عَبْد اللَّهِ بْن كثير بْن الْمطلب الْقرشِي من أهل مَكَّة يروي عَنْ مُجَاهِد روى عَنهُ بن جريج مَاتَ بعد سنة عشْرين وَمِائَة
I pay $140/month to host my websites. If you wish to help, please use the following button (secure payments with Stripe).
Jump to entry:الذهاب إلى موضوع رقم:
500100015002000250030003500400045005000550060006500700075008000850090009500100001050011000115001200012500130001350014000145001500015500160001650017000175001800018500190001950020000205002100021500220002250023000235002400024500250002550026000265002700027500280002850029000295003000030500310003150032000325003300033500340003450035000355003600036500370003750038000385003900039500400004050041000415004200042500430004350044000445004500045500460004650047000475004800048500490004950050000505005100051500520005250053000535005400054500550005550056000565005700057500580005850059000595006000060500610006150062000625006300063500640006450065000655006600066500670006750068000685006900069500700007050071000715007200072500730007350074000745007500075500760007650077000775007800078500790007950080000805008100081500820008250083000835008400084500850008550086000865008700087500880008850089000895009000090500910009150092000925009300093500940009450095000955009600096500970009750098000985009900099500100000100500Similar and related entries:
مواضيع متعلقة أو مشابهة بهذا الموضوع
عبد الله بن كثير بن الْمطلب الْقرشِي الْمَكِّيّ القَاضِي أخرج البُخَارِيّ فِي أول السّلم عَن بن أبي نجيح عَنهُ عَن أبي الْمنْهَال عبد الرَّحْمَن بن مطعم وَلَيْسَ هُوَ بِعَبْد الله بن كثير المقرىء ذَلِك عبد الله بن كثير الدِّمَشْقِي الطَّوِيل يروي عَن الْأَوْزَاعِيّ سُئِلَ أَبُو زرْعَة عَنهُ فَقَالَ لَا بَأْس بِهِ
عبد الله بن كثير بن الْمطلب الْقرشِي الْعَبدَرِي الْمَكِّيّ الْقَارِي
حدث عَن أبي الْمنْهَال عبد الرَّحْمَن بن مطعم رَوَى عَنهُ ابْن أبي نجيح فِي أول السّلم
حدث عَن أبي الْمنْهَال عبد الرَّحْمَن بن مطعم رَوَى عَنهُ ابْن أبي نجيح فِي أول السّلم
عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ أَبُو الْعَبَّاسِ، أُمُّهُ لُبَابَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ حَزْنِ بْنِ بَجِيَّةَ بْنِ الْهَزْمِ بْنِ رُوبِيَّةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ هِلَالِ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ الْهِلَالِيُّ، كَانَ يُسَمَّى الْحَبْرَ وَالْبَحْرَ لِكَثْرَةِ عِلْمِهِ، وَحِدَّةِ فَهْمِهِ، وَحَبْرُ الْأُمَّةِ وَفَقِيهُهَا، وَلِسَانُ الْعَشِيرَةِ وَمِنْطِيقُهَا، مُحَنَّكٌ بِرِيقِ النُّبُوَّةِ، وَمَدْعُوٌّ لَهُ بِلِسَانِ الرِّسَالَةِ، فَقِهَ فِي الدِّينِ، وَعَلِمَ التَّأْوِيلَ، تُرْجُمَانُ الْقُرْآنِ، سَمِعَ نَجْوَى جِبْرِيلَ لِلرَّسُولِ وَعَايَنَهُ، كَانَ مَوْلِدُهُ عَامَ الشِّعْبِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ، وَقُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ خَتِينٌ، وَكَانُوا يَخْتِنُونَ لِلْبِلُوغِ، وَتُوُفِّيَ بِالطَّائِفِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ، وَقِيلَ: سَنَةَ سَبْعِينَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ، وَسَمَّاهُ رَبَّانِيَّ هَذِهِ الْأُمَّةِ، فَجَاءَ طَيْرٌ أَبْيَضُ فَدَخَلَ فِي أَكْفَانِهِ، وَسَمِعَ هَاتِفًا يَهْتِفُ مِنْ قَبْرِهِ {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً. . .} [الفجر: 28] الْآيَةَ، كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يُدْنِيهِ وَيَسْأَلُهُ، وَيُدْخِلُهُ مَعَ مَشْيَخَةِ أَهْلِ بَدْرٍ، وَكَانَ لَهُ الْجَوَّابُ الْحَاضِرُ، وَالْوَجْهُ النَّاضِرُ، صَبِيحُ الْوَجْهِ، لَهُ وَفْرَةٌ مَخْضُوبَةٌ بِالْحِنَّاءِ، أَبْيَضُ طَوِيلٌ مُشْرَبٌ صُفْرَةً، جَسِيمٌ وَسِيمٌ، عِلْمُهُ غَزِيرٌ، وَخَبَرُهُ كَثِيرٌ، يَصْدُرُ الْجَاهِلُ عَنْ عِلْمِهِ وَحِكْمَتِهِ يَفِيضَانِ، وَالْجَائِعِ عَنْ خُبْزِهِ وَمَائِدَتِهِ شَبْعَانُ
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا هَنَّادٌ، ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا أَبِي، ثنا أَبُو أُسَامَةَ، ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُسَمَّى الْبَحْرَ مِنْ كَثْرَةِ عِلْمِهِ
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ، ثنا أَبِي، ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ الْبَحْرَ ابْنَ عَبَّاسٍ
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَبِي، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ حَبْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ
- حَدَّثَنَا الطَّلْحِيُّ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عِمْرَانَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، ثنا عَبْدُ بْنُ خِرَاشٍ، عَنِ الْعَوَّامِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: دَعَا لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَيْرٍ كَثِيرٍ، وَقَالَ: «نِعْمَ تُرْجُمَانُ الْقُرْآنِ أَنْتَ»
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْعَوَّامِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَكْرٍ، ثنا حَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، أَنَّ كُرَيْبًا، أَخْبَرَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، فَجَعَلَنِي حِذَاءَهُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قُلْتُ: وَيَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَ حِذَاءَكَ وَأَنْتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي أَعْطَاكَ اللهُ؟ «فَدَعَا اللهَ أَنْ يَزِيدَنِي فَهْمَا وَعِلْمًا»
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شَدَّادٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ قَهْزَاذَ، ثنا حَاتِمُ بْنُ الْعَلَاءِ، سَمِعْتُ عَبْدَ الْمُؤْمِنِ بْنَ خَالِدٍ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ بُرَيْدٍ، يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: «إِنَّهُ كَائِنٌ حَبْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَاسْتَوْصَ بِهِ خَيْرًا»
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْمَعْمَرِيُّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ الْقُرَشِيُّ، ثنا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الزَّنْجِيُّ، أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمَّا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَهْلُ بَيْتِهِ فِي الشِّعْبِ أَتَى أَبِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَا أَرَى أُمَّ الْفَضْلِ إِلَّا قَدِ اشْتَمَلَتْ عَلَى حَمْلٍ قَالَ: «لَعَلَّ اللهَ أَنْ يُقِرَّ أَعْيُنَنَا مِنْهَا بِغُلَامٍ» ، فَأَتَى بِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا فِي خِرْقَتِي فَحَنَّكَنِي قَالَ مُجَاهِدٌ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا حُنِّكَ بِرِيقِ النُّبُوَّةِ غَيْرَهُ
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، ثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ح، وَحَدَّثَنَا فَارُوقٌ، وَسُلَيْمَانُ، قَالَا: ثنا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَشِّيُّ، ثنا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَا: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، ثنا عَمَّارُ بْنُ أَبِي عَمَّارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ يُنَاجِيهِ فَكَانَ كَالْمُعْرِضِ عَنْ أَبِي فَخَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ فَقَالَ أَبِي: أَلَمْ تَرَ إِلَى ابْنِ عَمِّكَ كَالْمُعْرِضِ عَنِّي؟ فَقُلْتُ: يَا أَبِي كَانَ عِنْدَهُ رَجُلٌ يُنَاجِيهِ قَالَ: وَكَانَ عِنْدَهُ أَحَدٌ؟ قُلْتُ: نَعَمْ فَرَجَعْنَا فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي قُلْتُ لِعَبْدِ اللهِ كَذَا وَكَذَا فَقَالَ لِي: كَذَا وَكَذَا، هَلْ كَانَ عِنْدَكَ أَحَدٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ، رَأَيْتَهُ يَا عَبْدَ اللهِ؟» قَالَ: نَعَمْ قَالَ: «ذَاكَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، هُوَ الَّذِي شَغَلَنِي عَنْكَ»
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا هَاشِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْهِلَالِيُّ، ثنا أَبُو عَامِرٍ الْأَسَدِيُّ، ثنا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ،. . . . عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، قَالَ: سَأَلَ مُعَاوِيَةُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ مَسَائِلَ، فَأَجَابَهُ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: صَدَقْتَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ أَشْهَدُ أَنَّكَ لِسَانُ أَهْلِ بَيْتِكَ، ثُمَّ قَالَ لِمَنْ عِنْدَهُ: مَا كَلَّمْتُهُ قَطُّ إِلَّا وَجَدْتُهُ مُسْتَعِدًّا
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا أَبِي، ثنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أنبأ الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ، قَالَ: نِعْمَ تُرْجُمَانُ الْقُرْآنِ ابْنُ عَبَّاسٍ
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي إِسْرَائِيلَ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنبأ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: قَالَ الْمُهَاجِرُونَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: ادْعُ أَبْنَاءَنَا كَمَا تَدْعُو ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: ذَاكُمْ فَتَى الْكُهُولِ، إِنَّ لَهُ لِسَانًا سَؤُولًا وَقَلْبًا عَقُولًا
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانَ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: ذُكِرَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَوْمًا فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَعْلَمَ بِسُنَّةٍ وَأَجْلَدَ رَأْيًا وَأَثْقَبَ نَظَرًا حَيْثُ نَظَرَ مِنَ ابْنِ عَبَّاسٍ مَنْ كَانَتِ الْأَقْضِيَةُ إِذَا كَانَ عُمَرُ عَضَلَهَا يَقُولُ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّهَا قَدْ طَرَأَتْ عَلَيْنَا عَضْلُ أَقْضِيَةٍ، وَأَنْتَ لَهَا وَلِأَمْثَالِهَا ثُمَّ يَرْضَى بِقَوْلِهِ، قَالَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: عُمَرُ فِي جَدِّهِ فِي ذَاتِ اللهِ وَنَظَرِهِ لِلْمُسْلِمِينَ "
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ مَخْتُونٌ
- وَرَوَاهُ هُشَيْمٌ، وَشُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ مَخْتُونٌ، وَقَدْ قَرَأْتُ الْمُحْكَمَ وَالصَّحِيحُ: حَدِيثُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدٍ لِمُوَافَقَتِهِ حَدِيثَ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: جِئْتُ أَنَا عَلَى أَتَانٍ وَقَدْ نَازَهْتُ الِاحْتِلَامَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِمِنًى فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ، ثنا زُهَيْرٌ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، قَالَ: كَانَ عِنْدَنَا حَمْلٌ مِنْ كُتُبِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالُوا: وُلِدَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ وَهُمْ فِي الشِّعْبِ
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا أَبُو الزِّنْبَاعِ، ثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: تُوُفِّيَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ بِالطَّائِفِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ، وَسِنُّهُ ثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ سَنَةً، وَكَانَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ قَالَ: «وُلِدْتُ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ، وَنَحْنُ فِي الشِّعْبِ، وَتُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا ابْنُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ»
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: مَاتَ ابْنُ عَبَّاسٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ، ثنا مُحَمَّدٌ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ رَافِعٍ، ثنا ضَمْرَةُ، قَالَ: مَاتَ ابْنُ عَبَّاسٍ سَنَةَ سَبْعِينَ بِالطَّائِفِ
- حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عِيسَى، ثنا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، ثنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ أَبُو عُمَرَ، ثنا الْفُرَاتُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ: شَهِدْتُ جِنَازَةَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ بِالطَّائِفِ، فَلَمَّا وُضِعَ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ، جَاءَ طَائِرٌ أَبْيَضُ حَتَّى وَقَعَ عَلَى أَكْفَانِهِ، ثُمَّ دَخَلَ فِيهَا فَالْتُمِسَ فَلَمْ يُوجَدْ فَلَمَّا سُوِّيَ عَلَيْهِ سَمِعْنَا صَوْتَهُ نَسْمَعُ صَوْتَهُ، وَلَا نَرَى شَخْصَهُ {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ، ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً، فَادْخُلِي فِي عِبَادِي، وَادْخُلِي جَنَّتِي} [الفجر: 28]
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجُ، ثنا الْفَضْلُ بْنُ إِسْحَاقَ الدُّورِيُّ، ثنا مَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: مَاتَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِالطَّائِفِ فَشَهِدْتُ جِنَازَتَهُ فَجَاءَ طَيْرٌ لَمْ يُرَ عَلَى خِلْقَتِهِ، وَدَخَلَ فِي نَعْشِهِ، ثُمَّ لَمْ يُرَ خَارِجًا مِنْهُ، فَلَمَّا دُفِنَ تُلِيَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ، لَا يُرَى مَنْ تَلَاهَا {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي} [الفجر: 28] قَالَ: وَذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيٍّ، وَعِيسَى بْنُ عَلِيٍّ أَنَّهُ طَيْرٌ أَبْيَضُ
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَضْرَمِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَادَةَ الْوَاسِطِيُّ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَمَّا كُفَّ بَصَرُهُ يَقُولُ لِقَائِدِهِ: إِذَا أَدْخَلَتْنِي عَلَى مُعَاوِيَةَ فَسَدِّدْنِي لِفِرَاشِهِ ثُمَّ أَرْسِلْ يَدَيَّ لَا تُشْمِتْ بِي مُعَاوِيَةَ، فَفَعَلَ ذَلِكَ يَوْمًا، فَلَمَّا جَلَسَ مَعَهُ عَلَى فِرَاشِهِ قَالَ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ آجَرَكَ اللهُ فِي الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ فَقَالَ: أَمَاتَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: رَحْمَةُ اللهِ وَرِضْوَانُهُ عَلَيْهِ، وَأَلْحَقَهُ بِصَالِحِ سَلَفِهِ، أَمَا وَاللهِ يَا مُعَاوِيَةُ لَا يَسُدُّ جَفْرَتَكَ، تَأْكُلُ رِزْقَهُ وَلَا تُخَلَّدُ بَعْدَهُ، وَلَقَدْ رُزِئْنَا بِأَعْظَمَ فَقْدًا مِنْهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا خَذَلَنَا اللهُ بَعْدَهُ "
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، ثنا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، ثنا كَهْمَسُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ، قَالَ: شَتَمَ رَجُلٌ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّكَ تَشْتُمُنِي وَفِيَّ ثَلَاثُ خِصَالٍ: إِنِّي لَآتِي عَلَى آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ فَلَوَدِدْتُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَعْلَمُونَ مِنْهَا مَا أَعْلَمُ، وَإِنِّي لَأَسْمَعُ بِالْحَاكِمِ مِنْ حُكَّامِ الْمُسْلِمِينَ يَعْدِلُ فِي حُكْمِهِ فَأَفْرَحُ بِهِ وَلَعَلِّي لَا أُقَاضِي إِلَيْهِ أَبَدًا، وَإِنِّي لَأَسْمَعُ بِالْغَيْثِ قَدْ أَصَابَ الْبَلَدَ مِنْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، فَأَفْرَحُ بِهِ، وَمَا لِي بِهِ مِنْ سَائِمَةٍ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، قَالَا: ثنا مُعْتَمِرٌ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، قَالَ: كَانَ هَذَا الْمَوْضِعُ مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَجْرَى الدُّمُوعِ كَأَنَّهُ الشِّرَاكُ الْبَالِي مِنَ الدُّمُوعِ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَيُّوبَ، قَالَ: نُبِّئْتُ أَنَّ طَاوُسًا، كَانَ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَشَدَّ تَعْظِيمًا لِحُرُمَاتِ اللهِ مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَاللهِ إِنْ لَوْ أَشَاءُ إِذَا ذَكَرْتُهُ أَنْ أَبْكِيَ لَبَكَيْتُ
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ، ثنا شَرِيكٌ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ بَيْتًا أَكْثَرَ خُبْزًا وَلَحْمًا وَعِلْمًا مِنْ بَيْتِ ابْنِ عَبَّاسٍ
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ، ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ طَاوُسٍ، قَالَ: أَدْرَكْتُ سَبْعِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَدَارَءُوا فِي شَيْءٍ أَتَوَا ابْنَ عَبَّاسٍ
- حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عِيسَى، ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، ثنا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْوَرْدِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ مَجْلِسًا أَكْرَمَ مِنْ مَجْلِسِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَكْثَرَ فِقْهًا وَأَعْظَمَ جَفْنَةً، إِنَّ أَصْحَابَ الْقُرْآنِ عِنْدَهُ وَأَصْحَابَ الشِّعْرِ عِنْدَهُ، وَأَصْحَابَ الْفِقْهِ عِنْدَهُ يُصَدِّرُهُمْ كُلُّهُمْ فِي وَادٍ وَاسِعٍ
- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ
- حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَوْصِلِيُّ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ شَيْخًا أَعْمَى مَخْضُوبَ اللِّحْيَةِ بِالْحِنَّاءِ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ذُو وَفْرَةٍ، وَكَانَ ذَا قَرْنَيْنِ - يَعْنِي ضَفِيرَتَيْنِ - وَكَانَ طَوِيلًا مُشْرَبًا صُفْرَةً، وَكَانَ جَسِيمًا وَسِيمًا صَبِيحُ الْوَجْهِ
- وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مِمَّا حَدَّثَنَاهُ أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ عَنْهُ، يَذْكُرُ السَّحَابَ الَّتِي سَقَتْ قَبْرَ ابْنِ عَبَّاسٍ
[البحر البسيط]
صَبَّتْ ثَلَاثًا سَمَاءَ اللهِ رَحْمَتَهَا ... بِالْمَاءِ مَرَّتْ عَلَى قَبْرِ ابْنِ عَبَّاسِ
قَدْ كَانَ يُخْبِرُنَا هَذَا وَنَعْلَمُهُ ... عِلْمَ الْيَقِينِ فَمِنْ وَاعٍ وَمِنْ نَاسِ
إِنَّ السَّمَاءَ تَرْوِي الْقَبْرَ رَحْمَتَهُ ... هَذَا لَعَمْرُكَ أَمْرٌ فِي يَدِ النَّاسِ
- وَمِمَّا أَسْنَدَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا أَبَانُ، وَحَزْمٌ، وَشُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْعَائِدِ فِي قَيْئِهِ»
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الغَلَابِيُّ، ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ بَكَّارٍ، ثنا أَبُو هِلَالٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَشِّرِ الْمَشَّائِينَ إِلَى الْمَسَاجِدِ فِي الظُّلَمِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا طَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَسَطَ رَأْسِهِ وَسَمَّاهُ الْمُنْقِذَ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، ثنا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا طَلْحَةُ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقًا»
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْهَيْثَمِ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ، ثنا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا شَيْبَانُ، عَنْ عِيسَى بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُمْنُ الْخَيْلِ فِي شُقْرِهَا»
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْوَلِيدِ الْفَسَوِيُّ، ثنا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي شِهَابٍ الْحَنَّاطِ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " يَا غُلَامُ: احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ، تَعَرَّفْ إِلَى اللهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، إِنَّ الْقَلَمَ قَدْ جَفَّ بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ " وَرَوَاهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَعِكْرِمَةُ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
عبد الله بن عباس بن عبد المطلب
ابن هاشم بن عبد مناف أبو العباس الهاشمي بن عم سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحبر الأمة وعالمها، وترجمان القرآن.
قدم دمشق وافداً على معاوية في السنة التي قتل فيها علي عليه السلام.
قال سعيد بن أبي الحسن: كنت عند ابن عباس إذ أتاه رجل فقال: إني إنسان، إنما معيشي من صنعة يدي، وإني أصنع هذه التصاوير، قال ابن عباس: لا أحدثك إلا ما سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من صور صورة فإن الله يعذبه يوم القيامة حتى ينفخ فيها " وليس بنافع أبداً، قال: فربا لها الرجل ربوة شديدة واصفر وجهه، ثم قال: ويحك، إن أتيت الآن تصنع فعليك بهذا الشجر، وكل شيء ليس فيه روح.
قال عبد الله بن عباس: دخلت على معاوية حين كان الصلح، وأول ماالتقيت أنا وهو، فإذا عنده أناس فقال: مرحباً يا بن عباس، ما تحاكت الفتنة بيني وبين أحد كان أعز علي بعداً ولا أحب إلي قرباً منك، الحمد لله الذي أمات علياً، قلت: إن الله عز وجل لا يذم في قضائه، وغير هذا الحديث أحسن منه، هل لك فيه؟ قال: ما هو؟ قلت: تعفيني من ذكر ابن عمي وأعفيك من ذكر ابن عمك. قال: ذلك لك، أنشدك الله يا بن عباس إلا حدثتني عن أبي سفيان، فقد حضرك من حضرك. قلت: تجر فربح، وأسلم فأفلح، وولد فأنجح، وكان في الشرك فكان نكساً حتى يقضي فقال: رحمك الله يا بن عباس، فوالله ما يعجزك في علمك أن تسر به جليسك، ولولا أن تراني قارضتك لأجزتك عن نفسك.
وعن مجاهد قال: قال ابن عباس: لما كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأهل بيته بالشعب قال: أتى أبي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا محمد، أرى أم
الفضل قد اشتملت على حمل، فقال: لعل الله أن يقرأ أعينكم. قال: فأتى بي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا في خرقة، فحنكني بريقه.
قال مجاهد: فلا نعلم أحداً حنك بريق النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غيره.
وفي رواية: فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عسى الله أن يبيض وجوهنا بغلام، فولدت عبد الله بن عباس.
قالوا: وولد قبل الهجرة بثلاث سنين وهو في الشعب.
وعن ابن عباس قال: قبض رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا ابن عشر سنين مختون.
وفي رواية: وقد قرأت القرآن.
وفي رواية: وقد جمعت المحكم. قيل: وما المحكم. قيل: وما المحكم؟ قال المفصل.
وفي رواية: توفي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا ابن خمس عشرة سنة وأنا ختين.
وعن ابن عباس قال: أقبلت راكباً على أتان، وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام، ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي بالناس بمنى، فمررت بين يدي بعض الصف، فنزلت وأرسلت الأتان ترتع، ودخلت في الصف، فلم ينكر ذلك علي.
قال محمد بن عمر: لا اختلاف عند أهل العلم عندنا أن ابن عباس ولد في الشعب وبنو هاشم محصورون، فولد ابن عباس قبل خروجهم منه بيسير، وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين، فتوفي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وابن عباس ابن ثلاث عشرة سنة. ألا تراه يقول في الحديث: راهقت الاحتلام في حجة الوداع.
قال عبيد الله بن أبي يزيد: سمعت ابن عباس يقول: أنا وأمي من المستضعفين، كانت أمي من النساء وأنا من الولدان.
ودعا سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعبد الله بن العباس وقال: اللهم أعطه الحكمة وعلمه التأويل وكان بحراً لا ينزف، ورأى جبريل عليه السلام، وقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عسى ألا يموت حتى يؤتى علماً ويذهب بصره. وكان عمر يأذن له مع المهاجرين ويسأله ويقول: غص غواص، وكان إذا رآه مقبلاً قال: أتاكم فتى الكهول، له لسان سؤول وقلب عقول.
وقيل في كنيته عبد الله بن العباس: أبو عبد الرحمن. وكان قد عمي قبل وفاته. ومات سنة ثمان وستين بالطائف في فتنة ابن الزبير، فصلى عليه محمد بن الحنيفية.
وغزا عبد الله بن عباس إفريقيةمع عبد الله بن سعد سنة سبع وعشرين.
وأمه أم الفضل أخت ميمونة زوج النبي صلى عليه وسلم واسمها لبابة الصغرى بنت الحارث بن حزن بن بجير بن الهزم بن رويبة بن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوزان بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
وكان بنو العباس بن عبد المطلب عشرة: الفضل، وعبد الله، وعبيد الله، ومعبد، وقثم، وعبد الرحمن، وأمهم أم الفضل بنت الحارث. وكثير، والحارث، وعون، وتمام وهو أصغرهم فكان العباس يحمله يحمله ويقول: الرجز
تموا بتمام فصاروا عشرة ... يا رب فاجعلهم كراماً برره
واجعلهم ذكراً وأنم الثمره
مات كثير وقثم بينبع أخذته الذبحة، واستشهد الفضل بأجنادين، وعبد الرحمن
ومعبد بإفريقية، وعبد الله بالطائف، وعبيد الله باليمن. ويقال: مات قثم بسمرقند، وكان خرج مع سعيد بن عثمان بن عفان في زمن معاوية. قبره بها.
وكان مسلم بن قمادين المكي يقول: ما رأيت مثل بني أم واحدة إشراقةً، ولدوا في دار واحدة، أبعد قبوراً من بني أم الفضل.
وكان عبد الله أبيض طويلاً مشرباً صفرة، جسيماً، وسيماً، صبيح الوجه، له وفرة، يخضب بالحناء، وكان يسمى الحبر والبحر لكثرة علمه وحدة فهمه، حبر الأمة وفقيهها، ولسان العشرة ومنطيقها، محنك بريق النبوة، ومدعو له بلسان الرسالة: فقهه في الدين وعلمه التأويل. ترجمان القرآن، سمع نجوى جبريل عليه السلام للرسول وعاينه. ومولده كان عام الشعب قبل الهجرة بثلاث سنين. وقبض النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو ختين. وكانوا يختتنون للبلوغ، وتوفي بالطائف سنة ثمان وستين. وقيل سنة سبعين، وصلى عليه محمد بن الحنفية وسماه رباني هذه الأمة، وجاء طير أبيض فدخل في أكفانه، وسمع هاتف يهتف من قبره يقول: " يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضيةً مرضيةً " الآية.
وكان عمر بن الخطاب يدنيه ويسأله ويستشيره، ويدخله مع مشيخة أهل بدر، وكان له الجواب الحاضر والوجه الناضر، صبيح الوجه، له وفرة مخضوبة بالحناء، أبيض طويل، مشرب صفرة، جسيم، وسيم، علمه غزير وخيره كثير، يصدر الجاهل عن علمه وحكمته يقظان، والجائع عن خيره ومائدته شبعان.
وكانت عائشة تقول: هو أعلم من بقي بالسنة، وكان ابن عمر يقول: هو أعلم الناس بما أنزل على محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وشهد ابن عباس مع علي بن أبي طالب عليه السلام صفين وقتال الخوارج
بالنهروان، وورد في صحبته المدائن، وكان ابن عباس إذا قعد أخذ مقعد الرجلين، وكان يخضب بالسواد.
قال ابن جريج:
كنا جلوساً مع عطاء بن أبي رباح في المسجد الحرام فتذاكرنا ابن عباس وفضله، وعلي بن عبد الله في الطواف وخلفه محمد بن علي بن عبد الله بن عباس فعجبنا من تمام قامتهما وحسن وجوههما، قال عطاء: وأين حسنهما من حسن عبد الله بن عباس، ما رأيت القمر ليلة أربع عشرة وأنا في المسجد الحرام طالعاً من جبل أبي قبيس إلا ذكرت وجه عبد الله بن عباس، ولقد رأيتنا جلوساً معه في الحجر إذ أتاه شيخ فديم بدوي من هذيل يهدج على عصاه فسأله عن مسألة فأجابه، فقال الشيخ لبعض من معه: من هذا الفتى؟ قالوا: هذا عبد الله بن عباس بن عبد المطلب. قال الشيخ: سبحان الله الذي غيّر حسن عبد المطلب إلى ما أرى. قال عطاء: فسمعت ابن عباس يقول: سمعت أبي يقول: كان عبد المطلب أطول الناس قامة، وأحسن الناس وجهاً وما رآه أحد قط إلا أحبه. وكان له مفرش في الحجر لا يجلس عليه غيره، ولا يجلس عليه معه أحد، وكان الندي من قريش حرب بن أمية فمن دونه يجلسون حوله دون المفرش، فجاء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو صغير، لم يبلغ، فجلس على المفرش فجبذه رجل، فبكى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال عبد المطلب - وذلك بعدما كف بصره -:ما لابني يبكي؟! قالوا له: أراد أن يجلس على المفرش فمنعوه، فقال عبد المطلب: دعوا ابني يجلس عليه، فإنه يحس من نفسه بشرف، وأرجو أيبلغ من الشرف ما لم يبلغ عربي قبله ولا بعده، ومات عبد المطلب والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابن ثماني سنين، وكان خلف جنازة عبد المطلب يبكي حتى دفن بالحجون.
قال عكرمة: كان ابن عباس إذا مرّ في الطريق قلن النساء على الحيطان: أمر المسك أم مرّ ابن عباس؟
قال ابن عباس: أجلسني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حجره، ومسح رأسي، ودعا لي بالبركة.
وعن ابن عباس قال: أتيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من آخر الليل، فصليت خلفه، فأخذ بيدي فجرني حتى جعلني حذاءه. فلما أقبل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على صلاته خنست، فأخذ بيدي فجعلني حذاءه. فلما أقبل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على صلاته خنست، فصلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فلما انصرف قال لي: ما شأني أجعلك حذائي فتخنس؟! فقلت: يا رسول الله، أو ينبغي لأحد أن يصلي حذاءك وأنت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي أعطاك الله عز وجل؟ قال: فأعجبه، فدعا الله لي أن يزيدني علماً وفهماً. قال: ثم رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نام حتى سمعته نفخ، ثم أتاه بلال فقال: يا رسول الله، الصلاة، فقام فصلى ما أعاد وضوءاً.
قال ابن عباس: دعا لي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يؤتيني الحكمة والتأويل، قال: والحكمة: القرآن، والتأويل: تفسيره.
وعن ابن عباس قال: دعا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بخير كثير. وقال: نعم ترجمان القرآن أنت.
وعن ابن عباس أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وضع يده على رأس عبد الله فقال: اللهم، أعطه الحكمة، وعلمه التأويل، ووضع يده على صدره، فوجد عبد الله بن العباس بردها في ظهره، ثم قال: اللهم احش جوه حكماً وعلماً، فلم يستوحش في نفسه إلى مسألة أحد من الناس، ولم يزل حبر هذه الأمة حتى قبضه الله عز وجل.
