مِنْ يَدِهِ، وَجَعَلَ يَبْكِي، وَيَسْتَعِيدُنِي الحِكَايَةَ - أَوْ كَمَا قَالَ -.
قَالَ الحُسَيْنُ بنُ فَهْمٍ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ:
وُلِدَتُ فِي خِلاَفَةِ أَبِي جَعْفَرٍ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ، فِي آخِرِهَا.
قُلْتُ: وَقَدِ ارْتَحَلَ وَهُوَ ابْنُ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ سَنَةً إِلَى مِصْرَ وَالشَّامِ،
وَلَقِيَ: أَبَا مُسْهِرٍ، وَسَعِيْدَ بنَ أَبِي مَرْيَمَ، وَكَاتِبَ اللَّيْثِ، وَسَمِعُوا إِذْ ذَاكَ بِهَذِهِ البِلاَدِ.
قَالَ عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ: مَاتَ، فَحُمِلَ عَلَى أَعوَادِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنُودِيَ بَيْنَ يَدَيْهِ: هَذَا الَّذِي كَانَ يَنفِي الكَذِبَ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَقَالَ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ كُزَالٍ: كُنْتُ مَعَ ابْنِ مَعِيْنٍ بِالمَدِيْنَةِ، فَمِرَضَ، وَتُوُفِّيَ بِهَا، فَحُمِلَ عَلَى سَرِيرِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرَجُلٌ يُنَادِي بَيْنَ يَدَيْهِ: هَذَا الَّذِي كَانَ يَنْفِي الكَذِبَ عَنْ حَدِيْثِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قَالَ الخَطِيْبُ: حَدَّثَ عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ التَّمَّارُ، وَبَيْنَ وَفَاتَيْهِمَا خَمْسٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً، أَوْ أَكْثَرُ.
قُلْتُ: هَذَا التَّمَّارُ هُوَ آخِرُ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَقِيَ يَحْيَى، وَعَاشَ إِلَى سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَمَاتَ مَعَ ابْنِ مَعِيْنٍ فِي العَامِ: أَبُو طَالِبٍ عَبْدُ الجَبَّارِ بنُ عَاصِمٍ بِبَغْدَادَ، وَعَلِيُّ
بنُ قَرِيْنٍ - وَمَا هُوَ بثِقَةٍ - وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ الحَجَّاجِ السَّامِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْحَاقَ الصِّيْنِيُّ الضَّرِيْرُ، وَيَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ العَابِدُ، وَسُلَيْمَانُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ، وَحَامِدُ بنُ عُمَرَ البَكْرَاوِيُّ قَاضِي كِرْمَانَ، وَيَزِيْدُ بنُ مَوْهَبٍ الرَّمْلِيُّ، وَرَوْحُ بنُ صَلاَحٍ المِصْرِيُّ، وَجُمُعَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ البَلْخِيُّ أَخُو خَاقَانَ، وَحِبَّانُ بنُ مُوْسَى المَرْوَزِيُّ.
يحيى بن مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن عَبْدِ اللَّهِ بْن خالد بن فارس بن ذؤيب، أبو زكريا الذهلي النيسابوري، يلقب حيكان :
قدم بَغْدَاد وَحدث بِهَا عَنْ أَبِي عُمَر الحوضي، وسهل بن بكار، وعلي بن عثمان اللاحقي، ويحيى بن يحيى التميمي. روى عنه محمد بن مخلد. وَقَالَ ابن أَبِي حاتم الرازي: سمعت منه وهو صدوق.
أخبرنا البرقانيّ، أخبرنا علي بن عمر الحافظ، حدثنا ابن مخلد، حَدَّثَنَا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يحيى النيسابوري، قَالَ:
وحدثنا ابن مخلد، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَبُو عَلِيٍّ الْقُوهُسْتَانِيُّ. قالا: حدثنا يحيى بن محمّد بن يحيى، أخبرنا ابن الهيعة عَنْ عُقَيلٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أُتِيَ بِالْبَاكُورَةِ مِنَ الْفَاكِهَةِ وَضَعَهَا عَلَى فِيهِ، ثُمَّ وَضَعَهَا عَلَى عَيْنَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ كَمَا أَطْعَمْتَنَا أَوَّلَهُ فَأَطْعِمْنَا آخِرَهُ» .
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْقُوهُسْتَانِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ محمّد بْنَ يَحْيَى يَقُولُ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ فِي كِتَابِي بَيْنَ السَّطْرَيْنِ، وَزَادَ يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ فِي حَدِيثِهِ:
ثُمَّ يُنَاوِلُهُ [صلّى الله عليه وسلّم] من بحضرته مِنَ الْوِلْدَانِ.
قُلْتُ: رَوَاهُ قُتَيْبَةُ عَنِ ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ عَائِشَةَ وَلا عُرْوَةَ، وَذَاكَ أَصَحُّ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ رِزْقٍ، أخبرنا إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي- إِجَازَةً- قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى وَابْنَهُ يَحْيَى اخْتَلَفَا فِي مَسْأَلَةٍ فَقَالَ: أَحَدُهُمَا لِلآخَرِ اجْعَلْ بَيْنَنَا فِي ذَلِكَ حَكَمًا، فَرَضِيَا بِمُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، فَقَضَى لِيَحْيَى بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَى أَبِيهِ. قَالَ الْمُزَكِّيُّ: كَانَ يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ لَهُ مَوْضِعٌ مِنَ الْعِلْمِ وَالْحَدِيثِ، وَكَانَ سَمِعَ مِنَ الْعَيْشِيِّ وَنَحْوِهِ.
