علي بْن أَحْمَد بْن علي بْن عَبْد اللَّه ، أَبُو غالب:
من أهل سميرم ، ناحية من نواحي أصبهان، كَانَ وزيرًا للسلطان محمود بْن مُحَمَّد بْن ملكشاه، وكان كبير القدر رفيع المنزلة، بنى مدرسة بأصبهان وجعل فِيهَا خزانة كتب نفيسة بخطوط منسوبة، وكان يقدم بغداد كثيرًا وسكنها مدة وحكم بها، وابتنى بها دارًا عَلَى دجلة، وكان ظالمًا سيئ السيرة.
يحكى عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ [يَقُولُ] : قَد استحييت من كثرة التعدي عَلَى النَّاس وظلمي من لا ناصر لَهُ. ولما عزم عَلَى الخروج من بغداد واللحوق بالمعسكر أخذ الطالع لوقت خروجه وركب فِي مركب عظيم بالتجمل والزينة الكاملة، بين يديه الجاندارية والمطرقون بالسيوف والجراب والديابيس، واجتاز فِي سوق المدرسة المنشئة ، فلما وصل إلى مضيق هناك خرج أصحابه كلهم بين يدي دابته وبقي مفردا لضيق الموضع،
فوثب عَلَيْهِ رَجُل من دكة هناك فضربه بسكين فوقعت فِي بغلته ، وهرب الضارب نحو دجلة فتبعه الغلمان كلهم ومعهم السلاح وخلا منهم المكان، فظهر رَجُل آخر كَانَ متواريًا فضربه بسكين فِي خاصرته ثُمَّ جذبه عن البغلة إلى الأرض وجرحه عدة جراحات، فعاد أصحاب الوزير فوثب عليهم اثنان لم يريا قبل ذَلِكَ، فحملا عليهم مَعَ الَّذِي جرحه، فانهزم ذَلِكَ الجمع الَّذِي كانوا مَعَ الوزير ولم يبق معه من يرد عَنْهُ ولا يخلصه، فوثب عن ضعف وقلة حركة وأراد الارتقاء إلى غرفة هناك ليختفي بها، فعاد إِلَيْه الَّذِي جرحه وجر برجله وأنزله وجعل يضربه بالسكين فِي مقاتله والوزير يستغيث إِلَيْه ويستعطفه وقَالَ: أَنَا شيخ، فلم يقلع عن ذبحه، وجعل يكبر بأعلى صوته: أَنَا مُسْلِم أَنَا موحد، وحملت جثة الوزير عَلَى بارية أخذت من الطريق إلى دار أخيه النصير، وقتل الأربعة الَّذِينَ تولوا قتله، وكانت امْرَأَة الوزير قَدْ خرجت قبل ركوبه إلى المخيم فِي زينة فاخرة ومعها الجنائب والخدم والغلمان والجواري، فلم تستقر فِي مخيمها حتَّى جاءها الخبر بقتل الوزير فرجعت مَعَ الجواري وهن حواف حواسر عليهن المسوح بعد الموشي المذهب.
كما قال أبو العتاهية فيما أنبأنا سليمان بن محمد بن علي، أنبأنا إسماعيل بن أحمد السمرقندي، أنبأنا أحمد بن محمد البزاز، حدثنا الْحُسَيْن الضبي إملاء قَالَ: وجدت فِي كتاب والدي قَالَ عَبْد اللَّه بْن إِسْمَاعِيل صاحب المراكب: لما صرنا إلى ماسبذان مَعَ المهدي دنوت إلى عنانه فأمسكته عليه وما بِهِ علة، فوالله ما أصبح إلا ميتًا، فرأيت حسنه وقد رجعت وعلى قبتها المسوح، فَقَالَ أَبُو العتاهية فِي ذَلِكَ:
رحن فِي الوشي فأصبح ... ن عليهن المسوح
كل نطاح في الأم ... ر له يوم نطوح
لست بالباقي ولو ع ... مرت ما عُمَر نوح
فعلى نفسك نح إن ... كنت لا بد تنوح
ذكر أَبُو الْحَسَن علي بْن عُبَيْد اللَّه بْن الزاغوني فِي تاريخه ونقلته من خطه أن الوزير
أبا طَالِب السميرمي قتل فِي يَوْم الثلاثاء سلخ صفر سنة ست عشرة وخمسمائة.