وعن عمر قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن أرأف أمتي بها أبو بكر، وإن أصلبها في أمر الله لعمر، وإن أشدها حياء لعثمان،
وإن أقرأها لأبي، وإن أفرضها لزيد، وإن أقضاها لعلي، وإن أعلمها بالحلال والحرام لمعاذ، وإن أصدقها لهجة لأبو ذر، وإن أمير هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح، وإن حبر هذه الأمة لعبد الله بن عباس.
وعن ابن عباس قال: انتهيت إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعنده جبريل عليه السلام، فقال له جبريل: إنه كائن حبر الأمة فاستوص به خيراً.
وعن ابن عمر قال: دعا النبي لعبد الله بن العباس فقال: اللهم، بارك فيه وانشر منه.
وعن ابن عباس قال: مررت برسول الله وعليه ثياب بياض نقية، وهو يناجي دحية بن خليفة الكلبي، وهو جبريل، وأنا لا أعلم، قال: فلم أسلم. قال جبريل: يا محمد، من هذا؟ قال: هذا ابن عمي، هذا ابن عباس قال: ما أشد وضح ثيابه، أما إن ذريته ستسود بعده، لو سلم لرددنا عليه. قال: فلما رجعت قال: فلما رجعت قال لي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما منعك أن تسلم؟ قال: قلت يا رسول الله، رأيتك تناجي دحية الكلبي، فكرهت أن تقطعا منجاتكما. قال: وقد رأيته؟ قال: قلت: نعم، قال: أما إنه سيذهب بصرك، ويرده الله عليك في موتك. قال: فلما قبض ابن عباس ووضع على سريره جاء طير أبيض شديد الوضح فدخل في أكفانه فلمسوه، فقال لي عكرمة: ما تصنعون؟ هذه بشرى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال: فلما وضع في لحده تلقي بكلمة سمعها من كان على شفير القبر " يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ".
وفي حديث آخر بمعناه: ورجل يناجيه ولم يذكر دحية الكلبي.
وفي حديث آخر بمعناه عن سعيد بن جبير قال: مر العباس وابنه على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جبريل، فسلم العباس يعني: على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فلم يرد عليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: فشق عليه. قال: فلما جاز قال: يقول له ابنه: أبه، من الرجل الذي كان عند النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: فشق على العباس وخشي أن يكون قد عرض لابنه شيء لأنه لم ير هو مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحداً، قال: فجاء العباس فقال: يا رسول الله، مررت بك فسلمت فلم ترد علي السلام. فلما مضيت قال لي ابني: من الرجل الذي مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: فلقد رآه؟ ذاك جبريل. قال: فمسح النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأسه ودعا له بالعلم.
وعن أنس قال: نظر علي بن أبي طالب إلى جبريل عله السلام مرة، ونظر إليه ابن عباس مرة.
وعن عبد الله بن عباس قال: دخلت على خالتي ميمونة في يومها من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو نائم، ورأسه في حجرها، فقلت يا أمه، أو يا خالة، دعيني أغمز رجل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت: شأنك، فتناولت رجليه فجعلتهما في حجري، فانتبه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا عبد الله، أحبك الذي أحببتني له، أما إن جبريل قد أوصى بك خيراً، وقال: إن عبد الله من خيار هذه الأمة وإن ولده يرزقون الخلافة في آخر الزمان، ويرزقون حسن مشية الدواب.
وعن ابن عباس قال: كنت ردف رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال لي: يا غلام، ألا أعلمك شيئاً ينفعك الله به؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك، تعرف إلى الله في الرخاء، يعرفك في الشدة، وإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، فقد جف القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة، ولو جهد الخلائق أن ينفعوك بشيء لم يكتبه الله عليك لم يقدروا، ولو جهد الخلائق أن يضروك بشيء لم يكتبه الله عليك لم يقدروا على ذلك.
وعن ابن عباس قال: كنت ردف النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: إني سألت الله عز وجل لكم يابني عبد المطلب أن يهدي ضالكم، وأن يثبت قائلكم، وكلمة سقطت عن ابن القاسم، وأن يجعلكم نجباً نجداً جوداً، ولو أن أحداً صفن صلاة ما بين الركن والمقام ثم مات وهو مبغض لكم دخل النار.
وعن ابن عباس شرب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وابن عباس عن يمينه وخالد بن الوليد عن شماله، فقال له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الشربة لك، فإن شئت آثرت بها خالداً، قال: ما أوثر على سؤر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحداً.
وعن ابن عباس قال: لما قبض رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قلت لرجل من الأنصار: هلم فلنسأل أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نتعلم منهم فإنهم كثير، فقال: العجب والله لك يا بن عباس أترى الناس يحتاجون إليك وفي الأرض من ترى من أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتركت ذلك، وأقبلت على المسألة وتتبع أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإن كان ليبلغني الحديث عن الرجل سمعه عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فآتيه فأجده قائلاً، فأتوسد ردائي على بابه، تسفي الرياح على وجهي حتى يخرج، فإذا خرج قال: ما جاء بك يا بن عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأقول: جئت، بلغني أنك تحدث عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأحببت أن أسمعه منك، فيقول: هلا بعثت إلي حتى آتيك؟ فأقول: أنا كنت أحق أن آتيك. فكان هذا الرجل يمر بي وقد ذهب أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واحتاج الناس إلي فيقول: أنت كنت أعقل مني.
وعن ابن عباس قال: كنت أكرم الأكابر من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من المهاجرين والأنصار، وأسألهم عن مغازي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما نزل من القرآن في ذلك، وكنت لا آتي أحداً منهم إلا سر بإتياني لقربى من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجعلت أسأل أبي بن كعب يوماً وكان من الراسخين في العلم عما نزل من القرآن بالمدينة فقال: نزل سبع وعشرون سورة، وسائرها بمكة.
وكان ابن عباس يأتي أبا رافع مولى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيقول: ما صنع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم كذا وكذا؟ ومع ابن عباس ألواح يكتب ما يقول.
قال معمر: عامة علم ابن عباس عن ثلاثة: عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وأبي بن كعب.
قال ابن عباس: طلبت العلم فلم أجده أكثر منه في الأنصار، فكنت آتي الرجل فأسأل عنه فيقال لي: نائم، فأتوسد ردائي ثم أضطجع حتى يخرج إلي الظهر فيقول: متى كنت ها هنا يا بن عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأقول: منذ طويل فيقول: بئس ما صنعت، هلا أعلمتني؟ فأقول: أردت أن تخرج إلي وقد قضيت حاجتك.
وعن طاوس قال: قال ابن عباس: إن كنت لأسأل عن الأمر الواحد ثلاثين من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقيل لابن عباس لطلب العلم، فعززت مطلوباً.
وعن ابن عباس قال: كل القرآن أعلمه إلا ثلاثاً الرقيم وغسلين وحناناً.
وعن ابن عباس قال: قد حفظت السنة كلها، غير أني لا أدري أكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ في الظهر والعصر أم لا، ولا أدري كيف كان يقرأ هذا الحرف " وقد بلغت من الكبر عتياً " أو عسياً.
قال ابن عباس: دخلت على عمر بن الخطاب يوماً فسألني عن مسألة كتب إليه بها يعلى بن أمية من اليمن، فأجبته فيها، فقال عمر: أشهد أنك تنطق عن بيت نبوة.
وعن سعيد بن جبير قال: قال عمر لابن عباس: لقد علمت علماً ما علمناه.
وعن سعيد بن جبير قال: كان أناس من المهاجرين قد وجدوا على عمرفي إدنائه ابن عباس دونهم قال: وكان
يسأله فقال عمر: أما إني سأريكم اليوم منه ما تعرفون فضله، فسألهم عن هذه الصورة: " إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا " قال بعضهم: أمر الله نبيه إذا رأى الناس يدخلون في دين الله أفواجاً أن يحمدوه ويستغفروه. قال: فقال عمر: يا بن عباس، ألا تكلم قال: فقال: أعلمه من يموت. قال: " إذا جاء نصر الله والفتح " وفي رواية: والفتح فتح مكة " ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا " فهي آيتك من الموت: فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا " قال: ثم سألهم عن ليلة القدر فأكثروا فيها. فقال بعضهم: كنا نرى أنها في العشر الأوسط، ثم بلغنا أنها في العشر الأواخر، قال: فأكثروا فيها، فقال بعضهم: ليلة إحدى وعشرين، وقال بعضهم: ثلاث وعشرين، وقال بعضهم: سبع وعشرين، فقال بعضهم لابن عباس: ألا تكلم! قال: الله أعلم. قال: قد نعلم أن الله أعلم، إنما نسألك عن علمك فقال ابن عباس: الله وتر يحب الوتر، خلق من خلقه سبع سموات فاستوى عليهن، وخلق الأرض سبعاً، وخلق عدة الأيام سبعاً، ورمي الجمار سبعاً، وبين الصفا والمروى سبعاً، وخلق الإنسان من سبع، وجعل رزقه من سبع. قال: فقال عمر: وكيف خلق الإنسان من سبع، وجعل رزقه من سبع فقد فهمت من هذا الأمر ما فهمته؟ قال ابن عباس: إن الله يقول: " ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين " حتى بلغ إلى قوله: " فتبارك الله أحسن الخالقين " قال: ثم قرأ: " أنا صببنا الماء صباً ثم شققنا الأرض شقاً فأنبتنا فيها حباً وعنباً وقضباً وزيتوناً ونخلاً وحدائق غلباً وفاكهة وأباً " وأما السبعة فلبني آدم، وأما الأب فما أنبتت الأرض للأنعام، وأما ليلة القدر فما نراها إن شاء الله إلا ليلة ثلاث وعشرين يمضين وسبع بقين.
وعن ابن عباس قال: كان عمر يجلس مع الأكابر من أصحاب محمد، ويقول لي: لا تكلم حتى يتكلموا، ثم
يسألني، ثم يقبل عليهم فيقول: ما يمنعكم أن تأتونيبمثل ما يأتيني به هذا الغلام الذي لم تستو شؤون رأسه؟! وفي حديث آخر عن ابن عباس قال: كان عمر بن الخطاب يأذن لأهل بدر، ويأذن لي معهم. فقال بعضهم: يأذن لهذا الفتى معنا ومن أبنائنا من هو مثله، فقال عمر: إنه ممن قد علمتم. قال: فأذن لهم ذات يوم، وأذن لي معهم فسألهم عن هذه السورة: " إذا جاء نصر الله والفتح " وساق الحديث بمعنى ما تقدم.
وعن الزهري قال: قال المهاجرون لعمر: ألا ندعو أبناءنا كما تدعو ابن عباس؟ قال: ذاكم فتى الكهول، إن له لساناً سؤولاً وقلباً عقولاً.
وعن ابن عباس قال: قدم على عمر رجل، فجعل عمر يسأله عن الناس، فقال: يا أمير المؤمنين، قرأ منهم القرآن كذا وكذا، فقال ابن عباس: والله ما أحب أن يسارعوا يومهم هذا في القرآن هذه المسارعة. قال: فزبرني عمر ثم قال: مه، قال: فانطلقت إلى منزلي مكتئباً حزيناً، فقلت: قد كنت نزلت من هذا الرجل بمنزلة ما أراني إلا أني قد سقطت من نفسه، قال: فرجعت إلى منزلي فاضطجعت على فراشي حتى عادني نسوة أهلي وما بي وجع، وما هو إلا الذي نقلني به عمر، قال: فبينا أن كذلك إذ أتاني رجل فقال: أجب أمير المؤمنين، قال: فخرجت فإذا هو قائم قريباً ينتظرني، فأخذ بيدي ثم خلا بي فقال: ما كرهت مما قال الرجل؟ قال: قلت: يا أمير المؤمنين، إن كنت أسأت فأستغفر الله وأتوب إليه، وأنزل حيث أحببت، قال: لتحدثني ما الذي كرهت مما قال الرجل، فقلت: يا أمير المؤمنين إنهم متى سارعوا هذه المسارعة يحتقوا ومتى يحتقوا اختلفوا، ومتى اختلفوا يقتتلوا، قال: لله أبوك، والله لقد كنت أكاتمها الناس حتى جئت بها.
وعن أبي الزناد: أن عمر بن الخطاب دخل على ابن عباس يعوده وهو يحم، فقال له عمر: أخل بنا مرضك، فالله المستعان.
وعن عبد الله بن عباس قال: قال لي أبي: إن عمر بن الخطاب يدنيك فاحفظ عني ثلاثاً: لا تشفين له سراً، ولا تغتابن عنده أحداً، ولا يجربن عليك كذباً.
قال الشعبي: قلت لابن عباس: كل واحدة خير من ألف. قال: بل خير من عشرة آلاف.
وفي حديث آخر: ولا ابتدأته بشيء حتى يسألك عنه، عوضاً عن الكذب.
وفي حديث آخر: أن العباس بن عبد المطلب قال لابنه عبد الله بن العباس: يا بني أنت أعلم مني وأنا أفقه منك، إن هذا الرجل يدنيك، يعني: عمر بن الخطاب، فاحفظ عني ثلاثاً الحديث.
وعن عطاء بن يسار: أن عمر وعثمان كانا يدعوان ابن عباس فيسير مع أهل بدر، وكان يفتي في عهد عمر وعثمان إلى يوم مات.
قال المدائني: قال علي بن أبي طالب في عبد الله بن عباس: إنه ينظر إلى الغيب من ستر رقيق، لعقله وفطنته بالأمور.
وعن عكرمة: أن علياً حرق ناساً ارتدوا عن الإسلام، فبلغ ذلك ابن عباس فقال: لم أكن لأحرقهم بالنار، إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا تعذبوا بعذاب الله "، وكنت قاتلهم لقول
رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من بدل دينه فاقتلوه "، فبلغ ذلك عليا فقال: ويح ابن أم الفضل إنه لغواص على الهنات.
وعن سعد بن أبي وقاص قال: ما رأيت أحداً أحضر فهماً، ولا ألب لباً، ولا أكثر علماً، ولا أوسع حلماً من ابن عباس. ولقد رأيت عمر بن الخطاب يدعوه للمعضلات ثم يقول: عندك، قد جاءتك معضلة، ثم لا يجاوز قوله، وإن حوله لأهل بدر من المهاجرين والأنصار.
وعن مسروق قال: قال عبد الله: لو أن ابن عباس أدرك أسناننا ما عاشره منا أحد.
وفي رواية عنه قال: لوأن هذا الغلام من بني عبد المطلب أدرك ما أدركنا ما تعلقنا منه بشيء.
سألت امرأة ابن عمر عن مسألة فقال: ائتي ابن عباس، فإنه أعلم الناس بما أنزل الله عز وجل على محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وعن ابن عمر: أن رجلاً أتاه يسأله عن " السموات والأرض كانتا رتقاً ففتقناها "، قال: اذهب إلى ذلك الشيخ فسله ثم تعال فأخبرني ما قال. فذهب إلى ابن عباس فسأله، فقال ابن عباس: كانت السموات رتقاً لا تمطر، وكانت الأرض رتقاً لا تنبت، ففتق هذه بالمطر، وفتق هذه بالنبات. فرجع الرجل إلى ابن عمر، فأخبره، فقال: إن ابن عباس قد أوتي علماً. صدق، هكذا كانت، ثم قال ابن عمر: قد كنت أقول: ما تعجبني جرأة ابن عباس على تفسير القرآن، فالآن قد علمت أنه قد أوتي علماً.
ولما مات ابن عباس قال جابر بن عبد الله لما بلغه موته، وصفق بإحدى يديه على الأخرى: مات أعلم الناس، وأحلم الناس، ولقد أصيبت به هذه الأمة مصيبة لا ترتق.
ولما مات ابن عباس قال رافع بن خديج: مات اليوم من كان يحتاج إليه من بين المشرق والمغرب في العلم.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ابن عباس أعلم الناس بالحج.
قال الشعبي: ركب زيد بن ثابت، فأخذ ابن عباس بركابه، فقال: لا تفعل يابن عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا، فقال له زيد: أرني يديك، فأخرج يديه فقبلهما، وقال: هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا.
وعن ابن عباس قال: نحن أهل البيت شجرة النبوة، ومختلف الملائكة، وأهل بيت الرسالة، وأهل بيت الرحمة، ومعدن العلم.
وعن ابن عباس قال: لو كان المهدي في زماني لكنته، ولكنه في آخر الزمان، رجل من ولدي، أو قال مني.
وعن عكرمة قال: قال كعب الأخبار: مولاك رباني هذه الأمة هو أعلم من مات ومن عاش.
قال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: ما رأيت أحداً كان أعلم بالسنة ولا أجلد رأياً، ولا أثقب نظراً حين ينظر من ابن عباس، وإن كان عمر بن الخطاب يقول له: لقد طرأت علينا عضل أقضية أنت لها، ولا منا لها، ثم يقول عبيد الله: وعمر عمر في جده في ذات الله وحسن نظره للمسلمين.
وعنه قال: كان ابن عباس قد فات الناس بخصال: بعلم ما سبقه، وفقه فيما احتيج إليه من رأيه،
وحلم ونسب ونائل. ما رأيت أحداً كان أعلم بما سبقه من حديث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منه، ولا بقضاء أبي بكر وعمر وعثمان منه، ولا أفقه في رأي منه، ولا أعلم بشعر ولا عربية، ولا بتقسيم القرآن، ولا بحساب، ولا بفريضة منه، ولا أعلم بما مضى، ولا أثقب رأياً فيما احتيج إليه منه. ولقد كان يجلس يوماً ما يذكر فيه إلا الفقه، ويوماً التأويل، ويوماً المغازي، ويوماً الشعر، ويوماً أيام العرب. وما رأيت عالماً قط جلس إليه إلا خضع له، وما رأيت سائلاً قط سأله إلا وجد عنده علماً.
وقال عطاء: ما رأيت مجلساً قط كان أكرم من مجلس ابن عباس، أكثر علماً وأعظم جفنة، وإن أصحاب القرآن عنده يسألونه، وأصحاب النحو عنده يسألونه، وأصحاب الشعر عنده يسألونه، وأصحاب الفقه عنده يسألونه، كلهم يصدرهم في واد واسع.
وقال عطاء: كان أناس يأتون ابن عباس في الشعر والأنساب، وناس لأيام العرب ووقائعها، وناس للعلم، فما منهم من صنف إلا يقبل عليهم بما شاؤوا.
وعن طاوس قال: كان ابن عباس قد سبق على الناس في العلم كما تبسق النخلة السحوق على الودي الصغار.
وعن طاوس قال: ما رأيت أحداً خالف ابن عباس قط فتركه حتى يقرره.
وعن ليث بن أبي سليم قال: قلت لطاوس: لزمت هذا الغلام يعني ابن عباس، وتركت الأكابر من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا تدارؤوا في أمر صاروا إلى قول ابن عباس.
وعن طاوس قال: أدركت خمسين أو سبعين من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا سئلوا عن شيء فخالفوا ابن عباس لا يقومون حتى يقولوا: هو كما قلت، أو صدقت.
وعن ليث قال: قال لي طاوس: ما تعلمت من شيء فتعلم لنفسك، فإن الناس قد ذهبت منهم الأمانة. قال: وما رأيت رجلاً أعلم من ابن عباس ولا رأيت رجلاً أورع من ابن عمر. قال: وكان طاوس يعد الحديث حرفاً حرفاً.
وعن مجاهد قال: ما رئي مجلس ابن عباس. ولقد مات يوم مات، وإنه لحبر هذه الأمة.
وفي رواية: وما رأيت مثله قط أو قال: ما سمعت إلا أن يقول رجل: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقال مجاهد: كان عبد الله بن العباس أمدهم قامة، وأعظمهم جفنة، وأوسعهم علماً. ولو شاء أن أبكي كلما ذكرته بكيت.
قال: وكان ابن عباس يسمى البحر، لكثرة علمه.
وعن مجاهد قال: كنا نفخر على الناس بأربعة: نفخر بفقيهنا، ونفخر بقاضينا، ونفخر بقارئنا ونفخر بمؤذننا: فأما فقيهنا فابن عباس، وأما قاضينا فعبيد بن عمير، وأما قارئنا فعبد الله بن السائب، وأما مؤذننا فأبو محذورة.
قال مجاهد: كان ابن عباس إذا فسر الشيء رأيت عليه نوراً.
وقال: ما رأيت أحداً قط أعرب لساناً من ابن عباس.
وعن عمرو بن دينار قال: ما رأيت مجلساً قط أجمع لكل خير من مجلس ابن عباس، للحلال والحرام وتفسير القرآن والعربية والطعام، قال أبو هلال: ولا أراه إلا قال: والشعر.
وقال عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين: ما رأيت بيتاً كان أكثر طعاماً ولا شراباً ولا فاكهة ولا علماً من بيت عبد الله بن عباس.
وقال الضحاك: ما رأيت بيتاً أكثر خبزاً ولحماً وعلماً من بيت ابن عباس.
قال أبو صالح: لقد رأيت في ابن عباس مجلساً لو أن جميع قريش فخرت به لكان لها فخراً. لقد رأيت الناس اجتمعوا حتى ضاق بهم الطريق، فما كان أحد يقدر على أن يجيء ولا أن يذهب. قال: فدخلت عليه فأخبرته بمكانهم على بابه، فقال: ضع لي وضوءاً قال: فتوضأ وجلس وقال: اخرج فقل لهم: من كان يريد أن يسأل عن القرآن وحروفه، وما أراد منه فليدخل وقال: فخرجت، فأذنتهم، فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم عنه وزادهم مثلما سألوا عنه أو أكثر، ثم قال: إخوانكم. قال: فخرجوا، ثم قال: اخرج فقل: من أراد أن يسأل عن تفسير القرآن أو تأويله فليدخل.
قال: فخرجت فأذنتهم فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم به، وزادهم مثلما سألوا عنه أو أكثر، ثم قال: إخوانكم. قال: فخرجوا فقلت لهم. قال: فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم به، وزادهم مثله، ثم قال: إخوانكم، قال: فخرجوا، ثم قال: اخرج فقل: من أراد أن يسأل عن الفرائض وما أشبهها فليدخل. قال: فخرجت فأذنتهم، فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم، وزادهم مثله، ثم قال: إخوانكم. قال: فخرجوا، ثم قال:
اخرج فقل: من أراد أن يسأل عن العربية والشعر والغريب من الكلام فليدخل. قال: فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم به، وزادهم مثله.
قال أبو صالح: ولو أن قريشاً كلها فخرت بذلك لكان فخراً. فما رأيت مثل هذا لأحد من الناس.
قال جابر بن زيد: سألت البحر وكان يسمي ابن عباس البحر عن لحوم الحمر، فقرأ هذه الآي " قل لا أجد فيما أوحي غلي محرماً على طاعم يطعمه " إلى آخر الآية.
وفي حديث ابن الفرا: عن تحريم الخمر. وهو تصحيف.
وعن الحسن: أن ابن عباس كان من الإسلام بمنزل، وكان ابن عباس من القرآن بمنزل. قال: وكان يقوم على منبرنا هذا فيقرأ البقرة وآل عمران فيفسرها آية آية. وكان مثجه غرباً غرباً، وكان عمر إذا ذكره قال: ذاكم فتى الكهول، له لسان سؤول، وقلب عقول.
قال أبو بكر الهذلي: دخلت على الحسن بن أبي الحسن، فجلست عنده وهو يصلي، فتذاكرنا آيات من القرآن. فلما انصرف قال: ما كنتم تقولون؟ قلنا: " حم " و" طسم ". قال. فواتح يفتح الله بها القرآن، فقلت له: فإن مولى ابن عباس يقول: كذا وكذا. قال: إن ابن عباس كان من الإسلام بمنزل. وساق بقية الحديث.
قوله: كان مثجاً هو من العج والثج: السيلان. يريد أنه يصب الكلام صباً.
وعن ميمون بن مهران قال: لو أتيت ابن عباس بصحيفة فيها ستون حديثاً لرجعت ولم تسأله عنها، وسمعتها. قال: يسأله الناس فيكفونك.
قال عبد الله بن أبي الهذيل: أردت الخروج، فعلم بي أهل الكوفة، فجمعوا مسائل، ثم أتوني بها في صحيفة. فلما قدمت على ابن عباس خرج، فقعد للناس، فما زال يسألونه حتى ما بقي في صحيفتي شيء إلا سألوه عنه.
وعن مسروق انه قال: كنا إذا رأيت ابن عباس قلت: أجمل الناس، فإذا نطق قلت: أفصح الناس، فإذا تحدث قلت: أعلم الناس.
قال ابن أبي ملكية: دخلنا على ابن عباس فقال: إني لم أنم الليل، فقلنا له: لم يا أبا عباس؟ قال: طلع الكوكب ذوالذنب فخشيت أن يطرق الدخان. سلوني عن سورة البقرة، سلوني عن سورة يوسف، فإني قرأت القرآن وأنا صغير.
وعن عكرمة قال: كان ابن عباس أعلمهما بالقرآن، وكان علي أعلمهما بالمبهمات، وسئل إسحاق بن إبراهيم الحنظلي عن معنى قول عكرمة: إن ابن عباس أعلم بتفسير القرآن من علي، فقال: لم سمع ابن عباس عامة التفسير من علي فوعاه وجمعه، ثم ضم إليه ما سمعه من غيره مثل أبي بكر وعمر وعثمان وعبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وعامة أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فلما ضم علم هؤلاء في التفسير إلى علم علي كان أعلم منه بالتفسير. وقد كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعا له فقال ": اللهم علمه الكتاب وفهمه التأويل، وعلي أعلم منه بالمبهمات ومن غيره، فقد شهد عامة التنزيل فروى فيم نزل، وفي أي أمر كان.
قال شقيق: خطب ابن عباس وهو على الموسم، فافتتح سورة البقرة، فجعل يقرؤها ويفسر، فجعلت أقول: ما رأيت ولا سمعت كلام رجل مثله. لو سمعت فارس والروم لأسلمت.
وفي حديث بمعناه: فقرأ سورة النور.
وعن ابن عباس قال: لقد علمت علما من القرآن ما يسألني عنه أحد، لا أدري علمه الناس فلم يسألوا عنه أو لم يعلموها فيسألوا عنها.
وعن ابن عائشة قال: ما زال ابن عباس يستفيد حتى مات. وكان يقول: ما علمت ما " فاطر " حتى سمعت أعرابياً يخاصم رجلاً في بئر واحدهما يقول: أنا فطرتها، وكنت لا أدري ماء البعل حتى سمعت أعرابياً ينادي آخر يقول: يا بعل الناقة، فعلمت أنه ربها.
وعن ابن عباس قال: كل القرآن أعلمه إلا أربع: غسلين، وحناناً، والأواه، والرقيم.
وعن عبيد الله بن أبي يزيد قال: كان ابن عباس إذا سئل عن شيء، فإن كان في كتاب الله عز وجل قال به، وإن لم يكن في كتاب الله عز وجل وكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه شيء قال به، فإن لم يكن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه شيء قال بما قال به أبو بكر وعمر، فإن لم يكن لأبي بكر وعمر، فيه شيء قال برأيه.
وعن القاسم بن محمد قال: ما رأيت في مجلس ابن عباس باطلاً قط.
وعن سفيان بن عيينة قال: علماء الأزمنة ثلاثة: ابن عباس في زمانه، والشعبي في زمانه، وسفيان الثوري في زمانه.
ورد صعصعة بن صوحان على علي بن أبي طالب من البصرة، فسأله عن عبد الله بن عباس، وكان على خلافته بها، فقال صعصعة: يا أمير المؤمنين، إنه آخذ بثلاث وتارك لثلاث: آخذ بقلوب الرجال إذا حدث، ويحسن الاستماع إذا حدث، وبأيسر الأمرين إذا خولف. تارك للمراء، وتارك لمقاربة اللئيم، وتارك لما يعتذر منه.
وعن عبد الله بن بريدة قال: شتم رجل ابن عباس، فقال: إنك تشتمني وفي ثلاث خصال: إني لآتي على الآية من كتاب الله عز وجل فلوددت أن جميع الناس علموا منها مثل الذي أعلم، وإني لأسمع الحاكم
من حكام المسلمين يقضي بالعدل فأفرج به ولعلي لا أقاضي إليه أبداً وإني لأسمع بالغيث يصيب الأرض من أرض المسلمين فأفرج به ومالي سائمة أبداً.
وعن ابن أبي ملكية قال: صحبت ابن عباس من مكة إلى المدينة، ومن المدينة إلى مكة، فكان يصلي ركعتين ركعتين، إذا نزل قام ينتظر الليل، فيرتل القرآن حرفاً حرفاً، ويكثر من النشيج قلت: وما النشيج؟ قال: النحيب، البكاء، ويقرأ: " وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد ".
قال شعيب بن درهم: كان هذا الموضع وأومأ إلى مجرى الدموع من خديه من خدي ابن عباس، مثل الشراك البالي من كثرة البكاء.
جاء رجل إلى ابن عباس فقال: يا بن عباس، كيف صومك؟ قال: أصوم الاثنين والخميس، قال: ولم؟ قال: لأن الأعمال ترفع فيها، وأحب أن ترفع أعمالي وأنا صائم.
قال معاوية يوماً لعبد الله بن عباس: إنه ضربتني البارحة أمواج القرآن في آيتين لم أعرف تأويلهما، ففزعت إليك، فقال ابن عباس: ما هما؟ فقال معاوية: قول الله عز وجل: " وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن تقدر عليه " فقلت: يونس رسول الله ظن أنه بقوته إذا أراده، ما ظن هذا مؤمن، وقول الله عز وجل: " حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا " فقلت سبحان الله! كيف يكون هذا أن يستيئس الرسل من نصر الله، أو
يظنوا أنهم كذبهم ما وعدهم! إن لهاتين الآيتين تأويلاً ما نعلمه. قال ابن عباس: أما يونس عله السلام فظن أن خطيئته لم تبلغ أن يقدر الله عليه تلك البلية، ولم يشك أن الله عز وجل إذا أراده قدر عليه. وأما قوله: حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم، وظن من أعطاهم الرضا في العلانية أن يكذبهم في السريرة، وذلك أطول البلاء عليهم، ولم يستيئس الرسل من نصر الله، ولم يظنوا أنهم كذبهم ما وعدهم. فقال معاوية: فرجت عني فرج الله عنك. قال ابن عباس فإن رجلاً قرأ علي آية المحيض، قول الله عز وجل: " ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض " إلى آخر الآية. يعني بالماء " فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله " يقول: طاهرات غير حيض، فقال معاوية: إن قريشاً لتغبط بك لا بل جميع العرب، لا بل جميع أمة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولولا خفتك مع علي عطفتني عليك العواطف، فقال أيمن بن خريم: البسيط
ما كان يعلم هذا العلم من أحد ... بعد النبي سوى الحبر ابن عباس
مستنبط العلم غضاً من معادنه ... هذا اليقين وما بالحق من باس
دينوا بقول ابن عباس وحكمته ... إن المنافي فيكم عالم الناس
كالقطب قطب الرحا في كل حادثة ... أو كالحمام فمنه موضع الراس
من ذا يفرج عنكم كل معضلة ... إن صار رهناً مقيماً بين أرماس؟
قال ابن ملكية: كتب ابن هرقل إلى معاوية يسأله عن ثلاث خلال: مكان إذا كنت عليه لم تدر أين قبلتك، ومكان طلعت الشمس لم تطلع فيه قبل ولا بعد، وعن المحو الذي في القمر. فقال معاوية: من لهذه؟ فقيل له: ابن عباس. فكتب إلى ابن عباس، فكتب إليه ابن عباس: أما المكان الذي إذا كنت فيه لم تدر أين قبلتك فإذا كنت على ظهر الكعبة. وأما المكان الذي طلعت الشمس ولم تطلع فيه قبل ولا بعد فالبحر يوم انفلق لموسى. وأما المحو الذي في القمر فإن الله عز وجل يقول: " وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل " فهو آية الليل، فكتب به معاوية إلى ابن هرقل. قال: فكتب إليه: ما هذا من كنزك ولا كنز أبيك، ولا خرج هذا إلا من أهل بيت نبوة.