وَحَدَّثَنِي السراج قَالَ: كَانَ يَحْيَى بْن مُحَمَّد أَخْرَجَهُ القراء، وجماعة من أصحاب الحديث، وأصحاب الرأي، وأركبوه دابة وألبسوه سيفًا. قَالَ المزكي: بلغني أَنَّهُ كَانَ سيف خشب، وقابلوا سلطان نيسابور ويقال له أحمد بن عبد الله الخجستاني، خارجي غلب عَلَى البلد، وكان ظالِمًا غاشمًا، وكان الناس أو أكثرهم مجتمعين مَعَ يَحْيَى بْن محمّد عليه، فكانت الدائرة عَلَى العامة. وهرب يَحْيَى بْن مُحَمَّد إلى رُستاق من رساتيق نيسابور يقال لَهُ بشت، فدُلّ عَلَيْهِ أَحْمَد بْن عَبْد الله وجيء بِهِ، فيقال إن عامة من كَانَ مَعَ يحيى بن الرؤساء انقلبوا عَلَيْهِ لما واقفه أَحْمَد بْن عَبْد الله، وقال لَهُ ألم أحسن إليك؟ ألم أفعل ألم أفعل؟ وكان يَحْيَى بْن مُحَمَّد فوق جميع أهل البلد- فقال يَحْيَى بْن مُحَمَّد: أكرهت عَلَى ذَلِكَ واجتمعوا عليّ قَالَ: فرد عَلَيْهِ الجماعة- أو من حضر منهم- فقالوا: لَيْسَ كما قَالَ. فأخذه أَحْمَد بن عبد الله فقتله، ويقال إنه بَنَى عَلَيْهِ، ويُقال أمر بجر خصيتيه حتى مات، وذلك فِي سنة نَيف وستين ومائتين.
أخبرني محمّد بن أحمد بن يعقوب، أخبرنا محمّد بن نعيم الضّبّيّ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ هانئ قَالَ: أَبُو زكريا يَحْيَى بْن مُحَمَّد بْن يَحْيَى الشهيد قتله أَحْمَد بْن عَبْد الله الخجستاني ظلمًا فِي جُمادى الآخرة من سنة سبع وستين ومائتين.
وقَالَ ابن نُعَيم: سَمِعْتُ أَبَا عَبْد اللَّه بْن الأخرم الحافظ يَقُولُ: ما رأيتُ مثل حيكان، لا رحم الله قاتله.
قدم بَغْدَاد وَحدث بِهَا عَنْ أَبِي عُمَر الحوضي، وسهل بن بكار، وعلي بن عثمان اللاحقي، ويحيى بن يحيى التميمي. روى عنه محمد بن مخلد. وَقَالَ ابن أَبِي حاتم الرازي: سمعت منه وهو صدوق.
أخبرنا البرقانيّ، أخبرنا علي بن عمر الحافظ، حدثنا ابن مخلد، حَدَّثَنَا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يحيى النيسابوري، قَالَ:
وحدثنا ابن مخلد، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَبُو عَلِيٍّ الْقُوهُسْتَانِيُّ. قالا: حدثنا يحيى بن محمّد بن يحيى، أخبرنا ابن الهيعة عَنْ عُقَيلٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أُتِيَ بِالْبَاكُورَةِ مِنَ الْفَاكِهَةِ وَضَعَهَا عَلَى فِيهِ، ثُمَّ وَضَعَهَا عَلَى عَيْنَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ كَمَا أَطْعَمْتَنَا أَوَّلَهُ فَأَطْعِمْنَا آخِرَهُ» .
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْقُوهُسْتَانِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ محمّد بْنَ يَحْيَى يَقُولُ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ فِي كِتَابِي بَيْنَ السَّطْرَيْنِ، وَزَادَ يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ فِي حَدِيثِهِ:
ثُمَّ يُنَاوِلُهُ [صلّى الله عليه وسلّم] من بحضرته مِنَ الْوِلْدَانِ.
قُلْتُ: رَوَاهُ قُتَيْبَةُ عَنِ ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ عَائِشَةَ وَلا عُرْوَةَ، وَذَاكَ أَصَحُّ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ رِزْقٍ، أخبرنا إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي- إِجَازَةً- قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى وَابْنَهُ يَحْيَى اخْتَلَفَا فِي مَسْأَلَةٍ فَقَالَ: أَحَدُهُمَا لِلآخَرِ اجْعَلْ بَيْنَنَا فِي ذَلِكَ حَكَمًا، فَرَضِيَا بِمُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، فَقَضَى لِيَحْيَى بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَى أَبِيهِ. قَالَ الْمُزَكِّيُّ: كَانَ يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ لَهُ مَوْضِعٌ مِنَ الْعِلْمِ وَالْحَدِيثِ، وَكَانَ سَمِعَ مِنَ الْعَيْشِيِّ وَنَحْوِهِ.
وَحَدَّثَنِي السراج قَالَ: كَانَ يَحْيَى بْن مُحَمَّد أَخْرَجَهُ القراء، وجماعة من أصحاب الحديث، وأصحاب الرأي، وأركبوه دابة وألبسوه سيفًا. قَالَ المزكي: بلغني أَنَّهُ كَانَ سيف خشب، وقابلوا سلطان نيسابور ويقال له أحمد بن عبد الله الخجستاني، خارجي غلب عَلَى البلد، وكان ظالِمًا غاشمًا، وكان الناس أو أكثرهم مجتمعين مَعَ يَحْيَى بْن محمّد عليه، فكانت الدائرة عَلَى العامة. وهرب يَحْيَى بْن مُحَمَّد إلى رُستاق من رساتيق نيسابور يقال لَهُ بشت، فدُلّ عَلَيْهِ أَحْمَد بْن عَبْد الله وجيء بِهِ، فيقال إن عامة من كَانَ مَعَ يحيى بن الرؤساء انقلبوا عَلَيْهِ لما واقفه أَحْمَد بْن عَبْد الله، وقال لَهُ ألم أحسن إليك؟ ألم أفعل ألم أفعل؟ وكان يَحْيَى بْن مُحَمَّد فوق جميع أهل البلد- فقال يَحْيَى بْن مُحَمَّد: أكرهت عَلَى ذَلِكَ واجتمعوا عليّ قَالَ: فرد عَلَيْهِ الجماعة- أو من حضر منهم- فقالوا: لَيْسَ كما قَالَ. فأخذه أَحْمَد بن عبد الله فقتله، ويقال إنه بَنَى عَلَيْهِ، ويُقال أمر بجر خصيتيه حتى مات، وذلك فِي سنة نَيف وستين ومائتين.
أخبرني محمّد بن أحمد بن يعقوب، أخبرنا محمّد بن نعيم الضّبّيّ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ هانئ قَالَ: أَبُو زكريا يَحْيَى بْن مُحَمَّد بْن يَحْيَى الشهيد قتله أَحْمَد بْن عَبْد الله الخجستاني ظلمًا فِي جُمادى الآخرة من سنة سبع وستين ومائتين.
وقَالَ ابن نُعَيم: سَمِعْتُ أَبَا عَبْد اللَّه بْن الأخرم الحافظ يَقُولُ: ما رأيتُ مثل حيكان، لا رحم الله قاتله.
