عُمَر بْن حسن بْن عليّ بْن مُحَمَّد بن فرح- بسكون الراء وبالحاء المهملة- بن خلف بن قومس بن يزلال بن ملال بن أحمد بن دحية بن خليفة الكلبي، أبو الخطاب :
من أهل منورقة من بلاد الأندلس ؛ وذكر أنه يسمى عبد الله، وأن أمه أمة الرحمن بنت أبي عبد الله محمد بن أبي البسام موسى بْنُ عَبْدِ اللَّه بْنِ الْحُسَيْن بْنِ عَلِيِّ ابن أبي جعفر مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيّ بن مُوسَى بْنُ جَعْفَر بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيّ بْنِ الْحُسَيْن بْن عَلِيّ ابن أبي طالب. فلهذا كان يكتب بخطه: ذو النسبين: بن دحية والحسين. قدم علينا بغداد، وأملى من حفظه، وكتبنا عنه، وذكر أنه سمع من أبي الفرج ابن الجوزي؛ وسافر إلى العراق فسمع بأصبهان من أبي جعفر الصيدلاني معجم الطبراني، ودخل خراسان فسمع بنيسابور من أبي سعد بن الصفار ومنصور الفراوي والمؤيد الطوسي في آخرين وحصل الأصول، وسمع بواسط من أبي الفتح بن الماندائي.
وذكر أنه سمع كتاب «الصلة» من أبي القاسم بن بشكوال، وأنه سمع بالأندلس من جماعة، غير أني رأيت الناس مجمعين على كذبه وضعفه وادعائه لقاء من لم يلقه، وسماع ما لم يسمعه، وكانت أمارات ذلك لائحة على كلامه، وكان القلب يأبى سماع كلامه، ويشهد ببطلان قوله. دخل ديار مصر، وسكن بالقاهرة، وصادف قبولا من السلطان الملك الكامل، وسمعت من يذكر أنه كان يسوى له الملابس حين يقوم.
وكان صديقنا إبراهيم السنهوري المحدث صاحب الرحلة إلى البلاد قد دخل بلاد الأندلس، وذكر لمشايخها وعلمائها أن ابن دحية يدّعى أنه قرأ على جماعة من الشيوخ القدماء، فأنكروا ذلك وأبطلوه وقالوا: لم يلق هؤلاء ولا أدركهم، وإنما اشتغل بالطلب أخيرا وليس نسبه بصحيح ، ودحية لم يعقب. فكتب السنهوري محضرا،
وأخذ خطوطهم فيه بذلك، وقدم به ديار مصر، فعلم ابن دحية بذلك، فاشتكى إلى السلطان منه وقال: هذا يأخذ عرضي ويؤذيني! فأمر السلطان بالقبض عليه، وضرب، وأشهر على حمار وأخرج من ديار مصر، وأخذ ابن دحية المحضر وخرقه.
وبنى له السلطان الملك الكامل دارا للحديث.
وكان حافظا ماهرا عالما بقيود الحديث، فصيح العبارة، تام المعرفة بالنحو واللغة، وكان ظاهري المذهب، كثير الوقيعة في السلف، خبيث اللسان، أحمق، شديد الكبر، قليل النظر في الأمور الدينية، متهاونا في دينه.
قال الحافظ أبو الحسن بن علي بن المفضل المقدسي: كنا يوما بحضرة السلطان في مجلس عام وهناك ابن دحية، فسألني السلطان عن حديث فذكرته له، فقال لي: من رواه؟ فلم يحضرني إسناده وانفصلنا، فاجتمع بي ابن دحية وقال لي: يا فقيه! لما سألك السلطان عن إسناد ذاك الحديث، لم لم تذكر له أي إسناد شئت؟ فإنه ومن حضر مجلسه لا يعلمون هل هو صحيح أم لا! وكنت قد ربحت قولك «لا أعلم» ، وعظمت في عينه، قال: فعلمت أنه جرئ على الكذب.
أنشدني أبو المحاسن محمد بن نصر عرف بابن عنين لنفسه بدمشق يهجو ابن دحية:
دحية لم يعقب فلم تعتزي ... إليه بالبهتان والإفك
ما صح عند الناس شيء سوى ... أنك من كلب بلا شك
توفي ابن دحية بالقاهرة في ليلة رابع عشر ربيع الأول من سنة ثلاث وثلاثين وستمائة، وقد نيف على الثمانين. وكان يخضب بالسواد- قدس الله [روحه] .
