مُحَمَّد بن أبي سُلَيْمَان بن أبي فَاطِمَة قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ كَذَّاب يضع الحَدِيث.
I pay $140/month to host my websites. If you wish to help, please use the following button (secure payments with Stripe).
Jump to entry:الذهاب إلى موضوع رقم:
500100015002000250030003500400045005000550060006500700075008000850090009500100001050011000115001200012500130001350014000145001500015500160001650017000175001800018500190001950020000205002100021500220002250023000235002400024500250002550026000265002700027500280002850029000295003000030500310003150032000325003300033500340003450035000355003600036500370003750038000385003900039500400004050041000415004200042500430004350044000445004500045500460004650047000475004800048500490004950050000505005100051500520005250053000535005400054500550005550056000565005700057500580005850059000595006000060500610006150062000625006300063500640006450065000655006600066500670006750068000685006900069500700007050071000715007200072500730007350074000745007500075500760007650077000775007800078500790007950080000805008100081500820008250083000835008400084500850008550086000865008700087500880008850089000895009000090500910009150092000925009300093500940009450095000955009600096500970009750098000985009900099500100000100500Similar and related entries:
مواضيع متعلقة أو مشابهة بهذا الموضوع
محمد بن إدريس بن العباس
ابن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر أبو عبد الله المطلبي الشافعي المكي إمام عصره، وفريد دهره. اجتاز دمشق، أو بساحلها حين ذهب إلى مصر.
روى عن مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم - وفي رواية: من صلاة الفذ - وحده بخمسة وعشرين جزءاً ".
وروى عن محمد بن عثمان بن صفوان الجمحي بسنده إلى عائشة، أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا تخالط الصدقة مالاً إلا أهلكته ".
عن الشافعي قال:
كنت مع محمد بن الحسن بالرقة، فمرضت مرضه، فعادني العواد، فلما نقهت من مرضي مددت يدي إلى كتب عند رأسي، فوقع في يدي " كتاب الصلاة " لمالك، فنظرت في باب الكسوف، ثم خرجت إلى المسجد فإذا محمد بن الحسن جالس، فقلت له: جئت أناظرك في الكسوف، فقال: قد عرفت قولنا فيه، فقلت: جئت أناظرك على النظر والخبر، فقال: هات، قلت: أشترط ألا تحتد علي، ولا تقلق - وكان محمد رجلاً قلقاً حديداً - فقال: أما ألا أحتد فلا أشترط ذلك، ولكن لا يضرك ذلك عندي. فناظرته، فلما ضاغطته، فكأنه وجد من ذاك، فقلت: هذا هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة، وزيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس؛ واجتمع علي وعليه الناس، فقال: وهل زدتني على أن جئتني بصبي وامرأة؟! فقلت: لو غيري جالسك! وقمت عنه بالغضب! فرفع الخبر إلى هارون أمير المؤمنين، فقال: قد علمت أن الله لا يدع هذه الأمة حتى يبعث عليهم قرشياً قلباً يرد عليهم ما هم فيه من الضلالة. ثم رجعت إلى بيتي، فقلت لغلامي: اشدد على رواحلك، واجعل الليل حملاً. فقدمت مصر.
وهذه الحكاية تدل على أن الشافعي دخل مصر مرتين: إحدى المرتين على طريق الشام، فإن فيها أنه دخلها أيام هارون الرشيد، وتوفي هارون سنة ثلاث وتسعين ومائة. ودخلته الثانية مصر سنة تسع وتسعين ومائة، فأقام بها إلى أن مات، وأظنه في هذه الثانية ذهب إليها من مكة؛ فإن الحميدي صحبه.
قال محمد بن إدريس الشافعي بمكة: سلوني ما شئتم أجبكم من كتاب الله، ومن سنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: فقيل له: أصلحك الله، ما تقول في المحرم يقتل الزنبور؟ قال: نعم. بسم الله الرحمن الرحيم، قال الله تعالى: " ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ".
وعن سفيان بن عيينة بسنده إلى حذيفة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر ".
وبسنده عن عمر بن الخطاب أنه أمر المحرم بقتل الزنبور.
زاد البيهقي وغيره في نسب الشافعي المتقدم في بداية الترجمة: ابن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. وروى بسنده أن هذا النسب بعينه قرئ في مصر في مقابر بني عبد الحكم في حجر منقور على قبر الشافعي، وزاد فيه: ابن عدنان بن أد بن أدد بن الهميسع بن نبت بن إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن.
قال الخطيب بعد أن ساق نسب الشافعي: وقد ولده هاشم بن عبد مناف ثلاث مرار: أم السائب: الشفاء بنت الأرقم بن هاشم بن عبد مناف. أسر السائب يوم بدر كافراً، وكان يشبه بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وأم الشفاء بنت الأرقم: خلدة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف. وأم عبيد بن عبد يزيد: العجلة بنت عجلان بن البياع بن عبد ياليل بن ناشب بن غيرة بن سعد بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة. وأم عبد يزيد: الشفاء بنت هاشم بن عبد مناف بن قصي. كان يقال لعبد يزيد: محض لا قذى فيه. وأم هاشم بن المطلب: خديجة بنت سعيد بن سعد بن سهم. وأم هاشم والمطلب وعبد شمس بن عبد مناف: عاتكة بنت مرة السلمية: وأم شافع أم ولد.
قال الخطيب: وسمعت القاضي أبا الطيب طاهر بن عبد الله الطبري يقول: شافع بن السائب الذي ينسب إليه الشافعي قد لقي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو مترعرع، وأسلم أبوه السائب يوم بدر؛ فإنه كان صاحب راية بني هاشم، فأسر، وفدى نفسه، ثم أسلم، فقيل له: لم لم تسلم قبل أن تفتدى؟ فقال: ما كنت أحرم المؤمنين طمعاً لهم في. وقال بعض أهل العلم بالنسب: وقد وصف الشافعي أنه شقيق رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في نسبه، وشريكه في حسبه، لم تنل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طهارة في مولده، وفضيلة في آبائه إلا وهو قسيمه فيها إلى أن افترقا من عبد مناف، فزوج المطلب ابنه هاشماً الشفاء بنت هاشم بن عبد مناف، فولدت له عبد يزيد جد الشافعي. وكان يقال لعبد يزيد المحض لا قذى فيه، فقد ولد الشافعي الهاشمان: هاشم بن المطلب، وهاشم بن عبد مناف. والشافعي بن عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وابن عمته؛ لأن المطلب عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وأما أم الشافعي فهي أزدية، وقد قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الأزد جرثومة العرب ".
ولد الشافعي بغزة من بلاد الشام - وقيل باليمن - ونشأ بمكة، وكتب العلم بها وبمدينة رسول الله، وقدم بغداد مرتين، وخرج إلى مصر فنزلها إلى حين وفاته. وكتاب الشافعي الذي يسمى القديم، هو الذي عند البغداديين خاصة عنه. كان يونس بن عبد الأعلى يقول لا أعلم هاشمياً ولدته هاشمية إلا علي بن أبي طالب ثم الشافعي فأم علي بن أبي طالب فاطمة بنت أسد بن هاشم وأم الشافعي فاطمة بنت عبيد الله بن الحسن بن الحسين بن علي بن أبي طالب وهي التي حملت الشافعي إلى اليمن وأدبته.
قال الراوي: كذا روي عن يونس بن عبد الأعلى، وأغفل الحسن والحسين، وعقيلاً وجعفراً؛ فإن أماهما هاشميتان: فاطمة بنت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفاطمة بنت أسد.
قال بن عبد الحكم: لم حملت أم الشافعي به رأت كان المشتري خر من فرجها حتى انقض بمصر، ثم وقع في كل بلد منه شظية. فتأول أصحاب الرؤيا أنه يخرج منها عالم يخص علمه أهل مصر، ثم يتفرق في سائر البلدان.
روي عن الشافعي أنه قال: ولدت بغزة سنة خمسين - يعني ومائة - وحملت إلى مكة وأنا ابن سنتين. ولم يكن لي مال، فكنت أطلب العلم في الحداثة أذهب إلى الديوان أستوهب الظهور وأكتب فيها.
قال الحسن بن محمد الزعفراني: قدم علينا الشافعي بغداد سنة خمس وتسعين ومائة، فأقام عندنا سنتين ثم خرج إلى مكة، ثم قدم علينا سنة ثمان وتسعين، وأقام عندنا أشهراً ثم خرج. وكان يخضب بالحناء وكان خفيف العارضين.
قال أبو إبراهيم المزني: ما رأيت وجهاً أحسن من وجه الشافعي، ولا رأيت لحية أحسن من لحيته، وكان ربما قبض عليها فلا تفضل عن قبضته.
وقال الشافعي: كنت ألزم الرمي حتى كان الطبيب يقول لي: أخاف أن يصيبك السل من كثرة وقوفك في الحر. قال: وكنت أصيب من عشرة تسعة.
وقال: ولدت باليمن، فخافت أمي علي الضيعة، فقالت: الحق بأهلك، فتكون مثلهم، فإني أخاف أن تغلب على نسبك. فجهزتني إلى مكة، فقدمتها، وأنا يومئذ ابن عشر، أو شبيهاً بذلك، فصرت إلى نسيب لي، وجعلت أطلب العلم، فيقول لي: لا تشتغل بهذا، وأقبل على ما ينفعك. فجعلت لذتي في هذا العلم وطلبه حتى رزقني الله منه ما رزق.
وقال: كنت يتيماً في حجر أمي، ولم يكن معها ما تعطي المعلم، وكان المعلم قد رضي مني أن أخلفه إذا قام. فلما ختمت القرآن دخلت المسجد، وكنت أجالس العلماء، وأحفظ الحديث، أو المسألة، وكان منزلنا بمكة في شعب الخيف، فكنت أنظر إلى العظم يلوح فآخذه، فأكتب فيه الحديث - أو المسألة - وكانت لنا جرة قديمة، فإذا امتلأ العظم طرحته في الجرة.
فقدم علينا والي اليمن، فكلمه بعض القرشيين في أن أصحبه، ولم يكن عند أمي ما تعطيني أتحمل به، فرهنت دارها على ستة عشر ديناراً، ودفعتها إلي، فتحملت بها مع والي اليمن؛ فلما وصلنا سالمين استعملني على عمل، فحمدت فيه، فزادني عملاً آخر، فحمدت فيه، ودخل العمال مكة، فأحسنوا علي الثناء، وأكثروا من المدح، فلما قدمت مكة لقيت ابن أبي يحيى، فسلمت عليه، فقال لي: تصنعون كذا، أو تفعلون كذا؟! فتركته، ولقيت سفيان بن عيينة، فسلمت عليه، فسلم علي، وقال لي: قد بلغنا خبر
ولايتك، وحسن ما انتشر عنك، فأحمد الله، وتمسك بالعلم يرفعك الله به، وينفعك، فكان كلام سفيان أبلغ في مما كلمني به أبي يحيى.
قال: ثم وليت نجران، وكان بها قوم من بني الحارث، وموالي ثقيف، فرفع إلي الناس مظالم كثيرة، فجمعتهم، وقلت لهم: اختاروا لي سبعة منكم، من عدلوه كان عدلاً مرضياً، ومن جرحوه كان مجروحاً قصياً. فاختاروا لي منهم سبعة، فجلست، وأجلست السبعة بالقرب مني، فكلما شهد عندي شاهد بعثت إلى السبعة، فإن عدلوه كان عدلاً، وإن جرحوه كان مجروحاً، فلم أزل أفعل ذلك حتى أتيت على جميع من تظلم إلي، فكنت أكتب وأسجل.
قال: فنظروا إلى حكم جار، فقالوا: أي شيء يعمل؟ إن هذه الأمور التي تحكم علينا فيها ليست لنا، إنما هي في أيدينا لمنصور بن المهدي. فكتبت في أسفل الكتاب: وأقر فلان بن فلان الذي وقع عليه الحكم في هذا الكتاب أن الذي حكمت به عليه ليس له، وإنما هو لمنصور بن المهدي في يديه، ومنصور بن المهدي على حجته ما قام. فلما نظروا إلى ذلك خرجوا إلى مكة، ورفعوا، ولم يزالوا يرفعون علي حتى حملت إلى العراق، فقيل لي: الزم الباب، فقلت: إلى من أجلس، إلى من أختلف؟ وكان محمد بن الحسن جيد المنزلة عند هارون، فجالسته حتى عرفت قوله، ووقعت منه موقعاً، فلما عرفت ذلك كان إذا قام هو ناظرت أصحابه، واحتججت عليه، فقال لي ذات يوم: بلغني يا محمد أنك تخالفنا في الغصب، فقلت: إنما هو من طريق المناظرة، فقال لي: لقد بلغني غير هذا، أفتناظرني؟ قلت: إني أجللك عن المناظرة، قال: لا، فافعل. فلما رأيت ذلك قلت له: هات، ما تقول في رجل اغتصب من رجل ساجة، فبنى عليها بنياناً، فأنفق عليه ألف دينار، فجاء صاحب الساجة، فأتى بشاهدين عدلين أنها ساجته، وأن هذا الرجل غصبه عليها؟ قلت أقول لصاحب الساجة: ترضى بأن تأخذ القيمة؟ فإن رضي دفعت إليه قيمتها، وإن أبى قلعت البنيان من الساجة، ودفعتها إليه. قال: أفليس قد قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا ضرر، ولا إضرار "؟ قلت له:
من أدخل عليه الضرر؟ إنما هو أدخل الضرر على نفسه. فما تقول في رجل اغتصب من رجل خيط إبرسيم، فخاط به بطنه، فجاء صاحب الخيط، فأقام البينة بشاهدين عدلين أن هذا الخيط خيطه، وأنه اغتصبه عليه أكنت تنزع الخيط من بطن هذا، فتدفعه إليه؟ فقلت: لا، قال: الله أكبر، تركت قولك. ثم قال لي أصحابه: قد تركت قولك، فقلت لهم: لا تعجلوا! فال: فما تقول في رجل اغتصب من رجل لوحاً، فأدخله في سفينته، ثم لجج البحر، فأقام صاحب اللوح البينة بشاهدين عدلين أن هذا اللوح لوحه، وأنه غصبه إياه؟ أكنت تنزع اللوح من السفينة، وتدفعه إلى الرجل المحق؟! قلت: لا، قال: الله أكبر، تركت قولك. وقال لأصحابه: تركت قولك. فقلت لهم: مهلاً، لا تعجلوا، ثم قلت له: ما تقول أنت لو كانت الساجة ساجة لم يغصب عليها أحداً، فأراد أن يهدم البنيان الذي أنفق عليه ألف دينار، كان ذلك له مباحاً؟ قال: نعم، قلت: أرأيت لو كان الخيط خيط نفسه، ثم أراد أن ينزعه، أكان له نزع ذلك؟ قال: لا، قالت له: رحمك الله، فلم تقيس على مباح محرماً؟ قال: فكيف تصنع بصاحب اللوح؟ قلت آمره أن يقرب إلى أقرب المراسي إليه، مرسى لا يكون عليه وعلى أصحابه فيه هلكه، ثم أنزع اللوح وأدفعه إلى صاحبه، وأقول لصاحب السفينة: أصلح سفينتك. ثم قلت له: ولكن، ما تقول أنت في رجل اغتصب رجلاً من الزنج جارية، فأولدها أولاداً كلهم قد قرأ القرآن، وخطب على الناس، وقضى بين المسلمين، ثم جاء صاحب الجارية، فأقام البينة بشاهدين عدلين أن هذه الجارية جاريته، وأنه غصبه عليها، وأولدها هؤلاء الأولاد كلهم، بم كنت تحكم بذلك كله؟ قال: كنت أجعلهم رقيقاً له، وأرد الجارية عليه. قلت له: أنشدك الله، أيما أعظم ضرراً أن تجعل أولاده هؤلاء رقيقاً، أم تنزع البنيان من الساجة؟! قال: فبقي ولم يرد علي جواباً. ثم إنه بعد ذلك عرف حقي وموضعي، وقال بفضلي.
وقال الشافعي:
مر بي رجل من بني عمي من الزبيريين، فقال: يا أبا عبد الله، عز علي ألا يكون
مع هذه اللغة، وهذه الفصاحة، والذكاء فقه، فتكون قد سدت أهل زمانك، قال: فقلت: ومن بقي يقصد إليه؟ فقال لي: هذا مالك بن أنس، قال: فوقع في قلبي، فعمدت إلى " الموطأ "، فاستعرته من رجل بمكة، فحفظته في تسع ليل ظاهراً، ثم دخلت إلى مالي مكة، فأخذت كتابه إلى والي المدينة، وإلى مالك بن أنس. قال: فقدمت المدينة، وأبلغت الكتاب إلى الوالي. فلما أن قرأه قال: والله يا فتى، أن أمشي من جوف المدينة إلى جوف مكة حافياً راجلاً أهون علي من المشي إلى باب مالك بن أنس، فإني لست أرى الذل حتى أقف على بابه، فقلت: أصلح الله الأمير، إن رأى الأمير أن يوجه إليه ليحضر، فقال، هيهات، ليتني إذا ركبت أنا معك، ومن معي، وأصابنا من تراب العقيق نلنا حاجتنا. قال: فواعدته العصر، وركبنا جميعاً، فوالله لقد كان كما قال. فتقدم رجل، فقرع الباب، فخرجت إلينا جارية سوداء، فقال لها الأمير: قولي لمولاك: إني بالباب. فدخلت، فأبطأت، ثم خرجت، فقالت: إن مولاي يقرئك السلام، ويقول: أن كانت مسألة فادفعها لي في رقعة يخرج إليك الجواب، وإن كان للحديث فقد عرفت يوم المجلس، فانصرف. فقال لها: قولي له: معي كتاب والي مكة إليه في حاجة مهمة. قال: فدخلت ثم خرجت، وفي يدها كرسي، فوضعته، ثم إذا أنا بمالك قد خرج وعليه المهابة والوقار، وهو شيخ طوال مسنون اللحية. فجلس، فدفع الوالي الكتاب، فقرأه، حتى إذا بلغ إلى مكان: هذا رجل من أمره وحاله، فتحدثه، وتفعل، وتصنع، رمى بالكتاب من يده، ثم قال: يا سبحان الله، أوصار علم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يؤخذ بالوسائل؟! قال: فرأيت الوالي وقد تهيبه أن يكلمه. فتقدمت إليه، فقلت له: أصلحك الله، إني رجل مطلبي، ومن حالي، ومن قصتي. فلما أن سمع كلامي نظر إلي ساعة، وكان لمالك فراسة، فقال لي: ما اسمك؟ فقلت: محمد، فقال لي: يا محمد، اتق الله، واجتنب المعاصي؛ فإنه سيكون لك شأن من الشأن، ثم قال، نعم، وكرامة، إذا كان غداً تجيء، ويجيء من يقرأ لك الموطأ. قال: فقلت: إني أقوم بالقراءة. قال: فغدوت عليه، وابتدأت أن أقرأه ظاهراً والكتاب في يدي، فكلما تهيبت مالكاً وأريد أن أقطع القراءة أعجبه حسن قراءتي وإعرابي يقول لي: بالله يا فتى زد، حتى
قرأته في أيام يسيرة، ثم أقمت بالمدينة حتى توفي مالك بن أنس، ثم خرجت إلى اليمن، وأقمت بها، وارتفع لي بها شأن الشأن.
وكتب والي هارون الرشيد: إن هاهنا سبعة من العلوية قد تحركوا، فإني أخاف أن يخرجوا، وهاهنا رجل من ولد شافع بن المطلب لا أمر لي معه ولا نهي، فكتب إليه هارون الرشيد: أن أحمل هؤلاء، وأحمل الشافعي معهم، فاقترنت معهم، فلما أن قدمنا على هارون، وعنده محمد بن الحسن، دعا هارون بالنطع والسيف يضرب رقاب العلوية، فالتفت محمد بن الحسن، فقال: يا أمير المؤمنين، هذا المطلبي لا يغلبنك بفصاحته ولسانه، فإنه رجل لسن. قال: فقلت: يا أمير المؤمنين، فإنك الداعي وأنا المجيب الدعاء إنك القادر على ما تريد مني، ولست القادر على ما أريد منك، يا أمير المؤمنين، ما تقول في رجلين: أحدهما يراني أخاه، والآخر يراني عبده أيما أحب إلي؟ قال: الذي يراك أخاه، قال: قلت: فذاك أنت، يا أمير المؤمنين، فقال لي: كيف ذلك؟ قال: قلت: يا أمير المؤمنين، إنكم ولد العباس، ونحن بنو المطلب، تروننا إخوانكم، وولد علي يروننا عبيدهم، قال: فسري ما كان به، واستوى جالساً، وقال: يا بن إدريس، كيف علمك بالقرآن؟ فقلت: يا أمير المؤمنين، عن أي علومه تسألني؟ عن حفظه فقد حفظته، ووعيته بين جنبي، وعرفت وقفه وابتداءه، وعدد مكيه ومدنيه، وكوفيه وبصريه، وقد عرفت ناسخه ومنسوخه، وليليه ونهاريه، ووحشيه وأنسيه، وسهليه وجبليه، وما خوطب به العام يراد به الخاص، وما خوطب به الخاص يراد به العام. فقال لي: والله يا ابن إدريس، لقد ادعيت " علماً "، فكيف علمك بالنجوم؟ فقلت: إني لأعرف منها البري والبحري، والسهلي والجبلي، وما تجب معرفته. قال: فكيف علمك بأنساب العرب؟ فقلت: غني لأعرف أنساب اللئام وأنساب الكرام، ونسبي ونسب أمير المؤمنين، فقال: والله لقد ادعيت علما، فهل من موعظة تعظ بها أمير المؤمنين؟ قال: فذكرت موعظة لطاوس اليماني، فوعظته بها، فبكى، ثم أمر لي بخمسين ألفاً، وحملت على فرس، وركبت بين يديه، وخرجت فما وصلت الباب حتى فرقت الخمسين ألفاً على حجبة أمير المؤمنين وبوابيه، وجئت إلى منزلي، فوجهت إلى كاتب محمد بن الحسن بمائة دينار، وقلت له: اجمع لي الوراقين الليلة على كتب محمد بن الحسن، وانسخها لي، ووجه بها إلي. فكتبت لي في ليلة، ووجه بها إلي.
وكان موضع يجتمع فيه القضاة والأشراف ووجوه الناس على باب هارون يجلسون فيه إلى أن يؤذن لهم. فاجتمعنا في ذلك المكان، وفي جماعة من بني هاشم وقريش والأنصار - قال: والخلق يعظمون محمد بن الحسن لقربه من أمير المؤمنين، وتمكنه منه - فاندفع يعرض بي، ويذم أهل المدينة، فقال: من أهل المدينة؟ وأيش يحسنون - أهل المدينة؟ - والله لقد وضعت كتاباً على أهل المدينة كلها، لا يخالفني فيه أحد، ولو علمت أن أحد يخالفني في كتابي هذا، تبلغني إليه الرواحل لصرت إليه حتى أرد عليه. قال الشافعي: فقلت في نفسي: إن أنا سكت نكست رؤوس من هاهنا من بني هاشم وقريش، وإن أنا رددت عليه أسخطت علي السلطان. ثم إني استخرت الله تعالى في الرد عليه، فتقدمت إليه، فقلت له: أصلحك الله، طعنك على أهل المدينة، وذمك لأهل المدينة؛ إن كنت أردت رجلاً واحداً، وهو مالك بن أنس فألا ذكرت ذلك الرجل بعينه، ولم تطعن وتذم أهل حرم الله وحرم رسوله، وكلهم على خلاف ما ادعيته؟ وأما كتابك الذي ذكرت أنك وضعته على أهل المدينة فكتابك من " بسم الله الرحمن الرحيم " خطأ إلى آخره. فاصفر محمد بن الحسن ولم يحر جواباً. وكتب أصحاب الأخبار إلى هارون بما كان، فضحك وقال: ماذا ينكر لرجل من ولد المطلب أن يقطع مثل محمد بن الحسن؟ قال: فعارضني رجل في المجلس من أصحابه، فقال لي: ما تقول في رجل دخل إلى منزل رجل، فرأى بطة، فرماها، ففقأ عينها، ماذا يجب عليه؟ قال: قلت: ينظر إلى قيمتها وهي صحيحة، وقيمتها وقد ذهبت عينها فيقوم ما بين القيمتين، ولكن ما تقول أنت وصاحبك في محرم نظر إلى فرج امرأة..قال: ولم يكن لمحمد حذاقة في المناسك، فصاح به محمد: ألم أقل لك لا تسأله!
ثم إنا دخلنا على هارون، فلما استوينا بين يديه قال لي: يا أبا عبد الله، تسأل أو أسألك؟ قلت: ذاك إليك، فقال: خبرني عن صلاة الخوف، أواجبة هي؟ فقلت: نعم، فقال: ولم؟ فقلت: لقول الله: " وإذا كنت فيهم، فأقمت لهم الصلاة.. " الآية. قال: ما تنكر من قائل قال لك: إنما أمر الله نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو فيهم،
فلما زال عنهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زالت عنهم تلك الصلاة. قلت: وكذلك قال الله تعالى لنبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خذ من أموالهم صدقة.. " الآية فلما أن زال عنهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زالت عنهم الصدقة؟ قال: لا، قلت: وما الفرق بينهما، والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المأمور فيهما جميعاً؟ فسكت.
فقال: يا أهل المدينة، ما أجرأكم على كتاب الله - عز وجل -! فقلت: أجرؤنا على كتاب الله من يخالفه، فقال لي: الله يقول: " وأشهدوا ذوي عدل منكم "، فقلتم أنتم نقضي باليمين مع الشاهد. فقلت: لكنا نقول بما قال الله، ونقضي بما قضى به رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولكنك أنت خالفت قضاء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: فأين؟ قلت: في قصة حويصة ومحيصة وعبد الرحمن حين قال لهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قضية القتيل: " أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم؟ " قالوا: لم نشهد، ولم نعاين، قال: فتحلف لكم يهود "، فلم نكلوا عن اليمين رد اليمين على اليهود. قال: فقال: إنما كان ذلك استفهاماً من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، استفهم من اليهود. فقال هارون: ثكلتك أمك يا بن الحسن، رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستفهم من اليهود!؟ نطع وسيف! قال: فلما رأيت الجد من هارون قلت: يا أمير المؤمنين، إن الخصمين إذا اجتمعا تكلم كل واحد منهما بما لا يعتقده ليقطع به صاحبه، وما أرى محمداً أراد بهذا نقصاً لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسريت عنه. ثم ركبنا، وخرجنا من الدار، فقال لي: يا أبا عبد الله، فعلتها؟ قال: قلت: فكيف رأيتها بعد ذلك؟ قال الشافعي: حدثنا إسماعيل بن قسطنطين، قال: قرأت على شبل، وأخبر شبل أنه قرأ على عبد الله بن كثير، وأخبر عبد الله بن كثير
أنه قرأ على مجاهد، وأخبر مجاهد أنه قرأ على ابن عباس، وأخبر عباس أنه قرأ على أبي، وقال ابن عباس: وقرأ أبي على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال الشافعي: وقرأت على إسماعيل بن قسطنطين، وكان يقول: القران اسم، وليس بمهموز، ولم يؤخذ من " قرأت "، ولو أخذ من " قرأت " كان كل ما قرئ قرآناً، ولكنه اسم للقرآن مثل التوراة والإنجيل، يهمز قرأت، ولا يهمز القران.
وقال الشافعي: حفظت " القرآن " وأنا ابن سبع سنين، وحفظت " الموطأ " وأنا ابن عشر سنين.
قال أبو عبيد: رأيت الشافعي عند محمد بن الحسن، وقد دفع إليه خمسين ديناراً، وقد كان دفع إليه قبل هذا خمسين درهماً، وقال: إن اشتهيت العلم فالزم. ثم دفع إليه هذه الدنانير، ولزمه الشافعي.
وقال الشافعي: كتبت عن محمد بن الحسن وقر بعير. وسمع وهو يقول لمحمد بن الحسن - وقدم إليه الدنانير بعد الخمسين درهماً، وقال له: لا تحتشم، فقال: - ما أنت عندي في موضع أحتشمك. وجرى ذكر الشراب، فقال الشافعي: الحمد لله، لو علمت أن الماء البارد يضر مروءتي في ديني لما شربت إلا الماء الحار حتى ألقى الله، ولو كنت عندي ممن أحتشمك ما قبلت برك.
وقال: أنفقت على كتب محمد بن الحسن ستين ديناراً، ثم تدبرتها، فوضعت إلى جنب كل مسالة حديثاً - يعني: رداً عليه.
ويروى عن الشافعي أنه قال: أقمت في بطون العرب عشرين سنة آخذ أشعارها ولغاتها، وحفظت القرآن، فما علمت أنه مر بي حرف إلا وقد علمت المعنى فيه والمراد ما خلا حرفين، أحدهما " دساها ".
قال مصعب بن عبد الله الزبيري: قرأت على الشافعي أسعار هذيل حفظاً، ثم قال لي: لا تخبر بهذا أهل الحديث؛ فإنهم لا يحتملون هذا. قال مصعب: وكان الشافعي يسمر مع أبي من أول الليل حتى الصباح، ولا ينامان. قال وكان الشافعي في ابتداء أمره يطلب الشع وأيام الناس والأدب ثم أخذ في الفقه بعد، قال: وكان سبب أخذه في الفقه أنه كان يوماً يسير على دابة، وخافه كاتب لأبي، فتمثل الشافعي ببيت شعر، فقرعه كاتب أبي بسوطه، ثم قال له: مثلك " يذهب " بمروءته في مثل هذا؟! أين أنت من الفقه؟! فهزه ذلك، فقصد لمجالسة الزنجي بن خالد مفتي مكة، ثم قدم علينا، فلزم مالك بن أنس.
قال الشافعي: رأيت علي بن أبي طالب في النوم، فسلم علي، وصافحني، وخلع خاتمه، فجعله في إصبعي. وكان لي عم، ففسرها لي، فقال لي: أما مصافحتك لعلي فأمان من العذاب، وأما خلع خاتمه، فجعله في إصبعك فسيبلغ اسمك ما بلغ اسم علي في الشرق والغرب.
قال الربيع بن سليمان: والله لقد فشا ذكر الشافعي في الناس بالعلم كما فشا ذكر علي بن أبي طالب. وقال: لو وزن عقل الشافعي بنصف عقل أهل الأرض لرجح بهم، ولو كان في بني إسرائيل احتاجوا إليه.
قال أبو عبد الله الزبيري: جاءني رجل من أهل البصرة، يقال له: أبو محمد القرشي من أهل الستر والصلاح فقال لي: يا أبا عبد الله، أخبرك رؤيا تسر به؟ فقلت: هات، فقال لي: رأيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في النوم، وعنده أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي - رضي الله عنهم - إذ جاءه أربعة نفر، فقربهم، فتعجبت من تقريبه لهم. فسألت من بحضرته عن النفر، فقال لي: هذا مالك، وأحمد، وإسحاق، والشافعي. فرأيت كأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخذ بيد مالك وأجلسه بجنب أبي بكر الصديق، وأخذ بيد أحمد فأجلسه بجنب عمر، وأخذ بيد إسحاق فأجلسه بجنب عثمان، وأخذ بيد الشافعي وأجلسه بجنب علي.
قال أبو عبد الله الزبيري: فسألت بعض العلماء بالتعبير عن ذلك؟ فقال لي: أجلس مالك بجنب أبي بكر، كأن منزلة مالك في العلماء كمنزلة أبي بكر في الصحابة، ومنزلة أحمد في الفقهاء كمنزلة عمر في صلابته؛ لأنه لم يتكلم في القرآن إلا بحق، ومنزلة إسحاق في العلماء كمنزلة عثمان في الصحابة؛ لقي عثمان الفتن والمحن، كذلك لقي إسحاق في بلده من أهل الإرجاء بما فارق به بلده. ومنزلة الشافعي في العلماء كمنزلة علي في الصحابة؛ فإنه كان أعلمهم، وأفضلهم، وأقضاهم. وقد قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أقضاكم علي "، كذلك الشافعي كان أعلم العلماء في الفقه والقضاء.
قال هارون بن سعيد الأيلي: قال لنا الشافعي: أخذت اللبان سنة للحفظ، فأعقبني صب الدم سنة.
قال عمرو بن العباس: قيل لعبد الرحمن بن مهدي: إن الشافعي لا يورث المرتد. فقال عبد الرحمن: إن الشافعي شاب معهم، لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا يتوارث أهل ملتين ".
قال أبو عبيد القاسم بن سلام: ما رأيت قط رجلاً أعقل، ولا أروع، ولا أفصح من الشافعي.
وقال يونس بن عبد الأعلى: لو جمعت أمة فجعلت في عقل الشافعي لوسعهم عقله. وقال: ناظرت الشافعي يوماًُ في مسالة، ثم افترقنا. ولقيني، فأخذ بيدي، ثم قال لي: يا أبا موسى، لا يستقيم أن نكون إخواناً وإن لم نتفق في مسألة؟ قال معمر بن شبيب: سمعت المأمون يقول: قد امتحنت محمد بن إدريس في كل شيء فوجدته كاملاً، وقد بقيت خصلة، هو أن أسقيه من النبيذ ما يغلب على الرجل الجيد الشراب. قال: فحدثني ثابت الخادم وقد دعا به، فأعطاه رطلاً، فقال: اشرب يا محمد، فقال: يا أمير المؤمنين، ما شربته قط. قال: عزمت لتشربن. فشربه. ثم والى عليه بالأرطال حتى سقاه عشرين رطلاً، فما تغير، ولا زال عن حجته.
قال الشافعي:
حضرت مالك بن أنس، وأنا أسمع منه الحديث، ولي دون الأربع عشرة سنة.
فجاءه رجل، فوقف عليه، ثم قال له: إني رجل أبيع القماري، فبعت قمرياً على هذا، فرده إلي، فقال: ماله صوت، فحلفت بالطلاق أنه لا يسكت. فقال: أوسكت؟ قلت: نعم، قال: أنت حانث. قال الشافعي: فتبعته، فقلت له: يا رجل كيف حلفت؟ قال: حلفت بما سمعت، قال: فقلت له: صياحه أكثر أم سكوته؟ فقال: صياحه، فقلت: مر، فإن امرأتك لك حلال، قال: فماذا أصنع، وقد أفتاني مالك بما أفتى؟ فقال: عد إليه، فقل له: إن في مجلسك من أفتاني بأن امرأتي هي لي حلال، وأومئ إلي، ودعني وإياه. فرجع ورجعت، وجلست فيما بين الناس. فقال له: إني رأيت أن تنظر في يميني، قال: أليس قد أفتيناك بأنك حانث؟! فقال: في مجلسك من أفتاني بأن امرأتي هي حلال لي، قال: أفي مجلسي؟ قال: نعم، قال: ومن هو؟! فأومأ إلي. فقال لي مالك: أنت أفتيته بذلك؟ قلت: نعم، قال: ولماذا أفتيته بذلك؟ فقلت له: سمعتك تروي عن نافع، عن ابن عمر أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لفاطمة بنت قيس: " إذا حللت فآذنيني ". فلما حلت قالت له: قد خطبني معاوية، وأبو جهم، فقال: " أما معاوية فصعلوك لا مال له، وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه "، وعلم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن أبا جهم يضع عصاه عن عاتقه ويتصرف في أموره فإنما نسب إلى ضرب النساء فذكر أنه لا يضع عصاه على عاتقه، وحمله على الأغلب من أمره، وإني سألته وقلت: سكونه أكثر أم صياحه؟ فقال: صياحه، فأفتيته بذلك. قال: فتبسم مالك، وقال: القول قولك.
قال سفيان بن عيينة للشافعي: يا أبا عبد الله، ما معنى قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أقروا الطير في مكانها ".
فقال له: يا أبا محمد، كان الرجل من العرب إذا أراد سفراً أخذ معه طيراً، فإن أخذا لطير ذات اليمين مضى في سفره، وإن أخذ ذات الشمال رجع. وكان ابن عيينة قبل أن يسمع من الشافعي إذا سئل أجاب على صيد الليل. قال: فرجع سفيان إلى تأويل الشافعي.
عن إبراهيم بن محمد الشافعي قال: كنا في مجلس ابن عيينة والشافعي حاضر، فحدث ابن عيينة بسنده أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مر به رجل في بعض الليل، وهو مع امرأته صفية، فقال: " تعال، هذه امرأتي صفية! " فقال: سبحان الله يا رسول الله! قال: " إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم ". فقال ابن عيينة للشافعي: ما فقه هذا الحديث يا أبا عبد الله؟ قال: إن كان القوم اتهموا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانوا بتهمتهم إياه كفاراً، لكن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أدب من بعده، فقال: إذا كنتم هكذا ففعلوا هكذا حتى لا يظن بكم ظن السوء، لا أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتهم، وهو أمين الله في أرضه. فقال ابن عيينة: جزاك الله خيراً يا أبا عبد الله، ما يجيئنا منك إلا كل ما نحبه.
وكان سفيان بن عيينة إذا جاءه شيء من التفسير والفتيا يسأل عنها التفت إلى الشافعي، فيقول: سلوا هذا.
قال عبد الله بن الزبير الحميدي: قال مسلم بن خالد الزنجي للشافعي: يا أبا عبد الله. أفت الناس، أن لك والله أن تفتي. وهو ابن دون عشرين سنة.
قال الربيع بن سليمان: كان الشافعي يفتي وهو ابن خمس عشرة سنة، وكان يحيي الليل إلى أن مات.
قال أحمد بن محمد الشافعي: كانت الحلقة في الفتيا بمكة في المسجد الحرام لابن عباس، وبعد ابن عباس لعطاء بن أبي رباح، وبعد عطاء لعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، وبعد ابن جريج لمسلم بن خالد الزنجي، وبعد مسلم لسعيد بن سالم القداح، وبعد سعيد لمحمد بن إدريس الشافعي، وهو شاب.
قال الشافعي: لأن يلقى الله المرء بكل ذنب ما خلا الشرك بالله خير له من أن يلقاه بشيء من الأهواء. وذلك أنه رأى قوماً يتجادلون في القدر بين يديه، فقال الشافعي: في كتاب الله: المشيئة له دون خلقه، والمشيئة إرادة الله، يقول الله تعالى: " وما تشاؤون إلا أن يشاء الله "، فأعلم - عز وجل - خلقه أن المشيئة له، وكان يثبت القدر.
وكان الشافعي بعد أن ناظر حفصاً الفرد يكره الكلام، وكان يقول: لأن يفتي العالم، فيقال: أخطأ العالم خير له من أن يتكلم، فيقال: زنديق، وما شيء أبغض إلي من الكلام وأهله.
وقال ليلة للحميدي: ما يحتج عليهم - يعني أهل الإرجاء - بآية أحج من قوله تعالى: " وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة ".
قال إسماعيل بن يحيى المزني: أنشدني الشافعي من قيله: " من الطويل "
شهدت بأن الله لا شيء غيره ... وأشهد أن البعث حق وأخلص
وأن عرى الإيمان قول مبين ... وفعل زكي قد يزيد وينقص
وأن أبا بكر خليفة ربه ... وكان أبو حفص على الخير يحرص
وأشهد ربي أن عثمان فاضل ... وأن علياً فضله متخصص
أئمة قوم يقتدى بهداهم ... لحا الله من إياهم يتنقص
قال الربيع بن سليمان: لما كلم الشافعي حفص الفرد، فقال حفص: القرآن مخلوق، فقال له الشافعي: كفرت بالله العظيم.
وقال: سمعت الشافعي يقول: من حلف باسم من أسماء الله، فحنث، فعليه الكفارة؛ لأن اسم الله غير مخلوق، ومن حلف بالكعبة، أو بالصفا والمروة فليس عليه الكفارة، لأنه مخلوق، وذلك غير مخلوق.
عن علي بن سهل الرملي قال: سألت الشافعي عن القرآن، فقال لي: كلام الله غير مخلوق. قلت: فمن قال بالمخلوق، فما هو عندك؟ قال لي: كافر. وقال: ما لقيت أحداً منهم - يعني من أستاذيه - إلا قال: من قال: القرآن مخلوق فهو كافر.
قال الربيع بن سليمان: سمعت الشافعي يقول في قول الله تعالى: " كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون "؛ علمنا بذلك أن قوماً غير محجوبين، ينظرون إليه، لا يضامون في رؤيته، كما جاء عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " ترون ربكم يوم القيامة كما ترون الشمس، لا تضامون في رؤيتها ".
وأنشدوا للشافعي: " من المتقارب "
ما شئت كان وإن لم أشأ ... وما شئت إن لم تشأ لم يكن
خلقت العباد على ما علمت ... ففي العلم يجري الفتى والمسن
فمنهم شقي ومنهم سعيد ... ومنهم قبيح ومنهم حسن
على ذا مننت وهذا خذلت ... وهذا أعنت وذا لم تعن
عن الربيع بن سليمان قال: سمعت الشافعي يقول: أفضل الناس بعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي.
وقال حرملة بن يحيى: سمعت الشافعي يقول: الخلفاء خمسة، أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعمر بن عبد العزيز.
قال الحسن بن محمد الزعفراني: قال الشافعي: إذا حضر الرافضي الوقعة وغنموا لم يعط من الفيء شيئاً؛ لأن الله ذكر آية الفيء، ثم قال فيها: " والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنل ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم "، فمن لم يقل بهذا لم يستحق.
قال الربيع: خرجنا من الشافعي من مكة نريد منى، فلم ينزل وادياً، ولم ينزل شعباً إلا وهو يقول: " من الكامل "
يا راكباً قف بالمحصب من منى ... واهتف بقاعد خيفها والناهض
سحراً إذا فاض الحجيج إلى منى ... فيضاً كملتطم الفرات الفائض
إن كان رافضاً حب آل محمد ... فليشهد الثقلان أني رافضي
قال عمارة بن زيد المدني:
كنت صديقاً لمحمد بن الحسن، فدخلت معه إلى الرشيد، فسأله عن أحواله، فقال: في خير يا أمير المؤمنين، ثم تسارا، فسمعت محمد بن الحسن يقول: إن محمد بن إدريس الشافعي يزعم أنه للخلافة أهل. قال فغضب الرشيد، وقال: علي به. فأتي به، فأتي به حتى وقف بين يدي الرشيد، فكره الرشيد أن يعجل عليه من غير امتحان، فقال له: هيه؟ قال: وما هيه يا أمير المؤمنين، أنت الداعي، وأنا المدعو. وأنت السائل وأنا المجيب. قال: فكيف علمك بكتاب الله؟ فإنه أولى أن يبتدأ به؟ قال: جمعه الله في صدري، وجعل جنبي دفتيه. قال: فكيف علمك به؟ قال: أي علم تريد، يا أمير المؤمنين، أعلم تأويله، أم علم تنزيله؟ أم مكيه أم مدنيه؟ أم ليليه، أم نهاريه؟ أم سفريه، أم حضريه؟ أم هجريه، أم عربيه..فقال: له الرشيد: لقد ادعيت من علوم القرآن أمراً عظيماً، فكيف علمك في الأحكام؟ قال: أفي الفتاوى، أم في الطلاق، أم في القضايا، أم في الأشربة، أم في المحاربات، أم في الديات؟ قال: فكيف علمك بالطب؟ قال: أعرف منه ما قالت الروم وبابل وبقراط، فقال: فكيف علمك بالنجوم؟ قال: أعرف منه القطب الدائر والمائي والنهاري..قال: فكيف علمك بالشعر؟ قال: أعرف الشاذ منه، وما نبه للمكارم. قال: فكيف علمك بأنساب العرب؟ قال: أعرف أنساب الكرام، وفيها نسب أمير المؤمنين ونسبي. فقال له الرشيد: لقد ادعيت من العلوم أمراً عظيماً تطول به المحنة، فعظ أمير المؤمنين موعظة تبين له فيها كل ما ذكرت. قال: نعم، يا أمير المؤمنين؛ على رفع الحشمة، وترك الهيبة، وقبول النصح، وإلقاء رداء الكبر عن منكبيك؟ قال: لك ذلك. قال: فجثا الشافعي على ركبتيه ثم نادى: يا ذا الرجل، إنه من أطال عنان الأمن في العزة طوى عذر الحذر في المهلة، ومن لم يعدل على طريق النجاة كان بجانب قلة الاكتراث بالمرجع إلى الله مقيماً، ومن أحسن الظن كان في أمنة المحذور في مثل نسج العنكبوت، لا يأمن عليها نفسه.
فبكى الرشيد بكاء شديداً حتى بل منديلاً كان بين يديه، فقال له خاصة من يقوم على رأسه: اسكت، فقد أبكيت عيني أمير المومنين! فالتفت إليهم، فقال: يا عبيد
الرجعة، والذين باعوا أنفسهم من محبوب الدنيا، أما رأيتم ما استدرج به من كان قبلكم من الأمم بالإمارة؟ أما ترون كيف فضح مستورهم، وأمطر بواكر الهوان عليهم بتبديل سرورهم؟ فأصبحوا بعد خفض عيشهم، ولين رفاهيتهم في روح بين حصاد النعم، ومدارج المثلات. فقال له الرشيد: قدك، قد سللت علينا لسانك، وهو أمضى سيفيك! قال: هو لك إن قبلت لا عليك. قال: فهل من حاجة خاصة بعد العامة؟ قال: بعد بذل مكنون النصيحة، وتجريد الموعظة؟! أتأمرني أن أسود وجه موعظتي بالمسألة؟ والتفت الرشيد إلى محمد بن الحسن، فقال: ناظره بين يدي حتى أكون فاصلاً بينكما، فإن اختلفتما في فرع رجعتما إلى الأصل. قال: فالتفت محمد بن الحسن، فقال: يا شافعي، ما تقول في رجل تزوج بامرأة، ودخل بها، وتزوج بالثانية، ولم يدخل بها، وتزوج بالثالثة، ودخل بها، وتزوج بالرابعة ولم يدخل بها. أصاب الثانية أم الأولى، وأصاب الثالثة عمة الرابعة. فقال الشافعي: ينزل عن الثانية والرابعة من غير أن يلزمه شيء، ويتمسك بالأولى والثالثة. قال: ما حجتك؟ قال الشافعي: أما الثانية فإن الله - عز وجل - يقول: " فإن لم تكونوا دخلتم بهن، فلا جناح عليكم ". وأما الرابعة فإن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى أن يتزوج الرجل المرأة على عمتها أو خالتها. ما تقول أنت يا محمد؟ كيف استقبل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القبلة يوم النحر وكبر؟ قال: فتعتع محمد بن الحسن. فقال الشافعي: يسألني عن الأحكام فأجيبه، وأسأله عن سنة من سنن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحتاج إليها الصادر والوارد فلا يجيبني، أفمن الإنصاف هذا؟ فتبسم الرشيد، وأمر للشافعي بعشرة آلاف دينار، فخرج الشافعي، ففرقه على باب داره، وانصرف مكرماً قال الأصمعي: رأيت أمير المؤمنين المأمون سنة أربع عشرة ومائتين يقول: لقد خص الله تعالى محمد بن إدريس الشافعي بالورع والعلم والفصاحة والأدب والصلاح والديانة، لقد سمعت أبي هارون يتوسل إلى الله به والشافعي حي يرزق.
عن أبي ثور قال:
كتب عبد الرحمن بن مهدي إلى الشافعي وهو شاب أن يضع له كتاباً فيه معاني القرآن، ويجمع قبول الأخبار، وحجة الإجماع، وبيان الناسخ والمنسوخ من القرآن والسنة، فوضع له " كتاب الرسالة ".
قال عبد الرحمن بن مهدي: لما نظرت في " كتاب الرسالة " لمحمد بن إدريس أذهلني؛ لأنني رأيت كلام رجل عاقل فقيه ناصح، وإني لأكثر الدعاء له. وقال يحيى بن سعيد القطان مثل قول عبد الرحمن بن مهدي.
عن أبي الأحوص عن عبد الله قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تسبوا قريشاً؛ فإن عالمها يملأ الأرض علماً. اللهم إنك أذقت أولها عذاباً - أو وبالاً - فأذق آخرها نوالاً ".
عن أبي هريرة، عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " اللهم اهد قريشاً؛ فإن عالمها يملأ طباق الأرض علماً، اللهم كما أذقتهم عذاباً فأذقهم نوالاً - دعا بها ثلاث مرات:.
قال عبد الملك بن محمد: في قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فإن عالمها يملأ الأرض علماً، ويملأ طباق الأرض "، علامة بينة للمميز أن المراد بذلك رجل من علماء هذه الأمة من قريش، قد ظهر علمه، وانتشر في البلاد، وكتبوا تآليفه كما تكتب المصاحف، واستظهروا أقواله، وهذه صفة لا نعلمها قد أحاطت إلا بالشافعي، إذ كان كل واحد من قريش من علماء الصحابة والتابعين ومن
بعدهم، وإن كان علمه قد ظهر وانتشر فإنه لم يبلغ مبلغاً يقع تأويل هذه الرواية عليه، إذ كان لكل واحد منهم نتف وقطع من العلم، ومسألات، وليس في كل بلد من بلاد المسلمين مدرس ومفت ومصنف يصنف على مذهب قرشي إلا على مذهبه، فعلم أنه بعينه لا غيره، وهو الذي شرح الأصول والفروع، وازدادت على مر الأيام حسناً وبياناً.
قال أبو حسان الزيادي: كنت في دهليز محمد بن الحسن يوماً، وقد ركب محمد، فجاء الشافعي، قال: فلما نظر محمد إلى الشافعي ثنى رجله فنزل، ثم قال لغلامه: اذهب فاعتذر. قال: فقال له الشافعي: لنا وقت غير ذا. قال فأخذ بيده، فدخلا الدار.
قال أبو حسان: فاختار مجالسته للشافعي على مرتبته في الدار.
قال الشافعي: كان محمد بن الحسن يقرأ علي جزءاً، فإذا جاء أصحابه قرأ عليهم أوراقاً. فقالوا له: إذا جاء هذا الحجازي قرأت عليه جزءاً، وإذا جئنا قرأت علينا أوراقاً!؟ فقال: اسكتوا، إن تابعكم هذا لم يثبت لكم أحد.
قال إسحاق بن إبراهيم بن راهويه: لقيني أحمد بن حنبل بمكة، فقال: تعال حتى أريك رجلاً لم ترى عيناك مثله. فأراني الشافعي. وذهبت أنا وأحمد بن حنبل إلى الشافعي بمكة، فسألته عن أشياء، فرأيته رجلاً فصيحاً حسن الأدب، فلما فارقناه أعلمني جماعة من أهل الفهم بالقرآن أنه كان أعلم الناس في زمانه بمعاني القرآن، وأنه قد كان أوتي فهماً في القراءات.
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: كان أبي يصف الشافعي، فيطنب في وصفه، وقد كتب أبي عنه حديثاً صالحاً، وكتب من كتبه بخطه بعد موته أحاديث عدة مما سمعه من الشافعي - رحمه الله.
قال محمد بن الفضل البزاز: سمعت أبي يقول: حججت مع أحمد بن حنبل، ونزلت في مكان واحد معه - أو في الدار، يعني بمكة -
وخرج أبو عبد الله باكراً، وخرجت أنا بعده. فلما صليت الصبح درت المسجد، فجئت مجلس سفيان بن عيينة، فكنت أدور مجلساً مجلساً طلباً لأبي عبد الله - يعني أحمد بن حنبل - حتى وجدته عند شاب أعرابي، وعليه ثياب مصبوغة، وعلى رأسه جمة. فزاحمت حتى قعدت عند أحمد بن حنبل، فقلت: يا أبا عبد الله، تركت ابن عيينة وعنده الزهري، وعمرو بن دينار، وزياد بن علاقة، ومن التابعين ما الله به عليم! فقال لي: اسكت، فإن فاتك حديث بعلو تجده بنزول، ولا يضرك في دينك، ولا في عقلك، أو في فهمك. وإن فاتك عقل هذا الفتى أخاف ألا تجده إلى يوم القيامة؛ ما رأيت أحداً أفقه في دين الله من هذا الفتى القرشي. قلت: من هذا؟! قال: محمد بن إدريس الشافعي.
وقال: ما رأيت مثل محمد بن إدريس الشافعي، ولا ترى، إني لأدعو الله له في سجودي أكثر مما أدعو الله لأبوي. كان الفقهاء أطباء، والمحدثون صيادلة، فجاء محمد بن إدريس الشافعي طبيباً صيدلانياً.
قال أبو ثور: ما رأينا مثل الشافعي، ولا أرى مثل نفسه. سأله رجل عن الرياء ما هو؟ فقال له مسرعاً: الرياء فتنة عقدها الهوى حيال أبصار قلوب العلماء، فنظروا إليها بسوء اختبار النفوس فأحبطت الأعمال.
وقال: من زعم أنه رأى مثل محمد بن إدريس الشافعي في علمه، وفصاحته، ومعرفته، وثباته - وفي رواية: وبيانه - وتمكنه فقد كذب. كان محمد بن إدريس الشافعي منقطع القرين في حياته، فلما مضى لسبيله لم يعتض منه.
قال محمد بن عبد الله بن الحكم: ما أحد ممن خالفنا - يعني خالف مالكاً - أحب إلي من الشافعي.
وقال: ما رأينا مثل الشافعي؛ كان أصحاب الحديث ونقاده يجيئون إليه، فيعرضون عليه، فربما أعل نقد النقاد منهم، ويوقفهم على غوامض من علل الحديث لم
يقفوا عليها، فيقومون وهم يتعجبون منه. ويأتيه أصحاب الفقه المخالفون والموافقون، فلا يقومون إلا وهم مذعنون له بالحذق والدراية، ويجيء أصحاب الأدب فيقرؤن عليه الشعر، فيفسره. ولقد كان يحفظ عشرة آلاف بيت شعر من أشعار هذيل بإعرابها، وغريبها، ومعانيها. وكان من أضبط الناس للتاريخ، وكان يعينه على ذلك شيئان: وفور عقل، وصحة دين. وكان ملاك أمره إخلاص العمل لله.
قال عبد الله بن محمد البلوي: جلسنا ذات يوم نتذاكر الزهاد والعباد والعلماء، وما بلغ من فصاحتهم وزهدهم وعلمهم. فبينا نحن كذلك إذ دخل علينا عمر بن بنانة، فقال: فيم تتحاورون؟ قلنا: نتذاكر الزهاد والعباد وفصاحتهم، فقال عمر: والله ما رأيت رجل قط أورع، ولا أخشع، ولا أفصح، ولا أصبح، ولا أسمح، ولا أعلم، ولا أكرم، ولا أجمل ولا أنبل ولا أفضل من محمد بن إدريس الشافعي - رحمه الله - خرجت أنا وهو، والحارث بن لبيد إلى الصفا، وكان الحارث بن لبيد قد صحب صالحاً المري، وكان من الخاشعين المتقين الزاهدين. وكان حسن الصوت بالقرآن، فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم " هذا يوم الفصل جمعناكم والأولين. فإن كان لكم كيد فكيدون. ويل يومئذ للمكذبين ". قال: فرأيت الشافعي قد اضطرب وتغير لونه، وبكى بكاء شديداً حتى لصق بالأرض. قال: فأبكاني والله قلقه، وشدة خوفه الله - عز وجل - ثم لم يلبث أن قال: إلهي، أعوذ بك من مقام الكذابين، وإعلام الغافلين. إلهي، خشعت لك قلوب العارفين. وولهت بك همم المشتاقين، فهب لي من جودك، وجللني بسترك، واعف عني بكرم وجهك يا كريم.
عن أبي بكر بن الجنيد قال: حج بشر المريسي، فرجع، فقال لأصحابه: رأيت شاباً من قريش بمكة، ما أخاف على مذهبنا إلا منه - يعني الشافعي.
وعن الحسن بن الزعفراني قال: حج بشر المريسي سنة إلى مكة، ثم قدم، فقال: لقد رأيت بالحجاز رجلاً ما رأيت مثله سائلاً، ولا مجيباً - يعني الشافعي - فقدم الشافعي علينا بعد ذلك بغداد، فاجتمع إليه ناس، وخفوا عن بشر، فجئت إلى بشر يوماً، فقلت: هذا الشافعي الذي كنت تزعم يوماً قد قدم؟؟؟! فقال: إنه قد تغير عما كان عليه.
قال الزعفراني: فما كان مثله إلا مثل اليهود في أمر عبد الله بن سلام حيث قالوا: سيدنا وابن سيدنا، فقال لهم: فإن أسلم قالوا: شرنا وابن شرنا.
عن أبي هريرة قال: لا أعلمه إلا عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن الله يبعث إلى هذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها ".
قال أحمد بن حنبل: إن الله يقيض للناس في كل رأس مائة من يعلمهم السنن، وينفي عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الكذب. فنظرنا فإذا في رأس المائة عمر بن عبد العزيز، وفي رأس المائتين الشافعي.
قال الحسن بن محمد الزعفراني: قدم علينا الشافعي واجتمعنا إليه، فقال: التمسوا من يقرأ لكم. فلم يجترئ أحد يقرأ عليه غيري، وكنت أحدث القوم سناً، ما كان في وجهي شعرة، وإني لأتعجب اليوم من انطلاق لساني بين يدي الشافعي، وأتعجب من جسارتي يومئذ. فقرأت عليه الكتب كلها إلا كتابين، فإنه قرأهما علينا: " كتاب المناسك " و" كتاب الصلاة ". ولقد كتبنا كتب الشافعي يوم كتبناها، وقرأناها عليه، وإنا لنحسب أنا في اللعب.
عن أبي ثور قال: لما ورد الشافعي بغداد جاءني حسين الكرابيسي، وكان يختلف معي إلى أصحاب الرأي، فقال: قد ورد رجل من أصحاب الحديث يتفقه، فقم لنا نسخر به. فقمت، وذهبنا حتى دخلنا عليه، فسأله الحسين عن مسألة، فلم يزل الشافعي يقول: قال الله، وقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى أظلم علينا البيت، وتركنا بدعتنا، واتبعناه.
قال أبو الفضل الزجاج:
لما قدم الشافعي إلى بغداد، وكان في الجامع إما نيف وأربعون، أو خمسون، حلقة، فلما دخل بغداد ما زال يقعد في حلقة حلقة، ويقول لهم: قال الله، وقال الرسول، وهم يقولون: قال أصحابنا حتى ما بقي في المسجد حلقة غيره.
قال حرملة بن يحيى: عن الشافعي قال: سميت بالعراق ناصر الحديث - وفي رواية: ببغداد.
قال الحميدي: كنا نريد أن نرد على أصحاب الرأي، فلم نحسن كيف نرد عليهم حتى جاءنا الشافعي ففتح لنا.
قال أحمد بن حنبل: قدم علينا نعيم بن حماد، وحثنا على طلب المسند، فلما قدم الشافعي وضعنا على المحجة البيضاء.
وقال: ما كان أصحاب الحديث يعرفون معاني حديث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى قدم الشافعي، فبينها لهم. كان الفقه قفلاً على أهله حتى فتحه الله بالشافعي. وقال: لقد كان يذب عن الآثار - رحمه الله.
وقال: هذا الذي ترون كله، أو عامته، من الشافعي، وما بت منذ ثلاثين سنة إلا وأنا أدعو الله للشافعي، وأستغفر له - وفي رواية: منذ أربعين سنة.
وقال: ستة أدعوا لهم سحراً أحدهم الشافعي.
قال عبد الله أحمد بن حنبل: قلت لأبي.
يا أبه، أي رجل كان الشافعي؛ فإني سمعتك تكثر الدعاء له؟! فقال لي: يا بني، كان الشافعي كالشمس للدنيا، وكالعافية للناس، فانظر، هل لهذين من خلف، أو منهما عوض؟ وقال: ما أحد يمس بيده محبرة إلا وللشافعي في عنقه منة.
وقال: كلام الشافعي في اللغة حجة.
وقال: الشافعي فيلسوف في أربعة أشياء: في اللغة، واختلاف الناس، والمعاني، والفقه.
قال أبو تراب حميد بن أحمد البصري: كنت عند أحمد بن حنبل نتذاكر في مسألة، فقال رجل لأحمد: يا أبا عبد الله، لا يصح فيه حديث، فقال: إن لم يصح فيه حديث ففيه قول الشافعي، وحجته أثبت شيء فيه.
قال إسحاق بن راهويه: كان أحمد بن حنبل مشغوفاً بالشافعي، وبعلمه وفقهه، ووالله ما وضع أبو عبد الله أحمد بن حنبل شيئاً إلا في موضعه.
قال الحسن بن محمد: كنا نختلف إلى الشافعي عندما قدم إلى بغداد ستة أنفس: أحمد بن حنبل، وأبو ثور، وحارث النقال، وأبو عبد الرحمن الشافعي، وأنا - ورجل آخر سماه - وما عرضنا على الشافعي كتبه إلا وأحمد بن حنبل حاضر لذلك.
قال: قال لي أحمد بن حنبل: إذا رأيت أبا عبد الله الشافعي قد خلا فاعلمني. قال: وكان يجيئه ارتفاع النهار، فيبقى معه.
قال الشافعي: وعدني أحمد بن حنبل أن يقدم علي مصر.
قال صالح بن أحمد بن حنبل: مشى أبي مع بغلة الشافعي، فبعث إليه يحيى ين معين، فقال له: يا أبا عبد الله، أما رضيت إلا أن تمشي مع بغلته!؟ فقال: يا أبا زكريا، لو مشيت من الجانب الآخر كان أنفع لك! قال محمد بن ماجة القزويني: جاء يحيى بن معين يوماً إلى أحمد بن حنبل، فبينا هو عنده إذ مر على بغلته، فوثب أحمد، فسلم عليه، وتبعه، فأبطأ، ويحيى جالس، فلما جاء قال يحيى: يا أبا عبد الله، كم هذا؟! فقال أحمد: دع هذا عنك، إن أردت الفقه فالزم ذنب البغلة! قال إسحاق بن راهويه: ما تكلم أحمد بالرأي - وذكر الثوري والأوزاعي ومالكاً وأبا حنيفة - إلا والشافعي أكثر اتباعاً، وأقل خطأ منه.
كان الشافعي من معادن الفقه، وجهابذة الألفاظ، ونقاد المعاني، ومن كلامه: حكم المعاني خلاف حكم الألفاظ، لأن المعاني مبسوطة إلى غير غاية، وممدودة إلى غير نهاية، وأسماء المعاني مقصورة معدودة، ومحصلة محدودة، وجميع أصناف الدلالات على المعاني، لفظ وغير لفظ، خمسة أشياء، لا تزيد، ولا تنقص؛ أولها اللفظ، ثم الإشارة، ثم العقد، ثم الخط، ثم الذي يسمى النصبة، والنصبة في الحال الدالة التي تقوم مقام تلك الأصناف، ولا تقصر عن تلك الدلالات، ولكل واحد من هذه الخمسة صورة مواتية من صورة صاحبهتا. وحلية مخالفة لحلية أختها، وهي التي تكشف لك عن أعيان المعاني في الجملة، وعن حقائقها في التفسير، وعن أجناسها وأفرادها، وعن خاصها وعامها، وعن طباعها في السار والضار، وعما يكون لهواً بهرجاً، وساقطاً مدحرجاً.
سئل أبو ثور، فقيل: أيما أفقه، الشافعي أو محمد بن الحسن؟ فقال أبو ثور: الشافعي أفقه من محمد، وأبي يوسف، وأبي حنيفة، وحماد، وإبراهيم، وعلقمة، والأسود.
قال هلال بن العلاء الرقي:
من الله تعالى على الناس بأربعة من زمانهم: بالشافعي، وأحمد بن حنبل، وأبي عبيدة، ويحيى بن معين؛ فأما الشافعي فبفقه حديث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأما أبا عبيدة ففسر لهم غريب الحديث، لولا ذلك لاقتحم الناس في الخطأ، وأما يحيى بن معين فنفى الكذب عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وبين الصادق من الكاذب، وأما أحمد بن حنبل فجعله الله للناس إماماً في القرآن، لولا ذلك لكفر الناس.
قال داود بن علي الأصبهاني: اجتمع للشافعي - رحمه الله - من الفضائل ما لم يجتمع لغيره. فأول ذلك: شرف نسبه ومنصبه، وأنه من رهط النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومنها: صحة الدين وسلامة الاعتقاد من الأهواء والبدع، ومنها: سخاوة النفس، ومنها: معرفته بصحة الحديث وسقمه، ومنها:
معرفته بناسخ الحديث ومنسوخه، ومنها: حفظه لكتاب الله، وحفظه لأخبار رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومعرفته بسير النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبسير خلفائه، ومنها: كشفه لتمويه مخاليفه، ومنها: تأليفه الكتب القديمة والجديدة، ومنها ما اتفق له من الأصحاب والتلامذة مثل: أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل في زهده وعلمه وورعه وإقامته على السنة. ومثل: سليمان بن داود الهاشمي، وعبد الله بن الزبير الحميدي، والحسين القلاس وأبي ثور إبراهيم بن خالد الكلبي، والحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني، وأبي يعقوب يوسف بن يحيى البويطي، وحرملة بن يحيى التجيبي، والربيع بن سليمان المرادي، وأبي الوليد موسى بن أبي الجارود، والحارث بن سريج النقال، وأحمد بن خالد الخلال، والقائم بمذهبه أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني. ولم يتفق لأحد من العلماء والفقهاء من الأصحاب ما اتفق له، رحمة الله عليه وعليهم أجمعين.
قال البهيقي: إنما عدد داود بن علي من أصحاب الشافعي جماعة يسيرة وقد عد أبو الحسن الدارقطني من روى عنه أحاديثه، وأخباره وكلامه زيادة على مائة مع قصور سنة عن سن أمثاله من الأئمة، وإنما تكثر الرواة عن العالم إذا جاوز سنة الستين أو السبعين، والشافعي لم يبلغ في السن أكثر من أربع وخمسين.
قال أحمد بن علي الجرجاني: كان الحميدي إذا جرى عنده ذكر الشافعي يقول: حدثنا سيد الفقهاء الشافعي.
قال الزعفراني: كنت مع يحيى بن معين في جنازة، فقلت له: يا أبا زكريا، ما تقول في الشافعي؟ فقال: دعنا، لو كان الكذب له مطلقاً لكانت مروءته تمنعه أن يكذب.
وفد ذكر توثيقه في أكثر من خبر عن يحيى بن معين، وأبي حاتم، وأبي زرعة، وأبي داود، وقال أبو داود: ما أعلم للشافعي حديثاً فيه خطأ.
قال يونس بن عبد الأعلى: كنت أولاً أجالس أصحاب التفسير، فكان الشافعي إذا أخذ في التفسير فكأنه شهد التنزيل.
قال أبو حسان الزيادي: لما رأيت إكرام الشافعي، وإصغاءه إلى ما نقول، وانتزاعه من القرآن المعاني، والعبارة عن المعاني أنست به، فكنت أسأله عن معاني القرآن، فما رأيت أحداً أقدر على معاني القرآن والعبارة عن المعاني، والاستشهاد على ذلك من قول الشعر، أو اللغة منه.
قال المزني، أو الربيع:
كنا عند الشافعي بين الظهر والعصر إذ جاء شيخ عليه جبة صوف، وعمامة صوف، وإزار صوف، وفي يده عكازة. قال: فقام الشافعي، وسوى عليه ثيابه، واستوى جالساً. وسلم الشيخ، وجلس، وأخذ الشافعي ينظر إلى الشيخ هيبة له، إذ قال الشيخ: أسأل؟ فقال: سل، قال: إيش الحجة في دين الله؟ قال الشافعي: كتاب الله، قال: وماذا؟ قال: وسنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال: وماذا؟ قال: اتفاق الأمة، قال: من أين قلت: اتفاق الأمة من كتاب الله أم من سنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: فقال: من كتاب الله، قال: فتدبر الشافعي ساعة، فقال للشافعي - وفي رواية: فقال: يا شيخ - قد أجلتك ثلاثة أيام ولياليها، فإن جئت بالحجة من كتاب الله في الاتفاق وإلا تب إلى الله - عز وجل - قال: فتغير لون الشافعي، ثم إنه ذهب، فلم يخرج ثلاثة أيام ولياليهن. قال: فخرج إلينا في اليوم الثالث، في ذلك الوقت - يعني بين الظهر والعصر - وقد انتفخ وجهه ويداه ورجلاه، وهو مسقام، فجلس، فلم يكن بأسرع أن جاء الشيخ، فسلم وجلس، فقال: حاجتي! فقال الشافعي: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، قال الله - عز وجل -: " ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم "، لا يصليه على خلاف المؤمنين إلا وهو مرضي. فقال: صدقت.
قال الشافعي: فلما ذهب الرجل قرأت القرآن في كل يوم وليلة ثلاث مرات حتى وقفت عليه.
وقال: لما أردت إملاء " تصنيف أحكام القرآن " قرأت القرآن مائة مرة.
قال هارون بن سعيد الأيلي: ما رأيت مثل الشافعي، قدم علينا مصر، فقالوا: قدم رجل من قريش، فجئناه وهو يصلي، فما رأيت أحسن صلاة، ولا وجهاً منه، فلما قضى صلاته تكلم، فما رأينا أحسن كلام منه، فأفتتنا به.
قال البويطي: قلت للشافعي: إنك تتعبنا في تأليف الكتب وتصنيفها، والناس لا يلتفتون إليك ولا إلى تصنيفك! فقال لي: إن هذا هو الحق، والحق لا يضيع.
وقال الشافعي: ألفت هذه الكتب، ولم آل فيها، ولا بد أن يوجد فيها الخطأ؛ لأن الله تعالى يقول: " ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً ".
فما وجدتم في كتبي هذه مما يخالف الكتاب أو السنة فقد رجعت عنه.
وقال: وددت أن كل علم تعلمه الناس أؤجر عليه ولا يحمدوني.
وقال محمد بن مسلم بن وارة الرازي: سألت أحمد بن حنبل، قلت، ما ترى لي من الكتب أن أنظر فيه لتفتح لي الآثار: رأي مالك، أو الثوري، أو الأوزاعي؟ فقال لي قولاً أجلهم أن أذكر ذاك، وقال: عليك بالشافعي، فإنه أكثرهم صواباً، أو أتبعهم للآثار. قلت لأحمد: فما ترى في كتب الشافعي؛ التي عند العراقيين أحب إليك، أو التي عندهم بمصر؟ قال: عليك بالكتب التي وضعها بمصر؛ فإنه وضع هذه الكتب بالعراق ولم يحكم، ثم رجع إلى مصر فأحكم ذاك ثم. فلما سمع ذلك من أحمد بن حنبل، وكنت قبل ذلك قد عزمت على الرجوع إلى البلد، وتحدث بذلك الناس، ثم تركت ذاك وعزمت على الرجوع إلى مصر.
قال إسحاق بن راهويه: كتبت إلى أحمد بن حنبل وسألته أن يوجه إلي من كتب الشافعي ما يدخل حاجتين فوجه إلي بكتاب " الرسالة ". وتزوج إسحاق بن راهويه بمرو بامرأة رجل كان عنده كتب الشافعي وتوفي، لم يتزوج بها إلا لحال كتب الشافعي.
قال المزني: كتبت " كتاب الرسالة " منذ زيادة على أربعين سنة، وأنا أقرؤه، وأنظر فيه، ويقرأ علي، ما من مرة قرأت، أو قرئ علي إلا استفدت منه شيئاً لم أكن أحسنه.
قال أبو الحسن الشافعي: رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما يرى النائم، فقلت: يا رسول الله، بم جزي محمد بن إدريس الشافعي حين يقول في ذكر الصلاة عليك في " كتاب الرسالة ": وصلى الله على محمد كلما ذكره ذاكر، وغفل عن ذكره غافل. قال: " جزي أنه لا يوقف للحساب يوم القيامة ".
قال الربيع بن سليمان: رأيت الشافعي في المنام، قلت له: ما فعل الله بك؟ قال: أنا في الفردوس الأعلى، فقلت: بماذا؟ قال: بكتاب صنعته وسميته بكتاب الرسالة.
وقد نوه أحمد بن حنبل باتباع الشافعي للسنة، وقال: صاحب حديث لا يستغني عن كتب الشافعي. وقال علي بن المديني: عليكم بكتب الشافعي.
قال أبو زرعة:
سمعت كتب الشافعي من الربيع أيام يحيى بن عبد الله بن بكير سنة ثمان وعشرين ومائتين، وعندما عزمت على سماع كتب الشافعي بعت ثوبين رقيقين كنت حملتهما لأقطعهما لنفسي، فبعتهما وأعطيت الوراق.
قال الجاحظ: نظرت في كتب هؤلاء النبغة الذين نبغوا فلم أر أحسن تأليفاً من المطلبي؛ كأن فاه نظم دراً إلى در.
وسئل محمد بن إسحاق بن خزيمة: هل تعرف سنة لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحلال والحرام لم يودعها الشافعي كتابه؟ قال: لا.
قال الربيع بن سليمان - وذكر الشافعي، فقال: لو رأيتموه لقلتم: إن هذه ليست كتبه، كان والله لسانه أكبر من كتبه.
وقال يونس بن عبد الأعلى: ما كان الشافعي إلا ساحراً، ما كنا ندري ما يقول إذا قعدنا حوله. كانت ألفاظ الشافعي كأنها سكر.
قال عبد الملك بن هشام النحوي: طالت مجالستنا محمد بن إدريس الشافعي فما سمعت منه لحنة قط، ولا كلمة غيرها أحسن منها.
قال الربيع بن سليمان: كان الشافعي عربي النفس، عربي اللسان. وقال: كلما ذكرت ما أكل التراب من لسان الشافعي هانت علي الدنيا. وقال سمعت عبد الملك بن هشام النحوي يقول: الشافعي ممن تأخذ عنه اللغة.
وقيل لمحمد بن عبد الله بن الحكم: يا أبا عبد الله، كان الشافعي حجة في اللغة؟ فقال: إن كان أحد من أهل العلم حجة في شيء فالشافعي حجة في كل شيء.
وقال المبرد: رحم الله الشافعي، كان من أشعر الناس، وآدب الناس، وأفصح الناس، وأعرفهم بالقراءات. وكان الشافعي يقول: تعلموا العربية؛ فإنها تثبت العقل، وتزيد في المروءة. وقال: إعراب القرآن أحب إلي من بعض حروفه. وقرأ رجل على الشافعي، فلحن، فقال الشافعي: أضرستني.
قال عبد الرحمن بن أخي الأصمعي: قلت لعمي: يا عماه، على من قرأت شعر هذيل؟ قال: على رجل من آل المطلب يقال له: محمد بن إدريس.
وقال الزبير بن بكار: أخذت شعر هذيل ووقائعها عن عمي مصعب، فسألته: عمن أخذتها؟ فقال: أخذتها من محمد بن إدريس الشافعي حفظاً.
قال أحمد بن صالح: قال لي الشافعي: يا أبا جعفر، تعبد من قبل أن ترأس؛ فإنك إن ترأست لا تقدر أن تتعبد. قال: وكان الشافعي إذا تكلم كأن صوته صنج أو جرس من حسن صوته.
قال بحر بن نصر: كنا إذا أردنا أن نبكي قلنا: بعضنا - وفي رواية: بعض - لبعض: قوموا بنا إلى هذا الفتى المطلبي نقرأ القرآن. فإذا أتيناه استفتح بالقرآن حتى تتساقط الناس بين يديه، ويكثر عجيجهم بالبكاء، فإذا رأى ذلك أمسك عن القرآن، من حسن صوته.
قال محمد بن عبد الله بن الحكم: كنت إذا رأيت من يناظر الشافعي رحمته. وقال: لو رأيت الشافعي يناظرك لظننت أنه سبع يأكلك.
وقال هارون بن سعيد الأيلي: لو أن الشافعي ناظر على هذه العمود التي من حجارة أنها من خشب لغلب، لاقتداره على المناظرة.
وقال الشافعي: ناظرت بعض أهل العراق، فلما فرغت قال: زلفت يا قرشي.
قال بعض أهل العربية: يعني قربت من أفهامهم، بفصاحته.
وسئل الشافعي عن مسألة، فأعجب بنفسه، فأنشأ يقول: " من المتقارب "
إذا المشكلات تصدينني ... كشفت حقائقها بالنظر
ولست بإمعة في الرجال ... أسائل هذا وذا ما الخبر
ولكنني مدرة الأصغرين ... فتاح خير وفراج شر
وكان سئل عن رجل في فيه تمرة، فحلف بالطلاق أنه لا يبلعها، ولا يرمي بها، فقال له الشافعي: يبلع نصفها، ويرمي بنصفها حتى لا يكون بالعاً لها كلها، ولا يلفظ بها كلها.
عن أبي ثور قال: سمعت الشافعي يقول: ناظرت بشر المريسي في القرعة، فقال: القرعة قمار. فذكرت ما دار بيني وبينه لأبي البختري، وكان قاضياً، فقال: ائتني بآخر يشهد معك حتى أضرب عنقه.
قال: وسمعت الشافعي يقول: قلت لبشر المريسي: ما تقول في رجل قتل وله أولياء صغار وكبار، هل للكبار
أن يقتلوا دون الأصاغر؟ فقال: لا، فقلت: قتل الحسن بن علي ابن ملجم، ولعلي أولاد صغار، فقال: أخطأ الحسن بن علي، فقلت له: أما كان جواب أحسن من هذا اللفظ؟! قال: وهجرته يومئذ.
وقال: ما أوردت الحق والحجة على أحد فقبلها مني إلا هبته، واعتقدت مودته، ولا كابرني على الحق أحد، ودافع الحجة إلا سقط من عيني. وما ناظرت أحداً فأحببت أن يخطئ إلا صاحب بدعة، فإني أحب أن ينكشف أمره للناس.
وقال: ما ناظرت أحداً إلا على النصيحة.
قال أحمد بن حنبل: كان أحسن أمر الشافعي عندي أنه كان إذا سمع الخبر لم يكن عنده قال به وترك قوله. وقال: كان الشافعي إذا ثبت عنده الخبر قلده، وخير خصلة كانت فيه لم يكن يشتهي الكلام، وإنما همته الفقه.
قال أحمد بن حنبل: قال محمد بن إدريس الشافعي: أنتم أعلم بالأخبار الصحاح منا؛ فإذا كان خبر صحيح فأعلمني حتى أذهب إليه كوفياً كان أو بصرياً، أو شامياً.
وفي رواية أخرى: قال لنا الشافعي: إذا صح عندكم الحديث فقولوا لنا حتى نذهب إليه.
قال أبو بكر البيهقي: وإنما أراد حديث أهل العراق - والله أعلم - ليأخذ بما صح عندهم من أحاديث أهل العراق كما أخذ بما صح عنده من أحاديث أهل الحجاز.
قال الشافعي: كلما قلت، فكان عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خلاف قولي مما يصح، فحديث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أولى، فلا تقلدوني.
قال الربيع بن سليمان: سمعت الشافعي - وروى حديثاً - فقال له رجل: تأخذ بهذا يا أبا عبد الله؟ فقال: متى رويت عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديثاً صحيحا ًفلم آخذ به فأشهدكم والجماعة أن عقلي قد ذهب - وأشار بيده إلى رؤوسهم.
وقال في رواية أخرى: أفي الكنيسة أنا، أوترى على وسطي زناراً؟ نعم، أقول به، وكل ما بلغني عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قلت به.
وقال: إذا وجدتم سنة من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خلاف قولي فخذوا بالسنة ودعوا قولي، فإني أقول بها.
عن عبد الله بن محمد بن العباس بن عثمان بن شافع الشافعي قال: جلس محمد بن إدريس الشافعي يوماً في خيمة، فجاءه عالم حدث، فسأله عن مسألة، فأجابه فيها، ثم سأله عن أخرى، فقال له: أخطأت يا أبا عبد الله، فأطرق طويلاً، ثم رفع رأسه ثم قال له: أخطأت يا بن أخي ما في كتابك، فأما الحق فلا؟ قال إسماعيل المزني: قال الشافعي: الرجل من أحرز دينه، وضن به.
قال إسماعيل: ورأيت الشافعي يضن بدينه.
قال الربيع بن سليمان: كان الشافعي قد جزأ الليل ثلاثة أجزاء: الأول يكتب، والثاني يصلي، والثالث ينام.
قال حين الكرابيسي: بت مع الشافعي، فكان يصلي نحو ثلث الليل، وما رأيته يزيد على خمسين آية، فإذا أكثر فمائة، وكان لا يمر بآية رحمة إلا سأل الله لنفسه وللمؤمنين أجمعين، ولا يمر بآية عذاب إلا تعوذ بالله منه، وسأل النجاة لنفسه ولجميع المؤمنين؛ فكأنما جمع له الرجاء والرهبة معاً.
قال الخطيب: قد كان الشافعي بأخرة يديم التلاوة، ويدرج القراءة.
وروى بسنده عن الربيع بن سليمان قال: كان الشافعي يختم في كل ليلة ختمة، فإذا كان في شهر رمضان ختم في كل ليلة منه ختمة، وفي كل يوم ختمة، فكان يختم في شهر رمضان ستين ختمة.
وقال: كان الشافعي يختم القرآن ستين مرة. قيل: في صلاة رمضان؟ قال: نعم.
وقال: كان الشافعي لا يصلي مع الناس التراويح، لكنه كان يصلي في بيته، ويختم في رمضان ستين ختمة ليس منها سورة إلا في صلاة، وكان يختم في سائر السنة ثلاثين ختمة في كل شهر.
وقال: سمعت الشافعي يقول: ما شبعت منذ عشرين سنة - وفي رواية: ما شبعت منذ ستة عشر سنة إلا شبعة، ثم أدخلت يدي فتقيأته؛ لأن الشبع يثقل البدن ويقسي القلب، ويزيل الفطنة، ويجلب النوم، ويضعف صاحبه عن العبادة.
وقال: قال لي الشافعي: يا ربيع، عليك بالزهد؛ فإن الزهد على الزاهد أحسن من الحلي على المرأة الناهد.
قال حرملة بن يحيى: سمعت الشافعي يقول: ما حلفت بالله صادقاً، ولا كاذباً.
قال الحارث بن سريج: دخلت مع الشافعي على خادم الرشيد، وهو في بيت قد فرش بالديباج، فلما وضع الشافعي رجله على العتبة أبصره، فرجع، ولم يدخل، فقال له الخادم: ادخل، فقال: لا يحل افتراش هذا؟! فقام الخادم متبسماً حتى دخل بيتاً قد فرش بالأرمني، فدخل الشافعي، ثم أقبل عليه، فقال: هذا حلال، وذاك حرام، وهذا أحسن من ذاك، وأكثر ثمناً منه. فتبسم الخادم، وسكت.
قال السجستاني: وحدثني أبو ثور قال: أراد الشافعي الخروج إلى مكة، ومعه مال، فقلت له: - وقلما كان يمسك الشي من سماحته - ينبغي أن تشتري بهذا المال ضيعة تكون لك ولولدك من بعدك. فخرج، ثم قدم علينا، فسألته عن ذلك المال، ما فعل به؟ فقال: ما وجدت بمكة ضيعة يمكنني أن أشتريها لمعرفتي بأصلها، أكثرها قد وقفت عليه، ولكن بنيت بمنى مضرباً يكون لأصحابنا إذا حجوا، ينزلون فيه.
عن الربيع بن سليمان قال: قال لنا الشافعي: دهمني في هذه الأيام أمر أمضني وآلمني، ولم يطلع عليه غير الله، فلما كان البارحة أتاني آت في منامي، فقال: يا محمد بن إدريس، قل اللهم إني لا أملك لنفسي ضراً ولا نفعاً، ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً، ولا أستطيع أن آخذ إلا ما أعطيتني، ولا أتقي إلا ما وفيتني، اللهم فوفقني لما تحب وترضى من القول والعمل في عافية. فلما أن أصبحت أعدت ذلك، فلما أن ترجل النهار أعطاني الله طلبتي، وسهل لي الخلاص مما كنت فيه. فعليكم بهذه الدعوات، فلا تغفلوا عنها.
وقال عبد الله بن عبد الحكم الشافعي: إن عزمت أن تسكن البلد - يعني مصر - فليكن لك قوت سنة، ومجلس من السلطان تتعزز به. فقال الشافعي: يا أبا محمد، من لم تعزه التقوى فلا عز له، ولقد ولدت بغزة، وما عندنا قوت ليلة، وما بتنا جياعاً قط.
وقال الربيع: أخذ رجل بركاب الشافعي، فقال لي: يا ربيع، أعطه أربعة دنانير، واعذرني عنده.
قال يونس بن عبد الأعلى: قال لي الشافعي: أنست بالفقر حتى صرت لا أستوحش منه.
قال عمرو بن سواد السرحي: كان الشافعي أسخى الناس على الدينار والدرهم والطعام، فقال لي: أفلست من دهري ثلاث إفلاسات، فكنت أبيع قليلي وكثيري، حتى حلي ابنتي وزوجتي، ولم أرهن قط.
قال المزني: سمعت الشافعي يقول: السخاء والكرم يغطيان عيوب الدنيا، والآخرة بعد، إلا يلحقهما بدعة.
وكنت يوماً مع الشافعي، فخرجنا الأكوام فمر بهدف، وإذا رجل يرمي بقوس عربية، فوقف عليه الشافعي ينظر، وكان حس الرمي، فأصاب بأسهم، فقال له الشافعي: أحسنت، وبرك عليه، ثم قال لي: أمعك شيء؟ فقلت: معي ثلاثة دنانير، قال: أعطه إياها، واعذرني عنده إذ لم يحضرني غيرها.
قال الربيع بن سليمان: كان الشافعي راكباً حماراً، فمر على سوق الحذائين، فسقط سوطه من يده، فوثب غلام من الحذائين، فأخذ السوط، ومسحه بكمه، وناوله إياه. فقال الشافعي لغلامه: ادفع تلك الدنانير التي معك إلى هذا الفتى. قال الربيع: فلست أدري كانت تسعة دنانير أو سبعة.
وقال: تزوجت، فسألني الشافعي: كم أصدقتها؟ فقلت: ثلاثين ديناراً، فقال: كم أعطيتها؟ قلت: ستة دنانير. فصعد داره، وأرسل إلي بصرة فيها أربعة وعشرون ديناراً.
قال: وكان الشافعي به هذه البواسير، وكانت له لبدة محشوة بحلبة، فكان يقعد عليها، فإذا ركب أخذت تلك اللبدة، ومشيت خلف حماره، فبينا هو يمر إلى منزله ناوله إنسان رقعة فيها: إنني رجل بقال أبيع البقل، ورأس مالي درهم، وقد تزوجت امرأة، وأريد أن أدخل بها، وليس إلا ذلك الدرهم! تعينني بشيء؟ فقال لي: يا ربيع، أعطه ثلاثين ديناراً، واعذرني عنده. قال: قلت: أصلحك الله، إن هذا تكفيه عشرة دراهم! قال: ويحك يا ربيع! وما يصنع بثلاثين ديناراً؟ أفي كذا، أم في كذا - يعد ما يصنع في جهازه - أعطه ثلاثين ديناراً، واعذرني عنده.
وقال: ولدت لنا شاة في زمان ليس فيه لبأ، فأمرت بلباها، فعمل، ثم تركته حتى برد واستحكم، فصفيته، وجعلته في جام، ولففته في منديل ديبقي، وختمته، وأنفذته إلى الشافعي لأتحفه به، فأعجبه، فقبله، ورد علي الجام، وفيه مائة دينار عيناً.
قال إبراهيم بن محمد: باع الشافعي ضيعة له بعشرة آلاف درهم، فصبه على نطع بمنى، فكل من أتاه حثى له - من الأشراف وأهل العلم، وأهل الأدب - بكفه، حتى بقي شيء يسير على النطع، فأتاه أعرابي من بني سدوس، فقال له: يا فتى، لي عندك يد، فكافئني عليها، قال له: وما تلك اليد يا عم؟ قال: حضرت هذا الموسم وأنت مع عمومتك، وهم يشترون الأضحية، فضربت يدك إلى درة شاة، فقلت: يا عم، اشتر لي هذه. فقلت للرجل: أحسن إلى الفتى، فأحسن إليك بقولي. فقال الشافعي: إن هذه ليد جليلة، خذ النطع وما عليها.
قال الحميدي: قدم الشافعي من اليمن، ومعه عشرون ألف دينار، فضرب خيمته خارجاً من مكة، فما قام حتى فرقها كلها.
قال إبراهيم بن برانه - وكان جليساً للشافعي:
دخلت مع الشافعي حماماً، فخرجت قبله. وكان الشافعي طوالاً جسيماً نبيلاً، وكان إبراهيم طوالاً جسيماً. فليس إبراهيم ثياب الشافعي، ولبس الشافعي ثياب إبراهيم، والشافعي لا يعلم أنها ثياب إبراهيم، وإبراهيم لا يعلم أنها ثياب الشافعي. فانصرف الشافعي إلى منزله، فنظر، فإذا هي لإبراهيم، فأمر بها، فطويت، وبخرت، وجعلت في منديل. ونظر إبراهيم، فطواها، وبخرها وجعلها في منديل. ثم راحا جميعاً، فجعل الشافعي ينظر إلى إبراهيم ويتبسم إليه وجعل إبراهيم نظر إلى الشافعي ويتبسم إليه. فلما صليت العصر قال إبراهيم: أصلحك الله، هذه ثيابك، فقال الشافعي: وهذه ثيابك، والله لا يعود إلي منها شيء، ولا يلبسها غيرك. فأخذهما إبراهيم جميعاً.
قال محمد بن عبد الحكم المصري: كان الشافعي أسخى الناس بما يجد، وكان يمر بنا، فإن وجدني، وإلا قال: قولوا
لمحمد إذا جاء يأتي المنزل، فإني لست أتغدى حتى يجيء، فربما جئته، فإذا قعدت معه على الغداء قال: يا جارية، اضربي لنا فالوذج. فلا تزال المائدة بين يديه حتى تفرغ منه، وتتغدى.
قال أبو جعفر أحمد بن الحسن المعدل: أنشدت للشافعي: " من البسيط "
يا لهف نفسي على مال أفرقه ... على المقلين من أهل المروءات
إن اعتذرت إلى من جاء يسألني ... ما لست أملكه إحدى المصيبات
قال الربيع بن سليمان: والله ما اجترأت أن أشرب الماء والشافعي ينظر إلي هيبة له.
وقال: كان أصحاب مالك يفخرون، فيقولون: إنه يحضر مجلس مالك نحو من ستين معماً، والله لقد عددت في مجلس الشافعي ثلاثمائة معمم سوى من شذ عني.
وقال: اشتريت للشافعي طيباً بدينار، فقال لي: ممن اشتريت؟ فقلت: من ذاك الأشقر الأزرق، فقال: أشقر أزرق! رده، رده، وقال: ما جاءني خير قط من أشقر.
قال حرملة بن يحيى: سمعت الشافعي يقول: احذر الأعور، والأحول، والأعرج، والأحدب، والأشقر، والكوسج، وكل من به عاهة في بدنه، وكل ناقص الخلق فاحذره؛ فإنه صاحب التواء ومعاملة عسرة، وقال الشافعي مرة أخرى: فإنهم أصحاب خب.
قال أبو محمد بن أبي حاتم: يعني إذا كان ولادهم بهذه الحالة، فأما من حدث فيه شيء من هذه العلل وكان في الأصل صحيح التركيب لم تضر مخالطته.
قال الربيع: كنت عند الشافعي، أنا والمزني، وأبو يعقوب البويطي، فنظر إلينا، فقال لي: أنت تموت في الحديث، وقال للمزني: هذا لو ناظره الشيطان قطعه وجدله، وقال للبويطي: أنت تموت في الحديد.
قال الربيع: فدخلت على البويطي أيام المحنة فرأيته مقيداً إلى أنصاف ساقيه، مغلولة - يعني يديه - إلى عنقه.
وقال الربيع: كنت في الحلقة إذ جاءه - يعني الشافعي - رجل، فسأله عن مسألة، فقال له الشافعي: أنت نساج؟ قال: عندي أجراء.
وقال: جاز أخي في صحن المسجد، فقال لي الشافعي: يا ربيع، أتريد أخاك؟ - ولم يكن رآه قط - قلت: نعم، أيدك الله، قال: هو ذاك! قال: فكان أخي.
قال ابن أخي ابن وهب: ما قدم علينا بلدنا فقيه ولا محدث أكثر حفظاً للحكايات والأسمار من الشافعي.
قال المزني: سمعت الشافعي يقول: من لا يحب العلم فلا خير فيه، ولا يكون بينك وبينه معرفة ولا صداقة.
وقال: تعلموا العلم ممن هو أعلم منكم، وعلموا من أنتم أعلم منه؛ فإذا فعلتم ذلك علمتم ما جهلتم، وحفظتم ما علمتم.
وقال: أصل العلم التثبيت، وثمرته السلامة، وأصل الورع القناعة، وثمرته الراحة، وأصل الصبر الحزم، وثمرته الظفر، وأصل العمل التوفيق، وثمرته النجح، وغاية كل أمر الصدق.
قال الأصمعي: سمعت الشافعي محمد بن إدريس يقول: العاقل يسأل عما يعلم، وعما لا يعلم، فيثبت فيما يعلم، ولا يتعلم ما لا يعلم، والجاهل يغضب من التعليم، ويأنف من التعلم.
وقال: إن لكل رأي ثمرة، ولكل تدبير عافية، وكل مشورة اختياراً، وعلى قدر درجات الصواب تكون العافية والسلامة، وعلى قدر طبقات الخطأ يكون الفوت والندامة.
قال الربيع بن سليمان: سمعت الشافعي يقول: من قرأ القرآن عظمت قيمته، ومن تفقه نبل أمره، ومن كتب الحديث قويت حجته، ومن تعلم اللغة رق طبعه، ومن تعلم الحساب جزل رأيه، ومن لم يصن نفسه لم ينفعه علمه.
وقال: قلت للشافعي: من الوغد من الرجال؟ فقال لي: الذي يرى الفضل نقصاً، والعلم جهلاً.
وقال: خرج علينا الشافعي ذات يوم، ونحن مجتمعون، فقال لنا: اعلموا - رحمكم الله - إن هذا العلم يند كما تند الإبل؛ فاجعلوا الكتب له حماة، والأقلام عليه رعاة.
وقال: العلم كثير، والحكماء قليل، وإنما يراد من العلم الحكمة، " ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً ".
وقال: أحسن الاحتجاج ما أشرقت معانيه، وأحكمت مبانيه، وابتهجت له قلوب سامعيه.
وقال: بئس الزاد إلى المعاد العدوان على العباد.
وقال: أشد الأعمال ثلاثة: الجود من قلة، والورع في خلوة، وكلمة الحق عند من يرجى ويخاف.
قال داود بن علي: قال الشافعي: حياة الأرض بالديم، وحياة النفوس بالهمم، وحياة القلوب بالحكم.
قال محمد بن يحيى بن حسان: سمعت الشافعي يقول: العلم علمان: علم الدين، وعلم الدنيا؛ فالعلم الذي للدين فهو الفقه، والعلم الذي للدنيا فهو الطب.
قال يونس بن عبد الأعلى: قال لنا الشافعي: ليس إلى السلامة من الناس سبيل، فانظر ما فيه صلاحك فالزمه.
قال المسيب بن واضح: سمعت الشافعي يوصي شاباً من أصحابه يقول له: الزم الصمت إلى أن يلزمك التكلم، فإنما أكثر من يندم إذا هو نطق، وقل من يندم إذا سكت، واعلم بأن الرجوع عن الصمت إلى الكلام أحسن من الرجوع عن الكلام إلى الصمت، والعطية بعد المنع أحسن من المنع بعد العطية.
قال أبو ثور إبراهيم بن خالد: سمعت أبا عبد الله محمد بن إدريس الشافعي يقول: ضياع الجاهل قلة عقله، وضياع العالم أن يكون بلا إخوان؛ وأضيع من هؤلاء أن يؤاخي الإنسان من لا عقل له.
وقال يونس بن عبد الأعلى: سمعت الشافعي يقول: آلات الرئاسة خمس: صدق اللهجة، وكتمان السر، والوفاء بالعهد، وابتداء النصيحة، وأداء الأمانة.
وقال: أرفع الناس قدراً من لا يرى قدره، وأكثر الناس فضلاً من لا يرى فضله.
قال الربيع: وسمعت الشافعي يقول: من استغضب فلم يغضب فهو حمار، ومن استرضي فلم يرض فهو شيطان.
وقال: كتب الشافعي إلى رجل من أهل الحلقة يهنئه بولد رزقه ذكر: بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد، فبارك الله لك في الفارس المستفاد، وجعله طيباً من الأولاد، وحسن وجهه، وجمل صورته، وأسعد جده، وبلغك أملك به. فقر عيناً يا أخي، واشدد به عضداً، وازدد به ولداً.
قال محمد بن عيسى الزاهد: مات لعبد الرحمن بن مهدي ابن، فجزع عليه جزعاً شديداً حتى امتنع من الطعام والشراب، فبلغ ذلك محمد بن إدريس الشافعي، فكتب إليه: أما بعد، فعز نفسك بما تعزي به غيرك، واستقبح من فعلك ما تستقبحه من فعل غيرك، واعلم أن أمض المصائب فقد سرور مع حرمان أجر، فكيف إذا اجتمعا على اكتساب وزر؟ فأقول: " من البسيط "
إني معزيك لا أني على طمع ... من الخلود ولكن سنة الدين
فما المعزى بباق بعد صاحبه ... ولا المعزي ولو عاشا إلى حين
قال: فكانوا يتهادونها بينهم بالبصرة.
قال الربيع بن سليمان: سمعت الشافعي ينشد: " من الطويل "
إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل ... خلوت ولكن قل علي رقيب
ولا تحسبن الله يغفل ساعة ... ولا أن ما تخفني عليه يغيب
غفلنا لعمر الله حتى تراكمت ... علينا ذنوب بعدهن ذنوب
فيا ليت أن الله يغفر ما مضى ... ويأذن في توباتنا فنتوب
وقال المزني: أنشدنا الشافعي لنفسه: " من السريع "
لا تأس في الدنيا على فائت ... وعندك الإسلام والعافيه
قال الربيع بن سليمان: سمعت الشافعي يقول: " من الهزج "
إذا القوت تأتى ل ... ك والصحة والأمن
فأصبحت أخا حزن ... فلا فارقك الحزن
أنشد ابن جوصا بدمشق للشافعي: " من الوافر "
أمنت مطامعي فأرحت نفسي ... فإن النفس ما طمعت تهون
وأحييت القنوع وكان ميتاً ... ففي إحيائه عرض مصون
إذا طمع يحل بقلب عبد ... علته مهانة وعلاه هون
عن المزني قال: أخذ الشافعي بيدي ثم أنشدني: " من الطويل "
أحب من الإخوان كل مواتي ... وكل غضيض الطرف عن عثراتي
يوافقني في كل خير أريده ... ويحفظني حياً وبعد مماتي
ومن لي بهذا؟ ليتني قد أصبته ... فقاسمته مالي من الحسنات
تصفحت إخواني فكان جميعهم ... على كثرة الإخوان غير ثقات
قال عباس الأزرق: دخلت على أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي - فذكر قصة، وقال: - فقال الشافعي: " من الكامل "
إن الذي رزق اليسار فلم يصب ... حمداً ولا أجر لغير موفق
فالجد بدني كل شيء شاسع ... والجد يفتح كل باب مغلق
وإذا سمعت بأن كل مجدودأً حوى ... عوداً فأثمر في يديه فصدق
وإذا سمعت بأن محروماً أتى ... ماء ليشربه فغاض فحقق
وأحق خلق الله بالهم امرؤ ... ذو همة يبلى بعيش ضيق
ومن الدليل على القضاء وكونه ... بؤس اللبيب وطيب عيش الأحمق
أنشد يونس بن عبد الأعلى للشافعي: " مجزوء الكامل "
ما حك جلدك مثل ظفرك ... فتول أنت جميع أمرك
وإذا قصدت لحاجة ... فاقصد لمعترف بقدرك
قال أبو العباس الأبيودري: خرج الشافعي محمد بن إدريس إلى اليمن إلى ابن عم له، فبره ببر غير طائل، فكتب إليه الشافعي: " من الطويل "
أتاني بر منك في غير كنهه ... كأنك عن بري يداك تحيد
لسانك عش بالنوال ولا أرى ... يمينك إذا جاد اللسان تجود
تفرق عنك الأقربون لشأنهم ... وأشفقت أن تبقى وأنت وحيد
وأصبحت بين الحمد والذم واقفاً ... فيا ليت شعري أي ذاك تريد
قال إبراهيم بن خالد: رأيت في منامي ليلة الجمعة قائلاً يقول: يكون في يوم الاثنين فزع عظيم، وفتنة صماء غير أن الله تعالى عن محمد بن إدريس الشافعي راض، وله محب. فأعدت ذلك على الشافعي، فقال لي: رؤيا نسأل الله خيرها، ونعوذ به من شرها وضرها. قال: فلما كان يوم الاثنين رأينا من الفزع والفتن أكثر مما قال لنا القائل في المنام.
قال أبو بكر الديلي إمام مسجد الرملة: كنت بمدينة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قائماً بالروضة، فإذا أنا بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وصاحبه، فقلت: يا رسول الله، في نفسي حاجة أسألها، قال: قلت، فقلت: يا رسول الله، أحب أن أنتحل أحد المذاهب، فقال لي: مذهب الشافعي - مرتين - فقالوا له فقالوا له في ذلك، فقال: ما اخترته، بل الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اختاره.
قال الحسين بن محمد بن داود أبو علي الدينوري بأسد أباذ: رأيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفارسين معه، فسألت عنهما، فقيل: هذا أبو بكر، وهذا عمر، فتقدمت إليه، فقلت: يا رسول الله، إني أذهب مذهب الشافعي، فقال لي بيده: واستمسك به، فإنه العروة الوثقى.