يحيى بن يحيى بن بكر عبد الرحمن أبو زكريا التميمي الحنظلي مولاهم، ويقال: المنقري مولاهم الخراساني النيسابوري؟، مات يوم الأربعاء آخر صفر سنة ست وعشرين ومائتين، قاله البخاري.
روى عن: أبي عبد الله مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي المدني، وأبي سلام معاوية بن سلام بن أبي الحبشي الدمشقي، وأبي محمد سفيان ابن عيينة بن أبي عمران الهلالي المكي، وأبي معاوية هشيم بن بشير السلمي الواسطي، وأبي الأحوص سلام بن سليم الحنفي، وأبي معاوية عباد بن عباد بن حبيب المهلبي، وأبي حفص عمر بن علي بن عطاء بن مقدم المقدسي البصري، وأبي إبراهيم إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري المدني، وأبي عبد الله جرير بن عبد الحميد الضبي الرازي، وأبي معاوية محمد بن خازم الضرير الكوفي، وأبي سليمان جعفر بن سلميان الضبعي البصري، وأبي الهيثم خالد بن عبد الله
الواسطي الطحان وأبي عمر حفص بن غياث النخعي الكوفي، وأبي علي فضيل بن عياض بن مسعود التميمي اليربوعي نزيل مكة، وأبي إبراهيم بن سعد القرشي الزهري، وأبي سلمة يوسف بن يعقوب بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، وأبي قدامة الحارث بن عبيد الإيادي البصري، وأبي علقمة عبد الله ابن محمد بن عبد الله بن أبي فروة القرشي الأموي مولاهم المدني، وأبي جعفر عبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة القرشي الزهري المخرمي المدني، وأبي السليل عبيد الله بن إياد بن لقيط السدوسي، وأبي خيثمة زهير بن معاوية بن حديج الجعفي، وأبي الحارث الليث بن سعد الفهي المصري، وأبي عوانة وضاح بن عبد الله اليشكري الواسطي، وأبي عبيدة عبد الوارث بن سعيد العنبري البصري، وأبي زيد عمر بن القاسم الزبيدي الكوفي، وأبي المحياة يحيى ابن يعلي بن حرملة الكوفي، وأبي عوف حميد بن عبد الرحمن بن حميد الرؤاسي، وأبي معاوية يزيد بن زريع العيشي البصري، وأبي إسماعيل حماد بن زيد الأزدي العتكي البصري، وأبي سليمان داود بن عبد الرحمن العطار المكي، ولأبي أيوب سليمان بن بلال المدني، وأبي ضمرة أنس بن عياض الليثي المدني، وأبي سعيد يحيى بن زكريا بن أبي زائدة الهمداني الكوفي، وأبي سعيد عبد الرحمن بن مهدي الأزدي البصري، وأبي سفيان وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي، وأبي إسماعيل بشر بن المفضل بن لاحق الرقاشي البصري، وأبي تمام عبد العزيز بن أبي حازم المدني، وأبي معشر يوسف بن يزيد البراء العطار، وعبد الله بن يحيى بن أبي كثير اليمامي، والمغيرة بن عبد الرحمن الحزامي المدني، ومعاوية بن عمار الدهني، ومحمد بن مسلم الطائفي، وسليم بن أخضر البصري، وأبي سلمة حماد بن سلمة ابن دينار البصري، وأبي عبد الحرمن عبد الله بن المبارك الحنظلي المروزي، وأبي سعيد موسى بن أعين الجزري وغيرهم.
اتفقا على الرواية عنه في الصحيحين، روى عنه البخاري في: الزكاة، والوكالة، وآخر الأحكام، وتفسير آل عمران، وروى عنه مسلم في: كتاب الإيمان، والطهارة، والزكاة، والصيام، والحج، والنكاح، والرضاع، والعتق، والبيوع، والجهاد، الأشربة، والفضائل وغير ذلك.
وروى عنه: أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن راهويه الحنظلي، وأبو العباس الفضل بن يعقوب بن حمزة الرخامي، وأبو قدامة عبيد الله بن سعيد اليشكري السرخسي، وأبو أحمد محمد بن عبد الوهاب بن حبيب الفراء، وأبو عبد الله محمد بن يحيى الذهلي، وأبو الفضل أحمد بن سلمة بن عبد الله البزاز النيسابوري، وأبو يعقوب إسماعيل بن قتيبة بن عبد الله السلمي النيسابوري، وأبو أحمد سلمة بن محمد بن أحمد بن مجاشع الذهلي السمرقندي، وأبو الحسن أحمد ابن يوسف الأزدي النيسابوري، وأبو داود سليمان بن داود الخفاف النيسابوري، وأبو عبد الله أحمد بن عبد الكريم القومسي المعروف بالطوسي وغيرهم.
وقال ابن أبي حاتم الرازي: أنا عبد الله بن أحمد بن حنبل فيما كتب إلىّ قال: سمعت أبي يذكر يحيى بن يحيى النيسابوري فذكر من فضله وإتقانه أمرًا عظيمًا، ثم قال ابن أبي حاتم الرازي: سمعت أبا زرعة يقول: يحيى بن يحيى هو ثقة.
وقال أبو عبد الرحمن النسائي: يحيى بن يحيى الخراساني ثقة ثبت.
وذكره أبو أحمد بن عدي فقال: كان من عباد الناس فاضلاً.
قال إسحاق بن راهويه: يحيى أثبت من عبد الرحمن بن مهدي. وقال أبو عمر النمري: كانت له (حلل) بنيسابور وله حظ من الفقه، وكان ثقة مأمونًا مرضيًا.