وعن ابن عباس قال: كتب قيصر إلى معاوية: أما بعد، فأي كلمة أحب إلى الله والثانية والثالثة والرابعة والخامسة، ومن أكرم عباد الله وإمائه عليه، وأربعة أشياء فيهم الروح لم ترتكض في رحم، وقبر سار بصاحبه، ومكان لم تصبه الشمس إلا مرة واحدة، والمجرة التي في السماء ما هي؟ وقوس قزح ما هو؟ فلما قرأ معاوية الكتاب قال لعبد الله: ما أدري ما هذا، وماله إلا ابن عباس، فأرسل إلى ابن عباس يسأله عن ذلك، فقال: أحب كلمة إلى الله: لا إله إلا الله، والثانية: سبحان الله، والثالثة: الحمد، والرابعة: الله أكبر، والخامسة: لا حول ولا قوة إلا بالله. وأما أكرم عباد الله فآدم خلقه الله بيده وعلمه الأسماء كلها، وأكرم إمائه عنده مريم التي أحصنت فرجها، والرابعة التي فيها الروح لم ترتكض في رحم فآدم وحواء، وعصا موسى، وكبش إبراهيم، والقبر الذي سار بصاحبه قبر يونس بن متى في بطن الحوت.
والمكان الذي لم تصبه الشمس إلا مرة واحدة فالبحر فلقه موسى بعصاه، وقوس قزح فأمان لأهل الأرض من الغرق وزاد في حديث آخر: بعد قوم نوح والمجرة فهي باب السماء.
وفي حديث آخر بمعناه: فقلت: أما أحب كلمة إلى الله: فلا إله إلا الله لا يقبل عمل إلا بها، والثانية: المنجية سبحان الله وصلاة الخلق، والثالثة: الحمد لله كلمة الشكر، والرابعة: الله أكبر فواتح الصلاة والركوع والسجود، والخامسة: لا حول ولا قوة إلا بالله. فاكتب إليه بذلك، فإنهم سيعرفون فأما لا إله إلا الله فإذا قالها العبد قال: يقول الله - أخلص عبدي. فإذا قال: سبحان الله قال: عبدني عبدي، فإذا قال: الحمد لله، قال: أخلص عبدي، فإذا قال: الله أكبر، قال: صدق عبدي أنا أكبر، فإذا قال: لا حول ولا قوة إلا بالله قال: ألقى إلي عبدي السلام الحديث.
وعن أبي الجويرية الجرمي قال: كتب قيصر إلى معاوية: أخبرني عمن لا قبلة له، وعمن لا أب له، وعمن لا عشيرة له، وعمن سار به قبره، وعن ثلاثة أشياء لم تخلق في رحم، وعن شيء ونصف شيء ولا
شيء، وابعث إلي في هذه القارورة ببزر كل شيء. فبعث معاوية بالكتاب والقارورة إلى ابن عباس، وقيل إنالحسن بن علي بعث إليه بالكتاب والقارورة أما من لا قبلة له فالكعبة، وأما من لا أب له فعيسى، وأما من لا عشيرة له فآدم، وأما من سار به قبره فيونس. وأما ثلاثة أشياء لم تخلق في رحم فكبش إبراهيم، وناقة ثمود، وعصا موسى. وأما شيء فالرجل له عقل، يعمل بعقله، وأما نصف شيء فالذي ليس له عقل ويعمل برأي ذوي العقول. وأما لا شيء فالذي ليس له عقل، يعمل بعقله، وملأ القارورة ماء، وقال: هذا بزر كل شيء. فبعث معاوية بالبزر والقارورة إلى قيصر. فلما وصل إليه الكتاب والقارورة قال: ما خرج هذا إلا من أهل بيت نبوة.
وعن حماد بن حميد قال: كتب رجل من أهل العلم إلى ابن عباس يسأله عن هذه المسائل وكان الرجل عالماً. قال: أخبرني عن رجل دخل الجنة ونهى الله محمداً أن يعمل بعمله، وأخبرني عن شيء تكلم ليس له لحم ولا دم، وأخبرني عن شيء بنفس ليس له لحم ولا دم، وأخبرني عن شيء له لحم ولم تلده أنثى ولا ذكر، وأخبرني عن شيء قليله وكثيره حرام، وأخبرني عن رسول بعثه الله ليس من الجن ولا من الإنس ولا من الملائكة، واخبرني عن نفس أوحى الله إليها ليست من الأشياء، وأخبرني عن منذر ليس من الجن ولا من الإنس، وأخبرني عن شيء حرم بعضه وحل بعضه، وأخبرني عن نفس ماتت وأحييت بنفس غيرها، وأخبرني عن نفس خرجت من جوف نفس ليس بينهما نسب ولا رحم، وأخبرني عناثنين تكلما ليس لهما لحم ولا دم، وأخبرني عن الرجل الذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها، وأخبرني عن شيء إن فعلته كان حراماً وإن تركته كان حراماً، وأخبرني عن موسى كم أرضعته أمه قبل أن تلقيه في البحر، وفي أي بحر قذفته، وأخبرني عن الاثنين اللذين كانا في بيت فرعون حين لطم موسى فرعون، وأخبرني عن موسى حين كلمه الله تعالى من حمل التوراة إليه، وكم كانت الملائكة الذين حملوا التوراة إلى موسى، وأخبرني عن آدم كم كان طوله، وكم عاش، ومن كان وصيه، وأخبرني من كان بعد آدم من الرسل، ومن كان بعد نوح، ومن كان بعد هود، ومن كان بعد إبراهيم، ومن كان بعد لوط، ومن كان بعد إسحاق، ومن كان قبل
نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأخبرني عن الأنبياء كم كانوا، وكم كان منهم الرسل، وكم كان منهم من الأنبياء، وأخبرني كم في القرآن منهم، وأخبرني عن رجل ولد من غير ذكر ولا أنثى ولم يمت، وأخبرني عن أرض لم تصبها الشمس إلا يوماً واحداً، وأخبرني عن الطير الذي لا يبيض ولا يحضن عليه طير.
قال: فلما قدمت المسائل على ابن عباس عجب من ذلك عجباً شديداً، ثم كتب إليه: أما سؤالك عن الرجل الذي دخل الجنة ونهي عنه محمداً أن يعمل بعمله فهو يونس النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على نبينا وعليه وسلم الذي يقول: " ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم " وأما الشيء الذي تكلم ليس له لحم ولا دم فهي النار التي تقول " هل من مزيد " وأما الرسول الذي بعثه الله من الجن ولا من الإنس ولا من الملائكة فهو الغراب الذي بعثه الله إلى ابن آدم ليريه كيف يواري سوأة أخيه. وأما الذي له لحم ودم لم تلده أنثى ولا ذكر فهو كبش إبراهيم الذي فدى به إسحاق. وأما الشيء الذي بنفس ليس له لحم ولا دم فهو الصبح، إذ يقول الله عز وجل " والصبح إذا تنفس " وأما النفس التي ماتت، وأحييت بنفس غيرها فهي البقرة التي ذكرها الله عز وجل في القرآن الذي يقول: " اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى " الآية. وأما الطير الذي لم يبض ولم يحضن عليه طائر فهو الطير الذي نفخ فيه عيسى بن مريم، فكان طيراً بإذن الله، واما الشيء الذي قليله حلال وكثيره حرام فهو نهر طالوت الذي ابتلاهم الله به، وأما النفس التي خرجت من جوف نفس ليس بينهما نسب ولا رحم فهو يونس النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي خرج من بطن الحوت.
وأما الاثنتان اللتان تكلمتا ليس لهما لحم ولا دم فهما السماء والأرض إذ يقول الله تعالى: " ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين "، وأما الشيء الذي مشى ليس له لحم
ولا دم فهو عصا موسى التي " تلقف ما يأفكون "، وأما الرجل الذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها فهو أرمنياً. وأما الشيء الذي إن فعلته كان حراما، وإن تركته كان حراماً فهي الصلاة: إن صليت وأنت سكران لا يحل لك، وإن تركتتها لا يحل لك. وسألت عن أم موسى كم أرضعته فإنها أرضعته ثلاثة أشهر قبل أن تقذفه في البحر، ثم ألقته في البحر بحر القلزم. وسألت عن الاثنين اللذين كانا في بيت فرعون حين لطمه موسى فهي آسية امرأة فرعون، والرجل الذي كان يكمن إيمانه. وسألت عن موسى يوم كلمه الله تعالى وحملت التوراة إليه فإن الله كلم موسى يوم الجمعة، وأعطي التوراة، ونزلت بها الملائكة إلى موسى يوم الجمعة، ومر الله تعالى بكل حرف من التوراة فحمله ملك من السماء، فلا يعلم عدد ذلك إلا الله وحده لا شريك له. وأما الأرض التي لم تنظر إليها الشمس إلا يوماً فهي أرض البحر الذي فلقه الله عز وجل لموسى. وأما المنذر الذي ليس من الإنس ولا من الجن فهي النملة: " قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم "، وسألت عن آدم فهو أول الأنبياء خلقه الله من طين، وسواه ونفخ فيه من روحه. وكان طوله فيما بلغنا والله أعلم ستين ذرعاً، وكان نبياً وخليفة، وعاش ألف سنة إلا ستين عاماً. وكان وصيه شيث.
وسألت من كان بعد شيث من الأنبياء، كان بعد إدريس وهو أول الرسل. وكان بعد إدريس نوح، وكان بعد نوح هود، ثم كان بعد هود صالح، ثم كان بعد صالح إبراهيم، ثم كان بعد إبراهيم لوط ابن أخي إبراهيم، وكان بعد لوط إسماعيل، ثم كان بعد إسماعيل إسحاق، وكان بعد إسحاق، وكان بعد إسحاق يعقوب، ثم كان بعد يعقوب يوسف، ثم كان بعد يوسف موسى، ثم كان بعد موسى عيسى فأنزل الله عليه الإنجيل، ثم كان بعد نبينا نبي الرحمة صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وسألت عن عدد الأنبياء: كانوا فيما بلغنا والله أعلم ألف نبي ومئتي نبي وخمسة وسبعين نبياً. وكان منهم ثلاث مئة وخمسة عشر رسولاً، وسائرهم أنبياء صالحون نجد في القرآن منهم ثلاثة وثلاثين نبياً يقول الله عز وجل: " ورسلاً قد قصصناهم عليك من قبل ورسلاً لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليماً ".
وكان ابن عباس امير البصرة، وكان يغشى الناس في شهر رمضان، فلا ينقضي الشهر حتى يفقههم، وكان إذا كان آخر ليلة من شهر رمضان يعظهم، ويتكلم بكلام يردعهم، ويقول: ملاك أمركم الدين، ووصلتكم الوفاء، وزينتكم العلم، وسلامتكم الحلم وطولكم المعروف. إن كان الله كفلكم الوسع، اتقوا الله ما استطعتم. قال: فقال اعرابي فقال: من أشعر الناس أيها الأمير؟ قال: أفي إثر العظة؟ قل يا أبا الأسود قال: فقال: أبو الأسود الدؤلي: أشعر الناس يقول: الطويل
فإنك كالليل الذي هو مدركي ... وإن خلت أن المنتأى عنك واسع
قال هذا لنابغة بني ذبيان.
فكان الرجل يأتي مجلس عبد الله بن عباس وقد انتعل القوم، فيخلع نعليه، فيقول له الرجل لا يحبسك مكاني يا أبا العباس، فيقول: ما أنا بقائم حتى آحادثك وتحدثني فأسمع منك.
قال محمد بن سلام: سعى ساع إلى ابن عباس برجل فقال: إن شئت نظرنا فينا قلت، فإن كنت كاذباً عاقبناك، وإن كنت صادقاً مقتناك، وإن أحببت أقلناك. قال: هذه.
قال ابو محمد بن قتيبية في حديث علي: إنه كتب إلى ابن عباس حين أخذ من مال البصرة ماأخذ: إني أشركتك في أمانتي، ولم يكن رجل من أهلي أوثق منك في نفسي. فلما رأيت الزمان على ابن عمك قد كلب، والعدو قد حرب، قلبت لابن عمك ظهر المجن بفراقه مع المفارقين وخذلانه مع الخاذلين، واختطفت ما قدرت عليه من أموال الأمة اختطاف
الذئب الأزل دامية المعزى. وفي الكتاب: ضح رويداً، فكأن قد بلغت المدى، وعرضت عليك أعمالك بالمحل الذي به ينادي المغتر بالحسرة، ويتمنى المضيع التوبة والظالم الرجعة.
قوله: قد حرب: أي غضب، وقوله قلبت لابن عمك ظهر المجن: هو مثل يضرب لمن كان لصاحبه على مودة أو رعاية ثم حال عن ذلك، والمجن: الترس. وقوله: اختطاف الذئب الأزل دامية المعزى: خص الدامية دون غيرها لأن في طبع الذئب محبة الدم، فهو يؤثر الدامية على غيرها. ويبلغ به طبعه في ذلك أنه يرى الذئب مثله وقد دمي فيثيب عليه ليأكله.
نظر الحطيئة إلى ابن عباس في مجلس عمر وقد فرع بكلامه، فقال: من هذا الذي قد نزل عن القوم في سنه وعلاهم في قوله؟ قالوا: هذا ابن عباس، هذا ابن عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأنشأ يقول:
إني وجدت بيان المرء نافلة ... تهدى له ووجدت العي كالصمم
المرء يبلى ويبقى الكلم سائره ... وقد يلام الفتى يوماً ولم يلم
الكلم ها هنا جمع كلمة، وأصله الكلم بكسر اللام، فسكنه تخفيفاً لإقامة الوزن، كما قالوا: ملك في ملك. فأما الكلم الذي عين فعله ساكنة في أصل بنائه فإنه مصدر كلمه يكلمه كلماً بمعنى جرحه. وقوله: سائره يعني أنه يبقى سائر الكلام. يريد الحكم السائرة من الكلم.
اختصم إلى عمر بن الخطاب حسان بن ثابت وخصم له، فسمع منهم، وقضى على حسان، فخرج وهو مهموم، فمر بابن عباس فأخبره بقصته، فقال له ابن عباس: لو كنت أنا الحكم بينكما لحكمت لك، فرجع حسان إلى عمر فأخبره فبعث عمر إلى ابن عباس فأتاه فسأله عما قال حسان، فصدقه، فسأله عن الحجة في ذلك فأخبره، فرجع عمر إلى قول ابن عباس، وحكم لحسان، فخرج وهو آخذ بيد ابن عباس وهو يقول:
إذا ما ابن عباس بدا لك وجهه ... رأيت له في كل منزلة فضلا
قضى وشفى ما في النفوس فلم يدع ... لذي إربة في القول جداً ولا هزلا
ورويت هذه الأبيات في ابن عباس في قصة أخرى.
قال المدائني: تكلم رجل عند ابن عباس، فأكثر السقط في كلامه، فالتفت ابن عباس إلى عبد له
فأعتقه، فقيل له لم أعتقت عبدك؟ قال: شكراً لله إذ لم يجعلني مثل هذا. ثم أنشد المدائني:
عي الشريف يشين منصبه ... وترى الوضيع يزينه أدبه
ولما جاء معاوية نعي الحسن بن علي استأذن ابن عباس على معاوية، وكان ابن عباس قد ذهب بصره، فكان يقول لقائده: إذا دخلت بي على معاوية فلا تقدني، فإن معاوية يشمت بي. فلما جلس ابن عباس قال معاوية: لأخبرنه بما هو أشد عليه من أن أشمت به. فلما دخل قال: يا أبا العباس، هلك الحسن بن علي، فقال ابن عباس: إنا لله وإنا إليه راجعون. وعرف ابن عباس أنه شامت به، فقال: أما والله يا معاوية لا تسد حفرتك، ولا تخلد بعده، ولقد أصبنا بأعظم منه، فخرنا الله بعده، ثمقام. فقال معاوية: لا والله، ما كلمت أحداً قط أعد جواباً ولا أعقل من ابن عباس.
وعن ربعي بن حراش قال:
استأذن عبد الله بن العباس على معاوية بن أبي سفيان، وقد تحلقت عنده بطون قريش، وسعيد بن العاص جالس عن يمينه. فلما نظر إليه معاوية مقبلاً قال لسعيد: والله لألقين على ابن عباس مسائل يعيا بجوابها فقال سعيد: ليس مثل ابن عباس يعيا بمسائلك. فلما جلس قال له معاوية: ما تقول في أبي بكر الصديق قال: رحم الله أبا بكر، كان والله للقرآن تالياً، وللشر قالياً، وعن المثل نائياً، وعن الفحشاء ساهياً، وعن المنكر ناهياً، وبدينه عارفاً، ومن الله خائفاً، ومن المهلكات جانفاً، يخاف فلتة الدهر، وإحياء بالليل قائماً، وبالنهار صائماً، ومن دنياه سالماً، وعلى عدل البرية عازماً، وبالمعروف آمراً، وإليه صائراً، وفي الأحوال شاكراً، والله بالغدو والآصال ذاكراً، ولنفسه في المصالح قاهراً، فاق أصحابه ورعاً وكفافاً، وزهداً وعفافاً، وسراً وحياطة، فأعقب الله من ثلبه اللعائن إلى يوم التغابن.
قال معاوية: فما تقول في عمر بن الخطاب؟ فقال رحم الله أبا حفص، كان والله حليف الإسلام، ومأوى الأيتام، ومحل الإيمان، وملاذ الضعفاء، ومعقل الحنفاء، للخلق
حصناً، وللناس عوناً قال بحق الله صابراً محتسباً حتى أظهر الدين وفتح الديار وذكر الله في الإفطار والمنار، وعلى التلال وفي الضواحي والبقاع. عبد الجبار في الرخاء والشدة شكوراً، له وفي كل وقت وآن ذكوراً، فأعقب الله من يبغضه اللعنة إلى يوم الحسرة.
قال معاوية: فما تقول في عثمان؟ قال: رحم الله أبا عمرو، كان والله أكرم الحفدة، وأفضل البررة، وأصبر القراء، هجاد بالأسحار، كثير الدموع عند ذكر الدار دائب الفكر فيما يعنيه بالليل والنهار، نهاضاً إلى كل مكرمة، سعاء إلى كل منقبة، فراراً من كل موبقة، صاحب جيش العسرة، وصاحب البئر، وختن المصطفى عليه السلام على ابنتيه، فأعقب الله من ثلبه الندامى إلى يوم القيامة.
قال معاوية: فما تقول في علي بن أبي طالب؟ قال: رحم الله أبا الحسن، كان والله علم الهدى، وكهف التقى، ومحل الحجا، وطود الندى، ونور السفر في ظلم الدجى، وداعياً إلى المحجة العظمى، وعالماً بما في الصحف الأولى، وقائماً بالتأويل والذكرى متعلقاً بأسباب الهدى، وتاركاً للجور والأذى وحائداً عن طرقات الردى، وخير من آمن واتقى، وسيد من تقمص وارتدى، وأفضل من حج وسعى، وأسمح من عدل وسوى، وأخطب أهل الدنيا سوى الأنبياء والمصطفى، وصاحب القبلتين وزوج خير النساء، وأبو السبطين، لم تر عين مثله، ولا ترى أبداً حتى القيام واللقاء. فعلى من لعنه لعنة الله والعباد إلى يوم القيامة.
قال معاوية: فما تقول في طلحة والزبير؟ قال: رحمة الله عليهما، كانا والله عفيفين، مسلمين، برين، طاهرين، مطهرين، شهيدين، عالمين بالله، لهما النصرة القديمة والصحبة الكريمة، والأفعال الجميلة وفي حديث آخر: زلا زلة الله غافرها لهما.
قال: ما تقول في العباس بن عبد المطلب؟ قال: رحم الله أبا الفضل، كان والله صنو أبي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقرة عين صفي الله، لهميم الأقوام، وسيد الأعمام، قد علا بصراً للأمور، ونظراً في العواقب. علم تلاشت الأحساب عند ذكر فضيلته، وتباعدت
الأنساب عند فخر عشيرته، ولم لا يكون كذلك؟ وقد ساسه اكرم من ذهب وهب: عب المطلب أفخر من مشى من قريش وركب.
قال معاوية: فلما سميت قريش قريشاً؟ قال: لدابة تكون في البحر هي أعظم دواب البحر خطراً، لا تظفر بشيء من دواب البحر إلا أكلته، فسميت قريش لأنها أعظم العرب فعالاً. فقال: هل تروي في ذلك شعراً؟ فأنشده قول الجمحي:
وقريش هي التي تسكن البحر به ... اسميت قريش قريشا
تأكل الغث والسمين ولا تترك ل ... ذي الجناحين ريشا
هكذا في البلاد حي قريش ... يأكلون البلاد أكلاً كشيشاً
ولهم آخر الزمان نبي ... يكثر القتل فيهم والخموشا
يملأ الأرض خيله ورجال ... يحشرون المطي حشراً كميشاً
فقال معاوية: صدقت يا بن عباس، أشهد أنك لسان أهل بيتك.
فلما خرج ابن عباس من عنده قال معاوية لمن عنده: ما كلمته قط إلا وجدته مستعداً.
وفي حديث آخر قال:
فأمر له معاوية بأربعة آلاف درهم فقبضها ثم صرفها في بني عبد المطلب. فقالوا له: لا نقبل صدقة. قال: إنها ليست بصدقة. وإنما هي هدية لم يبق منها شيء، فبلغ ذلك معاوية فكتب إليه يلومه وأن يقصر عن ذلك فكتب إليه يقول:
بخيل يرى بالجود عاراً وإنما ... على المرء عار أن يضن ويبخلا
إذا المرء أثرى ثم لم يرج نفعه ... صديق فلاقته المنية أولا
أنشد المبرد لعبد الله بن العباس، كتب به إلى معاوية لن أبي سفيان: الطويل
إني أغضيت عن غير بغضة ... لراع لأسباب المودة حافظ
وما زال يدعوني إلى الصرم ما أرى ... فآبى وتثنيني عليك الحفائظ
وأنتظر العتبى وأغضي على القذى ... وألبس طوراً مره وأغالظ
وأنتظر الإقبال بالود منكم ... وأصبر حتى أوجعتني المغايظ
وجربت ما يسلي المحب عن الهوى ... وأقصرت والتجريب للمرء واعط
لما خرج الحسين بن علي إلى الكوفة اجتمع ابنعباس وعبد الله وبن الزبير بمكة فضرب ابن عباس جنب ابن الزبير وتمثل: الرجز
يا لك من قبرة بمعمر ... خلا لك الجود فبيضي واصفري
ونقري ما شئت أن تنقري
خلا لك والله يا بن الزبير الحجاز. وسار الحسين إلى العراق، فقال ابن الزبير لابن عباس: والله ما ترون إلا أنكم أحق بهذا الأمر من سائر الناس، فقال له ابن عباس: إنما يرى من كان في شك، فأما نحن من ذلك فعلى يقين، ولكن أخبرني عن نفسك لم زعمت أنك أحق بهذا الأمر من سائر العرب، قال ابن الزبير: لشرفي عليهم قديماً لا تنكرونه قال: فأيما أشرف، أنت أم من شرفت به؟ قال: إن الذي شرفت به زادني شرفاً. قال: وعلت أصواتهما، فقال ابن أخ لعبد الله بن الزبير: يا بن عباس، دعنا من قولك، فوالله لا تحبونا يا بني هاشم أبداً. قال: فخفقه عبد الله بن الزبير بالنعل وما استحق الضرب؟! وإنما يستحق الضرب من مرق ومذق. قال: يا بن عباس، أما تريد أن تعفو عن كلمة واحدة قال: إنما نعفو عمن أقر، فأما من هر فلا. قال: فقال ابن الزبير: فأين الفضل؟ قال ابن عباس: عندنا - أهل البيت - لا نضعه في غير موضعه فندم، ولا نزويه عن أهله
فنظلم. قال: أولست منهم؟ قال: بلى إن نبذت الحسد، ولزمت الجدد. قال: واعترض بينهما رجال من قريش فأسكتوهما.
وعن ابن عباس قال: لو أن العلماء أخذوا العلم بحقه لأحبهم الله عز وجل والملائكة والصالحون من عباده، ولهابهم الناس، لفضل العلم وشرفه.
قال جندب لابن عباس: أوصني بوصية، قال: أوصيك بتوحيد الله، ولا عمل له، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة. فإن كل خير أنت آتيه بعد هذه الخصال منك مقبول وإلى الله مرفوع. يا جندب، إنك لن تزداد من يومك إلا قرباً، فصل صلاة مودع، وأصبح في الدنيا كأنك غريب مسافر، فإنك من أهل القبور، وابك على ذنبك، وتب من خطيئتك، ولتكن الدنيا أهون عليك من شسع نعليك، وكأن قد فارقتها، وصرت إلى عدل الله، ولن تنتفع بما خلفت، ولن ينفعك إلا عملك.
قال ابن بريدة: رأيت ابن عباس آخذاً بلسانه وهو يقول: ويحك، قل خيراً تغنم أو اسكت عن شر تسلم، وإلا فاعلم أنك ستندم. قال: فقيل له: يا بن عباس، لم تقول هذا؟! قال: إنه بلغني أن الإنسان أراه قال: ليس على شيء من جسده حنقاً أو غيظاً يوم القيامة لعله قال: منه على لسان إلا قال به خيراً أو أملى به خيراً.
قال وبرة المسلمين: أوصى ابن عباس بكلمات، لهن أحسن من الدهم الموقوفة فقال لي: لا تكلمن فيما لا يعنيك فإنه فضل، ولا آمن عليك فيه الوزر، ولا تكلمن فيما يعنيك حتى ترى له موضعاً، فرب متكلم قد تكلم بالحق في غير موضعه فعنت، ولا تمارين سفيهاً ولا حليماً، فإن الحليم يقيلك، والسفيه يريدك، ولا تذكرن أخاك إذا توارى عنك إلا بمثل الذي تحب أن يذكرك به إذا أنت تواريت عنه، واعمل عمل رجل يعلم أنه مجزي
بالإحسان، مأخوذ بالإجرام. قال: فقال رجل عنده: يا أبا عباس، هذه خير من عشرة آلاف. قال: فقال ابن عباس: كلمة واحدة منها خير من عشرة آلاف.
قال ابن عباس: لا يتم المعروف إلا بثلاثة: تعجيله، وتصغيره عنده، وستره، فإنه إذا عجله هيأه وإذا صغره عظمه، وإذا ستره فخمه.
قال ابن عباس:
أكرم الناس علي جليسي، إن الذباب ليقع عليه فيؤذيني.
قيل لابن عباس: من أكرم الناس عليك؟ قال: جليسي الذي يتخطى الناس حتى يجلس إلي، لو استطعت ألا يقع الذباب على وجهه لفعلت.
وعن ابن عباس كان يقول: ثلاثة لا أكافئهم: رجل ضاق مجلسي فأوسع لي، ورجل كنت ظمآن فسقاني، ورجل اغبرت قدماه في الاختلاف على بابي، ورابع لا أقدر على مكافأته، ولا يكافئه عني إلا الله عز وجل: رجل حز به أمر فبات ليلته ساهراً. فلما أصبح لم يجد لحاجته معتمداً غيري. قال: وكان يقول: إني لأستحي من الرجل يطأ بساطي ثلاث مرات ثم لا يرى عليه أثر من أثري.
قال ابن عباس: ما بلغني عن أخ لي مكروه قط إلا أنزلته أحد ثلاثة منازل: إن كان فوقي عرفت له قدره، وإن كان نظيري تفضلت عليه، وإن كان دوني لم أحفل به. وهذه سيرتي في نفسي، فمن رغب عنها فأرض الله واسعة.
ولما أصيبت عين ابن عباس نحل جسمه. فلما ذهبت الأخرى عاد لحمه، فقيل له في ذلك، فقال: أصابني ما رأيتم في الأولة شفقة على الأخرى، فلما ذهبتا اطمأن قلبي.
قال عكرمة: لما وقع الماء في عين ابن عباس قيل له: تنزع الماء من عينيك، على أنك لا تصلي سبعة
أيام، فقال: لا إنه منترك الصلاة سبعة أيام وهو يقدر عليها لقي الله عز وجل وهو غضبان عليه.
وعن ابن عباس أنه قال حين أصيب بصره: ما آسى على شيء من الدنيا إلا لو أني كنت مشيت إلى بيت الله عز وجل، فإني سمعت الله عز وجل يقول: " وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ".
وعن عكرمة قال: كان ابن عباس في العلم بحراً ينشق له من الأمر الأمور. وكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " اللهم، ألهمه الحكمة، وعلمه التأويل ".فلما عمي أتاه ناس من أهل الطائف، ومعهم علم من علمه أو كتب من كتبه، فجعلوا يستقرؤونه، وجعل يقدم ويؤخر. فلما رأى ذلك قال: إني تلهت من مصيبتي هذه، فمن كان عنده علم من علمي، أو كتب من كتبي فليقرأ علي، فإن إقراري له به كقراءتي عليه. قال: فقرؤوا عليه، زاد في حديث آخر: ولا يكن في أنفسكم من ذلك شيء.
تله الرجل إذا تحير. والأصل وله. والعرب قد تقلب الواو تاء، يقولون: تجاه، والأصل: وجاه.