قال محمد بن نصر الترمذي: كتب الحديث تسعاً وعشرين سنة، وسمعت مسائل مالك من قوله، ولم يكن لي حسن رأي في الشافعي. فبينما أنا قاعد في مسجد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمدينة إذ غفوت غفوة، فرأيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام، فقلت: يا رسول الله، أكتب رأي أبي حنيفة؟ قال: لا، قلت: أكتب رأي مالك؟ قال: ما وافق حديثي، قلت له: أكتب رأي الشافعي؟ فطأطأ رأسه شبه الغضبان لقولي، وقال: ليس هذا بالرأي، هذا رد على من خالف سنتي. فخرجت في أثر هذه الرؤيا إلى مصر، فكتبت كتب الشافعي.
قال أحمد بن الحسن الترمذي: كنت في الروضة، فأغفيت، فإذا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أقبل، فقلت: يا رسول الله، قد كثر الاختلاف في الدين، فما تقول في رأي أبي حنيفة؟ فقال: أف، ونفض يده! فقلت: فما تقول في رأي مالك؟ فرفع يده، وطأطأ، وقال: أصاب وأخطأ، قلت: فما تقول في رأي الشافعي: قال: بأبي ابن عمي، أحيا سنتي.
وقال: رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام، فقلت: يا رسول الله، أما ترى ما في الناس من الاختلاف؟ قال: فقال لي: في أي شيء؟ قلت: أبو حنيفة، ومالك، والشافعي. فقال: أما أبو حنيفة فما أدري من هو، وأما مالك فقد كتب العلم، وأما الشافعي فمنني وإلي.
قال المزني: رأيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام، فسألته عن الشافعي، فقال: من أراد محبتي وسنتي فعليه بمحمد بن إدريس الشافعي المطلبي؛ فإنه مني وأنا منه.
قال محمد بن إسحاق بن خزيمة:
كنا نسمع أن من مارس البز، وتفقه بمذهب الشافعي، وقرأ لعاصم فقد كمل ظرفه.
قال الربيع: سمعت الشافعي يقول - في قصة ذكرها -: " من الطويل "
لقد أصبحت نفسي تتوق إلى مصر ... ومن دونها أرض المهامه والقفر
فوالله ما أدري أللفوز والغنى ... أساق إليها أم أساق إلى قبري
قيل: فسيق والله إليهما جميعاً.
عن محمد بن عبد بن عبد الحكم قال: بلغ الشافعي أن أشهب بن عبد العزيز يقول في سجوده: اللهم أمت الشافعي؛ فإنك إن أبقيته اندرس مذهب مالك. قال: فتعجب من ذلك: وأنشد: " من الطويل "
تمنى رجال أن أموت وإن أمت ... فتلك سبيل لست فيها بأوحد
فقل للذي يبقى خلاف الذي مضى ... تجهز لأخرى مثلها فكان قد
قال يونس بن عبد الأعلى: ما رأيت أحداً لقي من السقم ما لقي الشافعي؛ فدخلت عليه، فقال لي: أبا موسى، اقرأ علي ما بعد العشرين والمائة من " آل عمران "، وأخف القراءة، ولا تثقل. فقرأت عليه، فلما أردت القيام قال: لا تغفل عني فإني مكروب.
قال يونس: عنى الشافعي بقراءتي ما بعد العشرين والمائة ما لقي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه، أو نحوه.
قال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: أوصى الشافعي إلى أبي: فرأيت في آخر وصيته: ومحمد بن إدريس يسأل الله القادر على ما يشاء أن يصلي على محمد عبد ورسوله، وأن يرحمه، فإنه فقير إلى رحمته، وأن يجيره من النار، فإن الله غني عن عذابه، وأن يخلفه في جميع ما خلفه بأفضل ما خلف به أحداً من المؤمنين، وأن يكفيهم فقده، ويجبر مصيبتهم، والحاجة إلى أحد من خلقه بقدرته. وكتب في شعبان سنة ثلاث ومائتين.
قال إسماعيل بن يحيى المزني: دخلت على محمد بن إدريس الشافعي في مرضه الذي مات فيه، فقلت: يا أبا عبد الله، كيف أصبحت؟ قال؛ فرفع رأسه، فقال: أصبحت من الدنيا راحلاً، ولإخواني مفارقاً، ولسوء فعلي - وفي رواية: عملي - ملاقياً، وعلى الله وارداً، ما أدري روحي تصير إلى الجنة فأهنيها، أو - في رواية: أم - إلى الناس فأعزيها، ثم بكى، وأنشأ يقول: " من الطويل "
إليك إله الخلق أرفع رغبتي ... وإن كنت يا ذا المن والجود مجرما
فلما قسا قلبي وضاقت مذاهبي ... جعلت الرجا مني لعفوك سلما
تعاظمني ذنبي فلما قرنته ... بعفوك ربي كان عفوك أعظما
وما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل ... تجود وتعفو منة وتكرما
فلولاك ما يقوى بإبليس عابد ... فكيف وقد أغوى صفيك آدما
فإن تعف عني تعف عن متمرد ... ظلوم غشوم ما يزايل مأثما
وإن تنتقم مني فلست بآيس ... ولو أدخلت نفسي بجرمي جهنما
فجرمي عظيم من قديم وحادث ... وعفوك يا ذا العفو أعلى وأجسما
قال الربيع بن سليمان المرادي: دخلت على الشافعي وهو مريض، فسألني عن أصحابنا، فقلت: إنهم يتكلمون. فقال لي الشافعي: ما ناظرت أحداً قط على الغلبة، وبودي أن جميع الخلق تعلموا هذا الكتاب - يعني كتبه - على ألا ينسب إلي منه شيء. قال هذا الكلام يوم الأحد، ومات هو يوم الخميس، وانصرفنا من جنازته ليلة الجمعة ورأينا هلال شعبان سنة أربع ومائتين.
وسئل الربيع عن سن الشافعي، فقال: نيف وخمسون سنة.
ومن طريق آخر عن الربيع: مات الشافعي سنة أربع ومائتين، وهو ابن أربع وخمس سنة.
قال عبد الله بن عدي الحافظ: قرأت على قبر محمد بن إدريس الشافعي بمصر على لوحين حجارة، أحدهما عند رأسه، والآخر عند رجليه نسبته إلى إبراهيم الخليل: هذا قبر محمد بن إدريس الشافعي، وهو يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمد عبده ورسوله، وأن الجنة حق، وأن النار حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، وأن صلاته ونسكه ومحياه ومماته لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمر وهو من المسلمين، عليه يحيا، وعليه مات، وعليه يبعث حياً إن - شاء الله - وتوفي أبو عبد الله ليوم بقي من رجب سنة أربع ومائتين.
قال الربيع: كنا جلوساً في حلقة الشافعي بعد موته بيسير، فوقف علينا أعرابي، فسلم ثم قال: أين قمر هذه الحلقة وشمسها؟ فقلنا: توفي - رضي الله عنه - فبكى بكاء شديداً وقال: رحمه الله، وغفر له، فلقد كان يفتح ببيانه منغلق الحجة، ويسد على خصمه واضح المحجة، ويغسل من العار وجوهاً مسودة، ويوسع بالرأي أبواباً منسدة.
قال أحمد بن حنبل: رأيت الشافعي أبا عبد الله بن إدريس في المنام، فقلت له: يا أخي، ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي، وتوجني، وزوجني، وقال لي: هذه بما لم تزه بما أرضيتك، ولم تتكبر فيما أعطيتك.
قال الربيع بن سليمان: رأيت الشافعي بعد وفاته في المنام، فقلت: يا أبا عبد الله، ما صنع الله بك؟ قال: أجلسني على كرسي من ذهب، ونثر علي اللؤلؤ الرطب.
قال أبو عبد الله الهروي الحافظ: رأيت قبر أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي، ووقفت عليه، وهو بالقرب من قبور آل عبد الله بن عبد الحكم، وترحمت عليه، وأحسبه رأيته قبراً لاطئاً بالأرض، ودفوف حول صغار.
أنشد أبو الغنائم الحسن بن علي بن حماد لبعض الأعراب وقد عبر بقبر الشافعي: " من السريع "
راحت وفود الأرض عن قبره ... فارغة الأيدي ملاء القلوب
قد علمت ما رزئت، إنما ... يعرف فقد الشمس بعد الغروب
أظلمت الآفاق من بعده ... وعريت من كل حسن وطيب
قال عثمان بن خرزاذ الأنطاكي: رأيت في المنام كأن القيامة قد قامت، وكأن الخلائق قد حشروا، وكأن الله قد برز لفصل الفضاء، وكان منادياً ينادي من بطنان العرش: ألا أدخلوا الجنة أبا عبد الله، وأبا عبد الله، وأبا عبد الله، وأبا عبد الله. فقلت لملك إلى جنبي: من هؤلاء آباء عبد الله؟ فقال: أما أولهم فسفيان الثوري، وأما ثانيهم فمالك بن أنس، وأما ثالثهم فمحمد بن إدريس الشافعي، وأما رابعهم فأحمد بن حنبل، أئمة أمة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد سيق بهم إلى الجنة.
قال أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي يرثي أبا عبد الله الشافعي: " من الطويل "
ألم تر آثار ابن إدريس بعده ... دلائلها في المشكلات لوامع
معالم يفنى الدهر وهي خوالد ... وتنخفض الأعلام وهي فوارع
مناهج فيها للهدى متصرف ... موارد فيها للرشاد شرائع
ظواهرها حكم ومستبطناتها ... لما حكم التفريق فيه جوامع
لرأي ابن إدريس ابن عم محمد ... ضياء إذا ما أظلم الخطب ساطع
إذا المفظعات المشكلات تشابهت ... سما منه نور في دجاهن لامع
أبى الله إلا رفعه وعلوه ... وليس لما يعليه ذو العرش واضع
توخى الهدى واستنقذته يد التقى ... من الزيع إن الزيع للمرء صارع
ولاذ بآثار الرسول فحكمه ... لحكم رسول الله في الناس تابع
وعول في أحكامه وقضائه ... على ما قضى في الوحي والحق ناصع
بطيء عن الرأي المخوف التباسه ... إليه إذا لم يخش لبساً يسارع
جرت لبحور العلم أمداد فكره ... لها مدد في العالمين يتابع
وأنشأ له منشيه من خير معدن ... خلائق هن الباهرات البوارع
تسربل بالتقوى وليداً وناشئاً ... وخص بلب الكهل مذ هو يافع
وهذب حتى لم تشر بفضيلة ... إذا التمست إلا إليه الأصابع
فمن يك علم الشافعي إمامه ... فمرتعه في باحة العلم واسع
سلام على قبر تضمن جسمه ... وجادت عليه المدجنات الهوامع
لئن فجعتنا الحادثات بشخصه ... لهن لما حكمن فيه فواجع
فأحكامه فينا بدور زواهر ... وآثاره فينا نجوم طوالع
قال الحافظ ابن عساكر:
قد جمع الناس في فضائل الشافعي - رحمه الله - فأكثروا، وفضله - رحمه الله - أكثر مما جعلوا وسطروا. ولأبي الحسين الرازي - والد تمام - أخباره، ولأبي بكر البيهقي في فضله مجلد ضخم، ولأبي الحسن الآبري مجلد ضخم. ولا يحتمل هذا الكتاب أكثر مما ذكرنا، فلذلك اقتصدنا، واقتصرنا، والله يتغمده برضوانه، ويجمع بيننا وبينه في مستقر جنانه.
/
محمد بن إدريس بن المنذر بن داود بن مهران أبو حاتم الرازي مولى تميم بن حنظلة الغطفاني الحنظلي.
قدم دمشق طالباً للعلم.
حدثنا أبو حاتم الرازي عن داود بن عبد الله، بسنده إلى أبي ذر، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن الله يقول: يا ابن آدم! إن لقيتني بملء الأرض ذنوباً، لا تشرك بي شيئاً، لقيتك بملء الأرض مغفرة ".
وروى عن عمرو بن الربيع، بسنده إلى أنس بن مالك، عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " اطلبوا الخير دهركم، وتعرضوا نفحات الله عز وجل، فإن لله تبارك وتعالى نفحات يصيب بها من يشاء من عباده. وسلوا الله أن يستر عوراتكم ويؤامن روعاتكم ".
وعن داود، بسنده عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خير نساء العالم مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون، وخديجة، وفاطمة بنت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".
وروى عن سليمان بن عبد الرحمن، بسنده إلى أبي هريرة، عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا جلس بين شعبها الأربع، فقد وجب الغسل ".
وروى عن محمد بن عمار بسنده، عن عمار بن ياسر قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أوصي من آمن بي وصدقني بولاية علي بن أبي طالب، فمن تولاه فقد تولاني، ومن تولاني فقد تولى الله، ومن أحبه فقد أحبني، ومن أحبني فقد أحب الله. ومن أبغضه فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله عز وجل ".
حدث عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: سمعت أبي يقول: أول سنة خرجت في طلب الحديث أقمت سنتين، أحصيت ما مشيت على قدمي زيادة على ألف فرسخ، لم أزل أحصي حتى ما زاد على ألف فرسخ تركته.
قال: وسمعت أبي يقول: بقيت بالبصرة في سنة أربع عشرة ومائتين ثمانية أشهر، وكان في نفسي أن أقيم سنة، فانقطعت نفقتي، فجعلت أبيع ثيابي شيئاً بعد شيء، حتى بقيت بلا نفقة، ومضيت أطوف مع صديق لي إلى المشيخة، وأسمع منهم إلى المساء، فانصرف رفيقي. ورجعت إلى بيت خال، فجعلت أشرب الماء من الجوع، ثم أصبحت من الغد، وغدا علي رفيقي، فجعلت أطوف معه في سماع الحديث على جوع شديد، فانصرف عني، فانصرفت جائعاً. فلما كان الغد غدا علي فقال: مر بنا إلى المشايخ. فقلت: أنا ضعيف لا يمكني. قال: ما ضعفك؟ قلت: لا أكتمك أمري، قد مضى يومان ما طعمت فيهما. فقال لي رفيقي: معي دينار، فأنا أواسيك بنصفه، ونجعل النصف الآخر في الكراء. فخرجنا من البصرة، وقبضت منه النصف دينار.
أجمعوا على توثيقه، ووصفوه بالإتقان والتثبت والحفظ.
وقال: سمعت أبي يقول: قلت على باب أبي الوليد الطيالسي: من أغرب علي حديثاً غريباً مسنداً صحيحاً لم أسمع به، فله علي درهم يتصدق به. وقد حضر على أبي الوليد خلق من الخلق؛ أبو زرعة فمن دونه. وإنما كان مرادي أن أستخرج منهم ما ليس عندي، فما تهيأ لأحد منهم أن يغرب علي حديثاً.
قال أبو حاتم: قال لي أبو زرعة: ترفع يديك في القنوت؟ قلت: لا. فقلت له: فترفع أنت؟ قال: نعم. فقلت: ما حجتك؟ قال: حديث ابن مسعود. قلت: رواه ليث بن أبي سليم. قال: حديث أبي هريرة. قلت: رواه ابن لهيعة. قال: حديث ابن عباس. قلت: رواه عوف. قال: فما حجتك في تركه؟ قلت: حديث أنس أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان لا يرفع يديه في شيء من الدعاء إلا في الاستسقاء. فسكت.
وحدث ابن أبي حاتم الرازي قال: سمعت أبي يقول: اكتب أحسن ما تسمع، واحفظ أحسن ما تكتب، وذاكر بأحسن ما تحفظ.
وأنشد: من الطويل
تفكرت في الدنيا فأبصرت رشدها ... وذللت بالتقوى من الله خدها
أسأت بها ظناً فأخلفت وعدها ... وأصبحت مولاها وقد كنت عبدها
مات أبو حاتم الرازي سنة سبع وسبعين ومئتين، وقال ابن يونس: سنة خمس وسبعين ومئتين.
محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن صالح أبو بكر العقيلي الأصبهاني الفابزاني حدث عن محمد بن سلم، بسنده إلى أنس بن مالك قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إنه لينادي المنادي يوم القيامة: أين فقراء أمة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فيقوموا فيصفوا صفوف القيامة. ألا من أطعمكم أكلة أو سقاكم شربة أو كساكم خلقاً أو جديداً، فخذوا بيده، فأدخلوه الجنة. فلا يزال صاحبه قد تعلق بصاحبه وهو يقول: يا رب العالمين هذا أرواني، ويقول الآخر: هذا كساني. فلا يبقى من فقراء أمة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صغير ولا كبير إلا أدخلهم الله الجنة ".
وعن هشام بن عمار بسنده إلى أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " المشاؤون إلى المساجد في الظلم، أولئك الخواضون في رحمة الله عز وجل ".
توفي محمد بن إسحاق بن إبراهيم العقيلي سنة ثلاث وثمانين ومئتين.
محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن يزيد بن مهران أبو بكر الضرير البغدادي الصفار شيخ ثقة، أصله من الشام.
أنبأنا أبو بكر محمد بن إسحاق الصفار، عن محمد بن صالح بسنده إلى ربيعة بن كعب الأسلمي قال: كنت أبيت مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، آتيه بوضوئه وبحاجته، فقال: " سلني " قلت: مرافقتك في الجنة. قال: " أو غير ذلك؟ " قال: فقلت: هو ذاك. قال: " فأعني على نفسك بكثرة السجود ".
رواه أبو داود والنسائي عن هشام.
محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن عبد الله الأنطاكي المعروف بأخي العريف روى عن أبي بكر محمد بن عمر الجعابي بسنده إلى علي بن أبي طالب قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من أفتى بغير علم، لعنته ملائكة السماء والأرض ".
محمد بن إسحاق بن إسماعيل بن مسروق العذري، والد أبي قصي روى عن معروف الخياط عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من شهد جنازة فحمل بأربع زوايا السرير، ومشى أمامها، وجلس حتى يدفن، كتب له قيراطان من أجر، أخفهما في ميزانه يوم القيامة أثقل من جبل أحد ".
محمد بن إسحاق بن جعفر - ويقال ابن إسحاق - بن محمد أبو بكر الصغاني ثم البغدادي الحافظ من ثقات الرحالين وأعيان الجوالين، أصله من خراسان، وسكن بغداد.
روى عن روح بن عبادة، بسنده إلى أبي سعيد الخدري قال: نهى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تخلط بسراً بتمر، أو زبيباً بتمر، أو زبيباً ببسر. وقال: " من شربه منكم فليشرب كل واحد منه فرداً: تمراً فرداً، أو بسراً فرداً، أو زبيباً فرداً ".
رواه مسلم عن أبي بكر الصغاني.
وعن سعيد بن أبي مريم، بسنده إلى أبي سعيد الخدري أنه قال: خرج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أضحى أو فطر إلى المصلى، فصلى، ثم انصرف، فقام فوعظ الناس، وأمرهم بالصدقة فقال: " يا أيها الناس تصدقوا " ثم انصرف فمر على النساء فقال: " يا معشر النساء تصدقن، فإني أراكن أكثر أمل النار " فقلن: وبم ذاك يا رسول الله؟ قال: " تكثرن اللعن، وتكفرن العشير ".
رواه مسلم عن محمد بن إسحاق.
وعن عفان بسنده إلى أبي هريرة أن أعرابياً جاء إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله! دلني على عمل إذا أنا عملته دخلت الجنة. قال: " تعبد الله لا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان " قال: والذي نفسي بيده، لا أزيد على هذا شيئاً أبداً،
ولا أنقص منه. فلما ولى، قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا ".
رواه مسلم عنه.
مات أبو بكر محمد بن إسحاق الصغاني سنة سبعين ومئتين.
محمد بن إسحاق بن طلحة بن عبيد الله القرشي التيمي الطلحي حدث عن بشر بن مرحوم، بسنده إلى أبي موسى الأشعري أنه سمع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن أمتي أمة مرحومة، جعل عذابها بأيديها في الدنيا ".
محمد بن إسحاق بن عمرو بن عمر بن عمران أبو الحسن القرشي المؤذن، المعروف بابن الحريص ختن هشام بن عمار.
حدث عن هشام بن عمار، بسنده إلى معاوية بن حيدة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن الغضب يفسد الإيمان، كما يفسد الصبر العسل ". ثم قال: " يا معاوية بن حيدة! إن استطعت أن تلقى الله - عز وجل - وأنت تحسن الظن به فافعل، فإن الله عند ظن عبده به ".
توفي محمد بن إسحاق بن الحريص سنة ثمان وثمانين.
محمد بن إسحاق بن محمد بن أحمد ابن إسحاق بن عبد الرحمن بن يزيد بن موسى أبو جعفر الحلبي والد القاضي أبي الحسن علي بن محمد.
حدث عن الخريمي، بسنده إلى أبي بن كعب قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وصلينا معه الفجر، فلما قضى صلاته قال: " ها هنا فلان؟ " قلنا: لا، قال: " ففلان شاهد؟ " قلنا: نعم، قال: " إنه لا صلاة أثقل على المنافقين من صلاة الغذاة والعشاء الآخرة، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما، ولو حبواً " ثم قال: " الصف الأول على صف الملائكة، وصلاة الرجلين أفضل من صلاة الرجل وحده، وصلاة الثلاثة أفضل من صلاة الرجلين، وما أكثرت فهو أحب إلى الله ".
وحدث عن أبيه، بسنده إلى قتادة قال: سمع عمر بن الخطاب رجلاً يتبع القصص، فقال له: أتحسن سورة يوسف؟ قال: نعم. قال: اقرأها. فقرأ حتى بلغ " نحن نقص عليك أحسن القصص.. "، فقال عمر: أفتريد أحسن من أحسن القصص؟! توفي أبو جعفر محمد بن إسحاق سنة أربع وخمسين وثلاث مئة.
محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى ابن منده - واسمه إبراهيم بن الوليد - بن سنده بن بطة بن استدار أبو عبد الله العبدي الحافظ أحد المكثرين والمحدثين الجوالين، قدم دمشق.
حدث عن عبد الله بن يعقوب المعدل، بسنده إلى عبد الله بن مغفل قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الله الله في أصحابي! لا تتخذوهم غرضاً من بعدي. فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم. ومن آذاهم، فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله ".
وعن أحمد بن علي المقرئ، بسنده، إلى أنس قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من نسي صلاة أو نام عنها، فإن كفارتها أن يصليها إذا ذكرها ".
وعن سهل بن السري، بسنده عن جابر بن عبد الله عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه رأى رجلاً شعث الرأس فقال: " ما لهذا ما يسكن به شعره؟! ".
كان أبو عبد الله محمد بن إسحاق ديناً ثقة صالحاً كثير الحفظ، كتب على ألف شيخ، وثقة كثيرون. وقال بعضهم إن له في معرفة الصحابة أوهاماً وإنه اختلط في آخر عمره.
توفي أبو عبد الله بن منده سنة خمس وتسعين وثلاث مئة، وقيل ست وتسعين.
محمد بن إسحاق بن هاشم بن يعقوب بن رافع أبو عبد الله الهاشمي الرافعي مولى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يعرف باليتيم.
حدث عن سعيد بن عبد العزيز، بسنده إلى عوف بن مالك الأشجعي قال: كنا عند رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تسعة أو ثمانية أو سبعة، قال: " ألا تبايعون رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ " وكنا حديث عهد ببيعة، قلنا: قد بايعناك يا رسول الله. ثم قال: "
ألا تبايعون رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ " قلنا: ألسنا قد بايعناك يا رسول الله؟ فقال: " ألا تبايعون رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟: " قال: فبسطنا أيدينا، فبايعناه، فقال قائل منا: قد بايعناك يا رسول الله، فعلام نبايعك؟ قال: " على أن تعبدوا الله لا تشركوا به شيئاً، والصلوات الخمس، وأن تسمعوا وتطيعوا، وأسر كلمة خفية، ولا تسألوا الناس شيئاً ".
فلقد كان بعض أولئك النفر يسقط سوطه، فلا يسأل أحداً يناوله إياه! محمد بن إسحاق بن يزيد أبو عبد الله البغدادي المعروف بالصيني قدم دمشق.
حدث عن شجاع بن الوليد، بسنده إلى أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن أقربكم مني منزلاً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً في الدنيا ".
وعن نصر بن حماد، بسنده إلى ابن عباس قال: وقف النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على قتلى بدر فقال: " جزاكم الله عني من عصابة شراً، فقد خونتموني أميناً، وكذبتموني صادقاً " ثم التفت إلى أبي جهل بن هشام، فقال: " هذا أعتى على الله عز وجل من فرعون؛ إن فرعون لما أيقن بالهلكة وحد الله، وإن هذا لما أيقن بالموت دعا باللات والعزى ".
سئل أبو عون بن عمرو بن عون عن محمد بن إسحاق الصيني فقال: هو كذاب.
محمد بن إسحاق بن يعقوب بن إبراهيم أبو بكر دمشقي.
حدث عن عبد الله بن جعفر، بسنده إلى ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اتقوا الله في الضعيفين: المملوك والمرأة ".
وعن محمد بن حمدان البلخي بسنده إلى يحيى بن أبي كثير قال: ولد الزنا لا يكتب الحديث.
محمد بن إسحاق أبو عبد الله الرملي روى عن هشام بن عمار، بسنده إلى أبي هريرة، أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لما قضى الله الخلق كتب كتاباً فهو عنده فوق العرش: إن رحمتي غلبت غضبي ".
محمد بن إسحاق أبو جعفر الزوزني القارئ
قدم دمشق حاجاً.
حدث عن محمد بن علي بسنده إلى أنس بن مالك قال: من صام يوماً تطوعاً، فلو أعطي ملء الأرض ذهباً، ما وفي أجره يوم الحساب.
قال ابن عساكر: كذا ذكر هذا الحديث موقوفاً، وقد وقع لي مرفوعاً بعلو.
محمد بن إسحاق المصري حدث عن جده قال: قال ذو النون: كل محب ذليل، وكل خائف هارب، وكل راج طالب، وكل عاص مستوحش، وكل مطيع مستأنس.
مات محمد بن إسحاق المصري سنة أربع وأربعين وخمس مئة.
محمد بن أسد أبو عبد الله الإسفراييني الحوشي حدث عن مران بن معاوية، بسنده إلى طارق بن الأشيم قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من قال لا إله إلا الله، وكفر بما يعبد من دونه، حرم الله ماله ودمه، وحسابه على الله ".
محمد بن أسد بن هلال بن إبراهيم أبو طاهر الرقي الأشناني إمام جامع الرقة.
حدث عن عبد الله بن قثم، بسنده إلى جرير، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " أول الأرضين خراباً يسراها ثم يمناها ".
محمد بن إسماعيل بن أحمد بن محمد بن سعيد أبو بكر الكشي الجوهري اجتاز بدمشق أو بأعمالها عند توجهه إلى مصر.
أنبأنا أبو بكر محمد بن إسماعيل بن أحمد الكجي الجوهري، عن إسماعيل بن الحسين، بسنده إلى عبد الله بن عمر، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " ما كبر الحاج من تكبيرة، ولا هلل من تهليلة، إلا بشر بها تبشيرة ".
محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي البصري المعروف بابن علية ولي القضاء بدمشق.
حدث عن يحيى بن السكن، بسنده إلى عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ليس المسكين الذي ترده الأكلة والأكلتان واللقمة واللقمتان - زاد في رواية - ومن سأل الناس ليثري ماله، فإنما هو رضف من النار فيلهبه، فمن شاء فليقل، ومن شاء فليكثر ".
وثقه النسائي، وقال الدارقطني: لا بأس به.
لم يزل محمد بن إسماعيل قاضياً بدمشق حتى توفي سنة أربع وستين ومئتين.
محمد بن إسماعيل بن إبراهيم أبو عبد الله الجعفي البخاري الإمام صاحب الصحيح والتاريخ. سمع بدمشق.
حدث الإمام البخاري عن مكي بن إبراهيم بسنده إلى سلمة أنه أخبره قال: خرجت من المدينة ذاهباً نحو الغابة، حتى إذا كنت بثنية الغابة، لقيني غلام لعبد الرحمن بن عوف، قلت: ويحك ما بك؟ قال: أخذت لقاح رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قلت: من أخذها؟ قال: غطفان وفزارة. فصرخت ثلاث صرخات أسمعت ما بين لابتيها: يا صاحباه، يا صاحباه! ثم اندفعت حتى ألقاهم، وقد أخذوها، فجعلت أرميهم وأقول:
أنا ابن الأكوع ... واليوم يوم الرضع
فاستنقذتها منهم قبل أن يشربوا، فأقبلت بها أسوقها، فلقيني النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلت: يا رسول الله، إن القوم عطاش، وإني أعجلتهم أن يشربوا سقيهم، فابعث في أثرهم. فقال: " يا ابن الأكوع، ملكت، فأسجح، إن القوم يقرون في قومهم ".
قال أحمد بن سعدان البخاري: محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن مغيرة بن بردزبه البخاري، وبردزبه مجوسي مات عليها. والمغيرة بن بردزبه أسلم على يدي يمان البخاري والي بخارى، ويمان هذا هو
أبو جد عبد الله بن محمد المسندي. وعبد الله بن محمد هو ابن جعفر بن يمان البخاري الجعفي. والبخاري قيل له جعفي لأن أبا جده أسلم على يدي أبي جد عبد الله المسندي، ويمان جعفي، فنسب إليه لأنه مولاه من فوق. وعبد الله قيل له مسندي لأنه كان يطلب المسند من حداثته.
قال بكر بن منير: بردزبه هو بالبخارية. وبالعربية الزراع.
قال أبو عمرو المستنير: سألت أبا عبد الله بن محمد بن إسماعيل: متى ولدت؟ فأخرج لي خط أبيه: ولد محمد بن إسماعيل يوم الجمعة، بعد الجمعة، لثلاث عشرة ليلة مضت من شوال، سنة أربع وتسعين ومئة.
قال الحسن بن الحسين البزاز: رأيت محمد بن إسماعيل بن إبراهيم شيخاً نحيف الجسم، ليس بالطويل، ولا بالقصير.
حدث محمد بن الفضل البلخي قال: ذهبت عينا محمد بن إسماعيل البخاري في صغره، فرأت والدته في المنام إبراهيم الخليل، فقال لها: يا هذه، قد رد الله على ابنك بصره لكثرة بكائك، أو لكثرة دعائك، قال: فأصبحنا وقد رد الله عليه بصره.
حدث محمد بن أبي حاتم الوراق النحوي قال:
قلت لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري: كيف كان بدء أمرك في طلب الحديث؟ قال: ألهمت حفظ الحديث، وأنا في الكتاب. قال: وكم أتى عليك إذ ذاك؟ قال: عشر سنين أو اقل. ثم خرجت من الكتاب بعد العشر، فجعلت أختلف إلى الداخلي
وغيره، وقال يوماً فيما يقرأ للناس: سفيان عن أبي الزبير عن إبراهيم فقلت له: يا أبا فلان، إن أبا الزبير لم يرو عن إبراهيم. فانتهرني، فقلت له: ارجع إلى الأصل، إن كان عندك. فدخل ونظر فيه، ثم خرج فقال لي: كيف هو يا غلام؟ قلت: هو الزبير بن عدي عن إبراهيم. فأخذ القلم مني، وأحكم كتابه، فقال: صدقت. فقال له بعض أصحابه: ابن كم كنت إذ رددت عليه؟ فقال: ابن إحدى عشرة. فلما طعنت في ست عشرة، حفظت كتب ابن المبارك ووكيع، وعرفت كلام هؤلاء. ثم خرجت مع أمي وأخي أحمد إلى مكة. فلما حججت، رجع أخي، وتخلفت بها في طلب الحديث. فلما طعنت في ثمان عشرة، جعلت أصنف قضايا الصحابة والتابعين وأقاويلهم، وذلك أيام عبيد الله بن موسى. وصنفت كتاب التاريخ إذ ذاك عند قبر الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الليالي المقمرة. وقال: كل اسم في التاريخ إلا وله عندي قصة. إلا أني كرهت تطويل الكتاب.
وقال البخاري أيضاً: كتبت على ألف نفر من العلماء وزيادة، ولم أكتب إلا عمن قال: الإيمان قول وعمل، ولم أكتب قمن يقول: الإيمان قولي.
سمع حاشد بن إسماعيل وآخر يقولان: كان أبو عبد الله محمد بن إسماعيل يختلف معنا إلى مشايخ البصرة، وهو غلام، فلا يكتب، حتى أتى على ذلك أيام. فكنا نقول له: إنك تختلف معنا ولا تكتب، فما معناك فيما تصنع؟ فقال لنا بعد ستة عشر يوماً: إنكما قد أكثرتما علي وألححتما، فاعرضا علي ما كتبتما. فأخرجنا إليه ما كان عندنا، فزاد على خمسة عشر ألف حديث، فقرأها كلها على ظهر القلب، حتى جعلنا نحكم كتبنا من حفظه. ثم قال: أترون أني أختلف هدراً وأضيع أيامي؟! فعرفنا أنه لا يتقدمه أحد.
وقال أحمد بن حنبل: انتهى الحفظ إلى أربعة من أهل خراسان: أبو زرعة الرازي، ومحمد بن إسماعيل البخاري، وعبد الله بن عبد الرحمن السمرقندي، والحسن بن شجاع البلخي.
وقال محمد بن إسحاق بن خزيمة: ما رأيت تحت أديم السماء أعلم بالحديث من محمد بن إسماعيل البخاري - وفي رواية - أحفظ لحديث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا أعرف به من محمد بن إسماعيل البخاري.
وسمع عدة مشايخ يحكون: أن محمد بن إسماعيل البخاري قدم بغداد، فسمع به أصحاب الحديث، فاجتمعوا، وعمدوا إلى مئة حديث فقلبوا متونها وأسانيدها، وجعلوا متن هذا الإسناد لإسناد آخر، وإسناد هذا المتن لمتن آخر، ودفعوا إلى عشرة أنفس، إلى كل رجل عشرة أحاديث، وأمروهم إذا حضروا المجلس يلقون ذلك على البخاري، وأخذوا الموعد للمجلس، فحضر المجلس جماعة أصحاب الحديث من الغرباء من أهل خراسان وغيرها ومن البغداديين. فلما اطمأن المجلس بأهله، انتدب إليه رجل من العشرة فسأله عن حديث من تلك الأحاديث المقلوبة، فقال البخاري: لا أعرفه، فسأله عن الآخر، فقال: لا أعرفه. فما زال يلقي عليه واحداً بعد واحد حتى فرغ من عشرته، والبخاري يقول: لا أعرفه. فكان الفقهاء ممن حضر المجلس يلتفت بعضهم إلى بعض ويقولون: الرجل فهم. ومن كان منهم غير ذلك يقضي على البخاري بالعجز والتقصير وقلة الفهم. ثم انتدب رجل آخر من العشرة، فسأله عن حديث من تلك الأحاديث المقلوبة، فقال البخاري: لا أعرفه، فسأله عن آخر، فقال: لا أعرفه. فلم يزل يلقي عليه واحداً بعد آخر حتى فرغ من عشرته، والبخاري يقول: لا أعرفه. ثم انتدب إليه الثالث والرابع، إلى تمام العشرة، حتى فرغوا كلهم من الأحاديث المقلوبة، والبخاري لا يزيدهم على لا أعرفه. فلما علم البخاري أنهم
قد فرغوا، التفت إلى الأول منهم فقال: أما حديثك الأول فهو كذا، وحديثك الثاني فهو كذا، والثالث والرابع على الولاء، حتى أتى على تمام العشرة، فرد كل متن إلى إسناده وكل إسناد إلى متنه، وفعل بالآخرين مثل ذلك، ورد متون الأحاديث كلها إلى أسانيدها، وأسانيدها إلى متونها، فأقر الناس له بالحفظ وأذعنوا له بالفضل. وكان ابن صاعد إذا ذكر محمد بن إسماعيل يقول: الكبش النطاح.
قال أبو حامد أحمد بن حمدون:
سمعت مسلم بن الحجاج، وجاء إلى محمد بن إسماعيل البخاري، فقبل بين عينيه وقال: دعني حتى أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين وسيد المحدثين، ويا طبيب الحديث في علله! وحدث أبو عيسى الترمذي قال: لم أر بالعراق ولا بخراسان في معنى العلل والتاريخ ومعرفة الأسانيد أعلم من محمد بن إسماعيل.
وحدث محمد بن أبي حاتم الوراق قال: كان أبو عبد الله إذا كنت معه في سفر يجمعنا بيت واحد، إلا في القيظ أحياناً، فكنت أراه يقوم في ليلة واحدة خمس عشرة مرة إلى عشرين مرة، في كل ذلك يأخذ القداحة فيوري ناراً بيده، ويسرج، ثم يخرج أحاديث، فيعلم عليها، ثم يضع رأسه. وكان يصلي في وقت السحر ثلاث عشرة ركعة يوتر منها بواحدة، وكان لا يوقظني في كل ما يقوم. فقلت: إنك تحمل على نفسك كل هذا ولا توقظني! قال: أنت شاب، فلا أحب أن أفسد عليك نومك.
قال محمد بن إسماعيل البخاري: ما وضعت في كتاب الصحيح حديثاً إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين.
وقال: صنفت كتابي الصحاح ست عشرة سنة، خرجته من ست مئة ألف حديث، وجعلته حجة بيني وبين الله تعالى.
حدث محمد بن أبي حاتم وراق البخاري قال: سمعت البخاري يقول: لو نشر بعض أستاذي هؤلاء، لم يفهموا كيف صنفت كتاب التاريخ، ولا عرفوه. ثم قال: صنفته ثلاث مرات.
وقال أيضاً: دعي محمد بن إسماعيل إلى بستان بعض أصحابه، فلما حضرت صلاة الظهر صلى بالقوم. ثم قام للتطوع، فأطال القيام، فلما فرغ من صلاته، رفع ذيل قميصه فقال لبعض من معه: انظر، هل ترى تحت قميصي شيئاً؟ فإذا زنبور قد أبره في ستة عشر أو سبعة عشر موضعاً، وقد تورم من ذلك جسده، وكان آثار الزنبور في جسده ظاهرة، فقال له بعضهم: كيف لم تخرج من الصلاة في أول ما أبرك؟! فقال: كنت في سورة فأحببت أن أتمها.
قال محمد بن منصور: كنا في مجلس بي عبد الله محمد بن إسماعيل، فرفع إنسان من لحيته قذاة، فطرحها على الأرض. قال: فرأيت محمد بن إسماعيل ينظر إليها وإلى الناس، فلما غفل الناس رأيته مد يده، فرفع القذاة من الأرض، فأدخلها في كمه. فلما خرج من المسجد رأيته أخرجها فطرحها على الأرض.
حدث أبو سعيد بكر بن منير قال: كان حمل إلى محمد بن إسماعيل بضاعة أنفذها إليه ابنه أحمد أبو حفص، فاجتمع بعض التجار إليه بالعشية، فطلبوها منه بربح خمسة آلاف درهم، فقال لهم: انصرفوا الليلة. فجاءه من الغد تجار آخرون، فطلبوا منه تلك البضاعة بربح عشرة آلاف درهم، فردهم وقال: إني نويت البارحة أن أدفع إليهم بما طلبوا - يعني الذين طلبوا أول مرة - ودفع إليهم بربح خمسة آلاف درهم، وقال: لا أحب أن أنقض نيتي.
وقال: سمعت محمد بن إسماعيل يقول: أرجو أن ألقى الله ولا يحاسبني أني اغتبت أحداً.
وثقه علماء الحجاز والعراق والشام وخراسان وسائر الأمصار وأقروا له بالفضل.
حدث إسحاق بن أحمد بن خلف قال: سمعت محمد بن إسماعيل يقول: ما تصاغرت إلي نفسي إلا عند علي بن المديني. قال إسحاق: وسمعت أحمد بن عبد السلام يقول: ذكرنا قول محمد بن إسماعيل هذا لعلي بن المديني فقال: دعوا هذا فإن محمد بن إسماعيل لم ير مثل نفسه.
وقال يحيى بن جعفر: لو قدرت أن أزيد - يعني من عمري - في عمر محمد بن إسماعيل لفعلت، فإن موتي يكون موت رجل واحد، وموت محمد بن إسماعيل ذهاب العلم.
قال محمد بن يوسف بن عاصم: رأيت لمحمد بن إسماعيل ثلاث مستملين ببغداد، وكان اجتمعوا في مجلسه زيادة على عشرين ألف رجل.
قال محمد بن جابر: سمعت محمد بن يحيى لما ورد محمد بن إسماعيل البخاري نيسابور قال: اذهبوا إلى هذا الرجل الصالح فاسمعوا منه. قال: فذهب الناس إليه، وأقبلوا على السماع منه، حتى ظهر الخلل في مجالس محمد بن يحيى، فحسده بعد ذلك، وتكلم فيه.
وقال مسلم بن الحجاج:
لما قدم محمد بن إسماعيل البخاري نيسابور، ما رأيت والياً ولا عالماً فعل به أهل نيسابور ما فعلوا بمحمد بن إسماعيل؛ استقبلوه مرحلتين وثلاث مراحل! وقال محمد بن يحيى الذهلي في مجلسه: من أراد أن يستقبل محمد بن إسماعيل غداً، فليستقبله، فإني أستقبله. فاستقبله محمد بن يحيى وعامة من أهل نيسابور، فدخل البلد، فنزل دار البخاريين. قال: فقال لنا محمد بن يحيى: لا تسألوه عن شيء من الكلام، فإنه إن أجاب بخلاف ما نحن فيه، وقع بيننا وبينه، ثم شمت بنا كل حروري وكل رافضي وكل جهمي وكل مرجئ بخراسان. قال: فازدحم الناس على محمد بن إسماعيل، حتى امتلأ الدار والسطوح. قال: فلما كان اليوم الثاني أو الثالث، قام إليه رجل فسأله عن اللفظ بالقرآن، فقال: أفعالنا مخلوقة، وألفاظنا من أفعالنا. قال: فوقع بين الناس اختلاف؛ فقال بعضهم: قال: لفظي بالقرآن مخلوق، وقال بعضهم: لم يقل. فوقع بينهم اختلاف، حتى تواثب بعضهم إلى بعض. فاجتمع أهل الدار، فأخرجوا الناس من الدار.
قال أبو حامد الأعمشي: رأيت محمد بن إسماعيل البخاري في جنازة أبي عثمان سعيد بن مروان، ومحمد بن يحيى فسأله عن الأسامي والكنى وعلل الحديث.. ومر فيه محمد بن إسماعيل مثل السهم، كأنه يقرأ " قل هو الله أحد " فما أتى على هذا شهر، حتى قال محمد بن يحيى: ألا من يختلف إلى مجلسه لا يختلف إلينا، فإنهم كتبوا إلينا من بغداد أنه تكلم في اللفظ. ونهيناه فلم
ينته. ولا تقربوه، ومن يقربه فلا يقربنا. فأقام محمد بن إسماعيل ههنا مدة، وخرج إلى بخارى.
وحدث أبو عمرو أحمد بن نصر النيسابوري المعروف بالخفاف، ببخارى، قال: كنا يوماً عند أبي إسحاق القرشي، ومعنا محمد بن نصر المروزي، فجرى ذكر محمد بن إسماعيل البخاري، فقال محمد بن نصر: سمعته يقول: من زعم أني قلت: لفظي بالقرآن مخلوق، فهو كذاب، فإني لم أقله. فقلت له: يا أبا عبد الله فقد خاض الناس في هذا وأكثروا فيه. فقال: ليس إلا ما أقول. واحكي له عني. قال أبو عمرو الخفاف: فأتيت محمد بن إسماعيل، فناظرته في شيء من الحديث حتى طابت نفسه، فقلت: يا أبا عبد الله، ههنا رجل يحكي عنك أنك قلت هذه المقالة، فقال لي: يا أبا عمرو، احفظ ما أقول، من زعم من أهل نيسابور وقومس والري وهمذان وحلوان وبغداد والكوفة والمدينة ومكة والبصرة أني قلت: لفظي بالقرآن مخلوق، فهو كذاب، فإني لم أقل هذه المقالة. إلا أني قلت: أفعال العباد مخلوقة.
حدث أبو سعيد بكر بن منير قال: بعث الأمير خالد بن أحمد الذهلي، والي بخارى، إلى محمد بن إسماعيل أن أحمل إلي كتاب الجامع والتاريخ وغيرهما لأسمع منك. فقال محمد بن إسماعيل لرسوله: أنا لا أذل العلم، ولا أحمله إلى أبواب الناس. فإن كنت لك إلى شيء منه حاجة، فاحضرني في مسجدي أو في داري. وإن لم يعجبك هذا، فأنت سلطان، فامنعني من المجلس، ليكون لي عذر عند الله يوم القيامة، لأني لم أكتم العلم، لقول رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من سئل عن علم فكتمه ألجم بلجام من نار ". قال: فكان سبب الوحشة بينهما هذا.
قال عبد القدوس بن عبد الجبار المرقندي: جاء محمد بن إسماعيل إلى خرتنك، قرية من قرى سمرقند على فرسخين منها، وكان له بها أقرباء فنزل عندهم. قال: فسمعته ليلة من الليالي، وقد فرغ من صلاة الليل، يدعو، ويقول في دعائه: اللهم إنه قد ضاقت علي الأرض بما رحبت، فاقبضني إليك. قال: فما تم شهر حتى قبضه الله تعالى. وقبره بخرتنك.
توفي محمد بن إسماعيل البخاري ليلة الفطر سنة ست وخمسين ومئتين.
محمد بن إسماعيل بن إسحاق بن بحر أبو عبد الله الفارسي حدث عن أبي هاشم وريزة بن محمد بسنده إلى عمر بن الخطاب، أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " نعم الإدام الخل ".
كان أبو عبد الله الفارسي ثقة فاضلاً. ولد سنة ثمان أو تسع وأربعين ومئتين، وتوفي سنة خمس وثلاثين وثلاث مئة.
محمد بن إسماعيل بن زياد أبو عبد الله - ويقال أبو بكر - البغدادي الدولابي حدث محمد بن إسماعيل الدولابي، عن أبي مسهر بسنده إلى أبي سعيد الخدري
أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا قال: " سمع الله لمن حمده " قال: " ربنا ولك الحمد، ملء السماوات والأرض، وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، كلنا لك عبد. لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد ".
كان الدولابي ثقة، وتوفي سنة أربع وسبعين ومئتين.
محمد بن إسماعيل بن علي أبو علي الأيلي حدث بدمشق سنة ست وعشرين وثلاث مئة، عن إسحاق بن إبراهيم، بسنده إلى أنس، أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " حسبك من نساء العالمين أربع: مريم بنة عمران، وخديجة بنة خويلد، وفاطمة بنة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وآسيا امرأة فرعون ".
محمد بن إسماعيل بن القاسم بن إبراهيم بن طباطبا ابن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب أبو عبد الله العلوي الحسني المدني الرسي قدم دمشق في صحبة أبي الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون حين توجه للقاء جيش ابن أبي الساج، فالتقيا بثنية العقاب من أرض دمشق.
حدث أبو عبد الله محمد بن إسماعيل قال: لما تراءى الجيشان أمر بإلقاء حصير الصلاة، فألقيت، ونزلت معه، فصلى ركعتين، فلما استتمهما أدخل يده في خفه، فأخرج منه خط ابن أبي الساج الذي حلف فيه بوكيد الأيمان أنه لا يحاربه، فقال: اللهم إني رضيت بما أعطانيه من الأيمان بك، ووثقت بكفايتك إياي غدره بحلفه. واجترأ على الحنث بما أكده لي اغتراراً بحلمك عنه، فأدلني عليه. فرأيت ميمنة خمارويه قد انهزمت، وتبعتها ميسرته، فحمل في شرذمة يسيرة على جيش أبي الساج، وهو في غاية من الوفور، فانهزموا بأسرهم. فوقف على نشز، وأطفت ومن حضر به. فاستأمنت إلينا عدة كبيرة. فقلت له: أيها الأمير، إن مقامنا مع هذه الجماعة خطر، فأمرني بالمسير بهم إلى مستقر سواء، فسرت معهم، وأنا على
رقبة مطمع فيه، أو كيد له. فبلغوا نهراً احتاجوا إلى عبوره، فرأيتهم قد خلعوا الخفاف، وحطوا الرحال، وسلكوا سلوك المطمئنين، فأنست إليهم.
قال سعيد بن يونس: محمد بن إسماعيل بن القاسم، مديني، كان يسكن الرس، قرية نحو المدينة. قدم مصر قديماً روى عن أبيه عن جده حديثاً في فضل حضور موائد آل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وكان كريماً سخياً، وكانت له بمصر منزلة عند السلطان والعامة. توفي بمصر سنة خمس عشرة وثلاث مئة.
محمد بن إسماعيل بن القاسم بن الحسن أبو عبد الله الحداد البانياسي حدث عن أصل كتاب أحمد بن بكر، بسنده إلى أبي هريرة قال: قال الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يزال العبد في الصلاة، ما دام ينتظر الصلاة، تقول الملائكة: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه ".
محمد بن إسماعيل بن محمد بن يحيى بن يزيد بن دينار أبو حصين التميمي والد أبي الدحداح.
حدث أبو حصين محمد بن إسماعيل التميمي، عن أبيه، بسنده إلى أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يلبي بهما جميعاً: " لبيك عمرة وحجاً، لبيك عمرة وحجاً ".
وحدث عن أبيه أيضاً بسنده إلى عبد الله بن مسعود قال: حدثنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو الصادق المصدوق: " إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين ليلة.. " فذكر الحديث.
توفي أبو الحصن محمد بن إسماعيل الدمشقي سنة تسع ومئتين.
محمد بن إسماعيل بن محمد بن سلام أبو بكر الخشني، مولاهم، المعروف بابن البصال المعدل أصلهم من خراسان، وكان خليفة القاضي أبي محمد بن زبر على قضاء دمشق.
حدث أبو بكر المعروف بابن البصال عن أبي الوليد محمد بن أحمد، بسنده إلى أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لو عدلت الدنيا عند الله جناح بعوضة من خير، ما سقى كافراً منها شربة ".
كتب أبو الحسين الرازي بخطه في تسمية من كتب عنه بدمشق: أبو بكر محمد بن إسماعيل بن محمد بن سلام الخشني ويعرف بابن البصال، شيخ جليل معدل، وكان أبوه محدثاً. مات في سنة ثلاث وعشرين وثلاث مئة.
محمد بن إسماعيل بن محمد أبو عبد الله البخاري قدم دمشق لزيارة القدس وسماع الحديث.
حدث عن أبي بكر أحمد بن علي، بسنده إلى سعد بن ابي وقاص قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" أيمنع أحدكم أن يكبر في دبر كل صلاة عشراً، ويسبح عشراً، ويحمد عشراً، فذلك في خمس صلوات خمسون ومئة باللسان، وألف وخمس مئة في الميزان، وإذا أوى إلى
فراشه كبر أربعاً وثلاثين، وحمد ثلاثاً وثلاثين، وسبح ثلاثاً وثلاثين، فتلك مئة باللسان وألف في الميزان قال: ثم قال: وأيكم يعمل في يوم وليلة ألفين وخمس مئة سيئة؟! ".
قال الحافظ ابن عساكر: ذكر لي عن هذا البخاري عجائب ببغداد من الفسوق والكذب، وأنه غير اسمه وكنيته، وتكنى بمحمد بن إسماعيل تشبهاً بالبخاري. هلك ببغداد في البيمارستان، وكان قد حد في الشراب.
محمد بن إسماعيل بن مهران بن عبد الله أبو بكر النيسابوري المعروف بالإسماعيلي أحد الثقات الرحالين.
حدث عن علي بن ميمون العطار، بسنده إلى معاوية قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " كل مسكر على كل مؤمن حرام ".
وحدث عن سوار بن عبد الله العنبري، بسنده إلى أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا ولغ الكلب في الإناء، غسل سبع مرات، أولهن - أو أولاهن - بالتراب. وإذا ولغ الهر غسل مرة ".
توفي أبو بكر الإسماعيلي سنة خمس وتسعين ومئتين.
محمد بن إسماعيل بن يوسف أبو إسماعيل السلمي الترمذي حدث عن الحسن بن سوار، بسنده إلى أسامة بن زيد قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يتوارث أهل ملتين، المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم ".
وعن سعيد بن أبي مريم، بسنده إلى العباس بن عبد المطلب، أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا سجد العبد، سجد معه سبعة آراب: الجبهة وكفاه وركبتاه وقدماه ".
وعن محمد بن عبد الله الأنصاري، بسنده إلى أبي هريرة، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن الله وتر يحب الوتر، فأوتروا يا أهل القرآن ".
قال أبو بكر الخطيب: محمد بن إسماعيل بن يوسف كان فهماً متقناً مشهوراً بمذهب السنة، روى عنه أبو عيسى الترمذي وأبو عبد الرحمن النسائي في صحيحهما.
وقال الدارقطني: أبو إسماعيل الترمذي ثقة صدوق، تكلم فيه أبو حاتم.
توفي أبو إسماعيل الترمذي سنة ثمانين ومئتين.
محمد بن إسماعيل أبو بكر المرثدي القاضي ولي قضاء دمشق نيابة عن عبد الله بن محمد بن الخصيب تسعة اشهر حتى مات الخصيبي. وكان محموداً على ما قيل. ثم ولي قضاء صيدا حتى توفي سنة تسع وأربعين وثلاث مئة.
محمد بن إسماعيل أبو بكر الفرغاني أحد مشايخ الصوفية، من أستاذي أبي بكر الدقي، وكان من مجتهدي أهل التصوف في العبادة وخلو اليد من العلوم.
حدث محمد بن إسماعيل الفرغاني قال: سمعت أبا الحارث الأولاسي يقول: دخلت مسجد طرطوس، فرأيت فتيين جلوساً يتكلمان في علم الألفة، وسوء أدب الخلق، وحسن صنيع الله تعالى إليهم، وندمان نفوسهما فيما يجب لله تعالى عليهما. فقال أحدهما لصاحبه: يا أخي، قد تحدثنا في العلم، فتعال حتى نعامل الله تعالى به، فيكون لعلمنا فائدة ومنفعة. فعزما على ألا يتناولا شيئاً مسته أيدي بني آدم، ولا ما للخليقة فيه صنع. قال أبو الحارث: فقلت: وأنا معكما. فقالا: إن شئت. فخرجنا من طرطوس، وجئنا إلى جبل لكام، فأقمنا فيه ما شاء الله. قال أبو الحارث: أما أنا فضعفت نفسي، وقام العلم بين عيني؛ لئن مت على ما أنت عليه، مت ميتة جاهلية. فتركت صاحبي، ورجعت إلى طرطوس، ولزمت ما كنت أعرفه من صلاح نفسي. وأقام صاحباي باللكام سنة، فلما كان بعد مدة دخلت المسجد، فإذا أنا بأحد الفتيين جالساً في المسجد، فسلمت عليه، فقال: يا أبا الحارث، خنت الله تعالى في عهدك، ولم تف به! أما إنك لو صبرت
معنا، أعطيت ثلاثة أحوال، وقد أعطينا. فقلت: وما الثلاثة؟ قال: طي الأرض، والمشي على الماء، والحجبة إذا أردنا. واحتجب عني عقيب كلامه. فقلت: بالذي أوصلك إلى ما قد رأيت إلا ظهرت لي حتى أسألك عن مسألة. فظهر لي وقال: سل يا أبا الحارث، وأوجز. فقلت: كيف لي بالرجوع إلى هذه الحالة؟ ترى إن رجعت قبلت؟ فقال: هيهات يا أبا الحارث! بعد الخيانة لا تقبل الأمانة. فكوى قلبي بكية لا تخرج من قلبي حتى ألقى الله، جل وعز.
قال أحمد بن علي الرستمي:
كان أبو بكر الفرغاني من أجل الصوفية، وكان من رسمه أنه يسيح، وكان معه كوز ضيق الرأس، فيه قميص نظيف رقيق. فإذا اشتهى دخول مدينة، تنظف، وتطهر، وأخرج ذلك القميص فلبسه. وكان يسافر بمفتاح منقوش، فإذا دخل المدينة، عمد إلى مسجد يصلي، فطرح المفتاح بين يديه. فكل من يراه، توهم أنه تاجر قد ترك بعض الخانات. فلا يفطن له إلا الخلصان من أولياء الله عز وجل. فدخل مصر مرة على هذا الزي، فعرف بها، واجتمع إليه الصوفية. فكان يوماً يتكلم عليهم، إذ عرض له خاطر السفر، فقام من مجلسه، وخرج معه نحو سبعين رجلاً من الصوفية فمشى في يومه فراسخ، لا يعرج إلى أحد، فيقطع من كان خلفه، وبقي منهم قليل، فالتفت إليهم فقال: كأني بكم وقد جعتم وعطشتم. فقالوا: نعم. فعدل إلى دير فيه صومعة لراهب، فلما دخلوا، أشرف الراهب على أصحابه فناداهم فقال: أطعموا رهبان المسلمين، فإن بهم قلة صبر على الجوع. فغضب من ذلك غضباً شديداً، ورفع رأسه إليه وقال: أيها الكافر، هل لك إلى خطة يتبين فيها الصابر من الجازع. قال: وما ذاك؟ قال: تنزل من صومعتك فتتناول من الطعام ما أحببت، ثم تدخل معي بيتاً، ونغلق علينا الباب، ويدلى إلينا من الماء قدر ما يتطهر به فأول من يظهر جزعه، ويستغيث من جوعه، ويستفتح الباب، يدخل في دين صاحبه كائناً من كان، على أني لم أذق من ثلاث ذواقاً. قال الراهب:
لك ذلك. فنزل من صومعته، فأكل ما أحب، وشرب، ثم دخل مع أبي بكر بيتاً، وغلق الباب عليهما، والصوفية والرهبان يرصدونهما لا يسمعون لهما بحس أربعين يوماً. فلما كان في اليوم الحادي والأربعين سمعوا خشخشة الباب وقد تعلق بحده، ففتحوا الباب، فإذا الراهب قد تلف جوعاً وعطشاً، وإذا هو يستغيث بهم إشارة، فسقوه، واتخذوا له حريرة، فصبوها في حلقه، وأبو بكر الفرغاني ينظر ليهم. فلما رجعت إليه نفسه قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. ففرح أبو بكر، وجعل يتكلم على من في الدير من النصارى، حتى أسلموا عن آخرهم، وقدم بغداد، ومعه الراهب ومن أسلم من أولئك النصارى.
حدث أبو بكر الدقي قال: كان أبو بكر الفرغاني يأكل المنبوذ إلى أن ضعفت قوته. قال: فقال لنا: كنت جالساً يوماً بين الظهر والعصر، والناس يتنفلون، وليس يمكنني الصلاة قائماً، فأبكاني ذلك بكاءً شديداً أسفاً على الصلاة. ثم حملتني عيني، فإذا شخصان دخلا علي، فقال أحدهما لصاحبه: إن أبا بكر يبكي على الصلاة. فقال الآخر لي: يا أبا بكر لم تبكي؟ فقلت: أسفاً على الصلاة. قال: لا تبك فإن هذا الأمر ليس على هذا أسس. فقلت: يرحمك الله، فعلى ماذا أسس؟ فقال: على من أين؟ ولمن؟ يعني الورع.
مات أبو بكر الفرغاني سنة إحدى وثلاثين وثلاث مئة.
ابن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر أبو عبد الله المطلبي الشافعي المكي إمام عصره، وفريد دهره. اجتاز دمشق، أو بساحلها حين ذهب إلى مصر.
روى عن مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم - وفي رواية: من صلاة الفذ - وحده بخمسة وعشرين جزءاً ".
وروى عن محمد بن عثمان بن صفوان الجمحي بسنده إلى عائشة، أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا تخالط الصدقة مالاً إلا أهلكته ".
عن الشافعي قال:
كنت مع محمد بن الحسن بالرقة، فمرضت مرضه، فعادني العواد، فلما نقهت من مرضي مددت يدي إلى كتب عند رأسي، فوقع في يدي " كتاب الصلاة " لمالك، فنظرت في باب الكسوف، ثم خرجت إلى المسجد فإذا محمد بن الحسن جالس، فقلت له: جئت أناظرك في الكسوف، فقال: قد عرفت قولنا فيه، فقلت: جئت أناظرك على النظر والخبر، فقال: هات، قلت: أشترط ألا تحتد علي، ولا تقلق - وكان محمد رجلاً قلقاً حديداً - فقال: أما ألا أحتد فلا أشترط ذلك، ولكن لا يضرك ذلك عندي. فناظرته، فلما ضاغطته، فكأنه وجد من ذاك، فقلت: هذا هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة، وزيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس؛ واجتمع علي وعليه الناس، فقال: وهل زدتني على أن جئتني بصبي وامرأة؟! فقلت: لو غيري جالسك! وقمت عنه بالغضب! فرفع الخبر إلى هارون أمير المؤمنين، فقال: قد علمت أن الله لا يدع هذه الأمة حتى يبعث عليهم قرشياً قلباً يرد عليهم ما هم فيه من الضلالة. ثم رجعت إلى بيتي، فقلت لغلامي: اشدد على رواحلك، واجعل الليل حملاً. فقدمت مصر.
وهذه الحكاية تدل على أن الشافعي دخل مصر مرتين: إحدى المرتين على طريق الشام، فإن فيها أنه دخلها أيام هارون الرشيد، وتوفي هارون سنة ثلاث وتسعين ومائة. ودخلته الثانية مصر سنة تسع وتسعين ومائة، فأقام بها إلى أن مات، وأظنه في هذه الثانية ذهب إليها من مكة؛ فإن الحميدي صحبه.
قال محمد بن إدريس الشافعي بمكة: سلوني ما شئتم أجبكم من كتاب الله، ومن سنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: فقيل له: أصلحك الله، ما تقول في المحرم يقتل الزنبور؟ قال: نعم. بسم الله الرحمن الرحيم، قال الله تعالى: " ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ".
وعن سفيان بن عيينة بسنده إلى حذيفة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر ".
وبسنده عن عمر بن الخطاب أنه أمر المحرم بقتل الزنبور.
زاد البيهقي وغيره في نسب الشافعي المتقدم في بداية الترجمة: ابن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. وروى بسنده أن هذا النسب بعينه قرئ في مصر في مقابر بني عبد الحكم في حجر منقور على قبر الشافعي، وزاد فيه: ابن عدنان بن أد بن أدد بن الهميسع بن نبت بن إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن.
قال الخطيب بعد أن ساق نسب الشافعي: وقد ولده هاشم بن عبد مناف ثلاث مرار: أم السائب: الشفاء بنت الأرقم بن هاشم بن عبد مناف. أسر السائب يوم بدر كافراً، وكان يشبه بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وأم الشفاء بنت الأرقم: خلدة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف. وأم عبيد بن عبد يزيد: العجلة بنت عجلان بن البياع بن عبد ياليل بن ناشب بن غيرة بن سعد بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة. وأم عبد يزيد: الشفاء بنت هاشم بن عبد مناف بن قصي. كان يقال لعبد يزيد: محض لا قذى فيه. وأم هاشم بن المطلب: خديجة بنت سعيد بن سعد بن سهم. وأم هاشم والمطلب وعبد شمس بن عبد مناف: عاتكة بنت مرة السلمية: وأم شافع أم ولد.
قال الخطيب: وسمعت القاضي أبا الطيب طاهر بن عبد الله الطبري يقول: شافع بن السائب الذي ينسب إليه الشافعي قد لقي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو مترعرع، وأسلم أبوه السائب يوم بدر؛ فإنه كان صاحب راية بني هاشم، فأسر، وفدى نفسه، ثم أسلم، فقيل له: لم لم تسلم قبل أن تفتدى؟ فقال: ما كنت أحرم المؤمنين طمعاً لهم في. وقال بعض أهل العلم بالنسب: وقد وصف الشافعي أنه شقيق رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في نسبه، وشريكه في حسبه، لم تنل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طهارة في مولده، وفضيلة في آبائه إلا وهو قسيمه فيها إلى أن افترقا من عبد مناف، فزوج المطلب ابنه هاشماً الشفاء بنت هاشم بن عبد مناف، فولدت له عبد يزيد جد الشافعي. وكان يقال لعبد يزيد المحض لا قذى فيه، فقد ولد الشافعي الهاشمان: هاشم بن المطلب، وهاشم بن عبد مناف. والشافعي بن عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وابن عمته؛ لأن المطلب عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وأما أم الشافعي فهي أزدية، وقد قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الأزد جرثومة العرب ".
ولد الشافعي بغزة من بلاد الشام - وقيل باليمن - ونشأ بمكة، وكتب العلم بها وبمدينة رسول الله، وقدم بغداد مرتين، وخرج إلى مصر فنزلها إلى حين وفاته. وكتاب الشافعي الذي يسمى القديم، هو الذي عند البغداديين خاصة عنه. كان يونس بن عبد الأعلى يقول لا أعلم هاشمياً ولدته هاشمية إلا علي بن أبي طالب ثم الشافعي فأم علي بن أبي طالب فاطمة بنت أسد بن هاشم وأم الشافعي فاطمة بنت عبيد الله بن الحسن بن الحسين بن علي بن أبي طالب وهي التي حملت الشافعي إلى اليمن وأدبته.
قال الراوي: كذا روي عن يونس بن عبد الأعلى، وأغفل الحسن والحسين، وعقيلاً وجعفراً؛ فإن أماهما هاشميتان: فاطمة بنت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفاطمة بنت أسد.
قال بن عبد الحكم: لم حملت أم الشافعي به رأت كان المشتري خر من فرجها حتى انقض بمصر، ثم وقع في كل بلد منه شظية. فتأول أصحاب الرؤيا أنه يخرج منها عالم يخص علمه أهل مصر، ثم يتفرق في سائر البلدان.
روي عن الشافعي أنه قال: ولدت بغزة سنة خمسين - يعني ومائة - وحملت إلى مكة وأنا ابن سنتين. ولم يكن لي مال، فكنت أطلب العلم في الحداثة أذهب إلى الديوان أستوهب الظهور وأكتب فيها.
قال الحسن بن محمد الزعفراني: قدم علينا الشافعي بغداد سنة خمس وتسعين ومائة، فأقام عندنا سنتين ثم خرج إلى مكة، ثم قدم علينا سنة ثمان وتسعين، وأقام عندنا أشهراً ثم خرج. وكان يخضب بالحناء وكان خفيف العارضين.
قال أبو إبراهيم المزني: ما رأيت وجهاً أحسن من وجه الشافعي، ولا رأيت لحية أحسن من لحيته، وكان ربما قبض عليها فلا تفضل عن قبضته.
وقال الشافعي: كنت ألزم الرمي حتى كان الطبيب يقول لي: أخاف أن يصيبك السل من كثرة وقوفك في الحر. قال: وكنت أصيب من عشرة تسعة.
وقال: ولدت باليمن، فخافت أمي علي الضيعة، فقالت: الحق بأهلك، فتكون مثلهم، فإني أخاف أن تغلب على نسبك. فجهزتني إلى مكة، فقدمتها، وأنا يومئذ ابن عشر، أو شبيهاً بذلك، فصرت إلى نسيب لي، وجعلت أطلب العلم، فيقول لي: لا تشتغل بهذا، وأقبل على ما ينفعك. فجعلت لذتي في هذا العلم وطلبه حتى رزقني الله منه ما رزق.
وقال: كنت يتيماً في حجر أمي، ولم يكن معها ما تعطي المعلم، وكان المعلم قد رضي مني أن أخلفه إذا قام. فلما ختمت القرآن دخلت المسجد، وكنت أجالس العلماء، وأحفظ الحديث، أو المسألة، وكان منزلنا بمكة في شعب الخيف، فكنت أنظر إلى العظم يلوح فآخذه، فأكتب فيه الحديث - أو المسألة - وكانت لنا جرة قديمة، فإذا امتلأ العظم طرحته في الجرة.
فقدم علينا والي اليمن، فكلمه بعض القرشيين في أن أصحبه، ولم يكن عند أمي ما تعطيني أتحمل به، فرهنت دارها على ستة عشر ديناراً، ودفعتها إلي، فتحملت بها مع والي اليمن؛ فلما وصلنا سالمين استعملني على عمل، فحمدت فيه، فزادني عملاً آخر، فحمدت فيه، ودخل العمال مكة، فأحسنوا علي الثناء، وأكثروا من المدح، فلما قدمت مكة لقيت ابن أبي يحيى، فسلمت عليه، فقال لي: تصنعون كذا، أو تفعلون كذا؟! فتركته، ولقيت سفيان بن عيينة، فسلمت عليه، فسلم علي، وقال لي: قد بلغنا خبر
ولايتك، وحسن ما انتشر عنك، فأحمد الله، وتمسك بالعلم يرفعك الله به، وينفعك، فكان كلام سفيان أبلغ في مما كلمني به أبي يحيى.
قال: ثم وليت نجران، وكان بها قوم من بني الحارث، وموالي ثقيف، فرفع إلي الناس مظالم كثيرة، فجمعتهم، وقلت لهم: اختاروا لي سبعة منكم، من عدلوه كان عدلاً مرضياً، ومن جرحوه كان مجروحاً قصياً. فاختاروا لي منهم سبعة، فجلست، وأجلست السبعة بالقرب مني، فكلما شهد عندي شاهد بعثت إلى السبعة، فإن عدلوه كان عدلاً، وإن جرحوه كان مجروحاً، فلم أزل أفعل ذلك حتى أتيت على جميع من تظلم إلي، فكنت أكتب وأسجل.
قال: فنظروا إلى حكم جار، فقالوا: أي شيء يعمل؟ إن هذه الأمور التي تحكم علينا فيها ليست لنا، إنما هي في أيدينا لمنصور بن المهدي. فكتبت في أسفل الكتاب: وأقر فلان بن فلان الذي وقع عليه الحكم في هذا الكتاب أن الذي حكمت به عليه ليس له، وإنما هو لمنصور بن المهدي في يديه، ومنصور بن المهدي على حجته ما قام. فلما نظروا إلى ذلك خرجوا إلى مكة، ورفعوا، ولم يزالوا يرفعون علي حتى حملت إلى العراق، فقيل لي: الزم الباب، فقلت: إلى من أجلس، إلى من أختلف؟ وكان محمد بن الحسن جيد المنزلة عند هارون، فجالسته حتى عرفت قوله، ووقعت منه موقعاً، فلما عرفت ذلك كان إذا قام هو ناظرت أصحابه، واحتججت عليه، فقال لي ذات يوم: بلغني يا محمد أنك تخالفنا في الغصب، فقلت: إنما هو من طريق المناظرة، فقال لي: لقد بلغني غير هذا، أفتناظرني؟ قلت: إني أجللك عن المناظرة، قال: لا، فافعل. فلما رأيت ذلك قلت له: هات، ما تقول في رجل اغتصب من رجل ساجة، فبنى عليها بنياناً، فأنفق عليه ألف دينار، فجاء صاحب الساجة، فأتى بشاهدين عدلين أنها ساجته، وأن هذا الرجل غصبه عليها؟ قلت أقول لصاحب الساجة: ترضى بأن تأخذ القيمة؟ فإن رضي دفعت إليه قيمتها، وإن أبى قلعت البنيان من الساجة، ودفعتها إليه. قال: أفليس قد قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا ضرر، ولا إضرار "؟ قلت له:
من أدخل عليه الضرر؟ إنما هو أدخل الضرر على نفسه. فما تقول في رجل اغتصب من رجل خيط إبرسيم، فخاط به بطنه، فجاء صاحب الخيط، فأقام البينة بشاهدين عدلين أن هذا الخيط خيطه، وأنه اغتصبه عليه أكنت تنزع الخيط من بطن هذا، فتدفعه إليه؟ فقلت: لا، قال: الله أكبر، تركت قولك. ثم قال لي أصحابه: قد تركت قولك، فقلت لهم: لا تعجلوا! فال: فما تقول في رجل اغتصب من رجل لوحاً، فأدخله في سفينته، ثم لجج البحر، فأقام صاحب اللوح البينة بشاهدين عدلين أن هذا اللوح لوحه، وأنه غصبه إياه؟ أكنت تنزع اللوح من السفينة، وتدفعه إلى الرجل المحق؟! قلت: لا، قال: الله أكبر، تركت قولك. وقال لأصحابه: تركت قولك. فقلت لهم: مهلاً، لا تعجلوا، ثم قلت له: ما تقول أنت لو كانت الساجة ساجة لم يغصب عليها أحداً، فأراد أن يهدم البنيان الذي أنفق عليه ألف دينار، كان ذلك له مباحاً؟ قال: نعم، قلت: أرأيت لو كان الخيط خيط نفسه، ثم أراد أن ينزعه، أكان له نزع ذلك؟ قال: لا، قالت له: رحمك الله، فلم تقيس على مباح محرماً؟ قال: فكيف تصنع بصاحب اللوح؟ قلت آمره أن يقرب إلى أقرب المراسي إليه، مرسى لا يكون عليه وعلى أصحابه فيه هلكه، ثم أنزع اللوح وأدفعه إلى صاحبه، وأقول لصاحب السفينة: أصلح سفينتك. ثم قلت له: ولكن، ما تقول أنت في رجل اغتصب رجلاً من الزنج جارية، فأولدها أولاداً كلهم قد قرأ القرآن، وخطب على الناس، وقضى بين المسلمين، ثم جاء صاحب الجارية، فأقام البينة بشاهدين عدلين أن هذه الجارية جاريته، وأنه غصبه عليها، وأولدها هؤلاء الأولاد كلهم، بم كنت تحكم بذلك كله؟ قال: كنت أجعلهم رقيقاً له، وأرد الجارية عليه. قلت له: أنشدك الله، أيما أعظم ضرراً أن تجعل أولاده هؤلاء رقيقاً، أم تنزع البنيان من الساجة؟! قال: فبقي ولم يرد علي جواباً. ثم إنه بعد ذلك عرف حقي وموضعي، وقال بفضلي.
وقال الشافعي:
مر بي رجل من بني عمي من الزبيريين، فقال: يا أبا عبد الله، عز علي ألا يكون
مع هذه اللغة، وهذه الفصاحة، والذكاء فقه، فتكون قد سدت أهل زمانك، قال: فقلت: ومن بقي يقصد إليه؟ فقال لي: هذا مالك بن أنس، قال: فوقع في قلبي، فعمدت إلى " الموطأ "، فاستعرته من رجل بمكة، فحفظته في تسع ليل ظاهراً، ثم دخلت إلى مالي مكة، فأخذت كتابه إلى والي المدينة، وإلى مالك بن أنس. قال: فقدمت المدينة، وأبلغت الكتاب إلى الوالي. فلما أن قرأه قال: والله يا فتى، أن أمشي من جوف المدينة إلى جوف مكة حافياً راجلاً أهون علي من المشي إلى باب مالك بن أنس، فإني لست أرى الذل حتى أقف على بابه، فقلت: أصلح الله الأمير، إن رأى الأمير أن يوجه إليه ليحضر، فقال، هيهات، ليتني إذا ركبت أنا معك، ومن معي، وأصابنا من تراب العقيق نلنا حاجتنا. قال: فواعدته العصر، وركبنا جميعاً، فوالله لقد كان كما قال. فتقدم رجل، فقرع الباب، فخرجت إلينا جارية سوداء، فقال لها الأمير: قولي لمولاك: إني بالباب. فدخلت، فأبطأت، ثم خرجت، فقالت: إن مولاي يقرئك السلام، ويقول: أن كانت مسألة فادفعها لي في رقعة يخرج إليك الجواب، وإن كان للحديث فقد عرفت يوم المجلس، فانصرف. فقال لها: قولي له: معي كتاب والي مكة إليه في حاجة مهمة. قال: فدخلت ثم خرجت، وفي يدها كرسي، فوضعته، ثم إذا أنا بمالك قد خرج وعليه المهابة والوقار، وهو شيخ طوال مسنون اللحية. فجلس، فدفع الوالي الكتاب، فقرأه، حتى إذا بلغ إلى مكان: هذا رجل من أمره وحاله، فتحدثه، وتفعل، وتصنع، رمى بالكتاب من يده، ثم قال: يا سبحان الله، أوصار علم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يؤخذ بالوسائل؟! قال: فرأيت الوالي وقد تهيبه أن يكلمه. فتقدمت إليه، فقلت له: أصلحك الله، إني رجل مطلبي، ومن حالي، ومن قصتي. فلما أن سمع كلامي نظر إلي ساعة، وكان لمالك فراسة، فقال لي: ما اسمك؟ فقلت: محمد، فقال لي: يا محمد، اتق الله، واجتنب المعاصي؛ فإنه سيكون لك شأن من الشأن، ثم قال، نعم، وكرامة، إذا كان غداً تجيء، ويجيء من يقرأ لك الموطأ. قال: فقلت: إني أقوم بالقراءة. قال: فغدوت عليه، وابتدأت أن أقرأه ظاهراً والكتاب في يدي، فكلما تهيبت مالكاً وأريد أن أقطع القراءة أعجبه حسن قراءتي وإعرابي يقول لي: بالله يا فتى زد، حتى
قرأته في أيام يسيرة، ثم أقمت بالمدينة حتى توفي مالك بن أنس، ثم خرجت إلى اليمن، وأقمت بها، وارتفع لي بها شأن الشأن.
وكتب والي هارون الرشيد: إن هاهنا سبعة من العلوية قد تحركوا، فإني أخاف أن يخرجوا، وهاهنا رجل من ولد شافع بن المطلب لا أمر لي معه ولا نهي، فكتب إليه هارون الرشيد: أن أحمل هؤلاء، وأحمل الشافعي معهم، فاقترنت معهم، فلما أن قدمنا على هارون، وعنده محمد بن الحسن، دعا هارون بالنطع والسيف يضرب رقاب العلوية، فالتفت محمد بن الحسن، فقال: يا أمير المؤمنين، هذا المطلبي لا يغلبنك بفصاحته ولسانه، فإنه رجل لسن. قال: فقلت: يا أمير المؤمنين، فإنك الداعي وأنا المجيب الدعاء إنك القادر على ما تريد مني، ولست القادر على ما أريد منك، يا أمير المؤمنين، ما تقول في رجلين: أحدهما يراني أخاه، والآخر يراني عبده أيما أحب إلي؟ قال: الذي يراك أخاه، قال: قلت: فذاك أنت، يا أمير المؤمنين، فقال لي: كيف ذلك؟ قال: قلت: يا أمير المؤمنين، إنكم ولد العباس، ونحن بنو المطلب، تروننا إخوانكم، وولد علي يروننا عبيدهم، قال: فسري ما كان به، واستوى جالساً، وقال: يا بن إدريس، كيف علمك بالقرآن؟ فقلت: يا أمير المؤمنين، عن أي علومه تسألني؟ عن حفظه فقد حفظته، ووعيته بين جنبي، وعرفت وقفه وابتداءه، وعدد مكيه ومدنيه، وكوفيه وبصريه، وقد عرفت ناسخه ومنسوخه، وليليه ونهاريه، ووحشيه وأنسيه، وسهليه وجبليه، وما خوطب به العام يراد به الخاص، وما خوطب به الخاص يراد به العام. فقال لي: والله يا ابن إدريس، لقد ادعيت " علماً "، فكيف علمك بالنجوم؟ فقلت: إني لأعرف منها البري والبحري، والسهلي والجبلي، وما تجب معرفته. قال: فكيف علمك بأنساب العرب؟ فقلت: غني لأعرف أنساب اللئام وأنساب الكرام، ونسبي ونسب أمير المؤمنين، فقال: والله لقد ادعيت علما، فهل من موعظة تعظ بها أمير المؤمنين؟ قال: فذكرت موعظة لطاوس اليماني، فوعظته بها، فبكى، ثم أمر لي بخمسين ألفاً، وحملت على فرس، وركبت بين يديه، وخرجت فما وصلت الباب حتى فرقت الخمسين ألفاً على حجبة أمير المؤمنين وبوابيه، وجئت إلى منزلي، فوجهت إلى كاتب محمد بن الحسن بمائة دينار، وقلت له: اجمع لي الوراقين الليلة على كتب محمد بن الحسن، وانسخها لي، ووجه بها إلي. فكتبت لي في ليلة، ووجه بها إلي.
وكان موضع يجتمع فيه القضاة والأشراف ووجوه الناس على باب هارون يجلسون فيه إلى أن يؤذن لهم. فاجتمعنا في ذلك المكان، وفي جماعة من بني هاشم وقريش والأنصار - قال: والخلق يعظمون محمد بن الحسن لقربه من أمير المؤمنين، وتمكنه منه - فاندفع يعرض بي، ويذم أهل المدينة، فقال: من أهل المدينة؟ وأيش يحسنون - أهل المدينة؟ - والله لقد وضعت كتاباً على أهل المدينة كلها، لا يخالفني فيه أحد، ولو علمت أن أحد يخالفني في كتابي هذا، تبلغني إليه الرواحل لصرت إليه حتى أرد عليه. قال الشافعي: فقلت في نفسي: إن أنا سكت نكست رؤوس من هاهنا من بني هاشم وقريش، وإن أنا رددت عليه أسخطت علي السلطان. ثم إني استخرت الله تعالى في الرد عليه، فتقدمت إليه، فقلت له: أصلحك الله، طعنك على أهل المدينة، وذمك لأهل المدينة؛ إن كنت أردت رجلاً واحداً، وهو مالك بن أنس فألا ذكرت ذلك الرجل بعينه، ولم تطعن وتذم أهل حرم الله وحرم رسوله، وكلهم على خلاف ما ادعيته؟ وأما كتابك الذي ذكرت أنك وضعته على أهل المدينة فكتابك من " بسم الله الرحمن الرحيم " خطأ إلى آخره. فاصفر محمد بن الحسن ولم يحر جواباً. وكتب أصحاب الأخبار إلى هارون بما كان، فضحك وقال: ماذا ينكر لرجل من ولد المطلب أن يقطع مثل محمد بن الحسن؟ قال: فعارضني رجل في المجلس من أصحابه، فقال لي: ما تقول في رجل دخل إلى منزل رجل، فرأى بطة، فرماها، ففقأ عينها، ماذا يجب عليه؟ قال: قلت: ينظر إلى قيمتها وهي صحيحة، وقيمتها وقد ذهبت عينها فيقوم ما بين القيمتين، ولكن ما تقول أنت وصاحبك في محرم نظر إلى فرج امرأة..قال: ولم يكن لمحمد حذاقة في المناسك، فصاح به محمد: ألم أقل لك لا تسأله!
ثم إنا دخلنا على هارون، فلما استوينا بين يديه قال لي: يا أبا عبد الله، تسأل أو أسألك؟ قلت: ذاك إليك، فقال: خبرني عن صلاة الخوف، أواجبة هي؟ فقلت: نعم، فقال: ولم؟ فقلت: لقول الله: " وإذا كنت فيهم، فأقمت لهم الصلاة.. " الآية. قال: ما تنكر من قائل قال لك: إنما أمر الله نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو فيهم،
فلما زال عنهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زالت عنهم تلك الصلاة. قلت: وكذلك قال الله تعالى لنبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خذ من أموالهم صدقة.. " الآية فلما أن زال عنهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زالت عنهم الصدقة؟ قال: لا، قلت: وما الفرق بينهما، والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المأمور فيهما جميعاً؟ فسكت.
فقال: يا أهل المدينة، ما أجرأكم على كتاب الله - عز وجل -! فقلت: أجرؤنا على كتاب الله من يخالفه، فقال لي: الله يقول: " وأشهدوا ذوي عدل منكم "، فقلتم أنتم نقضي باليمين مع الشاهد. فقلت: لكنا نقول بما قال الله، ونقضي بما قضى به رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولكنك أنت خالفت قضاء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: فأين؟ قلت: في قصة حويصة ومحيصة وعبد الرحمن حين قال لهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قضية القتيل: " أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم؟ " قالوا: لم نشهد، ولم نعاين، قال: فتحلف لكم يهود "، فلم نكلوا عن اليمين رد اليمين على اليهود. قال: فقال: إنما كان ذلك استفهاماً من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، استفهم من اليهود. فقال هارون: ثكلتك أمك يا بن الحسن، رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستفهم من اليهود!؟ نطع وسيف! قال: فلما رأيت الجد من هارون قلت: يا أمير المؤمنين، إن الخصمين إذا اجتمعا تكلم كل واحد منهما بما لا يعتقده ليقطع به صاحبه، وما أرى محمداً أراد بهذا نقصاً لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسريت عنه. ثم ركبنا، وخرجنا من الدار، فقال لي: يا أبا عبد الله، فعلتها؟ قال: قلت: فكيف رأيتها بعد ذلك؟ قال الشافعي: حدثنا إسماعيل بن قسطنطين، قال: قرأت على شبل، وأخبر شبل أنه قرأ على عبد الله بن كثير، وأخبر عبد الله بن كثير
أنه قرأ على مجاهد، وأخبر مجاهد أنه قرأ على ابن عباس، وأخبر عباس أنه قرأ على أبي، وقال ابن عباس: وقرأ أبي على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال الشافعي: وقرأت على إسماعيل بن قسطنطين، وكان يقول: القران اسم، وليس بمهموز، ولم يؤخذ من " قرأت "، ولو أخذ من " قرأت " كان كل ما قرئ قرآناً، ولكنه اسم للقرآن مثل التوراة والإنجيل، يهمز قرأت، ولا يهمز القران.
وقال الشافعي: حفظت " القرآن " وأنا ابن سبع سنين، وحفظت " الموطأ " وأنا ابن عشر سنين.
قال أبو عبيد: رأيت الشافعي عند محمد بن الحسن، وقد دفع إليه خمسين ديناراً، وقد كان دفع إليه قبل هذا خمسين درهماً، وقال: إن اشتهيت العلم فالزم. ثم دفع إليه هذه الدنانير، ولزمه الشافعي.
وقال الشافعي: كتبت عن محمد بن الحسن وقر بعير. وسمع وهو يقول لمحمد بن الحسن - وقدم إليه الدنانير بعد الخمسين درهماً، وقال له: لا تحتشم، فقال: - ما أنت عندي في موضع أحتشمك. وجرى ذكر الشراب، فقال الشافعي: الحمد لله، لو علمت أن الماء البارد يضر مروءتي في ديني لما شربت إلا الماء الحار حتى ألقى الله، ولو كنت عندي ممن أحتشمك ما قبلت برك.
وقال: أنفقت على كتب محمد بن الحسن ستين ديناراً، ثم تدبرتها، فوضعت إلى جنب كل مسالة حديثاً - يعني: رداً عليه.
ويروى عن الشافعي أنه قال: أقمت في بطون العرب عشرين سنة آخذ أشعارها ولغاتها، وحفظت القرآن، فما علمت أنه مر بي حرف إلا وقد علمت المعنى فيه والمراد ما خلا حرفين، أحدهما " دساها ".
قال مصعب بن عبد الله الزبيري: قرأت على الشافعي أسعار هذيل حفظاً، ثم قال لي: لا تخبر بهذا أهل الحديث؛ فإنهم لا يحتملون هذا. قال مصعب: وكان الشافعي يسمر مع أبي من أول الليل حتى الصباح، ولا ينامان. قال وكان الشافعي في ابتداء أمره يطلب الشع وأيام الناس والأدب ثم أخذ في الفقه بعد، قال: وكان سبب أخذه في الفقه أنه كان يوماً يسير على دابة، وخافه كاتب لأبي، فتمثل الشافعي ببيت شعر، فقرعه كاتب أبي بسوطه، ثم قال له: مثلك " يذهب " بمروءته في مثل هذا؟! أين أنت من الفقه؟! فهزه ذلك، فقصد لمجالسة الزنجي بن خالد مفتي مكة، ثم قدم علينا، فلزم مالك بن أنس.
قال الشافعي: رأيت علي بن أبي طالب في النوم، فسلم علي، وصافحني، وخلع خاتمه، فجعله في إصبعي. وكان لي عم، ففسرها لي، فقال لي: أما مصافحتك لعلي فأمان من العذاب، وأما خلع خاتمه، فجعله في إصبعك فسيبلغ اسمك ما بلغ اسم علي في الشرق والغرب.
قال الربيع بن سليمان: والله لقد فشا ذكر الشافعي في الناس بالعلم كما فشا ذكر علي بن أبي طالب. وقال: لو وزن عقل الشافعي بنصف عقل أهل الأرض لرجح بهم، ولو كان في بني إسرائيل احتاجوا إليه.
قال أبو عبد الله الزبيري: جاءني رجل من أهل البصرة، يقال له: أبو محمد القرشي من أهل الستر والصلاح فقال لي: يا أبا عبد الله، أخبرك رؤيا تسر به؟ فقلت: هات، فقال لي: رأيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في النوم، وعنده أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي - رضي الله عنهم - إذ جاءه أربعة نفر، فقربهم، فتعجبت من تقريبه لهم. فسألت من بحضرته عن النفر، فقال لي: هذا مالك، وأحمد، وإسحاق، والشافعي. فرأيت كأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخذ بيد مالك وأجلسه بجنب أبي بكر الصديق، وأخذ بيد أحمد فأجلسه بجنب عمر، وأخذ بيد إسحاق فأجلسه بجنب عثمان، وأخذ بيد الشافعي وأجلسه بجنب علي.
قال أبو عبد الله الزبيري: فسألت بعض العلماء بالتعبير عن ذلك؟ فقال لي: أجلس مالك بجنب أبي بكر، كأن منزلة مالك في العلماء كمنزلة أبي بكر في الصحابة، ومنزلة أحمد في الفقهاء كمنزلة عمر في صلابته؛ لأنه لم يتكلم في القرآن إلا بحق، ومنزلة إسحاق في العلماء كمنزلة عثمان في الصحابة؛ لقي عثمان الفتن والمحن، كذلك لقي إسحاق في بلده من أهل الإرجاء بما فارق به بلده. ومنزلة الشافعي في العلماء كمنزلة علي في الصحابة؛ فإنه كان أعلمهم، وأفضلهم، وأقضاهم. وقد قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أقضاكم علي "، كذلك الشافعي كان أعلم العلماء في الفقه والقضاء.
قال هارون بن سعيد الأيلي: قال لنا الشافعي: أخذت اللبان سنة للحفظ، فأعقبني صب الدم سنة.
قال عمرو بن العباس: قيل لعبد الرحمن بن مهدي: إن الشافعي لا يورث المرتد. فقال عبد الرحمن: إن الشافعي شاب معهم، لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا يتوارث أهل ملتين ".
قال أبو عبيد القاسم بن سلام: ما رأيت قط رجلاً أعقل، ولا أروع، ولا أفصح من الشافعي.
وقال يونس بن عبد الأعلى: لو جمعت أمة فجعلت في عقل الشافعي لوسعهم عقله. وقال: ناظرت الشافعي يوماًُ في مسالة، ثم افترقنا. ولقيني، فأخذ بيدي، ثم قال لي: يا أبا موسى، لا يستقيم أن نكون إخواناً وإن لم نتفق في مسألة؟ قال معمر بن شبيب: سمعت المأمون يقول: قد امتحنت محمد بن إدريس في كل شيء فوجدته كاملاً، وقد بقيت خصلة، هو أن أسقيه من النبيذ ما يغلب على الرجل الجيد الشراب. قال: فحدثني ثابت الخادم وقد دعا به، فأعطاه رطلاً، فقال: اشرب يا محمد، فقال: يا أمير المؤمنين، ما شربته قط. قال: عزمت لتشربن. فشربه. ثم والى عليه بالأرطال حتى سقاه عشرين رطلاً، فما تغير، ولا زال عن حجته.
قال الشافعي:
حضرت مالك بن أنس، وأنا أسمع منه الحديث، ولي دون الأربع عشرة سنة.
فجاءه رجل، فوقف عليه، ثم قال له: إني رجل أبيع القماري، فبعت قمرياً على هذا، فرده إلي، فقال: ماله صوت، فحلفت بالطلاق أنه لا يسكت. فقال: أوسكت؟ قلت: نعم، قال: أنت حانث. قال الشافعي: فتبعته، فقلت له: يا رجل كيف حلفت؟ قال: حلفت بما سمعت، قال: فقلت له: صياحه أكثر أم سكوته؟ فقال: صياحه، فقلت: مر، فإن امرأتك لك حلال، قال: فماذا أصنع، وقد أفتاني مالك بما أفتى؟ فقال: عد إليه، فقل له: إن في مجلسك من أفتاني بأن امرأتي هي لي حلال، وأومئ إلي، ودعني وإياه. فرجع ورجعت، وجلست فيما بين الناس. فقال له: إني رأيت أن تنظر في يميني، قال: أليس قد أفتيناك بأنك حانث؟! فقال: في مجلسك من أفتاني بأن امرأتي هي حلال لي، قال: أفي مجلسي؟ قال: نعم، قال: ومن هو؟! فأومأ إلي. فقال لي مالك: أنت أفتيته بذلك؟ قلت: نعم، قال: ولماذا أفتيته بذلك؟ فقلت له: سمعتك تروي عن نافع، عن ابن عمر أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لفاطمة بنت قيس: " إذا حللت فآذنيني ". فلما حلت قالت له: قد خطبني معاوية، وأبو جهم، فقال: " أما معاوية فصعلوك لا مال له، وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه "، وعلم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن أبا جهم يضع عصاه عن عاتقه ويتصرف في أموره فإنما نسب إلى ضرب النساء فذكر أنه لا يضع عصاه على عاتقه، وحمله على الأغلب من أمره، وإني سألته وقلت: سكونه أكثر أم صياحه؟ فقال: صياحه، فأفتيته بذلك. قال: فتبسم مالك، وقال: القول قولك.
قال سفيان بن عيينة للشافعي: يا أبا عبد الله، ما معنى قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أقروا الطير في مكانها ".
فقال له: يا أبا محمد، كان الرجل من العرب إذا أراد سفراً أخذ معه طيراً، فإن أخذا لطير ذات اليمين مضى في سفره، وإن أخذ ذات الشمال رجع. وكان ابن عيينة قبل أن يسمع من الشافعي إذا سئل أجاب على صيد الليل. قال: فرجع سفيان إلى تأويل الشافعي.
عن إبراهيم بن محمد الشافعي قال: كنا في مجلس ابن عيينة والشافعي حاضر، فحدث ابن عيينة بسنده أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مر به رجل في بعض الليل، وهو مع امرأته صفية، فقال: " تعال، هذه امرأتي صفية! " فقال: سبحان الله يا رسول الله! قال: " إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم ". فقال ابن عيينة للشافعي: ما فقه هذا الحديث يا أبا عبد الله؟ قال: إن كان القوم اتهموا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانوا بتهمتهم إياه كفاراً، لكن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أدب من بعده، فقال: إذا كنتم هكذا ففعلوا هكذا حتى لا يظن بكم ظن السوء، لا أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتهم، وهو أمين الله في أرضه. فقال ابن عيينة: جزاك الله خيراً يا أبا عبد الله، ما يجيئنا منك إلا كل ما نحبه.
وكان سفيان بن عيينة إذا جاءه شيء من التفسير والفتيا يسأل عنها التفت إلى الشافعي، فيقول: سلوا هذا.
قال عبد الله بن الزبير الحميدي: قال مسلم بن خالد الزنجي للشافعي: يا أبا عبد الله. أفت الناس، أن لك والله أن تفتي. وهو ابن دون عشرين سنة.
قال الربيع بن سليمان: كان الشافعي يفتي وهو ابن خمس عشرة سنة، وكان يحيي الليل إلى أن مات.
قال أحمد بن محمد الشافعي: كانت الحلقة في الفتيا بمكة في المسجد الحرام لابن عباس، وبعد ابن عباس لعطاء بن أبي رباح، وبعد عطاء لعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، وبعد ابن جريج لمسلم بن خالد الزنجي، وبعد مسلم لسعيد بن سالم القداح، وبعد سعيد لمحمد بن إدريس الشافعي، وهو شاب.
قال الشافعي: لأن يلقى الله المرء بكل ذنب ما خلا الشرك بالله خير له من أن يلقاه بشيء من الأهواء. وذلك أنه رأى قوماً يتجادلون في القدر بين يديه، فقال الشافعي: في كتاب الله: المشيئة له دون خلقه، والمشيئة إرادة الله، يقول الله تعالى: " وما تشاؤون إلا أن يشاء الله "، فأعلم - عز وجل - خلقه أن المشيئة له، وكان يثبت القدر.
وكان الشافعي بعد أن ناظر حفصاً الفرد يكره الكلام، وكان يقول: لأن يفتي العالم، فيقال: أخطأ العالم خير له من أن يتكلم، فيقال: زنديق، وما شيء أبغض إلي من الكلام وأهله.
وقال ليلة للحميدي: ما يحتج عليهم - يعني أهل الإرجاء - بآية أحج من قوله تعالى: " وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة ".
قال إسماعيل بن يحيى المزني: أنشدني الشافعي من قيله: " من الطويل "
شهدت بأن الله لا شيء غيره ... وأشهد أن البعث حق وأخلص
وأن عرى الإيمان قول مبين ... وفعل زكي قد يزيد وينقص
وأن أبا بكر خليفة ربه ... وكان أبو حفص على الخير يحرص
وأشهد ربي أن عثمان فاضل ... وأن علياً فضله متخصص
أئمة قوم يقتدى بهداهم ... لحا الله من إياهم يتنقص
قال الربيع بن سليمان: لما كلم الشافعي حفص الفرد، فقال حفص: القرآن مخلوق، فقال له الشافعي: كفرت بالله العظيم.
وقال: سمعت الشافعي يقول: من حلف باسم من أسماء الله، فحنث، فعليه الكفارة؛ لأن اسم الله غير مخلوق، ومن حلف بالكعبة، أو بالصفا والمروة فليس عليه الكفارة، لأنه مخلوق، وذلك غير مخلوق.
عن علي بن سهل الرملي قال: سألت الشافعي عن القرآن، فقال لي: كلام الله غير مخلوق. قلت: فمن قال بالمخلوق، فما هو عندك؟ قال لي: كافر. وقال: ما لقيت أحداً منهم - يعني من أستاذيه - إلا قال: من قال: القرآن مخلوق فهو كافر.
قال الربيع بن سليمان: سمعت الشافعي يقول في قول الله تعالى: " كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون "؛ علمنا بذلك أن قوماً غير محجوبين، ينظرون إليه، لا يضامون في رؤيته، كما جاء عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " ترون ربكم يوم القيامة كما ترون الشمس، لا تضامون في رؤيتها ".
وأنشدوا للشافعي: " من المتقارب "
ما شئت كان وإن لم أشأ ... وما شئت إن لم تشأ لم يكن
خلقت العباد على ما علمت ... ففي العلم يجري الفتى والمسن
فمنهم شقي ومنهم سعيد ... ومنهم قبيح ومنهم حسن
على ذا مننت وهذا خذلت ... وهذا أعنت وذا لم تعن
عن الربيع بن سليمان قال: سمعت الشافعي يقول: أفضل الناس بعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي.
وقال حرملة بن يحيى: سمعت الشافعي يقول: الخلفاء خمسة، أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعمر بن عبد العزيز.
قال الحسن بن محمد الزعفراني: قال الشافعي: إذا حضر الرافضي الوقعة وغنموا لم يعط من الفيء شيئاً؛ لأن الله ذكر آية الفيء، ثم قال فيها: " والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنل ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم "، فمن لم يقل بهذا لم يستحق.
قال الربيع: خرجنا من الشافعي من مكة نريد منى، فلم ينزل وادياً، ولم ينزل شعباً إلا وهو يقول: " من الكامل "
يا راكباً قف بالمحصب من منى ... واهتف بقاعد خيفها والناهض
سحراً إذا فاض الحجيج إلى منى ... فيضاً كملتطم الفرات الفائض
إن كان رافضاً حب آل محمد ... فليشهد الثقلان أني رافضي
قال عمارة بن زيد المدني:
كنت صديقاً لمحمد بن الحسن، فدخلت معه إلى الرشيد، فسأله عن أحواله، فقال: في خير يا أمير المؤمنين، ثم تسارا، فسمعت محمد بن الحسن يقول: إن محمد بن إدريس الشافعي يزعم أنه للخلافة أهل. قال فغضب الرشيد، وقال: علي به. فأتي به، فأتي به حتى وقف بين يدي الرشيد، فكره الرشيد أن يعجل عليه من غير امتحان، فقال له: هيه؟ قال: وما هيه يا أمير المؤمنين، أنت الداعي، وأنا المدعو. وأنت السائل وأنا المجيب. قال: فكيف علمك بكتاب الله؟ فإنه أولى أن يبتدأ به؟ قال: جمعه الله في صدري، وجعل جنبي دفتيه. قال: فكيف علمك به؟ قال: أي علم تريد، يا أمير المؤمنين، أعلم تأويله، أم علم تنزيله؟ أم مكيه أم مدنيه؟ أم ليليه، أم نهاريه؟ أم سفريه، أم حضريه؟ أم هجريه، أم عربيه..فقال: له الرشيد: لقد ادعيت من علوم القرآن أمراً عظيماً، فكيف علمك في الأحكام؟ قال: أفي الفتاوى، أم في الطلاق، أم في القضايا، أم في الأشربة، أم في المحاربات، أم في الديات؟ قال: فكيف علمك بالطب؟ قال: أعرف منه ما قالت الروم وبابل وبقراط، فقال: فكيف علمك بالنجوم؟ قال: أعرف منه القطب الدائر والمائي والنهاري..قال: فكيف علمك بالشعر؟ قال: أعرف الشاذ منه، وما نبه للمكارم. قال: فكيف علمك بأنساب العرب؟ قال: أعرف أنساب الكرام، وفيها نسب أمير المؤمنين ونسبي. فقال له الرشيد: لقد ادعيت من العلوم أمراً عظيماً تطول به المحنة، فعظ أمير المؤمنين موعظة تبين له فيها كل ما ذكرت. قال: نعم، يا أمير المؤمنين؛ على رفع الحشمة، وترك الهيبة، وقبول النصح، وإلقاء رداء الكبر عن منكبيك؟ قال: لك ذلك. قال: فجثا الشافعي على ركبتيه ثم نادى: يا ذا الرجل، إنه من أطال عنان الأمن في العزة طوى عذر الحذر في المهلة، ومن لم يعدل على طريق النجاة كان بجانب قلة الاكتراث بالمرجع إلى الله مقيماً، ومن أحسن الظن كان في أمنة المحذور في مثل نسج العنكبوت، لا يأمن عليها نفسه.