من أهل سميرم ، ناحية من نواحي أصبهان، كَانَ وزيرًا للسلطان محمود بْن مُحَمَّد بْن ملكشاه، وكان كبير القدر رفيع المنزلة، بنى مدرسة بأصبهان وجعل فِيهَا خزانة كتب نفيسة بخطوط منسوبة، وكان يقدم بغداد كثيرًا وسكنها مدة وحكم بها، وابتنى بها دارًا عَلَى دجلة، وكان ظالمًا سيئ السيرة.
يحكى عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ [يَقُولُ] : قَد استحييت من كثرة التعدي عَلَى النَّاس وظلمي من لا ناصر لَهُ. ولما عزم عَلَى الخروج من بغداد واللحوق بالمعسكر أخذ الطالع لوقت خروجه وركب فِي مركب عظيم بالتجمل والزينة الكاملة، بين يديه الجاندارية والمطرقون بالسيوف والجراب والديابيس، واجتاز فِي سوق المدرسة المنشئة ، فلما وصل إلى مضيق هناك خرج أصحابه كلهم بين يدي دابته وبقي مفردا لضيق الموضع،
فوثب عَلَيْهِ رَجُل من دكة هناك فضربه بسكين فوقعت فِي بغلته ، وهرب الضارب نحو دجلة فتبعه الغلمان كلهم ومعهم السلاح وخلا منهم المكان، فظهر رَجُل آخر كَانَ متواريًا فضربه بسكين فِي خاصرته ثُمَّ جذبه عن البغلة إلى الأرض وجرحه عدة جراحات، فعاد أصحاب الوزير فوثب عليهم اثنان لم يريا قبل ذَلِكَ، فحملا عليهم مَعَ الَّذِي جرحه، فانهزم ذَلِكَ الجمع الَّذِي كانوا مَعَ الوزير ولم يبق معه من يرد عَنْهُ ولا يخلصه، فوثب عن ضعف وقلة حركة وأراد الارتقاء إلى غرفة هناك ليختفي بها، فعاد إِلَيْه الَّذِي جرحه وجر برجله وأنزله وجعل يضربه بالسكين فِي مقاتله والوزير يستغيث إِلَيْه ويستعطفه وقَالَ: أَنَا شيخ، فلم يقلع عن ذبحه، وجعل يكبر بأعلى صوته: أَنَا مُسْلِم أَنَا موحد، وحملت جثة الوزير عَلَى بارية أخذت من الطريق إلى دار أخيه النصير، وقتل الأربعة الَّذِينَ تولوا قتله، وكانت امْرَأَة الوزير قَدْ خرجت قبل ركوبه إلى المخيم فِي زينة فاخرة ومعها الجنائب والخدم والغلمان والجواري، فلم تستقر فِي مخيمها حتَّى جاءها الخبر بقتل الوزير فرجعت مَعَ الجواري وهن حواف حواسر عليهن المسوح بعد الموشي المذهب.
كما قال أبو العتاهية فيما أنبأنا سليمان بن محمد بن علي، أنبأنا إسماعيل بن أحمد السمرقندي، أنبأنا أحمد بن محمد البزاز، حدثنا الْحُسَيْن الضبي إملاء قَالَ: وجدت فِي كتاب والدي قَالَ عَبْد اللَّه بْن إِسْمَاعِيل صاحب المراكب: لما صرنا إلى ماسبذان مَعَ المهدي دنوت إلى عنانه فأمسكته عليه وما بِهِ علة، فوالله ما أصبح إلا ميتًا، فرأيت حسنه وقد رجعت وعلى قبتها المسوح، فَقَالَ أَبُو العتاهية فِي ذَلِكَ:
رحن فِي الوشي فأصبح ... ن عليهن المسوح
كل نطاح في الأم ... ر له يوم نطوح
لست بالباقي ولو ع ... مرت ما عُمَر نوح
فعلى نفسك نح إن ... كنت لا بد تنوح
ذكر أَبُو الْحَسَن علي بْن عُبَيْد اللَّه بْن الزاغوني فِي تاريخه ونقلته من خطه أن الوزير
أبا طَالِب السميرمي قتل فِي يَوْم الثلاثاء سلخ صفر سنة ست عشرة وخمسمائة.