إبراهيم بن علي بن سلمة بن عامر بن هرمة، أبو إسحاق الفهريّ المدنيّ :
شاعر مفلق. فصيح مسهب، مجيد حسن القول، سائر الشعر، وهو أحد الشعراء المخضرمين، أدرك الدولتين الأموية والهاشمية، وقدم بغداد علي أبي جعفر المنصور ومدحه فأجازه. وأحسن صلته، وكان ممن اشتهر بالانقطاع إلى الطالبيين.
أَخْبَرَنَا أبو القاسم الأزهري، وعَبْد الكريم بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَدَ الضبي. قالا:
أَخْبَرَنَا علي بن عمر الحافظ. قَالَ: هرمة بن هذيل بن ربيع بن عامر بن صبح بن عدي بن قيس بن الحارث بن فهر، من ولده إبراهيم بن علي بن سلمة بن عامر بن هرمة الشاعر مقدم في شعراء المحدثين. قدمه محمد بن داود بن الجراح على بشار وأبي نواس وغيرهما.
أَخْبَرَنِي أبو القاسم الأزهري، أخبرنا أحمد بن إبراهيم، حدّثنا إبراهيم بن محمّد ابن عرفة. قَالَ: وفي هذه السنة- يعني سنة خمس وأربعين ومائة- تحول المنصور إلى مدينة السلام واستتم بناءها سنة ست وأربعين ثم كتب إلى أهل المدينة أن يوفدوا عليه خطباءهم وشعراءهم، فكان فيمن وفد عليه إبراهيم بن هرمة. قَالَ: فلم تكن في الدنيا خطبة أبغض إلي من خطبة تقربني منه، واجتمع الخطباء والشعراء من كل مدينة، وعلى المنصور ستر يرى الناس من ورائه ولا يرونه، وأبو الخصيب حاجبه قائم يقول:
يا أمير المؤمنين هذا فلان الخطيب فيقول: اخطب. ويقول: هذا فلان الشاعر. فيقول:
أنشد. حتى كنت آخر من بقي فقال: يا أمير المؤمنين هذا ابن هرمة، فسمعته يقول:
لا مرحبا ولا أهلا. ولا أنعم الله به عينا. فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون! ذهبت والله نفسي، ثم رجعت إلى نفسي فقلت: يا نفس هذا موقف إن لم تشتدي فيه هلكت فقال أبو الخصيب: أنشد فأنشدته:
سرى ثوبه عنك الصبي المتخايل ... وقرب للبين الخليط المزايل
حتى انتهيت إلى قولي:
له لحظات في خفاء سريرة ... إذا كرها فيها عقاب ونائل
فأما الذي أمنته يأمن الردى ... وأما الذي حاولت بالثكل ثاكل
فقال: يا غلام، ارفع عني الستر! فرفع، فإذا وجهه كأنه فلقة قمر، ثم قَالَ: تمم القصيدة فلما فرغت قَالَ: ادن، فدنوت، ثم قَالَ: اجلس؛ فجلست، وبين يديه مخصرة فقال: يا إبراهيم قد بلغتني عنك أشياء لولا ذلك لفضلتك على نظرائك، فأقر لي بذنوبك أعفها عنك. فقلت: هذا رجل فقيه عالم، وإنما يريد أن يقتلني بحجة تجب علي! فقلت: يا أمير المؤمنين كل ذنب بلغك مما عفوته عني فأنا مقر به فتناول المخصرة فضربني بها. فقلت:
أصبر من ذي ضاغط عركرك ... ألقى بواني زوره للمبرك
ثم ثني فضربني فقلت:
أصبر من عود بجنبيه جلب ... قد أثر البطان فيه والحقب
فقال: قد أمرت لك بعشرة آلاف درهم، وخلعة، وألحقتك بنظرائك من طريح بن إسماعيل، ورؤبة بن العجاج، ولئن بلغني عنك أمر أكرهه لأقتلنك. قلت: نعم! أنت في حل وفي سعة من دمي إن بلغك أمر تكرهه، قَالَ ابن هرمة: فأتيت المدينة. فأتاني رجل من الطالبيين فسلم علي فقلت: تنح عني لا تشيط بدمي.