وذكر أبو أحمد بن عدي قال: يقال إن إسحاق بن راهوية ركبه دين فهرب من مرو إلى نيسابور فكلم أصحاب الحديث يحيى بن يحيى في أمر إسحاق، فقال: ما تريدون؟ قالوا: تكتب له إلى عبد الله بن طاهر رقعة وعبد الله بن طاهر كان أمير خراسان، وكان بنيسابور، فقال يحيى: ما كتبت إليه قط، فألحوا عليه، فكتب إليه في رقعة إلى عبد الله بن طاهر: أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم رجل من أهل العلم والصلاح، فحمل إسحاق الرقعة إلى عبد الله بن طاهر، فلما جاء إلى الباب قال للحاجب: معي رقعة يحيى بن يحيى إلى الأمير، فدخل الحاجب وقال لعبد الله بن طاهر: رجل بالباب يزعم أن معه رقعة
يحيى بن يحيى إلى الأمير، فقال: يحيى بن يحيى، قال: نعم، قال: أدخله، فدخل إسحاق وناول الرقعة عبد الله بن طاهر، فأخذ عبد الله الرقعة وقبلها، وأقعد إسحاق بجنبه، وقضى دينه ثلاثين ألف درهم وصيره من جلسائه، وكان يحيى بن يحيى لا يختلف إليه، فذكر أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن زكريا الجوزقي قال: سمعت أبا حامد بن الشرقي يقول: سمعت حمدان السلمي وأبا داود الخفاف يقولان: سمعنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يقول: قال لي الأمير عبد الله بن طاهر: يا أبا يعقوب هذا الحديث الذي تروونه عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا .. " كيف ينزل؟ قال: قلت: أعز الله الأمير، لا يقال لأمر الرب تعالى كيف، إنما ينزل بلا كيف.
قال محمد: ومن أقرانه بالأندلس.
روى عن: أبي عبد الله مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي المدني، وأبي سلام معاوية بن سلام بن أبي الحبشي الدمشقي، وأبي محمد سفيان ابن عيينة بن أبي عمران الهلالي المكي، وأبي معاوية هشيم بن بشير السلمي الواسطي، وأبي الأحوص سلام بن سليم الحنفي، وأبي معاوية عباد بن عباد بن حبيب المهلبي، وأبي حفص عمر بن علي بن عطاء بن مقدم المقدسي البصري، وأبي إبراهيم إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري المدني، وأبي عبد الله جرير بن عبد الحميد الضبي الرازي، وأبي معاوية محمد بن خازم الضرير الكوفي، وأبي سليمان جعفر بن سلميان الضبعي البصري، وأبي الهيثم خالد بن عبد الله
الواسطي الطحان وأبي عمر حفص بن غياث النخعي الكوفي، وأبي علي فضيل بن عياض بن مسعود التميمي اليربوعي نزيل مكة، وأبي إبراهيم بن سعد القرشي الزهري، وأبي سلمة يوسف بن يعقوب بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، وأبي قدامة الحارث بن عبيد الإيادي البصري، وأبي علقمة عبد الله ابن محمد بن عبد الله بن أبي فروة القرشي الأموي مولاهم المدني، وأبي جعفر عبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة القرشي الزهري المخرمي المدني، وأبي السليل عبيد الله بن إياد بن لقيط السدوسي، وأبي خيثمة زهير بن معاوية بن حديج الجعفي، وأبي الحارث الليث بن سعد الفهي المصري، وأبي عوانة وضاح بن عبد الله اليشكري الواسطي، وأبي عبيدة عبد الوارث بن سعيد العنبري البصري، وأبي زيد عمر بن القاسم الزبيدي الكوفي، وأبي المحياة يحيى ابن يعلي بن حرملة الكوفي، وأبي عوف حميد بن عبد الرحمن بن حميد الرؤاسي، وأبي معاوية يزيد بن زريع العيشي البصري، وأبي إسماعيل حماد بن زيد الأزدي العتكي البصري، وأبي سليمان داود بن عبد الرحمن العطار المكي، ولأبي أيوب سليمان بن بلال المدني، وأبي ضمرة أنس بن عياض الليثي المدني، وأبي سعيد يحيى بن زكريا بن أبي زائدة الهمداني الكوفي، وأبي سعيد عبد الرحمن بن مهدي الأزدي البصري، وأبي سفيان وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي، وأبي إسماعيل بشر بن المفضل بن لاحق الرقاشي البصري، وأبي تمام عبد العزيز بن أبي حازم المدني، وأبي معشر يوسف بن يزيد البراء العطار، وعبد الله بن يحيى بن أبي كثير اليمامي، والمغيرة بن عبد الرحمن الحزامي المدني، ومعاوية بن عمار الدهني، ومحمد بن مسلم الطائفي، وسليم بن أخضر البصري، وأبي سلمة حماد بن سلمة ابن دينار البصري، وأبي عبد الحرمن عبد الله بن المبارك الحنظلي المروزي، وأبي سعيد موسى بن أعين الجزري وغيرهم.
اتفقا على الرواية عنه في الصحيحين، روى عنه البخاري في: الزكاة، والوكالة، وآخر الأحكام، وتفسير آل عمران، وروى عنه مسلم في: كتاب الإيمان، والطهارة، والزكاة، والصيام، والحج، والنكاح، والرضاع، والعتق، والبيوع، والجهاد، الأشربة، والفضائل وغير ذلك.
وروى عنه: أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن راهويه الحنظلي، وأبو العباس الفضل بن يعقوب بن حمزة الرخامي، وأبو قدامة عبيد الله بن سعيد اليشكري السرخسي، وأبو أحمد محمد بن عبد الوهاب بن حبيب الفراء، وأبو عبد الله محمد بن يحيى الذهلي، وأبو الفضل أحمد بن سلمة بن عبد الله البزاز النيسابوري، وأبو يعقوب إسماعيل بن قتيبة بن عبد الله السلمي النيسابوري، وأبو أحمد سلمة بن محمد بن أحمد بن مجاشع الذهلي السمرقندي، وأبو الحسن أحمد ابن يوسف الأزدي النيسابوري، وأبو داود سليمان بن داود الخفاف النيسابوري، وأبو عبد الله أحمد بن عبد الكريم القومسي المعروف بالطوسي وغيرهم.
وقال ابن أبي حاتم الرازي: أنا عبد الله بن أحمد بن حنبل فيما كتب إلىّ قال: سمعت أبي يذكر يحيى بن يحيى النيسابوري فذكر من فضله وإتقانه أمرًا عظيمًا، ثم قال ابن أبي حاتم الرازي: سمعت أبا زرعة يقول: يحيى بن يحيى هو ثقة.
وقال أبو عبد الرحمن النسائي: يحيى بن يحيى الخراساني ثقة ثبت.
وذكره أبو أحمد بن عدي فقال: كان من عباد الناس فاضلاً.
قال إسحاق بن راهويه: يحيى أثبت من عبد الرحمن بن مهدي. وقال أبو عمر النمري: كانت له (حلل) بنيسابور وله حظ من الفقه، وكان ثقة مأمونًا مرضيًا.