فبكى الرشيد بكاء شديداً حتى بل منديلاً كان بين يديه، فقال له خاصة من يقوم على رأسه: اسكت، فقد أبكيت عيني أمير المومنين! فالتفت إليهم، فقال: يا عبيد
الرجعة، والذين باعوا أنفسهم من محبوب الدنيا، أما رأيتم ما استدرج به من كان قبلكم من الأمم بالإمارة؟ أما ترون كيف فضح مستورهم، وأمطر بواكر الهوان عليهم بتبديل سرورهم؟ فأصبحوا بعد خفض عيشهم، ولين رفاهيتهم في روح بين حصاد النعم، ومدارج المثلات. فقال له الرشيد: قدك، قد سللت علينا لسانك، وهو أمضى سيفيك! قال: هو لك إن قبلت لا عليك. قال: فهل من حاجة خاصة بعد العامة؟ قال: بعد بذل مكنون النصيحة، وتجريد الموعظة؟! أتأمرني أن أسود وجه موعظتي بالمسألة؟ والتفت الرشيد إلى محمد بن الحسن، فقال: ناظره بين يدي حتى أكون فاصلاً بينكما، فإن اختلفتما في فرع رجعتما إلى الأصل. قال: فالتفت محمد بن الحسن، فقال: يا شافعي، ما تقول في رجل تزوج بامرأة، ودخل بها، وتزوج بالثانية، ولم يدخل بها، وتزوج بالثالثة، ودخل بها، وتزوج بالرابعة ولم يدخل بها. أصاب الثانية أم الأولى، وأصاب الثالثة عمة الرابعة. فقال الشافعي: ينزل عن الثانية والرابعة من غير أن يلزمه شيء، ويتمسك بالأولى والثالثة. قال: ما حجتك؟ قال الشافعي: أما الثانية فإن الله - عز وجل - يقول: " فإن لم تكونوا دخلتم بهن، فلا جناح عليكم ". وأما الرابعة فإن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى أن يتزوج الرجل المرأة على عمتها أو خالتها. ما تقول أنت يا محمد؟ كيف استقبل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القبلة يوم النحر وكبر؟ قال: فتعتع محمد بن الحسن. فقال الشافعي: يسألني عن الأحكام فأجيبه، وأسأله عن سنة من سنن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحتاج إليها الصادر والوارد فلا يجيبني، أفمن الإنصاف هذا؟ فتبسم الرشيد، وأمر للشافعي بعشرة آلاف دينار، فخرج الشافعي، ففرقه على باب داره، وانصرف مكرماً قال الأصمعي: رأيت أمير المؤمنين المأمون سنة أربع عشرة ومائتين يقول: لقد خص الله تعالى محمد بن إدريس الشافعي بالورع والعلم والفصاحة والأدب والصلاح والديانة، لقد سمعت أبي هارون يتوسل إلى الله به والشافعي حي يرزق.
عن أبي ثور قال:
كتب عبد الرحمن بن مهدي إلى الشافعي وهو شاب أن يضع له كتاباً فيه معاني القرآن، ويجمع قبول الأخبار، وحجة الإجماع، وبيان الناسخ والمنسوخ من القرآن والسنة، فوضع له " كتاب الرسالة ".
قال عبد الرحمن بن مهدي: لما نظرت في " كتاب الرسالة " لمحمد بن إدريس أذهلني؛ لأنني رأيت كلام رجل عاقل فقيه ناصح، وإني لأكثر الدعاء له. وقال يحيى بن سعيد القطان مثل قول عبد الرحمن بن مهدي.
عن أبي الأحوص عن عبد الله قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تسبوا قريشاً؛ فإن عالمها يملأ الأرض علماً. اللهم إنك أذقت أولها عذاباً - أو وبالاً - فأذق آخرها نوالاً ".
عن أبي هريرة، عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " اللهم اهد قريشاً؛ فإن عالمها يملأ طباق الأرض علماً، اللهم كما أذقتهم عذاباً فأذقهم نوالاً - دعا بها ثلاث مرات:.
قال عبد الملك بن محمد: في قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فإن عالمها يملأ الأرض علماً، ويملأ طباق الأرض "، علامة بينة للمميز أن المراد بذلك رجل من علماء هذه الأمة من قريش، قد ظهر علمه، وانتشر في البلاد، وكتبوا تآليفه كما تكتب المصاحف، واستظهروا أقواله، وهذه صفة لا نعلمها قد أحاطت إلا بالشافعي، إذ كان كل واحد من قريش من علماء الصحابة والتابعين ومن
بعدهم، وإن كان علمه قد ظهر وانتشر فإنه لم يبلغ مبلغاً يقع تأويل هذه الرواية عليه، إذ كان لكل واحد منهم نتف وقطع من العلم، ومسألات، وليس في كل بلد من بلاد المسلمين مدرس ومفت ومصنف يصنف على مذهب قرشي إلا على مذهبه، فعلم أنه بعينه لا غيره، وهو الذي شرح الأصول والفروع، وازدادت على مر الأيام حسناً وبياناً.
قال أبو حسان الزيادي: كنت في دهليز محمد بن الحسن يوماً، وقد ركب محمد، فجاء الشافعي، قال: فلما نظر محمد إلى الشافعي ثنى رجله فنزل، ثم قال لغلامه: اذهب فاعتذر. قال: فقال له الشافعي: لنا وقت غير ذا. قال فأخذ بيده، فدخلا الدار.
قال أبو حسان: فاختار مجالسته للشافعي على مرتبته في الدار.
قال الشافعي: كان محمد بن الحسن يقرأ علي جزءاً، فإذا جاء أصحابه قرأ عليهم أوراقاً. فقالوا له: إذا جاء هذا الحجازي قرأت عليه جزءاً، وإذا جئنا قرأت علينا أوراقاً!؟ فقال: اسكتوا، إن تابعكم هذا لم يثبت لكم أحد.
قال إسحاق بن إبراهيم بن راهويه: لقيني أحمد بن حنبل بمكة، فقال: تعال حتى أريك رجلاً لم ترى عيناك مثله. فأراني الشافعي. وذهبت أنا وأحمد بن حنبل إلى الشافعي بمكة، فسألته عن أشياء، فرأيته رجلاً فصيحاً حسن الأدب، فلما فارقناه أعلمني جماعة من أهل الفهم بالقرآن أنه كان أعلم الناس في زمانه بمعاني القرآن، وأنه قد كان أوتي فهماً في القراءات.
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: كان أبي يصف الشافعي، فيطنب في وصفه، وقد كتب أبي عنه حديثاً صالحاً، وكتب من كتبه بخطه بعد موته أحاديث عدة مما سمعه من الشافعي - رحمه الله.
قال محمد بن الفضل البزاز: سمعت أبي يقول: حججت مع أحمد بن حنبل، ونزلت في مكان واحد معه - أو في الدار، يعني بمكة -
وخرج أبو عبد الله باكراً، وخرجت أنا بعده. فلما صليت الصبح درت المسجد، فجئت مجلس سفيان بن عيينة، فكنت أدور مجلساً مجلساً طلباً لأبي عبد الله - يعني أحمد بن حنبل - حتى وجدته عند شاب أعرابي، وعليه ثياب مصبوغة، وعلى رأسه جمة. فزاحمت حتى قعدت عند أحمد بن حنبل، فقلت: يا أبا عبد الله، تركت ابن عيينة وعنده الزهري، وعمرو بن دينار، وزياد بن علاقة، ومن التابعين ما الله به عليم! فقال لي: اسكت، فإن فاتك حديث بعلو تجده بنزول، ولا يضرك في دينك، ولا في عقلك، أو في فهمك. وإن فاتك عقل هذا الفتى أخاف ألا تجده إلى يوم القيامة؛ ما رأيت أحداً أفقه في دين الله من هذا الفتى القرشي. قلت: من هذا؟! قال: محمد بن إدريس الشافعي.
وقال: ما رأيت مثل محمد بن إدريس الشافعي، ولا ترى، إني لأدعو الله له في سجودي أكثر مما أدعو الله لأبوي. كان الفقهاء أطباء، والمحدثون صيادلة، فجاء محمد بن إدريس الشافعي طبيباً صيدلانياً.
قال أبو ثور: ما رأينا مثل الشافعي، ولا أرى مثل نفسه. سأله رجل عن الرياء ما هو؟ فقال له مسرعاً: الرياء فتنة عقدها الهوى حيال أبصار قلوب العلماء، فنظروا إليها بسوء اختبار النفوس فأحبطت الأعمال.
وقال: من زعم أنه رأى مثل محمد بن إدريس الشافعي في علمه، وفصاحته، ومعرفته، وثباته - وفي رواية: وبيانه - وتمكنه فقد كذب. كان محمد بن إدريس الشافعي منقطع القرين في حياته، فلما مضى لسبيله لم يعتض منه.
قال محمد بن عبد الله بن الحكم: ما أحد ممن خالفنا - يعني خالف مالكاً - أحب إلي من الشافعي.
وقال: ما رأينا مثل الشافعي؛ كان أصحاب الحديث ونقاده يجيئون إليه، فيعرضون عليه، فربما أعل نقد النقاد منهم، ويوقفهم على غوامض من علل الحديث لم
يقفوا عليها، فيقومون وهم يتعجبون منه. ويأتيه أصحاب الفقه المخالفون والموافقون، فلا يقومون إلا وهم مذعنون له بالحذق والدراية، ويجيء أصحاب الأدب فيقرؤن عليه الشعر، فيفسره. ولقد كان يحفظ عشرة آلاف بيت شعر من أشعار هذيل بإعرابها، وغريبها، ومعانيها. وكان من أضبط الناس للتاريخ، وكان يعينه على ذلك شيئان: وفور عقل، وصحة دين. وكان ملاك أمره إخلاص العمل لله.
قال عبد الله بن محمد البلوي: جلسنا ذات يوم نتذاكر الزهاد والعباد والعلماء، وما بلغ من فصاحتهم وزهدهم وعلمهم. فبينا نحن كذلك إذ دخل علينا عمر بن بنانة، فقال: فيم تتحاورون؟ قلنا: نتذاكر الزهاد والعباد وفصاحتهم، فقال عمر: والله ما رأيت رجل قط أورع، ولا أخشع، ولا أفصح، ولا أصبح، ولا أسمح، ولا أعلم، ولا أكرم، ولا أجمل ولا أنبل ولا أفضل من محمد بن إدريس الشافعي - رحمه الله - خرجت أنا وهو، والحارث بن لبيد إلى الصفا، وكان الحارث بن لبيد قد صحب صالحاً المري، وكان من الخاشعين المتقين الزاهدين. وكان حسن الصوت بالقرآن، فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم " هذا يوم الفصل جمعناكم والأولين. فإن كان لكم كيد فكيدون. ويل يومئذ للمكذبين ". قال: فرأيت الشافعي قد اضطرب وتغير لونه، وبكى بكاء شديداً حتى لصق بالأرض. قال: فأبكاني والله قلقه، وشدة خوفه الله - عز وجل - ثم لم يلبث أن قال: إلهي، أعوذ بك من مقام الكذابين، وإعلام الغافلين. إلهي، خشعت لك قلوب العارفين. وولهت بك همم المشتاقين، فهب لي من جودك، وجللني بسترك، واعف عني بكرم وجهك يا كريم.
عن أبي بكر بن الجنيد قال: حج بشر المريسي، فرجع، فقال لأصحابه: رأيت شاباً من قريش بمكة، ما أخاف على مذهبنا إلا منه - يعني الشافعي.
وعن الحسن بن الزعفراني قال: حج بشر المريسي سنة إلى مكة، ثم قدم، فقال: لقد رأيت بالحجاز رجلاً ما رأيت مثله سائلاً، ولا مجيباً - يعني الشافعي - فقدم الشافعي علينا بعد ذلك بغداد، فاجتمع إليه ناس، وخفوا عن بشر، فجئت إلى بشر يوماً، فقلت: هذا الشافعي الذي كنت تزعم يوماً قد قدم؟؟؟! فقال: إنه قد تغير عما كان عليه.
قال الزعفراني: فما كان مثله إلا مثل اليهود في أمر عبد الله بن سلام حيث قالوا: سيدنا وابن سيدنا، فقال لهم: فإن أسلم قالوا: شرنا وابن شرنا.
عن أبي هريرة قال: لا أعلمه إلا عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن الله يبعث إلى هذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها ".
قال أحمد بن حنبل: إن الله يقيض للناس في كل رأس مائة من يعلمهم السنن، وينفي عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الكذب. فنظرنا فإذا في رأس المائة عمر بن عبد العزيز، وفي رأس المائتين الشافعي.
قال الحسن بن محمد الزعفراني: قدم علينا الشافعي واجتمعنا إليه، فقال: التمسوا من يقرأ لكم. فلم يجترئ أحد يقرأ عليه غيري، وكنت أحدث القوم سناً، ما كان في وجهي شعرة، وإني لأتعجب اليوم من انطلاق لساني بين يدي الشافعي، وأتعجب من جسارتي يومئذ. فقرأت عليه الكتب كلها إلا كتابين، فإنه قرأهما علينا: " كتاب المناسك " و" كتاب الصلاة ". ولقد كتبنا كتب الشافعي يوم كتبناها، وقرأناها عليه، وإنا لنحسب أنا في اللعب.
عن أبي ثور قال: لما ورد الشافعي بغداد جاءني حسين الكرابيسي، وكان يختلف معي إلى أصحاب الرأي، فقال: قد ورد رجل من أصحاب الحديث يتفقه، فقم لنا نسخر به. فقمت، وذهبنا حتى دخلنا عليه، فسأله الحسين عن مسألة، فلم يزل الشافعي يقول: قال الله، وقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى أظلم علينا البيت، وتركنا بدعتنا، واتبعناه.
قال أبو الفضل الزجاج:
لما قدم الشافعي إلى بغداد، وكان في الجامع إما نيف وأربعون، أو خمسون، حلقة، فلما دخل بغداد ما زال يقعد في حلقة حلقة، ويقول لهم: قال الله، وقال الرسول، وهم يقولون: قال أصحابنا حتى ما بقي في المسجد حلقة غيره.
قال حرملة بن يحيى: عن الشافعي قال: سميت بالعراق ناصر الحديث - وفي رواية: ببغداد.
قال الحميدي: كنا نريد أن نرد على أصحاب الرأي، فلم نحسن كيف نرد عليهم حتى جاءنا الشافعي ففتح لنا.
قال أحمد بن حنبل: قدم علينا نعيم بن حماد، وحثنا على طلب المسند، فلما قدم الشافعي وضعنا على المحجة البيضاء.
وقال: ما كان أصحاب الحديث يعرفون معاني حديث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى قدم الشافعي، فبينها لهم. كان الفقه قفلاً على أهله حتى فتحه الله بالشافعي. وقال: لقد كان يذب عن الآثار - رحمه الله.
وقال: هذا الذي ترون كله، أو عامته، من الشافعي، وما بت منذ ثلاثين سنة إلا وأنا أدعو الله للشافعي، وأستغفر له - وفي رواية: منذ أربعين سنة.
وقال: ستة أدعوا لهم سحراً أحدهم الشافعي.
قال عبد الله أحمد بن حنبل: قلت لأبي.
يا أبه، أي رجل كان الشافعي؛ فإني سمعتك تكثر الدعاء له؟! فقال لي: يا بني، كان الشافعي كالشمس للدنيا، وكالعافية للناس، فانظر، هل لهذين من خلف، أو منهما عوض؟ وقال: ما أحد يمس بيده محبرة إلا وللشافعي في عنقه منة.
وقال: كلام الشافعي في اللغة حجة.
وقال: الشافعي فيلسوف في أربعة أشياء: في اللغة، واختلاف الناس، والمعاني، والفقه.
قال أبو تراب حميد بن أحمد البصري: كنت عند أحمد بن حنبل نتذاكر في مسألة، فقال رجل لأحمد: يا أبا عبد الله، لا يصح فيه حديث، فقال: إن لم يصح فيه حديث ففيه قول الشافعي، وحجته أثبت شيء فيه.
قال إسحاق بن راهويه: كان أحمد بن حنبل مشغوفاً بالشافعي، وبعلمه وفقهه، ووالله ما وضع أبو عبد الله أحمد بن حنبل شيئاً إلا في موضعه.
قال الحسن بن محمد: كنا نختلف إلى الشافعي عندما قدم إلى بغداد ستة أنفس: أحمد بن حنبل، وأبو ثور، وحارث النقال، وأبو عبد الرحمن الشافعي، وأنا - ورجل آخر سماه - وما عرضنا على الشافعي كتبه إلا وأحمد بن حنبل حاضر لذلك.
قال: قال لي أحمد بن حنبل: إذا رأيت أبا عبد الله الشافعي قد خلا فاعلمني. قال: وكان يجيئه ارتفاع النهار، فيبقى معه.
قال الشافعي: وعدني أحمد بن حنبل أن يقدم علي مصر.
قال صالح بن أحمد بن حنبل: مشى أبي مع بغلة الشافعي، فبعث إليه يحيى ين معين، فقال له: يا أبا عبد الله، أما رضيت إلا أن تمشي مع بغلته!؟ فقال: يا أبا زكريا، لو مشيت من الجانب الآخر كان أنفع لك! قال محمد بن ماجة القزويني: جاء يحيى بن معين يوماً إلى أحمد بن حنبل، فبينا هو عنده إذ مر على بغلته، فوثب أحمد، فسلم عليه، وتبعه، فأبطأ، ويحيى جالس، فلما جاء قال يحيى: يا أبا عبد الله، كم هذا؟! فقال أحمد: دع هذا عنك، إن أردت الفقه فالزم ذنب البغلة! قال إسحاق بن راهويه: ما تكلم أحمد بالرأي - وذكر الثوري والأوزاعي ومالكاً وأبا حنيفة - إلا والشافعي أكثر اتباعاً، وأقل خطأ منه.
كان الشافعي من معادن الفقه، وجهابذة الألفاظ، ونقاد المعاني، ومن كلامه: حكم المعاني خلاف حكم الألفاظ، لأن المعاني مبسوطة إلى غير غاية، وممدودة إلى غير نهاية، وأسماء المعاني مقصورة معدودة، ومحصلة محدودة، وجميع أصناف الدلالات على المعاني، لفظ وغير لفظ، خمسة أشياء، لا تزيد، ولا تنقص؛ أولها اللفظ، ثم الإشارة، ثم العقد، ثم الخط، ثم الذي يسمى النصبة، والنصبة في الحال الدالة التي تقوم مقام تلك الأصناف، ولا تقصر عن تلك الدلالات، ولكل واحد من هذه الخمسة صورة مواتية من صورة صاحبهتا. وحلية مخالفة لحلية أختها، وهي التي تكشف لك عن أعيان المعاني في الجملة، وعن حقائقها في التفسير، وعن أجناسها وأفرادها، وعن خاصها وعامها، وعن طباعها في السار والضار، وعما يكون لهواً بهرجاً، وساقطاً مدحرجاً.
سئل أبو ثور، فقيل: أيما أفقه، الشافعي أو محمد بن الحسن؟ فقال أبو ثور: الشافعي أفقه من محمد، وأبي يوسف، وأبي حنيفة، وحماد، وإبراهيم، وعلقمة، والأسود.
قال هلال بن العلاء الرقي:
من الله تعالى على الناس بأربعة من زمانهم: بالشافعي، وأحمد بن حنبل، وأبي عبيدة، ويحيى بن معين؛ فأما الشافعي فبفقه حديث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأما أبا عبيدة ففسر لهم غريب الحديث، لولا ذلك لاقتحم الناس في الخطأ، وأما يحيى بن معين فنفى الكذب عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وبين الصادق من الكاذب، وأما أحمد بن حنبل فجعله الله للناس إماماً في القرآن، لولا ذلك لكفر الناس.
قال داود بن علي الأصبهاني: اجتمع للشافعي - رحمه الله - من الفضائل ما لم يجتمع لغيره. فأول ذلك: شرف نسبه ومنصبه، وأنه من رهط النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومنها: صحة الدين وسلامة الاعتقاد من الأهواء والبدع، ومنها: سخاوة النفس، ومنها: معرفته بصحة الحديث وسقمه، ومنها:
معرفته بناسخ الحديث ومنسوخه، ومنها: حفظه لكتاب الله، وحفظه لأخبار رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومعرفته بسير النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبسير خلفائه، ومنها: كشفه لتمويه مخاليفه، ومنها: تأليفه الكتب القديمة والجديدة، ومنها ما اتفق له من الأصحاب والتلامذة مثل: أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل في زهده وعلمه وورعه وإقامته على السنة. ومثل: سليمان بن داود الهاشمي، وعبد الله بن الزبير الحميدي، والحسين القلاس وأبي ثور إبراهيم بن خالد الكلبي، والحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني، وأبي يعقوب يوسف بن يحيى البويطي، وحرملة بن يحيى التجيبي، والربيع بن سليمان المرادي، وأبي الوليد موسى بن أبي الجارود، والحارث بن سريج النقال، وأحمد بن خالد الخلال، والقائم بمذهبه أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني. ولم يتفق لأحد من العلماء والفقهاء من الأصحاب ما اتفق له، رحمة الله عليه وعليهم أجمعين.
قال البهيقي: إنما عدد داود بن علي من أصحاب الشافعي جماعة يسيرة وقد عد أبو الحسن الدارقطني من روى عنه أحاديثه، وأخباره وكلامه زيادة على مائة مع قصور سنة عن سن أمثاله من الأئمة، وإنما تكثر الرواة عن العالم إذا جاوز سنة الستين أو السبعين، والشافعي لم يبلغ في السن أكثر من أربع وخمسين.
قال أحمد بن علي الجرجاني: كان الحميدي إذا جرى عنده ذكر الشافعي يقول: حدثنا سيد الفقهاء الشافعي.
قال الزعفراني: كنت مع يحيى بن معين في جنازة، فقلت له: يا أبا زكريا، ما تقول في الشافعي؟ فقال: دعنا، لو كان الكذب له مطلقاً لكانت مروءته تمنعه أن يكذب.
وفد ذكر توثيقه في أكثر من خبر عن يحيى بن معين، وأبي حاتم، وأبي زرعة، وأبي داود، وقال أبو داود: ما أعلم للشافعي حديثاً فيه خطأ.
قال يونس بن عبد الأعلى: كنت أولاً أجالس أصحاب التفسير، فكان الشافعي إذا أخذ في التفسير فكأنه شهد التنزيل.
قال أبو حسان الزيادي: لما رأيت إكرام الشافعي، وإصغاءه إلى ما نقول، وانتزاعه من القرآن المعاني، والعبارة عن المعاني أنست به، فكنت أسأله عن معاني القرآن، فما رأيت أحداً أقدر على معاني القرآن والعبارة عن المعاني، والاستشهاد على ذلك من قول الشعر، أو اللغة منه.
قال المزني، أو الربيع:
كنا عند الشافعي بين الظهر والعصر إذ جاء شيخ عليه جبة صوف، وعمامة صوف، وإزار صوف، وفي يده عكازة. قال: فقام الشافعي، وسوى عليه ثيابه، واستوى جالساً. وسلم الشيخ، وجلس، وأخذ الشافعي ينظر إلى الشيخ هيبة له، إذ قال الشيخ: أسأل؟ فقال: سل، قال: إيش الحجة في دين الله؟ قال الشافعي: كتاب الله، قال: وماذا؟ قال: وسنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال: وماذا؟ قال: اتفاق الأمة، قال: من أين قلت: اتفاق الأمة من كتاب الله أم من سنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: فقال: من كتاب الله، قال: فتدبر الشافعي ساعة، فقال للشافعي - وفي رواية: فقال: يا شيخ - قد أجلتك ثلاثة أيام ولياليها، فإن جئت بالحجة من كتاب الله في الاتفاق وإلا تب إلى الله - عز وجل - قال: فتغير لون الشافعي، ثم إنه ذهب، فلم يخرج ثلاثة أيام ولياليهن. قال: فخرج إلينا في اليوم الثالث، في ذلك الوقت - يعني بين الظهر والعصر - وقد انتفخ وجهه ويداه ورجلاه، وهو مسقام، فجلس، فلم يكن بأسرع أن جاء الشيخ، فسلم وجلس، فقال: حاجتي! فقال الشافعي: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، قال الله - عز وجل -: " ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم "، لا يصليه على خلاف المؤمنين إلا وهو مرضي. فقال: صدقت.
قال الشافعي: فلما ذهب الرجل قرأت القرآن في كل يوم وليلة ثلاث مرات حتى وقفت عليه.
وقال: لما أردت إملاء " تصنيف أحكام القرآن " قرأت القرآن مائة مرة.
قال هارون بن سعيد الأيلي: ما رأيت مثل الشافعي، قدم علينا مصر، فقالوا: قدم رجل من قريش، فجئناه وهو يصلي، فما رأيت أحسن صلاة، ولا وجهاً منه، فلما قضى صلاته تكلم، فما رأينا أحسن كلام منه، فأفتتنا به.
قال البويطي: قلت للشافعي: إنك تتعبنا في تأليف الكتب وتصنيفها، والناس لا يلتفتون إليك ولا إلى تصنيفك! فقال لي: إن هذا هو الحق، والحق لا يضيع.
وقال الشافعي: ألفت هذه الكتب، ولم آل فيها، ولا بد أن يوجد فيها الخطأ؛ لأن الله تعالى يقول: " ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً ".
فما وجدتم في كتبي هذه مما يخالف الكتاب أو السنة فقد رجعت عنه.
وقال: وددت أن كل علم تعلمه الناس أؤجر عليه ولا يحمدوني.
وقال محمد بن مسلم بن وارة الرازي: سألت أحمد بن حنبل، قلت، ما ترى لي من الكتب أن أنظر فيه لتفتح لي الآثار: رأي مالك، أو الثوري، أو الأوزاعي؟ فقال لي قولاً أجلهم أن أذكر ذاك، وقال: عليك بالشافعي، فإنه أكثرهم صواباً، أو أتبعهم للآثار. قلت لأحمد: فما ترى في كتب الشافعي؛ التي عند العراقيين أحب إليك، أو التي عندهم بمصر؟ قال: عليك بالكتب التي وضعها بمصر؛ فإنه وضع هذه الكتب بالعراق ولم يحكم، ثم رجع إلى مصر فأحكم ذاك ثم. فلما سمع ذلك من أحمد بن حنبل، وكنت قبل ذلك قد عزمت على الرجوع إلى البلد، وتحدث بذلك الناس، ثم تركت ذاك وعزمت على الرجوع إلى مصر.
قال إسحاق بن راهويه: كتبت إلى أحمد بن حنبل وسألته أن يوجه إلي من كتب الشافعي ما يدخل حاجتين فوجه إلي بكتاب " الرسالة ". وتزوج إسحاق بن راهويه بمرو بامرأة رجل كان عنده كتب الشافعي وتوفي، لم يتزوج بها إلا لحال كتب الشافعي.
قال المزني: كتبت " كتاب الرسالة " منذ زيادة على أربعين سنة، وأنا أقرؤه، وأنظر فيه، ويقرأ علي، ما من مرة قرأت، أو قرئ علي إلا استفدت منه شيئاً لم أكن أحسنه.
قال أبو الحسن الشافعي: رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما يرى النائم، فقلت: يا رسول الله، بم جزي محمد بن إدريس الشافعي حين يقول في ذكر الصلاة عليك في " كتاب الرسالة ": وصلى الله على محمد كلما ذكره ذاكر، وغفل عن ذكره غافل. قال: " جزي أنه لا يوقف للحساب يوم القيامة ".
قال الربيع بن سليمان: رأيت الشافعي في المنام، قلت له: ما فعل الله بك؟ قال: أنا في الفردوس الأعلى، فقلت: بماذا؟ قال: بكتاب صنعته وسميته بكتاب الرسالة.
وقد نوه أحمد بن حنبل باتباع الشافعي للسنة، وقال: صاحب حديث لا يستغني عن كتب الشافعي. وقال علي بن المديني: عليكم بكتب الشافعي.
قال أبو زرعة:
سمعت كتب الشافعي من الربيع أيام يحيى بن عبد الله بن بكير سنة ثمان وعشرين ومائتين، وعندما عزمت على سماع كتب الشافعي بعت ثوبين رقيقين كنت حملتهما لأقطعهما لنفسي، فبعتهما وأعطيت الوراق.
قال الجاحظ: نظرت في كتب هؤلاء النبغة الذين نبغوا فلم أر أحسن تأليفاً من المطلبي؛ كأن فاه نظم دراً إلى در.
وسئل محمد بن إسحاق بن خزيمة: هل تعرف سنة لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحلال والحرام لم يودعها الشافعي كتابه؟ قال: لا.
قال الربيع بن سليمان - وذكر الشافعي، فقال: لو رأيتموه لقلتم: إن هذه ليست كتبه، كان والله لسانه أكبر من كتبه.
وقال يونس بن عبد الأعلى: ما كان الشافعي إلا ساحراً، ما كنا ندري ما يقول إذا قعدنا حوله. كانت ألفاظ الشافعي كأنها سكر.
قال عبد الملك بن هشام النحوي: طالت مجالستنا محمد بن إدريس الشافعي فما سمعت منه لحنة قط، ولا كلمة غيرها أحسن منها.
قال الربيع بن سليمان: كان الشافعي عربي النفس، عربي اللسان. وقال: كلما ذكرت ما أكل التراب من لسان الشافعي هانت علي الدنيا. وقال سمعت عبد الملك بن هشام النحوي يقول: الشافعي ممن تأخذ عنه اللغة.
وقيل لمحمد بن عبد الله بن الحكم: يا أبا عبد الله، كان الشافعي حجة في اللغة؟ فقال: إن كان أحد من أهل العلم حجة في شيء فالشافعي حجة في كل شيء.
وقال المبرد: رحم الله الشافعي، كان من أشعر الناس، وآدب الناس، وأفصح الناس، وأعرفهم بالقراءات. وكان الشافعي يقول: تعلموا العربية؛ فإنها تثبت العقل، وتزيد في المروءة. وقال: إعراب القرآن أحب إلي من بعض حروفه. وقرأ رجل على الشافعي، فلحن، فقال الشافعي: أضرستني.
قال عبد الرحمن بن أخي الأصمعي: قلت لعمي: يا عماه، على من قرأت شعر هذيل؟ قال: على رجل من آل المطلب يقال له: محمد بن إدريس.
وقال الزبير بن بكار: أخذت شعر هذيل ووقائعها عن عمي مصعب، فسألته: عمن أخذتها؟ فقال: أخذتها من محمد بن إدريس الشافعي حفظاً.
قال أحمد بن صالح: قال لي الشافعي: يا أبا جعفر، تعبد من قبل أن ترأس؛ فإنك إن ترأست لا تقدر أن تتعبد. قال: وكان الشافعي إذا تكلم كأن صوته صنج أو جرس من حسن صوته.
قال بحر بن نصر: كنا إذا أردنا أن نبكي قلنا: بعضنا - وفي رواية: بعض - لبعض: قوموا بنا إلى هذا الفتى المطلبي نقرأ القرآن. فإذا أتيناه استفتح بالقرآن حتى تتساقط الناس بين يديه، ويكثر عجيجهم بالبكاء، فإذا رأى ذلك أمسك عن القرآن، من حسن صوته.
قال محمد بن عبد الله بن الحكم: كنت إذا رأيت من يناظر الشافعي رحمته. وقال: لو رأيت الشافعي يناظرك لظننت أنه سبع يأكلك.
وقال هارون بن سعيد الأيلي: لو أن الشافعي ناظر على هذه العمود التي من حجارة أنها من خشب لغلب، لاقتداره على المناظرة.
وقال الشافعي: ناظرت بعض أهل العراق، فلما فرغت قال: زلفت يا قرشي.
قال بعض أهل العربية: يعني قربت من أفهامهم، بفصاحته.
وسئل الشافعي عن مسألة، فأعجب بنفسه، فأنشأ يقول: " من المتقارب "
إذا المشكلات تصدينني ... كشفت حقائقها بالنظر
ولست بإمعة في الرجال ... أسائل هذا وذا ما الخبر
ولكنني مدرة الأصغرين ... فتاح خير وفراج شر
وكان سئل عن رجل في فيه تمرة، فحلف بالطلاق أنه لا يبلعها، ولا يرمي بها، فقال له الشافعي: يبلع نصفها، ويرمي بنصفها حتى لا يكون بالعاً لها كلها، ولا يلفظ بها كلها.
عن أبي ثور قال: سمعت الشافعي يقول: ناظرت بشر المريسي في القرعة، فقال: القرعة قمار. فذكرت ما دار بيني وبينه لأبي البختري، وكان قاضياً، فقال: ائتني بآخر يشهد معك حتى أضرب عنقه.
قال: وسمعت الشافعي يقول: قلت لبشر المريسي: ما تقول في رجل قتل وله أولياء صغار وكبار، هل للكبار
أن يقتلوا دون الأصاغر؟ فقال: لا، فقلت: قتل الحسن بن علي ابن ملجم، ولعلي أولاد صغار، فقال: أخطأ الحسن بن علي، فقلت له: أما كان جواب أحسن من هذا اللفظ؟! قال: وهجرته يومئذ.
وقال: ما أوردت الحق والحجة على أحد فقبلها مني إلا هبته، واعتقدت مودته، ولا كابرني على الحق أحد، ودافع الحجة إلا سقط من عيني. وما ناظرت أحداً فأحببت أن يخطئ إلا صاحب بدعة، فإني أحب أن ينكشف أمره للناس.
وقال: ما ناظرت أحداً إلا على النصيحة.
قال أحمد بن حنبل: كان أحسن أمر الشافعي عندي أنه كان إذا سمع الخبر لم يكن عنده قال به وترك قوله. وقال: كان الشافعي إذا ثبت عنده الخبر قلده، وخير خصلة كانت فيه لم يكن يشتهي الكلام، وإنما همته الفقه.
قال أحمد بن حنبل: قال محمد بن إدريس الشافعي: أنتم أعلم بالأخبار الصحاح منا؛ فإذا كان خبر صحيح فأعلمني حتى أذهب إليه كوفياً كان أو بصرياً، أو شامياً.
وفي رواية أخرى: قال لنا الشافعي: إذا صح عندكم الحديث فقولوا لنا حتى نذهب إليه.
قال أبو بكر البيهقي: وإنما أراد حديث أهل العراق - والله أعلم - ليأخذ بما صح عندهم من أحاديث أهل العراق كما أخذ بما صح عنده من أحاديث أهل الحجاز.
قال الشافعي: كلما قلت، فكان عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خلاف قولي مما يصح، فحديث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أولى، فلا تقلدوني.
قال الربيع بن سليمان: سمعت الشافعي - وروى حديثاً - فقال له رجل: تأخذ بهذا يا أبا عبد الله؟ فقال: متى رويت عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديثاً صحيحا ًفلم آخذ به فأشهدكم والجماعة أن عقلي قد ذهب - وأشار بيده إلى رؤوسهم.
وقال في رواية أخرى: أفي الكنيسة أنا، أوترى على وسطي زناراً؟ نعم، أقول به، وكل ما بلغني عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قلت به.
وقال: إذا وجدتم سنة من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خلاف قولي فخذوا بالسنة ودعوا قولي، فإني أقول بها.
عن عبد الله بن محمد بن العباس بن عثمان بن شافع الشافعي قال: جلس محمد بن إدريس الشافعي يوماً في خيمة، فجاءه عالم حدث، فسأله عن مسألة، فأجابه فيها، ثم سأله عن أخرى، فقال له: أخطأت يا أبا عبد الله، فأطرق طويلاً، ثم رفع رأسه ثم قال له: أخطأت يا بن أخي ما في كتابك، فأما الحق فلا؟ قال إسماعيل المزني: قال الشافعي: الرجل من أحرز دينه، وضن به.
قال إسماعيل: ورأيت الشافعي يضن بدينه.
قال الربيع بن سليمان: كان الشافعي قد جزأ الليل ثلاثة أجزاء: الأول يكتب، والثاني يصلي، والثالث ينام.
قال حين الكرابيسي: بت مع الشافعي، فكان يصلي نحو ثلث الليل، وما رأيته يزيد على خمسين آية، فإذا أكثر فمائة، وكان لا يمر بآية رحمة إلا سأل الله لنفسه وللمؤمنين أجمعين، ولا يمر بآية عذاب إلا تعوذ بالله منه، وسأل النجاة لنفسه ولجميع المؤمنين؛ فكأنما جمع له الرجاء والرهبة معاً.
قال الخطيب: قد كان الشافعي بأخرة يديم التلاوة، ويدرج القراءة.
وروى بسنده عن الربيع بن سليمان قال: كان الشافعي يختم في كل ليلة ختمة، فإذا كان في شهر رمضان ختم في كل ليلة منه ختمة، وفي كل يوم ختمة، فكان يختم في شهر رمضان ستين ختمة.
وقال: كان الشافعي يختم القرآن ستين مرة. قيل: في صلاة رمضان؟ قال: نعم.
وقال: كان الشافعي لا يصلي مع الناس التراويح، لكنه كان يصلي في بيته، ويختم في رمضان ستين ختمة ليس منها سورة إلا في صلاة، وكان يختم في سائر السنة ثلاثين ختمة في كل شهر.
وقال: سمعت الشافعي يقول: ما شبعت منذ عشرين سنة - وفي رواية: ما شبعت منذ ستة عشر سنة إلا شبعة، ثم أدخلت يدي فتقيأته؛ لأن الشبع يثقل البدن ويقسي القلب، ويزيل الفطنة، ويجلب النوم، ويضعف صاحبه عن العبادة.
وقال: قال لي الشافعي: يا ربيع، عليك بالزهد؛ فإن الزهد على الزاهد أحسن من الحلي على المرأة الناهد.
قال حرملة بن يحيى: سمعت الشافعي يقول: ما حلفت بالله صادقاً، ولا كاذباً.
قال الحارث بن سريج: دخلت مع الشافعي على خادم الرشيد، وهو في بيت قد فرش بالديباج، فلما وضع الشافعي رجله على العتبة أبصره، فرجع، ولم يدخل، فقال له الخادم: ادخل، فقال: لا يحل افتراش هذا؟! فقام الخادم متبسماً حتى دخل بيتاً قد فرش بالأرمني، فدخل الشافعي، ثم أقبل عليه، فقال: هذا حلال، وذاك حرام، وهذا أحسن من ذاك، وأكثر ثمناً منه. فتبسم الخادم، وسكت.
قال السجستاني: وحدثني أبو ثور قال: أراد الشافعي الخروج إلى مكة، ومعه مال، فقلت له: - وقلما كان يمسك الشي من سماحته - ينبغي أن تشتري بهذا المال ضيعة تكون لك ولولدك من بعدك. فخرج، ثم قدم علينا، فسألته عن ذلك المال، ما فعل به؟ فقال: ما وجدت بمكة ضيعة يمكنني أن أشتريها لمعرفتي بأصلها، أكثرها قد وقفت عليه، ولكن بنيت بمنى مضرباً يكون لأصحابنا إذا حجوا، ينزلون فيه.
عن الربيع بن سليمان قال: قال لنا الشافعي: دهمني في هذه الأيام أمر أمضني وآلمني، ولم يطلع عليه غير الله، فلما كان البارحة أتاني آت في منامي، فقال: يا محمد بن إدريس، قل اللهم إني لا أملك لنفسي ضراً ولا نفعاً، ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً، ولا أستطيع أن آخذ إلا ما أعطيتني، ولا أتقي إلا ما وفيتني، اللهم فوفقني لما تحب وترضى من القول والعمل في عافية. فلما أن أصبحت أعدت ذلك، فلما أن ترجل النهار أعطاني الله طلبتي، وسهل لي الخلاص مما كنت فيه. فعليكم بهذه الدعوات، فلا تغفلوا عنها.
وقال عبد الله بن عبد الحكم الشافعي: إن عزمت أن تسكن البلد - يعني مصر - فليكن لك قوت سنة، ومجلس من السلطان تتعزز به. فقال الشافعي: يا أبا محمد، من لم تعزه التقوى فلا عز له، ولقد ولدت بغزة، وما عندنا قوت ليلة، وما بتنا جياعاً قط.
وقال الربيع: أخذ رجل بركاب الشافعي، فقال لي: يا ربيع، أعطه أربعة دنانير، واعذرني عنده.
قال يونس بن عبد الأعلى: قال لي الشافعي: أنست بالفقر حتى صرت لا أستوحش منه.
قال عمرو بن سواد السرحي: كان الشافعي أسخى الناس على الدينار والدرهم والطعام، فقال لي: أفلست من دهري ثلاث إفلاسات، فكنت أبيع قليلي وكثيري، حتى حلي ابنتي وزوجتي، ولم أرهن قط.
قال المزني: سمعت الشافعي يقول: السخاء والكرم يغطيان عيوب الدنيا، والآخرة بعد، إلا يلحقهما بدعة.
وكنت يوماً مع الشافعي، فخرجنا الأكوام فمر بهدف، وإذا رجل يرمي بقوس عربية، فوقف عليه الشافعي ينظر، وكان حس الرمي، فأصاب بأسهم، فقال له الشافعي: أحسنت، وبرك عليه، ثم قال لي: أمعك شيء؟ فقلت: معي ثلاثة دنانير، قال: أعطه إياها، واعذرني عنده إذ لم يحضرني غيرها.
قال الربيع بن سليمان: كان الشافعي راكباً حماراً، فمر على سوق الحذائين، فسقط سوطه من يده، فوثب غلام من الحذائين، فأخذ السوط، ومسحه بكمه، وناوله إياه. فقال الشافعي لغلامه: ادفع تلك الدنانير التي معك إلى هذا الفتى. قال الربيع: فلست أدري كانت تسعة دنانير أو سبعة.
وقال: تزوجت، فسألني الشافعي: كم أصدقتها؟ فقلت: ثلاثين ديناراً، فقال: كم أعطيتها؟ قلت: ستة دنانير. فصعد داره، وأرسل إلي بصرة فيها أربعة وعشرون ديناراً.
قال: وكان الشافعي به هذه البواسير، وكانت له لبدة محشوة بحلبة، فكان يقعد عليها، فإذا ركب أخذت تلك اللبدة، ومشيت خلف حماره، فبينا هو يمر إلى منزله ناوله إنسان رقعة فيها: إنني رجل بقال أبيع البقل، ورأس مالي درهم، وقد تزوجت امرأة، وأريد أن أدخل بها، وليس إلا ذلك الدرهم! تعينني بشيء؟ فقال لي: يا ربيع، أعطه ثلاثين ديناراً، واعذرني عنده. قال: قلت: أصلحك الله، إن هذا تكفيه عشرة دراهم! قال: ويحك يا ربيع! وما يصنع بثلاثين ديناراً؟ أفي كذا، أم في كذا - يعد ما يصنع في جهازه - أعطه ثلاثين ديناراً، واعذرني عنده.
وقال: ولدت لنا شاة في زمان ليس فيه لبأ، فأمرت بلباها، فعمل، ثم تركته حتى برد واستحكم، فصفيته، وجعلته في جام، ولففته في منديل ديبقي، وختمته، وأنفذته إلى الشافعي لأتحفه به، فأعجبه، فقبله، ورد علي الجام، وفيه مائة دينار عيناً.
قال إبراهيم بن محمد: باع الشافعي ضيعة له بعشرة آلاف درهم، فصبه على نطع بمنى، فكل من أتاه حثى له - من الأشراف وأهل العلم، وأهل الأدب - بكفه، حتى بقي شيء يسير على النطع، فأتاه أعرابي من بني سدوس، فقال له: يا فتى، لي عندك يد، فكافئني عليها، قال له: وما تلك اليد يا عم؟ قال: حضرت هذا الموسم وأنت مع عمومتك، وهم يشترون الأضحية، فضربت يدك إلى درة شاة، فقلت: يا عم، اشتر لي هذه. فقلت للرجل: أحسن إلى الفتى، فأحسن إليك بقولي. فقال الشافعي: إن هذه ليد جليلة، خذ النطع وما عليها.
قال الحميدي: قدم الشافعي من اليمن، ومعه عشرون ألف دينار، فضرب خيمته خارجاً من مكة، فما قام حتى فرقها كلها.
قال إبراهيم بن برانه - وكان جليساً للشافعي:
دخلت مع الشافعي حماماً، فخرجت قبله. وكان الشافعي طوالاً جسيماً نبيلاً، وكان إبراهيم طوالاً جسيماً. فليس إبراهيم ثياب الشافعي، ولبس الشافعي ثياب إبراهيم، والشافعي لا يعلم أنها ثياب إبراهيم، وإبراهيم لا يعلم أنها ثياب الشافعي. فانصرف الشافعي إلى منزله، فنظر، فإذا هي لإبراهيم، فأمر بها، فطويت، وبخرت، وجعلت في منديل. ونظر إبراهيم، فطواها، وبخرها وجعلها في منديل. ثم راحا جميعاً، فجعل الشافعي ينظر إلى إبراهيم ويتبسم إليه وجعل إبراهيم نظر إلى الشافعي ويتبسم إليه. فلما صليت العصر قال إبراهيم: أصلحك الله، هذه ثيابك، فقال الشافعي: وهذه ثيابك، والله لا يعود إلي منها شيء، ولا يلبسها غيرك. فأخذهما إبراهيم جميعاً.
قال محمد بن عبد الحكم المصري: كان الشافعي أسخى الناس بما يجد، وكان يمر بنا، فإن وجدني، وإلا قال: قولوا
لمحمد إذا جاء يأتي المنزل، فإني لست أتغدى حتى يجيء، فربما جئته، فإذا قعدت معه على الغداء قال: يا جارية، اضربي لنا فالوذج. فلا تزال المائدة بين يديه حتى تفرغ منه، وتتغدى.
قال أبو جعفر أحمد بن الحسن المعدل: أنشدت للشافعي: " من البسيط "
يا لهف نفسي على مال أفرقه ... على المقلين من أهل المروءات
إن اعتذرت إلى من جاء يسألني ... ما لست أملكه إحدى المصيبات
قال الربيع بن سليمان: والله ما اجترأت أن أشرب الماء والشافعي ينظر إلي هيبة له.
وقال: كان أصحاب مالك يفخرون، فيقولون: إنه يحضر مجلس مالك نحو من ستين معماً، والله لقد عددت في مجلس الشافعي ثلاثمائة معمم سوى من شذ عني.
وقال: اشتريت للشافعي طيباً بدينار، فقال لي: ممن اشتريت؟ فقلت: من ذاك الأشقر الأزرق، فقال: أشقر أزرق! رده، رده، وقال: ما جاءني خير قط من أشقر.
قال حرملة بن يحيى: سمعت الشافعي يقول: احذر الأعور، والأحول، والأعرج، والأحدب، والأشقر، والكوسج، وكل من به عاهة في بدنه، وكل ناقص الخلق فاحذره؛ فإنه صاحب التواء ومعاملة عسرة، وقال الشافعي مرة أخرى: فإنهم أصحاب خب.
قال أبو محمد بن أبي حاتم: يعني إذا كان ولادهم بهذه الحالة، فأما من حدث فيه شيء من هذه العلل وكان في الأصل صحيح التركيب لم تضر مخالطته.
قال الربيع: كنت عند الشافعي، أنا والمزني، وأبو يعقوب البويطي، فنظر إلينا، فقال لي: أنت تموت في الحديث، وقال للمزني: هذا لو ناظره الشيطان قطعه وجدله، وقال للبويطي: أنت تموت في الحديد.
قال الربيع: فدخلت على البويطي أيام المحنة فرأيته مقيداً إلى أنصاف ساقيه، مغلولة - يعني يديه - إلى عنقه.
وقال الربيع: كنت في الحلقة إذ جاءه - يعني الشافعي - رجل، فسأله عن مسألة، فقال له الشافعي: أنت نساج؟ قال: عندي أجراء.
وقال: جاز أخي في صحن المسجد، فقال لي الشافعي: يا ربيع، أتريد أخاك؟ - ولم يكن رآه قط - قلت: نعم، أيدك الله، قال: هو ذاك! قال: فكان أخي.
قال ابن أخي ابن وهب: ما قدم علينا بلدنا فقيه ولا محدث أكثر حفظاً للحكايات والأسمار من الشافعي.
قال المزني: سمعت الشافعي يقول: من لا يحب العلم فلا خير فيه، ولا يكون بينك وبينه معرفة ولا صداقة.
وقال: تعلموا العلم ممن هو أعلم منكم، وعلموا من أنتم أعلم منه؛ فإذا فعلتم ذلك علمتم ما جهلتم، وحفظتم ما علمتم.
وقال: أصل العلم التثبيت، وثمرته السلامة، وأصل الورع القناعة، وثمرته الراحة، وأصل الصبر الحزم، وثمرته الظفر، وأصل العمل التوفيق، وثمرته النجح، وغاية كل أمر الصدق.
قال الأصمعي: سمعت الشافعي محمد بن إدريس يقول: العاقل يسأل عما يعلم، وعما لا يعلم، فيثبت فيما يعلم، ولا يتعلم ما لا يعلم، والجاهل يغضب من التعليم، ويأنف من التعلم.
وقال: إن لكل رأي ثمرة، ولكل تدبير عافية، وكل مشورة اختياراً، وعلى قدر درجات الصواب تكون العافية والسلامة، وعلى قدر طبقات الخطأ يكون الفوت والندامة.
قال الربيع بن سليمان: سمعت الشافعي يقول: من قرأ القرآن عظمت قيمته، ومن تفقه نبل أمره، ومن كتب الحديث قويت حجته، ومن تعلم اللغة رق طبعه، ومن تعلم الحساب جزل رأيه، ومن لم يصن نفسه لم ينفعه علمه.
وقال: قلت للشافعي: من الوغد من الرجال؟ فقال لي: الذي يرى الفضل نقصاً، والعلم جهلاً.
وقال: خرج علينا الشافعي ذات يوم، ونحن مجتمعون، فقال لنا: اعلموا - رحمكم الله - إن هذا العلم يند كما تند الإبل؛ فاجعلوا الكتب له حماة، والأقلام عليه رعاة.
وقال: العلم كثير، والحكماء قليل، وإنما يراد من العلم الحكمة، " ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً ".
وقال: أحسن الاحتجاج ما أشرقت معانيه، وأحكمت مبانيه، وابتهجت له قلوب سامعيه.
وقال: بئس الزاد إلى المعاد العدوان على العباد.
وقال: أشد الأعمال ثلاثة: الجود من قلة، والورع في خلوة، وكلمة الحق عند من يرجى ويخاف.
قال داود بن علي: قال الشافعي: حياة الأرض بالديم، وحياة النفوس بالهمم، وحياة القلوب بالحكم.
قال محمد بن يحيى بن حسان: سمعت الشافعي يقول: العلم علمان: علم الدين، وعلم الدنيا؛ فالعلم الذي للدين فهو الفقه، والعلم الذي للدنيا فهو الطب.
قال يونس بن عبد الأعلى: قال لنا الشافعي: ليس إلى السلامة من الناس سبيل، فانظر ما فيه صلاحك فالزمه.
قال المسيب بن واضح: سمعت الشافعي يوصي شاباً من أصحابه يقول له: الزم الصمت إلى أن يلزمك التكلم، فإنما أكثر من يندم إذا هو نطق، وقل من يندم إذا سكت، واعلم بأن الرجوع عن الصمت إلى الكلام أحسن من الرجوع عن الكلام إلى الصمت، والعطية بعد المنع أحسن من المنع بعد العطية.
قال أبو ثور إبراهيم بن خالد: سمعت أبا عبد الله محمد بن إدريس الشافعي يقول: ضياع الجاهل قلة عقله، وضياع العالم أن يكون بلا إخوان؛ وأضيع من هؤلاء أن يؤاخي الإنسان من لا عقل له.
وقال يونس بن عبد الأعلى: سمعت الشافعي يقول: آلات الرئاسة خمس: صدق اللهجة، وكتمان السر، والوفاء بالعهد، وابتداء النصيحة، وأداء الأمانة.
وقال: أرفع الناس قدراً من لا يرى قدره، وأكثر الناس فضلاً من لا يرى فضله.
قال الربيع: وسمعت الشافعي يقول: من استغضب فلم يغضب فهو حمار، ومن استرضي فلم يرض فهو شيطان.
وقال: كتب الشافعي إلى رجل من أهل الحلقة يهنئه بولد رزقه ذكر: بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد، فبارك الله لك في الفارس المستفاد، وجعله طيباً من الأولاد، وحسن وجهه، وجمل صورته، وأسعد جده، وبلغك أملك به. فقر عيناً يا أخي، واشدد به عضداً، وازدد به ولداً.
قال محمد بن عيسى الزاهد: مات لعبد الرحمن بن مهدي ابن، فجزع عليه جزعاً شديداً حتى امتنع من الطعام والشراب، فبلغ ذلك محمد بن إدريس الشافعي، فكتب إليه: أما بعد، فعز نفسك بما تعزي به غيرك، واستقبح من فعلك ما تستقبحه من فعل غيرك، واعلم أن أمض المصائب فقد سرور مع حرمان أجر، فكيف إذا اجتمعا على اكتساب وزر؟ فأقول: " من البسيط "
إني معزيك لا أني على طمع ... من الخلود ولكن سنة الدين
فما المعزى بباق بعد صاحبه ... ولا المعزي ولو عاشا إلى حين
قال: فكانوا يتهادونها بينهم بالبصرة.
قال الربيع بن سليمان: سمعت الشافعي ينشد: " من الطويل "
إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل ... خلوت ولكن قل علي رقيب
ولا تحسبن الله يغفل ساعة ... ولا أن ما تخفني عليه يغيب
غفلنا لعمر الله حتى تراكمت ... علينا ذنوب بعدهن ذنوب
فيا ليت أن الله يغفر ما مضى ... ويأذن في توباتنا فنتوب
وقال المزني: أنشدنا الشافعي لنفسه: " من السريع "
لا تأس في الدنيا على فائت ... وعندك الإسلام والعافيه
قال الربيع بن سليمان: سمعت الشافعي يقول: " من الهزج "
إذا القوت تأتى ل ... ك والصحة والأمن
فأصبحت أخا حزن ... فلا فارقك الحزن
أنشد ابن جوصا بدمشق للشافعي: " من الوافر "
أمنت مطامعي فأرحت نفسي ... فإن النفس ما طمعت تهون
وأحييت القنوع وكان ميتاً ... ففي إحيائه عرض مصون
إذا طمع يحل بقلب عبد ... علته مهانة وعلاه هون
عن المزني قال: أخذ الشافعي بيدي ثم أنشدني: " من الطويل "
أحب من الإخوان كل مواتي ... وكل غضيض الطرف عن عثراتي
يوافقني في كل خير أريده ... ويحفظني حياً وبعد مماتي
ومن لي بهذا؟ ليتني قد أصبته ... فقاسمته مالي من الحسنات
تصفحت إخواني فكان جميعهم ... على كثرة الإخوان غير ثقات
قال عباس الأزرق: دخلت على أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي - فذكر قصة، وقال: - فقال الشافعي: " من الكامل "
إن الذي رزق اليسار فلم يصب ... حمداً ولا أجر لغير موفق
فالجد بدني كل شيء شاسع ... والجد يفتح كل باب مغلق
وإذا سمعت بأن كل مجدودأً حوى ... عوداً فأثمر في يديه فصدق
وإذا سمعت بأن محروماً أتى ... ماء ليشربه فغاض فحقق
وأحق خلق الله بالهم امرؤ ... ذو همة يبلى بعيش ضيق
ومن الدليل على القضاء وكونه ... بؤس اللبيب وطيب عيش الأحمق
أنشد يونس بن عبد الأعلى للشافعي: " مجزوء الكامل "
ما حك جلدك مثل ظفرك ... فتول أنت جميع أمرك
وإذا قصدت لحاجة ... فاقصد لمعترف بقدرك
قال أبو العباس الأبيودري: خرج الشافعي محمد بن إدريس إلى اليمن إلى ابن عم له، فبره ببر غير طائل، فكتب إليه الشافعي: " من الطويل "
أتاني بر منك في غير كنهه ... كأنك عن بري يداك تحيد
لسانك عش بالنوال ولا أرى ... يمينك إذا جاد اللسان تجود
تفرق عنك الأقربون لشأنهم ... وأشفقت أن تبقى وأنت وحيد
وأصبحت بين الحمد والذم واقفاً ... فيا ليت شعري أي ذاك تريد
قال إبراهيم بن خالد: رأيت في منامي ليلة الجمعة قائلاً يقول: يكون في يوم الاثنين فزع عظيم، وفتنة صماء غير أن الله تعالى عن محمد بن إدريس الشافعي راض، وله محب. فأعدت ذلك على الشافعي، فقال لي: رؤيا نسأل الله خيرها، ونعوذ به من شرها وضرها. قال: فلما كان يوم الاثنين رأينا من الفزع والفتن أكثر مما قال لنا القائل في المنام.
قال أبو بكر الديلي إمام مسجد الرملة: كنت بمدينة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قائماً بالروضة، فإذا أنا بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وصاحبه، فقلت: يا رسول الله، في نفسي حاجة أسألها، قال: قلت، فقلت: يا رسول الله، أحب أن أنتحل أحد المذاهب، فقال لي: مذهب الشافعي - مرتين - فقالوا له فقالوا له في ذلك، فقال: ما اخترته، بل الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اختاره.
قال الحسين بن محمد بن داود أبو علي الدينوري بأسد أباذ: رأيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفارسين معه، فسألت عنهما، فقيل: هذا أبو بكر، وهذا عمر، فتقدمت إليه، فقلت: يا رسول الله، إني أذهب مذهب الشافعي، فقال لي بيده: واستمسك به، فإنه العروة الوثقى.
قال محمد بن نصر الترمذي: كتب الحديث تسعاً وعشرين سنة، وسمعت مسائل مالك من قوله، ولم يكن لي حسن رأي في الشافعي. فبينما أنا قاعد في مسجد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمدينة إذ غفوت غفوة، فرأيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام، فقلت: يا رسول الله، أكتب رأي أبي حنيفة؟ قال: لا، قلت: أكتب رأي مالك؟ قال: ما وافق حديثي، قلت له: أكتب رأي الشافعي؟ فطأطأ رأسه شبه الغضبان لقولي، وقال: ليس هذا بالرأي، هذا رد على من خالف سنتي. فخرجت في أثر هذه الرؤيا إلى مصر، فكتبت كتب الشافعي.
قال أحمد بن الحسن الترمذي: كنت في الروضة، فأغفيت، فإذا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أقبل، فقلت: يا رسول الله، قد كثر الاختلاف في الدين، فما تقول في رأي أبي حنيفة؟ فقال: أف، ونفض يده! فقلت: فما تقول في رأي مالك؟ فرفع يده، وطأطأ، وقال: أصاب وأخطأ، قلت: فما تقول في رأي الشافعي: قال: بأبي ابن عمي، أحيا سنتي.
وقال: رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام، فقلت: يا رسول الله، أما ترى ما في الناس من الاختلاف؟ قال: فقال لي: في أي شيء؟ قلت: أبو حنيفة، ومالك، والشافعي. فقال: أما أبو حنيفة فما أدري من هو، وأما مالك فقد كتب العلم، وأما الشافعي فمنني وإلي.
قال المزني: رأيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام، فسألته عن الشافعي، فقال: من أراد محبتي وسنتي فعليه بمحمد بن إدريس الشافعي المطلبي؛ فإنه مني وأنا منه.
قال محمد بن إسحاق بن خزيمة:
كنا نسمع أن من مارس البز، وتفقه بمذهب الشافعي، وقرأ لعاصم فقد كمل ظرفه.
قال الربيع: سمعت الشافعي يقول - في قصة ذكرها -: " من الطويل "
لقد أصبحت نفسي تتوق إلى مصر ... ومن دونها أرض المهامه والقفر
فوالله ما أدري أللفوز والغنى ... أساق إليها أم أساق إلى قبري
قيل: فسيق والله إليهما جميعاً.
عن محمد بن عبد بن عبد الحكم قال: بلغ الشافعي أن أشهب بن عبد العزيز يقول في سجوده: اللهم أمت الشافعي؛ فإنك إن أبقيته اندرس مذهب مالك. قال: فتعجب من ذلك: وأنشد: " من الطويل "
تمنى رجال أن أموت وإن أمت ... فتلك سبيل لست فيها بأوحد
فقل للذي يبقى خلاف الذي مضى ... تجهز لأخرى مثلها فكان قد
قال يونس بن عبد الأعلى: ما رأيت أحداً لقي من السقم ما لقي الشافعي؛ فدخلت عليه، فقال لي: أبا موسى، اقرأ علي ما بعد العشرين والمائة من " آل عمران "، وأخف القراءة، ولا تثقل. فقرأت عليه، فلما أردت القيام قال: لا تغفل عني فإني مكروب.
قال يونس: عنى الشافعي بقراءتي ما بعد العشرين والمائة ما لقي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه، أو نحوه.
قال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: أوصى الشافعي إلى أبي: فرأيت في آخر وصيته: ومحمد بن إدريس يسأل الله القادر على ما يشاء أن يصلي على محمد عبد ورسوله، وأن يرحمه، فإنه فقير إلى رحمته، وأن يجيره من النار، فإن الله غني عن عذابه، وأن يخلفه في جميع ما خلفه بأفضل ما خلف به أحداً من المؤمنين، وأن يكفيهم فقده، ويجبر مصيبتهم، والحاجة إلى أحد من خلقه بقدرته. وكتب في شعبان سنة ثلاث ومائتين.
قال إسماعيل بن يحيى المزني: دخلت على محمد بن إدريس الشافعي في مرضه الذي مات فيه، فقلت: يا أبا عبد الله، كيف أصبحت؟ قال؛ فرفع رأسه، فقال: أصبحت من الدنيا راحلاً، ولإخواني مفارقاً، ولسوء فعلي - وفي رواية: عملي - ملاقياً، وعلى الله وارداً، ما أدري روحي تصير إلى الجنة فأهنيها، أو - في رواية: أم - إلى الناس فأعزيها، ثم بكى، وأنشأ يقول: " من الطويل "
إليك إله الخلق أرفع رغبتي ... وإن كنت يا ذا المن والجود مجرما
فلما قسا قلبي وضاقت مذاهبي ... جعلت الرجا مني لعفوك سلما
تعاظمني ذنبي فلما قرنته ... بعفوك ربي كان عفوك أعظما
وما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل ... تجود وتعفو منة وتكرما
فلولاك ما يقوى بإبليس عابد ... فكيف وقد أغوى صفيك آدما
فإن تعف عني تعف عن متمرد ... ظلوم غشوم ما يزايل مأثما
وإن تنتقم مني فلست بآيس ... ولو أدخلت نفسي بجرمي جهنما
فجرمي عظيم من قديم وحادث ... وعفوك يا ذا العفو أعلى وأجسما
قال الربيع بن سليمان المرادي: دخلت على الشافعي وهو مريض، فسألني عن أصحابنا، فقلت: إنهم يتكلمون. فقال لي الشافعي: ما ناظرت أحداً قط على الغلبة، وبودي أن جميع الخلق تعلموا هذا الكتاب - يعني كتبه - على ألا ينسب إلي منه شيء. قال هذا الكلام يوم الأحد، ومات هو يوم الخميس، وانصرفنا من جنازته ليلة الجمعة ورأينا هلال شعبان سنة أربع ومائتين.
وسئل الربيع عن سن الشافعي، فقال: نيف وخمسون سنة.
ومن طريق آخر عن الربيع: مات الشافعي سنة أربع ومائتين، وهو ابن أربع وخمس سنة.
قال عبد الله بن عدي الحافظ: قرأت على قبر محمد بن إدريس الشافعي بمصر على لوحين حجارة، أحدهما عند رأسه، والآخر عند رجليه نسبته إلى إبراهيم الخليل: هذا قبر محمد بن إدريس الشافعي، وهو يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمد عبده ورسوله، وأن الجنة حق، وأن النار حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، وأن صلاته ونسكه ومحياه ومماته لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمر وهو من المسلمين، عليه يحيا، وعليه مات، وعليه يبعث حياً إن - شاء الله - وتوفي أبو عبد الله ليوم بقي من رجب سنة أربع ومائتين.
قال الربيع: كنا جلوساً في حلقة الشافعي بعد موته بيسير، فوقف علينا أعرابي، فسلم ثم قال: أين قمر هذه الحلقة وشمسها؟ فقلنا: توفي - رضي الله عنه - فبكى بكاء شديداً وقال: رحمه الله، وغفر له، فلقد كان يفتح ببيانه منغلق الحجة، ويسد على خصمه واضح المحجة، ويغسل من العار وجوهاً مسودة، ويوسع بالرأي أبواباً منسدة.
قال أحمد بن حنبل: رأيت الشافعي أبا عبد الله بن إدريس في المنام، فقلت له: يا أخي، ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي، وتوجني، وزوجني، وقال لي: هذه بما لم تزه بما أرضيتك، ولم تتكبر فيما أعطيتك.
قال الربيع بن سليمان: رأيت الشافعي بعد وفاته في المنام، فقلت: يا أبا عبد الله، ما صنع الله بك؟ قال: أجلسني على كرسي من ذهب، ونثر علي اللؤلؤ الرطب.
قال أبو عبد الله الهروي الحافظ: رأيت قبر أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي، ووقفت عليه، وهو بالقرب من قبور آل عبد الله بن عبد الحكم، وترحمت عليه، وأحسبه رأيته قبراً لاطئاً بالأرض، ودفوف حول صغار.
أنشد أبو الغنائم الحسن بن علي بن حماد لبعض الأعراب وقد عبر بقبر الشافعي: " من السريع "
راحت وفود الأرض عن قبره ... فارغة الأيدي ملاء القلوب
قد علمت ما رزئت، إنما ... يعرف فقد الشمس بعد الغروب
أظلمت الآفاق من بعده ... وعريت من كل حسن وطيب
قال عثمان بن خرزاذ الأنطاكي: رأيت في المنام كأن القيامة قد قامت، وكأن الخلائق قد حشروا، وكأن الله قد برز لفصل الفضاء، وكان منادياً ينادي من بطنان العرش: ألا أدخلوا الجنة أبا عبد الله، وأبا عبد الله، وأبا عبد الله، وأبا عبد الله. فقلت لملك إلى جنبي: من هؤلاء آباء عبد الله؟ فقال: أما أولهم فسفيان الثوري، وأما ثانيهم فمالك بن أنس، وأما ثالثهم فمحمد بن إدريس الشافعي، وأما رابعهم فأحمد بن حنبل، أئمة أمة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد سيق بهم إلى الجنة.
قال أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي يرثي أبا عبد الله الشافعي: " من الطويل "
ألم تر آثار ابن إدريس بعده ... دلائلها في المشكلات لوامع
معالم يفنى الدهر وهي خوالد ... وتنخفض الأعلام وهي فوارع
مناهج فيها للهدى متصرف ... موارد فيها للرشاد شرائع
ظواهرها حكم ومستبطناتها ... لما حكم التفريق فيه جوامع
لرأي ابن إدريس ابن عم محمد ... ضياء إذا ما أظلم الخطب ساطع
إذا المفظعات المشكلات تشابهت ... سما منه نور في دجاهن لامع
أبى الله إلا رفعه وعلوه ... وليس لما يعليه ذو العرش واضع
توخى الهدى واستنقذته يد التقى ... من الزيع إن الزيع للمرء صارع
ولاذ بآثار الرسول فحكمه ... لحكم رسول الله في الناس تابع
وعول في أحكامه وقضائه ... على ما قضى في الوحي والحق ناصع
بطيء عن الرأي المخوف التباسه ... إليه إذا لم يخش لبساً يسارع
جرت لبحور العلم أمداد فكره ... لها مدد في العالمين يتابع
وأنشأ له منشيه من خير معدن ... خلائق هن الباهرات البوارع
تسربل بالتقوى وليداً وناشئاً ... وخص بلب الكهل مذ هو يافع
وهذب حتى لم تشر بفضيلة ... إذا التمست إلا إليه الأصابع
فمن يك علم الشافعي إمامه ... فمرتعه في باحة العلم واسع
سلام على قبر تضمن جسمه ... وجادت عليه المدجنات الهوامع
لئن فجعتنا الحادثات بشخصه ... لهن لما حكمن فيه فواجع
فأحكامه فينا بدور زواهر ... وآثاره فينا نجوم طوالع
قال الحافظ ابن عساكر:
قد جمع الناس في فضائل الشافعي - رحمه الله - فأكثروا، وفضله - رحمه الله - أكثر مما جعلوا وسطروا. ولأبي الحسين الرازي - والد تمام - أخباره، ولأبي بكر البيهقي في فضله مجلد ضخم، ولأبي الحسن الآبري مجلد ضخم. ولا يحتمل هذا الكتاب أكثر مما ذكرنا، فلذلك اقتصدنا، واقتصرنا، والله يتغمده برضوانه، ويجمع بيننا وبينه في مستقر جنانه.
/
محمد بن إدريس بن المنذر بن داود بن مهران أبو حاتم الرازي مولى تميم بن حنظلة الغطفاني الحنظلي.
قدم دمشق طالباً للعلم.
حدثنا أبو حاتم الرازي عن داود بن عبد الله، بسنده إلى أبي ذر، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن الله يقول: يا ابن آدم! إن لقيتني بملء الأرض ذنوباً، لا تشرك بي شيئاً، لقيتك بملء الأرض مغفرة ".
وروى عن عمرو بن الربيع، بسنده إلى أنس بن مالك، عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " اطلبوا الخير دهركم، وتعرضوا نفحات الله عز وجل، فإن لله تبارك وتعالى نفحات يصيب بها من يشاء من عباده. وسلوا الله أن يستر عوراتكم ويؤامن روعاتكم ".
وعن داود، بسنده عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خير نساء العالم مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون، وخديجة، وفاطمة بنت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".
وروى عن سليمان بن عبد الرحمن، بسنده إلى أبي هريرة، عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا جلس بين شعبها الأربع، فقد وجب الغسل ".
وروى عن محمد بن عمار بسنده، عن عمار بن ياسر قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أوصي من آمن بي وصدقني بولاية علي بن أبي طالب، فمن تولاه فقد تولاني، ومن تولاني فقد تولى الله، ومن أحبه فقد أحبني، ومن أحبني فقد أحب الله. ومن أبغضه فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله عز وجل ".
حدث عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: سمعت أبي يقول: أول سنة خرجت في طلب الحديث أقمت سنتين، أحصيت ما مشيت على قدمي زيادة على ألف فرسخ، لم أزل أحصي حتى ما زاد على ألف فرسخ تركته.
قال: وسمعت أبي يقول: بقيت بالبصرة في سنة أربع عشرة ومائتين ثمانية أشهر، وكان في نفسي أن أقيم سنة، فانقطعت نفقتي، فجعلت أبيع ثيابي شيئاً بعد شيء، حتى بقيت بلا نفقة، ومضيت أطوف مع صديق لي إلى المشيخة، وأسمع منهم إلى المساء، فانصرف رفيقي. ورجعت إلى بيت خال، فجعلت أشرب الماء من الجوع، ثم أصبحت من الغد، وغدا علي رفيقي، فجعلت أطوف معه في سماع الحديث على جوع شديد، فانصرف عني، فانصرفت جائعاً. فلما كان الغد غدا علي فقال: مر بنا إلى المشايخ. فقلت: أنا ضعيف لا يمكني. قال: ما ضعفك؟ قلت: لا أكتمك أمري، قد مضى يومان ما طعمت فيهما. فقال لي رفيقي: معي دينار، فأنا أواسيك بنصفه، ونجعل النصف الآخر في الكراء. فخرجنا من البصرة، وقبضت منه النصف دينار.
أجمعوا على توثيقه، ووصفوه بالإتقان والتثبت والحفظ.
وقال: سمعت أبي يقول: قلت على باب أبي الوليد الطيالسي: من أغرب علي حديثاً غريباً مسنداً صحيحاً لم أسمع به، فله علي درهم يتصدق به. وقد حضر على أبي الوليد خلق من الخلق؛ أبو زرعة فمن دونه. وإنما كان مرادي أن أستخرج منهم ما ليس عندي، فما تهيأ لأحد منهم أن يغرب علي حديثاً.
قال أبو حاتم: قال لي أبو زرعة: ترفع يديك في القنوت؟ قلت: لا. فقلت له: فترفع أنت؟ قال: نعم. فقلت: ما حجتك؟ قال: حديث ابن مسعود. قلت: رواه ليث بن أبي سليم. قال: حديث أبي هريرة. قلت: رواه ابن لهيعة. قال: حديث ابن عباس. قلت: رواه عوف. قال: فما حجتك في تركه؟ قلت: حديث أنس أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان لا يرفع يديه في شيء من الدعاء إلا في الاستسقاء. فسكت.
وحدث ابن أبي حاتم الرازي قال: سمعت أبي يقول: اكتب أحسن ما تسمع، واحفظ أحسن ما تكتب، وذاكر بأحسن ما تحفظ.
وأنشد: من الطويل
تفكرت في الدنيا فأبصرت رشدها ... وذللت بالتقوى من الله خدها
أسأت بها ظناً فأخلفت وعدها ... وأصبحت مولاها وقد كنت عبدها
مات أبو حاتم الرازي سنة سبع وسبعين ومئتين، وقال ابن يونس: سنة خمس وسبعين ومئتين.
محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن صالح أبو بكر العقيلي الأصبهاني الفابزاني حدث عن محمد بن سلم، بسنده إلى أنس بن مالك قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إنه لينادي المنادي يوم القيامة: أين فقراء أمة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فيقوموا فيصفوا صفوف القيامة. ألا من أطعمكم أكلة أو سقاكم شربة أو كساكم خلقاً أو جديداً، فخذوا بيده، فأدخلوه الجنة. فلا يزال صاحبه قد تعلق بصاحبه وهو يقول: يا رب العالمين هذا أرواني، ويقول الآخر: هذا كساني. فلا يبقى من فقراء أمة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صغير ولا كبير إلا أدخلهم الله الجنة ".
وعن هشام بن عمار بسنده إلى أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " المشاؤون إلى المساجد في الظلم، أولئك الخواضون في رحمة الله عز وجل ".
توفي محمد بن إسحاق بن إبراهيم العقيلي سنة ثلاث وثمانين ومئتين.
محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن يزيد بن مهران أبو بكر الضرير البغدادي الصفار شيخ ثقة، أصله من الشام.
أنبأنا أبو بكر محمد بن إسحاق الصفار، عن محمد بن صالح بسنده إلى ربيعة بن كعب الأسلمي قال: كنت أبيت مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، آتيه بوضوئه وبحاجته، فقال: " سلني " قلت: مرافقتك في الجنة. قال: " أو غير ذلك؟ " قال: فقلت: هو ذاك. قال: " فأعني على نفسك بكثرة السجود ".
رواه أبو داود والنسائي عن هشام.
محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن عبد الله الأنطاكي المعروف بأخي العريف روى عن أبي بكر محمد بن عمر الجعابي بسنده إلى علي بن أبي طالب قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من أفتى بغير علم، لعنته ملائكة السماء والأرض ".
محمد بن إسحاق بن إسماعيل بن مسروق العذري، والد أبي قصي روى عن معروف الخياط عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من شهد جنازة فحمل بأربع زوايا السرير، ومشى أمامها، وجلس حتى يدفن، كتب له قيراطان من أجر، أخفهما في ميزانه يوم القيامة أثقل من جبل أحد ".
محمد بن إسحاق بن جعفر - ويقال ابن إسحاق - بن محمد أبو بكر الصغاني ثم البغدادي الحافظ من ثقات الرحالين وأعيان الجوالين، أصله من خراسان، وسكن بغداد.
روى عن روح بن عبادة، بسنده إلى أبي سعيد الخدري قال: نهى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تخلط بسراً بتمر، أو زبيباً بتمر، أو زبيباً ببسر. وقال: " من شربه منكم فليشرب كل واحد منه فرداً: تمراً فرداً، أو بسراً فرداً، أو زبيباً فرداً ".
رواه مسلم عن أبي بكر الصغاني.
وعن سعيد بن أبي مريم، بسنده إلى أبي سعيد الخدري أنه قال: خرج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أضحى أو فطر إلى المصلى، فصلى، ثم انصرف، فقام فوعظ الناس، وأمرهم بالصدقة فقال: " يا أيها الناس تصدقوا " ثم انصرف فمر على النساء فقال: " يا معشر النساء تصدقن، فإني أراكن أكثر أمل النار " فقلن: وبم ذاك يا رسول الله؟ قال: " تكثرن اللعن، وتكفرن العشير ".
رواه مسلم عن محمد بن إسحاق.
وعن عفان بسنده إلى أبي هريرة أن أعرابياً جاء إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله! دلني على عمل إذا أنا عملته دخلت الجنة. قال: " تعبد الله لا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان " قال: والذي نفسي بيده، لا أزيد على هذا شيئاً أبداً،
ولا أنقص منه. فلما ولى، قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا ".
رواه مسلم عنه.
مات أبو بكر محمد بن إسحاق الصغاني سنة سبعين ومئتين.
محمد بن إسحاق بن طلحة بن عبيد الله القرشي التيمي الطلحي حدث عن بشر بن مرحوم، بسنده إلى أبي موسى الأشعري أنه سمع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن أمتي أمة مرحومة، جعل عذابها بأيديها في الدنيا ".
محمد بن إسحاق بن عمرو بن عمر بن عمران أبو الحسن القرشي المؤذن، المعروف بابن الحريص ختن هشام بن عمار.
حدث عن هشام بن عمار، بسنده إلى معاوية بن حيدة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن الغضب يفسد الإيمان، كما يفسد الصبر العسل ". ثم قال: " يا معاوية بن حيدة! إن استطعت أن تلقى الله - عز وجل - وأنت تحسن الظن به فافعل، فإن الله عند ظن عبده به ".
توفي محمد بن إسحاق بن الحريص سنة ثمان وثمانين.
محمد بن إسحاق بن محمد بن أحمد ابن إسحاق بن عبد الرحمن بن يزيد بن موسى أبو جعفر الحلبي والد القاضي أبي الحسن علي بن محمد.
حدث عن الخريمي، بسنده إلى أبي بن كعب قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وصلينا معه الفجر، فلما قضى صلاته قال: " ها هنا فلان؟ " قلنا: لا، قال: " ففلان شاهد؟ " قلنا: نعم، قال: " إنه لا صلاة أثقل على المنافقين من صلاة الغذاة والعشاء الآخرة، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما، ولو حبواً " ثم قال: " الصف الأول على صف الملائكة، وصلاة الرجلين أفضل من صلاة الرجل وحده، وصلاة الثلاثة أفضل من صلاة الرجلين، وما أكثرت فهو أحب إلى الله ".
وحدث عن أبيه، بسنده إلى قتادة قال: سمع عمر بن الخطاب رجلاً يتبع القصص، فقال له: أتحسن سورة يوسف؟ قال: نعم. قال: اقرأها. فقرأ حتى بلغ " نحن نقص عليك أحسن القصص.. "، فقال عمر: أفتريد أحسن من أحسن القصص؟! توفي أبو جعفر محمد بن إسحاق سنة أربع وخمسين وثلاث مئة.
محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى ابن منده - واسمه إبراهيم بن الوليد - بن سنده بن بطة بن استدار أبو عبد الله العبدي الحافظ أحد المكثرين والمحدثين الجوالين، قدم دمشق.
حدث عن عبد الله بن يعقوب المعدل، بسنده إلى عبد الله بن مغفل قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الله الله في أصحابي! لا تتخذوهم غرضاً من بعدي. فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم. ومن آذاهم، فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله ".
وعن أحمد بن علي المقرئ، بسنده، إلى أنس قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من نسي صلاة أو نام عنها، فإن كفارتها أن يصليها إذا ذكرها ".
وعن سهل بن السري، بسنده عن جابر بن عبد الله عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه رأى رجلاً شعث الرأس فقال: " ما لهذا ما يسكن به شعره؟! ".
كان أبو عبد الله محمد بن إسحاق ديناً ثقة صالحاً كثير الحفظ، كتب على ألف شيخ، وثقة كثيرون. وقال بعضهم إن له في معرفة الصحابة أوهاماً وإنه اختلط في آخر عمره.
توفي أبو عبد الله بن منده سنة خمس وتسعين وثلاث مئة، وقيل ست وتسعين.
محمد بن إسحاق بن هاشم بن يعقوب بن رافع أبو عبد الله الهاشمي الرافعي مولى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يعرف باليتيم.
حدث عن سعيد بن عبد العزيز، بسنده إلى عوف بن مالك الأشجعي قال: كنا عند رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تسعة أو ثمانية أو سبعة، قال: " ألا تبايعون رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ " وكنا حديث عهد ببيعة، قلنا: قد بايعناك يا رسول الله. ثم قال: "
ألا تبايعون رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ " قلنا: ألسنا قد بايعناك يا رسول الله؟ فقال: " ألا تبايعون رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟: " قال: فبسطنا أيدينا، فبايعناه، فقال قائل منا: قد بايعناك يا رسول الله، فعلام نبايعك؟ قال: " على أن تعبدوا الله لا تشركوا به شيئاً، والصلوات الخمس، وأن تسمعوا وتطيعوا، وأسر كلمة خفية، ولا تسألوا الناس شيئاً ".
فلقد كان بعض أولئك النفر يسقط سوطه، فلا يسأل أحداً يناوله إياه! محمد بن إسحاق بن يزيد أبو عبد الله البغدادي المعروف بالصيني قدم دمشق.
حدث عن شجاع بن الوليد، بسنده إلى أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن أقربكم مني منزلاً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً في الدنيا ".
وعن نصر بن حماد، بسنده إلى ابن عباس قال: وقف النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على قتلى بدر فقال: " جزاكم الله عني من عصابة شراً، فقد خونتموني أميناً، وكذبتموني صادقاً " ثم التفت إلى أبي جهل بن هشام، فقال: " هذا أعتى على الله عز وجل من فرعون؛ إن فرعون لما أيقن بالهلكة وحد الله، وإن هذا لما أيقن بالموت دعا باللات والعزى ".
سئل أبو عون بن عمرو بن عون عن محمد بن إسحاق الصيني فقال: هو كذاب.
محمد بن إسحاق بن يعقوب بن إبراهيم أبو بكر دمشقي.
حدث عن عبد الله بن جعفر، بسنده إلى ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اتقوا الله في الضعيفين: المملوك والمرأة ".
وعن محمد بن حمدان البلخي بسنده إلى يحيى بن أبي كثير قال: ولد الزنا لا يكتب الحديث.
محمد بن إسحاق أبو عبد الله الرملي روى عن هشام بن عمار، بسنده إلى أبي هريرة، أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لما قضى الله الخلق كتب كتاباً فهو عنده فوق العرش: إن رحمتي غلبت غضبي ".
محمد بن إسحاق أبو جعفر الزوزني القارئ
قدم دمشق حاجاً.
حدث عن محمد بن علي بسنده إلى أنس بن مالك قال: من صام يوماً تطوعاً، فلو أعطي ملء الأرض ذهباً، ما وفي أجره يوم الحساب.
قال ابن عساكر: كذا ذكر هذا الحديث موقوفاً، وقد وقع لي مرفوعاً بعلو.
محمد بن إسحاق المصري حدث عن جده قال: قال ذو النون: كل محب ذليل، وكل خائف هارب، وكل راج طالب، وكل عاص مستوحش، وكل مطيع مستأنس.
مات محمد بن إسحاق المصري سنة أربع وأربعين وخمس مئة.
محمد بن أسد أبو عبد الله الإسفراييني الحوشي حدث عن مران بن معاوية، بسنده إلى طارق بن الأشيم قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من قال لا إله إلا الله، وكفر بما يعبد من دونه، حرم الله ماله ودمه، وحسابه على الله ".
محمد بن أسد بن هلال بن إبراهيم أبو طاهر الرقي الأشناني إمام جامع الرقة.
حدث عن عبد الله بن قثم، بسنده إلى جرير، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " أول الأرضين خراباً يسراها ثم يمناها ".
محمد بن إسماعيل بن أحمد بن محمد بن سعيد أبو بكر الكشي الجوهري اجتاز بدمشق أو بأعمالها عند توجهه إلى مصر.
أنبأنا أبو بكر محمد بن إسماعيل بن أحمد الكجي الجوهري، عن إسماعيل بن الحسين، بسنده إلى عبد الله بن عمر، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " ما كبر الحاج من تكبيرة، ولا هلل من تهليلة، إلا بشر بها تبشيرة ".
محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي البصري المعروف بابن علية ولي القضاء بدمشق.
حدث عن يحيى بن السكن، بسنده إلى عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ليس المسكين الذي ترده الأكلة والأكلتان واللقمة واللقمتان - زاد في رواية - ومن سأل الناس ليثري ماله، فإنما هو رضف من النار فيلهبه، فمن شاء فليقل، ومن شاء فليكثر ".
وثقه النسائي، وقال الدارقطني: لا بأس به.
لم يزل محمد بن إسماعيل قاضياً بدمشق حتى توفي سنة أربع وستين ومئتين.
محمد بن إسماعيل بن إبراهيم أبو عبد الله الجعفي البخاري الإمام صاحب الصحيح والتاريخ. سمع بدمشق.
حدث الإمام البخاري عن مكي بن إبراهيم بسنده إلى سلمة أنه أخبره قال: خرجت من المدينة ذاهباً نحو الغابة، حتى إذا كنت بثنية الغابة، لقيني غلام لعبد الرحمن بن عوف، قلت: ويحك ما بك؟ قال: أخذت لقاح رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قلت: من أخذها؟ قال: غطفان وفزارة. فصرخت ثلاث صرخات أسمعت ما بين لابتيها: يا صاحباه، يا صاحباه! ثم اندفعت حتى ألقاهم، وقد أخذوها، فجعلت أرميهم وأقول:
أنا ابن الأكوع ... واليوم يوم الرضع
فاستنقذتها منهم قبل أن يشربوا، فأقبلت بها أسوقها، فلقيني النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلت: يا رسول الله، إن القوم عطاش، وإني أعجلتهم أن يشربوا سقيهم، فابعث في أثرهم. فقال: " يا ابن الأكوع، ملكت، فأسجح، إن القوم يقرون في قومهم ".
قال أحمد بن سعدان البخاري: محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن مغيرة بن بردزبه البخاري، وبردزبه مجوسي مات عليها. والمغيرة بن بردزبه أسلم على يدي يمان البخاري والي بخارى، ويمان هذا هو
أبو جد عبد الله بن محمد المسندي. وعبد الله بن محمد هو ابن جعفر بن يمان البخاري الجعفي. والبخاري قيل له جعفي لأن أبا جده أسلم على يدي أبي جد عبد الله المسندي، ويمان جعفي، فنسب إليه لأنه مولاه من فوق. وعبد الله قيل له مسندي لأنه كان يطلب المسند من حداثته.
قال بكر بن منير: بردزبه هو بالبخارية. وبالعربية الزراع.
قال أبو عمرو المستنير: سألت أبا عبد الله بن محمد بن إسماعيل: متى ولدت؟ فأخرج لي خط أبيه: ولد محمد بن إسماعيل يوم الجمعة، بعد الجمعة، لثلاث عشرة ليلة مضت من شوال، سنة أربع وتسعين ومئة.
قال الحسن بن الحسين البزاز: رأيت محمد بن إسماعيل بن إبراهيم شيخاً نحيف الجسم، ليس بالطويل، ولا بالقصير.
حدث محمد بن الفضل البلخي قال: ذهبت عينا محمد بن إسماعيل البخاري في صغره، فرأت والدته في المنام إبراهيم الخليل، فقال لها: يا هذه، قد رد الله على ابنك بصره لكثرة بكائك، أو لكثرة دعائك، قال: فأصبحنا وقد رد الله عليه بصره.
حدث محمد بن أبي حاتم الوراق النحوي قال:
قلت لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري: كيف كان بدء أمرك في طلب الحديث؟ قال: ألهمت حفظ الحديث، وأنا في الكتاب. قال: وكم أتى عليك إذ ذاك؟ قال: عشر سنين أو اقل. ثم خرجت من الكتاب بعد العشر، فجعلت أختلف إلى الداخلي
وغيره، وقال يوماً فيما يقرأ للناس: سفيان عن أبي الزبير عن إبراهيم فقلت له: يا أبا فلان، إن أبا الزبير لم يرو عن إبراهيم. فانتهرني، فقلت له: ارجع إلى الأصل، إن كان عندك. فدخل ونظر فيه، ثم خرج فقال لي: كيف هو يا غلام؟ قلت: هو الزبير بن عدي عن إبراهيم. فأخذ القلم مني، وأحكم كتابه، فقال: صدقت. فقال له بعض أصحابه: ابن كم كنت إذ رددت عليه؟ فقال: ابن إحدى عشرة. فلما طعنت في ست عشرة، حفظت كتب ابن المبارك ووكيع، وعرفت كلام هؤلاء. ثم خرجت مع أمي وأخي أحمد إلى مكة. فلما حججت، رجع أخي، وتخلفت بها في طلب الحديث. فلما طعنت في ثمان عشرة، جعلت أصنف قضايا الصحابة والتابعين وأقاويلهم، وذلك أيام عبيد الله بن موسى. وصنفت كتاب التاريخ إذ ذاك عند قبر الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الليالي المقمرة. وقال: كل اسم في التاريخ إلا وله عندي قصة. إلا أني كرهت تطويل الكتاب.
وقال البخاري أيضاً: كتبت على ألف نفر من العلماء وزيادة، ولم أكتب إلا عمن قال: الإيمان قول وعمل، ولم أكتب قمن يقول: الإيمان قولي.
سمع حاشد بن إسماعيل وآخر يقولان: كان أبو عبد الله محمد بن إسماعيل يختلف معنا إلى مشايخ البصرة، وهو غلام، فلا يكتب، حتى أتى على ذلك أيام. فكنا نقول له: إنك تختلف معنا ولا تكتب، فما معناك فيما تصنع؟ فقال لنا بعد ستة عشر يوماً: إنكما قد أكثرتما علي وألححتما، فاعرضا علي ما كتبتما. فأخرجنا إليه ما كان عندنا، فزاد على خمسة عشر ألف حديث، فقرأها كلها على ظهر القلب، حتى جعلنا نحكم كتبنا من حفظه. ثم قال: أترون أني أختلف هدراً وأضيع أيامي؟! فعرفنا أنه لا يتقدمه أحد.
وقال أحمد بن حنبل: انتهى الحفظ إلى أربعة من أهل خراسان: أبو زرعة الرازي، ومحمد بن إسماعيل البخاري، وعبد الله بن عبد الرحمن السمرقندي، والحسن بن شجاع البلخي.
وقال محمد بن إسحاق بن خزيمة: ما رأيت تحت أديم السماء أعلم بالحديث من محمد بن إسماعيل البخاري - وفي رواية - أحفظ لحديث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا أعرف به من محمد بن إسماعيل البخاري.
وسمع عدة مشايخ يحكون: أن محمد بن إسماعيل البخاري قدم بغداد، فسمع به أصحاب الحديث، فاجتمعوا، وعمدوا إلى مئة حديث فقلبوا متونها وأسانيدها، وجعلوا متن هذا الإسناد لإسناد آخر، وإسناد هذا المتن لمتن آخر، ودفعوا إلى عشرة أنفس، إلى كل رجل عشرة أحاديث، وأمروهم إذا حضروا المجلس يلقون ذلك على البخاري، وأخذوا الموعد للمجلس، فحضر المجلس جماعة أصحاب الحديث من الغرباء من أهل خراسان وغيرها ومن البغداديين. فلما اطمأن المجلس بأهله، انتدب إليه رجل من العشرة فسأله عن حديث من تلك الأحاديث المقلوبة، فقال البخاري: لا أعرفه، فسأله عن الآخر، فقال: لا أعرفه. فما زال يلقي عليه واحداً بعد واحد حتى فرغ من عشرته، والبخاري يقول: لا أعرفه. فكان الفقهاء ممن حضر المجلس يلتفت بعضهم إلى بعض ويقولون: الرجل فهم. ومن كان منهم غير ذلك يقضي على البخاري بالعجز والتقصير وقلة الفهم. ثم انتدب رجل آخر من العشرة، فسأله عن حديث من تلك الأحاديث المقلوبة، فقال البخاري: لا أعرفه، فسأله عن آخر، فقال: لا أعرفه. فلم يزل يلقي عليه واحداً بعد آخر حتى فرغ من عشرته، والبخاري يقول: لا أعرفه. ثم انتدب إليه الثالث والرابع، إلى تمام العشرة، حتى فرغوا كلهم من الأحاديث المقلوبة، والبخاري لا يزيدهم على لا أعرفه. فلما علم البخاري أنهم
قد فرغوا، التفت إلى الأول منهم فقال: أما حديثك الأول فهو كذا، وحديثك الثاني فهو كذا، والثالث والرابع على الولاء، حتى أتى على تمام العشرة، فرد كل متن إلى إسناده وكل إسناد إلى متنه، وفعل بالآخرين مثل ذلك، ورد متون الأحاديث كلها إلى أسانيدها، وأسانيدها إلى متونها، فأقر الناس له بالحفظ وأذعنوا له بالفضل. وكان ابن صاعد إذا ذكر محمد بن إسماعيل يقول: الكبش النطاح.
قال أبو حامد أحمد بن حمدون:
سمعت مسلم بن الحجاج، وجاء إلى محمد بن إسماعيل البخاري، فقبل بين عينيه وقال: دعني حتى أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين وسيد المحدثين، ويا طبيب الحديث في علله! وحدث أبو عيسى الترمذي قال: لم أر بالعراق ولا بخراسان في معنى العلل والتاريخ ومعرفة الأسانيد أعلم من محمد بن إسماعيل.
وحدث محمد بن أبي حاتم الوراق قال: كان أبو عبد الله إذا كنت معه في سفر يجمعنا بيت واحد، إلا في القيظ أحياناً، فكنت أراه يقوم في ليلة واحدة خمس عشرة مرة إلى عشرين مرة، في كل ذلك يأخذ القداحة فيوري ناراً بيده، ويسرج، ثم يخرج أحاديث، فيعلم عليها، ثم يضع رأسه. وكان يصلي في وقت السحر ثلاث عشرة ركعة يوتر منها بواحدة، وكان لا يوقظني في كل ما يقوم. فقلت: إنك تحمل على نفسك كل هذا ولا توقظني! قال: أنت شاب، فلا أحب أن أفسد عليك نومك.
قال محمد بن إسماعيل البخاري: ما وضعت في كتاب الصحيح حديثاً إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين.
وقال: صنفت كتابي الصحاح ست عشرة سنة، خرجته من ست مئة ألف حديث، وجعلته حجة بيني وبين الله تعالى.
حدث محمد بن أبي حاتم وراق البخاري قال: سمعت البخاري يقول: لو نشر بعض أستاذي هؤلاء، لم يفهموا كيف صنفت كتاب التاريخ، ولا عرفوه. ثم قال: صنفته ثلاث مرات.
وقال أيضاً: دعي محمد بن إسماعيل إلى بستان بعض أصحابه، فلما حضرت صلاة الظهر صلى بالقوم. ثم قام للتطوع، فأطال القيام، فلما فرغ من صلاته، رفع ذيل قميصه فقال لبعض من معه: انظر، هل ترى تحت قميصي شيئاً؟ فإذا زنبور قد أبره في ستة عشر أو سبعة عشر موضعاً، وقد تورم من ذلك جسده، وكان آثار الزنبور في جسده ظاهرة، فقال له بعضهم: كيف لم تخرج من الصلاة في أول ما أبرك؟! فقال: كنت في سورة فأحببت أن أتمها.
قال محمد بن منصور: كنا في مجلس بي عبد الله محمد بن إسماعيل، فرفع إنسان من لحيته قذاة، فطرحها على الأرض. قال: فرأيت محمد بن إسماعيل ينظر إليها وإلى الناس، فلما غفل الناس رأيته مد يده، فرفع القذاة من الأرض، فأدخلها في كمه. فلما خرج من المسجد رأيته أخرجها فطرحها على الأرض.
حدث أبو سعيد بكر بن منير قال: كان حمل إلى محمد بن إسماعيل بضاعة أنفذها إليه ابنه أحمد أبو حفص، فاجتمع بعض التجار إليه بالعشية، فطلبوها منه بربح خمسة آلاف درهم، فقال لهم: انصرفوا الليلة. فجاءه من الغد تجار آخرون، فطلبوا منه تلك البضاعة بربح عشرة آلاف درهم، فردهم وقال: إني نويت البارحة أن أدفع إليهم بما طلبوا - يعني الذين طلبوا أول مرة - ودفع إليهم بربح خمسة آلاف درهم، وقال: لا أحب أن أنقض نيتي.
وقال: سمعت محمد بن إسماعيل يقول: أرجو أن ألقى الله ولا يحاسبني أني اغتبت أحداً.
وثقه علماء الحجاز والعراق والشام وخراسان وسائر الأمصار وأقروا له بالفضل.
حدث إسحاق بن أحمد بن خلف قال: سمعت محمد بن إسماعيل يقول: ما تصاغرت إلي نفسي إلا عند علي بن المديني. قال إسحاق: وسمعت أحمد بن عبد السلام يقول: ذكرنا قول محمد بن إسماعيل هذا لعلي بن المديني فقال: دعوا هذا فإن محمد بن إسماعيل لم ير مثل نفسه.
وقال يحيى بن جعفر: لو قدرت أن أزيد - يعني من عمري - في عمر محمد بن إسماعيل لفعلت، فإن موتي يكون موت رجل واحد، وموت محمد بن إسماعيل ذهاب العلم.
قال محمد بن يوسف بن عاصم: رأيت لمحمد بن إسماعيل ثلاث مستملين ببغداد، وكان اجتمعوا في مجلسه زيادة على عشرين ألف رجل.
قال محمد بن جابر: سمعت محمد بن يحيى لما ورد محمد بن إسماعيل البخاري نيسابور قال: اذهبوا إلى هذا الرجل الصالح فاسمعوا منه. قال: فذهب الناس إليه، وأقبلوا على السماع منه، حتى ظهر الخلل في مجالس محمد بن يحيى، فحسده بعد ذلك، وتكلم فيه.
وقال مسلم بن الحجاج:
لما قدم محمد بن إسماعيل البخاري نيسابور، ما رأيت والياً ولا عالماً فعل به أهل نيسابور ما فعلوا بمحمد بن إسماعيل؛ استقبلوه مرحلتين وثلاث مراحل! وقال محمد بن يحيى الذهلي في مجلسه: من أراد أن يستقبل محمد بن إسماعيل غداً، فليستقبله، فإني أستقبله. فاستقبله محمد بن يحيى وعامة من أهل نيسابور، فدخل البلد، فنزل دار البخاريين. قال: فقال لنا محمد بن يحيى: لا تسألوه عن شيء من الكلام، فإنه إن أجاب بخلاف ما نحن فيه، وقع بيننا وبينه، ثم شمت بنا كل حروري وكل رافضي وكل جهمي وكل مرجئ بخراسان. قال: فازدحم الناس على محمد بن إسماعيل، حتى امتلأ الدار والسطوح. قال: فلما كان اليوم الثاني أو الثالث، قام إليه رجل فسأله عن اللفظ بالقرآن، فقال: أفعالنا مخلوقة، وألفاظنا من أفعالنا. قال: فوقع بين الناس اختلاف؛ فقال بعضهم: قال: لفظي بالقرآن مخلوق، وقال بعضهم: لم يقل. فوقع بينهم اختلاف، حتى تواثب بعضهم إلى بعض. فاجتمع أهل الدار، فأخرجوا الناس من الدار.
قال أبو حامد الأعمشي: رأيت محمد بن إسماعيل البخاري في جنازة أبي عثمان سعيد بن مروان، ومحمد بن يحيى فسأله عن الأسامي والكنى وعلل الحديث.. ومر فيه محمد بن إسماعيل مثل السهم، كأنه يقرأ " قل هو الله أحد " فما أتى على هذا شهر، حتى قال محمد بن يحيى: ألا من يختلف إلى مجلسه لا يختلف إلينا، فإنهم كتبوا إلينا من بغداد أنه تكلم في اللفظ. ونهيناه فلم
ينته. ولا تقربوه، ومن يقربه فلا يقربنا. فأقام محمد بن إسماعيل ههنا مدة، وخرج إلى بخارى.
وحدث أبو عمرو أحمد بن نصر النيسابوري المعروف بالخفاف، ببخارى، قال: كنا يوماً عند أبي إسحاق القرشي، ومعنا محمد بن نصر المروزي، فجرى ذكر محمد بن إسماعيل البخاري، فقال محمد بن نصر: سمعته يقول: من زعم أني قلت: لفظي بالقرآن مخلوق، فهو كذاب، فإني لم أقله. فقلت له: يا أبا عبد الله فقد خاض الناس في هذا وأكثروا فيه. فقال: ليس إلا ما أقول. واحكي له عني. قال أبو عمرو الخفاف: فأتيت محمد بن إسماعيل، فناظرته في شيء من الحديث حتى طابت نفسه، فقلت: يا أبا عبد الله، ههنا رجل يحكي عنك أنك قلت هذه المقالة، فقال لي: يا أبا عمرو، احفظ ما أقول، من زعم من أهل نيسابور وقومس والري وهمذان وحلوان وبغداد والكوفة والمدينة ومكة والبصرة أني قلت: لفظي بالقرآن مخلوق، فهو كذاب، فإني لم أقل هذه المقالة. إلا أني قلت: أفعال العباد مخلوقة.