أَخْبَرَنِي عبيد الله بن أبي الفتح، حدّثنا محمّد بن حميد الخزاز، حدّثنا ابن قانع، حدّثنا محمّد بن زكريّا، حدّثنا عبيد الله بن عائشة. قَالَ: لما قدم ابن هرمة على أبي جعفر مدحه فأعطاه عشرة آلاف درهم وقال: يا ابن هرمة إن الزمان ضيق بأهله فاشتر بهذه إبلا عوامل؛ وإياك أن تقول: كلما مدحت أمير المؤمنين أعطاني مثلها هيهات والعود إلى مثلها.
أَخْبَرَنَا أَبُو عبد اللَّه الحسين بْن الحسن بن محمد بن القاسم المخزومي، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن يحيى الصولي، حدّثنا محمّد بن زكريّا الغلابي، حَدَّثَنَا أحمد بن عيسى- وذكر ابن هرمة قَالَ: وكان متصلا بنا- وهو القائل فينا:
ومهما ألام على حبهم ... فإني أحب بني فاطمه
بني بنت من جاء بالمحكما ... ت وبالدين والسنة القائمه
فلست أبالي بحبي لهم ... سواهم من النعم السائمه
قَالَ: فقيل له في دولة بني العباس: ألست القائل كذا- وأنشدوه هذه الأبيات-؟
فقال: أعض الله قائلها بهن أمه، فقال له من يثق به: ألست أنت قائلها؟! قَالَ: بلى ولكن أعض بهن أمي خير من أن أقتل.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن علي البزاز، أَخْبَرَنَا عُمَر بن مُحَمَّد بن سيف الكاتب، حدّثنا محمّد بن العبّاس اليزيدي، حدّثنا الزبير بن بكّار، حدّثنا محمّد ابن ثابت، حَدَّثَنِي محمد بن فضالة النحوي. قَالَ: لقي رجل من قريش ممن كان خرج مع إبراهيم بن عبد الله بن حسن؛ إبراهيم بن علي بن هرمة الشاعر فقال له: ما الخبر؟ ما فعل الناس يا أبا إسحاق فقال ابن هرمة:
أرى الناس في أمر سحيل فلا تزل ... على ثقة أو تبصر الأمر مبرما
وأمسك بأطراف الكلام فإنه ... نجاتك مما خفت أمرا مجمجما
فلست على رجع الكلام بقادر ... إذا القول عن زلاته فارق الفما
وكائن ترى من وافر العرض صامتا ... وآخر أردى نفسه أن تكلما
حَدَّثَنَا أبو جعفر محمّد بن علان الورّاق، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هاشم بن محمد بن هارون الخزاعي، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قريب بن أخي الأصمعي عن عمه. قَالَ: قَالَ لي رجل من أهل الشام: قدمت المدينة فقصدت منزل إبراهيم بن هرمة، فإذا بنية له صغيرة تلعب بالطين، فقلت لها:
ما فعل أبوك؟ قالت: وفد إلى بعض الأجواد، فما لنا به علم منذ مدة. فقلت: انحري لنا ناقة فإنا أضيافك، قالت: والله ما عندنا. قلت: فشاة، قالت: والله ما عندنا، قلت فدجاجة، قالت: والله ما عندنا. قلت: فأعطينا بيضة. قالت: والله ما عندنا، قلت:
فباطل ما قَالَ أبوك:
كم ناقة قد وجأت منحرها ... بمستهل الشؤبوب أو جمل
قالت: فذلك الفعل من أبي هو الذي أصارنا إلى أن ليس عندنا شيء!! أَخْبَرَنَا الحسن بن علي الجوهريّ، أَخْبَرَنَا محمد بن عمران الكاتب. قَالَ: قَالَ أبو الحسن الأخفش: قَالَ لنا ثعلب مرة إن الأصمعي. قَالَ: ختم الشعر بإبراهيم بن هرمة، وهو آخر الحجج.