وذكر أبو أحمد بن عدي قال: يقال إن إسحاق بن راهوية ركبه دين فهرب من مرو إلى نيسابور فكلم أصحاب الحديث يحيى بن يحيى في أمر إسحاق، فقال: ما تريدون؟ قالوا: تكتب له إلى عبد الله بن طاهر رقعة وعبد الله بن طاهر كان أمير خراسان، وكان بنيسابور، فقال يحيى: ما كتبت إليه قط، فألحوا عليه، فكتب إليه في رقعة إلى عبد الله بن طاهر: أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم رجل من أهل العلم والصلاح، فحمل إسحاق الرقعة إلى عبد الله بن طاهر، فلما جاء إلى الباب قال للحاجب: معي رقعة يحيى بن يحيى إلى الأمير، فدخل الحاجب وقال لعبد الله بن طاهر: رجل بالباب يزعم أن معه رقعة
يحيى بن يحيى إلى الأمير، فقال: يحيى بن يحيى، قال: نعم، قال: أدخله، فدخل إسحاق وناول الرقعة عبد الله بن طاهر، فأخذ عبد الله الرقعة وقبلها، وأقعد إسحاق بجنبه، وقضى دينه ثلاثين ألف درهم وصيره من جلسائه، وكان يحيى بن يحيى لا يختلف إليه، فذكر أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن زكريا الجوزقي قال: سمعت أبا حامد بن الشرقي يقول: سمعت حمدان السلمي وأبا داود الخفاف يقولان: سمعنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يقول: قال لي الأمير عبد الله بن طاهر: يا أبا يعقوب هذا الحديث الذي تروونه عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا .. " كيف ينزل؟ قال: قلت: أعز الله الأمير، لا يقال لأمر الرب تعالى كيف، إنما ينزل بلا كيف.
قال محمد: ومن أقرانه بالأندلس.
يحيى بن حماد أبو بكر ويقال: أبو زكريا الشيباني مولاهم البصري ختن أبي عوانة والد حماد بن يحيى.
روى عن: أبي عوانة وضاح بن عبد الله اليشكري مولاهم ويقال: الكندي الواسطي.
تفرد به البخاري روى عنه في ذكر الحوض وغير موضع.
وروى عن الحسن بن مزرد عنه في الحيض والرقاق.
قال البخاري: حدثني الحسن بن مزرد قال: مات يحيى بن حماد سنة خمس عشرة ومائتين.
قال محمد: وروى يحيى بن حماد هذا عن: أبي بسطام شعبة بن الحجاج ابن الورد الأزدي العتكي مولاهم الواسطي، وأبي سلمة حماد بن سلمة بن دينار التميمي مولاهم البصري، وأبي يحيى رجاء بن صبيح الحرشي السقطي البصري وغيرهم.
روى عنه: إسحاق بن إبراهيم الحنظلي المعروف بابن راهويه، وزهير بن حرب النسائي نزيل بغداد، ومحمد بن المثنى الزمن، ومحمد بن بشار بندار، والحسن بن علي الحلواني، ويوسف بن موسى التستري، وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، وأبو عبد الله محمد بن يحيى الذهلي، وأبو بكر أحمد بن منصور بن سيار الرمادي، وأبو حاتم محمد بن إدريس الرازي وغيرهم.
وروى مسلم وأبو داود والترمذي في كتبهم عن رجل عنه.
وروى عبد الخالق بن منصور، عن يحيى بن معين أنه قال: يحيى بن حماد رجل صدوق.
قال محمد: تكلم في مذهبه وهو ثقة، قاله: أحمد بن عبد الله بن صالح الكوفي، وعلي بن المديني، وأبو حاتم محمد بن إدريس الرازي.
وقال أبو القاسم اللالكائي: أنا محمد بن عبد الله بن القاسم: ثنا محد بن أحمد بن يعقوب: ثنا جدي: ثنا يحيى بن حماد وكان من أثبت الناس في أبي عوانة وأحد أصحابه.
روى عن: أبي عوانة وضاح بن عبد الله اليشكري مولاهم ويقال: الكندي الواسطي.
تفرد به البخاري روى عنه في ذكر الحوض وغير موضع.
وروى عن الحسن بن مزرد عنه في الحيض والرقاق.
قال البخاري: حدثني الحسن بن مزرد قال: مات يحيى بن حماد سنة خمس عشرة ومائتين.
قال محمد: وروى يحيى بن حماد هذا عن: أبي بسطام شعبة بن الحجاج ابن الورد الأزدي العتكي مولاهم الواسطي، وأبي سلمة حماد بن سلمة بن دينار التميمي مولاهم البصري، وأبي يحيى رجاء بن صبيح الحرشي السقطي البصري وغيرهم.
روى عنه: إسحاق بن إبراهيم الحنظلي المعروف بابن راهويه، وزهير بن حرب النسائي نزيل بغداد، ومحمد بن المثنى الزمن، ومحمد بن بشار بندار، والحسن بن علي الحلواني، ويوسف بن موسى التستري، وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، وأبو عبد الله محمد بن يحيى الذهلي، وأبو بكر أحمد بن منصور بن سيار الرمادي، وأبو حاتم محمد بن إدريس الرازي وغيرهم.
وروى مسلم وأبو داود والترمذي في كتبهم عن رجل عنه.
وروى عبد الخالق بن منصور، عن يحيى بن معين أنه قال: يحيى بن حماد رجل صدوق.
قال محمد: تكلم في مذهبه وهو ثقة، قاله: أحمد بن عبد الله بن صالح الكوفي، وعلي بن المديني، وأبو حاتم محمد بن إدريس الرازي.
وقال أبو القاسم اللالكائي: أنا محمد بن عبد الله بن القاسم: ثنا محد بن أحمد بن يعقوب: ثنا جدي: ثنا يحيى بن حماد وكان من أثبت الناس في أبي عوانة وأحد أصحابه.