حدث أبو سعيد بكر بن منير قال: بعث الأمير خالد بن أحمد الذهلي، والي بخارى، إلى محمد بن إسماعيل أن أحمل إلي كتاب الجامع والتاريخ وغيرهما لأسمع منك. فقال محمد بن إسماعيل لرسوله: أنا لا أذل العلم، ولا أحمله إلى أبواب الناس. فإن كنت لك إلى شيء منه حاجة، فاحضرني في مسجدي أو في داري. وإن لم يعجبك هذا، فأنت سلطان، فامنعني من المجلس، ليكون لي عذر عند الله يوم القيامة، لأني لم أكتم العلم، لقول رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من سئل عن علم فكتمه ألجم بلجام من نار ". قال: فكان سبب الوحشة بينهما هذا.
قال عبد القدوس بن عبد الجبار المرقندي: جاء محمد بن إسماعيل إلى خرتنك، قرية من قرى سمرقند على فرسخين منها، وكان له بها أقرباء فنزل عندهم. قال: فسمعته ليلة من الليالي، وقد فرغ من صلاة الليل، يدعو، ويقول في دعائه: اللهم إنه قد ضاقت علي الأرض بما رحبت، فاقبضني إليك. قال: فما تم شهر حتى قبضه الله تعالى. وقبره بخرتنك.
توفي محمد بن إسماعيل البخاري ليلة الفطر سنة ست وخمسين ومئتين.
محمد بن إسماعيل بن إسحاق بن بحر أبو عبد الله الفارسي حدث عن أبي هاشم وريزة بن محمد بسنده إلى عمر بن الخطاب، أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " نعم الإدام الخل ".
كان أبو عبد الله الفارسي ثقة فاضلاً. ولد سنة ثمان أو تسع وأربعين ومئتين، وتوفي سنة خمس وثلاثين وثلاث مئة.
محمد بن إسماعيل بن زياد أبو عبد الله - ويقال أبو بكر - البغدادي الدولابي حدث محمد بن إسماعيل الدولابي، عن أبي مسهر بسنده إلى أبي سعيد الخدري
أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا قال: " سمع الله لمن حمده " قال: " ربنا ولك الحمد، ملء السماوات والأرض، وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، كلنا لك عبد. لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد ".
كان الدولابي ثقة، وتوفي سنة أربع وسبعين ومئتين.
محمد بن إسماعيل بن علي أبو علي الأيلي حدث بدمشق سنة ست وعشرين وثلاث مئة، عن إسحاق بن إبراهيم، بسنده إلى أنس، أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " حسبك من نساء العالمين أربع: مريم بنة عمران، وخديجة بنة خويلد، وفاطمة بنة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وآسيا امرأة فرعون ".
محمد بن إسماعيل بن القاسم بن إبراهيم بن طباطبا ابن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب أبو عبد الله العلوي الحسني المدني الرسي قدم دمشق في صحبة أبي الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون حين توجه للقاء جيش ابن أبي الساج، فالتقيا بثنية العقاب من أرض دمشق.
حدث أبو عبد الله محمد بن إسماعيل قال: لما تراءى الجيشان أمر بإلقاء حصير الصلاة، فألقيت، ونزلت معه، فصلى ركعتين، فلما استتمهما أدخل يده في خفه، فأخرج منه خط ابن أبي الساج الذي حلف فيه بوكيد الأيمان أنه لا يحاربه، فقال: اللهم إني رضيت بما أعطانيه من الأيمان بك، ووثقت بكفايتك إياي غدره بحلفه. واجترأ على الحنث بما أكده لي اغتراراً بحلمك عنه، فأدلني عليه. فرأيت ميمنة خمارويه قد انهزمت، وتبعتها ميسرته، فحمل في شرذمة يسيرة على جيش أبي الساج، وهو في غاية من الوفور، فانهزموا بأسرهم. فوقف على نشز، وأطفت ومن حضر به. فاستأمنت إلينا عدة كبيرة. فقلت له: أيها الأمير، إن مقامنا مع هذه الجماعة خطر، فأمرني بالمسير بهم إلى مستقر سواء، فسرت معهم، وأنا على
رقبة مطمع فيه، أو كيد له. فبلغوا نهراً احتاجوا إلى عبوره، فرأيتهم قد خلعوا الخفاف، وحطوا الرحال، وسلكوا سلوك المطمئنين، فأنست إليهم.
قال سعيد بن يونس: محمد بن إسماعيل بن القاسم، مديني، كان يسكن الرس، قرية نحو المدينة. قدم مصر قديماً روى عن أبيه عن جده حديثاً في فضل حضور موائد آل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وكان كريماً سخياً، وكانت له بمصر منزلة عند السلطان والعامة. توفي بمصر سنة خمس عشرة وثلاث مئة.
محمد بن إسماعيل بن القاسم بن الحسن أبو عبد الله الحداد البانياسي حدث عن أصل كتاب أحمد بن بكر، بسنده إلى أبي هريرة قال: قال الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يزال العبد في الصلاة، ما دام ينتظر الصلاة، تقول الملائكة: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه ".
محمد بن إسماعيل بن محمد بن يحيى بن يزيد بن دينار أبو حصين التميمي والد أبي الدحداح.
حدث أبو حصين محمد بن إسماعيل التميمي، عن أبيه، بسنده إلى أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يلبي بهما جميعاً: " لبيك عمرة وحجاً، لبيك عمرة وحجاً ".
وحدث عن أبيه أيضاً بسنده إلى عبد الله بن مسعود قال: حدثنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو الصادق المصدوق: " إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين ليلة.. " فذكر الحديث.
توفي أبو الحصن محمد بن إسماعيل الدمشقي سنة تسع ومئتين.
محمد بن إسماعيل بن محمد بن سلام أبو بكر الخشني، مولاهم، المعروف بابن البصال المعدل أصلهم من خراسان، وكان خليفة القاضي أبي محمد بن زبر على قضاء دمشق.
حدث أبو بكر المعروف بابن البصال عن أبي الوليد محمد بن أحمد، بسنده إلى أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لو عدلت الدنيا عند الله جناح بعوضة من خير، ما سقى كافراً منها شربة ".
كتب أبو الحسين الرازي بخطه في تسمية من كتب عنه بدمشق: أبو بكر محمد بن إسماعيل بن محمد بن سلام الخشني ويعرف بابن البصال، شيخ جليل معدل، وكان أبوه محدثاً. مات في سنة ثلاث وعشرين وثلاث مئة.
محمد بن إسماعيل بن محمد أبو عبد الله البخاري قدم دمشق لزيارة القدس وسماع الحديث.
حدث عن أبي بكر أحمد بن علي، بسنده إلى سعد بن ابي وقاص قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" أيمنع أحدكم أن يكبر في دبر كل صلاة عشراً، ويسبح عشراً، ويحمد عشراً، فذلك في خمس صلوات خمسون ومئة باللسان، وألف وخمس مئة في الميزان، وإذا أوى إلى
فراشه كبر أربعاً وثلاثين، وحمد ثلاثاً وثلاثين، وسبح ثلاثاً وثلاثين، فتلك مئة باللسان وألف في الميزان قال: ثم قال: وأيكم يعمل في يوم وليلة ألفين وخمس مئة سيئة؟! ".
قال الحافظ ابن عساكر: ذكر لي عن هذا البخاري عجائب ببغداد من الفسوق والكذب، وأنه غير اسمه وكنيته، وتكنى بمحمد بن إسماعيل تشبهاً بالبخاري. هلك ببغداد في البيمارستان، وكان قد حد في الشراب.
محمد بن إسماعيل بن مهران بن عبد الله أبو بكر النيسابوري المعروف بالإسماعيلي أحد الثقات الرحالين.
حدث عن علي بن ميمون العطار، بسنده إلى معاوية قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " كل مسكر على كل مؤمن حرام ".
وحدث عن سوار بن عبد الله العنبري، بسنده إلى أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا ولغ الكلب في الإناء، غسل سبع مرات، أولهن - أو أولاهن - بالتراب. وإذا ولغ الهر غسل مرة ".
توفي أبو بكر الإسماعيلي سنة خمس وتسعين ومئتين.
محمد بن إسماعيل بن يوسف أبو إسماعيل السلمي الترمذي حدث عن الحسن بن سوار، بسنده إلى أسامة بن زيد قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يتوارث أهل ملتين، المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم ".
وعن سعيد بن أبي مريم، بسنده إلى العباس بن عبد المطلب، أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا سجد العبد، سجد معه سبعة آراب: الجبهة وكفاه وركبتاه وقدماه ".
وعن محمد بن عبد الله الأنصاري، بسنده إلى أبي هريرة، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن الله وتر يحب الوتر، فأوتروا يا أهل القرآن ".
قال أبو بكر الخطيب: محمد بن إسماعيل بن يوسف كان فهماً متقناً مشهوراً بمذهب السنة، روى عنه أبو عيسى الترمذي وأبو عبد الرحمن النسائي في صحيحهما.
وقال الدارقطني: أبو إسماعيل الترمذي ثقة صدوق، تكلم فيه أبو حاتم.
توفي أبو إسماعيل الترمذي سنة ثمانين ومئتين.
محمد بن إسماعيل أبو بكر المرثدي القاضي ولي قضاء دمشق نيابة عن عبد الله بن محمد بن الخصيب تسعة اشهر حتى مات الخصيبي. وكان محموداً على ما قيل. ثم ولي قضاء صيدا حتى توفي سنة تسع وأربعين وثلاث مئة.
محمد بن إسماعيل أبو بكر الفرغاني أحد مشايخ الصوفية، من أستاذي أبي بكر الدقي، وكان من مجتهدي أهل التصوف في العبادة وخلو اليد من العلوم.
حدث محمد بن إسماعيل الفرغاني قال: سمعت أبا الحارث الأولاسي يقول: دخلت مسجد طرطوس، فرأيت فتيين جلوساً يتكلمان في علم الألفة، وسوء أدب الخلق، وحسن صنيع الله تعالى إليهم، وندمان نفوسهما فيما يجب لله تعالى عليهما. فقال أحدهما لصاحبه: يا أخي، قد تحدثنا في العلم، فتعال حتى نعامل الله تعالى به، فيكون لعلمنا فائدة ومنفعة. فعزما على ألا يتناولا شيئاً مسته أيدي بني آدم، ولا ما للخليقة فيه صنع. قال أبو الحارث: فقلت: وأنا معكما. فقالا: إن شئت. فخرجنا من طرطوس، وجئنا إلى جبل لكام، فأقمنا فيه ما شاء الله. قال أبو الحارث: أما أنا فضعفت نفسي، وقام العلم بين عيني؛ لئن مت على ما أنت عليه، مت ميتة جاهلية. فتركت صاحبي، ورجعت إلى طرطوس، ولزمت ما كنت أعرفه من صلاح نفسي. وأقام صاحباي باللكام سنة، فلما كان بعد مدة دخلت المسجد، فإذا أنا بأحد الفتيين جالساً في المسجد، فسلمت عليه، فقال: يا أبا الحارث، خنت الله تعالى في عهدك، ولم تف به! أما إنك لو صبرت
معنا، أعطيت ثلاثة أحوال، وقد أعطينا. فقلت: وما الثلاثة؟ قال: طي الأرض، والمشي على الماء، والحجبة إذا أردنا. واحتجب عني عقيب كلامه. فقلت: بالذي أوصلك إلى ما قد رأيت إلا ظهرت لي حتى أسألك عن مسألة. فظهر لي وقال: سل يا أبا الحارث، وأوجز. فقلت: كيف لي بالرجوع إلى هذه الحالة؟ ترى إن رجعت قبلت؟ فقال: هيهات يا أبا الحارث! بعد الخيانة لا تقبل الأمانة. فكوى قلبي بكية لا تخرج من قلبي حتى ألقى الله، جل وعز.
قال أحمد بن علي الرستمي:
كان أبو بكر الفرغاني من أجل الصوفية، وكان من رسمه أنه يسيح، وكان معه كوز ضيق الرأس، فيه قميص نظيف رقيق. فإذا اشتهى دخول مدينة، تنظف، وتطهر، وأخرج ذلك القميص فلبسه. وكان يسافر بمفتاح منقوش، فإذا دخل المدينة، عمد إلى مسجد يصلي، فطرح المفتاح بين يديه. فكل من يراه، توهم أنه تاجر قد ترك بعض الخانات. فلا يفطن له إلا الخلصان من أولياء الله عز وجل. فدخل مصر مرة على هذا الزي، فعرف بها، واجتمع إليه الصوفية. فكان يوماً يتكلم عليهم، إذ عرض له خاطر السفر، فقام من مجلسه، وخرج معه نحو سبعين رجلاً من الصوفية فمشى في يومه فراسخ، لا يعرج إلى أحد، فيقطع من كان خلفه، وبقي منهم قليل، فالتفت إليهم فقال: كأني بكم وقد جعتم وعطشتم. فقالوا: نعم. فعدل إلى دير فيه صومعة لراهب، فلما دخلوا، أشرف الراهب على أصحابه فناداهم فقال: أطعموا رهبان المسلمين، فإن بهم قلة صبر على الجوع. فغضب من ذلك غضباً شديداً، ورفع رأسه إليه وقال: أيها الكافر، هل لك إلى خطة يتبين فيها الصابر من الجازع. قال: وما ذاك؟ قال: تنزل من صومعتك فتتناول من الطعام ما أحببت، ثم تدخل معي بيتاً، ونغلق علينا الباب، ويدلى إلينا من الماء قدر ما يتطهر به فأول من يظهر جزعه، ويستغيث من جوعه، ويستفتح الباب، يدخل في دين صاحبه كائناً من كان، على أني لم أذق من ثلاث ذواقاً. قال الراهب:
لك ذلك. فنزل من صومعته، فأكل ما أحب، وشرب، ثم دخل مع أبي بكر بيتاً، وغلق الباب عليهما، والصوفية والرهبان يرصدونهما لا يسمعون لهما بحس أربعين يوماً. فلما كان في اليوم الحادي والأربعين سمعوا خشخشة الباب وقد تعلق بحده، ففتحوا الباب، فإذا الراهب قد تلف جوعاً وعطشاً، وإذا هو يستغيث بهم إشارة، فسقوه، واتخذوا له حريرة، فصبوها في حلقه، وأبو بكر الفرغاني ينظر ليهم. فلما رجعت إليه نفسه قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. ففرح أبو بكر، وجعل يتكلم على من في الدير من النصارى، حتى أسلموا عن آخرهم، وقدم بغداد، ومعه الراهب ومن أسلم من أولئك النصارى.
حدث أبو بكر الدقي قال: كان أبو بكر الفرغاني يأكل المنبوذ إلى أن ضعفت قوته. قال: فقال لنا: كنت جالساً يوماً بين الظهر والعصر، والناس يتنفلون، وليس يمكنني الصلاة قائماً، فأبكاني ذلك بكاءً شديداً أسفاً على الصلاة. ثم حملتني عيني، فإذا شخصان دخلا علي، فقال أحدهما لصاحبه: إن أبا بكر يبكي على الصلاة. فقال الآخر لي: يا أبا بكر لم تبكي؟ فقلت: أسفاً على الصلاة. قال: لا تبك فإن هذا الأمر ليس على هذا أسس. فقلت: يرحمك الله، فعلى ماذا أسس؟ فقال: على من أين؟ ولمن؟ يعني الورع.
مات أبو بكر الفرغاني سنة إحدى وثلاثين وثلاث مئة.
محمد بن إسحاق بن يسار بن خيار، وقيل: ابن يسار بن كوتان المديني، مولى قيس بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف:
قال الشيخ أبو بكر: لم أر في جملة المحمدين الذين كانوا في مدينة السّلام من أهلها الواردين إليها أكبر سنا أو أعلى إسنادا وأقدم موتا منه، ولهذه الأسباب المجتمعة فيه افتتحت كتابي بتسميته، وأتبعته بمن لحق به من أهل ترجمته، ولولا ذلك لكان أولى الأشياء تقديم ترجمة محمد بن أحمد على ما عداها من الأسماء، اقتداء بما رسمه أئمة شيوخنا، والله ولي عصمتنا وتوفيقنا.
ومحمد بن إسحاق، يكنى: أبا بكر. وقيل: أبا عبد الله، وله أخوان هما: أبو بكر وعمر ابنا إسحاق.
رأى محمد: أنس بن مالك، وسعيد بن المسيب، وسمع القاسم بْن مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر الصديق، وأبان بن عثمان بن عفان، ومُحَمَّد بن علي بن الْحُسَيْن بن علي بن أبي طالب، وأبا سلمة بْن عَبْد الرحمن، بْن عوف، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج، ونافعا مولى عبد الله بن عمر، ومحمد بن مسلم بن شهاب الأزهري، وغيرهم. وكان عالما بالسير والمغازي وأيام الناس، وأخبار المبتدأ، وقصص الأنبياء، وحدث عنه أئمة العلماء منهم: يحيى بن سعيد الأنصاري، وسفيان بن سعيد الثوري، وابن جريج، وشعبة بن الحجاج. وجرير بن حازم، والحمادان ابن سلمة وابن زيد، وإبراهيم بن سعد الزهري، وشريك بن عبد الله النخعي، وسفيان بن عيينة، ومن بعدهم. وكان ابن إسحاق قدم بغداد فنزلها حتى مات بها، ودفن بمقبرة الخيزران في الجانب الشرقي منها. وقد احتج بروايته في الإحكام قوم من أهل العلم، وصدف عنها آخرون. وأنا ذاكر ما حفظت من قول العلماء في عدالته، واختلافهم في الاحتجاج بروايته، والمشهور من تاريخ وفاته بعون الله ومشيئته.
أَخْبَرَنَا أبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل بْن شاذان الصيرفِي بنيسابور قَالَ:
سمعتُ أَبَا الْعَبَّاس مُحَمَّد بْن يعقوب الأصم يقول: سمعت العباس بْن مُحَمَّد الدوري يقول: سمعت يحيى بن معين، يقول: محمد بن إسحاق مولى قيس بن مخرمة.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن علي البزاز قال: نا عُمَر بن مُحَمَّد بن سيف الكاتب قَالَ: نا محمد بن العباس اليزيدي قَالَ: حَدَّثَنِي أبو جعفر أحمد بن محمد الزّيدي عميّ قال: أنبأنا مؤرج بن عمرو أبو فيد السدوسي، قَالَ: ومحمد بن إسحاق صاحب السيرة مولى لبني قيس بن مخرمة بن المطلب.
أَخْبَرَنَا محمد بن الحسين بن الفضل القطان قال: أنبأنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دَرَسْتَوَيْهِ النَّحْوِيُّ قال: نا يعقوب بن سفيان، قال: محمد بن إسحاق بن يسار صاحب السيرة مولى فارسي.
حَدَّثَنِي أبو القاسم الأزهري قَالَ: نا محمّد بن العبّاس الخزّاز قال: نا بدر بن الهيثم القاضي إملاء، قَالَ: محمد بن إسحاق، قالوا: هو محمد بن إسحاق بن يسار بن كوثان. وله أخ يقال له: عمر بن إسحاق، وموسى بن يسار الذي يروي عن أبي هريرة عمهما.
أخبرنا عبيد الله بن أبي الفتح الفارسي قال: أنبأنا أبو الحسن الدارقطني، قَالَ: وابن إسحاق صاحب المغازي هو محمّد بن يسار بن خيار، وكان خيار لقيس بن مخرمة ابن المطلب بن عبد مناف، قَالَ ذلك الهيثم بن عدي وأبو الحسن المدائني.
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ علي الصيمري قال: نبأنا على بن الحسين الورّاق الرّازيّ قال: نبأنا محمّد بن الحسين الزعفراني قال: نبأنا أحمد بن زهير قال نبأنا مصعب بن عبد الله، قَالَ: يسار مولى عبد الله بن قيس بن مخرمة بن المطلب، جد محمد بن إسحاق صاحب المغازي من سبي عين النّمر، وهو أول سبي دخل المدينة من العراق .
الاختلاف في كنية ابن إسحاق:
أَخْبَرَنَا أبو الحسين على بن بشران المعدّل قال: أنبأنا عثمان بن أحمد الدّقّاق قرئ على أبي الحسن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن البراء وأنا حاضر ح وأَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ مَنْصُورُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ أَحْمَدَ الزهري الخطيب بالدينور قال: أنبأنا علي بن أحمد بن علي بن راشد قال: أنبأنا أحمد بن يحيى بن الجارود قالا: قَالَ على بن المديني: محمّد بن إسحاق ابن يسار يكنى أبا بكر .
أَخْبَرَنَا ابن الفضل القطّان قال نا على بن إبراهيم المستملي قال: نا أبو أحمد محمد بن سليمان بن فارس الدلال قال: نا محمّد بن إسماعيل البخاريّ، قال محمّد ابن إسحاق مديني كنيته أبو بَكْر.
أَخْبَرَنَا أَبُو حازم عُمَر بْن أَحْمَد بْنُ إِبْرَاهِيم العبدوي بنيسابور قَالَ: سمعتُ مُحَمَّد ابن عبد الله الجوزقي يقول: أنبأنا مكي بن عبدان قَالَ: سمعت مسلم بن الحجاج، يقول: محمد بن إسحاق بن يسار أبو بكر.
أخبرنا الحسين بن على الجوهريّ قال: أنبأنا محمّد بن العبّاس الخزّاز قال: أنبأنا أحمد بن جعفر بن محمد بن المنادي، قَالَ: محمد بن إسحاق بن يسار أبو بكر.
أَخْبَرَنَا أبو سعيد الحسن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن حسنويه الكاتب بأصبهان قال:
أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بن جعفر بن حيّان قال: نبأنا عمر بن أحمد الأهوازي ثم أَخْبَرَنَا محمد بن أبي على الأصبهانيّ ببغداد قال: أنبأنا محمّد بن أحمد
ابن إسحاق الشاهد بالأهواز قال: نا عمر بن أحمد قال: نا خليفة بن خياط، قَالَ:
محمد بن إسحاق بن يسار يكنى أبا عبد الله.
أَخْبَرَنَا ابن بشران قال: أنبأنا الحسين بن صفوان البرذعيّ قال: نا عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا قال: نا محمد بن سعد، قَالَ: محمد بن إسحاق بن يسار يكنى أبا عبد الله.
أَخْبَرَنِي أبو القاسم الأزهري قال: نا عبد الرّحمن بن عمر الخلّال قال: نا محمد ابن أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوب بن شيبه قَالَ: نا جدي، قَالَ: محمد بن إسحاق بن يسار يكنى أبا عبد الله.
تسمية قدماء شيوخ ابن إسحاق الذين أدركهم وبعض حكاياته عنهم:
أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الله بن مهدي البزاز إجازة قَالَ:
أنبأنا محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة ثم أخبرني الأزهري قراءة قال نا عبد الرّحمن بن عمر الخلّال قال: نا محمّد بن أحمد بن يعقوب قال نا جدي قَالَ حَدَّثَنِي إسحاق بن إبراهيم ختن سلمة: قال نا سلمة، قَالَ: حَدَّثَنِي محمد بن إسحاق قَالَ:
رأيت أنس بن مالك عليه عمامة سوداء، والصبيان يشتدون ويقولون: هذا رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يموت حتى يلقى الدجال .
أخبرنا عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن الدَّقَّاق قَالَ: قرأنا على الْحُسَيْن بن هارون الضبي عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سَعِيدٍ قال: نا أحمد بن زهير قال: نا أبو داود المباركي قال نا أبو شهاب، قَالَ: قيل لمحمد بن إسحاق: أدركت سعيد بن المسيب؟
قَالَ: أدركته وأنا غلام.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن رزق البزّار قال: أنبأنا أحمد بن سلمان النجاد وَأَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ السكري قال: أنبأنا محمّد ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الشَّافِعِيُّ، قَالا: حَدَّثَنَا جعفر بن مُحَمَّد بن الأزهر قال: نا ابْن الغلابي قَالَ: سألت يَحْيَى بْن معين عن محمد بن إسحاق فقال: كان ثقة، وكان حسن الحديث. فقلت: إنهم يزعمون أنه رأى سعيد بن المسيب. فقال: إنه لقديم .
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيد الصيرفي قَالَ: سمعتُ أَبَا الْعَبَّاس محمد بن يعقوب الأصم يقول سمعت العباس بْن مُحَمَّد الدوري يقول سمعت يحيى بن معين يقول: قد سمع محمّد ابن إسحاق من أبان بن عثمان، وسمع من عطاء، وسمع من أبي سلمة بن عبد الرحمن، وسمع أيضا من القاسم بن محمد.
قال [الشيخ الحافظ أبو بكر قَالَ ] لنا أبو سعيد في موضع آخر: سمعت الأصم يقول: سمعت العباس يقول: سمعت يحيى يقول: قد سمع محمد بن إسحاق من القاسم بن محمد، وسمع من مكحول، وسمع من عبد الرحمن بن الأسود .
أَخْبَرَنِي عبد الله بن يحيى السكري قَالَ: أنبأنا أبو بكر الشّافعيّ قال: نا جعفر بن محمّد بن الأزهر قال: نا ابن الغلّابي قال نا يحيى بن معين قال: نبأنا سلمة بن الفضل الأبرش، قَالَ: حَدَّثَنِي محمد بن إسحاق قَالَ: رأيت سالم بن عبد الله بن عمر يلبس الصوف، وكان علج الخلق يعالج بيديه ويعمل.
أَخْبَرَنَا أبو سعيد الصّيرفيّ قال: نا محمّد بن يعقوب الأصم قال: نا عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن حنبل قَالَ: نا أبي قال نا إسحاق بن إبراهيم الرّازيّ قال: نبأنا سلمة بن الفضل، قَالَ: حَدَّثَنِي محمد بن إسحاق قَالَ رأيت أبا سلمة بن عبد الرحمن يأخذ بيد الصبي من الكتاب، فيذهب به إلى البيت فيملي عليه الحديث يكتب له.
مناقب ابن إسحاق ومعرفة حاله:
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن شاذة الأصبهانيّ بها قال نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حيّان قال: حدّثني حمويه بن أبي شداد قَالَ سمعت إبراهيم بن الحسين قال: سمعت على بن المديني يقول.
وَأَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن عَلَّان الشروطي قَالَ: نبأنا أبو الفتح محمّد ابن الحسين الأزدي الحافظ قَالَ حَدَّثَنِي هارون بن عيسى قال نبأنا أبو قلابة عبد الملك ابن محمّد قال سمعت على بن المديني، يقول: مدار حديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ستة، فذكرهم. ثم قَالَ: فصار علم الستة عند اثني عشر أحدهم ابن إسحاق ، هذا لفظ حديث الأصبهاني وحديث الشروطي بمعناه غير أنه قَالَ: ثلاثة عشر أحدهم ابن إسحاق.
أخبرنا ابن بشران قال أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْمِصْرِيُّ قَالَ: نبأنا عبد الله بن أبي مريم قال نبأنا نعيم بن حمّاد قال: أنبأنا سفيان بن عيينة. قَالَ: رأيت الزهري أتاه محمّد بن إسحاق فاستبطأه، قال له : أين كنت؟ فقال له محمد بن إسحاق: وهل يصل إليك أحد مع حاجبك؟ قَالَ فدعا حاجبه، فقال له: لا تحجبه إذا جاء .
قَالَ ابن عيينة قَالَ أبو بكر الهذلي سمعت الزهري يقول: لا يزال بالمدينة علم جم ما كان فيهم ابن إسحاق .
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أحمد بن غالب الخوارزمي البرقاني قَالَ:
قَرَأْتُ: عَلَى أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ حَمْدَانَ حدثكم تميم بن محمّد قال: نا أبو كريب قال نا ابن إدريس عن سفيان بن عيينة قَالَ: قال الأزهري لا يزال بالمدينة علم ما بقي- وذكر ابن إسحاق.
أَخْبَرَنَا علي بن أحمد بن عمر المقرئ قال: أنبأنا محمد بن عبد الله الشافعي أن معاذ بن المثنى حدّثهم قال: نبأنا على بن المديني قَالَ سمعت سفيان يقول: قَالَ ابن شهاب- وسئل عن مغازيه- فقال: هذا أعلم الناس بها- يعني ابن إسحاق.
أَخْبَرَنِي الأزهري قال: نبأنا محمّد بن العبّاس الخزّاز قال: أنبأنا إبراهيم بن محمّد ابن أحمد الفشني- قدم علينا- قال: نبأنا أبو الفضل العباس بن عزير القطان المروزي قَالَ: حَدَّثَنَا حرملة بْن يَحْيَى التجيبي قَالَ: سمعت مُحَمَّد بْن إدريس الشافعي، يقول:
من أراد أن يتبحر في المغازي فهو عيال على محمد بن إسحاق.
أَخْبَرَنَا الصيمري قَالَ: نبأنا على بن الحسن الرّازيّ قال: نبأنا محمّد بن الحسين الزعفراني قال: نبأنا أحمد بن زهير قَالَ: سألت يَحْيَى بْن معين عَن مُحَمَّد بْن إسحاق؟ فقال: قَالَ عاصم بن عمر بن قتادة: لا يزال في الناس علم ما عاش محمّد ابن إسحاق .
وَقَالَ أحمد بن زهير حَدَّثَنَا هارون بن معروف قَالَ: سمعت أبا معاوية يقول:
كان ابن إسحاق من أحفظ الناس، وكان إذا كان عند الرجل خمسة
أحاديث أو أكثر جاء فاستودعها محمد بن إسحاق، وَقَالَ: احفظها علي فإن نسيتها كنت قد حفظتها على .
أخبرنا الحسن بن الجوهريّ قال أنبأنا محمد بن العباس الخزاز قال: أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بن محمد الزهري قال: نبأنا أحمد بن سعد الزهري.
وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِم هِبَةُ اللَّه بْن الْحَسَن بْن مَنْصُور الطبري قال أنبأنا عبد الرّحمن ابن عمر قال: أنبأنا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أبي سعيد قَالَ: نبأنا أحمد بن سعد قال: نبأنا ابن نفيل قال: نبأنا عبد الله بن فائد قَالَ: كنا إذا جلسنا إلى محمد بن إسحاق فأخذ في فن من العلم، قضى مجلسه في ذلك الفن .
أَخْبَرَنَا أبو محمد عبيد الله بن الحسين بن نصر العطار قال: نبأنا على بن عمر الحافظ قال: نبأنا يزداد بن عبد الرّحمن الكاتب قال: نبأنا عبد الله بن شبيب قَالَ:
حَدَّثَنِي إبراهيم بن يحيى بن محمّد بن هاني الشجري عن أبيه، قَالَ: لما أراد محمد ابن إسحاق الخروج إلى العراق قَالَ له رجل من أصحابه: إني أحسب السفر غدا خسيسة يا أبا عبد الله. وكان ابن إسحاق قد رق فقال ابن إسحاق: والله ما أخلاقنا بخسيسة ولربما قصر الدهر باع الكريم.
أَخْبَرَنَا أبو بكر البرقانيّ قال: أنبأنا أبو أحمد الحسين بن علي التميمي قَالَ: أنبأنا أبو عوانة يعقوب بن إسحاق قال: نبأنا عبد الملك بن عبد الحميد بن ميمون بن مهران أبو الحسن الميموني قال: نبأنا أَبُو عبد اللَّه- يعني أَحْمَد بْن حنبل- بحديث استحسنه عن محمد بن إسحاق، فقلت له: يا أبا عبد الله ما أحسن هذه القصص التي يجيء بها ابن إسحاق؟ فتبسم إلى متعجبا .
أَخْبَرَنَا الأزهري قال: نبأنا عبيد اللَّه بْن عثمان بْن يحيى قَالَ: سمعت حامدا أبا علي الهروي يقول: سمعت الحسن بن محمد المؤدب قَالَ: سمعت عمارا يقول:
دخل محمد بن إسحاق على المهدي وبين يديه ابنه فقال له: أتعرف هذا يا ابن إسحاق؟ قَالَ: نعم هذا ابن أمير المؤمنين، قَالَ: اذهب فصنف له كتابا منذ خلق الله تعالى آدم عليه السلام إلى يومك هذا. قَالَ: فذهب فصنف له هذا الكتاب. فقال
له: لقد طولته يا ابن إسحاق اذهب فاختصره. قَالَ: فذهب فاختصره فهو هذا الكتاب المختصر، وألقى الكتاب الكبير في خزانة أمير المؤمنين قَالَ الحسن وسمعت أبا الهيثم يقول: صنف محمد بن إسحاق هذا الكتاب في القراطيس ثم صير القراطيس لسلمة- يعني ابن الفضل- فكانت تفضل رواية سلمة على رواية غيره لحال تلك القراطيس.
قال الشيخ أبو بكر: هكذا قَالَ هذا الراوي دخل ابن إسحاق على المهدي وبين يديه ابنه وفي ذلك عندي نظر، ولعله أراد أن يقول: دخل على المنصور وبين يديه المهديّ ابنه لأنه ذلك أشبه بالصواب والله أعلم.
أَخْبَرَنَا البرقاني قال: أنبأنا أبو عبد الله محمد بن الحسن السراجي السروي قال:
أنبأنا عبد الرّحمن بن أبي حاتم قال: نبأنا صالح بن أحمد قال: نبأنا علي قَالَ:
سمعت سفيان- وسئل عن محمد بن إسحاق- قيل له: لم يرو أهل المدينة عنه. قَالَ سفيان: جالست ابن إسحاق منذ بضع وسبعين سنة وما يتهمه أحد من أهل المدينة ولا يقول فيه شيئا. قلت لسفيان: كان ابن إسحاق جالس فاطمة بنت المنذر؟ فقال:
أَخْبَرَنِي ابن إسحاق أنها حدثته وأنه دخل عليها .
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بن الحسن الحرشي قال: نبأنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال نبأنا أَبُو زُرْعَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو بِدِمَشْقَ قال: نبأنا أحمد بن خالد الوهبي قال: نبأنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: سَمِعْتُ امْرَأَةً وَهِيَ تَسْأَلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: إِنَّ لِي ضَرَّةً وَإِنِّي أَسْتَشْبِعُ من زوجي بما لم يعطينيه لأَغِيظَهَا بِذَلِكَ. قَالَ: «الْمُسْتَشْبِعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كلابس ثوبي زور» .
قال المؤلف : فاطمة بنت المنذر هي زوجة هشام بن عروة بن الزبير؛ وكان هشام ينكر على ابن إسحاق روايته عنها. ويقول: لقد دخلت بها وهي بنت تسع سنين وما رآها مخلوق حتى لحقت بالله عز وجل.
أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إسحاق الحافظ بأصبهان قال: نا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ قال: نا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قَالَ: نا على بن المديني قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْن سَعِيد يَقُولُ: سألت هشام بن عروة عن محمّد ابن إسحاق فقلت: كان يدخل على فاطمة بنت المنذر؟ فقال: وهو كان يصل إليها؟
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّد بْنُ مُحَمَّد بْنِ عُثْمَانَ السواق قال: أنبأنا عيسى بن حامد الرخجي قال: نبأنا هيثم بن خلف الدوري قال: نبأنا أحمد بن إبراهيم قال: نبأنا أبو داود صاحب الطيالسة قَالَ: حَدَّثَنِي من سمع هشام بن عروة وقيل له إن ابن إسحاق يحدث بكذا وكذا عن فاطمة. فقال: كذب الخبيث.
أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن طلحة بْن مُحَمَّد الْمُقْرِئ قال: أنبأنا أبو الفتح محمد بن إبراهيم الطرسوسي قَالَ: أنبأنا محمّد بن داود الكرجي قال نبأنا عبد الرحمن بن يوسف بن خراش قَالَ: وروى يحيى عن سعيد القطان قَالَ: سمعت هشام بن عروة وذكر محمّد ابن إسحاق، فقال: ألعدو الله الكذاب يروي عن امرأتي من أين رآها؟
أخبرنا الحسن بن أبي بكر قال: أنبأنا أبو بكر بن خلاد قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْن سَعِيد يَقُولُ سَمِعْتُ هشام بن عروة، يقول: يحدث ابن إسحاق عن امرأتي فاطمة بنت المنذر، والله إن رآها قط. قَالَ عبد الله بن أحمد: فحدثت أبي بحديث ابن إسحاق فقال: وما ينكر هشام، لعله جاء فاستأذن عليها فأذنت له. أحسبه قَالَ: ولم يعلم .
وكان مالك بن أنس يسيء القول في ابن إسحاق:
أَخْبَرَنَا أبو بكر البرقانيّ قال: أنبأنا الحسين بن على التّميميّ قال نبأنا أبو عوانة يعقوب بن إسحاق قال نبأنا الميموني قَالَ: سمعت أبا الوليد هشام بن عبد الملك يقول: كان مالك بن أنس يسيء الرأي في ابن إسحاق.
أَخْبَرَنِي محمد بن الحسين القطّان قال: أنبأنا دعلج بن أحمد قال: أنبأنا أحمد بن على الأبّار قال: نبأنا إبراهيم بن زياد سبلان قال: نبأنا حسين بن عروة، قَالَ:
سمعت مالك بن أنس يقول: محمد بن إسحاق كذاب.
أَخْبَرَنَا البرقانيّ قال نبأنا محمّد بن الحسن السروي قال نبأنا عبد الرّحمن بن أبي
حاتم قال نبأنا أبو سعيد الأشج قال نبأنا ابن إدريس قَالَ: قلت لمالك بن أنس- وذكر المغازي- فقلت: قَالَ ابن إسحاق أنا بيطارها. فقال: قَالَ لك أنا بيطارها؟ نحن نفيناه عن المدينة.
وأخبرنا البرقانيّ قال: أنبأنا الحسين بن على التّميميّ قال: نبأنا أبو عوانة يعقوب ابن إسحاق عن أبي بكر الأثرم. قَالَ: سألته- يعني أَحْمَد بن حنبل- عن محمد بن إسحاق كيف هو؟ فقال: هو حسن الحديث. ولقد قَالَ مالك حين ذكره: دجال من الدجاجلة.
قال الشيخ أبو بكر الخطيب: قد ذكر بعض العلماء: أن مالكا عابه جماعة من أهل العلم في زمانه، بإطلاق لسانه في قوم معروفين بالصلاح والديانة والثقة والأمانة.
واحتج بما أَخْبَرَنِي الْبَرْقَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الملك الأدمي قَالَ: نَبَّأَنَا مُحَمَّد بْن عَلِيّ الإيادي قَالَ: نبأنا زكريّا الساجي قال حدّثني أحمد ابن محمّد البغدادي قال: نبأنا إبراهيم بن المنذر قال: نبأنا محمد بن فليح قَالَ: قَالَ لي مالك بن أنس: هشام بن عروة كذاب.
قَالَ [أحمد بن محمد ] : فسألت يحيى بن معين قال: عسى أراد في الكلام، فأما الحديث فهو ثقة، وهو من الرواة عنه. وَقَالَ إبراهيم: حَدَّثَنِي عبد الله بن نافع قَالَ:
كان ابن أبي ذئب، وعبد العزيز الماجشون، وابن أبي حازم، ومحمد بن إسحاق.
يتكلمون في مالك بن أنس وكان أشدهم فيه كلاما محمد بن إسحاق. كان يقول:
ائتوني ببعض كتبه حتى أبين عيوبه أنا بيطار كتبه .
قال المؤالف : أما كلام مالك في ابن إسحاق فمشهور غير خاف على أحد من أهل العلم بالحديث، وأما حكاية ابن فليح عنه في هشم بن عروة فليست بالمحفوظة إلا من الوجه الذي ذكرناه، وراويها عن إبراهيم بن المنذر غير معروف عندنا، فالله أعلم.
وقد أمسك عن الاحتجاج بروايات ابن إسحاق غير واحد من العلماء لأسباب منها أنه كان يتشيع، وينسب إلى القدر، ويدلس في حديثه فأما الصدق فليس بمدفوع عنه .
أخبرنا أبو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ القاسم الدمشقي في كتابه إلينا قال:
أنبأنا أبو الميمون البجلي. ثم أَخْبَرَنَا البرقاني قراءة، قال: أنبأنا محمد بن عثمان القاضي، قال: أنبأنا أَبُو الميمون عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه البجلي بدمشق قَالَ: قَالَ أَبُو زُرْعَةَ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَمْرٍو النَّصْري: ومحمد بن إسحاق رجل قد أجمع الكبراء من أهل العلم على الأخذ منه. منهم سفيان، وشعبة، وابن عيينة، وحمّاد بن يزيد، وحماد بن سلمة، وابن المبارك، وإبراهيم بن سعد. وروى عنه من الأكابر: يزيد بن أبي حبيب، وقد اختبره أهل الحديث فرأوا صدقا وخيرا، مع مدحة ابن شهاب له، وقد ذاكرت دحيما قول مالك: فرأى أن ذلك ليس للحديث إنما هو لأنه اتهمه بالقدر .
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ بْن مُحَمَّد بْن عليّ الكتاني لفظا بدمشق قال نبأنا عبد الوهّاب بن جعفر المدياني قال: نبأنا أَبُو هاشم عَبْد الجبار بْن عَبْد الصمد السلمي قال نبأنا أَبُو بكر القاسم بْن عيسى العصار قَالَ: نبأنا أَبُو إسحاق إبراهيم بْن يعقوب الجوزجاني، قَالَ: محمد بن إسحاق الناس يشتهون حديثه وكان يرمي بغير نوع من البدع .
أَخْبَرَنَا أبو حازم العبدوي قال أنبأنا أَبُو مُحَمَّدٍ الْقَاسِمُ بْنُ غَانِمِ بْنِ حَمُّوَيْهِ الصيدلاني المهلّبي قال: أنبأنا مُحَمَّد بْنُ إِبْرَاهِيمَ بن سعيد البوشنجي قَالَ: نبأنا ابن بكير قال: نبأنا هارون بن عبد الله القاضي عن ابن أبي حازم. قَالَ: كنا قعودا في المسجد معنا محمد بن إسحاق، إذ نعس ثم فتح عينه. فقال: رأيت الساعة كأن حمارا أخرج من دار مروان في عنقه حبل، فأدخل المسجد حتى أخرج من الباب الآخر، قَالَ: وكان قدم وال. قَالَ: فجاءه عون من قبل الوالي فقال: من هذا الجالس معكم؟ قلنا: محمد بن إسحاق. قَالَ: فأخذه، فرأيناه قد مرّ علينا في عنقه حبل من دار مروان حتى أدخل المسجد وأخرج من الباب الآخر.
أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْن عبد اللَّه بْن مهدي فيما أجاز لنا، وَحَدَّثَنَاه ثقة سمعه منه قال: أنبأنا محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة قال: نبأنا جدي قَالَ سمعت سعيد بن داود الزنبري قَالَ حَدَّثَنِي والله عبد العزيز بن محمد الدراوردي، قَالَ: كنا في مجلس محمد بن إسحاق نتعلم، فأغفى إغفاءة ثم انتبه ،
فقال: إني رأيت في المنام الساعة كأن إنسانا دخل المسجد ومعه حبل فوضعه في عنق حمار فأخرجه، فما لبثنا أن دخل المسجد رجل معه حبل حتى وضعه في عنق ابن إسحاق فأخرجه فذهب به إلى السلطان، فجلد . قَالَ ابن أبي زنبر من أجل القدر .
أَخْبَرَنَا الحسين بن علي الصيمري قال: نبأنا على بن الحسين الرّازيّ قال: نبأنا محمّد بن الحسين الزعفراني قال: نبأنا أَحْمَد بْن زهير قَالَ: سمعتُ هارون بْن معروف. يقول: كان محمد بن إسحاق قدريا.
أخبرنا عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن الدَّقَّاق قَالَ قرأنا على الْحُسَيْن بن هارون الضبي عن أبي العبّاس بن سعيد قال: نبأنا موسى بن هارون بن إسحاق قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نمير يقول: كان محمد بن إسحاق يرمى بالقدر، وكان أبعد الناس منه .
أخبرنا ابن الفضل قَالَ: أنبأنا عبد الله بن جعفر بن درستويه قال: نبأنا يعقوب بن سفيان، قَالَ: سمعت مكي بن إبراهيم يقول: جلست إلى محمد بن إسحاق وكان يخضب بالسواد فذكر أحاديث في الصفة أو في الصفات فنفرت منها. فلم أعد إليه.
أخبرنا محمّد بن الحسين القطّان قال أنبأنا دعلج بن أحمد قال أنبأنا أحمد بن على الأبّار قال: نبأنا عبد الرّحمن بن خازم قَالَ: قَالَ مكي بن إبراهيم: جعفر بن محمد، ومحمد بن إسحاق، والحجاج بن أرطأة، نبلوا بعد موتهم. قَالَ: وسمعته يقول: تركت حديث ابن إسحاق وقد سمعت منه بالري عشرين مجلسا، فسمعت منه شيئا فتركته.
أَخْبَرَنَا الْبَرْقَانِيّ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بن أَحْمَد الأدمى قال ثنا محمّد بن على الإياديّ قال نبأنا زكريا بن يحيى قَالَ: حدثت عن مفضل- يعني ابن غسان- قَالَ:
حضرت يزيد بن هارون في سنة ثلاث وتسعين ومائة بالمدينة وهو يحدث بالبقيع، وعنده ناس من أهل المدينة يسمعون منه شيئا بأخرة، فحدث بأحاديث حتى
حدثهم عن محمد بن إسحاق فأمسكوا. وقالوا: لا تحدثنا عنه نحن أعلم به، فذهب يزيد يحاولهم فلم يقبلوا، فأمسك يزيد.
أَخْبَرَنَا أبو القاسم الأزهري قال: أنبأنا محمّد بن العبّاس الخزّاز قال: أنبأنا إبراهيم ابن محمّد الكندي قال: نبأنا أبو موسى محمد بن المثنى قَالَ: ما سمعت يحيى- يعني القطان- يحدث عن محمد بن إسحاق شيئا قط.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْقَاسِمِ النَّرْسِيُّ قال نبأنا أبو بكر الشّافعيّ قال: نبأنا الهيثم بن مجاهد قَالَ حَدَّثَنَا أحمد بن الدورقي قَالَ حَدَّثَنِي يحيى بن معين عن يحيى القطان: أنه كان لا يرضى ابن إسحاق، ولا يروي عنه.
أَخْبَرَنَا أبو عمر بن مهدي فيما أجاز لنا روايته عنه قال: أنبأنا محمّد بن أحمد بن يعقوب قال نبأنا جدي قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نمير- وذكر ابن إسحاق- فقال: إذا حدث عمن سمع منه من المعروفين، فهو حسن الحديث صدوق، وإنما أوتى من أنه يحدث عن المجهولين أحاديث باطلة .
أخبرنا علي بن أبي علي قال: أنبأنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الحازمي قَالَ: نبأنا إسحاق بن أحمد بن خلف البخاري الحافظ قال: سمعت محمّد بن إسماعيل يقول:
محمّد بن إسحاق ينبغي أن يكون له ألف حديث ينفرد بها، لا يشاركه فيها أحد .
قَالَ: وسمعت محمد بن إسماعيل يقول: سمعت عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه يقول سمعت سفيان يقول: ما رأيت أحدا يتهم محمد بن إِسْحَاقَ .
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد العتيقي قَالَ: نبأنا محمّد بن العبّاس الخزّاز قال أنبأنا أَبُو أيوب سُلَيْمَان بْن إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم بن الخليل الجلاب قَالَ: سألت إبراهيم الحربي:
تكلم أحد في ابن إسحاق؟ فقال: أما سفيان- يعني ابن عيينة- فكان يقول: لا يزال بالمدينة علم ما عاش هذا الغلام- يعني ابن إسحاق- قَالَ إبراهيم: ولكن حَدَّثَنِي مصعب قَالَ: كانوا يطعنون عليه بشيء من غير جنس الحديث .
أخبرنا علي بن محمد الدَّقَّاق قَالَ قرأنا على الْحُسَيْن بْن هارون عن أبي العباس بن سعيد قال: أنبأنا عبد الله بن أحمد بن خزيمة قَالَ: نبأنا محمّد بن يحيى قال نبأنا أبو سعيد الجعفي قال: نبأنا محمّد ابن إدريس: وكان معجبا بابن إسحاق كثير الذكر له، ينسبه إلى العلم والمعرفة والحفظ.
أَخْبَرَنَا محمّد بن الحسين القطّان قال: أنبأنا دعلج بن أحمد قال: أنبأنا أحمد بن على الأبّار قال نبأنا إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة الحراني قال: نبأنا يزيد بن هارون عن شعبة. قَالَ: لو سوّد أحد في الحديث؛ لسوّد ابن إسحاق .
أخبرنا البرقانيّ قال: أنبأنا الحسين بن على النّيسابوريّ قال: أنبأنا أبو بكر بن خزيمة وأَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عبد الواحد بْن عَلِيّ البزاز، قال: أنبأنا عمر بن محمّد بن يوسف الكاتب قال نبأنا عبد الله بن أبي داود. قالا: نبأنا محمّد بن يزيد الأسفاطي قال نبأنا يحيى بن كثير العنبري يقول سمعت شعبة يقول: محمد بن إسحاق أمير المؤمنين في الحديث .
أنبأنا علي بن المحسن التنوخي قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ الرّازيّ قال ثنا الحسين بن إسماعيل المحامليّ قال: ثنا العبّاس بن يزيد البحراني قال ثنا سفيان بن عيينة قال سمعت شعبة، يقول: محمد بن إسحاق أمير المؤمنين في الحديث .
وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الصَّيْرَفِيُّ قَالَ: نبأنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال: نبأنا محمّد بن على الورّاق قال نبأنا عبيد بن يعيش قال: نبأنا يونس بن بكير قَالَ: سمعت شعبة، يقول: محمد بن إسحاق أمير المحدثين. فقيل له:
لم؟ فقال: لحفظه .
أَخْبَرَنَا البرقاني قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ حَمْدَانَ سمعت محمد بن أيوب يقول سمعت عبيد بن يعيش يقول: سمعت يونس بن بكير يقول قَالَ شعبة: ابن إسحاق سيد المحدثين لحال حفظه.
أَخْبَرَنَا ابْن الفضل قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن جعفر قال: نبأنا يعقوب بن سفيان قال
نبأنا مجاهد بن موسى قال: نبأنا يحيى بن آدم قال: نبأنا أبو شهاب قَالَ: قَالَ لي شعبة: عليك بالحجاج بن أرطاة، ومحمد بن إسحاق.
أَخْبَرَنَا أبو سعيد الصيرفي قَالَ نبأنا محمّد بن يعقوب الأصم قال: نبأنا عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن حنبل قَالَ: حَدَّثَنِي أبي قَالَ حَدَّثَنِي إبراهيم بن مهدي عن ابن عليّة قال شعبة.
وأخبرنا ابن الفضل قال: نبأنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد القطّان قال: نبأنا عبد الكريم بن الهيثم قال: نبأنا إبراهيم بن مهدي قَالَ سمعت ابن علية يقول في مسجده. قَالَ شعبة: أما محمد بن إسحاق وجابر الجعفي؛ فصدوقان.
زاد ابن حنبل، في الحديث.
أخبرني الأزهري قال: نبأنا عبد الرّحمن بن عمر الخلّال قال: نبأنا محمّد بن أحمد بن يعقوب قال: نبأنا جدي قال سألت على بن المديني عن ابن إسحاق.
فقلت: كيف حديث محمد بن إسحاق عندك صحيح؟ فقال: نعم حديثه عندي صحيح. قلت له: فكلام مالك فيه؟ قَالَ علي: مالك لم يجالسه ولم يعرفه. ثم قَالَ علي: ابن إسحاق أي شيء حدث بالمدينة؟ قلت له: فهشام بن عروة قد تكلم فيه.
فقال علي: الذي قَالَ هشام ليس بحجة، لعله دخل على امرأته وهو غلام فسمع منها.
وسمعت عليا يقول: إن حديث محمد بن إسحاق ليتبين فيه الصدق، يروي مرة حَدَّثَنِي أبو الزناد؛ ومرة ذكر أبو الزناد. وروى عن رجل عمن سمع منه يقول:
حَدَّثَنِي سفيان بن سعيد عن سالم أبي النضر عن عمر: «صوم يوم عرفة» وهو من أروى الناس عن أبي النضر. ويقول: حَدَّثَنِي الحسن بن دينار عن أيوب عن عمرو بن شعيب: «في سلف وبيع» . وهو من أروى الناس عن عمرو بن شعيب.
أَخْبَرَنَا ابْن الفضل قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جعفر قال: أنبأنا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ. قَالَ قَالَ عَلِيٌّ: لَمْ أَجِدْ لابْنِ إِسْحَاقَ إِلا حَدِيثَيْنِ مُنْكَرَيْنِ: نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ» وَالزُّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ: «إِذَا مَسَّ أَحَدُكُمْ فَرْجَهُ»
. هذان لم يروهما عن أحد، وفي الباقين يقول: ذكر فلان، ولكن هذا فيه حَدَّثَنَا. وقال يعقوب: سمعت بعض ولد جويرية بن أسماء- وكان ملازما لعلي- قَالَ سمعت عليا يقول: وقع إلي من حديث ابن إسحاق شيء فما أنكرت منه إلا أربعة أحاديث، ظننت أن بعضه منه وبعضه ليس منه.
أخبرنا البرقانيّ قال أنبأنا أبو حامد أحمد بن محمد بن حسنويه الهرويّ قال:
أنبأنا الحسين بن إدريس قال: نبأنا سليمان بن الأشعث قَالَ: سمعت أحمد- يعني ابن حنبل- ذكر محمد بن إسحاق فقال: كان رجلا يشتهي الحديث فيأخذ كتب الناس فيضعها في كتبه.
أخبرنا ابن الفضل قَالَ: أنبأنا عبد الله بن جعفر قال: نبأنا يعقوب بن سفيان قال نبأنا الفضل بْن زياد قَالَ: سمعت أبا عبد الله- وسأله جعفر- أيما أحب إليك، موسى ابن عبيدة الزبدي، أو محمد بن إسحاق؟ قَالَ: لا محمد بن إسحاق.
أخبرنا البرقانيّ قال: أنبأنا الحسين بن على التّميميّ قال: نبأنا أبو عوانة الإسفراييني قال: نبأنا أبو بكر المروزيّ قَالَ قيل لَهُ: يَعْنِي أَحْمَد بْن حنبل- أيما أحب إليك: موسى ابن عبيدة، أم محمد بن إسحاق؟ فقال: محمد بن إسحاق. وَقَالَ: قَالَ أحمد بن حنبل: كان ابن إسحاق يدلس إلا أن كتاب إبراهيم بن سعد إذا كان سماع قَالَ:
حَدَّثَنِي، وإذا لم يكن قَالَ قَالَ، وقَالَ أبو عبد الله: قدم محمد بن إسحاق إلى بغداد، وكان لا يبالي عمن يحكي عن الكلبي وغيره.
أخبرنا ابن رزق قال: أنبأنا عثمان بن أحمد قال نبأنا حنبل بن إسحاق. قَالَ سمعت أبا عبد الله يقول: ابن إسحاق ليس بحجة.
أَخْبَرَنَا علي بن محمد الدَّقَّاق قَالَ قرأنا على الْحُسَيْن بْن هارون عَن أَبِي الْعَبَّاس بْن سَعِيد قَالَ: سمعت عبد الله بن أحمد- وسأله رجل عن محمد بن إسحاق- فقال:
كان أبي يتتبع حديثه ويكتبه كثيرا بالعلو والنزول، ويخرجه في المسند وما رأيته أنفى حديثه قط. قيل له: يحتج به؟ قَالَ: لم يكن يحتج به في السنن.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِم إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن سليمان المؤدّب بأصبهان قال: أنبأنا أبو بكر بن المقرئ قال: نبأنا سلامة بن محمّد القيسي بعسقلان قال: نبأنا أيوب بن إسحاق بن سافري قَالَ: سألت أحمد بْنِ حنبل، فقلت: يا أبا عَبْد اللَّهِ، ابن إسحاق إذا تفرد بحديثه تقبله؟ قَالَ: لا والله إني رأيته يحدث عن جماعة بالحديث الواحد، ولا يفصل كلام ذا من كلام ذا. قَالَ: وأما علي بن المديني فكان يثني عليه ويقدمه.
أَخْبَرَنَا أبو نعيم الحافظ قال: نبأنا أَبُو القاسم مُوسَى بْن إِبْرَاهِيم بْن النضر بن مروان العطّار ببغداد قال: نبأنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، قَالَ: سألت عليّا-
يعني ابن المديني- عن محمد بن إسحاق بن يسار مولى [آل ] مخرمة، فقال: هو صالح وسط.
أَخْبَرَنَا عبد الكريم وعَبْد الصمد ابنا عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن المأمون الهاشمي. قالا:
أَنْبَأَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مُوسَى الملاحمي قَالَ: حَدَّثَنَا محمود بن إسحاق قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بن إسماعيل البخاري قَالَ: رأيت علي بن عبد الله يحتج بحديث ابن إسحاق. وَقَالَ علي: عن ابن عيينة ما رأيت أحدا يتهم ابن إسحاق .
وَقَالَ لي علي بن عبد الله: نظرت في كتاب ابن إسحاق فما وجدت عليه إلا في حديثين، ويمكن أن يكونا صحيحين.
أنبأنا أَبُو طاهر حمزة بْن مُحَمَّد بْن طاهر الدقاق قال نبأنا أبو العبّاس الوليد بن أبي بكر الأندلسي قال: نبأنا علي بن أحمد بن زكريا الهاشمي بأطرابلس المغرب قال:
نبأنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله بن صالح العجلي قَالَ حَدَّثَنِي أبي: قَالَ:
محمد بن إسحاق مدني ثقة .
أَخْبَرَنِي عَبْد اللَّهِ بْن يَحْيَى السكري قال: أنبأنا محمّد بن عبد الله الشّافعيّ قال: نبأنا جعفر بن محمّد بن الأزهر قال: نبأنا المفضل بن غسان الغلابي قَالَ: قَالَ يحيى بن معين: ابن إسحاق ثبت في الحديث.
أخبرني الأزهري قال: نبأنا عبد الرّحمن بن عمر قال: أنبأنا محمّد بن أحمد بن يعقوب قال: نبأنا جدي قَالَ: سألت يحيى بن معين عنه- يعني ابن إسحاق- فقلت في نفسك من صدقه شيء؟ فقال: لا هو صدوق .
أَخْبَرَنَا البرقاني قَالَ: أنبأنا الحسين بن على التّميميّ قال: نبأنا أبو عوانة الإسفراييني قال: نبأنا الميموني قَالَ: سمعت يحيى بن معين يقول: محمد بن إسحاق ضعيف.
أَخْبَرَنِي علي بن عبد العزيز الطاهري قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَضْلِ عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن الزُّهْرِيّ قَالَ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِ جَدِّي مُحَمَّدِ بْنِ عبد الله عن يحيى بن معين.
قَالَ: محمد بن إسحاق ليس بذاك.
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيد الصيرفي قَالَ: سمعتُ أَبَا الْعَبَّاس محمد بن يعقوب الأصم يقول سمعت العباس بْن مُحَمَّد الدوري يقول سمعت يحيى بن معين يقول: محمد بن إسحاق ثقة، ولكنه ليس بحجة.
كتب إِلَى عَبْد الرَّحْمَنِ بن عُثْمَان الدمشقي يذكر أن أبا الميمون البجلي أخبرهم قَالَ أنبأنا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو قَالَ: قلت ليحيى بن معين- وذكرت له الحجة- فقلت: محمد بن إسحاق منهم؟ فقال: كان ثقة، إنما الحجة عبيد الله بن عمر، ومالك بن أنس، وذكر قوما آخرين.
أَخْبَرَنَا الحسين بن علي الصيمري قال: نبأنا على بن الحسن الرّازيّ قال: نبأنا محمّد بن الحسين الزعفراني قال: نبأنا أحمد بن زهير قَالَ: سمعت يحيى بن معين يقول: محمد بن إسحاق ليس به أي بأس. وسئل يحيى بن معين عنه مرة أخرى قال ليس بذاك، ضعيف. وسمعته يقول مرة أخرى، محمد بن إسحاق عندي سقيم ليس بالقوي.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ غَالِبٍ الْفَقِيهُ قال: نبأنا أَحْمَد بْن سعيد بْن سعد وكيل دعلج قال: نبأنا عبد الكريم بن أحمد بن شعيب النسائي قال: نبأنا أبي قال: محمّد ابن إسحاق ليس بالقوي.
وأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر البرقاني قَالَ: سألت أبا الحسن علي بن عمر الحافظ عن محمد ابن إسحاق بن يسار [وعن أبيه ] فقال: جميعا لا يحتج بهما، وإنما يعتبر بهما.
الاختلاف في تاريخ وفاة محمد بن إسحاق:
أَخْبَرَنَا علي بن أحمد الرزاز قال أنبأنا محمّد بن أحمد بن الحسين الصّوّاف قال:
نبأنا بشر بن موسى قال نبأنا أبو حفص عمر بن علي. قَالَ: مات محمد بن إسحاق ابن يسار صاحب السيرة سنة خمسين ومائة .
أَخْبَرَنِي أبو القاسم الأزهري قال أنبانا أحمد بن إبراهيم بن الحسين قال نبأنا إبراهيم ابن محمد بن عرفة الأزدي، قَالَ: مات محمد بن إسحاق سنة مائة وخمسين.
أخبرنا ابن الفضل قال: نبأنا عبد الله بن جعفر قال: نبأنا يعقوب بن سفيان قال
نبأنا عبد الرحمن بْن عمرو قَالَ: سمعت أَحْمَد بن خالد الوهبي يقول: مات ابن إسحاق سنة إحدى وخمسين ومائة .
أَخْبَرَنِي الأزهري قَالَ نبأنا عبد الرّحمن بن عمرو قال نبأنا محمّد بن أحمد بن يعقوب قال نبأنا جدي، قَالَ: توفي محمد بن إسحاق بن يسار سنة إحدى وخمسين ومائة ببغداد. ويقال: إنه دفن في مقابر الخيزران.
أخبرنا بن بشران قال أنبأنا الحسين بن صفوان قال: نبأنا ابن أبي الدّنيا قال: نبأنا محمد بن سعد قَالَ: قَالَ الهيثم بن عدي: توفي- يعني ابن إسحاق- سنة إحدى وخمسين ومائة. وَقَالَ ابنه: توفي سنة خمسين ومائة.
أَخْبَرَنَا على بن محمّد بن الحسين السّمسار قال: أنبأنا محمّد بن إسماعيل الورّاق قال: نبأنا محمّد بن مخلد. وأخبرني الأزهري قال: أنبأنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْمُقْرِئُ قال: أنبأنا محمد بن مخلد قَالَ: قرأت على علي بْن عَمْرو الأنصاري: حدثكم الهيثم بن عدي. قَالَ: محمد بن إسحاق بن يسار سنة إحدى وخمسين ومائة- يعني مات- .
أخبرنا ابن بشران قَالَ: أنبأنا عُثْمَان بْن أَحْمَد الدقاق قَالَ قرئ على أبي الحسن بْن البراء وأنا حاضر قَالَ: قَالَ علي بن المديني: ومحمد بن إسحاق بن يسار مولى بني خزيمة، مات سنة اثنتين وخمسين ومائة.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفتح منصور بْن ربيعة الزُّهْرِيّ الخطيب بالدينور قال: أنبأنا علي بن أحمد بن علي بن راشد قال: أنبأنا أَحْمَد بْن يَحْيَى بْن الجارود قَالَ: قَالَ على بن المديني: ومات محمد بن إسحاق بن يسار سنة أربع وأربعين ومائة .
قال الشيخ أبو بكر الخطيب: وهم ابن جارود على علي في هذا القول أو من دونه، والصواب ما ذكره ابن البراء عن علي.
أَخْبَرَنِي الْبَرْقَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الأدمي قال: نبأ محمّد بن على الإياديّ قال: نبأنا زكريا بن يحيى الساجي. قَالَ: محمد بن إسحاق بن يسار مولى قيس بن مخرمة من سبي عين التمر، توفي سنة اثنتين وخمسين ومائة . انظر الخبر في: تهذيب الكمال 24/427.
ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
- انظر الخبر في: تهذيب الكمال 24/427.
- انظر الخبر في: تهذيب الكمال 24/427.
- انظر الخبر في: تهذيب الكمال 24/427.
أخبرنا الصّيمريّ قال: نبأنا على بن الحسن الرّازيّ قال: نبأنا محمّد بن الحسين قال: نبأنا أحمد بن زهير قَالَ: سمعت يحيى بن معين يقول: محمد بن إسحاق مات سنة اثنتين وخمسين وَمائة .
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيد بْن حسنويه قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْن مُحَمَّدِ بن جعفر قَالَ:
نبأنا عمر بن أحمد الأهوازيّ قال: نبأنا خليفة بن خياط. قال: محمّد بن يسار توفي سنة ثلاث أو اثنتين وخمسين ومائة .
قال الشيخ أبو بكر: لم أر في جملة المحمدين الذين كانوا في مدينة السّلام من أهلها الواردين إليها أكبر سنا أو أعلى إسنادا وأقدم موتا منه، ولهذه الأسباب المجتمعة فيه افتتحت كتابي بتسميته، وأتبعته بمن لحق به من أهل ترجمته، ولولا ذلك لكان أولى الأشياء تقديم ترجمة محمد بن أحمد على ما عداها من الأسماء، اقتداء بما رسمه أئمة شيوخنا، والله ولي عصمتنا وتوفيقنا.
ومحمد بن إسحاق، يكنى: أبا بكر. وقيل: أبا عبد الله، وله أخوان هما: أبو بكر وعمر ابنا إسحاق.
رأى محمد: أنس بن مالك، وسعيد بن المسيب، وسمع القاسم بْن مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر الصديق، وأبان بن عثمان بن عفان، ومُحَمَّد بن علي بن الْحُسَيْن بن علي بن أبي طالب، وأبا سلمة بْن عَبْد الرحمن، بْن عوف، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج، ونافعا مولى عبد الله بن عمر، ومحمد بن مسلم بن شهاب الأزهري، وغيرهم. وكان عالما بالسير والمغازي وأيام الناس، وأخبار المبتدأ، وقصص الأنبياء، وحدث عنه أئمة العلماء منهم: يحيى بن سعيد الأنصاري، وسفيان بن سعيد الثوري، وابن جريج، وشعبة بن الحجاج. وجرير بن حازم، والحمادان ابن سلمة وابن زيد، وإبراهيم بن سعد الزهري، وشريك بن عبد الله النخعي، وسفيان بن عيينة، ومن بعدهم. وكان ابن إسحاق قدم بغداد فنزلها حتى مات بها، ودفن بمقبرة الخيزران في الجانب الشرقي منها. وقد احتج بروايته في الإحكام قوم من أهل العلم، وصدف عنها آخرون. وأنا ذاكر ما حفظت من قول العلماء في عدالته، واختلافهم في الاحتجاج بروايته، والمشهور من تاريخ وفاته بعون الله ومشيئته.
أَخْبَرَنَا أبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل بْن شاذان الصيرفِي بنيسابور قَالَ:
سمعتُ أَبَا الْعَبَّاس مُحَمَّد بْن يعقوب الأصم يقول: سمعت العباس بْن مُحَمَّد الدوري يقول: سمعت يحيى بن معين، يقول: محمد بن إسحاق مولى قيس بن مخرمة.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن علي البزاز قال: نا عُمَر بن مُحَمَّد بن سيف الكاتب قَالَ: نا محمد بن العباس اليزيدي قَالَ: حَدَّثَنِي أبو جعفر أحمد بن محمد الزّيدي عميّ قال: أنبأنا مؤرج بن عمرو أبو فيد السدوسي، قَالَ: ومحمد بن إسحاق صاحب السيرة مولى لبني قيس بن مخرمة بن المطلب.
أَخْبَرَنَا محمد بن الحسين بن الفضل القطان قال: أنبأنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دَرَسْتَوَيْهِ النَّحْوِيُّ قال: نا يعقوب بن سفيان، قال: محمد بن إسحاق بن يسار صاحب السيرة مولى فارسي.
حَدَّثَنِي أبو القاسم الأزهري قَالَ: نا محمّد بن العبّاس الخزّاز قال: نا بدر بن الهيثم القاضي إملاء، قَالَ: محمد بن إسحاق، قالوا: هو محمد بن إسحاق بن يسار بن كوثان. وله أخ يقال له: عمر بن إسحاق، وموسى بن يسار الذي يروي عن أبي هريرة عمهما.
أخبرنا عبيد الله بن أبي الفتح الفارسي قال: أنبأنا أبو الحسن الدارقطني، قَالَ: وابن إسحاق صاحب المغازي هو محمّد بن يسار بن خيار، وكان خيار لقيس بن مخرمة ابن المطلب بن عبد مناف، قَالَ ذلك الهيثم بن عدي وأبو الحسن المدائني.
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ علي الصيمري قال: نبأنا على بن الحسين الورّاق الرّازيّ قال: نبأنا محمّد بن الحسين الزعفراني قال: نبأنا أحمد بن زهير قال نبأنا مصعب بن عبد الله، قَالَ: يسار مولى عبد الله بن قيس بن مخرمة بن المطلب، جد محمد بن إسحاق صاحب المغازي من سبي عين النّمر، وهو أول سبي دخل المدينة من العراق .
الاختلاف في كنية ابن إسحاق:
أَخْبَرَنَا أبو الحسين على بن بشران المعدّل قال: أنبأنا عثمان بن أحمد الدّقّاق قرئ على أبي الحسن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن البراء وأنا حاضر ح وأَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ مَنْصُورُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ أَحْمَدَ الزهري الخطيب بالدينور قال: أنبأنا علي بن أحمد بن علي بن راشد قال: أنبأنا أحمد بن يحيى بن الجارود قالا: قَالَ على بن المديني: محمّد بن إسحاق ابن يسار يكنى أبا بكر .
أَخْبَرَنَا ابن الفضل القطّان قال نا على بن إبراهيم المستملي قال: نا أبو أحمد محمد بن سليمان بن فارس الدلال قال: نا محمّد بن إسماعيل البخاريّ، قال محمّد ابن إسحاق مديني كنيته أبو بَكْر.
أَخْبَرَنَا أَبُو حازم عُمَر بْن أَحْمَد بْنُ إِبْرَاهِيم العبدوي بنيسابور قَالَ: سمعتُ مُحَمَّد ابن عبد الله الجوزقي يقول: أنبأنا مكي بن عبدان قَالَ: سمعت مسلم بن الحجاج، يقول: محمد بن إسحاق بن يسار أبو بكر.
أخبرنا الحسين بن على الجوهريّ قال: أنبأنا محمّد بن العبّاس الخزّاز قال: أنبأنا أحمد بن جعفر بن محمد بن المنادي، قَالَ: محمد بن إسحاق بن يسار أبو بكر.
أَخْبَرَنَا أبو سعيد الحسن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن حسنويه الكاتب بأصبهان قال:
أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بن جعفر بن حيّان قال: نبأنا عمر بن أحمد الأهوازي ثم أَخْبَرَنَا محمد بن أبي على الأصبهانيّ ببغداد قال: أنبأنا محمّد بن أحمد
ابن إسحاق الشاهد بالأهواز قال: نا عمر بن أحمد قال: نا خليفة بن خياط، قَالَ:
محمد بن إسحاق بن يسار يكنى أبا عبد الله.
أَخْبَرَنَا ابن بشران قال: أنبأنا الحسين بن صفوان البرذعيّ قال: نا عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا قال: نا محمد بن سعد، قَالَ: محمد بن إسحاق بن يسار يكنى أبا عبد الله.
أَخْبَرَنِي أبو القاسم الأزهري قال: نا عبد الرّحمن بن عمر الخلّال قال: نا محمد ابن أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوب بن شيبه قَالَ: نا جدي، قَالَ: محمد بن إسحاق بن يسار يكنى أبا عبد الله.
تسمية قدماء شيوخ ابن إسحاق الذين أدركهم وبعض حكاياته عنهم:
أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الله بن مهدي البزاز إجازة قَالَ:
أنبأنا محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة ثم أخبرني الأزهري قراءة قال نا عبد الرّحمن بن عمر الخلّال قال: نا محمّد بن أحمد بن يعقوب قال نا جدي قَالَ حَدَّثَنِي إسحاق بن إبراهيم ختن سلمة: قال نا سلمة، قَالَ: حَدَّثَنِي محمد بن إسحاق قَالَ:
رأيت أنس بن مالك عليه عمامة سوداء، والصبيان يشتدون ويقولون: هذا رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يموت حتى يلقى الدجال .
أخبرنا عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن الدَّقَّاق قَالَ: قرأنا على الْحُسَيْن بن هارون الضبي عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سَعِيدٍ قال: نا أحمد بن زهير قال: نا أبو داود المباركي قال نا أبو شهاب، قَالَ: قيل لمحمد بن إسحاق: أدركت سعيد بن المسيب؟
قَالَ: أدركته وأنا غلام.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن رزق البزّار قال: أنبأنا أحمد بن سلمان النجاد وَأَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ السكري قال: أنبأنا محمّد ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الشَّافِعِيُّ، قَالا: حَدَّثَنَا جعفر بن مُحَمَّد بن الأزهر قال: نا ابْن الغلابي قَالَ: سألت يَحْيَى بْن معين عن محمد بن إسحاق فقال: كان ثقة، وكان حسن الحديث. فقلت: إنهم يزعمون أنه رأى سعيد بن المسيب. فقال: إنه لقديم .
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيد الصيرفي قَالَ: سمعتُ أَبَا الْعَبَّاس محمد بن يعقوب الأصم يقول سمعت العباس بْن مُحَمَّد الدوري يقول سمعت يحيى بن معين يقول: قد سمع محمّد ابن إسحاق من أبان بن عثمان، وسمع من عطاء، وسمع من أبي سلمة بن عبد الرحمن، وسمع أيضا من القاسم بن محمد.
قال [الشيخ الحافظ أبو بكر قَالَ ] لنا أبو سعيد في موضع آخر: سمعت الأصم يقول: سمعت العباس يقول: سمعت يحيى يقول: قد سمع محمد بن إسحاق من القاسم بن محمد، وسمع من مكحول، وسمع من عبد الرحمن بن الأسود .
أَخْبَرَنِي عبد الله بن يحيى السكري قَالَ: أنبأنا أبو بكر الشّافعيّ قال: نا جعفر بن محمّد بن الأزهر قال: نا ابن الغلّابي قال نا يحيى بن معين قال: نبأنا سلمة بن الفضل الأبرش، قَالَ: حَدَّثَنِي محمد بن إسحاق قَالَ: رأيت سالم بن عبد الله بن عمر يلبس الصوف، وكان علج الخلق يعالج بيديه ويعمل.
أَخْبَرَنَا أبو سعيد الصّيرفيّ قال: نا محمّد بن يعقوب الأصم قال: نا عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن حنبل قَالَ: نا أبي قال نا إسحاق بن إبراهيم الرّازيّ قال: نبأنا سلمة بن الفضل، قَالَ: حَدَّثَنِي محمد بن إسحاق قَالَ رأيت أبا سلمة بن عبد الرحمن يأخذ بيد الصبي من الكتاب، فيذهب به إلى البيت فيملي عليه الحديث يكتب له.
مناقب ابن إسحاق ومعرفة حاله:
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن شاذة الأصبهانيّ بها قال نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حيّان قال: حدّثني حمويه بن أبي شداد قَالَ سمعت إبراهيم بن الحسين قال: سمعت على بن المديني يقول.
وَأَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن عَلَّان الشروطي قَالَ: نبأنا أبو الفتح محمّد ابن الحسين الأزدي الحافظ قَالَ حَدَّثَنِي هارون بن عيسى قال نبأنا أبو قلابة عبد الملك ابن محمّد قال سمعت على بن المديني، يقول: مدار حديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ستة، فذكرهم. ثم قَالَ: فصار علم الستة عند اثني عشر أحدهم ابن إسحاق ، هذا لفظ حديث الأصبهاني وحديث الشروطي بمعناه غير أنه قَالَ: ثلاثة عشر أحدهم ابن إسحاق.
أخبرنا ابن بشران قال أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْمِصْرِيُّ قَالَ: نبأنا عبد الله بن أبي مريم قال نبأنا نعيم بن حمّاد قال: أنبأنا سفيان بن عيينة. قَالَ: رأيت الزهري أتاه محمّد بن إسحاق فاستبطأه، قال له : أين كنت؟ فقال له محمد بن إسحاق: وهل يصل إليك أحد مع حاجبك؟ قَالَ فدعا حاجبه، فقال له: لا تحجبه إذا جاء .
قَالَ ابن عيينة قَالَ أبو بكر الهذلي سمعت الزهري يقول: لا يزال بالمدينة علم جم ما كان فيهم ابن إسحاق .
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أحمد بن غالب الخوارزمي البرقاني قَالَ:
قَرَأْتُ: عَلَى أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ حَمْدَانَ حدثكم تميم بن محمّد قال: نا أبو كريب قال نا ابن إدريس عن سفيان بن عيينة قَالَ: قال الأزهري لا يزال بالمدينة علم ما بقي- وذكر ابن إسحاق.
أَخْبَرَنَا علي بن أحمد بن عمر المقرئ قال: أنبأنا محمد بن عبد الله الشافعي أن معاذ بن المثنى حدّثهم قال: نبأنا على بن المديني قَالَ سمعت سفيان يقول: قَالَ ابن شهاب- وسئل عن مغازيه- فقال: هذا أعلم الناس بها- يعني ابن إسحاق.
أَخْبَرَنِي الأزهري قال: نبأنا محمّد بن العبّاس الخزّاز قال: أنبأنا إبراهيم بن محمّد ابن أحمد الفشني- قدم علينا- قال: نبأنا أبو الفضل العباس بن عزير القطان المروزي قَالَ: حَدَّثَنَا حرملة بْن يَحْيَى التجيبي قَالَ: سمعت مُحَمَّد بْن إدريس الشافعي، يقول:
من أراد أن يتبحر في المغازي فهو عيال على محمد بن إسحاق.
أَخْبَرَنَا الصيمري قَالَ: نبأنا على بن الحسن الرّازيّ قال: نبأنا محمّد بن الحسين الزعفراني قال: نبأنا أحمد بن زهير قَالَ: سألت يَحْيَى بْن معين عَن مُحَمَّد بْن إسحاق؟ فقال: قَالَ عاصم بن عمر بن قتادة: لا يزال في الناس علم ما عاش محمّد ابن إسحاق .
وَقَالَ أحمد بن زهير حَدَّثَنَا هارون بن معروف قَالَ: سمعت أبا معاوية يقول:
كان ابن إسحاق من أحفظ الناس، وكان إذا كان عند الرجل خمسة
أحاديث أو أكثر جاء فاستودعها محمد بن إسحاق، وَقَالَ: احفظها علي فإن نسيتها كنت قد حفظتها على .
أخبرنا الحسن بن الجوهريّ قال أنبأنا محمد بن العباس الخزاز قال: أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بن محمد الزهري قال: نبأنا أحمد بن سعد الزهري.
وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِم هِبَةُ اللَّه بْن الْحَسَن بْن مَنْصُور الطبري قال أنبأنا عبد الرّحمن ابن عمر قال: أنبأنا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أبي سعيد قَالَ: نبأنا أحمد بن سعد قال: نبأنا ابن نفيل قال: نبأنا عبد الله بن فائد قَالَ: كنا إذا جلسنا إلى محمد بن إسحاق فأخذ في فن من العلم، قضى مجلسه في ذلك الفن .
أَخْبَرَنَا أبو محمد عبيد الله بن الحسين بن نصر العطار قال: نبأنا على بن عمر الحافظ قال: نبأنا يزداد بن عبد الرّحمن الكاتب قال: نبأنا عبد الله بن شبيب قَالَ:
حَدَّثَنِي إبراهيم بن يحيى بن محمّد بن هاني الشجري عن أبيه، قَالَ: لما أراد محمد ابن إسحاق الخروج إلى العراق قَالَ له رجل من أصحابه: إني أحسب السفر غدا خسيسة يا أبا عبد الله. وكان ابن إسحاق قد رق فقال ابن إسحاق: والله ما أخلاقنا بخسيسة ولربما قصر الدهر باع الكريم.
أَخْبَرَنَا أبو بكر البرقانيّ قال: أنبأنا أبو أحمد الحسين بن علي التميمي قَالَ: أنبأنا أبو عوانة يعقوب بن إسحاق قال: نبأنا عبد الملك بن عبد الحميد بن ميمون بن مهران أبو الحسن الميموني قال: نبأنا أَبُو عبد اللَّه- يعني أَحْمَد بْن حنبل- بحديث استحسنه عن محمد بن إسحاق، فقلت له: يا أبا عبد الله ما أحسن هذه القصص التي يجيء بها ابن إسحاق؟ فتبسم إلى متعجبا .
أَخْبَرَنَا الأزهري قال: نبأنا عبيد اللَّه بْن عثمان بْن يحيى قَالَ: سمعت حامدا أبا علي الهروي يقول: سمعت الحسن بن محمد المؤدب قَالَ: سمعت عمارا يقول:
دخل محمد بن إسحاق على المهدي وبين يديه ابنه فقال له: أتعرف هذا يا ابن إسحاق؟ قَالَ: نعم هذا ابن أمير المؤمنين، قَالَ: اذهب فصنف له كتابا منذ خلق الله تعالى آدم عليه السلام إلى يومك هذا. قَالَ: فذهب فصنف له هذا الكتاب. فقال
له: لقد طولته يا ابن إسحاق اذهب فاختصره. قَالَ: فذهب فاختصره فهو هذا الكتاب المختصر، وألقى الكتاب الكبير في خزانة أمير المؤمنين قَالَ الحسن وسمعت أبا الهيثم يقول: صنف محمد بن إسحاق هذا الكتاب في القراطيس ثم صير القراطيس لسلمة- يعني ابن الفضل- فكانت تفضل رواية سلمة على رواية غيره لحال تلك القراطيس.
قال الشيخ أبو بكر: هكذا قَالَ هذا الراوي دخل ابن إسحاق على المهدي وبين يديه ابنه وفي ذلك عندي نظر، ولعله أراد أن يقول: دخل على المنصور وبين يديه المهديّ ابنه لأنه ذلك أشبه بالصواب والله أعلم.
أَخْبَرَنَا البرقاني قال: أنبأنا أبو عبد الله محمد بن الحسن السراجي السروي قال:
أنبأنا عبد الرّحمن بن أبي حاتم قال: نبأنا صالح بن أحمد قال: نبأنا علي قَالَ:
سمعت سفيان- وسئل عن محمد بن إسحاق- قيل له: لم يرو أهل المدينة عنه. قَالَ سفيان: جالست ابن إسحاق منذ بضع وسبعين سنة وما يتهمه أحد من أهل المدينة ولا يقول فيه شيئا. قلت لسفيان: كان ابن إسحاق جالس فاطمة بنت المنذر؟ فقال:
أَخْبَرَنِي ابن إسحاق أنها حدثته وأنه دخل عليها .
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بن الحسن الحرشي قال: نبأنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال نبأنا أَبُو زُرْعَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو بِدِمَشْقَ قال: نبأنا أحمد بن خالد الوهبي قال: نبأنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: سَمِعْتُ امْرَأَةً وَهِيَ تَسْأَلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: إِنَّ لِي ضَرَّةً وَإِنِّي أَسْتَشْبِعُ من زوجي بما لم يعطينيه لأَغِيظَهَا بِذَلِكَ. قَالَ: «الْمُسْتَشْبِعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كلابس ثوبي زور» .
قال المؤلف : فاطمة بنت المنذر هي زوجة هشام بن عروة بن الزبير؛ وكان هشام ينكر على ابن إسحاق روايته عنها. ويقول: لقد دخلت بها وهي بنت تسع سنين وما رآها مخلوق حتى لحقت بالله عز وجل.
أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إسحاق الحافظ بأصبهان قال: نا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ قال: نا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قَالَ: نا على بن المديني قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْن سَعِيد يَقُولُ: سألت هشام بن عروة عن محمّد ابن إسحاق فقلت: كان يدخل على فاطمة بنت المنذر؟ فقال: وهو كان يصل إليها؟
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّد بْنُ مُحَمَّد بْنِ عُثْمَانَ السواق قال: أنبأنا عيسى بن حامد الرخجي قال: نبأنا هيثم بن خلف الدوري قال: نبأنا أحمد بن إبراهيم قال: نبأنا أبو داود صاحب الطيالسة قَالَ: حَدَّثَنِي من سمع هشام بن عروة وقيل له إن ابن إسحاق يحدث بكذا وكذا عن فاطمة. فقال: كذب الخبيث.
أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن طلحة بْن مُحَمَّد الْمُقْرِئ قال: أنبأنا أبو الفتح محمد بن إبراهيم الطرسوسي قَالَ: أنبأنا محمّد بن داود الكرجي قال نبأنا عبد الرحمن بن يوسف بن خراش قَالَ: وروى يحيى عن سعيد القطان قَالَ: سمعت هشام بن عروة وذكر محمّد ابن إسحاق، فقال: ألعدو الله الكذاب يروي عن امرأتي من أين رآها؟
أخبرنا الحسن بن أبي بكر قال: أنبأنا أبو بكر بن خلاد قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْن سَعِيد يَقُولُ سَمِعْتُ هشام بن عروة، يقول: يحدث ابن إسحاق عن امرأتي فاطمة بنت المنذر، والله إن رآها قط. قَالَ عبد الله بن أحمد: فحدثت أبي بحديث ابن إسحاق فقال: وما ينكر هشام، لعله جاء فاستأذن عليها فأذنت له. أحسبه قَالَ: ولم يعلم .
وكان مالك بن أنس يسيء القول في ابن إسحاق:
أَخْبَرَنَا أبو بكر البرقانيّ قال: أنبأنا الحسين بن على التّميميّ قال نبأنا أبو عوانة يعقوب بن إسحاق قال نبأنا الميموني قَالَ: سمعت أبا الوليد هشام بن عبد الملك يقول: كان مالك بن أنس يسيء الرأي في ابن إسحاق.
أَخْبَرَنِي محمد بن الحسين القطّان قال: أنبأنا دعلج بن أحمد قال: أنبأنا أحمد بن على الأبّار قال: نبأنا إبراهيم بن زياد سبلان قال: نبأنا حسين بن عروة، قَالَ:
سمعت مالك بن أنس يقول: محمد بن إسحاق كذاب.
أَخْبَرَنَا البرقانيّ قال نبأنا محمّد بن الحسن السروي قال نبأنا عبد الرّحمن بن أبي
حاتم قال نبأنا أبو سعيد الأشج قال نبأنا ابن إدريس قَالَ: قلت لمالك بن أنس- وذكر المغازي- فقلت: قَالَ ابن إسحاق أنا بيطارها. فقال: قَالَ لك أنا بيطارها؟ نحن نفيناه عن المدينة.
وأخبرنا البرقانيّ قال: أنبأنا الحسين بن على التّميميّ قال: نبأنا أبو عوانة يعقوب ابن إسحاق عن أبي بكر الأثرم. قَالَ: سألته- يعني أَحْمَد بن حنبل- عن محمد بن إسحاق كيف هو؟ فقال: هو حسن الحديث. ولقد قَالَ مالك حين ذكره: دجال من الدجاجلة.
قال الشيخ أبو بكر الخطيب: قد ذكر بعض العلماء: أن مالكا عابه جماعة من أهل العلم في زمانه، بإطلاق لسانه في قوم معروفين بالصلاح والديانة والثقة والأمانة.
واحتج بما أَخْبَرَنِي الْبَرْقَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الملك الأدمي قَالَ: نَبَّأَنَا مُحَمَّد بْن عَلِيّ الإيادي قَالَ: نبأنا زكريّا الساجي قال حدّثني أحمد ابن محمّد البغدادي قال: نبأنا إبراهيم بن المنذر قال: نبأنا محمد بن فليح قَالَ: قَالَ لي مالك بن أنس: هشام بن عروة كذاب.
قَالَ [أحمد بن محمد ] : فسألت يحيى بن معين قال: عسى أراد في الكلام، فأما الحديث فهو ثقة، وهو من الرواة عنه. وَقَالَ إبراهيم: حَدَّثَنِي عبد الله بن نافع قَالَ:
كان ابن أبي ذئب، وعبد العزيز الماجشون، وابن أبي حازم، ومحمد بن إسحاق.
يتكلمون في مالك بن أنس وكان أشدهم فيه كلاما محمد بن إسحاق. كان يقول:
ائتوني ببعض كتبه حتى أبين عيوبه أنا بيطار كتبه .
قال المؤالف : أما كلام مالك في ابن إسحاق فمشهور غير خاف على أحد من أهل العلم بالحديث، وأما حكاية ابن فليح عنه في هشم بن عروة فليست بالمحفوظة إلا من الوجه الذي ذكرناه، وراويها عن إبراهيم بن المنذر غير معروف عندنا، فالله أعلم.
وقد أمسك عن الاحتجاج بروايات ابن إسحاق غير واحد من العلماء لأسباب منها أنه كان يتشيع، وينسب إلى القدر، ويدلس في حديثه فأما الصدق فليس بمدفوع عنه .
أخبرنا أبو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ القاسم الدمشقي في كتابه إلينا قال:
أنبأنا أبو الميمون البجلي. ثم أَخْبَرَنَا البرقاني قراءة، قال: أنبأنا محمد بن عثمان القاضي، قال: أنبأنا أَبُو الميمون عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه البجلي بدمشق قَالَ: قَالَ أَبُو زُرْعَةَ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَمْرٍو النَّصْري: ومحمد بن إسحاق رجل قد أجمع الكبراء من أهل العلم على الأخذ منه. منهم سفيان، وشعبة، وابن عيينة، وحمّاد بن يزيد، وحماد بن سلمة، وابن المبارك، وإبراهيم بن سعد. وروى عنه من الأكابر: يزيد بن أبي حبيب، وقد اختبره أهل الحديث فرأوا صدقا وخيرا، مع مدحة ابن شهاب له، وقد ذاكرت دحيما قول مالك: فرأى أن ذلك ليس للحديث إنما هو لأنه اتهمه بالقدر .
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ بْن مُحَمَّد بْن عليّ الكتاني لفظا بدمشق قال نبأنا عبد الوهّاب بن جعفر المدياني قال: نبأنا أَبُو هاشم عَبْد الجبار بْن عَبْد الصمد السلمي قال نبأنا أَبُو بكر القاسم بْن عيسى العصار قَالَ: نبأنا أَبُو إسحاق إبراهيم بْن يعقوب الجوزجاني، قَالَ: محمد بن إسحاق الناس يشتهون حديثه وكان يرمي بغير نوع من البدع .
أَخْبَرَنَا أبو حازم العبدوي قال أنبأنا أَبُو مُحَمَّدٍ الْقَاسِمُ بْنُ غَانِمِ بْنِ حَمُّوَيْهِ الصيدلاني المهلّبي قال: أنبأنا مُحَمَّد بْنُ إِبْرَاهِيمَ بن سعيد البوشنجي قَالَ: نبأنا ابن بكير قال: نبأنا هارون بن عبد الله القاضي عن ابن أبي حازم. قَالَ: كنا قعودا في المسجد معنا محمد بن إسحاق، إذ نعس ثم فتح عينه. فقال: رأيت الساعة كأن حمارا أخرج من دار مروان في عنقه حبل، فأدخل المسجد حتى أخرج من الباب الآخر، قَالَ: وكان قدم وال. قَالَ: فجاءه عون من قبل الوالي فقال: من هذا الجالس معكم؟ قلنا: محمد بن إسحاق. قَالَ: فأخذه، فرأيناه قد مرّ علينا في عنقه حبل من دار مروان حتى أدخل المسجد وأخرج من الباب الآخر.
أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْن عبد اللَّه بْن مهدي فيما أجاز لنا، وَحَدَّثَنَاه ثقة سمعه منه قال: أنبأنا محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة قال: نبأنا جدي قَالَ سمعت سعيد بن داود الزنبري قَالَ حَدَّثَنِي والله عبد العزيز بن محمد الدراوردي، قَالَ: كنا في مجلس محمد بن إسحاق نتعلم، فأغفى إغفاءة ثم انتبه ،
فقال: إني رأيت في المنام الساعة كأن إنسانا دخل المسجد ومعه حبل فوضعه في عنق حمار فأخرجه، فما لبثنا أن دخل المسجد رجل معه حبل حتى وضعه في عنق ابن إسحاق فأخرجه فذهب به إلى السلطان، فجلد . قَالَ ابن أبي زنبر من أجل القدر .
أَخْبَرَنَا الحسين بن علي الصيمري قال: نبأنا على بن الحسين الرّازيّ قال: نبأنا محمّد بن الحسين الزعفراني قال: نبأنا أَحْمَد بْن زهير قَالَ: سمعتُ هارون بْن معروف. يقول: كان محمد بن إسحاق قدريا.
أخبرنا عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن الدَّقَّاق قَالَ قرأنا على الْحُسَيْن بن هارون الضبي عن أبي العبّاس بن سعيد قال: نبأنا موسى بن هارون بن إسحاق قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نمير يقول: كان محمد بن إسحاق يرمى بالقدر، وكان أبعد الناس منه .
أخبرنا ابن الفضل قَالَ: أنبأنا عبد الله بن جعفر بن درستويه قال: نبأنا يعقوب بن سفيان، قَالَ: سمعت مكي بن إبراهيم يقول: جلست إلى محمد بن إسحاق وكان يخضب بالسواد فذكر أحاديث في الصفة أو في الصفات فنفرت منها. فلم أعد إليه.
أخبرنا محمّد بن الحسين القطّان قال أنبأنا دعلج بن أحمد قال أنبأنا أحمد بن على الأبّار قال: نبأنا عبد الرّحمن بن خازم قَالَ: قَالَ مكي بن إبراهيم: جعفر بن محمد، ومحمد بن إسحاق، والحجاج بن أرطأة، نبلوا بعد موتهم. قَالَ: وسمعته يقول: تركت حديث ابن إسحاق وقد سمعت منه بالري عشرين مجلسا، فسمعت منه شيئا فتركته.
أَخْبَرَنَا الْبَرْقَانِيّ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بن أَحْمَد الأدمى قال ثنا محمّد بن على الإياديّ قال نبأنا زكريا بن يحيى قَالَ: حدثت عن مفضل- يعني ابن غسان- قَالَ:
حضرت يزيد بن هارون في سنة ثلاث وتسعين ومائة بالمدينة وهو يحدث بالبقيع، وعنده ناس من أهل المدينة يسمعون منه شيئا بأخرة، فحدث بأحاديث حتى
حدثهم عن محمد بن إسحاق فأمسكوا. وقالوا: لا تحدثنا عنه نحن أعلم به، فذهب يزيد يحاولهم فلم يقبلوا، فأمسك يزيد.
أَخْبَرَنَا أبو القاسم الأزهري قال: أنبأنا محمّد بن العبّاس الخزّاز قال: أنبأنا إبراهيم ابن محمّد الكندي قال: نبأنا أبو موسى محمد بن المثنى قَالَ: ما سمعت يحيى- يعني القطان- يحدث عن محمد بن إسحاق شيئا قط.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْقَاسِمِ النَّرْسِيُّ قال نبأنا أبو بكر الشّافعيّ قال: نبأنا الهيثم بن مجاهد قَالَ حَدَّثَنَا أحمد بن الدورقي قَالَ حَدَّثَنِي يحيى بن معين عن يحيى القطان: أنه كان لا يرضى ابن إسحاق، ولا يروي عنه.
أَخْبَرَنَا أبو عمر بن مهدي فيما أجاز لنا روايته عنه قال: أنبأنا محمّد بن أحمد بن يعقوب قال نبأنا جدي قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نمير- وذكر ابن إسحاق- فقال: إذا حدث عمن سمع منه من المعروفين، فهو حسن الحديث صدوق، وإنما أوتى من أنه يحدث عن المجهولين أحاديث باطلة .
أخبرنا علي بن أبي علي قال: أنبأنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الحازمي قَالَ: نبأنا إسحاق بن أحمد بن خلف البخاري الحافظ قال: سمعت محمّد بن إسماعيل يقول:
محمّد بن إسحاق ينبغي أن يكون له ألف حديث ينفرد بها، لا يشاركه فيها أحد .
قَالَ: وسمعت محمد بن إسماعيل يقول: سمعت عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه يقول سمعت سفيان يقول: ما رأيت أحدا يتهم محمد بن إِسْحَاقَ .
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد العتيقي قَالَ: نبأنا محمّد بن العبّاس الخزّاز قال أنبأنا أَبُو أيوب سُلَيْمَان بْن إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم بن الخليل الجلاب قَالَ: سألت إبراهيم الحربي:
تكلم أحد في ابن إسحاق؟ فقال: أما سفيان- يعني ابن عيينة- فكان يقول: لا يزال بالمدينة علم ما عاش هذا الغلام- يعني ابن إسحاق- قَالَ إبراهيم: ولكن حَدَّثَنِي مصعب قَالَ: كانوا يطعنون عليه بشيء من غير جنس الحديث .
أخبرنا علي بن محمد الدَّقَّاق قَالَ قرأنا على الْحُسَيْن بْن هارون عن أبي العباس بن سعيد قال: أنبأنا عبد الله بن أحمد بن خزيمة قَالَ: نبأنا محمّد بن يحيى قال نبأنا أبو سعيد الجعفي قال: نبأنا محمّد ابن إدريس: وكان معجبا بابن إسحاق كثير الذكر له، ينسبه إلى العلم والمعرفة والحفظ.
أَخْبَرَنَا محمّد بن الحسين القطّان قال: أنبأنا دعلج بن أحمد قال: أنبأنا أحمد بن على الأبّار قال نبأنا إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة الحراني قال: نبأنا يزيد بن هارون عن شعبة. قَالَ: لو سوّد أحد في الحديث؛ لسوّد ابن إسحاق .
أخبرنا البرقانيّ قال: أنبأنا الحسين بن على النّيسابوريّ قال: أنبأنا أبو بكر بن خزيمة وأَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عبد الواحد بْن عَلِيّ البزاز، قال: أنبأنا عمر بن محمّد بن يوسف الكاتب قال نبأنا عبد الله بن أبي داود. قالا: نبأنا محمّد بن يزيد الأسفاطي قال نبأنا يحيى بن كثير العنبري يقول سمعت شعبة يقول: محمد بن إسحاق أمير المؤمنين في الحديث .
أنبأنا علي بن المحسن التنوخي قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ الرّازيّ قال ثنا الحسين بن إسماعيل المحامليّ قال: ثنا العبّاس بن يزيد البحراني قال ثنا سفيان بن عيينة قال سمعت شعبة، يقول: محمد بن إسحاق أمير المؤمنين في الحديث .
وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الصَّيْرَفِيُّ قَالَ: نبأنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال: نبأنا محمّد بن على الورّاق قال نبأنا عبيد بن يعيش قال: نبأنا يونس بن بكير قَالَ: سمعت شعبة، يقول: محمد بن إسحاق أمير المحدثين. فقيل له:
لم؟ فقال: لحفظه .
أَخْبَرَنَا البرقاني قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ حَمْدَانَ سمعت محمد بن أيوب يقول سمعت عبيد بن يعيش يقول: سمعت يونس بن بكير يقول قَالَ شعبة: ابن إسحاق سيد المحدثين لحال حفظه.
أَخْبَرَنَا ابْن الفضل قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن جعفر قال: نبأنا يعقوب بن سفيان قال
نبأنا مجاهد بن موسى قال: نبأنا يحيى بن آدم قال: نبأنا أبو شهاب قَالَ: قَالَ لي شعبة: عليك بالحجاج بن أرطاة، ومحمد بن إسحاق.
أَخْبَرَنَا أبو سعيد الصيرفي قَالَ نبأنا محمّد بن يعقوب الأصم قال: نبأنا عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن حنبل قَالَ: حَدَّثَنِي أبي قَالَ حَدَّثَنِي إبراهيم بن مهدي عن ابن عليّة قال شعبة.
وأخبرنا ابن الفضل قال: نبأنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد القطّان قال: نبأنا عبد الكريم بن الهيثم قال: نبأنا إبراهيم بن مهدي قَالَ سمعت ابن علية يقول في مسجده. قَالَ شعبة: أما محمد بن إسحاق وجابر الجعفي؛ فصدوقان.
زاد ابن حنبل، في الحديث.
أخبرني الأزهري قال: نبأنا عبد الرّحمن بن عمر الخلّال قال: نبأنا محمّد بن أحمد بن يعقوب قال: نبأنا جدي قال سألت على بن المديني عن ابن إسحاق.
فقلت: كيف حديث محمد بن إسحاق عندك صحيح؟ فقال: نعم حديثه عندي صحيح. قلت له: فكلام مالك فيه؟ قَالَ علي: مالك لم يجالسه ولم يعرفه. ثم قَالَ علي: ابن إسحاق أي شيء حدث بالمدينة؟ قلت له: فهشام بن عروة قد تكلم فيه.
فقال علي: الذي قَالَ هشام ليس بحجة، لعله دخل على امرأته وهو غلام فسمع منها.
وسمعت عليا يقول: إن حديث محمد بن إسحاق ليتبين فيه الصدق، يروي مرة حَدَّثَنِي أبو الزناد؛ ومرة ذكر أبو الزناد. وروى عن رجل عمن سمع منه يقول:
حَدَّثَنِي سفيان بن سعيد عن سالم أبي النضر عن عمر: «صوم يوم عرفة» وهو من أروى الناس عن أبي النضر. ويقول: حَدَّثَنِي الحسن بن دينار عن أيوب عن عمرو بن شعيب: «في سلف وبيع» . وهو من أروى الناس عن عمرو بن شعيب.