من أهل منورقة من بلاد الأندلس ؛ وذكر أنه يسمى عبد الله، وأن أمه أمة الرحمن بنت أبي عبد الله محمد بن أبي البسام موسى بْنُ عَبْدِ اللَّه بْنِ الْحُسَيْن بْنِ عَلِيِّ ابن أبي جعفر مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيّ بن مُوسَى بْنُ جَعْفَر بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيّ بْنِ الْحُسَيْن بْن عَلِيّ ابن أبي طالب. فلهذا كان يكتب بخطه: ذو النسبين: بن دحية والحسين. قدم علينا بغداد، وأملى من حفظه، وكتبنا عنه، وذكر أنه سمع من أبي الفرج ابن الجوزي؛ وسافر إلى العراق فسمع بأصبهان من أبي جعفر الصيدلاني معجم الطبراني، ودخل خراسان فسمع بنيسابور من أبي سعد بن الصفار ومنصور الفراوي والمؤيد الطوسي في آخرين وحصل الأصول، وسمع بواسط من أبي الفتح بن الماندائي.
وذكر أنه سمع كتاب «الصلة» من أبي القاسم بن بشكوال، وأنه سمع بالأندلس من جماعة، غير أني رأيت الناس مجمعين على كذبه وضعفه وادعائه لقاء من لم يلقه، وسماع ما لم يسمعه، وكانت أمارات ذلك لائحة على كلامه، وكان القلب يأبى سماع كلامه، ويشهد ببطلان قوله. دخل ديار مصر، وسكن بالقاهرة، وصادف قبولا من السلطان الملك الكامل، وسمعت من يذكر أنه كان يسوى له الملابس حين يقوم.
وكان صديقنا إبراهيم السنهوري المحدث صاحب الرحلة إلى البلاد قد دخل بلاد الأندلس، وذكر لمشايخها وعلمائها أن ابن دحية يدّعى أنه قرأ على جماعة من الشيوخ القدماء، فأنكروا ذلك وأبطلوه وقالوا: لم يلق هؤلاء ولا أدركهم، وإنما اشتغل بالطلب أخيرا وليس نسبه بصحيح ، ودحية لم يعقب. فكتب السنهوري محضرا،
وأخذ خطوطهم فيه بذلك، وقدم به ديار مصر، فعلم ابن دحية بذلك، فاشتكى إلى السلطان منه وقال: هذا يأخذ عرضي ويؤذيني! فأمر السلطان بالقبض عليه، وضرب، وأشهر على حمار وأخرج من ديار مصر، وأخذ ابن دحية المحضر وخرقه.
وبنى له السلطان الملك الكامل دارا للحديث.
وكان حافظا ماهرا عالما بقيود الحديث، فصيح العبارة، تام المعرفة بالنحو واللغة، وكان ظاهري المذهب، كثير الوقيعة في السلف، خبيث اللسان، أحمق، شديد الكبر، قليل النظر في الأمور الدينية، متهاونا في دينه.
قال الحافظ أبو الحسن بن علي بن المفضل المقدسي: كنا يوما بحضرة السلطان في مجلس عام وهناك ابن دحية، فسألني السلطان عن حديث فذكرته له، فقال لي: من رواه؟ فلم يحضرني إسناده وانفصلنا، فاجتمع بي ابن دحية وقال لي: يا فقيه! لما سألك السلطان عن إسناد ذاك الحديث، لم لم تذكر له أي إسناد شئت؟ فإنه ومن حضر مجلسه لا يعلمون هل هو صحيح أم لا! وكنت قد ربحت قولك «لا أعلم» ، وعظمت في عينه، قال: فعلمت أنه جرئ على الكذب.
أنشدني أبو المحاسن محمد بن نصر عرف بابن عنين لنفسه بدمشق يهجو ابن دحية:
دحية لم يعقب فلم تعتزي ... إليه بالبهتان والإفك
ما صح عند الناس شيء سوى ... أنك من كلب بلا شك
توفي ابن دحية بالقاهرة في ليلة رابع عشر ربيع الأول من سنة ثلاث وثلاثين وستمائة، وقد نيف على الثمانين. وكان يخضب بالسواد- قدس الله [روحه] .