محمد بن أحمد بن محمد بن يحيى
ابن مفرج أبو عبد الله - وقيل: أبو بكر - الأندلسي القرطبي القاضي مولى عبد الرحمن بن الحكم الأموي، ويقال: مولى عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك.
روى عن أبي أحمد منصور بن أحمد الهروي بسنده إلى بعض الحكماء:
خرجت وأنا أريد الرباط حتى إذا كنت بعريش مصر - أو دون العريش - إذا أنا بمظلة، وإذا برجل قد ذهبت يداه ورجلاه وبصره، وإذا هو يقول: اللهم غني أحمدك حمداً يوافي محامد خلقك إذ فضلتني على كثير ممن خلقت تفضيلاً. فقلت: والله لأسألنه أعلمه أم إلهاما؟ قال: فدنوت منه، فسلمت عليه، فرد علي السلام، فقلت: إني سائلك عن شيء، أتخبرني به؟ قال: إن كان عندي منه علم أخبرتك به، فقلت: على أي نعمة من نعمه تحمده عليها، أم على أي فضيلة من فضائله تشكره عليها؟ قال: أليس ترى ما قد صنع بي؟ وأمر الجبال فدمرتني، وأمر البحار فغرقتني، وأمر الأرض فخسفت بي ما ازددت له إلا حباً، وما ازددت له إلا شكراً. وإن لي إليك حاجة؛ فتى كان يتعاهدني
لوقت صلاتي، ويطعمني عند إفطاري، وقد فقدته منذ أمس، انظر هل تحسه لي؟ قال؟ فقلت: إن في قضاء حاجة هذا العبد لقربة إلى الله. قال: فخرجت في طلبه حتى إذا كنت بين كثبان من رمال إذا أنا بسبع قد افترس الغلام، فأكله. قال: فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون. فأتيته، فسلمت عليه، فرد علي السلام، فقلت: إني سائلك عن شيء، أتخبرني؟ قال: إن كان عندي منه شيء أخبرتك، قلت: أنت أكرم على الله منزلة أم أيوب؟ قال: بل أيوب أكرم على الله مني وأعظم عنده منزلة مني، قلت: أليس ابتلاه الله فصبر حتى استوحش منه من كان يأنس به، وصار غرضاً لمار الطريق؟ قال: بلى، فقلت: إن ابنك الذي أخبرتني بقصته ما أخبرتني، إني خرجت في طلبه حتى إذا كنت بين كثبان من رمال إذا بسبع قد افترس الغلام، فأكله. فقال: الحمد لله الذي لم يجعل في قلبي حسرة من الدنيا. قال: ثم شق شهقة فمات. قال: فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، من يعينني على غسله وكفنه وحفر قبره ودفنه؟! قال: فبينا أنا كذلك إذا أنا بركب يريدون الرباط، قال: فأشرت إليهم، فأقبلوا إلي، فقالوا: ما أنت وهذا؟ فأخبرتهم الذي كان من أمره، فغسلناه بماء البحر، وكفناه بأثواب كنت معهم، ووليت الصلاة عليه بينهم، ودفناه في مظلته، ومضى القوم إلى رباطهم. قال: وبت في مظلته تلك الليلة أنساً به، فلما مضى من الليل مثل ما بقي إذا أنا بصاحبي في روضة خضراء، عليه ثياب خضر. فقلت: ألست صاحبي؟ قال: بلى، قلت: فما الذي صيرك إلى ما أرى؟ قال: إني وردت مع الصابرين إلى درجة لم ينالوها إلا بالصبر عند البلاء، والشكر عند الرخاء.
ذكر أبو الوليد بن الفرضي أن أبا عبد الله رحل إلى المشرق في سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة، وقدم الأندلس من رحلته سنة خمس وأربعين، واتصل بأمير المؤمنين المستنصر، وكانت له منه مكانة خاصة، وأف له عدة دواوين، واستقضاه. وكان حافظاً للحديث عالماً به، بصيراً بالرجال، صحيح النقل، جيد الكتاب على كثرة ما جمع. سألته عن مولده؟ فقال لي: ولدت سنة
خمس عشرة وثلاثمائة في أولها. وتوفي ليلة الجمعة لإحدى عشرة ليلة خلت من رجب سنة ثمانين وثلاثمائة. شهدت جنازته.
قال أبو عبد الله الحميدي صاحب " تاريخ الأندلس ": صنف كتباً في فقه الحديث، وفي فقه التابعين، منها: " فقه الحسن البصري "، في سبع مجلدات، و" فقه الزهري "، في أجزاء كثيرة. وجمع " مسند حديث قاسم بن أصبغ " للحكم المستنصر.