أَخْبَرَنَا ابْن الفضل قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جعفر قال: أنبأنا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ. قَالَ قَالَ عَلِيٌّ: لَمْ أَجِدْ لابْنِ إِسْحَاقَ إِلا حَدِيثَيْنِ مُنْكَرَيْنِ: نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ» وَالزُّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ: «إِذَا مَسَّ أَحَدُكُمْ فَرْجَهُ»
. هذان لم يروهما عن أحد، وفي الباقين يقول: ذكر فلان، ولكن هذا فيه حَدَّثَنَا. وقال يعقوب: سمعت بعض ولد جويرية بن أسماء- وكان ملازما لعلي- قَالَ سمعت عليا يقول: وقع إلي من حديث ابن إسحاق شيء فما أنكرت منه إلا أربعة أحاديث، ظننت أن بعضه منه وبعضه ليس منه.
أخبرنا البرقانيّ قال أنبأنا أبو حامد أحمد بن محمد بن حسنويه الهرويّ قال:
أنبأنا الحسين بن إدريس قال: نبأنا سليمان بن الأشعث قَالَ: سمعت أحمد- يعني ابن حنبل- ذكر محمد بن إسحاق فقال: كان رجلا يشتهي الحديث فيأخذ كتب الناس فيضعها في كتبه.
أخبرنا ابن الفضل قَالَ: أنبأنا عبد الله بن جعفر قال: نبأنا يعقوب بن سفيان قال نبأنا الفضل بْن زياد قَالَ: سمعت أبا عبد الله- وسأله جعفر- أيما أحب إليك، موسى ابن عبيدة الزبدي، أو محمد بن إسحاق؟ قَالَ: لا محمد بن إسحاق.
أخبرنا البرقانيّ قال: أنبأنا الحسين بن على التّميميّ قال: نبأنا أبو عوانة الإسفراييني قال: نبأنا أبو بكر المروزيّ قَالَ قيل لَهُ: يَعْنِي أَحْمَد بْن حنبل- أيما أحب إليك: موسى ابن عبيدة، أم محمد بن إسحاق؟ فقال: محمد بن إسحاق. وَقَالَ: قَالَ أحمد بن حنبل: كان ابن إسحاق يدلس إلا أن كتاب إبراهيم بن سعد إذا كان سماع قَالَ:
حَدَّثَنِي، وإذا لم يكن قَالَ قَالَ، وقَالَ أبو عبد الله: قدم محمد بن إسحاق إلى بغداد، وكان لا يبالي عمن يحكي عن الكلبي وغيره.
أخبرنا ابن رزق قال: أنبأنا عثمان بن أحمد قال نبأنا حنبل بن إسحاق. قَالَ سمعت أبا عبد الله يقول: ابن إسحاق ليس بحجة.
أَخْبَرَنَا علي بن محمد الدَّقَّاق قَالَ قرأنا على الْحُسَيْن بْن هارون عَن أَبِي الْعَبَّاس بْن سَعِيد قَالَ: سمعت عبد الله بن أحمد- وسأله رجل عن محمد بن إسحاق- فقال:
كان أبي يتتبع حديثه ويكتبه كثيرا بالعلو والنزول، ويخرجه في المسند وما رأيته أنفى حديثه قط. قيل له: يحتج به؟ قَالَ: لم يكن يحتج به في السنن.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِم إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن سليمان المؤدّب بأصبهان قال: أنبأنا أبو بكر بن المقرئ قال: نبأنا سلامة بن محمّد القيسي بعسقلان قال: نبأنا أيوب بن إسحاق بن سافري قَالَ: سألت أحمد بْنِ حنبل، فقلت: يا أبا عَبْد اللَّهِ، ابن إسحاق إذا تفرد بحديثه تقبله؟ قَالَ: لا والله إني رأيته يحدث عن جماعة بالحديث الواحد، ولا يفصل كلام ذا من كلام ذا. قَالَ: وأما علي بن المديني فكان يثني عليه ويقدمه.
أَخْبَرَنَا أبو نعيم الحافظ قال: نبأنا أَبُو القاسم مُوسَى بْن إِبْرَاهِيم بْن النضر بن مروان العطّار ببغداد قال: نبأنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، قَالَ: سألت عليّا-
يعني ابن المديني- عن محمد بن إسحاق بن يسار مولى [آل ] مخرمة، فقال: هو صالح وسط.
أَخْبَرَنَا عبد الكريم وعَبْد الصمد ابنا عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن المأمون الهاشمي. قالا:
أَنْبَأَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مُوسَى الملاحمي قَالَ: حَدَّثَنَا محمود بن إسحاق قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بن إسماعيل البخاري قَالَ: رأيت علي بن عبد الله يحتج بحديث ابن إسحاق. وَقَالَ علي: عن ابن عيينة ما رأيت أحدا يتهم ابن إسحاق .
وَقَالَ لي علي بن عبد الله: نظرت في كتاب ابن إسحاق فما وجدت عليه إلا في حديثين، ويمكن أن يكونا صحيحين.
أنبأنا أَبُو طاهر حمزة بْن مُحَمَّد بْن طاهر الدقاق قال نبأنا أبو العبّاس الوليد بن أبي بكر الأندلسي قال: نبأنا علي بن أحمد بن زكريا الهاشمي بأطرابلس المغرب قال:
نبأنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله بن صالح العجلي قَالَ حَدَّثَنِي أبي: قَالَ:
محمد بن إسحاق مدني ثقة .
أَخْبَرَنِي عَبْد اللَّهِ بْن يَحْيَى السكري قال: أنبأنا محمّد بن عبد الله الشّافعيّ قال: نبأنا جعفر بن محمّد بن الأزهر قال: نبأنا المفضل بن غسان الغلابي قَالَ: قَالَ يحيى بن معين: ابن إسحاق ثبت في الحديث.
أخبرني الأزهري قال: نبأنا عبد الرّحمن بن عمر قال: أنبأنا محمّد بن أحمد بن يعقوب قال: نبأنا جدي قَالَ: سألت يحيى بن معين عنه- يعني ابن إسحاق- فقلت في نفسك من صدقه شيء؟ فقال: لا هو صدوق .
أَخْبَرَنَا البرقاني قَالَ: أنبأنا الحسين بن على التّميميّ قال: نبأنا أبو عوانة الإسفراييني قال: نبأنا الميموني قَالَ: سمعت يحيى بن معين يقول: محمد بن إسحاق ضعيف.
أَخْبَرَنِي علي بن عبد العزيز الطاهري قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَضْلِ عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن الزُّهْرِيّ قَالَ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِ جَدِّي مُحَمَّدِ بْنِ عبد الله عن يحيى بن معين.
قَالَ: محمد بن إسحاق ليس بذاك.
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيد الصيرفي قَالَ: سمعتُ أَبَا الْعَبَّاس محمد بن يعقوب الأصم يقول سمعت العباس بْن مُحَمَّد الدوري يقول سمعت يحيى بن معين يقول: محمد بن إسحاق ثقة، ولكنه ليس بحجة.
كتب إِلَى عَبْد الرَّحْمَنِ بن عُثْمَان الدمشقي يذكر أن أبا الميمون البجلي أخبرهم قَالَ أنبأنا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو قَالَ: قلت ليحيى بن معين- وذكرت له الحجة- فقلت: محمد بن إسحاق منهم؟ فقال: كان ثقة، إنما الحجة عبيد الله بن عمر، ومالك بن أنس، وذكر قوما آخرين.
أَخْبَرَنَا الحسين بن علي الصيمري قال: نبأنا على بن الحسن الرّازيّ قال: نبأنا محمّد بن الحسين الزعفراني قال: نبأنا أحمد بن زهير قَالَ: سمعت يحيى بن معين يقول: محمد بن إسحاق ليس به أي بأس. وسئل يحيى بن معين عنه مرة أخرى قال ليس بذاك، ضعيف. وسمعته يقول مرة أخرى، محمد بن إسحاق عندي سقيم ليس بالقوي.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ غَالِبٍ الْفَقِيهُ قال: نبأنا أَحْمَد بْن سعيد بْن سعد وكيل دعلج قال: نبأنا عبد الكريم بن أحمد بن شعيب النسائي قال: نبأنا أبي قال: محمّد ابن إسحاق ليس بالقوي.
وأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر البرقاني قَالَ: سألت أبا الحسن علي بن عمر الحافظ عن محمد ابن إسحاق بن يسار [وعن أبيه ] فقال: جميعا لا يحتج بهما، وإنما يعتبر بهما.
الاختلاف في تاريخ وفاة محمد بن إسحاق:
أَخْبَرَنَا علي بن أحمد الرزاز قال أنبأنا محمّد بن أحمد بن الحسين الصّوّاف قال:
نبأنا بشر بن موسى قال نبأنا أبو حفص عمر بن علي. قَالَ: مات محمد بن إسحاق ابن يسار صاحب السيرة سنة خمسين ومائة .
أَخْبَرَنِي أبو القاسم الأزهري قال أنبانا أحمد بن إبراهيم بن الحسين قال نبأنا إبراهيم ابن محمد بن عرفة الأزدي، قَالَ: مات محمد بن إسحاق سنة مائة وخمسين.
أخبرنا ابن الفضل قال: نبأنا عبد الله بن جعفر قال: نبأنا يعقوب بن سفيان قال
نبأنا عبد الرحمن بْن عمرو قَالَ: سمعت أَحْمَد بن خالد الوهبي يقول: مات ابن إسحاق سنة إحدى وخمسين ومائة .
أَخْبَرَنِي الأزهري قَالَ نبأنا عبد الرّحمن بن عمرو قال نبأنا محمّد بن أحمد بن يعقوب قال نبأنا جدي، قَالَ: توفي محمد بن إسحاق بن يسار سنة إحدى وخمسين ومائة ببغداد. ويقال: إنه دفن في مقابر الخيزران.
أخبرنا بن بشران قال أنبأنا الحسين بن صفوان قال: نبأنا ابن أبي الدّنيا قال: نبأنا محمد بن سعد قَالَ: قَالَ الهيثم بن عدي: توفي- يعني ابن إسحاق- سنة إحدى وخمسين ومائة. وَقَالَ ابنه: توفي سنة خمسين ومائة.
أَخْبَرَنَا على بن محمّد بن الحسين السّمسار قال: أنبأنا محمّد بن إسماعيل الورّاق قال: نبأنا محمّد بن مخلد. وأخبرني الأزهري قال: أنبأنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْمُقْرِئُ قال: أنبأنا محمد بن مخلد قَالَ: قرأت على علي بْن عَمْرو الأنصاري: حدثكم الهيثم بن عدي. قَالَ: محمد بن إسحاق بن يسار سنة إحدى وخمسين ومائة- يعني مات- .
أخبرنا ابن بشران قَالَ: أنبأنا عُثْمَان بْن أَحْمَد الدقاق قَالَ قرئ على أبي الحسن بْن البراء وأنا حاضر قَالَ: قَالَ علي بن المديني: ومحمد بن إسحاق بن يسار مولى بني خزيمة، مات سنة اثنتين وخمسين ومائة.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفتح منصور بْن ربيعة الزُّهْرِيّ الخطيب بالدينور قال: أنبأنا علي بن أحمد بن علي بن راشد قال: أنبأنا أَحْمَد بْن يَحْيَى بْن الجارود قَالَ: قَالَ على بن المديني: ومات محمد بن إسحاق بن يسار سنة أربع وأربعين ومائة .
قال الشيخ أبو بكر الخطيب: وهم ابن جارود على علي في هذا القول أو من دونه، والصواب ما ذكره ابن البراء عن علي.
أَخْبَرَنِي الْبَرْقَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الأدمي قال: نبأ محمّد بن على الإياديّ قال: نبأنا زكريا بن يحيى الساجي. قَالَ: محمد بن إسحاق بن يسار مولى قيس بن مخرمة من سبي عين التمر، توفي سنة اثنتين وخمسين ومائة . انظر الخبر في: تهذيب الكمال 24/427.
ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
- انظر الخبر في: تهذيب الكمال 24/427.
- انظر الخبر في: تهذيب الكمال 24/427.
- انظر الخبر في: تهذيب الكمال 24/427.
أخبرنا الصّيمريّ قال: نبأنا على بن الحسن الرّازيّ قال: نبأنا محمّد بن الحسين قال: نبأنا أحمد بن زهير قَالَ: سمعت يحيى بن معين يقول: محمد بن إسحاق مات سنة اثنتين وخمسين وَمائة .
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيد بْن حسنويه قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْن مُحَمَّدِ بن جعفر قَالَ:
نبأنا عمر بن أحمد الأهوازيّ قال: نبأنا خليفة بن خياط. قال: محمّد بن يسار توفي سنة ثلاث أو اثنتين وخمسين ومائة .
مُحَمَّد بن عبد الله بن أخي الزُّهْرِيّ
- ومحمد بن عبد الله بن علاثة. ولي قضاء المهدي.
- محمد بن عبد الله بن الزبير الأسدي. يكنى أبا أحمد. مات بالأهواز سنة ثلاث ومائتين.
محمد بن عبد الله
- محمد بن عبد الله بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب. وأمه هند وهي أم خالد بنت خَالِد بْن حزام بْن خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قصي. فولد محمد بن عبد الله القاسم ومعاوية لا بقية لهما وأمهما ضريبة بنت الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب. وجعفرا وقسيمة وأمهما حميدة بِنْت أبي سُفْيَان بْن الْحَارِث بْن عَبْد المطلب. وقد روى الزهري عن محمد بن عبد الله بن نوفل.
- محمد بن عبد الله بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب. وأمه هند وهي أم خالد بنت خَالِد بْن حزام بْن خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قصي. فولد محمد بن عبد الله القاسم ومعاوية لا بقية لهما وأمهما ضريبة بنت الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب. وجعفرا وقسيمة وأمهما حميدة بِنْت أبي سُفْيَان بْن الْحَارِث بْن عَبْد المطلب. وقد روى الزهري عن محمد بن عبد الله بن نوفل.
مُحَمَّد بْن عَبْد الله شيخ يروي عَن بْن عمر روى شُعْبَة عَن مُحَمَّد بن مرّة عَنهُ
- ومحمد بن عبد الله بن مسلم, ابن أخي الزهري. يكنى أبا عبد الله، مات سنة أربع وخمسين ومائة.
مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه عَنْ عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز روى عَنْهُ عكرمة بْن عمار.
محمد بن عبد الله
- محمد بن عبد الله بن أبي حرة. مولى لأسلم. ويكنى أبا عبد الله مات سنة سبع أو ثمان وخمسين ومائة.
- محمد بن عبد الله بن أبي حرة. مولى لأسلم. ويكنى أبا عبد الله مات سنة سبع أو ثمان وخمسين ومائة.
محمد بن عبد الله
- محمد بن عبد الله بن نمير الهمداني ثم الخارفي. ويكنى أبا عبد الرحمن. توفي بالكوفة سنة أربع وثلاثين ومائتين.
- محمد بن عبد الله بن نمير الهمداني ثم الخارفي. ويكنى أبا عبد الرحمن. توفي بالكوفة سنة أربع وثلاثين ومائتين.
محمد بن عبد الله
- محمد بن عبد الله بن كثير بن الصلت الكندي. حليف في قريش. وولي شرط المدينة وقضاءها وإمارتها. وكانت له رواية. وقد روي عنه.
- محمد بن عبد الله بن كثير بن الصلت الكندي. حليف في قريش. وولي شرط المدينة وقضاءها وإمارتها. وكانت له رواية. وقد روي عنه.
مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه (بْن طلحة - 3) الخزاعي
(4) سَمِعَ حماد ابن سلمة، بصري، قَالَ لي علي: مُحَمَّد ثقة، يقال مات سنة ثلاث وعشرين
ومائتين.
(4) سَمِعَ حماد ابن سلمة، بصري، قَالَ لي علي: مُحَمَّد ثقة، يقال مات سنة ثلاث وعشرين
ومائتين.
- ومحمد بن عبد الله بن محمد بن أبي سبرة بن أبي رهم بن عبد العزى بن أبي قيس بن عبد ود بن نضر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي بن غالب. مات قبل الأربعين ومائة.
مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه رأى ابْن عُمَر يأكل بعرفة، قَالَه (4) لي مُحَمَّد بْن بشار سَمِعَ مُحَمَّد بْن جَعْفَر سَمِعَ شُعْبَة سَمِعَ عَمْرو بْن مرة (5) .
مُحَمَّد بن عبد الله عَن عمر بن عبد الْعَزِيز
مُحَمَّد بن عبد الله عَن أَبِيه عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ مَجْهُولَانِ
مُحَمَّد بن عبد الله عَن أَبِيه عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ مَجْهُولَانِ
مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه (بن مسلم - 2) بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، ابن أخي الزُّهْرِيّ، قرشي
سَمِعَ الزُّهْرِيّ سَمِعَ منه عَبْد العزيز بْن مُحَمَّد ومعن بْن عيسى وعبد اللَّه بْن مسلمة.
سَمِعَ الزُّهْرِيّ سَمِعَ منه عَبْد العزيز بْن مُحَمَّد ومعن بْن عيسى وعبد اللَّه بْن مسلمة.
محمد بن عبد الله
- محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه بن زيد بن الحارث بن الخزرج. وأمه سعدى بنت كليب بن يساف بن عنبة. فولد محمد بن عبد الله بن زيد بشير بن محمد توفي ولم يعقب. وقد روى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أبيه.
- محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه بن زيد بن الحارث بن الخزرج. وأمه سعدى بنت كليب بن يساف بن عنبة. فولد محمد بن عبد الله بن زيد بشير بن محمد توفي ولم يعقب. وقد روى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أبيه.
مُحَمَّدِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
- مُحَمَّدِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ بْنُ أَبِي رُهْمِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لؤي. وأمه أم ولد. وكان زياد بن عبيد الله الحارثي قد ولاه قضاء المدينة. فمات في ولاية زياد بن عبيد الله.
- مُحَمَّدِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ بْنُ أَبِي رُهْمِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لؤي. وأمه أم ولد. وكان زياد بن عبيد الله الحارثي قد ولاه قضاء المدينة. فمات في ولاية زياد بن عبيد الله.
مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه ويقَالَ ابْن حسن،
حَدَّثَنِي محمد بن عبيد الله قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ إِذَا سَجَدَ فَلْيَضَعْ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ، ولا يتابع عليه ولا أدري سَمِعَ من أَبِي الزناد أم لا.
حَدَّثَنِي محمد بن عبيد الله قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ إِذَا سَجَدَ فَلْيَضَعْ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ، ولا يتابع عليه ولا أدري سَمِعَ من أَبِي الزناد أم لا.
محمد بن عبد الله
- محمد بن عبد الله بن علاثة الكلابي. ويكنى أبا اليسير. وكان ثقة إن شاء الله. وكان من أهل حران. فقدم بغداد فولاه المهدي القضاء بعسكر المهدي. ثم ولى عافية بن يزيد الأودي أيضًا القضاء معه. فأخبرني علي بن الجعد قال: رأيتهما جميعًا يقضيان في المسجد الجامع بالرصافة هذا في أدناه وهذا في أقصاه. وكان عافية أكثرهما دخولًا على المهدي.
- محمد بن عبد الله بن علاثة الكلابي. ويكنى أبا اليسير. وكان ثقة إن شاء الله. وكان من أهل حران. فقدم بغداد فولاه المهدي القضاء بعسكر المهدي. ثم ولى عافية بن يزيد الأودي أيضًا القضاء معه. فأخبرني علي بن الجعد قال: رأيتهما جميعًا يقضيان في المسجد الجامع بالرصافة هذا في أدناه وهذا في أقصاه. وكان عافية أكثرهما دخولًا على المهدي.
مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه عَنِ المطلب عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ دخلت على رقية بنت النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امرأة عثمان وَفِي يدها مشط،
قَالَه لي مُحَمَّد أَبُو يحيى سَمِعَ خليل بْن عَمْرو - أبا عَمْرو حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سَلَمَةَ
عَنْ أَبِي عَبْد الرَّحِيمِ عَنْ زيد بْن أَبِي أنيسة، ولا أراه حفظه لأن رقية ماتت أيام بدر وأَبُو هُرَيْرَةَ جاء بعد أيام خيبر.
قَالَه لي مُحَمَّد أَبُو يحيى سَمِعَ خليل بْن عَمْرو - أبا عَمْرو حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سَلَمَةَ
عَنْ أَبِي عَبْد الرَّحِيمِ عَنْ زيد بْن أَبِي أنيسة، ولا أراه حفظه لأن رقية ماتت أيام بدر وأَبُو هُرَيْرَةَ جاء بعد أيام خيبر.
مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه، قال لنا اسمعيل حَدَّثَنِي أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ ابى صالح عن محمد بن عبد اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُدْمِنُ خَمْرٍ كَعَابِدِ وَثَنٍ، وَقَالَ لِي فَرْوَةُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ، وَلا يَصِحُّ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذَا.
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
سَمِعَ أَنَسًا يُعَدَّ فِي الْبَصْرِيّينَ أَنَّ فَاطِمَةَ جَاءَتْ بِكَسْرَةِ خُبْزٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا هَذِهِ الْكَسْرَةُ؟ أَمَا إِنَّهَا أَوَّلُ طَعَامٍ دَخَلَ بَطْنَ أَبِيكِ مُنْذُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ، قَالَ لِي هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ عَمَّارِ بْنِ عُمَارَةَ سَمِعَ مُحَمَّدًا، وقَالَ عَبْد الصمد حَدَّثَنَا أَبُو هاشم (2) حَدَّثَنَا مُحَمَّد الراسبي، بِهذا.
سَمِعَ أَنَسًا يُعَدَّ فِي الْبَصْرِيّينَ أَنَّ فَاطِمَةَ جَاءَتْ بِكَسْرَةِ خُبْزٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا هَذِهِ الْكَسْرَةُ؟ أَمَا إِنَّهَا أَوَّلُ طَعَامٍ دَخَلَ بَطْنَ أَبِيكِ مُنْذُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ، قَالَ لِي هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ عَمَّارِ بْنِ عُمَارَةَ سَمِعَ مُحَمَّدًا، وقَالَ عَبْد الصمد حَدَّثَنَا أَبُو هاشم (2) حَدَّثَنَا مُحَمَّد الراسبي، بِهذا.
مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه
الصراري، وصرار موضع بالمدينة، قَالَ لِي عِيسَى بْنُ مِينَاءَ (1) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الصِّرَارِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ (2) عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُنْسَأَ فِي أَجَلِهِ وَيُوَسَّعَ عَلَيْهِ فِي رِزْقِهِ (3) فَلْيَصِلْ رحمه.
الصراري، وصرار موضع بالمدينة، قَالَ لِي عِيسَى بْنُ مِينَاءَ (1) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الصِّرَارِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ (2) عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُنْسَأَ فِي أَجَلِهِ وَيُوَسَّعَ عَلَيْهِ فِي رِزْقِهِ (3) فَلْيَصِلْ رحمه.
مُحَمَّدُ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
- مُحَمَّدُ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحارث بن أبي صعصعة. وأمه نائلة بِنْت الْحَارِث بْن عَبْد الله بْن كعب بن عمرو بن عوف بن مبذول. فولد محمد بن عبد الله: يعقوب. وإسماعيل. وإبراهيم. وإسحاق. وأمهم حميدة بنت عبد الله بن مكنف بن محيصة بن مسعود بن كعب بن عامر بْن عدي بْن مجدعة بْن حارثة من الأوس. وكان محمد بن عبد الله يكنى أبا عبد الرحمن. وكان ثقة قليل الحديث. وقد روى عنه مالك بن أنس. قَالَ مالك: وكان لآل أبي صعصعة حلقة في ما بين القبر والمنبر. وكان فيهم رجال أهل علم ورواية له. ومعرفة به. وكلهم كان يفتي.
- مُحَمَّدُ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحارث بن أبي صعصعة. وأمه نائلة بِنْت الْحَارِث بْن عَبْد الله بْن كعب بن عمرو بن عوف بن مبذول. فولد محمد بن عبد الله: يعقوب. وإسماعيل. وإبراهيم. وإسحاق. وأمهم حميدة بنت عبد الله بن مكنف بن محيصة بن مسعود بن كعب بن عامر بْن عدي بْن مجدعة بْن حارثة من الأوس. وكان محمد بن عبد الله يكنى أبا عبد الرحمن. وكان ثقة قليل الحديث. وقد روى عنه مالك بن أنس. قَالَ مالك: وكان لآل أبي صعصعة حلقة في ما بين القبر والمنبر. وكان فيهم رجال أهل علم ورواية له. ومعرفة به. وكلهم كان يفتي.
محمد بن عبد الله روى عن ابيه قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم (لا يدخل الجنة - ) مدمن خمر روى سليمان عن سهيل عنه سمعت أبي يقول ذلك ويقول هو مجهول.
محمد بن عبد الله روى عن المطلب عن ابى هريرة قال دخلت على رقية بنت النبي صلى الله عليه وسلم روى عنه زيد بن أبي أنيسة سمعت أبي يقول ذلك.
محمد بن عبد الله روى عن عمر بن عبد العزيز روى عنه عكرمة ابن عمار سمعت أبي يقول ذلك وسمعته يقول هو مجهول.
محمد بن عبد الله المرادي روى عن عمرو بن مرة روى عنه شريك ابن عبد الله النخعي سمعت أبي يقول ذلك، نا عبد الرحمن قال سألت أبي عنه فقال هو شيخ لشريك حسن الحديث صدوق.
محمد بن عبد الله روى عن المطلب عن ابى هريرة قال دخلت على رقية بنت النبي صلى الله عليه وسلم روى عنه زيد بن أبي أنيسة سمعت أبي يقول ذلك.
محمد بن عبد الله روى عن عمر بن عبد العزيز روى عنه عكرمة ابن عمار سمعت أبي يقول ذلك وسمعته يقول هو مجهول.
محمد بن عبد الله المرادي روى عن عمرو بن مرة روى عنه شريك ابن عبد الله النخعي سمعت أبي يقول ذلك، نا عبد الرحمن قال سألت أبي عنه فقال هو شيخ لشريك حسن الحديث صدوق.
مُحَمَّد بن عبد الله
روى لَهُ أَبُو دَاوُد عَن عَمه عبد الله بن زيد فِي الْآدَاب رَوَاهُ حَمَّاد بن خَالِد عَن مُحَمَّد بن عَمْرو الْأنْصَارِيّ عَنهُ
قَالَ ابْن الْقطَّان لَا يعرف حَاله قَالَ واضطرب فِيهِ أَيْضا فحماد بن خَالِد يَقُول عَن مُحَمَّد بن عَمْرو مَا ذَكرْنَاهُ وَعبد الرَّحْمَن بن مهْدي ينزل فِيهِ عَن مُحَمَّد بن عَمْرو عَن عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ كَانَ جدي عبد الله بن زيد لَا يحدث مُحَمَّد بن عبد الله وَلَا عبد الله بن مُحَمَّد
قلت ذكر الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن زيد عَن أَبِيه عَن جده بِحَدِيث الْأَذَان وَلم يذكر أَنه قيل فِيهِ مُحَمَّد بن عبد الله وَالرِّوَايَتَانِ عِنْد أبي دَاوُد
وَقَالَ الْمزي وَالثَّانِي هُوَ الصَّوَاب.
روى لَهُ أَبُو دَاوُد عَن عَمه عبد الله بن زيد فِي الْآدَاب رَوَاهُ حَمَّاد بن خَالِد عَن مُحَمَّد بن عَمْرو الْأنْصَارِيّ عَنهُ
قَالَ ابْن الْقطَّان لَا يعرف حَاله قَالَ واضطرب فِيهِ أَيْضا فحماد بن خَالِد يَقُول عَن مُحَمَّد بن عَمْرو مَا ذَكرْنَاهُ وَعبد الرَّحْمَن بن مهْدي ينزل فِيهِ عَن مُحَمَّد بن عَمْرو عَن عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ كَانَ جدي عبد الله بن زيد لَا يحدث مُحَمَّد بن عبد الله وَلَا عبد الله بن مُحَمَّد
قلت ذكر الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن زيد عَن أَبِيه عَن جده بِحَدِيث الْأَذَان وَلم يذكر أَنه قيل فِيهِ مُحَمَّد بن عبد الله وَالرِّوَايَتَانِ عِنْد أبي دَاوُد
وَقَالَ الْمزي وَالثَّانِي هُوَ الصَّوَاب.
مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن أخي الزُّهْرِيّ
يَقُول إِبْرَاهِيم بْن أَحْمد: تفرد عَن عَمه بِأَحَادِيث لم يُتَابع عَلَيْهَا.
قَالَ يَحْيَى بْن معِين: ابْن أخي الزُّهْرِيّ ضَعِيف، وأخو الزُّهْرِيّ ثِقَة.
وَسُئِلَ أَحْمد بْن حَنْبَل عَنهُ، فقَالَ: هُوَ صَالح، إِن شَاءَ اللَّه.
رَوَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسِيِّبِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا نَجَاةُ هَذَا الأَمْرِ؟ قَالَ: «الْكَلِمَةُ عَرْضْتُهَا عَلَى عَمِّي، فَمَنْ قَبِلَهَا فَهِيَ لَهُ نَجَاةٌ» قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ.
يَقُول إِبْرَاهِيم بْن أَحْمد: تفرد عَن عَمه بِأَحَادِيث لم يُتَابع عَلَيْهَا.
قَالَ يَحْيَى بْن معِين: ابْن أخي الزُّهْرِيّ ضَعِيف، وأخو الزُّهْرِيّ ثِقَة.
وَسُئِلَ أَحْمد بْن حَنْبَل عَنهُ، فقَالَ: هُوَ صَالح، إِن شَاءَ اللَّه.
رَوَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسِيِّبِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا نَجَاةُ هَذَا الأَمْرِ؟ قَالَ: «الْكَلِمَةُ عَرْضْتُهَا عَلَى عَمِّي، فَمَنْ قَبِلَهَا فَهِيَ لَهُ نَجَاةٌ» قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ.
مُحَمد بْن عَبد الله ويقال ابن الحسن، عَن أَبِي الزناد.
لا يتابع عليه لم يسمع.
سمعتُ ابن حماد يذكره عن البخاري.
قَالَ الشَّيْخُ: وهذا الَّذِي قَالَ مُحَمد بْن عَبد اللَّه ويقال ابْنُ حَسَنٍ، عَن أَبِي الزَّنَّادِ إِنَّمَا لَهُ، عَن أَبِي الزَّنَّادِ عَنِ الأَعْرَجِ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ إِنَّ الْمَعُونَةَ تَأْتِي مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى قَدْرِ الْمَؤُنَةِ وَإِنَّ الصَّبْرَ يَأْتِي مِنَ اللَّهِ عَلَى قَدْرِ الْمُصِيبَةِ.
قال الشَّيْخُ: وَيُقَالُ إِنَّ لَمُحَمَّدِ بْنِ عَبد اللَّهِ، عَن أَبِي الزَّنَّادِ عَنِ الأَعْرَجِ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ فِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الْبُخَارِيُّ.
لا يتابع عليه لم يسمع.
سمعتُ ابن حماد يذكره عن البخاري.
قَالَ الشَّيْخُ: وهذا الَّذِي قَالَ مُحَمد بْن عَبد اللَّه ويقال ابْنُ حَسَنٍ، عَن أَبِي الزَّنَّادِ إِنَّمَا لَهُ، عَن أَبِي الزَّنَّادِ عَنِ الأَعْرَجِ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ إِنَّ الْمَعُونَةَ تَأْتِي مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى قَدْرِ الْمَؤُنَةِ وَإِنَّ الصَّبْرَ يَأْتِي مِنَ اللَّهِ عَلَى قَدْرِ الْمُصِيبَةِ.
قال الشَّيْخُ: وَيُقَالُ إِنَّ لَمُحَمَّدِ بْنِ عَبد اللَّهِ، عَن أَبِي الزَّنَّادِ عَنِ الأَعْرَجِ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ فِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الْبُخَارِيُّ.
محمد بن عبد الله
- محمد بن عبد الله بْن مُسْلِم بْن عُبَيْد الله بْن عَبْد الله الأصغر ابن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة. وأمه أم حبيب بنت حبيب بن حويطب بن علي من بني مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ. وهو الذي يقال له: ابن أخي الزهري. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ: سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ. كيف سمعت هذا الحديث من عمك؟ فقال: كنت معه حيث أمره هشام بن عبد الملك أن يكتب له حديثه. وأجلس له كتابًا يملى عليهم الزهري ويكتبون. فكنت أحضر ذلك فربما عرضت لي الحاجة. فأقوم فيها فيمسك عمي عن الإملاء حتى أعود إلى مكاني. وكان محمد يكنى أبا عبد الله. قتله غلمانه بأمر ابنه في أمواله بثلية. بناحية شغب وبدا. وكان ابنه سفيهًا شاطرًا قتله للميراث. وذلك في آخر خلافة أبي جعفر. ثم وثب غلمانه عليه فقتلوه. بعد سنين أيضًا. وليس له عقب. وكان محمد كثير الحديث صالحًا.
- محمد بن عبد الله بْن مُسْلِم بْن عُبَيْد الله بْن عَبْد الله الأصغر ابن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة. وأمه أم حبيب بنت حبيب بن حويطب بن علي من بني مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ. وهو الذي يقال له: ابن أخي الزهري. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ: سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ. كيف سمعت هذا الحديث من عمك؟ فقال: كنت معه حيث أمره هشام بن عبد الملك أن يكتب له حديثه. وأجلس له كتابًا يملى عليهم الزهري ويكتبون. فكنت أحضر ذلك فربما عرضت لي الحاجة. فأقوم فيها فيمسك عمي عن الإملاء حتى أعود إلى مكاني. وكان محمد يكنى أبا عبد الله. قتله غلمانه بأمر ابنه في أمواله بثلية. بناحية شغب وبدا. وكان ابنه سفيهًا شاطرًا قتله للميراث. وذلك في آخر خلافة أبي جعفر. ثم وثب غلمانه عليه فقتلوه. بعد سنين أيضًا. وليس له عقب. وكان محمد كثير الحديث صالحًا.
مُحَمد بْنُ عَبد اللَّهِ بْنِ أخي الزُّهْريّ.
حَدَّثَنَا مُحَمد بْن عَلِيٍّ، حَدَّثَنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيد، قلتُ ليحيى بْن مَعِين: فابن أخي الزُّهْريّ ما حاله فقال ضعيف.
حَدَّثَنَا بُهْلُولٍ الأَنْبَارِيُّ، حَدَّثَنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حمزة، حَدَّثَنا عَبد الْعَزِيزِ يَعْنِي الدَّرَاوَرْدِيَّ عَنْ مُحَمد يَعني ابْنَ أَخِي الزُّهْريّ، عنِ الزُّهْريّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبد الرَّحْمَنِ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ حَلَفَ مِنْكُمْ بِالْلاتِ وَالْعُزَّى فَلْيَقُلْ لا إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ، ومَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ تَعَالَ أُرَاهِنُكَ فَلْيَتَصَدَّقْ.
قَالَ الشَّيْخُ: وَهَذِهِ نُسْخَةٌ، عَن عَمِّه الزُّهْريّ أَخْبَارٌ عَامَّتُهَا مُسْتَقِيمَةٌ، وَابْنُ أَخِي الزُّهْريّ رَوَى عَنْهُ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ نُسْخَةً، عَن عَمِّه الزُّهْريّ وَرَوَى عنِ ابْنِ أَخِي الزُّهْريّ مُحَمد بْنِ إِسْحَاقَ وَلَمْ أَرَ بِحَدِيثِهِ بَأْسًا إِذَا رَوَى عَنْهُ ثِقَةٌ، ولاَ رَأَيْتُ لَهُ حَدِيثًا مُنْكَرًا فَأَذْكُرُهُ إِذَا رَوَى عَنْهُ ثِقَةٌ.
حَدَّثَنَا مُحَمد بْن عَلِيٍّ، حَدَّثَنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيد، قلتُ ليحيى بْن مَعِين: فابن أخي الزُّهْريّ ما حاله فقال ضعيف.
حَدَّثَنَا بُهْلُولٍ الأَنْبَارِيُّ، حَدَّثَنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حمزة، حَدَّثَنا عَبد الْعَزِيزِ يَعْنِي الدَّرَاوَرْدِيَّ عَنْ مُحَمد يَعني ابْنَ أَخِي الزُّهْريّ، عنِ الزُّهْريّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبد الرَّحْمَنِ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ حَلَفَ مِنْكُمْ بِالْلاتِ وَالْعُزَّى فَلْيَقُلْ لا إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ، ومَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ تَعَالَ أُرَاهِنُكَ فَلْيَتَصَدَّقْ.
قَالَ الشَّيْخُ: وَهَذِهِ نُسْخَةٌ، عَن عَمِّه الزُّهْريّ أَخْبَارٌ عَامَّتُهَا مُسْتَقِيمَةٌ، وَابْنُ أَخِي الزُّهْريّ رَوَى عَنْهُ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ نُسْخَةً، عَن عَمِّه الزُّهْريّ وَرَوَى عنِ ابْنِ أَخِي الزُّهْريّ مُحَمد بْنِ إِسْحَاقَ وَلَمْ أَرَ بِحَدِيثِهِ بَأْسًا إِذَا رَوَى عَنْهُ ثِقَةٌ، ولاَ رَأَيْتُ لَهُ حَدِيثًا مُنْكَرًا فَأَذْكُرُهُ إِذَا رَوَى عَنْهُ ثِقَةٌ.
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْد اللَّهِ
- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْد اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى. بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أنس بن مالك الأنصاري. يكنى أبا عبد الله. وكان صدوقًا. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أبي قَالَ: وُلِدْتَ يَا بُنَيَّ فِي شَوَّالٍ سنة ثماني عشرة ومائة في خلافة هشام بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَقَدْ وَلِيَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَضَاءَ الْبَصْرَةِ بَعْدَ مُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ ثُمَّ نُقِلَ إِلَى بَغْدَادَ فَوَلِيَ عَسْكَرَ الْمَهْدِيِّ بَعْدَ الْعَوْفِيِّ آخِرَ خِلافَةِ هَارُونَ. فَلَمَّا وَلِيَ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الْخِلافَةَ عَزَلَهُ عَنِ الْقَضَاءِ وَوَلَّى مَكَانَهُ عَوْنَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْمَسْعُودِيَّ. وَوَلِيَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأنصاري المظالم بعد إسماعيل بن عُلَيَّةَ ثُمَّ وَلاهُ قَضَاءَ الْبَصْرَةِ ثَانِيَةً ثُمَّ عَزَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَارُونَ وَوَلَّى مَكَانَهُ يَحْيَى بْنَ أَكْثَمَ وَلَمْ يَزَلِ الأَنْصَارِيُّ بِالْبَصْرَةِ يُحَدِّثُ إِلَى أَنْ مَاتَ بِهَا فِي رَجَبٍ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ.
- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْد اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى. بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أنس بن مالك الأنصاري. يكنى أبا عبد الله. وكان صدوقًا. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أبي قَالَ: وُلِدْتَ يَا بُنَيَّ فِي شَوَّالٍ سنة ثماني عشرة ومائة في خلافة هشام بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَقَدْ وَلِيَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَضَاءَ الْبَصْرَةِ بَعْدَ مُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ ثُمَّ نُقِلَ إِلَى بَغْدَادَ فَوَلِيَ عَسْكَرَ الْمَهْدِيِّ بَعْدَ الْعَوْفِيِّ آخِرَ خِلافَةِ هَارُونَ. فَلَمَّا وَلِيَ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الْخِلافَةَ عَزَلَهُ عَنِ الْقَضَاءِ وَوَلَّى مَكَانَهُ عَوْنَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْمَسْعُودِيَّ. وَوَلِيَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأنصاري المظالم بعد إسماعيل بن عُلَيَّةَ ثُمَّ وَلاهُ قَضَاءَ الْبَصْرَةِ ثَانِيَةً ثُمَّ عَزَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَارُونَ وَوَلَّى مَكَانَهُ يَحْيَى بْنَ أَكْثَمَ وَلَمْ يَزَلِ الأَنْصَارِيُّ بِالْبَصْرَةِ يُحَدِّثُ إِلَى أَنْ مَاتَ بِهَا فِي رَجَبٍ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ.
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عثمان بن عفان بْن أبي العاص بْن أمية بْن عَبْد شمس. وأمه فَاطِمَةُ بِنْتُ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أبي طالب. وكان يقال لمحمد الديباج لجماله. وكان أبوه عبد الله بن عمرو يدعى المطرف لجماله. فولد محمد بن عبد الله بن عمرو: خالدا. وعبد العزيز. وعبيد الله. والقاسم. وعثمان. وأمهم أم كلثوم بنت إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله. وأمها لبابة بنت عبد الله بن العباس بن عبد المطلب. قال محمد بن عمر: وكان مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عثمان أصغر ولد فاطمة بنت حسين وكان إخوته من أمه يرقون عليه ويحبونه وكان مائلا إليهم لا يفارقهم. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الأَزْرَقِيُّ. عن داود بن عبد الرحمن العطار. قَالَ: رأيت عبد الله بن حسن بن حسن أتى أخاه مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عثمان بن عفان فوجده نائما فأكب عليه فقبله. ثم انصرف ولم يوقظه. قال محمد بن عمر: وكان محمد بن عبد الله بن عمرو فيمن أخذ مع إخوته بني حسن بن حسن. فوافوا بهم أبا جعفر المنصور بالربذة. فضربه من بينهم مائة سوط وحبسه معهم بالهاشمية. فمات في حبسه وكان كثير الحديث عالما.
- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عثمان بن عفان بْن أبي العاص بْن أمية بْن عَبْد شمس. وأمه فَاطِمَةُ بِنْتُ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أبي طالب. وكان يقال لمحمد الديباج لجماله. وكان أبوه عبد الله بن عمرو يدعى المطرف لجماله. فولد محمد بن عبد الله بن عمرو: خالدا. وعبد العزيز. وعبيد الله. والقاسم. وعثمان. وأمهم أم كلثوم بنت إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله. وأمها لبابة بنت عبد الله بن العباس بن عبد المطلب. قال محمد بن عمر: وكان مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عثمان أصغر ولد فاطمة بنت حسين وكان إخوته من أمه يرقون عليه ويحبونه وكان مائلا إليهم لا يفارقهم. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الأَزْرَقِيُّ. عن داود بن عبد الرحمن العطار. قَالَ: رأيت عبد الله بن حسن بن حسن أتى أخاه مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عثمان بن عفان فوجده نائما فأكب عليه فقبله. ثم انصرف ولم يوقظه. قال محمد بن عمر: وكان محمد بن عبد الله بن عمرو فيمن أخذ مع إخوته بني حسن بن حسن. فوافوا بهم أبا جعفر المنصور بالربذة. فضربه من بينهم مائة سوط وحبسه معهم بالهاشمية. فمات في حبسه وكان كثير الحديث عالما.
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب. وأمه هند بنت أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ بْن الأسود بْن المطلب بْن أَسَدِ بْن عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ. فولد محمد بن عبد الله: عبد الله بن محمد. قتل ببلاد القشمير. قتله هشام بن عروة في المعركة. وعليا بن محمد. مات في السجن وكان أخذ بمصر. وحسن بن محمد. المقتول بفخ صبرا. قتله مُوسَى بْنُ عِيسَى بْنِ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب. وفاطمة بنت محمد. تزوجها ابن عمها حسن بن إبراهيم بن عبد الله بن حسن بن علي بن أبي طالب. وزينب بنت محمد. تزوجها محمد بن أبي العباس أمير المؤمنين. ودخل بها ليلة أبوها بالمدينة. وكان مع عيسى بن موسى. فتوفي عنها ولم يجمعها إليه. ثم خلف عليها بعده عيسى بن علي بن عبد الله بن عباس. ففارقها وخلف عليها محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس. فولدت له جارية ماتت صغيرة. ثم فارقها محمد بن إبراهيم بن محمد. فخلف عليها إبراهيم بن إبراهيم بن حسن بن زيد بن حسن بن علي بن أبي طالب. وأم ولد محمد بن عبد الله هؤلاء جميعا أم سلمة بنت محمد بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب. والطاهر بن محمد. وأمه فاختة بنت فليح بن محمد بن المنذر بن الزبير بن العوام بن خويلد. وإبراهيم بن محمد. وأمه أم ولد. قَالَ: وكان محمد بن عبد الله بن حسن يكنى أبا عبد الله. وكان قد لقي نافعا مولى ابن عمر وسمع منه ومن غيره وحدث عنهم. وكان قليل الحديث وروى عنه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن المسور بن مخرمة الزهري وغيره. ولم يزل محمد بن عبد الله بن حسن وأخوه يلزمان البادية ويحبان الخلوة. ولا يأتيان الخلفاء ولا الولاة. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِي قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حَسَنٍ يَقُولُ: وَفَدْتُ عَلَى هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَقَالَ لِي: مَا لِي لا أَرَى ابْنَيْكَ مُحَمَّدًا وَإِبْرَاهِيمَ يَأْتِيَانَا فِيمَنْ أَتَانَا؟ قَالَ: فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حُبِّبَ إِلَيْهِمَا الْبَادِيَةُ وَالْخَلْوَةُ فِيهَا. وَلَيْسَ تَخَلُّفُهُمَا عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ لِمَكْرُوهٍ فَسَكَتَ هِشَامٌ. قَالَ: فَلَمَّا ظَهَرَ وَلَدُ الْعَبَّاسِ فِي هَذِهِ الدَّوْلَةِ تَغَيَّبَا أَيْضًا. فَلَمْ يَأْتِيَا أَحَدًا مِنْهُمْ. فَسَأَلَ عَنْهُمَا أَبُو الْعَبَّاسِ. فَأَخْبَرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَسَنٍ أَبُوهُمَا عَنْهُمَا. بنحو مما قال هشام بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. فَكَفَّ أَبُو الْعَبَّاسِ عَنْهُمَا. فَلَمَّا وَلِيَ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ أَلَحَّ فِي طَلَبِهِمَا. فَنَفَرَا مِنْهُ وَاسْتَوْحَشَا مِنْ ذَلِكَ فَازْدَادَا فِي التَّنَحِّي وَالاخْتِفَاءِ. وَوَلَّى أَبُو جَعْفَرٍ الْمَدِينَةَ وَمَكَّةَ زِيَادَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَارِثِيَّ وَأَمَرَهُ بطلبهما. فغيب في أمرهما وكف عند الإِقْدَامِ عَلَيْهِمَا. وَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا جَعْفَرٍ فَعَزَلَهُ عَلَيْهِ. وَوَلَّى مُحَمَّدَ بْنَ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيَّ الْمَدِينَةَ وَأَمَرَهُ بِطَلَبِهِمَا وَالْجِدِّ فِي ذَلِكَ. فَفَعَلَ كَفِعْلِ زِيَادِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَلَمْ يَجِدَّ فِي طَلَبِهِمَا. وَكَانَ يَبْلُغُهُ أَنَّهُمَا فِي مَوْضِعٍ فَيُرْسِلُ الْخَيْلَ إِلَى مَكَانٍ آخَرَ. وَكَانَتْ رُسُلُهُمَا تَأْتِيهِ بِأَخْبَارِهِمَا وَحَوَائِجِهِمَا فَيَقْضِيهَا. وَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا جَعْفَرٍ فَعَزَلَهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ. وَوَلَّى الْمَدِينَةَ رِيَاحَ بْنَ عُثْمَانَ بْنِ حَيَّانَ الْمُرِّيَّ وأمره بطلبهما والجد في أَمْرِهِمَا. فَأَلَحَّ رِيَاحٌ فِي طَلَبِهِمَا وَلَمْ يُدَاهِنْ وَلَمْ يُغَيِّبْ. فَخَافَا فَهَرِبَا فِي الْجِبَالِ. وَتَشَدَّدَ رِيَاحُ بْنُ عُثْمَانَ عَلَى أَبِيهِمَا وَأَهْلِ بَيْتِهِمَا. وَكَتَبَ فِي ذَلِكَ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو جَعْفَرٍ فِي إِشْخَاصِهِمْ إِلَيْهِ فَأَشْخَصَهُمْ فَوَافَوْهُ بِالرَّبَذَةِ ثُمَّ حَدَرَهُمْ إِلَى الْكُوفَةِ فَحَبَسَهُمْ بِالْهَاشِمِيَّةِ حَتَّى مَاتُوا فِي حَبْسِهِ. فَبَلَغَ ذَلِكَ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَخَرَجَ فِيمَنْ كَانَ مَعَهُ. وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ قَوْمٌ مِنْ جُهَيْنَةَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَفْنَاءِ الْعَرَبِ. وَنَاسٌ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ. وَمِنَ الأَعْرَاضِ مِنَ الأَعْرَابِ. وَمِنْ ضَوَى إِلَيْهِمْ. فَبَيَّضَ وَخَرَجَ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ. وَدَعَى لَهُ بِالْخِلافَةِ وَأَقْبَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَأَخَذَهَا. وَأَخَذَ رِيَاحَ بْنَ عُثْمَانَ بْنِ حَيَّانَ وَابْنَهُ وَابْنَ أَخِيهِ فَحَبَسَهُمْ وَقَيَّدَهُمْ. وأخذ من مكان بالمدينة من موالي وَلَدِ الْعَبَّاسِ فَحَبَسَهُمْ فِي دَارٍ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: غَلَبَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى الْمَدِينَةِ لِيَوْمَيْنِ بَقِيَا مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. فَبَلَغَنَا ذَلِكَ فَخَرَجْنَا وَنَحْنُ شَبَابٌ- أَنَا يَوْمَئِذُ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً- فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِ وَهُوَ عِنْدَ مَنَايِمِ خَشْرَمٍ وَقَدِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ لَيْسَ يُصَدُّ عَنْهُ أَحَدٌ. فَدَنَوْتُ حَتَّى رَأَيْتُهُ وَتَأَمَّلْتُهُ وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ وَعَلَيْهِ قُبَاءٌ أَبْيَضُ مَحْشُوٌّ وَعِمَامَةٌ بَيْضَاءُ. وَكَانَ رَجُلا آدَمُ أَثَّرَ الْجُدَرِيُّ فِي وَجْهِهِ. ثُمَّ وَجَّهَ إِلَى مَكَّةَ فَأُخِذَتْ لَهُ. وَوَجَّهَ أَخَاهُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى الْبَصْرَةِ فَأَخَذَهَا وَغَلَبَ عَلَيْهَا. وَبَيَّضُوا مَعَهُ. وَبَلَغَ أَبَا جَعْفَرٍ ذَلِكَ فَرَاعَهُ وَشَمَّرَ فِي حَرْبِهِ. فَوَجَّهَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بِالْمَدِينَةِ. عِيسَى بْنَ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ بن عبد الله بن عباس. وَوَجَّهَ مَعَهُ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي الْعَبَّاسِ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. وَعِدَّةً مِنْ قُوَّادِ أَهْلِ خُرَاسَانَ وَجُنْدِهِمْ. وَعَلَى مُقَدِّمَةِ عِيسَى بْنِ مُوسَى. حُمَيْدُ بْنُ قَحْطَبَةَ الطَّائِيُّ. وَجَهَّزَهُمْ بِالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالسِّلاحِ وَالْمِيَرَةِ فَلَمْ يَتْرُكْ. وَوَجَّهَ عِيسَى بْنَ مُوسَى بْنِ أَبِي الْكِرَامِ الْجَعْفَرِيَّ. وَكَانَ فِي صَحَابَةِ أَبِي جَعْفَرٍ. وَكَانَ مَائِلا إِلَى بَنِي الْعَبَّاسِ فَوَثِقَ بِهِ أَبُو جَعْفَرٍ وَوَجَّهَهُ. فَأَقْبَلَ عِيسَى بْنُ مُوسَى بِمَنْ مَعَهُ حَتَّى أَنَاخَ عَلَى الْمَدِينَةِ. وَخَرَجَ إِلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ فَقَاتَلُوا أَيَّامًا قِتَالا شَدِيدًا. وَصُبِرَ نَفَرٌ مِنْ جُهَيْنَةَ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو شُجَاعٍ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ حَتَّى قُتِلُوا وَكَانَ لَهُمْ غِنَاءٌ. وَخَرَجَ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. ابنُ خُضَيْرٍ. رَجُلٌ مِنْ وَلَدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ. فَلَمَّا كَانَ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. وَرَأَى الْخَلَلَ فِي أَصْحَابِهِ وَأَنَّ السَّيْفَ قَدْ أَفْنَاهُمْ. اسْتَأْذَنَ ابْنَ خضير محمدا فِي دُخُولِ الْمَدِينَةِ. فَأَذِنَ لَهُ وَلا يَعْلَمُ بما يريد. فدخل على رياح بن عُثْمَانُ بْنُ حَيَّانَ الْمُرِّيُّ وَابْنُهُ فَذَبَحَهُمَا ثُمَّ رَجَعَ فَأَخْبَرَ مُحَمَّدًا. ثُمَّ تَقَدَّمَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ مِنْ سَاعَتِهِ. وَكَثَّرُوا مُحَمَّدًا وَأَلَحُّوا فِي الْقِتَالِ حَتَّى قُتِلَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فِي النِّصْفِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. وَحُمِلَ رَأْسُهُ إِلَى عِيسَى بْنِ مُوسَى. فَدَعَا ابْنَ أَبِي الْكِرَامِ فَأَرَاهُ إِيَّاهُ فَعَرَّفَهُ لَهُ مَسْجِدُ عِيسَى بْنِ مُوسَى. وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ وَأَمِنَ النَّاسُ كُلُّهُمْ. وَكَانَ مَكَثَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. مِنْ حِينَ ظَهَرَ إِلَى أَنْ قُتِلَ شَهْرَيْنِ وَسَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا. وَكَانَ لَهُ يَوْمَ قُتِلَ ثَلاثٌ وَخَمْسُونَ سَنَةً. وَوَلَّى عِيسَى بْنُ مُوسَى الْمَدِينَةَ ثُمَّ تَوَجَّهَ إِلَى مَكَّةَ وَأَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ.
- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب. وأمه هند بنت أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ بْن الأسود بْن المطلب بْن أَسَدِ بْن عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ. فولد محمد بن عبد الله: عبد الله بن محمد. قتل ببلاد القشمير. قتله هشام بن عروة في المعركة. وعليا بن محمد. مات في السجن وكان أخذ بمصر. وحسن بن محمد. المقتول بفخ صبرا. قتله مُوسَى بْنُ عِيسَى بْنِ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب. وفاطمة بنت محمد. تزوجها ابن عمها حسن بن إبراهيم بن عبد الله بن حسن بن علي بن أبي طالب. وزينب بنت محمد. تزوجها محمد بن أبي العباس أمير المؤمنين. ودخل بها ليلة أبوها بالمدينة. وكان مع عيسى بن موسى. فتوفي عنها ولم يجمعها إليه. ثم خلف عليها بعده عيسى بن علي بن عبد الله بن عباس. ففارقها وخلف عليها محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس. فولدت له جارية ماتت صغيرة. ثم فارقها محمد بن إبراهيم بن محمد. فخلف عليها إبراهيم بن إبراهيم بن حسن بن زيد بن حسن بن علي بن أبي طالب. وأم ولد محمد بن عبد الله هؤلاء جميعا أم سلمة بنت محمد بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب. والطاهر بن محمد. وأمه فاختة بنت فليح بن محمد بن المنذر بن الزبير بن العوام بن خويلد. وإبراهيم بن محمد. وأمه أم ولد. قَالَ: وكان محمد بن عبد الله بن حسن يكنى أبا عبد الله. وكان قد لقي نافعا مولى ابن عمر وسمع منه ومن غيره وحدث عنهم. وكان قليل الحديث وروى عنه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن المسور بن مخرمة الزهري وغيره. ولم يزل محمد بن عبد الله بن حسن وأخوه يلزمان البادية ويحبان الخلوة. ولا يأتيان الخلفاء ولا الولاة. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِي قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حَسَنٍ يَقُولُ: وَفَدْتُ عَلَى هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَقَالَ لِي: مَا لِي لا أَرَى ابْنَيْكَ مُحَمَّدًا وَإِبْرَاهِيمَ يَأْتِيَانَا فِيمَنْ أَتَانَا؟ قَالَ: فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حُبِّبَ إِلَيْهِمَا الْبَادِيَةُ وَالْخَلْوَةُ فِيهَا. وَلَيْسَ تَخَلُّفُهُمَا عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ لِمَكْرُوهٍ فَسَكَتَ هِشَامٌ. قَالَ: فَلَمَّا ظَهَرَ وَلَدُ الْعَبَّاسِ فِي هَذِهِ الدَّوْلَةِ تَغَيَّبَا أَيْضًا. فَلَمْ يَأْتِيَا أَحَدًا مِنْهُمْ. فَسَأَلَ عَنْهُمَا أَبُو الْعَبَّاسِ. فَأَخْبَرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَسَنٍ أَبُوهُمَا عَنْهُمَا. بنحو مما قال هشام بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. فَكَفَّ أَبُو الْعَبَّاسِ عَنْهُمَا. فَلَمَّا وَلِيَ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ أَلَحَّ فِي طَلَبِهِمَا. فَنَفَرَا مِنْهُ وَاسْتَوْحَشَا مِنْ ذَلِكَ فَازْدَادَا فِي التَّنَحِّي وَالاخْتِفَاءِ. وَوَلَّى أَبُو جَعْفَرٍ الْمَدِينَةَ وَمَكَّةَ زِيَادَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَارِثِيَّ وَأَمَرَهُ بطلبهما. فغيب في أمرهما وكف عند الإِقْدَامِ عَلَيْهِمَا. وَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا جَعْفَرٍ فَعَزَلَهُ عَلَيْهِ. وَوَلَّى مُحَمَّدَ بْنَ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيَّ الْمَدِينَةَ وَأَمَرَهُ بِطَلَبِهِمَا وَالْجِدِّ فِي ذَلِكَ. فَفَعَلَ كَفِعْلِ زِيَادِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَلَمْ يَجِدَّ فِي طَلَبِهِمَا. وَكَانَ يَبْلُغُهُ أَنَّهُمَا فِي مَوْضِعٍ فَيُرْسِلُ الْخَيْلَ إِلَى مَكَانٍ آخَرَ. وَكَانَتْ رُسُلُهُمَا تَأْتِيهِ بِأَخْبَارِهِمَا وَحَوَائِجِهِمَا فَيَقْضِيهَا. وَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا جَعْفَرٍ فَعَزَلَهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ. وَوَلَّى الْمَدِينَةَ رِيَاحَ بْنَ عُثْمَانَ بْنِ حَيَّانَ الْمُرِّيَّ وأمره بطلبهما والجد في أَمْرِهِمَا. فَأَلَحَّ رِيَاحٌ فِي طَلَبِهِمَا وَلَمْ يُدَاهِنْ وَلَمْ يُغَيِّبْ. فَخَافَا فَهَرِبَا فِي الْجِبَالِ. وَتَشَدَّدَ رِيَاحُ بْنُ عُثْمَانَ عَلَى أَبِيهِمَا وَأَهْلِ بَيْتِهِمَا. وَكَتَبَ فِي ذَلِكَ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو جَعْفَرٍ فِي إِشْخَاصِهِمْ إِلَيْهِ فَأَشْخَصَهُمْ فَوَافَوْهُ بِالرَّبَذَةِ ثُمَّ حَدَرَهُمْ إِلَى الْكُوفَةِ فَحَبَسَهُمْ بِالْهَاشِمِيَّةِ حَتَّى مَاتُوا فِي حَبْسِهِ. فَبَلَغَ ذَلِكَ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَخَرَجَ فِيمَنْ كَانَ مَعَهُ. وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ قَوْمٌ مِنْ جُهَيْنَةَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَفْنَاءِ الْعَرَبِ. وَنَاسٌ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ. وَمِنَ الأَعْرَاضِ مِنَ الأَعْرَابِ. وَمِنْ ضَوَى إِلَيْهِمْ. فَبَيَّضَ وَخَرَجَ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ. وَدَعَى لَهُ بِالْخِلافَةِ وَأَقْبَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَأَخَذَهَا. وَأَخَذَ رِيَاحَ بْنَ عُثْمَانَ بْنِ حَيَّانَ وَابْنَهُ وَابْنَ أَخِيهِ فَحَبَسَهُمْ وَقَيَّدَهُمْ. وأخذ من مكان بالمدينة من موالي وَلَدِ الْعَبَّاسِ فَحَبَسَهُمْ فِي دَارٍ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: غَلَبَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى الْمَدِينَةِ لِيَوْمَيْنِ بَقِيَا مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. فَبَلَغَنَا ذَلِكَ فَخَرَجْنَا وَنَحْنُ شَبَابٌ- أَنَا يَوْمَئِذُ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً- فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِ وَهُوَ عِنْدَ مَنَايِمِ خَشْرَمٍ وَقَدِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ لَيْسَ يُصَدُّ عَنْهُ أَحَدٌ. فَدَنَوْتُ حَتَّى رَأَيْتُهُ وَتَأَمَّلْتُهُ وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ وَعَلَيْهِ قُبَاءٌ أَبْيَضُ مَحْشُوٌّ وَعِمَامَةٌ بَيْضَاءُ. وَكَانَ رَجُلا آدَمُ أَثَّرَ الْجُدَرِيُّ فِي وَجْهِهِ. ثُمَّ وَجَّهَ إِلَى مَكَّةَ فَأُخِذَتْ لَهُ. وَوَجَّهَ أَخَاهُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى الْبَصْرَةِ فَأَخَذَهَا وَغَلَبَ عَلَيْهَا. وَبَيَّضُوا مَعَهُ. وَبَلَغَ أَبَا جَعْفَرٍ ذَلِكَ فَرَاعَهُ وَشَمَّرَ فِي حَرْبِهِ. فَوَجَّهَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بِالْمَدِينَةِ. عِيسَى بْنَ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ بن عبد الله بن عباس. وَوَجَّهَ مَعَهُ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي الْعَبَّاسِ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. وَعِدَّةً مِنْ قُوَّادِ أَهْلِ خُرَاسَانَ وَجُنْدِهِمْ. وَعَلَى مُقَدِّمَةِ عِيسَى بْنِ مُوسَى. حُمَيْدُ بْنُ قَحْطَبَةَ الطَّائِيُّ. وَجَهَّزَهُمْ بِالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالسِّلاحِ وَالْمِيَرَةِ فَلَمْ يَتْرُكْ. وَوَجَّهَ عِيسَى بْنَ مُوسَى بْنِ أَبِي الْكِرَامِ الْجَعْفَرِيَّ. وَكَانَ فِي صَحَابَةِ أَبِي جَعْفَرٍ. وَكَانَ مَائِلا إِلَى بَنِي الْعَبَّاسِ فَوَثِقَ بِهِ أَبُو جَعْفَرٍ وَوَجَّهَهُ. فَأَقْبَلَ عِيسَى بْنُ مُوسَى بِمَنْ مَعَهُ حَتَّى أَنَاخَ عَلَى الْمَدِينَةِ. وَخَرَجَ إِلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ فَقَاتَلُوا أَيَّامًا قِتَالا شَدِيدًا. وَصُبِرَ نَفَرٌ مِنْ جُهَيْنَةَ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو شُجَاعٍ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ حَتَّى قُتِلُوا وَكَانَ لَهُمْ غِنَاءٌ. وَخَرَجَ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. ابنُ خُضَيْرٍ. رَجُلٌ مِنْ وَلَدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ. فَلَمَّا كَانَ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. وَرَأَى الْخَلَلَ فِي أَصْحَابِهِ وَأَنَّ السَّيْفَ قَدْ أَفْنَاهُمْ. اسْتَأْذَنَ ابْنَ خضير محمدا فِي دُخُولِ الْمَدِينَةِ. فَأَذِنَ لَهُ وَلا يَعْلَمُ بما يريد. فدخل على رياح بن عُثْمَانُ بْنُ حَيَّانَ الْمُرِّيُّ وَابْنُهُ فَذَبَحَهُمَا ثُمَّ رَجَعَ فَأَخْبَرَ مُحَمَّدًا. ثُمَّ تَقَدَّمَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ مِنْ سَاعَتِهِ. وَكَثَّرُوا مُحَمَّدًا وَأَلَحُّوا فِي الْقِتَالِ حَتَّى قُتِلَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فِي النِّصْفِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. وَحُمِلَ رَأْسُهُ إِلَى عِيسَى بْنِ مُوسَى. فَدَعَا ابْنَ أَبِي الْكِرَامِ فَأَرَاهُ إِيَّاهُ فَعَرَّفَهُ لَهُ مَسْجِدُ عِيسَى بْنِ مُوسَى. وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ وَأَمِنَ النَّاسُ كُلُّهُمْ. وَكَانَ مَكَثَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. مِنْ حِينَ ظَهَرَ إِلَى أَنْ قُتِلَ شَهْرَيْنِ وَسَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا. وَكَانَ لَهُ يَوْمَ قُتِلَ ثَلاثٌ وَخَمْسُونَ سَنَةً. وَوَلَّى عِيسَى بْنُ مُوسَى الْمَدِينَةَ ثُمَّ تَوَجَّهَ إِلَى مَكَّةَ وَأَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ.
- ومحمد بن عبد الله. شعثي, دمشقي.
- محمد بن عبد الله. يكنى أبا عون, ثقفي.
محمد بن عبد الله
- محمد بن عبد الله الرقاشي.
- محمد بن عبد الله الرقاشي.
محمد بن عبد الله
- محمد بن عبد الله بن أفلح الطائفي. سمع منه وكيع وغيره.
- محمد بن عبد الله بن أفلح الطائفي. سمع منه وكيع وغيره.
مُحَمَّد بْن عَبْد الله شيخ يروي عَن الْمطلب بن حنْطَب روى عَنهُ زيد بْن أَبِي أنيسَة
محمد بن عبد الله روى عن انس روى عنه أبو هاشم عمار بن عمارة صاحب الزعفراني سمعت أبى يقول ذلك.
- ومحمد بن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب. أمه هند بنت أبي عبيدة بن عبد الله بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى. قتل سنة خمس وأربعين ومائة, يكنى أبا عبد الله.
مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن يسَار مولى عبد الله بْن قَيْس بْن مخرمَة الْقرشِي من أهل الْمَدِينَة كُنْيَتُهُ أَبُو بكر وَكَانَ جده من سبي عين التَّمْر وَهُوَ أول سبي دخل الْمَدِينَة من الْعرَاق يروي عَن الزُّهْرِيّ وَنَافِع روى عَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَشُعْبَةُ وَالنَّاسُ مَاتَ سنة إِحْدَى أَو اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَمِائَة بِبَغْدَاد وَقد قيل سنة خمسين وَمِائَة وَله أَخَوان أَبُو بكر وَعمر ابْنا إِسْحَاق وَقد تكلم فِي بن إِسْحَاق رجلَانِ هِشَام بن عُرْوَة
وَمَالك بن أنس فَأَما هِشَام بن عُرْوَة فَحَدثني مُحَمَّد بْن زِيَاد الزيَادي قَالَ ثَنَا بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ ثَنَا عَليّ بْن الْمَدِينِيّ قَالَ سَمِعت يحيى بن سعيد الْقطَّان يَقُول قلت لهشام بْن عُرْوَة إِن بن إِسْحَاق يحدث عَنْ فَاطِمَة بنت الْمُنْذر قَالَ وَهل كَانَ يصل إِلَيْهَا قَالَ أَبُو حَاتِم رضى الله عَنهُ وهَذَا الَّذِي قَالَه هِشَام بْن عُرْوَة لَيْسَ مِمَّا يجرح بِهِ الْإِنْسَان فِي الحَدِيث وَذَلِكَ أَن التَّابِعين مثل الْأسود وعلقمة من أهل الْعرَاق وَأبي سَلمَة وَعَطَاء ودونهما من أهل الْحجاز قد سمعُوا من عَائِشَة من غير أَن ينْظرُوا إِلَيْهَا سمعُوا صَوتهَا وَقبل النَّاس أخبارهم من غير أَن يصل أحدهم إِلَيْهَا حَتَّى ينظر إِلَيْهَا عيَانًا وَكَذَلِكَ بْن إِسْحَاق كَانَ يسمع من فَاطِمَة والستر بَينهمَا مُسبل أَو بَينهمَا حَائِل من حَيْثُ يسمع كَلَامهَا فَهَذَا سَماع صَحِيح والقادح فِيهِ بِهَذَا غير منصف وَأما مَالك فَإِنَّهُ كَانَ ذَلِك مِنْهُ مرّة وَاحِدَة
ثمَّ عَاد لَهُ إِلَى مَا يحب وَذَلِكَ أَنَّهُ لم يكن بالحجاز أحد أعلم بأنساب النَّاس وأيامهم من مُحَمَّد بْن إِسْحَاق وَكَانَ يزْعم أَن مَالِكًا من موَالِي ذِي أصبح وَكَانَ مَالك يزْعم أَنَّهُ من أنفسهم فَوَقع بَينهمَا لهَذَا مُفَاوَضَة فَلَمَّا صنف مَالك الْمُوَطَّأ قَالَ بن إِسْحَاق ائْتُونِي بِهِ فَإِنِّي بيطاره فَنقل ذَلِك إِلَى مَالك فَقَالَ هَذَا دجال من الدجاجلة يروي عَنِ الْيَهُود وَكَانَ بَينهم مَا يكون بَين النَّاس حَتَّى عزم مُحَمَّد بْن إِسْحَاق على الْخُرُوج إِلَى الْعرَاق فتصالحا حِينَئِذٍ فَأعْطَاهُ مَالك عِنْد الْوَدَاع خمسين دِينَارا نصف ثَمَرَته تِلْكَ السّنة وَلم يكن يقْدَح فِيهِ مَالك من أجل الحَدِيث إِنَّمَا كَانَ يُنكر عَلَيْهِ تتبعه غزوات النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَوْلَاد الْيَهُود الَّذين أَسْلمُوا وحفظوا قصَّة خَيْبَر وقُرَيْظَة وَالنضير وَمَا أشبههَا من الْغَزَوَات عَن أسلافهم وَكَانَ بن إِسْحَاق يتتبع هَذَا
عَنْهُم ليعلم من غير أَن يحْتَج بهم وَكَانَ مَالك لَا يرى الرِّوَايَة إِلَّا عَنْ متقن صَدُوق فَاضل يحسن مَا يروي ويدري مَا يحدث حَدَّثَنِي مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن قَالَ ثَنَا بن قهزاد قَالَ ثَنَا عَليّ بْن الْحُسَيْن بْن وَاقد قَالَ دخلت على بن الْمُبَارك وَإِذا هُوَ وَحده فَقلت يَا أَبَا عَبْد الرَّحْمَنِ كنت أشتهى أَن أَلْقَاك على هَذِه الْحَالة قَالَ هَات قلت مَا تَقول فِي مُحَمَّد بْن إِسْحَاق فَقَالَ أما إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَدُوقًا ثَلَاث مَرَّات سَمِعت مُحَمَّد بْن إِسْحَاق الثَّقَفِيّ يَقُول سَمِعت الْمفضل بْن غَسَّان يَقُول سَمِعت يَحْيَى بْن معِين يَقُول كَانَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق ثبتا فِي الحَدِيث قَالَ أَبُو حَاتِم رَضِي اللَّه عَنْهُ لم يكن أحد بِالْمَدِينَةِ يُقَارب بْن إِسْحَاق فِي علمه وَلَا يوازيه فِي جمعه وَكَانَ شُعْبَة وسُفْيَان يَقُولَانِ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي الحَدِيث وَمن أحسن النَّاس سياقا للْأَخْبَار وَأَحْسَنهمْ حفظا لمتونها وَإِنَّمَا أُتِي مَا أُتِي لِأَنَّهُ كَانَ يُدَلس على الضُّعَفَاء فَوَقع الْمَنَاكِير فِي رِوَايَته من قبل أُولَئِكَ فَأَما
إِذا بَين السماع فِيمَا يرويهِ فَهُوَ ثَبت يحْتَج بروايته سَمِعت مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ يَقُول سَمِعت مُحَمَّد بْن يَحْيَى الذهلي وَسَأَلَهُ كرخويه عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق فَقَالَ سَمِعت عَليّ بْن الْمَدِينِيّ يَقُول مُحَمَّد بْن إِسْحَاق صَدُوق وَالدَّلِيل على صدقه أَنَّهُ مَا روى عَنْ أحد من الجلة إِلَّا وروى عَنْ رجل عَنْهُ فَهَذَا يدل على صدقه سَمِعت مُحَمَّد بْن أَحْمد المسندي يَقُول سَمِعت مُحَمَّد بْن نصر الْفراء يَقُول قلت لعَلي بْن الْمَدِينِيّ مَا تَقول فِي مُحَمَّد بْن إِسْحَاق فَقَالَ ثِقَة قد أدْرك نَافِعًا وروى عَنْهُ وروى عَنْ رجل عَنْهُ وَعَن رجل عَنْ رجل عَنْهُ هَل يدل هَذَا إِلَّا على الصدْق قَالَ أَبُو حَاتِم رضى الله عَنْهُ كَانَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق يكْتب عَمَّن فَوْقه وَمثله ودونه لرغبته فِي الْعلم وحرصه عَلَيْهِ وَرُبمَا يروي عَنْ رجل عَنْ رجل قد رَآهُ ويرْوى عَنْ آخر عَنْهُ فِي مَوضِع آخر ويروي عَنْ رجل عَنْ رجل عَنْهُ فَلَو كَانَ مِمَّن يسْتَحل الْكَذِب لم يحْتَج إِلَى الْإِنْزَال بل كَانَ يحدث عَمَّن رَآهُ ويقتصر عَلَيْهِ فَهَذَا مِمَّا يدل على صدقه وشهرة عَدَالَته فِي الرِّوَايَات وَإِنَّمَا يمعَنِ الْكَلَام فِي
هَذَا الْفَصْل عِنْد ذكرنَا إِيَّاه فِي كتاب الْفَصْل بَين النقلَة إِن قضى الله ذَلِك وَشاء سَمِعت مُحَمَّد بْن أَحْمد المسندي يَقُول سَمِعت مُحَمَّد بْن نصر الْفراء يَقُول سَمِعت يَحْيَى بْن يَحْيَى وَذكر عِنْده مُحَمَّد بْن إِسْحَاق فوثقه
وَمَالك بن أنس فَأَما هِشَام بن عُرْوَة فَحَدثني مُحَمَّد بْن زِيَاد الزيَادي قَالَ ثَنَا بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ ثَنَا عَليّ بْن الْمَدِينِيّ قَالَ سَمِعت يحيى بن سعيد الْقطَّان يَقُول قلت لهشام بْن عُرْوَة إِن بن إِسْحَاق يحدث عَنْ فَاطِمَة بنت الْمُنْذر قَالَ وَهل كَانَ يصل إِلَيْهَا قَالَ أَبُو حَاتِم رضى الله عَنهُ وهَذَا الَّذِي قَالَه هِشَام بْن عُرْوَة لَيْسَ مِمَّا يجرح بِهِ الْإِنْسَان فِي الحَدِيث وَذَلِكَ أَن التَّابِعين مثل الْأسود وعلقمة من أهل الْعرَاق وَأبي سَلمَة وَعَطَاء ودونهما من أهل الْحجاز قد سمعُوا من عَائِشَة من غير أَن ينْظرُوا إِلَيْهَا سمعُوا صَوتهَا وَقبل النَّاس أخبارهم من غير أَن يصل أحدهم إِلَيْهَا حَتَّى ينظر إِلَيْهَا عيَانًا وَكَذَلِكَ بْن إِسْحَاق كَانَ يسمع من فَاطِمَة والستر بَينهمَا مُسبل أَو بَينهمَا حَائِل من حَيْثُ يسمع كَلَامهَا فَهَذَا سَماع صَحِيح والقادح فِيهِ بِهَذَا غير منصف وَأما مَالك فَإِنَّهُ كَانَ ذَلِك مِنْهُ مرّة وَاحِدَة
ثمَّ عَاد لَهُ إِلَى مَا يحب وَذَلِكَ أَنَّهُ لم يكن بالحجاز أحد أعلم بأنساب النَّاس وأيامهم من مُحَمَّد بْن إِسْحَاق وَكَانَ يزْعم أَن مَالِكًا من موَالِي ذِي أصبح وَكَانَ مَالك يزْعم أَنَّهُ من أنفسهم فَوَقع بَينهمَا لهَذَا مُفَاوَضَة فَلَمَّا صنف مَالك الْمُوَطَّأ قَالَ بن إِسْحَاق ائْتُونِي بِهِ فَإِنِّي بيطاره فَنقل ذَلِك إِلَى مَالك فَقَالَ هَذَا دجال من الدجاجلة يروي عَنِ الْيَهُود وَكَانَ بَينهم مَا يكون بَين النَّاس حَتَّى عزم مُحَمَّد بْن إِسْحَاق على الْخُرُوج إِلَى الْعرَاق فتصالحا حِينَئِذٍ فَأعْطَاهُ مَالك عِنْد الْوَدَاع خمسين دِينَارا نصف ثَمَرَته تِلْكَ السّنة وَلم يكن يقْدَح فِيهِ مَالك من أجل الحَدِيث إِنَّمَا كَانَ يُنكر عَلَيْهِ تتبعه غزوات النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَوْلَاد الْيَهُود الَّذين أَسْلمُوا وحفظوا قصَّة خَيْبَر وقُرَيْظَة وَالنضير وَمَا أشبههَا من الْغَزَوَات عَن أسلافهم وَكَانَ بن إِسْحَاق يتتبع هَذَا
عَنْهُم ليعلم من غير أَن يحْتَج بهم وَكَانَ مَالك لَا يرى الرِّوَايَة إِلَّا عَنْ متقن صَدُوق فَاضل يحسن مَا يروي ويدري مَا يحدث حَدَّثَنِي مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن قَالَ ثَنَا بن قهزاد قَالَ ثَنَا عَليّ بْن الْحُسَيْن بْن وَاقد قَالَ دخلت على بن الْمُبَارك وَإِذا هُوَ وَحده فَقلت يَا أَبَا عَبْد الرَّحْمَنِ كنت أشتهى أَن أَلْقَاك على هَذِه الْحَالة قَالَ هَات قلت مَا تَقول فِي مُحَمَّد بْن إِسْحَاق فَقَالَ أما إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَدُوقًا ثَلَاث مَرَّات سَمِعت مُحَمَّد بْن إِسْحَاق الثَّقَفِيّ يَقُول سَمِعت الْمفضل بْن غَسَّان يَقُول سَمِعت يَحْيَى بْن معِين يَقُول كَانَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق ثبتا فِي الحَدِيث قَالَ أَبُو حَاتِم رَضِي اللَّه عَنْهُ لم يكن أحد بِالْمَدِينَةِ يُقَارب بْن إِسْحَاق فِي علمه وَلَا يوازيه فِي جمعه وَكَانَ شُعْبَة وسُفْيَان يَقُولَانِ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي الحَدِيث وَمن أحسن النَّاس سياقا للْأَخْبَار وَأَحْسَنهمْ حفظا لمتونها وَإِنَّمَا أُتِي مَا أُتِي لِأَنَّهُ كَانَ يُدَلس على الضُّعَفَاء فَوَقع الْمَنَاكِير فِي رِوَايَته من قبل أُولَئِكَ فَأَما
إِذا بَين السماع فِيمَا يرويهِ فَهُوَ ثَبت يحْتَج بروايته سَمِعت مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ يَقُول سَمِعت مُحَمَّد بْن يَحْيَى الذهلي وَسَأَلَهُ كرخويه عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق فَقَالَ سَمِعت عَليّ بْن الْمَدِينِيّ يَقُول مُحَمَّد بْن إِسْحَاق صَدُوق وَالدَّلِيل على صدقه أَنَّهُ مَا روى عَنْ أحد من الجلة إِلَّا وروى عَنْ رجل عَنْهُ فَهَذَا يدل على صدقه سَمِعت مُحَمَّد بْن أَحْمد المسندي يَقُول سَمِعت مُحَمَّد بْن نصر الْفراء يَقُول قلت لعَلي بْن الْمَدِينِيّ مَا تَقول فِي مُحَمَّد بْن إِسْحَاق فَقَالَ ثِقَة قد أدْرك نَافِعًا وروى عَنْهُ وروى عَنْ رجل عَنْهُ وَعَن رجل عَنْ رجل عَنْهُ هَل يدل هَذَا إِلَّا على الصدْق قَالَ أَبُو حَاتِم رضى الله عَنْهُ كَانَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق يكْتب عَمَّن فَوْقه وَمثله ودونه لرغبته فِي الْعلم وحرصه عَلَيْهِ وَرُبمَا يروي عَنْ رجل عَنْ رجل قد رَآهُ ويرْوى عَنْ آخر عَنْهُ فِي مَوضِع آخر ويروي عَنْ رجل عَنْ رجل عَنْهُ فَلَو كَانَ مِمَّن يسْتَحل الْكَذِب لم يحْتَج إِلَى الْإِنْزَال بل كَانَ يحدث عَمَّن رَآهُ ويقتصر عَلَيْهِ فَهَذَا مِمَّا يدل على صدقه وشهرة عَدَالَته فِي الرِّوَايَات وَإِنَّمَا يمعَنِ الْكَلَام فِي
هَذَا الْفَصْل عِنْد ذكرنَا إِيَّاه فِي كتاب الْفَصْل بَين النقلَة إِن قضى الله ذَلِك وَشاء سَمِعت مُحَمَّد بْن أَحْمد المسندي يَقُول سَمِعت مُحَمَّد بْن نصر الْفراء يَقُول سَمِعت يَحْيَى بْن يَحْيَى وَذكر عِنْده مُحَمَّد بْن إِسْحَاق فوثقه
محمد بن إسحاق بن يسار مولى عبد الله بن قيس بن مخرمة كان جده من سبى عين التمر وهو أول سبى دخل المدينة من العراق كنيته أبو بكر ممن عنى بعلم السنن وواظب على تعاهد العلم وكثرت عنايته فيه وجمعه له على الصدق والاتقان يروى عن مشايخ قد رآهم ويروى عن مشايخ عن أولائك وربما روى عن أقوام رووا عن مشايخ يروون عن مشايخه يدل ما وصفت من توقيه على صدقه مات ببغداد سنة خمسين ومائة وكان من أحسن الناس سياقا للاخبار وأحفظهم لمتونها
مُحَمد بن إسحاق بن يسار مدني.
يكنى أبا عَبد الله صاحب مغازي رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مولى قيس بن مخرمة.
حَدَّثَنَا عَبد الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَنا عباس، عَن يَحْيى، قال مُحَمد بن إسحاق مولى قيس بن مخرمة.
حَدَّثَنَا الجنيدي، حَدَّثَنا البُخارِيّ قال مات مُحَمد بن إسحاق أَبُو بكر بن يسار مولى قيس بن مخرمة القرشي المديني ببغداد سنة إحدى وخمسين ومِئَة.
قَالَ الشَّيخ: قرأت عَلَى قبره ببغداد عَلَى باب الحجرة التي فِيهَا قبره بحذاء مقبرة الخيزران مكتوب عليها بجص هذا قبر مُحَمد بْن إسحاق بْن يسار صاحب مغازي رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ مُوسَى الْحُلْوَانِيُّ، حَدَّثَنا أبو حاتم السجستاني، حَدَّثَنا الأصمعي عن معتمر قَال لي أَبِي لا ترو، عنِ ابن إسحاق فإنه كذاب.
حَدَّثَنَا موسى بْنِ الْعَبَّاسِ، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْجُنَيْدِ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيى بْنَ غَيْلانَ يَقُولُ: سَمعتُ يَحْيى بْنَ سَعِيد الْقَطَّانُ يَقُولُ مَا تَرَكْتُ حَدِيثَ مُحَمد بْنِ إسحاق إلا لله.
حَدَّثَنَا أَبُو شَيْبَةَ دَاوُدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بِمِصْرَ، حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدُّورَقِيُّ، حَدَّثَنا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ حماد بن سلمة يقول لولا الاضطرار ما رويت، عنِ ابن إسحاق شَيئًا.
حَدَّثَنَا علي بن سَعِيد الرازي، حَدَّثَنا عَبد المؤمن بن علي الزعفراني سمعت مالك بن أنس وذكر عنده مُحَمد بن إسحاق فقال دجال من الدجاجلة.
حَدَّثَنَا ابن حماد، حَدَّثني أَبُو عون مُحَمد بن عَمْرو بن عون الواسطي، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ يَحْيى بْنِ سَعِيد، حَدَّثَنا عفان عن وهيب، قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يقول هُوَ كذاب.
قَالَ الشيخ: وحضرت مجلس الفريابي وقد سئل عن حديث لمحمد بن إسحاق وكان يأبي عليهم فلما كرروا عليه قَالَ مُحَمد بن إسحاق فذكر كلمة شنيعة فقال زنديق.
حَدَّثَنَا مُحَمد بْنُ جَعْفَرِ بْنِ يزيد، وَمُحمد بن أحمد بن حماد، قالا: حَدَّثَنا أَبُو كلابة عَبد الملك بن مُحَمد، حَدَّثني سليمان بن داود، قَال: قَال لِي يَحْيى بْنُ سَعِيد القطان أشهد أن مُحَمد بن إسحاق كذاب، قالَ: قُلتُ ما يدريك، قَال: قَال لي وهيب بن خالد إنه كذاب، قالَ: قُلتُ لوهيب ما يدريك، قَال: قَال لي مالك بن أنس.
أشهد أنه كذاب قلت لمالك ما يدريك، قَال: قَال لي هشام بن عروة أشهد
أنه كذاب قلت لهشام ما يدريك قَالَ حدث عن امرأتي فاطمة بنت المنذر وأدخلت علي وهي بنت تسع سنين وما رآها رجل حتى لقيت الله.
حَدَّثَنَا ابن حماد، حَدَّثني صالح بن أحمد، حَدَّثَنا علي، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيى، قالَ: قُلتُ لهشام بن عروة إن بن إسحاق يحدث عن فاطمة بنت المنذر فقال أهو كَانَ يصل إليها.
حَدَّثَنَا ابن حماد، حَدَّثني أَبُو عون مُحَمد بن عَمْرو بن عون، حَدَّثني مُحَمد بن يَحْيى بْنُ سَعِيد الْقَطَّانُ، قَال: قَال أَبُو سَعِيد يعني أباه سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ يا أهل العراق لا يغت عليكم بعد مُحَمد بن إسحاق أحد.
حَدَّثَنَا ابن حماد، حَدَّثني صَالِح، حَدَّثَنا عَلِيّ سَمِعْتُ يَحْيى يقول دخل مُحَمد بن إسحاق عَلَى الأَعْمَش وكلموه فيه قَالَ يَحْيى ونحن قعود ثم خرج علينا الأَعْمَش وتركه فِي البيت فلما ذهب قَالَ الأَعْمَش قلت له شقيق قَالَ قل لي أَبُو وائل قَالَ وقال زودني من حديثك حتى آتي به المدينة، قالَ: قُلتُ له صار حديثي طعاما.
حَدَّثني ابن حماد، حَدَّثني صَالِح، حَدَّثَنا عَلِيّ سَمِعْتُ سفيان وَسُئِل عن مُحَمد بن إسحاق فقيل له لم يرو أهل المدينة عنه فقال سفيان جالست بن إسحاق منذ بضع وسبعين سنة فما يتهمه أحد من أهل المدينة، ولاَ يقول فيه إلاَّ أنهم اتهموه بالقدر قلت لسفيان كَانَ ابن إسحاق جالس فاطمة بنت المنذر فقال سفيان أخبرني بن إسحاق أنها حدثته وأنه دخل عليه.
حَدَّثَنَا ابن حماد، حَدَّثَنا عباس سمعت يَحْيى يقول مُحَمد بن سحاق ثقة ولكنه ليس بحجة.
وفي موضعٍ آخر سَمِعْتُ يَحْيى يَقُولُ لا تتشبث بشَيْءٍ من حديث بن إسحاق فان بن إسحاق ليس هُوَ بالقوي فِي الحديث.
حَدَّثَنَا ابن حماد، حَدَّثني صَالِح، حَدَّثَنا عَلِيّ سَمِعْتُ يَحْيى يقول: قال إنسان
للأعمش إن بن إسحاق، حَدَّثَنا، عنِ ابن الأسود، عن أبيه بكذا فقال كذاب بن إسحاق وكذب بن الأسود، حَدَّثني عمارة كَذَا وكذا.
سمعتُ ابن حماد يقول: قال السعدي كَانَ مُحَمد بن إسحاق مرميا بغير نوع من البدع وكان مالك يقول هُوَ دجال من الدجاجلة.
كتب إِلَى مُحَمد بن أيوب، حَدَّثَنا مُحَمد بن المنهال سمعت يزيد بن زريع يقول كَانَ مُحَمد بن إسحاق قدريا وكان إذا، حَدَّثَنا يخرج وعليه معصفرة.
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيد، حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ سَمِعْتُ أبا داود يقول، حَدَّثني بعض أصحابنا، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمد بن إسحاق يقول، حَدَّثني الثقة فقيل يعقوب اليهودي.
وكتب إلى بْن أَيُّوب، أَخْبَرنا بْن حميد قال قدم الري مع المهدي مُحَمد بن إسحاق.
وقال النسائي مُحَمد بن إسحاق ليس بالقوي.
حَدَّثَنَا مُحَمد بن خلف المرزباني سمعت العباس بن مُحَمد يقول: سَمعتُ يَحْيى بن مَعِين يقول ليث بن سعد أثبت فِي يزيد بن أَبِي حبيب من مُحَمد بن إسحاق.
ذكر بن أبي بكر، عَن عباس سمعت يَحْيى يقول مُحَمد بن عَمْرو أحب إلي من مُحَمد بن إسحاق.
حَدَّثَنَا عَبد اللَّه بن أبي سفيان، وابن أَبِي بَكْرٍ، قَالا: حَدَّثَنا عَبَّاسٌ سَمِعْتُ يَحْيى بْنَ مَعِين يَقُولُ لم نسمع من عَبد الله بن دينار، عَن أَنَس إلاَّ الحديث الذي يحدث به مُحَمد بن إسحاق يعني حديث الرويبضة.
حَدَثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ المثنى، حَدَّثَنا أبو كريب، حَدَّثَنا يُونُس بْن بُكَير، عنِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَبد اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَن أَنَس قِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ مَا الرُّوَيْبِضَةُ قَالَ الْفَاسِقُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ العامة
وسمعت يعقوب بن إسحاق بن إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ يَقُولُ: سَمعتُ أَبَا زُرْعَة الدِّمَشْقِيَّ يقولُ: سَألتُ يَحْيى بْن مَعِين عَن مُحَمد بن إسحاق هُوَ حجة فقال هُوَ صدوق ولكن الحجة عُبَيد الله بن عُمَر الأَوْزاعِيّ وسعيد بْنِ عَبد الْعَزِيزِ.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ بَحْرٍ، حَدَّثَنا عُبَيد الله بن أحمد الدورقي قَالَ يَحْيى بن مَعِين مُحَمد بن عَمْرو روى عنه يَحْيى القطان وقال هُوَ أحب إلي من مُحَمد بن إسحاق.
حَدَّثَنَا مُحَمد بْن خلف، حَدَّثَنا أَبُو سَعِيد المديني، حَدَّثني إبراهيم بن يَحْيى بن هانئ، عن أبيه، قَال: كَانَ مُحَمد بن إسحاق قد ضاق واشتدت حاله فكتب إليه أن يحمل إِلَى العراق فلما أراد الخروج قَالَ له داود بن خالد إني لأحسب أن السفرة غدا خسيسة يا أبا عَبد الله قَالَ والله ما أخلاقنا بخسيسة ولربما قصر الدهر باع الكريم.
حَدَّثَنَا أحمد بْنُ عَلِيٍّ الْمَدَائِنِيُّ، حَدَّثَنا اللَّيْثُ بْن عبدة سَمِعْتُ يَحْيى بْن مَعِين يقول الليث أرفع عندي من مُحَمد بن إسحاق.
حَدَّثَنَا عَبد الْمَلِكِ بْنُ مُحَمد، حَدَّثَنا أَبُو الأحوص، حَدَّثني أَبُو جعفر النفيلي، حَدَّثني عَبد الله بن ثائد أَبُو عُمَير قَال: كُنا نجلس إِلَى بن إسحاق فإذا أخذ فِي فن من العلم ذهب المجلس بذلك الفن.
حَدَّثَنَا مُحَمد بْنُ يَحْيى بْنِ آدَمَ وَيَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ حَيْوَيْهِ، قَالا: حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ عَبد اللَّه بن عَبد الحكم، قَالَ: سَمِعْتُ الشافعي رحمه الله يقول: قَالَ الزُّهْريّ لا يزال بهذه الحرة علم ما دام بها ذاك الأحول يريد مُحَمد بن إسحاق.
حَدَّثَنَا عُمَر بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنا مُحَمد بن معدان، حَدَّثَنا ابن أعين، قَالَ: سَمِعْتُ سفيان يقول كنا عند الزُّهْريّ ونهض بن إسحاق فقال الزُّهْريّ لا يزال بها علم ما بقي.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبد الجبار، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ قُدَامَةَ سمعتُ ابن عُيَينة يقول رأيت بن إسحاق قبل أن أرى الزُّهْريّ ورأيته جاء إِلَى الزُّهْريّ فقال له
الزُّهْريّ كيف أنت يا مُحَمد ما لي لم أرك قَالَ كيف أصل إليك مَعَ بوابك هذا قَالَ سفيان فدعا الزُّهْريّ بوابه فقال إذا جاء هذا فلا تحبسه عني لا يزال بالمدينة علم ما كَانَ بها.
حَدَّثَنَا مُحَمد بْنُ جَعْفَرِ بْنِ يزيد، حَدَّثَنا أبو قلابة، حَدَّثني مُحَمد بن إبراهيم المزني، عنِ ابن عُيَينة كنت عند الزُّهْريّ فجاء مُحَمد بن إسحاق فقال له الزُّهْريّ ما لي لا أراك واستبطأه فقال إن آذنك لايأذن لي.
حَدَّثَنَا مُحَمد بن جعفر، حَدَّثَنا أبو قلابة، حَدَّثني مُحَمد بن إبراهيم، عنِ ابن عُيَينة سمعتُ ابن شهاب يقول ما بقي أحد أعلم بمغزاه من مولى ابن مخرمة يعني مُحَمد بن إسحاق.
حَدَّثَنَا مُحَمد بن يَحْيى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ الورد، حَدَّثَنا إسحاق بن راهويه، حَدَّثَنا يَحْيى بْنُ آدَمَ، عنِ ابْنِ إدريس قَال: كنتُ عند مالك بن أنس فقيل له أن مُحَمد بن إسحاق يقول اعرضوا علي علم مالك فإني أنا بيطاره فقال انظروا إِلَى دجال من الدجاجلة يقول اعرضوا علي علمي.
حَدَّثَنَا ابن أَبِي بكر، حَدَّثَنا عباس سمعت يَحْيى يقول قد سمع مُحَمد بن إسحاق من أَبَان بن عثمان وسمع من عطاء وسمع من أَبِي سلمة بن عَبد الرحمن وسمع أَيضًا من القاسم بن مُحَمد ومن مكحول ومن عَبد الرحمن بن الأسود.
حَدَّثَنَا ابن العراد، حَدَّثَنا يعقوب بن شيبة سألت يَحْيى بن مَعِين قلت كيف مُحَمد بن إسحاق عندك قَالَ ليس هُوَ عندي بذاك ولم يثبته وضعفه ولم يضعفه جدا فقلت له ففي نفسك من صدقه شيء؟ قَال: لاَ كَانَ صدوقا، حَدَّثَنا ابن العراد، حَدَّثَنا يعقوب، قَالَ: سَمِعْتُ عليا يقول مُحَمد بن إسحاق، حَدَّثني شُعْبَة عن سعد بن إبراهيم قَالَ علي، ولاَ أعلم أحدا ترك بن إسحاق روى عنه شُعْبَة وسفيان بن سَعِيد وسفيان بن عُيَينة وحماد بن سلمة وحماد بْنُ زَيْدٍ وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وإسماعيل.
حَدَّثَنَا ابن العراد، حَدَّثَنا يعقوب سمعت مُحَمد بن عَبد الله بن نُمَير وذكر بن
إسحاق فقال إذا حدث عمن سمع من المعروفين فهو حسن الحديث صدوق إنما أتي أن يحدث عن المجهولين بأحاديث باطلة.
حَدَّثَنَا ابن العراد، حَدَّثَنا يعقوب سمعتُ ابن داود الزنبري، حَدَّثني والله عَبد العزيز الدراوردي قَال: كُنا فِي مجلس مُحَمد بن إسحاق نتعلم قَالَ فأغفى إغفاءة قَالَ إني رأيت فِي المنام الساعة أن إنسانا دخل المسجد ومعه حبل فوضعه فِي عنق حمار فأخرجه فما لبثنا أن دخل رجل المسجد معه حبل حتى وضعه فِي عنق بن إسحاق فأخرجه فذهب به إِلَى السلطان فجلد قَالَ ابن داود الزنبري من أجل القدر.
حَدَّثَنَا ابن العراد، حَدَّثَنا يعقوب، حَدَّثني سليمان الكوفي، حَدَّثني سليمان بن زياد، حَدَّثني حميد بن حبيب أنه رأى مُحَمد بن إسحاق مجلودا فِي القدر جلده إبراهيم بن هشام خال هِشَامُ بْنُ عَبد الْمَلِكِ.
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَال: حَدَّثَنا حجاج بن الشاعر قَالَ عتاب بن زياد وقَالَ سَمِعْتُ يزيد بن زريع يقول كَانَ ابن إسحاق قدريا وكان رجلا عاملا.
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عِصْمَةَ، حَدَّثَنا أبو طالب سمعت أحمد بن حنبل يقول مجاهد بن جبير المعروف، وَمُحمد بن إسحاق يقول بن جبير ويكنى أبا الحجاج قلت سمع من مجاهد؟ قَال: لاَ وَسُئِل أحمد عن مُحَمد بن إسحاق فقال ما أدري ما أقول قَالَ يَحْيى سئل هشام فقال هُوَ يحدث عن امرأتي أكان يدخل عَلَى امرأتي قَالَ أحمد وقد تمكن أن يسمع منها تخرج إِلَى المسجد أو خارجة فسمع والله أعلم
، حَدَّثَنا علان، قَال: حَدَّثَنا ابن أبي مريم سَمِعْتُ يَحْيى بْن مَعِين يقول الليث أرفع عندي من مُحَمد بن إسحاق.
حَدَّثَنَا مُحَمد بن علي، قَال: حَدَّثَنا عثمان بن سَعِيد سألت يَحْيى بن مَعِين قلت فمحمد بن إسحاق قَالَ ليس به بأس، وَهو ضعيف الحديث عن الزُّهْريّ.
حَدَّثَنَا ابْن أَبِي بَكْر، قَال: حَدَّثَنا العباس سَمِعْتُ يَحْيى يَقُولُ مُحَمد بْنُ عَبد اللَّهِ بْنِ أخي الزُّهْريّ أحب إلي من مُحَمد بن إسحاق فِي الزُّهْريّ.
وسمعت يَحْيى يقول لم يسمع مُحَمد بن إسحاق من طلحة بن نافع شَيئًا.
حَدَّثَنَا أحمد بن مُحَمد بن عَمْرو، حَدَّثَنا عثمان بن سَعِيد سمعت الحلواني يَقُولُ: سَمعتُ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ يَقُولُ: سَمعتُ شُعْبَة يَقُولُ لو كان لي سلطان لأمرت بن إسحاق عَلَى المحدثين.
حَدَّثَنَا ابن صاعد، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ يَزِيدَ الأَسْفَاطِيُّ، حَدَّثَنا يَحْيى بن كثير العنبري سمعت شُعْبَة يقول مُحَمد بن إسحاق أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْحَدِيثِ.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ بَحْرٍ، وَمُحمد بْنُ جَعْفَرِ بْنِ يَزِيدَ، قَالا: حَدَّثَنا عَبد اللَّهِ بْنُ أحمد بن الدورقي، قَال: حَدَّثَنا إبراهيم بن مهدي سمعت إسماعيل بن علية يقول: قَالَ شُعْبَة أما جَابِر، وَمُحمد بْن إِسْحَاق فصدوقان.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبد الحميد الغضائري، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ عُقْبَةَ بْنِ مَكْرَمٍ، حَدَّثَنا غُنْدُرٌ عَنْ شُعْبَة عَنْ مُحَمد بْنُ إِسْحَاقَ، عنِ الزُّهْريّ عَنْ سَعِيد بْنِ المُسَيَّب، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ صَلَّى عَلَى النَّجَاشِي فَكَبَّرَ أَرْبعًا.
حَدَّثَنَا ابْنُ صَاعِدٍ، وَمُحمد بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، قالا: حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ يَزِيدَ الأَسْفَاطِيُّ، حَدَّثَنا يَحْيى بْنُ كَثِيرِ بْنِ دِرْهَمٍ العنبري، حَدَّثَنا شُعْبَة عَنْ مُحَمد بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الأَعْرَجِ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وسَلَّم قَال: التَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ والتصفيق للنساء
قَالَ الشَّيْخُ: قَالَ لَنَا ابْنُ صَاعِدٍ وَهَذَا غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَة.
حَدَّثَنَا الهيثم الدُّورِيُّ، حَدَّثَنا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشام، عَن سُفيان، عَن مُحَمد بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ نَافِعٍ، عنِ ابْنِ عُمَر أَنَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ.
وَرَوَاهُ أَيضًا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشام، عَن سُفيان، عَن مُحَمد بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ نَافِعٍ، عنِ ابْنِ عُمَر، أَن النَّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ رَجَمَ يَهُودِيًّا وَيَهُودِيَّةً.
حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَبِي مَعْشَرٍ، قَال: حَدَّثَنا سُلَيْمَانُ بْنُ سَيْفٍ أبو داود، حَدَّثَنا سَعِيد بْنُ بَزِيعٍ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثني شُعْبَة بْنُ الْحَجَّاجِ عَنْ عَبد اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عنِ ابْنِ عُمَر بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ عَلَى الإِسْلامِ فَلَقَّنَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ فيما استطعت.
حَدَّثَنَا أبو عَرُوبة، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ يَحْيى الأَزْدِيُّ، حَدَّثَنا يعقوب بن إبراهيم، قَال: حَدَّثَنا أبي، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ شُعْبَة عن عَبد الله دِينَارٍ، عنِ ابْنِ عُمَر نَهَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْوَلاءِ وَعَنْ هِبَتِهِ.
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّا وأحمد بن حمدون، قالا: حَدَّثَنا عُبَيد الله بن سعد، حَدَّثَنا عمي، حَدَّثَنا أَبِي عَنْ مُحَمد بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثني شُعْبَة عَنْ عَبد الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ
، حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الصُّوفيّ، حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ خراش، حَدَّثَنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سعد، قَال: حَدَّثَنا أَبِي، عنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثني شُعْبَة عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبد اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ مَعْمَرٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أَهْوَى إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إِنِّي صَائِمَةٌ فَقَالَ وَأَنَا صائم ثم قبلني.
حَدَّثَنَا ابن صاعد، حَدَّثَنا عُبَيد اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ الزُّهْريّ، حَدَّثَنا عمي يعقوب، حَدَّثَنا أَبِي، عنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا، حَدَّثني شُعْبَة بْنُ الْحَجَّاجِ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ عَبد اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى وَقَدْ صَحِبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ وَرَآهُ، قَال: كَانَ الرجل إِذَا أتاه بِصَدَقَاتِهِمْ وَقَبِضَهَا مِنْهُمْ قَالَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِمْ فَأَتَاهُ أَبِي بِصَدَقَتِهِ فَلَمَّا قَبِضَهَا مِنْهُ قَالَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى وَأَهْلِ بَيْتِهِ فَمَا زِلْنَا نَتَعَرَّفُ منها خيرا
قَالَ الشَّيْخُ: قَالَ لَنَا ابْنُ صاعدة بن إسحاق فيه عن سماك بن حرب إنما الحديث حديث عَمْرو بن مرة.
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّا، حَدَّثَنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيد اللَّهِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ، حَدَّثني سَعِيد بْنُ بَزِيعٍ، أَخْبَرنا مُحَمد بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثني شُعْبَة بْنُ الْحَجَّاجِ عَنْ عَبد الْمَلِكِ بْنِ عُمَير عَنْ عَطِيَّةَ الْقُرَظِيِّ، قَال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَمَرَ بِقَتْلِ كُلِّ مَنْ أُنْبِتَ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ وَكُنْتُ غُلامًا فَوَجَدُونِي لَمْ أُنْبَتْ فَخَلُوا سبيلي.
حَدَّثَنَا أحمد بن الحسن الأصبهاني، حَدَّثَنا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبد الْحَمِيدِ، حَدَّثني مُحَمد بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثني أَبِي، عَن يَحْيى شَيْخٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَنْ مُحَمد بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ شُعْبَة عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنَسٍ عَن جَدِّهِ أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجَارِيَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ قَدْ رَضَّهَا يَهُودِيٌّ بَيْنَ حَجَرَيْنِ وَانْتَزَعَ حُلِيًّا لَهَا الْحَدِيثَ فَرَضَخَ رَأْسَهُ.
قَالَ الشيخ: وهذا لا يروى عن مُحَمد بن إسحاق عن شُعْبَة إلاَّ من هذا الطريق، وَمُحمد بن إسماعيل هُوَ بن إسماعيل بن عياش، عن أبيه، عَن يَحْيى شيخ من أهل المدينة قَالَ، وَهو يَحْيى بْنُ سَعِيد الأَنْصَارِيُّ عَنْ مُحَمد بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ شُعْبَة وهذا رواية الكبار عن الصغار.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَمْدُونَ النَّيْسَابُورِيُّ، حَدَّثَنا عُبَيد الله بن سعد، حَدَّثَنا عمي، حَدَّثَنا أَبِي، حَدَّثني مُحَمد بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثني سُفْيَانُ الثَّوْريّ عَنْ لَيْثٍ عن طاووس، عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِنَّهَا لَكَلِمَةُ نَبِيٍّ وَيَأْتِيكَ بِالأَخْبَارِ مَنْ لَمْ تزود
، حَدَّثَنا ابن مكرم، حَدَّثَنا عُبَيد اللَّهِ بْنُ سَعِيد، حَدَّثَنا عمي، حَدَّثَنا أَبِي، عنِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ الْهِلالِيِّ عَنْ آدَمَ بْنِ عَلِيٍّ النُّكَرِيِّ، عنِ ابْنُ عُمَر قَال رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ: لاَ تبسط ذارعيك إِذَا صَلَّيْتَ كَبَسْطِ السَّبْعِ وَادَّعِمْ عَلَى رَاحَتَيْكَ وَتَجَافَ عَنْ ضَبْعَيْكَ فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ سَجَدَ لك كُلُّ عُضْوٍ مِنْكَ.
حَدَّثَنَا مُحَمد بْنُ يَحْيى بْنِ الْحُسَيْنِ الْعَمِّيُّ، حَدَّثَنا عُبَيد اللَّهِ الْعَيْشِيُّ، حَدَّثَنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرنا مُحَمد بْنُ إِسْحَاقَ، عنِ الزُّهْريّ عَنْ عُبَيد اللَّهِ، عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ جِبْرِيلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ كَانَ يَعْرِضُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُرْآنَ كُلَّ عَامٍ فِي رَمَضَانَ فَذَكَرَهُ.
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بن يُونُس، حَدَّثَنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيد، حَدَّثَنا سُفْيَانُ، عنِ الزُّهْريّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَ سُفْيَانُ حَفِظَهُ لنا بن إِسْحَاقَ أَنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ هَذِهِ الآيَةِ اقْرَأْ بأسم ربك.
حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَبُو شيبة، حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدُّورَقِيُّ، قَال: حَدَّثَنا نُوحُ بْنُ يَزِيدَ الْمُعَلِّمُ، قَال: حَدَّثَنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَكَانَ مِنْ أصحاب إبراهيم بن سعد
قال الدروقي قَال لي يَحْيى بْن مَعِين اختلفت إِلَى نوح فِي هذا الحديث ثلاثين مرة فما، حَدَّثني حملت عليه عَنْ مُحَمد بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ نَافِعٍ، عنِ ابْنِ عُمَر قَال: مَا رأيتُ أَحَدًا كَانَ أَسْوَدَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ مُعَاوِيَةَ قُلْتُ هُوَ كَانَ أَسْوَدَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ كَانَ خَيْرًا مِنْهُ وَكَانَ هُوَ أَسْوَدَ مِنْهُ، قالَ: قُلتُ هُوَ كَانَ أَسْوَدَ مِنْ عُمَر قَالَ عُمَر وَاللَّهِ كَانَ خَيْرًا مِنْهُ وَكَانَ هُوَ أَسْوَدَ مِنْ عُمَر، قالَ: قُلتُ هُوَ كَانَ أَسْوَدَ مِنْ عُثْمَانَ قَالَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى عُثْمَانَ عُثْمَانُ كَانَ خَيْرًا مِنْهُ، وَهو أَسْوَدُ مِنْ عُثْمَانَ.
قَالَ الشيخ: وهذا يرويه مُحَمد بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ نَافِعٍ، عنِ ابن عُمَر يرويه العوام بن حوشب عن حبيب بن أَبِي ثابت، عنِ ابن عُمَر.
حَدَّثَنَا ابْنُ صَاعِدٍ، قَال: حَدَّثَنا مُحَمد بن يزيد الأساقطي، قَال: حَدَّثَنا يَحْيى بن كثير، قَالَ: سَمِعْتُ شُعْبَة يقول مُحَمد بن إسحاق أمير فِي الحديث.
حَدَّثَنَا عَبد اللَّهِ بْنُ مُحَمد بْنِ نَصْرٍ الرملي، حَدَّثَنا نوح بن حبيب، حَدَّثَنا يُونُس بن بُكَير، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبد اللَّهِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَن جَدِّهِ وُلِدْتُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ عَامَ الْفِيلِ وَكُنَّا لِدَّيْنِ.
حَدَّثَنَا مُحَمد بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَفْصٍ، حَدَّثَنا الفضل بن غانم، حَدَّثَنا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ عَنْ مُحَمد بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثني رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَن أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، عَن أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ يَقُولُ لَمَّا فَرَغْتُ مِمَّا فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ أُتِيَ بِالْمِعْرَاجِ فَذَكَرَهُ بِطُولِهِ قِصَّةَ الأَنْبِيَاءِ، ومَنْ رَأَى مِنْهُمْ فِي كُلِّ سَمَاءٍ وَمَا رَأَى مِنْ قَوْمٍ يُعَذَّبُونَ وَغَيْرِهِمْ مِمَّا لَيْسَ فِي أَحَادِيثِ المعراج سواه
، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ جَعْفَرٍ الإِمَامُ، حَدَّثَنا الفضل بن غانم، حَدَّثَنا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثني مُحَمد بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَن أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، عَن أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصِفُ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلامُ حِينَ رَآهُ فِي السَّمَاءِ، قَالَ: رأيتُ رَجُلا صُورَتُهُ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ فَقُلْتُ يَا جِبْرِيلَ مَنْ هَذَا فَقَالَ هَذَا أَخُوكَ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلامُ.
حَدَّثَنَا ابن الإمام، حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمد بْنِ أيوب، حَدَّثَنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مُحَمد بن إسحاق عَمَّن لا يتهم، عَن أَبِي سَعِيد الخدري عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ فذكر حديث المعراج فأفسد إبراهيم بن سعد إسناده عن مُحَمد بن إسحاق عَمَّن لا يتهم، عَن أَبِي سَعِيد وجود إسناده سلمة بن الفضل عن مُحَمد بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ رَوْحِ بْنُ الْقَاسِمِ، عَن أَبِي هَارُونَ، عَن أَبِي سَعِيد.
حَدَّثَنَا أَبُو عَرُوبة، حَدَّثَنا الفضل بن يعقوب الجزري، حَدَّثَنا عَبد الأَعْلَى عَنْ مُحَمد بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثني الْعَلاءُ بْنُ عَبد الرَّحْمَنِ، عَن أَبِي السَّائِبِ مَوْلَى هِشَامِ بْنِ زَهْرَةَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ، عَن أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَال رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ.
قَالَ الشيخ: هكذا قَالَ لنا أَبُو عَرُوبة، عَن أَبِي السائب عن عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ، عَن أَبِي سلمة، وإِنَّما هُوَ، عَن أَبِي السائب وعمران بن أَبِي أنس.
حَدَّثَنَا عَبد الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيد اللَّهِ بْنِ أَخِي الإِمَامِ، حَدَّثَنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيد، حَدَّثَنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عنِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَال رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ إِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّي وَأَنَامُ وَأَنْكِحُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عن سنتي فليس مني
، حَدَّثَنا الْقَاسِمُ بْنُ اللَّيْثِ أَبُو صَالِحٍ الرَّاسِبِيُّ بِتِنِّيسَ أَنَا سَأَلْتُهُ أملاه علينا حفظا، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ أَبِي صَفْوَانَ الثَّقَفِيُّ املاء، حَدَّثَنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، حَدَّثَنا أَبِي عَنْ مُحَمد بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبد اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَال: لَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو طَالِبٍ خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ إِلَى الطَّائِفِ مَاشِيًا عَلَى قَدَمَيْهِ فَدَعَا إِلَى الإِسْلامِ قَالَ فَلَمْ يُجِيبُوهُ قَالَ فَانْصَرَفَ فَأَتَى ظِلَّ شَجَرَةٍ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إِلَيْكَ أَشْكُو ضِعْفَ قُوَّتِي وَقِلَّةَ حِيلَتِي وَهَوَانِي عَلَى النَّاسِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ أَنْتَ أَرْحَمُ بِي إِلَى مَنْ تَكِلُنِي إِلَى عَدُوٍ يَتَجَهَّمُنِي أَمْ إِلَى الْقَرِيبِ مَلَّكْتَهُ أَمْرِي إِنْ لَمْ تَكُنْ غَضْبَانًا عَلَيَّ فَلا أُبَالِي غَيْرَ أَنَّ عَافِيَتَكَ هِيَ أوسع لي أعوذ بنور ووجهك الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الظُّلُمَاتُ وَصَلَحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ أَنْ تُنْزِلَ بِي غَضَبَكَ أَوْ تُحِلَّ عَلَيَّ سَخَطَكَ لَكَ الْعُتْبَي حَتَّى تَرْضَى، ولاَ حَوْلَ، ولاَ قُوَّةَ إلاَّ بِكَ.
قَالَ الشيخ: وهذا حديث أَبِي صالح الراسبي لم نسمع أن أحدا حدث بهذا الحديث غيره ولم نكتبه إلاَّ عنه.
حَدَّثَنَا يَحْيى بْنُ زَكَرِيَّا بن حيويه بمصر، حَدَّثَنا الحسن البُخارِيّ، حَدَّثَنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مُحَمد بْنِ إِسْحَاقَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بن حفص واللفظ له، حَدَّثَنا عَمْرو بن زياد البرداني، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ سَلَمَةَ الْحَرَّانِيُّ عَنِ مُحَمد بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثني عَبد اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرو بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ وَحْشِي بْنِ حَرْبٍ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَدَّثني كَيْفَ قَتَلْتَ حَمْزَةَ بْنَ عَبد الْمُطَّلِبِ فَحَدَّثْتُهُ فَذَكَرَهُ الْحَسَنُ البُخارِيّ بِطُولِهِ وَقَالَ فَلَمَّا فَرِغْتُ من حديثي قال
وَيْحَكَ غَيِّبْ عَنِّي وَجْهَكَ فَلا أَرَاكَ فَكُنْتُ أَتَنَكَّبُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ حَيْثُ لا أَرَاهُ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.
قَالَ الشيخ: وهذا بهذا الإسناد يرويه مُحَمد بن إسحاق.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ المثنى، حَدَّثَنا زهير بن حرب، حَدَّثَنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنا أَبِي، عنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثني مُحَمد بْنُ مُسْلِمٍ الزُّهْريّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقُول: مَن مَسَّ فَرْجَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ.
قَالَ الشيخ: قَالَ زهير بن حرب هذا عندي وهم إنما رواه عروة عن سبرة.
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيد، حَدَّثَنا الحسين بن عيسى الرازي، حَدَّثَنا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنا مُحَمد بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمد بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَن أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَأَيْتُمْ فُلانًا عَلَى الْمِنْبَرِ فَاقْتُلُوهُ.
قَالَ الشيخ: وهذا بهذا لم أكتبه إلاَّ عن علي بن سَعِيد ولمحمد بن إسحاق حديث كثير وقد روى عنه أئمة الناس شُعْبَة والثوري، وابن عُيَينة وحماد بن سلمة وغيرهم وقد روى المغازي عنه إبراهيم بن سعد وسلمة بن الفضل، وَمُحمد بن سلمة ويحيى بن سَعِيد الأموي وسعيد بن بزيع وجرير بن حازم وزياد البكائي وغيرهم وقد روى المبتدأ والمبعث.
قَالَ الشيخ: ولو لم يكن لابن إسحاق من الفضل إلاَّ أنه صرف الملوك عن كتب لا يحصل منها شيء فصرف أشغالهم حتى اشتغلوا بمغازي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومبتدأ الخلق ومبعث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ فهذه فضيلة لابن إسحاق سبق بها ثم بعده صنفه قوم آخرون ولم يبلغوا مبلغ بن إسحاق فيه وقد فتشت أحاديثه الكثيرة فلم أجد فِي أحاديثه ما يتهيأ أن يقطع عليه بالضعف، ورُبما أخطأ أو وهم فِي الشيء بعد الشيء كما يخطئ غيره ولم يتخلف عنه فِي الرواية عنه الثقات والأئمة، وَهو لا بأس به
يكنى أبا عَبد الله صاحب مغازي رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مولى قيس بن مخرمة.
حَدَّثَنَا عَبد الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَنا عباس، عَن يَحْيى، قال مُحَمد بن إسحاق مولى قيس بن مخرمة.
حَدَّثَنَا الجنيدي، حَدَّثَنا البُخارِيّ قال مات مُحَمد بن إسحاق أَبُو بكر بن يسار مولى قيس بن مخرمة القرشي المديني ببغداد سنة إحدى وخمسين ومِئَة.
قَالَ الشَّيخ: قرأت عَلَى قبره ببغداد عَلَى باب الحجرة التي فِيهَا قبره بحذاء مقبرة الخيزران مكتوب عليها بجص هذا قبر مُحَمد بْن إسحاق بْن يسار صاحب مغازي رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ مُوسَى الْحُلْوَانِيُّ، حَدَّثَنا أبو حاتم السجستاني، حَدَّثَنا الأصمعي عن معتمر قَال لي أَبِي لا ترو، عنِ ابن إسحاق فإنه كذاب.
حَدَّثَنَا موسى بْنِ الْعَبَّاسِ، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْجُنَيْدِ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيى بْنَ غَيْلانَ يَقُولُ: سَمعتُ يَحْيى بْنَ سَعِيد الْقَطَّانُ يَقُولُ مَا تَرَكْتُ حَدِيثَ مُحَمد بْنِ إسحاق إلا لله.
حَدَّثَنَا أَبُو شَيْبَةَ دَاوُدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بِمِصْرَ، حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدُّورَقِيُّ، حَدَّثَنا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ حماد بن سلمة يقول لولا الاضطرار ما رويت، عنِ ابن إسحاق شَيئًا.
حَدَّثَنَا علي بن سَعِيد الرازي، حَدَّثَنا عَبد المؤمن بن علي الزعفراني سمعت مالك بن أنس وذكر عنده مُحَمد بن إسحاق فقال دجال من الدجاجلة.
حَدَّثَنَا ابن حماد، حَدَّثني أَبُو عون مُحَمد بن عَمْرو بن عون الواسطي، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ يَحْيى بْنِ سَعِيد، حَدَّثَنا عفان عن وهيب، قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يقول هُوَ كذاب.
قَالَ الشيخ: وحضرت مجلس الفريابي وقد سئل عن حديث لمحمد بن إسحاق وكان يأبي عليهم فلما كرروا عليه قَالَ مُحَمد بن إسحاق فذكر كلمة شنيعة فقال زنديق.
حَدَّثَنَا مُحَمد بْنُ جَعْفَرِ بْنِ يزيد، وَمُحمد بن أحمد بن حماد، قالا: حَدَّثَنا أَبُو كلابة عَبد الملك بن مُحَمد، حَدَّثني سليمان بن داود، قَال: قَال لِي يَحْيى بْنُ سَعِيد القطان أشهد أن مُحَمد بن إسحاق كذاب، قالَ: قُلتُ ما يدريك، قَال: قَال لي وهيب بن خالد إنه كذاب، قالَ: قُلتُ لوهيب ما يدريك، قَال: قَال لي مالك بن أنس.
أشهد أنه كذاب قلت لمالك ما يدريك، قَال: قَال لي هشام بن عروة أشهد
أنه كذاب قلت لهشام ما يدريك قَالَ حدث عن امرأتي فاطمة بنت المنذر وأدخلت علي وهي بنت تسع سنين وما رآها رجل حتى لقيت الله.
حَدَّثَنَا ابن حماد، حَدَّثني صالح بن أحمد، حَدَّثَنا علي، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيى، قالَ: قُلتُ لهشام بن عروة إن بن إسحاق يحدث عن فاطمة بنت المنذر فقال أهو كَانَ يصل إليها.
حَدَّثَنَا ابن حماد، حَدَّثني أَبُو عون مُحَمد بن عَمْرو بن عون، حَدَّثني مُحَمد بن يَحْيى بْنُ سَعِيد الْقَطَّانُ، قَال: قَال أَبُو سَعِيد يعني أباه سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ يا أهل العراق لا يغت عليكم بعد مُحَمد بن إسحاق أحد.
حَدَّثَنَا ابن حماد، حَدَّثني صَالِح، حَدَّثَنا عَلِيّ سَمِعْتُ يَحْيى يقول دخل مُحَمد بن إسحاق عَلَى الأَعْمَش وكلموه فيه قَالَ يَحْيى ونحن قعود ثم خرج علينا الأَعْمَش وتركه فِي البيت فلما ذهب قَالَ الأَعْمَش قلت له شقيق قَالَ قل لي أَبُو وائل قَالَ وقال زودني من حديثك حتى آتي به المدينة، قالَ: قُلتُ له صار حديثي طعاما.
حَدَّثني ابن حماد، حَدَّثني صَالِح، حَدَّثَنا عَلِيّ سَمِعْتُ سفيان وَسُئِل عن مُحَمد بن إسحاق فقيل له لم يرو أهل المدينة عنه فقال سفيان جالست بن إسحاق منذ بضع وسبعين سنة فما يتهمه أحد من أهل المدينة، ولاَ يقول فيه إلاَّ أنهم اتهموه بالقدر قلت لسفيان كَانَ ابن إسحاق جالس فاطمة بنت المنذر فقال سفيان أخبرني بن إسحاق أنها حدثته وأنه دخل عليه.
حَدَّثَنَا ابن حماد، حَدَّثَنا عباس سمعت يَحْيى يقول مُحَمد بن سحاق ثقة ولكنه ليس بحجة.
وفي موضعٍ آخر سَمِعْتُ يَحْيى يَقُولُ لا تتشبث بشَيْءٍ من حديث بن إسحاق فان بن إسحاق ليس هُوَ بالقوي فِي الحديث.
حَدَّثَنَا ابن حماد، حَدَّثني صَالِح، حَدَّثَنا عَلِيّ سَمِعْتُ يَحْيى يقول: قال إنسان
للأعمش إن بن إسحاق، حَدَّثَنا، عنِ ابن الأسود، عن أبيه بكذا فقال كذاب بن إسحاق وكذب بن الأسود، حَدَّثني عمارة كَذَا وكذا.
سمعتُ ابن حماد يقول: قال السعدي كَانَ مُحَمد بن إسحاق مرميا بغير نوع من البدع وكان مالك يقول هُوَ دجال من الدجاجلة.
كتب إِلَى مُحَمد بن أيوب، حَدَّثَنا مُحَمد بن المنهال سمعت يزيد بن زريع يقول كَانَ مُحَمد بن إسحاق قدريا وكان إذا، حَدَّثَنا يخرج وعليه معصفرة.
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيد، حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ سَمِعْتُ أبا داود يقول، حَدَّثني بعض أصحابنا، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمد بن إسحاق يقول، حَدَّثني الثقة فقيل يعقوب اليهودي.
وكتب إلى بْن أَيُّوب، أَخْبَرنا بْن حميد قال قدم الري مع المهدي مُحَمد بن إسحاق.
وقال النسائي مُحَمد بن إسحاق ليس بالقوي.
حَدَّثَنَا مُحَمد بن خلف المرزباني سمعت العباس بن مُحَمد يقول: سَمعتُ يَحْيى بن مَعِين يقول ليث بن سعد أثبت فِي يزيد بن أَبِي حبيب من مُحَمد بن إسحاق.
ذكر بن أبي بكر، عَن عباس سمعت يَحْيى يقول مُحَمد بن عَمْرو أحب إلي من مُحَمد بن إسحاق.
حَدَّثَنَا عَبد اللَّه بن أبي سفيان، وابن أَبِي بَكْرٍ، قَالا: حَدَّثَنا عَبَّاسٌ سَمِعْتُ يَحْيى بْنَ مَعِين يَقُولُ لم نسمع من عَبد الله بن دينار، عَن أَنَس إلاَّ الحديث الذي يحدث به مُحَمد بن إسحاق يعني حديث الرويبضة.
حَدَثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ المثنى، حَدَّثَنا أبو كريب، حَدَّثَنا يُونُس بْن بُكَير، عنِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَبد اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَن أَنَس قِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ مَا الرُّوَيْبِضَةُ قَالَ الْفَاسِقُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ العامة
وسمعت يعقوب بن إسحاق بن إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ يَقُولُ: سَمعتُ أَبَا زُرْعَة الدِّمَشْقِيَّ يقولُ: سَألتُ يَحْيى بْن مَعِين عَن مُحَمد بن إسحاق هُوَ حجة فقال هُوَ صدوق ولكن الحجة عُبَيد الله بن عُمَر الأَوْزاعِيّ وسعيد بْنِ عَبد الْعَزِيزِ.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ بَحْرٍ، حَدَّثَنا عُبَيد الله بن أحمد الدورقي قَالَ يَحْيى بن مَعِين مُحَمد بن عَمْرو روى عنه يَحْيى القطان وقال هُوَ أحب إلي من مُحَمد بن إسحاق.
حَدَّثَنَا مُحَمد بْن خلف، حَدَّثَنا أَبُو سَعِيد المديني، حَدَّثني إبراهيم بن يَحْيى بن هانئ، عن أبيه، قَال: كَانَ مُحَمد بن إسحاق قد ضاق واشتدت حاله فكتب إليه أن يحمل إِلَى العراق فلما أراد الخروج قَالَ له داود بن خالد إني لأحسب أن السفرة غدا خسيسة يا أبا عَبد الله قَالَ والله ما أخلاقنا بخسيسة ولربما قصر الدهر باع الكريم.
حَدَّثَنَا أحمد بْنُ عَلِيٍّ الْمَدَائِنِيُّ، حَدَّثَنا اللَّيْثُ بْن عبدة سَمِعْتُ يَحْيى بْن مَعِين يقول الليث أرفع عندي من مُحَمد بن إسحاق.
حَدَّثَنَا عَبد الْمَلِكِ بْنُ مُحَمد، حَدَّثَنا أَبُو الأحوص، حَدَّثني أَبُو جعفر النفيلي، حَدَّثني عَبد الله بن ثائد أَبُو عُمَير قَال: كُنا نجلس إِلَى بن إسحاق فإذا أخذ فِي فن من العلم ذهب المجلس بذلك الفن.
حَدَّثَنَا مُحَمد بْنُ يَحْيى بْنِ آدَمَ وَيَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ حَيْوَيْهِ، قَالا: حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ عَبد اللَّه بن عَبد الحكم، قَالَ: سَمِعْتُ الشافعي رحمه الله يقول: قَالَ الزُّهْريّ لا يزال بهذه الحرة علم ما دام بها ذاك الأحول يريد مُحَمد بن إسحاق.
حَدَّثَنَا عُمَر بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنا مُحَمد بن معدان، حَدَّثَنا ابن أعين، قَالَ: سَمِعْتُ سفيان يقول كنا عند الزُّهْريّ ونهض بن إسحاق فقال الزُّهْريّ لا يزال بها علم ما بقي.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبد الجبار، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ قُدَامَةَ سمعتُ ابن عُيَينة يقول رأيت بن إسحاق قبل أن أرى الزُّهْريّ ورأيته جاء إِلَى الزُّهْريّ فقال له
الزُّهْريّ كيف أنت يا مُحَمد ما لي لم أرك قَالَ كيف أصل إليك مَعَ بوابك هذا قَالَ سفيان فدعا الزُّهْريّ بوابه فقال إذا جاء هذا فلا تحبسه عني لا يزال بالمدينة علم ما كَانَ بها.
حَدَّثَنَا مُحَمد بْنُ جَعْفَرِ بْنِ يزيد، حَدَّثَنا أبو قلابة، حَدَّثني مُحَمد بن إبراهيم المزني، عنِ ابن عُيَينة كنت عند الزُّهْريّ فجاء مُحَمد بن إسحاق فقال له الزُّهْريّ ما لي لا أراك واستبطأه فقال إن آذنك لايأذن لي.
حَدَّثَنَا مُحَمد بن جعفر، حَدَّثَنا أبو قلابة، حَدَّثني مُحَمد بن إبراهيم، عنِ ابن عُيَينة سمعتُ ابن شهاب يقول ما بقي أحد أعلم بمغزاه من مولى ابن مخرمة يعني مُحَمد بن إسحاق.
حَدَّثَنَا مُحَمد بن يَحْيى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ الورد، حَدَّثَنا إسحاق بن راهويه، حَدَّثَنا يَحْيى بْنُ آدَمَ، عنِ ابْنِ إدريس قَال: كنتُ عند مالك بن أنس فقيل له أن مُحَمد بن إسحاق يقول اعرضوا علي علم مالك فإني أنا بيطاره فقال انظروا إِلَى دجال من الدجاجلة يقول اعرضوا علي علمي.
حَدَّثَنَا ابن أَبِي بكر، حَدَّثَنا عباس سمعت يَحْيى يقول قد سمع مُحَمد بن إسحاق من أَبَان بن عثمان وسمع من عطاء وسمع من أَبِي سلمة بن عَبد الرحمن وسمع أَيضًا من القاسم بن مُحَمد ومن مكحول ومن عَبد الرحمن بن الأسود.
حَدَّثَنَا ابن العراد، حَدَّثَنا يعقوب بن شيبة سألت يَحْيى بن مَعِين قلت كيف مُحَمد بن إسحاق عندك قَالَ ليس هُوَ عندي بذاك ولم يثبته وضعفه ولم يضعفه جدا فقلت له ففي نفسك من صدقه شيء؟ قَال: لاَ كَانَ صدوقا، حَدَّثَنا ابن العراد، حَدَّثَنا يعقوب، قَالَ: سَمِعْتُ عليا يقول مُحَمد بن إسحاق، حَدَّثني شُعْبَة عن سعد بن إبراهيم قَالَ علي، ولاَ أعلم أحدا ترك بن إسحاق روى عنه شُعْبَة وسفيان بن سَعِيد وسفيان بن عُيَينة وحماد بن سلمة وحماد بْنُ زَيْدٍ وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وإسماعيل.
حَدَّثَنَا ابن العراد، حَدَّثَنا يعقوب سمعت مُحَمد بن عَبد الله بن نُمَير وذكر بن
إسحاق فقال إذا حدث عمن سمع من المعروفين فهو حسن الحديث صدوق إنما أتي أن يحدث عن المجهولين بأحاديث باطلة.
حَدَّثَنَا ابن العراد، حَدَّثَنا يعقوب سمعتُ ابن داود الزنبري، حَدَّثني والله عَبد العزيز الدراوردي قَال: كُنا فِي مجلس مُحَمد بن إسحاق نتعلم قَالَ فأغفى إغفاءة قَالَ إني رأيت فِي المنام الساعة أن إنسانا دخل المسجد ومعه حبل فوضعه فِي عنق حمار فأخرجه فما لبثنا أن دخل رجل المسجد معه حبل حتى وضعه فِي عنق بن إسحاق فأخرجه فذهب به إِلَى السلطان فجلد قَالَ ابن داود الزنبري من أجل القدر.
حَدَّثَنَا ابن العراد، حَدَّثَنا يعقوب، حَدَّثني سليمان الكوفي، حَدَّثني سليمان بن زياد، حَدَّثني حميد بن حبيب أنه رأى مُحَمد بن إسحاق مجلودا فِي القدر جلده إبراهيم بن هشام خال هِشَامُ بْنُ عَبد الْمَلِكِ.
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَال: حَدَّثَنا حجاج بن الشاعر قَالَ عتاب بن زياد وقَالَ سَمِعْتُ يزيد بن زريع يقول كَانَ ابن إسحاق قدريا وكان رجلا عاملا.
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عِصْمَةَ، حَدَّثَنا أبو طالب سمعت أحمد بن حنبل يقول مجاهد بن جبير المعروف، وَمُحمد بن إسحاق يقول بن جبير ويكنى أبا الحجاج قلت سمع من مجاهد؟ قَال: لاَ وَسُئِل أحمد عن مُحَمد بن إسحاق فقال ما أدري ما أقول قَالَ يَحْيى سئل هشام فقال هُوَ يحدث عن امرأتي أكان يدخل عَلَى امرأتي قَالَ أحمد وقد تمكن أن يسمع منها تخرج إِلَى المسجد أو خارجة فسمع والله أعلم
، حَدَّثَنا علان، قَال: حَدَّثَنا ابن أبي مريم سَمِعْتُ يَحْيى بْن مَعِين يقول الليث أرفع عندي من مُحَمد بن إسحاق.
حَدَّثَنَا مُحَمد بن علي، قَال: حَدَّثَنا عثمان بن سَعِيد سألت يَحْيى بن مَعِين قلت فمحمد بن إسحاق قَالَ ليس به بأس، وَهو ضعيف الحديث عن الزُّهْريّ.
حَدَّثَنَا ابْن أَبِي بَكْر، قَال: حَدَّثَنا العباس سَمِعْتُ يَحْيى يَقُولُ مُحَمد بْنُ عَبد اللَّهِ بْنِ أخي الزُّهْريّ أحب إلي من مُحَمد بن إسحاق فِي الزُّهْريّ.
وسمعت يَحْيى يقول لم يسمع مُحَمد بن إسحاق من طلحة بن نافع شَيئًا.
حَدَّثَنَا أحمد بن مُحَمد بن عَمْرو، حَدَّثَنا عثمان بن سَعِيد سمعت الحلواني يَقُولُ: سَمعتُ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ يَقُولُ: سَمعتُ شُعْبَة يَقُولُ لو كان لي سلطان لأمرت بن إسحاق عَلَى المحدثين.
حَدَّثَنَا ابن صاعد، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ يَزِيدَ الأَسْفَاطِيُّ، حَدَّثَنا يَحْيى بن كثير العنبري سمعت شُعْبَة يقول مُحَمد بن إسحاق أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْحَدِيثِ.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ بَحْرٍ، وَمُحمد بْنُ جَعْفَرِ بْنِ يَزِيدَ، قَالا: حَدَّثَنا عَبد اللَّهِ بْنُ أحمد بن الدورقي، قَال: حَدَّثَنا إبراهيم بن مهدي سمعت إسماعيل بن علية يقول: قَالَ شُعْبَة أما جَابِر، وَمُحمد بْن إِسْحَاق فصدوقان.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبد الحميد الغضائري، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ عُقْبَةَ بْنِ مَكْرَمٍ، حَدَّثَنا غُنْدُرٌ عَنْ شُعْبَة عَنْ مُحَمد بْنُ إِسْحَاقَ، عنِ الزُّهْريّ عَنْ سَعِيد بْنِ المُسَيَّب، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ صَلَّى عَلَى النَّجَاشِي فَكَبَّرَ أَرْبعًا.
حَدَّثَنَا ابْنُ صَاعِدٍ، وَمُحمد بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، قالا: حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ يَزِيدَ الأَسْفَاطِيُّ، حَدَّثَنا يَحْيى بْنُ كَثِيرِ بْنِ دِرْهَمٍ العنبري، حَدَّثَنا شُعْبَة عَنْ مُحَمد بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الأَعْرَجِ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وسَلَّم قَال: التَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ والتصفيق للنساء
قَالَ الشَّيْخُ: قَالَ لَنَا ابْنُ صَاعِدٍ وَهَذَا غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَة.
حَدَّثَنَا الهيثم الدُّورِيُّ، حَدَّثَنا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشام، عَن سُفيان، عَن مُحَمد بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ نَافِعٍ، عنِ ابْنِ عُمَر أَنَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ.
وَرَوَاهُ أَيضًا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشام، عَن سُفيان، عَن مُحَمد بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ نَافِعٍ، عنِ ابْنِ عُمَر، أَن النَّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ رَجَمَ يَهُودِيًّا وَيَهُودِيَّةً.
حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَبِي مَعْشَرٍ، قَال: حَدَّثَنا سُلَيْمَانُ بْنُ سَيْفٍ أبو داود، حَدَّثَنا سَعِيد بْنُ بَزِيعٍ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثني شُعْبَة بْنُ الْحَجَّاجِ عَنْ عَبد اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عنِ ابْنِ عُمَر بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ عَلَى الإِسْلامِ فَلَقَّنَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ فيما استطعت.
حَدَّثَنَا أبو عَرُوبة، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ يَحْيى الأَزْدِيُّ، حَدَّثَنا يعقوب بن إبراهيم، قَال: حَدَّثَنا أبي، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ شُعْبَة عن عَبد الله دِينَارٍ، عنِ ابْنِ عُمَر نَهَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْوَلاءِ وَعَنْ هِبَتِهِ.
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّا وأحمد بن حمدون، قالا: حَدَّثَنا عُبَيد الله بن سعد، حَدَّثَنا عمي، حَدَّثَنا أَبِي عَنْ مُحَمد بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثني شُعْبَة عَنْ عَبد الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ
، حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الصُّوفيّ، حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ خراش، حَدَّثَنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سعد، قَال: حَدَّثَنا أَبِي، عنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثني شُعْبَة عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبد اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ مَعْمَرٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أَهْوَى إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إِنِّي صَائِمَةٌ فَقَالَ وَأَنَا صائم ثم قبلني.
حَدَّثَنَا ابن صاعد، حَدَّثَنا عُبَيد اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ الزُّهْريّ، حَدَّثَنا عمي يعقوب، حَدَّثَنا أَبِي، عنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا، حَدَّثني شُعْبَة بْنُ الْحَجَّاجِ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ عَبد اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى وَقَدْ صَحِبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ وَرَآهُ، قَال: كَانَ الرجل إِذَا أتاه بِصَدَقَاتِهِمْ وَقَبِضَهَا مِنْهُمْ قَالَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِمْ فَأَتَاهُ أَبِي بِصَدَقَتِهِ فَلَمَّا قَبِضَهَا مِنْهُ قَالَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى وَأَهْلِ بَيْتِهِ فَمَا زِلْنَا نَتَعَرَّفُ منها خيرا
قَالَ الشَّيْخُ: قَالَ لَنَا ابْنُ صاعدة بن إسحاق فيه عن سماك بن حرب إنما الحديث حديث عَمْرو بن مرة.
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّا، حَدَّثَنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيد اللَّهِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ، حَدَّثني سَعِيد بْنُ بَزِيعٍ، أَخْبَرنا مُحَمد بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثني شُعْبَة بْنُ الْحَجَّاجِ عَنْ عَبد الْمَلِكِ بْنِ عُمَير عَنْ عَطِيَّةَ الْقُرَظِيِّ، قَال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَمَرَ بِقَتْلِ كُلِّ مَنْ أُنْبِتَ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ وَكُنْتُ غُلامًا فَوَجَدُونِي لَمْ أُنْبَتْ فَخَلُوا سبيلي.
حَدَّثَنَا أحمد بن الحسن الأصبهاني، حَدَّثَنا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبد الْحَمِيدِ، حَدَّثني مُحَمد بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثني أَبِي، عَن يَحْيى شَيْخٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَنْ مُحَمد بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ شُعْبَة عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنَسٍ عَن جَدِّهِ أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجَارِيَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ قَدْ رَضَّهَا يَهُودِيٌّ بَيْنَ حَجَرَيْنِ وَانْتَزَعَ حُلِيًّا لَهَا الْحَدِيثَ فَرَضَخَ رَأْسَهُ.
قَالَ الشيخ: وهذا لا يروى عن مُحَمد بن إسحاق عن شُعْبَة إلاَّ من هذا الطريق، وَمُحمد بن إسماعيل هُوَ بن إسماعيل بن عياش، عن أبيه، عَن يَحْيى شيخ من أهل المدينة قَالَ، وَهو يَحْيى بْنُ سَعِيد الأَنْصَارِيُّ عَنْ مُحَمد بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ شُعْبَة وهذا رواية الكبار عن الصغار.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَمْدُونَ النَّيْسَابُورِيُّ، حَدَّثَنا عُبَيد الله بن سعد، حَدَّثَنا عمي، حَدَّثَنا أَبِي، حَدَّثني مُحَمد بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثني سُفْيَانُ الثَّوْريّ عَنْ لَيْثٍ عن طاووس، عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِنَّهَا لَكَلِمَةُ نَبِيٍّ وَيَأْتِيكَ بِالأَخْبَارِ مَنْ لَمْ تزود
، حَدَّثَنا ابن مكرم، حَدَّثَنا عُبَيد اللَّهِ بْنُ سَعِيد، حَدَّثَنا عمي، حَدَّثَنا أَبِي، عنِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ الْهِلالِيِّ عَنْ آدَمَ بْنِ عَلِيٍّ النُّكَرِيِّ، عنِ ابْنُ عُمَر قَال رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ: لاَ تبسط ذارعيك إِذَا صَلَّيْتَ كَبَسْطِ السَّبْعِ وَادَّعِمْ عَلَى رَاحَتَيْكَ وَتَجَافَ عَنْ ضَبْعَيْكَ فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ سَجَدَ لك كُلُّ عُضْوٍ مِنْكَ.
حَدَّثَنَا مُحَمد بْنُ يَحْيى بْنِ الْحُسَيْنِ الْعَمِّيُّ، حَدَّثَنا عُبَيد اللَّهِ الْعَيْشِيُّ، حَدَّثَنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرنا مُحَمد بْنُ إِسْحَاقَ، عنِ الزُّهْريّ عَنْ عُبَيد اللَّهِ، عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ جِبْرِيلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ كَانَ يَعْرِضُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُرْآنَ كُلَّ عَامٍ فِي رَمَضَانَ فَذَكَرَهُ.
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بن يُونُس، حَدَّثَنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيد، حَدَّثَنا سُفْيَانُ، عنِ الزُّهْريّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَ سُفْيَانُ حَفِظَهُ لنا بن إِسْحَاقَ أَنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ هَذِهِ الآيَةِ اقْرَأْ بأسم ربك.
حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَبُو شيبة، حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدُّورَقِيُّ، قَال: حَدَّثَنا نُوحُ بْنُ يَزِيدَ الْمُعَلِّمُ، قَال: حَدَّثَنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَكَانَ مِنْ أصحاب إبراهيم بن سعد
قال الدروقي قَال لي يَحْيى بْن مَعِين اختلفت إِلَى نوح فِي هذا الحديث ثلاثين مرة فما، حَدَّثني حملت عليه عَنْ مُحَمد بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ نَافِعٍ، عنِ ابْنِ عُمَر قَال: مَا رأيتُ أَحَدًا كَانَ أَسْوَدَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ مُعَاوِيَةَ قُلْتُ هُوَ كَانَ أَسْوَدَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ كَانَ خَيْرًا مِنْهُ وَكَانَ هُوَ أَسْوَدَ مِنْهُ، قالَ: قُلتُ هُوَ كَانَ أَسْوَدَ مِنْ عُمَر قَالَ عُمَر وَاللَّهِ كَانَ خَيْرًا مِنْهُ وَكَانَ هُوَ أَسْوَدَ مِنْ عُمَر، قالَ: قُلتُ هُوَ كَانَ أَسْوَدَ مِنْ عُثْمَانَ قَالَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى عُثْمَانَ عُثْمَانُ كَانَ خَيْرًا مِنْهُ، وَهو أَسْوَدُ مِنْ عُثْمَانَ.
قَالَ الشيخ: وهذا يرويه مُحَمد بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ نَافِعٍ، عنِ ابن عُمَر يرويه العوام بن حوشب عن حبيب بن أَبِي ثابت، عنِ ابن عُمَر.
حَدَّثَنَا ابْنُ صَاعِدٍ، قَال: حَدَّثَنا مُحَمد بن يزيد الأساقطي، قَال: حَدَّثَنا يَحْيى بن كثير، قَالَ: سَمِعْتُ شُعْبَة يقول مُحَمد بن إسحاق أمير فِي الحديث.
حَدَّثَنَا عَبد اللَّهِ بْنُ مُحَمد بْنِ نَصْرٍ الرملي، حَدَّثَنا نوح بن حبيب، حَدَّثَنا يُونُس بن بُكَير، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبد اللَّهِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَن جَدِّهِ وُلِدْتُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ عَامَ الْفِيلِ وَكُنَّا لِدَّيْنِ.
حَدَّثَنَا مُحَمد بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَفْصٍ، حَدَّثَنا الفضل بن غانم، حَدَّثَنا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ عَنْ مُحَمد بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثني رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَن أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، عَن أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ يَقُولُ لَمَّا فَرَغْتُ مِمَّا فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ أُتِيَ بِالْمِعْرَاجِ فَذَكَرَهُ بِطُولِهِ قِصَّةَ الأَنْبِيَاءِ، ومَنْ رَأَى مِنْهُمْ فِي كُلِّ سَمَاءٍ وَمَا رَأَى مِنْ قَوْمٍ يُعَذَّبُونَ وَغَيْرِهِمْ مِمَّا لَيْسَ فِي أَحَادِيثِ المعراج سواه
، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ جَعْفَرٍ الإِمَامُ، حَدَّثَنا الفضل بن غانم، حَدَّثَنا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثني مُحَمد بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَن أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، عَن أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصِفُ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلامُ حِينَ رَآهُ فِي السَّمَاءِ، قَالَ: رأيتُ رَجُلا صُورَتُهُ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ فَقُلْتُ يَا جِبْرِيلَ مَنْ هَذَا فَقَالَ هَذَا أَخُوكَ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلامُ.
حَدَّثَنَا ابن الإمام، حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمد بْنِ أيوب، حَدَّثَنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مُحَمد بن إسحاق عَمَّن لا يتهم، عَن أَبِي سَعِيد الخدري عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ فذكر حديث المعراج فأفسد إبراهيم بن سعد إسناده عن مُحَمد بن إسحاق عَمَّن لا يتهم، عَن أَبِي سَعِيد وجود إسناده سلمة بن الفضل عن مُحَمد بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ رَوْحِ بْنُ الْقَاسِمِ، عَن أَبِي هَارُونَ، عَن أَبِي سَعِيد.
حَدَّثَنَا أَبُو عَرُوبة، حَدَّثَنا الفضل بن يعقوب الجزري، حَدَّثَنا عَبد الأَعْلَى عَنْ مُحَمد بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثني الْعَلاءُ بْنُ عَبد الرَّحْمَنِ، عَن أَبِي السَّائِبِ مَوْلَى هِشَامِ بْنِ زَهْرَةَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ، عَن أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَال رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ.
قَالَ الشيخ: هكذا قَالَ لنا أَبُو عَرُوبة، عَن أَبِي السائب عن عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ، عَن أَبِي سلمة، وإِنَّما هُوَ، عَن أَبِي السائب وعمران بن أَبِي أنس.
حَدَّثَنَا عَبد الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيد اللَّهِ بْنِ أَخِي الإِمَامِ، حَدَّثَنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيد، حَدَّثَنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عنِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَال رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ إِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّي وَأَنَامُ وَأَنْكِحُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عن سنتي فليس مني
، حَدَّثَنا الْقَاسِمُ بْنُ اللَّيْثِ أَبُو صَالِحٍ الرَّاسِبِيُّ بِتِنِّيسَ أَنَا سَأَلْتُهُ أملاه علينا حفظا، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ أَبِي صَفْوَانَ الثَّقَفِيُّ املاء، حَدَّثَنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، حَدَّثَنا أَبِي عَنْ مُحَمد بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبد اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَال: لَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو طَالِبٍ خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ إِلَى الطَّائِفِ مَاشِيًا عَلَى قَدَمَيْهِ فَدَعَا إِلَى الإِسْلامِ قَالَ فَلَمْ يُجِيبُوهُ قَالَ فَانْصَرَفَ فَأَتَى ظِلَّ شَجَرَةٍ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إِلَيْكَ أَشْكُو ضِعْفَ قُوَّتِي وَقِلَّةَ حِيلَتِي وَهَوَانِي عَلَى النَّاسِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ أَنْتَ أَرْحَمُ بِي إِلَى مَنْ تَكِلُنِي إِلَى عَدُوٍ يَتَجَهَّمُنِي أَمْ إِلَى الْقَرِيبِ مَلَّكْتَهُ أَمْرِي إِنْ لَمْ تَكُنْ غَضْبَانًا عَلَيَّ فَلا أُبَالِي غَيْرَ أَنَّ عَافِيَتَكَ هِيَ أوسع لي أعوذ بنور ووجهك الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الظُّلُمَاتُ وَصَلَحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ أَنْ تُنْزِلَ بِي غَضَبَكَ أَوْ تُحِلَّ عَلَيَّ سَخَطَكَ لَكَ الْعُتْبَي حَتَّى تَرْضَى، ولاَ حَوْلَ، ولاَ قُوَّةَ إلاَّ بِكَ.
قَالَ الشيخ: وهذا حديث أَبِي صالح الراسبي لم نسمع أن أحدا حدث بهذا الحديث غيره ولم نكتبه إلاَّ عنه.
حَدَّثَنَا يَحْيى بْنُ زَكَرِيَّا بن حيويه بمصر، حَدَّثَنا الحسن البُخارِيّ، حَدَّثَنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مُحَمد بْنِ إِسْحَاقَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بن حفص واللفظ له، حَدَّثَنا عَمْرو بن زياد البرداني، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ سَلَمَةَ الْحَرَّانِيُّ عَنِ مُحَمد بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثني عَبد اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرو بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ وَحْشِي بْنِ حَرْبٍ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَدَّثني كَيْفَ قَتَلْتَ حَمْزَةَ بْنَ عَبد الْمُطَّلِبِ فَحَدَّثْتُهُ فَذَكَرَهُ الْحَسَنُ البُخارِيّ بِطُولِهِ وَقَالَ فَلَمَّا فَرِغْتُ من حديثي قال
وَيْحَكَ غَيِّبْ عَنِّي وَجْهَكَ فَلا أَرَاكَ فَكُنْتُ أَتَنَكَّبُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ حَيْثُ لا أَرَاهُ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.
قَالَ الشيخ: وهذا بهذا الإسناد يرويه مُحَمد بن إسحاق.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ المثنى، حَدَّثَنا زهير بن حرب، حَدَّثَنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنا أَبِي، عنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثني مُحَمد بْنُ مُسْلِمٍ الزُّهْريّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقُول: مَن مَسَّ فَرْجَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ.
قَالَ الشيخ: قَالَ زهير بن حرب هذا عندي وهم إنما رواه عروة عن سبرة.
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيد، حَدَّثَنا الحسين بن عيسى الرازي، حَدَّثَنا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنا مُحَمد بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمد بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَن أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَأَيْتُمْ فُلانًا عَلَى الْمِنْبَرِ فَاقْتُلُوهُ.
قَالَ الشيخ: وهذا بهذا لم أكتبه إلاَّ عن علي بن سَعِيد ولمحمد بن إسحاق حديث كثير وقد روى عنه أئمة الناس شُعْبَة والثوري، وابن عُيَينة وحماد بن سلمة وغيرهم وقد روى المغازي عنه إبراهيم بن سعد وسلمة بن الفضل، وَمُحمد بن سلمة ويحيى بن سَعِيد الأموي وسعيد بن بزيع وجرير بن حازم وزياد البكائي وغيرهم وقد روى المبتدأ والمبعث.
قَالَ الشيخ: ولو لم يكن لابن إسحاق من الفضل إلاَّ أنه صرف الملوك عن كتب لا يحصل منها شيء فصرف أشغالهم حتى اشتغلوا بمغازي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومبتدأ الخلق ومبعث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ فهذه فضيلة لابن إسحاق سبق بها ثم بعده صنفه قوم آخرون ولم يبلغوا مبلغ بن إسحاق فيه وقد فتشت أحاديثه الكثيرة فلم أجد فِي أحاديثه ما يتهيأ أن يقطع عليه بالضعف، ورُبما أخطأ أو وهم فِي الشيء بعد الشيء كما يخطئ غيره ولم يتخلف عنه فِي الرواية عنه الثقات والأئمة، وَهو لا بأس به
محمد بن مسلم بن عبيد اللَّه بن شهاب الزهري
قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: ولد سفيان بن عيينة سنة سبع ومائة، وقدم الزهري للحج في سنة ثلاث وعشرين، فرجع من الحج ومات سنة أربع.
"سؤالات الأثرم" (40)
قال صالح: قلت: حديث الزهري، عن ابن أكيمة، عن أبي هريرة -في القراءة في الصلاة- قال: فانتهى الناس عن القراءة، هو في الحديث عن أبي هريرة، أو من كلام الزهري؟
قال: أما عبد الرزاق فحكى عن معمر، عن الزهري قال: سمع ابن أكيمة يحدث بحديث، عن أبي هريرة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى صلاة جهر فيها بالقراءة. وذكر الحديث: فانتهى الناس عن القراءة مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فيما يجهر به من القراءة حين سمعوا ذلك من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.
وقال ابن عيينة: فذكر الحديث. .، وقال معمر: عن الزهري: فانتهى الناس في القراءة فيما يجهر به رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال سفيان: خفيت عليَّ هذِه الكلمة. وقال إسماعيل، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن الزهري وذكر الحديث. .، فانتهى إلى قوله: "إني أقول ما بالي أنازع القرآن" (1)، فلم
يزد على هذا، فالذي نرى أن قوله: فانتهي الناس عن القراءة، أنه قول الزهري.
"مسائل صالح" (687).
قال صالح: قلت: حديث الزهري، عن أبي سلمة، عن جابر: إنما قضى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود فلا شفعه (1).
قوله: فإذا وقعت الحدود فلا شفعة، في الحديث، عن جابر، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو هو من كلام أبي سلمة؟
قال: معمر يقول: عن أبي سلمة، عن جابر، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.
وصالح بن أبي الأخضر كذا يقول أيضًا.
ورواه مالك، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة مرسل قالا: قضى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود فلا شفعة (1).
"مسائل صالح" (688).
قال صالح: قلت: حديث الزهري، عن هند بنت الحارث، عن أم سلمة قالت: كن النساء يشهدن مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الصبح، فينصرفن متلفعات بمروطهن، ما يعرفن من الغلس.
قالت: وكان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يمكث قليلًا، وكانوا يرون أن ذلك كيما يتقدم النساء قبل الرجال، في الحديث عن أم سلمة، أو هو من كلام الزهري (2)؟
قال: رواه معمر، عن الزهري، عن هند، عن أم سلمة قالت: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا سلم: مكث قليلًا، وكانوا يرون أن ذلك كيما ينفذ النساء قبل الرجال (3).
وقال إبراهيم بن سعد: قال ابن شهاب: فنرى -واللَّه أعلم- أن ذلك
كان لكي ينصرف النساء قبل أن يدركهن من انصرف من القوم (1).
"مسائل صالح" (691).
قال صالح: حدثني أبي، ثنا سفيان قال: قال له إسماعيل بن أمية: ائت أبا بكر -يعني: الزهري.
"الأسامي والكنى" (276).
قال أبو داود: نا أحمد، نا الحكم، نا شعيب وهو ابن أبي حمزة، عن الزهري، قال: حدثتني فاطمة الخزاعية، وكانت قد أدركت عامة أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.
"سؤالات أبي داود" (7).
وقال أبو داود: سمعت أحمد يقول: زعموا أن سعد بن إبراهيم قال لابن شهاب: من أبو الأحوص؟ قال: أما رأيت الشيخ الذي كان في المسجد.
"سؤالات أبي داود" (158).
وقال أبو داود: قلت لأحمد: اختلاف أحاديث الزهري؟
قال: منها ما روى عن رجلين، ومنها ما جاء عن أصحابه -يعني: الوهم.
"سؤالات أبي داود" (192).
وقال أبو داود: سمعت أحمد، وذكر قول الزهري: إن سعدًا كلمني في ابنه، وسعد سعد، قال: يعني إبراهيم بن سعد.
"سؤالات أبي داود" (209).
وقال أبو داود: سمعت أحمد يقول: من تناول من الإسناد ما تناول معمر.
قال أحمد: سمع من الزهري بالرصافة.
"سؤالات أبي داود" (245)
قال ابن هانئ: سألته عن ابن أبي ذئب والزهري، أيما أحب إليك؟
قال: جميعًا واحد في الثبت.
"مسائل ابن هانئ" (2212).
قال ابن أبي خيثمة: حدثنا أحمد بن حنبل قال: نا عبد الرزاق قال: سمعت عبيد اللَّه أو عبد اللَّه بن عمر -شك ابن أبي خيثمة- قال: لما نشأت فأردت أن أطلب العلم جعلت آتي أشياخ آل عمر رجلًا رجلًا فأقول: ما سمعت من سالم بن عمر؟ فكلما أتيت رجلًا منهم قال: عليك بابن شهاب فإن ابن شهاب كان يلزمه، قال: وابن شهاب بالشام حينئذ، قال: فلزمت نافعًا فجعل اللَّه في ذلك خيرًا كثيرًا.
"تاريخ ابن أبي خيثمة" (2698)
وقال ابن أبي خيثمة: حدثنا أحمد بن حنبل قال: نا عبد الرزاق قال: أنا معمر قال: قيل للزهري: زعموا أنك لا تحدث عن الموالي، قال: إني لأحدث عنهم، ولكن إذا وجدت أبناء المهاجرين والأنصار أتكئ عليهم، فما أصنع بغيرهم؟ ! .
"تاريخ ابن أبي خيثمة" (2700).
وقال ابن أبي خيثمة: حدثنا أحمد بن حنبل قال: نا عبد الرزاق قال: أنا معمر قال: أخبرني صالح بن كيسان قال: اجتمعت أنا والزهري ونحن نطلب فقلنا: نكتب السنن، فكتبنا ما جاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ثم قلت: نكتب ما
جاء عن الصحابة فإنه سنة، قال: قلت أنا: ليس بسنة فلا نكتبه، قال: فكتب ولم أكتب فأنجح وضيعت.
"تاريخ بن أبي خيثمة" (2701).
وقال ابن أبي خيثمة: حدثنا أحمد بن حنبل قال: نا يعقوب بن إبراهيم ابن سعد قال: ما سبقنا ابن شهاب من العلم إلا أنَّا كنا نأتي فيشد ثوبه عند صدره ويسأل عما يريد، وكنا تمنعنا الحداثة.
"تاريخ ابن أبي خيثمة" (2705).
وقال ابن أبي خيثمة: حدثنا أحمد بن حنبل قال: نا شعيب بن حرب قال: قال مالك: كنا نجلس إلى الزهري وإلى محمد بن المنكدر، فيقول الزهري: قال ابن عمر كذا كذا، فإذا كان بعد ذلك جلسنا إليه فقلنا له: الذي ذكرت عن ابن عمر من أخبرك به؟ قال: ابنه سالم.
"تاريخ ابن أبي خيثمة" (2711).
وقال ابن أبي خيثمة: حدثنا أحمد بن حنبل قال: نا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري قال: سمعته يقول كنا نكره كتاب العلم حتى أكرهنا عليه هؤلاء فرأينا ألّا نمنعه أحدًا من المسلمين.
"تاريخ ابن أبي خيثمة" (2714).
وقال ابن أبي خيثمة: حدثنا أحمد بن حنبل قال: نا عفان بن مسلم قال: نا حماد بن زيد، عن معمر، عن الزهري قال: سمرت مع عمر ابن عبد العزيز ليلة فحدثته فقال: كل ما ذكرت الليلة قد أتى على مسامعي، فحفظته ونسيتُ.
"تاريخ ابن أبي خيثمة" (2715).
وقال ابن أبي خيثمة: حدثنا أحمد بن حنبل قال: نا عبد الرزاق قال:
قال معمر: كان الزهري في أصحابه مثل الحكم بن عتيبة في أصحابه، يروي عنه عروة وسالم الشيء كذلك.
"تاريخ ابن أبي خيثمة" (2716).
وقال ابن أبي خيثمة: حدثنا أحمد بن حنبل قال: نا عبد الرزاق، عن معمر قال: أتيت الزهري بالرصافة فلم يكن أحد يسأله عن الحديث، فكان يلقي عليّ.
"تاريخ ابن أبي خيثمة" (2717).
وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: نا عبد الرزاق قال: أنا معمر قال: سمعت إبراهيم بن الوليد -رجل من بني أمية- يسأل الزهري وعرض عليه كتابًا من علم، فقال: أحدث بهذا عنك يا أبا بكر؟ قال: نعم، فمن يحدثكموه غيري، قال معمر: ورأيت أيوب يعرض على الزهري.
"تاريخ ابن أبي خيثمة" (2733).
وقال ابن أبي خيثمة: حدثنا أحمد بن حنبل قال: نا أبو القاسم بن أبي الزناد قال: أنا عبد الرحمن بن أبي الزناد قال: أخبرني أبي، قال: كنت أطوف أنا وابن شهاب، ومع ابن شهاب الألواح والصحف فكنا نضحك به.
"تاريخ بن أبي خيثمة" (2741).
وقال ابن أبي خيثمة: حدثنا أحمد بن حنبل قال: نا عبد الرزاق قال: أنا معمر قال: سمعت الزهري يقول: يخرج الحديث شبرًا فيرجع ذراعًا، قال: يعني: من العراق.
"تاريخ ابن أبي خيثمة" (2746).
وقال ابن أبي خيثمة: حدثنا أحمد بن حنبل قال: قال سفيان: قال
الأعمش: قال لي رجل: جالست الزهري فذكرتُك له، فقال لي: ما معك من حديثه؟
"تاريخ ابن أبي خيثمة" (2749).
وقال ابن أبي خيثمة: حدثنا أحمد بن حنبل قال: نا عبد الرزاق: قال: أنا معمر قال: سمعت الزهري يقول: نقل الصخر أيسر من تكرير الحديث.
"تاريخ بن أبي خيثمة" (2772).
وقال ابن أبي خيثمة: حدثنا أحمد بن حنبل قال: نا عبد الرزاق: قال: أنا معمر قال: سمعت الزهري يقول يخرج الحديث ذراعًا، يعني: من العراق، وأشار بيده إذا أوغل الحديث هنالك فرويدًا به.
"تاريخ ابن أبي خيثمة" (3558).
قال حرب: قيل لأحمد: رأي الزهري أحب إليك أو رأي إبراهيم والشعبي؟
قال: كان ابن عيينة يختار رأي الزهري.
"مسائل حرب" ص 482.
قال عبد اللَّه: حدثني أبي: قال سفيان: هل عَسَى الغويرة أبؤسًا (1) سمعت الزهري مثلًا يضربه أهل المدينة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (100)
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا سفيان قال: كان الزهري يعرض عليه الشيء.
"العلل" رواية عبد اللَّه (103)
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: سمعت سفيان يقول: قال لي الهذلي: احفظ لي هذا الحديث، وهو عند الزهري، حديث أبي إدريس الخولاني عن عبادة بن الصامت: كنا عند النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "تبايعوني على ألا تشركوا باللَّه شيئًا" (1)، قال لي الهذلي أبو بكر: لم نر مثل هذا -يعني: الزهري.
"العلل" رواية عبد اللَّه (105)، (5712)
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا حماد بن زيد، عن برد، عن مكحول قال: ما أعلم أحدًا أعلم بسنة ماضية من ابن شهاب.
"العلل" رواية عبد اللَّه (106)
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن وهيب قال: سمعت أيوب يقول: ما رأيت أحدًا أعلم من الزهري، فقال له صخر بن جويرية: ولا الحسن؟ قال: ما رأيت أحدًا أعلم من الزهري.
"العلل" رواية عبد اللَّه (107)
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو القاسم بن أبي الزناد قال: أخبرني عبد الرحمن بن أبي الزناد قال: أخبرني أبي قال: كنت أطوف أنا وابن شهاب على المشيخة، ومع ابن شهاب الألواح والصحف، فكنا نضحك به.
"العلل" رواية عبد اللَّه (108)، (4083)
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عفان قال: حدثنا بشر بن المفضل قال: حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق، عن الزهري قال:
ما استعدت حديثًا قط، ولا شككت في حديث إلا حديثًا واحدًا، فسألت صاحبي، فإذا هو كما حفظت.
"العلل" رواية عبد اللَّه (160).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا شعيب بن حرب قال: قال مالك بن أنس: كنا نجلس إلى الزهري وإلى محمد بن المنكدر فيقول الزهري: قال ابن عمر كذا وكذا. فإذا كان بعد ذلك جلسنا إليه، فقلنا له: الذي ذكرت عن ابن عمر من أخبرك به؟ قال: ابنه سالم.
"العلل" رواية عبد اللَّه (476)
وقال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: حديث شعبة كأنه يوافق حديث الزهري، عن عبيد اللَّه، عن ابن عباس: جئت على أتان وقد ناهزت الاحتلام.
قال أبي: حدثناه عبد الرحمن، عن مالك، عن الزهري، عن عبيد اللَّه، عن ابن عباس.
قال أبي: وحدثناه يعقوب، عن ابن أخي الزهري، عن عمه قال: ناهزت الحلم.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1715).
وقال عبد اللَّه: رأيت أبي يختار حديث الزهري ويعجبه، وقال: يوافق حديث شعبة، عن أبي إسحاق.
قال أبي: وابن عباس يقول: بت عند النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (1)، وتروى عنه هذِه الأحاديث سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1716).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا مالك، عن الزهري، عن عبيد اللَّه، عن ابن عباس قال: جئت ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يصلي بمنى وأنا على حمار، فتركته بين يدي الصف، فدخلت في الصلاة وقد ناهزت الاحتلام فلم يعب ذلك (1).
"العلل" رواية عبد اللَّه (1718).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا معمر وعبد الأعلى، عن معمر، عن الزهري، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة، عن ابن عباس قال: جئت إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في حجة الوداع، أو قال: يوم الفتح وأنا والفضل مرتدفان على أتان، فقطعنا الصف ونزلنا عنها ثم دخلنا الصف والأتان تمر بين أيديهم لم تقطع صلاتهما (2). وقال عبد الأعلى: كنت رديف الفضل على أتان، فجئنا ونبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يصلي بالناس بمنى.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1721).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو اليمان قال: أخبرنا شعيب، عن الزهري، وقال: سهل بن سعد الأنصاري، وكان قد رأى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-
وسمع منه، وذكر أنه ابن خمس عشرة سنة يوم توفي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.
"العلل" رواية عبد اللَّه (2060)، (5778).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن بكر قال: حدثنا ابن جُريج قال: قال ابن شهاب: فقال سهل بن سعد، وكان قد بلغ خمس عشرة سنة؟ حيث توفي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وسمع منه.
"العلل" رواية عبد اللَّه (2062).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عثمان بن عُمر قال: أخبرنا يونس، عن الزهري فقال: سهل الأنصاري وكان قد أدرك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو ابن خمس عشرة في زمانه.
"العلل" رواية عبد اللَّه (2063).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا علي بن إسحاق قال: أخبرنا عبد اللَّه بن المبارك قال: أخبرني يونس، عن الزهري، عن سهل ابن سعد الأنصاري -وقد أدرك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو ابن خمس عشرة سنة في زمانه.
"العلل" رواية عبد اللَّه (2064).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الأعلى عن معمر، عن الزهري، عن خارجة بن زيد بن ثابت عن زيد بن ثابت أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "توضئوا مما غيرت النار" (1).
"العلل" رواية عبد اللَّه (2071)، (5281).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: قرأت في كتاب معمر، عن الزهري، عن عبد الملك بن أبي بكر، عن خارجة،
عن زيد، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الوضوء مما غيرت النار (1).
"العلل" رواية عبد اللَّه (2072)، (5282).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا سفيان، عن الزهري سمعه من أنس: قدم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأنا ابن عشر، ومات وأنا ابن عشرين. وكن أمهاتي يحثني على خدمته. وقال سفيان مرة: الزهري قال: أخبرنا أنس.
"العلل" رواية عبد اللَّه (2088)، (5301).
وقال عبد اللَّه: قلت له: أيما أثبت أصحاب الزهري؟
فقال: لكل واحد منهم علة، إلا أن يونس وعقيلًا يؤديان الألفاظ وشعيب بن أبي حمزة وليس هم مثل معمر، معمر يقاربهم في الإسناد.
قلت: فمالك؟
قال: مالك أثبت في كل شيء ولكن هؤلاء الكثرة كم عند مالك؟ ثلاثمائة حديث أو نحو ذا، وابن عيينة نحو من ثلاثمائة حديث، ثم قال: هؤلاء الذين رووا عن الزهري الكثير يونس وعقيل ومعمر.
قلت له: شعيب؟ قال: شعيب قليل، هؤلاء أكثر حديثًا عن الزهري.
قلت: فصالح بن كيسان روايته عن الزهري؟
قال: صالح أكبر من الزهري، قد رأى صالح ابن عمر.
قلت: فهؤلاء أصحاب الزهري، قلت: أثبتهم مالك؟
قال: نعم، مالك أثبتهم، ولكن هؤلاء الذين قد بقروا علم الزهري يونس وعقيل ومعمر.
قلت له: فبعد مالك من ترى؟
قال: ابن عيينة.
قلت له: الموقري يجيء عنه العجائب، قال: ليس ذاك بشيء.
قال أبي: كان الزهري رجلًا دميمًا قصيرًا، ليس له ذاك النبل لم يكن بالجميل، الزهري محمد بن مسلم بن عبيد اللَّه بن شهاب.
"العلل" رواية عبد اللَّه (2543).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا ابن عيينة قال: جاءنا الزهري وأنا ابن ست عشرة جاء مع ابن هشام ابن الخليفة حدثوني عنه -يعني: الزهري- قال: ما رأيت في مثل سنة يطلب هذا -يعني: العلم- قال سفيان سنة سبع وسبعين الزهري جالسناه منذ أربع وسبعين سنة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4665)، (4666).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا سفيان قال: جاءنا الزهري سنة ثلاث وعشرين وخرج في أربع وعشرين فيها مات، سألته وسعد عنده فلم يجبني في الحديث، فلما أن لم يجبني قال: أجب الغلام عما سألك، قال: أما إني أعطيه حقه، قال سفيان: وأنا ابن ست عشرة سنة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4667).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا سفيان بن عُيينة قال ابن جريج -وجاء إليه يعني: إلى الزهري- فقال: إني أريد أن أعرض عليك الكتاب، فقال: إن سعدًا قد كلمني في ابنه، وسعد سعد، فقال لي ابن جُريج أما رأيته يفرق منه؟ قال سفيان: وذكر حديث أبي الأحوص، قال سفيان: سمعت سعد بن إبراهيم يقول لابن شهاب، وحدث عنه قال: من أبو الأحوص؟ قال: أما رأيت الشيخ الذي كان مكان كذا وكذا يصف له.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4668).
وقال عبد اللَّه: سمعت بعض المشايخ يقول: مات الزهري سنة أربع وعشرين، فلما بلغ موته يزيد بن أبي حبيب قال: من كان في جرابه عن ابن شهاب شيء فليحفظه، وقال: فمات بعده بقليل. قال أبي: فمات بعده بقليل.
قال أبي: ولم يسمع يزيد ابن أبي حبيب من الزهري إنما كتب إليه بكتاب، وكان يقول: كتب إلى الزهري.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4669)
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا ابن عيينة قال: أجلسه معه على فراشه -يعني: علي بن زيد- وكان على الزهري ثوبان قد غسلا فكأنه وجد ريح الأشنان؛ فقال: ألا تأمر بهذين فيجمرا.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4671).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا ابن عيينة قال: جاء الزهري عند المغرب فدخل المسجد ما أدري طاف أم لا؟ فجلس ناحية، وعمرو مما يلي الأساطين، فقال له إنسان هذا عمرو فقام إليه فجلس إليه فقال عمرو ما يمنعني أن آتيك إلا أني مقعد، فقال: خيرًا، ساعة تساءلا وأقيمت الصلاة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4672)
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا ابن عيينة ثانية قال: جاء الزهري إلى عمرو بن دينار فاعتذر إليه عمرو قال: إني مقعد.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4673).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا ابن عيينة قال: كان الزهري إذا حدث قال: حدثني فلان وكان من أوعية العلم.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4674).
وقال عبد اللَّه: وجدت في كتاب أبي: حدثنا إبراهيم بن خالد قال: حدثني رباح قال: حدثني معمر، عن الزهري أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لو جمع علم نساء هذِه الأمة فيهن أزواج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان علم عائشة أكبر من علمهن" (1).
"العلل" رواية عبد اللَّه (4776).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى، عن معمر، عن الزهري: أن نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خرج ليلة في رمضان فصلى أناس بصلاته، ثم خرج الليلة الثانية فصلوا بصلاته، فلما كان في الليلة الثالثة كثروا حتى امتلأ المسجد أو كاد يمتلئ، فلم يخرج، فدخل عليه عُمر ابن الخطاب فقال يارسول اللَّه، الناس ينتظرونك فقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أما إنه لم يَخْفَ على مكانُهم، ولكن خشيت أن يُفرض عليهم" (2).
"العلل" رواية عبد اللَّه (4862).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، ثم رجع عنه -يعني: عبد الرزاق- فقال: اضربوا عليه. فجلعناه عن الزهري مرسلًا.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4863).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثناه إبراهيم بن خالد، عن رباح، عن معمر، عن الزهري، عن عُروة، عن عائشة هذا الحديث (3).
"العلل" رواية عبد اللَّه (4864)
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو أسامة، عن ابن المبارك، عن معمر، عن الزهري قال: قال أبو هريرة: أنا كنت أحدثكم بهذِه الأحاديث في عهد عمر إذًا لألفيت الدرة على ظهري.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4894).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا سفيان -يعني: ابن حُسين- عن الزهري- عن عروة، عن عائشة قالت: أهديت لحفصة شاة ونحن صائمتان فأفطرتني وكانت بنت أبيها. فلما دخل علينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ذلك لى فقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أبدلا يومًا مكانه" (1).
"العلل" رواية عبد اللَّه (5100).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا كثير بن هشام قال: حدثنا جعفر بن بُرقان قال: حدثنا الزهري، عن عروة، عن عائشة قال: كنت أنا وحفصة صائمتين -فذكر الحديث (2).
"العلل" رواية عبد اللَّه (5101).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا روح قال: حدثنا مالك، عن
ابن شهاب أن عائشة وحفصة أصبحتا صائمتين متطوعتين، فأهدي لهما طعام وأفطرتا عليه، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اقضيا يومًا مكانه" (1).
"العلل" رواية عبد اللَّه (5102).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا روح قال: حدثنا صالح بن أبي الأخضر قال: حدثنا ابن شهاب، عن عُروة أن عائشة وحفصة أصبحتا صائمتين. فذكر الحديث (2).
"العلل" رواية عبد اللَّه (5103).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا سفيان قال الزهري: أصبحت عائشة وحفصة صائمتين فأهدي لهما طعام فأكلتا منه، فدخل عليهما رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، قالت عائشة: فبدرتني حفصة وكانت بنت أبيها، قالت: إنا كنا صائمتين وإنه أهدي لنا طعام فأكلنا منه فقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أبدلا يومًا مكانه" (3).
"العلل" رواية عبد اللَّه (5104).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا معمر عن الزهري قال: أصبحت عائشة وحفصة صائمتين. .، فذكر معنى حديث سُفيان (1).
"العلل" رواية عبد اللَّه (5105).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرزاق وابن بكر قالا: أخبرنا ابن جريج. وروح قال: حدثنا ابن جريج قال: قلت لابن شهاب: أحدثك عروة بن الزبير عن عائشة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أفطر في تطوع فليقضه"؟ قال: لم أسمع من عُروة في ذلك شيئًا، ولكن حدثني في خلافة سليمان إنسان -وقال ابن بكر: أناس، وقال روح: ناس- عن بعض من كان يسأل عائشة أنها قالت: أصبحت أنا وحفصة صائمتين فقرب لنا طعام، فابتدرناه فأكلنا، فدخل علينا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فبادرتني -قال روح: فبدرتني- إليه حفصة، وكانت بنت أبيها، فذكرت ذلك له، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "صُوما يومًا" (2).
"العلل" رواية عبد اللَّه (5106).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد قال: حدثنا أبي عن الوليد بن كثير قال: حدثني محمد بن عمرو بن حلحلة الدؤلي أن ابن شهاب حدثه أن علي بن حسين حدثه أنهم حين
قدموا المدينة من عند يزيد بن معاوية مقتل الحُسين بن علي لقية المسور ابن مخرمة، فقال له: إن علي بن أبي طالب خطب بنت أبي جهل على فاطمة، فسمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو يخطب الناس في ذلك على منبره هذا، وأنا يومئذ مُحتلم، فقال: "إن فاطمة مني وإني أتخوف أن تُفتن في دينها" (1).
"العلل" رواية عبد اللَّه (5547).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: أخبرنا سفيان قال: حفظته من الزهري، عن عروة، عن عبد الرحمن بن عبد القاري أن عمر طاف بالبيت بعد الصبح سبعًا، ثم خرج فلم يصل الركعتين إلَّا بذي طوى، وطلعت الشمس.
سمعت أبي يقول: قال ابن أبي ذئب وغيره: حدثناه يحيى بن سعيد، عنه، عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن عبد الرحمن بن عبد القاري أن عمر طاف بالبيت وهو الصواب -يعني: عن حميد.
"العلل" رواية عبد اللَّه (5713)، (5714).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: قيل لسفيان: أكان الزهري حدثكم بالتشهد؟ قال: نعم، لم نحفظه عنه (2)، قيل له: عمن ذكره؟ قال: عروة عن ابن عبد القاري، قال: سمعت عمر يعلم الناس على المنبر التشهد.
"العلل" رواية عبد اللَّه (5715).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: أخبرنا أبو اليمان قال: أخبرنا شعيب، عن الزهري قال: سهل بن سعد الأنصاري: حدثني أُبي بن
كعب: أن الفتيا التي كانوا يُفتون بها أن الماء من الماء رخصة، كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ترخص فيها أول الإسلام ثم أمرنا بالاغتسال بعد (1).
"العلل" رواية عبد اللَّه (5779).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن غيلان قال: حدثنا رشدين بن سعد قال: حدثني عمرو بن الحارث، عن ابن شهاب قال: حدثني بعض من أرضى عن سهل بن سعد الساعدي، أن أبي بن كعب حدثه أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- جعلها رخصة للمؤمنين؛ لقلة ثيابهم، ثم إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عنه -يعني قوله: "الماء من الماء" (2).
"العلل" رواية عبد اللَّه (5780).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثني بهز قال: حدثني إبراهيم بن سعد قال: حدثنا ابن شهاب عن محمود بن الربيع -وكان عقل مجة مجها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في وجهة من دلو من بئر لهم (3).
"العلل" رواية عبد اللَّه (5811).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا إبراهيم بن خالد قال: حدثنا رباح، عن معمر، عن الزهري قال: حدثني محمود بن الربيع، وكان عقل مجة مجها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في وجهة من دلو من بئر لهم (4).
"العلل" رواية عبد اللَّه (5812).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا إبراهيم بن خالد قال: حدثنا رباح عن معمر عن الزهري: قال: حدثني وكان عقل مجة مجها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في وجهة من دلو من بئر لهم كان في دارهم.
"العلل" رواية عبد اللَّه (5813).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا معمر، عن الزهري قال: حدثني محمود أنه عقل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وعقل مجة مجها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من دلو كان في دارهم (1).
"العلل" رواية عبد اللَّه (5814).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا معمر، عن قتادة، عن الحسن وغيره قال: فكان أول من آمن به علي بن أبي طالب وهو ابن خمس عشرة سنة أو ست عشرة سنة، قال معمر: وأخبرني عثمان الجزري، عن مقسم، عن ابن عباس أن عليًّا أول من أسلم، قال معمر: فسألت الزهري، فقال: ما علمنا أحدًا أسلم قبل زيد بن حارثة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (5817).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال: كان عبد الرحمن بن أزهر يُحدث أن خالد بن الوليد بن المُغيرة جُرح يومئذ وكان على الخيل خيل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال ابن أزهر: رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعدما هزم اللَّه الكفار ورجع المسلمون إلى رحالهم، يمشي في المسلمين، يقول: "من يدل على رحل خالد بن الوليد" فمشيت -أو قال: فسعيتُ- بين يديه وأنا مُحتلم أقول: من يدل
على رحل خالد، حتى دللنا على رحله (1).
"العلل" رواية عبد اللَّه (5876).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد اللَّه بن الحارث قال قراءة على يونس، عن ابن شهاب قال: حدثني عبد اللَّه بن ثعلبة وكان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قد مسح وجهه (2).
"العلل" رواية عبد اللَّه (5877).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: أخبرنا حجاج قال: حدثنا ليث قال: حدثني عُقيل، عن ابن شهاب، عن عبد اللَّه بن ثعلبة بن صُعير العُذري وكان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قد مسح على وجهه، وأدرك صحابة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (3).
"العلل" رواية عبد اللَّه (5878).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو اليمان قال: أخبرنا شعيب، عن الزهري قال: حدثني عبد اللَّه بن ثعلبة بن صُعير العذري، وكان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قد مسح على وجهه زمن الفتح (4).
"العلل" رواية عبد اللَّه (5879).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يزيد بن عبد ربه قال: حدثنا محمد بن حرب قال: حدثني الزبيدي، عن الزهري، عن عبد اللَّه بن
ثعلبة بن صعير قال: وكان رسول اللَّه قد مسح وجهه زمن الفتح (1).
"العلل" رواية عبد اللَّه (5880).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يعقوب قال: حدثنا أبي، عن ابن إسحاق قال: حدثني محمد بن مسلم الزهري، عن عبد اللَّه بن ثعلبة بن صُعير العذري.
"العلل" رواية عبد اللَّه (5881).
قال سلمة: قال أحمد بن حنبل: حدثنا أبو القاسم بن أبي الزناد قال: قدم علينا هاهنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، أخبرني أبي قال: كنت أطوف أنا وابن شهاب ومع ابن شهاب الألواح والصحف، قال: فكنا نضحك به.
"المعرفة والتاريخ" 1/ 639.
قال الفضل بن زياد: وكتبت إلى أبي عبد اللَّه أسأله عن الزهري والشعبي أيهما أعجب إليك إذا أختلفا وأيهما أعلم؟ فآتاني الجواب: كلاهما عالم فيكون الزهري قد سمع عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الحديث فيذهب إليه فهو أعجب إلينا، ويكون الشعبي قد سمع الحديث ولم يسمعه الزهري فهو أعجب إلينا.
"المعرفة والتاريخ" 2/ 176.
قال سلمة: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا شعيب بن حرب قال: قال مالك: كنا نجلس إلى الزهري وإلى محمد بن المنكدر، فيقول الزهري: قال ابن عمر كذا وكذا. فإذا كان بعد ذلك جلسنا إليه فقلنا: الذي ذكرت عن ابن عمر من أخبرك به؟ قال: ابنه سالم.
"المعرفة والتاريخ" 2/ 830.
قال محمد بن علي الجوزجاني: قلت لأبي عبد اللَّه أحمد بن حنبل: ابن أبي ذئب سماعه من الزهري عرض أو سماع؟
قال: لا تبالي كيف كان.
قلت: ابن جريج؟ قال: ابن جريج عرض وهو يقول: سألت ابن شهاب.
قلت: معمر؟ قال: سماع وعرض.
قلت: مالك وابن عيينة سماع؟ قال: نعم، وكان مالك يقول: أقل ذلك عرض.
قلت: إنما سمع مالك وسفيان من الزهري سنة ثلاث وعشرين حين قدم؟
قال: نعم كل هؤلاء إنما سمعوا منه حين قدم.
قلت له: شعيب بن أبي حمزة كيف كان حديثه؟ قال: ثبت صالح الحديث.
"مسند ابن الجعد" ص 418 - 419.
قال إسماعيل بن أبي الحارث: نا أحمد بن حنبل، عن عبد الرحمن بن مهدي، عن وهيب، قال: سمعت أيوب يقول: ما رأيت أحدًا أعلم من الزهري، فقال له صخر بن جويرية: ولا الحسن؟ قال: ما رأيت أحدًا أعلم من الزهري.
"الجرح والتعديل" 8/ 73.
قال علي بن الحسن الهسنجاني: نا أحمد بن حنبل، نا عبد الرزاق قال: سمعت عبيد اللَّه بن عمر يقول: لما نشأت فأردت أن أطلب العلم، جعلت آتي أشياخ آل عمر -رضي اللَّه عنه- رجلًا رجلًا وأقول: ما سمعت من
سالم؟ فكلما أتيت رجلًا منهم قال: عليك بابن شهاب، فإن ابن شهاب كان يلزمه، قال: وابن شهاب حينئذٍ بالشام.
"الجرح والتعديل" 8/ 73.
وقال إسماعيل بن أبي الحارث: نا أحمد بن حنبل، عن عبد الرزاق قال: قال معمر: ما رأيت مثل الزهري في وجهه قط.
"الجرح والتعديل" 8/ 74.
قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: الزهري سمع من أبان بن عثمان؟
فقال: ما أراه سمع منه وما أدري أو نحو هذا إلَّا أنه قد أدخل بينه وبينه عبد اللَّه بن أبي بكر.
"المراسيل" لابن أبي حاتم ص 189 - 190، "تهذيب الأجوبة" 2/ 582، "بحر الدم" (933).
وقال أبو طالب: قلت لأحمد بن حنبل: الزهري سمع من ابن عمر؟
قال: لا.
وقال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: الزهري سمع من عبد الرحمن بن أزهر؟
قال: ما أراه سمع من عبد الرحمن بن أزهر.
ثم قال: إنما يقول الزهري: كان عبد الرحمن بن أزهر يحدث، كذا يقول معمر وأسامة: سمعت عبد الرحمن بن أزهر، ولم يصنعا عندي شيئًا، ما أراه حفظ، وقد أدخل بينه وبينه طلحة بن عبد اللَّه بن عوف.
"المراسيل" لابن أبي حاتم 189 - 190، "بحر الدم" (933).
قال محمد بن سهل بن عسكر: سمعتُ أحمد بن حنبل يقول: الزهري أحسن الناس حديثًا، وأجود الناس إسنادًا.
"الكامل" لابن عدي 1/ 139، "سير أعلام النبلاء" 5/ 335.
وقال مهنا: قال أحمد: لا ينبغي أن يكون الزهري سمع من أبان.
وقال علي بن سعيد: قال أحمد: لم يسمع الزهري من أبان بن عثمان شيئًا.
"تهذيب الأجوبة" 2/ 583.
قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: ولد سفيان بن عيينة سنة سبع ومائة، وقدم الزهري للحج في سنة ثلاث وعشرين، فرجع من الحج ومات سنة أربع.
"سؤالات الأثرم" (40)
قال صالح: قلت: حديث الزهري، عن ابن أكيمة، عن أبي هريرة -في القراءة في الصلاة- قال: فانتهى الناس عن القراءة، هو في الحديث عن أبي هريرة، أو من كلام الزهري؟
قال: أما عبد الرزاق فحكى عن معمر، عن الزهري قال: سمع ابن أكيمة يحدث بحديث، عن أبي هريرة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى صلاة جهر فيها بالقراءة. وذكر الحديث: فانتهى الناس عن القراءة مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فيما يجهر به من القراءة حين سمعوا ذلك من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.
وقال ابن عيينة: فذكر الحديث. .، وقال معمر: عن الزهري: فانتهى الناس في القراءة فيما يجهر به رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال سفيان: خفيت عليَّ هذِه الكلمة. وقال إسماعيل، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن الزهري وذكر الحديث. .، فانتهى إلى قوله: "إني أقول ما بالي أنازع القرآن" (1)، فلم
يزد على هذا، فالذي نرى أن قوله: فانتهي الناس عن القراءة، أنه قول الزهري.
"مسائل صالح" (687).
قال صالح: قلت: حديث الزهري، عن أبي سلمة، عن جابر: إنما قضى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود فلا شفعه (1).
قوله: فإذا وقعت الحدود فلا شفعة، في الحديث، عن جابر، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو هو من كلام أبي سلمة؟
قال: معمر يقول: عن أبي سلمة، عن جابر، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.
وصالح بن أبي الأخضر كذا يقول أيضًا.
ورواه مالك، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة مرسل قالا: قضى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود فلا شفعة (1).
"مسائل صالح" (688).
قال صالح: قلت: حديث الزهري، عن هند بنت الحارث، عن أم سلمة قالت: كن النساء يشهدن مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الصبح، فينصرفن متلفعات بمروطهن، ما يعرفن من الغلس.
قالت: وكان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يمكث قليلًا، وكانوا يرون أن ذلك كيما يتقدم النساء قبل الرجال، في الحديث عن أم سلمة، أو هو من كلام الزهري (2)؟
قال: رواه معمر، عن الزهري، عن هند، عن أم سلمة قالت: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا سلم: مكث قليلًا، وكانوا يرون أن ذلك كيما ينفذ النساء قبل الرجال (3).
وقال إبراهيم بن سعد: قال ابن شهاب: فنرى -واللَّه أعلم- أن ذلك
كان لكي ينصرف النساء قبل أن يدركهن من انصرف من القوم (1).
"مسائل صالح" (691).
قال صالح: حدثني أبي، ثنا سفيان قال: قال له إسماعيل بن أمية: ائت أبا بكر -يعني: الزهري.
"الأسامي والكنى" (276).
قال أبو داود: نا أحمد، نا الحكم، نا شعيب وهو ابن أبي حمزة، عن الزهري، قال: حدثتني فاطمة الخزاعية، وكانت قد أدركت عامة أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.
"سؤالات أبي داود" (7).
وقال أبو داود: سمعت أحمد يقول: زعموا أن سعد بن إبراهيم قال لابن شهاب: من أبو الأحوص؟ قال: أما رأيت الشيخ الذي كان في المسجد.
"سؤالات أبي داود" (158).
وقال أبو داود: قلت لأحمد: اختلاف أحاديث الزهري؟
قال: منها ما روى عن رجلين، ومنها ما جاء عن أصحابه -يعني: الوهم.
"سؤالات أبي داود" (192).
وقال أبو داود: سمعت أحمد، وذكر قول الزهري: إن سعدًا كلمني في ابنه، وسعد سعد، قال: يعني إبراهيم بن سعد.
"سؤالات أبي داود" (209).
وقال أبو داود: سمعت أحمد يقول: من تناول من الإسناد ما تناول معمر.
قال أحمد: سمع من الزهري بالرصافة.
"سؤالات أبي داود" (245)
قال ابن هانئ: سألته عن ابن أبي ذئب والزهري، أيما أحب إليك؟
قال: جميعًا واحد في الثبت.
"مسائل ابن هانئ" (2212).
قال ابن أبي خيثمة: حدثنا أحمد بن حنبل قال: نا عبد الرزاق قال: سمعت عبيد اللَّه أو عبد اللَّه بن عمر -شك ابن أبي خيثمة- قال: لما نشأت فأردت أن أطلب العلم جعلت آتي أشياخ آل عمر رجلًا رجلًا فأقول: ما سمعت من سالم بن عمر؟ فكلما أتيت رجلًا منهم قال: عليك بابن شهاب فإن ابن شهاب كان يلزمه، قال: وابن شهاب بالشام حينئذ، قال: فلزمت نافعًا فجعل اللَّه في ذلك خيرًا كثيرًا.
"تاريخ ابن أبي خيثمة" (2698)
وقال ابن أبي خيثمة: حدثنا أحمد بن حنبل قال: نا عبد الرزاق قال: أنا معمر قال: قيل للزهري: زعموا أنك لا تحدث عن الموالي، قال: إني لأحدث عنهم، ولكن إذا وجدت أبناء المهاجرين والأنصار أتكئ عليهم، فما أصنع بغيرهم؟ ! .
"تاريخ ابن أبي خيثمة" (2700).
وقال ابن أبي خيثمة: حدثنا أحمد بن حنبل قال: نا عبد الرزاق قال: أنا معمر قال: أخبرني صالح بن كيسان قال: اجتمعت أنا والزهري ونحن نطلب فقلنا: نكتب السنن، فكتبنا ما جاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ثم قلت: نكتب ما
جاء عن الصحابة فإنه سنة، قال: قلت أنا: ليس بسنة فلا نكتبه، قال: فكتب ولم أكتب فأنجح وضيعت.
"تاريخ بن أبي خيثمة" (2701).
وقال ابن أبي خيثمة: حدثنا أحمد بن حنبل قال: نا يعقوب بن إبراهيم ابن سعد قال: ما سبقنا ابن شهاب من العلم إلا أنَّا كنا نأتي فيشد ثوبه عند صدره ويسأل عما يريد، وكنا تمنعنا الحداثة.
"تاريخ ابن أبي خيثمة" (2705).
وقال ابن أبي خيثمة: حدثنا أحمد بن حنبل قال: نا شعيب بن حرب قال: قال مالك: كنا نجلس إلى الزهري وإلى محمد بن المنكدر، فيقول الزهري: قال ابن عمر كذا كذا، فإذا كان بعد ذلك جلسنا إليه فقلنا له: الذي ذكرت عن ابن عمر من أخبرك به؟ قال: ابنه سالم.
"تاريخ ابن أبي خيثمة" (2711).
وقال ابن أبي خيثمة: حدثنا أحمد بن حنبل قال: نا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري قال: سمعته يقول كنا نكره كتاب العلم حتى أكرهنا عليه هؤلاء فرأينا ألّا نمنعه أحدًا من المسلمين.
"تاريخ ابن أبي خيثمة" (2714).
وقال ابن أبي خيثمة: حدثنا أحمد بن حنبل قال: نا عفان بن مسلم قال: نا حماد بن زيد، عن معمر، عن الزهري قال: سمرت مع عمر ابن عبد العزيز ليلة فحدثته فقال: كل ما ذكرت الليلة قد أتى على مسامعي، فحفظته ونسيتُ.
"تاريخ ابن أبي خيثمة" (2715).
وقال ابن أبي خيثمة: حدثنا أحمد بن حنبل قال: نا عبد الرزاق قال:
قال معمر: كان الزهري في أصحابه مثل الحكم بن عتيبة في أصحابه، يروي عنه عروة وسالم الشيء كذلك.
"تاريخ ابن أبي خيثمة" (2716).
وقال ابن أبي خيثمة: حدثنا أحمد بن حنبل قال: نا عبد الرزاق، عن معمر قال: أتيت الزهري بالرصافة فلم يكن أحد يسأله عن الحديث، فكان يلقي عليّ.
"تاريخ ابن أبي خيثمة" (2717).
وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: نا عبد الرزاق قال: أنا معمر قال: سمعت إبراهيم بن الوليد -رجل من بني أمية- يسأل الزهري وعرض عليه كتابًا من علم، فقال: أحدث بهذا عنك يا أبا بكر؟ قال: نعم، فمن يحدثكموه غيري، قال معمر: ورأيت أيوب يعرض على الزهري.
"تاريخ ابن أبي خيثمة" (2733).
وقال ابن أبي خيثمة: حدثنا أحمد بن حنبل قال: نا أبو القاسم بن أبي الزناد قال: أنا عبد الرحمن بن أبي الزناد قال: أخبرني أبي، قال: كنت أطوف أنا وابن شهاب، ومع ابن شهاب الألواح والصحف فكنا نضحك به.
"تاريخ بن أبي خيثمة" (2741).
وقال ابن أبي خيثمة: حدثنا أحمد بن حنبل قال: نا عبد الرزاق قال: أنا معمر قال: سمعت الزهري يقول: يخرج الحديث شبرًا فيرجع ذراعًا، قال: يعني: من العراق.
"تاريخ ابن أبي خيثمة" (2746).
وقال ابن أبي خيثمة: حدثنا أحمد بن حنبل قال: قال سفيان: قال
الأعمش: قال لي رجل: جالست الزهري فذكرتُك له، فقال لي: ما معك من حديثه؟
"تاريخ ابن أبي خيثمة" (2749).
وقال ابن أبي خيثمة: حدثنا أحمد بن حنبل قال: نا عبد الرزاق: قال: أنا معمر قال: سمعت الزهري يقول: نقل الصخر أيسر من تكرير الحديث.
"تاريخ بن أبي خيثمة" (2772).
وقال ابن أبي خيثمة: حدثنا أحمد بن حنبل قال: نا عبد الرزاق: قال: أنا معمر قال: سمعت الزهري يقول يخرج الحديث ذراعًا، يعني: من العراق، وأشار بيده إذا أوغل الحديث هنالك فرويدًا به.
"تاريخ ابن أبي خيثمة" (3558).
قال حرب: قيل لأحمد: رأي الزهري أحب إليك أو رأي إبراهيم والشعبي؟
قال: كان ابن عيينة يختار رأي الزهري.
"مسائل حرب" ص 482.
قال عبد اللَّه: حدثني أبي: قال سفيان: هل عَسَى الغويرة أبؤسًا (1) سمعت الزهري مثلًا يضربه أهل المدينة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (100)
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا سفيان قال: كان الزهري يعرض عليه الشيء.
"العلل" رواية عبد اللَّه (103)
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: سمعت سفيان يقول: قال لي الهذلي: احفظ لي هذا الحديث، وهو عند الزهري، حديث أبي إدريس الخولاني عن عبادة بن الصامت: كنا عند النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "تبايعوني على ألا تشركوا باللَّه شيئًا" (1)، قال لي الهذلي أبو بكر: لم نر مثل هذا -يعني: الزهري.
"العلل" رواية عبد اللَّه (105)، (5712)
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا حماد بن زيد، عن برد، عن مكحول قال: ما أعلم أحدًا أعلم بسنة ماضية من ابن شهاب.
"العلل" رواية عبد اللَّه (106)
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن وهيب قال: سمعت أيوب يقول: ما رأيت أحدًا أعلم من الزهري، فقال له صخر بن جويرية: ولا الحسن؟ قال: ما رأيت أحدًا أعلم من الزهري.
"العلل" رواية عبد اللَّه (107)
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو القاسم بن أبي الزناد قال: أخبرني عبد الرحمن بن أبي الزناد قال: أخبرني أبي قال: كنت أطوف أنا وابن شهاب على المشيخة، ومع ابن شهاب الألواح والصحف، فكنا نضحك به.
"العلل" رواية عبد اللَّه (108)، (4083)
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عفان قال: حدثنا بشر بن المفضل قال: حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق، عن الزهري قال:
ما استعدت حديثًا قط، ولا شككت في حديث إلا حديثًا واحدًا، فسألت صاحبي، فإذا هو كما حفظت.
"العلل" رواية عبد اللَّه (160).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا شعيب بن حرب قال: قال مالك بن أنس: كنا نجلس إلى الزهري وإلى محمد بن المنكدر فيقول الزهري: قال ابن عمر كذا وكذا. فإذا كان بعد ذلك جلسنا إليه، فقلنا له: الذي ذكرت عن ابن عمر من أخبرك به؟ قال: ابنه سالم.
"العلل" رواية عبد اللَّه (476)
وقال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: حديث شعبة كأنه يوافق حديث الزهري، عن عبيد اللَّه، عن ابن عباس: جئت على أتان وقد ناهزت الاحتلام.
قال أبي: حدثناه عبد الرحمن، عن مالك، عن الزهري، عن عبيد اللَّه، عن ابن عباس.
قال أبي: وحدثناه يعقوب، عن ابن أخي الزهري، عن عمه قال: ناهزت الحلم.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1715).
وقال عبد اللَّه: رأيت أبي يختار حديث الزهري ويعجبه، وقال: يوافق حديث شعبة، عن أبي إسحاق.
قال أبي: وابن عباس يقول: بت عند النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (1)، وتروى عنه هذِه الأحاديث سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1716).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا مالك، عن الزهري، عن عبيد اللَّه، عن ابن عباس قال: جئت ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يصلي بمنى وأنا على حمار، فتركته بين يدي الصف، فدخلت في الصلاة وقد ناهزت الاحتلام فلم يعب ذلك (1).
"العلل" رواية عبد اللَّه (1718).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا معمر وعبد الأعلى، عن معمر، عن الزهري، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة، عن ابن عباس قال: جئت إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في حجة الوداع، أو قال: يوم الفتح وأنا والفضل مرتدفان على أتان، فقطعنا الصف ونزلنا عنها ثم دخلنا الصف والأتان تمر بين أيديهم لم تقطع صلاتهما (2). وقال عبد الأعلى: كنت رديف الفضل على أتان، فجئنا ونبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يصلي بالناس بمنى.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1721).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو اليمان قال: أخبرنا شعيب، عن الزهري، وقال: سهل بن سعد الأنصاري، وكان قد رأى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-
وسمع منه، وذكر أنه ابن خمس عشرة سنة يوم توفي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.
"العلل" رواية عبد اللَّه (2060)، (5778).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن بكر قال: حدثنا ابن جُريج قال: قال ابن شهاب: فقال سهل بن سعد، وكان قد بلغ خمس عشرة سنة؟ حيث توفي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وسمع منه.
"العلل" رواية عبد اللَّه (2062).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عثمان بن عُمر قال: أخبرنا يونس، عن الزهري فقال: سهل الأنصاري وكان قد أدرك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو ابن خمس عشرة في زمانه.
"العلل" رواية عبد اللَّه (2063).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا علي بن إسحاق قال: أخبرنا عبد اللَّه بن المبارك قال: أخبرني يونس، عن الزهري، عن سهل ابن سعد الأنصاري -وقد أدرك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو ابن خمس عشرة سنة في زمانه.
"العلل" رواية عبد اللَّه (2064).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الأعلى عن معمر، عن الزهري، عن خارجة بن زيد بن ثابت عن زيد بن ثابت أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "توضئوا مما غيرت النار" (1).
"العلل" رواية عبد اللَّه (2071)، (5281).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: قرأت في كتاب معمر، عن الزهري، عن عبد الملك بن أبي بكر، عن خارجة،
عن زيد، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الوضوء مما غيرت النار (1).
