عبد الْملك بن عبد الحكم شيخ يروي عَن شُعْبَة مُسْتَقِيم الحَدِيث ثَنَا مَكْحُولٌ ثَنَا أَبُو عُمَيْرٍ النَّحَّاسُ ثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ ثَنَا شُعْبَةُ بِبَغْدَادَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ قَرَأَ آخِرَ سُورَةِ الْكَهْفِ كَانَ لَهُ عِصْمَةً من الدَّجَّال
63053. عبد الملك بن صدقة بن عبد الله بن جندب...1 63054. عبد الملك بن عباد1 63055. عبد الملك بن عباد بن جعفر3 63056. عبد الملك بن عباد بن جعفر المخزومي1 63057. عبد الملك بن عبد الحق1 63058. عبد الملك بن عبد الحكم163059. عبد الملك بن عبد الحميد أبو الحسن المصري...1 63060. عبد الملك بن عبد الحميد بن عبد الحميد بن ميمون بن مهران الميمونى ...1 63061. عبد الملك بن عبد الرحمن أبو العباس1 63062. عبد الملك بن عبد الرحمن أبو هشام1 63063. عبد الملك بن عبد الرحمن ابو العباس1 63064. عبد الملك بن عبد الرحمن ابو العباس الشامي...2 63065. عبد الملك بن عبد الرحمن الابناوي1 63066. عبد الملك بن عبد الرحمن الذماري1 63067. عبد الملك بن عبد الرحمن الذماري الصنعاني...1 63068. عبد الملك بن عبد الرحمن بن خالد1 63069. عبد الملك بن عبد الرحمن بن خالد بن اسيد...1 63070. عبد الملك بن عبد الرحمن بن سعود بن سرور الملاح ابو القاسم...1 63071. عبد الملك بن عبد الرحمن بن محمد بن احمد ابو سعد السرخسي الحنفي...1 63072. عبد الملك بن عبد الرحمن بن هشام الذماري...1 63073. عبد الملك بن عبد الرحمن بن يوسف3 63074. عبد الملك بن عبد الرحمن وقيل ابن محمد ابو هشام الذماري...1 63075. عبد الملك بن عبد الرحمن بن خالد بن اسيد...1 63076. عبد الملك بن عبد الرزاق بن عبد الله بن علي بن اسحاق بن العباس بن ...1 63077. عبد الملك بن عبد السلام بن الحسين بن زكاش الدامغاني ابو محمد الفق...1 63078. عبد الملك بن عبد السلام بن عبد الملك بن الصدر ابو محمد التيمي...1 63079. عبد الملك بن عبد السلام بن عبد الملك بن عبد السلام بن الحسين بن م...1 63080. عبد الملك بن عبد السميع بن علي بن عبد السميع الهاشمي...1 63081. عبد الملك بن عبد العائذي1 63082. عبد الملك بن عبد العزيز4 63083. عبد الملك بن عبد العزيز أبو نصر1 63084. عبد الملك بن عبد العزيز ابن جريج1 63085. عبد الملك بن عبد العزيز ابو العباس الشامي المرواني...1 63086. عبد الملك بن عبد العزيز ابو نصر التمار...2 63087. عبد الملك بن عبد العزيز ابو نصر التمار...1 63088. عبد الملك بن عبد العزيز الشامي1 63089. عبد الملك بن عبد العزيز القشيري أبو نصر التمار...1 63090. عبد الملك بن عبد العزيز الماجشونى1 63091. عبد الملك بن عبد العزيز النسائي ابو نصر التمار القشيري...1 63092. عبد الملك بن عبد العزيز بن ابي فروة المدني...1 63093. عبد الملك بن عبد العزيز بن الماجشون ابو مروان...1 63094. عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج11 63095. عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج ابو خالد...1 63096. عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي...3 63097. عبد الملك بن عبد العزيز بن ذكوان أبو نصر التمار...1 63098. عبد الملك بن عبد العزيز بن عبد الله1 63099. عبد الملك بن عبد العزيز بن هبة الله بن البندار ابو علي...1 63100. عبد الملك بن عبد العزيز بن هبة الله بن القاسم بن البندار ابو علي...1 63101. عبد الملك بن عبد القاهر بن اسد بن مسلم ابو القاسم...1 63102. عبد الملك بن عبد الكريم1 63103. عبد الملك بن عبد الله1 63104. عبد الملك بن عبد الله الرومي البصري1 63105. عبد الملك بن عبد الله الرومي البصري1 63106. عبد الملك بن عبد الله العائذى1 63107. عبد الملك بن عبد الله اللخمى1 63108. عبد الملك بن عبد الله بن أسيد1 63109. عبد الملك بن عبد الله بن ابي اسيد1 63110. عبد الملك بن عبد الله بن ابي سفيان الثقفي...1 63111. عبد الملك بن عبد الله بن ابي سهل بن ابي القاسم بن ابي منصور بن ما...1 63112. عبد الملك بن عبد الله بن ابي سفيان الثقفى...1 63113. عبد الملك بن عبد الله بن ابي فروة المديني...1 63114. عبد الملك بن عبد الله بن احمد بن رضوان ابو الحسين الكاتب...1 63115. عبد الملك بن عبد الله بن اسيد1 63116. عبد الملك بن عبد الله بن الحسين بن ايوب ابو منصور السيوري...1 63117. عبد الملك بن عبد الله بن جابر3 63118. عبد الملك بن عبد الله بن حسين المؤذن ابو علي بن القشوري الدارقزي...1 63119. عبد الملك بن عبد الله بن داود ابو القاسم...1 63120. عبد الملك بن عبد الله بن داود ابو القاسم المغربي الحمزي...1 63121. عبد الملك بن عبد الله بن شبرمة الكوفي...1 63122. عبد الملك بن عبد الله بن فيروز الرومي...1 63123. عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن يوسف بن محمد بن حيوي...1 63124. عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن يوسف بن محمد بن حيوي...1 63125. عبد الملك بن عبد الملك4 63126. عبد الملك بن عبد الملك بن ابي ذئب1 63127. عبد الملك بن عبد الواحد بن الحسن بن منازل الشيباني ابو الفضل القز...1 63128. عبد الملك بن عبد الواحد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمويه بن مودود...1 63129. عبد الملك بن عبد الوهاب1 63130. عبد الملك بن عبد الوهاب بن علي بن علي بن عبيد الله الامين ابو الم...1 63131. عبد الملك بن عبد ربه ابو اسحاق1 63132. عبد الملك بن عبد ربه الطائي ابو اسحاق...1 63133. عبد الملك بن عبد ربه بن زيتون1 63134. عبد الملك بن عبد ربه بن سليمان بن زيتون...1 63135. عبد الملك بن عبد ربه بن زيتون ابو حاضر...1 63136. عبد الملك بن عبيد8 63137. عبد الملك بن عبيد الله بن مسرح الحراني...1 63138. عبد الملك بن عبيد بن سعيد بن يربوع1 63139. عبد الملك بن عتبة الباهلى1 63140. عبد الملك بن عتبة الباهلي2 63141. عبد الملك بن عثمان الثقفي2 63142. عبد الملك بن عثمان العنقزي1 63143. عبد الملك بن عطاء البكائى العامري1 63144. عبد الملك بن عطاء البكائي ختن الشعبي...1 63145. عبد الملك بن عطاء المكي2 63146. عبد الملك بن عطاء بن أبي عطاء1 63147. عبد الملك بن عفير1 63148. عبد الملك بن علاق1 63149. عبد الملك بن علقمة1 63150. عبد الملك بن علي المكتفي بن احمد المعتضد بالله بن محمد الموفق بال...1 63151. عبد الملك بن علي بن شابور بن الحسين ابو نصر المقرئ...1 63152. عبد الملك بن علي بن شعبة أبو القاسم الأنصاري...1 ◀ Prev. 100▶ Next 100
Jump to entry:الذهاب إلى موضوع رقم:
500100015002000250030003500400045005000550060006500700075008000850090009500100001050011000115001200012500130001350014000145001500015500160001650017000175001800018500190001950020000205002100021500220002250023000235002400024500250002550026000265002700027500280002850029000295003000030500310003150032000325003300033500340003450035000355003600036500370003750038000385003900039500400004050041000415004200042500430004350044000445004500045500460004650047000475004800048500490004950050000505005100051500520005250053000535005400054500550005550056000565005700057500580005850059000595006000060500610006150062000625006300063500640006450065000655006600066500670006750068000685006900069500700007050071000715007200072500730007350074000745007500075500760007650077000775007800078500790007950080000805008100081500820008250083000835008400084500850008550086000865008700087500880008850089000895009000090500910009150092000925009300093500940009450095000955009600096500970009750098000985009900099500100000100500Similar and related entries:
مواضيع متعلقة أو متشابهة بهذا الموضوع
عبد الملك بن مروان بن الحكم
ابن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف.
أبو الوليد الأموي.
بويع له بالخلافة بعد أبيه مروان، بعهدٍ منه.
روى عن أبي هريرة، عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من لم يغز، أو يجهز غازياً، أو يخلفه في أهله بخيرٍ أصابه الله - عزوجل - بقارعةٍ قبل يوم القيامة - وفي رواية: إلا أصابه الله " وفي رواية: " ما من امرىء مسلم لا يغزو في سبيل الله، أو يجهز غازياً أو يخلفه بخير إلا " قال عبد الملك: كنت أجالس بريرة بالمدينة قبل أن ألي هذا الأمر، فكان تقول: يا عبد الملك، إني لأرى فيك خصالاً لخليق أن تلي أمر هذه الأمة، فإن وليت فاحذر الدماء؛ فإني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إن الرجل ليدفع عن باب الجنة أن ينظر إليها بملء محجمة من دمٍ يريقه من مسلم بغير حق "
قال الزبير بن بكار:
فولد مروان بن الحكم أحد عشر رجلاً، ونسوة: عبد الملك بن مروان، ولي الخلافة، ومعاوية، وأمر عمرو، وأمهم عائشة بنت معاوية بن أبي العاص وقال مصعب الزبيري: أول من سمي في الإسلام عبد الملك عبد الملك بن مروان وذكر محمد بن سيرين: أن مروان بن الحكم سمى ابنه القاسم، وكان يكنى به، فلما بلغه النهي حول اسمه عبد الملك.
قال ابن سعد: كان عبد الملك يكنى أبا الوليد. ولد سنة ست وعشرين في خلافة عثمان بن عفان، وشهد سوم الدار مع أبيه، وهو ابن عشر سنين، وحفظ أمرهم وحديثهم، وشتا المسلمون بأرض الروم سنة اثنتين وأربعين، وهو أول مشتى شتوه بها، فاستعمل معاوية على أهل المدينة عبد الملك بن مروان، وهو يومئذ ابن ست عشرة سنة "، فركب عبد الملك بالناس البحر.
كان عابداً ناسكاً قبل الخلافة، وقد جالس العلماء والفقهاء، وحفظ عنهم، وكان قليل الحديث.
قال البخاري: ولي عبد الملك أربع عشرة سنة "، وكانت فتنة ابن الزبير ثمان سنين، مديني سكن الشام. مات سنة ست وثمانين. ودخل على عثمان وهو غلام، فقبله.
قال أبو سعيد بن يونس: قدم مصر سنة خمسين لغزو المغرب مع معاوية بن خديج التجيبي، وكانت وفاته بدمشق.
قال الخطيب: بويع له بالخلافة عند موت أبيه، وهو بالشام، ثم سار إلى العراق، فالتقى هو
ومصعب بن الزبير يمسكن على نهر دجيل قريباً من أوانا عند دير الجاثليق، فكانت الحرب بينهما حتى قتل مصعب، وقتل الحجاج بن يوسف بعده أخاه عبد الله بن الزبير بمكة، واجتمع الناس على عبد الملك، وكان منزله بدمشق.
قال خليفة: ولد عبد الملك بالمدينة في دار مروان في بني حديلة سنة ثلاث وعشرين - وقال: سنة ست وعشرين وذكر أبو حسان الزيادي أنه ولد سنة خمسٍ وعشرين قال الخطبي: وكان ربعة، إلى الطول أقرب منه إلى القصر، أبيض، ليس بالنحيف، ولا البادن، ولم يخضب إلى أن مات - وقيل إن خضب وترك - وكانت أسنانه مشبكة بالذهب، أفوه مفتوح الفم.
عن عبادة بن نسي قال: قيل لبن عمر: إنكم معشر أشايخ قريش توشكون أن تنقرصوا، فمن نسأل بعدكم؟ فقال: إن لمروان ابناً فقيهاً فسلوه قال أبو الزناد: كان فقهاء المدينة أربعة: سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وقبيصة بن ذويب، وعبد الملك بن مروان وروي أن قوماً استغاثوا ليلةً، فخرج الناس مغيثين، فأدركوا رجلاً، فجاؤوا به، فجعل الرجل يقول: إنما كنت مغيثاً، فأبوا حتى رفعوه إلى عبد الملك، فأمر بقتله،
فجاء رجل من الناس، فقال: إن هذا، والله، ما هو القاتل، ولكنني أنا القاتل، ولا والله، لا أقتل رجلين، قال: فقال عبد الملك: بلغني أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من أحيا نفساً بنفسه فلا قود عليه ". فخلى سبيله، وقال: ما أحسب قصته من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سقطت عن عبد الملك ومر عبد الملك بن مروان بعبد الله بن عمر، وهو في المسجد، وذكر اختلاف الناس، فقال: لو كان هذا الغلام اجتمع الناس عليه. وقال: ولد الناس أبناء، وولد مروان أباً.
قال بشر أبو نصر: دخل عبد الملك بن مروان على معاوية، وعنده عمرو بن العاص، فسلم، ثم جلس، ثم يلبث أن نهض. فقال معاوية: ما أكمل مروءة هذا الفتى! فقال عمرو: يا أمير المؤمنين، إنه أخذ بأخلاقٍ أربعةٍ، وترك أخلاقاً ثلاثة: أخذ بأحسن البشر إذا خولف. وترك مزاح من لا يوثق بعقله ولا دينه، وترك مخالفة لئام الناس، وترك من الكلام ما يعتذر منه.
وقالت أمر الدرداء لعبد الملك بن مروان: يا أمير المؤمنين، مازلت أتخيل هذا الأمر فيك مذ رأيتك. قال: وكيف ذاك؟ قالت: ما رأيت أحسن منك محدثاً، ولا أعلم منك مستمعاً.
حدث شيخ كان يجالس سعيد بن المسيب قال: مر به يوماً ابن زمل العذري، ونحن معه، فحصبه سعيد، فجاءه، فقال له سعيد: بلغني أنك مدحت هذا، وأشار نحو الشام - يعني عبد الملك، قال: نعم يا أبا محمد، قد مدحته، أفتحب أن تسمع القصيدة؟ قال: نعم، اجلس، فأنشده حتى بلغ: من الوافر
فماعابتك في خلقٍ قريش ... بيثرب حين أنت بها غلام
فقال سعيد: صدقت، ولكنه لما صار إلى الشام بدل قال يحيى بن سعيد:
أول من صلى في المسجد مابين الظهر والعصر عبد الملك، وفتيان معه. كانوا إذا صلى الإمام الظهر قاموا، فصلوا إلى العصر، فقيل لسعيد بن المسيب: لو قمنا فصلينا كما يصلي هؤلاء؟ فقال سعيد بن المسيب: ليست العبادة بكثرة الصلاة، ولا الصوم، إنما العبادة التفكر في أمر الله، والورع عن محارم الله.