شاعر مفلق. فصيح مسهب، مجيد حسن القول، سائر الشعر، وهو أحد الشعراء المخضرمين، أدرك الدولتين الأموية والهاشمية، وقدم بغداد علي أبي جعفر المنصور ومدحه فأجازه. وأحسن صلته، وكان ممن اشتهر بالانقطاع إلى الطالبيين.
أَخْبَرَنَا أبو القاسم الأزهري، وعَبْد الكريم بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَدَ الضبي. قالا:
أَخْبَرَنَا علي بن عمر الحافظ. قَالَ: هرمة بن هذيل بن ربيع بن عامر بن صبح بن عدي بن قيس بن الحارث بن فهر، من ولده إبراهيم بن علي بن سلمة بن عامر بن هرمة الشاعر مقدم في شعراء المحدثين. قدمه محمد بن داود بن الجراح على بشار وأبي نواس وغيرهما.
أَخْبَرَنِي أبو القاسم الأزهري، أخبرنا أحمد بن إبراهيم، حدّثنا إبراهيم بن محمّد ابن عرفة. قَالَ: وفي هذه السنة- يعني سنة خمس وأربعين ومائة- تحول المنصور إلى مدينة السلام واستتم بناءها سنة ست وأربعين ثم كتب إلى أهل المدينة أن يوفدوا عليه خطباءهم وشعراءهم، فكان فيمن وفد عليه إبراهيم بن هرمة. قَالَ: فلم تكن في الدنيا خطبة أبغض إلي من خطبة تقربني منه، واجتمع الخطباء والشعراء من كل مدينة، وعلى المنصور ستر يرى الناس من ورائه ولا يرونه، وأبو الخصيب حاجبه قائم يقول:
يا أمير المؤمنين هذا فلان الخطيب فيقول: اخطب. ويقول: هذا فلان الشاعر. فيقول:
أنشد. حتى كنت آخر من بقي فقال: يا أمير المؤمنين هذا ابن هرمة، فسمعته يقول:
لا مرحبا ولا أهلا. ولا أنعم الله به عينا. فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون! ذهبت والله نفسي، ثم رجعت إلى نفسي فقلت: يا نفس هذا موقف إن لم تشتدي فيه هلكت فقال أبو الخصيب: أنشد فأنشدته:
سرى ثوبه عنك الصبي المتخايل ... وقرب للبين الخليط المزايل
حتى انتهيت إلى قولي:
له لحظات في خفاء سريرة ... إذا كرها فيها عقاب ونائل
فأما الذي أمنته يأمن الردى ... وأما الذي حاولت بالثكل ثاكل
فقال: يا غلام، ارفع عني الستر! فرفع، فإذا وجهه كأنه فلقة قمر، ثم قَالَ: تمم القصيدة فلما فرغت قَالَ: ادن، فدنوت، ثم قَالَ: اجلس؛ فجلست، وبين يديه مخصرة فقال: يا إبراهيم قد بلغتني عنك أشياء لولا ذلك لفضلتك على نظرائك، فأقر لي بذنوبك أعفها عنك. فقلت: هذا رجل فقيه عالم، وإنما يريد أن يقتلني بحجة تجب علي! فقلت: يا أمير المؤمنين كل ذنب بلغك مما عفوته عني فأنا مقر به فتناول المخصرة فضربني بها. فقلت:
أصبر من ذي ضاغط عركرك ... ألقى بواني زوره للمبرك
ثم ثني فضربني فقلت:
أصبر من عود بجنبيه جلب ... قد أثر البطان فيه والحقب
فقال: قد أمرت لك بعشرة آلاف درهم، وخلعة، وألحقتك بنظرائك من طريح بن إسماعيل، ورؤبة بن العجاج، ولئن بلغني عنك أمر أكرهه لأقتلنك. قلت: نعم! أنت في حل وفي سعة من دمي إن بلغك أمر تكرهه، قَالَ ابن هرمة: فأتيت المدينة. فأتاني رجل من الطالبيين فسلم علي فقلت: تنح عني لا تشيط بدمي.
