سحيم بن المهاجر
من سكان طرابلس، وولي إمرتها في أيام عبد الملك بن مروان، وولاه الوليد غزو البحر، وكتب إليه عبد الملك أن يكيد بعض الروم.
كان طاغية الروم لما رأى ما صنع الله للمسلمين منعة مدائن الساحل كاتب أنباط
جبل لبنان، واللكام فخرجوا جراجمة فعسكروا بالجبل، ووجه طاغية الروم قلقط البطريق في جماعة من الروم في البحر، فسار بهم حتى أرسى بهم بوجه الحجر، وخرج بمن معه حتى علا بهم على جبل لبنان، وبث قواده في أقصى الجبل حتى بلغ أنطاكية وغيرها من الجبل الأسود، فأعظم ذلك المسلمون بالساحل حتى لم يكن أحد يقدر يخرج في ناحية من رجا ولا غيرها إلا بالسلاح. ثم إن الجراجمة غلبت على الجبال كلها من لبنان وسنير وجبل الثلج وجبال الجولان، فكانت باسبل مسلحةً لنا في الرقاد وعقرباء الجولان مسلحة حتى جعلوا ينادون عبد الملك بن مروان من جبل المران من الليل، حتى بعث إليهم عبد الملك بالأموال ليكفوا حتى يفرغ لهم، وكان مشغولاً بقتال أهل العراق ومصعب بن الزبير وغيره.
ثم كتب عبد الملك إلى سحيم بن المهاجر في مدينة طرابلس يتواعده ويأمره بالخروج إليهم، فلم يزل سحيم ينتظر الفرصة منهم ويسأل عن خبرهم وأمورهم حتى بلغه أن قلقط في جماعة من أصحابه في قرية من قرى الجبل، فخرج سحيم في عشرين رجلاً من جلداء أصحابه، قد تهيأ بهيئة الروم في لباسه وهيئته وشعره وسلاحه متشبهاً ببطريق من بطارقة الروم قد بعثه ملك الروم إلى جبل اللكام في جماعة من الروم يغلب على ما هنالك، فلما دنا من القرية خلف أصحابه وقال: انتظروني إلى مطلع كوكب الصبح. فدخل على قلقط وأصحابه وهم في كنيسة يأكلون ويشربون، فمضى إلى مقدم الكنيسة فصنع ما يصنعه النصارى من الصلاة والقول عند دخولها كنائسها، ثم جلس إلى قلقط فقال له: من أنت؟ فانتمى إلى الرجل الذي يتشبه به فصدقه وقال له: إنني إنما جئتك لما بلغني من جهاز سحيم وما اجتمع به من الخروج إليك لأخبرك به وأكفيك أمره إن أتاك، ثم تناول من طعامهم، ثم
قال لقلقط وأصحابه: إنكم لم تأتوا ههنا للطعام والشراب. ثم قال لقلقط: ابعث معي عشرة من هؤلاء من أهل النجدة والبأس حتى نحرسك الليلة، فإني لست آمن أن يأتيك ليلاً فبعث معه عشرة وأمرهم بطاعته، فخرج بهم إلى أقصى القرية. وقام بهم على الطريق الذي يتخوفون أن يدخل عليهم منه، فأقام حارساً منهم وأمر أصحابه فناموا، وأمر الحارس إذا هو أراد النوم أن يوقظ حارساً منهم وينام هو. فحرس الأول ثم أقام الثاني، ثم قام سحيم الثالث، ثم قال: أنا أحرس فنم. فلما استقلوا نوماً قتلهم بذبابة سيفه رجلاً رجلاً، فاضطرب التاسع فأصاب العاشر برجله، فوثب إلى سحيم، فاتحدا، وصرعه الرومي وجلس على صدره، واستخرج سحيم سكيناً في خفه فقتله بها، ثم أتى الكنيسة فقتل قلقط وأصحابه رجلاً رجلاً، ثم خرج إلى أصحابه العشرين فجاء بهم فأراهم قتله من قتل من الحرس وقلقط ومن في الكنيسة، ووضعوا سيوفهم في من بقي، فنذر بهم من بقي منهم، وخرجوا هراباً حتى أتوا سفنهم بوجه الحجر، ولحقوا بأرض الروم، ورجع أنباط جبل لبنان إلى قراهم.