قال الشعبي: ما جالست أحداً إلا وجدت لي الفضل عليه إلا عبد الملك بن مروان؛ فإني ما ذاكرته حديثاً إلا زادني فيه، ولا شعراً إلا زادني فيه.
عن المقبري: أن عبد الملك بن مروان لم يزل بالمدينة في حياة أبيه، وولايته حتى كان أيام الحرة. فلما وثب أهل المدينة، فأخرجوا عامل يزيد بن معاوية عن المدينة، وأخرجوا بني أمية خرج عبد الملك مع أبيه، فلقيهم مسلم بن عقبة بالطريق قد بعثه يزيد بن معاوية في جيشٍ إلى أهل المدينة، فرجع معه مروان، وعبد الملك بن مروان، وكان مجدوراً، فتخلف عبد الملك بذي خشبٍ، وأمر رسولاً أن ينزل مخيضاً، وهي فيما بين المدينة وذي خشب على اثني عشر ميلاً من المدينة، وآخر يحضر الوقعة يأتيه بالخبر، وهو يخاف أن تكون الدولة لأهل المدينة. فبينا عبد الملك جالس في قصر مروان بذي خشب يترقب إذا رسوله قد جاء يلوح بثوبه، فقال عبد الملك: إن هذا لبشير. فأتاه رسوله الذي كان بمخيض يخبره أن أهل المدينة قد قتلوا، ودخلها أهل الشام، فسجد عبد الملك. ودخل المدينة بعد أن برأ.
ويروى أن رجلاً كان يهودياً فأسلم، يقال له: يوسف، وكان يقرأ الكتب، فمر بدار مروان بن الحكم، فقال: ويل لأمة محمد من أهل هذه الدار - ثلاث مرار - فقلت له: إلى متى؟ قال: حتى تجىء رايات سود من قبل خراسان، وكان صديقاً
لعبد الملك بن مروان، فضرب منكبيه ذات يومٍ، فقال: اتق الله - يا بن مروان في أمة محمد إذا وليتهم، فقال: دعني، ويحك! ودفعه، ما شأني وشأن ذلك؟ فقال: اتق الله في أمرهم.
قال: وجهز يزيد بن معاوية جيشاً إلى أهل مكة، فقال عبد الملك بن مروان: - وأخذ قميصه فنفضه، يعني من قبل صدره، فقال: - أعوذ بالله، أعوذ بالله، أعوذ بالله، أتبعث إلىحرم الله؟! فضرب يوسف منكبه وقال: لم تنفض قميصك؟ جيشك إليهم أعظم من جيش يزيد بن معاوية.
أفضى الأمر إلى عبد الملك والمصحف في حجره يقرأ، فأطبقه، قوال: هذا آخر العهد بك.
وبايع أهل الشام عبد الملك بالخلافة ليله الأحد لهلال شهر رمضان سنة خمس وشتين - وقيل سنة أربع وستين وهو ابن ثمان وثلاثين، وتوفي وله سبع وخمسون سنة - وكانت الجماعة على عبد الملك سنة ثلاثٍ وسبعين عن أبي الطفيل قال: صنع لعبد الملك مجلس بويع فيه، فدخله، فقال: لقد كان يرى ابن حنتمة الأحوزي يقول: إن هذا عليه حرام - يعني عمر بن الخطاب.
كان نقش خاتم عبد الملك بن مروان: " أومن بالله مخلصاً " عن عبد الملك بن عمير: أن عبد الملك بن مروان دخل الكوفة بعد قتل مصعب الزبير، فطاف في القصر ثم خرج، فاستلقى، وقال: من الكامل
اعمل على حذرٍ فإنك ميت ... واكدح لنفسك أيها الإنسان
- وفي رواية: اعمل على مهل -
فكأن ما قد كان لم يك إذ مضى ... وكأنما هو كائن قد كانا
لما أجمع الناس على عبد الملك بن مروان سنة ثلاث وسبعين كتب إليه ابن عمر بالبيعة، وكتب إليه أبو سعيد الخدري، وسلمة بن الأكوع بالبيعة.
وكتب عبد الله بن عمر إلى عبد الملك: بسم الله الرحمن الرحيم: من عبد الله بن عمر إلى عبد الله عبد الملك أمير المؤمنين، سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد: فإنك راع، وكل راعٍ مسؤول عن رعيته " لا إله إلا الله هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه، ومن أصدق من الله حديثاً؟ لا أحد، والسلام.
قال: وبعث به مع سالم. قال: فوجدوا عليه أن قدم اسمه. فقال سالم: انظروا في كتبه إلى معاوية، فنظروا، فوجدوه يقدم اسمه، فاحتلموا ذلك.
حج عبد الملك حجة "، أقام الحج للناس سنة خمس ٍوسبعين، فلما مر بالمدينة نزل في دار أبيه، فأقدم أياماً، ثم خرج حتى انتهى إلى ذي الحليفة، وخرج معه الناس، فقال له أبان بن عثمان: أحرم من البيداء، فأحرم عبد الملك من البيداء.
قال ثعلبة بن مالك القرظي:
رأيت عبد الملك بن مروان صلى المغرب والعشاء في الشعب، فأدركني دون جمع، فست معه، فقال: صليت بعد؟ فقلت: لا لعمري، قال: فما منعك من الصلاة؟ قال: قلت: إني في وقت بعد، قال: لا لعمري، ما أنت في وقتٍ. قال: ثم قال: لعلك ممن يطعن على أمير المؤمنين عثمان؟ فاشهد على أبي لأخبرني أنه رآه صلى المغرب والعشاء في الشعب، فقلت: ومثلك يا أمير المؤمنين يتكلم بهذا، وأنت الأمام!؟ ومالي وللطعن عليه وعلى غيره؟ قد كنت له لازماً، ولكني رأيت عمر لا يصلي حتى يبلغ جمعاً، وليست سنة أحب إلي من سنة عمر. فقال: رحم الله عمر، لعثمان كان أعلم بعمر، لو كان عمر فعل هذا لاتبعه عثمان، وما كان أحد أتبع لأمر عمر بن عثمان، وما خالف
عثمان عمر في شيء من سيرته إلا باللين؛ فإن عثمان لان لهم حتى ركب، ولو كان غلظ عليهم جانبه كمما غلظ عليهم ابن الخطاب ما نالوا منه ما نالوا، وأين الناس الذين كان يسير فيهم عمر بن الخطاب والناس اليوم! يا ثعلبة؛ إني رأيت سيرة السلطان تدور مع الناس، إن ذهب اليوم رجل يسير بتلك السيرة أغير على الناس في بيوتهم، وقطعت السبل، وتظالم الناس، وكانت الفتن، فلابد للوالي أن يسير في كل زمان بما يصلحه.
وعن ابن كعب قال: سمعت عبد الملك بن مروان يقول: باأهل المدينة، إن أحق الناس أن يلزم الأمر الأول لأنتم، وقد سالت علينا أحاديث من قبل هذا المشرق، لا نعرفها، ولا نعرف منها إلا قراءة القرآن، فالزموا ما في مصحفكم الذي جمعكم عليه الإمام المظلوم - رحمه الله - وعليكم بالفرائض التي جمعكم عليها إمامكم المظلوم - رحمه الله - فإنه استشار في ذلك رويد بن ثابت، ونعم المشير كان للإسلام - رحمه الله - فأحكما ما أحكما، وأسقطا ما شذ عنهما وعن ابن جريج، عن أبيه قال: حج علينا عبد الملك بن مروان سنة خمس وسبعين بعد مقتل ابن الزبير بعامين، فخطبنا، وقال: أما بعد، فإنه كان من قبلي من الخلفاء، يأكلون من المال، ويؤكلون، وإني والله، لا أداوي أدواء هذه الأمة إلا بالسيف، ولست بالخليفة المستضعف - بعني عثمان - ولا الخليفة المداهن - يعني معاوية - ولا الخليفة المأبون - يعني يزيد بن معاوية - أيها الناس، إنما نحتمل لكم كل اللغوبة مالم يكن عقد راية، أو وثوب على منبر؛ هذا عمرو بن سعيد، حقه حقه، وقرابته قرابته، قال رأسه هكذا، فقلنا بسيفنا هكذا.
وإن الجامعة التي خلعها من عنقه عندي، وقد أعطيت الله عهداً ألا أضعها في عنق أحدٍ إلا أخرجها الصعداء، فليبلغ الشاهد الغائب.
قال الأصمعي: خطب عبد الملك بن مروان، فحصر، فقال: إن اللسان بضعة من الإنسان، وإنا لا نسكت حصراً ولا ننطق هذراً، ونحن أمراء الكلام، فينا وشجت عروقه، وعلينا تهدلت أغصانه، وبعد مقامنا هذا مقام، وبعد أيامنا هذه أيام يعرف فيها فصل الخطاب، ومواقع الصواب.
عن أبي الزناد قال: قال عبد الملك بن مروان: ما يسرني أن أحداً من العرب ولدني إلا عروة بن الورد لقوله: من الطويل
إني امرؤ عافي إنائي شركة ... وأنت امرؤ عافي إنائك واحد
أتهزأ مني أن سمنت وأن ترى ... بجسمي مس الحق والحق جاهد
أقسم جسمي في جسومٍ كثيرةٍ ... وأحسوا قراح الماء والماء البارد
قيل لعبد الملك بن مروان: أسرع إليك الشيب، فقال: شيبني كثرة ارتقاء المنبر مخافة اللحن - وفي رواية: وكيف لا يعجل علي وأنا أعرض عقلي على الناس في كل جمعة مرة أو مرتين.
وأراد قتل رجل، فقال له: يا أمير المؤمنين، إنك أعز ما تكون أحوج ما تكون إلى الله، فاعف له، فإنك به تعان، وإليه تعاد، فخلى سبيله.
قال في خطبة له بإيلياء قبل أن يقع الوجع الذي خرج منه إلى الموقر: إن العلم سيقبض قبضاً سريعاً، فمن كان عنده علم فليظهره غير غال فيه، ولاجافٍ عنه.
قال يوسف بن الماجشون: كان عبد الملك بن مروان إذا قعد للقضاء قيم على رأسه بالسيوف، فأنشد: من السريع
إنا إذا مالت دواعي الهوى ... وأنصت الساكت للقائل
واصطرع الناس بألبابهم ... نقضي بحكمٍ عادلٍ فاضل
لا نجعل الباطل حقا ولا ... نلط دون الحق بالباطل
نخاف أن نسفه أحلامنا ... فنحمل الدهر مع الخامل
قال: ثم يجتهد في القضاء
عن الزهري: أن يهودياً جاء إلى عبد الملك بن مروان فقال له: ابن هرمز ظلمني، فلم يلتفت إليه، ثم الثانية، ثم الثالثة، فلم يلتفت إليه، فقال له اليهودي: إنا نجد في كتاب الله في التوراة: إن الإمام لا يشرك في ظلم ولا جور حتى يرفع إليه، فإذا رفع إليه فلم يغير شرك في الجور والظلم. قال: ففزع لها عبد الملك، وأرسل إلى ابن هرمز، فنزعه.
عن عبد الله بن بكر السهمي، عن أبيه قال: سأل رجل عبد الملك بن مروان الخلوة، فقال لأصحابه: إذا شئتم. فلما تهيأ الرجل للكلام قال له: إياك أن تمدحني، فإني أعلم بنفسي منك، أو تكذبني، فإنه لا رأي لكذوب، أو تسعى إلي بأحد. وإن شئت أقلتك، قال: أقلني. فأقاله.
وفي رواية أخرى: كان عبد الملك بن مروان إذا دخل عليه رجل من أفق من الآفاق قال: أعفني من أربع وقل بعدها ما شئت - وقال فيه: ولا تحملني على الرعية. فإني إلى الرفق بهم والرأفة أحوج - وفي رواية: لا تخفني - يعني تغضبني حتى يحملني الغضب على خفة الطيش.
عن الأصمعي، عن أبيه قال: أتى عبد الملك بن مروان برجلٍ كان مع بعض من خرج عليه، فقال: اضربوا عنقه، فقال: يا أمير المؤمنين، ما كان هذا جزائي منك! قال: وما جزاؤك؟ قال: والله ما خرجت مع فلان إلا بالنظر لك؛ وذلك أني رجل مشؤوم، ما كنت مع رجل قط إلا غلب وهزم، وقد بان لك صحة ما ادعيت، وكنت عليك خيراً من مائة ألفٍ معك. فضحك وخلى سبيله.
قال يحيى بن الحكم بن أبي العاص لعبد الملك بن مروان: أي الرجال أفضل؟ قال: من تواضع عن رفعة، وزهد عن قدرة، وترك النصرة عن قوة.
وقال عبد الملك: ثلاثة من أحسن شيء: جواد لغير ثوابٍ، ونصب لغير دنيا، وتواضع لغير ذل.
وقال: يا بني أمية، إن خير المال ما أفاد حمداً، ومنع ذماً، فلا يقولن أحدكم: " أبدأ بمن تعول "، فإن الناس عيال الله.
وقال: الطمأنينة ضد الحزم دخل أعرابي على عبد الملك بن مروان وهو يأكل الفالوذج، فقال: يا بن عم، ادن، فكل من الفالوذج، فإنه يزيد في الدماغ. قال: إن كان كما يقول أمير المؤمنين فينبغي أن يكون رأسه مثل رأس البغل.
بعث عبد الملك بن مروان إلى الشعبي، فقال: يا شعبي، عهدي بك وإنك لغلام في الكتاب، فحدثني، فما بقي معي شيء إلا قد ملكته سوى الحديث الحسن، وأنشد:
ومللت إلا من لقاء محدث ... حسن الحديث يزيدني تعليما
وقال: كل شيء قد قضيت منه وطراً إلا من مناقضة - وفي رواية: مفاوضة - الإخوان الحديث على متن التلال العفر في الليالي البيض قال إسماعيل بن عبيد الله: كنت أعلم ولد عبد الملك بن مروان من عاتكة، فكنت جالساً على فراشين وهم بين يدي يتعلمون إذ أقبل عبد الملك، ثم جلس ينظر إليهم، وهم يتعلمون، فقال له بنوه: يا أمير المؤمنين، إنه قد شق علينا في التعليم، فإن رأيت أن تأذن لنا نلعب، فقال: تلعبون، وقد مر على رأس أبيكم ما قد علمتم؟! لقد رأيتني أغزو مصعب بن الزبير، وعدوي كأمثال الجبال كثرة "، وأنصاري من أهل الشام عامتهم أعداء لي، فأمكث طويلاً، وقد ذهب عقلي، ثم يرده الله علي.
وقال لمؤدب بنيه: لا تطعم ولدي السمن، ولا تطعمهم طعاماً حتى تخرجهم على البراز، وعلمهم الصدق كما تعلمهم القرآن، وجنبهم الكذب، وإن كان فيه القتل - وفي رواية: وجنبهم الحشم، فإنهم لهم مفسدة، وجنبهم السفلة، فإنهم أسوأ الناس رعة "، واحف شعورهم تغلظ رقابهم، وأطعمهم اللحم يقووا، وعلمهم الشعر يمجدوا وينجدوا، ومرهم أن يستاكوا عرضاً، ويمصوا الماء مصاً، ولا يعبوا عباً، وإذا احتجت أن تتناولهم بأدبٍ فليكن في سر لا يعلم به أحد من الغاشية فيهونوا عليهم - وفي رواية: وجالس بهم علية الناس يناطقوهم الكلام.