ولما وقعت الفتنة بين عبد الله بن الزبير وعبد الملك بن مروان ارتحل عبد الله بن عباس ومحمد بن الحنفية بأولادهما ونسائهما حتى نزلوا مكة، فبعث عبد الله بن الزبير إليهما يبايعان فيأبيا، وقالا: أنت وشأنك، لا نعرض لك ولا لغيرك، فأبى، وألح عليهما إلحاحاً شديداً. وقال فيما يقول: والله لتبايعن أو لأحرقنكم بالنار، فبعثا أبا الطفيل عامر بن واثلة إلى شيعتهم بالكوفة وقالا: إنا لا نأمن من هذا الرجل، فمشوا في الناس، فانتدب أربعة آلاف، فحملوا السلاح حتى دخلوا مكة، فكبروا تكبيرة سمعها أهل مكة، وابن الزبير في المسجد، فانطلق هارباً حتى دخل دار الندوة ويقال: تعلق بأستار الكعبة، وقال: أنا عائذ الله. قال: ثم ملنا إلى ابن عباس وابن الحنيفة وأصحابهما، وهم في
دور قريب من المسجد قد جمع الحطب، فأحاط بهم حتى بلغ رؤوس الجدر، لو أن ناراً تقع فيه مارئي منهم أحد حتى تقوم الساعة، فأخرناه عن الأبواب، وقلنا لابن عباس: ذرنا نرح الناس منه، فقال: لا، هذا بلد حرام حرمه الله، ما أحله لأحد إلا للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ساعة، فامنعونا وأجيرونا. قال: فتحملوا، وإن منادياً ينادي في الجبل: ما غنمت سرية بعد نبيها ما غنمت هذه السرية، إن السرايا تغنم الذهب والفضة، وإنما غنمتم دماءنا فخرجوا بهم حتى أنزلوهم منى، فأقاموا ما شاء الله، ثم خرجوا بهم إلى الطائف، فمرض عبد الله بن عباس. قال: فبينا نحن عنده إذ قال في مرضه: إني أموت في خير عصابة على وجه الأرض أحبهم إلى الله وأكرمهم عليه، وأقربهم إلى الله زلفى، فإن كت فيكم فأنتم هم، فما لبث إلا ثمان ليال بعد هذا القول حتى توفي، رحمه الله. فصلى عليه محمد بن الحنيفة، وولينا حمله ودفنه.
قال منذرالثوري: سمعت محمد بن علي بن أبي طالب يقول يوم مات ابن عباس: اليوم مات رباني هذ الأمة.
وفي رواية عن كلثوم: اليوم مات رباني العلم.
وعن بجير بن أبي عبيد قال:
مات ابن عباس بالطائف. فلما خرجوا بنعشه جاء طير عظيم أبيض من قبل وج زاد في رواية: يقال له الغرنوق حتى خالط أكفانه، ثم لم يروه، زاد في رواية: قال: فكانوا يرون أنه علمه.
قال ميمون بن مهران: شهدت جنازة عبد الله بن عباس بالطائف. فلما وضع ليصلى عليه جاء طائر أبيض حتى دخل في أكفانه، فالتمس فلم يوجد. فلما سوي عليه سمعنا صوتاً، نسمع صوته ولا
نرى شخصه " يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ".
قال هشام بن محمد بن السائب: صلى محمد بن علي على عبد الله بن عباس، وكبر عليه أربعاً، وضرب على قبره فسطاطاً.
قال ابن بكير: توفي عبد الله بن عباس سنة خمس وستين. ويقال: ثمان وستين. وصلى عليه محمد بن الحنفية، وأدخله من قبل القبلة، وقيل: توفي سنة سبع وثمانين. وتوفي ابن الحنفية بعده.
وكان ابن عباس يصفر لحيته، وتوفي وسنه اثنتان وسبعون سنة، وقيل: إحدى وسبعون سنة، وقيل: أربع وسبعون سنة. والصحيح قول من قال: إنه توفي سنة ثمان وستين. والله أعلم.
ولما دفن قال محمد بن الحنفية: مات والله اليوم حبر الأمة.
قال الزبير: ويقال: قالت أم الفضل وهي ترقص عبد الله بن عباس:
ثكلت نفسي وثكلت بكري ... إن لم يسد فهراً وغير فهر
بحسب زاك وبذل الوفر
ابن هاشم بن عبد مناف أبو العباس الهاشمي بن عم سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحبر الأمة وعالمها، وترجمان القرآن.
قدم دمشق وافداً على معاوية في السنة التي قتل فيها علي عليه السلام.
قال سعيد بن أبي الحسن: كنت عند ابن عباس إذ أتاه رجل فقال: إني إنسان، إنما معيشي من صنعة يدي، وإني أصنع هذه التصاوير، قال ابن عباس: لا أحدثك إلا ما سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من صور صورة فإن الله يعذبه يوم القيامة حتى ينفخ فيها " وليس بنافع أبداً، قال: فربا لها الرجل ربوة شديدة واصفر وجهه، ثم قال: ويحك، إن أتيت الآن تصنع فعليك بهذا الشجر، وكل شيء ليس فيه روح.
قال عبد الله بن عباس: دخلت على معاوية حين كان الصلح، وأول ماالتقيت أنا وهو، فإذا عنده أناس فقال: مرحباً يا بن عباس، ما تحاكت الفتنة بيني وبين أحد كان أعز علي بعداً ولا أحب إلي قرباً منك، الحمد لله الذي أمات علياً، قلت: إن الله عز وجل لا يذم في قضائه، وغير هذا الحديث أحسن منه، هل لك فيه؟ قال: ما هو؟ قلت: تعفيني من ذكر ابن عمي وأعفيك من ذكر ابن عمك. قال: ذلك لك، أنشدك الله يا بن عباس إلا حدثتني عن أبي سفيان، فقد حضرك من حضرك. قلت: تجر فربح، وأسلم فأفلح، وولد فأنجح، وكان في الشرك فكان نكساً حتى يقضي فقال: رحمك الله يا بن عباس، فوالله ما يعجزك في علمك أن تسر به جليسك، ولولا أن تراني قارضتك لأجزتك عن نفسك.
وعن مجاهد قال: قال ابن عباس: لما كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأهل بيته بالشعب قال: أتى أبي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا محمد، أرى أم
الفضل قد اشتملت على حمل، فقال: لعل الله أن يقرأ أعينكم. قال: فأتى بي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا في خرقة، فحنكني بريقه.
قال مجاهد: فلا نعلم أحداً حنك بريق النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غيره.
وفي رواية: فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عسى الله أن يبيض وجوهنا بغلام، فولدت عبد الله بن عباس.
قالوا: وولد قبل الهجرة بثلاث سنين وهو في الشعب.
وعن ابن عباس قال: قبض رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا ابن عشر سنين مختون.
وفي رواية: وقد قرأت القرآن.
وفي رواية: وقد جمعت المحكم. قيل: وما المحكم. قيل: وما المحكم؟ قال المفصل.
وفي رواية: توفي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا ابن خمس عشرة سنة وأنا ختين.
وعن ابن عباس قال: أقبلت راكباً على أتان، وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام، ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي بالناس بمنى، فمررت بين يدي بعض الصف، فنزلت وأرسلت الأتان ترتع، ودخلت في الصف، فلم ينكر ذلك علي.
قال محمد بن عمر: لا اختلاف عند أهل العلم عندنا أن ابن عباس ولد في الشعب وبنو هاشم محصورون، فولد ابن عباس قبل خروجهم منه بيسير، وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين، فتوفي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وابن عباس ابن ثلاث عشرة سنة. ألا تراه يقول في الحديث: راهقت الاحتلام في حجة الوداع.
قال عبيد الله بن أبي يزيد: سمعت ابن عباس يقول: أنا وأمي من المستضعفين، كانت أمي من النساء وأنا من الولدان.
ودعا سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعبد الله بن العباس وقال: اللهم أعطه الحكمة وعلمه التأويل وكان بحراً لا ينزف، ورأى جبريل عليه السلام، وقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عسى ألا يموت حتى يؤتى علماً ويذهب بصره. وكان عمر يأذن له مع المهاجرين ويسأله ويقول: غص غواص، وكان إذا رآه مقبلاً قال: أتاكم فتى الكهول، له لسان سؤول وقلب عقول.
وقيل في كنيته عبد الله بن العباس: أبو عبد الرحمن. وكان قد عمي قبل وفاته. ومات سنة ثمان وستين بالطائف في فتنة ابن الزبير، فصلى عليه محمد بن الحنيفية.
وغزا عبد الله بن عباس إفريقيةمع عبد الله بن سعد سنة سبع وعشرين.
وأمه أم الفضل أخت ميمونة زوج النبي صلى عليه وسلم واسمها لبابة الصغرى بنت الحارث بن حزن بن بجير بن الهزم بن رويبة بن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوزان بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
وكان بنو العباس بن عبد المطلب عشرة: الفضل، وعبد الله، وعبيد الله، ومعبد، وقثم، وعبد الرحمن، وأمهم أم الفضل بنت الحارث. وكثير، والحارث، وعون، وتمام وهو أصغرهم فكان العباس يحمله يحمله ويقول: الرجز
تموا بتمام فصاروا عشرة ... يا رب فاجعلهم كراماً برره
واجعلهم ذكراً وأنم الثمره
مات كثير وقثم بينبع أخذته الذبحة، واستشهد الفضل بأجنادين، وعبد الرحمن
ومعبد بإفريقية، وعبد الله بالطائف، وعبيد الله باليمن. ويقال: مات قثم بسمرقند، وكان خرج مع سعيد بن عثمان بن عفان في زمن معاوية. قبره بها.
وكان مسلم بن قمادين المكي يقول: ما رأيت مثل بني أم واحدة إشراقةً، ولدوا في دار واحدة، أبعد قبوراً من بني أم الفضل.
وكان عبد الله أبيض طويلاً مشرباً صفرة، جسيماً، وسيماً، صبيح الوجه، له وفرة، يخضب بالحناء، وكان يسمى الحبر والبحر لكثرة علمه وحدة فهمه، حبر الأمة وفقيهها، ولسان العشرة ومنطيقها، محنك بريق النبوة، ومدعو له بلسان الرسالة: فقهه في الدين وعلمه التأويل. ترجمان القرآن، سمع نجوى جبريل عليه السلام للرسول وعاينه. ومولده كان عام الشعب قبل الهجرة بثلاث سنين. وقبض النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو ختين. وكانوا يختتنون للبلوغ، وتوفي بالطائف سنة ثمان وستين. وقيل سنة سبعين، وصلى عليه محمد بن الحنفية وسماه رباني هذه الأمة، وجاء طير أبيض فدخل في أكفانه، وسمع هاتف يهتف من قبره يقول: " يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضيةً مرضيةً " الآية.
وكان عمر بن الخطاب يدنيه ويسأله ويستشيره، ويدخله مع مشيخة أهل بدر، وكان له الجواب الحاضر والوجه الناضر، صبيح الوجه، له وفرة مخضوبة بالحناء، أبيض طويل، مشرب صفرة، جسيم، وسيم، علمه غزير وخيره كثير، يصدر الجاهل عن علمه وحكمته يقظان، والجائع عن خيره ومائدته شبعان.
وكانت عائشة تقول: هو أعلم من بقي بالسنة، وكان ابن عمر يقول: هو أعلم الناس بما أنزل على محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وشهد ابن عباس مع علي بن أبي طالب عليه السلام صفين وقتال الخوارج
بالنهروان، وورد في صحبته المدائن، وكان ابن عباس إذا قعد أخذ مقعد الرجلين، وكان يخضب بالسواد.
قال ابن جريج:
كنا جلوساً مع عطاء بن أبي رباح في المسجد الحرام فتذاكرنا ابن عباس وفضله، وعلي بن عبد الله في الطواف وخلفه محمد بن علي بن عبد الله بن عباس فعجبنا من تمام قامتهما وحسن وجوههما، قال عطاء: وأين حسنهما من حسن عبد الله بن عباس، ما رأيت القمر ليلة أربع عشرة وأنا في المسجد الحرام طالعاً من جبل أبي قبيس إلا ذكرت وجه عبد الله بن عباس، ولقد رأيتنا جلوساً معه في الحجر إذ أتاه شيخ فديم بدوي من هذيل يهدج على عصاه فسأله عن مسألة فأجابه، فقال الشيخ لبعض من معه: من هذا الفتى؟ قالوا: هذا عبد الله بن عباس بن عبد المطلب. قال الشيخ: سبحان الله الذي غيّر حسن عبد المطلب إلى ما أرى. قال عطاء: فسمعت ابن عباس يقول: سمعت أبي يقول: كان عبد المطلب أطول الناس قامة، وأحسن الناس وجهاً وما رآه أحد قط إلا أحبه. وكان له مفرش في الحجر لا يجلس عليه غيره، ولا يجلس عليه معه أحد، وكان الندي من قريش حرب بن أمية فمن دونه يجلسون حوله دون المفرش، فجاء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو صغير، لم يبلغ، فجلس على المفرش فجبذه رجل، فبكى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال عبد المطلب - وذلك بعدما كف بصره -:ما لابني يبكي؟! قالوا له: أراد أن يجلس على المفرش فمنعوه، فقال عبد المطلب: دعوا ابني يجلس عليه، فإنه يحس من نفسه بشرف، وأرجو أيبلغ من الشرف ما لم يبلغ عربي قبله ولا بعده، ومات عبد المطلب والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابن ثماني سنين، وكان خلف جنازة عبد المطلب يبكي حتى دفن بالحجون.
قال عكرمة: كان ابن عباس إذا مرّ في الطريق قلن النساء على الحيطان: أمر المسك أم مرّ ابن عباس؟
قال ابن عباس: أجلسني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حجره، ومسح رأسي، ودعا لي بالبركة.
وعن ابن عباس قال: أتيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من آخر الليل، فصليت خلفه، فأخذ بيدي فجرني حتى جعلني حذاءه. فلما أقبل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على صلاته خنست، فأخذ بيدي فجعلني حذاءه. فلما أقبل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على صلاته خنست، فصلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فلما انصرف قال لي: ما شأني أجعلك حذائي فتخنس؟! فقلت: يا رسول الله، أو ينبغي لأحد أن يصلي حذاءك وأنت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي أعطاك الله عز وجل؟ قال: فأعجبه، فدعا الله لي أن يزيدني علماً وفهماً. قال: ثم رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نام حتى سمعته نفخ، ثم أتاه بلال فقال: يا رسول الله، الصلاة، فقام فصلى ما أعاد وضوءاً.
قال ابن عباس: دعا لي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يؤتيني الحكمة والتأويل، قال: والحكمة: القرآن، والتأويل: تفسيره.
وعن ابن عباس قال: دعا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بخير كثير. وقال: نعم ترجمان القرآن أنت.
وعن ابن عباس أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وضع يده على رأس عبد الله فقال: اللهم، أعطه الحكمة، وعلمه التأويل، ووضع يده على صدره، فوجد عبد الله بن العباس بردها في ظهره، ثم قال: اللهم احش جوه حكماً وعلماً، فلم يستوحش في نفسه إلى مسألة أحد من الناس، ولم يزل حبر هذه الأمة حتى قبضه الله عز وجل.
وعن عمر قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن أرأف أمتي بها أبو بكر، وإن أصلبها في أمر الله لعمر، وإن أشدها حياء لعثمان،
وإن أقرأها لأبي، وإن أفرضها لزيد، وإن أقضاها لعلي، وإن أعلمها بالحلال والحرام لمعاذ، وإن أصدقها لهجة لأبو ذر، وإن أمير هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح، وإن حبر هذه الأمة لعبد الله بن عباس.
وعن ابن عباس قال: انتهيت إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعنده جبريل عليه السلام، فقال له جبريل: إنه كائن حبر الأمة فاستوص به خيراً.
وعن ابن عمر قال: دعا النبي لعبد الله بن العباس فقال: اللهم، بارك فيه وانشر منه.
وعن ابن عباس قال: مررت برسول الله وعليه ثياب بياض نقية، وهو يناجي دحية بن خليفة الكلبي، وهو جبريل، وأنا لا أعلم، قال: فلم أسلم. قال جبريل: يا محمد، من هذا؟ قال: هذا ابن عمي، هذا ابن عباس قال: ما أشد وضح ثيابه، أما إن ذريته ستسود بعده، لو سلم لرددنا عليه. قال: فلما رجعت قال: فلما رجعت قال لي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما منعك أن تسلم؟ قال: قلت يا رسول الله، رأيتك تناجي دحية الكلبي، فكرهت أن تقطعا منجاتكما. قال: وقد رأيته؟ قال: قلت: نعم، قال: أما إنه سيذهب بصرك، ويرده الله عليك في موتك. قال: فلما قبض ابن عباس ووضع على سريره جاء طير أبيض شديد الوضح فدخل في أكفانه فلمسوه، فقال لي عكرمة: ما تصنعون؟ هذه بشرى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال: فلما وضع في لحده تلقي بكلمة سمعها من كان على شفير القبر " يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ".
وفي حديث آخر بمعناه: ورجل يناجيه ولم يذكر دحية الكلبي.
وفي حديث آخر بمعناه عن سعيد بن جبير قال: مر العباس وابنه على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جبريل، فسلم العباس يعني: على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فلم يرد عليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: فشق عليه. قال: فلما جاز قال: يقول له ابنه: أبه، من الرجل الذي كان عند النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: فشق على العباس وخشي أن يكون قد عرض لابنه شيء لأنه لم ير هو مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحداً، قال: فجاء العباس فقال: يا رسول الله، مررت بك فسلمت فلم ترد علي السلام. فلما مضيت قال لي ابني: من الرجل الذي مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: فلقد رآه؟ ذاك جبريل. قال: فمسح النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأسه ودعا له بالعلم.
وعن أنس قال: نظر علي بن أبي طالب إلى جبريل عله السلام مرة، ونظر إليه ابن عباس مرة.
وعن عبد الله بن عباس قال: دخلت على خالتي ميمونة في يومها من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو نائم، ورأسه في حجرها، فقلت يا أمه، أو يا خالة، دعيني أغمز رجل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت: شأنك، فتناولت رجليه فجعلتهما في حجري، فانتبه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا عبد الله، أحبك الذي أحببتني له، أما إن جبريل قد أوصى بك خيراً، وقال: إن عبد الله من خيار هذه الأمة وإن ولده يرزقون الخلافة في آخر الزمان، ويرزقون حسن مشية الدواب.
وعن ابن عباس قال: كنت ردف رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال لي: يا غلام، ألا أعلمك شيئاً ينفعك الله به؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك، تعرف إلى الله في الرخاء، يعرفك في الشدة، وإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، فقد جف القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة، ولو جهد الخلائق أن ينفعوك بشيء لم يكتبه الله عليك لم يقدروا، ولو جهد الخلائق أن يضروك بشيء لم يكتبه الله عليك لم يقدروا على ذلك.
وعن ابن عباس قال: كنت ردف النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: إني سألت الله عز وجل لكم يابني عبد المطلب أن يهدي ضالكم، وأن يثبت قائلكم، وكلمة سقطت عن ابن القاسم، وأن يجعلكم نجباً نجداً جوداً، ولو أن أحداً صفن صلاة ما بين الركن والمقام ثم مات وهو مبغض لكم دخل النار.
وعن ابن عباس شرب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وابن عباس عن يمينه وخالد بن الوليد عن شماله، فقال له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الشربة لك، فإن شئت آثرت بها خالداً، قال: ما أوثر على سؤر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحداً.
وعن ابن عباس قال: لما قبض رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قلت لرجل من الأنصار: هلم فلنسأل أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نتعلم منهم فإنهم كثير، فقال: العجب والله لك يا بن عباس أترى الناس يحتاجون إليك وفي الأرض من ترى من أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتركت ذلك، وأقبلت على المسألة وتتبع أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإن كان ليبلغني الحديث عن الرجل سمعه عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فآتيه فأجده قائلاً، فأتوسد ردائي على بابه، تسفي الرياح على وجهي حتى يخرج، فإذا خرج قال: ما جاء بك يا بن عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأقول: جئت، بلغني أنك تحدث عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأحببت أن أسمعه منك، فيقول: هلا بعثت إلي حتى آتيك؟ فأقول: أنا كنت أحق أن آتيك. فكان هذا الرجل يمر بي وقد ذهب أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واحتاج الناس إلي فيقول: أنت كنت أعقل مني.
وعن ابن عباس قال: كنت أكرم الأكابر من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من المهاجرين والأنصار، وأسألهم عن مغازي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما نزل من القرآن في ذلك، وكنت لا آتي أحداً منهم إلا سر بإتياني لقربى من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجعلت أسأل أبي بن كعب يوماً وكان من الراسخين في العلم عما نزل من القرآن بالمدينة فقال: نزل سبع وعشرون سورة، وسائرها بمكة.
وكان ابن عباس يأتي أبا رافع مولى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيقول: ما صنع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم كذا وكذا؟ ومع ابن عباس ألواح يكتب ما يقول.
قال معمر: عامة علم ابن عباس عن ثلاثة: عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وأبي بن كعب.
قال ابن عباس: طلبت العلم فلم أجده أكثر منه في الأنصار، فكنت آتي الرجل فأسأل عنه فيقال لي: نائم، فأتوسد ردائي ثم أضطجع حتى يخرج إلي الظهر فيقول: متى كنت ها هنا يا بن عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأقول: منذ طويل فيقول: بئس ما صنعت، هلا أعلمتني؟ فأقول: أردت أن تخرج إلي وقد قضيت حاجتك.
وعن طاوس قال: قال ابن عباس: إن كنت لأسأل عن الأمر الواحد ثلاثين من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقيل لابن عباس لطلب العلم، فعززت مطلوباً.
وعن ابن عباس قال: كل القرآن أعلمه إلا ثلاثاً الرقيم وغسلين وحناناً.
وعن ابن عباس قال: قد حفظت السنة كلها، غير أني لا أدري أكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ في الظهر والعصر أم لا، ولا أدري كيف كان يقرأ هذا الحرف " وقد بلغت من الكبر عتياً " أو عسياً.
قال ابن عباس: دخلت على عمر بن الخطاب يوماً فسألني عن مسألة كتب إليه بها يعلى بن أمية من اليمن، فأجبته فيها، فقال عمر: أشهد أنك تنطق عن بيت نبوة.
وعن سعيد بن جبير قال: قال عمر لابن عباس: لقد علمت علماً ما علمناه.
وعن سعيد بن جبير قال: كان أناس من المهاجرين قد وجدوا على عمرفي إدنائه ابن عباس دونهم قال: وكان
يسأله فقال عمر: أما إني سأريكم اليوم منه ما تعرفون فضله، فسألهم عن هذه الصورة: " إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا " قال بعضهم: أمر الله نبيه إذا رأى الناس يدخلون في دين الله أفواجاً أن يحمدوه ويستغفروه. قال: فقال عمر: يا بن عباس، ألا تكلم قال: فقال: أعلمه من يموت. قال: " إذا جاء نصر الله والفتح " وفي رواية: والفتح فتح مكة " ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا " فهي آيتك من الموت: فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا " قال: ثم سألهم عن ليلة القدر فأكثروا فيها. فقال بعضهم: كنا نرى أنها في العشر الأوسط، ثم بلغنا أنها في العشر الأواخر، قال: فأكثروا فيها، فقال بعضهم: ليلة إحدى وعشرين، وقال بعضهم: ثلاث وعشرين، وقال بعضهم: سبع وعشرين، فقال بعضهم لابن عباس: ألا تكلم! قال: الله أعلم. قال: قد نعلم أن الله أعلم، إنما نسألك عن علمك فقال ابن عباس: الله وتر يحب الوتر، خلق من خلقه سبع سموات فاستوى عليهن، وخلق الأرض سبعاً، وخلق عدة الأيام سبعاً، ورمي الجمار سبعاً، وبين الصفا والمروى سبعاً، وخلق الإنسان من سبع، وجعل رزقه من سبع. قال: فقال عمر: وكيف خلق الإنسان من سبع، وجعل رزقه من سبع فقد فهمت من هذا الأمر ما فهمته؟ قال ابن عباس: إن الله يقول: " ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين " حتى بلغ إلى قوله: " فتبارك الله أحسن الخالقين " قال: ثم قرأ: " أنا صببنا الماء صباً ثم شققنا الأرض شقاً فأنبتنا فيها حباً وعنباً وقضباً وزيتوناً ونخلاً وحدائق غلباً وفاكهة وأباً " وأما السبعة فلبني آدم، وأما الأب فما أنبتت الأرض للأنعام، وأما ليلة القدر فما نراها إن شاء الله إلا ليلة ثلاث وعشرين يمضين وسبع بقين.
وعن ابن عباس قال: كان عمر يجلس مع الأكابر من أصحاب محمد، ويقول لي: لا تكلم حتى يتكلموا، ثم
يسألني، ثم يقبل عليهم فيقول: ما يمنعكم أن تأتونيبمثل ما يأتيني به هذا الغلام الذي لم تستو شؤون رأسه؟! وفي حديث آخر عن ابن عباس قال: كان عمر بن الخطاب يأذن لأهل بدر، ويأذن لي معهم. فقال بعضهم: يأذن لهذا الفتى معنا ومن أبنائنا من هو مثله، فقال عمر: إنه ممن قد علمتم. قال: فأذن لهم ذات يوم، وأذن لي معهم فسألهم عن هذه السورة: " إذا جاء نصر الله والفتح " وساق الحديث بمعنى ما تقدم.
وعن الزهري قال: قال المهاجرون لعمر: ألا ندعو أبناءنا كما تدعو ابن عباس؟ قال: ذاكم فتى الكهول، إن له لساناً سؤولاً وقلباً عقولاً.
وعن ابن عباس قال: قدم على عمر رجل، فجعل عمر يسأله عن الناس، فقال: يا أمير المؤمنين، قرأ منهم القرآن كذا وكذا، فقال ابن عباس: والله ما أحب أن يسارعوا يومهم هذا في القرآن هذه المسارعة. قال: فزبرني عمر ثم قال: مه، قال: فانطلقت إلى منزلي مكتئباً حزيناً، فقلت: قد كنت نزلت من هذا الرجل بمنزلة ما أراني إلا أني قد سقطت من نفسه، قال: فرجعت إلى منزلي فاضطجعت على فراشي حتى عادني نسوة أهلي وما بي وجع، وما هو إلا الذي نقلني به عمر، قال: فبينا أن كذلك إذ أتاني رجل فقال: أجب أمير المؤمنين، قال: فخرجت فإذا هو قائم قريباً ينتظرني، فأخذ بيدي ثم خلا بي فقال: ما كرهت مما قال الرجل؟ قال: قلت: يا أمير المؤمنين، إن كنت أسأت فأستغفر الله وأتوب إليه، وأنزل حيث أحببت، قال: لتحدثني ما الذي كرهت مما قال الرجل، فقلت: يا أمير المؤمنين إنهم متى سارعوا هذه المسارعة يحتقوا ومتى يحتقوا اختلفوا، ومتى اختلفوا يقتتلوا، قال: لله أبوك، والله لقد كنت أكاتمها الناس حتى جئت بها.
وعن أبي الزناد: أن عمر بن الخطاب دخل على ابن عباس يعوده وهو يحم، فقال له عمر: أخل بنا مرضك، فالله المستعان.
وعن عبد الله بن عباس قال: قال لي أبي: إن عمر بن الخطاب يدنيك فاحفظ عني ثلاثاً: لا تشفين له سراً، ولا تغتابن عنده أحداً، ولا يجربن عليك كذباً.
قال الشعبي: قلت لابن عباس: كل واحدة خير من ألف. قال: بل خير من عشرة آلاف.
وفي حديث آخر: ولا ابتدأته بشيء حتى يسألك عنه، عوضاً عن الكذب.
وفي حديث آخر: أن العباس بن عبد المطلب قال لابنه عبد الله بن العباس: يا بني أنت أعلم مني وأنا أفقه منك، إن هذا الرجل يدنيك، يعني: عمر بن الخطاب، فاحفظ عني ثلاثاً الحديث.
وعن عطاء بن يسار: أن عمر وعثمان كانا يدعوان ابن عباس فيسير مع أهل بدر، وكان يفتي في عهد عمر وعثمان إلى يوم مات.
قال المدائني: قال علي بن أبي طالب في عبد الله بن عباس: إنه ينظر إلى الغيب من ستر رقيق، لعقله وفطنته بالأمور.
وعن عكرمة: أن علياً حرق ناساً ارتدوا عن الإسلام، فبلغ ذلك ابن عباس فقال: لم أكن لأحرقهم بالنار، إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا تعذبوا بعذاب الله "، وكنت قاتلهم لقول
رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من بدل دينه فاقتلوه "، فبلغ ذلك عليا فقال: ويح ابن أم الفضل إنه لغواص على الهنات.
وعن سعد بن أبي وقاص قال: ما رأيت أحداً أحضر فهماً، ولا ألب لباً، ولا أكثر علماً، ولا أوسع حلماً من ابن عباس. ولقد رأيت عمر بن الخطاب يدعوه للمعضلات ثم يقول: عندك، قد جاءتك معضلة، ثم لا يجاوز قوله، وإن حوله لأهل بدر من المهاجرين والأنصار.
وعن مسروق قال: قال عبد الله: لو أن ابن عباس أدرك أسناننا ما عاشره منا أحد.
وفي رواية عنه قال: لوأن هذا الغلام من بني عبد المطلب أدرك ما أدركنا ما تعلقنا منه بشيء.
سألت امرأة ابن عمر عن مسألة فقال: ائتي ابن عباس، فإنه أعلم الناس بما أنزل الله عز وجل على محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وعن ابن عمر: أن رجلاً أتاه يسأله عن " السموات والأرض كانتا رتقاً ففتقناها "، قال: اذهب إلى ذلك الشيخ فسله ثم تعال فأخبرني ما قال. فذهب إلى ابن عباس فسأله، فقال ابن عباس: كانت السموات رتقاً لا تمطر، وكانت الأرض رتقاً لا تنبت، ففتق هذه بالمطر، وفتق هذه بالنبات. فرجع الرجل إلى ابن عمر، فأخبره، فقال: إن ابن عباس قد أوتي علماً. صدق، هكذا كانت، ثم قال ابن عمر: قد كنت أقول: ما تعجبني جرأة ابن عباس على تفسير القرآن، فالآن قد علمت أنه قد أوتي علماً.
ولما مات ابن عباس قال جابر بن عبد الله لما بلغه موته، وصفق بإحدى يديه على الأخرى: مات أعلم الناس، وأحلم الناس، ولقد أصيبت به هذه الأمة مصيبة لا ترتق.
ولما مات ابن عباس قال رافع بن خديج: مات اليوم من كان يحتاج إليه من بين المشرق والمغرب في العلم.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ابن عباس أعلم الناس بالحج.
قال الشعبي: ركب زيد بن ثابت، فأخذ ابن عباس بركابه، فقال: لا تفعل يابن عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا، فقال له زيد: أرني يديك، فأخرج يديه فقبلهما، وقال: هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا.