ابن مفرج أبو عبد الله - وقيل: أبو بكر - الأندلسي القرطبي القاضي مولى عبد الرحمن بن الحكم الأموي، ويقال: مولى عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك.
روى عن أبي أحمد منصور بن أحمد الهروي بسنده إلى بعض الحكماء:
خرجت وأنا أريد الرباط حتى إذا كنت بعريش مصر - أو دون العريش - إذا أنا بمظلة، وإذا برجل قد ذهبت يداه ورجلاه وبصره، وإذا هو يقول: اللهم غني أحمدك حمداً يوافي محامد خلقك إذ فضلتني على كثير ممن خلقت تفضيلاً. فقلت: والله لأسألنه أعلمه أم إلهاما؟ قال: فدنوت منه، فسلمت عليه، فرد علي السلام، فقلت: إني سائلك عن شيء، أتخبرني به؟ قال: إن كان عندي منه علم أخبرتك به، فقلت: على أي نعمة من نعمه تحمده عليها، أم على أي فضيلة من فضائله تشكره عليها؟ قال: أليس ترى ما قد صنع بي؟ وأمر الجبال فدمرتني، وأمر البحار فغرقتني، وأمر الأرض فخسفت بي ما ازددت له إلا حباً، وما ازددت له إلا شكراً. وإن لي إليك حاجة؛ فتى كان يتعاهدني
لوقت صلاتي، ويطعمني عند إفطاري، وقد فقدته منذ أمس، انظر هل تحسه لي؟ قال؟ فقلت: إن في قضاء حاجة هذا العبد لقربة إلى الله. قال: فخرجت في طلبه حتى إذا كنت بين كثبان من رمال إذا أنا بسبع قد افترس الغلام، فأكله. قال: فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون. فأتيته، فسلمت عليه، فرد علي السلام، فقلت: إني سائلك عن شيء، أتخبرني؟ قال: إن كان عندي منه شيء أخبرتك، قلت: أنت أكرم على الله منزلة أم أيوب؟ قال: بل أيوب أكرم على الله مني وأعظم عنده منزلة مني، قلت: أليس ابتلاه الله فصبر حتى استوحش منه من كان يأنس به، وصار غرضاً لمار الطريق؟ قال: بلى، فقلت: إن ابنك الذي أخبرتني بقصته ما أخبرتني، إني خرجت في طلبه حتى إذا كنت بين كثبان من رمال إذا بسبع قد افترس الغلام، فأكله. فقال: الحمد لله الذي لم يجعل في قلبي حسرة من الدنيا. قال: ثم شق شهقة فمات. قال: فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، من يعينني على غسله وكفنه وحفر قبره ودفنه؟! قال: فبينا أنا كذلك إذا أنا بركب يريدون الرباط، قال: فأشرت إليهم، فأقبلوا إلي، فقالوا: ما أنت وهذا؟ فأخبرتهم الذي كان من أمره، فغسلناه بماء البحر، وكفناه بأثواب كنت معهم، ووليت الصلاة عليه بينهم، ودفناه في مظلته، ومضى القوم إلى رباطهم. قال: وبت في مظلته تلك الليلة أنساً به، فلما مضى من الليل مثل ما بقي إذا أنا بصاحبي في روضة خضراء، عليه ثياب خضر. فقلت: ألست صاحبي؟ قال: بلى، قلت: فما الذي صيرك إلى ما أرى؟ قال: إني وردت مع الصابرين إلى درجة لم ينالوها إلا بالصبر عند البلاء، والشكر عند الرخاء.
ذكر أبو الوليد بن الفرضي أن أبا عبد الله رحل إلى المشرق في سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة، وقدم الأندلس من رحلته سنة خمس وأربعين، واتصل بأمير المؤمنين المستنصر، وكانت له منه مكانة خاصة، وأف له عدة دواوين، واستقضاه. وكان حافظاً للحديث عالماً به، بصيراً بالرجال، صحيح النقل، جيد الكتاب على كثرة ما جمع. سألته عن مولده؟ فقال لي: ولدت سنة
خمس عشرة وثلاثمائة في أولها. وتوفي ليلة الجمعة لإحدى عشرة ليلة خلت من رجب سنة ثمانين وثلاثمائة. شهدت جنازته.
قال أبو عبد الله الحميدي صاحب " تاريخ الأندلس ": صنف كتباً في فقه الحديث، وفي فقه التابعين، منها: " فقه الحسن البصري "، في سبع مجلدات، و" فقه الزهري "، في أجزاء كثيرة. وجمع " مسند حديث قاسم بن أصبغ " للحكم المستنصر.