يحيى بن معلى بن منصور، أبو زكريا- ويقال: أبو عوانة :
رازي الأصل، سَمِعَ أباهُ، وأبا سلمة التبوذكي، وموسى بن مسعود النهدي، وعتيق ابن يعقوب الزبيري، وإسماعيل بْن أبي أويس، وخالد بْن خداش، وكامل بْن طلحة، وعبد الرَّحْمَن بْن المتوكل. رَوَى عَنْهُ إِسْمَاعِيل بْن الفضل البلخي، والْعَبَّاس بْن علي النسائي، وقاسم بْن زكريا المطرز، ويحيى بْن صاعد، والقاضي المحاملي، وكان ثقة.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى بْنِ هَارُونَ بْنِ الصَّلْتِ الأهوازي، حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ المحاملي، حدثنا يحيى بن المعلّى بن منصور، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاويَةُ بْنُ سَلامٍ عَنْ يَحْيَى عَنْ نَافِعٍ عن ابْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ عَنْ حَفْصَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ بَيْنَ النِّدَاءِ وَالإِقَامَةِ مِنْ صَلاةِ الصبح.
أَخْبَرَنَا أَبُو حازم العبدوي قَالَ: سمعتُ أَبَا بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد الله بْن زكريا الجوزقي يقول: قرئ على مكي بن عبدان- وأنا أسمع- سمعت مسلم بن الحجاج يقول: أَبُو عَوانة يَحْيَى بْن معلى بْن منصور الرازي سكن بغداد.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن علي المقرئ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه النَّيْسَابُورِيّ قَالَ:
سمعتُ أَبَا علي الحافظ يَقُولُ: كَانَ يَحْيَى بْن معلى بْن منصور صاحب حديث.
رازي الأصل، سَمِعَ أباهُ، وأبا سلمة التبوذكي، وموسى بن مسعود النهدي، وعتيق ابن يعقوب الزبيري، وإسماعيل بْن أبي أويس، وخالد بْن خداش، وكامل بْن طلحة، وعبد الرَّحْمَن بْن المتوكل. رَوَى عَنْهُ إِسْمَاعِيل بْن الفضل البلخي، والْعَبَّاس بْن علي النسائي، وقاسم بْن زكريا المطرز، ويحيى بْن صاعد، والقاضي المحاملي، وكان ثقة.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى بْنِ هَارُونَ بْنِ الصَّلْتِ الأهوازي، حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ المحاملي، حدثنا يحيى بن المعلّى بن منصور، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاويَةُ بْنُ سَلامٍ عَنْ يَحْيَى عَنْ نَافِعٍ عن ابْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ عَنْ حَفْصَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ بَيْنَ النِّدَاءِ وَالإِقَامَةِ مِنْ صَلاةِ الصبح.
أَخْبَرَنَا أَبُو حازم العبدوي قَالَ: سمعتُ أَبَا بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد الله بْن زكريا الجوزقي يقول: قرئ على مكي بن عبدان- وأنا أسمع- سمعت مسلم بن الحجاج يقول: أَبُو عَوانة يَحْيَى بْن معلى بْن منصور الرازي سكن بغداد.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن علي المقرئ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه النَّيْسَابُورِيّ قَالَ:
سمعتُ أَبَا علي الحافظ يَقُولُ: كَانَ يَحْيَى بْن معلى بْن منصور صاحب حديث.
- يحيى بن سليم أَبُو مُحَمَّد وَيُقَال أَبُو زَكَرِيَّا الخراز الْقرشِي الْمَكِّيّ وَيُقَال لَهُ الطَّائِفِي لِأَنَّهُ كَانَ يخْتَلف إِلَيْهَا سكن مَكَّة وَمَات بهَا أخرج البُخَارِيّ فِي الْإِجَازَة عَن بشر بن مَرْحُوم ويوسف بن مُحَمَّد عَنهُ عَن إِسْمَاعِيل بن أُميَّة قَالَ البُخَارِيّ حَدثنِي بن أبي بزَّة قَالَ مَاتَ سنة خمس وَتِسْعين وَمِائَة قَالَ أَبُو حَاتِم هُوَ شيخ صَالح مَحَله الصدْق لم يكن بِالْحَافِظِ يكْتب حَدِيثه وَلَا يحْتَج بِهِ
يحيى بن عبد الله بن بكير أبو زكريا القرشي المخزومي.
مولاهم المصري.
مات سنة إحدى وثلاثين ومائتين.
روى عن: أبي عبد الله مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي، وأبي الحارث الليث بن سعد الفهمي مولاهم المصري، وأبي محمد ويقال: أبو عبد الملك بكر بن مضر القرشي مولاهم المصري، وأبي يوسف يعقوب بن عبد الرحمن القاري ـ من القارة حليف بني زهرة ـ المدني نزيل الإسكندرية، وأبي معاوية المفضل بن فضالة القتباني القاضي المصري، والمغيرة بن عبد الرحمن الحزامي المدني وغيرهم.
تفرد بالرواية عن البخاري، روى عنه في: بدء الوحي، وغير موضع من الجامع.
وروى محمد بن عبد الله عنه، وهو محمد بن يحيى بن عبد الله الذهلي، قاله أبو نصر الكلاباذي.
وروى عنه: أبو زكريا يحيى بن معين البغدادي، وأبو عبيد القاسم بن سلام البغدادي، وأبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني، وابو موسى يونس بن عبد الأعلى الصدفي، وأبو عبد الله محمد بن يحيى الذهلي، وأبو إسماعيل محمد بن إسماعيل بن يوسف السلمي الترمذي، وأبو بكر أحمد بن منصور بن سيار الرمادي، وأبو بكر محمد بن إسحاق بن محمد الصاغاني، وأبو حاتم محمد ابن إدريس الرازي، وأبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازي، وأبو عبد الرحمن بقي بن مخلد القرطبي، وأبو عبد الله محمد وضاح القرطبي وغيرهم.
وروى مسلم في مسنده الصحيح عن رجل عنه.
وقال أبو عبد الرحمن النسائي: يحيى بن عبد الله بن بكير ضعيف.
وقال ابن أبي حاتم الرازي: سألت أبي عنه فقال: يكتب حديثه ولا يحتج به، كان يفهم هذا الشأن.
وذكر عباس بن محمد الدوري عن يحيى بن معين أنه قال: كان ابن بكير سمع من مالك بعرض حبيب وهو شر العرض.
قال محمد: اتفق الإمامان البخاري ومسلم على إخراج حيدث يحيى بن عبد الله بن بكير في الصحيح.
وقال أبو عمر النمري: يحيى بن بكير ثقة، زعم البخاري أنه أثبت الناس في الليث. وذكره أبو أحمد بن عدي فقال: وكان جار الليث بن سعد وهو أثبت الناس في الليث، وعنده عن الليث ما ليس عند أحد.