أَخْبَرَنِي عبيد الله بن أبي الفتح، حدّثنا محمّد بن حميد الخزاز، حدّثنا ابن قانع، حدّثنا محمّد بن زكريّا، حدّثنا عبيد الله بن عائشة. قَالَ: لما قدم ابن هرمة على أبي جعفر مدحه فأعطاه عشرة آلاف درهم وقال: يا ابن هرمة إن الزمان ضيق بأهله فاشتر بهذه إبلا عوامل؛ وإياك أن تقول: كلما مدحت أمير المؤمنين أعطاني مثلها هيهات والعود إلى مثلها.
أَخْبَرَنَا أَبُو عبد اللَّه الحسين بْن الحسن بن محمد بن القاسم المخزومي، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن يحيى الصولي، حدّثنا محمّد بن زكريّا الغلابي، حَدَّثَنَا أحمد بن عيسى- وذكر ابن هرمة قَالَ: وكان متصلا بنا- وهو القائل فينا:
ومهما ألام على حبهم ... فإني أحب بني فاطمه
بني بنت من جاء بالمحكما ... ت وبالدين والسنة القائمه
فلست أبالي بحبي لهم ... سواهم من النعم السائمه
قَالَ: فقيل له في دولة بني العباس: ألست القائل كذا- وأنشدوه هذه الأبيات-؟
فقال: أعض الله قائلها بهن أمه، فقال له من يثق به: ألست أنت قائلها؟! قَالَ: بلى ولكن أعض بهن أمي خير من أن أقتل.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن علي البزاز، أَخْبَرَنَا عُمَر بن مُحَمَّد بن سيف الكاتب، حدّثنا محمّد بن العبّاس اليزيدي، حدّثنا الزبير بن بكّار، حدّثنا محمّد ابن ثابت، حَدَّثَنِي محمد بن فضالة النحوي. قَالَ: لقي رجل من قريش ممن كان خرج مع إبراهيم بن عبد الله بن حسن؛ إبراهيم بن علي بن هرمة الشاعر فقال له: ما الخبر؟ ما فعل الناس يا أبا إسحاق فقال ابن هرمة:
أرى الناس في أمر سحيل فلا تزل ... على ثقة أو تبصر الأمر مبرما
وأمسك بأطراف الكلام فإنه ... نجاتك مما خفت أمرا مجمجما
فلست على رجع الكلام بقادر ... إذا القول عن زلاته فارق الفما
وكائن ترى من وافر العرض صامتا ... وآخر أردى نفسه أن تكلما
حَدَّثَنَا أبو جعفر محمّد بن علان الورّاق، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هاشم بن محمد بن هارون الخزاعي، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قريب بن أخي الأصمعي عن عمه. قَالَ: قَالَ لي رجل من أهل الشام: قدمت المدينة فقصدت منزل إبراهيم بن هرمة، فإذا بنية له صغيرة تلعب بالطين، فقلت لها:
ما فعل أبوك؟ قالت: وفد إلى بعض الأجواد، فما لنا به علم منذ مدة. فقلت: انحري لنا ناقة فإنا أضيافك، قالت: والله ما عندنا. قلت: فشاة، قالت: والله ما عندنا، قلت فدجاجة، قالت: والله ما عندنا. قلت: فأعطينا بيضة. قالت: والله ما عندنا، قلت:
فباطل ما قَالَ أبوك:
كم ناقة قد وجأت منحرها ... بمستهل الشؤبوب أو جمل
قالت: فذلك الفعل من أبي هو الذي أصارنا إلى أن ليس عندنا شيء!! أَخْبَرَنَا الحسن بن علي الجوهريّ، أَخْبَرَنَا محمد بن عمران الكاتب. قَالَ: قَالَ أبو الحسن الأخفش: قَالَ لنا ثعلب مرة إن الأصمعي. قَالَ: ختم الشعر بإبراهيم بن هرمة، وهو آخر الحجج.