وعن ابن عباس قال: نحن أهل البيت شجرة النبوة، ومختلف الملائكة، وأهل بيت الرسالة، وأهل بيت الرحمة، ومعدن العلم.
وعن ابن عباس قال: لو كان المهدي في زماني لكنته، ولكنه في آخر الزمان، رجل من ولدي، أو قال مني.
وعن عكرمة قال: قال كعب الأخبار: مولاك رباني هذه الأمة هو أعلم من مات ومن عاش.
قال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: ما رأيت أحداً كان أعلم بالسنة ولا أجلد رأياً، ولا أثقب نظراً حين ينظر من ابن عباس، وإن كان عمر بن الخطاب يقول له: لقد طرأت علينا عضل أقضية أنت لها، ولا منا لها، ثم يقول عبيد الله: وعمر عمر في جده في ذات الله وحسن نظره للمسلمين.
وعنه قال: كان ابن عباس قد فات الناس بخصال: بعلم ما سبقه، وفقه فيما احتيج إليه من رأيه،
وحلم ونسب ونائل. ما رأيت أحداً كان أعلم بما سبقه من حديث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منه، ولا بقضاء أبي بكر وعمر وعثمان منه، ولا أفقه في رأي منه، ولا أعلم بشعر ولا عربية، ولا بتقسيم القرآن، ولا بحساب، ولا بفريضة منه، ولا أعلم بما مضى، ولا أثقب رأياً فيما احتيج إليه منه. ولقد كان يجلس يوماً ما يذكر فيه إلا الفقه، ويوماً التأويل، ويوماً المغازي، ويوماً الشعر، ويوماً أيام العرب. وما رأيت عالماً قط جلس إليه إلا خضع له، وما رأيت سائلاً قط سأله إلا وجد عنده علماً.
وقال عطاء: ما رأيت مجلساً قط كان أكرم من مجلس ابن عباس، أكثر علماً وأعظم جفنة، وإن أصحاب القرآن عنده يسألونه، وأصحاب النحو عنده يسألونه، وأصحاب الشعر عنده يسألونه، وأصحاب الفقه عنده يسألونه، كلهم يصدرهم في واد واسع.
وقال عطاء: كان أناس يأتون ابن عباس في الشعر والأنساب، وناس لأيام العرب ووقائعها، وناس للعلم، فما منهم من صنف إلا يقبل عليهم بما شاؤوا.
وعن طاوس قال: كان ابن عباس قد سبق على الناس في العلم كما تبسق النخلة السحوق على الودي الصغار.
وعن طاوس قال: ما رأيت أحداً خالف ابن عباس قط فتركه حتى يقرره.
وعن ليث بن أبي سليم قال: قلت لطاوس: لزمت هذا الغلام يعني ابن عباس، وتركت الأكابر من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا تدارؤوا في أمر صاروا إلى قول ابن عباس.
وعن طاوس قال: أدركت خمسين أو سبعين من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا سئلوا عن شيء فخالفوا ابن عباس لا يقومون حتى يقولوا: هو كما قلت، أو صدقت.
وعن ليث قال: قال لي طاوس: ما تعلمت من شيء فتعلم لنفسك، فإن الناس قد ذهبت منهم الأمانة. قال: وما رأيت رجلاً أعلم من ابن عباس ولا رأيت رجلاً أورع من ابن عمر. قال: وكان طاوس يعد الحديث حرفاً حرفاً.
وعن مجاهد قال: ما رئي مجلس ابن عباس. ولقد مات يوم مات، وإنه لحبر هذه الأمة.
وفي رواية: وما رأيت مثله قط أو قال: ما سمعت إلا أن يقول رجل: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقال مجاهد: كان عبد الله بن العباس أمدهم قامة، وأعظمهم جفنة، وأوسعهم علماً. ولو شاء أن أبكي كلما ذكرته بكيت.
قال: وكان ابن عباس يسمى البحر، لكثرة علمه.
وعن مجاهد قال: كنا نفخر على الناس بأربعة: نفخر بفقيهنا، ونفخر بقاضينا، ونفخر بقارئنا ونفخر بمؤذننا: فأما فقيهنا فابن عباس، وأما قاضينا فعبيد بن عمير، وأما قارئنا فعبد الله بن السائب، وأما مؤذننا فأبو محذورة.
قال مجاهد: كان ابن عباس إذا فسر الشيء رأيت عليه نوراً.
وقال: ما رأيت أحداً قط أعرب لساناً من ابن عباس.
وعن عمرو بن دينار قال: ما رأيت مجلساً قط أجمع لكل خير من مجلس ابن عباس، للحلال والحرام وتفسير القرآن والعربية والطعام، قال أبو هلال: ولا أراه إلا قال: والشعر.
وقال عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين: ما رأيت بيتاً كان أكثر طعاماً ولا شراباً ولا فاكهة ولا علماً من بيت عبد الله بن عباس.
وقال الضحاك: ما رأيت بيتاً أكثر خبزاً ولحماً وعلماً من بيت ابن عباس.
قال أبو صالح: لقد رأيت في ابن عباس مجلساً لو أن جميع قريش فخرت به لكان لها فخراً. لقد رأيت الناس اجتمعوا حتى ضاق بهم الطريق، فما كان أحد يقدر على أن يجيء ولا أن يذهب. قال: فدخلت عليه فأخبرته بمكانهم على بابه، فقال: ضع لي وضوءاً قال: فتوضأ وجلس وقال: اخرج فقل لهم: من كان يريد أن يسأل عن القرآن وحروفه، وما أراد منه فليدخل وقال: فخرجت، فأذنتهم، فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم عنه وزادهم مثلما سألوا عنه أو أكثر، ثم قال: إخوانكم. قال: فخرجوا، ثم قال: اخرج فقل: من أراد أن يسأل عن تفسير القرآن أو تأويله فليدخل.
قال: فخرجت فأذنتهم فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم به، وزادهم مثلما سألوا عنه أو أكثر، ثم قال: إخوانكم. قال: فخرجوا فقلت لهم. قال: فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم به، وزادهم مثله، ثم قال: إخوانكم، قال: فخرجوا، ثم قال: اخرج فقل: من أراد أن يسأل عن الفرائض وما أشبهها فليدخل. قال: فخرجت فأذنتهم، فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم، وزادهم مثله، ثم قال: إخوانكم. قال: فخرجوا، ثم قال:
اخرج فقل: من أراد أن يسأل عن العربية والشعر والغريب من الكلام فليدخل. قال: فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم به، وزادهم مثله.
قال أبو صالح: ولو أن قريشاً كلها فخرت بذلك لكان فخراً. فما رأيت مثل هذا لأحد من الناس.
قال جابر بن زيد: سألت البحر وكان يسمي ابن عباس البحر عن لحوم الحمر، فقرأ هذه الآي " قل لا أجد فيما أوحي غلي محرماً على طاعم يطعمه " إلى آخر الآية.
وفي حديث ابن الفرا: عن تحريم الخمر. وهو تصحيف.
وعن الحسن: أن ابن عباس كان من الإسلام بمنزل، وكان ابن عباس من القرآن بمنزل. قال: وكان يقوم على منبرنا هذا فيقرأ البقرة وآل عمران فيفسرها آية آية. وكان مثجه غرباً غرباً، وكان عمر إذا ذكره قال: ذاكم فتى الكهول، له لسان سؤول، وقلب عقول.
قال أبو بكر الهذلي: دخلت على الحسن بن أبي الحسن، فجلست عنده وهو يصلي، فتذاكرنا آيات من القرآن. فلما انصرف قال: ما كنتم تقولون؟ قلنا: " حم " و" طسم ". قال. فواتح يفتح الله بها القرآن، فقلت له: فإن مولى ابن عباس يقول: كذا وكذا. قال: إن ابن عباس كان من الإسلام بمنزل. وساق بقية الحديث.
قوله: كان مثجاً هو من العج والثج: السيلان. يريد أنه يصب الكلام صباً.
وعن ميمون بن مهران قال: لو أتيت ابن عباس بصحيفة فيها ستون حديثاً لرجعت ولم تسأله عنها، وسمعتها. قال: يسأله الناس فيكفونك.
قال عبد الله بن أبي الهذيل: أردت الخروج، فعلم بي أهل الكوفة، فجمعوا مسائل، ثم أتوني بها في صحيفة. فلما قدمت على ابن عباس خرج، فقعد للناس، فما زال يسألونه حتى ما بقي في صحيفتي شيء إلا سألوه عنه.
وعن مسروق انه قال: كنا إذا رأيت ابن عباس قلت: أجمل الناس، فإذا نطق قلت: أفصح الناس، فإذا تحدث قلت: أعلم الناس.
قال ابن أبي ملكية: دخلنا على ابن عباس فقال: إني لم أنم الليل، فقلنا له: لم يا أبا عباس؟ قال: طلع الكوكب ذوالذنب فخشيت أن يطرق الدخان. سلوني عن سورة البقرة، سلوني عن سورة يوسف، فإني قرأت القرآن وأنا صغير.
وعن عكرمة قال: كان ابن عباس أعلمهما بالقرآن، وكان علي أعلمهما بالمبهمات، وسئل إسحاق بن إبراهيم الحنظلي عن معنى قول عكرمة: إن ابن عباس أعلم بتفسير القرآن من علي، فقال: لم سمع ابن عباس عامة التفسير من علي فوعاه وجمعه، ثم ضم إليه ما سمعه من غيره مثل أبي بكر وعمر وعثمان وعبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وعامة أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فلما ضم علم هؤلاء في التفسير إلى علم علي كان أعلم منه بالتفسير. وقد كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعا له فقال ": اللهم علمه الكتاب وفهمه التأويل، وعلي أعلم منه بالمبهمات ومن غيره، فقد شهد عامة التنزيل فروى فيم نزل، وفي أي أمر كان.
قال شقيق: خطب ابن عباس وهو على الموسم، فافتتح سورة البقرة، فجعل يقرؤها ويفسر، فجعلت أقول: ما رأيت ولا سمعت كلام رجل مثله. لو سمعت فارس والروم لأسلمت.
وفي حديث بمعناه: فقرأ سورة النور.
وعن ابن عباس قال: لقد علمت علما من القرآن ما يسألني عنه أحد، لا أدري علمه الناس فلم يسألوا عنه أو لم يعلموها فيسألوا عنها.
وعن ابن عائشة قال: ما زال ابن عباس يستفيد حتى مات. وكان يقول: ما علمت ما " فاطر " حتى سمعت أعرابياً يخاصم رجلاً في بئر واحدهما يقول: أنا فطرتها، وكنت لا أدري ماء البعل حتى سمعت أعرابياً ينادي آخر يقول: يا بعل الناقة، فعلمت أنه ربها.
وعن ابن عباس قال: كل القرآن أعلمه إلا أربع: غسلين، وحناناً، والأواه، والرقيم.
وعن عبيد الله بن أبي يزيد قال: كان ابن عباس إذا سئل عن شيء، فإن كان في كتاب الله عز وجل قال به، وإن لم يكن في كتاب الله عز وجل وكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه شيء قال به، فإن لم يكن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه شيء قال بما قال به أبو بكر وعمر، فإن لم يكن لأبي بكر وعمر، فيه شيء قال برأيه.
وعن القاسم بن محمد قال: ما رأيت في مجلس ابن عباس باطلاً قط.
وعن سفيان بن عيينة قال: علماء الأزمنة ثلاثة: ابن عباس في زمانه، والشعبي في زمانه، وسفيان الثوري في زمانه.
ورد صعصعة بن صوحان على علي بن أبي طالب من البصرة، فسأله عن عبد الله بن عباس، وكان على خلافته بها، فقال صعصعة: يا أمير المؤمنين، إنه آخذ بثلاث وتارك لثلاث: آخذ بقلوب الرجال إذا حدث، ويحسن الاستماع إذا حدث، وبأيسر الأمرين إذا خولف. تارك للمراء، وتارك لمقاربة اللئيم، وتارك لما يعتذر منه.
وعن عبد الله بن بريدة قال: شتم رجل ابن عباس، فقال: إنك تشتمني وفي ثلاث خصال: إني لآتي على الآية من كتاب الله عز وجل فلوددت أن جميع الناس علموا منها مثل الذي أعلم، وإني لأسمع الحاكم
من حكام المسلمين يقضي بالعدل فأفرج به ولعلي لا أقاضي إليه أبداً وإني لأسمع بالغيث يصيب الأرض من أرض المسلمين فأفرج به ومالي سائمة أبداً.
وعن ابن أبي ملكية قال: صحبت ابن عباس من مكة إلى المدينة، ومن المدينة إلى مكة، فكان يصلي ركعتين ركعتين، إذا نزل قام ينتظر الليل، فيرتل القرآن حرفاً حرفاً، ويكثر من النشيج قلت: وما النشيج؟ قال: النحيب، البكاء، ويقرأ: " وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد ".
قال شعيب بن درهم: كان هذا الموضع وأومأ إلى مجرى الدموع من خديه من خدي ابن عباس، مثل الشراك البالي من كثرة البكاء.
جاء رجل إلى ابن عباس فقال: يا بن عباس، كيف صومك؟ قال: أصوم الاثنين والخميس، قال: ولم؟ قال: لأن الأعمال ترفع فيها، وأحب أن ترفع أعمالي وأنا صائم.
قال معاوية يوماً لعبد الله بن عباس: إنه ضربتني البارحة أمواج القرآن في آيتين لم أعرف تأويلهما، ففزعت إليك، فقال ابن عباس: ما هما؟ فقال معاوية: قول الله عز وجل: " وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن تقدر عليه " فقلت: يونس رسول الله ظن أنه بقوته إذا أراده، ما ظن هذا مؤمن، وقول الله عز وجل: " حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا " فقلت سبحان الله! كيف يكون هذا أن يستيئس الرسل من نصر الله، أو
يظنوا أنهم كذبهم ما وعدهم! إن لهاتين الآيتين تأويلاً ما نعلمه. قال ابن عباس: أما يونس عله السلام فظن أن خطيئته لم تبلغ أن يقدر الله عليه تلك البلية، ولم يشك أن الله عز وجل إذا أراده قدر عليه. وأما قوله: حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم، وظن من أعطاهم الرضا في العلانية أن يكذبهم في السريرة، وذلك أطول البلاء عليهم، ولم يستيئس الرسل من نصر الله، ولم يظنوا أنهم كذبهم ما وعدهم. فقال معاوية: فرجت عني فرج الله عنك. قال ابن عباس فإن رجلاً قرأ علي آية المحيض، قول الله عز وجل: " ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض " إلى آخر الآية. يعني بالماء " فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله " يقول: طاهرات غير حيض، فقال معاوية: إن قريشاً لتغبط بك لا بل جميع العرب، لا بل جميع أمة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولولا خفتك مع علي عطفتني عليك العواطف، فقال أيمن بن خريم: البسيط
ما كان يعلم هذا العلم من أحد ... بعد النبي سوى الحبر ابن عباس
مستنبط العلم غضاً من معادنه ... هذا اليقين وما بالحق من باس
دينوا بقول ابن عباس وحكمته ... إن المنافي فيكم عالم الناس
كالقطب قطب الرحا في كل حادثة ... أو كالحمام فمنه موضع الراس
من ذا يفرج عنكم كل معضلة ... إن صار رهناً مقيماً بين أرماس؟
قال ابن ملكية: كتب ابن هرقل إلى معاوية يسأله عن ثلاث خلال: مكان إذا كنت عليه لم تدر أين قبلتك، ومكان طلعت الشمس لم تطلع فيه قبل ولا بعد، وعن المحو الذي في القمر. فقال معاوية: من لهذه؟ فقيل له: ابن عباس. فكتب إلى ابن عباس، فكتب إليه ابن عباس: أما المكان الذي إذا كنت فيه لم تدر أين قبلتك فإذا كنت على ظهر الكعبة. وأما المكان الذي طلعت الشمس ولم تطلع فيه قبل ولا بعد فالبحر يوم انفلق لموسى. وأما المحو الذي في القمر فإن الله عز وجل يقول: " وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل " فهو آية الليل، فكتب به معاوية إلى ابن هرقل. قال: فكتب إليه: ما هذا من كنزك ولا كنز أبيك، ولا خرج هذا إلا من أهل بيت نبوة.
وعن ابن عباس قال: كتب قيصر إلى معاوية: أما بعد، فأي كلمة أحب إلى الله والثانية والثالثة والرابعة والخامسة، ومن أكرم عباد الله وإمائه عليه، وأربعة أشياء فيهم الروح لم ترتكض في رحم، وقبر سار بصاحبه، ومكان لم تصبه الشمس إلا مرة واحدة، والمجرة التي في السماء ما هي؟ وقوس قزح ما هو؟ فلما قرأ معاوية الكتاب قال لعبد الله: ما أدري ما هذا، وماله إلا ابن عباس، فأرسل إلى ابن عباس يسأله عن ذلك، فقال: أحب كلمة إلى الله: لا إله إلا الله، والثانية: سبحان الله، والثالثة: الحمد، والرابعة: الله أكبر، والخامسة: لا حول ولا قوة إلا بالله. وأما أكرم عباد الله فآدم خلقه الله بيده وعلمه الأسماء كلها، وأكرم إمائه عنده مريم التي أحصنت فرجها، والرابعة التي فيها الروح لم ترتكض في رحم فآدم وحواء، وعصا موسى، وكبش إبراهيم، والقبر الذي سار بصاحبه قبر يونس بن متى في بطن الحوت.
والمكان الذي لم تصبه الشمس إلا مرة واحدة فالبحر فلقه موسى بعصاه، وقوس قزح فأمان لأهل الأرض من الغرق وزاد في حديث آخر: بعد قوم نوح والمجرة فهي باب السماء.
وفي حديث آخر بمعناه: فقلت: أما أحب كلمة إلى الله: فلا إله إلا الله لا يقبل عمل إلا بها، والثانية: المنجية سبحان الله وصلاة الخلق، والثالثة: الحمد لله كلمة الشكر، والرابعة: الله أكبر فواتح الصلاة والركوع والسجود، والخامسة: لا حول ولا قوة إلا بالله. فاكتب إليه بذلك، فإنهم سيعرفون فأما لا إله إلا الله فإذا قالها العبد قال: يقول الله - أخلص عبدي. فإذا قال: سبحان الله قال: عبدني عبدي، فإذا قال: الحمد لله، قال: أخلص عبدي، فإذا قال: الله أكبر، قال: صدق عبدي أنا أكبر، فإذا قال: لا حول ولا قوة إلا بالله قال: ألقى إلي عبدي السلام الحديث.
وعن أبي الجويرية الجرمي قال: كتب قيصر إلى معاوية: أخبرني عمن لا قبلة له، وعمن لا أب له، وعمن لا عشيرة له، وعمن سار به قبره، وعن ثلاثة أشياء لم تخلق في رحم، وعن شيء ونصف شيء ولا
شيء، وابعث إلي في هذه القارورة ببزر كل شيء. فبعث معاوية بالكتاب والقارورة إلى ابن عباس، وقيل إنالحسن بن علي بعث إليه بالكتاب والقارورة أما من لا قبلة له فالكعبة، وأما من لا أب له فعيسى، وأما من لا عشيرة له فآدم، وأما من سار به قبره فيونس. وأما ثلاثة أشياء لم تخلق في رحم فكبش إبراهيم، وناقة ثمود، وعصا موسى. وأما شيء فالرجل له عقل، يعمل بعقله، وأما نصف شيء فالذي ليس له عقل ويعمل برأي ذوي العقول. وأما لا شيء فالذي ليس له عقل، يعمل بعقله، وملأ القارورة ماء، وقال: هذا بزر كل شيء. فبعث معاوية بالبزر والقارورة إلى قيصر. فلما وصل إليه الكتاب والقارورة قال: ما خرج هذا إلا من أهل بيت نبوة.
وعن حماد بن حميد قال: كتب رجل من أهل العلم إلى ابن عباس يسأله عن هذه المسائل وكان الرجل عالماً. قال: أخبرني عن رجل دخل الجنة ونهى الله محمداً أن يعمل بعمله، وأخبرني عن شيء تكلم ليس له لحم ولا دم، وأخبرني عن شيء بنفس ليس له لحم ولا دم، وأخبرني عن شيء له لحم ولم تلده أنثى ولا ذكر، وأخبرني عن شيء قليله وكثيره حرام، وأخبرني عن رسول بعثه الله ليس من الجن ولا من الإنس ولا من الملائكة، واخبرني عن نفس أوحى الله إليها ليست من الأشياء، وأخبرني عن منذر ليس من الجن ولا من الإنس، وأخبرني عن شيء حرم بعضه وحل بعضه، وأخبرني عن نفس ماتت وأحييت بنفس غيرها، وأخبرني عن نفس خرجت من جوف نفس ليس بينهما نسب ولا رحم، وأخبرني عناثنين تكلما ليس لهما لحم ولا دم، وأخبرني عن الرجل الذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها، وأخبرني عن شيء إن فعلته كان حراماً وإن تركته كان حراماً، وأخبرني عن موسى كم أرضعته أمه قبل أن تلقيه في البحر، وفي أي بحر قذفته، وأخبرني عن الاثنين اللذين كانا في بيت فرعون حين لطم موسى فرعون، وأخبرني عن موسى حين كلمه الله تعالى من حمل التوراة إليه، وكم كانت الملائكة الذين حملوا التوراة إلى موسى، وأخبرني عن آدم كم كان طوله، وكم عاش، ومن كان وصيه، وأخبرني من كان بعد آدم من الرسل، ومن كان بعد نوح، ومن كان بعد هود، ومن كان بعد إبراهيم، ومن كان بعد لوط، ومن كان بعد إسحاق، ومن كان قبل
نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأخبرني عن الأنبياء كم كانوا، وكم كان منهم الرسل، وكم كان منهم من الأنبياء، وأخبرني كم في القرآن منهم، وأخبرني عن رجل ولد من غير ذكر ولا أنثى ولم يمت، وأخبرني عن أرض لم تصبها الشمس إلا يوماً واحداً، وأخبرني عن الطير الذي لا يبيض ولا يحضن عليه طير.
قال: فلما قدمت المسائل على ابن عباس عجب من ذلك عجباً شديداً، ثم كتب إليه: أما سؤالك عن الرجل الذي دخل الجنة ونهي عنه محمداً أن يعمل بعمله فهو يونس النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على نبينا وعليه وسلم الذي يقول: " ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم " وأما الشيء الذي تكلم ليس له لحم ولا دم فهي النار التي تقول " هل من مزيد " وأما الرسول الذي بعثه الله من الجن ولا من الإنس ولا من الملائكة فهو الغراب الذي بعثه الله إلى ابن آدم ليريه كيف يواري سوأة أخيه. وأما الذي له لحم ودم لم تلده أنثى ولا ذكر فهو كبش إبراهيم الذي فدى به إسحاق. وأما الشيء الذي بنفس ليس له لحم ولا دم فهو الصبح، إذ يقول الله عز وجل " والصبح إذا تنفس " وأما النفس التي ماتت، وأحييت بنفس غيرها فهي البقرة التي ذكرها الله عز وجل في القرآن الذي يقول: " اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى " الآية. وأما الطير الذي لم يبض ولم يحضن عليه طائر فهو الطير الذي نفخ فيه عيسى بن مريم، فكان طيراً بإذن الله، واما الشيء الذي قليله حلال وكثيره حرام فهو نهر طالوت الذي ابتلاهم الله به، وأما النفس التي خرجت من جوف نفس ليس بينهما نسب ولا رحم فهو يونس النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي خرج من بطن الحوت.
وأما الاثنتان اللتان تكلمتا ليس لهما لحم ولا دم فهما السماء والأرض إذ يقول الله تعالى: " ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين "، وأما الشيء الذي مشى ليس له لحم
ولا دم فهو عصا موسى التي " تلقف ما يأفكون "، وأما الرجل الذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها فهو أرمنياً. وأما الشيء الذي إن فعلته كان حراما، وإن تركته كان حراماً فهي الصلاة: إن صليت وأنت سكران لا يحل لك، وإن تركتتها لا يحل لك. وسألت عن أم موسى كم أرضعته فإنها أرضعته ثلاثة أشهر قبل أن تقذفه في البحر، ثم ألقته في البحر بحر القلزم. وسألت عن الاثنين اللذين كانا في بيت فرعون حين لطمه موسى فهي آسية امرأة فرعون، والرجل الذي كان يكمن إيمانه. وسألت عن موسى يوم كلمه الله تعالى وحملت التوراة إليه فإن الله كلم موسى يوم الجمعة، وأعطي التوراة، ونزلت بها الملائكة إلى موسى يوم الجمعة، ومر الله تعالى بكل حرف من التوراة فحمله ملك من السماء، فلا يعلم عدد ذلك إلا الله وحده لا شريك له. وأما الأرض التي لم تنظر إليها الشمس إلا يوماً فهي أرض البحر الذي فلقه الله عز وجل لموسى. وأما المنذر الذي ليس من الإنس ولا من الجن فهي النملة: " قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم "، وسألت عن آدم فهو أول الأنبياء خلقه الله من طين، وسواه ونفخ فيه من روحه. وكان طوله فيما بلغنا والله أعلم ستين ذرعاً، وكان نبياً وخليفة، وعاش ألف سنة إلا ستين عاماً. وكان وصيه شيث.
وسألت من كان بعد شيث من الأنبياء، كان بعد إدريس وهو أول الرسل. وكان بعد إدريس نوح، وكان بعد نوح هود، ثم كان بعد هود صالح، ثم كان بعد صالح إبراهيم، ثم كان بعد إبراهيم لوط ابن أخي إبراهيم، وكان بعد لوط إسماعيل، ثم كان بعد إسماعيل إسحاق، وكان بعد إسحاق، وكان بعد إسحاق يعقوب، ثم كان بعد يعقوب يوسف، ثم كان بعد يوسف موسى، ثم كان بعد موسى عيسى فأنزل الله عليه الإنجيل، ثم كان بعد نبينا نبي الرحمة صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وسألت عن عدد الأنبياء: كانوا فيما بلغنا والله أعلم ألف نبي ومئتي نبي وخمسة وسبعين نبياً. وكان منهم ثلاث مئة وخمسة عشر رسولاً، وسائرهم أنبياء صالحون نجد في القرآن منهم ثلاثة وثلاثين نبياً يقول الله عز وجل: " ورسلاً قد قصصناهم عليك من قبل ورسلاً لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليماً ".
وكان ابن عباس امير البصرة، وكان يغشى الناس في شهر رمضان، فلا ينقضي الشهر حتى يفقههم، وكان إذا كان آخر ليلة من شهر رمضان يعظهم، ويتكلم بكلام يردعهم، ويقول: ملاك أمركم الدين، ووصلتكم الوفاء، وزينتكم العلم، وسلامتكم الحلم وطولكم المعروف. إن كان الله كفلكم الوسع، اتقوا الله ما استطعتم. قال: فقال اعرابي فقال: من أشعر الناس أيها الأمير؟ قال: أفي إثر العظة؟ قل يا أبا الأسود قال: فقال: أبو الأسود الدؤلي: أشعر الناس يقول: الطويل
فإنك كالليل الذي هو مدركي ... وإن خلت أن المنتأى عنك واسع
قال هذا لنابغة بني ذبيان.
فكان الرجل يأتي مجلس عبد الله بن عباس وقد انتعل القوم، فيخلع نعليه، فيقول له الرجل لا يحبسك مكاني يا أبا العباس، فيقول: ما أنا بقائم حتى آحادثك وتحدثني فأسمع منك.
قال محمد بن سلام: سعى ساع إلى ابن عباس برجل فقال: إن شئت نظرنا فينا قلت، فإن كنت كاذباً عاقبناك، وإن كنت صادقاً مقتناك، وإن أحببت أقلناك. قال: هذه.
قال ابو محمد بن قتيبية في حديث علي: إنه كتب إلى ابن عباس حين أخذ من مال البصرة ماأخذ: إني أشركتك في أمانتي، ولم يكن رجل من أهلي أوثق منك في نفسي. فلما رأيت الزمان على ابن عمك قد كلب، والعدو قد حرب، قلبت لابن عمك ظهر المجن بفراقه مع المفارقين وخذلانه مع الخاذلين، واختطفت ما قدرت عليه من أموال الأمة اختطاف
الذئب الأزل دامية المعزى. وفي الكتاب: ضح رويداً، فكأن قد بلغت المدى، وعرضت عليك أعمالك بالمحل الذي به ينادي المغتر بالحسرة، ويتمنى المضيع التوبة والظالم الرجعة.
قوله: قد حرب: أي غضب، وقوله قلبت لابن عمك ظهر المجن: هو مثل يضرب لمن كان لصاحبه على مودة أو رعاية ثم حال عن ذلك، والمجن: الترس. وقوله: اختطاف الذئب الأزل دامية المعزى: خص الدامية دون غيرها لأن في طبع الذئب محبة الدم، فهو يؤثر الدامية على غيرها. ويبلغ به طبعه في ذلك أنه يرى الذئب مثله وقد دمي فيثيب عليه ليأكله.
نظر الحطيئة إلى ابن عباس في مجلس عمر وقد فرع بكلامه، فقال: من هذا الذي قد نزل عن القوم في سنه وعلاهم في قوله؟ قالوا: هذا ابن عباس، هذا ابن عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأنشأ يقول:
إني وجدت بيان المرء نافلة ... تهدى له ووجدت العي كالصمم
المرء يبلى ويبقى الكلم سائره ... وقد يلام الفتى يوماً ولم يلم
الكلم ها هنا جمع كلمة، وأصله الكلم بكسر اللام، فسكنه تخفيفاً لإقامة الوزن، كما قالوا: ملك في ملك. فأما الكلم الذي عين فعله ساكنة في أصل بنائه فإنه مصدر كلمه يكلمه كلماً بمعنى جرحه. وقوله: سائره يعني أنه يبقى سائر الكلام. يريد الحكم السائرة من الكلم.
اختصم إلى عمر بن الخطاب حسان بن ثابت وخصم له، فسمع منهم، وقضى على حسان، فخرج وهو مهموم، فمر بابن عباس فأخبره بقصته، فقال له ابن عباس: لو كنت أنا الحكم بينكما لحكمت لك، فرجع حسان إلى عمر فأخبره فبعث عمر إلى ابن عباس فأتاه فسأله عما قال حسان، فصدقه، فسأله عن الحجة في ذلك فأخبره، فرجع عمر إلى قول ابن عباس، وحكم لحسان، فخرج وهو آخذ بيد ابن عباس وهو يقول:
إذا ما ابن عباس بدا لك وجهه ... رأيت له في كل منزلة فضلا
قضى وشفى ما في النفوس فلم يدع ... لذي إربة في القول جداً ولا هزلا
ورويت هذه الأبيات في ابن عباس في قصة أخرى.