وقال أبو يحيى الساجي: أنا روح بن الفرج فيما كتب إلى قال: نا محمد بن خلف قال: ما أعلم أني رأيت من الناس أعني بالحديث ولا بصنعة الحديث من يحيى بن عبد الله بن بكير: وحدثني أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الله القيسي: ثنا أبو القاسم خلف بن عبد الملك بن مسعود الأنصاري قال: ثنا أبو محمد عبد الرحمن بن محمد قال: أنا أبي، عن أبي القاسم خلف بن يحيى قال: ثنا عبد الرحمن بن عيسى بن مدراج: ثنا محمد بن أيمن قال: ثنا مطرف بن قيس قال: قال لي بن بكير: قرأت الموطأ على مالك أربع عشرة مرة، قال ابن أيمن: كتب عن أبي بكير: أحمد بن حنبل وابن معين وأبو عبيد والأكابر.
وحدثني أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن عبد العزيز الحضرمي قراءة عليه وأنا أسمع قال: ثنا الشيخ الإمام الحافظ أبو الطاهر أحمد بن محمد السلفي الأصبهاني قال: أنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم الرازي المعدل بالإسكندرية وغيرها: أنا أبو الحسن علي بن عمر بن (حيطة) الحراني الصواف بمصر: ثنا أبو القاسم حمزة بن محمد بن علي الكناني الحافظ إملاء قال: أخبرنا عمران بن موسى بن حميد الطبيب: ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير: حدثني الليث بن سعد، عن ابن يحيى المعافري، عن أبي عبد الرحمن الحبلي أنه قال: سمعت عبد الله بن عمرو يقول: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "يصاح برجل من أمتي على رءوس الخلائق يوم القيامة، فتنشر له تسع وتسعون سجلاً كلسجل منها مدا لبصر، ثم يقول الله تبارك وتعالى له: أتنكر من هذا شيئًا؟ فيقول: لا يا رب، فيقول عز وجل: ألك عذر أو حسنة؟ فيهاب الرجل فيقول: لا يا رب، فيقول عز وجل: بلى إن لك عندنا حسنات وأنه لا ظلم عليك، فتخرج له بطاقة فيها: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، فيقول: يا رب ما هذا البطاقة مع هذه السجلات؟ فيقول عز وجل: إنك لا تظلم، قال: فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفه، فطائت السجلات وثقلت البطاقة".
قال حمزة: ولا نعلمه روى هذا الحديث غير الليث بن سعد، وهو من أحسن الحديث وبالله التوفيق.
قال أبو الحسن الحراني: لما أملي حمزة هذا الحديث صاح غريب من الحلقة صيحة، فاضت نفسه معها، وأنا ممن حضر جنازته وصلى عليه رحمه الله.
قال محمد: رواه عبد الله بن المبارك، عن الليث، وتابع الليث عبد الله بن لهيعة، عن عامر بن يحيى.
ورواه أيضًا عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي، ويعلي بن عبيد الأفريقي، عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد الحبلي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ.
مولاهم المصري.
مات سنة إحدى وثلاثين ومائتين.
روى عن: أبي عبد الله مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي، وأبي الحارث الليث بن سعد الفهمي مولاهم المصري، وأبي محمد ويقال: أبو عبد الملك بكر بن مضر القرشي مولاهم المصري، وأبي يوسف يعقوب بن عبد الرحمن القاري ـ من القارة حليف بني زهرة ـ المدني نزيل الإسكندرية، وأبي معاوية المفضل بن فضالة القتباني القاضي المصري، والمغيرة بن عبد الرحمن الحزامي المدني وغيرهم.
تفرد بالرواية عن البخاري، روى عنه في: بدء الوحي، وغير موضع من الجامع.
وروى محمد بن عبد الله عنه، وهو محمد بن يحيى بن عبد الله الذهلي، قاله أبو نصر الكلاباذي.
وروى عنه: أبو زكريا يحيى بن معين البغدادي، وأبو عبيد القاسم بن سلام البغدادي، وأبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني، وابو موسى يونس بن عبد الأعلى الصدفي، وأبو عبد الله محمد بن يحيى الذهلي، وأبو إسماعيل محمد بن إسماعيل بن يوسف السلمي الترمذي، وأبو بكر أحمد بن منصور بن سيار الرمادي، وأبو بكر محمد بن إسحاق بن محمد الصاغاني، وأبو حاتم محمد ابن إدريس الرازي، وأبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازي، وأبو عبد الرحمن بقي بن مخلد القرطبي، وأبو عبد الله محمد وضاح القرطبي وغيرهم.
وروى مسلم في مسنده الصحيح عن رجل عنه.
وقال أبو عبد الرحمن النسائي: يحيى بن عبد الله بن بكير ضعيف.
وقال ابن أبي حاتم الرازي: سألت أبي عنه فقال: يكتب حديثه ولا يحتج به، كان يفهم هذا الشأن.
وذكر عباس بن محمد الدوري عن يحيى بن معين أنه قال: كان ابن بكير سمع من مالك بعرض حبيب وهو شر العرض.
قال محمد: اتفق الإمامان البخاري ومسلم على إخراج حيدث يحيى بن عبد الله بن بكير في الصحيح.
وقال أبو عمر النمري: يحيى بن بكير ثقة، زعم البخاري أنه أثبت الناس في الليث. وذكره أبو أحمد بن عدي فقال: وكان جار الليث بن سعد وهو أثبت الناس في الليث، وعنده عن الليث ما ليس عند أحد.
وقال أبو يحيى الساجي: أنا روح بن الفرج فيما كتب إلى قال: نا محمد بن خلف قال: ما أعلم أني رأيت من الناس أعني بالحديث ولا بصنعة الحديث من يحيى بن عبد الله بن بكير: وحدثني أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الله القيسي: ثنا أبو القاسم خلف بن عبد الملك بن مسعود الأنصاري قال: ثنا أبو محمد عبد الرحمن بن محمد قال: أنا أبي، عن أبي القاسم خلف بن يحيى قال: ثنا عبد الرحمن بن عيسى بن مدراج: ثنا محمد بن أيمن قال: ثنا مطرف بن قيس قال: قال لي بن بكير: قرأت الموطأ على مالك أربع عشرة مرة، قال ابن أيمن: كتب عن أبي بكير: أحمد بن حنبل وابن معين وأبو عبيد والأكابر.