من سكان طرابلس، وولي إمرتها في أيام عبد الملك بن مروان، وولاه الوليد غزو البحر، وكتب إليه عبد الملك أن يكيد بعض الروم.
كان طاغية الروم لما رأى ما صنع الله للمسلمين منعة مدائن الساحل كاتب أنباط
جبل لبنان، واللكام فخرجوا جراجمة فعسكروا بالجبل، ووجه طاغية الروم قلقط البطريق في جماعة من الروم في البحر، فسار بهم حتى أرسى بهم بوجه الحجر، وخرج بمن معه حتى علا بهم على جبل لبنان، وبث قواده في أقصى الجبل حتى بلغ أنطاكية وغيرها من الجبل الأسود، فأعظم ذلك المسلمون بالساحل حتى لم يكن أحد يقدر يخرج في ناحية من رجا ولا غيرها إلا بالسلاح. ثم إن الجراجمة غلبت على الجبال كلها من لبنان وسنير وجبل الثلج وجبال الجولان، فكانت باسبل مسلحةً لنا في الرقاد وعقرباء الجولان مسلحة حتى جعلوا ينادون عبد الملك بن مروان من جبل المران من الليل، حتى بعث إليهم عبد الملك بالأموال ليكفوا حتى يفرغ لهم، وكان مشغولاً بقتال أهل العراق ومصعب بن الزبير وغيره.
ثم كتب عبد الملك إلى سحيم بن المهاجر في مدينة طرابلس يتواعده ويأمره بالخروج إليهم، فلم يزل سحيم ينتظر الفرصة منهم ويسأل عن خبرهم وأمورهم حتى بلغه أن قلقط في جماعة من أصحابه في قرية من قرى الجبل، فخرج سحيم في عشرين رجلاً من جلداء أصحابه، قد تهيأ بهيئة الروم في لباسه وهيئته وشعره وسلاحه متشبهاً ببطريق من بطارقة الروم قد بعثه ملك الروم إلى جبل اللكام في جماعة من الروم يغلب على ما هنالك، فلما دنا من القرية خلف أصحابه وقال: انتظروني إلى مطلع كوكب الصبح. فدخل على قلقط وأصحابه وهم في كنيسة يأكلون ويشربون، فمضى إلى مقدم الكنيسة فصنع ما يصنعه النصارى من الصلاة والقول عند دخولها كنائسها، ثم جلس إلى قلقط فقال له: من أنت؟ فانتمى إلى الرجل الذي يتشبه به فصدقه وقال له: إنني إنما جئتك لما بلغني من جهاز سحيم وما اجتمع به من الخروج إليك لأخبرك به وأكفيك أمره إن أتاك، ثم تناول من طعامهم، ثم
قال لقلقط وأصحابه: إنكم لم تأتوا ههنا للطعام والشراب. ثم قال لقلقط: ابعث معي عشرة من هؤلاء من أهل النجدة والبأس حتى نحرسك الليلة، فإني لست آمن أن يأتيك ليلاً فبعث معه عشرة وأمرهم بطاعته، فخرج بهم إلى أقصى القرية. وقام بهم على الطريق الذي يتخوفون أن يدخل عليهم منه، فأقام حارساً منهم وأمر أصحابه فناموا، وأمر الحارس إذا هو أراد النوم أن يوقظ حارساً منهم وينام هو. فحرس الأول ثم أقام الثاني، ثم قام سحيم الثالث، ثم قال: أنا أحرس فنم. فلما استقلوا نوماً قتلهم بذبابة سيفه رجلاً رجلاً، فاضطرب التاسع فأصاب العاشر برجله، فوثب إلى سحيم، فاتحدا، وصرعه الرومي وجلس على صدره، واستخرج سحيم سكيناً في خفه فقتله بها، ثم أتى الكنيسة فقتل قلقط وأصحابه رجلاً رجلاً، ثم خرج إلى أصحابه العشرين فجاء بهم فأراهم قتله من قتل من الحرس وقلقط ومن في الكنيسة، ووضعوا سيوفهم في من بقي، فنذر بهم من بقي منهم، وخرجوا هراباً حتى أتوا سفنهم بوجه الحجر، ولحقوا بأرض الروم، ورجع أنباط جبل لبنان إلى قراهم.