الهيثم بن الأسود بن أقيش
ابن معاوية بن سفيان بن هلال بن عمرو، أبو العريان النخعي المذحجي الكوفي، قدم دمشق.
حدث عن عبد الله بن عمرو في قوله: " فمن تصدق به فهو كفارة له " قال: يهدم عنه مثل ذلك من ذنوبه.
قال الهيثم: أتيت معاوية، ومعه على السرير رجل في وجهه غضون، فقال: من أي بلد أنت؟ قلت: من أهل الكوفة، قال: إن أرضك أرض يقال لها: دوثى، ذات نخل وسباخ؟ قلت: نعم، فقال: منها يخرج الدجال.
قال الرجل - أحد رواته -: إن الذي كان معه على سريره: عبد الله بن عمرو بن العاص.
وعن الهيثم: أن عبيد الله بن زياد وجهه إلى يزيد بن معاوية في حاجة، فدخل، فإذا خارجي بين يدي يزيد يخاطبه، فقال له الخارجي في بعض ما يقول: أنا سفي، فقال: والله لأقتلنك، فرآه محركاً شفتيه، فقال: يا حرسي، ما يقول؟ قال: يقول:
عسى فرج يأتي به الله إنه ... له كل يوم في خليفته أمر
قال: أخرجاه، فاضربا عنقه. ودخل الهيثم بن الأسود، فقال: ما هذا؟ فأخبر، قال: كفا عنه قليلاً، قال: يا أمير المؤمنين، هب مجرم قوم لوافدهم، قال: هو لك، فأخذ الهيثم بيده، فأخرجه، والخارجي يقول: الحمد لله على أنعامه، تألى على الله فأكذبه، وغالب الله فغلبه.
شهد أبوه الأسود بن أقيش القادسية، وقتل يومئذ، وكان الهيثم معه من خيار التابعين.
قال عبد الملك بن مروان للهيثم بن الأسود: ما مالك؟ قال: الغنى عن الناس، والبلغة الجميلة، فقيل له: لم لم تخبره بحاجتك؟ قال: إن أخبرته أني غني حسدني، وإن أخبرته أني فقير حقرني.
قال الشعبي: قلت للهيثم بن الأسود: أي الثلاثة أشعر منك ومن الأعور الشني وعبد الرحمن بن حسان بن ثابت، حيث تقول أنت:
وأعلم علماً ليس بالظن أنه ... إذا زال مال المرء فهو ذليل
وأن لسان المرء ما لم تكن له ... حصاةً على عوراته لدليل
أم الأعور الشني حيث يقول:
لسان الفتى نصف ونصف فؤاده ... فهل بعد إلا صورة اللحم والدم
وكائن ترى من ساكت لك معجب ... زيادته أو نقصه في التكلم
أم عبد الرحمن بن حسان حيث يقول:
ترى المرء مخلوقاً وللعين حظها ... وليس بأحناء الأمور بخابر
وذاك كما البحر لست مسيغه ... ويعجب منه ساجياً كل ناظر
الساجي: الساكن.
فقال الهيثم: هيهات، الأعور أشعرنا.
قال العريان بن هيثم: بعث المختار بن أبي عبيد إلى الهيثم بن الأسود، فركب إليه، وركبت معه، فأذن لأبي فدخل، ولم يلبث أن خرج، فقلت: يا أبه، ما الذي سألك عنه المختار؟ قال: يا بني، بينا أنا وهو نطوف بالكعبة إذ قال: ما يشاء رجل طريف مثلي أو مثلك يأكل الناس يحب أهل هذا البيت إلا فعل. فلما دخلت عليه قال: تذكر حديثاً تذاكرناه ونحن نطوف بالكعبة؟ قلت: نعم، قال: هل ذكرته لأحد؟ قلت: لا، قال: فانصرف راشداً، وإياك وذكره.
قال عبد الملك بن عمير: دخلوا على أبي العريان يعودونه، فقالوا: كيف تجدك؟ قال: أجدني ابيض مني
ما كنت أحب أن يسود، واسود مني ما كنت أحب أن يبيض، ولان مني ما كنت أحب أن يشتد، واشتد مني ما كنت أحب أن يلين:
ألا أخبركم بآيات الكبر ... تقارب الخطو وسوء في البصر
وقلة الظعم إذا الزاد حضر ... وقلة النوم إذا الليل اعتكر
وكثرة النسيان فيما يذكر ... وتركي الحسناء في قيل الظهر
والناس يبلون كما تبلى الشجر
ألا أخبركم بجيد العنب؟ ما روي عموده، واخضر عوده، وتفرق عنقوده، ألا أخبركم بجيد الرطب؟ ما كثر لحاه، وصغر نواه، ورق سحاه
ابن معاوية بن سفيان بن هلال بن عمرو، أبو العريان النخعي المذحجي الكوفي، قدم دمشق.