كتب زر بن حبيش إلى عبد الملك بن مروان كتاباً يعظه، وكان في آخره: ولا يطعمك يا أمير المؤمنين، في طول البقاء ما يظهر من صحتك، فأنت أعلم بنفسك، واذكر ما تكلم به الأولون: من الرجز
إذا الرجال ولدت أولادها ... وبليت من كبر أجسادها
وجعلت أسقامها تعتادها ... تلك زروع قد دنا حصادها
فلما قرأ عبد الملك الكتاب بكى حتى بل طرف ثوبه، ثم قال: صدق زر، لو كتب إلينا بغير هذا كان أرفق.
وقف عبد الملك على قبر أبيه فقال: من الطويل
وما الدهر والأيام إلا كما أرى ... رزية مالٍ أو فراق حبيب
وإن امرأ قد جرب الدهر لم يخف ... تقلب عصريه لغير لبيب
أشرف عبد الملك على أصحابه وهم يذكرون سيرة عمر، فغاظه ذلك، فقال: أيها عن ذكر عمر، فإنه إزراء على الولاة، مفسدة للرعية.
وكان كثيرا ما يجلس إلى أم الدرداء في مؤخر المسجد بدمشق وهو خليفة، فجلس إليها مرة من المرار، فقالت له: يا أمير المؤمنين، بلغني أنك شربت الطلاء بعد العبادة والنسك؟! قال: إي والله، يا أم الدرداء، والدماء قد شربتها، ثم أتاه غلام له قد كان بعثه في حاجةٍ، فأبطأ عليه، فقال: ما حسبك، عليك لعنة الله؟ فقالت له: لا تفعل، يا أمير المؤمنين، فإني سمعت أبا الدرداء يقول: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " لا يدخل الجنة لعان " قال عبد الملك بن مروان لمحمد بن عطارد التميمي: يا محمد، احفظ عني هذه الأبيات، واعمل بهن، قال: هاتها يا أمير المؤمنين، قال: من الطويل
إذا أنت جاريت السفيه كما جرى ... فأنت سفيه مثله غير ذي حلم
إذا أمن الجهال حلمك مرة ... فعرضك للجهال غنم من الغنم
فلا تعرض عرض السفيه وداره ... بحلم فإن أعيا عليك فبالصرم
وعض عليه الحلم والجهال والقه ... بمرتبةٍ بين العداوة والسلم
فيرجوك تارات، ويخشاك تارة ... وتأخذ فيما بين ذلك بالحزم
فإن لم تجد بدا من الجهل فاستعن ... عليه بجهال وذاك من العزم
قيل لسعيد بن المسيب: إن عبد الملك بن مروان قال: قد صرت لا أفرح بالحسنة أعملها، ولا أحزن على السيئة أرتكبها، فقال سعيد: الآن تكامل موت قلبه!.
كان عبد الملك فاسد الفم، فعض تفاحة، فألقاها إلى امرأة من نسائه، فأخذت سكيناً، فاجتلفت ما عاب منها، فقال: ما تصنعين؟ قالت: أمطت الأذى عنها.
وصعد يوماً المنبر فخطب الناس بخطبةٍ بليغة، ثم قطعها، وبكى بكاءً شديداً، ثم قال: يا رب، إن ذنوبي عظيمة، وإن قليل عفوك أعظم منها، اللهم فامح بقليل عفوك عظيم ذنوبي. قال: فبلغ ذلك الحسن، فبكى، وقال: لو كان كلام يكتب بالذهب لكتب هذا الكلام.
وكان كثيراً ما يتمثل بهذين البيتين: من الطويل
ألم تر أن الفقر يهجر أهله ... وبيت الغنى يهدى له ويزار
وماذا يضر المرء من كان جده ... إذا سرحت شول له وعشار
عن أبي مسهر الدمشقي قال: حضر غداء عبد الملك بن مروان، فقال لآذنه: خالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد؟ قال: مات يا أمير المؤمنين، قال: فأمية بن عبد الملك بن خالد بن أسيد؟ قال: مات يا أمير المؤمنين. قال: - وكان عبد الملك قد علم أنهم ماتوا، فقال: - ارفع يا غلام، ثم قال: من الكامل
ذهبت لذاتي وانقضت آجالهم ... وغبرت بعدهم ولست بخالد
وعن قبيصة بن ذؤيب، عن أبيه قال: كنا نسمع نداء عبد الملك بن مروان من وراء الحجرات: يا أهل النعم، لا تغالوا شيئاً منها مع العافية، وكان قد أصابه داء في فمه.
قيل لعبد الملك بن مروان في مرضه: كيف تجدك، يا أمير المؤمنين؟ قال: أجدني كما قال الله تعالى: " ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرةٍ، وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم شركاء لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون " واستأذن قوم على عبد الملك بن مروان، وهو شديد المرض، فقالوا: إنه لما به، فقالوا: إنما ندخل لنسلم قياماً ثم نخرج، فدخلوا عليه وقد أسنده خصي إلى صدره، وقد اربد لونه، وجرى منخراه، وشخصت عيناه، فقال: إنكم دخلتم علي في حين إقبال آخرتي، وإدبار دنياي، وإني تذكرت أرجى عمل لي فوجدته غزوة " عزوتها في سبيل الله، وأنا خلو من هذه الأشياء، فإياكم وإيا أبوابنا هذه الخبيثة أن تطيفوا بها.
ولما نزل به الموت أمر بفتح باب القصر، فإذا بقصار يضرب بثوب له على حجر، فقال: ما هذا؟ فقالوا: قصار، قال: يا ليتني كنت قصاراً.
وقال: والله وددت أني عبد لرجلٍ من تهامة أرعى غنماً في جبالها، وأني لم أل من أمر الناس شيئاً ودعا بنيه فأوصاهم، ثم لم يزل بين مقالتين حتى فاضت نفسه: الحمد لله الذي لا يبالي أصغيراً أخذ من ملكه أم كبيراً، والأخرى: من الوافر
فهل من خالد إما هلكنا ... وهل بالموت يا للناس عار
وكان آخر ما تكلم به عد موته: اللهم إن تغفر تغفر جماً، ليتني كنت غسالاً أعيش بما أكتسب يوماً بيوم.
في حديث سعيد بن المسيب أنه قال ذات يوم: اكتب يا برد أني رأيت موسى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمشي على البحر حتى صعد إلى قصرٍ، ثم أخذ برجلي شيطانٍ، فألقاه في البحر، وإني لا أعلم نبياً هلك على رجله الجبابرة ما هلك على رجل موسى. وأظن هذا قد هلك - يعني عبد الملك - فجاءه نعيه بعد أربعٍ.
قوله: هلك على رجله: إي في زمانه وأيامه، يقال: هلك القوم على رجل فلانٍ أي بعهده.
وقد اختلف في سنه ومدة خلافته وتاريخ وفاته.
قال الخطيب: كانت خلافة عبد الملك بن مروان اثنتين وعشرين سنة ونصفاً - يعني من وقت بويع له بالخلافة بعد موت أبيه.
وقال: كان موت عبد الملك لانسلاخ شوال - وقال آخرون: للنصف من شوال - سنة ست وثمانين، وهو ابن سبع وخمسون سنة " - ومنهم من الق: إحدى وستين سنة " وهو أثبت عندنا - فكانت خلافته من مقتل ابن الزبير إلى أن توفي ثلاث عشرة سنة " وأربعة أشهر وثمانياً وعشرين ليلة. وصلى عليه ابن الوليد بن عبد الملك، ودفن خارجاً بين باب الجابية وباب الصغير.
ابن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف.
أبو الوليد الأموي.
بويع له بالخلافة بعد أبيه مروان، بعهدٍ منه.
روى عن أبي هريرة، عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من لم يغز، أو يجهز غازياً، أو يخلفه في أهله بخيرٍ أصابه الله - عزوجل - بقارعةٍ قبل يوم القيامة - وفي رواية: إلا أصابه الله " وفي رواية: " ما من امرىء مسلم لا يغزو في سبيل الله، أو يجهز غازياً أو يخلفه بخير إلا " قال عبد الملك: كنت أجالس بريرة بالمدينة قبل أن ألي هذا الأمر، فكان تقول: يا عبد الملك، إني لأرى فيك خصالاً لخليق أن تلي أمر هذه الأمة، فإن وليت فاحذر الدماء؛ فإني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إن الرجل ليدفع عن باب الجنة أن ينظر إليها بملء محجمة من دمٍ يريقه من مسلم بغير حق "
قال الزبير بن بكار:
فولد مروان بن الحكم أحد عشر رجلاً، ونسوة: عبد الملك بن مروان، ولي الخلافة، ومعاوية، وأمر عمرو، وأمهم عائشة بنت معاوية بن أبي العاص وقال مصعب الزبيري: أول من سمي في الإسلام عبد الملك عبد الملك بن مروان وذكر محمد بن سيرين: أن مروان بن الحكم سمى ابنه القاسم، وكان يكنى به، فلما بلغه النهي حول اسمه عبد الملك.
قال ابن سعد: كان عبد الملك يكنى أبا الوليد. ولد سنة ست وعشرين في خلافة عثمان بن عفان، وشهد سوم الدار مع أبيه، وهو ابن عشر سنين، وحفظ أمرهم وحديثهم، وشتا المسلمون بأرض الروم سنة اثنتين وأربعين، وهو أول مشتى شتوه بها، فاستعمل معاوية على أهل المدينة عبد الملك بن مروان، وهو يومئذ ابن ست عشرة سنة "، فركب عبد الملك بالناس البحر.
كان عابداً ناسكاً قبل الخلافة، وقد جالس العلماء والفقهاء، وحفظ عنهم، وكان قليل الحديث.
قال البخاري: ولي عبد الملك أربع عشرة سنة "، وكانت فتنة ابن الزبير ثمان سنين، مديني سكن الشام. مات سنة ست وثمانين. ودخل على عثمان وهو غلام، فقبله.
قال أبو سعيد بن يونس: قدم مصر سنة خمسين لغزو المغرب مع معاوية بن خديج التجيبي، وكانت وفاته بدمشق.
قال الخطيب: بويع له بالخلافة عند موت أبيه، وهو بالشام، ثم سار إلى العراق، فالتقى هو
ومصعب بن الزبير يمسكن على نهر دجيل قريباً من أوانا عند دير الجاثليق، فكانت الحرب بينهما حتى قتل مصعب، وقتل الحجاج بن يوسف بعده أخاه عبد الله بن الزبير بمكة، واجتمع الناس على عبد الملك، وكان منزله بدمشق.
قال خليفة: ولد عبد الملك بالمدينة في دار مروان في بني حديلة سنة ثلاث وعشرين - وقال: سنة ست وعشرين وذكر أبو حسان الزيادي أنه ولد سنة خمسٍ وعشرين قال الخطبي: وكان ربعة، إلى الطول أقرب منه إلى القصر، أبيض، ليس بالنحيف، ولا البادن، ولم يخضب إلى أن مات - وقيل إن خضب وترك - وكانت أسنانه مشبكة بالذهب، أفوه مفتوح الفم.
عن عبادة بن نسي قال: قيل لبن عمر: إنكم معشر أشايخ قريش توشكون أن تنقرصوا، فمن نسأل بعدكم؟ فقال: إن لمروان ابناً فقيهاً فسلوه قال أبو الزناد: كان فقهاء المدينة أربعة: سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وقبيصة بن ذويب، وعبد الملك بن مروان وروي أن قوماً استغاثوا ليلةً، فخرج الناس مغيثين، فأدركوا رجلاً، فجاؤوا به، فجعل الرجل يقول: إنما كنت مغيثاً، فأبوا حتى رفعوه إلى عبد الملك، فأمر بقتله،
فجاء رجل من الناس، فقال: إن هذا، والله، ما هو القاتل، ولكنني أنا القاتل، ولا والله، لا أقتل رجلين، قال: فقال عبد الملك: بلغني أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من أحيا نفساً بنفسه فلا قود عليه ". فخلى سبيله، وقال: ما أحسب قصته من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سقطت عن عبد الملك ومر عبد الملك بن مروان بعبد الله بن عمر، وهو في المسجد، وذكر اختلاف الناس، فقال: لو كان هذا الغلام اجتمع الناس عليه. وقال: ولد الناس أبناء، وولد مروان أباً.
قال بشر أبو نصر: دخل عبد الملك بن مروان على معاوية، وعنده عمرو بن العاص، فسلم، ثم جلس، ثم يلبث أن نهض. فقال معاوية: ما أكمل مروءة هذا الفتى! فقال عمرو: يا أمير المؤمنين، إنه أخذ بأخلاقٍ أربعةٍ، وترك أخلاقاً ثلاثة: أخذ بأحسن البشر إذا خولف. وترك مزاح من لا يوثق بعقله ولا دينه، وترك مخالفة لئام الناس، وترك من الكلام ما يعتذر منه.
وقالت أمر الدرداء لعبد الملك بن مروان: يا أمير المؤمنين، مازلت أتخيل هذا الأمر فيك مذ رأيتك. قال: وكيف ذاك؟ قالت: ما رأيت أحسن منك محدثاً، ولا أعلم منك مستمعاً.
حدث شيخ كان يجالس سعيد بن المسيب قال: مر به يوماً ابن زمل العذري، ونحن معه، فحصبه سعيد، فجاءه، فقال له سعيد: بلغني أنك مدحت هذا، وأشار نحو الشام - يعني عبد الملك، قال: نعم يا أبا محمد، قد مدحته، أفتحب أن تسمع القصيدة؟ قال: نعم، اجلس، فأنشده حتى بلغ: من الوافر
فماعابتك في خلقٍ قريش ... بيثرب حين أنت بها غلام
فقال سعيد: صدقت، ولكنه لما صار إلى الشام بدل قال يحيى بن سعيد:
أول من صلى في المسجد مابين الظهر والعصر عبد الملك، وفتيان معه. كانوا إذا صلى الإمام الظهر قاموا، فصلوا إلى العصر، فقيل لسعيد بن المسيب: لو قمنا فصلينا كما يصلي هؤلاء؟ فقال سعيد بن المسيب: ليست العبادة بكثرة الصلاة، ولا الصوم، إنما العبادة التفكر في أمر الله، والورع عن محارم الله.
قال الشعبي: ما جالست أحداً إلا وجدت لي الفضل عليه إلا عبد الملك بن مروان؛ فإني ما ذاكرته حديثاً إلا زادني فيه، ولا شعراً إلا زادني فيه.
عن المقبري: أن عبد الملك بن مروان لم يزل بالمدينة في حياة أبيه، وولايته حتى كان أيام الحرة. فلما وثب أهل المدينة، فأخرجوا عامل يزيد بن معاوية عن المدينة، وأخرجوا بني أمية خرج عبد الملك مع أبيه، فلقيهم مسلم بن عقبة بالطريق قد بعثه يزيد بن معاوية في جيشٍ إلى أهل المدينة، فرجع معه مروان، وعبد الملك بن مروان، وكان مجدوراً، فتخلف عبد الملك بذي خشبٍ، وأمر رسولاً أن ينزل مخيضاً، وهي فيما بين المدينة وذي خشب على اثني عشر ميلاً من المدينة، وآخر يحضر الوقعة يأتيه بالخبر، وهو يخاف أن تكون الدولة لأهل المدينة. فبينا عبد الملك جالس في قصر مروان بذي خشب يترقب إذا رسوله قد جاء يلوح بثوبه، فقال عبد الملك: إن هذا لبشير. فأتاه رسوله الذي كان بمخيض يخبره أن أهل المدينة قد قتلوا، ودخلها أهل الشام، فسجد عبد الملك. ودخل المدينة بعد أن برأ.