"العلل" رواية عبد اللَّه (2072)، (5282).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا سفيان، عن الزهري سمعه من أنس: قدم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأنا ابن عشر، ومات وأنا ابن عشرين. وكن أمهاتي يحثني على خدمته. وقال سفيان مرة: الزهري قال: أخبرنا أنس.
"العلل" رواية عبد اللَّه (2088)، (5301).
وقال عبد اللَّه: قلت له: أيما أثبت أصحاب الزهري؟
فقال: لكل واحد منهم علة، إلا أن يونس وعقيلًا يؤديان الألفاظ وشعيب بن أبي حمزة وليس هم مثل معمر، معمر يقاربهم في الإسناد.
قلت: فمالك؟
قال: مالك أثبت في كل شيء ولكن هؤلاء الكثرة كم عند مالك؟ ثلاثمائة حديث أو نحو ذا، وابن عيينة نحو من ثلاثمائة حديث، ثم قال: هؤلاء الذين رووا عن الزهري الكثير يونس وعقيل ومعمر.
قلت له: شعيب؟ قال: شعيب قليل، هؤلاء أكثر حديثًا عن الزهري.
قلت: فصالح بن كيسان روايته عن الزهري؟
قال: صالح أكبر من الزهري، قد رأى صالح ابن عمر.
قلت: فهؤلاء أصحاب الزهري، قلت: أثبتهم مالك؟
قال: نعم، مالك أثبتهم، ولكن هؤلاء الذين قد بقروا علم الزهري يونس وعقيل ومعمر.
قلت له: فبعد مالك من ترى؟
قال: ابن عيينة.
قلت له: الموقري يجيء عنه العجائب، قال: ليس ذاك بشيء.
قال أبي: كان الزهري رجلًا دميمًا قصيرًا، ليس له ذاك النبل لم يكن بالجميل، الزهري محمد بن مسلم بن عبيد اللَّه بن شهاب.
"العلل" رواية عبد اللَّه (2543).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا ابن عيينة قال: جاءنا الزهري وأنا ابن ست عشرة جاء مع ابن هشام ابن الخليفة حدثوني عنه -يعني: الزهري- قال: ما رأيت في مثل سنة يطلب هذا -يعني: العلم- قال سفيان سنة سبع وسبعين الزهري جالسناه منذ أربع وسبعين سنة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4665)، (4666).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا سفيان قال: جاءنا الزهري سنة ثلاث وعشرين وخرج في أربع وعشرين فيها مات، سألته وسعد عنده فلم يجبني في الحديث، فلما أن لم يجبني قال: أجب الغلام عما سألك، قال: أما إني أعطيه حقه، قال سفيان: وأنا ابن ست عشرة سنة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4667).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا سفيان بن عُيينة قال ابن جريج -وجاء إليه يعني: إلى الزهري- فقال: إني أريد أن أعرض عليك الكتاب، فقال: إن سعدًا قد كلمني في ابنه، وسعد سعد، فقال لي ابن جُريج أما رأيته يفرق منه؟ قال سفيان: وذكر حديث أبي الأحوص، قال سفيان: سمعت سعد بن إبراهيم يقول لابن شهاب، وحدث عنه قال: من أبو الأحوص؟ قال: أما رأيت الشيخ الذي كان مكان كذا وكذا يصف له.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4668).
وقال عبد اللَّه: سمعت بعض المشايخ يقول: مات الزهري سنة أربع وعشرين، فلما بلغ موته يزيد بن أبي حبيب قال: من كان في جرابه عن ابن شهاب شيء فليحفظه، وقال: فمات بعده بقليل. قال أبي: فمات بعده بقليل.
قال أبي: ولم يسمع يزيد ابن أبي حبيب من الزهري إنما كتب إليه بكتاب، وكان يقول: كتب إلى الزهري.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4669)
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا ابن عيينة قال: أجلسه معه على فراشه -يعني: علي بن زيد- وكان على الزهري ثوبان قد غسلا فكأنه وجد ريح الأشنان؛ فقال: ألا تأمر بهذين فيجمرا.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4671).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا ابن عيينة قال: جاء الزهري عند المغرب فدخل المسجد ما أدري طاف أم لا؟ فجلس ناحية، وعمرو مما يلي الأساطين، فقال له إنسان هذا عمرو فقام إليه فجلس إليه فقال عمرو ما يمنعني أن آتيك إلا أني مقعد، فقال: خيرًا، ساعة تساءلا وأقيمت الصلاة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4672)
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا ابن عيينة ثانية قال: جاء الزهري إلى عمرو بن دينار فاعتذر إليه عمرو قال: إني مقعد.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4673).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا ابن عيينة قال: كان الزهري إذا حدث قال: حدثني فلان وكان من أوعية العلم.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4674).
وقال عبد اللَّه: وجدت في كتاب أبي: حدثنا إبراهيم بن خالد قال: حدثني رباح قال: حدثني معمر، عن الزهري أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لو جمع علم نساء هذِه الأمة فيهن أزواج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان علم عائشة أكبر من علمهن" (1).
"العلل" رواية عبد اللَّه (4776).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى، عن معمر، عن الزهري: أن نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خرج ليلة في رمضان فصلى أناس بصلاته، ثم خرج الليلة الثانية فصلوا بصلاته، فلما كان في الليلة الثالثة كثروا حتى امتلأ المسجد أو كاد يمتلئ، فلم يخرج، فدخل عليه عُمر ابن الخطاب فقال يارسول اللَّه، الناس ينتظرونك فقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أما إنه لم يَخْفَ على مكانُهم، ولكن خشيت أن يُفرض عليهم" (2).
"العلل" رواية عبد اللَّه (4862).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، ثم رجع عنه -يعني: عبد الرزاق- فقال: اضربوا عليه. فجلعناه عن الزهري مرسلًا.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4863).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثناه إبراهيم بن خالد، عن رباح، عن معمر، عن الزهري، عن عُروة، عن عائشة هذا الحديث (3).
"العلل" رواية عبد اللَّه (4864)
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو أسامة، عن ابن المبارك، عن معمر، عن الزهري قال: قال أبو هريرة: أنا كنت أحدثكم بهذِه الأحاديث في عهد عمر إذًا لألفيت الدرة على ظهري.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4894).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا سفيان -يعني: ابن حُسين- عن الزهري- عن عروة، عن عائشة قالت: أهديت لحفصة شاة ونحن صائمتان فأفطرتني وكانت بنت أبيها. فلما دخل علينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ذلك لى فقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أبدلا يومًا مكانه" (1).
"العلل" رواية عبد اللَّه (5100).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا كثير بن هشام قال: حدثنا جعفر بن بُرقان قال: حدثنا الزهري، عن عروة، عن عائشة قال: كنت أنا وحفصة صائمتين -فذكر الحديث (2).
"العلل" رواية عبد اللَّه (5101).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا روح قال: حدثنا مالك، عن
ابن شهاب أن عائشة وحفصة أصبحتا صائمتين متطوعتين، فأهدي لهما طعام وأفطرتا عليه، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اقضيا يومًا مكانه" (1).
"العلل" رواية عبد اللَّه (5102).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا روح قال: حدثنا صالح بن أبي الأخضر قال: حدثنا ابن شهاب، عن عُروة أن عائشة وحفصة أصبحتا صائمتين. فذكر الحديث (2).
"العلل" رواية عبد اللَّه (5103).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا سفيان قال الزهري: أصبحت عائشة وحفصة صائمتين فأهدي لهما طعام فأكلتا منه، فدخل عليهما رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، قالت عائشة: فبدرتني حفصة وكانت بنت أبيها، قالت: إنا كنا صائمتين وإنه أهدي لنا طعام فأكلنا منه فقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أبدلا يومًا مكانه" (3).
"العلل" رواية عبد اللَّه (5104).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا معمر عن الزهري قال: أصبحت عائشة وحفصة صائمتين. .، فذكر معنى حديث سُفيان (1).
"العلل" رواية عبد اللَّه (5105).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرزاق وابن بكر قالا: أخبرنا ابن جريج. وروح قال: حدثنا ابن جريج قال: قلت لابن شهاب: أحدثك عروة بن الزبير عن عائشة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أفطر في تطوع فليقضه"؟ قال: لم أسمع من عُروة في ذلك شيئًا، ولكن حدثني في خلافة سليمان إنسان -وقال ابن بكر: أناس، وقال روح: ناس- عن بعض من كان يسأل عائشة أنها قالت: أصبحت أنا وحفصة صائمتين فقرب لنا طعام، فابتدرناه فأكلنا، فدخل علينا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فبادرتني -قال روح: فبدرتني- إليه حفصة، وكانت بنت أبيها، فذكرت ذلك له، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "صُوما يومًا" (2).
"العلل" رواية عبد اللَّه (5106).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد قال: حدثنا أبي عن الوليد بن كثير قال: حدثني محمد بن عمرو بن حلحلة الدؤلي أن ابن شهاب حدثه أن علي بن حسين حدثه أنهم حين
قدموا المدينة من عند يزيد بن معاوية مقتل الحُسين بن علي لقية المسور ابن مخرمة، فقال له: إن علي بن أبي طالب خطب بنت أبي جهل على فاطمة، فسمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو يخطب الناس في ذلك على منبره هذا، وأنا يومئذ مُحتلم، فقال: "إن فاطمة مني وإني أتخوف أن تُفتن في دينها" (1).
"العلل" رواية عبد اللَّه (5547).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: أخبرنا سفيان قال: حفظته من الزهري، عن عروة، عن عبد الرحمن بن عبد القاري أن عمر طاف بالبيت بعد الصبح سبعًا، ثم خرج فلم يصل الركعتين إلَّا بذي طوى، وطلعت الشمس.
سمعت أبي يقول: قال ابن أبي ذئب وغيره: حدثناه يحيى بن سعيد، عنه، عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن عبد الرحمن بن عبد القاري أن عمر طاف بالبيت وهو الصواب -يعني: عن حميد.
"العلل" رواية عبد اللَّه (5713)، (5714).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: قيل لسفيان: أكان الزهري حدثكم بالتشهد؟ قال: نعم، لم نحفظه عنه (2)، قيل له: عمن ذكره؟ قال: عروة عن ابن عبد القاري، قال: سمعت عمر يعلم الناس على المنبر التشهد.
"العلل" رواية عبد اللَّه (5715).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: أخبرنا أبو اليمان قال: أخبرنا شعيب، عن الزهري قال: سهل بن سعد الأنصاري: حدثني أُبي بن
كعب: أن الفتيا التي كانوا يُفتون بها أن الماء من الماء رخصة، كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ترخص فيها أول الإسلام ثم أمرنا بالاغتسال بعد (1).
"العلل" رواية عبد اللَّه (5779).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن غيلان قال: حدثنا رشدين بن سعد قال: حدثني عمرو بن الحارث، عن ابن شهاب قال: حدثني بعض من أرضى عن سهل بن سعد الساعدي، أن أبي بن كعب حدثه أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- جعلها رخصة للمؤمنين؛ لقلة ثيابهم، ثم إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عنه -يعني قوله: "الماء من الماء" (2).
"العلل" رواية عبد اللَّه (5780).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثني بهز قال: حدثني إبراهيم بن سعد قال: حدثنا ابن شهاب عن محمود بن الربيع -وكان عقل مجة مجها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في وجهة من دلو من بئر لهم (3).
"العلل" رواية عبد اللَّه (5811).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا إبراهيم بن خالد قال: حدثنا رباح، عن معمر، عن الزهري قال: حدثني محمود بن الربيع، وكان عقل مجة مجها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في وجهة من دلو من بئر لهم (4).
"العلل" رواية عبد اللَّه (5812).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا إبراهيم بن خالد قال: حدثنا رباح عن معمر عن الزهري: قال: حدثني وكان عقل مجة مجها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في وجهة من دلو من بئر لهم كان في دارهم.
"العلل" رواية عبد اللَّه (5813).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا معمر، عن الزهري قال: حدثني محمود أنه عقل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وعقل مجة مجها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من دلو كان في دارهم (1).
"العلل" رواية عبد اللَّه (5814).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا معمر، عن قتادة، عن الحسن وغيره قال: فكان أول من آمن به علي بن أبي طالب وهو ابن خمس عشرة سنة أو ست عشرة سنة، قال معمر: وأخبرني عثمان الجزري، عن مقسم، عن ابن عباس أن عليًّا أول من أسلم، قال معمر: فسألت الزهري، فقال: ما علمنا أحدًا أسلم قبل زيد بن حارثة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (5817).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال: كان عبد الرحمن بن أزهر يُحدث أن خالد بن الوليد بن المُغيرة جُرح يومئذ وكان على الخيل خيل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال ابن أزهر: رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعدما هزم اللَّه الكفار ورجع المسلمون إلى رحالهم، يمشي في المسلمين، يقول: "من يدل على رحل خالد بن الوليد" فمشيت -أو قال: فسعيتُ- بين يديه وأنا مُحتلم أقول: من يدل
على رحل خالد، حتى دللنا على رحله (1).
"العلل" رواية عبد اللَّه (5876).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد اللَّه بن الحارث قال قراءة على يونس، عن ابن شهاب قال: حدثني عبد اللَّه بن ثعلبة وكان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قد مسح وجهه (2).
"العلل" رواية عبد اللَّه (5877).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: أخبرنا حجاج قال: حدثنا ليث قال: حدثني عُقيل، عن ابن شهاب، عن عبد اللَّه بن ثعلبة بن صُعير العُذري وكان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قد مسح على وجهه، وأدرك صحابة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (3).
"العلل" رواية عبد اللَّه (5878).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو اليمان قال: أخبرنا شعيب، عن الزهري قال: حدثني عبد اللَّه بن ثعلبة بن صُعير العذري، وكان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قد مسح على وجهه زمن الفتح (4).
"العلل" رواية عبد اللَّه (5879).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يزيد بن عبد ربه قال: حدثنا محمد بن حرب قال: حدثني الزبيدي، عن الزهري، عن عبد اللَّه بن
ثعلبة بن صعير قال: وكان رسول اللَّه قد مسح وجهه زمن الفتح (1).
"العلل" رواية عبد اللَّه (5880).
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يعقوب قال: حدثنا أبي، عن ابن إسحاق قال: حدثني محمد بن مسلم الزهري، عن عبد اللَّه بن ثعلبة بن صُعير العذري.
"العلل" رواية عبد اللَّه (5881).
قال سلمة: قال أحمد بن حنبل: حدثنا أبو القاسم بن أبي الزناد قال: قدم علينا هاهنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، أخبرني أبي قال: كنت أطوف أنا وابن شهاب ومع ابن شهاب الألواح والصحف، قال: فكنا نضحك به.
"المعرفة والتاريخ" 1/ 639.
قال الفضل بن زياد: وكتبت إلى أبي عبد اللَّه أسأله عن الزهري والشعبي أيهما أعجب إليك إذا أختلفا وأيهما أعلم؟ فآتاني الجواب: كلاهما عالم فيكون الزهري قد سمع عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الحديث فيذهب إليه فهو أعجب إلينا، ويكون الشعبي قد سمع الحديث ولم يسمعه الزهري فهو أعجب إلينا.
"المعرفة والتاريخ" 2/ 176.
قال سلمة: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا شعيب بن حرب قال: قال مالك: كنا نجلس إلى الزهري وإلى محمد بن المنكدر، فيقول الزهري: قال ابن عمر كذا وكذا. فإذا كان بعد ذلك جلسنا إليه فقلنا: الذي ذكرت عن ابن عمر من أخبرك به؟ قال: ابنه سالم.
"المعرفة والتاريخ" 2/ 830.
قال محمد بن علي الجوزجاني: قلت لأبي عبد اللَّه أحمد بن حنبل: ابن أبي ذئب سماعه من الزهري عرض أو سماع؟
قال: لا تبالي كيف كان.
قلت: ابن جريج؟ قال: ابن جريج عرض وهو يقول: سألت ابن شهاب.
قلت: معمر؟ قال: سماع وعرض.
قلت: مالك وابن عيينة سماع؟ قال: نعم، وكان مالك يقول: أقل ذلك عرض.
قلت: إنما سمع مالك وسفيان من الزهري سنة ثلاث وعشرين حين قدم؟
قال: نعم كل هؤلاء إنما سمعوا منه حين قدم.
قلت له: شعيب بن أبي حمزة كيف كان حديثه؟ قال: ثبت صالح الحديث.
"مسند ابن الجعد" ص 418 - 419.
قال إسماعيل بن أبي الحارث: نا أحمد بن حنبل، عن عبد الرحمن بن مهدي، عن وهيب، قال: سمعت أيوب يقول: ما رأيت أحدًا أعلم من الزهري، فقال له صخر بن جويرية: ولا الحسن؟ قال: ما رأيت أحدًا أعلم من الزهري.
"الجرح والتعديل" 8/ 73.
قال علي بن الحسن الهسنجاني: نا أحمد بن حنبل، نا عبد الرزاق قال: سمعت عبيد اللَّه بن عمر يقول: لما نشأت فأردت أن أطلب العلم، جعلت آتي أشياخ آل عمر -رضي اللَّه عنه- رجلًا رجلًا وأقول: ما سمعت من
سالم؟ فكلما أتيت رجلًا منهم قال: عليك بابن شهاب، فإن ابن شهاب كان يلزمه، قال: وابن شهاب حينئذٍ بالشام.
"الجرح والتعديل" 8/ 73.
وقال إسماعيل بن أبي الحارث: نا أحمد بن حنبل، عن عبد الرزاق قال: قال معمر: ما رأيت مثل الزهري في وجهه قط.
"الجرح والتعديل" 8/ 74.
قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: الزهري سمع من أبان بن عثمان؟
فقال: ما أراه سمع منه وما أدري أو نحو هذا إلَّا أنه قد أدخل بينه وبينه عبد اللَّه بن أبي بكر.
"المراسيل" لابن أبي حاتم ص 189 - 190، "تهذيب الأجوبة" 2/ 582، "بحر الدم" (933).
وقال أبو طالب: قلت لأحمد بن حنبل: الزهري سمع من ابن عمر؟
قال: لا.
وقال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: الزهري سمع من عبد الرحمن بن أزهر؟
قال: ما أراه سمع من عبد الرحمن بن أزهر.
ثم قال: إنما يقول الزهري: كان عبد الرحمن بن أزهر يحدث، كذا يقول معمر وأسامة: سمعت عبد الرحمن بن أزهر، ولم يصنعا عندي شيئًا، ما أراه حفظ، وقد أدخل بينه وبينه طلحة بن عبد اللَّه بن عوف.
"المراسيل" لابن أبي حاتم 189 - 190، "بحر الدم" (933).
قال محمد بن سهل بن عسكر: سمعتُ أحمد بن حنبل يقول: الزهري أحسن الناس حديثًا، وأجود الناس إسنادًا.
"الكامل" لابن عدي 1/ 139، "سير أعلام النبلاء" 5/ 335.
وقال مهنا: قال أحمد: لا ينبغي أن يكون الزهري سمع من أبان.
وقال علي بن سعيد: قال أحمد: لم يسمع الزهري من أبان بن عثمان شيئًا.
"تهذيب الأجوبة" 2/ 583.
محمد بن مسلم بن عبد الله بن شهاب الزهري: "مدني"، تابعي، ثقة.
أدرك الزهري من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أنس بن مالك الأنصاري، وسهل بن سعد الساعدي، وعبد الرحمن بن أيمن بن نابل، ومحمود بن الربيع الأنصاري، وروى عن عبد الله بن عمر نحوًا من ثمانية أحاديث، وروى عن السائب بن يزيد.
أدرك الزهري من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أنس بن مالك الأنصاري، وسهل بن سعد الساعدي، وعبد الرحمن بن أيمن بن نابل، ومحمود بن الربيع الأنصاري، وروى عن عبد الله بن عمر نحوًا من ثمانية أحاديث، وروى عن السائب بن يزيد.
محمد بن القاسم بن خلاد بن ياسر بن سليمان، أبو عبد الله الضرير، مولى أبي جعفر المنصور، ويعرف بأبي العيناء :
أصله من اليمامة، ومولده بالأهواز، ومنشؤه بالبصرة، وبها كتب الحديث وطلب الأدب، وسمع من أبي عبيدة معمر بن المثنى، وأبي سعيد الأصمعي، وأبي عاصم النبيل، وأبي زيد الأنصاري ومحمد بن عبيد الله العتبي، وغيرهم. وكان من أحفظ الناس وأفصحهم لسانا، وأسرعهم جوابا، وأحضرهم نادرة. وقيل: إن بصره كف وقد بلغ أربعين سنة وانتقل من البصرة إلى بغداد، فسكنها وكتب عنه أهلها. وروى عنه أحمد بن محمد بن عيسى المكي، وأبو عبد الله الحكيمي، ومحمد بن يحيى الصولي، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ نَجِيحٍ، وَأَبُو بَكْرٍ الأدمي القارئ، وأحمد بن كامل القاضي، وغيرهم، ولم يسند من الحديث إلا القليل، والغالب على روايته الأخبار والحكايات.
أَخْبَرَنِي علي بن أيوب القمي حدّثنا محمّد بن عمران المرزباني أخبرني علي بن يحيى أَخْبَرَنِي عبيد الله بن أحمد بن أبي طاهر عن أبيه عن محمد بن صالح بن النطاح مولى بني هاشم قَالَ: حَدَّثَنِي أبي. قَالَ: طلب المنصور رجالا ليكونوا بوابين له. فقيل إنه لا يضبط هذا إلا قوم لئام الأصول، أنذال النفوس، صلاب الوجوه، ولا تجدهم إلا في رقيق اليمامة. فكتب إلى السري بن عبد الله الهاشمي، وكان واليه
على اليمامة، فاشترى له مائتي غلام من اليمامة، فاختار بعضهم فصيرهم بوابين، وبقى الباقون فكان ممن بقى خلاد جد أبي العيناء، وحسان جد إبراهيم بن عطاء، وجد أحمد بن الحارث الخزّاز رواية المدائني.
أَخْبَرَنِي أحمد بن محمد بن أحمد بن يعقوب حدّثني جدي محمّد بن عبيد الله ابن قرنجل حدّثنا محمّد بن يحيى حَدَّثَنَا محمد بن القاسم بن خلاد أبو العيناء.
قَالَ: دعا المنصور جدي خلادا وكان مولاه فقال له: أريدك لأمر قد همني، وقد اخترتك له، وأنت عندي كما قَالَ أبو ذؤيب الهذلي:
ألكنى إليها وخير الرسول ... أعلمهم بنواحي الخبر
فقال: أرجو أن أبلغ رضى أمير المؤمنين، فقال: صر إلى المدينة على أنك من شيعة عبد الله بن حسن، وابذل له الأموال واكتب إلى بأنفاسه وأخبار ولده فأرضاه. ثم علم عبد الله بن حسن أنه أتى من قبله، فدعا عليه وعلى نسله بالعمى. قَالَ: فنحن نتوارث ذاك إلى الساعة.
أنبأنا الحسن بن أبي بكر حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ نجيح حدّثنا محمّد ابن القاسم النّحويّ أبو عبد الله حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ أَبِي الْهِنْدِيِّ عَنْ أَنَسٍ. قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطَائِرٍ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ آتِنِي بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ يَأْكُلُ مَعِي» فَجَاءَ عَلِيٌّ، فَحَجَبْتُهُ مَرَّتَيْنِ، فَجَاءَ فِي الثَّالِثَةِ فَأَذِنْتُ لَهُ. فَقَالَ: «يَا عَلِيُّ مَا حَبَسَكَ؟» قَالَ: هَذِهِ ثَلاثُ مَرَّاتٍ قَدْ جِئْتُهَا فَحَجَبَنِي أَنَسٌ. قَالَ: «لِمَ يَا أَنَسُ؟» قَالَ: سَمِعْتُ دَعْوَتَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَحْبَبْتُ أَنْ يَكُونَ رَجُلا مِنْ قَوْمِي. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الرَّجُلُ يُحِبُّ قَوْمَهُ»
. غَرِيبٌ بِإِسْنَادِهِ لَمْ نَكْتُبْهُ إِلا مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْعَيْنَاءِ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ، وَأَبُو الْهِنْدِيِّ مَجْهُولٌ وَاسْمُهُ لا يعرف.
أنبأنا أبو بكر محمد بن المؤمل المالكي قَالَ: قَالَ لنا أَبُو الحسن الدارقطني: أَبُو العيناء ليس بقوي في الحديث.
حدّثنا علي بن الحسين صاحب العبّاسي أنبأنا أَبُو مُحَمَّد الْحَسَن بن الْحُسَيْن بن عَلِيّ بن الْعَبَّاس بن إِسْمَاعِيل بن أَبِي سهل بن نوبخت، ويعرف بالنوبختي حدّثنا أبو
الحسين محمد بن سليمان الجوهري البصري المعروف بجوذاب. قَالَ: قدم أبو العيناء واسمه محمد بن القاسم بن خلاد أبو عبد الله اليمامي- بالبصرة في سنة ثمانين ومائة فنزل دار الحريثي في سكة ابن سمرة، فكنا نصير إليه نجالسه ونسمع كلامه، ونكتب ما يجرى في المجلس من أخباره: فسأله رجل فقال: يا أبا عبد الله كيف كنيت أبا العيناء؟ قَالَ قلت لأبي زيد سعيد بن أوس الأنصاري يا أبا زيد كيف تصغر عينا؟ فقال عيينا يا أبا العيناء فلحقت بي منذ ذاك.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ رِزْقٍ الْبَزَّازُ وَأَبُو الفرج أحمد بن عمر المعدل وأبو العلاء محمد بن الحسن الورّاق قالوا أنبأنا أحمد بن كامل القاضي نبأنا أبو العيناء محمد بن القاسم. قَالَ: أتيت عَبْد الله بْن داود الخريبي فقال: ما جاء بك؟ قلت:
الحديث، قَالَ اذهب فتحفظ القرآن. قَالَ قلت: قد حفظت القرآن قَالَ اقرأ: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ
[يونس 71] فقال: فقرأت العشر حتى أنفدته، قَالَ فقال لي:
اذهب الآن فتعلم الفرائض، قَالَ قلت قد تعلمت الصلب والجد والكبر قَالَ فأيما أقرب إليك؟ ابن أخيك أو ابن عمك؟ قَالَ قلت ابن أَخِي. قَالَ: ولم؟ قال قلت لأن أَخِي من أبي وعمى من جدي. قَالَ اذهب الآن فتعلم العربية، قَالَ قلت علمتها قبل هذين. قَالَ فلم قَالَ عمر بن الخطاب- يعني حين طعن- يالَ الله يالَ المسلمين، لم فتح تلك وكسر هذه؟ قَالَ قلت: فتح تلك اللام على الدعاء وكسر هذه على الاستغاثة والاستنصار قَالَ فقال: لو حدثت أحدا حدثتك. واللفظ لأبي الفرج.
أَخْبَرَنِي الحسين بن علي الصيمري حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عمران بْن موسى الكاتب حَدَّثَنِي علي بن محمد الوراق قَالَ حَدَّثَنِي علي بن سليمان الأخفش قَالَ سمعت أبا العيناء يقول: كنت في أيام الواثق مقيما بالبصرة فكنت يوما في الوراقين بها إذ رأيت مناديا مغفلا في يده مصحف مخلق الأداة، فقلت له: ناد عليه بالبراءة مما فيه- وأنا أعنى به أداته- فأقبل المنادي ينادى بذلك فاجتمع أهل السوق والمارة على المنادي وقالوا له:
يا عدو الله تنادي على مصحف بالبراءة مما فيه؟ قَالَ: وأوقعوا به، فقال لهم: ذلك الرجل القاعد أمرني بذلك قال فتركوا المنادي وأقبلوا إلى وتجمعوا عليَّ ورفعوني إلى الوالي وعملوا على محضرا وكتب في أمري إلى السلطان، فأمر بحملي فحملت مستوثقا مني، قَالَ واتصل خبري بأبي عبد الله بن أبي دؤاد، فتكفل بأمري والفحص
عما قرفت به، وأخذني إليه، ففك وثاقي، قال: وتجمعت العامة وبالغوا في التشنيع علي ومتابعة رفع القصص في أمري، فقلت لابن أبي دؤاد. قد كثر تجمع هؤلاء الهمج عليّ وهم كثير، فقال: كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ
[البقرة 249] .
فقلت: قد بالغوا في التشنيع عليّ، فقال: وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ
[فاطر 43] . قلت: فإني على غاية الخوف من كيدهم، ولن يخرج أمري عن يدك فقال: لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا
[التوبة 40] . فقلت: القاضي- أعزه الله- كما قَالَ الصموت الكلابيّ:
لله درّك- أيّ جنّة خائف ... ومتاع دنيا- أنت للحدثان
متخمّط يطأ الرّجال بنعله ... وطء الفنيق دوارج القردان
ويكبهم حتى كأن رءوسهم ... مأمومة تنحط للغربان
ويفرج الباب الشديد رتاجه ... حتى يصير كأنه بابان
قال: يا غلام الدواة والقرطاس، اكتب هذه الأبيات عن أبي عبد الله. قَالَ: فكتبت له، ولم يزل يتلطف في أمري حتى خلصني.
حدّثنا أبو يعلى أحمد بن عبد الواحد الوكيل حدّثنا إسماعيل بن سعيد المعدّل حَدَّثَنَا الحسين بن القاسم الكوكبي قَالَ: قَالَ أبو العيناء قَالَ لي ابن أبي دؤاد: ما أشد ما أصابك في ذهاب بصرك؟ قلت: خلتان، يبدؤني قومي بالسلام، وكنت أحب أن ابتدئهم، وإني ربما حدثت المعرض عني وكنت أحب أن أعرف ذاك فأقطع عنه حديثي. قَالَ: أما من ابتدأك بالسلام فقد كافأته بحسن النية، وأما من أعرض عن حديثك فما أكسب نفسه من سوء الأدب أكثر مما وصل إليك من سوء اجتماعه.
أَخْبَرَنِي علي بن أيوب بن محمّد بن عمران المرزباني أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو العيناء قَالَ قَالَ لي المتوكل: قد أردتك لمجالستي. فقلت: لا أطيق ذاك، وما أقول جهلا بمالي في هذا المجلس من الشرف، ولكني رجل محجوب، والمحجوب تختلف إشارته ويخفى عليه إيماؤه، ويجوز علي أن أتكلم بكلام غضبان ووجهك راض، وبكلام راض ووجهك غضبان، ومتى لم أميز هذين هلكت. فقال: صدقت ولكن تلزمنا فقلت: لزوم الفرض الواجب. فوصلني بعشرة آلاف درهم.
قَالَ ورُوِيَ أَنَّ المتوكل قَالَ: أشتهي أن أنادم أبا العيناء لولا أنه ضرير. فقال أبو العيناء: إن أعفاني أمير المؤمنين من رؤية الأهلة، ونقش الخواتيم، فإني أصلح.
حدّثنا علي بن الحسين صاحب العبّاسي حدّثنا إسماعيل بن سعيد المعدّل حدثنا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكَوْكَبِيُّ قَالَ أنشدنا أحمد بن أبي طاهر لنفسه في أبي العيناء محمد بن القاسم:
كنا نخاف من الزّما ... ن عليك إذ عمى البصر
لم ندر أنك بالعمى ... تغنى ويفتقر البشر
أنبأنا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ طَاهِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطّبريّ حدّثنا المعافي بن زكريا الجريري حدّثنا محمّد بن القاسم الأنباريّ حدّثني محمّد بن المرزباني قَالَ قَالَ لي أبو العيناء الضرير: مدحني أبو العالية:
كتبت لابن قاسم مأثرات ... فهو للخير صاحب وقرين
أحول العين والمودة زين ... لا احولال بها ولا تلوين
ليس للمرء شائنا حول الع ... ين إذا كان فعله لا يشين
قال أبو بكر قال لي محمّد بن المرزباني فقلت لأبي العيناء: يا أبا عبد الله وكنت قبل أن يذهب بصرك أحول؟ من حول إلى عمى؟ من سقم إلى بلا؟ فقال لي: ما صعد إلى السماء اليوم أشنع من هذا. ابن المرزباني يتنادر على أبي العيناء!.
أخبرني الصيمري حدّثنا محمّد بن عمران الكاتب حدّثني محمّد بن أبي الأزهر حَدَّثَنِي أبو العيناء محمد بن القاسم. قَالَ: كان لي صديق فجاءني يوما فقال لي أريد الخروج إلى فلان العامل وأحببت أن يكون معي إليه وسيلة وقد سألت من صديقة؟
فقيل لي أبو عثمان الجاحظ- وهو صديقك- فأحب أن تأخذ لي كتابه إليه بالعناية، قَالَ فصرت إلى الجاحظ فقال لي: في شيء جاء أبو عبد الله؟ فقلت: مسلما وقاضيا للحق وفي حاجة لبعض أصدقائي وهي كذا وكذا، فقال: لا تشغلنا الساعة عن المحادثة وتعرف أخبارنا، إذا كان في غد وجهت إليك بهذا الكتاب، فلما كان الغد وجه إليّ بالكتاب، فقلت لابني وجه بهذا الكتاب إلى فلان ففيه حاجته، فقال لي: إن أبا عثمان بعيد الغور فينبغي أن نفضه وننظر ما فيه، ففعل فإذا فيه: كتابي إليك مع من لا أعرفه، فقد كلمني فيه من لا أوجب حقه، فإن قضيت حاجته لم أحمدك، وإن رددته لم أذمك. فلما قرأت الكتاب مضيت إلى الجاحظ من فورى، فقال: يا أبا عبد الله قد علمت أنك أنكرت ما في الكتاب؟ فقلت: أو ليس موضع نكرة؟ فقال: لا هذه علامة بيني وبين الرجل فيمن اعتنى به. فقلت: لا إله إلا الله، ما
رأيت أحدا أعلم بطبعك ولا بما جبلت عليه من هذا الرجل، علمت أنه لما قرأ الكتاب قَالَ: أم الجاحظ عشرة آلاف في عشرة آلاف، وأم من يسأله حاجة. فقلت: يا هذا تشتم صديقنا؟ فقال: هذه علامتي فيمن أشكره.
وأخبرني الصيمري حدّثنا محمّد بن عمران حدّثني عبد الواحد بن محمّد الخصيبي حَدَّثَنِي أبو يوسف عبد الرحمن بن محمد الكاتب قَالَ: كان الجاحظ يتقلد في خلافة إبراهيم بن العباس على ديوان الرسائل، فلما جاء إلى الديوان جاءه أبو العيناء، فلما أراد أن يخرج من عنده تقدم إلى من يحجبه أن لا يدعه يخرج ولا يدعه يرجع إليه إن أراد الرجوع، فنادى أبو العيناء بأعلى صوته: يا أبا عثمان قد أريتنا قدرتك فأرنا عفوك.
أَخْبَرَنِي أبو بكر البرقاني حدّثنا محمّد بن العبّاس الخزّاز حَدَّثَنَا أبو بكر أحمد بن محمد بن عيسى المكي. قَالَ: كتب أبو العيناء إلى صديق له ولي ولاية: أما بعد، فإني لا أعظك بموعظة الله لأنك عنها غنى، ولا أخوفك إياه لأنك أعلم به مني، ولكني أقول كما قَالَ الأول:
أحار ابن بدر قد وليت ولاية ... فكن جرذا منها تخون وتسرق
وكاثر تميما بالغنى إنما الغنى ... لسان به المرء الهيوبة ينطق
واعلم أن الخيانة فطنة، والأمانة حرفة، والجمع كيس، والمنع صرامة، وليس كل يوم ولاية، فاذكر أيام العطلة، ولا تحقرن صغيرا، فإن من الدور إلى الدور، وإبلاء الولاية رقدة فتنبه قبل أن تنبه، وأخو السلطان أعمى عن قليل سوف يبصر، وما هذه الوصية التي أوصى بها يعقوب بنيه، ولكن رأيت الحزم في أخذ العاجل، وترك الآجل.
أنبأنا أبو نعيم الحافظ حدثنا أبو العباس أحمد بن عبد الرحمن الخاركي البصري قَالَ سمعت أبا عبد الله محمد بن القاسم المعروف بأبي العيناء يعزى جدي أبا بكر ابن أبي عدي على زوجته فاطمة بنت الحسن بن عمران بن ميسرة فقال: إذا كان سيدنا- أدام الله عزه- البقية، ودفعت عنه الرزية، كانت التعزية تهنئة، والمصيبة نعمة. ثم جلس وأنشد:
نحن ومن في الأرض نفديكا ... لا زلت تبقى ونعزيكا
أنبأنا الحسن بن علي الجوهريّ، أنبأنا محمّد بن عمران المرزباني، حَدَّثَنَا أَحْمَد بن
محمد بن عيسى المكي قَالَ: أنشدنا محمد بن القاسم أبو العيناء:
لعمرك ما حق امرئ لا يعد لي ... على نفسه حقا على بواجب
وما أنا للنّائي علىّ بودّه ... بودي وصافى خلتي بمقارب
ولكنه إن مال يوما بجانب ... من الصد والهجران ملت بجانبي
أخبرني الصّيمريّ حدّثنا محمّد بن عمران حَدَّثَنِي علي بن محمد الوراق. قَالَ قَالَ ابن وثاب لأبي العيناء: أنا والله أحبك بكليتي. فقال: إلا عضوا واحدا؟ فبلغ ذلك ابن أبي دؤاد فقال: لقد وفق في التحديد عليه.
أَخْبَرَنِي علي بن أيوب حدّثنا المرزباني حدّثني محمّد بن أحمد الكاتب أنبأنا أبو العيناء. قَالَ قَالَ لي المنتصر يوما: ما أحسن الجواب؟ فقلت: ما أسكت المبطل، وحير المحق. فقال: أحسنت والله.
حدّثنا أَبُو الْقَاسِمِ الأَزْهَرِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الوكيل. قالا: أنبأنا محمّد بن جعفر التميميّ أنبأنا أبو بكر الصولي عن أبي العيناء. قَالَ: كان سبب خروجي من البصرة وانتقالي عنها، أني مررت بسوق النخاسين يوما، فرأيت غلاما ينادى عليه- وقد بلغ ثلاثين دينارا- وهو يساوي ثلاثمائة دينار فاشتريته وكنت أبني دارا، فدفعت إليه عشرين دينارا على أن ينفقها على الصناع، فجاءني بعد أيام يسيرة فقال: قد نفدت النفقة. فقلت: هات حسابك، فرفع حسابا بعشرة دنانير. قلت: فأين الباقي؟
قَالَ اشتريت به ثوبا مصمتا وقطعته، قلت ومن أمرك؟ قال يا مولاي لا تعجل، فإن أهل المروءات والأقدار لا يعيبون على غلمانهم إذا فعلوا فعلا يعود بالدين على مواليهم، فقلت في نفسي: أنا اشتريت الأصمعي ولم أعلم. قَالَ: وكانت في نفسي امرأة أردت أن أتزوجها سرا من ابنة عمي، فقلت له يوما: أفيك خير؟ قَالَ: أي لعمري. فأطلعته على الخبر فقال: أنا نعم العون لك. فتزوجت المرأة ودفعت إليه دينارا فقلت له: اشتر لنا كذا وكذا ويكون فيما تشتريه سمك هازبي . فمضى ورجع وقد اشترى ما أردت، إلا أنه اشترى سمكا مارماهي، فغاظني فقلت له: أليس أمرتك أن تشتري هازبي، قَالَ: بلى ولكني رأيت بقراط يقول: إن الهازبي يولد السوداء، ويصف المارماهى ويقول إنه أقل غائلة. فقلت له: يا ابن الفاعلة أنا لم أعلم أني اشتريت جالينوس، وقمت إليه فضربته عشر مقارع، فلما فرغت من ضربه
أخذني وأخذ المقرعة فضربني سبع مقارع. وَقَالَ: يا مولاي الأدب ثلاث، والسبع فضل وذلك قصاص، فضربتك هذه السبع المقارع خوفا عليك من القصاص يوم القيامة. قَالَ فغاظني جدا فرميته فشججته، فمضى من وقته إلى ابنة عمي فقال لها: يا مولاتي إن الدين النصيحة، وقد قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ غشنا فليس منا»
وأنا أعلمك يا مولاتي أن مولاي قد تزوج واستكتمني، فلما قلت له لا بد من تعريف مولاتي الخبر ضربني بالمقارع وشجني، فمنعتنى بنت عمي من دخول الدار، وحالت بيني وبين ما فيها ووقعنا في تخليط، فلم أر الأمر يصلح إلا بأن طلقت المرأة التي تزوجتها، وصلح أمري مع ابنة عمى، وسمت الغلام الناصح، فلم يكن يتهيأ لي أن أكلمه. فقلت:
أعتقه وأستريح فلعله أن يمضي عني إلى النار، فلما أعتقته لزمني وَقَالَ: الآن وجب حقك علي، ثم إنه أراد الحج فجهزته وزودته وخرج، فغاب عني عشرين يوما ورجع. فقلت له: لم رجعت؟ قَالَ قطع الطريق وفكرت فإذا الله تعالى يقول: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا
. فكنت غير مستطيع، وفكرت فإذا حقك أوجب فرجعت. ثم أراد الغزو فجهزته أيضا لذلك وشخص. فلما غاب عني بعت كل ما أملكه بالبصرة من عقار وغيره، وخرجت عنها خوفا من أن يرجع.
قرأت على الحسن بن أبي بكر عن أَحْمَد بْن كامل الْقَاضِي. قَالَ: مات أَبُو عبد الله بن القاسم بن خلاد بن ياسر بن سليمان المعروف بأبي العيناء في جمادى الآخرة سنة ثلاث وثمانين ومائتين، وحمل في تابوت إلى البصرة. وكان مولده بالأهواز في سنة إحدى وتسعين ومائة ومنشؤه بالبصرة، وولاؤه للمنصور، وكان ضريرا يخضب بالحمرة خضابا ليس بالمشبع، وكان فصيحا سريع الجواب.
قرأت بخط أبي الحسن الدارقطني: مات أبو العيناء الضرير سنة اثنتين وثمانين ومائتين وكان خرج من بغداد يريد البصرة في سفينة فيها ثمانون نفسا، فغرقت فما سلم منها غيره، فلما صار إلى البصرة مات!!
أصله من اليمامة، ومولده بالأهواز، ومنشؤه بالبصرة، وبها كتب الحديث وطلب الأدب، وسمع من أبي عبيدة معمر بن المثنى، وأبي سعيد الأصمعي، وأبي عاصم النبيل، وأبي زيد الأنصاري ومحمد بن عبيد الله العتبي، وغيرهم. وكان من أحفظ الناس وأفصحهم لسانا، وأسرعهم جوابا، وأحضرهم نادرة. وقيل: إن بصره كف وقد بلغ أربعين سنة وانتقل من البصرة إلى بغداد، فسكنها وكتب عنه أهلها. وروى عنه أحمد بن محمد بن عيسى المكي، وأبو عبد الله الحكيمي، ومحمد بن يحيى الصولي، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ نَجِيحٍ، وَأَبُو بَكْرٍ الأدمي القارئ، وأحمد بن كامل القاضي، وغيرهم، ولم يسند من الحديث إلا القليل، والغالب على روايته الأخبار والحكايات.
أَخْبَرَنِي علي بن أيوب القمي حدّثنا محمّد بن عمران المرزباني أخبرني علي بن يحيى أَخْبَرَنِي عبيد الله بن أحمد بن أبي طاهر عن أبيه عن محمد بن صالح بن النطاح مولى بني هاشم قَالَ: حَدَّثَنِي أبي. قَالَ: طلب المنصور رجالا ليكونوا بوابين له. فقيل إنه لا يضبط هذا إلا قوم لئام الأصول، أنذال النفوس، صلاب الوجوه، ولا تجدهم إلا في رقيق اليمامة. فكتب إلى السري بن عبد الله الهاشمي، وكان واليه
على اليمامة، فاشترى له مائتي غلام من اليمامة، فاختار بعضهم فصيرهم بوابين، وبقى الباقون فكان ممن بقى خلاد جد أبي العيناء، وحسان جد إبراهيم بن عطاء، وجد أحمد بن الحارث الخزّاز رواية المدائني.
أَخْبَرَنِي أحمد بن محمد بن أحمد بن يعقوب حدّثني جدي محمّد بن عبيد الله ابن قرنجل حدّثنا محمّد بن يحيى حَدَّثَنَا محمد بن القاسم بن خلاد أبو العيناء.
قَالَ: دعا المنصور جدي خلادا وكان مولاه فقال له: أريدك لأمر قد همني، وقد اخترتك له، وأنت عندي كما قَالَ أبو ذؤيب الهذلي:
ألكنى إليها وخير الرسول ... أعلمهم بنواحي الخبر
فقال: أرجو أن أبلغ رضى أمير المؤمنين، فقال: صر إلى المدينة على أنك من شيعة عبد الله بن حسن، وابذل له الأموال واكتب إلى بأنفاسه وأخبار ولده فأرضاه. ثم علم عبد الله بن حسن أنه أتى من قبله، فدعا عليه وعلى نسله بالعمى. قَالَ: فنحن نتوارث ذاك إلى الساعة.
أنبأنا الحسن بن أبي بكر حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ نجيح حدّثنا محمّد ابن القاسم النّحويّ أبو عبد الله حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ أَبِي الْهِنْدِيِّ عَنْ أَنَسٍ. قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطَائِرٍ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ آتِنِي بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ يَأْكُلُ مَعِي» فَجَاءَ عَلِيٌّ، فَحَجَبْتُهُ مَرَّتَيْنِ، فَجَاءَ فِي الثَّالِثَةِ فَأَذِنْتُ لَهُ. فَقَالَ: «يَا عَلِيُّ مَا حَبَسَكَ؟» قَالَ: هَذِهِ ثَلاثُ مَرَّاتٍ قَدْ جِئْتُهَا فَحَجَبَنِي أَنَسٌ. قَالَ: «لِمَ يَا أَنَسُ؟» قَالَ: سَمِعْتُ دَعْوَتَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَحْبَبْتُ أَنْ يَكُونَ رَجُلا مِنْ قَوْمِي. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الرَّجُلُ يُحِبُّ قَوْمَهُ»
. غَرِيبٌ بِإِسْنَادِهِ لَمْ نَكْتُبْهُ إِلا مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْعَيْنَاءِ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ، وَأَبُو الْهِنْدِيِّ مَجْهُولٌ وَاسْمُهُ لا يعرف.
أنبأنا أبو بكر محمد بن المؤمل المالكي قَالَ: قَالَ لنا أَبُو الحسن الدارقطني: أَبُو العيناء ليس بقوي في الحديث.
حدّثنا علي بن الحسين صاحب العبّاسي أنبأنا أَبُو مُحَمَّد الْحَسَن بن الْحُسَيْن بن عَلِيّ بن الْعَبَّاس بن إِسْمَاعِيل بن أَبِي سهل بن نوبخت، ويعرف بالنوبختي حدّثنا أبو
الحسين محمد بن سليمان الجوهري البصري المعروف بجوذاب. قَالَ: قدم أبو العيناء واسمه محمد بن القاسم بن خلاد أبو عبد الله اليمامي- بالبصرة في سنة ثمانين ومائة فنزل دار الحريثي في سكة ابن سمرة، فكنا نصير إليه نجالسه ونسمع كلامه، ونكتب ما يجرى في المجلس من أخباره: فسأله رجل فقال: يا أبا عبد الله كيف كنيت أبا العيناء؟ قَالَ قلت لأبي زيد سعيد بن أوس الأنصاري يا أبا زيد كيف تصغر عينا؟ فقال عيينا يا أبا العيناء فلحقت بي منذ ذاك.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ رِزْقٍ الْبَزَّازُ وَأَبُو الفرج أحمد بن عمر المعدل وأبو العلاء محمد بن الحسن الورّاق قالوا أنبأنا أحمد بن كامل القاضي نبأنا أبو العيناء محمد بن القاسم. قَالَ: أتيت عَبْد الله بْن داود الخريبي فقال: ما جاء بك؟ قلت:
الحديث، قَالَ اذهب فتحفظ القرآن. قَالَ قلت: قد حفظت القرآن قَالَ اقرأ: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ
[يونس 71] فقال: فقرأت العشر حتى أنفدته، قَالَ فقال لي:
اذهب الآن فتعلم الفرائض، قَالَ قلت قد تعلمت الصلب والجد والكبر قَالَ فأيما أقرب إليك؟ ابن أخيك أو ابن عمك؟ قَالَ قلت ابن أَخِي. قَالَ: ولم؟ قال قلت لأن أَخِي من أبي وعمى من جدي. قَالَ اذهب الآن فتعلم العربية، قَالَ قلت علمتها قبل هذين. قَالَ فلم قَالَ عمر بن الخطاب- يعني حين طعن- يالَ الله يالَ المسلمين، لم فتح تلك وكسر هذه؟ قَالَ قلت: فتح تلك اللام على الدعاء وكسر هذه على الاستغاثة والاستنصار قَالَ فقال: لو حدثت أحدا حدثتك. واللفظ لأبي الفرج.
أَخْبَرَنِي الحسين بن علي الصيمري حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عمران بْن موسى الكاتب حَدَّثَنِي علي بن محمد الوراق قَالَ حَدَّثَنِي علي بن سليمان الأخفش قَالَ سمعت أبا العيناء يقول: كنت في أيام الواثق مقيما بالبصرة فكنت يوما في الوراقين بها إذ رأيت مناديا مغفلا في يده مصحف مخلق الأداة، فقلت له: ناد عليه بالبراءة مما فيه- وأنا أعنى به أداته- فأقبل المنادي ينادى بذلك فاجتمع أهل السوق والمارة على المنادي وقالوا له:
يا عدو الله تنادي على مصحف بالبراءة مما فيه؟ قَالَ: وأوقعوا به، فقال لهم: ذلك الرجل القاعد أمرني بذلك قال فتركوا المنادي وأقبلوا إلى وتجمعوا عليَّ ورفعوني إلى الوالي وعملوا على محضرا وكتب في أمري إلى السلطان، فأمر بحملي فحملت مستوثقا مني، قَالَ واتصل خبري بأبي عبد الله بن أبي دؤاد، فتكفل بأمري والفحص
عما قرفت به، وأخذني إليه، ففك وثاقي، قال: وتجمعت العامة وبالغوا في التشنيع علي ومتابعة رفع القصص في أمري، فقلت لابن أبي دؤاد. قد كثر تجمع هؤلاء الهمج عليّ وهم كثير، فقال: كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ
[البقرة 249] .
فقلت: قد بالغوا في التشنيع عليّ، فقال: وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ
[فاطر 43] . قلت: فإني على غاية الخوف من كيدهم، ولن يخرج أمري عن يدك فقال: لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا
[التوبة 40] . فقلت: القاضي- أعزه الله- كما قَالَ الصموت الكلابيّ:
لله درّك- أيّ جنّة خائف ... ومتاع دنيا- أنت للحدثان
متخمّط يطأ الرّجال بنعله ... وطء الفنيق دوارج القردان
ويكبهم حتى كأن رءوسهم ... مأمومة تنحط للغربان
ويفرج الباب الشديد رتاجه ... حتى يصير كأنه بابان
قال: يا غلام الدواة والقرطاس، اكتب هذه الأبيات عن أبي عبد الله. قَالَ: فكتبت له، ولم يزل يتلطف في أمري حتى خلصني.
حدّثنا أبو يعلى أحمد بن عبد الواحد الوكيل حدّثنا إسماعيل بن سعيد المعدّل حَدَّثَنَا الحسين بن القاسم الكوكبي قَالَ: قَالَ أبو العيناء قَالَ لي ابن أبي دؤاد: ما أشد ما أصابك في ذهاب بصرك؟ قلت: خلتان، يبدؤني قومي بالسلام، وكنت أحب أن ابتدئهم، وإني ربما حدثت المعرض عني وكنت أحب أن أعرف ذاك فأقطع عنه حديثي. قَالَ: أما من ابتدأك بالسلام فقد كافأته بحسن النية، وأما من أعرض عن حديثك فما أكسب نفسه من سوء الأدب أكثر مما وصل إليك من سوء اجتماعه.
أَخْبَرَنِي علي بن أيوب بن محمّد بن عمران المرزباني أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو العيناء قَالَ قَالَ لي المتوكل: قد أردتك لمجالستي. فقلت: لا أطيق ذاك، وما أقول جهلا بمالي في هذا المجلس من الشرف، ولكني رجل محجوب، والمحجوب تختلف إشارته ويخفى عليه إيماؤه، ويجوز علي أن أتكلم بكلام غضبان ووجهك راض، وبكلام راض ووجهك غضبان، ومتى لم أميز هذين هلكت. فقال: صدقت ولكن تلزمنا فقلت: لزوم الفرض الواجب. فوصلني بعشرة آلاف درهم.
قَالَ ورُوِيَ أَنَّ المتوكل قَالَ: أشتهي أن أنادم أبا العيناء لولا أنه ضرير. فقال أبو العيناء: إن أعفاني أمير المؤمنين من رؤية الأهلة، ونقش الخواتيم، فإني أصلح.
حدّثنا علي بن الحسين صاحب العبّاسي حدّثنا إسماعيل بن سعيد المعدّل حدثنا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكَوْكَبِيُّ قَالَ أنشدنا أحمد بن أبي طاهر لنفسه في أبي العيناء محمد بن القاسم:
كنا نخاف من الزّما ... ن عليك إذ عمى البصر
لم ندر أنك بالعمى ... تغنى ويفتقر البشر
أنبأنا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ طَاهِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطّبريّ حدّثنا المعافي بن زكريا الجريري حدّثنا محمّد بن القاسم الأنباريّ حدّثني محمّد بن المرزباني قَالَ قَالَ لي أبو العيناء الضرير: مدحني أبو العالية:
كتبت لابن قاسم مأثرات ... فهو للخير صاحب وقرين
أحول العين والمودة زين ... لا احولال بها ولا تلوين
ليس للمرء شائنا حول الع ... ين إذا كان فعله لا يشين
قال أبو بكر قال لي محمّد بن المرزباني فقلت لأبي العيناء: يا أبا عبد الله وكنت قبل أن يذهب بصرك أحول؟ من حول إلى عمى؟ من سقم إلى بلا؟ فقال لي: ما صعد إلى السماء اليوم أشنع من هذا. ابن المرزباني يتنادر على أبي العيناء!.
أخبرني الصيمري حدّثنا محمّد بن عمران الكاتب حدّثني محمّد بن أبي الأزهر حَدَّثَنِي أبو العيناء محمد بن القاسم. قَالَ: كان لي صديق فجاءني يوما فقال لي أريد الخروج إلى فلان العامل وأحببت أن يكون معي إليه وسيلة وقد سألت من صديقة؟
فقيل لي أبو عثمان الجاحظ- وهو صديقك- فأحب أن تأخذ لي كتابه إليه بالعناية، قَالَ فصرت إلى الجاحظ فقال لي: في شيء جاء أبو عبد الله؟ فقلت: مسلما وقاضيا للحق وفي حاجة لبعض أصدقائي وهي كذا وكذا، فقال: لا تشغلنا الساعة عن المحادثة وتعرف أخبارنا، إذا كان في غد وجهت إليك بهذا الكتاب، فلما كان الغد وجه إليّ بالكتاب، فقلت لابني وجه بهذا الكتاب إلى فلان ففيه حاجته، فقال لي: إن أبا عثمان بعيد الغور فينبغي أن نفضه وننظر ما فيه، ففعل فإذا فيه: كتابي إليك مع من لا أعرفه، فقد كلمني فيه من لا أوجب حقه، فإن قضيت حاجته لم أحمدك، وإن رددته لم أذمك. فلما قرأت الكتاب مضيت إلى الجاحظ من فورى، فقال: يا أبا عبد الله قد علمت أنك أنكرت ما في الكتاب؟ فقلت: أو ليس موضع نكرة؟ فقال: لا هذه علامة بيني وبين الرجل فيمن اعتنى به. فقلت: لا إله إلا الله، ما
رأيت أحدا أعلم بطبعك ولا بما جبلت عليه من هذا الرجل، علمت أنه لما قرأ الكتاب قَالَ: أم الجاحظ عشرة آلاف في عشرة آلاف، وأم من يسأله حاجة. فقلت: يا هذا تشتم صديقنا؟ فقال: هذه علامتي فيمن أشكره.
وأخبرني الصيمري حدّثنا محمّد بن عمران حدّثني عبد الواحد بن محمّد الخصيبي حَدَّثَنِي أبو يوسف عبد الرحمن بن محمد الكاتب قَالَ: كان الجاحظ يتقلد في خلافة إبراهيم بن العباس على ديوان الرسائل، فلما جاء إلى الديوان جاءه أبو العيناء، فلما أراد أن يخرج من عنده تقدم إلى من يحجبه أن لا يدعه يخرج ولا يدعه يرجع إليه إن أراد الرجوع، فنادى أبو العيناء بأعلى صوته: يا أبا عثمان قد أريتنا قدرتك فأرنا عفوك.
أَخْبَرَنِي أبو بكر البرقاني حدّثنا محمّد بن العبّاس الخزّاز حَدَّثَنَا أبو بكر أحمد بن محمد بن عيسى المكي. قَالَ: كتب أبو العيناء إلى صديق له ولي ولاية: أما بعد، فإني لا أعظك بموعظة الله لأنك عنها غنى، ولا أخوفك إياه لأنك أعلم به مني، ولكني أقول كما قَالَ الأول:
أحار ابن بدر قد وليت ولاية ... فكن جرذا منها تخون وتسرق
وكاثر تميما بالغنى إنما الغنى ... لسان به المرء الهيوبة ينطق
واعلم أن الخيانة فطنة، والأمانة حرفة، والجمع كيس، والمنع صرامة، وليس كل يوم ولاية، فاذكر أيام العطلة، ولا تحقرن صغيرا، فإن من الدور إلى الدور، وإبلاء الولاية رقدة فتنبه قبل أن تنبه، وأخو السلطان أعمى عن قليل سوف يبصر، وما هذه الوصية التي أوصى بها يعقوب بنيه، ولكن رأيت الحزم في أخذ العاجل، وترك الآجل.
أنبأنا أبو نعيم الحافظ حدثنا أبو العباس أحمد بن عبد الرحمن الخاركي البصري قَالَ سمعت أبا عبد الله محمد بن القاسم المعروف بأبي العيناء يعزى جدي أبا بكر ابن أبي عدي على زوجته فاطمة بنت الحسن بن عمران بن ميسرة فقال: إذا كان سيدنا- أدام الله عزه- البقية، ودفعت عنه الرزية، كانت التعزية تهنئة، والمصيبة نعمة. ثم جلس وأنشد:
نحن ومن في الأرض نفديكا ... لا زلت تبقى ونعزيكا
أنبأنا الحسن بن علي الجوهريّ، أنبأنا محمّد بن عمران المرزباني، حَدَّثَنَا أَحْمَد بن
محمد بن عيسى المكي قَالَ: أنشدنا محمد بن القاسم أبو العيناء:
لعمرك ما حق امرئ لا يعد لي ... على نفسه حقا على بواجب
وما أنا للنّائي علىّ بودّه ... بودي وصافى خلتي بمقارب
ولكنه إن مال يوما بجانب ... من الصد والهجران ملت بجانبي
أخبرني الصّيمريّ حدّثنا محمّد بن عمران حَدَّثَنِي علي بن محمد الوراق. قَالَ قَالَ ابن وثاب لأبي العيناء: أنا والله أحبك بكليتي. فقال: إلا عضوا واحدا؟ فبلغ ذلك ابن أبي دؤاد فقال: لقد وفق في التحديد عليه.
أَخْبَرَنِي علي بن أيوب حدّثنا المرزباني حدّثني محمّد بن أحمد الكاتب أنبأنا أبو العيناء. قَالَ قَالَ لي المنتصر يوما: ما أحسن الجواب؟ فقلت: ما أسكت المبطل، وحير المحق. فقال: أحسنت والله.
حدّثنا أَبُو الْقَاسِمِ الأَزْهَرِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الوكيل. قالا: أنبأنا محمّد بن جعفر التميميّ أنبأنا أبو بكر الصولي عن أبي العيناء. قَالَ: كان سبب خروجي من البصرة وانتقالي عنها، أني مررت بسوق النخاسين يوما، فرأيت غلاما ينادى عليه- وقد بلغ ثلاثين دينارا- وهو يساوي ثلاثمائة دينار فاشتريته وكنت أبني دارا، فدفعت إليه عشرين دينارا على أن ينفقها على الصناع، فجاءني بعد أيام يسيرة فقال: قد نفدت النفقة. فقلت: هات حسابك، فرفع حسابا بعشرة دنانير. قلت: فأين الباقي؟
قَالَ اشتريت به ثوبا مصمتا وقطعته، قلت ومن أمرك؟ قال يا مولاي لا تعجل، فإن أهل المروءات والأقدار لا يعيبون على غلمانهم إذا فعلوا فعلا يعود بالدين على مواليهم، فقلت في نفسي: أنا اشتريت الأصمعي ولم أعلم. قَالَ: وكانت في نفسي امرأة أردت أن أتزوجها سرا من ابنة عمي، فقلت له يوما: أفيك خير؟ قَالَ: أي لعمري. فأطلعته على الخبر فقال: أنا نعم العون لك. فتزوجت المرأة ودفعت إليه دينارا فقلت له: اشتر لنا كذا وكذا ويكون فيما تشتريه سمك هازبي . فمضى ورجع وقد اشترى ما أردت، إلا أنه اشترى سمكا مارماهي، فغاظني فقلت له: أليس أمرتك أن تشتري هازبي، قَالَ: بلى ولكني رأيت بقراط يقول: إن الهازبي يولد السوداء، ويصف المارماهى ويقول إنه أقل غائلة. فقلت له: يا ابن الفاعلة أنا لم أعلم أني اشتريت جالينوس، وقمت إليه فضربته عشر مقارع، فلما فرغت من ضربه
أخذني وأخذ المقرعة فضربني سبع مقارع. وَقَالَ: يا مولاي الأدب ثلاث، والسبع فضل وذلك قصاص، فضربتك هذه السبع المقارع خوفا عليك من القصاص يوم القيامة. قَالَ فغاظني جدا فرميته فشججته، فمضى من وقته إلى ابنة عمي فقال لها: يا مولاتي إن الدين النصيحة، وقد قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ غشنا فليس منا»
وأنا أعلمك يا مولاتي أن مولاي قد تزوج واستكتمني، فلما قلت له لا بد من تعريف مولاتي الخبر ضربني بالمقارع وشجني، فمنعتنى بنت عمي من دخول الدار، وحالت بيني وبين ما فيها ووقعنا في تخليط، فلم أر الأمر يصلح إلا بأن طلقت المرأة التي تزوجتها، وصلح أمري مع ابنة عمى، وسمت الغلام الناصح، فلم يكن يتهيأ لي أن أكلمه. فقلت:
أعتقه وأستريح فلعله أن يمضي عني إلى النار، فلما أعتقته لزمني وَقَالَ: الآن وجب حقك علي، ثم إنه أراد الحج فجهزته وزودته وخرج، فغاب عني عشرين يوما ورجع. فقلت له: لم رجعت؟ قَالَ قطع الطريق وفكرت فإذا الله تعالى يقول: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا
. فكنت غير مستطيع، وفكرت فإذا حقك أوجب فرجعت. ثم أراد الغزو فجهزته أيضا لذلك وشخص. فلما غاب عني بعت كل ما أملكه بالبصرة من عقار وغيره، وخرجت عنها خوفا من أن يرجع.
قرأت على الحسن بن أبي بكر عن أَحْمَد بْن كامل الْقَاضِي. قَالَ: مات أَبُو عبد الله بن القاسم بن خلاد بن ياسر بن سليمان المعروف بأبي العيناء في جمادى الآخرة سنة ثلاث وثمانين ومائتين، وحمل في تابوت إلى البصرة. وكان مولده بالأهواز في سنة إحدى وتسعين ومائة ومنشؤه بالبصرة، وولاؤه للمنصور، وكان ضريرا يخضب بالحمرة خضابا ليس بالمشبع، وكان فصيحا سريع الجواب.
قرأت بخط أبي الحسن الدارقطني: مات أبو العيناء الضرير سنة اثنتين وثمانين ومائتين وكان خرج من بغداد يريد البصرة في سفينة فيها ثمانون نفسا، فغرقت فما سلم منها غيره، فلما صار إلى البصرة مات!!
محمد بن علي بن الحسين بن علي
ابن أبي طالب الباقر أبو جعفر الهاشمي، باقر العلم أوفده عمر بن عبد العزيز عليه حين ولي الخلافة يستشيره في بعض أموره.
حدث عن جابر بن عبد الله قال: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا وقف على الصفا يكبر ثلاثاً، ويقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير؛ يصنع ذلك ثلاث مرات، ويدعو ويصنع على المروة مثل ذلك.
لما ولي عمر بن عبد العزيز بعث إلى الفقهاء فقربهم، وكانوا أخص الناس به؛ بعث إلى محمد بن علي بن حسين أبي جعفر، وبعث إلى غيره؛ فلما قدم أبو جعفر محمد على عمر وأراد الانصراف إلى المدينة، بينا هو جالس في الناس ينتظرون الدخول على عمر أقبل ابن حاجب عمر وكان أبوه مريضاً فقال: أين أبو جعفر ليدخل؟ فأشفق محمد بن علي أن يقوم فلا يكون هو الذي دعي به، فنادى ثلاث مرات، قال: لم يحضر يا أمير المؤمنين قال: بلى، قد حضر، حدثني بذلك الغلام؛ قال: فقد ناديته ثلاث مرات؛ قال: كيف قلت؟ قال: قلت: أين أبو جعفر؛ قال: ويحك اخرج فقل؛ أين محمد بن علي؛ فخرج فقام فدخل فحدثه ساعةً وقال: إني أريد الوداع يا أمير المؤمنين، قال عمر: فأوصني يا أبا جعفر، قال: أوصيك بتقوى الله واتخذ الكبير أباً والصغير ولداً والرجل أخاً؛ فقال:
رحمك الله جمعت لنا والله ما إن أخذنا به وأعاننا الله عليه استقام لنا الخير إن شاء الله؛ ثم خرج.
فلما انصرف إلى رحله أرسل إليه عمر: إني أريد أن آتيك فاجلس في إزارٍ ورداءٍ؛ فبعث إليه: لا بل آتيك؛ فأقسم عليه عمر، فأتاه عمر فالتزمه، فوضع صدره وأقبل يبكي، ثم جلس بين يديه ثم قام وليس لأبي جعفرٍ حاجةٌ سأله إياها إلا قضاها له وانصرف، فلم يلتقيا حتى ماتا جميعاً رحمهما الله.
وكان يقال لمحمد بن علي: باقر العلم؛ وله يقول القرظي: من السريع
يا باقر العلم لأهل التقى ... وخير من لبى على الأجبل
قال أبو الزبير:
كنا عند جابر بن عبد الله وقد كف بصره وعلت سنه، فدخل عليه علي بن الحسين ومعه ابنه محمد وهو صبي صغيرٌ، فسلم على جابرٍ وجلس، فقال لابنه محمد: قم إلى عمك فسلم عليه وقبل رأسه؛ ففعل الصبي ذلك؛ فقال جابر: من هذا؟ فقال علي: ابني؛ فضمه إليه وبكى وقال: يا محمد إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ عليك السلام؛ فقال له صحبه: وما ذاك أصلحك الله؟ فقال: كنت عند رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فدخل عليه الحسين بن علي فضمه إليه وقبله وأقعده إلى جنبه ثم قال: " يولد لابني هذا ابنٌ يقال له علي زاد في حديث آخر عنه وهو سيد العابدين، إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ من بطنان العرش: ليقم سيد العابدين فيقوم هو، ويولد له محمد إذا رأيته يا جابر فاقرأ عليه السلام مني زاد في حديث آخر عنه واعلم أن المهدي من ولده، واعلم يا جابر أن بقاءك بعده قليلٌ " فما لبث جابرٌ بعد ذلك اليوم إلا بضعة عشر يوماً حتى توفي.
وكان نقش خاتم محمد بن علي: القوة لله جميعاً.
حدث عمر بن علي وجعفر بن محمد قالا: كان محمد بن علي إذا حدث بالحديث ومعنا الألواح فذهبنا نكتب أبى أن يحدث؛
وقال: لا تكتبوا، فإنا لم نكتب احفظوا بقلوبكم؛ فكنا إذا قمنا من عنده تراجعنا حديثه الفقه.
قال عبد الله بن عطاء: ما رأيت العلماء عند أحدٍ أصغر علماً منهم عند أبي جعفر، لقد رأيت الحكم عنده كأنه متعلم.
دخل هشام بن عبد الملك بن مروان المسجد الحرام متوكئاً على مولاه سالم فنظر إلى محمد بن علي بن الحسين، وقد أحدق الناس به حتى خلا الطواف فقال: من هذا؟ فقيل له: محمد بن علي بن الحسين وفي آخر بمعناه فقال: هذا المفتون به أهل العراق؟ قال: نعم فأرسل إليه فقال: أخبرني عن يوم القيامة ما يأكل الناس فيه وما يشربون؟ فقال محمد بن علي للرسول: قل له: يحشرون على مثل قرصة النقي فيها أنهارٌ تفجر؛ فأبلغ ذلك هشاماً فرأى هشام أن قد ظفر به فقال: قل له: ما أشغلهم يومئذ عن الأكل والشرب؛ فأبلغه الرسول فقال محمد بن علي: قل له: هم والله في النار أشغل، وما شغلهم عن أن قالوا: " أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله " قال: وظهر عليه محمد بن علي.
وعن سلمة بن كهيل: في قوله: " لآياتٍ للمتوسمين " قال: كان أبو جعفر منهم.
قال عبد الله بن يحيى البزار: رأيت على أبي جعفر محمد بن علي إزاراً أصفر، وكان يصلي كل يومٍ وليلة خمسين ركعةً بالمكتوبة.
قال قيس بن النعمان: خرجت يوماً إلى بعض مقابر المدينة فإذا بصبي عند قبرٍ يبكي بكاءً شديداً، وإن وجهه ليلقي شعاعاً من نور، فقلت: أيها الصبي ما الذي عقلت له من الحزن حتى أفردك بالخلوة في مجالب الموتى والبكاء على أهل البلاء وأنت بغو الحداثة مشغولٌ عن اختلاف الأزمان وحنين الأحزان؟ فرفع رأسه وطأطأه وأطرق ساعةً لا يحير جواباً ثم قال: من البسيط
إن الصبي صبي العقل لا صغرٌ ... أزرى بذي العقل فينا لا ولا كبر
ثم قال لي: يا هذا خلي الذرع من الفكر، سليم الأحشاء من الحرقة، أمنت تقارب الأجل بطول الأمل إن الذي أفردني بالخلوة في مجالب أهل البلى تذكر قول الله عز وجل " فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون " فقلت: بأبي أنت، من أنت؟ فإني لأسمع كلاماً حسناً، فقال: إن من شقاوة أهل البلى قلة معرفتهم بأولاد الأنبياء، أن محمد بن علي بن الحسين بن علي وهذا قبر أبي فأي أنسٍ آنس من قربه وأي وحشةٍ تكون معه؛ ثم أنشأ يقول: من الكامل
ما غاض دمعي عند نازلةٍ ... إلا جعلتك للبكا سببا
إني أجل ثرىً حللت به ... من أن أرى بسواك مكتئبا
فإذا ذكرتك سامحتك به ... مني الدموع ففاض فانسكبا
قال قيس: فانصرفت وما تركت زيارة القبور مذ ذاك.
قال المدائني:
بينا محمد بن علي في فناء الكعبة أتاه أعرابي فقال له: هل رأيت الله حيث عبدته؟ فأطرق وأطرق من كان حوله، ثم رفع رأسه إليه فقال: ما كنت لأعبد شيئاً لم أره؛ فقال: وكيف رأيته؟ قال: لم تره الأبصار بمشاهدة العيان، ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان، لا يدرك بالحواس، ولا يقاس بالناس، معروفٌ بالآيات منعوثٌ بالعلامات،
لا يجور في قضيته، بان من الأشياء وبانت الأشياء منه، " ليس كمثله شيء " ذلك الله لا إله إلا هو؛ فقال الأعرابي: الله أعلم حيث يجعل رسالته.
قال محمد بن علي: اذكروا من عظمة الله جل وعلا ما شئتم ولا تذكرون منه شيئاً وهو أعظم منه، واذكروا من النار ما شئتم ولا تذكرون منها شيئاً إلا وهي أشد منه، واذكروا الجنة ما شئتم ولا تذكرون منها شيئأً إلا وهي أفضل منه.
قال عروة بن عبد الله: سألت أبا جعفر محمد بن علي: ما قولك في حلية السيف؟ قال: لا بأس به قد حلى أبو بكر الصديق سيفه؛ قلت: وتقول: الصديق؟ قال: فوثب وثبةً استقبل القبلة ثم قال: نعم الصديق نعم الصديق، ثلاثاً، فمن لم يقل الصديق فلا صدق الله قوله في الدنيا والآخرة.
وعن عروة، عن أبي جعفر، قال: كانت قائمة سيف أمير المؤمنين عمر فضية؛ قلت: أمير المؤمنين؟ قال: نعم.
وعن محمد بن علي، قال: أجمع بنو فاطمة على أن يقولوا في أبي بكر وعمر رضي الله عنهما أحسن ما يكون من القول.
قال جابر: قلت لمحمد بن علي: أكان منكم أحدٌ أهل البيت يزعم أن ذنباً من الذنوب شركٌ؟ قال: لا، قلت: أكان منكم أهل البيت أحدٌ يقر بالرجعة؟ قال: لا، قلت: أكان منكم أحد أهل البيت يسب أبا بكرٍ وعمر رضي الله عنهما؟ قال: لا، فأحبهما وتولهما واستغفر لهما زاد في آخر وما أدركت أحداً من أهل بيتي إلا وهو يتولاهما وفي آخر تولاهما وابرأ من عدوهما فإنهما كانا إمامي هدىً.
وفي آخر عن أبي جعفر محمد بن علي وجعفر بن محمد قال: أيسب الرجل جده؟ أبو بكر جدي، لا نالتني شفاعة محمدٍ يوم القيامة إن لم أكن أتولاهما وأبرأ من عدوهما.
وكانت أم جعفر بن محمد أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهم.
وعن سالم بن أبي حفصة وكان من رؤوس من يبغض أبا بكر وعمر رضي الله عنهما قال: دخلت علي أبي جعفر وهو مريض فقال وأداره قال ذلك من أجلي: اللهم إني أتولى أبا بكرٍ وعمر وأحبهما، اللهم إن كان في نفسي غير هذا فلا نالتني شفاعة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم القيامة.
وعن جابر قال: قال لي محمد بن علي: بلغني أن قوماً بالعراق يزعمون أنهم يحبوننا ويتناولون أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ويزعمون أني آمرهم بذلك، فأبلغهم أني إلى الله منهم بريء، والذي نفس محمد بيده، لو وليت لتقربت إلى الله بدمائهم، لا نالتني شفاعة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن لم أكن أستغفر لهما وأترحم عليهما، إن أعداء الله عز وجل لغافلون عنهما.
قال جابر الجعفي: قال لي أبو جعفر محمد بن علي لما ودعته: أبلغ أهل الكوفة أني بريءٌ ممن تبرأ من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.
قال حكيم بن جبير: سألت أبا جعفر عمن ينتقص أبا بكر وعمر رضي الله عنهما فقال: أولئك المراق.
وعن جعفر بن محمد قال: قال لي أبي: يا بني، إن سب أبي بكر وعمر رضي الله عنهما من الكبائر، فلا تصل خلف من يقع فيهما.
قال كثير النواء: قلت لأبي جعفر: أخبرني عن أبي بكر وعمر أظلما من حقكم شيئاً أو ذهبا به؟ قال: لا ومنزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً، ما ظلمانا من حقنا ما يزن حبة خردلٍ؛ قال: قلت: أفأتولاهما؟ قال: نعم يا كثير تولهما في الدنيا والآخرة؛ قال: وجعل يصك عنق نفسه ويقول: ما أصابك فتعتقني؛ ثم قال: برئ الله ورسوله من المغيرة بن سعيد وبنان فإنهما كذبا علينا أهل البيت؛ زاد في آخر؛ قال: كان علي بالكوفة خمس سنين فما قال لهما إلا خيراً، ولا قال لهما أبي إلا خيراً، ولا أقول إلا خيراً.
وعن أبي جعفر محمد بن علي قال: من لم يعرف فضل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فقد جهل السنة.
وعن أبي جعفر قال: إن هذه الآية نزلت في علي وأبي بكر وعمر رضي الله عنهم " ونزعنا ما في صدورهم من غل إخواناً على سررٍ متقابلين ".
وعن أبي حنيفة، عن محمد بن علي، قال:
أتيته فسلمت عليه، فقعدت إليه فقال: لا تقعد إلينا يا أخا العراق فإنكم قد نهيتم عن القعود إلينا؛ قال: فقعدت فقلت: يرحمك الله، هل شهد علي موت عمر؟ فقال: سبحان الله، أو ليس القائل: ما أحدٌ من الناس ألقى الله عز وجل بمثل علمه أحب إلي من هذا المسجى عليه ثوبه، ثم زوجه ابنته فلولا أنه رآه لها أهلاً أكان يزوجها إياه؟ وتدرون من كانت لا أبا لك اليوم؟ كانت أشرف نساء العالمين، كان جدها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأبوها علي كرم الله وجهه ذو الشرف والمنقبة في الإسلام، وأمها فاطمة بنت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورضي عنها، وأخواها حسن وحسين سيدا شباب أهل الجنة رضي الله عنهما، وجدتها خديجة رضي الله عنها؛ قلت: فإن قوماً عندنا يزعمون أنك تتبرأ منهما، وتنتقصهما فلو كتبت إليهم كتاباً بالانتفاء من ذلك؛ قال: أنت أقرب إلي منهم أمرتك أن لا تجلس إلي فلم تطعني فكيف يطيعني أولئك؟.
قال عبد الملك بن أبي سليمان: قلت لمحمد بن علي: " إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا " قال: هم أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ قال: قلت: فإنهم يقولون هو علي؛ قال: علي منهم.
قال بسام: سألت أبا جعفر عن الصلاة خلف بني أمية، فقال: صل خلفهم فإنا نصلي خلفهم، قال: قلت: يا أبا جعفر إن ناساً يزعمون أن هذا منك تقيةً، قال: قد كان الحسن والحسين يصليان خلف مروان يبتدران الصف وإن كان الحسين ليسبه وهو على المنبر حتى ينزل، أفتقيةٌ هذه؟ وعن أبي جعفر قال: شيعتنا ثلاثة أصناف: صنفٌ يأكلون الناس بنا، وصنفٌ كالزجاج تهشم، وصنفٌ كالذهب الأحمر كلما أدخل النار ازداد جودةً.
وعن أبي جعفر محمد بن علي، قال: يزعمون أني أنا المهدي، وأني إلى أجلي أدنى مني إلى ما يدعون، ولو أن الناس اجتمعوا على أن يأتيهم من بابٍ لخالفهم القدر حتى يأتي به من بابٍ آخر.
وعن سكينة بنت حنظلة وكانت بقباء تحت ابن عم لها توفي عنها قالت: دخل علي أبو جعفر محمد بن علي وأنا في عدتي فسلم، ثم قال: كيف أصبحت يا بنت حنظلة؟ فقلت: بخير، جعلك الله بخير، فقال: أنا من قد علمت قرابتي من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقرابتي من علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وحقي في الإسلام، وشرفي في العرب؛ فقلت: غفر الله لك يا أبا جعفر، أنت رجل يؤخذ منك ويروى عنك، تخطبني في عدتي؟ فقال: ما فعلت، إنما أخبرتك بمنزلتي من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم قال: دخل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة المخزومية، وتأيمت من أبي سلمة بن عبد الأسد وهو ابن عمها فلم يزل يذكرها منزلته من الله عز وجل حتى أثر الحصير في كفه من شدة ما كان يعتمد عليه، فما كانت تلك خطبةً.
قال جرير بن يزيد: قلت لمحمد بن علي بن حسين: عظني؛ قال: يا جرير اجعل الدنيا مالاً أصبته في منامك ثم انتبهت وليس معك منه شيء.
جاء رجلٌ إلى محمد بن علي فقال: أوصني؛ قال: هيئ جهازك وقدم زادك وارفض نفسك.
قال أبو جعفر: ما استوى رجلان في حسبٍ ودينٍ قط إلا كان أفضلهما عند الله آدبهما؛ قلت: قد علمت فضله عند الناس وفي النادي والمجالس فما فضله عند الله جل جلاله؟ قال: بقراءته القرآن من حيث أنزل ودعائه الله عز وجل من حيث لا يلحن، وذلك أن الرجل ليلحن فلا يصعد إلى الله عز وجل.
قال أبو جعفر محمد بن علي: أوصاني أبي قال: لا تصحبن خمسةً ولا تحادثهم ولا ترافقهم في طريقٍ، قال: قلت: من هؤلاء الخمسة؟ قال: لا تصحبن فاسقاً فإنه بائعك بأكلةٍ فما دونها، قلت: يا أبه وما دونها؟ قال: يطمع فيها ثم لا ينالها، قلت: يا أبه ومن الثاني؟ قال: لا تصحبن البخيل فإنه يقطع بك في ماله أحوج ما كنت إليه؛ قلت: يا أبه ومن الثالث؟ قال: لا تصحبن كذاباً فإنه بمنزلة السراب يبعد منك القريب ويقرب منك البعيد؛ قلت: يا أبه ومن الرابع؟ قال: لا تصحبن أحمق، فإنه يريد أن ينفعك فيضرك؛ قلت: يا أبه ومن الخامس؟ قال: لا تصحبن قاطع رحمٍ فإني وجدته ملعوناً في كتاب الله عز وجل في ثلاثة مواضع.
قال الوصافي: كنا يوماً عند أبي جعفر محمد بن علي، فقال لنا: يدخل أحدكم يده في كم أخيه أو قال في كيسه يأخذ حاجته؟ قلنا: لا؛ قال: ما أنتم بإخوان.
قال أبو جعفر محمد بن علي:
ما من عبادةٍ أفضل من عفة بطنٍ أو فرجٍ، وما من شيءٍ أحب إلى الله من أن
يسأل، وما يدفع القضاء إلا الدعاء، وإن أسرع الخير ثواباً البر، وإن أسرع الشر عقوبةً البغي، وكفى بالمرء عيباً أن يبصر من الناس ما يعمى عليه من نفسه، وأن يأمر للناس بما لا يستطيع التحول عنه، وأن يؤذي جليسه بما لا يعنيه.
كان أبو جعفر يتعوذ من النبطي إذا استعرب ومن العربي إذا استنبط، فقيل له: كيف يستنبط العربي؟ قال: يأخذ بأخلاقهم ويتأدب بآدابهم.
اشتكى بعض ولد محمد بن علي فجزع عليه جزعاً شديداً، ثم خبر بموته فسري عنه، فقيل له في ذلك، فقال: ندعو الله تبارك وتعالى فيما نحب، فإذا وقع ما نكره لم نخالف الله فيما أحب.
توفي محمد بن علي وهو ابن ثمانٍ وخمسين سنة؛ وتوفي سنة ثلاث عشرة ومئة، وقيل: سنة أربع عشرة ومئة، وقيل: توفي وهو ابن ثلاث وسبعين سنةً؛ وفيه اختلافٌ؛ وقيل: توفي سنة ست عشرة وقيل: سنة سبع عشرة وقيل: ثمان عشرة وقيل: توفي سنة أربع وعشرين ومئة في زمن هشام بن عبد الملك وهو ابن ثمان وخمسين سنة.
ابن أبي طالب الباقر أبو جعفر الهاشمي، باقر العلم أوفده عمر بن عبد العزيز عليه حين ولي الخلافة يستشيره في بعض أموره.
حدث عن جابر بن عبد الله قال: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا وقف على الصفا يكبر ثلاثاً، ويقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير؛ يصنع ذلك ثلاث مرات، ويدعو ويصنع على المروة مثل ذلك.
لما ولي عمر بن عبد العزيز بعث إلى الفقهاء فقربهم، وكانوا أخص الناس به؛ بعث إلى محمد بن علي بن حسين أبي جعفر، وبعث إلى غيره؛ فلما قدم أبو جعفر محمد على عمر وأراد الانصراف إلى المدينة، بينا هو جالس في الناس ينتظرون الدخول على عمر أقبل ابن حاجب عمر وكان أبوه مريضاً فقال: أين أبو جعفر ليدخل؟ فأشفق محمد بن علي أن يقوم فلا يكون هو الذي دعي به، فنادى ثلاث مرات، قال: لم يحضر يا أمير المؤمنين قال: بلى، قد حضر، حدثني بذلك الغلام؛ قال: فقد ناديته ثلاث مرات؛ قال: كيف قلت؟ قال: قلت: أين أبو جعفر؛ قال: ويحك اخرج فقل؛ أين محمد بن علي؛ فخرج فقام فدخل فحدثه ساعةً وقال: إني أريد الوداع يا أمير المؤمنين، قال عمر: فأوصني يا أبا جعفر، قال: أوصيك بتقوى الله واتخذ الكبير أباً والصغير ولداً والرجل أخاً؛ فقال:
رحمك الله جمعت لنا والله ما إن أخذنا به وأعاننا الله عليه استقام لنا الخير إن شاء الله؛ ثم خرج.
فلما انصرف إلى رحله أرسل إليه عمر: إني أريد أن آتيك فاجلس في إزارٍ ورداءٍ؛ فبعث إليه: لا بل آتيك؛ فأقسم عليه عمر، فأتاه عمر فالتزمه، فوضع صدره وأقبل يبكي، ثم جلس بين يديه ثم قام وليس لأبي جعفرٍ حاجةٌ سأله إياها إلا قضاها له وانصرف، فلم يلتقيا حتى ماتا جميعاً رحمهما الله.
وكان يقال لمحمد بن علي: باقر العلم؛ وله يقول القرظي: من السريع
يا باقر العلم لأهل التقى ... وخير من لبى على الأجبل
قال أبو الزبير:
كنا عند جابر بن عبد الله وقد كف بصره وعلت سنه، فدخل عليه علي بن الحسين ومعه ابنه محمد وهو صبي صغيرٌ، فسلم على جابرٍ وجلس، فقال لابنه محمد: قم إلى عمك فسلم عليه وقبل رأسه؛ ففعل الصبي ذلك؛ فقال جابر: من هذا؟ فقال علي: ابني؛ فضمه إليه وبكى وقال: يا محمد إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ عليك السلام؛ فقال له صحبه: وما ذاك أصلحك الله؟ فقال: كنت عند رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فدخل عليه الحسين بن علي فضمه إليه وقبله وأقعده إلى جنبه ثم قال: " يولد لابني هذا ابنٌ يقال له علي زاد في حديث آخر عنه وهو سيد العابدين، إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ من بطنان العرش: ليقم سيد العابدين فيقوم هو، ويولد له محمد إذا رأيته يا جابر فاقرأ عليه السلام مني زاد في حديث آخر عنه واعلم أن المهدي من ولده، واعلم يا جابر أن بقاءك بعده قليلٌ " فما لبث جابرٌ بعد ذلك اليوم إلا بضعة عشر يوماً حتى توفي.
وكان نقش خاتم محمد بن علي: القوة لله جميعاً.
حدث عمر بن علي وجعفر بن محمد قالا: كان محمد بن علي إذا حدث بالحديث ومعنا الألواح فذهبنا نكتب أبى أن يحدث؛
وقال: لا تكتبوا، فإنا لم نكتب احفظوا بقلوبكم؛ فكنا إذا قمنا من عنده تراجعنا حديثه الفقه.
قال عبد الله بن عطاء: ما رأيت العلماء عند أحدٍ أصغر علماً منهم عند أبي جعفر، لقد رأيت الحكم عنده كأنه متعلم.
دخل هشام بن عبد الملك بن مروان المسجد الحرام متوكئاً على مولاه سالم فنظر إلى محمد بن علي بن الحسين، وقد أحدق الناس به حتى خلا الطواف فقال: من هذا؟ فقيل له: محمد بن علي بن الحسين وفي آخر بمعناه فقال: هذا المفتون به أهل العراق؟ قال: نعم فأرسل إليه فقال: أخبرني عن يوم القيامة ما يأكل الناس فيه وما يشربون؟ فقال محمد بن علي للرسول: قل له: يحشرون على مثل قرصة النقي فيها أنهارٌ تفجر؛ فأبلغ ذلك هشاماً فرأى هشام أن قد ظفر به فقال: قل له: ما أشغلهم يومئذ عن الأكل والشرب؛ فأبلغه الرسول فقال محمد بن علي: قل له: هم والله في النار أشغل، وما شغلهم عن أن قالوا: " أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله " قال: وظهر عليه محمد بن علي.
وعن سلمة بن كهيل: في قوله: " لآياتٍ للمتوسمين " قال: كان أبو جعفر منهم.
قال عبد الله بن يحيى البزار: رأيت على أبي جعفر محمد بن علي إزاراً أصفر، وكان يصلي كل يومٍ وليلة خمسين ركعةً بالمكتوبة.
قال قيس بن النعمان: خرجت يوماً إلى بعض مقابر المدينة فإذا بصبي عند قبرٍ يبكي بكاءً شديداً، وإن وجهه ليلقي شعاعاً من نور، فقلت: أيها الصبي ما الذي عقلت له من الحزن حتى أفردك بالخلوة في مجالب الموتى والبكاء على أهل البلاء وأنت بغو الحداثة مشغولٌ عن اختلاف الأزمان وحنين الأحزان؟ فرفع رأسه وطأطأه وأطرق ساعةً لا يحير جواباً ثم قال: من البسيط
إن الصبي صبي العقل لا صغرٌ ... أزرى بذي العقل فينا لا ولا كبر
ثم قال لي: يا هذا خلي الذرع من الفكر، سليم الأحشاء من الحرقة، أمنت تقارب الأجل بطول الأمل إن الذي أفردني بالخلوة في مجالب أهل البلى تذكر قول الله عز وجل " فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون " فقلت: بأبي أنت، من أنت؟ فإني لأسمع كلاماً حسناً، فقال: إن من شقاوة أهل البلى قلة معرفتهم بأولاد الأنبياء، أن محمد بن علي بن الحسين بن علي وهذا قبر أبي فأي أنسٍ آنس من قربه وأي وحشةٍ تكون معه؛ ثم أنشأ يقول: من الكامل
ما غاض دمعي عند نازلةٍ ... إلا جعلتك للبكا سببا
إني أجل ثرىً حللت به ... من أن أرى بسواك مكتئبا
فإذا ذكرتك سامحتك به ... مني الدموع ففاض فانسكبا
قال قيس: فانصرفت وما تركت زيارة القبور مذ ذاك.
قال المدائني:
بينا محمد بن علي في فناء الكعبة أتاه أعرابي فقال له: هل رأيت الله حيث عبدته؟ فأطرق وأطرق من كان حوله، ثم رفع رأسه إليه فقال: ما كنت لأعبد شيئاً لم أره؛ فقال: وكيف رأيته؟ قال: لم تره الأبصار بمشاهدة العيان، ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان، لا يدرك بالحواس، ولا يقاس بالناس، معروفٌ بالآيات منعوثٌ بالعلامات،
لا يجور في قضيته، بان من الأشياء وبانت الأشياء منه، " ليس كمثله شيء " ذلك الله لا إله إلا هو؛ فقال الأعرابي: الله أعلم حيث يجعل رسالته.
قال محمد بن علي: اذكروا من عظمة الله جل وعلا ما شئتم ولا تذكرون منه شيئاً وهو أعظم منه، واذكروا من النار ما شئتم ولا تذكرون منها شيئاً إلا وهي أشد منه، واذكروا الجنة ما شئتم ولا تذكرون منها شيئأً إلا وهي أفضل منه.
قال عروة بن عبد الله: سألت أبا جعفر محمد بن علي: ما قولك في حلية السيف؟ قال: لا بأس به قد حلى أبو بكر الصديق سيفه؛ قلت: وتقول: الصديق؟ قال: فوثب وثبةً استقبل القبلة ثم قال: نعم الصديق نعم الصديق، ثلاثاً، فمن لم يقل الصديق فلا صدق الله قوله في الدنيا والآخرة.
وعن عروة، عن أبي جعفر، قال: كانت قائمة سيف أمير المؤمنين عمر فضية؛ قلت: أمير المؤمنين؟ قال: نعم.
وعن محمد بن علي، قال: أجمع بنو فاطمة على أن يقولوا في أبي بكر وعمر رضي الله عنهما أحسن ما يكون من القول.
قال جابر: قلت لمحمد بن علي: أكان منكم أحدٌ أهل البيت يزعم أن ذنباً من الذنوب شركٌ؟ قال: لا، قلت: أكان منكم أهل البيت أحدٌ يقر بالرجعة؟ قال: لا، قلت: أكان منكم أحد أهل البيت يسب أبا بكرٍ وعمر رضي الله عنهما؟ قال: لا، فأحبهما وتولهما واستغفر لهما زاد في آخر وما أدركت أحداً من أهل بيتي إلا وهو يتولاهما وفي آخر تولاهما وابرأ من عدوهما فإنهما كانا إمامي هدىً.
وفي آخر عن أبي جعفر محمد بن علي وجعفر بن محمد قال: أيسب الرجل جده؟ أبو بكر جدي، لا نالتني شفاعة محمدٍ يوم القيامة إن لم أكن أتولاهما وأبرأ من عدوهما.
وكانت أم جعفر بن محمد أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهم.
وعن سالم بن أبي حفصة وكان من رؤوس من يبغض أبا بكر وعمر رضي الله عنهما قال: دخلت علي أبي جعفر وهو مريض فقال وأداره قال ذلك من أجلي: اللهم إني أتولى أبا بكرٍ وعمر وأحبهما، اللهم إن كان في نفسي غير هذا فلا نالتني شفاعة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم القيامة.
وعن جابر قال: قال لي محمد بن علي: بلغني أن قوماً بالعراق يزعمون أنهم يحبوننا ويتناولون أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ويزعمون أني آمرهم بذلك، فأبلغهم أني إلى الله منهم بريء، والذي نفس محمد بيده، لو وليت لتقربت إلى الله بدمائهم، لا نالتني شفاعة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن لم أكن أستغفر لهما وأترحم عليهما، إن أعداء الله عز وجل لغافلون عنهما.
قال جابر الجعفي: قال لي أبو جعفر محمد بن علي لما ودعته: أبلغ أهل الكوفة أني بريءٌ ممن تبرأ من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.
قال حكيم بن جبير: سألت أبا جعفر عمن ينتقص أبا بكر وعمر رضي الله عنهما فقال: أولئك المراق.
وعن جعفر بن محمد قال: قال لي أبي: يا بني، إن سب أبي بكر وعمر رضي الله عنهما من الكبائر، فلا تصل خلف من يقع فيهما.
قال كثير النواء: قلت لأبي جعفر: أخبرني عن أبي بكر وعمر أظلما من حقكم شيئاً أو ذهبا به؟ قال: لا ومنزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً، ما ظلمانا من حقنا ما يزن حبة خردلٍ؛ قال: قلت: أفأتولاهما؟ قال: نعم يا كثير تولهما في الدنيا والآخرة؛ قال: وجعل يصك عنق نفسه ويقول: ما أصابك فتعتقني؛ ثم قال: برئ الله ورسوله من المغيرة بن سعيد وبنان فإنهما كذبا علينا أهل البيت؛ زاد في آخر؛ قال: كان علي بالكوفة خمس سنين فما قال لهما إلا خيراً، ولا قال لهما أبي إلا خيراً، ولا أقول إلا خيراً.
وعن أبي جعفر محمد بن علي قال: من لم يعرف فضل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فقد جهل السنة.
وعن أبي جعفر قال: إن هذه الآية نزلت في علي وأبي بكر وعمر رضي الله عنهم " ونزعنا ما في صدورهم من غل إخواناً على سررٍ متقابلين ".
وعن أبي حنيفة، عن محمد بن علي، قال:
أتيته فسلمت عليه، فقعدت إليه فقال: لا تقعد إلينا يا أخا العراق فإنكم قد نهيتم عن القعود إلينا؛ قال: فقعدت فقلت: يرحمك الله، هل شهد علي موت عمر؟ فقال: سبحان الله، أو ليس القائل: ما أحدٌ من الناس ألقى الله عز وجل بمثل علمه أحب إلي من هذا المسجى عليه ثوبه، ثم زوجه ابنته فلولا أنه رآه لها أهلاً أكان يزوجها إياه؟ وتدرون من كانت لا أبا لك اليوم؟ كانت أشرف نساء العالمين، كان جدها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأبوها علي كرم الله وجهه ذو الشرف والمنقبة في الإسلام، وأمها فاطمة بنت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورضي عنها، وأخواها حسن وحسين سيدا شباب أهل الجنة رضي الله عنهما، وجدتها خديجة رضي الله عنها؛ قلت: فإن قوماً عندنا يزعمون أنك تتبرأ منهما، وتنتقصهما فلو كتبت إليهم كتاباً بالانتفاء من ذلك؛ قال: أنت أقرب إلي منهم أمرتك أن لا تجلس إلي فلم تطعني فكيف يطيعني أولئك؟.
قال عبد الملك بن أبي سليمان: قلت لمحمد بن علي: " إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا " قال: هم أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ قال: قلت: فإنهم يقولون هو علي؛ قال: علي منهم.
قال بسام: سألت أبا جعفر عن الصلاة خلف بني أمية، فقال: صل خلفهم فإنا نصلي خلفهم، قال: قلت: يا أبا جعفر إن ناساً يزعمون أن هذا منك تقيةً، قال: قد كان الحسن والحسين يصليان خلف مروان يبتدران الصف وإن كان الحسين ليسبه وهو على المنبر حتى ينزل، أفتقيةٌ هذه؟ وعن أبي جعفر قال: شيعتنا ثلاثة أصناف: صنفٌ يأكلون الناس بنا، وصنفٌ كالزجاج تهشم، وصنفٌ كالذهب الأحمر كلما أدخل النار ازداد جودةً.
وعن أبي جعفر محمد بن علي، قال: يزعمون أني أنا المهدي، وأني إلى أجلي أدنى مني إلى ما يدعون، ولو أن الناس اجتمعوا على أن يأتيهم من بابٍ لخالفهم القدر حتى يأتي به من بابٍ آخر.
وعن سكينة بنت حنظلة وكانت بقباء تحت ابن عم لها توفي عنها قالت: دخل علي أبو جعفر محمد بن علي وأنا في عدتي فسلم، ثم قال: كيف أصبحت يا بنت حنظلة؟ فقلت: بخير، جعلك الله بخير، فقال: أنا من قد علمت قرابتي من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقرابتي من علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وحقي في الإسلام، وشرفي في العرب؛ فقلت: غفر الله لك يا أبا جعفر، أنت رجل يؤخذ منك ويروى عنك، تخطبني في عدتي؟ فقال: ما فعلت، إنما أخبرتك بمنزلتي من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم قال: دخل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة المخزومية، وتأيمت من أبي سلمة بن عبد الأسد وهو ابن عمها فلم يزل يذكرها منزلته من الله عز وجل حتى أثر الحصير في كفه من شدة ما كان يعتمد عليه، فما كانت تلك خطبةً.
قال جرير بن يزيد: قلت لمحمد بن علي بن حسين: عظني؛ قال: يا جرير اجعل الدنيا مالاً أصبته في منامك ثم انتبهت وليس معك منه شيء.
جاء رجلٌ إلى محمد بن علي فقال: أوصني؛ قال: هيئ جهازك وقدم زادك وارفض نفسك.
قال أبو جعفر: ما استوى رجلان في حسبٍ ودينٍ قط إلا كان أفضلهما عند الله آدبهما؛ قلت: قد علمت فضله عند الناس وفي النادي والمجالس فما فضله عند الله جل جلاله؟ قال: بقراءته القرآن من حيث أنزل ودعائه الله عز وجل من حيث لا يلحن، وذلك أن الرجل ليلحن فلا يصعد إلى الله عز وجل.
قال أبو جعفر محمد بن علي: أوصاني أبي قال: لا تصحبن خمسةً ولا تحادثهم ولا ترافقهم في طريقٍ، قال: قلت: من هؤلاء الخمسة؟ قال: لا تصحبن فاسقاً فإنه بائعك بأكلةٍ فما دونها، قلت: يا أبه وما دونها؟ قال: يطمع فيها ثم لا ينالها، قلت: يا أبه ومن الثاني؟ قال: لا تصحبن البخيل فإنه يقطع بك في ماله أحوج ما كنت إليه؛ قلت: يا أبه ومن الثالث؟ قال: لا تصحبن كذاباً فإنه بمنزلة السراب يبعد منك القريب ويقرب منك البعيد؛ قلت: يا أبه ومن الرابع؟ قال: لا تصحبن أحمق، فإنه يريد أن ينفعك فيضرك؛ قلت: يا أبه ومن الخامس؟ قال: لا تصحبن قاطع رحمٍ فإني وجدته ملعوناً في كتاب الله عز وجل في ثلاثة مواضع.
قال الوصافي: كنا يوماً عند أبي جعفر محمد بن علي، فقال لنا: يدخل أحدكم يده في كم أخيه أو قال في كيسه يأخذ حاجته؟ قلنا: لا؛ قال: ما أنتم بإخوان.
قال أبو جعفر محمد بن علي:
ما من عبادةٍ أفضل من عفة بطنٍ أو فرجٍ، وما من شيءٍ أحب إلى الله من أن
يسأل، وما يدفع القضاء إلا الدعاء، وإن أسرع الخير ثواباً البر، وإن أسرع الشر عقوبةً البغي، وكفى بالمرء عيباً أن يبصر من الناس ما يعمى عليه من نفسه، وأن يأمر للناس بما لا يستطيع التحول عنه، وأن يؤذي جليسه بما لا يعنيه.