وحدثني أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن عبد العزيز الحضرمي قراءة عليه وأنا أسمع قال: ثنا الشيخ الإمام الحافظ أبو الطاهر أحمد بن محمد السلفي الأصبهاني قال: أنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم الرازي المعدل بالإسكندرية وغيرها: أنا أبو الحسن علي بن عمر بن (حيطة) الحراني الصواف بمصر: ثنا أبو القاسم حمزة بن محمد بن علي الكناني الحافظ إملاء قال: أخبرنا عمران بن موسى بن حميد الطبيب: ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير: حدثني الليث بن سعد، عن ابن يحيى المعافري، عن أبي عبد الرحمن الحبلي أنه قال: سمعت عبد الله بن عمرو يقول: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "يصاح برجل من أمتي على رءوس الخلائق يوم القيامة، فتنشر له تسع وتسعون سجلاً كلسجل منها مدا لبصر، ثم يقول الله تبارك وتعالى له: أتنكر من هذا شيئًا؟ فيقول: لا يا رب، فيقول عز وجل: ألك عذر أو حسنة؟ فيهاب الرجل فيقول: لا يا رب، فيقول عز وجل: بلى إن لك عندنا حسنات وأنه لا ظلم عليك، فتخرج له بطاقة فيها: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، فيقول: يا رب ما هذا البطاقة مع هذه السجلات؟ فيقول عز وجل: إنك لا تظلم، قال: فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفه، فطائت السجلات وثقلت البطاقة".
قال حمزة: ولا نعلمه روى هذا الحديث غير الليث بن سعد، وهو من أحسن الحديث وبالله التوفيق.
قال أبو الحسن الحراني: لما أملي حمزة هذا الحديث صاح غريب من الحلقة صيحة، فاضت نفسه معها، وأنا ممن حضر جنازته وصلى عليه رحمه الله.
قال محمد: رواه عبد الله بن المبارك، عن الليث، وتابع الليث عبد الله بن لهيعة، عن عامر بن يحيى.
ورواه أيضًا عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي، ويعلي بن عبيد الأفريقي، عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد الحبلي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ.
يحيى بن حبيب بن عربي ـ بالراء المهملة والباء بواحدة ـ أبو زكريا الحارثي ويقال: الشيباني البصري.
روى عن: أبي إسماعيل حماد بن زيد بن درهم الأزدي مولاهم البصري، وأبي محمد عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي البصري، وأبي معاوية يزيد بن زريع العيشي البصري، وأبي محمد روح بن عبادة القيسي، وأبي عثمان خالد بن الحارث الهجيمي البصري وغيرهم.
تفرد به مسلم، روى عنه في كتاب: الإيمان، والطهارة، والصلاة، والجنائز، والحج، والنكاح، والطلاق، والجهاد، والحدود، والأطعمة، وغير ذلك.
وروى عنه: أبو داود السجستاني، وأبو عيسى الترمذي، وأبو حاتم الرازي، وأبو عبد الرحمن النسائي، وأبو بكر البزار، وأبو بكر بن خزيمة، وأبو العباس الحسن بن سفيان الشيباني، وأبو عبد الرحمن بقي بن مخلد بن يزيد القرطبي، وأبو علي عبد الكريم بن أحمد بن عبد الكريم بن الرواس التمار، وأبو الحسن علي بن أحمد بن بسطام الأبلي الزعفراني الشهيد وغيرهم.
وقال أبو عبد الرحمن النسائي: يحيى بن حبيب بن عربي ثقة مأمون بصري.
قال محمد: ومن أقرانه:
روى عن: أبي إسماعيل حماد بن زيد بن درهم الأزدي مولاهم البصري، وأبي محمد عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي البصري، وأبي معاوية يزيد بن زريع العيشي البصري، وأبي محمد روح بن عبادة القيسي، وأبي عثمان خالد بن الحارث الهجيمي البصري وغيرهم.
تفرد به مسلم، روى عنه في كتاب: الإيمان، والطهارة، والصلاة، والجنائز، والحج، والنكاح، والطلاق، والجهاد، والحدود، والأطعمة، وغير ذلك.
وروى عنه: أبو داود السجستاني، وأبو عيسى الترمذي، وأبو حاتم الرازي، وأبو عبد الرحمن النسائي، وأبو بكر البزار، وأبو بكر بن خزيمة، وأبو العباس الحسن بن سفيان الشيباني، وأبو عبد الرحمن بقي بن مخلد بن يزيد القرطبي، وأبو علي عبد الكريم بن أحمد بن عبد الكريم بن الرواس التمار، وأبو الحسن علي بن أحمد بن بسطام الأبلي الزعفراني الشهيد وغيرهم.
وقال أبو عبد الرحمن النسائي: يحيى بن حبيب بن عربي ثقة مأمون بصري.
قال محمد: ومن أقرانه:
يحيى بن صالح أبو زكريا
ويقال: أبو صالح - الوحاظي من أهل دمشق، وقيل: من أهل حمص.
استقدمه المأمون إلى دمشق ليوليه قضاء حمص.
حدث عن حماد بن شعيب بسنده إلى بشر بن سحيم قال: خطبنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أيام التشريق فقال: " لا يدخل الجنة إلا مؤمن، وإن هذه أيام أكل وشرب ".
توفي يحيى بن صالح سنة اثنتين وعشرين ومئتين، وهو ابن خمس وثمانين سنة.
ويقال: أبو صالح - الوحاظي من أهل دمشق، وقيل: من أهل حمص.
استقدمه المأمون إلى دمشق ليوليه قضاء حمص.
حدث عن حماد بن شعيب بسنده إلى بشر بن سحيم قال: خطبنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أيام التشريق فقال: " لا يدخل الجنة إلا مؤمن، وإن هذه أيام أكل وشرب ".
توفي يحيى بن صالح سنة اثنتين وعشرين ومئتين، وهو ابن خمس وثمانين سنة.
يحيى بن طالب أبو زكريا الأنطاكي
ويقال: الطرسوسي - الأكاف حدث عن هشام بن عمار بسنده إلى أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه كان يقرأ عشراً من آخر آل عمران كل ليلة.
ويقال: الطرسوسي - الأكاف حدث عن هشام بن عمار بسنده إلى أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه كان يقرأ عشراً من آخر آل عمران كل ليلة.