ويروى أن رجلاً كان يهودياً فأسلم، يقال له: يوسف، وكان يقرأ الكتب، فمر بدار مروان بن الحكم، فقال: ويل لأمة محمد من أهل هذه الدار - ثلاث مرار - فقلت له: إلى متى؟ قال: حتى تجىء رايات سود من قبل خراسان، وكان صديقاً
لعبد الملك بن مروان، فضرب منكبيه ذات يومٍ، فقال: اتق الله - يا بن مروان في أمة محمد إذا وليتهم، فقال: دعني، ويحك! ودفعه، ما شأني وشأن ذلك؟ فقال: اتق الله في أمرهم.
قال: وجهز يزيد بن معاوية جيشاً إلى أهل مكة، فقال عبد الملك بن مروان: - وأخذ قميصه فنفضه، يعني من قبل صدره، فقال: - أعوذ بالله، أعوذ بالله، أعوذ بالله، أتبعث إلىحرم الله؟! فضرب يوسف منكبه وقال: لم تنفض قميصك؟ جيشك إليهم أعظم من جيش يزيد بن معاوية.
أفضى الأمر إلى عبد الملك والمصحف في حجره يقرأ، فأطبقه، قوال: هذا آخر العهد بك.
وبايع أهل الشام عبد الملك بالخلافة ليله الأحد لهلال شهر رمضان سنة خمس وشتين - وقيل سنة أربع وستين وهو ابن ثمان وثلاثين، وتوفي وله سبع وخمسون سنة - وكانت الجماعة على عبد الملك سنة ثلاثٍ وسبعين عن أبي الطفيل قال: صنع لعبد الملك مجلس بويع فيه، فدخله، فقال: لقد كان يرى ابن حنتمة الأحوزي يقول: إن هذا عليه حرام - يعني عمر بن الخطاب.
كان نقش خاتم عبد الملك بن مروان: " أومن بالله مخلصاً " عن عبد الملك بن عمير: أن عبد الملك بن مروان دخل الكوفة بعد قتل مصعب الزبير، فطاف في القصر ثم خرج، فاستلقى، وقال: من الكامل
اعمل على حذرٍ فإنك ميت ... واكدح لنفسك أيها الإنسان
- وفي رواية: اعمل على مهل -
فكأن ما قد كان لم يك إذ مضى ... وكأنما هو كائن قد كانا
لما أجمع الناس على عبد الملك بن مروان سنة ثلاث وسبعين كتب إليه ابن عمر بالبيعة، وكتب إليه أبو سعيد الخدري، وسلمة بن الأكوع بالبيعة.
وكتب عبد الله بن عمر إلى عبد الملك: بسم الله الرحمن الرحيم: من عبد الله بن عمر إلى عبد الله عبد الملك أمير المؤمنين، سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد: فإنك راع، وكل راعٍ مسؤول عن رعيته " لا إله إلا الله هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه، ومن أصدق من الله حديثاً؟ لا أحد، والسلام.
قال: وبعث به مع سالم. قال: فوجدوا عليه أن قدم اسمه. فقال سالم: انظروا في كتبه إلى معاوية، فنظروا، فوجدوه يقدم اسمه، فاحتلموا ذلك.
حج عبد الملك حجة "، أقام الحج للناس سنة خمس ٍوسبعين، فلما مر بالمدينة نزل في دار أبيه، فأقدم أياماً، ثم خرج حتى انتهى إلى ذي الحليفة، وخرج معه الناس، فقال له أبان بن عثمان: أحرم من البيداء، فأحرم عبد الملك من البيداء.
قال ثعلبة بن مالك القرظي:
رأيت عبد الملك بن مروان صلى المغرب والعشاء في الشعب، فأدركني دون جمع، فست معه، فقال: صليت بعد؟ فقلت: لا لعمري، قال: فما منعك من الصلاة؟ قال: قلت: إني في وقت بعد، قال: لا لعمري، ما أنت في وقتٍ. قال: ثم قال: لعلك ممن يطعن على أمير المؤمنين عثمان؟ فاشهد على أبي لأخبرني أنه رآه صلى المغرب والعشاء في الشعب، فقلت: ومثلك يا أمير المؤمنين يتكلم بهذا، وأنت الأمام!؟ ومالي وللطعن عليه وعلى غيره؟ قد كنت له لازماً، ولكني رأيت عمر لا يصلي حتى يبلغ جمعاً، وليست سنة أحب إلي من سنة عمر. فقال: رحم الله عمر، لعثمان كان أعلم بعمر، لو كان عمر فعل هذا لاتبعه عثمان، وما كان أحد أتبع لأمر عمر بن عثمان، وما خالف
عثمان عمر في شيء من سيرته إلا باللين؛ فإن عثمان لان لهم حتى ركب، ولو كان غلظ عليهم جانبه كمما غلظ عليهم ابن الخطاب ما نالوا منه ما نالوا، وأين الناس الذين كان يسير فيهم عمر بن الخطاب والناس اليوم! يا ثعلبة؛ إني رأيت سيرة السلطان تدور مع الناس، إن ذهب اليوم رجل يسير بتلك السيرة أغير على الناس في بيوتهم، وقطعت السبل، وتظالم الناس، وكانت الفتن، فلابد للوالي أن يسير في كل زمان بما يصلحه.
وعن ابن كعب قال: سمعت عبد الملك بن مروان يقول: باأهل المدينة، إن أحق الناس أن يلزم الأمر الأول لأنتم، وقد سالت علينا أحاديث من قبل هذا المشرق، لا نعرفها، ولا نعرف منها إلا قراءة القرآن، فالزموا ما في مصحفكم الذي جمعكم عليه الإمام المظلوم - رحمه الله - وعليكم بالفرائض التي جمعكم عليها إمامكم المظلوم - رحمه الله - فإنه استشار في ذلك رويد بن ثابت، ونعم المشير كان للإسلام - رحمه الله - فأحكما ما أحكما، وأسقطا ما شذ عنهما وعن ابن جريج، عن أبيه قال: حج علينا عبد الملك بن مروان سنة خمس وسبعين بعد مقتل ابن الزبير بعامين، فخطبنا، وقال: أما بعد، فإنه كان من قبلي من الخلفاء، يأكلون من المال، ويؤكلون، وإني والله، لا أداوي أدواء هذه الأمة إلا بالسيف، ولست بالخليفة المستضعف - بعني عثمان - ولا الخليفة المداهن - يعني معاوية - ولا الخليفة المأبون - يعني يزيد بن معاوية - أيها الناس، إنما نحتمل لكم كل اللغوبة مالم يكن عقد راية، أو وثوب على منبر؛ هذا عمرو بن سعيد، حقه حقه، وقرابته قرابته، قال رأسه هكذا، فقلنا بسيفنا هكذا.
وإن الجامعة التي خلعها من عنقه عندي، وقد أعطيت الله عهداً ألا أضعها في عنق أحدٍ إلا أخرجها الصعداء، فليبلغ الشاهد الغائب.
قال الأصمعي: خطب عبد الملك بن مروان، فحصر، فقال: إن اللسان بضعة من الإنسان، وإنا لا نسكت حصراً ولا ننطق هذراً، ونحن أمراء الكلام، فينا وشجت عروقه، وعلينا تهدلت أغصانه، وبعد مقامنا هذا مقام، وبعد أيامنا هذه أيام يعرف فيها فصل الخطاب، ومواقع الصواب.
عن أبي الزناد قال: قال عبد الملك بن مروان: ما يسرني أن أحداً من العرب ولدني إلا عروة بن الورد لقوله: من الطويل
إني امرؤ عافي إنائي شركة ... وأنت امرؤ عافي إنائك واحد
أتهزأ مني أن سمنت وأن ترى ... بجسمي مس الحق والحق جاهد
أقسم جسمي في جسومٍ كثيرةٍ ... وأحسوا قراح الماء والماء البارد
قيل لعبد الملك بن مروان: أسرع إليك الشيب، فقال: شيبني كثرة ارتقاء المنبر مخافة اللحن - وفي رواية: وكيف لا يعجل علي وأنا أعرض عقلي على الناس في كل جمعة مرة أو مرتين.
وأراد قتل رجل، فقال له: يا أمير المؤمنين، إنك أعز ما تكون أحوج ما تكون إلى الله، فاعف له، فإنك به تعان، وإليه تعاد، فخلى سبيله.
قال في خطبة له بإيلياء قبل أن يقع الوجع الذي خرج منه إلى الموقر: إن العلم سيقبض قبضاً سريعاً، فمن كان عنده علم فليظهره غير غال فيه، ولاجافٍ عنه.
قال يوسف بن الماجشون: كان عبد الملك بن مروان إذا قعد للقضاء قيم على رأسه بالسيوف، فأنشد: من السريع
إنا إذا مالت دواعي الهوى ... وأنصت الساكت للقائل
واصطرع الناس بألبابهم ... نقضي بحكمٍ عادلٍ فاضل
لا نجعل الباطل حقا ولا ... نلط دون الحق بالباطل
نخاف أن نسفه أحلامنا ... فنحمل الدهر مع الخامل
قال: ثم يجتهد في القضاء
عن الزهري: أن يهودياً جاء إلى عبد الملك بن مروان فقال له: ابن هرمز ظلمني، فلم يلتفت إليه، ثم الثانية، ثم الثالثة، فلم يلتفت إليه، فقال له اليهودي: إنا نجد في كتاب الله في التوراة: إن الإمام لا يشرك في ظلم ولا جور حتى يرفع إليه، فإذا رفع إليه فلم يغير شرك في الجور والظلم. قال: ففزع لها عبد الملك، وأرسل إلى ابن هرمز، فنزعه.
عن عبد الله بن بكر السهمي، عن أبيه قال: سأل رجل عبد الملك بن مروان الخلوة، فقال لأصحابه: إذا شئتم. فلما تهيأ الرجل للكلام قال له: إياك أن تمدحني، فإني أعلم بنفسي منك، أو تكذبني، فإنه لا رأي لكذوب، أو تسعى إلي بأحد. وإن شئت أقلتك، قال: أقلني. فأقاله.
وفي رواية أخرى: كان عبد الملك بن مروان إذا دخل عليه رجل من أفق من الآفاق قال: أعفني من أربع وقل بعدها ما شئت - وقال فيه: ولا تحملني على الرعية. فإني إلى الرفق بهم والرأفة أحوج - وفي رواية: لا تخفني - يعني تغضبني حتى يحملني الغضب على خفة الطيش.
عن الأصمعي، عن أبيه قال: أتى عبد الملك بن مروان برجلٍ كان مع بعض من خرج عليه، فقال: اضربوا عنقه، فقال: يا أمير المؤمنين، ما كان هذا جزائي منك! قال: وما جزاؤك؟ قال: والله ما خرجت مع فلان إلا بالنظر لك؛ وذلك أني رجل مشؤوم، ما كنت مع رجل قط إلا غلب وهزم، وقد بان لك صحة ما ادعيت، وكنت عليك خيراً من مائة ألفٍ معك. فضحك وخلى سبيله.
قال يحيى بن الحكم بن أبي العاص لعبد الملك بن مروان: أي الرجال أفضل؟ قال: من تواضع عن رفعة، وزهد عن قدرة، وترك النصرة عن قوة.
وقال عبد الملك: ثلاثة من أحسن شيء: جواد لغير ثوابٍ، ونصب لغير دنيا، وتواضع لغير ذل.
وقال: يا بني أمية، إن خير المال ما أفاد حمداً، ومنع ذماً، فلا يقولن أحدكم: " أبدأ بمن تعول "، فإن الناس عيال الله.
وقال: الطمأنينة ضد الحزم دخل أعرابي على عبد الملك بن مروان وهو يأكل الفالوذج، فقال: يا بن عم، ادن، فكل من الفالوذج، فإنه يزيد في الدماغ. قال: إن كان كما يقول أمير المؤمنين فينبغي أن يكون رأسه مثل رأس البغل.
بعث عبد الملك بن مروان إلى الشعبي، فقال: يا شعبي، عهدي بك وإنك لغلام في الكتاب، فحدثني، فما بقي معي شيء إلا قد ملكته سوى الحديث الحسن، وأنشد:
ومللت إلا من لقاء محدث ... حسن الحديث يزيدني تعليما
وقال: كل شيء قد قضيت منه وطراً إلا من مناقضة - وفي رواية: مفاوضة - الإخوان الحديث على متن التلال العفر في الليالي البيض قال إسماعيل بن عبيد الله: كنت أعلم ولد عبد الملك بن مروان من عاتكة، فكنت جالساً على فراشين وهم بين يدي يتعلمون إذ أقبل عبد الملك، ثم جلس ينظر إليهم، وهم يتعلمون، فقال له بنوه: يا أمير المؤمنين، إنه قد شق علينا في التعليم، فإن رأيت أن تأذن لنا نلعب، فقال: تلعبون، وقد مر على رأس أبيكم ما قد علمتم؟! لقد رأيتني أغزو مصعب بن الزبير، وعدوي كأمثال الجبال كثرة "، وأنصاري من أهل الشام عامتهم أعداء لي، فأمكث طويلاً، وقد ذهب عقلي، ثم يرده الله علي.
وقال لمؤدب بنيه: لا تطعم ولدي السمن، ولا تطعمهم طعاماً حتى تخرجهم على البراز، وعلمهم الصدق كما تعلمهم القرآن، وجنبهم الكذب، وإن كان فيه القتل - وفي رواية: وجنبهم الحشم، فإنهم لهم مفسدة، وجنبهم السفلة، فإنهم أسوأ الناس رعة "، واحف شعورهم تغلظ رقابهم، وأطعمهم اللحم يقووا، وعلمهم الشعر يمجدوا وينجدوا، ومرهم أن يستاكوا عرضاً، ويمصوا الماء مصاً، ولا يعبوا عباً، وإذا احتجت أن تتناولهم بأدبٍ فليكن في سر لا يعلم به أحد من الغاشية فيهونوا عليهم - وفي رواية: وجالس بهم علية الناس يناطقوهم الكلام.
كتب زر بن حبيش إلى عبد الملك بن مروان كتاباً يعظه، وكان في آخره: ولا يطعمك يا أمير المؤمنين، في طول البقاء ما يظهر من صحتك، فأنت أعلم بنفسك، واذكر ما تكلم به الأولون: من الرجز
إذا الرجال ولدت أولادها ... وبليت من كبر أجسادها
وجعلت أسقامها تعتادها ... تلك زروع قد دنا حصادها
فلما قرأ عبد الملك الكتاب بكى حتى بل طرف ثوبه، ثم قال: صدق زر، لو كتب إلينا بغير هذا كان أرفق.
وقف عبد الملك على قبر أبيه فقال: من الطويل
وما الدهر والأيام إلا كما أرى ... رزية مالٍ أو فراق حبيب
وإن امرأ قد جرب الدهر لم يخف ... تقلب عصريه لغير لبيب
أشرف عبد الملك على أصحابه وهم يذكرون سيرة عمر، فغاظه ذلك، فقال: أيها عن ذكر عمر، فإنه إزراء على الولاة، مفسدة للرعية.