قال المدائني: تكلم رجل عند ابن عباس، فأكثر السقط في كلامه، فالتفت ابن عباس إلى عبد له
فأعتقه، فقيل له لم أعتقت عبدك؟ قال: شكراً لله إذ لم يجعلني مثل هذا. ثم أنشد المدائني:
عي الشريف يشين منصبه ... وترى الوضيع يزينه أدبه
ولما جاء معاوية نعي الحسن بن علي استأذن ابن عباس على معاوية، وكان ابن عباس قد ذهب بصره، فكان يقول لقائده: إذا دخلت بي على معاوية فلا تقدني، فإن معاوية يشمت بي. فلما جلس ابن عباس قال معاوية: لأخبرنه بما هو أشد عليه من أن أشمت به. فلما دخل قال: يا أبا العباس، هلك الحسن بن علي، فقال ابن عباس: إنا لله وإنا إليه راجعون. وعرف ابن عباس أنه شامت به، فقال: أما والله يا معاوية لا تسد حفرتك، ولا تخلد بعده، ولقد أصبنا بأعظم منه، فخرنا الله بعده، ثمقام. فقال معاوية: لا والله، ما كلمت أحداً قط أعد جواباً ولا أعقل من ابن عباس.
وعن ربعي بن حراش قال:
استأذن عبد الله بن العباس على معاوية بن أبي سفيان، وقد تحلقت عنده بطون قريش، وسعيد بن العاص جالس عن يمينه. فلما نظر إليه معاوية مقبلاً قال لسعيد: والله لألقين على ابن عباس مسائل يعيا بجوابها فقال سعيد: ليس مثل ابن عباس يعيا بمسائلك. فلما جلس قال له معاوية: ما تقول في أبي بكر الصديق قال: رحم الله أبا بكر، كان والله للقرآن تالياً، وللشر قالياً، وعن المثل نائياً، وعن الفحشاء ساهياً، وعن المنكر ناهياً، وبدينه عارفاً، ومن الله خائفاً، ومن المهلكات جانفاً، يخاف فلتة الدهر، وإحياء بالليل قائماً، وبالنهار صائماً، ومن دنياه سالماً، وعلى عدل البرية عازماً، وبالمعروف آمراً، وإليه صائراً، وفي الأحوال شاكراً، والله بالغدو والآصال ذاكراً، ولنفسه في المصالح قاهراً، فاق أصحابه ورعاً وكفافاً، وزهداً وعفافاً، وسراً وحياطة، فأعقب الله من ثلبه اللعائن إلى يوم التغابن.
قال معاوية: فما تقول في عمر بن الخطاب؟ فقال رحم الله أبا حفص، كان والله حليف الإسلام، ومأوى الأيتام، ومحل الإيمان، وملاذ الضعفاء، ومعقل الحنفاء، للخلق
حصناً، وللناس عوناً قال بحق الله صابراً محتسباً حتى أظهر الدين وفتح الديار وذكر الله في الإفطار والمنار، وعلى التلال وفي الضواحي والبقاع. عبد الجبار في الرخاء والشدة شكوراً، له وفي كل وقت وآن ذكوراً، فأعقب الله من يبغضه اللعنة إلى يوم الحسرة.
قال معاوية: فما تقول في عثمان؟ قال: رحم الله أبا عمرو، كان والله أكرم الحفدة، وأفضل البررة، وأصبر القراء، هجاد بالأسحار، كثير الدموع عند ذكر الدار دائب الفكر فيما يعنيه بالليل والنهار، نهاضاً إلى كل مكرمة، سعاء إلى كل منقبة، فراراً من كل موبقة، صاحب جيش العسرة، وصاحب البئر، وختن المصطفى عليه السلام على ابنتيه، فأعقب الله من ثلبه الندامى إلى يوم القيامة.
قال معاوية: فما تقول في علي بن أبي طالب؟ قال: رحم الله أبا الحسن، كان والله علم الهدى، وكهف التقى، ومحل الحجا، وطود الندى، ونور السفر في ظلم الدجى، وداعياً إلى المحجة العظمى، وعالماً بما في الصحف الأولى، وقائماً بالتأويل والذكرى متعلقاً بأسباب الهدى، وتاركاً للجور والأذى وحائداً عن طرقات الردى، وخير من آمن واتقى، وسيد من تقمص وارتدى، وأفضل من حج وسعى، وأسمح من عدل وسوى، وأخطب أهل الدنيا سوى الأنبياء والمصطفى، وصاحب القبلتين وزوج خير النساء، وأبو السبطين، لم تر عين مثله، ولا ترى أبداً حتى القيام واللقاء. فعلى من لعنه لعنة الله والعباد إلى يوم القيامة.
قال معاوية: فما تقول في طلحة والزبير؟ قال: رحمة الله عليهما، كانا والله عفيفين، مسلمين، برين، طاهرين، مطهرين، شهيدين، عالمين بالله، لهما النصرة القديمة والصحبة الكريمة، والأفعال الجميلة وفي حديث آخر: زلا زلة الله غافرها لهما.
قال: ما تقول في العباس بن عبد المطلب؟ قال: رحم الله أبا الفضل، كان والله صنو أبي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقرة عين صفي الله، لهميم الأقوام، وسيد الأعمام، قد علا بصراً للأمور، ونظراً في العواقب. علم تلاشت الأحساب عند ذكر فضيلته، وتباعدت
الأنساب عند فخر عشيرته، ولم لا يكون كذلك؟ وقد ساسه اكرم من ذهب وهب: عب المطلب أفخر من مشى من قريش وركب.
قال معاوية: فلما سميت قريش قريشاً؟ قال: لدابة تكون في البحر هي أعظم دواب البحر خطراً، لا تظفر بشيء من دواب البحر إلا أكلته، فسميت قريش لأنها أعظم العرب فعالاً. فقال: هل تروي في ذلك شعراً؟ فأنشده قول الجمحي:
وقريش هي التي تسكن البحر به ... اسميت قريش قريشا
تأكل الغث والسمين ولا تترك ل ... ذي الجناحين ريشا
هكذا في البلاد حي قريش ... يأكلون البلاد أكلاً كشيشاً
ولهم آخر الزمان نبي ... يكثر القتل فيهم والخموشا
يملأ الأرض خيله ورجال ... يحشرون المطي حشراً كميشاً
فقال معاوية: صدقت يا بن عباس، أشهد أنك لسان أهل بيتك.
فلما خرج ابن عباس من عنده قال معاوية لمن عنده: ما كلمته قط إلا وجدته مستعداً.
وفي حديث آخر قال:
فأمر له معاوية بأربعة آلاف درهم فقبضها ثم صرفها في بني عبد المطلب. فقالوا له: لا نقبل صدقة. قال: إنها ليست بصدقة. وإنما هي هدية لم يبق منها شيء، فبلغ ذلك معاوية فكتب إليه يلومه وأن يقصر عن ذلك فكتب إليه يقول:
بخيل يرى بالجود عاراً وإنما ... على المرء عار أن يضن ويبخلا
إذا المرء أثرى ثم لم يرج نفعه ... صديق فلاقته المنية أولا
أنشد المبرد لعبد الله بن العباس، كتب به إلى معاوية لن أبي سفيان: الطويل
إني أغضيت عن غير بغضة ... لراع لأسباب المودة حافظ
وما زال يدعوني إلى الصرم ما أرى ... فآبى وتثنيني عليك الحفائظ
وأنتظر العتبى وأغضي على القذى ... وألبس طوراً مره وأغالظ
وأنتظر الإقبال بالود منكم ... وأصبر حتى أوجعتني المغايظ
وجربت ما يسلي المحب عن الهوى ... وأقصرت والتجريب للمرء واعط
لما خرج الحسين بن علي إلى الكوفة اجتمع ابنعباس وعبد الله وبن الزبير بمكة فضرب ابن عباس جنب ابن الزبير وتمثل: الرجز
يا لك من قبرة بمعمر ... خلا لك الجود فبيضي واصفري
ونقري ما شئت أن تنقري
خلا لك والله يا بن الزبير الحجاز. وسار الحسين إلى العراق، فقال ابن الزبير لابن عباس: والله ما ترون إلا أنكم أحق بهذا الأمر من سائر الناس، فقال له ابن عباس: إنما يرى من كان في شك، فأما نحن من ذلك فعلى يقين، ولكن أخبرني عن نفسك لم زعمت أنك أحق بهذا الأمر من سائر العرب، قال ابن الزبير: لشرفي عليهم قديماً لا تنكرونه قال: فأيما أشرف، أنت أم من شرفت به؟ قال: إن الذي شرفت به زادني شرفاً. قال: وعلت أصواتهما، فقال ابن أخ لعبد الله بن الزبير: يا بن عباس، دعنا من قولك، فوالله لا تحبونا يا بني هاشم أبداً. قال: فخفقه عبد الله بن الزبير بالنعل وما استحق الضرب؟! وإنما يستحق الضرب من مرق ومذق. قال: يا بن عباس، أما تريد أن تعفو عن كلمة واحدة قال: إنما نعفو عمن أقر، فأما من هر فلا. قال: فقال ابن الزبير: فأين الفضل؟ قال ابن عباس: عندنا - أهل البيت - لا نضعه في غير موضعه فندم، ولا نزويه عن أهله
فنظلم. قال: أولست منهم؟ قال: بلى إن نبذت الحسد، ولزمت الجدد. قال: واعترض بينهما رجال من قريش فأسكتوهما.
وعن ابن عباس قال: لو أن العلماء أخذوا العلم بحقه لأحبهم الله عز وجل والملائكة والصالحون من عباده، ولهابهم الناس، لفضل العلم وشرفه.
قال جندب لابن عباس: أوصني بوصية، قال: أوصيك بتوحيد الله، ولا عمل له، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة. فإن كل خير أنت آتيه بعد هذه الخصال منك مقبول وإلى الله مرفوع. يا جندب، إنك لن تزداد من يومك إلا قرباً، فصل صلاة مودع، وأصبح في الدنيا كأنك غريب مسافر، فإنك من أهل القبور، وابك على ذنبك، وتب من خطيئتك، ولتكن الدنيا أهون عليك من شسع نعليك، وكأن قد فارقتها، وصرت إلى عدل الله، ولن تنتفع بما خلفت، ولن ينفعك إلا عملك.
قال ابن بريدة: رأيت ابن عباس آخذاً بلسانه وهو يقول: ويحك، قل خيراً تغنم أو اسكت عن شر تسلم، وإلا فاعلم أنك ستندم. قال: فقيل له: يا بن عباس، لم تقول هذا؟! قال: إنه بلغني أن الإنسان أراه قال: ليس على شيء من جسده حنقاً أو غيظاً يوم القيامة لعله قال: منه على لسان إلا قال به خيراً أو أملى به خيراً.
قال وبرة المسلمين: أوصى ابن عباس بكلمات، لهن أحسن من الدهم الموقوفة فقال لي: لا تكلمن فيما لا يعنيك فإنه فضل، ولا آمن عليك فيه الوزر، ولا تكلمن فيما يعنيك حتى ترى له موضعاً، فرب متكلم قد تكلم بالحق في غير موضعه فعنت، ولا تمارين سفيهاً ولا حليماً، فإن الحليم يقيلك، والسفيه يريدك، ولا تذكرن أخاك إذا توارى عنك إلا بمثل الذي تحب أن يذكرك به إذا أنت تواريت عنه، واعمل عمل رجل يعلم أنه مجزي
بالإحسان، مأخوذ بالإجرام. قال: فقال رجل عنده: يا أبا عباس، هذه خير من عشرة آلاف. قال: فقال ابن عباس: كلمة واحدة منها خير من عشرة آلاف.
قال ابن عباس: لا يتم المعروف إلا بثلاثة: تعجيله، وتصغيره عنده، وستره، فإنه إذا عجله هيأه وإذا صغره عظمه، وإذا ستره فخمه.
قال ابن عباس:
أكرم الناس علي جليسي، إن الذباب ليقع عليه فيؤذيني.
قيل لابن عباس: من أكرم الناس عليك؟ قال: جليسي الذي يتخطى الناس حتى يجلس إلي، لو استطعت ألا يقع الذباب على وجهه لفعلت.
وعن ابن عباس كان يقول: ثلاثة لا أكافئهم: رجل ضاق مجلسي فأوسع لي، ورجل كنت ظمآن فسقاني، ورجل اغبرت قدماه في الاختلاف على بابي، ورابع لا أقدر على مكافأته، ولا يكافئه عني إلا الله عز وجل: رجل حز به أمر فبات ليلته ساهراً. فلما أصبح لم يجد لحاجته معتمداً غيري. قال: وكان يقول: إني لأستحي من الرجل يطأ بساطي ثلاث مرات ثم لا يرى عليه أثر من أثري.
قال ابن عباس: ما بلغني عن أخ لي مكروه قط إلا أنزلته أحد ثلاثة منازل: إن كان فوقي عرفت له قدره، وإن كان نظيري تفضلت عليه، وإن كان دوني لم أحفل به. وهذه سيرتي في نفسي، فمن رغب عنها فأرض الله واسعة.
ولما أصيبت عين ابن عباس نحل جسمه. فلما ذهبت الأخرى عاد لحمه، فقيل له في ذلك، فقال: أصابني ما رأيتم في الأولة شفقة على الأخرى، فلما ذهبتا اطمأن قلبي.
قال عكرمة: لما وقع الماء في عين ابن عباس قيل له: تنزع الماء من عينيك، على أنك لا تصلي سبعة
أيام، فقال: لا إنه منترك الصلاة سبعة أيام وهو يقدر عليها لقي الله عز وجل وهو غضبان عليه.
وعن ابن عباس أنه قال حين أصيب بصره: ما آسى على شيء من الدنيا إلا لو أني كنت مشيت إلى بيت الله عز وجل، فإني سمعت الله عز وجل يقول: " وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ".
وعن عكرمة قال: كان ابن عباس في العلم بحراً ينشق له من الأمر الأمور. وكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " اللهم، ألهمه الحكمة، وعلمه التأويل ".فلما عمي أتاه ناس من أهل الطائف، ومعهم علم من علمه أو كتب من كتبه، فجعلوا يستقرؤونه، وجعل يقدم ويؤخر. فلما رأى ذلك قال: إني تلهت من مصيبتي هذه، فمن كان عنده علم من علمي، أو كتب من كتبي فليقرأ علي، فإن إقراري له به كقراءتي عليه. قال: فقرؤوا عليه، زاد في حديث آخر: ولا يكن في أنفسكم من ذلك شيء.
تله الرجل إذا تحير. والأصل وله. والعرب قد تقلب الواو تاء، يقولون: تجاه، والأصل: وجاه.
ولما وقعت الفتنة بين عبد الله بن الزبير وعبد الملك بن مروان ارتحل عبد الله بن عباس ومحمد بن الحنفية بأولادهما ونسائهما حتى نزلوا مكة، فبعث عبد الله بن الزبير إليهما يبايعان فيأبيا، وقالا: أنت وشأنك، لا نعرض لك ولا لغيرك، فأبى، وألح عليهما إلحاحاً شديداً. وقال فيما يقول: والله لتبايعن أو لأحرقنكم بالنار، فبعثا أبا الطفيل عامر بن واثلة إلى شيعتهم بالكوفة وقالا: إنا لا نأمن من هذا الرجل، فمشوا في الناس، فانتدب أربعة آلاف، فحملوا السلاح حتى دخلوا مكة، فكبروا تكبيرة سمعها أهل مكة، وابن الزبير في المسجد، فانطلق هارباً حتى دخل دار الندوة ويقال: تعلق بأستار الكعبة، وقال: أنا عائذ الله. قال: ثم ملنا إلى ابن عباس وابن الحنيفة وأصحابهما، وهم في
دور قريب من المسجد قد جمع الحطب، فأحاط بهم حتى بلغ رؤوس الجدر، لو أن ناراً تقع فيه مارئي منهم أحد حتى تقوم الساعة، فأخرناه عن الأبواب، وقلنا لابن عباس: ذرنا نرح الناس منه، فقال: لا، هذا بلد حرام حرمه الله، ما أحله لأحد إلا للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ساعة، فامنعونا وأجيرونا. قال: فتحملوا، وإن منادياً ينادي في الجبل: ما غنمت سرية بعد نبيها ما غنمت هذه السرية، إن السرايا تغنم الذهب والفضة، وإنما غنمتم دماءنا فخرجوا بهم حتى أنزلوهم منى، فأقاموا ما شاء الله، ثم خرجوا بهم إلى الطائف، فمرض عبد الله بن عباس. قال: فبينا نحن عنده إذ قال في مرضه: إني أموت في خير عصابة على وجه الأرض أحبهم إلى الله وأكرمهم عليه، وأقربهم إلى الله زلفى، فإن كت فيكم فأنتم هم، فما لبث إلا ثمان ليال بعد هذا القول حتى توفي، رحمه الله. فصلى عليه محمد بن الحنيفة، وولينا حمله ودفنه.
قال منذرالثوري: سمعت محمد بن علي بن أبي طالب يقول يوم مات ابن عباس: اليوم مات رباني هذ الأمة.
وفي رواية عن كلثوم: اليوم مات رباني العلم.
وعن بجير بن أبي عبيد قال:
مات ابن عباس بالطائف. فلما خرجوا بنعشه جاء طير عظيم أبيض من قبل وج زاد في رواية: يقال له الغرنوق حتى خالط أكفانه، ثم لم يروه، زاد في رواية: قال: فكانوا يرون أنه علمه.
قال ميمون بن مهران: شهدت جنازة عبد الله بن عباس بالطائف. فلما وضع ليصلى عليه جاء طائر أبيض حتى دخل في أكفانه، فالتمس فلم يوجد. فلما سوي عليه سمعنا صوتاً، نسمع صوته ولا
نرى شخصه " يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ".
قال هشام بن محمد بن السائب: صلى محمد بن علي على عبد الله بن عباس، وكبر عليه أربعاً، وضرب على قبره فسطاطاً.
قال ابن بكير: توفي عبد الله بن عباس سنة خمس وستين. ويقال: ثمان وستين. وصلى عليه محمد بن الحنفية، وأدخله من قبل القبلة، وقيل: توفي سنة سبع وثمانين. وتوفي ابن الحنفية بعده.
وكان ابن عباس يصفر لحيته، وتوفي وسنه اثنتان وسبعون سنة، وقيل: إحدى وسبعون سنة، وقيل: أربع وسبعون سنة. والصحيح قول من قال: إنه توفي سنة ثمان وستين. والله أعلم.
ولما دفن قال محمد بن الحنفية: مات والله اليوم حبر الأمة.
قال الزبير: ويقال: قالت أم الفضل وهي ترقص عبد الله بن عباس:
ثكلت نفسي وثكلت بكري ... إن لم يسد فهراً وغير فهر
بحسب زاك وبذل الوفر
عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم أبو العباس الهاشمي له صحبة روى عنه عبد الله بن عمر وأنس بن مالك وأبو الطفيل عامر بن واثلة وثعلبة بن الحكم وأبو أمامة بن سهل
ابن حنيف سمعت أبي يقول بعض ذلك وبعضه من قبلي.
ثنا عبد الرحمن نا أبو بجير المحاربي والأحمسي قالا نا أبو أسامة عن الأعمش عن مجاهد قال كان ابن عباس يسمى البحر لكثرة علمه.
ابن حنيف سمعت أبي يقول بعض ذلك وبعضه من قبلي.
ثنا عبد الرحمن نا أبو بجير المحاربي والأحمسي قالا نا أبو أسامة عن الأعمش عن مجاهد قال كان ابن عباس يسمى البحر لكثرة علمه.
عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس بْن عَبْد المطلب أَبُو الْعَبَّاس الْهَاشمي.
قَالَ الْحَسَن عَنْ (3) ضمرة: مات سنة سبعين وهو بالطائف، وَقَالَ أَبُو نعيم: مات سنة ثمان وستين [و (4) ] قال يَحْيَى بْن يوسف حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر بْن عياش عَنْ مُحَمَّد بْن عَمْرو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ ابن عباس رضي الله عَنْهُمَا قَالَ: وجدنا أكثر أحاديث النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْد هذا الحي من الأنصار أن كنت لآتي الرجل منهم فيقَالَ انه نائم فأدعه ولو شئت لايقظته
يستطيب حديثه (1) .
(2) أَحْمَد بْن يونس قَالَ (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ زِيَادِ بْنِ حُصَيْنٍ (3) عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ عَنِ ابن عباس رضي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَرَأْتُ الْمُحْكَمَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعني الْمُفَصَّلَ.
وَقَالَ عُمَر بْن حفص بْن غياث حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الأعمش حَدَّثَنَا مُسْلِم (4) عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عبد الله رضي الله عَنْهُ قَالَ: لَوْ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَدْرَكَ أَسْنَانَنَا مَا عَاشَرَهُ (5) رَجُلٌ مِنَّا (5) .
وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ لَيْثٍ قَالَ قِيلَ لِطَاوُسٍ تَرَكْتَ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَانْتَهَيْتَ إِلَى قَوْلِ غُلامٍ: أَدْرَكْتُ سَبْعِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا تدارءوا في شئ انَتْهَوا إِلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
وَقَالَ (6) ابْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ (6) حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِي أبو اسحاق
سَمِعَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْر عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عَنْهُمَا: تُوُفِّيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً (1) شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو بِشْرٍ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عن ابن عباس رضي الله عَنْهُمَا: تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَقْرَأُ الْمُحْكَمَ [مِنَ الْقُرْآنِ (2) ] ، قِيلَ وَمَا الْمُحْكَمُ؟ قَالَ: الْمُفَصَّلُ وَأَنَا ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ وَأَنَا مَخْتُونٌ.
قَالَ الْحَسَن عَنْ (3) ضمرة: مات سنة سبعين وهو بالطائف، وَقَالَ أَبُو نعيم: مات سنة ثمان وستين [و (4) ] قال يَحْيَى بْن يوسف حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر بْن عياش عَنْ مُحَمَّد بْن عَمْرو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ ابن عباس رضي الله عَنْهُمَا قَالَ: وجدنا أكثر أحاديث النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْد هذا الحي من الأنصار أن كنت لآتي الرجل منهم فيقَالَ انه نائم فأدعه ولو شئت لايقظته
يستطيب حديثه (1) .
(2) أَحْمَد بْن يونس قَالَ (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ زِيَادِ بْنِ حُصَيْنٍ (3) عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ عَنِ ابن عباس رضي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَرَأْتُ الْمُحْكَمَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعني الْمُفَصَّلَ.
وَقَالَ عُمَر بْن حفص بْن غياث حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الأعمش حَدَّثَنَا مُسْلِم (4) عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عبد الله رضي الله عَنْهُ قَالَ: لَوْ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَدْرَكَ أَسْنَانَنَا مَا عَاشَرَهُ (5) رَجُلٌ مِنَّا (5) .
وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ لَيْثٍ قَالَ قِيلَ لِطَاوُسٍ تَرَكْتَ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَانْتَهَيْتَ إِلَى قَوْلِ غُلامٍ: أَدْرَكْتُ سَبْعِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا تدارءوا في شئ انَتْهَوا إِلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
وَقَالَ (6) ابْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ (6) حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِي أبو اسحاق
سَمِعَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْر عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عَنْهُمَا: تُوُفِّيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً (1) شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو بِشْرٍ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عن ابن عباس رضي الله عَنْهُمَا: تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَقْرَأُ الْمُحْكَمَ [مِنَ الْقُرْآنِ (2) ] ، قِيلَ وَمَا الْمُحْكَمُ؟ قَالَ: الْمُفَصَّلُ وَأَنَا ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ وَأَنَا مَخْتُونٌ.
عبد الله بن عباس بن عبد المطلب
ب د ع: عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس بْن عَبْد المطلب بْن هاشم بْن عَبْد مناف، أَبُو الْعَبَّاس الْقُرَشِيّ الهاشمي ابْنُ عم رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كني بابنه الْعَبَّاس، وهو أكبر ولده، وأمه لبابة الكبرى بِنْت الحارث بْن حزن الهلالية، وهو ابْنُ خالة خَالِد بْن الوليد.
وكان يسمى البحر، لسعة علمه، ويسمى حبر الأمة، ولد والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأهل بيته بالشعب من مكَّة، فأُتي بِهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فحنكه بريقه، وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين وقيل غير ذَلِكَ، ورأى جبريل عند النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(781) أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مِهْرَانَ الْفَقِيهُ، وَغَيْرُهُ، قَالُوا: بِإِسْنَادِهِمْ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى السُّلَمِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ وَمَحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ، قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ أَبِي جَهْضَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " أَنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ مَرَّتَيْنِ، وَدَعَا لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتَيْنِ "
(782) قَالَ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: ضَمَّنِي رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: " اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْحِكْمَةَ "
(783) أَخْبَرَنَا أَبُو يَاسِرِ بْنُ أَبِي حَبَّةَ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ إِجَازَةً، قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ النَّقُّورِ، أَخْبَرَنَا الْمُخَلِّصُ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَابِقٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مَالِكٍ الْجَنْبِيُّ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " نَحْنُ أَهْلُ الْبَيْتِ شَجَرَةُ النُّبُوَّةِ، وَمُخْتَلَفُ الْمَلائِكَةِ، وَأَهْلُ بَيْتِ الرِّسَالَةِ، وَأَهْلُ بَيْتِ الرَّحْمَةِ، وَمَعْدِنُ الْعِلْمِ "
(784) أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَتْنَا أُمُّ الْبَهَاءِ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الثَّقَفِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الزَّرَّادُ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا ابْنُ الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ عُمَرَ كَانَ إِذَا جَاءَتْهُ الأَقْضِيَةُ الْمُعْضِلَةُ، قَالَ لابْنِ عَبَّاسٍ: " إِنَّهَا قَدْ طَرَّتْ لَنَا أَقْضِيَةٌ وَعُضِلَ، فَأَنْتَ لَهَا وَلأَمْثَالِهَا، ثُمَّ يَأْخُذُ بِقَوْلِهِ، وَمَا كَانَ يَدْعُو لِذَلِكَ أَحَدًا سِوَاهُ "
عبيد اللَّه: وعمر عُمَر، يعني: فِي حذقه واجتهاده لله وللمسلمين.
وقَالَ عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن عتبة: كَانَ ابْنُ عَبَّاس قَدْ فات النَّاس بخصال: بعلم ما سبقه وفقه فيما احتيج إِلَيْه من رأيه، وحلم، ونسب، ونائل، وما رَأَيْت أحدًا كَانَ أعلم بما سبقه من حديث رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ، ولا بقضاء أَبِي بَكْر، وعمر، وعثمان مِنْهُ، ولا أفقه فِي رأي مِنْهُ، ولا أعلم بشعر ولا عربية ولا بتفسير القرآن، ولا بحساب ولا بفريضة مِنْهُ، ولا أثقب رأيًا فيما احتيج إِلَيْه مِنْهُ، ولقد كَانَ يجلس يومًا ولا يذكر فِيهِ إلا الفقه، ويومًا التأويل، ويومًا المغازي، ويومًا الشعر، ويومًا أيام العرب، ولا رَأَيْت عالمًا قط جلس إِلَيْه إلا خضع لَهُ، وما رَأَيْت سائلًا قط سأله إلا وجد عنده علمًا.
وقَالَ ليث بْن أَبِي سليم: قلت لطاوس: لزمت هَذَا الغلام، يعني ابْنَ عَبَّاس، وتركت الأكابر من أصحاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! قَالَ: إني رَأَيْت سبعين رجلًا من أصحاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تدارءُوا فِي أمر صاروا إلى قول ابْنِ عَبَّاس.
وقَالَ المعتمر بْن سُلَيْمَان، عن شُعَيْب بْن درهم، قَالَ: كَانَ هَذَا المكان، وأُومأ إلى مجرى الدموع من خدية، من خدي ابْنِ عَبَّاس مثل الشراك البالي، من كثرة البكاء.
واستعمله عليّ بْن أَبِي طَالِب عَلَى البصرة، فبقي عليها أميرًا، ثُمَّ فارقها قبل أن يقتل عليّ بْن أبي طَالِب، وعاد إلى الحجاز، وشهد مَعَ عليّ صفين، وكان أحد الأمراء فيها.
وروى ابْنُ عَبَّاس: عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعن عُمَر، وعلي، ومعاذ بْن جبل، وأبي ذر.
روى عَنْهُ: عَبْد اللَّه بْن عُمَر، وأنس بْن مَالِك، وأبو الطفيل، وأبو أمامة بْن سهل بْن حنيف، وأخوه كَثِير بْن عَبَّاس، وولده عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس، ومواليه: عكرمة، وكريب، وأبو معبد نافذ، وعطاء بْن أبي رباح، ومجاهد، وابن أَبِي مليكة، وعمرو بْن دينار، وعبيد بْن عمير، وسعيد بْن المسيب، والقاسم بْن مُحَمَّد، وعبيد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن عتبة، وسليمان بْن يسار، وعروة بْن الزُّبَيْر، وعلي بْن الْحُسَيْن، وأبو الزُّبَيْر، ومحمد بْن كعب، وطاوس، ووهب بْن منبه، وأبو الضحى، وخلق كَثِير غير هَؤُلَاءِ.