كان أبو جعفر يتعوذ من النبطي إذا استعرب ومن العربي إذا استنبط، فقيل له: كيف يستنبط العربي؟ قال: يأخذ بأخلاقهم ويتأدب بآدابهم.
اشتكى بعض ولد محمد بن علي فجزع عليه جزعاً شديداً، ثم خبر بموته فسري عنه، فقيل له في ذلك، فقال: ندعو الله تبارك وتعالى فيما نحب، فإذا وقع ما نكره لم نخالف الله فيما أحب.
توفي محمد بن علي وهو ابن ثمانٍ وخمسين سنة؛ وتوفي سنة ثلاث عشرة ومئة، وقيل: سنة أربع عشرة ومئة، وقيل: توفي وهو ابن ثلاث وسبعين سنةً؛ وفيه اختلافٌ؛ وقيل: توفي سنة ست عشرة وقيل: سنة سبع عشرة وقيل: ثمان عشرة وقيل: توفي سنة أربع وعشرين ومئة في زمن هشام بن عبد الملك وهو ابن ثمان وخمسين سنة.
مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب الْقرشِي الْهَاشِمِي الْمدنِي قَالَ عَمْرو بن عَليّ مَاتَ مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن سنة أَربع عشرَة وَمِائَة وَقد اخْتلفُوا فَقَالَ بَعضهم سنة سبع عشرَة وَهُوَ يَوْمئِذٍ ابْن ثَلَاث وَسبعين سنة ويكنى ابا جَعْفَر
روى عَن جَابر بن عبد الله فِي الْوضُوء وَالصَّلَاة وَالْحج والذبائح وَغَيرهَا وَأبي مرّة مولى عقيل فِي الصَّلَاة وعبيد الله بن أبي رَافع فِي الصَّلَاة وَسَعِيد بن الْمسيب فِي الْهِبَة وَيزِيد بن هُرْمُز فِي الْجِهَاد
روى عَنهُ جَعْفَر بن مُحَمَّد وَالْأَوْزَاعِيّ وَعَمْرو بن دِينَار
روى عَن جَابر بن عبد الله فِي الْوضُوء وَالصَّلَاة وَالْحج والذبائح وَغَيرهَا وَأبي مرّة مولى عقيل فِي الصَّلَاة وعبيد الله بن أبي رَافع فِي الصَّلَاة وَسَعِيد بن الْمسيب فِي الْهِبَة وَيزِيد بن هُرْمُز فِي الْجِهَاد
روى عَنهُ جَعْفَر بن مُحَمَّد وَالْأَوْزَاعِيّ وَعَمْرو بن دِينَار
مُحَمَّد بن عَلّي بن الْحُسَيْن بن عَلّي بن أبي طَالب أَبُو جَعْفَر الْهَاشِمِي الْمَدِينِيّ
سمع جَابر بن عبد الله رَوَى عَنهُ أَبُو إِسْحَاق الْهَمدَانِي ومخول بن رَاشد وَمعمر بن يَحْيَى بن بسام فِي (الْغسْل) قَالَ جَعْفَر ابْنه مَاتَ وَهُوَ ابْن ثَمَان وَخمسين سنة قَالَ البُخَارِيّ وَمُحَمّد بن سعد قَالَ أَبُو نعيم مَاتَ سنة 114 وَكَذَلِكَ قَالَ عَلّي بن جَعْفَر بن مُحَمَّد مثل أبي نعيم قَالَ الذهلي وَفِيمَا كتب إِلَيّ أَبُو نعيم مثله قَالَ أَبُو نصر وَكَانَ مولده سنة سِتّ وَخمسين قَالَ الذهلي قَالَ يَحْيَى بن بكير يَعْنِي مَاتَ سنة 117 سنه ثَلَاث وَسَبْعُونَ وَقَالَ عَمْرو بن عَلّي مَاتَ سنة 114 وَقَالَ بَعضهم سنة سبع عشرَة وَالصَّحِيح سنة أَربع عشرَة وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَسبعين قَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ مَاتَ سنة 115 وَقَالَ الْوَاقِدِيّ مَاتَ سنة سبع عشرَة وَمِائَة وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَسبعين سنة قَالَ ابْن سعد قَالَ الْهَيْثَم توفّي سنة 118 وَقَالَ ابْن أبي شيبَة مَاتَ سنة 114 وَقَالَ ابْن نمير مَاتَ سنة 117 قَالَ البُخَارِيّ حَدثنِي مُحَمَّد بن بشار قَالَ نَا غنْدر قَالَ نَا شُعْبَة عَن مخول بن رَاشد عَن مُحَمَّد بن عَلّي عَن جَابر بن عبد الله قَالَ (كَانَ النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يفرغ عَلَى رَأسه ثَلَاثًا) قَالَ وحَدثني عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ نَا يَحْيَى بن آدم قَالَ نَا زُهَيْر
عَن أبي إِسْحَاق قَالَ نَا أَبُو جَعْفَر أَنه كَانَ عِنْد جَابر بن عبد الله هُوَ وَأَبوهُ وَعِنْده قوم فَسَأَلُوهُ عَن الْغسْل فَقَالَ (يَكْفِيك صَاع) وَذكر الحَدِيث وَقَالَ نَا أَبُو نعيم قَالَ نَا معمر بن يَحْيَى بن سَام قَالَ حَدثنِي أَبُو جَعْفَر قَالَ قَالَ لي جَابر بن عبد الله أَتَانِي ابْن عمك يعرض بالْحسنِ بن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة قَالَ كَيفَ الْغسْل من الْجَنَابَة الحَدِيث
سمع جَابر بن عبد الله رَوَى عَنهُ أَبُو إِسْحَاق الْهَمدَانِي ومخول بن رَاشد وَمعمر بن يَحْيَى بن بسام فِي (الْغسْل) قَالَ جَعْفَر ابْنه مَاتَ وَهُوَ ابْن ثَمَان وَخمسين سنة قَالَ البُخَارِيّ وَمُحَمّد بن سعد قَالَ أَبُو نعيم مَاتَ سنة 114 وَكَذَلِكَ قَالَ عَلّي بن جَعْفَر بن مُحَمَّد مثل أبي نعيم قَالَ الذهلي وَفِيمَا كتب إِلَيّ أَبُو نعيم مثله قَالَ أَبُو نصر وَكَانَ مولده سنة سِتّ وَخمسين قَالَ الذهلي قَالَ يَحْيَى بن بكير يَعْنِي مَاتَ سنة 117 سنه ثَلَاث وَسَبْعُونَ وَقَالَ عَمْرو بن عَلّي مَاتَ سنة 114 وَقَالَ بَعضهم سنة سبع عشرَة وَالصَّحِيح سنة أَربع عشرَة وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَسبعين قَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ مَاتَ سنة 115 وَقَالَ الْوَاقِدِيّ مَاتَ سنة سبع عشرَة وَمِائَة وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَسبعين سنة قَالَ ابْن سعد قَالَ الْهَيْثَم توفّي سنة 118 وَقَالَ ابْن أبي شيبَة مَاتَ سنة 114 وَقَالَ ابْن نمير مَاتَ سنة 117 قَالَ البُخَارِيّ حَدثنِي مُحَمَّد بن بشار قَالَ نَا غنْدر قَالَ نَا شُعْبَة عَن مخول بن رَاشد عَن مُحَمَّد بن عَلّي عَن جَابر بن عبد الله قَالَ (كَانَ النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يفرغ عَلَى رَأسه ثَلَاثًا) قَالَ وحَدثني عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ نَا يَحْيَى بن آدم قَالَ نَا زُهَيْر
عَن أبي إِسْحَاق قَالَ نَا أَبُو جَعْفَر أَنه كَانَ عِنْد جَابر بن عبد الله هُوَ وَأَبوهُ وَعِنْده قوم فَسَأَلُوهُ عَن الْغسْل فَقَالَ (يَكْفِيك صَاع) وَذكر الحَدِيث وَقَالَ نَا أَبُو نعيم قَالَ نَا معمر بن يَحْيَى بن سَام قَالَ حَدثنِي أَبُو جَعْفَر قَالَ قَالَ لي جَابر بن عبد الله أَتَانِي ابْن عمك يعرض بالْحسنِ بن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة قَالَ كَيفَ الْغسْل من الْجَنَابَة الحَدِيث
مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب كنيته أَبُو جَعْفَر وَهُوَ وَالِد جَعْفَر بن مُحَمَّد يروي عَن جَابر بْن عَبْد الله روى عَنهُ عَمْرو بْن دِينَار وجعفر بن مُحَمَّد مَاتَ سنة أَربع عشرَة وَمِائَة بِالْمَدِينَةِ وَقد قِيلَ سنة ثَمَان عشرَة ومائه وَهُوَ الَّذِي يروي عَنهُ الْأَوْزَاعِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن بن عَبَّاس الْعَائِد فِي هِبته وَكَانَ لَهُ يَوْم مَاتَ ثَلَاث وَسِتُّونَ سنة وَكَانَ يخضب بالوسمة وَأمه أم عبد الله بنت الْحسن بْن عَليّ بْن أبي طَالب
محمد بن عبد الله بن سليمان أبو جعفر الحضرمي الكوفي الحافظ المعروف بالمطين.
حافظ ثقة حدث عن احمد بن عبد الله بن يونس وأبي نعيم صوار بن صرد وأحمد بن حنبل وأحمد بن الجعد وعبيد بن يعيش وطاهر بن أبي أحمد الزبيري في نحو من ثلاثمائة شيخ وجمع المسند.
حدث عنه أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي في صحيحه وأبو القاسم الطبراني توفي في ربيع الأول من سنة سبع وتسعين ومائتين.
أخبرنا عمر بن محمد بن طبرزد أنا علي بن طراد أنا إسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي أنا حمزة بن يوسف السهمي قال سألت أبا الحسن علي بن عمر بن مهدي الخافظ عن محمد بن سليمان مطين فقال ثقة جبل.
أخبرنا أبو الفخر أسعد بن سعيد بن روح بأصبهان قال أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله أنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن ريذة أنا سليمان بن أحمد الطبراني أنا أبو جعفر محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا سعيد بن عمرو الأشعثي ثنا حفص بن غياث عن عاصم الأحول عن أبي عثمان النهدي عن سلمان الفارسي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم اشمط زان وعائل مستكبر ورجل جعل الله له بضاعة فلا يبيع إلا بيمينه ولا يشتري إلا بيمينه"1.
قال الطبراني لم يروه عن عاصم إلا حفص.
حافظ ثقة حدث عن احمد بن عبد الله بن يونس وأبي نعيم صوار بن صرد وأحمد بن حنبل وأحمد بن الجعد وعبيد بن يعيش وطاهر بن أبي أحمد الزبيري في نحو من ثلاثمائة شيخ وجمع المسند.
حدث عنه أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي في صحيحه وأبو القاسم الطبراني توفي في ربيع الأول من سنة سبع وتسعين ومائتين.
أخبرنا عمر بن محمد بن طبرزد أنا علي بن طراد أنا إسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي أنا حمزة بن يوسف السهمي قال سألت أبا الحسن علي بن عمر بن مهدي الخافظ عن محمد بن سليمان مطين فقال ثقة جبل.
أخبرنا أبو الفخر أسعد بن سعيد بن روح بأصبهان قال أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله أنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن ريذة أنا سليمان بن أحمد الطبراني أنا أبو جعفر محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا سعيد بن عمرو الأشعثي ثنا حفص بن غياث عن عاصم الأحول عن أبي عثمان النهدي عن سلمان الفارسي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم اشمط زان وعائل مستكبر ورجل جعل الله له بضاعة فلا يبيع إلا بيمينه ولا يشتري إلا بيمينه"1.
قال الطبراني لم يروه عن عاصم إلا حفص.
مُحَمَّد بْن حَاطِب بْن الْحَارِث بْن معمر بْن حبيب بْن وهب بْن حذافة بْن جمح الْقرشِي كنيته أَبُو إِبْرَاهِيم خرج أَبوهُ حَاطِب إِلَى النَّجَاشِيّ مَعَ جَعْفَر بْن أبي طَالب فولد لَهُ مُحَمَّد بْن حَاطِب فِي السَّفِينَة سكن الْكُوفَة حَدِيثه عِنْد سماك بْن حَرْب وَأمه أم جميل بنت المجلل بْن عَبْد بْن أبي قيس بْن عَبْد ود من مهاجرات الْحَبَشَة مَاتَ مُحَمَّد بْن حَاطِب فِي ولَايَة عَبْد الْملك بْن مَرْوَان
مُحَمَّدُ بْنُ حَاطِبِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ مَعْمَرِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ وَهْبِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ جُمَحٍ
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ يُوسُفَ الْمُطَّوِّعِيُّ، نا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو، نا شَرِيكُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ قَالَ: دَنَيْتُ إِلَى قِدْرِ أَهْلِي وَأَنَا صَبِيُّ فَوَقَعَتْ يَدِي فِيهَا فَاحْتَرَقَتْ فَاحْتَمَلَتْنِي أُمِّي إِلَى رَجُلٍ بِالْبَطْحَاءِ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاطِبٍ احْتَرَقَتْ يَدُهُ «فَجَعَلَ يَنْفُثُ وَيَتَكَلَّمُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْغَلَابِيُّ، نا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ الدَّارِمِيُّ، نا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بَلْجٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ الْجُمَحِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَصْلُ مَا بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ الدُّفُوفُ وَالصَّوْتُ فِي النِّكَاحِ»
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى , نا الْحُمَيْدِيُّ , نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ , عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: لَمَّا قَدِمَتْ بِي أُمِّي مِنَ الْحَبَشَةِ حِينَ مَاتَ حَاطِبٌ , جَاءَتْ بِي أُمِّي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِيَدِي حَرْقٌ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَاطِبِ ابْنِ أَخِيكَ «فَمَسَحَ رَأْسِي وَدَعَا لِي بِالْبَرَكَةِ فِي ذُرِّيَّتِي»
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ يُوسُفَ الْمُطَّوِّعِيُّ، نا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو، نا شَرِيكُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ قَالَ: دَنَيْتُ إِلَى قِدْرِ أَهْلِي وَأَنَا صَبِيُّ فَوَقَعَتْ يَدِي فِيهَا فَاحْتَرَقَتْ فَاحْتَمَلَتْنِي أُمِّي إِلَى رَجُلٍ بِالْبَطْحَاءِ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاطِبٍ احْتَرَقَتْ يَدُهُ «فَجَعَلَ يَنْفُثُ وَيَتَكَلَّمُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْغَلَابِيُّ، نا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ الدَّارِمِيُّ، نا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بَلْجٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ الْجُمَحِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَصْلُ مَا بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ الدُّفُوفُ وَالصَّوْتُ فِي النِّكَاحِ»
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى , نا الْحُمَيْدِيُّ , نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ , عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: لَمَّا قَدِمَتْ بِي أُمِّي مِنَ الْحَبَشَةِ حِينَ مَاتَ حَاطِبٌ , جَاءَتْ بِي أُمِّي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِيَدِي حَرْقٌ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَاطِبِ ابْنِ أَخِيكَ «فَمَسَحَ رَأْسِي وَدَعَا لِي بِالْبَرَكَةِ فِي ذُرِّيَّتِي»
وَمُحَمَّدُ بْنُ حَاطِبِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ مَعْمَرِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ وَهْبِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ جَمحِ بْنِ عَمْرِو بْنِ هَصِيصِ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ الْجُمَحِيِّ وَأُمُّهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْمُجَلِّلِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَيْسِ بْنِ عَبْدِ وُدِّ بْنِ نَصْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلٍ، هَاجَرَ بِهِ أَبَوَاهُ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ سُمِّيَ فِي الْإِسْلَامِ بِمُحَمَّدٍ، يُكْنَى أَبَا إِبْرَاهِيمَ، تُوُفِّيَ أَبُوهُ بِالْحَبَشَةِ مُسْلِمًا، وَقِيلَ: إِنَّهُ وُلِدَ بِالْحَبَشَةِ، وَقِيلَ وُلِدَ فِي السَّفِينَةِ، خَرَجَتْ أُمُّهُ مُهَاجِرَةً وَهِيَ مُتِمُّ، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ بِالْكُوفَةِ فِي أَيَّامِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَقِيلَ: إِنَّهُ مَاتَ بِمَكَّةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ
- حَدَّثَنَا فَارُوقُ بْنُ عَبْدِ الْكَبِيرِ، ثنا زِيَادُ بْنُ الْخَلِيلِ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، ثنا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ " فِي تَسْمِيَةِ مَنْ هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ: الْحَارِثُ وَمُحَمَّدُ ابْنَا حَاطِبِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ مَعْمَرٍ وَأُمُّهُمَا بِنْتُ الْمُجَلِّلِ، وَتُوُفِّيَ أَبُوهُمَا حَاطِبُ بْنُ الْحَارِثِ، يَقُولُ: وَقَعَتْ عَلَى يَدِي الْقِدْرُ فَاحْتَرَقَتْ، فَانْطَلَقَتْ بِي أُمِّي إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ يَتْفُلُ عَلَيْهَا وَيَقُولُ: «أَذْهِبِ الْبَأْسَ رَبَّ النَّاسِ» ، وَأَحْسِبُهُ قَالَ: «وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِ» رَوَاهُ مِسْعَرُ وشَرِيكٌ، وَعَمْرُو بْنُ أَبِي قَيْسٍ، وَزَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، وَقَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، كُلُّهُمْ عَنْ سِمَاكٍ، وَزَادَ زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ فِي حَدِيثِهِ فَقُلتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: «لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ»
- حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا الْقَاسِمُ بْنُ فُورَكٍ، ثنا إِبْرَاهِيم الْهَرَوِيُّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي الْحَارِثُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ، قَالَ: " لَمَّا قَدِمْنَا مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ خَرَجَتْ بِي أُمِّي إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا ابْنُ أَخِيكَ حَاطِبٍ، وَقَدْ أَصَابَهُ هَذَا الْحَرْقُ مِنَ النَّارِ، قَالَ مُحَمَّدٌ: فَلَا أَكْذِبُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَدْرِي نَفَثَ، أَوْ بَزَقَ، وَمَا أَدْرِي فِي أَيِّ يَدِي كَانَ ذَاكَ الْحَرْقُ، فَمَسَحَ عَلَى رَأْسِي وَدَعَا فِيَّ بِالْبَرَكَةِ، وَفِي ذُرِّيَّتِي "
- حَدَّثَنَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، ثنا الْحُمَيْدِيُّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ الْجُمَحِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ، قَالَ: «لَمَّا قَدِمَتْ بِي أُمِّي مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ حِينَ مَاتَ حَاطِبٌ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً»
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ، ثنا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى زَحْمَوَيْهِ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ أُمِّهِ أُمِّ جَمِيلٍ بِنْتِ الْمُجَلِّلِ، قَالَتْ: " أَقْبَلْتُ بِكَ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ حَتَّى إِذَا كُنْتَ بِالْمَدِينَةِ عَلَى لَيْلَةٍ أَوْ لَيْلَتَيْنِ طَبَخْتُ لَكَ طَبِيخًا فَفَنِيَ الْحَطَبُ، فَذَهَبْتُ أَطْلُبُهُ، فَتَنَاوَلْتَ الْقِدْرَ فَانْكَفَأَتْ عَلَى ذِرَاعَيْكَ، فَقَدِمْتُ بِكَ الْمَدِينَةَ، فَأَتَيْتُ بِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاطِبٍ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ سُمِّيَ بِكَ، قَالَت: فَتَفَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فِيكَ، وَمَسَحَ عَلَى رَأْسِكَ وَدَعَا لَكَ " وَرَوَاهُ أَبُو مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ نَحْوَهُ
- حَدَّثَنَا فَارُوقٌ الْخَطَّابِيُّ، ثنا أَبُو خَالِدٍ الْقُرَشِيُّ، ثنا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بَلْجٍ، عَنْ مَوْلًى لِمُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَصْلٌ بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، الصَّوْتُ وَالضَّرْبُ بِالدُّفِّ» رَوَاهُ مُسَدَّدٌ، وَعَفَّانُ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بَلْجٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ نَفْسِهِ، وَرَوَاهُ هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بَلْجٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ
- حَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا هُشَيْمٌ، ثنا أَبُو بَلْجٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ سُهَيْلٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، ثنا أَبُو مُصْعَبٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ قُدَامَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْخُذُ مِنْ شَارِبِهِ وَظُفْرِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ»
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَرْقِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِي، ثنا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا حُرِمَ أَحَدُكُمُ الزَّوْجَةَ وَالْوَلَدَ فَعَلَيْهِ بِالْجِهَادِ»
- حَدَّثَنَا فَارُوقُ بْنُ عَبْدِ الْكَبِيرِ، ثنا زِيَادُ بْنُ الْخَلِيلِ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، ثنا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ " فِي تَسْمِيَةِ مَنْ هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ: الْحَارِثُ وَمُحَمَّدُ ابْنَا حَاطِبِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ مَعْمَرٍ وَأُمُّهُمَا بِنْتُ الْمُجَلِّلِ، وَتُوُفِّيَ أَبُوهُمَا حَاطِبُ بْنُ الْحَارِثِ، يَقُولُ: وَقَعَتْ عَلَى يَدِي الْقِدْرُ فَاحْتَرَقَتْ، فَانْطَلَقَتْ بِي أُمِّي إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ يَتْفُلُ عَلَيْهَا وَيَقُولُ: «أَذْهِبِ الْبَأْسَ رَبَّ النَّاسِ» ، وَأَحْسِبُهُ قَالَ: «وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِ» رَوَاهُ مِسْعَرُ وشَرِيكٌ، وَعَمْرُو بْنُ أَبِي قَيْسٍ، وَزَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، وَقَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، كُلُّهُمْ عَنْ سِمَاكٍ، وَزَادَ زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ فِي حَدِيثِهِ فَقُلتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: «لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ»
- حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا الْقَاسِمُ بْنُ فُورَكٍ، ثنا إِبْرَاهِيم الْهَرَوِيُّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي الْحَارِثُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ، قَالَ: " لَمَّا قَدِمْنَا مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ خَرَجَتْ بِي أُمِّي إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا ابْنُ أَخِيكَ حَاطِبٍ، وَقَدْ أَصَابَهُ هَذَا الْحَرْقُ مِنَ النَّارِ، قَالَ مُحَمَّدٌ: فَلَا أَكْذِبُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَدْرِي نَفَثَ، أَوْ بَزَقَ، وَمَا أَدْرِي فِي أَيِّ يَدِي كَانَ ذَاكَ الْحَرْقُ، فَمَسَحَ عَلَى رَأْسِي وَدَعَا فِيَّ بِالْبَرَكَةِ، وَفِي ذُرِّيَّتِي "
- حَدَّثَنَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، ثنا الْحُمَيْدِيُّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ الْجُمَحِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ، قَالَ: «لَمَّا قَدِمَتْ بِي أُمِّي مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ حِينَ مَاتَ حَاطِبٌ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً»
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ، ثنا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى زَحْمَوَيْهِ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ أُمِّهِ أُمِّ جَمِيلٍ بِنْتِ الْمُجَلِّلِ، قَالَتْ: " أَقْبَلْتُ بِكَ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ حَتَّى إِذَا كُنْتَ بِالْمَدِينَةِ عَلَى لَيْلَةٍ أَوْ لَيْلَتَيْنِ طَبَخْتُ لَكَ طَبِيخًا فَفَنِيَ الْحَطَبُ، فَذَهَبْتُ أَطْلُبُهُ، فَتَنَاوَلْتَ الْقِدْرَ فَانْكَفَأَتْ عَلَى ذِرَاعَيْكَ، فَقَدِمْتُ بِكَ الْمَدِينَةَ، فَأَتَيْتُ بِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاطِبٍ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ سُمِّيَ بِكَ، قَالَت: فَتَفَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فِيكَ، وَمَسَحَ عَلَى رَأْسِكَ وَدَعَا لَكَ " وَرَوَاهُ أَبُو مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ نَحْوَهُ
- حَدَّثَنَا فَارُوقٌ الْخَطَّابِيُّ، ثنا أَبُو خَالِدٍ الْقُرَشِيُّ، ثنا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بَلْجٍ، عَنْ مَوْلًى لِمُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَصْلٌ بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، الصَّوْتُ وَالضَّرْبُ بِالدُّفِّ» رَوَاهُ مُسَدَّدٌ، وَعَفَّانُ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بَلْجٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ نَفْسِهِ، وَرَوَاهُ هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بَلْجٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ
- حَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا هُشَيْمٌ، ثنا أَبُو بَلْجٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ سُهَيْلٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، ثنا أَبُو مُصْعَبٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ قُدَامَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْخُذُ مِنْ شَارِبِهِ وَظُفْرِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ»
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَرْقِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِي، ثنا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا حُرِمَ أَحَدُكُمُ الزَّوْجَةَ وَالْوَلَدَ فَعَلَيْهِ بِالْجِهَادِ»
محمد بْن حاطب بْن الْحَارِث بْن مَعْمَر بن حبيب بن وهب بن حذافة ابن جمح القرشي الْجُمَحِيّ.
ولد بأرض الحبشة، كانت أمه أم جميل فاطمة بِنْت المجلل. وقيل جويرية، [وقيل أَسْمَاء] بِنْت المجلل بْن عَبْد الله بن أبى قيس ابن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل ابن عَامِر بْن لؤي القرشية العامرية، قد هاجرت إليها مع زوجها حاطب، فولدت لَهُ هناك محمدا والحارث ابني حاطب، وَكَانَ مُحَمَّد بْن حاطب يكنى أَبَا الْقَاسِم وقيل: أَبَا إِبْرَاهِيم. توفي فِي خلافة عَبْد الْمَلِكِ بْن مَرَوَان سنة أربع وسبعين بمكة فِي العام الَّذِي توفي فِيهِ عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر بمكة. وقيل بالكوفة، وعداده فِي الكوفيين وَقَالَ مصعب: كَانَ ابْن حاطب فِي حين قدومه من أرض الحبشة وَهُوَ صبي قد أصابته نار فِي إحدى يديه وأحرقته، فذهبت بِهِ أم جميل بِنْت المجلل إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرقاه ونفث عَلَيْهِ.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمن بن عثمان ابن إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي عُثْمَانُ، عَنْ جَدِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ أُمِّهِ أُمِّ جَمِيلٍ أُمِّ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ، قَالَتْ: خَرَجْتُ بِكَ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ، حَتَّى إِذَا كُنْتَ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى لَيْلَةٍ أَوْ لَيْلَتَيْنِ طَبَخْتُ لَكَ طَعَامًا، فَتَنَاوَلْتُ الْقِدْرَ، فَانْكَفَأَتْ عَلَى ذِرَاعِكَ، فَقَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، وَأَتَيْتُ بِكَ النبي الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاطِبٍ، وَهُوَ أول من
سُمِّيَ بِكَ، فَمَسَحَ عَلَى رَأْسِكَ، وَدَعَا بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ تَفَلَ فِي فِيكَ، وَجَعَلَ يَتْفُلُ عَلَى يَدِكَ، وَيَقُولُ: أَذْهِبِ الْبَأْسَ رَبَّ النَّاسِ، اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لا شِفَاءَ إِلا شِفَاؤُكَ. شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا قالت: فما قمت بك من عنده حَتَّى برئت يدك.
وقال مصعب: كانت أَسْمَاء بِنْت عميس أرضعت مُحَمَّد بْن حاطب مع ابنها عَبْد اللَّهِ بْن جَعْفَر، فكانا يتواصلان على ذَلِكَ حَتَّى ماتا. روى عَنْهُ أَبُو بلج، وسماك بْن حرب، وَأَبُو عون الثقفي.
ولد بأرض الحبشة، كانت أمه أم جميل فاطمة بِنْت المجلل. وقيل جويرية، [وقيل أَسْمَاء] بِنْت المجلل بْن عَبْد الله بن أبى قيس ابن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل ابن عَامِر بْن لؤي القرشية العامرية، قد هاجرت إليها مع زوجها حاطب، فولدت لَهُ هناك محمدا والحارث ابني حاطب، وَكَانَ مُحَمَّد بْن حاطب يكنى أَبَا الْقَاسِم وقيل: أَبَا إِبْرَاهِيم. توفي فِي خلافة عَبْد الْمَلِكِ بْن مَرَوَان سنة أربع وسبعين بمكة فِي العام الَّذِي توفي فِيهِ عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر بمكة. وقيل بالكوفة، وعداده فِي الكوفيين وَقَالَ مصعب: كَانَ ابْن حاطب فِي حين قدومه من أرض الحبشة وَهُوَ صبي قد أصابته نار فِي إحدى يديه وأحرقته، فذهبت بِهِ أم جميل بِنْت المجلل إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرقاه ونفث عَلَيْهِ.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمن بن عثمان ابن إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي عُثْمَانُ، عَنْ جَدِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ أُمِّهِ أُمِّ جَمِيلٍ أُمِّ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ، قَالَتْ: خَرَجْتُ بِكَ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ، حَتَّى إِذَا كُنْتَ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى لَيْلَةٍ أَوْ لَيْلَتَيْنِ طَبَخْتُ لَكَ طَعَامًا، فَتَنَاوَلْتُ الْقِدْرَ، فَانْكَفَأَتْ عَلَى ذِرَاعِكَ، فَقَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، وَأَتَيْتُ بِكَ النبي الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاطِبٍ، وَهُوَ أول من
سُمِّيَ بِكَ، فَمَسَحَ عَلَى رَأْسِكَ، وَدَعَا بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ تَفَلَ فِي فِيكَ، وَجَعَلَ يَتْفُلُ عَلَى يَدِكَ، وَيَقُولُ: أَذْهِبِ الْبَأْسَ رَبَّ النَّاسِ، اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لا شِفَاءَ إِلا شِفَاؤُكَ. شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا قالت: فما قمت بك من عنده حَتَّى برئت يدك.
وقال مصعب: كانت أَسْمَاء بِنْت عميس أرضعت مُحَمَّد بْن حاطب مع ابنها عَبْد اللَّهِ بْن جَعْفَر، فكانا يتواصلان على ذَلِكَ حَتَّى ماتا. روى عَنْهُ أَبُو بلج، وسماك بْن حرب، وَأَبُو عون الثقفي.
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ حَسَنِ ابْنِ السَّيِّدِ الحَسَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ الهَاشِمِيُّ
(د، ت، س) الحَسَنِيُّ، المَدَنِيُّ، الأَمِيْرُ، الوَاثبُ عَلَى المَنْصُوْرِ، هُوَ وَأَخُوْهُ إِبْرَاهِيْمُ.
حَدَّثَ عَنْ: نَافِعٍ، وَأَبِي الزِّنَادِ.
وَعَنْهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ المَخْرَمِيُّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ نَافِعٍ الصَّائِغُ.
وَثَّقَهُ: النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ.
حَجَّ المَنْصُوْرُ سنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ، فَاسْتَعْمَلَ عَلَى المَدِيْنَةِ رِيَاحاً المُرِّيَّ، وَقَدْ قَلِقَ لِتَخَلُّفِ ابْنَيْ حَسَنٍ عَنِ المَجِيْءِ إِلَيْهِ.
فَيُقَالُ: إِنَّ المَنْصُوْرَ لَمَّا كَانَ حَجَّ قَبْلَ أَيَّامِ السَّفَّاحِ، كَانَ فِيْمَا قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ - إِذِ اشْتَوَرَ بَنُو هَاشِمٍ بِمَكَّةَ فِيْمَنْ يَعقِدُوْنَ لَهُ بِالخِلاَفَةِ حِيْنَ اضْطَرَبَ أَمرُ بَنِي أُمَيَّةَ -: كَانَ المَنْصُوْرُ مِمَّنْ بَايَعَ لِي.
وَسَأَلَ المَنْصُوْرُ زِيَاداً مُتَوَلِّي المَدِيْنَةِ عَنِ ابْنَيْ حَسَنٍ، قَالَ: مَا يَهُمُّك مِنْهُمَا، أَنَا آتِيْكَ بِهِمَا.
وَقَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عِمْرَانَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي عُبَيْدَةَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَمَّارٍ، قَالَ:
اسْتُخلِفَ المَنْصُوْرُ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ هَمٌّ إِلاَّ طَلَبُ مُحَمَّدٍ، وَالمَسْأَلَةِ عَنْهُ.
فَدَعَا بَنِي هَاشِمٍ وَاحِداً وَاحِداً، يَخلُو بِهِ، وَيَسْأَلُه، فَيَقُوْلُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! قَدْ عَرَفَ أَنَّكَ قَدْ عَرَفْتَه يَطْلُبُ هَذَا الشَّأْنَ قَبْلَ اليَوْمِ، فَهُوَ يَخَافُكَ، وَهُوَ الآنَ لاَ يُرِيْدُ لَكَ خِلاَفاً.
وَأَمَّا حَسَنُ بنُ زَيْدِ بنِ حَسَنٍ فَأَخْبَرَهُ بِأَمرِه، وَقَالَ: لاَ آمَنُ أَنْ يَخْرُجَ.فَاشْتَرَى المَنْصُوْرُ رَقِيْقاً مِنَ العَرَبِ، فَكَانَ يُعْطِي الوَاحِدَ مِنْهُمُ البَعِيْرَيْنِ، وَفَرَّقَهم فِي طَلَبِه، وَهُوَ مُختَفٍ.
وَقَالَ لِعُقْبَةَ السِّنْدِيِّ: اخْفِ شَخْصَكَ، وَاسْتَتِرْ، ثُمَّ ائْتِنِي وَقْتَ كَذَا.
فَأَتَاهُ، فَقَالَ: إِنَّ بَنِي عَمِّنَا قَدْ أَبَوْا إِلاَّ كَيداً لَنَا، وَلَهُم شِيْعَةٌ بِخُرَاسَانَ يُكَاتِبُونَهُم، وَيُرسِلُوْنَ إِلَيْهِم بِصَدَقَاتِهِم، فَاخرُجْ إِلَيْهِم بِكِسْوَةٍ وَأَلطَافٍ، حَتَّى تَأْتِيَهُم مُتَنَكِّراً، فَحسَّهُم لِي، فَاشْخَصْ حَتَّى تَلقَى عَبْدَ اللهِ بنَ حَسَنٍ مُتَقَشِّفاً، فَإِنْ جَبَهَكَ، وَهُوَ فَاعِلٌ، فَاصْبِرْ، وَعَاوِدْهُ حَتَّى يَأنَسَ بِكَ، فَإِذَا ظَهَرَ لَكَ، فَاعجَلْ عَلَيَّ.
فَذَهَبَ عُقْبَةُ، فَلَقِيَ عَبْدَ اللهِ بِالكِتَابِ، فَانْتَهَرَه، وَقَالَ: مَا أَعْرِفُ هَؤُلاَءِ.
فَلَمْ يَزَلْ يَعُودُ إِلَيْهِ، حَتَّى قَبِلَ الكِتَابَ وَالهَدِيَّةَ.
فَسَأَلَه عُقْبَةُ الجَوَابَ، فَقَالَ: لاَ أَكْتُبُ إِلَى أَحَدٍ، فَأَنْتَ كِتَابِي إِلَيْهِم، وَأَخْبِرْهُم أَنَّ ابْنَيَّ خَارِجَانِ لِوقْتِ كَذَا.
وَقَالَ: فَأَسرَعَ بِهَا عُقْبَةُ إِلَى المَنْصُوْرِ.
وَقِيْلَ: كَانَ ابْنَا حَسَنٍ مَنْهُومَيْنِ بِالصَّيدِ.
وَقَالَ المَدَائِنِيُّ: قَدِمَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ فِي أَرْبَعِيْنَ رَجُلاً مُتَخَفِّياً، فَأَتَى عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عُثْمَانَ، فَقَالَ لَهُ: أَهْلَكْتَنِي، فَانزِلْ عِنْدِي، وَفَرِّقْ أَصْحَابَك.
فَأَبَى، فَقَالَ: انْزِلْ فِي بَنِي رَاسِبٍ.
فَفَعَلَ.
وَقِيْلَ: أَقَامَ مُحَمَّدٌ يَدْعُو النَّاسَ سِرّاً.
وَقِيْلَ: نَزَلَ بِعَبْدِ اللهِ بنِ سُفْيَانَ المُرِّيِّ أَيَّاماً، وَحَجَّ المَنْصُوْرُ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ، فَأَكرَمَ عَبْدَ اللهِ بنَ حَسَنٍ، ثُمَّ قَالَ لِعُقْبَةَ: تَرَاءَ لَهُ.
ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ! قَدْ عَلِمتَ مَا أَعْطَيْتَنِي مِنَ العُهُودِ.
قَالَ: أَنَا عَلَى ذَلِكَ.
فَتَرَاءى لَهُ عُقْبَةُ، وَغَمَزَهُ، فَأَبْلَسَ عَبْدُ اللهِ، وَقَالَ: أَقِلْنِي يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! أَقَالَكَ اللهُ.
قَالَ: كَلاَّ.
وَسَجَنَهُ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ قَالَ لَهُ: أَرَى ابْنَيْكَ قَدِ اسْتَوْحَشَا مِنِّي، وَإِنِّي لأُحِبُّ قُرْبَهُمَا.قَالَ: مَا لِي بِهِمَا عِلْمٌ، وَقَدْ خَرَجَا عَنْ يَدِي.
وَقِيْلَ: هَمَّ الأَخَوَانِ بِاغتِيَالِ المَنْصُوْرِ بِمَكَّةَ، وَوَاطَأَهُمَا قَائِدٌ كَبِيْرٌ، فَفَهِمَ المَنْصُوْرُ، فَتَحَرَّزَ، وَهَرَبَ القَائِدُ، وَتَحَيَّلَ المَنْصُوْرُ مِنْ زِيَادٍ، فَقَبَضَ عَلَيْهِ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى المَدِيْنَةِ مُحَمَّدَ بنَ خَالِدٍ القَسْرِيَّ، وَبَذَلَ لَهُ أَزْيَدَ مِنْ مائَةِ أَلْفِ دِيْنَارٍ إِعَانَةً، فَعَجَزَ، فَعَزَلَهُ بِرِيَاحِ بنِ عُثْمَانَ بنِ حَيَّانَ المُرِّيِّ، وَعُذِّبَ القَسْرِيُّ.
فَأُخْبِرَ رِيَاحٌ بِأَنَّ مُحَمَّدَ بنَ عَبْد اللهِ فِي شِعْبِ رَضْوَى مِنْ أَرْضِ يَنْبُعَ.
فَنَدَبَ لَهُ عَمْرَو بنَ عُثْمَانَ الجُهَنِيَّ، فَكَبَسَه لَيْلَةً، فَفَرَّ مُحَمَّدٌ، وَمَعَهُ وَلَدٌ، فَوَقَعَ مِنْ جَبَلٍ مِنْ يَدِ أُمِّه، فَتَقَطَّعَ.
وَفِيْهِ يَقُوْلُ أَبُوْهُ:
مُنْخَرِقُ السِّربَالِ يَشْكُو الوَجَى ... تَنكُبُهُ أَطرَافُ مَرْوٍ حِدَادْ
شَرَّدَهُ الخَوْفُ وَأَزْرَى بِهِ ... كَذَاكَ مَنْ يَكْرَهُ حَرَّ الجِلاَدْ
قَدْ كَانَ فِي المَوْتِ لَهُ رَاحَةٌ ... وَالمَوْتُ حَتْمٌ فِي رِقَابِ العِبَادْ
وَتَتَبَّعَ رِيَاحٌ بَنِي حَسَنٍ، وَاعْتَقَلَهُم.
فَأَخَذَ: حَسَناً وَإِبْرَاهِيْمَ ابْنَيْ حَسَنٍ - وَهُمَا عَمَّا مُحَمَّدٍ - وَحَسَنَ بنَ جَعْفَرِ بنِ حَسَنِ بنِ حَسَنٍ، وَسُلَيْمَانَ بنَ دَاوُدَ بنِ حَسَنِ بنِ حَسَنٍ، وَأَخَاهُ؛ عَبْدَ اللهِ، وَمُحَمَّداً، وَإِسْمَاعِيْلَ وَإِسْحَاقَ أَوْلاَدَ إِبْرَاهِيْمَ المَذْكُوْرِ، وَعَبَّاسَ بنَ حَسَنِ بنِ حَسَنِ بنِ حَسَنٍ، وَأَخَاهُ؛ عَلِيّاً العَابِدَ، وَقَيَّدَهُم.
وَشَتَمَ ابْنَيْ حَسَنٍ عَلَى المِنْبَرِ، فَسَبَّحَ النَّاسُ، وَعَظَّمُوا قَوْلَه.
فَقَالَ رِيَاحٌ: أَلصَقَ اللهُ بِوُجُوهِكُمُ الهَوَانَ، لأَكتُبَنَّ إِلَى خَلِيْفَتِكُم غِشَّكُم.
فَقَالُوا: لاَ نَسْمَعُ مِنْكَ يَا ابْنَ المَجْلُوْدَةِ.
وَبَادَرُوْهُ يَرمُونَه بِالحَصبَاءِ، فَنَزَلَ، وَاقْتَحَمَ دَارَ مَرْوَانَ، وَأَغلَقَ عَلَيْهِ، فَأَحَاطَ بِهِ النَّاسُ، وَرَجَمُوْهُ، وَشَتَمُوْهُ، ثُمَّ إِنَّهُم كَفُّوا، وَحَمَلُوا آلَ حَسَنٍ فِي القُيُوْدِ
إِلَى العِرَاقِ، وَجَعْفَرٌ الصَّادِقُ يَبْكِي لَهُم.وَأُخِذَ مَعَهُم أَخُوْهُم مِنْ أُمِّهِم مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ، وَهُوَ ابْنُ فَاطِمَةَ بِنْتِ الحُسَيْنِ.
فَقِيْلَ: جُعِلُوا فِي المَحَامِلِ، وَلاَ وِطَاءَ تَحْتَهُم.
وَقِيْلَ: أُخِذَ مَعَهُم أَرْبَعُ مائَةٍ مِنْ جُهَيْنَةَ وَمُزَيْنَةَ.
قَالَ ابْنُ أَبِي المَوَالِي: وَسُجِنتُ مَعَ عَبْدِ اللهِ بنِ حَسَنٍ، فَوَافَى المَنْصُوْرُ الرَّبَذَةَ رَاجِعاً مِنْ حَجِّه، فَطَلَبَ عَبْدَ اللهِ أَنْ يَحضُرَ إِلَيْهِ، فَأَبَى.
وَدَخَلتُ أَنَا، وَعِنْدَه عَمُّه عِيْسَى بنُ عَلِيٍّ، فَسَلَّمتُ.
قَالَ: لاَ سَلَّمَ اللهُ عَلَيْكَ، أَيْنَ الفَاسِقَانِ ابْنَا الفَاسِقِ؟!
قُلْتُ: هَلْ يَنْفَعُنِي الصِّدْقُ؟
قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟
قُلْتُ: امْرَأَتِي طَالِقٌ، وَعَلَيَّ، وَعَلَيَّ، إِنْ كُنْتُ أَعْرِفُ مَكَانَهمَا.
فَلَمْ يَقْبَلْ، فَضَرَبَنِي أَرْبَعَ مائَةِ سَوْطٍ، فَغَابَ عَقْلِي، وَرُدِدتُ إِلَى أَصْحَابِي.
ثُمَّ طَلَبَ أَخَاهم الدِّيْبَاجَ، فَحَلَفَ لَهُ، فَلَمْ يَقْبَلْ، وَضَرَبَه مائَةَ سَوْطٍ، وَغَلَّه، فَأَتَى وَقَدْ لصقَ قَمِيْصُه عَلَى جِسْمِه مِنَ الدِّمَاءِ.
فَأَوَّلُ مَنْ مَاتَ فِي الحَبسِ عَبْدُ اللهِ أَبُوْهُمَا، ثُمَّ مَاتَ أَخُوْهُ حَسَنٌ، ثُمَّ الدِّيْبَاجُ، فَقَطَعَ رَأْسَه، وَبَعَثَه مَعَ طَائِفَةٍ مِنَ الشِّيْعَةِ، طَافُوا بِهِ خُرَاسَانَ، يَحلِفُوْنَ أَنَّ هَذَا رَأْسُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ ابْنِ فَاطِمَةَ، يُوْهِمُوْنَ أَنَّهُ ابْنُ حَسَنٍ الَّذِي كَانُوا يَجِدُوْنَ خُرُوْجَه فِي الكُتُبِ.وَقِيْلَ: إِنَّ المَنْصُوْرَ قَالَ لِمُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ حَسَنٍ: أَنْتَ الدِّيْبَاجُ الأَصْفَرُ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: لأَقتُلَنَّكَ قِتْلَةً مَا سُمِعَ بِهَا.
ثُمَّ أَمَرَ بِاصْطُوَانَةٍ، فَنُقِرَتْ، وَأُدخِلَ فِيْهَا، ثُمَّ سُدَّ عَلَيْهِ وَهُوَ حَيٌّ.
وَكَانَ مِنَ المِلاَحِ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ قَتَلَ الدِّيْبَاجَ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ أَيْضاً.
وَعَنْ مُوْسَى بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حَسَنٍ، قَالَ: مَا كُنَّا نَعْرِفُ فِي الحَبْسِ أَوقَاتَ الصَّلَوَاتِ إِلاَّ بِأَجزَاءٍ يَقْرَؤُهَا عَلِيُّ بنُ حَسَنٍ.
وَقِيْلَ: إِنَّ المَنْصُوْرَ قَتَلَ عَبْدَ اللهِ بنَ حَسَنٍ أَيْضاً بِالسُّمِّ.
وَعَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ عُبَيْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ، وَابْنَ أَبِي ذِئْبٍ، وَعَبْدَ الحَمِيْدِ بنَ جَعْفَرٍ دَخَلُوا عَلَى مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَقَالُوا:
مَا تَنتَظِرُ! وَاللهِ مَا نَجِدُ فِي هَذَا البَلَدِ أَشْأَمَ عَلَيْهَا مِنْكَ.
وَأَمَّا رِيَاحٌ، فَطَلَبَ جَعْفَراً الصَّادِقَ وَبَنِي عَمِّه إِلَى دَارِهِ، فَسَمِعَ التَّكَبِيْرَ فِي اللَّيْلِ، فَاختَفَى رِيَاحٌ.
فَظَهَرَ مُحَمَّدٌ فِي مائَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ نَفْساً، فَأَخرَجَ أَهْلَ السِّجنِ - وَكَانَ عَلَى حِمَارٍ - فِي أَوَّلِ رَجَبٍ، سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ، فَحَبَسَ رِيَاحاً، وَجَمَاعَةً، وَخَطَبَ، فَقَالَ:
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّهُ كَانَ مِنْ أَمرِ هَذَا الطَّاغِيَةِ أَبِي جَعْفَرٍ مَا لَمْ يَخفَ عَلَيْكُم، مِنْ بِنَائِهِ القُبَّةَ الخَضْرَاءَ الَّتِي بَنَاهَا تَصْغِيْراً لِكَعْبَةِ اللهِ، وَإِنَّ أَحَقَّ النَّاسِ
بِالقِيَامِ لِلدِّيْنِ أَبْنَاءُ المُهَاجِرِيْنَ وَالأَنْصَارِ، اللَّهُمَّ قَدْ فَعلُوا وَفَعلُوا، فَأَحْصِهِم عَدَداً، وَاقْتُلْهُمْ بِدَداً، وَلاَ تُغَادِرْ مِنْهُم أَحَداً.قَالَ عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ: كَانَ المَنْصُوْرُ يَكْتُبُ عَلَى أَلسُنِ قُوَّادِه إِلَى مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بِأَنَّهم مَعَهُ، فَاخرُجْ.
فَقَالَ: يَثِقُ بِالمُحَالِ.
وَخَرَجَ مَعَهُ مِثْلُ ابْنِ عَجْلاَنَ، وَعَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ جَعْفَرٍ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: فَلَمَّا قُتِلَ، أَتَى وَالِي المَدِيْنَةِ بِابْنِ عَجْلاَنَ، فَسَبَّه، وَأَمَرَ بِقَطعِ يَدِه.
فَقَالَ العُلَمَاءُ: أَصْلَحَ اللهُ الأَمِيْرَ، إِنَّ هَذَا فَقِيْهُ المَدِيْنَةِ، وَعَابِدُهَا، وَشُبِّهَ عَلَيْهِ أَنَّهُ المَهْدِيُّ، فَتَرَكَه.
قَالَ: وَلَزِمَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ ضَيعَةً لَهُ، وَخَرَجَ أَخَوَاهُ؛ عَبْدُ اللهِ وَأَبُو بَكْرٍ، فَعَفَا عَنْهُمَا المَنْصُوْرُ.
وَاختَفَى جَعْفَرٌ الصَّادِقُ، ثُمَّ إِنَّ مُحَمَّداً اسْتَعْمَلَ عُمَّالاً عَلَى المَدِيْنَةِ، وَلَزِمَ مَالِكٌ بَيْتَه.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ الثَّوْرِيُّ يَتَكَلَّمُ فِي عَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ جَعْفَرٍ لِخُرُوْجِه، وَيَقُوْلُ:
إِنْ مَرَّ بِكَ المَهْدِيُّ وَأَنْتَ فِي البَيْتِ، فَلاَ تَخْرُجْ إِلَيْهِ حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَيْهِ.
وَقِيْلَ: بَعَثَ مُحَمَّدٌ إِلَى إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرِ بنِ أَبِي طَالِبٍ - وَقَدْ شَاخَ - لِيُبَايِعَه، فَقَالَ:
يَا ابْنَ أَخِي! أَنْتَ -وَاللهِ- مَقْتُوْلٌ، كَيْفَ أُبَايِعُكَ؟
فَارتَدَعَ النَّاسُ عَنْهُ، فَأَتَتْه بِنْتُ أَخِيْهِ مُعَاوِيَةَ، فَقَالَتْ: يَا عَمِّ! إِنَّ إِخْوَتِي قَدْ أَسرَعُوا إِلَى ابْنِ خَالِهِم، فَلاَ تُثَبِّطْ عَنْهُ، فَيُقْتَلَ هُوَ وَإِخْوَتِي.
فَأَبَى.
فَيُقَالُ: قَتَلَتْهُ.
فَأَرَادَ مُحَمَّدٌ
الصَّلاَةَ عَلَيْهِ، فَقَالَ ابْنُهُ: تَقتُلُ أَبِي، وَتُصَلِّي عَلَيْهِ؟فَنَحَّاهُ الحَرَسُ، وَتَقَدَّمَ مُحَمَّدٌ، وَكَانَ مُحَمَّدٌ أَسْوَدَ، جَسِيْماً، فِيْهِ تَمتَمَةٌ.
وَلَمَّا خَرَجَ، قَامَتْ قِيَامَةُ المَنْصُوْرِ، فَقَالَ لآلِهِ: اذْهَبُوا إِلَى هَذَا الأَحْمَقِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَلِيٍّ، فَلَهُ رَأْيٌ جَيِّدٌ فِي الحَرْبِ.
فَلَمَّا دَخَلُوا، قَالَ: لأَمرٍ مَا جِئْتُم! فَمَا جَاءَ بِكُم جَمِيْعاً، وَقَدْ هَجَرتُمُوْنِي مِنْ دَهْرٍ؟
قَالُوا: اسْتَأْذَنَّا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، فَأَذِنَ لَنَا.
قَالَ: لَيْسَ ذَا بِشَيْءٍ، مَا الخَبَرُ؟
قَالُوا: خَرَجَ مُحَمَّدٌ.
قَالَ: فَمَا تَرَوْنَ ابْنَ سَلاَّمَةَ صَانِعاً؟
يَعْنِي: المَنْصُوْرَ.
قَالُوا: لاَ نَدْرِي.
قَالَ: إِنَّ البُخلَ قَدْ قَتَلَه، فَلْيُخرِجِ الأَمْوَالَ، وَيُكرِمِ الجُنْدَ، فَإِنْ غَلبَ، فَمَا أَوشَكَ أَنْ يَعُودَ إِلَيْهِ مَالُه.
وَجَهَّزَ المَنْصُوْرُ وَلِيَّ عَهْدِه عِيْسَى بنَ مُوْسَى لِحَربِ مُحَمَّدٍ، وَكَتَبَ إِلَى مُحَمَّدٍ يَحُثُّه عَلَى التَّوبَةِ، وَيَعِدُه، وَيُمَنِّيْه.
فَأَجَابَه: مِنَ المَهْدِيِّ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ: {طَسم، تِلْكَ آيَاتُ الكِتَابِ المُبِيْنِ} ، وَأَنَا أَعرِضُ عَلَيْكَ مِنَ الأَمَانِ مِثْلَ مَا عَرَضتَ، فَإِنَّ الحَقَّ حَقُّنَا ... ، إِلَى أَنْ قَالَ:
فَأَيُّ الأَمَانَاتِ تُعطِيْنِي، أَمَانُ ابْنِ هُبَيْرَةَ؟ أَمْ أَمَانُ عَمِّكَ؟ أَمْ أَمَانُ أَبِي مُسْلِمٍ؟
فَأَرسَلَ إِلَيْهِ بِكِتَابٍ مُزعِجٍ، وَأَخَذَ جُنْدُ مُحَمَّدٍ مَكَّةَ، وَجَاءهُ مِنْهَا عَسْكَرٌ، وَسَارَ وَلِيُّ العَهْدِ فِي أَرْبَعَةِ آلاَفِ فَارِسٍ، وَنَفَذَ إِلَى أَهْلِ المَدِيْنَةِ يَتَأَلَّفُهُم، فَتَفَلَّلَ خَلْقٌ عَنْ مُحَمَّدٍ، وَبَادَرَ آخَرُوْنَ إِلَى خِدمَةِ عِيْسَى.
فَأُشِيْرَ عَلَى مُحَمَّدٍ: أَنْ يَفِرَّ إِلَى مِصْرَ، فَلَنْ يَرُدَّكَ أَحَدٌ عَنْهَا.
فَصَاحَ جُبَيْرٌ: أَعُوْذُ بِاللهِ أَنْ نَخرَجَ مِنَ المَدِيْنَةِ، وَنَبِيُّ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (رَأَيْتُنِي فِي دِرْعٍ حَصِيْنَةٍ، فَأَوَّلْتُهَا المَدِيْنَةَ).
ثُمَّ إِنَّ مُحَمَّداً اسْتَشَارَ أَنْ يُخَنْدِقَ عَلَى نَفْسِهِ، فَاخْتَلَفَتِ الآرَاءُ، ثُمَّ حَفَرَ خَنْدَقَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَحَفَرَ فِيْهِ بِيَدِهِ.عَنْ عُثْمَانَ الزُّبَيْرِيِّ، قَالَ:
اجْتَمَعَ مَعَ مُحَمَّدٍ جَمْعٌ لَمْ أَرَ أَكْثَرَ مِنْهُ، إِنِّي لأَحسِبُنَا كُنَّا مائَةَ أَلْفٍ.
فَخَطَبَ مُحَمَّدٌ، وَقَالَ: إِنَّ هَذَا قَدْ قَرُبَ، وَقَدْ حَلَّلتُكُم مِنْ بَيْعَتِي.
قَالَ: فَتَسلَّلُوا حَتَّى بَقِيَ فِي شِرْذِمَةٍ، وَهَرَبَ النَّاسُ بِذَرَارِيهِم فِي الجِبَالِ، فَلَمْ يَتَعَرَّضْ عِيْسَى لأَذَاهُم، وَرَاسَلَ مُحَمَّداً يَدعُوْهُ إِلَى الطَّاعَةِ، فَقَالَ:
إِيَّاكَ أَنْ يَقتُلَكَ مَنْ يَدْعُوكَ إِلَى اللهِ، فَتَكُوْنَ شَرَّ قَتِيْلٍ، أَوْ تَقْتُلَه، فَيَكُوْنَ أَعْظَمَ لِوِزْرِكَ.
فَبَعَثَ إِلَيْهِ: إِنْ أَبَيْتَ، فَإِنَّا نُقَاتِلُكَ عَلَى مَا قَاتَلَ عَلَيْهِ جَدُّكَ طَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، عَلَى نَكثِ البَيْعَةِ.
ثُمَّ أَحَاطَ عِيْسَى بِالمَدِيْنَةِ فِي أَثنَاءِ رَمَضَانَ، وَدَعَا مُحَمَّداً إِلَى الطَّاعَةِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ قَرُبَ مِنَ السُّورِ، فَنَادَى بِنَفْسِهِ:
يَا أَهْلَ المَدِيْنَةِ! إِنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَ الدِّمَاءِ، فَهَلُمُّوا إِلَى الأَمَانِ، وَخَلُّوا بَيْننَا وَبَيْنَ هَذَا.
فَشَتَمُوْهُ، فَانْصَرَفَ، وَفَعَلَ ذَلِكَ مِنَ الغَدِ، وَزَحَفَ فِي اليَوْمِ الثَّالِثِ، وَظَهَرَ، وَكَرَّرَ بَذْلَ الأَمَانِ لِمُحَمَّدٍ، فَأَبَى، وَتَرَجَّلَ.
فَقَالَ بَعْضُهُم: إِنِّي لأحسِبُه قَتَلَ بِيَدِهِ سَبْعِيْنَ يَوْمَئِذٍ.
وَقَالَ عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ جَعْفَرٍ: كُنَّا مَعَ مُحَمَّدٍ فِي عِدَّةِ أَصْحَابِ بَدرٍ، ثُمَّ تَبَارَزَ جَمَاعَةٌ، وَأَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ جُنْدِ المَنْصُوْرِ عِنْدَ أَحجَارِ الزَّيْتِ، فَطَلَبَ المُبَارَزَةَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَجُلٌ عَلَيْهِ قُبَاءٌ أَصْفَرُ، فَقَتَلَ الجُنْدِيَّ، ثُمَّ بَرَزَ آخَرُ، فَقَتَلَه، فَاعْتَوَرَهُ أَصْحَابُ عِيْسَى حَتَّى أَثبَتُوهُ بِالسِّهَامِ، وَدَامَ القِتَالُ مِنْ بَكْرَةٍ إِلَى العَصْرِ، وَطَمَّ أَصْحَابُ عِيْسَى الخَنْدَقَ، فَجَازَتْ خَيْلُهم.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ: تَحَنَّطَ مُحَمَّدٌ لِلْمَوْتِ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا لَكَ بِمَا تَرَى طَاقَةٌ،
فَالْحَقْ بِالحَسَنِ بنِ مُعَاوِيَةَ نَائِبِكَ بِمَكَّةَ.قَالَ: لَوْ رُحتُ، لَقُتِلَ هَؤُلاَءِ، فَلاَ أَرجِعُ، وَأَنْتَ مِنِّي فِي سَعَةٍ.
وَقِيْلَ: نَاشَدَه غَيْرُ وَاحِدٍ اللهَ وَهُوَ يَقُوْلُ: وَاللهِ لاَ تُبْتَلَوْنَ بِي مَرَّتَيْنِ.
ثُمَّ قَتَلَ رِيَاحاً وَعَبَّاسَ بنَ عُثْمَانَ، فَمَقَتَه النَّاسُ، ثُمَّ صَلَّى العَصْرَ، وَعَرقَبَ فَرَسَه، وَعَرقَبَ بَنُو شُجَاعٍ دَوَابَّهُم، وَكَسَرُوا أَجفَانَ سُيُوْفِهم، ثُمَّ حَمَلَ هُوَ، فَهَزَمَ القَوْمَ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ اسْتَدَارَ بَعْضُهم مِنْ وَرَائِهِ، وَشَدَّ حُمَيْدُ بنُ قَحْطَبَةَ عَلَى مُحَمَّدٍ، فَقَتَلَه، وَأَخَذَ رَأْسَه، وَكَانَ مَعَ مُحَمَّدٍ سَيْفُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذُوْ الفِقَارِ، فَجَاءهُ سَهْمٌ، فَوَجَدَ المَوْتَ، فَكُسِرَ السَّيفُ.
وَلَمْ يَصِحَّ، بَلْ قِيْلَ: أَعْطَاهُ رَجُلاً كَانَ لَهُ عَلَيْهِ أَرْبَعُ مائَةِ دِيْنَارٍ، وَقَالَ: لَنْ تَلقَى طَالبِيّاً إِلاَّ وَأَخَذَه مِنْكَ، وَأَعْطَاكَ حَقَّكَ.
فَلَمَّا وَلِيَ جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ المَدِيْنَةَ، أَخَذَه مِنْهُ، وَأَعْطَاهُ الدَّينَ.
وَكَانَ مَصْرَعُ مُحَمَّدٍ عِنْدَ أَحجَارِ الزَّيْتِ، فِي رَابِعَ عَشَرَ رَمَضَانَ، سَنَةَ خَمْسٍ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: عَاشَ ثَلاَثاً وَخَمْسِيْنَ سَنَةً.
وَقِيْلَ: صَلَبَ عِدَّةً مِنْ أَصْحَابِهِ، وَطِيْفَ بِالرَّأْسِ.
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: ذَهَبتْ طَائِفَةٌ مِنَ الجَارُوْدِيَّةِ أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ وَلاَ يَمُوْتُ، حَتَّى يَملأَ الأَرْضَ عَدلاً.
وَخَلَّفَ مِنَ الأَوْلاَدِ: حَسَناً، وَعَبْدَ اللهِ، وَفَاطِمَةَ، وَزَيْنَبَ.
(د، ت، س) الحَسَنِيُّ، المَدَنِيُّ، الأَمِيْرُ، الوَاثبُ عَلَى المَنْصُوْرِ، هُوَ وَأَخُوْهُ إِبْرَاهِيْمُ.
حَدَّثَ عَنْ: نَافِعٍ، وَأَبِي الزِّنَادِ.
وَعَنْهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ المَخْرَمِيُّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ نَافِعٍ الصَّائِغُ.
وَثَّقَهُ: النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ.
حَجَّ المَنْصُوْرُ سنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ، فَاسْتَعْمَلَ عَلَى المَدِيْنَةِ رِيَاحاً المُرِّيَّ، وَقَدْ قَلِقَ لِتَخَلُّفِ ابْنَيْ حَسَنٍ عَنِ المَجِيْءِ إِلَيْهِ.
فَيُقَالُ: إِنَّ المَنْصُوْرَ لَمَّا كَانَ حَجَّ قَبْلَ أَيَّامِ السَّفَّاحِ، كَانَ فِيْمَا قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ - إِذِ اشْتَوَرَ بَنُو هَاشِمٍ بِمَكَّةَ فِيْمَنْ يَعقِدُوْنَ لَهُ بِالخِلاَفَةِ حِيْنَ اضْطَرَبَ أَمرُ بَنِي أُمَيَّةَ -: كَانَ المَنْصُوْرُ مِمَّنْ بَايَعَ لِي.
وَسَأَلَ المَنْصُوْرُ زِيَاداً مُتَوَلِّي المَدِيْنَةِ عَنِ ابْنَيْ حَسَنٍ، قَالَ: مَا يَهُمُّك مِنْهُمَا، أَنَا آتِيْكَ بِهِمَا.
وَقَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عِمْرَانَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي عُبَيْدَةَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَمَّارٍ، قَالَ:
اسْتُخلِفَ المَنْصُوْرُ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ هَمٌّ إِلاَّ طَلَبُ مُحَمَّدٍ، وَالمَسْأَلَةِ عَنْهُ.
فَدَعَا بَنِي هَاشِمٍ وَاحِداً وَاحِداً، يَخلُو بِهِ، وَيَسْأَلُه، فَيَقُوْلُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! قَدْ عَرَفَ أَنَّكَ قَدْ عَرَفْتَه يَطْلُبُ هَذَا الشَّأْنَ قَبْلَ اليَوْمِ، فَهُوَ يَخَافُكَ، وَهُوَ الآنَ لاَ يُرِيْدُ لَكَ خِلاَفاً.
وَأَمَّا حَسَنُ بنُ زَيْدِ بنِ حَسَنٍ فَأَخْبَرَهُ بِأَمرِه، وَقَالَ: لاَ آمَنُ أَنْ يَخْرُجَ.فَاشْتَرَى المَنْصُوْرُ رَقِيْقاً مِنَ العَرَبِ، فَكَانَ يُعْطِي الوَاحِدَ مِنْهُمُ البَعِيْرَيْنِ، وَفَرَّقَهم فِي طَلَبِه، وَهُوَ مُختَفٍ.
وَقَالَ لِعُقْبَةَ السِّنْدِيِّ: اخْفِ شَخْصَكَ، وَاسْتَتِرْ، ثُمَّ ائْتِنِي وَقْتَ كَذَا.
فَأَتَاهُ، فَقَالَ: إِنَّ بَنِي عَمِّنَا قَدْ أَبَوْا إِلاَّ كَيداً لَنَا، وَلَهُم شِيْعَةٌ بِخُرَاسَانَ يُكَاتِبُونَهُم، وَيُرسِلُوْنَ إِلَيْهِم بِصَدَقَاتِهِم، فَاخرُجْ إِلَيْهِم بِكِسْوَةٍ وَأَلطَافٍ، حَتَّى تَأْتِيَهُم مُتَنَكِّراً، فَحسَّهُم لِي، فَاشْخَصْ حَتَّى تَلقَى عَبْدَ اللهِ بنَ حَسَنٍ مُتَقَشِّفاً، فَإِنْ جَبَهَكَ، وَهُوَ فَاعِلٌ، فَاصْبِرْ، وَعَاوِدْهُ حَتَّى يَأنَسَ بِكَ، فَإِذَا ظَهَرَ لَكَ، فَاعجَلْ عَلَيَّ.
فَذَهَبَ عُقْبَةُ، فَلَقِيَ عَبْدَ اللهِ بِالكِتَابِ، فَانْتَهَرَه، وَقَالَ: مَا أَعْرِفُ هَؤُلاَءِ.
فَلَمْ يَزَلْ يَعُودُ إِلَيْهِ، حَتَّى قَبِلَ الكِتَابَ وَالهَدِيَّةَ.
فَسَأَلَه عُقْبَةُ الجَوَابَ، فَقَالَ: لاَ أَكْتُبُ إِلَى أَحَدٍ، فَأَنْتَ كِتَابِي إِلَيْهِم، وَأَخْبِرْهُم أَنَّ ابْنَيَّ خَارِجَانِ لِوقْتِ كَذَا.
وَقَالَ: فَأَسرَعَ بِهَا عُقْبَةُ إِلَى المَنْصُوْرِ.
وَقِيْلَ: كَانَ ابْنَا حَسَنٍ مَنْهُومَيْنِ بِالصَّيدِ.
وَقَالَ المَدَائِنِيُّ: قَدِمَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ فِي أَرْبَعِيْنَ رَجُلاً مُتَخَفِّياً، فَأَتَى عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عُثْمَانَ، فَقَالَ لَهُ: أَهْلَكْتَنِي، فَانزِلْ عِنْدِي، وَفَرِّقْ أَصْحَابَك.
فَأَبَى، فَقَالَ: انْزِلْ فِي بَنِي رَاسِبٍ.
فَفَعَلَ.
وَقِيْلَ: أَقَامَ مُحَمَّدٌ يَدْعُو النَّاسَ سِرّاً.
وَقِيْلَ: نَزَلَ بِعَبْدِ اللهِ بنِ سُفْيَانَ المُرِّيِّ أَيَّاماً، وَحَجَّ المَنْصُوْرُ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ، فَأَكرَمَ عَبْدَ اللهِ بنَ حَسَنٍ، ثُمَّ قَالَ لِعُقْبَةَ: تَرَاءَ لَهُ.
ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ! قَدْ عَلِمتَ مَا أَعْطَيْتَنِي مِنَ العُهُودِ.
قَالَ: أَنَا عَلَى ذَلِكَ.
فَتَرَاءى لَهُ عُقْبَةُ، وَغَمَزَهُ، فَأَبْلَسَ عَبْدُ اللهِ، وَقَالَ: أَقِلْنِي يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! أَقَالَكَ اللهُ.
قَالَ: كَلاَّ.
وَسَجَنَهُ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ قَالَ لَهُ: أَرَى ابْنَيْكَ قَدِ اسْتَوْحَشَا مِنِّي، وَإِنِّي لأُحِبُّ قُرْبَهُمَا.قَالَ: مَا لِي بِهِمَا عِلْمٌ، وَقَدْ خَرَجَا عَنْ يَدِي.
وَقِيْلَ: هَمَّ الأَخَوَانِ بِاغتِيَالِ المَنْصُوْرِ بِمَكَّةَ، وَوَاطَأَهُمَا قَائِدٌ كَبِيْرٌ، فَفَهِمَ المَنْصُوْرُ، فَتَحَرَّزَ، وَهَرَبَ القَائِدُ، وَتَحَيَّلَ المَنْصُوْرُ مِنْ زِيَادٍ، فَقَبَضَ عَلَيْهِ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى المَدِيْنَةِ مُحَمَّدَ بنَ خَالِدٍ القَسْرِيَّ، وَبَذَلَ لَهُ أَزْيَدَ مِنْ مائَةِ أَلْفِ دِيْنَارٍ إِعَانَةً، فَعَجَزَ، فَعَزَلَهُ بِرِيَاحِ بنِ عُثْمَانَ بنِ حَيَّانَ المُرِّيِّ، وَعُذِّبَ القَسْرِيُّ.
فَأُخْبِرَ رِيَاحٌ بِأَنَّ مُحَمَّدَ بنَ عَبْد اللهِ فِي شِعْبِ رَضْوَى مِنْ أَرْضِ يَنْبُعَ.
فَنَدَبَ لَهُ عَمْرَو بنَ عُثْمَانَ الجُهَنِيَّ، فَكَبَسَه لَيْلَةً، فَفَرَّ مُحَمَّدٌ، وَمَعَهُ وَلَدٌ، فَوَقَعَ مِنْ جَبَلٍ مِنْ يَدِ أُمِّه، فَتَقَطَّعَ.
وَفِيْهِ يَقُوْلُ أَبُوْهُ:
مُنْخَرِقُ السِّربَالِ يَشْكُو الوَجَى ... تَنكُبُهُ أَطرَافُ مَرْوٍ حِدَادْ
شَرَّدَهُ الخَوْفُ وَأَزْرَى بِهِ ... كَذَاكَ مَنْ يَكْرَهُ حَرَّ الجِلاَدْ
قَدْ كَانَ فِي المَوْتِ لَهُ رَاحَةٌ ... وَالمَوْتُ حَتْمٌ فِي رِقَابِ العِبَادْ
وَتَتَبَّعَ رِيَاحٌ بَنِي حَسَنٍ، وَاعْتَقَلَهُم.
فَأَخَذَ: حَسَناً وَإِبْرَاهِيْمَ ابْنَيْ حَسَنٍ - وَهُمَا عَمَّا مُحَمَّدٍ - وَحَسَنَ بنَ جَعْفَرِ بنِ حَسَنِ بنِ حَسَنٍ، وَسُلَيْمَانَ بنَ دَاوُدَ بنِ حَسَنِ بنِ حَسَنٍ، وَأَخَاهُ؛ عَبْدَ اللهِ، وَمُحَمَّداً، وَإِسْمَاعِيْلَ وَإِسْحَاقَ أَوْلاَدَ إِبْرَاهِيْمَ المَذْكُوْرِ، وَعَبَّاسَ بنَ حَسَنِ بنِ حَسَنِ بنِ حَسَنٍ، وَأَخَاهُ؛ عَلِيّاً العَابِدَ، وَقَيَّدَهُم.
وَشَتَمَ ابْنَيْ حَسَنٍ عَلَى المِنْبَرِ، فَسَبَّحَ النَّاسُ، وَعَظَّمُوا قَوْلَه.
فَقَالَ رِيَاحٌ: أَلصَقَ اللهُ بِوُجُوهِكُمُ الهَوَانَ، لأَكتُبَنَّ إِلَى خَلِيْفَتِكُم غِشَّكُم.
فَقَالُوا: لاَ نَسْمَعُ مِنْكَ يَا ابْنَ المَجْلُوْدَةِ.
وَبَادَرُوْهُ يَرمُونَه بِالحَصبَاءِ، فَنَزَلَ، وَاقْتَحَمَ دَارَ مَرْوَانَ، وَأَغلَقَ عَلَيْهِ، فَأَحَاطَ بِهِ النَّاسُ، وَرَجَمُوْهُ، وَشَتَمُوْهُ، ثُمَّ إِنَّهُم كَفُّوا، وَحَمَلُوا آلَ حَسَنٍ فِي القُيُوْدِ
إِلَى العِرَاقِ، وَجَعْفَرٌ الصَّادِقُ يَبْكِي لَهُم.وَأُخِذَ مَعَهُم أَخُوْهُم مِنْ أُمِّهِم مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ، وَهُوَ ابْنُ فَاطِمَةَ بِنْتِ الحُسَيْنِ.
فَقِيْلَ: جُعِلُوا فِي المَحَامِلِ، وَلاَ وِطَاءَ تَحْتَهُم.
وَقِيْلَ: أُخِذَ مَعَهُم أَرْبَعُ مائَةٍ مِنْ جُهَيْنَةَ وَمُزَيْنَةَ.
قَالَ ابْنُ أَبِي المَوَالِي: وَسُجِنتُ مَعَ عَبْدِ اللهِ بنِ حَسَنٍ، فَوَافَى المَنْصُوْرُ الرَّبَذَةَ رَاجِعاً مِنْ حَجِّه، فَطَلَبَ عَبْدَ اللهِ أَنْ يَحضُرَ إِلَيْهِ، فَأَبَى.
وَدَخَلتُ أَنَا، وَعِنْدَه عَمُّه عِيْسَى بنُ عَلِيٍّ، فَسَلَّمتُ.
قَالَ: لاَ سَلَّمَ اللهُ عَلَيْكَ، أَيْنَ الفَاسِقَانِ ابْنَا الفَاسِقِ؟!
قُلْتُ: هَلْ يَنْفَعُنِي الصِّدْقُ؟
قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟
قُلْتُ: امْرَأَتِي طَالِقٌ، وَعَلَيَّ، وَعَلَيَّ، إِنْ كُنْتُ أَعْرِفُ مَكَانَهمَا.
فَلَمْ يَقْبَلْ، فَضَرَبَنِي أَرْبَعَ مائَةِ سَوْطٍ، فَغَابَ عَقْلِي، وَرُدِدتُ إِلَى أَصْحَابِي.
ثُمَّ طَلَبَ أَخَاهم الدِّيْبَاجَ، فَحَلَفَ لَهُ، فَلَمْ يَقْبَلْ، وَضَرَبَه مائَةَ سَوْطٍ، وَغَلَّه، فَأَتَى وَقَدْ لصقَ قَمِيْصُه عَلَى جِسْمِه مِنَ الدِّمَاءِ.
فَأَوَّلُ مَنْ مَاتَ فِي الحَبسِ عَبْدُ اللهِ أَبُوْهُمَا، ثُمَّ مَاتَ أَخُوْهُ حَسَنٌ، ثُمَّ الدِّيْبَاجُ، فَقَطَعَ رَأْسَه، وَبَعَثَه مَعَ طَائِفَةٍ مِنَ الشِّيْعَةِ، طَافُوا بِهِ خُرَاسَانَ، يَحلِفُوْنَ أَنَّ هَذَا رَأْسُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ ابْنِ فَاطِمَةَ، يُوْهِمُوْنَ أَنَّهُ ابْنُ حَسَنٍ الَّذِي كَانُوا يَجِدُوْنَ خُرُوْجَه فِي الكُتُبِ.وَقِيْلَ: إِنَّ المَنْصُوْرَ قَالَ لِمُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ حَسَنٍ: أَنْتَ الدِّيْبَاجُ الأَصْفَرُ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: لأَقتُلَنَّكَ قِتْلَةً مَا سُمِعَ بِهَا.
ثُمَّ أَمَرَ بِاصْطُوَانَةٍ، فَنُقِرَتْ، وَأُدخِلَ فِيْهَا، ثُمَّ سُدَّ عَلَيْهِ وَهُوَ حَيٌّ.
وَكَانَ مِنَ المِلاَحِ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ قَتَلَ الدِّيْبَاجَ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ أَيْضاً.
وَعَنْ مُوْسَى بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حَسَنٍ، قَالَ: مَا كُنَّا نَعْرِفُ فِي الحَبْسِ أَوقَاتَ الصَّلَوَاتِ إِلاَّ بِأَجزَاءٍ يَقْرَؤُهَا عَلِيُّ بنُ حَسَنٍ.
وَقِيْلَ: إِنَّ المَنْصُوْرَ قَتَلَ عَبْدَ اللهِ بنَ حَسَنٍ أَيْضاً بِالسُّمِّ.
وَعَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ عُبَيْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ، وَابْنَ أَبِي ذِئْبٍ، وَعَبْدَ الحَمِيْدِ بنَ جَعْفَرٍ دَخَلُوا عَلَى مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَقَالُوا:
مَا تَنتَظِرُ! وَاللهِ مَا نَجِدُ فِي هَذَا البَلَدِ أَشْأَمَ عَلَيْهَا مِنْكَ.
وَأَمَّا رِيَاحٌ، فَطَلَبَ جَعْفَراً الصَّادِقَ وَبَنِي عَمِّه إِلَى دَارِهِ، فَسَمِعَ التَّكَبِيْرَ فِي اللَّيْلِ، فَاختَفَى رِيَاحٌ.
فَظَهَرَ مُحَمَّدٌ فِي مائَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ نَفْساً، فَأَخرَجَ أَهْلَ السِّجنِ - وَكَانَ عَلَى حِمَارٍ - فِي أَوَّلِ رَجَبٍ، سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ، فَحَبَسَ رِيَاحاً، وَجَمَاعَةً، وَخَطَبَ، فَقَالَ:
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّهُ كَانَ مِنْ أَمرِ هَذَا الطَّاغِيَةِ أَبِي جَعْفَرٍ مَا لَمْ يَخفَ عَلَيْكُم، مِنْ بِنَائِهِ القُبَّةَ الخَضْرَاءَ الَّتِي بَنَاهَا تَصْغِيْراً لِكَعْبَةِ اللهِ، وَإِنَّ أَحَقَّ النَّاسِ
بِالقِيَامِ لِلدِّيْنِ أَبْنَاءُ المُهَاجِرِيْنَ وَالأَنْصَارِ، اللَّهُمَّ قَدْ فَعلُوا وَفَعلُوا، فَأَحْصِهِم عَدَداً، وَاقْتُلْهُمْ بِدَداً، وَلاَ تُغَادِرْ مِنْهُم أَحَداً.قَالَ عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ: كَانَ المَنْصُوْرُ يَكْتُبُ عَلَى أَلسُنِ قُوَّادِه إِلَى مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بِأَنَّهم مَعَهُ، فَاخرُجْ.
فَقَالَ: يَثِقُ بِالمُحَالِ.
وَخَرَجَ مَعَهُ مِثْلُ ابْنِ عَجْلاَنَ، وَعَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ جَعْفَرٍ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: فَلَمَّا قُتِلَ، أَتَى وَالِي المَدِيْنَةِ بِابْنِ عَجْلاَنَ، فَسَبَّه، وَأَمَرَ بِقَطعِ يَدِه.
فَقَالَ العُلَمَاءُ: أَصْلَحَ اللهُ الأَمِيْرَ، إِنَّ هَذَا فَقِيْهُ المَدِيْنَةِ، وَعَابِدُهَا، وَشُبِّهَ عَلَيْهِ أَنَّهُ المَهْدِيُّ، فَتَرَكَه.
قَالَ: وَلَزِمَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ ضَيعَةً لَهُ، وَخَرَجَ أَخَوَاهُ؛ عَبْدُ اللهِ وَأَبُو بَكْرٍ، فَعَفَا عَنْهُمَا المَنْصُوْرُ.
وَاختَفَى جَعْفَرٌ الصَّادِقُ، ثُمَّ إِنَّ مُحَمَّداً اسْتَعْمَلَ عُمَّالاً عَلَى المَدِيْنَةِ، وَلَزِمَ مَالِكٌ بَيْتَه.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ الثَّوْرِيُّ يَتَكَلَّمُ فِي عَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ جَعْفَرٍ لِخُرُوْجِه، وَيَقُوْلُ:
إِنْ مَرَّ بِكَ المَهْدِيُّ وَأَنْتَ فِي البَيْتِ، فَلاَ تَخْرُجْ إِلَيْهِ حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَيْهِ.
وَقِيْلَ: بَعَثَ مُحَمَّدٌ إِلَى إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرِ بنِ أَبِي طَالِبٍ - وَقَدْ شَاخَ - لِيُبَايِعَه، فَقَالَ:
يَا ابْنَ أَخِي! أَنْتَ -وَاللهِ- مَقْتُوْلٌ، كَيْفَ أُبَايِعُكَ؟
فَارتَدَعَ النَّاسُ عَنْهُ، فَأَتَتْه بِنْتُ أَخِيْهِ مُعَاوِيَةَ، فَقَالَتْ: يَا عَمِّ! إِنَّ إِخْوَتِي قَدْ أَسرَعُوا إِلَى ابْنِ خَالِهِم، فَلاَ تُثَبِّطْ عَنْهُ، فَيُقْتَلَ هُوَ وَإِخْوَتِي.
فَأَبَى.
فَيُقَالُ: قَتَلَتْهُ.
فَأَرَادَ مُحَمَّدٌ
الصَّلاَةَ عَلَيْهِ، فَقَالَ ابْنُهُ: تَقتُلُ أَبِي، وَتُصَلِّي عَلَيْهِ؟فَنَحَّاهُ الحَرَسُ، وَتَقَدَّمَ مُحَمَّدٌ، وَكَانَ مُحَمَّدٌ أَسْوَدَ، جَسِيْماً، فِيْهِ تَمتَمَةٌ.
وَلَمَّا خَرَجَ، قَامَتْ قِيَامَةُ المَنْصُوْرِ، فَقَالَ لآلِهِ: اذْهَبُوا إِلَى هَذَا الأَحْمَقِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَلِيٍّ، فَلَهُ رَأْيٌ جَيِّدٌ فِي الحَرْبِ.
فَلَمَّا دَخَلُوا، قَالَ: لأَمرٍ مَا جِئْتُم! فَمَا جَاءَ بِكُم جَمِيْعاً، وَقَدْ هَجَرتُمُوْنِي مِنْ دَهْرٍ؟
قَالُوا: اسْتَأْذَنَّا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، فَأَذِنَ لَنَا.
قَالَ: لَيْسَ ذَا بِشَيْءٍ، مَا الخَبَرُ؟
قَالُوا: خَرَجَ مُحَمَّدٌ.
قَالَ: فَمَا تَرَوْنَ ابْنَ سَلاَّمَةَ صَانِعاً؟
يَعْنِي: المَنْصُوْرَ.
قَالُوا: لاَ نَدْرِي.
قَالَ: إِنَّ البُخلَ قَدْ قَتَلَه، فَلْيُخرِجِ الأَمْوَالَ، وَيُكرِمِ الجُنْدَ، فَإِنْ غَلبَ، فَمَا أَوشَكَ أَنْ يَعُودَ إِلَيْهِ مَالُه.
وَجَهَّزَ المَنْصُوْرُ وَلِيَّ عَهْدِه عِيْسَى بنَ مُوْسَى لِحَربِ مُحَمَّدٍ، وَكَتَبَ إِلَى مُحَمَّدٍ يَحُثُّه عَلَى التَّوبَةِ، وَيَعِدُه، وَيُمَنِّيْه.
فَأَجَابَه: مِنَ المَهْدِيِّ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ: {طَسم، تِلْكَ آيَاتُ الكِتَابِ المُبِيْنِ} ، وَأَنَا أَعرِضُ عَلَيْكَ مِنَ الأَمَانِ مِثْلَ مَا عَرَضتَ، فَإِنَّ الحَقَّ حَقُّنَا ... ، إِلَى أَنْ قَالَ:
فَأَيُّ الأَمَانَاتِ تُعطِيْنِي، أَمَانُ ابْنِ هُبَيْرَةَ؟ أَمْ أَمَانُ عَمِّكَ؟ أَمْ أَمَانُ أَبِي مُسْلِمٍ؟
فَأَرسَلَ إِلَيْهِ بِكِتَابٍ مُزعِجٍ، وَأَخَذَ جُنْدُ مُحَمَّدٍ مَكَّةَ، وَجَاءهُ مِنْهَا عَسْكَرٌ، وَسَارَ وَلِيُّ العَهْدِ فِي أَرْبَعَةِ آلاَفِ فَارِسٍ، وَنَفَذَ إِلَى أَهْلِ المَدِيْنَةِ يَتَأَلَّفُهُم، فَتَفَلَّلَ خَلْقٌ عَنْ مُحَمَّدٍ، وَبَادَرَ آخَرُوْنَ إِلَى خِدمَةِ عِيْسَى.
فَأُشِيْرَ عَلَى مُحَمَّدٍ: أَنْ يَفِرَّ إِلَى مِصْرَ، فَلَنْ يَرُدَّكَ أَحَدٌ عَنْهَا.
فَصَاحَ جُبَيْرٌ: أَعُوْذُ بِاللهِ أَنْ نَخرَجَ مِنَ المَدِيْنَةِ، وَنَبِيُّ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (رَأَيْتُنِي فِي دِرْعٍ حَصِيْنَةٍ، فَأَوَّلْتُهَا المَدِيْنَةَ).
ثُمَّ إِنَّ مُحَمَّداً اسْتَشَارَ أَنْ يُخَنْدِقَ عَلَى نَفْسِهِ، فَاخْتَلَفَتِ الآرَاءُ، ثُمَّ حَفَرَ خَنْدَقَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَحَفَرَ فِيْهِ بِيَدِهِ.عَنْ عُثْمَانَ الزُّبَيْرِيِّ، قَالَ:
اجْتَمَعَ مَعَ مُحَمَّدٍ جَمْعٌ لَمْ أَرَ أَكْثَرَ مِنْهُ، إِنِّي لأَحسِبُنَا كُنَّا مائَةَ أَلْفٍ.
فَخَطَبَ مُحَمَّدٌ، وَقَالَ: إِنَّ هَذَا قَدْ قَرُبَ، وَقَدْ حَلَّلتُكُم مِنْ بَيْعَتِي.
قَالَ: فَتَسلَّلُوا حَتَّى بَقِيَ فِي شِرْذِمَةٍ، وَهَرَبَ النَّاسُ بِذَرَارِيهِم فِي الجِبَالِ، فَلَمْ يَتَعَرَّضْ عِيْسَى لأَذَاهُم، وَرَاسَلَ مُحَمَّداً يَدعُوْهُ إِلَى الطَّاعَةِ، فَقَالَ:
إِيَّاكَ أَنْ يَقتُلَكَ مَنْ يَدْعُوكَ إِلَى اللهِ، فَتَكُوْنَ شَرَّ قَتِيْلٍ، أَوْ تَقْتُلَه، فَيَكُوْنَ أَعْظَمَ لِوِزْرِكَ.
فَبَعَثَ إِلَيْهِ: إِنْ أَبَيْتَ، فَإِنَّا نُقَاتِلُكَ عَلَى مَا قَاتَلَ عَلَيْهِ جَدُّكَ طَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، عَلَى نَكثِ البَيْعَةِ.
ثُمَّ أَحَاطَ عِيْسَى بِالمَدِيْنَةِ فِي أَثنَاءِ رَمَضَانَ، وَدَعَا مُحَمَّداً إِلَى الطَّاعَةِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ قَرُبَ مِنَ السُّورِ، فَنَادَى بِنَفْسِهِ:
يَا أَهْلَ المَدِيْنَةِ! إِنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَ الدِّمَاءِ، فَهَلُمُّوا إِلَى الأَمَانِ، وَخَلُّوا بَيْننَا وَبَيْنَ هَذَا.
فَشَتَمُوْهُ، فَانْصَرَفَ، وَفَعَلَ ذَلِكَ مِنَ الغَدِ، وَزَحَفَ فِي اليَوْمِ الثَّالِثِ، وَظَهَرَ، وَكَرَّرَ بَذْلَ الأَمَانِ لِمُحَمَّدٍ، فَأَبَى، وَتَرَجَّلَ.
فَقَالَ بَعْضُهُم: إِنِّي لأحسِبُه قَتَلَ بِيَدِهِ سَبْعِيْنَ يَوْمَئِذٍ.
وَقَالَ عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ جَعْفَرٍ: كُنَّا مَعَ مُحَمَّدٍ فِي عِدَّةِ أَصْحَابِ بَدرٍ، ثُمَّ تَبَارَزَ جَمَاعَةٌ، وَأَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ جُنْدِ المَنْصُوْرِ عِنْدَ أَحجَارِ الزَّيْتِ، فَطَلَبَ المُبَارَزَةَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَجُلٌ عَلَيْهِ قُبَاءٌ أَصْفَرُ، فَقَتَلَ الجُنْدِيَّ، ثُمَّ بَرَزَ آخَرُ، فَقَتَلَه، فَاعْتَوَرَهُ أَصْحَابُ عِيْسَى حَتَّى أَثبَتُوهُ بِالسِّهَامِ، وَدَامَ القِتَالُ مِنْ بَكْرَةٍ إِلَى العَصْرِ، وَطَمَّ أَصْحَابُ عِيْسَى الخَنْدَقَ، فَجَازَتْ خَيْلُهم.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ: تَحَنَّطَ مُحَمَّدٌ لِلْمَوْتِ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا لَكَ بِمَا تَرَى طَاقَةٌ،
فَالْحَقْ بِالحَسَنِ بنِ مُعَاوِيَةَ نَائِبِكَ بِمَكَّةَ.قَالَ: لَوْ رُحتُ، لَقُتِلَ هَؤُلاَءِ، فَلاَ أَرجِعُ، وَأَنْتَ مِنِّي فِي سَعَةٍ.
وَقِيْلَ: نَاشَدَه غَيْرُ وَاحِدٍ اللهَ وَهُوَ يَقُوْلُ: وَاللهِ لاَ تُبْتَلَوْنَ بِي مَرَّتَيْنِ.
ثُمَّ قَتَلَ رِيَاحاً وَعَبَّاسَ بنَ عُثْمَانَ، فَمَقَتَه النَّاسُ، ثُمَّ صَلَّى العَصْرَ، وَعَرقَبَ فَرَسَه، وَعَرقَبَ بَنُو شُجَاعٍ دَوَابَّهُم، وَكَسَرُوا أَجفَانَ سُيُوْفِهم، ثُمَّ حَمَلَ هُوَ، فَهَزَمَ القَوْمَ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ اسْتَدَارَ بَعْضُهم مِنْ وَرَائِهِ، وَشَدَّ حُمَيْدُ بنُ قَحْطَبَةَ عَلَى مُحَمَّدٍ، فَقَتَلَه، وَأَخَذَ رَأْسَه، وَكَانَ مَعَ مُحَمَّدٍ سَيْفُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذُوْ الفِقَارِ، فَجَاءهُ سَهْمٌ، فَوَجَدَ المَوْتَ، فَكُسِرَ السَّيفُ.
وَلَمْ يَصِحَّ، بَلْ قِيْلَ: أَعْطَاهُ رَجُلاً كَانَ لَهُ عَلَيْهِ أَرْبَعُ مائَةِ دِيْنَارٍ، وَقَالَ: لَنْ تَلقَى طَالبِيّاً إِلاَّ وَأَخَذَه مِنْكَ، وَأَعْطَاكَ حَقَّكَ.
فَلَمَّا وَلِيَ جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ المَدِيْنَةَ، أَخَذَه مِنْهُ، وَأَعْطَاهُ الدَّينَ.
وَكَانَ مَصْرَعُ مُحَمَّدٍ عِنْدَ أَحجَارِ الزَّيْتِ، فِي رَابِعَ عَشَرَ رَمَضَانَ، سَنَةَ خَمْسٍ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: عَاشَ ثَلاَثاً وَخَمْسِيْنَ سَنَةً.
وَقِيْلَ: صَلَبَ عِدَّةً مِنْ أَصْحَابِهِ، وَطِيْفَ بِالرَّأْسِ.
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: ذَهَبتْ طَائِفَةٌ مِنَ الجَارُوْدِيَّةِ أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ وَلاَ يَمُوْتُ، حَتَّى يَملأَ الأَرْضَ عَدلاً.
وَخَلَّفَ مِنَ الأَوْلاَدِ: حَسَناً، وَعَبْدَ اللهِ، وَفَاطِمَةَ، وَزَيْنَبَ.
محمد بن عجلان
- محمد بن عجلان مولى فَاطِمَةَ بِنْتَ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بن عبد شمس. ويكنى أبا عبد الله. وكان عابدا ناسكا فقيها. وكانت له حلقة في المسجد وكان يفتي. وكان داود بن قيس الفراء يجلس إليه. قَالَ محمد بن عمر: سمعت عبد الله بن محمد بن عجلان يقول: حمل بأبي أكثر من ثلاث سنين. قَالَ محمد بن عمر: وسمعت نساء آل جحاف من ولد زيد بن الخطاب يقلن: ما حملت منا امرأة أقل من ثلاثين شهرا. والحمل كذلك- أراد توطأ ثم ترفعها الحيضة ثلاث سنين. أو أقل أو أكثر ثم يستبين الحمل من غير وطيء حادث- قَالَ: وسمعت مالك بن أنس يقول: قد يكون الحمل سنتين أو أكثر وأعرف من حمل به أكثر من سنتين- يعني نفسه-. قَالَ: وخرج محمد بن عجلان مع محمد بن عبد الله بن حسن. حين خرج بالمدينة. فلما قتل محمد بن عبد الله وولي جعفر بن سليمان بن على المدينة. بعث إلى محمد بن عجلان فأتي به. فبكته وكلمه كلاما. وقال: خرجت مع الكذاب. وأمر به تقطع يده. فلم يتكلم محمد بن عجلان بكلمة. إلا أنه يحرك شفتيه بشيء لا يدري ما هو. يظن أنه يدعو. قال: فقام من حضر جعفر بن سليمان من فقهاء أهل المدينة وأشرافهم. فقالوا: أصلح الله الأمير. محمد بن عجلان فقيه أهل المدينة وعابدها! وإنما شبه عليه وظهر أنه المهدي الذي جاءت فيه الرواية. فلم يزالوا يطلبون إليه حتى تركه. فولى محمد بن عجلان منصرفا لم يتكلم بكلمه حتى أتى منزله. قَالَ محمد بن عمر: قد رأيته وسمعت منه. ومات سنة ثمان. أو تسع وأربعين ومائة بالمدينة في خلافة أبي جعفر المنصور. وكان ثقة كثير الحديث.
- محمد بن عجلان مولى فَاطِمَةَ بِنْتَ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بن عبد شمس. ويكنى أبا عبد الله. وكان عابدا ناسكا فقيها. وكانت له حلقة في المسجد وكان يفتي. وكان داود بن قيس الفراء يجلس إليه. قَالَ محمد بن عمر: سمعت عبد الله بن محمد بن عجلان يقول: حمل بأبي أكثر من ثلاث سنين. قَالَ محمد بن عمر: وسمعت نساء آل جحاف من ولد زيد بن الخطاب يقلن: ما حملت منا امرأة أقل من ثلاثين شهرا. والحمل كذلك- أراد توطأ ثم ترفعها الحيضة ثلاث سنين. أو أقل أو أكثر ثم يستبين الحمل من غير وطيء حادث- قَالَ: وسمعت مالك بن أنس يقول: قد يكون الحمل سنتين أو أكثر وأعرف من حمل به أكثر من سنتين- يعني نفسه-. قَالَ: وخرج محمد بن عجلان مع محمد بن عبد الله بن حسن. حين خرج بالمدينة. فلما قتل محمد بن عبد الله وولي جعفر بن سليمان بن على المدينة. بعث إلى محمد بن عجلان فأتي به. فبكته وكلمه كلاما. وقال: خرجت مع الكذاب. وأمر به تقطع يده. فلم يتكلم محمد بن عجلان بكلمة. إلا أنه يحرك شفتيه بشيء لا يدري ما هو. يظن أنه يدعو. قال: فقام من حضر جعفر بن سليمان من فقهاء أهل المدينة وأشرافهم. فقالوا: أصلح الله الأمير. محمد بن عجلان فقيه أهل المدينة وعابدها! وإنما شبه عليه وظهر أنه المهدي الذي جاءت فيه الرواية. فلم يزالوا يطلبون إليه حتى تركه. فولى محمد بن عجلان منصرفا لم يتكلم بكلمه حتى أتى منزله. قَالَ محمد بن عمر: قد رأيته وسمعت منه. ومات سنة ثمان. أو تسع وأربعين ومائة بالمدينة في خلافة أبي جعفر المنصور. وكان ثقة كثير الحديث.
مُحَمَّد بن عجلَان
محمد بن عجلان: "مدني"، ثقة.
محمد بن عجلان مولى فاطمة بنت عتبة بن ربيعة القرشي من خيار أهل المدينة مات سنة ثمان وأربعين ومائة
- ومحمد بن عجلان. مولى فاطمة بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف, يكنى أبا عبد الله. مات سنة ثمان وأربعين ومائة.
مُحَمَّد بْن عجلَان مولى فَاطِمَة بنت عتبَة بْن ربيعَة بْن عَبْد شمس الْقرشِي من أهل الْمَدِينَة يَرْوِي عَنْ أَبِيه وَسَعِيد المَقْبُري رَوَى عَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَمَالِكٌ عِنْدَهُ صحيفَة عَنْ سعيد المَقْبُري بَعْضهَا عَنْ أَبِيه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَبَعضهَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نَفسه قَالَ يَحْيَى الْقَطَّان سَمِعت مُحَمَّد بْن عجلَان يَقُول كَانَ سعيد المَقْبُري يحدث عَنْ أَبِيه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَن أَبِي هُرَيْرَةَ فاختلط على فجعلتها كلهَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ
أَبُو حَاتِم رَضِي الله عَنهُ وَقد سمع سعيد المَقْبُري من أَبِي هُرَيْرَةَ وَسمع عَنْ أَبِيه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَلَمَّا اخْتَلَط عَليّ بْن عجلَان صَحِيفَته وَلم يُمَيّز بَينهمَا اخْتَلَط فِيهَا وَجعلهَا كلهَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا يهى الْإِنْسَان بِهِ لِأَن الصَّحِيفَة كلهَا فِي نَفسهَا صَحِيحَة فَمَا قَالَ بْن عجلَان عَنْ سعيد عَنْ أَبِيه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَذَاك مِمَّا حمل عَنْهُ قَدِيما قبل اخْتِلَاط صَحِيفَته عَلَيْهِ وَمَا قَالَ عَنْ سعيد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فبعضها مُتَّصِل صَحِيح وَبَعضهَا مُنْقَطع لِأَنَّهُ أسقط أَبَاهُ مِنْهَا فَلَا يجب الِاحْتِجَاج عِنْد الِاحْتِيَاط إِلَّا بِمَا يروي الثِّقَات المتقنون عَنْهُ عَنْ سعيد عَنْ أَبِيه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَإِنَّمَا كَانَ يهي أمره ويضعف لَو قَالَ فِي الْكل سعيد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَإِنَّهُ لَو قَالَ ذَلِك لَكَانَ كَاذِبًا فِي الْبَعْض لِأَن الْكل لم يسمعهُ سعيد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَلَو قَالَ ذَلِك لَكَانَ الِاحْتِجَاج بِهِ سَاقِطا على حسب مَا ذَكرْنَاهُ وَمَات مُحَمَّد بْن عجلَان سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَمِائَة حَدثنَا مُحَمَّد بن أَحْمد المسندي قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن نصر الْفراء قَالَ ثَنَا أَحْمد بن حَنْبَل قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بْن
إِدْرِيس الشَّافِعِي عَنْ مَالك عَنِ بن عجلَان قَالَ إِذا أغفل الْعَالم لَا أَدْرِي أُصِيبَت مقَالَته
أَبُو حَاتِم رَضِي الله عَنهُ وَقد سمع سعيد المَقْبُري من أَبِي هُرَيْرَةَ وَسمع عَنْ أَبِيه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَلَمَّا اخْتَلَط عَليّ بْن عجلَان صَحِيفَته وَلم يُمَيّز بَينهمَا اخْتَلَط فِيهَا وَجعلهَا كلهَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا يهى الْإِنْسَان بِهِ لِأَن الصَّحِيفَة كلهَا فِي نَفسهَا صَحِيحَة فَمَا قَالَ بْن عجلَان عَنْ سعيد عَنْ أَبِيه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَذَاك مِمَّا حمل عَنْهُ قَدِيما قبل اخْتِلَاط صَحِيفَته عَلَيْهِ وَمَا قَالَ عَنْ سعيد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فبعضها مُتَّصِل صَحِيح وَبَعضهَا مُنْقَطع لِأَنَّهُ أسقط أَبَاهُ مِنْهَا فَلَا يجب الِاحْتِجَاج عِنْد الِاحْتِيَاط إِلَّا بِمَا يروي الثِّقَات المتقنون عَنْهُ عَنْ سعيد عَنْ أَبِيه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَإِنَّمَا كَانَ يهي أمره ويضعف لَو قَالَ فِي الْكل سعيد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَإِنَّهُ لَو قَالَ ذَلِك لَكَانَ كَاذِبًا فِي الْبَعْض لِأَن الْكل لم يسمعهُ سعيد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَلَو قَالَ ذَلِك لَكَانَ الِاحْتِجَاج بِهِ سَاقِطا على حسب مَا ذَكرْنَاهُ وَمَات مُحَمَّد بْن عجلَان سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَمِائَة حَدثنَا مُحَمَّد بن أَحْمد المسندي قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن نصر الْفراء قَالَ ثَنَا أَحْمد بن حَنْبَل قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بْن
إِدْرِيس الشَّافِعِي عَنْ مَالك عَنِ بن عجلَان قَالَ إِذا أغفل الْعَالم لَا أَدْرِي أُصِيبَت مقَالَته