وكان كثيرا ما يجلس إلى أم الدرداء في مؤخر المسجد بدمشق وهو خليفة، فجلس إليها مرة من المرار، فقالت له: يا أمير المؤمنين، بلغني أنك شربت الطلاء بعد العبادة والنسك؟! قال: إي والله، يا أم الدرداء، والدماء قد شربتها، ثم أتاه غلام له قد كان بعثه في حاجةٍ، فأبطأ عليه، فقال: ما حسبك، عليك لعنة الله؟ فقالت له: لا تفعل، يا أمير المؤمنين، فإني سمعت أبا الدرداء يقول: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " لا يدخل الجنة لعان " قال عبد الملك بن مروان لمحمد بن عطارد التميمي: يا محمد، احفظ عني هذه الأبيات، واعمل بهن، قال: هاتها يا أمير المؤمنين، قال: من الطويل
إذا أنت جاريت السفيه كما جرى ... فأنت سفيه مثله غير ذي حلم
إذا أمن الجهال حلمك مرة ... فعرضك للجهال غنم من الغنم
فلا تعرض عرض السفيه وداره ... بحلم فإن أعيا عليك فبالصرم
وعض عليه الحلم والجهال والقه ... بمرتبةٍ بين العداوة والسلم
فيرجوك تارات، ويخشاك تارة ... وتأخذ فيما بين ذلك بالحزم
فإن لم تجد بدا من الجهل فاستعن ... عليه بجهال وذاك من العزم
قيل لسعيد بن المسيب: إن عبد الملك بن مروان قال: قد صرت لا أفرح بالحسنة أعملها، ولا أحزن على السيئة أرتكبها، فقال سعيد: الآن تكامل موت قلبه!.
كان عبد الملك فاسد الفم، فعض تفاحة، فألقاها إلى امرأة من نسائه، فأخذت سكيناً، فاجتلفت ما عاب منها، فقال: ما تصنعين؟ قالت: أمطت الأذى عنها.
وصعد يوماً المنبر فخطب الناس بخطبةٍ بليغة، ثم قطعها، وبكى بكاءً شديداً، ثم قال: يا رب، إن ذنوبي عظيمة، وإن قليل عفوك أعظم منها، اللهم فامح بقليل عفوك عظيم ذنوبي. قال: فبلغ ذلك الحسن، فبكى، وقال: لو كان كلام يكتب بالذهب لكتب هذا الكلام.
وكان كثيراً ما يتمثل بهذين البيتين: من الطويل
ألم تر أن الفقر يهجر أهله ... وبيت الغنى يهدى له ويزار
وماذا يضر المرء من كان جده ... إذا سرحت شول له وعشار
عن أبي مسهر الدمشقي قال: حضر غداء عبد الملك بن مروان، فقال لآذنه: خالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد؟ قال: مات يا أمير المؤمنين، قال: فأمية بن عبد الملك بن خالد بن أسيد؟ قال: مات يا أمير المؤمنين. قال: - وكان عبد الملك قد علم أنهم ماتوا، فقال: - ارفع يا غلام، ثم قال: من الكامل
ذهبت لذاتي وانقضت آجالهم ... وغبرت بعدهم ولست بخالد
وعن قبيصة بن ذؤيب، عن أبيه قال: كنا نسمع نداء عبد الملك بن مروان من وراء الحجرات: يا أهل النعم، لا تغالوا شيئاً منها مع العافية، وكان قد أصابه داء في فمه.
قيل لعبد الملك بن مروان في مرضه: كيف تجدك، يا أمير المؤمنين؟ قال: أجدني كما قال الله تعالى: " ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرةٍ، وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم شركاء لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون " واستأذن قوم على عبد الملك بن مروان، وهو شديد المرض، فقالوا: إنه لما به، فقالوا: إنما ندخل لنسلم قياماً ثم نخرج، فدخلوا عليه وقد أسنده خصي إلى صدره، وقد اربد لونه، وجرى منخراه، وشخصت عيناه، فقال: إنكم دخلتم علي في حين إقبال آخرتي، وإدبار دنياي، وإني تذكرت أرجى عمل لي فوجدته غزوة " عزوتها في سبيل الله، وأنا خلو من هذه الأشياء، فإياكم وإيا أبوابنا هذه الخبيثة أن تطيفوا بها.
ولما نزل به الموت أمر بفتح باب القصر، فإذا بقصار يضرب بثوب له على حجر، فقال: ما هذا؟ فقالوا: قصار، قال: يا ليتني كنت قصاراً.
وقال: والله وددت أني عبد لرجلٍ من تهامة أرعى غنماً في جبالها، وأني لم أل من أمر الناس شيئاً ودعا بنيه فأوصاهم، ثم لم يزل بين مقالتين حتى فاضت نفسه: الحمد لله الذي لا يبالي أصغيراً أخذ من ملكه أم كبيراً، والأخرى: من الوافر
فهل من خالد إما هلكنا ... وهل بالموت يا للناس عار
وكان آخر ما تكلم به عد موته: اللهم إن تغفر تغفر جماً، ليتني كنت غسالاً أعيش بما أكتسب يوماً بيوم.
في حديث سعيد بن المسيب أنه قال ذات يوم: اكتب يا برد أني رأيت موسى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمشي على البحر حتى صعد إلى قصرٍ، ثم أخذ برجلي شيطانٍ، فألقاه في البحر، وإني لا أعلم نبياً هلك على رجله الجبابرة ما هلك على رجل موسى. وأظن هذا قد هلك - يعني عبد الملك - فجاءه نعيه بعد أربعٍ.
قوله: هلك على رجله: إي في زمانه وأيامه، يقال: هلك القوم على رجل فلانٍ أي بعهده.
وقد اختلف في سنه ومدة خلافته وتاريخ وفاته.
قال الخطيب: كانت خلافة عبد الملك بن مروان اثنتين وعشرين سنة ونصفاً - يعني من وقت بويع له بالخلافة بعد موت أبيه.
وقال: كان موت عبد الملك لانسلاخ شوال - وقال آخرون: للنصف من شوال - سنة ست وثمانين، وهو ابن سبع وخمسون سنة " - ومنهم من الق: إحدى وستين سنة " وهو أثبت عندنا - فكانت خلافته من مقتل ابن الزبير إلى أن توفي ثلاث عشرة سنة " وأربعة أشهر وثمانياً وعشرين ليلة. وصلى عليه ابن الوليد بن عبد الملك، ودفن خارجاً بين باب الجابية وباب الصغير.
عبد العزيز بن مروان بن الحكم
ابن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، أبو الأصبغ الأموي أصله من المدينة، وولاه أوبه مصر، وجعله ولي عهدٍ بعد أخيه عبد الملك. ودخل دمشق غير مرة، وشهد قتل عمرو بن سعيد بن العاص بدمشق
وسمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " شر مافي رجلٍ: شح هالع، وجبن خالع - وفي رواية: مافي الرجل " وأمه: ليلى بنت زبان بن الأصبغ بن عمرو بن ثعلبة بن حصن بن ضمضم الحارث بن عدي بن جناب بن عبد الله بن كنانة بن بكر بن عوف بن عذرة.
قال الزبير بن بكار: وولد مروان بن الحكم: عبد العزيز بن مروان، ولي بمصر، ومات بها قبل عبد الملك، وكان ولي العهد بعد عبد الملك، وفي ذلك يقول عبيد الله بن قيس الرقيات: من المنسرح
يلتفت الناس خحول منبره ... إذا عمود البرية انهدما
ومن قول كثير عزة فيه: من الطويل؟ شهدت ابن ليلى في مواطن قد خلت يزيد بها ذا الحلم حلما حضورها
فلا هاجرات القول يؤثرون عنده ... ولاكلمات النصح مقصى مشيرها
ترى القوم يخفون المواعظ عنده ... وينذرهم عور الكلام نذيرها
قال محمد بن سعد: وكان مروان بن الحكم قد عقد ولاية العهد لعبد الملك بن مروان، وبعده عبد العزيز بن مروان، وولاه مصر، فأقره عليها عبد الملك. وثقل على عبد الملك مكانه، وهم أن يخلعه ويعقد لابنيه: الوليد وسليمان وبعده بالخلافة، فنهاه عن ذلك قبيصة بن ذؤيب، وقال له: لاتفعل هذا، فإنك تبعث به عليك صوتاً نعاراً، ولعل
الموت بأتيه فتستريح منه. فكف عبد الملك عن ذلك، ونفسه تنازعه أن يخلعه. فدخل عليه ليلة " رزح بن زنباع الجذامي فقال: ياأمير المؤمنين، لو خلعته ماانتطحت فيه عنزان، فقال عبد الملك: نصيح - إن شاء الله - فبينما هو على ذلك، وقد نام عبد الملك بن مروان، وروح بن زنباع إلى جنبه إذ دخل عليهما قبيصة بن ذؤيب طروقاً - وكان لايحجب عنه في أي ساعة جاء في ليلٍ أو نهار - وكان الخاتم إليه، فقال: آجرك الله ياأمير المؤمنين في أخيك. قال: وهل توفي؟ قال: نعم، قال: فاسترجع عبد الملك بن مروان، ثم أقبل على روح، فقال: أبا زرعة، كفانا الله ماكنا نريد.
وكان موت عبد العزيز في جمادى الأولى سنة خمس وثمانين وقال ابن يونس مات سنة ست وثمانين - وهذا وهم، لأنه مات قبل عبد الملك، وتوفي عبد الملك سنة خمس وثمانين.
وقال خليفة: اثنتين وثمانين، ومن طريقه أيضاً أنه مات سنة أربع وثمانين دخل عبد العزيز بن مروان على معاوية، فقال: إني رحلت إليك بالأمل، واحتملت جفوتك بالصبر. وإني رأيت ببابك أقواماً قدمهم الحظ، وآخرون باعدهم الحرمان: فليس ينبغي للمقدم أن يأمن، ولا للمؤخر أن ييأس.
وقال عبد الملك لأخيه عبد العزيز حين وجهه إلى مصر: أعرف حاجبك وكاتبك، وجليسك؛ فإن الغائب يخبره عنك كاتبك، والمتوسم يعرفك بحاجبك، والخارج من عندك يعرفك بجليسك.
ودخل على عبد العزيز بن مروان رجل يشكو صهراً له، فقال: إن ختني فعل بي كذا وكذا. فقال به عبد العزيز: من ختنك؟ فقال له: ختني الختان الذي يختن الناس. فقال عبد العزيز لكاتبه: ويحك. بم أجابني؟ فقال له: أيها الأمير، إنك لحنت، وهو لايعرف اللحن، كان ينبغي أن تقول له. ومن خنتك؟ فقال عبد العزيز: أراني أتكلم بكلامٍ لايعرفه العرب؟ لاشاهدت الناس حتى أعرف اللحن.
قال: فأقام في البيت جمعة " لايظهر، ومعه من يعلمه العربية. قال: فصلى بالناس الجمعة وهو من أفصح الناس.
قال: وكان يعطي على العربية ويحرم على اللحن.
وكتب إلى ابن عمر: ارفع إلي حاجتك، قال: فكتب إليه ابن عمر: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " اليد العليا خير من اليد السفلى، وأبدأ بمن تعول "، ولست أسألك شيئاً، ولا أرد رزقاً رزقنية الله.
وقال عبد العزيز بن مروان: مانظر إلي رجل قط فتأملني فاشتد تأمله إياي إلا سألته عن حاجته، ثم أتيت من ورائها، فإذا تعار من وسنه مستطيلاً لليله، مستبطئاً لصبحه، متأرقاً للقائي، ثم غدا إلي أنا تجارته في نفسه، وغدا التجار إلى تجارتهم إلا رجع من غدوه بأربح من تجر. وعجباً لمؤمنٍ موقن، يوقن أن الله يرزقه، ويوقن أن الله يخلف عليه، كيف يحبس مالاً عن عظيم أجرٍ وحسن سماع.
ولما حضرت عبد العزيز بن مروان الوفاة قال: إيتوني لم أكن شيئاً، ألا ليتني كنت كهذا الماء الجاري، أو كنباته الأرض، أو كراعية ثلة في طرف الحجاز من بني نصر بن معاوية، أو من بني سعد بن بكر.
وروى ابن أبي الدنيا بسنده أنه لما حضرته الوفاة أتى يبشر بماله الذي كان بمصر حين كان عاملاً عليها
عامة "، فقال: هذا مالك، هذه ثلاثمائة مديٍ من ذهب. قال: مالي وله؟ والله لوددت أنه كان بعراً حائلاً بنجد
ابن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، أبو الأصبغ الأموي أصله من المدينة، وولاه أوبه مصر، وجعله ولي عهدٍ بعد أخيه عبد الملك. ودخل دمشق غير مرة، وشهد قتل عمرو بن سعيد بن العاص بدمشق
وسمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " شر مافي رجلٍ: شح هالع، وجبن خالع - وفي رواية: مافي الرجل " وأمه: ليلى بنت زبان بن الأصبغ بن عمرو بن ثعلبة بن حصن بن ضمضم الحارث بن عدي بن جناب بن عبد الله بن كنانة بن بكر بن عوف بن عذرة.
قال الزبير بن بكار: وولد مروان بن الحكم: عبد العزيز بن مروان، ولي بمصر، ومات بها قبل عبد الملك، وكان ولي العهد بعد عبد الملك، وفي ذلك يقول عبيد الله بن قيس الرقيات: من المنسرح
يلتفت الناس خحول منبره ... إذا عمود البرية انهدما
ومن قول كثير عزة فيه: من الطويل؟ شهدت ابن ليلى في مواطن قد خلت يزيد بها ذا الحلم حلما حضورها
فلا هاجرات القول يؤثرون عنده ... ولاكلمات النصح مقصى مشيرها
ترى القوم يخفون المواعظ عنده ... وينذرهم عور الكلام نذيرها
قال محمد بن سعد: وكان مروان بن الحكم قد عقد ولاية العهد لعبد الملك بن مروان، وبعده عبد العزيز بن مروان، وولاه مصر، فأقره عليها عبد الملك. وثقل على عبد الملك مكانه، وهم أن يخلعه ويعقد لابنيه: الوليد وسليمان وبعده بالخلافة، فنهاه عن ذلك قبيصة بن ذؤيب، وقال له: لاتفعل هذا، فإنك تبعث به عليك صوتاً نعاراً، ولعل
الموت بأتيه فتستريح منه. فكف عبد الملك عن ذلك، ونفسه تنازعه أن يخلعه. فدخل عليه ليلة " رزح بن زنباع الجذامي فقال: ياأمير المؤمنين، لو خلعته ماانتطحت فيه عنزان، فقال عبد الملك: نصيح - إن شاء الله - فبينما هو على ذلك، وقد نام عبد الملك بن مروان، وروح بن زنباع إلى جنبه إذ دخل عليهما قبيصة بن ذؤيب طروقاً - وكان لايحجب عنه في أي ساعة جاء في ليلٍ أو نهار - وكان الخاتم إليه، فقال: آجرك الله ياأمير المؤمنين في أخيك. قال: وهل توفي؟ قال: نعم، قال: فاسترجع عبد الملك بن مروان، ثم أقبل على روح، فقال: أبا زرعة، كفانا الله ماكنا نريد.