(785) أَخْبَرَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ، بِإِسْنَادِهِمْ إِلَى أَبِي عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ الْحَجَّاجِ، قَالَ التِّرْمِذِيّ ُ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ الْحَجَّاجِ، الْمَعْنَى وَاحِدٍ، عَنْ حَنَشٍ الصَّنْعَانِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " يَا غُلامُ، إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلا بِشَيْءٍ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ، لَمْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ إِلا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلامُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ " قَالَ مُحَمَّد بْن سعد: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عُمَر الواقدي، حَدَّثَنِي الْحُسَيْن بْن الْحَسَن بْن عطية بْنِ سعد بْن جنادة العوفي القاضي، عن أَبِيهِ، عن جَدّه، قَالَ: " لما وقعت الفتنة بين عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر، وعبد الملك بْن مروان، ارتحل عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس، ومحمد بْن الحنفية، بأولادهما، ونسائهما، حتَّى نزلوا مكَّة، فبعث عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر إليهما: تبايعان؟ فأبيا، وقالا: أنت وشأنك، لا نعرض لَكَ ولا لغيرك، فأبى وألحّ عليهما إلحاحًا شديدًا، فَقَالَ لهما فيما يَقُولُ: لتبايعن أو لأحرقنكم بالنار، فبعثا أبا الطفيل إلى شيعتهم بالكوفة، وقالا: إنا لا نأمن هَذَا الرجل، فانتدب أربعة آلاف، فدخلوا مكَّة، فكبروا تكبيرة سمعها أهل مكَّة، وابن الزُّبَيْر، فانطلق هاربًا حتَّى دخل دار الندوة، وَيُقَال: تعلق بأستار الكعبة، وقَالَ: أَنَا عائذ بالبيت، قَالَ: ثُمَّ ملنا إلى ابْنِ عَبَّاس، وابن الحنفية وأصحابهما، وهم فِي دور قريب من المسجد، قَدْ جمع الحطب، فأحاط بهم حتَّى بلغ رءوس الجدر، لو أن نارًا تقع فِيهِ ما رؤي منهم أحد، فأخرناه عن الأبواب، وقلنا لابن عَبَّاس: ذرنا نريح النَّاس مِنْهُ، فَقَالَ: لا، هَذَا بلد حرام، حرمه اللَّه، ما أحله عَزَّ وَجَلَّ لأحد إلا للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ساعة، فامنعونا وأجيزونا، قَالَ: فتحملوا، وإن مناديًا ينادي فِي الخيل: غنمت سرية بعد نبيها ما غنمت هَذِهِ السرية، إن السرايا تغنم الذهب والفضة، وإنما غنمتم دماءنا، فخرجوا بهم حتَّى أنزلوهم مني، فأقاموا ما شاء اللَّه، ثُمَّ خرجوا بهم إلى الطائف، فمرض عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس، فبينا نَحْنُ عنده إذ قَالَ فِي مرضه: إني أموت فِي خير عصابة عَلَى وجه الأرض، أحبهم إلى اللَّه، وأكرمهم عَلَيْهِ، وأقربهم إلى اللَّه زلفى، فإن مت فيكم فأنتم هُمْ، فما لبث إلا ثماني ليال بعد هَذَا القول حتَّى توفي رَضِي اللَّه عَنْهُ، فصلى عَلَيْهِ مُحَمَّد بْن الحنفية، فأقبل طائر أبيض، فدخل فِي أكفانه، فما خرج منها حتَّى دفن معه، فلما سوي عَلَيْهِ التراب، قَالَ ابْنُ الحنفية: مات والله اليوم حبر هَذِهِ الأمة ".
وكان لَهُ لما توفي النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثلاث عشرة سنة، وقيل: خمس عشرة سنة، وتوفي سنة ثمان وستين بالطائف، وهو ابْنُ سبعين سنة، وقيل: إحدى وسبعين سنة، وقيل: مات سنة سبعين، وقيل: سنة ثلاث وسبعين، وهذا القول غريب.
وكان يُصَفّر لحيته، وقيل: كَانَ يخضب بالحناء، وكان جميلًا أبيض طويلًا، مشربًا صفرة، جسيمًا، وسيمًا، صبيح الوجه، فصيحًا.
وحج بالناس لما حُصر عثمان، وكان قَدْ عمي فِي آخر عمره، فَقَالَ فِي ذَلِكَ:
إن يأخذ اللَّه من عيني نورهما ففي لساني وقلبي منهما نور
قلبي ذكي وعقلي غير ذي دخل وفي فمي صارم كالسيف مأثور
أَخْرَجَهُ الثلاثة.
ب د ع: عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس بْن عَبْد المطلب بْن هاشم بْن عَبْد مناف، أَبُو الْعَبَّاس الْقُرَشِيّ الهاشمي ابْنُ عم رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كني بابنه الْعَبَّاس، وهو أكبر ولده، وأمه لبابة الكبرى بِنْت الحارث بْن حزن الهلالية، وهو ابْنُ خالة خَالِد بْن الوليد.
وكان يسمى البحر، لسعة علمه، ويسمى حبر الأمة، ولد والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأهل بيته بالشعب من مكَّة، فأُتي بِهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فحنكه بريقه، وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين وقيل غير ذَلِكَ، ورأى جبريل عند النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(781) أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مِهْرَانَ الْفَقِيهُ، وَغَيْرُهُ، قَالُوا: بِإِسْنَادِهِمْ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى السُّلَمِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ وَمَحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ، قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ أَبِي جَهْضَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " أَنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ مَرَّتَيْنِ، وَدَعَا لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتَيْنِ "
(782) قَالَ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: ضَمَّنِي رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: " اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْحِكْمَةَ "
(783) أَخْبَرَنَا أَبُو يَاسِرِ بْنُ أَبِي حَبَّةَ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ إِجَازَةً، قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ النَّقُّورِ، أَخْبَرَنَا الْمُخَلِّصُ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَابِقٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مَالِكٍ الْجَنْبِيُّ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " نَحْنُ أَهْلُ الْبَيْتِ شَجَرَةُ النُّبُوَّةِ، وَمُخْتَلَفُ الْمَلائِكَةِ، وَأَهْلُ بَيْتِ الرِّسَالَةِ، وَأَهْلُ بَيْتِ الرَّحْمَةِ، وَمَعْدِنُ الْعِلْمِ "
(784) أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَتْنَا أُمُّ الْبَهَاءِ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الثَّقَفِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الزَّرَّادُ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا ابْنُ الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ عُمَرَ كَانَ إِذَا جَاءَتْهُ الأَقْضِيَةُ الْمُعْضِلَةُ، قَالَ لابْنِ عَبَّاسٍ: " إِنَّهَا قَدْ طَرَّتْ لَنَا أَقْضِيَةٌ وَعُضِلَ، فَأَنْتَ لَهَا وَلأَمْثَالِهَا، ثُمَّ يَأْخُذُ بِقَوْلِهِ، وَمَا كَانَ يَدْعُو لِذَلِكَ أَحَدًا سِوَاهُ "
عبيد اللَّه: وعمر عُمَر، يعني: فِي حذقه واجتهاده لله وللمسلمين.
وقَالَ عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن عتبة: كَانَ ابْنُ عَبَّاس قَدْ فات النَّاس بخصال: بعلم ما سبقه وفقه فيما احتيج إِلَيْه من رأيه، وحلم، ونسب، ونائل، وما رَأَيْت أحدًا كَانَ أعلم بما سبقه من حديث رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ، ولا بقضاء أَبِي بَكْر، وعمر، وعثمان مِنْهُ، ولا أفقه فِي رأي مِنْهُ، ولا أعلم بشعر ولا عربية ولا بتفسير القرآن، ولا بحساب ولا بفريضة مِنْهُ، ولا أثقب رأيًا فيما احتيج إِلَيْه مِنْهُ، ولقد كَانَ يجلس يومًا ولا يذكر فِيهِ إلا الفقه، ويومًا التأويل، ويومًا المغازي، ويومًا الشعر، ويومًا أيام العرب، ولا رَأَيْت عالمًا قط جلس إِلَيْه إلا خضع لَهُ، وما رَأَيْت سائلًا قط سأله إلا وجد عنده علمًا.
وقَالَ ليث بْن أَبِي سليم: قلت لطاوس: لزمت هَذَا الغلام، يعني ابْنَ عَبَّاس، وتركت الأكابر من أصحاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! قَالَ: إني رَأَيْت سبعين رجلًا من أصحاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تدارءُوا فِي أمر صاروا إلى قول ابْنِ عَبَّاس.
وقَالَ المعتمر بْن سُلَيْمَان، عن شُعَيْب بْن درهم، قَالَ: كَانَ هَذَا المكان، وأُومأ إلى مجرى الدموع من خدية، من خدي ابْنِ عَبَّاس مثل الشراك البالي، من كثرة البكاء.
واستعمله عليّ بْن أَبِي طَالِب عَلَى البصرة، فبقي عليها أميرًا، ثُمَّ فارقها قبل أن يقتل عليّ بْن أبي طَالِب، وعاد إلى الحجاز، وشهد مَعَ عليّ صفين، وكان أحد الأمراء فيها.
وروى ابْنُ عَبَّاس: عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعن عُمَر، وعلي، ومعاذ بْن جبل، وأبي ذر.
روى عَنْهُ: عَبْد اللَّه بْن عُمَر، وأنس بْن مَالِك، وأبو الطفيل، وأبو أمامة بْن سهل بْن حنيف، وأخوه كَثِير بْن عَبَّاس، وولده عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس، ومواليه: عكرمة، وكريب، وأبو معبد نافذ، وعطاء بْن أبي رباح، ومجاهد، وابن أَبِي مليكة، وعمرو بْن دينار، وعبيد بْن عمير، وسعيد بْن المسيب، والقاسم بْن مُحَمَّد، وعبيد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن عتبة، وسليمان بْن يسار، وعروة بْن الزُّبَيْر، وعلي بْن الْحُسَيْن، وأبو الزُّبَيْر، ومحمد بْن كعب، وطاوس، ووهب بْن منبه، وأبو الضحى، وخلق كَثِير غير هَؤُلَاءِ.
(785) أَخْبَرَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ، بِإِسْنَادِهِمْ إِلَى أَبِي عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ الْحَجَّاجِ، قَالَ التِّرْمِذِيّ ُ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ الْحَجَّاجِ، الْمَعْنَى وَاحِدٍ، عَنْ حَنَشٍ الصَّنْعَانِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " يَا غُلامُ، إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلا بِشَيْءٍ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ، لَمْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ إِلا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلامُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ " قَالَ مُحَمَّد بْن سعد: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عُمَر الواقدي، حَدَّثَنِي الْحُسَيْن بْن الْحَسَن بْن عطية بْنِ سعد بْن جنادة العوفي القاضي، عن أَبِيهِ، عن جَدّه، قَالَ: " لما وقعت الفتنة بين عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر، وعبد الملك بْن مروان، ارتحل عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس، ومحمد بْن الحنفية، بأولادهما، ونسائهما، حتَّى نزلوا مكَّة، فبعث عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر إليهما: تبايعان؟ فأبيا، وقالا: أنت وشأنك، لا نعرض لَكَ ولا لغيرك، فأبى وألحّ عليهما إلحاحًا شديدًا، فَقَالَ لهما فيما يَقُولُ: لتبايعن أو لأحرقنكم بالنار، فبعثا أبا الطفيل إلى شيعتهم بالكوفة، وقالا: إنا لا نأمن هَذَا الرجل، فانتدب أربعة آلاف، فدخلوا مكَّة، فكبروا تكبيرة سمعها أهل مكَّة، وابن الزُّبَيْر، فانطلق هاربًا حتَّى دخل دار الندوة، وَيُقَال: تعلق بأستار الكعبة، وقَالَ: أَنَا عائذ بالبيت، قَالَ: ثُمَّ ملنا إلى ابْنِ عَبَّاس، وابن الحنفية وأصحابهما، وهم فِي دور قريب من المسجد، قَدْ جمع الحطب، فأحاط بهم حتَّى بلغ رءوس الجدر، لو أن نارًا تقع فِيهِ ما رؤي منهم أحد، فأخرناه عن الأبواب، وقلنا لابن عَبَّاس: ذرنا نريح النَّاس مِنْهُ، فَقَالَ: لا، هَذَا بلد حرام، حرمه اللَّه، ما أحله عَزَّ وَجَلَّ لأحد إلا للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ساعة، فامنعونا وأجيزونا، قَالَ: فتحملوا، وإن مناديًا ينادي فِي الخيل: غنمت سرية بعد نبيها ما غنمت هَذِهِ السرية، إن السرايا تغنم الذهب والفضة، وإنما غنمتم دماءنا، فخرجوا بهم حتَّى أنزلوهم مني، فأقاموا ما شاء اللَّه، ثُمَّ خرجوا بهم إلى الطائف، فمرض عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس، فبينا نَحْنُ عنده إذ قَالَ فِي مرضه: إني أموت فِي خير عصابة عَلَى وجه الأرض، أحبهم إلى اللَّه، وأكرمهم عَلَيْهِ، وأقربهم إلى اللَّه زلفى، فإن مت فيكم فأنتم هُمْ، فما لبث إلا ثماني ليال بعد هَذَا القول حتَّى توفي رَضِي اللَّه عَنْهُ، فصلى عَلَيْهِ مُحَمَّد بْن الحنفية، فأقبل طائر أبيض، فدخل فِي أكفانه، فما خرج منها حتَّى دفن معه، فلما سوي عَلَيْهِ التراب، قَالَ ابْنُ الحنفية: مات والله اليوم حبر هَذِهِ الأمة ".
وكان لَهُ لما توفي النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثلاث عشرة سنة، وقيل: خمس عشرة سنة، وتوفي سنة ثمان وستين بالطائف، وهو ابْنُ سبعين سنة، وقيل: إحدى وسبعين سنة، وقيل: مات سنة سبعين، وقيل: سنة ثلاث وسبعين، وهذا القول غريب.
وكان يُصَفّر لحيته، وقيل: كَانَ يخضب بالحناء، وكان جميلًا أبيض طويلًا، مشربًا صفرة، جسيمًا، وسيمًا، صبيح الوجه، فصيحًا.
وحج بالناس لما حُصر عثمان، وكان قَدْ عمي فِي آخر عمره، فَقَالَ فِي ذَلِكَ:
إن يأخذ اللَّه من عيني نورهما ففي لساني وقلبي منهما نور
قلبي ذكي وعقلي غير ذي دخل وفي فمي صارم كالسيف مأثور
أَخْرَجَهُ الثلاثة.
عبد الله بن عباس بن عبد المطلب كنيته أبو عباس ولد قبل الهجرة يعنى هجرة النبي صلى الله عليه وسلم بأربع سنين ومات بالطائف سنة ثمان وستين وقد قيل سنة سبعين وصلى عليه محمد بن الحنفية وكبر عليه أربعا وقبره بالطائف مشهور يزار
عَبْدُ اللهِ بنُ كَثِيْرِ بنِ عَمْرِو بنِ عَبْدِ اللهِ الكِنَانِيُّ
ابْنِ زَاذَانَ بنِ فَيْرُوْزَانَ بنِ هُرْمُزَ، الإِمَامُ، العَلَمُ، مُقْرِئُ مَكَّةَ، وَأَحَدُ القُرَّاءِ السَّبعَةِ، أَبُو مَعْبَدٍ الكِنَانِيُّ، الدَّارِيُّ، المَكِّيُّ، مَوْلَى عَمْرِو بنِ عَلْقَمَةَ الكِنَانِيِّ.
وَقِيْلَ: يُكْنَى: أَبَا عَبَّادٍ.
وَقِيْلَ: أَبَا بَكْرٍ، فَارِسِيُّ الأَصْلِ.
وَكَانَ دَارِيّاً؛ وَهُوَ العَطَّارُ.
وَقَدْ وَهِمَ البُخَارِيُّ، فَقَالَ: إِنَّهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ: هُوَ مِنْ قَوْمِ تَمِيْمٍ الدَّارِيِّ، وَالدَّارُ: بَطْنٌ مِنْ لَخْمٍ، أَبُوْهُمُ الدَّارُ بنُ هَانِئ بنِ حَبِيْبِ بنِ نُمَارَةَ بنِ لَخْمِ، مِنْ أُدَدَ بنِ سَبَأٍ.
وَكَذَا تَابَعَهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ، فَوَهِمَا.
وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: الَّذِي لاَ يَبرحُ مِنْ دَارِه هُوَ الدَّارِيُّ، فَلاَ يَطلُبُ مَعَاشاً.
وَعَنْهُ، قَالَ: كَانَ ابْنُ كَثِيْرٍ عَطَّاراً.
قُلْتُ: هَذَا الحَقُّ، وَاشتِرَاكُ الأَنسَابِ لاَ يُبطِلُ ذَلِكَ.
وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ فَارِسٍ الَّذِيْنَ بَعَثَهُم كِسْرَى إِلَى صَنْعَاءِ اليَمَنِ، فَطَردُوا عَنْهَا الحَبَشَةَ.
قِيْلَ: قَرَأَ عَلَى عَبْدِ اللهِ بنِ السَّائِبِ المَخْزُوْمِيِّ، وَذَلِكَ مُحْتَمَلٌ، وَالمَشْهُوْرُ تِلاَوَتُه عَلَى: مُجَاهِدٍ، وَدِرْبَاسٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ.
تَلاَ عَلَيْهِ: أَبُو عَمْرٍو بنُ العَلاَءِ، وَمَعْرُوْفُ بُن مُشْكَانَ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ قُسْطَنْطِيْنَ، وَعِدَّةٌ.
وَقَدْ حَدَّثَ عَنِ: ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَأَبِي المِنْهَالِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُطْعِمٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَمُجَاهِدٍ، وَغَيْرِهِم.
وَهُوَ قَلِيْلُ الحَدِيْثِ.
رَوَى عَنْهُ: أَيُّوْبُ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أُمَيَّةَ، وَزَمْعَةُ بنُ صَالِحٍ،
وَعُمَرُ بنُ حَبِيْبٍ المَكِّيُّ، وَلَيْثُ بنُ أَبِي سُلَيْمٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ بنِ خُثَيْمٍ، وَجَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ، وَحُسَيْنُ بنُ وَاقِدٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي نَجِيْحٍ، وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، وَآخَرُوْنَ.وَثَّقَهُ: عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، وَغَيْرُهُ.
وَكَانَ رَجُلاً مَهِيْباً، طَوِيْلاً، أَبْيَضَ اللِّحْيَةِ، جَسِيْماً، أَسْمَرَ، أَشهَلَ العَيْنَيْنِ، تَعلُوْهُ سَكِيْنَةٌ وَوَقَارٌ، وَكَانَ فَصِيْحاً، مُفَوَّهاً، وَاعِظاً، كَبِيْرَ الشَّأْنِ.
يُقَالُ: إِنَّ ابْنَ عُيَيْنَةَ أَدْرَكَه، وَسَمِعَ مِنْهُ، وَلَمْ يَصِحَّ، إِنَّمَا شَهِدَ جَنَازَتَه.
وَقَدْ وَثَّقَهُ: النَّسَائِيُّ أَيْضاً.
وَعَاشَ: خَمْساً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
مَاتَ: سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: رَأَيْتُهُ يَخْضِبُ بِالصُّفْرَةِ، وَيَقُصُّ لِلْجَمَاعَةِ.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بنُ أَبِي بَكْرٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ قَادْشَاه، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ المُقْرِئُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بنُ مُوْسَى، حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ كَثِيْرٍ، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيْلَ إِذَا بَلَغُوا ذَا طُوَىً، نَزَعُوا نِعَالَهُم.
عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ: كَانَ ابْنُ كَثِيْرٍ يَبِيْعُ العِطرَ قَدِيْماً.
وَقَالَ شِبْلُ بنُ عَبَّادٍ: وُلِدَ ابْنُ كَثِيْرٍ بِمَكَّةَ، سَنَةَ 48، وَمَاتَ سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ابْنُ كَثِيْرٍ المُقْرِئُ ثِقَةً، لَهُ أَحَادِيْثُ صَالِحَةٌ، مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ فِي (تَارِيْخِهِ) : حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ:
سَمِعْتُ مُطَرِّفاً بِمَكَّةَ فِي جَنَازَةِ عَبْدِ اللهِ بنِ كَثِيْرٍ، وَأَنَا غُلاَمٌ سَنَةَ عِشْرِيْنَ، قَالَ: سَمِعْتُ الحَسَنَ، ثُمَّ قَالَ:
وَقَالَ عَلِيٌّ: قِيْلَ لابْنِ عُيَيْنَةَ: رَأَيْتَ عَبْدَ اللهِ بنَ كَثِيْرٍ؟
قَالَ: رَأَيْتُهُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ، أَسْمَع قَصَصَه وَأَنَا غُلاَمٌ، كَانَ قَاصَّ الجَمَاعَةِ.
قُلْتُ: فَهَاذَانِ قَوْلاَنِ لابْنِ عُيَيْنَةَ، فَإِمَّا شَكَّ، وَإِمَّا عَنَى بِأَنَّ الَّذِي مَاتَ سَنَةَ عِشْرِيْنَ هُوَ عَبْدُ اللهِ بنُ كَثِيْرِ بنِ المُطَّلِبِ السَّهْمِيُّ؛ الَّذِي خَرَّجَ لَهُ مُسْلِمٌ فِي الجَنَائِزِ، مِنْ طَرِيْقِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْهُ، وَهَذَا أَشْبَهُ.
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الغَسَّانِيُّ: حَدِيْثُ السَّلَفِ يَرْوِيْهِ ابْنُ أَبِي نَجِيْحٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ كَثِيْرٍ، عَنْ أَبِي المِنْهَالِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُطْعِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ثُمَّ قَالَ:فَقَالَ أَبُو الحَسَنِ القَابِسِيُّ، وَغَيْرُهُ: هُوَ ابْنُ كَثِيْرٍ القَارِئُ.
ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيْحٍ، بَلْ هُوَ ابْنُ كَثِيْرِ بنِ المُطَّلِبِ السَّهْمِيُّ، كَذَا نَسَبَه الكَلاَبَاذِيُّ، وَهُوَ أَخُو كَثِيْرِ بنِ كَثِيْرٍ، لاَ شَيْءَ لَهُ فِي الصَّحِيْحِ سِوَى حَدِيْث السّلمِ، عَنْ (صَحِيْحِ البُخَارِيِّ) .
وَكَذَا ذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالحَاكِمُ، وَغَيْرُهُمَا عَبْدَ اللهِ بنَ كَثِيْرِ بنِ المُطَّلِبِ فِي رِجَالِ (الصَّحِيْحَيْنِ) .
وَذَكَرَهُ: البُخَارِيُّ فِي (تَارِيْخِهِ) ، لَكِنَّهُ وَهِمَ فِي نِسبَتِه إِلَى بَنِي عَبْدِ الدَّارِ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ: عَبْدُ اللهِ بنُ كَثِيْرٍ القَارِئُ الدَّارِيُّ مَوْلَى بَنِي عَبْدِ الدَّارِ.
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: قَدْ رَوَى عَنِ الدَّارِيِّ: أَيُّوْبُ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَكَانَ ثِقَةً.
حَجَّاجُ بنُ مِنْهَالٍ، عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ: رَأَيْتُ أَبَا عَمْرٍو بنَ العَلاَءِ يَقْرَأُ عَلَى عَبْدِ اللهِ بنِ كَثِيْرٍ.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: لَمْ يَكُنْ بِمَكَّةَ أَحَدٌ أَقرَأَ مِنْ حُمَيْدِ بنِ قَيْسٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ كَثِيْرٍ.
وَقَالَ جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ كَثِيْرٍ فَصِيْحاً بِالقُرْآنِ.
وَذَكَرَ الدَّانِيُّ: أَنَّ ابْنَ كَثِيْرٍ أَخَذَ القِرَاءةَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ السَّائِبِ.
ابْنُ مُجَاهِدٍ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بنُ مُوْسَى، حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا قَاسِمٌ الرَّحَّالُ فِي جَنَازَةِ عَبْدِ اللهِ بنِ كَثِيْرٍ -يَعْنِي: فِي سَنَةِ عِشْرِيْنَ-.
أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ، وَالمُسَلَّمُ بنُ عَلاَّنَ، قَالاَ: أَنْبَأَنَا حَنْبَلٌ، أَنْبَأَنَا
هِبَةُ اللهِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ المُذْهِبِ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ القَطِيْعِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي نَجِيْحٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ كَثِيْرٍ، عَنْ أَبِي المِنْهَالِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:قَدِمَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المَدِيْنَةَ، وَالنَّاسُ يُسْلِفُوْنَ فِي التَّمْرِ العَامَ وَالعَامَيْنِ -أَوْ قَالَ: عَامَيْنِ وَثَلاَثَةً- فَقَالَ: (مَنْ سَلَّفَ فِي تَمْرٍ، فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُوْمٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُوْمٍ) .
أَخرَجُوْهُ سِتَّتُهُم، عَنْ رِجَالِهِم، مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ أَبِي نَجِيْحٍ.
فَتَرَدَّدْنَا فِي ابْنِ كَثِيْرٍ هَذَا، هَلْ هُوَ الدَّارِيُّ أَوِ السَّهْمِيُّ؟ وَاخْتَلَفَ العُلَمَاءُ قَبْلَنَا فِيْهِ، وَفِي (رِجَالِ مُسْلِمٍ) لِلدَّارَقُطْنِيِّ ذَكَرَ السَّهْمِيَّ فَقَطْ، وَذَكَرَ فِي (رِجَالِ البُخَارِيِّ) عَبْدَ اللهِ بنَ كَثِيْرٍ المَكِّيَّ فَقَطْ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا مَكِّيٌّ، وَالَّذِي عُلِمَ بِالتَأَمُّلِ، أَنَّ الدَّارِيَّ رَجُلٌ كَبِيْرٌ شهِيْرٌ، وَأَنَّ السَّهْمِيَّ لاَ يَكَادُ يُعْرَفُ إِلاَّ بِحَدِيْثٍ وَاحِدٍ فِي (صَحِيْحِ مُسْلِمٍ) ، وَهُوَ مُعَلَّلٌ فِي اسْتِغفَارِه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأَهْلِ البَقِيْعِ.
تَفَرَّدَ بِهِ: ابْنُ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ كَثِيْرِ بنِ المُطَّلِبِ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ قَيْسِ بنِ مَخْرَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: فِي خُرُوْجِه - عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ - لَيْلاً، وَاسْتِغفَارِه لَهُم.
وَهُوَ مِنَ المُوَافَقَاتِ العَالِيَةِ فِي (فَوَائِدِ الإِخْمِيْمِيِّ) .
ثُمَّ قَالَ مُسْلِمٌ فِي عَقِبِه:
وَحَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ حَجَّاجَ بنَ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ - رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ - عَنْ مُحَمَّدِ بنِ قَيْسٍ بِهَذَا.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: هُوَ عَبْدُ اللهِ بنُ كَثِيْرِ بنِ المُطَّلِبِ بنِ أَبِي وَدَاعَةَ.
قُلْتُ: المُطَّلِبُ هَذَا هُوَ: ابْنُ الحَارِثِ بنِ صُبَيْرَةَ بنِ سَعِيْدِ بنِ سَعْدِ بنِ سَهْمٍ القُرَشِيُّ.
وَلِعَبْدِ اللهِ إِخوَةٌ: كَثِيْرٌ، وَجَعْفَرٌ، وَسَعِيْدٌ، وَلَيْسُوا بِالمَشْهُوْرِيْنَ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: عَنْ يُوْسُفَ بنِ مُسْلِمٍ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ قَيْسٍ.ثُمَّ قَالَ النَّسَائِيُّ: حَجَّاجٌ فِي ابْنِ جُرَيْجٍ عِنْدَنَا، أَثْبَتُ مِنِ ابْنِ وَهْبٍ.
قُلْتُ: مَا اخْتَلَفَا فِيْهِ، وَإِنَّمَا ابْنُ مُسْلِمٍ زَادَ مِنْ عِنْدِه إِيْضَاحاً بِحَسبِ ظنِّهِ، فَقَالَ بَعْدَ عَبْدِ اللهِ: ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ.
فَهَذَا مَا عِنْدَنَا مِنْ ذِكْرِ السَّهْمِيِّ، وَلَمْ نَتَيَقَّنْ لَهُ رِوَايَةَ حَدِيْثٍ سِوَى هَذَا.
وَأَمَّا حَدِيْثُ السَّلَفِ، فَمُتجَاذَبٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّارِيِّ، فَلْيُلْتَمَسْ مُرَجِّحٌ لأَحَدِهِمَا - وَاللهُ أَعْلَمُ -.
وَأَمَّا الكَلاَبَاذِيُّ، فَقَالَ فِي رِجَالِ البُخَارِيِّ:
عَبْدُ اللهِ بنُ كَثِيْرِ بنِ المُطَّلِبِ القُرَشِيُّ العَبْدَرِيُّ المَكِّيُّ القَاصُّ حَدَّثَ عَنْ أَبِي المِنْهَالِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُطْعِمٍ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ أَبِي نَجِيْحٍ فِي أَوَّلِ السَّلْمِ، فَهَذَا كَمَا تَرَى: جَعَلَ ابْنَ كَثِيْرِ بنِ المُطَّلِبِ عَبْدَرِيّاً، وَإِنَّمَا هُوَ سَهْمِيٌّ، وَجَعَلَهُ القَاصَّ، وَإِنَّمَا القَاصُّ الدَّارِيُّ القَارِئُ.
وَكَذَا قَالَ البُخَارِيُّ فِي ابْنِ المُطَّلِبِ: إِنَّهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ بنِ قُصَيٍّ.
وَمَا ذَكرَ فِي (تَارِيْخِهِ ) سِوَاهُ، وَمَا ذَكرَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ سِوَاهُ، إِلاَّ ابْنَ كَثِيْرٍ الطَّوِيْلَ الدِّمَشْقِيَّ.
ابْنِ زَاذَانَ بنِ فَيْرُوْزَانَ بنِ هُرْمُزَ، الإِمَامُ، العَلَمُ، مُقْرِئُ مَكَّةَ، وَأَحَدُ القُرَّاءِ السَّبعَةِ، أَبُو مَعْبَدٍ الكِنَانِيُّ، الدَّارِيُّ، المَكِّيُّ، مَوْلَى عَمْرِو بنِ عَلْقَمَةَ الكِنَانِيِّ.
وَقِيْلَ: يُكْنَى: أَبَا عَبَّادٍ.
وَقِيْلَ: أَبَا بَكْرٍ، فَارِسِيُّ الأَصْلِ.
وَكَانَ دَارِيّاً؛ وَهُوَ العَطَّارُ.
وَقَدْ وَهِمَ البُخَارِيُّ، فَقَالَ: إِنَّهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ: هُوَ مِنْ قَوْمِ تَمِيْمٍ الدَّارِيِّ، وَالدَّارُ: بَطْنٌ مِنْ لَخْمٍ، أَبُوْهُمُ الدَّارُ بنُ هَانِئ بنِ حَبِيْبِ بنِ نُمَارَةَ بنِ لَخْمِ، مِنْ أُدَدَ بنِ سَبَأٍ.
وَكَذَا تَابَعَهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ، فَوَهِمَا.
وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: الَّذِي لاَ يَبرحُ مِنْ دَارِه هُوَ الدَّارِيُّ، فَلاَ يَطلُبُ مَعَاشاً.
وَعَنْهُ، قَالَ: كَانَ ابْنُ كَثِيْرٍ عَطَّاراً.
قُلْتُ: هَذَا الحَقُّ، وَاشتِرَاكُ الأَنسَابِ لاَ يُبطِلُ ذَلِكَ.
وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ فَارِسٍ الَّذِيْنَ بَعَثَهُم كِسْرَى إِلَى صَنْعَاءِ اليَمَنِ، فَطَردُوا عَنْهَا الحَبَشَةَ.
قِيْلَ: قَرَأَ عَلَى عَبْدِ اللهِ بنِ السَّائِبِ المَخْزُوْمِيِّ، وَذَلِكَ مُحْتَمَلٌ، وَالمَشْهُوْرُ تِلاَوَتُه عَلَى: مُجَاهِدٍ، وَدِرْبَاسٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ.