حدث عن عبد الله بن عمرو في قوله: " فمن تصدق به فهو كفارة له " قال: يهدم عنه مثل ذلك من ذنوبه.
قال الهيثم: أتيت معاوية، ومعه على السرير رجل في وجهه غضون، فقال: من أي بلد أنت؟ قلت: من أهل الكوفة، قال: إن أرضك أرض يقال لها: دوثى، ذات نخل وسباخ؟ قلت: نعم، فقال: منها يخرج الدجال.
قال الرجل - أحد رواته -: إن الذي كان معه على سريره: عبد الله بن عمرو بن العاص.
وعن الهيثم: أن عبيد الله بن زياد وجهه إلى يزيد بن معاوية في حاجة، فدخل، فإذا خارجي بين يدي يزيد يخاطبه، فقال له الخارجي في بعض ما يقول: أنا سفي، فقال: والله لأقتلنك، فرآه محركاً شفتيه، فقال: يا حرسي، ما يقول؟ قال: يقول:
عسى فرج يأتي به الله إنه ... له كل يوم في خليفته أمر
قال: أخرجاه، فاضربا عنقه. ودخل الهيثم بن الأسود، فقال: ما هذا؟ فأخبر، قال: كفا عنه قليلاً، قال: يا أمير المؤمنين، هب مجرم قوم لوافدهم، قال: هو لك، فأخذ الهيثم بيده، فأخرجه، والخارجي يقول: الحمد لله على أنعامه، تألى على الله فأكذبه، وغالب الله فغلبه.
شهد أبوه الأسود بن أقيش القادسية، وقتل يومئذ، وكان الهيثم معه من خيار التابعين.
قال عبد الملك بن مروان للهيثم بن الأسود: ما مالك؟ قال: الغنى عن الناس، والبلغة الجميلة، فقيل له: لم لم تخبره بحاجتك؟ قال: إن أخبرته أني غني حسدني، وإن أخبرته أني فقير حقرني.
قال الشعبي: قلت للهيثم بن الأسود: أي الثلاثة أشعر منك ومن الأعور الشني وعبد الرحمن بن حسان بن ثابت، حيث تقول أنت:
وأعلم علماً ليس بالظن أنه ... إذا زال مال المرء فهو ذليل
وأن لسان المرء ما لم تكن له ... حصاةً على عوراته لدليل
أم الأعور الشني حيث يقول:
لسان الفتى نصف ونصف فؤاده ... فهل بعد إلا صورة اللحم والدم
وكائن ترى من ساكت لك معجب ... زيادته أو نقصه في التكلم
أم عبد الرحمن بن حسان حيث يقول:
ترى المرء مخلوقاً وللعين حظها ... وليس بأحناء الأمور بخابر
وذاك كما البحر لست مسيغه ... ويعجب منه ساجياً كل ناظر
الساجي: الساكن.
فقال الهيثم: هيهات، الأعور أشعرنا.
قال العريان بن هيثم: بعث المختار بن أبي عبيد إلى الهيثم بن الأسود، فركب إليه، وركبت معه، فأذن لأبي فدخل، ولم يلبث أن خرج، فقلت: يا أبه، ما الذي سألك عنه المختار؟ قال: يا بني، بينا أنا وهو نطوف بالكعبة إذ قال: ما يشاء رجل طريف مثلي أو مثلك يأكل الناس يحب أهل هذا البيت إلا فعل. فلما دخلت عليه قال: تذكر حديثاً تذاكرناه ونحن نطوف بالكعبة؟ قلت: نعم، قال: هل ذكرته لأحد؟ قلت: لا، قال: فانصرف راشداً، وإياك وذكره.
قال عبد الملك بن عمير: دخلوا على أبي العريان يعودونه، فقالوا: كيف تجدك؟ قال: أجدني ابيض مني
ما كنت أحب أن يسود، واسود مني ما كنت أحب أن يبيض، ولان مني ما كنت أحب أن يشتد، واشتد مني ما كنت أحب أن يلين:
ألا أخبركم بآيات الكبر ... تقارب الخطو وسوء في البصر
وقلة الظعم إذا الزاد حضر ... وقلة النوم إذا الليل اعتكر
وكثرة النسيان فيما يذكر ... وتركي الحسناء في قيل الظهر
والناس يبلون كما تبلى الشجر
ألا أخبركم بجيد العنب؟ ما روي عموده، واخضر عوده، وتفرق عنقوده، ألا أخبركم بجيد الرطب؟ ما كثر لحاه، وصغر نواه، ورق سحاه