وكان موت عبد العزيز في جمادى الأولى سنة خمس وثمانين وقال ابن يونس مات سنة ست وثمانين - وهذا وهم، لأنه مات قبل عبد الملك، وتوفي عبد الملك سنة خمس وثمانين.
وقال خليفة: اثنتين وثمانين، ومن طريقه أيضاً أنه مات سنة أربع وثمانين دخل عبد العزيز بن مروان على معاوية، فقال: إني رحلت إليك بالأمل، واحتملت جفوتك بالصبر. وإني رأيت ببابك أقواماً قدمهم الحظ، وآخرون باعدهم الحرمان: فليس ينبغي للمقدم أن يأمن، ولا للمؤخر أن ييأس.
وقال عبد الملك لأخيه عبد العزيز حين وجهه إلى مصر: أعرف حاجبك وكاتبك، وجليسك؛ فإن الغائب يخبره عنك كاتبك، والمتوسم يعرفك بحاجبك، والخارج من عندك يعرفك بجليسك.
ودخل على عبد العزيز بن مروان رجل يشكو صهراً له، فقال: إن ختني فعل بي كذا وكذا. فقال به عبد العزيز: من ختنك؟ فقال له: ختني الختان الذي يختن الناس. فقال عبد العزيز لكاتبه: ويحك. بم أجابني؟ فقال له: أيها الأمير، إنك لحنت، وهو لايعرف اللحن، كان ينبغي أن تقول له. ومن خنتك؟ فقال عبد العزيز: أراني أتكلم بكلامٍ لايعرفه العرب؟ لاشاهدت الناس حتى أعرف اللحن.
قال: فأقام في البيت جمعة " لايظهر، ومعه من يعلمه العربية. قال: فصلى بالناس الجمعة وهو من أفصح الناس.
قال: وكان يعطي على العربية ويحرم على اللحن.
وكتب إلى ابن عمر: ارفع إلي حاجتك، قال: فكتب إليه ابن عمر: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " اليد العليا خير من اليد السفلى، وأبدأ بمن تعول "، ولست أسألك شيئاً، ولا أرد رزقاً رزقنية الله.
وقال عبد العزيز بن مروان: مانظر إلي رجل قط فتأملني فاشتد تأمله إياي إلا سألته عن حاجته، ثم أتيت من ورائها، فإذا تعار من وسنه مستطيلاً لليله، مستبطئاً لصبحه، متأرقاً للقائي، ثم غدا إلي أنا تجارته في نفسه، وغدا التجار إلى تجارتهم إلا رجع من غدوه بأربح من تجر. وعجباً لمؤمنٍ موقن، يوقن أن الله يرزقه، ويوقن أن الله يخلف عليه، كيف يحبس مالاً عن عظيم أجرٍ وحسن سماع.
ولما حضرت عبد العزيز بن مروان الوفاة قال: إيتوني لم أكن شيئاً، ألا ليتني كنت كهذا الماء الجاري، أو كنباته الأرض، أو كراعية ثلة في طرف الحجاز من بني نصر بن معاوية، أو من بني سعد بن بكر.
وروى ابن أبي الدنيا بسنده أنه لما حضرته الوفاة أتى يبشر بماله الذي كان بمصر حين كان عاملاً عليها
عامة "، فقال: هذا مالك، هذه ثلاثمائة مديٍ من ذهب. قال: مالي وله؟ والله لوددت أنه كان بعراً حائلاً بنجد
عَبْد الْعَزِيز بْن مَرْوَان بْن الحكم بْن أبي الْعَاصِ الْأمَوِي الْقرشِي أَخُو عَبْد الْملك بْن مَرْوَان بْن الحكم وَهُوَ وَالِد عمر بْن عَبْد الْعَزِيز كنيته أَبُو الْأَصْبَغ يَرْوِي عَن أبي هُرَيْرَة وابْن الزُّبَيْر رَوَى عَنْهُ الزُّهْرِيّ وعَلى بْن رَبَاح مَاتَ بِمصْر وَكَانَ عَلَيْهَا قبل أَخِيه عَبْد الْملك بْن مَرْوَان
عَبْد الْعَزِيزِ بْن مَرْوَانَ بْن الْحَكَمِ بْن أَبِي الْعَاصِ الْقُرَشِيُّ الأُمَوِيُّ،
سَمِعَ أَبَاهُ وَابْنَ الزُّبَيْرِ، هُوَ أَخُو عَبْدِ الْمَلِكِ، رَوَى عَنْهُ الزُّهْرِيُّ وَابْنُهُ عُمَرُ، قال عبد الله بن يزيد ح موسى بن على سمع أَبَاهُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ بْنِ الحكم: سمع ابا هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: شرما في الرجل شح هالع 5 وجبن
خَالِعٌ 1.
سَمِعَ أَبَاهُ وَابْنَ الزُّبَيْرِ، هُوَ أَخُو عَبْدِ الْمَلِكِ، رَوَى عَنْهُ الزُّهْرِيُّ وَابْنُهُ عُمَرُ، قال عبد الله بن يزيد ح موسى بن على سمع أَبَاهُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ بْنِ الحكم: سمع ابا هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: شرما في الرجل شح هالع 5 وجبن
خَالِعٌ 1.
عبد العزيز بن مروان بن الحكم بْن أبي العاص بْن أمية بْن عَبْد شمس
- عبد العزيز بن مروان بن الحكم بْن أبي العاص بْن أمية بْن عَبْد شمس. وأمه ليلى بِنْت زبان بْن الأصبغ بْن عَمْرو بْن ثَعْلَبَة بْن الْحَارِث بْن حصن بْن ضمضم بْن عدي بْن جناب من كلب. ويكنى عبد العزيز أبا الأصبغ. فولد عبد العزيز بن مروان عمر. رضي الله عنه. ولي الخلافة. وعاصما وأبا بكر ومحمدا. درج. وأمهم أم عاصم بنت عاصم بن الخطاب بن نفيل من بني عدي بن كعب. والأصبغ بن عبد العزيز وبه كان يكنى وأم عثمان وأم محمد لأم ولد. وسهيلا وأم الحكم وأمهم أم عبد الله بنت عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بْنِ وائل السهمي. وزبان بن عبد العزيز وجزيا لام ولد. وأم البنين وأمها ليلى بنت سهيل بن حنظلة بْن الطفيل بْن مالك بْن جَعْفَر بْن كلاب. وقد روى عبد العزيز عن أبي هريرة. وكان ثقة قليل الحديث. وكان مروان بن الحكم قد عقد بولاية العهد لعبد الملك بن مروان وبعده عبد العزيز بن مروان وولاه مصر فأقره عليها عبد الملك. وثقل على عبد الملك مكانه فأراد خلعه ليبايع لابنيه الوليد وسليمان بالخلافة بعده فمنعه من ذلك قبيصة بن ذؤيب. وكان على خاتمه وكان له مكرما مجلا. فكف عن ذلك. وتوفي عبد العزيز بمصر في جمادى الأولى سنة خمس وثمانين. وبلغ الخبر عبد الملك بن مروان ليلا. فلما أصبح دعا الناس فبايع للوليد بالخلافة من بعده ثم لسليمان من بعد الوليد.
- عبد العزيز بن مروان بن الحكم بْن أبي العاص بْن أمية بْن عَبْد شمس. وأمه ليلى بِنْت زبان بْن الأصبغ بْن عَمْرو بْن ثَعْلَبَة بْن الْحَارِث بْن حصن بْن ضمضم بْن عدي بْن جناب من كلب. ويكنى عبد العزيز أبا الأصبغ. فولد عبد العزيز بن مروان عمر. رضي الله عنه. ولي الخلافة. وعاصما وأبا بكر ومحمدا. درج. وأمهم أم عاصم بنت عاصم بن الخطاب بن نفيل من بني عدي بن كعب. والأصبغ بن عبد العزيز وبه كان يكنى وأم عثمان وأم محمد لأم ولد. وسهيلا وأم الحكم وأمهم أم عبد الله بنت عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بْنِ وائل السهمي. وزبان بن عبد العزيز وجزيا لام ولد. وأم البنين وأمها ليلى بنت سهيل بن حنظلة بْن الطفيل بْن مالك بْن جَعْفَر بْن كلاب. وقد روى عبد العزيز عن أبي هريرة. وكان ثقة قليل الحديث. وكان مروان بن الحكم قد عقد بولاية العهد لعبد الملك بن مروان وبعده عبد العزيز بن مروان وولاه مصر فأقره عليها عبد الملك. وثقل على عبد الملك مكانه فأراد خلعه ليبايع لابنيه الوليد وسليمان بالخلافة بعده فمنعه من ذلك قبيصة بن ذؤيب. وكان على خاتمه وكان له مكرما مجلا. فكف عن ذلك. وتوفي عبد العزيز بمصر في جمادى الأولى سنة خمس وثمانين. وبلغ الخبر عبد الملك بن مروان ليلا. فلما أصبح دعا الناس فبايع للوليد بالخلافة من بعده ثم لسليمان من بعد الوليد.
عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبى العاص أخو عبد الملك كنيته أبو الاصبغ ممن صحب أبا هريرة وابن الزبير مات بمصر وكان عليها واليا لاخيه عبد الملك وهو والد عمر بن عبد العزيز مستقيم الامر في الحديث على قلته
عبد الملك بن الحارث بن الحكم
ابن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموي بعثه عبد الملك بن مروان في أربعة آلاف إلى المدينة فما دونها يلقون جموع ابن الزبير، ومن أشرف لهم من عماله. وكان سليمتان بن خالد بن أبي خالد الزرقي عابداً له فضل، فولاه ابن الزبير خيبر وفدك، فخرج، فنزل في عمله. فبعث عبد الملك بن الحارث أبا القمقام في خمسمائة إلى سليمان بن خالد، فقتله. وقتل من كان معه، فلما انتهى خبره إلى عبد الملك بن مروان غاظه، وكره قتله.
ابن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموي بعثه عبد الملك بن مروان في أربعة آلاف إلى المدينة فما دونها يلقون جموع ابن الزبير، ومن أشرف لهم من عماله. وكان سليمتان بن خالد بن أبي خالد الزرقي عابداً له فضل، فولاه ابن الزبير خيبر وفدك، فخرج، فنزل في عمله. فبعث عبد الملك بن الحارث أبا القمقام في خمسمائة إلى سليمان بن خالد، فقتله. وقتل من كان معه، فلما انتهى خبره إلى عبد الملك بن مروان غاظه، وكره قتله.
عبد الحميد بْن جَعْفَر بْن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ رَافع بْن سِنَان أَبُو حَفْص الأوسي الْأنْصَارِيّ من أهل الْمَدِينَة وَقد قيل كنيته أَبُو الْفضل يروي عَنْ مُحَمَّد بْن عَمْرو بْن عَطاء وَأَبِيهِ روى عَنْهُ هشيم ويَحْيَى الْقَطَّان مَاتَ سنة ثَلَاث وَخمسين وَمِائَة وَهُوَ بن سبعين رُبمَا أَخطَأ
عبد الحميد بن جَعْفَر بن عبد الله بن الحكم بن رَافع بن سِنَان الْأنْصَارِيّ الأوسي الْمَدِينِيّ كنيته أَبُو حَفْص وَيُقَال أَبُو الْفضل
مَاتَ سنة ثَلَاث وَخمسين وَمِائَة
روى عَن أَبِيه فِي الصَّلَاة والأشربة وَالْعلم والفتن والزهد وَسَعِيد المَقْبُري وَعمْرَان بن أبي أنس فِي الْحَج وَيزِيد بن أبي حبيب فِي النِّكَاح والبيوع واللباس وَالْأسود أبي الْعَلَاء فِي الْفِتَن وَعمر بن الحكم فِي الْفِتَن
روى عَنهُ أَبُو عَاصِم النَّبِيل وَأَبُو بكر الْحَنَفِيّ وَابْن وهب وهشيم ووكيع وَأَبُو خَالِد الْأَحْمَر وَيحيى الْقطَّان وَعِيسَى بن يُونُس وَأَبُو أُسَامَة وعبد الله بن حمْرَان وخَالِد بن الْحَارِث وعبد الملك بن الصَّباح
مَاتَ سنة ثَلَاث وَخمسين وَمِائَة
روى عَن أَبِيه فِي الصَّلَاة والأشربة وَالْعلم والفتن والزهد وَسَعِيد المَقْبُري وَعمْرَان بن أبي أنس فِي الْحَج وَيزِيد بن أبي حبيب فِي النِّكَاح والبيوع واللباس وَالْأسود أبي الْعَلَاء فِي الْفِتَن وَعمر بن الحكم فِي الْفِتَن
روى عَنهُ أَبُو عَاصِم النَّبِيل وَأَبُو بكر الْحَنَفِيّ وَابْن وهب وهشيم ووكيع وَأَبُو خَالِد الْأَحْمَر وَيحيى الْقطَّان وَعِيسَى بن يُونُس وَأَبُو أُسَامَة وعبد الله بن حمْرَان وخَالِد بن الْحَارِث وعبد الملك بن الصَّباح
عبد الرحمن بن عبد الله بن أم الحكم من أصحاب عثمان بن عفان مات سنة ثلاث وثمانين
عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الله بْن أم الحكم يَرْوِي الْمَرَاسِيل وَسمع من عُثْمَان بْن عَفَّان رَوَى عَنْهُ الْعيزَار بْن حُرَيْث مَاتَ سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ فِي ولَايَة عَبْد الْملك
عبد الْملك بن الحكم
لَهُ عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر مَرْفُوعا
آخر من يدْخل الْجنَّة رجل من جُهَيْنَة يُقَال لَهُ جُهَيْنَة فَيَقُول أهل الْجنَّة عِنْد جُهَيْنَة الْخَبَر الْيَقِين الحَدِيث رَوَاهُ جَامع بن سوَادَة عَن أَحْمد بن الْحُسَيْن اللهبي عَنهُ
قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ جَامع ضَعِيف وَكَذَلِكَ عبد الْملك بن الحكم أَيْضا قَالَ والْحَدِيث بَاطِل.
لَهُ عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر مَرْفُوعا
آخر من يدْخل الْجنَّة رجل من جُهَيْنَة يُقَال لَهُ جُهَيْنَة فَيَقُول أهل الْجنَّة عِنْد جُهَيْنَة الْخَبَر الْيَقِين الحَدِيث رَوَاهُ جَامع بن سوَادَة عَن أَحْمد بن الْحُسَيْن اللهبي عَنهُ
قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ جَامع ضَعِيف وَكَذَلِكَ عبد الْملك بن الحكم أَيْضا قَالَ والْحَدِيث بَاطِل.