تَلاَ عَلَيْهِ: أَبُو عَمْرٍو بنُ العَلاَءِ، وَمَعْرُوْفُ بُن مُشْكَانَ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ قُسْطَنْطِيْنَ، وَعِدَّةٌ.
وَقَدْ حَدَّثَ عَنِ: ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَأَبِي المِنْهَالِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُطْعِمٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَمُجَاهِدٍ، وَغَيْرِهِم.
وَهُوَ قَلِيْلُ الحَدِيْثِ.
رَوَى عَنْهُ: أَيُّوْبُ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أُمَيَّةَ، وَزَمْعَةُ بنُ صَالِحٍ،
وَعُمَرُ بنُ حَبِيْبٍ المَكِّيُّ، وَلَيْثُ بنُ أَبِي سُلَيْمٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ بنِ خُثَيْمٍ، وَجَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ، وَحُسَيْنُ بنُ وَاقِدٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي نَجِيْحٍ، وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، وَآخَرُوْنَ.وَثَّقَهُ: عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، وَغَيْرُهُ.
وَكَانَ رَجُلاً مَهِيْباً، طَوِيْلاً، أَبْيَضَ اللِّحْيَةِ، جَسِيْماً، أَسْمَرَ، أَشهَلَ العَيْنَيْنِ، تَعلُوْهُ سَكِيْنَةٌ وَوَقَارٌ، وَكَانَ فَصِيْحاً، مُفَوَّهاً، وَاعِظاً، كَبِيْرَ الشَّأْنِ.
يُقَالُ: إِنَّ ابْنَ عُيَيْنَةَ أَدْرَكَه، وَسَمِعَ مِنْهُ، وَلَمْ يَصِحَّ، إِنَّمَا شَهِدَ جَنَازَتَه.
وَقَدْ وَثَّقَهُ: النَّسَائِيُّ أَيْضاً.
وَعَاشَ: خَمْساً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
مَاتَ: سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: رَأَيْتُهُ يَخْضِبُ بِالصُّفْرَةِ، وَيَقُصُّ لِلْجَمَاعَةِ.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بنُ أَبِي بَكْرٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ قَادْشَاه، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ المُقْرِئُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بنُ مُوْسَى، حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ كَثِيْرٍ، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيْلَ إِذَا بَلَغُوا ذَا طُوَىً، نَزَعُوا نِعَالَهُم.
عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ: كَانَ ابْنُ كَثِيْرٍ يَبِيْعُ العِطرَ قَدِيْماً.
وَقَالَ شِبْلُ بنُ عَبَّادٍ: وُلِدَ ابْنُ كَثِيْرٍ بِمَكَّةَ، سَنَةَ 48، وَمَاتَ سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ابْنُ كَثِيْرٍ المُقْرِئُ ثِقَةً، لَهُ أَحَادِيْثُ صَالِحَةٌ، مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ فِي (تَارِيْخِهِ) : حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ:
سَمِعْتُ مُطَرِّفاً بِمَكَّةَ فِي جَنَازَةِ عَبْدِ اللهِ بنِ كَثِيْرٍ، وَأَنَا غُلاَمٌ سَنَةَ عِشْرِيْنَ، قَالَ: سَمِعْتُ الحَسَنَ، ثُمَّ قَالَ:
وَقَالَ عَلِيٌّ: قِيْلَ لابْنِ عُيَيْنَةَ: رَأَيْتَ عَبْدَ اللهِ بنَ كَثِيْرٍ؟
قَالَ: رَأَيْتُهُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ، أَسْمَع قَصَصَه وَأَنَا غُلاَمٌ، كَانَ قَاصَّ الجَمَاعَةِ.
قُلْتُ: فَهَاذَانِ قَوْلاَنِ لابْنِ عُيَيْنَةَ، فَإِمَّا شَكَّ، وَإِمَّا عَنَى بِأَنَّ الَّذِي مَاتَ سَنَةَ عِشْرِيْنَ هُوَ عَبْدُ اللهِ بنُ كَثِيْرِ بنِ المُطَّلِبِ السَّهْمِيُّ؛ الَّذِي خَرَّجَ لَهُ مُسْلِمٌ فِي الجَنَائِزِ، مِنْ طَرِيْقِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْهُ، وَهَذَا أَشْبَهُ.
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الغَسَّانِيُّ: حَدِيْثُ السَّلَفِ يَرْوِيْهِ ابْنُ أَبِي نَجِيْحٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ كَثِيْرٍ، عَنْ أَبِي المِنْهَالِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُطْعِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ثُمَّ قَالَ:فَقَالَ أَبُو الحَسَنِ القَابِسِيُّ، وَغَيْرُهُ: هُوَ ابْنُ كَثِيْرٍ القَارِئُ.
ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيْحٍ، بَلْ هُوَ ابْنُ كَثِيْرِ بنِ المُطَّلِبِ السَّهْمِيُّ، كَذَا نَسَبَه الكَلاَبَاذِيُّ، وَهُوَ أَخُو كَثِيْرِ بنِ كَثِيْرٍ، لاَ شَيْءَ لَهُ فِي الصَّحِيْحِ سِوَى حَدِيْث السّلمِ، عَنْ (صَحِيْحِ البُخَارِيِّ) .
وَكَذَا ذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالحَاكِمُ، وَغَيْرُهُمَا عَبْدَ اللهِ بنَ كَثِيْرِ بنِ المُطَّلِبِ فِي رِجَالِ (الصَّحِيْحَيْنِ) .
وَذَكَرَهُ: البُخَارِيُّ فِي (تَارِيْخِهِ) ، لَكِنَّهُ وَهِمَ فِي نِسبَتِه إِلَى بَنِي عَبْدِ الدَّارِ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ: عَبْدُ اللهِ بنُ كَثِيْرٍ القَارِئُ الدَّارِيُّ مَوْلَى بَنِي عَبْدِ الدَّارِ.
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: قَدْ رَوَى عَنِ الدَّارِيِّ: أَيُّوْبُ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَكَانَ ثِقَةً.
حَجَّاجُ بنُ مِنْهَالٍ، عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ: رَأَيْتُ أَبَا عَمْرٍو بنَ العَلاَءِ يَقْرَأُ عَلَى عَبْدِ اللهِ بنِ كَثِيْرٍ.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: لَمْ يَكُنْ بِمَكَّةَ أَحَدٌ أَقرَأَ مِنْ حُمَيْدِ بنِ قَيْسٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ كَثِيْرٍ.
وَقَالَ جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ كَثِيْرٍ فَصِيْحاً بِالقُرْآنِ.
وَذَكَرَ الدَّانِيُّ: أَنَّ ابْنَ كَثِيْرٍ أَخَذَ القِرَاءةَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ السَّائِبِ.
ابْنُ مُجَاهِدٍ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بنُ مُوْسَى، حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا قَاسِمٌ الرَّحَّالُ فِي جَنَازَةِ عَبْدِ اللهِ بنِ كَثِيْرٍ -يَعْنِي: فِي سَنَةِ عِشْرِيْنَ-.
أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ، وَالمُسَلَّمُ بنُ عَلاَّنَ، قَالاَ: أَنْبَأَنَا حَنْبَلٌ، أَنْبَأَنَا
هِبَةُ اللهِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ المُذْهِبِ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ القَطِيْعِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي نَجِيْحٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ كَثِيْرٍ، عَنْ أَبِي المِنْهَالِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:قَدِمَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المَدِيْنَةَ، وَالنَّاسُ يُسْلِفُوْنَ فِي التَّمْرِ العَامَ وَالعَامَيْنِ -أَوْ قَالَ: عَامَيْنِ وَثَلاَثَةً- فَقَالَ: (مَنْ سَلَّفَ فِي تَمْرٍ، فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُوْمٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُوْمٍ) .
أَخرَجُوْهُ سِتَّتُهُم، عَنْ رِجَالِهِم، مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ أَبِي نَجِيْحٍ.
فَتَرَدَّدْنَا فِي ابْنِ كَثِيْرٍ هَذَا، هَلْ هُوَ الدَّارِيُّ أَوِ السَّهْمِيُّ؟ وَاخْتَلَفَ العُلَمَاءُ قَبْلَنَا فِيْهِ، وَفِي (رِجَالِ مُسْلِمٍ) لِلدَّارَقُطْنِيِّ ذَكَرَ السَّهْمِيَّ فَقَطْ، وَذَكَرَ فِي (رِجَالِ البُخَارِيِّ) عَبْدَ اللهِ بنَ كَثِيْرٍ المَكِّيَّ فَقَطْ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا مَكِّيٌّ، وَالَّذِي عُلِمَ بِالتَأَمُّلِ، أَنَّ الدَّارِيَّ رَجُلٌ كَبِيْرٌ شهِيْرٌ، وَأَنَّ السَّهْمِيَّ لاَ يَكَادُ يُعْرَفُ إِلاَّ بِحَدِيْثٍ وَاحِدٍ فِي (صَحِيْحِ مُسْلِمٍ) ، وَهُوَ مُعَلَّلٌ فِي اسْتِغفَارِه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأَهْلِ البَقِيْعِ.
تَفَرَّدَ بِهِ: ابْنُ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ كَثِيْرِ بنِ المُطَّلِبِ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ قَيْسِ بنِ مَخْرَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: فِي خُرُوْجِه - عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ - لَيْلاً، وَاسْتِغفَارِه لَهُم.
وَهُوَ مِنَ المُوَافَقَاتِ العَالِيَةِ فِي (فَوَائِدِ الإِخْمِيْمِيِّ) .
ثُمَّ قَالَ مُسْلِمٌ فِي عَقِبِه:
وَحَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ حَجَّاجَ بنَ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ - رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ - عَنْ مُحَمَّدِ بنِ قَيْسٍ بِهَذَا.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: هُوَ عَبْدُ اللهِ بنُ كَثِيْرِ بنِ المُطَّلِبِ بنِ أَبِي وَدَاعَةَ.
قُلْتُ: المُطَّلِبُ هَذَا هُوَ: ابْنُ الحَارِثِ بنِ صُبَيْرَةَ بنِ سَعِيْدِ بنِ سَعْدِ بنِ سَهْمٍ القُرَشِيُّ.
وَلِعَبْدِ اللهِ إِخوَةٌ: كَثِيْرٌ، وَجَعْفَرٌ، وَسَعِيْدٌ، وَلَيْسُوا بِالمَشْهُوْرِيْنَ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: عَنْ يُوْسُفَ بنِ مُسْلِمٍ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ قَيْسٍ.ثُمَّ قَالَ النَّسَائِيُّ: حَجَّاجٌ فِي ابْنِ جُرَيْجٍ عِنْدَنَا، أَثْبَتُ مِنِ ابْنِ وَهْبٍ.
قُلْتُ: مَا اخْتَلَفَا فِيْهِ، وَإِنَّمَا ابْنُ مُسْلِمٍ زَادَ مِنْ عِنْدِه إِيْضَاحاً بِحَسبِ ظنِّهِ، فَقَالَ بَعْدَ عَبْدِ اللهِ: ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ.
فَهَذَا مَا عِنْدَنَا مِنْ ذِكْرِ السَّهْمِيِّ، وَلَمْ نَتَيَقَّنْ لَهُ رِوَايَةَ حَدِيْثٍ سِوَى هَذَا.
وَأَمَّا حَدِيْثُ السَّلَفِ، فَمُتجَاذَبٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّارِيِّ، فَلْيُلْتَمَسْ مُرَجِّحٌ لأَحَدِهِمَا - وَاللهُ أَعْلَمُ -.
وَأَمَّا الكَلاَبَاذِيُّ، فَقَالَ فِي رِجَالِ البُخَارِيِّ:
عَبْدُ اللهِ بنُ كَثِيْرِ بنِ المُطَّلِبِ القُرَشِيُّ العَبْدَرِيُّ المَكِّيُّ القَاصُّ حَدَّثَ عَنْ أَبِي المِنْهَالِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُطْعِمٍ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ أَبِي نَجِيْحٍ فِي أَوَّلِ السَّلْمِ، فَهَذَا كَمَا تَرَى: جَعَلَ ابْنَ كَثِيْرِ بنِ المُطَّلِبِ عَبْدَرِيّاً، وَإِنَّمَا هُوَ سَهْمِيٌّ، وَجَعَلَهُ القَاصَّ، وَإِنَّمَا القَاصُّ الدَّارِيُّ القَارِئُ.
وَكَذَا قَالَ البُخَارِيُّ فِي ابْنِ المُطَّلِبِ: إِنَّهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ بنِ قُصَيٍّ.
وَمَا ذَكرَ فِي (تَارِيْخِهِ ) سِوَاهُ، وَمَا ذَكرَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ سِوَاهُ، إِلاَّ ابْنَ كَثِيْرٍ الطَّوِيْلَ الدِّمَشْقِيَّ.
عبد الله بن كثير بن الْمطلب
عبد الله بن كثير بن المطلب بن أبى وداعة القرشي أخو عمر من خيار أهل
مكة مات بعد سنة عشرين ومائة
مكة مات بعد سنة عشرين ومائة
عبد الله بن كثير بن الْمطلب من بني عبد الدار الْمَكِّيّ الْقرشِي الْعَبدَرِي الْقَاص قَالَ حجاج عَن ابْن جريج عبد الله رجل من قُرَيْش
روى عَن مُحَمَّد بن قيس بن مخرمَة بن الْمطلب فِي الْجَنَائِز وَأبي الْمنْهَال عبد الرحمن بن مطعم فِي الْبيُوع
روى عَنهُ ابْن جريج وَابْن أبي نجيح
روى عَن مُحَمَّد بن قيس بن مخرمَة بن الْمطلب فِي الْجَنَائِز وَأبي الْمنْهَال عبد الرحمن بن مطعم فِي الْبيُوع
روى عَنهُ ابْن جريج وَابْن أبي نجيح
عَبْد اللَّه بْن كثير بْن المطلب من بنى عبد الدار الْمَكِّيّ الْقُرَشِيّ،
سَمِعَ مجاهدا (1) ، سَمِعَ منه ابْن جريج، قَالَ الحميدي عَنِ ابْن عيينة: سمعت مطرفا (2) أبا بكر في جنازة عَبْد اللَّه بْن كثير وأنا غلام سنة عشر ومائة قَالَ: سمعت الْحَسَن، قَالَ علي: قِيلَ لابْن عيينة رأيت عَبْد اللَّه بْن كثير؟ قَالَ: رأيته سنة ثنتين وعشرين أسمع قصصه وأنا غلام وكَانَ ذامر (3) الجماعة، قَالَ علي الرازي عَنْ عَبْد الكريم: رأيت عَبْد اللَّه بْن كثير قاص مكة.
سَمِعَ مجاهدا (1) ، سَمِعَ منه ابْن جريج، قَالَ الحميدي عَنِ ابْن عيينة: سمعت مطرفا (2) أبا بكر في جنازة عَبْد اللَّه بْن كثير وأنا غلام سنة عشر ومائة قَالَ: سمعت الْحَسَن، قَالَ علي: قِيلَ لابْن عيينة رأيت عَبْد اللَّه بْن كثير؟ قَالَ: رأيته سنة ثنتين وعشرين أسمع قصصه وأنا غلام وكَانَ ذامر (3) الجماعة، قَالَ علي الرازي عَنْ عَبْد الكريم: رأيت عَبْد اللَّه بْن كثير قاص مكة.
عبد الله بن زمعة بن الأسود بن عبد المطلب بْن أَسَد بْن عبد العزى ابْن قصي القرشي الأسدي.
أمه قريبة بِنْت أَبِي أُمَيَّة أخت أم سَلَمَة أم المؤمنين،
كَانَ من أشراف قريش، وَكَانَ يأذن على النبي صلى الله عليه وسلم، يعد في أهل المدينة.
وَرَوَى عَنْهُ أَبُو بَكْر بْن عَبْد الرَّحْمَنِ، وعروة بْن الزُّبَيْر، فحديث أَبِي بَكْر عَنْهُ أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مروا أَبَا بَكْر فليصل بالناس. وروى عَنْهُ عُرْوَة ثلاثة أحاديث: أحدها- أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذكر النساء فَقَالَ: يضرب أحدكم المرأة ضرب العبد، ثُمَّ يضاجعها من آخر يومه! والثاني- أَنَّهُ ذكر الضرطة فوعظهم فيها، فَقَالَ: لم يضحك أحدكم مما يفعل. والثالث- أَنَّهُ ذكر ناقة صَالِح، فَقَالَ: انبعث لَهَا رجل عزيز عارم منيع فِي رهطه مثل أَبِي زمعة فِي قومه. وربما جمع هِشَام بْن عُرْوَة عَنْ أَبِيهِ هَذِهِ الأحاديث الثلاثة فِي حديث واحد.
وأبو زمعة هَذَا هُوَ الأسود بْن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي، كني بابنه زمعة، وقتل زمعة بْن الأسود، وأخوه عُقَيْل بْن الأسود يَوْم بدر كافرين، وأبوهما الأسود، كان أحد المستهزءين الذين قَالَ الله تعالى فيهم :
إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ 15: 95.
ذكروا أن جبريل رمى فِي وجهه بورقة فعمي، وكانت تحت عَبْد اللَّهِ بْن زمعة زينب بِنْت أَبِي سَلَمَة، وهي أم بنته، وابنه يَزِيد بْن عَبْد اللَّهِ بْن زمعة، قتله مسرف بْن عقبة صبرا يَوْم الحرة، وذلك أَنَّهُ أتى بِهِ مسرف بْن عقبة أسيرا.
فقال لَهُ: بايع على أنك خول لأمير المؤمنين، يَعْنِي يَزِيد، يحكم فِي دمك ومالك.
فقال: أبايعه على الكتاب والسنة، وأنا ابْن عم أمير المؤمنين، يحكم فِي دمي وأهلي ومالي، وَكَانَ صديقا ليزيد وصفيا لَهُ، فلما قَالَ ذَلِكَ قَالَ مسرف: اضربوا عنقه، فوثب مَرَوَان فضمه إِلَيْهِ لما كَانَ يعرف بينه وبين يَزِيد. فقال مَرَوَان:
نعم يبايعك على مَا أحببت، وقال مسرف: والله لا أقبله أبدا. وقال: إن تنحى عَنْهُ مَرَوَان وإلا فاقتلوهما معا، فتركه مَرَوَان، وضربت عنق يَزِيد بن عبد الله ابن زمعة، وقتل يومئذ إخوته فِي القتال، فيقال: إنه قتل لعبد الله بْن زمعة يَوْم الحرة بنون. ومن ولد عَبْد اللَّهِ بْن زمعة كَثِير بْن عَبْد اللَّهِ بْن زمعة، وَهُوَ جد أَبُو البختري، والقاضي وَهْب بْن وَهْب بْن كَثِير بْن عَبْد اللَّهِ بْن زمعة.
ذَكَرَ الزُّبَيْرُ عَنْ عَمِّهِ مُصْعَبٍ، حَدَّثَنِي أبو البختري قال: قال لي مصعب ابن ثَابِتٍ: مَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: وَهْبُ بْنُ وَهْبِ بْنِ عَبْدٍ الْكَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ قَالَ: فَمَا لَكَ لا تَقُولُ كَثِيرًا؟ لَعَلَّكَ كَرِهْتَ ذَلِكَ، أَتَدْرِي مَنْ سَمَّاهُ كَثِيرًا؟
جَدَّتُهُ أُمُّ سَلَمَةَ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم.
أمه قريبة بِنْت أَبِي أُمَيَّة أخت أم سَلَمَة أم المؤمنين،
كَانَ من أشراف قريش، وَكَانَ يأذن على النبي صلى الله عليه وسلم، يعد في أهل المدينة.
وَرَوَى عَنْهُ أَبُو بَكْر بْن عَبْد الرَّحْمَنِ، وعروة بْن الزُّبَيْر، فحديث أَبِي بَكْر عَنْهُ أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مروا أَبَا بَكْر فليصل بالناس. وروى عَنْهُ عُرْوَة ثلاثة أحاديث: أحدها- أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذكر النساء فَقَالَ: يضرب أحدكم المرأة ضرب العبد، ثُمَّ يضاجعها من آخر يومه! والثاني- أَنَّهُ ذكر الضرطة فوعظهم فيها، فَقَالَ: لم يضحك أحدكم مما يفعل. والثالث- أَنَّهُ ذكر ناقة صَالِح، فَقَالَ: انبعث لَهَا رجل عزيز عارم منيع فِي رهطه مثل أَبِي زمعة فِي قومه. وربما جمع هِشَام بْن عُرْوَة عَنْ أَبِيهِ هَذِهِ الأحاديث الثلاثة فِي حديث واحد.
وأبو زمعة هَذَا هُوَ الأسود بْن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي، كني بابنه زمعة، وقتل زمعة بْن الأسود، وأخوه عُقَيْل بْن الأسود يَوْم بدر كافرين، وأبوهما الأسود، كان أحد المستهزءين الذين قَالَ الله تعالى فيهم :
إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ 15: 95.
ذكروا أن جبريل رمى فِي وجهه بورقة فعمي، وكانت تحت عَبْد اللَّهِ بْن زمعة زينب بِنْت أَبِي سَلَمَة، وهي أم بنته، وابنه يَزِيد بْن عَبْد اللَّهِ بْن زمعة، قتله مسرف بْن عقبة صبرا يَوْم الحرة، وذلك أَنَّهُ أتى بِهِ مسرف بْن عقبة أسيرا.
فقال لَهُ: بايع على أنك خول لأمير المؤمنين، يَعْنِي يَزِيد، يحكم فِي دمك ومالك.
فقال: أبايعه على الكتاب والسنة، وأنا ابْن عم أمير المؤمنين، يحكم فِي دمي وأهلي ومالي، وَكَانَ صديقا ليزيد وصفيا لَهُ، فلما قَالَ ذَلِكَ قَالَ مسرف: اضربوا عنقه، فوثب مَرَوَان فضمه إِلَيْهِ لما كَانَ يعرف بينه وبين يَزِيد. فقال مَرَوَان:
نعم يبايعك على مَا أحببت، وقال مسرف: والله لا أقبله أبدا. وقال: إن تنحى عَنْهُ مَرَوَان وإلا فاقتلوهما معا، فتركه مَرَوَان، وضربت عنق يَزِيد بن عبد الله ابن زمعة، وقتل يومئذ إخوته فِي القتال، فيقال: إنه قتل لعبد الله بْن زمعة يَوْم الحرة بنون. ومن ولد عَبْد اللَّهِ بْن زمعة كَثِير بْن عَبْد اللَّهِ بْن زمعة، وَهُوَ جد أَبُو البختري، والقاضي وَهْب بْن وَهْب بْن كَثِير بْن عَبْد اللَّهِ بْن زمعة.
ذَكَرَ الزُّبَيْرُ عَنْ عَمِّهِ مُصْعَبٍ، حَدَّثَنِي أبو البختري قال: قال لي مصعب ابن ثَابِتٍ: مَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: وَهْبُ بْنُ وَهْبِ بْنِ عَبْدٍ الْكَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ قَالَ: فَمَا لَكَ لا تَقُولُ كَثِيرًا؟ لَعَلَّكَ كَرِهْتَ ذَلِكَ، أَتَدْرِي مَنْ سَمَّاهُ كَثِيرًا؟
جَدَّتُهُ أُمُّ سَلَمَةَ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم.
عبد الله بن زَمعَة بن الْأسود بن الْمطلب بن أَسد بن عبد العزى الْقرشِي لَهُ صُحْبَة
روى عَنهُ عُرْوَة بن الزبير فِي صفة النَّار
روى عَنهُ عُرْوَة بن الزبير فِي صفة النَّار
عَبْدُ اللهِ بْنُ زَمْعَةَ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ، أُمُّهُ قُرَيْبَةُ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ كَوْثَرٍ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، ثنا عِيسَى بْنُ مِينَاءَ قَالُونُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَمْعَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فِي خُطْبَتِهِ ذَكَرَ النَّاقَةَ وَالَّذِي عَقَرَهَا فَقَالَ: «انْبَعَثَ لَهَا رَجُلٌ عَارِمٌ عَزِيزٌ مَنِيعٌ مِثْلُ ابْنِ زَمْعَةَ» ثُمَّ ذَكَرَ النِّسَاءَ فَقَالَ: «لِمَ يَجْلِدُ أَحَدُكُمُ امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ وَلَعَلَّهُ يُضَاجِعُهَا مِنْ آخِرِ يَوْمِهِ؟» ثُمَّ وَعَظَهُمْ فِي ضَحِكِهِمْ مِنَ الضَّرْطَةِ فَقَالَ: «مَا يُضْحِكُ أَحَدَكُمْ مِمَّا يَفْعَلُ؟» رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ، وَابْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَأَبُو صَخْرَةَ، وَمَسْلَمَةُ بْنُ قَعْنَبٍ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ، وَوُهَيْبُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ هِشَامٍ
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ كَوْثَرٍ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، ثنا عِيسَى بْنُ مِينَاءَ قَالُونُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَمْعَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فِي خُطْبَتِهِ ذَكَرَ النَّاقَةَ وَالَّذِي عَقَرَهَا فَقَالَ: «انْبَعَثَ لَهَا رَجُلٌ عَارِمٌ عَزِيزٌ مَنِيعٌ مِثْلُ ابْنِ زَمْعَةَ» ثُمَّ ذَكَرَ النِّسَاءَ فَقَالَ: «لِمَ يَجْلِدُ أَحَدُكُمُ امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ وَلَعَلَّهُ يُضَاجِعُهَا مِنْ آخِرِ يَوْمِهِ؟» ثُمَّ وَعَظَهُمْ فِي ضَحِكِهِمْ مِنَ الضَّرْطَةِ فَقَالَ: «مَا يُضْحِكُ أَحَدَكُمْ مِمَّا يَفْعَلُ؟» رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ، وَابْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَأَبُو صَخْرَةَ، وَمَسْلَمَةُ بْنُ قَعْنَبٍ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ، وَوُهَيْبُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ هِشَامٍ
عبد الله بن زَمعَة بن الْأسود بن الْمطلب بن أَسد بن عبد الْعُزَّى بن قصي الْقرشِي الْمدنِي
سمع النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم رَوَى عَنهُ عُرْوَة بن الزبير فِي الْأَنْبِيَاء وَالنِّكَاح وَتَفْسِير ((وَالشَّمْس)) وَقَالَ مُحَمَّد بن سعد كَاتب الْوَاقِدِيّ توفّي النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ ابْن خمس عشرَة سنة
سمع النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم رَوَى عَنهُ عُرْوَة بن الزبير فِي الْأَنْبِيَاء وَالنِّكَاح وَتَفْسِير ((وَالشَّمْس)) وَقَالَ مُحَمَّد بن سعد كَاتب الْوَاقِدِيّ توفّي النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ ابْن خمس عشرَة سنة
عَبْد اللَّه بْن زَمعَة بْن الْأسود بْن الْمطلب بْن أَسد بْن عَبْد الْعُزَّى بْن قصي الْقرشِي وَكَانَ زَمعَة أحد المطعمين يَوْم بدر مَعَ الْمُشْركين وَقتل يَوْمئِذٍ كَافِرًا وَأم عَبْد اللَّه بْن زَمعَة قريبَة الْكُبْرَى بنت أبي أُميَّة الْمُغيرَة بْن عَبْد اللَّه بْن عمر بْن مَخْزُوم وَكَانَ أَبُو أُميَّة يلقب بزاد الرَّاكِب وَقتل عَبْد اللَّه بْن زَمعَة يَوْم الْحرَّة سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَكَانَ قد قبض النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بن خمس عشرَة سنة
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَمْعَةَ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ شَرِيكٍ الْبَزَّارُ، نا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، نا رِشْدِينُ، عَنْ عَقِيلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ قَالَ: لَمَّا اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعُهُ كُنْتُ عِنْدَهُ فِي نَفَرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ , دَعَاهُ بِلَالٌ لِلصَّلَاةِ , فَقَالَ: «مُرُوهُ , فَلْيَأْمُرِ النَّاسَ بِالصَّلَاةِ»
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، نا الْحُمَيْدِيُّ، نا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَمْعَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَذَكَرَ النِّسَاءَ - فَقَالَ: «يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إِلَى امْرَأَتِهِ فَيَضْرِبُهَا - يَعْنِي ضَرْبَ الْعَبْدِ - ثُمَّ يُعَانِقُهَا مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ»
«وَعَاتَبَ النَّاسَ فِي الضَّحِكِ عَنِ الضَّرْطَةِ»
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَزَّازُ، نا الْحِمَّانِيُّ، نا ابْنُ نُمَيْرٍ , عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ , عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ قَالَ: «خَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ النَّاقَةَ وَالَّذِي عَقَرَهَا , وَوَعَظَهُمْ فِي ضَحِكِهِمْ مِنَ الضَّرْطَةِ»
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ شَرِيكٍ الْبَزَّارُ، نا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، نا رِشْدِينُ، عَنْ عَقِيلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ قَالَ: لَمَّا اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعُهُ كُنْتُ عِنْدَهُ فِي نَفَرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ , دَعَاهُ بِلَالٌ لِلصَّلَاةِ , فَقَالَ: «مُرُوهُ , فَلْيَأْمُرِ النَّاسَ بِالصَّلَاةِ»
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، نا الْحُمَيْدِيُّ، نا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَمْعَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَذَكَرَ النِّسَاءَ - فَقَالَ: «يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إِلَى امْرَأَتِهِ فَيَضْرِبُهَا - يَعْنِي ضَرْبَ الْعَبْدِ - ثُمَّ يُعَانِقُهَا مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ»
«وَعَاتَبَ النَّاسَ فِي الضَّحِكِ عَنِ الضَّرْطَةِ»
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَزَّازُ، نا الْحِمَّانِيُّ، نا ابْنُ نُمَيْرٍ , عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ , عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ قَالَ: «خَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ النَّاقَةَ وَالَّذِي عَقَرَهَا , وَوَعَظَهُمْ فِي ضَحِكِهِمْ مِنَ الضَّرْطَةِ»
عَبْد الرَّحْمَن بْن الْمُطَّلِبِ بْن أَبِي وَدَاعَةَ السَّهْمِيِّ
عَنْ أَبِيه، روى عَنْهُ ابنه أَبُو سُفْيَان الْقُرَشِيّ وسمع منه حفص بْن عبد الله بن
صيفي، أراه أخا كثير الْقُرَشِيّ الْمَكِّيّ.
عَنْ أَبِيه، روى عَنْهُ ابنه أَبُو سُفْيَان الْقُرَشِيّ وسمع منه حفص بْن عبد الله بن
صيفي، أراه أخا كثير الْقُرَشِيّ الْمَكِّيّ.