عبد الرحمن بن بشر بن الحكم بن حبيب، أبو مُحَمَّد العبدي النيسابوري :
سمع سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، ويحيى بْن سَعِيد القطان، وعبد الرحمن بن مهديّ،
ووكيعًا وبشر بن السري، وبهز بن أسد، ومعن بن عيسى، ومالك بن سعير، وأمية ابن خالد، والنضر بن شميل، وعبد الرزاق بْن همام، وغيرهم. روى عنه البخاري ومسلم بن الحجاج في صحيحيهما، وأبو داود السجستاني، وأَحْمَد بن عَلِيّ الأبار، ومُحَمَّد بن إسحاق السراج، ومُحَمَّد بن إسحاق بن خزيمة. وقدم بغداد وحدث بها فروى عنه من أهلها إِبْرَاهِيم بْن إسحاق الحربي، وَأبو بَكْر بْن أَبِي الدنيا، وَعبد اللَّه مُحَمَّد بن ناجية، وعبد اللَّه بن العباس الطيالسي، وعلي بن الْحَسَن بن الجنيد، ومحمّد ابن هارون بن حميد البيع، ويَحْيَى بن مُحَمَّد بن صاعد.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ بن جعفر العطار، حدّثنا أحمد بن سلمان الفقيه، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَرْبِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الرّحمن بن بشر النّيسابوريّ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كُلُّ سَبَبٍ وَنَسَبٍ مُنْقَطِعٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِلا سَبَبِي وَنَسَبِي» .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن الْفَرَجِ بْن عَلِيّ الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شعيب الصّابونيّ، حدّثنا عبد الله بن ناجية، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرِ بْنِ الْحَكَمِ النَّيْسَابُورِيُّ.
وأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، أَخْبَرَنَا طَاهِرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلَوَيْهِ النَّيْسَابُورِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّرْقِيُّ- واللفظ لحديثه- أخبرنا عبد الرّحمن بن بشر، حدّثنا مالك بن سعير بن الحمس التّميميّ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَالْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ وَرَّادٍ قَالَ: أَمْلَى عَلَيَّ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ كِتَابًا إِلَى مُعَاوِيَةَ- وَقَالَ مَرَّةً كَتَبَ بِهِ إِلَى مُعَاوِيَةَ- أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا قَضَى الصَّلاةَ: «لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كل
شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ» .
قَالَ طَاهِرٌ: سَمِعْتُ أَبَا حامد يقول: سمعت صالحا جَزَرَةَ يَقُولُ: قَدِمْتُ خُرَاسَانَ بِسَبَبِ هَذَا الْحَدِيثِ- يَعْنِي حَدِيثَ الأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَالْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بن علي المقرئ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه النَّيْسَابُورِيّ قَالَ:
سمعت مُحَمَّد بن صالح بن هانئ يَقُولُ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيم بْن أَبِي طالب يَقُولُ:
سمعت عبد الرحمن بن بشر بن الحكم يَقُول: حملني بشر بن الحكم على عاتقه في مجلس سفيان بن عيينة، فَقَالَ: يا معشر أصحاب الحديث أنا بشر بن الحكم بن حبيب النيسابوري، سمع أبي الحكم بن حبيب من سفيان بن عيينة، وقد سمعت أنا منه، وحدثت عنه بخراسان، وهذا ابني عبد الرحمن قد سمع منه.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بن أحمد بن يعقوب، أخبرنا محمّد بن نعيم، أَخْبَرَنِي عَلِيّ بْن مُحَمَّد الحبيبي- بمرو- قَالَ وسألته- يعني أبا علي صالح بن مُحَمَّد- عن بشر بن الحكم النيسابوري فَقَالَ: صدوق، وابنه عبد الرحمن صدوق.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بن علي المقرئ، أخبرنا محمّد بن عبد الله النّيسابوريّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفضل مُحَمَّد بْنُ إِبْرَاهِيمَ بن الفضل قَالَ: سمعت الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن زياد يَقُول:
توفي عبد الرحمن بن بشر بن الحكم سنة ستين ومائتين
سمع سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، ويحيى بْن سَعِيد القطان، وعبد الرحمن بن مهديّ،
ووكيعًا وبشر بن السري، وبهز بن أسد، ومعن بن عيسى، ومالك بن سعير، وأمية ابن خالد، والنضر بن شميل، وعبد الرزاق بْن همام، وغيرهم. روى عنه البخاري ومسلم بن الحجاج في صحيحيهما، وأبو داود السجستاني، وأَحْمَد بن عَلِيّ الأبار، ومُحَمَّد بن إسحاق السراج، ومُحَمَّد بن إسحاق بن خزيمة. وقدم بغداد وحدث بها فروى عنه من أهلها إِبْرَاهِيم بْن إسحاق الحربي، وَأبو بَكْر بْن أَبِي الدنيا، وَعبد اللَّه مُحَمَّد بن ناجية، وعبد اللَّه بن العباس الطيالسي، وعلي بن الْحَسَن بن الجنيد، ومحمّد ابن هارون بن حميد البيع، ويَحْيَى بن مُحَمَّد بن صاعد.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ بن جعفر العطار، حدّثنا أحمد بن سلمان الفقيه، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَرْبِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الرّحمن بن بشر النّيسابوريّ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كُلُّ سَبَبٍ وَنَسَبٍ مُنْقَطِعٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِلا سَبَبِي وَنَسَبِي» .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن الْفَرَجِ بْن عَلِيّ الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شعيب الصّابونيّ، حدّثنا عبد الله بن ناجية، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرِ بْنِ الْحَكَمِ النَّيْسَابُورِيُّ.
وأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، أَخْبَرَنَا طَاهِرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلَوَيْهِ النَّيْسَابُورِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّرْقِيُّ- واللفظ لحديثه- أخبرنا عبد الرّحمن بن بشر، حدّثنا مالك بن سعير بن الحمس التّميميّ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَالْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ وَرَّادٍ قَالَ: أَمْلَى عَلَيَّ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ كِتَابًا إِلَى مُعَاوِيَةَ- وَقَالَ مَرَّةً كَتَبَ بِهِ إِلَى مُعَاوِيَةَ- أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا قَضَى الصَّلاةَ: «لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كل
شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ» .
قَالَ طَاهِرٌ: سَمِعْتُ أَبَا حامد يقول: سمعت صالحا جَزَرَةَ يَقُولُ: قَدِمْتُ خُرَاسَانَ بِسَبَبِ هَذَا الْحَدِيثِ- يَعْنِي حَدِيثَ الأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَالْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بن علي المقرئ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه النَّيْسَابُورِيّ قَالَ:
سمعت مُحَمَّد بن صالح بن هانئ يَقُولُ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيم بْن أَبِي طالب يَقُولُ:
سمعت عبد الرحمن بن بشر بن الحكم يَقُول: حملني بشر بن الحكم على عاتقه في مجلس سفيان بن عيينة، فَقَالَ: يا معشر أصحاب الحديث أنا بشر بن الحكم بن حبيب النيسابوري، سمع أبي الحكم بن حبيب من سفيان بن عيينة، وقد سمعت أنا منه، وحدثت عنه بخراسان، وهذا ابني عبد الرحمن قد سمع منه.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بن أحمد بن يعقوب، أخبرنا محمّد بن نعيم، أَخْبَرَنِي عَلِيّ بْن مُحَمَّد الحبيبي- بمرو- قَالَ وسألته- يعني أبا علي صالح بن مُحَمَّد- عن بشر بن الحكم النيسابوري فَقَالَ: صدوق، وابنه عبد الرحمن صدوق.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بن علي المقرئ، أخبرنا محمّد بن عبد الله النّيسابوريّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفضل مُحَمَّد بْنُ إِبْرَاهِيمَ بن الفضل قَالَ: سمعت الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن زياد يَقُول:
توفي عبد الرحمن بن بشر بن الحكم سنة ستين ومائتين
عبد الرحمن ابن أم الحكم
د ع س: عَبْد الرَّحْمَن بْن أم الحكم لَهُ ذكر فِي قصة معاوية، ووائل بْن حجر، وأمه أم الحكم التي ينسب إليها وهي بِنْت أَبِي سُفْيَان بْن حرب، أخت معاوية، وهو عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْن عثمان بْن عَبْد اللَّه بْن رَبِيعة بْن الحارث بْن حبيب بْن الحارث بْن مَالِك بْن حطيط بْن جشم بْن قسي، وهي ثقيف.
وقيل: عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي عقيل أَبُو سُلَيْمَان، وقيل: أَبُو مطرف، وهو مشهور بأمه أم الحكم، فلهذا أوردناه ههنا.
روى عَنْ: النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلًا، وقيل: إنه لَهُ صحبة، وصلى خلف عثمان رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
روى عَنْهُ: إِسْمَاعِيل بْن عُبَيْد اللَّه، والعيزار بْن حُرَيْث، ويعقوب بْن عثمان.
واستعمله خاله معاوية عَلَى الكوفة سنة سبع وخمسين، ثُمَّ عزله واستعمل النعمان بْن بشير، وكان قبيح السيرة فِي إمارته.
(912) أَخْبَرَنَا الْقَاسِم بْن عليّ بْن الْحَسَن الحافظ إجازة، أَخْبَرَنَا والدي، قَالَ: قرأت عَلَى أَبِي الوفاء حفاظ بْن الْحَسَن، عَنْ عَبْد العزيز بْن أَحْمَد، أَخْبَرَنَا عَبْد الوهاب الميداني، أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَان بْن زبر، أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن جَعْفَر، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن جرير الطبري، قَالَ: حدثت عَنْ هشام بْن مُحَمَّد، قَالَ: استعمل معاوية عَبْد الرَّحْمَن بْن أم الحكم عَلَى الكوفة، فأساء السيرة فيهم، فطردوه فلحق بمعاوية، وهو خاله، فَقَالَ: أوليك خيرًا منها مصر، قَالَ: فولاه: فتوجه إليها، وبلغ معاوية بْن خديج السكوني الخبر، فخرج فاستقبله عَلَى مرحلتين من مصر، فَقَالَ: ارجع إِلَى خالك، فلعمري لا تسير فينا سيرتك في إخواننا من أهل الكوفة، فرجع إِلَى خاله.
وقيل: كَانَ سبب عزله من الكوفة من قبح سيرته، أن عَبْد اللَّه بْن همام السلولي، قَالَ شعرًا، وكتبه فِي رقاع، وألقاها فِي المسجد الجامع، وهي:
ألا أبلغ معاوية بْن صخر فقد خرب السواد فلا سوادا
أرى العمال آفتنا علينا بعاجل نفعهم ظلموا العبادا
فهل لَكَ أن تدارك ما لدينا وتدفع عَنْ رعيتك الفسادا
وتعزل تابعًا أبدًا هواه يخرب من بلادته البلادا
إِذَا ما قلت: اقصر عَنْ هواه تمادى فِي ضلالته وزادا
فبلغ الشعر معاوية، فعزله، واستعمله معاوية أيضًا عَلَى الجزيرة، وغزا الروم سنة ثلاثة وخمسين، فشتا فِي أرضهم، وغلب عَلَى دمشق لما خرج عَنْهَا الضحاك بْن قيس إِلَى مرج راهط، ودعا إِلَى البيعة لمروان بْن الحكم، وتوفي أيام عَبْد الملك بْن مروان أَخْرَجَهُ ابْنُ منده وَأَبُو نعيم، وَأَبُو مُوسَى، فأمَّا أَبُو مُوسَى، فاختصره، وأمَّا ابْنُ منده وَأَبُو نعيم، فقالا: عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي عقيل الثقفي، وفد عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعد فِي الكوفيين، حديثه عند عَبْد الرَّحْمَن بْن علقمة، وَيُقَال: إنه عَبْد الرَّحْمَن بْن أم الحكم بِنْت أَبِي سُفْيَان، ورويا بإسنادهما عَنْ عون بْن أَبِي جحيفة، عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن علقمة الثقفي، عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي عقيل، قَالَ: انطلقت فِي وفد إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأنخنا فِي الباب، وما فِي الأرض أبغض إلينا من رَجُل نلج عَلَيْهِ، يعني النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فما خرجنا حتَّى ما كَانَ فِي النَّاس أحد أحب إلينا من رَجُل دخلنا عَلَيْهِ.
قلت: هَذَا كلام ابْنُ منده، وأبي نعيم، والصحيح أن عَبْد الرَّحْمَن بْن أم الحكم لا صحبة لَهُ، وهو غير ابْنُ أَبِي عقيل، وهو من التابعين، ولم يكون كوفيًا، إنَّما كَانَ أميرًا عليها، ولم تطل أيامه حتَّى ينسب إليها، فلعله غيره، والله أعلم.
وهو الَّذِي خطب يَوْم الجمعة قاعدًا، فرآه كعب بْن عجرة، فَقَالَ: انظروا إِلَى هَذَا الخبيث يخطب قاعدًا، وقَالَ اللَّه تَعَالى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} .
د ع س: عَبْد الرَّحْمَن بْن أم الحكم لَهُ ذكر فِي قصة معاوية، ووائل بْن حجر، وأمه أم الحكم التي ينسب إليها وهي بِنْت أَبِي سُفْيَان بْن حرب، أخت معاوية، وهو عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْن عثمان بْن عَبْد اللَّه بْن رَبِيعة بْن الحارث بْن حبيب بْن الحارث بْن مَالِك بْن حطيط بْن جشم بْن قسي، وهي ثقيف.
وقيل: عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي عقيل أَبُو سُلَيْمَان، وقيل: أَبُو مطرف، وهو مشهور بأمه أم الحكم، فلهذا أوردناه ههنا.
روى عَنْ: النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلًا، وقيل: إنه لَهُ صحبة، وصلى خلف عثمان رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
روى عَنْهُ: إِسْمَاعِيل بْن عُبَيْد اللَّه، والعيزار بْن حُرَيْث، ويعقوب بْن عثمان.
واستعمله خاله معاوية عَلَى الكوفة سنة سبع وخمسين، ثُمَّ عزله واستعمل النعمان بْن بشير، وكان قبيح السيرة فِي إمارته.
(912) أَخْبَرَنَا الْقَاسِم بْن عليّ بْن الْحَسَن الحافظ إجازة، أَخْبَرَنَا والدي، قَالَ: قرأت عَلَى أَبِي الوفاء حفاظ بْن الْحَسَن، عَنْ عَبْد العزيز بْن أَحْمَد، أَخْبَرَنَا عَبْد الوهاب الميداني، أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَان بْن زبر، أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن جَعْفَر، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن جرير الطبري، قَالَ: حدثت عَنْ هشام بْن مُحَمَّد، قَالَ: استعمل معاوية عَبْد الرَّحْمَن بْن أم الحكم عَلَى الكوفة، فأساء السيرة فيهم، فطردوه فلحق بمعاوية، وهو خاله، فَقَالَ: أوليك خيرًا منها مصر، قَالَ: فولاه: فتوجه إليها، وبلغ معاوية بْن خديج السكوني الخبر، فخرج فاستقبله عَلَى مرحلتين من مصر، فَقَالَ: ارجع إِلَى خالك، فلعمري لا تسير فينا سيرتك في إخواننا من أهل الكوفة، فرجع إِلَى خاله.
وقيل: كَانَ سبب عزله من الكوفة من قبح سيرته، أن عَبْد اللَّه بْن همام السلولي، قَالَ شعرًا، وكتبه فِي رقاع، وألقاها فِي المسجد الجامع، وهي:
ألا أبلغ معاوية بْن صخر فقد خرب السواد فلا سوادا
أرى العمال آفتنا علينا بعاجل نفعهم ظلموا العبادا
فهل لَكَ أن تدارك ما لدينا وتدفع عَنْ رعيتك الفسادا
وتعزل تابعًا أبدًا هواه يخرب من بلادته البلادا
إِذَا ما قلت: اقصر عَنْ هواه تمادى فِي ضلالته وزادا
فبلغ الشعر معاوية، فعزله، واستعمله معاوية أيضًا عَلَى الجزيرة، وغزا الروم سنة ثلاثة وخمسين، فشتا فِي أرضهم، وغلب عَلَى دمشق لما خرج عَنْهَا الضحاك بْن قيس إِلَى مرج راهط، ودعا إِلَى البيعة لمروان بْن الحكم، وتوفي أيام عَبْد الملك بْن مروان أَخْرَجَهُ ابْنُ منده وَأَبُو نعيم، وَأَبُو مُوسَى، فأمَّا أَبُو مُوسَى، فاختصره، وأمَّا ابْنُ منده وَأَبُو نعيم، فقالا: عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي عقيل الثقفي، وفد عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعد فِي الكوفيين، حديثه عند عَبْد الرَّحْمَن بْن علقمة، وَيُقَال: إنه عَبْد الرَّحْمَن بْن أم الحكم بِنْت أَبِي سُفْيَان، ورويا بإسنادهما عَنْ عون بْن أَبِي جحيفة، عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن علقمة الثقفي، عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي عقيل، قَالَ: انطلقت فِي وفد إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأنخنا فِي الباب، وما فِي الأرض أبغض إلينا من رَجُل نلج عَلَيْهِ، يعني النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فما خرجنا حتَّى ما كَانَ فِي النَّاس أحد أحب إلينا من رَجُل دخلنا عَلَيْهِ.
قلت: هَذَا كلام ابْنُ منده، وأبي نعيم، والصحيح أن عَبْد الرَّحْمَن بْن أم الحكم لا صحبة لَهُ، وهو غير ابْنُ أَبِي عقيل، وهو من التابعين، ولم يكون كوفيًا، إنَّما كَانَ أميرًا عليها، ولم تطل أيامه حتَّى ينسب إليها، فلعله غيره، والله أعلم.
وهو الَّذِي خطب يَوْم الجمعة قاعدًا، فرآه كعب بْن عجرة، فَقَالَ: انظروا إِلَى هَذَا الخبيث يخطب قاعدًا، وقَالَ اللَّه تَعَالى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} .
عَبد الحكم بن منصور الواسطي، يُكَنَّى أبا سفيان.
حَدَّثَنَا ابن حماد، حَدَّثَنا العباس، عَن يَحْيى، قَالَ: عَبد الحكم بن منصور واسطي كذاب.
حَدَّثَنَا ابن حماد، حَدَّثَنا معاوية عن يجيى قَالَ عَبد الحكم بن منصور واسطي متروك الحديث.
حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بن خلف، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ بَكَّارٍ، حَدَّثَنا عَبد الْحَكَمِ الْخُزَاعِيُّ عَنْ عَبد الْمَلِكِ بْنِ عُمَير عَنْ عَبد الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَال: قَال رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاةُ الرَّجُلِ فِي الْجَمِيعِ تَفْضُلُ صَلاتَهُ وَحْدَهُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ صَلاةً.
وهذا الحديث لا أعلم يرويه بهذا الإسناد عن عَبد الملك بن عُمَير غير عَبد الحكم.
بن منصور وروح بن عطاء بن أَبِي ميمونة.
وعند عَبد الحكم بهذا الإسناد آخر منكر المتن حدثناه مُحَمد بن يَحْيى المرزوي، عَن عَاصِمِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَبد الحكم بن منصور.
ولعبد الحكم أحاديث لا يتابعه الثقات عليها
مَن اسْمُه عَبد الصمد.
حَدَّثَنَا ابن حماد، حَدَّثَنا العباس، عَن يَحْيى، قَالَ: عَبد الحكم بن منصور واسطي كذاب.
حَدَّثَنَا ابن حماد، حَدَّثَنا معاوية عن يجيى قَالَ عَبد الحكم بن منصور واسطي متروك الحديث.
حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بن خلف، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ بَكَّارٍ، حَدَّثَنا عَبد الْحَكَمِ الْخُزَاعِيُّ عَنْ عَبد الْمَلِكِ بْنِ عُمَير عَنْ عَبد الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَال: قَال رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاةُ الرَّجُلِ فِي الْجَمِيعِ تَفْضُلُ صَلاتَهُ وَحْدَهُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ صَلاةً.
وهذا الحديث لا أعلم يرويه بهذا الإسناد عن عَبد الملك بن عُمَير غير عَبد الحكم.
بن منصور وروح بن عطاء بن أَبِي ميمونة.
وعند عَبد الحكم بهذا الإسناد آخر منكر المتن حدثناه مُحَمد بن يَحْيى المرزوي، عَن عَاصِمِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَبد الحكم بن منصور.
ولعبد الحكم أحاديث لا يتابعه الثقات عليها
مَن اسْمُه عَبد الصمد.
عبد الرحمن بن الحكم بن بشير بن سلمان رأى زكريا بن سلام العتبي وروى عن أبيه وعتاب بن أعين وعبد العزيز بن أبي عثمان ونوفل ابن مطهر وحكام وجرير ومهران ويحيى بن الضريس وأبي بكر بن عياش وحفص بن غياث وابن عيينة روى عنه إبراهيم بن موسى ومحمد ابن مهران الجمال وعبد السلام بن عاصم الهسنجاني ومحمد بن مسلم وأبو زرعة وعبد الملك بن أبي عبد الرحمن المقري.
نا عبد الرحمن قال وسمعت محمد بن مسلم يقول سمعت إبراهيم بن موسى يقول: ما رأيت أحدا أفهم بمشيخة أبي إسحاق الهمداني من عبد الرحمن بن الحكم.
نا عبد الرحمن قال سمعت محمد بن مسلم يقول: كان عبد الرحمن بن الحكم اعلم الناس ( ك) بشيوخ الكوفيين.
نا عبد الرحمن قال وسمعت محمد بن مسلم يقول سمعت إبراهيم بن موسى يقول: ما رأيت أحدا أفهم بمشيخة أبي إسحاق الهمداني من عبد الرحمن بن الحكم.
نا عبد الرحمن قال سمعت محمد بن مسلم يقول: كان عبد الرحمن بن الحكم اعلم الناس ( ك) بشيوخ الكوفيين.
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الحَكَمِ بنِ هِشَامِ بنِ الدَّاخِلِ
أَمِيْرُ الأَنْدَلُسِ، أَبُو المُطَرِّفِ المَرْوَانِيُّ.
بُوْيِعَ بَعْدَ وَالِدهِ، فِي آخِرِ سَنَةِ سِتٍّ وَمَائَتَيْنِ، فَامْتَدَّتْ أَيَّامُهُ، وَكَانَ وَادِعاً، حَسَنَ السِّيْرَةِ، لَيِّنَ الجَانِبِ، قَلِيْلَ الغَزْوِ، غَلَبَتِ المُشْرِكُوْنُ فِي دَوْلَتِه عَلَى إِشْبِيْلِيَةَ، وَلَكِنَّ اللهَ سَلَّمَ.
كَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ المَلِكِ بنُ حَبِيْبٍ الفَقِيْهُ يُحَرِّضُهُ عَلَى بِنَاءِ سُورِ إِشْبِيْلِيَةَ، يَقُوْلُ لَهُ: حَقْنُ دِمَاءِ المُسْلِمِيْنَ - أَيَّدَكَ الله، وَأَعْلَى يَدَكَ بِابْتِنَاءِ السُّورِ - أَحَقُّ وَأَوْلَى.
فَأَخَذَ بِرَأْيِهِ، وَجَمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زِيَادَةِ جَامِعِ قُرْطُبَةَ، وَابْتَنَى أَيْضاً جَامِعَ إِشْبِيْلِيَةَ عَلَى يَدِ قَاضِيْهَا عَمْرِو بنِ عَدَبَّسَ، وَكَانَتْ إِشْبِيْلِيَةُ مِنْ نَاحِيَةِ الوَادِي بِلاَ سُوْرٍ.
فَلَمَّا كَانَتْ سَنَةُ ثَلاَثِيْنَ وَمَائَتَيْنِ، طَرَقَ المَجُوْسُ الأَرْدَمَانِيُّوْنَ إِشْبِيْلِيَةَ فِي ثَمَانِيْنَ مَرْكَباً فِي الوَادِي، فَصَادَفُوا أَهْلَهَا عَلَى غِرَارَةٍ بِمُطَاولَةِ أَمَدِ الأَمَانِ لَهُم مَعَ قِلَّةِ خِبْرَتِهِم بِحَرْبِهِم، فَطَلَعُوا مِنَ المَرَاكِبِ، وَقَدْ لاَحَ لَهُم خَوَرٌ مِنْ أَهْلِهَا، فَقَاتَلُوْهُم، وَقَوَوْا عَلَى المُسْلِمِيْنَ، وَوَضَعُوا السَّيْفَ فِيْهِم، وَمَلَكُوا إِشْبِيْلِيَةَ بَعْدَ القَتْلِ الذَّرِيْعِ فِي أَهْلِهَا حَتَّى فِي النِّسَاءِ وَالبَهَائِمِ، وَأَقَامُوا بِهَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ، فَوَرَدَ الخَبَرُ عَلَى الخَلِيْفَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَكَمِ، فَاسْتَنْفَرَ جَيْشَهُ، وَبَعَثَ بِهِم إِلَى إِشْبِيْلِيَةَ، فَحَلُّوا بِالشَّرْقِ، وَوَقَعَ القِتَالُ، وَاشْتَدَّ الخَطْبُ، وَانْتَصَرَ المُسْلِمُوْنَ، وَاسْتَحَرَّ القَتْلُ بِالمَلاَعِيْنِ حَتَّى فَنِيَ جَمْعُ الكَفَرَةِ - لَعَنَهُمُ اللهُ - وَحَرَقَ المُسْلِمُوْنَ ثَلاَثِيْنَ مَرْكَباً مِنْ مَرَاكِبِهِم، فَكَانَ بَيْنَ دُخُوْلِهِم إِلَى إِشْبِيْلِيَةَ وَهُرُوْبِهِم عَنْهَا ثَلاَثَةٌ وَأَرْبَعُوْنَ يَوْماً.وَهَذَا كَانَ السَّبَبُ فِي بِنَاءِ سُورِ وَادِيْهَا.
وَفِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ: جَاءَ سَيْلٌ مَهُولٌ حَتَّى احْتَمَلَ رَبَضَ قَنْطَرَةِ قُرْطُبَةَ، وَاحْتَمَلَ سِتَّ عَشْرَةَ قَرْيَةً إِلَى البَحْرِ بِمَا فِيْهَا مِنَ النَّاسِ وَالمَوَاشِي، وَهَلَكَ مَا لاَ يُعَدُّ وَلاَ يُحْصَى، فَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ.
وَكَانَ مَوْلِدُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَكَمِ: بِطُلَيْطِلَةَ، فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَمَاتَ: فِي ثَالِثِ رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمَائَتَيْنِ.
أَمِيْرُ الأَنْدَلُسِ، أَبُو المُطَرِّفِ المَرْوَانِيُّ.
بُوْيِعَ بَعْدَ وَالِدهِ، فِي آخِرِ سَنَةِ سِتٍّ وَمَائَتَيْنِ، فَامْتَدَّتْ أَيَّامُهُ، وَكَانَ وَادِعاً، حَسَنَ السِّيْرَةِ، لَيِّنَ الجَانِبِ، قَلِيْلَ الغَزْوِ، غَلَبَتِ المُشْرِكُوْنُ فِي دَوْلَتِه عَلَى إِشْبِيْلِيَةَ، وَلَكِنَّ اللهَ سَلَّمَ.
كَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ المَلِكِ بنُ حَبِيْبٍ الفَقِيْهُ يُحَرِّضُهُ عَلَى بِنَاءِ سُورِ إِشْبِيْلِيَةَ، يَقُوْلُ لَهُ: حَقْنُ دِمَاءِ المُسْلِمِيْنَ - أَيَّدَكَ الله، وَأَعْلَى يَدَكَ بِابْتِنَاءِ السُّورِ - أَحَقُّ وَأَوْلَى.
فَأَخَذَ بِرَأْيِهِ، وَجَمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زِيَادَةِ جَامِعِ قُرْطُبَةَ، وَابْتَنَى أَيْضاً جَامِعَ إِشْبِيْلِيَةَ عَلَى يَدِ قَاضِيْهَا عَمْرِو بنِ عَدَبَّسَ، وَكَانَتْ إِشْبِيْلِيَةُ مِنْ نَاحِيَةِ الوَادِي بِلاَ سُوْرٍ.
فَلَمَّا كَانَتْ سَنَةُ ثَلاَثِيْنَ وَمَائَتَيْنِ، طَرَقَ المَجُوْسُ الأَرْدَمَانِيُّوْنَ إِشْبِيْلِيَةَ فِي ثَمَانِيْنَ مَرْكَباً فِي الوَادِي، فَصَادَفُوا أَهْلَهَا عَلَى غِرَارَةٍ بِمُطَاولَةِ أَمَدِ الأَمَانِ لَهُم مَعَ قِلَّةِ خِبْرَتِهِم بِحَرْبِهِم، فَطَلَعُوا مِنَ المَرَاكِبِ، وَقَدْ لاَحَ لَهُم خَوَرٌ مِنْ أَهْلِهَا، فَقَاتَلُوْهُم، وَقَوَوْا عَلَى المُسْلِمِيْنَ، وَوَضَعُوا السَّيْفَ فِيْهِم، وَمَلَكُوا إِشْبِيْلِيَةَ بَعْدَ القَتْلِ الذَّرِيْعِ فِي أَهْلِهَا حَتَّى فِي النِّسَاءِ وَالبَهَائِمِ، وَأَقَامُوا بِهَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ، فَوَرَدَ الخَبَرُ عَلَى الخَلِيْفَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَكَمِ، فَاسْتَنْفَرَ جَيْشَهُ، وَبَعَثَ بِهِم إِلَى إِشْبِيْلِيَةَ، فَحَلُّوا بِالشَّرْقِ، وَوَقَعَ القِتَالُ، وَاشْتَدَّ الخَطْبُ، وَانْتَصَرَ المُسْلِمُوْنَ، وَاسْتَحَرَّ القَتْلُ بِالمَلاَعِيْنِ حَتَّى فَنِيَ جَمْعُ الكَفَرَةِ - لَعَنَهُمُ اللهُ - وَحَرَقَ المُسْلِمُوْنَ ثَلاَثِيْنَ مَرْكَباً مِنْ مَرَاكِبِهِم، فَكَانَ بَيْنَ دُخُوْلِهِم إِلَى إِشْبِيْلِيَةَ وَهُرُوْبِهِم عَنْهَا ثَلاَثَةٌ وَأَرْبَعُوْنَ يَوْماً.وَهَذَا كَانَ السَّبَبُ فِي بِنَاءِ سُورِ وَادِيْهَا.
وَفِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ: جَاءَ سَيْلٌ مَهُولٌ حَتَّى احْتَمَلَ رَبَضَ قَنْطَرَةِ قُرْطُبَةَ، وَاحْتَمَلَ سِتَّ عَشْرَةَ قَرْيَةً إِلَى البَحْرِ بِمَا فِيْهَا مِنَ النَّاسِ وَالمَوَاشِي، وَهَلَكَ مَا لاَ يُعَدُّ وَلاَ يُحْصَى، فَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ.
وَكَانَ مَوْلِدُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَكَمِ: بِطُلَيْطِلَةَ، فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَمَاتَ: فِي ثَالِثِ رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمَائَتَيْنِ.