عبد الرحمن ( م ) بن الزبير أخو النعمان روى عن خلاد ابن عبد الرحمن سمع منه محمد بن الحسن بن اتش الصنعاني سمعت أبى يقول ذلك.
54445. عبد الرحمن السدي مولى قيس بن مخرمة القرشي...1 54446. عبد الرحمن السراج1 54447. عبد الرحمن المخزومي1 54448. عبد الرحمن بن أبي عميرة المزني1 54449. عبد الرحمن بن ابان بن عثمان بن عفان1 54450. عبد الرحمن بن الزبير154451. عبد الرحمن بن جبير بن نفير الحضرمي1 54452. عبد الرحمن بن خبيب بن اساف الانصاري...1 54453. عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد بن عائذ القرظ المؤذن...1 54454. عبد الرحمن بن علقمة المروزي1 54455. عبد الرحمن بن عمرو ابو زرعة الدمشقي النصري...1 54456. عبد الرحمن بن معاوية الزرقي الأنصاري...1 54457. عبد الرحمن أبو المهاجر البهليبي1 54458. عبد الرحمن أبو عبد رب1 54459. عبد الرحمن أبو محمد بن محمد بن إدريس1 54460. عبد الرحمن أبو مسلم1 54461. عبد الرحمن ابراهيم بن احمد المقدسي الحنبلي ابو محمد البهاء...1 54462. عبد الرحمن ابن ام الحكم1 54463. عبد الرحمن ابن حسنة3 54464. عبد الرحمن ابن حسنة بن المطاع بن عبد الله...1 54465. عبد الرحمن ابو القاسم1 54466. عبد الرحمن ابو خلاد2 54467. عبد الرحمن ابو خيثمة1 54468. عبد الرحمن ابو راشد1 54469. عبد الرحمن ابو راشد الازدي1 54470. عبد الرحمن ابو عبد الله2 54471. عبد الرحمن ابو عقبة الفارسي2 54472. عبد الرحمن ابو عقيل بن عبد الله بن ثعلبة...1 54473. عبد الرحمن ابو عمر الحداني1 54474. عبد الرحمن ابو عياش الاشجعي1 54475. عبد الرحمن ابو محمد1 54476. عبد الرحمن ابو موسى الخطمي الانصاري1 54477. عبد الرحمن ابو هند2 54478. عبد الرحمن الأصم1 54479. عبد الرحمن الأكبر بن صفوان1 54480. عبد الرحمن الازدي1 54481. عبد الرحمن الازرق الفارسي مولى الانصار...1 54482. عبد الرحمن الاسود بن عبد يغوث الزهري...1 54483. عبد الرحمن الاشجعي1 54484. عبد الرحمن الاشجعي ابو عياش1 54485. عبد الرحمن الاصم2 54486. عبد الرحمن الاكبر ابن عمر بن الخطاب1 54487. عبد الرحمن الاكبر بن عمر1 54488. عبد الرحمن الانصاري3 54489. عبد الرحمن البيلماني1 54490. عبد الرحمن الجرمي2 54491. عبد الرحمن الجندي1 54492. عبد الرحمن الجهني1 54493. عبد الرحمن الحجري2 54494. عبد الرحمن الحميري2 54495. عبد الرحمن الخطمي4 54496. عبد الرحمن الدمشقي1 54497. عبد الرحمن الربيع1 54498. عبد الرحمن الرحال1 54499. عبد الرحمن الزجاج1 54500. عبد الرحمن السدي1 54501. عبد الرحمن السراج1 54502. عبد الرحمن السلماني1 54503. عبد الرحمن السلمي1 54504. عبد الرحمن السندي1 54505. عبد الرحمن السيدي1 54506. عبد الرحمن الصنابحي2 54507. عبد الرحمن الطبيب2 54508. عبد الرحمن الطويل1 54509. عبد الرحمن العصاب1 54510. عبد الرحمن المدني2 54511. عبد الرحمن المزني4 54512. عبد الرحمن المزني ابو عمر1 54513. عبد الرحمن المزني ابو عمرو1 54514. عبد الرحمن المكفوف1 54515. عبد الرحمن المكي2 54516. عبد الرحمن اليحصبي2 54517. عبد الرحمن بن ابي عاصم الهمداني ثم الدالاني...1 54518. عبد الرحمن بن عائذ الازدي الكندي1 54519. عبد الرحمن بن آدم1 54520. عبد الرحمن بن آدم الأزدي1 54521. عبد الرحمن بن آدم البصري صاحب السقاية...1 54522. عبد الرحمن بن آدم صاحب السقاية1 54523. عبد الرحمن بن أبان2 54524. عبد الرحمن بن أبان الأموي1 54525. عبد الرحمن بن أبان بن عثمان1 54526. عبد الرحمن بن أبزى2 54527. عبد الرحمن بن أبزى الخزاعي1 54528. عبد الرحمن بن أبزي3 54529. عبد الرحمن بن أبلحان أبو سلمان المؤذن...1 54530. عبد الرحمن بن أبي أمية المكي1 54531. عبد الرحمن بن أبي أيوب1 54532. عبد الرحمن بن أبي الحسن بن إبراهيم1 54533. عبد الرحمن بن أبي الحكم الثقفى1 54534. عبد الرحمن بن أبي الرجال2 54535. عبد الرحمن بن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن...1 54536. عبد الرحمن بن أبي الزناد5 54537. عبد الرحمن بن أبي الزناد عبد الله بن ذكوان...1 54538. عبد الرحمن بن أبي الزناد عبد الله بن ذكوان المدني...1 54539. عبد الرحمن بن أبي الصهباء البصري1 54540. عبد الرحمن بن أبي الموال2 54541. عبد الرحمن بن أبي الموال أبو محمد1 54542. عبد الرحمن بن أبي الموال زيد أبو محمد المدني...1 54543. عبد الرحمن بن أبي الموالي1 54544. عبد الرحمن بن أبي بكر8 ◀ Prev. 100▶ Next 100
Jump to entry:الذهاب إلى موضوع رقم:
500100015002000250030003500400045005000550060006500700075008000850090009500100001050011000115001200012500130001350014000145001500015500160001650017000175001800018500190001950020000205002100021500220002250023000235002400024500250002550026000265002700027500280002850029000295003000030500310003150032000325003300033500340003450035000355003600036500370003750038000385003900039500400004050041000415004200042500430004350044000445004500045500460004650047000475004800048500490004950050000505005100051500520005250053000535005400054500550005550056000565005700057500580005850059000595006000060500610006150062000625006300063500640006450065000655006600066500670006750068000685006900069500700007050071000715007200072500730007350074000745007500075500760007650077000775007800078500790007950080000805008100081500820008250083000835008400084500850008550086000865008700087500880008850089000895009000090500910009150092000925009300093500940009450095000955009600096500970009750098000985009900099500100000100500Similar and related entries:
مواضيع متعلقة أو متشابهة بهذا الموضوع
عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد
مولد عبد الله بن الزبير//// ونسبه ومن فضائله
سمعت أبا بكر بن زنجويه يقول: أبو خبيب عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي.
وقال غير ابن زنجويه: كنيته أبو بكر وأبو خبيب سكن مكة وقتل بها وأمه أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنه.
- حدثنا علي بن الجعد أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن من حدثه عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه: أنه طاف بعبد الله بن الزبير في خرقة وهو أول من ولد في الإسلام.
- حدثنا سويد بن سعيد نا علي بن مسهر ح.
ونا علي بن مسلم نا أبو أسامة جميعا عن أبيه عن أسماء ابنة أبي بكر أنها هاجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي حبلى بعبد الله بن الزبير فوضعته بقباء فلم ترضعه حتى أتت به النبي صلى الله عليه وسلم فأخذه فوضعه في حجره فطلبوا تمرة ليحنكه بها حتى وجدها فحنكه وكان أول شيء دخل بطنه ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم وسماه عبد الله.
حدثنا أحمد بن منصور نا يحيى بن بكير قال: ولد عبد الله بن الزبير المدينة بعد الهجرة بعشرين شهرا وهو أكبر ن المسور ومروان بأربعة أشهر ويكنى أبا بكر وكان ممن حضر دفن عثمان رضي الله عنه.
- حدثنا محمد بن ميمون المكي الخياط نا سفيان عن ابن أبي مليكة قال: ذكر ابن الزبير عند ابن عباس فقال: كان قارئا للقرآن عفيفا في الإسلام أبوه الزبير وأمه أسماء وجده أبو بكر وعمته خديجة وخالته عائشة وجدته صفية والله لأحاسبن له نفسي محاسبة لم أحاسبها لأبي بكر ولا لعمر.
- حدثنا محمد بن حميد الرازي نا علي بن مجاهد نا رباح بن اليرني أبو محمد - مولى آل الزبير - قال: سمعت أسماء بنت أبي بكر تقول للحجاج: إن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم فدفع دمه على ابني فشربه فأتاه جبريل فأخبره قال: " ما صنعت؟ " قال: كرهت أن أصب دمك فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تمسك النار " ومسح على رأسه وقال: " ويل للناس منك وويل لك من الناس.
- حدثنا أبو الربيع الزهراني نا حماد بن زيد نا ثابت البناني قال: كنت أمر بابن الزبير وهو يصلي خلف المقام كأنه خشبة منصوبة لا يتحرك.
- حدثنا أحمد بن عمران الأخنسي نا النضر بن إسماعيل نا الأعمش عن يحيى بن وثاب: أن ابن الزبير كان إذا سجد وقعت العصافير على ظهره تصعد وتنزل لا تراه إلا جذم حائط.
- حدثنا علي بن الجعد نا شعبة عن منصور بن زاذان قال: أخبرني من رأى ابن الزبير يشرب في صلاته وكان ابن الزبير من المصلين.////
- حدثني جدي نا هشيم عن منصور قال أخبرني أبو الحكم أنه رأى ابن الزبير يشرب الماء في صلاته وكان ابن الزبير من المصلين.
- حدثنا عبد الأعلى بن حماد نا عبد العزيز بن محمد عن هشام بن عروة قال: رأيت عبد الله بن الزبير يرمي بالمنجنيق عن يمينه وعن يساره لا يلتفت وكان يشبه أبا بكر.
- حدثني جدي نا أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق قال: ما رأيت أحدا أعظم سجدة بين عينيه من عبد الله بن الزبير.
- حدثنا زياد بن أيوب نا هشيم أخبرنا المغيرة عن قطن بن عبد الله قال: رأيت ابن الزبير وهو يواصل من الجمعة إلى الجمعة فإذا كان عند إفطاره من الليلة المقبلة يدعو بقدح قد سماه هشيم قال: ثم يدعو بقعب من سمن ثم يأمر بلبن فيحلب عليه ثم يدعو بشيء من صبر فيذره عليه ثم يشربه فأما اللبن فيعضمه وأما السمن فيقطع عنه العطش وأما الصبر فيفتح أمعاءه.
- حدثني ابن هانىء نا حسان بن عبد الله المصري ح
وحدثني عباس نا يحيى بن معين نا حسان بن عبد الله المصري عن خلاد بن سليمان المصري عن خالد بن أبي عمران قال: كان ابن الزبير لا يفطر من الشهر إلا ثلاثة أيام قال: ومكث أربعين سنة لم ينزع [ثوبه عن ظهره].
- حدثنا خلف بن هشام نا محمد بن ثابت العبدي عن عمرو بن دينار قال: رأيت ابن الزبير على برذون أبيض بيده حربة ينحر بها البدن.
- حدثنا عمي نا أبو نعيم نا عبد الواحد بن أيمن قال: رأيت على ابن الزبير رداء عدنيا يصلي فيه وكان صيتا إذا خطب تجاوب الجبلين أبو قبيس وزرزز ورأيت ابن الزبير يصليهما بعد العصر وكانت له جمة إلى العنف وكانت لحيته صفراء.
- حدثنا أبو بكر بن زنجويه قال: حدثني أحمد بن شبوية قال: ثني سليمان - يعني ابن سلمويه - صاحب ابن المبارك قال: قرأت على ابن المبارك عن أبي إسحاق عن يحيى عن عامر بن عبد الله بن الزبير قال: أقبل عبد الله بن الزبير من العمرة في ركب من قريش فيهم عبد الرحمن بن أبي ربيعة المخزومي رهط من قريش حتى إذا كانوا بالكديد قال ابن الزبير: رأيت رجلا يحب [التناصب] يعني [الكرا] فقال ابن الزبير: ألا أتقدم أبغيكم لبنا؟ قالوا: بلى فأقبل ابن الزبير حتى أياه قال: فسلمت عليه قال: وعليك السلام فقال ابن الزبير: والله ما رأيتني أتيت أحدا قط إلا رأيت له مني هيبة غيره فلما دنوت منه وهو في الأجناد يذهب ولم يتحرك فضربته برجلي وقلت: انقبض إليك إنك لشحيح بظلك ////
[فانحاز متكئا وهنا] فجلست فأخذت بيده وقلت: من أنت؟ قال: رجل من أهل الأرض من الجن قال: فوالله [ما عدا إن قالها] فقامت كل.
شعرة مني واجتبذته بيدي فقلت: إنك من أهل الأرض [وتبدالي] هكذا واجتبذته وإذا ليس له سفلة وانكسر فقلت: إلي [هذا] وأنت من أهل الأرض فالتمع مني فذهب فجاءني أصحابي فقالوا: أين صاحبك؟ قلت: كان والله رجلا من الجن قد استقال فما بقي منهم رجل ممن رآه إلا ضرب به الأرض ساقطا وأخذت كل رجل منهم فشددته على بعيره بين شعبتي رحله حتى أتيت بهم أمج وما يعقلون.
- حدثنا أبو الربيع نا حماد بن زيد نا أيوب عن ابن أبي مليكة قال: دخلت على أسماء بعدما أصيب بن الزبير فقالت: بلغني أن الرجل صلب عبد الله اللهم لا تمتني حتى أوتى به فأحنطه وأكفنه فأتيت به بعد ذلك قبل موتها فجعلت تحنطه بيديها وتكفنه بعدما ذهب بصرها.
حدثنا ابن زنجويه قال: سمعت ابن عائشة يقول: قتل ابن الزبيرسنة ثلاث وسبعين.
حدثنا إسحاق بن إسماعيل نا سفيان عن أبي يعقوب العبدي قال: سمعت اميرا كان على مكة حين قتل ابن الزبير منصرف الحجاج عنها سنة ثلاث وسبعين.
حدثني ابن زنجويه قال: بلغني عن أبي معشر قال: قتل ابن الزبير يوم الثلاثاء لسبع عشرة خلت من جمادي الأولى ثلاث وسبعين.
- حدثني أحمد بن منصور نا عبد الله بن عبد الحكم نا ابن وهب عن مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد قال: رأيت رأس عبد الله بن الزبير.
قال مالك: كان مقتل الزبير على رأس ثنتين وسبعين.
مولد عبد الله بن الزبير//// ونسبه ومن فضائله
سمعت أبا بكر بن زنجويه يقول: أبو خبيب عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي.
وقال غير ابن زنجويه: كنيته أبو بكر وأبو خبيب سكن مكة وقتل بها وأمه أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنه.
- حدثنا علي بن الجعد أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن من حدثه عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه: أنه طاف بعبد الله بن الزبير في خرقة وهو أول من ولد في الإسلام.
- حدثنا سويد بن سعيد نا علي بن مسهر ح.
ونا علي بن مسلم نا أبو أسامة جميعا عن أبيه عن أسماء ابنة أبي بكر أنها هاجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي حبلى بعبد الله بن الزبير فوضعته بقباء فلم ترضعه حتى أتت به النبي صلى الله عليه وسلم فأخذه فوضعه في حجره فطلبوا تمرة ليحنكه بها حتى وجدها فحنكه وكان أول شيء دخل بطنه ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم وسماه عبد الله.
حدثنا أحمد بن منصور نا يحيى بن بكير قال: ولد عبد الله بن الزبير المدينة بعد الهجرة بعشرين شهرا وهو أكبر ن المسور ومروان بأربعة أشهر ويكنى أبا بكر وكان ممن حضر دفن عثمان رضي الله عنه.
- حدثنا محمد بن ميمون المكي الخياط نا سفيان عن ابن أبي مليكة قال: ذكر ابن الزبير عند ابن عباس فقال: كان قارئا للقرآن عفيفا في الإسلام أبوه الزبير وأمه أسماء وجده أبو بكر وعمته خديجة وخالته عائشة وجدته صفية والله لأحاسبن له نفسي محاسبة لم أحاسبها لأبي بكر ولا لعمر.
- حدثنا محمد بن حميد الرازي نا علي بن مجاهد نا رباح بن اليرني أبو محمد - مولى آل الزبير - قال: سمعت أسماء بنت أبي بكر تقول للحجاج: إن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم فدفع دمه على ابني فشربه فأتاه جبريل فأخبره قال: " ما صنعت؟ " قال: كرهت أن أصب دمك فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تمسك النار " ومسح على رأسه وقال: " ويل للناس منك وويل لك من الناس.
- حدثنا أبو الربيع الزهراني نا حماد بن زيد نا ثابت البناني قال: كنت أمر بابن الزبير وهو يصلي خلف المقام كأنه خشبة منصوبة لا يتحرك.
- حدثنا أحمد بن عمران الأخنسي نا النضر بن إسماعيل نا الأعمش عن يحيى بن وثاب: أن ابن الزبير كان إذا سجد وقعت العصافير على ظهره تصعد وتنزل لا تراه إلا جذم حائط.
- حدثنا علي بن الجعد نا شعبة عن منصور بن زاذان قال: أخبرني من رأى ابن الزبير يشرب في صلاته وكان ابن الزبير من المصلين.////
- حدثني جدي نا هشيم عن منصور قال أخبرني أبو الحكم أنه رأى ابن الزبير يشرب الماء في صلاته وكان ابن الزبير من المصلين.
- حدثنا عبد الأعلى بن حماد نا عبد العزيز بن محمد عن هشام بن عروة قال: رأيت عبد الله بن الزبير يرمي بالمنجنيق عن يمينه وعن يساره لا يلتفت وكان يشبه أبا بكر.
- حدثني جدي نا أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق قال: ما رأيت أحدا أعظم سجدة بين عينيه من عبد الله بن الزبير.
- حدثنا زياد بن أيوب نا هشيم أخبرنا المغيرة عن قطن بن عبد الله قال: رأيت ابن الزبير وهو يواصل من الجمعة إلى الجمعة فإذا كان عند إفطاره من الليلة المقبلة يدعو بقدح قد سماه هشيم قال: ثم يدعو بقعب من سمن ثم يأمر بلبن فيحلب عليه ثم يدعو بشيء من صبر فيذره عليه ثم يشربه فأما اللبن فيعضمه وأما السمن فيقطع عنه العطش وأما الصبر فيفتح أمعاءه.
- حدثني ابن هانىء نا حسان بن عبد الله المصري ح
وحدثني عباس نا يحيى بن معين نا حسان بن عبد الله المصري عن خلاد بن سليمان المصري عن خالد بن أبي عمران قال: كان ابن الزبير لا يفطر من الشهر إلا ثلاثة أيام قال: ومكث أربعين سنة لم ينزع [ثوبه عن ظهره].
- حدثنا خلف بن هشام نا محمد بن ثابت العبدي عن عمرو بن دينار قال: رأيت ابن الزبير على برذون أبيض بيده حربة ينحر بها البدن.
- حدثنا عمي نا أبو نعيم نا عبد الواحد بن أيمن قال: رأيت على ابن الزبير رداء عدنيا يصلي فيه وكان صيتا إذا خطب تجاوب الجبلين أبو قبيس وزرزز ورأيت ابن الزبير يصليهما بعد العصر وكانت له جمة إلى العنف وكانت لحيته صفراء.
- حدثنا أبو بكر بن زنجويه قال: حدثني أحمد بن شبوية قال: ثني سليمان - يعني ابن سلمويه - صاحب ابن المبارك قال: قرأت على ابن المبارك عن أبي إسحاق عن يحيى عن عامر بن عبد الله بن الزبير قال: أقبل عبد الله بن الزبير من العمرة في ركب من قريش فيهم عبد الرحمن بن أبي ربيعة المخزومي رهط من قريش حتى إذا كانوا بالكديد قال ابن الزبير: رأيت رجلا يحب [التناصب] يعني [الكرا] فقال ابن الزبير: ألا أتقدم أبغيكم لبنا؟ قالوا: بلى فأقبل ابن الزبير حتى أياه قال: فسلمت عليه قال: وعليك السلام فقال ابن الزبير: والله ما رأيتني أتيت أحدا قط إلا رأيت له مني هيبة غيره فلما دنوت منه وهو في الأجناد يذهب ولم يتحرك فضربته برجلي وقلت: انقبض إليك إنك لشحيح بظلك ////
[فانحاز متكئا وهنا] فجلست فأخذت بيده وقلت: من أنت؟ قال: رجل من أهل الأرض من الجن قال: فوالله [ما عدا إن قالها] فقامت كل.
شعرة مني واجتبذته بيدي فقلت: إنك من أهل الأرض [وتبدالي] هكذا واجتبذته وإذا ليس له سفلة وانكسر فقلت: إلي [هذا] وأنت من أهل الأرض فالتمع مني فذهب فجاءني أصحابي فقالوا: أين صاحبك؟ قلت: كان والله رجلا من الجن قد استقال فما بقي منهم رجل ممن رآه إلا ضرب به الأرض ساقطا وأخذت كل رجل منهم فشددته على بعيره بين شعبتي رحله حتى أتيت بهم أمج وما يعقلون.
- حدثنا أبو الربيع نا حماد بن زيد نا أيوب عن ابن أبي مليكة قال: دخلت على أسماء بعدما أصيب بن الزبير فقالت: بلغني أن الرجل صلب عبد الله اللهم لا تمتني حتى أوتى به فأحنطه وأكفنه فأتيت به بعد ذلك قبل موتها فجعلت تحنطه بيديها وتكفنه بعدما ذهب بصرها.
حدثنا ابن زنجويه قال: سمعت ابن عائشة يقول: قتل ابن الزبيرسنة ثلاث وسبعين.
حدثنا إسحاق بن إسماعيل نا سفيان عن أبي يعقوب العبدي قال: سمعت اميرا كان على مكة حين قتل ابن الزبير منصرف الحجاج عنها سنة ثلاث وسبعين.
حدثني ابن زنجويه قال: بلغني عن أبي معشر قال: قتل ابن الزبير يوم الثلاثاء لسبع عشرة خلت من جمادي الأولى ثلاث وسبعين.
- حدثني أحمد بن منصور نا عبد الله بن عبد الحكم نا ابن وهب عن مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد قال: رأيت رأس عبد الله بن الزبير.
قال مالك: كان مقتل الزبير على رأس ثنتين وسبعين.
عبد الله بن الزبير بن الْعَوام بن خويلد بن أَسد الْمَكِّيّ أمه أَسمَاء بنت أبي بكر الصّديق هَاجَرت بِهِ حملا فولدته بعد الْهِجْرَة بِعشْرين شهرا وَهُوَ أول مَوْلُود ولد بِالْمَدِينَةِ بعد الْهِجْرَة وَكَانَ فصيحا لسنا شجاعا وَكَانَ أكلس لَا لحية لَهُ روى عَنهُ أَوْلَاده عَامر وَعباد وَأم عَمْرو وَأَخُوهُ عُرْوَة وثابت الْبنانِيّ وَغَيرهم حضر وقْعَة اليرموك مَعَ أَبِيه وَشهد خطْبَة عمر بالجابية وبويع لَهُ بالخلافة بعد موت يزِيد بن مُعَاوِيَة سنة أَربع وَقيل خمس وَسِتِّينَ وَغلب على الْحجاز والعراقين واليمن ومصر وَأكْثر الشَّام وَكَانَت ولَايَته تسع سِنِين ثمَّ جهز لَهُ عبد الله بن مَرْوَان الْحجَّاج فحاربه وظفر بِهِ فَقتله وصلبه وَذَلِكَ فِي سنة ثَلَاث وَسبعين
عبد الله بن الزبير بن العوام
ب د ع: عَبْد اللَّهِ بْن الزبير بْن العوام بن خويلد بْن أسد بْن عبد العزى بْن قصي بْن كلاب بْن مرة القرشي الأسدي، أَبُو بكر وله كنية أخرى، أَبُو خبيب، بالخاء المعجمة المضمومة، وهو اسم أكبر أولاده، وقيل: كان يكنيه بذلك من يعيبه، وأمه أسماء بنت أَبِي بكر بْن أَبِي قحافة ذات النطاقين وجدته لأبيه: صفية بنت عبد المطلب، عمة رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وخديجة بنت خويلد عمة أبيه بْن العوام بْن خويلد، وخالته عائشة أم المؤمنين.
وهو أول مولود ولد في الإسلام بعد الهجرة للمهاجرين، فحنكه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بتمرة لاكها في فيه، ثم حنكه بها، فكان ريق رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أول شيء دخل جوفه، وسماه عَبْد اللَّهِ، وكناه أبا بكر بجده أَبِي بكر الصديق وسماه باسمه، قاله أَبُو عمر.
وهاجرت أمه إِلَى المدينة وهي حامل به، وقيل: حملت به بعد ذلك وولدته بالمدينة عَلَى رأس عشرين شهرً من الهجرة، وقيل: ولد في السنة الأولى، ولما ولد كبر المسلمون وفرحوا به كثيرًا، لأن اليهود كانوا يقولون: قد سحرناهم فلا يولد لهم ولد، فكذبهم اللَّه سبحانه وتعالى.
وكان صوامًا قواما، طويل الصلاة، عظيم الشجاعة، وأحضره أبوه الزبير عند رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليبايعه وعمره سبع سنين، أو ثماني سنين، فلما رآه النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مقبلًا تبسم، ثم بايعه.
وروى عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحاديث، وعن أبيه، وعن عمر، وعثمان، وغيرهما، روى عنه أخوه عروة، وابناه: عامر، وعباد، وعبيدة السلماني، وعطاء بْن أَبِي رباح، والشعبي، وغيرهم.
(754) أخبرنا أَبُو مُحَمَّد الْقَاسِم بْن عَلِيِّ بْنِ الحسن الدمشقي، كتابة، أخبرنا والدي، أخبرنا أَبُو الحسين بْن أَبِي يعلى وَأَبُو غالب وَأَبُو عَبْد اللَّهِ، ابنا البناء، أخبرنا أَبُو جَعْفَر، أخبرنا أَبُو طاهر المخلص، أخبرنا أحمد بْن سليمان، حدثنا الزبير بْن أَبِي بكر، قال: حدثني عَبْد الْمَلِكِ بْن عبد العزيز، عن خاله يوسف بْن الماجشون، عن الثقة، بسنده قال: قسم عَبْد اللَّهِ بْن الزبير الدهر عَلَى ثلاث ليال: فليلة هو قائم حتى الصباح، وليلة هو راكع حتى الصباح، وليلة هو ساجد حتى الصباح
(755) قال: وحدثنا الزبير، قال: وحدثني سليمان بْن حرب، عن يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيم التستري، عن عَبْد اللَّهِ بْن سَعِيد، عن مسلم بْن يناق المكي، قال: ركع ابن الزبير يومًا ركعة، فقرأت البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، وما رفع رأسه وروى هشيم، عن مغيرة، عن قطن بْن عَبْد اللَّهِ، قال: رأيت ابن الزبير يواصل من الجمعة إِلَى الجمعة فإذا كان عند إفطاره من الليلة المقبلة يدعو بقدح، ثم يدعو بقعب من سمن، ثم يأمر فيحلب عليه، ثم يدعو بشيء من صبر فيذره عليه، ثم يشربه، فأما اللبن فيعصمه، وأما السمن فيقطع عنه العطش، وأما الصبر فيفتح أمعاءه.
(756) أخبرنا أَبُو الفضل بْن أَبِي الحسن الطبري، بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَبِي يعلى الموصلي، قال: حدثنا أَبُو خيثمة، حدثنا يحيى بْن سَعِيد، عن مُحَمَّدِ بْنِ عجلان، عن عامر بْن عَبْد اللَّهِ بْن الزبير، عن أبيه، قال: كان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قعد في التشهد قال: هكذا، وضع يحيى يده اليمنى عَلَى فخذه اليمنى، واليسرى عَلَى فخذه اليسرى، وأشار بالسبابة معًا، ولم يجاوز بصره إشارته وغزا عَبْد اللَّهِ بْن الزبير إفريقية مع عَبْد اللَّهِ بْن سعد بْن أَبِي سرح، فأتاهم جرجير ملك إفريقية في مائة ألف وعشرين ألفًا، وكان المسلمون في عشرين ألفًا، فسقط في أيديهم، فنظر عَبْد اللَّهِ فرأى جرجير وقد خرج من عسكره، فأخذ معه جماعة من المسلمين وقصده فقتله، ثم كان الفتح عَلَى يده.
وشهد الجمل مع أبيه الزبير مقاتلًا لعلي، فكان علي يقول: ما زال الزبير منا أهل البيت حتى نشأ له عَبْد اللَّهِ.
وامتنع من بيعة يزيد بْن معاوية بعد موت أبيه معاوية، فأرسل إليه يزيد مسلم بْن عقبة المري فحصر المدينة، وأوقع بأهلها وقعة الحرة المشهورة، ثم سار إِلَى مكة ليقاتل ابن الزبير، فمات في الطريق، فاستخلف الحصين بْن نمير السكوني عَلَى الجيش، فصار الحصين وحصر ابن الزبير بمكة لأربع بقين من المحرم من سنة أربع وستين، فأقام عليه محاصرًا، وفي هذا الحصر احترقت الكعبة، واحترق فيها قرنا الكبش الذي فدي به إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم الخليل صلى اللَّه عليهما وسلم، ودام الحصر إِلَى أن مات يزيد، منتصف ربيع الأول من السنة، فدعا الحصين ليبايعه ويخرج معه إِلَى الشام، ويهدر الدماء التي بينهما ممن قتل بمكة والمدينة في وقعة الحرة، فلم يجبه ابن الزبير وقال: لا أهدر الدماء، فقال الحصين: قبح اللَّه من يعدك داهيًا أو أريبًا، أدعوك إِلَى الخلافة وتدعونني إِلَى القتل!! وبويع عَبْد اللَّهِ بْن الزبير بالخلافة بعد موت يزيد، وأطاعه أهل الحجاز، واليمن، والعراق، وخراسان، وجدد عمارة الكعبة، وأدخل فيها الحجر، فلما قتل ابن الزبير أمر عَبْد الْمَلِكِ بْن مروان أن تعاد عمارة الكعبة إِلَى ما كانت أولًا، ويخرج الحجر منها، ففعل ذلك فهي هذه العمارة الباقية.
وبقي ابن الزبير خليفة إِلَى أن ولي عَبْد الْمَلِكِ بْن مروان بعد أبيه، فلما استقام له الشام، ومصر، جهز العساكر، فسار إِلَى العراق فقتل مصعب بْن الزبير، وسير الحجاج بْن يوسف إِلَى الحجاز، فحصر عَبْد اللَّهِ بْن الزبير بمكة، أول ليلة من ذي الحجة سنة اثنتين وسبعين، وحج بالناس الحجاج ولم يطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة، ونصب منجنيقًا عَلَى جبل أَبِي قبيس فكان يرمي الحجارة إِلَى المسجد، ولم يزل يحاصره إِلَى أن قتل في النصف من جمادى الآخرة، من سنة ثلاث وسبعين.
قال عروة بْن الزبير: لما اشتد الحصر عَلَى عَبْد اللَّهِ قبل قتله بعشرة أيام، دخل عَلَى أمه أسماء وهي شاكية، فقال لها: إن في الموت لراحة، فقالت له: لعلك تمنيته لي، ما أحب أن أموت حتى يأتي علي أحد طرفيك، إما قتلت فأحتسبك، وَإِما ظفرت بعدوك فتقر عيني، فضحك.
فلما كان اليوم الذي قتل فيه دخل عليها، فقالت له: يا بني، لا تقبلن منهم خطة تخاف فيها عَلَى نفسك الذل مخافة القتل، فوالله لضربة بسيف في عز خير من ضربة بسوطٍ في ذل، وخرج عَلَى الناس وقاتلهم في المسجد، فكان لا يحمل عَلَى ناحية إلا هزم من فيها من جند الشام، فأتاه حجر من ناحية الصفا، فوقع بين عينيه، فنكس رأسه وهو يقول:
ولسنا عَلَى الأعقاب تدمى كلومنا ولكن عَلَى أقدامنا يقطر الدما
ثم اجتمعوا عليه فقتلوه، فلما قتلوه كبر أهل الشام، فقال عَبْد اللَّهِ بْن عمر: المكبرون عليه يَوْم ولد، خير من المكبرين عليه يَوْم قتل.
وقال يعلى بْن حرملة: دخلت مكة بعدما قتل ابن الزبير، فجاءت أمه امرأة طويلة عجوزًا مكفوفة البصر تقاد، فقالت للحجاج: أما آن لهذا الراكب أن ينزل؟ ! فقال لها الحجاج: المنافق؟ قالت: والله ما كان منافقًا، ولكنه كان صوامًا قوامًا وصولًا، قال: انصرفي فإنك عجوز قد خرفت، فقالت: لا والله ما خرفت، ولقد سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " يخرج من ثقيف كذاب ومبير "، أما الكذاب فقد رأيناه، وأما المبير فأنت المبير، تعني بالكذاب المختار ابن أَبِي عبيد.
وكان ابن الزبير كوسجًا واجتاز به ابن عمر وهو مصلوب، فوقف وقال: السلام عليك أباه خبيب، ودعا له ثم قال: أما والله إن أمة أنت شرها لنعم الأمة، يعني إن أهل الشام كانوا يسمونه ملحدًا ومنافقًا إِلَى غير ذلك.
ب د ع: عَبْد اللَّهِ بْن الزبير بْن العوام بن خويلد بْن أسد بْن عبد العزى بْن قصي بْن كلاب بْن مرة القرشي الأسدي، أَبُو بكر وله كنية أخرى، أَبُو خبيب، بالخاء المعجمة المضمومة، وهو اسم أكبر أولاده، وقيل: كان يكنيه بذلك من يعيبه، وأمه أسماء بنت أَبِي بكر بْن أَبِي قحافة ذات النطاقين وجدته لأبيه: صفية بنت عبد المطلب، عمة رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وخديجة بنت خويلد عمة أبيه بْن العوام بْن خويلد، وخالته عائشة أم المؤمنين.
وهو أول مولود ولد في الإسلام بعد الهجرة للمهاجرين، فحنكه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بتمرة لاكها في فيه، ثم حنكه بها، فكان ريق رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أول شيء دخل جوفه، وسماه عَبْد اللَّهِ، وكناه أبا بكر بجده أَبِي بكر الصديق وسماه باسمه، قاله أَبُو عمر.
وهاجرت أمه إِلَى المدينة وهي حامل به، وقيل: حملت به بعد ذلك وولدته بالمدينة عَلَى رأس عشرين شهرً من الهجرة، وقيل: ولد في السنة الأولى، ولما ولد كبر المسلمون وفرحوا به كثيرًا، لأن اليهود كانوا يقولون: قد سحرناهم فلا يولد لهم ولد، فكذبهم اللَّه سبحانه وتعالى.
وكان صوامًا قواما، طويل الصلاة، عظيم الشجاعة، وأحضره أبوه الزبير عند رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليبايعه وعمره سبع سنين، أو ثماني سنين، فلما رآه النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مقبلًا تبسم، ثم بايعه.
وروى عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحاديث، وعن أبيه، وعن عمر، وعثمان، وغيرهما، روى عنه أخوه عروة، وابناه: عامر، وعباد، وعبيدة السلماني، وعطاء بْن أَبِي رباح، والشعبي، وغيرهم.
(754) أخبرنا أَبُو مُحَمَّد الْقَاسِم بْن عَلِيِّ بْنِ الحسن الدمشقي، كتابة، أخبرنا والدي، أخبرنا أَبُو الحسين بْن أَبِي يعلى وَأَبُو غالب وَأَبُو عَبْد اللَّهِ، ابنا البناء، أخبرنا أَبُو جَعْفَر، أخبرنا أَبُو طاهر المخلص، أخبرنا أحمد بْن سليمان، حدثنا الزبير بْن أَبِي بكر، قال: حدثني عَبْد الْمَلِكِ بْن عبد العزيز، عن خاله يوسف بْن الماجشون، عن الثقة، بسنده قال: قسم عَبْد اللَّهِ بْن الزبير الدهر عَلَى ثلاث ليال: فليلة هو قائم حتى الصباح، وليلة هو راكع حتى الصباح، وليلة هو ساجد حتى الصباح
(755) قال: وحدثنا الزبير، قال: وحدثني سليمان بْن حرب، عن يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيم التستري، عن عَبْد اللَّهِ بْن سَعِيد، عن مسلم بْن يناق المكي، قال: ركع ابن الزبير يومًا ركعة، فقرأت البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، وما رفع رأسه وروى هشيم، عن مغيرة، عن قطن بْن عَبْد اللَّهِ، قال: رأيت ابن الزبير يواصل من الجمعة إِلَى الجمعة فإذا كان عند إفطاره من الليلة المقبلة يدعو بقدح، ثم يدعو بقعب من سمن، ثم يأمر فيحلب عليه، ثم يدعو بشيء من صبر فيذره عليه، ثم يشربه، فأما اللبن فيعصمه، وأما السمن فيقطع عنه العطش، وأما الصبر فيفتح أمعاءه.
(756) أخبرنا أَبُو الفضل بْن أَبِي الحسن الطبري، بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَبِي يعلى الموصلي، قال: حدثنا أَبُو خيثمة، حدثنا يحيى بْن سَعِيد، عن مُحَمَّدِ بْنِ عجلان، عن عامر بْن عَبْد اللَّهِ بْن الزبير، عن أبيه، قال: كان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قعد في التشهد قال: هكذا، وضع يحيى يده اليمنى عَلَى فخذه اليمنى، واليسرى عَلَى فخذه اليسرى، وأشار بالسبابة معًا، ولم يجاوز بصره إشارته وغزا عَبْد اللَّهِ بْن الزبير إفريقية مع عَبْد اللَّهِ بْن سعد بْن أَبِي سرح، فأتاهم جرجير ملك إفريقية في مائة ألف وعشرين ألفًا، وكان المسلمون في عشرين ألفًا، فسقط في أيديهم، فنظر عَبْد اللَّهِ فرأى جرجير وقد خرج من عسكره، فأخذ معه جماعة من المسلمين وقصده فقتله، ثم كان الفتح عَلَى يده.
وشهد الجمل مع أبيه الزبير مقاتلًا لعلي، فكان علي يقول: ما زال الزبير منا أهل البيت حتى نشأ له عَبْد اللَّهِ.
وامتنع من بيعة يزيد بْن معاوية بعد موت أبيه معاوية، فأرسل إليه يزيد مسلم بْن عقبة المري فحصر المدينة، وأوقع بأهلها وقعة الحرة المشهورة، ثم سار إِلَى مكة ليقاتل ابن الزبير، فمات في الطريق، فاستخلف الحصين بْن نمير السكوني عَلَى الجيش، فصار الحصين وحصر ابن الزبير بمكة لأربع بقين من المحرم من سنة أربع وستين، فأقام عليه محاصرًا، وفي هذا الحصر احترقت الكعبة، واحترق فيها قرنا الكبش الذي فدي به إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم الخليل صلى اللَّه عليهما وسلم، ودام الحصر إِلَى أن مات يزيد، منتصف ربيع الأول من السنة، فدعا الحصين ليبايعه ويخرج معه إِلَى الشام، ويهدر الدماء التي بينهما ممن قتل بمكة والمدينة في وقعة الحرة، فلم يجبه ابن الزبير وقال: لا أهدر الدماء، فقال الحصين: قبح اللَّه من يعدك داهيًا أو أريبًا، أدعوك إِلَى الخلافة وتدعونني إِلَى القتل!! وبويع عَبْد اللَّهِ بْن الزبير بالخلافة بعد موت يزيد، وأطاعه أهل الحجاز، واليمن، والعراق، وخراسان، وجدد عمارة الكعبة، وأدخل فيها الحجر، فلما قتل ابن الزبير أمر عَبْد الْمَلِكِ بْن مروان أن تعاد عمارة الكعبة إِلَى ما كانت أولًا، ويخرج الحجر منها، ففعل ذلك فهي هذه العمارة الباقية.
وبقي ابن الزبير خليفة إِلَى أن ولي عَبْد الْمَلِكِ بْن مروان بعد أبيه، فلما استقام له الشام، ومصر، جهز العساكر، فسار إِلَى العراق فقتل مصعب بْن الزبير، وسير الحجاج بْن يوسف إِلَى الحجاز، فحصر عَبْد اللَّهِ بْن الزبير بمكة، أول ليلة من ذي الحجة سنة اثنتين وسبعين، وحج بالناس الحجاج ولم يطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة، ونصب منجنيقًا عَلَى جبل أَبِي قبيس فكان يرمي الحجارة إِلَى المسجد، ولم يزل يحاصره إِلَى أن قتل في النصف من جمادى الآخرة، من سنة ثلاث وسبعين.
قال عروة بْن الزبير: لما اشتد الحصر عَلَى عَبْد اللَّهِ قبل قتله بعشرة أيام، دخل عَلَى أمه أسماء وهي شاكية، فقال لها: إن في الموت لراحة، فقالت له: لعلك تمنيته لي، ما أحب أن أموت حتى يأتي علي أحد طرفيك، إما قتلت فأحتسبك، وَإِما ظفرت بعدوك فتقر عيني، فضحك.
فلما كان اليوم الذي قتل فيه دخل عليها، فقالت له: يا بني، لا تقبلن منهم خطة تخاف فيها عَلَى نفسك الذل مخافة القتل، فوالله لضربة بسيف في عز خير من ضربة بسوطٍ في ذل، وخرج عَلَى الناس وقاتلهم في المسجد، فكان لا يحمل عَلَى ناحية إلا هزم من فيها من جند الشام، فأتاه حجر من ناحية الصفا، فوقع بين عينيه، فنكس رأسه وهو يقول:
ولسنا عَلَى الأعقاب تدمى كلومنا ولكن عَلَى أقدامنا يقطر الدما
ثم اجتمعوا عليه فقتلوه، فلما قتلوه كبر أهل الشام، فقال عَبْد اللَّهِ بْن عمر: المكبرون عليه يَوْم ولد، خير من المكبرين عليه يَوْم قتل.
وقال يعلى بْن حرملة: دخلت مكة بعدما قتل ابن الزبير، فجاءت أمه امرأة طويلة عجوزًا مكفوفة البصر تقاد، فقالت للحجاج: أما آن لهذا الراكب أن ينزل؟ ! فقال لها الحجاج: المنافق؟ قالت: والله ما كان منافقًا، ولكنه كان صوامًا قوامًا وصولًا، قال: انصرفي فإنك عجوز قد خرفت، فقالت: لا والله ما خرفت، ولقد سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " يخرج من ثقيف كذاب ومبير "، أما الكذاب فقد رأيناه، وأما المبير فأنت المبير، تعني بالكذاب المختار ابن أَبِي عبيد.
وكان ابن الزبير كوسجًا واجتاز به ابن عمر وهو مصلوب، فوقف وقال: السلام عليك أباه خبيب، ودعا له ثم قال: أما والله إن أمة أنت شرها لنعم الأمة، يعني إن أهل الشام كانوا يسمونه ملحدًا ومنافقًا إِلَى غير ذلك.
عبد الله بن الزبير بن العوام
- عبد الله بن الزبير بن العوام. يكنى أبا بكر, ويكنى أبا خبيب. أمه أسماء بنة أبي بكر الصديق. قتل بمكة سنة ثلاث وسبعين.
- عبد الله بن الزبير بن العوام. يكنى أبا بكر, ويكنى أبا خبيب. أمه أسماء بنة أبي بكر الصديق. قتل بمكة سنة ثلاث وسبعين.
عبد الله بن الزّبير بن العوّام بن خويلد بن أسد بن عبد العزّى بن قصىّ بن كلاب بن مرّة القرشى الأسدىّ : يكنى أبا بكر . غزا عبد الله بن الزبير إفريقية مع عبد الله بن سعد بن أبى سرح سنة سبع وعشرين، لا يختلف فى ذلك . وهو الذي قتل «جرجير» ، وأخذ ابنته فى نفله . وقدم بكتاب الفتح على عثمان (رضى الله عنه) سنة ثمان وعشرين . يروى عنه خالد بن عفرىّ المعافرى .
عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى له كنيتان أبو بكر وأبو خبيب أمه أسماء بنت أبى بكر الصديق حملت به بمكة وخرجت مهاجرة إلى المدينة وهى حامل فلما قدمت المدينة فولدته بها وأتت به النبي صلى الله عليه وسلم فوضعه في حجره ودعا بتمرة فمضغها وحنكه بها فكان أول شئ دخل جوفه ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دعا له وبرك عليه وهو أول مولود ولد في الاسلام من المهاجرين بالمدينة قتله الحجاج بن يوسف في المسجد الحرام سنة ثنتين وسبعين ثم صلبه في ولاية عبد الملك بن مروان
عبد الله بن الزبير بن العوام
ابن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب أبو بكر ويقال أبو خبيب الأسدي.
وأول مولود ولد في الإسلام بالمدينة من قريش. له صحبة، حضر وقعة اليرموك مع أبيه، وشهد خطبة عمر بالجابية، وقدم دمشق لغزو القسطنطينية أيام معاوية، وبويع بالخلافة بعد موت يزيد بن معاوية بمكة، وغلب على الحجاز والعراقين واليمن ومصر وأكثر الشام، ثم قتله الحجاج بن يوسف وصلبه في أيام عبد الملك بن مروان.
قال ثابت البناني: سمعت عبد الله بن الزبير وهو على المنبر يخطب ويقول: قال محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة.
قال سعيد بن جبير: كنت جالساً عند عبد الله بن عتبة بن مسعود، وكان ابن الزبير جعله على قضاء الكوفة إذ جاءه كتاب ابن الزبير: سلام عليك أما بعد. فإنك كتبت تسألني عن الجد، وإن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: لو كنت متخذاً من هذه الأمة خليلاً من دون ربي لاتخذت ابن أبي قحافة، ولكنه أخي في الدين وصاحبي في الغار، وجعل الجد أباً، فأحق من أخذنا به قول أبي بكر رضي الله عنه.
قال عبد الله بن الزبير: خطبنا عمر بالجابية فقال: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قام فينا كمقامي هذا فيكم فقال: أكرموا أصحابي ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم. ثم يفشو الكذب حتى يشهد الرجل ولم يستشهد، وحتى يحلف ولم يستحلف، فمن أحب أن يسكن بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة، فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد. ولا يخلون رجل بامرأة، فإن الشيطان ثالثهما، ومن سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن.
قال الزبير بن بكار: فولد الزبير بن العوام: عبد الله وبه كان يكنى الزبير، والمنذر، وعروة، وغيرهم. ثم قال: وأمهم أسماء بنت أبي بكر الصديق ذات النطاقين ولد عبد الله بن الزبير في شوال سنة اثنتين من الهجرة.
قال الواقدي: توفي سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعبد الله ابن ثماني سنين وأربعة أشهر.
وأمه أسماء بنت أبي بكر الصديق، وجده أبو بكر الصديق، وجدته صفية عمة سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعمته خديجة زوجة سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وخالته عائشة زوجة سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو أول مولود ولد في الإسلام للمهاجرين بالمدينة فحنكه سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسماه عبد الله فكبر الصحابة والمسلمون لمولده استكثاراً، وقتل بمكة سنة ثلاث وسبعين فكبر فجرة أهل الشام لقتله استكباراً. بايع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو ابن ثمان سنين، كان صواماً، قواماً، بالحق قوالاً، وللرحم وصالاً، شديد على الفجرة، ذليلاً للأتقياء البررة، وكانت له جمة مفروقة طويلة.
وحملت به أمه وهي متم، فولدت بقباء وحملته إلى سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فحنكه بتمرة، فكان أول ما دخل في جوفه ريق سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ودعا له وبارك عليه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم ترضعه أمه حتى أتت به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخذه فوضعه في حجره وحنكه. ولد بعد الهجرة بعشرين شهراً. قتل بمكة وصلب بها، وحمل رأسه إلى المدينة وبعث إلى خراسان فدفن بها.
ولما ولد عبد الله بن الزبير بقباء، وكانت يهود حين قدم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت: أخذوهم حتى لا يكون لهم نسل. فلما ولد عبد الله بن الزبير كبر الناس. وكان أول مولود ولد في الإسلام.
وحنكه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ودعا له وأسماه عبد الله قال: قد أسميته بجبريل، ثم جاء وهو ابن سبع سنين أو ثمان ليبايع صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أمره بذلك الزبير فتبسم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين رآه
ثم بايعه. ولما قتل كبر أهل الشام فقال عبد الله بن عمر بن الخطاب - وسمع تكبير أهل الشام - الذين كبروا على مولده خير من الذين كبروا على قتله.
قال زيد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب: لما دخل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة قالت يهود: قد سحرنا محمداً وأصحابه فليس يولد لهم بأرضنا. قال: فكان أول مولود عبد الله بن الزبير. قال زيد: فسمعت أن اليهود لما علموا أن الله تبارك وتعالى قد أبطل كيدهم حولوا فكتبوا طباً فجعلوا ما يضر ينفع، وما ينفع يضر.
ولما حمل إلى سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحنكه أمر أن يؤذن في أذنيه بالصلاة، فأذن أبو بكر في أذنيه.
وقال أبو إسحاق: إن أبا بكر طاف بابن الزبير في خرقة وهو صبي مولود، وفي ذلك خلاف. والصحيح أن عبد الله بن الزبير ولد بالمدينة بعد الهجرة لا خلاف فيه، ومكة يومئذ دار حرب لم يدخلها سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا أحد من المسلمين. وزعموا أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما نظر في وجهه قال: أهو هو ليمنعن البيت أو ليموتن دونه. وقال العقيلي في ذلك:
بر تبين ما قال الرسول له ... من الصلاة لضاحي وجهه علم
حمامة من حمام البيت قاطنة ... لا تتبع الناس إن جاروا وإن ظلموا
هو أول مولود ولد بالمدينة، وأتاه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمشي من المدينة اليوم الذي ولد فيه، وكانت أسماء مع أبيها بالسنح ببلحارث بن الخزرج.
قال الزبير: والصحيح أن عبد الله بن الزبير ولد بقباء، والبيت الذي ولد فيه قائم معروف، ولاد ابن الزبير فيه وإنما كان نزول أبي بكر الصديق بالسنح حين تزوج مليكة بنت خارجة بن زيد بن أبي زهير، ولم يتزوجها إلا بعد مولد عبد الله بن الزبير.
وكان عبد الله يقول: هاجرت بي أمي في بطنها فما أصابها من مخمصة أو نصب إلا وقد أصابني. وكان عارضا ابن الزبير خفيفين، فما اتصلت لحيته حتى بلغ ستين سنة.
وعن محمد بن كعب القرظي: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل على أسماء بنت أبي بكر الصديق حين ولد عبد الله بن الزبير فقال: أهو هو؟ فتركت أسماء رضاع عبد الله بن الزبير لما سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول هو هو. فقيل لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن أسماء تركت رضاع عبد الله بن الزبير لما سمعتك تقول: أهو هو، فقال: أرضعيه ولو بماء عينيك. كبش بين ذئاب، ذئاب عليها ثياب، ليمنعن الحرم أو ليقتلن به.
كان الزبير يقبل ابنه عبد الله وهو صغير يقول:
أبيض من آل أبي عتيق ... أحبه كما أحب ريقي
وعن عروة: أن عبد الله بن الزبير وجعفر بن الزبير بايعا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهما ابنا سبع سنين، فلما رآهما رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تبسم وبسط يده فبايعهما.
وعن عبد الله بن عروة: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلم في غلمة ترعرعوا منهم عبد الله بن جعفر، وعبد الله بن الزبير، وعمر بن أبي سلمة، فقيل: يا رسول الله، لو بايعتهم فتصيبهم بركتك ويكون لهم ذكر، فأتي بهم إليه فكأنهم تكعكعوا حين جيء بهم إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاقتحم ابن الزبير أولهم فتبسم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال: إنه ابن أبيه، وبايعوه.
وعن عبد الله بن الزبير: أنه أتى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يحتجم. فلما فرغ قال: يا عبد الله، اذهب بهذا الدم فأهرقه حيث لا يراك أحد. فلما برز عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عمد إلى الدم فشربه. فلما رجع قال: يا عبد الله، ما صنعت؟ قال: جعلته في أخفى مكان علمت أنه بخاف عن الناس. قال: لعلك شربته! قال: نعم. قال: ولم شربت الدم! ويل للناس منك، وويل لك من الناس. قال: فكانوا يرون أن القوة التي به من ذلك الدم.
وفي حديث: من قوة دم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وفي حديث بمعناه قال: إني أحببت أن يكون من دم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في جوفي فقال: ويل لك من الناس، وويل للناس منك، لا تمسك النار إلا قسم اليمين.
وعن محمد بن حاطب أنه قال - وذكر ابن الزبير فقال: طالما حرص على الإمارة قلت: وما ذاك؟ قال: أتي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بلص فأمر بقتله، فقيل: إنه سرق، قال: اقطعوه، ثم جيء بعد ذلك إلى أبي بكر وقد سرق وقد قطعت قوائمه، فقال أبو بكر: ما أجد لك شيئاً إلا قضى فيك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم أمر بقتلك، فإنه كان أعلم بك، فأمر بقتله أغيلمة من أبناء المهاجرين أنا فيهم. قال ابن الزبير: أمروني عليكم، فأمرناه علينا فانطلقنا به إلى البقيع، فقتلناه.
وعن محمد بن الضحاك: أن عبد الملك بن مروان قال لرأس الجالوت - أو لابن رأس الجالوت - ما عندكم من الفراسة في الصبيان؟ قال: ما عندنا فيهم شيء لأنهم يخلقون خلقاً بعد خلق، غير أنا نرمقهم فإن سمعنا منهم من يقول في لعبه: من يكون معي؟ رأيناها همة وخبر صدق فيه. وإن سمعناه يقول: مع من أكون؟ كرهناها منه. فكان أول ما علم من أمر ابن الزبير أنه كان ذات يوم يلعب مع الصبيان وهو صبي فمر رجل فصاح عليهم، ففروا، ومشى ابن الزبير القهقري وقال: يا صبيان، اجعلوني أميركم، وشدوا بنا عليه.
ومر به عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو صبي يلعب مع الصبيان، ففروا، ووقف، فقال له: مالك لم تفر مع أصحابك؟ فقال: يا أمير المؤمنين، لم أجرم فأخافك، ولم تكن الطريق ضيقة فأوسع لك.
كان نوف يقول: إني لأجد في كتاب الله المنزل أن ابن الزبير فارس الخلفاء.
وعن محمد بن أبي يعقوب الضبي: أن معاوية بن أبي سفيان كان يلقى ابن الزبير فيقول: مرحباً يا بن عمة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وابن حواري رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويأمر له بمئة ألف.
قال ابن أبي مليكة: ذكر ابن الزبير عند ابن عباس فقال: قارئاً لكتاب الله، عفيفاً في الإسلام، أبوه الزبير، وأمه أسماء، وجده أبو بكر، وعمته خديجة، وخالته عائشة، وجدته صفية، والله لأحاسبن له نفسي محاسبة لم أحاسبها لأبي بكر ولا عمر.
وفي حديث ابن عباس قال: لما بلغ الناس عبد الله بن الزبير قلت: أين المذهب عن ابن الزبير؟ أبوه حواري رسولالله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجدته عمة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صفية بنت عبد المطلب، وعمته خديجة بنت خويلد زوج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وخالته أم المؤمنين عائشة، وجده صديق رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبو بكر، وأمه ذات النطاقين، فشددت على عضده ثم آثر علي الحميدات والتويتات والأسامات فبأوت بنفسي ولم أرض بالهوان. إن ابن أبي العاص مشى اليقدمية - ويقال القدمية - وإن ابن الزبير مشى القهقرى.
وفي حديث آخر: إن ابن الزبير لوى ذنبه ثم قال لعلي بن عبد الله بن العباس: الحق بابن عمك فغثك خير من سمين غيرك، ومنك أنفك وإن كان أجدع، فلحق علي بعبد الملك بنمروانفكان آثر الناس عنده.
قوله مشى اليقدمية بهمته وأفعاله، وابن الزبير مشى القهقرى: أي نكص على عقبيه، وتأخر عما تقدم له الآخر. وقوله: فبأوت بنفسي أي رفعتها وعظمتها، والبأو: التعظيم. وقوله: آثر علي الحميدات والتوتيات والأسامات أراد: آثر
قوماً من بني أسد ابن عبد العزى من قرابته. وكأنه صغرهم وحقرهم.
قال محمد بن المرتفع: سمعت ابن الزبير يقول: يا معشر الحاج، سلوني، فعلينا كان التنزيل، ونحن حضرنا التأويل، فقال له رجل من أهل العراق: دخلت في جرابي فأرة، أيحل لي قتلها وأنا محرم؟ قال: اقتل الفويسقة. قال: أخبرنا بالشفع والوتر والليالي العشر قال: العشر: الثمان، وعرفة، والنحر، والشفع: من تعجل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه. وهو اليوم.
وكان عبد الله بن الزبير من العلماء العباد المجتهدين، وما كان أحد أعلم بالمناسك منه، وأوصت إليه عائشة أم المؤمنين.
وقال عمرو بن دينار: ما رأيت مصلياً أحسن صلاة من ابن الزبير.
وقال مجاهد: كان ابن الزبير إذا قام في الصلاة كأنه عود. وحدث أن أبا بكر رضي الله عنه كان كذلك.
وقال يحيى بن وثاب: وكان ابن الزبير إذا سجد وقعت العصافير على ظهره، تصعد وتنزل، لا تراه إلا جذم حائط.
وقال وهب بن كيسان: أول من وصف رجليه في الصلاة عبد الله بن الزبير فاقتدى به كثير من العباد. وكان مجتهداً.
قال مسلم المكي: ركع ابن الزبير يوماً ركعة فقرأت البقرة وآل عمران والنساء والمائدة، وما رفع رأسه.
ويروي أنه قسم الدهر على ثلاث ليالٍ: فليلة هو قائم حتى الصباح، وليلة هو راكع حتى الصباح، وليلة هو ساجد حتى الصباح.
قال ابن المنكدر: لو رأيت ابن الزبير يصلي كأنه غصن شجرة تصفقها الريح والمنجنيق يقع هاهنا وهاهنا. قال سفيان: كأنه لا يبالي.
قال عمر بن عبد العزيز لابن مليكة: صف لنا عبد الله بن الزبير، فإنه ترمرم على أصحابنا فتغشمروا عليه فقال: عن أي حاليه تسأل، أعن دينه أو عن دنياه؟ قال: عن كل. قال: والله ما رأيت جلداً قط ركب على لحم، ولا لحماً على عصب، ولا عصباً على عظم مثل جلده على لحمه، ولا مثل لحمه على عصبه، ولا مثل عصبه على عظمه، ولا رأيت نفساً ركبت بين جنبين مثل نفس له ركبت بين جنبيه. ولقد قام يوماً إلى الصلاة فمر حجر من حجارة المنجنيق بلبنه مطبوخة من شرافات المسجد فمرت بين لحيته وصدره، فوالله ما خشع لها بصره ولا قطع لها قراءته، ولا ركع دون الركوع الذي كان يركع. إن ابن الزبير كان إذا دخل في الصلاة خرج من كل شيء إليها، ولقد كان يركع فتكاد تقع الرخم على ظهره، ويسجد فكأنه ثوب مطروح.
وعن منصور بن زاذان قال: أخبرني من رأى ابن الزبير يشرب في صلاته، وكان ابن الزبير من المصلين.
وحدث عمر بن قيس عن أمه قالت: دخلت على عبد الله بن الزبير ببيته فإذا هو قائم يصلي. قالت: فسقطت حية من السقف على ابنه هاشم، فتطوقت على بطنه وهو قائم، فصاح أهل البيت: الحية ولم يزالوا بها، حتى قتلوها، وعبد الله بن الزبير يصلي ما التفت. ولا عجل، ثم فرغ بعدما قتلت فقال: ما بالكم؟ قال: فقالت أم هاشم: يرحمك الله، أرأيت إن كنا هنا عليك أيهون عليك ابنك؟ قالت: فقال: ويحك! وما كانت التفاتة لو التفتها مبقية من صلاتي؟
وولاء عمر بن قيس لأم هاشم بنت منظور بن زيان، أم هاشم ابن عبد الله بن الزبير.
وكان عبد الله بن الزبير قوام الليل، صوام النهار، وكان يسمى حمام المسجد.
وكان عبد الله بن الزبير يواصل الصيام سبعاً، يصوم يوم الجمعة ولا يفطر إلا ليلة الجمعة الأخرى، ويصوم بالمدينة ولا يفطر إلا بمكة، وكان عند إفطاره يدعو بقعب من سمن، ثم يأمر بلبن فيحلب عليه، ثم يدعو بشيء من صبر فيذره عليه ثم يشربه. فأما اللبن فيعصمه، وأما السمن فيقطع عنه العطش، وأما الصبر فيفتح أمعاءه.
قال خالد بن أبي عمران: كان ابن الزبير لا يفطر من الشهر إلا ثلاثة أيام. قال: ومكث أربعين سنة لم ينزع ثوبه عن ظهره.
وقال هشام بن حسان: كان عبد الله بن الزبير يصوم عشرة أيام لا يفطر فيها. قال: فكان إذا دخل رمضان أكل أكلة في نصف الشهر.
وقال عمار بن أبي عمار: كان عبد الله بن أبي الزبير يواصل سبعة أيام فإذا كان ليلة السابعة دعا بإناء من سمن فشربه، ثم أتى بثريدة في صحفة عليها عرقان، ويؤتى الناس بالجفان فتوضع بين أيديهم، فيقول: أيها الناس، هذا خالص مالي، وهذا من بيت مالكم.
قال مجاهد: ما كان باب من العبادة يعجز عنه الناس إلا تكلفه عبد الله بن الزبير. ولقد جاء سيل طبق البيت فجعل ابن الزبير يطوف سباحة.
قال عثمان بن طلحة: كان عبد الله بن الزبير لا ينازع في ثلاثة: شجاعة، ولا عبادة، ولا بلاغة.
قال عبد الواحد بن أيمن: رأيت على ابن الزبير رداءً عدنياً يصلي فيه، وكان صيتاً، إذا خطب تجاوب
الجبلان: أبو قبيس، وزرزرز، وكانت له جمة إلى العنق، وكانت له لحية صفراء.
قال أبو سفيان الحميري: تكلم عبد الله بن الزبير والزبير يسمع، فقال له: أي بني، ما زلت تكلم بكلام أبي بكر رضي الله عنه حتى ظننت أن أبا بكر قائم، فانظر إلى من تزوج فإن المرأة من أخيها، من أبيها.
وعن مصعب بن عبد الله قال:
غزا عبد الله بن الزبير إفريقية مع عبد الله بن سعد بن أبي سرح العامري، قال عبد الله: هجم علينا جرجير في معسكرنا في عشرين ومئة ألف، فأحاطوا بنا من كل مكان، وسقط في أيدي المسلمين، ونحن في عشرين ألفاً من المسلمين. واختلف الناس على ابن أبي سرح، فدخل فسطاطاً له فخلا فيه، ورأيت غرة من جرجير، بصرت به خلف عساكره على برذون أشهب، معه جاريتان تظلان عليه بريش الطواويس، بينه وبين جنده أرض بيضاء ليس فيها أحد، فخرجت أطلب ابن أبي سرح فقيل: قد خلا في فسطاطه، فأتيت حاجبه فأبى أن يأذن لي عليه فدرت من كسر الفسطاط فدخلت عليه، فوجدته مستلقياً على ظهره. فلما دخلت فزع واستوى جالساً، فقلت: إيه إيه " كل أزب نفور " فقال: ما أدخلك علي يا بن الزبير؟ قلت: رأيت عورة من العدو فاخرج فاندب لي الناس، قال: وما هي؟ قال: فأخبرته، فخرج معي مسرعاً؟، فقال: يا أيها الناس، انتدبوا مع ابن الزبير، فاخترت ثلاثين فارساً وقلت لسائرهم: البثوا على مصافكم، وحملت في الوجه الذي رأيت فيه جرجير، وقلت لأصحابي: احموا لي ظهري، فوالله ما نشبت أن خرقت الصف إليه، فخرجت صامداً له، وما يحتسب هو ولا أصحابه إلا أني رسول إليه حتى دنوت منه فعرف الشر، فثنى بردونه مولياً، وأدركته فطعنته، فسقط وسقطت الجاريتان عليه، وأهويت إليه مبادراً فدفقت عليه بالسيف وأصبت يد إحدى الجاريتين فقطعتها، ثم احترزت رأسه فنصبته في رمحي وكبرت، وحمل المسلمون في الوجه
الآخر الذي كنت فيه، وارفض العدو في كل وجه، ومنح الله المسلمين أكتافهم.
فلما أراد ابن أبي سرح أن يوجه بشيراً إلى عثمان قال: أنت أولى من هاهنا بذلك، فانطلق إلى أمير المؤمنين فأخبره الخبر، فقدمت على عثمان فأخبرته بفتح الله ونصره وصنعه، ووصفت له أمرنا كيف كان. فلما فرغت من ذلك قال: هل تستطيع أن تؤدي هذا إلى الناس؟ قال: وما يمنعني من ذلك؟ قال: فاخرج إلى الناس فأخبرهم، فخرجت حتى جئت المنبر، فاستقبلت الناس فتلقاني وجه أبي الزبير بن العوام فدخلتني له هيبة فعرفها في وجهي وقبض قبضة من حصى وجمع وجهه في وجهه وهم أن يحصبني فاعتزمت فتكلمت.
فزعموا أن الزبير لما فرغ من كلامه قال: والله لكأني سمعت كلام أبي بكر الصديق. من أراد أن يتزوج امرأة فلينظر إلى أبيها أو أخيها فإنها تأتيه بأحدهما.
وبشر عبد الله بن الزبير مقدمه من افريقية بابنة خبيب بن عبد الله، وعروة بن الزبير. وكان خبيب أكبر من عروة، وكان عبد الله يكنى أبا بكر، ويكنى أبا خبيب بابنه خبيب بن عبد الله.
خرج ابن الزبير في ليلة مقمرة على راحلة فنزل يبول، فالتفت فإذا على الراحلة شيخ أبيض الرأس واللحية. قال: فشد عليه فتنحى، فركب راحلته ومضى. قال: فناداه: والله يا بن الزبير لو دخل قلبك مني الليلة شعرة لخبلتك. قال: ومنك أنت يا لعين يدخل قلبي شيء؟! قال عامر بن عبد الله بن الزبير: أقبل عبد الله بن الزبير من العمرة في ركب من قريش فيهم عبد الرحمن بن أبي ربيعة المخزومي ورهط من قريش، حتى إذا كانوا بالكديد قال ابن الزبير: رأيت رجلاً تحت التناضب - يعني: شجراً - فقال ابن الزبير: ألا أتقدم أبغيكم لبناً؟ قالوا: بلى، فأقبل
ابن الزبير حتى أتاه قال: فسلمت عليه. قال: وعليك السلام. قال: ابن الزبير: والله ما رأيتني أتيت أحداً إلا رأيت له مني هيبة غيره. فلما دنوت منه وهو في ظل قد كاد يذهب ولم يتحرك فضربته برجلي وقلت: انقبض إليك، إنك لشحيح بظلك، فانحاز متكارهاً فجلست وأخذت بيده وقلت: من أنت؟ قال: ر جل من أهل الأرض من الجن قال: فوالله ما عدا أن قالها، فقامت كل شعرة مني واجتذبته بيدي فقلت: إنك من أهل الأرض وتبدى لي هكذا؟ واجتذبته فإذا ليس له سفلة فانكسر فقلت: إلي تبدى وأنت من أهل الأرض؛ وانقمع مني فذهب، فجاءني أصحابي. قالوا: أين صاحبك؟ قلت: كان والله رجلاً من الجن فذهب. قال: ما بقي رجل ممن رآه إلا ضرب به الأرض ساقطاً. فأخذت كل رجل منهم فشددته على بعيره بين شعبتي رحله حتى أتيت بهم أمج، وما يعقلون.
قال ابن الزبير:
دخلت المسجد ذات ليلة فإذا نسوة يطفن بالبيت فأعجبنني. فلما قضين طوافهن خرجن مما يلي باب الحذائين فقلت: لأتبعهن حتى أعرف مواضعهن. فما زلن يمشين حتى أتين العقبة ثم صعدن العقبة وصعدت خلفهن، ثم هبطن وهبطت خلفهن حتى أتين فجاً، فدخلن في خربة فدخلت في إثرهن، فإذا مشيخة جلوس، فقالوا: ما جاء بك يا بن الزبير؟ فقلت لهم: ومن أنتم؟ قالوا: نحن الجن. قلت: إني رأيت نسوة يطفن بالبيت فأعجبنني، فاتبعتهن حتى دخلت هذا الموضع. قالوا: إن أولئك نساؤنا، تشه يا بن الزبير ما شئت، قلت: أشتهي رطباً، وما بمكة يومئذ من رطبة، فأتوني برطب فأكلت ثم قالوا لي: احمل ما بقي معك. قال: فحملته ورجعت، وأنا أريد أن أريه أهل مكة حتى دخلت منزلي، فوضعته في سفط، ثم وضعت السفط في صندوق، ثم وضعت رأسي، فوالله إني لبين النائم واليقظان إذ سمعت جلبةً في البيت. فقال بعضهم لبعض: أين وضعه؟ فقال بعضهم: في الصندوق. فقال بعضهم لبعض: افتحوا الصندوق. قال: ففتحوه. فقال بعضهم لبعض: أين هو؟ فقال بعضهم: في السفط. قال: افتحوا السفط فقالوا:
لا نستطيع أن نفتحه، إنه قد ذكر عليه اسم الله عز وجل. قال: فاحملوه كما هو. قال: فحملوه فذهبوا به.
قال ابن الزبير: لم آسف على شيء أسفي كيف لم أثب عليهم وهم في البيت.
قال وهب بن كيسان: ما رأيت ابن الزبير معطياً رجلاً كلمة قط لرغبة ولا لرهبة سلطان ولا غيره.
ولما قتل عمر محى الزبير نفسه من الديوان. فلما قتل عثمان محا ابن الزبير نفسه من الديوان.
وعن الزبير أنه قال على منبر مكة: والله لقد استخلفني أمير المؤمنين عثمان على الدار، فلقد كنت أنا الذي أقاتل بهم، ولقد كنت أخرج في الكتيبة وأباشر القتال بنفسي، فخرجت بضعة عشر جرحاً. وإني لأضع اليوم يدي على بعض تلك الجراحات التي جرحت مع عثمان، فأرجو أن تكون خير أعمالي.
قال هشام بن عروة: أخذ عبد الله بن الزبير من وسط القتلى يوم الجمل، وبه بضع وأربعون طعنة وضربة.
وقال عبد الله بن عبيد بن عمير: أعطت عائشة للذي بشرها أن ابن الزبير لم يقتل عشرة آلاف درهم.
قال أبو حبيبة مولى الزبير: أتانا ابن عباس بالبصرة في يوم شديد الحر. فلما رآه الزبير قال: مرحباً يا بن لبابة، أزائراً أم سفيراً؟ قال: كل ذلك أرسلني إليك ابن خالك، فقال لك: ما عدا مما بدا؟ عرفتني بالمدينة وأنكرتني بالبصرة؟! قال: فجعل الزبير ينقر بالمروحة في الأرض ثم رفع رأسه إليه فقال: نرفع لكم المصاحف غداً. فما أحلت حللنا وما حرمت حرمنا.
فانصرفت فناداني ابن الزبير وهو في جانب البيت: يا بن عباس، علي، أقبل، قال ابن عباس: فأقبلت عليه وأنا أكره كلامه، فقال: بيننا دم خليفة، وعهد خليفة، وانفراد واحد واجتماع ثلاثة، وأم مبرورة، ومشاورة العامة.
قال: يعني الثلاثة: الزبير، وطلحة، وسعد، أقام بالمدينة، وعهد الخليفة: عمر بن الخطاب. قال: إذا اجتمعوا وتشاورا تبع الأقل الأكثر، ودم الخليفة: عثمان بن عفان.
قال عروة بن الزبير: لم يكن أحد أحب إلى عائشة بعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبعد أبي بكر من عبد الله بن الزبير.
وعن عروة قال: ما سمعت أمي: عائشة وأسماء تدعوان لأحد من الخلق دعاءهما لعبد الله بن الزبير.
قال هشام بن عروة: كان عبد الله بن الزبير يعتد بمكرمات لا يعتد بها أحد من الناس: أوصت له عائشة بحجرتها، واشترى حجرة سودة.
قال عبد الله بن عروة: أقحمت السنة نابغة بني جعدة فدخل على ابن الزبير المسجد الحرام فأنشده:
حكيت لنا الصديق لما وليتنا ... وعثمان والفاروق فارتاح معدم
وسويت بين الناس في الحق فاستوى ... فعاد صباحاً حالك اللون أسحم
أتاك أبو ليلى يجوب به الدجى ... دجى الليل جواب الفلاة عثمثم
لتجبر منه جانباً ذعذعت به ... صروف الليالي والزمان المصمم
فقال له ابن الزبير: هون عليك أبا ليلى، فإن الشعر أهون وسائلك عندنا. أما صفوة أموالنا فلآل الزبير، وأما عفوته فإن بني أسد تشغلها عنك، ولكن لك في مال الله حقان: حق برؤيتك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحق لشركتك أهل الإسلام في فيئهم، ثم أدخله دار النعم فأعطاه قلائص تسعاً، وجملاً رحيلاً، وأوقر له الركاب براً وتمراً وثياباً، فجعل النابغة يستعجل ويأكل الحب صرفاً. فقال ابن الزبير: ويح أبي ليلى! لقد بلغ به الجهد. فقال النابغة: أشهد لسمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: ما وليت قريش فعدلت واسترحمت فرحمت، ووعدت خيراً فأنجزت، فأنا والنبيون فراط لقاصفين.
وزاد في رواية: وحدثت فصدقت.
قالت عائشة بنت طلحة: خرجت مع أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها زوج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قالت: فبينا نحن كذلك إذا نحن براجز يقول:
أنشد من كان بعيد الهم ... يدلني اليوم على ابن أم
له أب في باذخٍ أشم ... وأمه كالبدر ليل تم
مقابل الخال كريم العم ... يجيرني من زمن ملم
جرعة أكؤسه بسم
قالت: فلما سمعت أم المؤمنين أبياته دعت به فقالت من وراء حجابها:
يا عبد الله، سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: الدال على الخير كفاعله، فحاجتك رجل بين يديك، فسل عن عبد الله بن الزبير فإنه شرطك، فخرج الرجل حتى أدرك عبد الله بن الزبير، فحمله على راحلة وصنع إليه معروفاً.
قال أبو إسحاق التيمي: سمع معاوية رجلاً وهو يقول:
ابن رقاش ماجد سميدع ... يأتي فيعطي عن يدٍ أو يمنع
فقال: ذاك عبد الله بن الزبير.
وفي رواية: ذاك منا. ذاك عبد الله بن الزبير.
دخل عبد الله بن الزبير على معاوية، وعنده جماعة فيهم مروان وسعيد بن العاص، فأوسع له معاوية على سريره. فلما انصرف عبد الله بن الزبير أقبل مروان على معاوية فقال له: لله درك من رئيس قبيلة يضع الكبير ولا يدني إلا صغيراً فقال معاوية:
نفس عصام سودت عصاماً
فضحك مروان وقال: يا أمير المؤمنين، إنما كلمتك مازحاً، فقال معاوية: ترسلها شقراء غبراء ثم تتبعها ضحكة يا مروان؟! قال عبد الله بن محمد بن حبيب: لما حج معاوية لقيه عبد الله بن الزبير فقال: آدني على الوليد بن عتبة. فقد تزايد
خطله، وذهب به جهله إلى غاية يقصر عنها الأنوق، ودون قرارها العيوق، فقال معاوية: والله ما يزال أحدكم يأتيني، يغلي جوفه كغلي المرجل على ابن عمه، فقال ابن الزبير: أم والله ما ذلك عن فرار منه ولا جبن عنه، ولقد علمت قريش أني لست بالفهه الكهام، ولا بالهلباجة النثر. فقال له معاوية: إنك لتهددني وقد عجزت عن غلام من قريش لم يبر في سباق، ولم يضرب في سياق. إن شئت خلينا بينك وبينه. فقال ابن الزبير: ما مثلي يهارش به، ولكن عندك من قريش والأنصار، ومن ساكن الحجون في الآطام من إن سألته حملك على محجة أبين من ظهر الجفير. قال: ومن ذلك؟ قال: هذا، يعني: أبا الجهم بن حذيفة، فقال معاوية: تكلم يا أبا الجهم. فقال أعفني، قال: عزمت عليك لتقولن، قال: نعم؛ أمك هند وأمه أسماء بنت أبي بكر، وأسماء خير من هند. وأبوك أبو سفيان وأبوه الزبير، ومعاذ الله أن يكون مثل الزبير. وأما الدنيا فلك؛ وأما الآخرة فله إن شاء الله.
قوله: آدني على الوليد. معناه: أعدني. وفلان استأدى على فلان أفصح من استعدى، وهما سواء.
أذن معاوية للناس يوماً فدخلوا عليه، فاحتفل المجلس وهو على سريره، فأجال بصره فيهم، ثم قال: أنشدوني لقدماء العرب ثلاثة أبيات جامعة من أجمع ما قالتها، ثم قال: يا أبا خبيب، فقال: مهيم. قال: أنشدني ثلاثة أبيات لقدماء العرب جامعة من أجمع ما قالتها. قال: نعم يا أمير المؤمنين، بثلاث مئة ألف. قال معاوية: إن ساوت. قال: أنت بالخيار وأنت واف كاف. قال: نعم. فأنشده للأفوه الأودي:
بلوت الناس قرناً بعد قرنٍ ... فلم أر غير ختال وقال
فقال: صدق.
ولم أر في الخطوب أشد وقعاً ... وكيداً من معاداة الرجال
فقال: صدق.
وذقت مرارة الأشياء طراً ... فما شيء أمر من السؤال
فقال: صدق. هيه يا أبا خبيب. قال: إلى هاهنا انتهى بي. قال: فدعا معاوية بثلاثين عبداً، على عنق كل واح منهم بدرة، فمروا بين يدي ابن الزبير حتى انتهوا إلى داره.
حج معاوية فتلقاه الناس ولم يتلقه ابن الزبير، وبعث مولى له فقال: اذهب فانظر ما يقولك لك معاوية، فأتاه: فلما رآه معاوية قال: أين ابن الزبير؟ قال: يا أمير المؤمنين، إنه كان وكان، يعذره. قال: لا والله، ولكن ما في نفسه. فلما كان بمنى مر به ابن الزبير وقد حلق معاوية رأسه، فقال: يا أمير المؤمنين، ما أكبر جحرة رأسك. قال: اتق، لا تخرج عليك حية من بعض هذه الجحرة فتقتلك. فلما أفاض من منى لم يدخل عليه. فلما أراد معاوية أن يطوف قام إليه ابن الزبير فأخذ بيده فطاف معه حتى فرغ من طوافه فقال له: يا أمير المؤمنين إني أريد أن تنطلق معي، فتنظر إلى بنائي فانطلق معه إلى قعيقعان، فنظر إلى بنائه ودوره ففعل ماذا؟ لا والله لا أدعك حتى تعطيني مئة ألغ، فأعطاه. فجاءه مروان فقال: والله ما رأيت مثلك، جاءك رجل قد سمى بيت مال الديوان وبيت الخلافة وبيت كذا وبيت كذا فأعطيته مئة ألف! قال: ويلك فكيف أصنع بابن الزبير؟ قال هشام بن عروة: سأل عبد الله بن الزبير معاوية شيئاً فمنعه فقال: والله ما أجهل أن ألزم هذه
البنية فلا أشتم لك عرضاً، ولا أقصب لك حبساً، ولكني أسدل عمامتي من بين يدي ذراعاً، ومن خلفي ذراعاً في طريق أهل الشام، وأذكر سيرة أبي بكر وعمر، فيقول الناس من هذا؟ فيقولون: ابن حواري رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وابن الصديق. فقال معاوية: حسبك بهذا شراً. ثم قال: هات حوائجك.
حدث هشام بن عروة: أن مروان بن الحكم نازع ابن الزبير، فكان هوى معاوية مع مروان، فقال ابن الزبير: يا أمير المؤمنين، إن لك حقاً وطاعة، فأطع الله نطعك، فإنه لا طاعة لك علينا إلا في حق الله عز وجل، ولا تطرق إطراق الأفعوان في أصول السخبر فإنه أقر صامت.
قال سعيد بن يزيد: دخل عبد الله بن الزبير على معاوية وعنده ابن له، فأمره فلطم ابن الزبير لطمة دوخ منها رأسه، فلما أفاق قال له: ادن مني فدنا منه فقال له: الطم معاوية، قال: لا أفعل. قال: ولم؟ قال: لأنه أبي. قال: فرفع عبد الله يده فلطمه لطمة دار الصبي على البساط كما تدور الدوامة، فقال له معاوية: تفعل هذا بغلام لم تجب عليه الأحكام؟! قال: رأيته قد عرف ما ينفعه مما يضره، فأحببت أن أحسن أدبه.
قال عبد الله بن أبي بكر: قدم معاوية المدينة فأقام بها، فأكثر الناس، وعرضوا له يسألونه، فقال يوماً لبعض غلمانه: أسرج لي بغلتي إذا قامت صلاة العصر، فأسرج له البغلة. فلما صلى العصر جلس عليها، ثم توجه قبل الشام وصيح في الأثقال والناس، وتبع معاوية من تبعه، ويدركه ابن الزبير في أولمن أدركه فسار إلى جنبه ليلاً وهو نائم، ففزع له فقال: من هذا؟ فقال: ابن الزبير، أما إني لو شئت أن أقتلك لقتلتك. قال: لست هناك، لست من قتال الملوك، إنما " يصيد كل طائر قدره " فقال ابن الزبير: أما والله لقد سرت تحت لواء أبي إلى ابن أبي طالب، وهو من تعلم. فقال: لا جرم والله، لقد قتلكم بشماله.
فقال: أما إن ذلك في نصرة عثمان، ثم لم نجز بها قال: والله ما كان بك نصرة عثمان، ولولا بغض علي بن أبي طالب لجررت برجلي عثمان مع الضبع، قال: لقد فعلتها، إنا قد أعطيناك عهداً، فنحن وافون لك به ما عشت، فإذا مت فسيعلم من بعدك. فقال: والله ما أخافك إلا على نفسك، ولكأني بك قد خبطت في الحبالة، واستحكمت عليك الأنشوطة فذكرتني وأنت فيها فقلت: ليت أبا عبد الرحمن لها، ليتني والله لها، أما والله لحللتك رويداً، ولأطلقتك سريعاً، ولبئس الولي أنت تلك الساعة.
وفي حديث مختصر بمعناه: إنما يصيد كل طير على قدره، إنما أنت يا بن الزبير ثعلب رواغ، تدخل من جحر وتخرج من جحر، والله لكأني بك قد ربقت كما يربق الجدي، فيا ليتني لك حياً فأخلطك، وبئس المخلص كنت.
قالوا: ولم يدع ابن الزبير بالخلافة حتى هلك يزيد.
ولما هلك معاوية وفي المدينة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان، فلما أتاه موته بعث إلى مروان بن الحكم وناس من بني أمية فأعلمهم الذي أتاه، فقال مروان: ابعث الساعة إلى الحسين وابن الزبير فإن بايعا وإلا فاضرب أعناقهما، وقد هلك عبد الرحمن بن أبي بكر قبل ذلك، فأتاه ابن الزبير فنعى له معاوية فترحم له وجزاه خيراً، وقال له: بايع، قال: ما هذه ساعة مبايعة ولا مثلي بايعك هاهنا، ولكن تصبح فترقى المنبر وأبايعك ويبايعك الناس علانية غير سر، فوثب مروان فقال: اضرب عنقه فإنه صاحب فتنة وشر. فقال: إنك لها هنا يا بن الزرقاء واستبا فقال الوليد: أخرجوهما عني، وكان رجلاً رفيقاً سرياً كريماً، فأخرجا عنه، فجاء الحسين بن علي على تلك الحال فلم يكلم في شيء حتى رجعا جميعاً، ورجع مروان فقال: والله، لا تراه بعد مقامك إلا حيث يسوءك، فأرسل
العيون في أثره، فلم يزد حين دخل منزله على أن دعا بوضوء ثم صف بين قدميه فلم يزل يصلي، وأمر حمزة ابنه أن يقدم راحلته إلى ذي الحليفة على بريد من المدينة مما يلي الفرع، وكان له بذي الحليفة مال عظيم. فلم يزل صافاً قدميه حتى كان من آخر الليل، وتراجعت عنه العيون جلس على دابته فركضها حتى انتهى إلى ذي الحليفة فجلس على راحلته ثم توجه مكة. وخرج الحسين من ليلته فالتقيا بمكة فقال له ابن الزبي: ما يمنعك من شيعتك وشيعة أبيك؟ فوالله لو أن لي مثلهم ما وجهت إلا إليهم؟ وبعث يزيد وعمرو بن سعيد أميراً على المدينة وعزل الوليد بن عتبة تخوفاً لضعف الوليد، فرقي عمرو المنبر حين دخل، فحمد الله وأثنى عليه، وذكر ابن الزبير وما صنع وقال: تعزز بمكة، فوالله لتغزون، ثم والله لئن دخل الكعبة لنحرقنها عليه، على رغم أنف من رغم.
وحدث جماعة قالوا: جاء نعي معاوية بن أبي سفيان وعبد الله بن عباس يومئذ غائب بمكة. فلما صدر الناس من الحج سنة ستين وتكلم عبد الله بن الزبير وأظهر الدعاء، خرج ابن عباس إلى الطائف. فلما كانت وقعة الحرة وجاء الخبر ابن الزبير كان بمكة يومئذ عبد الله بن عباس وابن الحنفية. ولما جاء الخبر بنعي يزيد بن معاوية وذلك لهلال ربيع الآخر سنة أربع وستين قام ابن الزبير فدعا إلى نفسه وبايعه الناس، دعا ابن عباس وابن الحنفية إلى البيعة فأبيا أن يبايعا وقالا: حتى تجتمع لك البلاد ويأتسق لك الناس، وما عندنا خلاف. فأقاما على ذلك ما أقاما، فمرة يكاشرهما ومرة يباديهما فكان هذا من أمره، حتى إذا كانت سنة ست وستين غلظ عليهما ودعاهما إلى البيعة فأبيا، ووقع بينهم شر.
ولم يزل الأمر يغلظ حتى خافا منه خوفاً شديداً ومعهما الذرية، فبعثا رسولاً إلى العراق يخبر بما هما فيه، فخرج إليهما أربعة آلاف، فيهم ثلاثة رؤساء:
عطية بن سعيد، وابن هانئ، وأبو عبد الله الجدلي، فخرجوا من الكوفة، فبعث والي الكوفة في أثرهم خمس مئة ليردوهم، فأدركوهم بواقصة، فامتنعوا منهم، فانصرفوا راجعين، فمروا وقد أخفوا السلاح حتى انتهوا إلى مكة لا يعرض لهم أحد، وإنهم ليمرون على مسالح ابن الزبير ما يعرض لهم أحد، فدخلوا المسجد فسمع بهم ابن الزبير حين دخلوا فدخل منزله، وكان قد ضيق على ابن عباس وابن الحنفية، وأحضر الحطب يجعله على أبوابها يحرقهما أو يبايعان. فهم على تلك الحال حتى جاء هؤلاء العراقيون فمنعوهما حتى خرجا إلى الطائف، وخرجوا معهم وهم أربعة آلاف، وكانوا هناك حتى توفي عبد الله بن عباس فحضروا موته بالطائف ثم لزموا ابن الحنفية فكانوا معه في الشعب، وامتنعوا من ابن الزبير. وكان يقال لعبد الله بن الزبير: عائذ بيت الله.
قالت أم هاشم زجلة بنت منظور ابن زبان الفزارية للحجاج حين خطبها وردته:
أبعد عائذ بيت الله تخطبني ... جهلاً جهلت وغب الجهل مذموم
فاذهب إليك فإني غير ناكحةٍ ... بعد ابن أسماء ما استن الدياميم
وقال عمرو بن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل:
فإن ينج منها عائذ البيت سالماً ... فما نالنا منكم وإن شفنا جلل
وزعموا أن الذي دعا عبد الله بن الزبير إلى التعوذ بالبيت شيء سمعه من أبيه حين سار من مكة إلى البصرة، قال: التفت الزبير إلى الكعبة بعدما ودع، وتوجه يريد الركوب، ثم أقبل على ابنه عبد الله بن الزبير ثم قال: أما والله ما رأيت مثلها لطالب رغبة، أو خائف رهبة، وكان سبب تعوذ الزبير بها موت معاوية.
وقيل إن الحسين وابن الزبير خرجا جميعاً وسلكا طريق الفرع حتى مروا بالجثجاثة وبها جعفر بن الزبير قد ازدرعها وغمز عليهم بعير من إبلهم فانتهوا إلى جعفر. فلما رآهم قال: أمات معاوية؟ قال له ابن الزبير: نعم. انطلق معنا وأعطنا أحد جمليك، وكان ينضح على جملين له فقال جعفر متمثلاً:
إخوتا لابتعدوا أبداً ... وبلى والله قد بعدوا
فقال ابن الزبير - وتطير منها - بفيك التراب، فخرجوا جميعاً حتى قدموا مكة. فأما الحسين فخرج من مكة يوم التروية.
قالوا: ولما خرج حسين بن علي إلى العراق لزم ابن الزبير الحجر ولبس المعافري، وجعل يحرض الناس على بني أمية. وبلغ يزيد ذلك فوجد عليه، فقال ابن الزبير: أنا على السمع والطاعة لا أبدل ولا أغير، ومشى إلى يحيى بن حكيم بن صفوان بن أمية الجمحي وهو والي مكة ليزيد بن معاوية فبايعه له على الخلافة. فكتب بذلك يحيى إلى يزيد فقال: لا أقبل هذا منه حتى يؤتى به وثاق، في جامعةٍ فقال ابنه معاوية بن زيد: يا أمير المؤمنين، ادفع الشر عنك ما اندفع، فإن ابن الزبي رجل لحز لجوج، ولا يطيع بهذا أبداً، وإن تكفر عن يمينك، وتلهى منه، حتى تنظر ما يصير إليه أمره أفضل، فغضب يزيد وقال: إن في ذلك لعجباً. قال: فادع عبد الله بن جعفر فسله عما أقول وتقول، فدعا عبد الله بن جعفر فذكر له قولهما، فقال عبد الله: أصاب أبو ليلى، ووفق فأبى يزيد أن يقبل ذلك وعزل الوليد بن عتبة عن المدينة، وولاها عمرو بن سعيد بن العاصي، وأرسل إليه: أن أمير المؤمنين يقسم بالله لا يقبل من ابن الزبير شيئاً حتى يؤتى به في
جامعة. فعرضوا ذلك على ابن الزبير فأبى، فبعث يزيد بن معاوية الحصين بن نمير وعبد الله بن عضاه الأشعري بجامعة إلى ابن الزبير يقسم له بالله لا يقبل منه إلا أن يؤتى به فيها، فمر بالمدينة فبعث إليه مروان معهما عبد العزيز بن مروان يكلمه في ذلك ويهون عليه الأمر فقدموا عليه مكة فأبلغوه يمين يزيد بن معاوية ورسالته، وقال له عبد العزيز بن مروان: إن أبي أرسلني إليك عنايةً بأمرك، وحفظاً لحرمتك، فأبر يمين أمير المؤمنين فإنما يجعل عليك جامعة فضة أو ذهب وتلبس عليه برنساً فلا تبدو إلا أن يسمع صوتها، فكتب ابن الزبير إلى مروان يجزيه خيراً ويقول: قد عرفت عنايتك ورأيك، فأما هذا فإني لا أفعله أبداً، فليكفر يزيد عن يمينه أو يدع، وقال ابن الزبير: اللهم إني عائذ ببيتك الحرام وقد عرضت عليهم السمع والطاعة، فأبوا إلا أن يخلوا بي، ويستحلوا مني ما حرمت. فمن يومئذ سمي العائذ. وأقام بمكة لا يعرض لأحد ولا يعرض له أحد. فكتب يزيد بن معاوية إلى عمر بن سعيد أن يوجه إليه جنداً فسأل عمرو: من أعدى الناس لعبد الله بن الزبير؟ فقيل: أخوه عمرو بن الزبير. فذكر قصةً توجيهه إلى ابن الزبير وسيأتي ذلك في ترجمة عمرو بن الزبير.
وعزل يزيد بن معاوية عمرو بن سعيد عن المدينة، وولاها الوليد بن عتبة ثم عزله وولى عثمان بن محمد بن أبي سفيان، فوثب عليه أهل المدينة وأخرجوه. وكانت وقعة الحرة، وكانت الخوارج قد أتته وأهل الأهواء كلهم وقالوا: عائذ بيت الله. وكان شعاره: لا حكم إلا لله. ولم يزل على ذلك بمكة. وحج بالناس عشر سنين أولها سنة اثنتين وستين وآخرها سنة اثنتين وسبعين.
ولما توفي يزيد بن معاوية ودعا ابن الزبير من يومئذ إلى نفسه، فبايع الناس له على الخلافة وسمي أمير المؤمنين، وترك الشعار الذي كان عليه، ودعاءه عائذ بيت الله، ولا حكم إلا لله. وولى العمال: فولى المدينة مصعب بن الزبير وبايع له الناس. وبعث الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة إلى البصرة فبايعوه. وبعث عبد الله بن مطيع إلى الكوفة فبايعوه. وبعث عبد الرحمن بن عتبة بن جحدم الفهري على مصر أميراً فبايعوه، وبعث واليه إلى اليمن فبايعوه. وبعث واليه إلى خراسانفبايعوه. وبعث الضحاك بن قيس الفهري إلى
الشام والياً فبايع له عامة أهل الشام، واستوسقت له البلاد كلها ما خلا طائفة من أهل الشام كان بها مروان بن الحكم وأهل بيته.
كتب يزيد بن معاوية إلى عبد الله بن الزبير: إني قد بعثت إليك سلسلة فضة وقيداً من ذهب، وجامعةً من فضة وحلفت لتأتيني في ذلك فألقى الكتاب وقال:
لا ألين لغير الحق أسأله ... حتى يلين لضرس الماضغ الحجر
وعن هشام بن عروة قال: أول من كسا الكعبة الديباج عبد الله بن الزبير، وإن كان ليطيبها حتى يجد ريحها من دخل الحرم. وكانت كسوتها المسوح والأنطاع.
وحج ابن الزبير ثمان حجج ولاء: من سنة أربع وستين إلى سنة إحدى وسبعين. ثم حضر الموسم سنة اثنتين وسبعين، فحج ابن الزبير بالناس ولم يقفوا الموقف. وحج الحجاج بن يوسف بأهل الشام، ولم يطوفوا بالبيت. وقتل سنة ثلاث وسبعين.
ولما جرد المهدي الكعبة كان فيما نزع عنها كسوة من ديباج مكتوب عليه: لعبد الله أبي بكر أمير المؤمنين، وكان ابن الزبير يكنى أبا بكر، ويكنى أبا خبيب.
قال عمر بن قيس: كان لابن الزبير مئة غلام منهم بلغة أخرى. وكان ابن الزبير يكلم كل واحد منهم بلغته. وكنت إذا نظرت إليه في أمر دنياه قلت: هذا رجل لم يرد الله طرفة عين، وإذا نظرت إليه في أمر آخرته قلت: هذا رجل لم يرد الدنيا طرفة عين.
قال أبو الضحى: رأيت على رأس ابن الزبير من المسك ما لو كان لي رأس مالي.
وعنه قال: رأيت في مفرق ابن الزبير عشية عرفة من الطيب ما لو كان لرجل كان رأس مال.
وعن طاوس قال: دخل ابن الزبير على امرأته بنت الحسن، فرأى ثلاثة مثل - يعني: أفرشة - في بيته فقال: هذا لي، وهذا لابنة الحسن، وهذا للشيطان، فأخرجوه.
وكان ابن عباس يكثر أن يعنف ابن الزبير بالبخل، فلقيه يوماً، فعيره، فقال له ابن الزبير: ما أكثر ما تعيرني يا بن عباس قال: إن أفعل فإني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: إن المؤمن لا يشبع وجاره وابن عمه جائع.
وفي رواية: ليس المؤمن الذي يبيت وجاره طاوٍ.
وفي رواية: ليس بالمؤمن الذي يبيت شبعان وجاره إلى جنبه جائع.
وعن عثمان بن عفان قال: قال له عبد الله بن الزبير حين حصر: إن عندي نجائب قد أعددتها لك فهل لك أن تحول إلى مكة فيأتيك من أراد أن يأتيك؟ قال: لا، إني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: يلحد بمكة كبش من قريش اسمه عبد الله. عليه مثل نصف أوزار الناس.
وعن سعيد قال: أتى عبد الله بن عمرو عبد الله بن الزبير فقال: يا بن الزبير، إياك والإلحاد في
حرم الله تبارك وتعالى، فإني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: إنه سيلحد فيه رجل من قريش لو توزن ذنوبه بذنوب الثقلين لرجحت، فانظر لا تكونه.
وفي رواية فقال: يا بن الزبير، إياك والإلحاد في حرم الله عز وجل، فإني أشهد لسمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: يحلها ويحل به رجل من قريش لو وزنت ذنوبه بذنوب الثقلين لوزنتها. قال: فانظر أن لا تكونه يا بن عمرو، فإنك قد قرأت الكتب وصحبت الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: فإني أشهدك أن هذا وجهي إلى الشام مجاهداً.
وعن سلمان الفارسي قال: ليحرقن هذا البيت على يدي رجل من آل الزبير.
وعن منذر الثوري قال: قال ابن الحنفية: اللهم، إنك تعلم أني كنت أعلم مما علمتني أن ابن الزبير لا يخرج منها إلا قتيلاً يطاف برأسه في الأسواق.
وعن هشام بن عروة قال: كان أول ما أفصح به عمي عبد الله بن الزبير وهو صغير: السيف، فكان لا يضعه من فيه، فكان الزبير بن العوام إذا سمع ذلك منه يقول: أم والله ليكونن لك منه يوم ويوم وأيام.
وعن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر قال:
إني لفوق أبي قبيس حين المنجنيق على ابن الزبير، فنزلت، فنزلت صاعقة كأني أنظر إليها تدور كأنها خمار أحمر، قد حرقت أصحاب المنجنيق نحواً من خمسين رجلاً.
قال سفيان: كان ابن الزبير يشتد بالسيف وهو ابن ثلاث وسبعين كأنه غلام.
وكان ابن الزبير يقاتل الحجاج بمكة فقالت له امرأته: ألا أخرج فأقاتل معك؟ قال: لا. وكان الحجاج يقاتله وهو في المسجد الحرام، فجعل ابن الزبير يقول:
كتب القتل والقتال علينا ... وعلى المحصنات جر الذيول
قال هشام بن عروة: كان ابن الزبير يحمل عليهم حتى يخرجهم من الأبواب، يعني: أبواب مسجد الحرام وهو يقول:
لو كان قرني واحداً كفيته
ثم يقول:
ولسنا على الأعقاب تدمى كلومنا ... ولكن على أقدامنا يقطر الدم
قال هشام بن عروة: رأيت ابن الزبير يرمى بالمنجنيق فلا يلتفت، ولا يرعد صوته. قال: وربما مرت الشظية منه قريباً من نحره.
قال: ورأيت الحجر من المنجنيق يهوي حتى أقول: لقد كاد يأخذ لحية عبد الله بن الزبير. فقال له أبي: ابن أم والله، إن كاد ليأخذ لحيتك، فقال عبد الله: دعني يا بن أم، فوالله ما هي إلا هيت حتى كأن الإنسان لم يكن فقال أبي، وأقبل علينا بوجهه: ألا إني والله ما أخشى عليك إلا من تلك الهيت.
قال هشام بن عروة: سمعت عمي عبد الله بن الزبير يقول: والله، إن أبالي إذا وجدت ثلاث مئة يصبرون صبري لو أجلب علي أهل الأرض.
قال المنذر بن جهم الأسلمي: رأيت ابن الزبير يوم قتل وقد خذله من كان معه خذلاناً شديداً، وجعلوا يخرجون إلى الحجاج، وجعل الحجاج يصيح: أيها الناس، علام تقتلون أنفسكم؟ من خرج إلينا فهو آمن، لكم عهد الله وميثاقه، وفي حرم الله وأمنه، ورب هذه البنية لا أغدر بكم، ولا لنا حاجة في دمائكم. قال: فجعل الناس ينسلون حتى خرج إلى الحجاج من أصحاب ابن الزبير نحو من عشرة آلاف. فلقد رأيته وما معه.
قال إسحاق بن أبي إسحاق: أنا حاضر قتل ابن الزبير يوم قتل في المسجد الحرام: جعلت الجيوش تدخل من أبواب المسجد. فكلما دخل قوم من باب حمل عليهم وحده حتى يخرجهم. فبينا هو على تلك الحال إذ جاءت شرفة من شرفات المسجد فوقعت على رأسه فصرعته وهو يتمثل بهذه الأبيات: يقول:
أسماء يا أسماء لا تبكيني ... لم يبق إلا حسبي وديني
وصارم لانت به يميني
قال عباس بن سهل بن سعد: سمعت ابن الزبير يقول: ما أراني اليوم إلا مقتولاً، ولقد رأيت في الليلة هذه كأن السماء فرجت لي فدخلتها، فقد والله مللت الحياة وما فيها، ولقد قرأ في الصبح يومئذ متمكناً " ن والقلم " حرفاً حرفاً، وإن سيفه لمسلول إلى جنبه، وإنه ليتم الركوع والسجود كهيئة قبل ذلك.
وقال يوم قتل: والله لقد مللت الحياة، ولقد جاوزت سن أبي. هذه لي ثنتان وسبعون سنة، اللهم إني قد أحببت لقاءك فأحبب لقائي، وجاهدت فيك عدوك فأثبني ثواب المجاهدين. فقتل ذلك اليوم.
قال مخرمة بن سليمان الوالبي:
دخل عبد الله بن الزبير على أمه حين رأى من الناس ما رأى من خذلانهم إياه،
فقال: يا أمه، خذلني الناس حتى ولدي وأهلي فلم يبق معي إلا من ليس عنده من الدفع أكثر من صبر ساعة، والقوم يعطوني ما أردت من الدنيا فما رأيك؟ فقالت أمه: أنت والله يا بني أعلم بنفسك إن كنت تعلم أنك على حق، وإليه تدعو فامض له، فقد قتل عليه أصحابك، ولا تمكن من رقبتك فيلعب بك غلمان بني أمية، وإن كنت إنما أردت الدنيا فبئس العبد أنت، أهلكت نفسك، وأهلكت من قتل معك. قال: فدنا ابن الزبير فقبل رأسها فقال: هذا والله رأيي. والذي قمت به داعياً إلى يومي هذا، ما ركنت إلى الدنيا، ولا أحببت الحياة فيها، وما دعاني إلى الخروج إلا الغضب لله، ولكني أحببت أعلم رأيك، فتزيديني قوة وبصيرة مع بصيرتي، فانظري يا أمه فإني مقتول من يومي هذا، لا يشتد جزعك علي، سلمي لأمر الله فإن ابنك لم يتعمد إتيان منكر، ولا عمل بفاحشة، ولم يجر في حكم، ولم يغدر في أمان، ولم يتعمد ظلم مسلم، ولا معاهد، ولم يبلغني عن عمالي فرضيته بل أنكرته، ولم يكن من شيء آثر عندي من رضي ربي. اللهم، إني لا أقول هذا تزكية مني لنفسي، أنت أعلم بي، ولكني أقوله تعزية لأمي لتسلو به عني، فقالت له أمه: إني لأرجو أن يكون عزائي فيك حسناً إن تقدمتني وإن تقدمتك وفي نفسي حوجاء حتى أنظر إلى ما يصير إليه أمرك. قال: جزاك الله يا أمه خيراً، فلا تدعي الدعاء لي بعد قتلي. قالت: لا أدعه، لست بتاركة ذلك أبداً. فمن قتل على باطل فقد قتلت على حق. وخرج. وقالت أمه: اللهم ارحم طول ذلك القيام في الليل الطويل، وذلك النحيب، والظمأ في هواجر المدينة، ومكة، وبره بأبيه وبي. اللهم إني سلمت فيه لأمرك، ورضيت فيه بما قضيت، فأثبني في عبد الله ثواب الصابرين الشاكرين.
قال عبد الله مولى أسماء: لما قتل عبد الله خرجت إليه أمه حتى وقفت عليه وهي على دابة، فأقبل الحجاج في أصحابه فسأل عنها فأخبر بها، فأقبل حتى وقف عليها فقال: كيف رأيت، نصر الله الحق وأظهره؟ قالت: ربما أديل الباطل على الحق. وإنك بين فرثها والجية. قال: إن ابنك
ألحد في هذا البيت وقال الله: " ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم " وقد أذاقه الله ذلك العذاب الأليم، قطع السبيل. قالت: كذبت، كان أول مولود ولد في الإسلام بالمدينة وسر به رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحنكه بيده، فكبر المسلمون يومئذ حتى ارتجت المدينة فرحاً به، وقد فرحت أنت وأصحابك بمقتله، فمن كان فرح به يومئذ خير منك ومن أصحابك وكان مع ذلك براً بالوالدين، صواماً، قواماً بكتاب الله عز وجل، معظماً لحرم الله، يبغض أن يعصى الله، أشهد على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لسمعته يقول: سيخرج من ثقيف كذابان الآخر منهما أشر من الأول، وهو مبير وهو أنت، فانكسر الحجاج، وانصرف. وبلغ ذلك عبد الملك فكتب إليه يلومه في مخاطبته أسماء. وقال: مالك ولابنة الرجل الصالح؟! قال أبو عون: كان عبد الله بن الزبير، قد قشم جلده على عظمه. كان يصوم الدهر فإذا أفطر أفطر على لبن الإبل. وكان يمكث الخمس والست لا يذهب لحاجته، وكان يشرب المسك. وكان بين عينيه سجدة مثل مبرك البعير. فلما قتله الحجاج صلبه على الثنية التي بالحجون يقال لها كذا؛ فأرسلت أسماء إليه: قاتلك الله علام تصلبه؟ فقال: إني استبقت أنا وابنك إلى هذه الخشبة فكانت اللنحه به. فأرسلت إليه تستأذنه في أن تكفنه فأبى وكتب إلى عبد الملك يخبره بما صنع، فكتب إليه عبد الملك يلومه فيما صنع ويقول: ألا خليت أمه فوارته، فأذن لها الحجاج فوارته بالمقبرة بالحجون.
وحدث رياح بن مسلم عن أبيه قال: لقد رأيتهم مرة ربطوا هرة ميتة إلى جنبه، فكان ريح المسك يغلب على ريحها.
وتوفيت أمه بعده بأشهر بالمدينة.
ولما مات معاوية تثاقل عبد الله بن الزبير عن طاعة يزيد، وأظهر شتمه فبلغ يزيد،
فأقسم لا يؤتى به إلا مغلولاً وإلا أرسل إليه، فقيل لابن الزبير: ألا نصنع لك أغلالاً من فضة تلبس عليها الثوب وتبر قسمه، فالصلح أجمل بك. قال: فلا أبر والله قسمه ثم قال:
ولا ألين لغير الحق أسأله ... حتى يلين لضرس الماضغ الحجر
ثم قال: والله لضربة بسيف في عز أحب إلي من ضربة بسوط في ذل، ثم دعا إلى نفسه وأظهر الخلاف ليزيد بن معاوية، فوجه إليه يزيد مسلم بن عقبة المري في جيش أهل الشام، وأمره بقتال أهل المدينة، فإذا فرغ سار إلى مكة. فدخل مسلم المدينة، وهرب منه يومئذ بقايا أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعبث فيها، وأسرف في القتل، ثم خرج. فلما كان في بعض الطريق مات. واستخلف حصين بن نمير الكندي فقال له: يا بن بردعة الحمار احذر خدائع قريش ولا تعاملهم إلا بالثقاف ثم القطاف، فمضى حصين إلى مكة فقاتل بها ابن الزبير أياماً، وضرب ابن الزبير فسطاطاً في المسجد فكان فيه نساء يسقين الجرحى ويداوينهم، ويطعمن الجائع، ويكتمن إليهن المجروح فقال حصين: ما يزال يخرج علينا من ذلك الفسطاط أسد كأنما يخرج من عرينه فمن يكفينيه؟ فقال رجل من أهل الشام: أنا، فلما جن الليل وضع رمحه ثم ضرب فرسه فطعن الفسطاط فالتهب ناراً والكعبة يومئذ مؤزرة بالطنافس. وفي أعلاها الحبرة، فطارت الريح باللهب على الكعبة حتى احترقت، واحترق فيها يومئذ قرنا الكبش الذي فدى به إسحاق.
قال: وبلغ حصين موت يزيد بن معاوية فهرب حصين. فلما مات يزيد دعا مروان بن الحكم إلى نفسه فأجابه أهل حمص وأهل الأردن وفلسطين، فوجه إليه ابن الزبير الضحاك بن قيس الفهري في مئة ألف فالتقوا بمرج راهط، ومروان يومئذ في خمسة آلاف من بني أمية ومواليهم وأتباعهم من أهل الشام، فقال مروان لمولى له يقال له كرة: احمل على هؤلاء؟ لكثرتهم. قال: هم بين مكره ومستأجر. احمل عليهم لا أم لك، فيكفيك الطعان الماضغ الجندل، هم يكفونك أنفسهم،
إنما هم عبيد الدينار والدرهم، فحمل عليهم فهزمهم، وقتل الضحاك بن قيس، وانصدع الجيش. ففي ذلك يقول زفر بن الحارث:
لعمري لقد أبقيت وقيعة راهط ... لمروان صدعاً بيناً متنائياً
أبيني سلاحي لا أبا لك إنني ... أرى الحرب لا تزداد إلا تماديا
وقد ينبت المرعى على دمن الثرى ... وتبقى حزازات النفوس كما هيا
وفيه يقول أيضاً:
أفي الحق أما بحل وابن بحدل ... فيحيا وأما ابن الزبير فيقتل
كذبتم وبيت الله لا تقتلونه ... ولما يكن يوم أغر محجل
ولما يكن للمشرفية فيكم ... شعاع كنور الشمس حين ترجل
ثم مات مروان، فدعا عبد الملك إلى نفسه، وقام فأجابه أهل الشام فخطب على المنبر وقال: من لابن الزبير منكم؟ فقال الحجاج: أنا أمير المؤمنين، فأسكته ثم عاد فأسكته فقال: أنا أمير المؤمنين، فإني رأيت في النوم أني انتزعت جبته فلبستها، فعقد له في الجيش إلى مكة حتى ورودها على ابن الزبير فقاتله بها، فقال ابن الزبير لأهل مكة: احفظوا هذين الجبلين، فإنكم لن تزالوا بخير أعزة ما لم يظهروا عليهما. قال: فلم يلبثوا أن ظهر الحجاج ومن معه على أبي قبيس ونصب عليه المنجنيق، فكان يرمي به ابن الزبير ومن معه في المسجد. فلما كان في الغداة التي قتل فيها ابن الزبير دخل ابن الزبير على أمه أسماء بنت أبي بكر وهي يومئذ بنت مئة سنة لم تسقط لها سن ولم يفسد لها بصر، فقالت له: يا عبد الله، ما فعلت في حربك؟ قال: بلغوا مكان كذا وكذا، قال: وضحك ابن الزبير، فقال: إن في الموت راحة. فقالت: يا بني لعلك تتمناه لي، ما أحب أن أموت حتى آتي على أحد طرفيك. إما أن تملك فتقر بذلك عيني، وإما أن تقتل فأحتسبك، ثم ودعها فقالت له: يا بني، إياك أن تعطي خصلة من دينك مخافة القتل، وخرج عنها،
فدخل المسجد وقد جعل بيضة على الحجر الأسود يتقي أن يصيبه المنجيق، وأتى ابن الزبير آتٍ وهو جالس عند الحجر فقال له: ألا نفتح لك الكعبة فتصعد فيها؟ فنظر إليه عبد الله ثم قال: من كل شيء تحفظ أخاك إلا من نفسه يعني: من أجله. وهل للكعبة حرمة ليست لهذا المكان، والله لو وجدوكم متعلقين بأستار الكعبة لقتلوكم، فقيل له: ألا تكلمهم في الصلح؟ فقال: أو حين صلح هذا؟ والله لو وجدوكم في جوفها لذبحوكم جميعاً ثم قال:
ولست بمبتاع الحياة بسبةٍ ... ولا مرتقٍ من خشية الموت سلما
أنافس سهماً إنه غير بارحٍ ... ملاقي المنايا أي صرف تيمما
ثم أقبل على آل الزبير يعظهم ويقول: ليكن أحدكم سيفه كما يكن وجهه، لا ينكسر سيفه فيدفع عن نفسه بيده كأنه امرأة، والله ما لقيت زحفاً قط إلا في الرعيل الأول، وما ألمت جرحاً قط إلا أن يكون ألم الدواء. قال: فبينا هم كذلك إذ دخل عليهم نفر باب بني جمح فيهم أسود. فقال: من هؤلاء؟ قيل: أهل حمص، فحمل عليهم ومعه من شيبان، فأول من لقيه الأسود فضربه بسيفه حتى أطن رجله فقال له الأسود: أخ، يا بن الزانية، فقال له ابن الزبير: اخس يا بن حام. أسماء زانية؟! ثم أخرجهم من المسجد وانصرف. فإذا بقوم قد دخلوا من باب بني سهم فقال: من هؤلاء؟ فقيل: أهل الأردن، فحمل عليهم وهو يقول:
لا عهد لي بغارة مثل السيل ... لا ينجلي غبارها حتى الليل
قال: فأخرجهم من المسجد. فإذا بقوم قد دخلوا من باب بني مخزوم، فحمل عليهم وهو يقول:
لو كان قرني واحداً كفتيه
قال: وعلى ظهر المسجد من أعوانه من يرمي عدوه بالآجر وغيره، فحمل عليهم فأصابته آجرة في مفرقه حتى فلقت رأسه فوقف قائماً وهو يقول:
ولسنا على الأعقاب تدمى كلومنا ... ولكن على أقدامنا تقطر الدما
قال: ثم وقع فأكب عليه موليان له وهما يقولان:
العبد يحمي ربه ويحتمي
ثم سيروا إليه فحزوا رأسه.
قالوا: وحصر ابن ليلة هلال ذي العقدة سنة اثنتين وسبعين، ستة أشهر وسبع عشرة ليلة، وقتل يوم الثلاثاء لسبع عشرة خلت من جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين، وقدم على ابن الزبير حبشان من أرض الحبشة يرمون بالمزاريق فقدمهم لأهل الشام، فجعلوا يرمون بمزاريقهم فلا يقع لهم مزراق إلا في إنسان، فقتلوا من أهل الشام قتلى كثيرة، ثم حمل عليهم أهل الشام حملة واحدة فانكشفوا، وكان مع ابن الزبير قوم من أهل مصر فقاتلوا معه قتالاً شديداً، وكانوا خوارج حتى ذكروا عثمان فتبرؤوا منه فبلغ ابن الزبير فناكرهم وقال: ما بيني وبين الناس إلا باب عثمان فانصرفوا عنه، ونصب الحجاج المنجنيق يرمي بها أحث الرمي، وألح عليهم بالقتال من كل وجه، وحبس عنهم الميرة، وحصرهم أشد الحصار حتى جهد أصحاب ابن الزبير وأصابتهم مجاعة شديدة.
وحشر الحجاج أهل الشام يوماً وخطبهم وأمرهم بالطاعة، وأن يرى أثرهم اليوم فإن الأمر قد اقترب، فأقبلوا ولهم زجل وفرح. وسمعت ذلك أسماء بنت أبي بكر الصديق أم عبد الله بن الزبير فقالت لعبد الله مولاها: اذهب فانظر ما فعل الناس، إن هذا اليوم يوم عصيب، اللهم امض ابني على بينة، فذهب عبد الله ثم رجع فقال: رأيت أهل الشام قد
أخذوا بأبواب المسجد، وهم من الأبواب إلى الحجون، فخرج أمير المؤمنين يخطر بسيفه وهو يقول:
إني إذا أعرف يومي أصبر ... إذ بعضهم يعرف ثم ينكر
فدفعهم دفعة تراكبوا منها فوقعوا على وجوههم، وأكثر فيهم القتل ثم رجع إلى موضعه. قالت: من رأيت معه؟ قال: معه أهل بيته ونفر قليل. قالت أمه: خذلوه وأحبوا الحياة، ولم ينظروا لدينهم ولا لأحسابهم. ثم قامت تصلي وتدعو وتقول: اللهم، إن عبد الله بن الزبير كان معظماً لحرمتك، كريه إليه أن تعصى، وقد جاهد فيك أعداءك، وبذل مهجة نفسه رجاء ثوابك، اللهم، فلا تخيبه، اللهم، ارحم ذلك السجود والنحيب والظمأ في تلك الهواجر. اللهم، لا أقوله تزكية، ولكن الذي أعلم وأنت أعلم به، اللهم، وكان براً بالوالدين. قال: ثم جاء عبد الله بن الزبير فدخل على أمه وعليه الدرع والمغفر فدخل عليها فسلم ثم دنا فتناول يدها فقبلها وودعها، فقالت: هذا وداع، فلا تبعد إلا من النار. قال ابن الزبير: نعم جئت مودعاً لك، إني لأرى هذا آخر يوم من الدنيا يمر بي، واعلمي يا أمه أني إن قتلت فإنما أنا لحم لا يضرني ما صنع بي قالت: صدقت فامض على بصيرتك، ولا تمكن ابن أبي عقيل منك، فادن مني أودعك، فدنا منها فعانقها فمست الدرع فقالت: ما هذا صنيع من يريد ما تريد فقال: ما لبست الدرع إلا لأشد منك قالت: فإنه لا يشد مني بل يخالفني، فنزعها ثم أدرج كمه وشد أسفل قميصه وجبة خز تحت القميص، وأدخل أسفلها في المنطقة وأمه تقول: البس ثيابك مشمرة. قال: بلى هي على عهدك. قالت: ثبتك الله، فانصرف من عندها وهو يقول:
إني إذا أعرف يومي أصبر ... إذ بعضهم يعرف ثم ينكر
ففهمت قوله فقالت: تصبر والله إن شاء الله تعالى أليس أبوك الزبير؟ قال: ثم لاقاهم فحمل عليهم حملة هزمهم حتى أوقفهم خارجاً من الباب، ثم حمل عليه أهل حمص فحمل عليهم فمثل ذلك.
قالت ريطة بنت عبد الله: كنت عند أسماء إذ جاء ابنها عبد الله فقال: إن هذا الرجل قد نزل بنا، وهو رجل من ثقيف يسمى الحجاج، في أربعين ألفاً من أهل الشام، وقد نالنا نبلهم ونشابهم وقد أرسل إلي يخيرني بين ثلاث: بين أن أهرب في الأرض فأذهب حيث شئت، وبين أن أضع يدي في يده فيبعث بي إلى الشام موقراً حديداً، وبين أن أقاتل حتى أقتل. قالت: أي بني عش كريماً ومت كريماً، فإني سمعت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: إن من ثقيف مبيراً وكذاباً. قالت: فذهب فاستند إلى الكعبة حتى قتل.
وجاء عمارة بن عمرو بن حزم فقال: لو ركبت رواحلك فنزلت برمل الحرك. فقال ابن الزبير: فما فعلت القتلى بالحرم؟! والله، لئن كنت أوردتهم ثم فررت عنهم لبئس الشيخ أنا في الإسلام.
قال نافع مولى بني أسد: لما كان ليلة الثلاثاء قال الحجاج لأصحابه: والله إني لأخاف أن يهرب ابن الزبير، فإن هرب فما عذرنا عند خليفتنا؟ فبلغ ابن الزبير قوله فتضاحك وقال: إنه ظن بي ظنه بنفسه، إنه فرار في الموطن وأبوه قبله.
ولما ارتجز ابن الزبير قوله:
لو كان قرني واحداً كفيته
قال ابن صفوان: إي والله. وألف.
وقيل: إنه لما أصابته الآخرة أصابته في قفاه، فوقذته، فارتعش ساعة ثم وقع لوجهه، ثم انتهض فلم يقدر على القيام، وابتدره الناس، وشد عليه رجل من أهل الشام وقد ارتعش ابن الزبير فهو متوكئ على مرفقه الأيسر، فضرب الرجل فقطع رجليه
بالسيف، وجعل يضربه وما يقدر ينهض حتى كثروه، ودففوا عليه، ولقد كان يقاتل وإنه لمطروح يخدم بالسيف كل من دنا منه، فصاحت امرأة من الدار.
وفي حديث آخر بمعناه: وصاحت مولاة له مجنونة: وا أمير المؤمنيناه وقد رأته حيث هوى، فأشارت لهم إليه فقيل: وإن عليه ثياب خز، وجاء الخبر الحجاج فسجد وسار حتى وقف عليه هو وطارق بن عمرو فقال طارق: ما ولدت النساء أذكر من هذا، فقال الحجاج: تمدح من خالف أمير المؤمنين! قال طارق: نعم هو أعذر لنا، ولولا هذا ما كان لنا عذر، إنا محاصروه، وهو في غير خندق ولا حصن ولا منعة منذ سبعة أشهر ينتصف منا بل بفضل علينا في كل ما التقينا، فبلغ كلامهما عبد الملك بن مروان فصوب طارقاً.
ولما قتل الحجاج عبد الله بن الزبير وهو متعلق بأستار الكعبة ثم شق بطنه ثم قال: املؤوا بطن عبد الله حجارة..الحديث.
وعن ابن سيرين قال: قال عبد الله بن الزبير: ما شيء يحدثنا به كعب إلا قد أتى علي ماقال، إلا قوله: فإن ثقيف تقتلني، وهذا رأسه بين يدي، يعني: المختار. قال ابن سيرين: ولا يشعر أن أبا محمد قد خبئ له، يعني: الحجاج.
وعن مجاهد قال: قال ابن عمر لغلامه: لا تمر على ابن الزبير، فغفل الغلام فمر به فرفع رأسه فرآه فقال: رحمك الله، ما علمتك إلا صواماً قواماً وصولاً للرحم، أما والله إني لأرجو مع مساوئ ما قد علمت من الذنوب ألا يعذبك الله. قال مجاهد: ثم التفت إلي فقال: حدثني أبو بكر الصديق أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: من يعمل سوءاً يجز به في الدنيا.
وفي حديث أخر أنه قال: رحمك الله، أبا خبيب إن كنت، وكنت، ولقد سمعت أباك الزبير بن العوام
يقول: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من يعمل سوءاً يجز به في الدنيا أو في الآخرة. فإن يك هذا بذاك فهه فهه. مرتين.
وقيل إنه قال له: لقد أفلحت قريش إن كنت شر أهلها.
وقيل إنه قال له: يرحمك الله فوالله إن قوماً كنت أخسهم لقوم صدق.
قال أبو العالية:
إنه رأى ابن عمر واقفاً يستغفر لابن الزبير وهو مصلوباً فقال: إن كنت والله ما عملت صواماً قواماً تحب الله ورسوله، فانطلق رجل إلى الحجاج فقال: هذا ابن عمر واقف يستغفر لابن الزبير، فقال لرجل من أهل الشام: قم فائتني به فقام الشامي طويلاً فقال: أصلح الله الأمير، تأذن لي أن أتكلم؟ فقال: تكلم. فقال: إنما أعين الناس كافة إلى هذا الرجل، فإن أنت قتلته خشيت أن تكون فتنة لا تطفأ فقال: اجلس وأرسل إليه مكانه بعشرة آلاف، فقال: أرسل بهذه الأمير لتستعين بها فقبلها. ثم سكت عنه، فأرسل إليه إنا قد أنفقنا منها طائفة وعندنا طائفة، نجمعها لك أحد اليومين ثم نبعث بها. فأرسل إليه: استنفع بها فلا حاجة لنا فيها.
حدث أبو المحياة عن أبيه قال: دخلت مكة بعدما قتل ابن الزبير بثلاثة أيام وهو مصلوب، فجاءته أمه، عجوز طويلة مكفوفة البصر، فقالت للحجاج: أما آن لهذا الراكب أن ينزل؟ قال: فقال الحجاج: المنافق. قالت: لا والله، ما كان منافقاً، إن كان لصواماً، براً. قال: انصرفي فإنك عجوز قد خرفت. قالت: لا والله، ما خرفت منذ سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: يخرج من ثقيف كذاب ومبير، فأما الكذاب فقد رأيناه، وأما المبير فأنت المبير. قال: فقلت لأبي المحياة: أما الكذاب رأيناه أليس يعني المختار؟ قال: لا أراه إلا إياه.
ورأى عبد الله بن عمرو بن العاص عبد الله بن الزبير مصلوباً فقال: طوبى لأمة أنت
شرها. ورآه أبو عبد الله بن عمر فقال: ويل لابن الزبير ولمروان ما أهريق في سببهما من الدم.
قال عامر بن عبد الله بن الزبير: مات أبي فما سألت الله حولاً إلا العفو عنه.
كان أبان بن عثمان حين ولي المدينة في خلافة عبد الملك بن مروان أراد نقض ما كان عبد الله قضى به، فكتب أبان عثمان في ذلك إلى عبد الملك فكتب إليه عبد الملك: إنا لم ننقم على ابن الزبير ما كان يقضي به، ولكن نقمنا عليه ما كان أراد من الإمارة. فإذا جاءك كتابي هذا فأمض ما كان قضى به ابن الزبير، ولا ترده فإن نقضنا القضاء عناء معن.
وانتشرت بيعة عبد الله بن الزبير في الحجاز واليمن والعراق والمشرق وعامة بلاد الشام والمغرب وفرق عماله في الأمصار، وسير بني أمية من المدينة إلى الشام، وفيهم يومئذ مروان بن الحكم، فقدموا الشام، ونزل مروان الجابية، واجتمع إليه من كان هناك من بني أمية وشيعتهم، فبايعوه بالخلافة.
قال نافع مولى ابن عمر: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمدينة عشر سنين، ثم توفي. فكان أبو بكر سنتين وسبعة أشهر وكان عمر عشر سنين وخمسة أشهر، وكان عثمان ثلاث عشرة سنة، فكانت خلافة علي وفتنة معاوية خمس سنين، ثم ولي معاوية عشرين سنة إلا شهراً ثم هلك، وكان يزيد بن معاوية أربع سنين إلا شهراً، ثم هلك، فقام ابن الزبير فكانت فتنة ابن الزبير تسع سنين ثم قتل على رأس ثلاث وسبعين إلا شهرين.
ثم استقام الناس لعبد الملك بن مروان.
وقال الحجاج بن يوسف: من يعذرني من ابن الزبير، ابن ثلاث وسبعين ينقز في الجبل تقزان الظبي؟
وروي أن أسماء بنة أبي بكر غسلت عبد الله بن الزبير بعدما تقطعت أوصاله، وجاء الإذن في ذلك من عبد الملك بن مروان عند إباء الحجاج أن يأذن لها، وحنطته، وكفنته، وصلت عليه، وجعلت فيه شيئاً حين رأته يتفسخ إذا مسته. قال مصعب بن عبد الله: حملته أسماء فدفنته بالمدينة في دار صفية بنت حيي، ثم زيدت دار صفية في المسجد، فابن الزبير مدفون في المسجد مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبي بكر وعمر.
قال مالك بن دينار: كانوا يسمعون كل ليلة زمن قتل ابن الزبير قائلاً يقول:
لبيك على الإسلام من كان باكياً ... فقد أوشكو هلكي وما قدم العهد
وأدبرت الدنيا وأدبر خيرها ... وقد ملكها من كان يوقن بالوعد
فينتظرون فلا يجدون أحداً.
وقالت الشعراء فيه عدة مراثٍ، رحمة الله عليه.
قال عبد الأعلى ابن أخت المقعد: بلغني أن رجلاً من التابعين بإحسان، ورأى كأن القيامة قد قامت، فدعي عبد الله بن الزبير فأمر به إلى النار فجعل ينادي. فأين صلاتي وصومي؟ فنودي أن دعوه لصلاته وصومه. والله أعلم.
ابن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب أبو بكر ويقال أبو خبيب الأسدي.
وأول مولود ولد في الإسلام بالمدينة من قريش. له صحبة، حضر وقعة اليرموك مع أبيه، وشهد خطبة عمر بالجابية، وقدم دمشق لغزو القسطنطينية أيام معاوية، وبويع بالخلافة بعد موت يزيد بن معاوية بمكة، وغلب على الحجاز والعراقين واليمن ومصر وأكثر الشام، ثم قتله الحجاج بن يوسف وصلبه في أيام عبد الملك بن مروان.
قال ثابت البناني: سمعت عبد الله بن الزبير وهو على المنبر يخطب ويقول: قال محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة.
قال سعيد بن جبير: كنت جالساً عند عبد الله بن عتبة بن مسعود، وكان ابن الزبير جعله على قضاء الكوفة إذ جاءه كتاب ابن الزبير: سلام عليك أما بعد. فإنك كتبت تسألني عن الجد، وإن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: لو كنت متخذاً من هذه الأمة خليلاً من دون ربي لاتخذت ابن أبي قحافة، ولكنه أخي في الدين وصاحبي في الغار، وجعل الجد أباً، فأحق من أخذنا به قول أبي بكر رضي الله عنه.
قال عبد الله بن الزبير: خطبنا عمر بالجابية فقال: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قام فينا كمقامي هذا فيكم فقال: أكرموا أصحابي ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم. ثم يفشو الكذب حتى يشهد الرجل ولم يستشهد، وحتى يحلف ولم يستحلف، فمن أحب أن يسكن بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة، فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد. ولا يخلون رجل بامرأة، فإن الشيطان ثالثهما، ومن سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن.
قال الزبير بن بكار: فولد الزبير بن العوام: عبد الله وبه كان يكنى الزبير، والمنذر، وعروة، وغيرهم. ثم قال: وأمهم أسماء بنت أبي بكر الصديق ذات النطاقين ولد عبد الله بن الزبير في شوال سنة اثنتين من الهجرة.
قال الواقدي: توفي سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعبد الله ابن ثماني سنين وأربعة أشهر.
وأمه أسماء بنت أبي بكر الصديق، وجده أبو بكر الصديق، وجدته صفية عمة سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعمته خديجة زوجة سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وخالته عائشة زوجة سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو أول مولود ولد في الإسلام للمهاجرين بالمدينة فحنكه سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسماه عبد الله فكبر الصحابة والمسلمون لمولده استكثاراً، وقتل بمكة سنة ثلاث وسبعين فكبر فجرة أهل الشام لقتله استكباراً. بايع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو ابن ثمان سنين، كان صواماً، قواماً، بالحق قوالاً، وللرحم وصالاً، شديد على الفجرة، ذليلاً للأتقياء البررة، وكانت له جمة مفروقة طويلة.
وحملت به أمه وهي متم، فولدت بقباء وحملته إلى سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فحنكه بتمرة، فكان أول ما دخل في جوفه ريق سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ودعا له وبارك عليه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم ترضعه أمه حتى أتت به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخذه فوضعه في حجره وحنكه. ولد بعد الهجرة بعشرين شهراً. قتل بمكة وصلب بها، وحمل رأسه إلى المدينة وبعث إلى خراسان فدفن بها.
ولما ولد عبد الله بن الزبير بقباء، وكانت يهود حين قدم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت: أخذوهم حتى لا يكون لهم نسل. فلما ولد عبد الله بن الزبير كبر الناس. وكان أول مولود ولد في الإسلام.
وحنكه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ودعا له وأسماه عبد الله قال: قد أسميته بجبريل، ثم جاء وهو ابن سبع سنين أو ثمان ليبايع صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أمره بذلك الزبير فتبسم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين رآه
ثم بايعه. ولما قتل كبر أهل الشام فقال عبد الله بن عمر بن الخطاب - وسمع تكبير أهل الشام - الذين كبروا على مولده خير من الذين كبروا على قتله.
قال زيد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب: لما دخل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة قالت يهود: قد سحرنا محمداً وأصحابه فليس يولد لهم بأرضنا. قال: فكان أول مولود عبد الله بن الزبير. قال زيد: فسمعت أن اليهود لما علموا أن الله تبارك وتعالى قد أبطل كيدهم حولوا فكتبوا طباً فجعلوا ما يضر ينفع، وما ينفع يضر.
ولما حمل إلى سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحنكه أمر أن يؤذن في أذنيه بالصلاة، فأذن أبو بكر في أذنيه.
وقال أبو إسحاق: إن أبا بكر طاف بابن الزبير في خرقة وهو صبي مولود، وفي ذلك خلاف. والصحيح أن عبد الله بن الزبير ولد بالمدينة بعد الهجرة لا خلاف فيه، ومكة يومئذ دار حرب لم يدخلها سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا أحد من المسلمين. وزعموا أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما نظر في وجهه قال: أهو هو ليمنعن البيت أو ليموتن دونه. وقال العقيلي في ذلك:
بر تبين ما قال الرسول له ... من الصلاة لضاحي وجهه علم
حمامة من حمام البيت قاطنة ... لا تتبع الناس إن جاروا وإن ظلموا
هو أول مولود ولد بالمدينة، وأتاه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمشي من المدينة اليوم الذي ولد فيه، وكانت أسماء مع أبيها بالسنح ببلحارث بن الخزرج.
قال الزبير: والصحيح أن عبد الله بن الزبير ولد بقباء، والبيت الذي ولد فيه قائم معروف، ولاد ابن الزبير فيه وإنما كان نزول أبي بكر الصديق بالسنح حين تزوج مليكة بنت خارجة بن زيد بن أبي زهير، ولم يتزوجها إلا بعد مولد عبد الله بن الزبير.
وكان عبد الله يقول: هاجرت بي أمي في بطنها فما أصابها من مخمصة أو نصب إلا وقد أصابني. وكان عارضا ابن الزبير خفيفين، فما اتصلت لحيته حتى بلغ ستين سنة.
وعن محمد بن كعب القرظي: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل على أسماء بنت أبي بكر الصديق حين ولد عبد الله بن الزبير فقال: أهو هو؟ فتركت أسماء رضاع عبد الله بن الزبير لما سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول هو هو. فقيل لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن أسماء تركت رضاع عبد الله بن الزبير لما سمعتك تقول: أهو هو، فقال: أرضعيه ولو بماء عينيك. كبش بين ذئاب، ذئاب عليها ثياب، ليمنعن الحرم أو ليقتلن به.
كان الزبير يقبل ابنه عبد الله وهو صغير يقول:
أبيض من آل أبي عتيق ... أحبه كما أحب ريقي
وعن عروة: أن عبد الله بن الزبير وجعفر بن الزبير بايعا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهما ابنا سبع سنين، فلما رآهما رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تبسم وبسط يده فبايعهما.
وعن عبد الله بن عروة: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلم في غلمة ترعرعوا منهم عبد الله بن جعفر، وعبد الله بن الزبير، وعمر بن أبي سلمة، فقيل: يا رسول الله، لو بايعتهم فتصيبهم بركتك ويكون لهم ذكر، فأتي بهم إليه فكأنهم تكعكعوا حين جيء بهم إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاقتحم ابن الزبير أولهم فتبسم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال: إنه ابن أبيه، وبايعوه.
وعن عبد الله بن الزبير: أنه أتى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يحتجم. فلما فرغ قال: يا عبد الله، اذهب بهذا الدم فأهرقه حيث لا يراك أحد. فلما برز عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عمد إلى الدم فشربه. فلما رجع قال: يا عبد الله، ما صنعت؟ قال: جعلته في أخفى مكان علمت أنه بخاف عن الناس. قال: لعلك شربته! قال: نعم. قال: ولم شربت الدم! ويل للناس منك، وويل لك من الناس. قال: فكانوا يرون أن القوة التي به من ذلك الدم.
وفي حديث: من قوة دم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وفي حديث بمعناه قال: إني أحببت أن يكون من دم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في جوفي فقال: ويل لك من الناس، وويل للناس منك، لا تمسك النار إلا قسم اليمين.
وعن محمد بن حاطب أنه قال - وذكر ابن الزبير فقال: طالما حرص على الإمارة قلت: وما ذاك؟ قال: أتي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بلص فأمر بقتله، فقيل: إنه سرق، قال: اقطعوه، ثم جيء بعد ذلك إلى أبي بكر وقد سرق وقد قطعت قوائمه، فقال أبو بكر: ما أجد لك شيئاً إلا قضى فيك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم أمر بقتلك، فإنه كان أعلم بك، فأمر بقتله أغيلمة من أبناء المهاجرين أنا فيهم. قال ابن الزبير: أمروني عليكم، فأمرناه علينا فانطلقنا به إلى البقيع، فقتلناه.
وعن محمد بن الضحاك: أن عبد الملك بن مروان قال لرأس الجالوت - أو لابن رأس الجالوت - ما عندكم من الفراسة في الصبيان؟ قال: ما عندنا فيهم شيء لأنهم يخلقون خلقاً بعد خلق، غير أنا نرمقهم فإن سمعنا منهم من يقول في لعبه: من يكون معي؟ رأيناها همة وخبر صدق فيه. وإن سمعناه يقول: مع من أكون؟ كرهناها منه. فكان أول ما علم من أمر ابن الزبير أنه كان ذات يوم يلعب مع الصبيان وهو صبي فمر رجل فصاح عليهم، ففروا، ومشى ابن الزبير القهقري وقال: يا صبيان، اجعلوني أميركم، وشدوا بنا عليه.
ومر به عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو صبي يلعب مع الصبيان، ففروا، ووقف، فقال له: مالك لم تفر مع أصحابك؟ فقال: يا أمير المؤمنين، لم أجرم فأخافك، ولم تكن الطريق ضيقة فأوسع لك.
كان نوف يقول: إني لأجد في كتاب الله المنزل أن ابن الزبير فارس الخلفاء.
وعن محمد بن أبي يعقوب الضبي: أن معاوية بن أبي سفيان كان يلقى ابن الزبير فيقول: مرحباً يا بن عمة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وابن حواري رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويأمر له بمئة ألف.
قال ابن أبي مليكة: ذكر ابن الزبير عند ابن عباس فقال: قارئاً لكتاب الله، عفيفاً في الإسلام، أبوه الزبير، وأمه أسماء، وجده أبو بكر، وعمته خديجة، وخالته عائشة، وجدته صفية، والله لأحاسبن له نفسي محاسبة لم أحاسبها لأبي بكر ولا عمر.
وفي حديث ابن عباس قال: لما بلغ الناس عبد الله بن الزبير قلت: أين المذهب عن ابن الزبير؟ أبوه حواري رسولالله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجدته عمة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صفية بنت عبد المطلب، وعمته خديجة بنت خويلد زوج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وخالته أم المؤمنين عائشة، وجده صديق رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبو بكر، وأمه ذات النطاقين، فشددت على عضده ثم آثر علي الحميدات والتويتات والأسامات فبأوت بنفسي ولم أرض بالهوان. إن ابن أبي العاص مشى اليقدمية - ويقال القدمية - وإن ابن الزبير مشى القهقرى.
وفي حديث آخر: إن ابن الزبير لوى ذنبه ثم قال لعلي بن عبد الله بن العباس: الحق بابن عمك فغثك خير من سمين غيرك، ومنك أنفك وإن كان أجدع، فلحق علي بعبد الملك بنمروانفكان آثر الناس عنده.
قوله مشى اليقدمية بهمته وأفعاله، وابن الزبير مشى القهقرى: أي نكص على عقبيه، وتأخر عما تقدم له الآخر. وقوله: فبأوت بنفسي أي رفعتها وعظمتها، والبأو: التعظيم. وقوله: آثر علي الحميدات والتوتيات والأسامات أراد: آثر
قوماً من بني أسد ابن عبد العزى من قرابته. وكأنه صغرهم وحقرهم.
قال محمد بن المرتفع: سمعت ابن الزبير يقول: يا معشر الحاج، سلوني، فعلينا كان التنزيل، ونحن حضرنا التأويل، فقال له رجل من أهل العراق: دخلت في جرابي فأرة، أيحل لي قتلها وأنا محرم؟ قال: اقتل الفويسقة. قال: أخبرنا بالشفع والوتر والليالي العشر قال: العشر: الثمان، وعرفة، والنحر، والشفع: من تعجل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه. وهو اليوم.
وكان عبد الله بن الزبير من العلماء العباد المجتهدين، وما كان أحد أعلم بالمناسك منه، وأوصت إليه عائشة أم المؤمنين.
وقال عمرو بن دينار: ما رأيت مصلياً أحسن صلاة من ابن الزبير.
وقال مجاهد: كان ابن الزبير إذا قام في الصلاة كأنه عود. وحدث أن أبا بكر رضي الله عنه كان كذلك.
وقال يحيى بن وثاب: وكان ابن الزبير إذا سجد وقعت العصافير على ظهره، تصعد وتنزل، لا تراه إلا جذم حائط.
وقال وهب بن كيسان: أول من وصف رجليه في الصلاة عبد الله بن الزبير فاقتدى به كثير من العباد. وكان مجتهداً.
قال مسلم المكي: ركع ابن الزبير يوماً ركعة فقرأت البقرة وآل عمران والنساء والمائدة، وما رفع رأسه.
ويروي أنه قسم الدهر على ثلاث ليالٍ: فليلة هو قائم حتى الصباح، وليلة هو راكع حتى الصباح، وليلة هو ساجد حتى الصباح.
قال ابن المنكدر: لو رأيت ابن الزبير يصلي كأنه غصن شجرة تصفقها الريح والمنجنيق يقع هاهنا وهاهنا. قال سفيان: كأنه لا يبالي.
قال عمر بن عبد العزيز لابن مليكة: صف لنا عبد الله بن الزبير، فإنه ترمرم على أصحابنا فتغشمروا عليه فقال: عن أي حاليه تسأل، أعن دينه أو عن دنياه؟ قال: عن كل. قال: والله ما رأيت جلداً قط ركب على لحم، ولا لحماً على عصب، ولا عصباً على عظم مثل جلده على لحمه، ولا مثل لحمه على عصبه، ولا مثل عصبه على عظمه، ولا رأيت نفساً ركبت بين جنبين مثل نفس له ركبت بين جنبيه. ولقد قام يوماً إلى الصلاة فمر حجر من حجارة المنجنيق بلبنه مطبوخة من شرافات المسجد فمرت بين لحيته وصدره، فوالله ما خشع لها بصره ولا قطع لها قراءته، ولا ركع دون الركوع الذي كان يركع. إن ابن الزبير كان إذا دخل في الصلاة خرج من كل شيء إليها، ولقد كان يركع فتكاد تقع الرخم على ظهره، ويسجد فكأنه ثوب مطروح.
وعن منصور بن زاذان قال: أخبرني من رأى ابن الزبير يشرب في صلاته، وكان ابن الزبير من المصلين.
وحدث عمر بن قيس عن أمه قالت: دخلت على عبد الله بن الزبير ببيته فإذا هو قائم يصلي. قالت: فسقطت حية من السقف على ابنه هاشم، فتطوقت على بطنه وهو قائم، فصاح أهل البيت: الحية ولم يزالوا بها، حتى قتلوها، وعبد الله بن الزبير يصلي ما التفت. ولا عجل، ثم فرغ بعدما قتلت فقال: ما بالكم؟ قال: فقالت أم هاشم: يرحمك الله، أرأيت إن كنا هنا عليك أيهون عليك ابنك؟ قالت: فقال: ويحك! وما كانت التفاتة لو التفتها مبقية من صلاتي؟
وولاء عمر بن قيس لأم هاشم بنت منظور بن زيان، أم هاشم ابن عبد الله بن الزبير.
وكان عبد الله بن الزبير قوام الليل، صوام النهار، وكان يسمى حمام المسجد.
وكان عبد الله بن الزبير يواصل الصيام سبعاً، يصوم يوم الجمعة ولا يفطر إلا ليلة الجمعة الأخرى، ويصوم بالمدينة ولا يفطر إلا بمكة، وكان عند إفطاره يدعو بقعب من سمن، ثم يأمر بلبن فيحلب عليه، ثم يدعو بشيء من صبر فيذره عليه ثم يشربه. فأما اللبن فيعصمه، وأما السمن فيقطع عنه العطش، وأما الصبر فيفتح أمعاءه.
قال خالد بن أبي عمران: كان ابن الزبير لا يفطر من الشهر إلا ثلاثة أيام. قال: ومكث أربعين سنة لم ينزع ثوبه عن ظهره.
وقال هشام بن حسان: كان عبد الله بن الزبير يصوم عشرة أيام لا يفطر فيها. قال: فكان إذا دخل رمضان أكل أكلة في نصف الشهر.
وقال عمار بن أبي عمار: كان عبد الله بن أبي الزبير يواصل سبعة أيام فإذا كان ليلة السابعة دعا بإناء من سمن فشربه، ثم أتى بثريدة في صحفة عليها عرقان، ويؤتى الناس بالجفان فتوضع بين أيديهم، فيقول: أيها الناس، هذا خالص مالي، وهذا من بيت مالكم.
قال مجاهد: ما كان باب من العبادة يعجز عنه الناس إلا تكلفه عبد الله بن الزبير. ولقد جاء سيل طبق البيت فجعل ابن الزبير يطوف سباحة.
قال عثمان بن طلحة: كان عبد الله بن الزبير لا ينازع في ثلاثة: شجاعة، ولا عبادة، ولا بلاغة.
قال عبد الواحد بن أيمن: رأيت على ابن الزبير رداءً عدنياً يصلي فيه، وكان صيتاً، إذا خطب تجاوب
الجبلان: أبو قبيس، وزرزرز، وكانت له جمة إلى العنق، وكانت له لحية صفراء.
قال أبو سفيان الحميري: تكلم عبد الله بن الزبير والزبير يسمع، فقال له: أي بني، ما زلت تكلم بكلام أبي بكر رضي الله عنه حتى ظننت أن أبا بكر قائم، فانظر إلى من تزوج فإن المرأة من أخيها، من أبيها.
وعن مصعب بن عبد الله قال:
غزا عبد الله بن الزبير إفريقية مع عبد الله بن سعد بن أبي سرح العامري، قال عبد الله: هجم علينا جرجير في معسكرنا في عشرين ومئة ألف، فأحاطوا بنا من كل مكان، وسقط في أيدي المسلمين، ونحن في عشرين ألفاً من المسلمين. واختلف الناس على ابن أبي سرح، فدخل فسطاطاً له فخلا فيه، ورأيت غرة من جرجير، بصرت به خلف عساكره على برذون أشهب، معه جاريتان تظلان عليه بريش الطواويس، بينه وبين جنده أرض بيضاء ليس فيها أحد، فخرجت أطلب ابن أبي سرح فقيل: قد خلا في فسطاطه، فأتيت حاجبه فأبى أن يأذن لي عليه فدرت من كسر الفسطاط فدخلت عليه، فوجدته مستلقياً على ظهره. فلما دخلت فزع واستوى جالساً، فقلت: إيه إيه " كل أزب نفور " فقال: ما أدخلك علي يا بن الزبير؟ قلت: رأيت عورة من العدو فاخرج فاندب لي الناس، قال: وما هي؟ قال: فأخبرته، فخرج معي مسرعاً؟، فقال: يا أيها الناس، انتدبوا مع ابن الزبير، فاخترت ثلاثين فارساً وقلت لسائرهم: البثوا على مصافكم، وحملت في الوجه الذي رأيت فيه جرجير، وقلت لأصحابي: احموا لي ظهري، فوالله ما نشبت أن خرقت الصف إليه، فخرجت صامداً له، وما يحتسب هو ولا أصحابه إلا أني رسول إليه حتى دنوت منه فعرف الشر، فثنى بردونه مولياً، وأدركته فطعنته، فسقط وسقطت الجاريتان عليه، وأهويت إليه مبادراً فدفقت عليه بالسيف وأصبت يد إحدى الجاريتين فقطعتها، ثم احترزت رأسه فنصبته في رمحي وكبرت، وحمل المسلمون في الوجه
الآخر الذي كنت فيه، وارفض العدو في كل وجه، ومنح الله المسلمين أكتافهم.
فلما أراد ابن أبي سرح أن يوجه بشيراً إلى عثمان قال: أنت أولى من هاهنا بذلك، فانطلق إلى أمير المؤمنين فأخبره الخبر، فقدمت على عثمان فأخبرته بفتح الله ونصره وصنعه، ووصفت له أمرنا كيف كان. فلما فرغت من ذلك قال: هل تستطيع أن تؤدي هذا إلى الناس؟ قال: وما يمنعني من ذلك؟ قال: فاخرج إلى الناس فأخبرهم، فخرجت حتى جئت المنبر، فاستقبلت الناس فتلقاني وجه أبي الزبير بن العوام فدخلتني له هيبة فعرفها في وجهي وقبض قبضة من حصى وجمع وجهه في وجهه وهم أن يحصبني فاعتزمت فتكلمت.
فزعموا أن الزبير لما فرغ من كلامه قال: والله لكأني سمعت كلام أبي بكر الصديق. من أراد أن يتزوج امرأة فلينظر إلى أبيها أو أخيها فإنها تأتيه بأحدهما.
وبشر عبد الله بن الزبير مقدمه من افريقية بابنة خبيب بن عبد الله، وعروة بن الزبير. وكان خبيب أكبر من عروة، وكان عبد الله يكنى أبا بكر، ويكنى أبا خبيب بابنه خبيب بن عبد الله.
خرج ابن الزبير في ليلة مقمرة على راحلة فنزل يبول، فالتفت فإذا على الراحلة شيخ أبيض الرأس واللحية. قال: فشد عليه فتنحى، فركب راحلته ومضى. قال: فناداه: والله يا بن الزبير لو دخل قلبك مني الليلة شعرة لخبلتك. قال: ومنك أنت يا لعين يدخل قلبي شيء؟! قال عامر بن عبد الله بن الزبير: أقبل عبد الله بن الزبير من العمرة في ركب من قريش فيهم عبد الرحمن بن أبي ربيعة المخزومي ورهط من قريش، حتى إذا كانوا بالكديد قال ابن الزبير: رأيت رجلاً تحت التناضب - يعني: شجراً - فقال ابن الزبير: ألا أتقدم أبغيكم لبناً؟ قالوا: بلى، فأقبل
ابن الزبير حتى أتاه قال: فسلمت عليه. قال: وعليك السلام. قال: ابن الزبير: والله ما رأيتني أتيت أحداً إلا رأيت له مني هيبة غيره. فلما دنوت منه وهو في ظل قد كاد يذهب ولم يتحرك فضربته برجلي وقلت: انقبض إليك، إنك لشحيح بظلك، فانحاز متكارهاً فجلست وأخذت بيده وقلت: من أنت؟ قال: ر جل من أهل الأرض من الجن قال: فوالله ما عدا أن قالها، فقامت كل شعرة مني واجتذبته بيدي فقلت: إنك من أهل الأرض وتبدى لي هكذا؟ واجتذبته فإذا ليس له سفلة فانكسر فقلت: إلي تبدى وأنت من أهل الأرض؛ وانقمع مني فذهب، فجاءني أصحابي. قالوا: أين صاحبك؟ قلت: كان والله رجلاً من الجن فذهب. قال: ما بقي رجل ممن رآه إلا ضرب به الأرض ساقطاً. فأخذت كل رجل منهم فشددته على بعيره بين شعبتي رحله حتى أتيت بهم أمج، وما يعقلون.
قال ابن الزبير:
دخلت المسجد ذات ليلة فإذا نسوة يطفن بالبيت فأعجبنني. فلما قضين طوافهن خرجن مما يلي باب الحذائين فقلت: لأتبعهن حتى أعرف مواضعهن. فما زلن يمشين حتى أتين العقبة ثم صعدن العقبة وصعدت خلفهن، ثم هبطن وهبطت خلفهن حتى أتين فجاً، فدخلن في خربة فدخلت في إثرهن، فإذا مشيخة جلوس، فقالوا: ما جاء بك يا بن الزبير؟ فقلت لهم: ومن أنتم؟ قالوا: نحن الجن. قلت: إني رأيت نسوة يطفن بالبيت فأعجبنني، فاتبعتهن حتى دخلت هذا الموضع. قالوا: إن أولئك نساؤنا، تشه يا بن الزبير ما شئت، قلت: أشتهي رطباً، وما بمكة يومئذ من رطبة، فأتوني برطب فأكلت ثم قالوا لي: احمل ما بقي معك. قال: فحملته ورجعت، وأنا أريد أن أريه أهل مكة حتى دخلت منزلي، فوضعته في سفط، ثم وضعت السفط في صندوق، ثم وضعت رأسي، فوالله إني لبين النائم واليقظان إذ سمعت جلبةً في البيت. فقال بعضهم لبعض: أين وضعه؟ فقال بعضهم: في الصندوق. فقال بعضهم لبعض: افتحوا الصندوق. قال: ففتحوه. فقال بعضهم لبعض: أين هو؟ فقال بعضهم: في السفط. قال: افتحوا السفط فقالوا:
لا نستطيع أن نفتحه، إنه قد ذكر عليه اسم الله عز وجل. قال: فاحملوه كما هو. قال: فحملوه فذهبوا به.
قال ابن الزبير: لم آسف على شيء أسفي كيف لم أثب عليهم وهم في البيت.
قال وهب بن كيسان: ما رأيت ابن الزبير معطياً رجلاً كلمة قط لرغبة ولا لرهبة سلطان ولا غيره.
ولما قتل عمر محى الزبير نفسه من الديوان. فلما قتل عثمان محا ابن الزبير نفسه من الديوان.
وعن الزبير أنه قال على منبر مكة: والله لقد استخلفني أمير المؤمنين عثمان على الدار، فلقد كنت أنا الذي أقاتل بهم، ولقد كنت أخرج في الكتيبة وأباشر القتال بنفسي، فخرجت بضعة عشر جرحاً. وإني لأضع اليوم يدي على بعض تلك الجراحات التي جرحت مع عثمان، فأرجو أن تكون خير أعمالي.
قال هشام بن عروة: أخذ عبد الله بن الزبير من وسط القتلى يوم الجمل، وبه بضع وأربعون طعنة وضربة.
وقال عبد الله بن عبيد بن عمير: أعطت عائشة للذي بشرها أن ابن الزبير لم يقتل عشرة آلاف درهم.
قال أبو حبيبة مولى الزبير: أتانا ابن عباس بالبصرة في يوم شديد الحر. فلما رآه الزبير قال: مرحباً يا بن لبابة، أزائراً أم سفيراً؟ قال: كل ذلك أرسلني إليك ابن خالك، فقال لك: ما عدا مما بدا؟ عرفتني بالمدينة وأنكرتني بالبصرة؟! قال: فجعل الزبير ينقر بالمروحة في الأرض ثم رفع رأسه إليه فقال: نرفع لكم المصاحف غداً. فما أحلت حللنا وما حرمت حرمنا.
فانصرفت فناداني ابن الزبير وهو في جانب البيت: يا بن عباس، علي، أقبل، قال ابن عباس: فأقبلت عليه وأنا أكره كلامه، فقال: بيننا دم خليفة، وعهد خليفة، وانفراد واحد واجتماع ثلاثة، وأم مبرورة، ومشاورة العامة.
قال: يعني الثلاثة: الزبير، وطلحة، وسعد، أقام بالمدينة، وعهد الخليفة: عمر بن الخطاب. قال: إذا اجتمعوا وتشاورا تبع الأقل الأكثر، ودم الخليفة: عثمان بن عفان.
قال عروة بن الزبير: لم يكن أحد أحب إلى عائشة بعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبعد أبي بكر من عبد الله بن الزبير.
وعن عروة قال: ما سمعت أمي: عائشة وأسماء تدعوان لأحد من الخلق دعاءهما لعبد الله بن الزبير.
قال هشام بن عروة: كان عبد الله بن الزبير يعتد بمكرمات لا يعتد بها أحد من الناس: أوصت له عائشة بحجرتها، واشترى حجرة سودة.
قال عبد الله بن عروة: أقحمت السنة نابغة بني جعدة فدخل على ابن الزبير المسجد الحرام فأنشده:
حكيت لنا الصديق لما وليتنا ... وعثمان والفاروق فارتاح معدم
وسويت بين الناس في الحق فاستوى ... فعاد صباحاً حالك اللون أسحم
أتاك أبو ليلى يجوب به الدجى ... دجى الليل جواب الفلاة عثمثم
لتجبر منه جانباً ذعذعت به ... صروف الليالي والزمان المصمم
فقال له ابن الزبير: هون عليك أبا ليلى، فإن الشعر أهون وسائلك عندنا. أما صفوة أموالنا فلآل الزبير، وأما عفوته فإن بني أسد تشغلها عنك، ولكن لك في مال الله حقان: حق برؤيتك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحق لشركتك أهل الإسلام في فيئهم، ثم أدخله دار النعم فأعطاه قلائص تسعاً، وجملاً رحيلاً، وأوقر له الركاب براً وتمراً وثياباً، فجعل النابغة يستعجل ويأكل الحب صرفاً. فقال ابن الزبير: ويح أبي ليلى! لقد بلغ به الجهد. فقال النابغة: أشهد لسمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: ما وليت قريش فعدلت واسترحمت فرحمت، ووعدت خيراً فأنجزت، فأنا والنبيون فراط لقاصفين.
وزاد في رواية: وحدثت فصدقت.
قالت عائشة بنت طلحة: خرجت مع أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها زوج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قالت: فبينا نحن كذلك إذا نحن براجز يقول:
أنشد من كان بعيد الهم ... يدلني اليوم على ابن أم
له أب في باذخٍ أشم ... وأمه كالبدر ليل تم
مقابل الخال كريم العم ... يجيرني من زمن ملم
جرعة أكؤسه بسم
قالت: فلما سمعت أم المؤمنين أبياته دعت به فقالت من وراء حجابها:
يا عبد الله، سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: الدال على الخير كفاعله، فحاجتك رجل بين يديك، فسل عن عبد الله بن الزبير فإنه شرطك، فخرج الرجل حتى أدرك عبد الله بن الزبير، فحمله على راحلة وصنع إليه معروفاً.
قال أبو إسحاق التيمي: سمع معاوية رجلاً وهو يقول:
ابن رقاش ماجد سميدع ... يأتي فيعطي عن يدٍ أو يمنع
فقال: ذاك عبد الله بن الزبير.
وفي رواية: ذاك منا. ذاك عبد الله بن الزبير.
دخل عبد الله بن الزبير على معاوية، وعنده جماعة فيهم مروان وسعيد بن العاص، فأوسع له معاوية على سريره. فلما انصرف عبد الله بن الزبير أقبل مروان على معاوية فقال له: لله درك من رئيس قبيلة يضع الكبير ولا يدني إلا صغيراً فقال معاوية:
نفس عصام سودت عصاماً
فضحك مروان وقال: يا أمير المؤمنين، إنما كلمتك مازحاً، فقال معاوية: ترسلها شقراء غبراء ثم تتبعها ضحكة يا مروان؟! قال عبد الله بن محمد بن حبيب: لما حج معاوية لقيه عبد الله بن الزبير فقال: آدني على الوليد بن عتبة. فقد تزايد
خطله، وذهب به جهله إلى غاية يقصر عنها الأنوق، ودون قرارها العيوق، فقال معاوية: والله ما يزال أحدكم يأتيني، يغلي جوفه كغلي المرجل على ابن عمه، فقال ابن الزبير: أم والله ما ذلك عن فرار منه ولا جبن عنه، ولقد علمت قريش أني لست بالفهه الكهام، ولا بالهلباجة النثر. فقال له معاوية: إنك لتهددني وقد عجزت عن غلام من قريش لم يبر في سباق، ولم يضرب في سياق. إن شئت خلينا بينك وبينه. فقال ابن الزبير: ما مثلي يهارش به، ولكن عندك من قريش والأنصار، ومن ساكن الحجون في الآطام من إن سألته حملك على محجة أبين من ظهر الجفير. قال: ومن ذلك؟ قال: هذا، يعني: أبا الجهم بن حذيفة، فقال معاوية: تكلم يا أبا الجهم. فقال أعفني، قال: عزمت عليك لتقولن، قال: نعم؛ أمك هند وأمه أسماء بنت أبي بكر، وأسماء خير من هند. وأبوك أبو سفيان وأبوه الزبير، ومعاذ الله أن يكون مثل الزبير. وأما الدنيا فلك؛ وأما الآخرة فله إن شاء الله.
قوله: آدني على الوليد. معناه: أعدني. وفلان استأدى على فلان أفصح من استعدى، وهما سواء.
أذن معاوية للناس يوماً فدخلوا عليه، فاحتفل المجلس وهو على سريره، فأجال بصره فيهم، ثم قال: أنشدوني لقدماء العرب ثلاثة أبيات جامعة من أجمع ما قالتها، ثم قال: يا أبا خبيب، فقال: مهيم. قال: أنشدني ثلاثة أبيات لقدماء العرب جامعة من أجمع ما قالتها. قال: نعم يا أمير المؤمنين، بثلاث مئة ألف. قال معاوية: إن ساوت. قال: أنت بالخيار وأنت واف كاف. قال: نعم. فأنشده للأفوه الأودي:
بلوت الناس قرناً بعد قرنٍ ... فلم أر غير ختال وقال
فقال: صدق.
ولم أر في الخطوب أشد وقعاً ... وكيداً من معاداة الرجال
فقال: صدق.
وذقت مرارة الأشياء طراً ... فما شيء أمر من السؤال
فقال: صدق. هيه يا أبا خبيب. قال: إلى هاهنا انتهى بي. قال: فدعا معاوية بثلاثين عبداً، على عنق كل واح منهم بدرة، فمروا بين يدي ابن الزبير حتى انتهوا إلى داره.
حج معاوية فتلقاه الناس ولم يتلقه ابن الزبير، وبعث مولى له فقال: اذهب فانظر ما يقولك لك معاوية، فأتاه: فلما رآه معاوية قال: أين ابن الزبير؟ قال: يا أمير المؤمنين، إنه كان وكان، يعذره. قال: لا والله، ولكن ما في نفسه. فلما كان بمنى مر به ابن الزبير وقد حلق معاوية رأسه، فقال: يا أمير المؤمنين، ما أكبر جحرة رأسك. قال: اتق، لا تخرج عليك حية من بعض هذه الجحرة فتقتلك. فلما أفاض من منى لم يدخل عليه. فلما أراد معاوية أن يطوف قام إليه ابن الزبير فأخذ بيده فطاف معه حتى فرغ من طوافه فقال له: يا أمير المؤمنين إني أريد أن تنطلق معي، فتنظر إلى بنائي فانطلق معه إلى قعيقعان، فنظر إلى بنائه ودوره ففعل ماذا؟ لا والله لا أدعك حتى تعطيني مئة ألغ، فأعطاه. فجاءه مروان فقال: والله ما رأيت مثلك، جاءك رجل قد سمى بيت مال الديوان وبيت الخلافة وبيت كذا وبيت كذا فأعطيته مئة ألف! قال: ويلك فكيف أصنع بابن الزبير؟ قال هشام بن عروة: سأل عبد الله بن الزبير معاوية شيئاً فمنعه فقال: والله ما أجهل أن ألزم هذه
البنية فلا أشتم لك عرضاً، ولا أقصب لك حبساً، ولكني أسدل عمامتي من بين يدي ذراعاً، ومن خلفي ذراعاً في طريق أهل الشام، وأذكر سيرة أبي بكر وعمر، فيقول الناس من هذا؟ فيقولون: ابن حواري رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وابن الصديق. فقال معاوية: حسبك بهذا شراً. ثم قال: هات حوائجك.
حدث هشام بن عروة: أن مروان بن الحكم نازع ابن الزبير، فكان هوى معاوية مع مروان، فقال ابن الزبير: يا أمير المؤمنين، إن لك حقاً وطاعة، فأطع الله نطعك، فإنه لا طاعة لك علينا إلا في حق الله عز وجل، ولا تطرق إطراق الأفعوان في أصول السخبر فإنه أقر صامت.
قال سعيد بن يزيد: دخل عبد الله بن الزبير على معاوية وعنده ابن له، فأمره فلطم ابن الزبير لطمة دوخ منها رأسه، فلما أفاق قال له: ادن مني فدنا منه فقال له: الطم معاوية، قال: لا أفعل. قال: ولم؟ قال: لأنه أبي. قال: فرفع عبد الله يده فلطمه لطمة دار الصبي على البساط كما تدور الدوامة، فقال له معاوية: تفعل هذا بغلام لم تجب عليه الأحكام؟! قال: رأيته قد عرف ما ينفعه مما يضره، فأحببت أن أحسن أدبه.
قال عبد الله بن أبي بكر: قدم معاوية المدينة فأقام بها، فأكثر الناس، وعرضوا له يسألونه، فقال يوماً لبعض غلمانه: أسرج لي بغلتي إذا قامت صلاة العصر، فأسرج له البغلة. فلما صلى العصر جلس عليها، ثم توجه قبل الشام وصيح في الأثقال والناس، وتبع معاوية من تبعه، ويدركه ابن الزبير في أولمن أدركه فسار إلى جنبه ليلاً وهو نائم، ففزع له فقال: من هذا؟ فقال: ابن الزبير، أما إني لو شئت أن أقتلك لقتلتك. قال: لست هناك، لست من قتال الملوك، إنما " يصيد كل طائر قدره " فقال ابن الزبير: أما والله لقد سرت تحت لواء أبي إلى ابن أبي طالب، وهو من تعلم. فقال: لا جرم والله، لقد قتلكم بشماله.
فقال: أما إن ذلك في نصرة عثمان، ثم لم نجز بها قال: والله ما كان بك نصرة عثمان، ولولا بغض علي بن أبي طالب لجررت برجلي عثمان مع الضبع، قال: لقد فعلتها، إنا قد أعطيناك عهداً، فنحن وافون لك به ما عشت، فإذا مت فسيعلم من بعدك. فقال: والله ما أخافك إلا على نفسك، ولكأني بك قد خبطت في الحبالة، واستحكمت عليك الأنشوطة فذكرتني وأنت فيها فقلت: ليت أبا عبد الرحمن لها، ليتني والله لها، أما والله لحللتك رويداً، ولأطلقتك سريعاً، ولبئس الولي أنت تلك الساعة.
وفي حديث مختصر بمعناه: إنما يصيد كل طير على قدره، إنما أنت يا بن الزبير ثعلب رواغ، تدخل من جحر وتخرج من جحر، والله لكأني بك قد ربقت كما يربق الجدي، فيا ليتني لك حياً فأخلطك، وبئس المخلص كنت.
قالوا: ولم يدع ابن الزبير بالخلافة حتى هلك يزيد.
ولما هلك معاوية وفي المدينة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان، فلما أتاه موته بعث إلى مروان بن الحكم وناس من بني أمية فأعلمهم الذي أتاه، فقال مروان: ابعث الساعة إلى الحسين وابن الزبير فإن بايعا وإلا فاضرب أعناقهما، وقد هلك عبد الرحمن بن أبي بكر قبل ذلك، فأتاه ابن الزبير فنعى له معاوية فترحم له وجزاه خيراً، وقال له: بايع، قال: ما هذه ساعة مبايعة ولا مثلي بايعك هاهنا، ولكن تصبح فترقى المنبر وأبايعك ويبايعك الناس علانية غير سر، فوثب مروان فقال: اضرب عنقه فإنه صاحب فتنة وشر. فقال: إنك لها هنا يا بن الزرقاء واستبا فقال الوليد: أخرجوهما عني، وكان رجلاً رفيقاً سرياً كريماً، فأخرجا عنه، فجاء الحسين بن علي على تلك الحال فلم يكلم في شيء حتى رجعا جميعاً، ورجع مروان فقال: والله، لا تراه بعد مقامك إلا حيث يسوءك، فأرسل
العيون في أثره، فلم يزد حين دخل منزله على أن دعا بوضوء ثم صف بين قدميه فلم يزل يصلي، وأمر حمزة ابنه أن يقدم راحلته إلى ذي الحليفة على بريد من المدينة مما يلي الفرع، وكان له بذي الحليفة مال عظيم. فلم يزل صافاً قدميه حتى كان من آخر الليل، وتراجعت عنه العيون جلس على دابته فركضها حتى انتهى إلى ذي الحليفة فجلس على راحلته ثم توجه مكة. وخرج الحسين من ليلته فالتقيا بمكة فقال له ابن الزبي: ما يمنعك من شيعتك وشيعة أبيك؟ فوالله لو أن لي مثلهم ما وجهت إلا إليهم؟ وبعث يزيد وعمرو بن سعيد أميراً على المدينة وعزل الوليد بن عتبة تخوفاً لضعف الوليد، فرقي عمرو المنبر حين دخل، فحمد الله وأثنى عليه، وذكر ابن الزبير وما صنع وقال: تعزز بمكة، فوالله لتغزون، ثم والله لئن دخل الكعبة لنحرقنها عليه، على رغم أنف من رغم.
وحدث جماعة قالوا: جاء نعي معاوية بن أبي سفيان وعبد الله بن عباس يومئذ غائب بمكة. فلما صدر الناس من الحج سنة ستين وتكلم عبد الله بن الزبير وأظهر الدعاء، خرج ابن عباس إلى الطائف. فلما كانت وقعة الحرة وجاء الخبر ابن الزبير كان بمكة يومئذ عبد الله بن عباس وابن الحنفية. ولما جاء الخبر بنعي يزيد بن معاوية وذلك لهلال ربيع الآخر سنة أربع وستين قام ابن الزبير فدعا إلى نفسه وبايعه الناس، دعا ابن عباس وابن الحنفية إلى البيعة فأبيا أن يبايعا وقالا: حتى تجتمع لك البلاد ويأتسق لك الناس، وما عندنا خلاف. فأقاما على ذلك ما أقاما، فمرة يكاشرهما ومرة يباديهما فكان هذا من أمره، حتى إذا كانت سنة ست وستين غلظ عليهما ودعاهما إلى البيعة فأبيا، ووقع بينهم شر.
ولم يزل الأمر يغلظ حتى خافا منه خوفاً شديداً ومعهما الذرية، فبعثا رسولاً إلى العراق يخبر بما هما فيه، فخرج إليهما أربعة آلاف، فيهم ثلاثة رؤساء:
عطية بن سعيد، وابن هانئ، وأبو عبد الله الجدلي، فخرجوا من الكوفة، فبعث والي الكوفة في أثرهم خمس مئة ليردوهم، فأدركوهم بواقصة، فامتنعوا منهم، فانصرفوا راجعين، فمروا وقد أخفوا السلاح حتى انتهوا إلى مكة لا يعرض لهم أحد، وإنهم ليمرون على مسالح ابن الزبير ما يعرض لهم أحد، فدخلوا المسجد فسمع بهم ابن الزبير حين دخلوا فدخل منزله، وكان قد ضيق على ابن عباس وابن الحنفية، وأحضر الحطب يجعله على أبوابها يحرقهما أو يبايعان. فهم على تلك الحال حتى جاء هؤلاء العراقيون فمنعوهما حتى خرجا إلى الطائف، وخرجوا معهم وهم أربعة آلاف، وكانوا هناك حتى توفي عبد الله بن عباس فحضروا موته بالطائف ثم لزموا ابن الحنفية فكانوا معه في الشعب، وامتنعوا من ابن الزبير. وكان يقال لعبد الله بن الزبير: عائذ بيت الله.
قالت أم هاشم زجلة بنت منظور ابن زبان الفزارية للحجاج حين خطبها وردته:
أبعد عائذ بيت الله تخطبني ... جهلاً جهلت وغب الجهل مذموم
فاذهب إليك فإني غير ناكحةٍ ... بعد ابن أسماء ما استن الدياميم
وقال عمرو بن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل:
فإن ينج منها عائذ البيت سالماً ... فما نالنا منكم وإن شفنا جلل
وزعموا أن الذي دعا عبد الله بن الزبير إلى التعوذ بالبيت شيء سمعه من أبيه حين سار من مكة إلى البصرة، قال: التفت الزبير إلى الكعبة بعدما ودع، وتوجه يريد الركوب، ثم أقبل على ابنه عبد الله بن الزبير ثم قال: أما والله ما رأيت مثلها لطالب رغبة، أو خائف رهبة، وكان سبب تعوذ الزبير بها موت معاوية.
وقيل إن الحسين وابن الزبير خرجا جميعاً وسلكا طريق الفرع حتى مروا بالجثجاثة وبها جعفر بن الزبير قد ازدرعها وغمز عليهم بعير من إبلهم فانتهوا إلى جعفر. فلما رآهم قال: أمات معاوية؟ قال له ابن الزبير: نعم. انطلق معنا وأعطنا أحد جمليك، وكان ينضح على جملين له فقال جعفر متمثلاً:
إخوتا لابتعدوا أبداً ... وبلى والله قد بعدوا
فقال ابن الزبير - وتطير منها - بفيك التراب، فخرجوا جميعاً حتى قدموا مكة. فأما الحسين فخرج من مكة يوم التروية.
قالوا: ولما خرج حسين بن علي إلى العراق لزم ابن الزبير الحجر ولبس المعافري، وجعل يحرض الناس على بني أمية. وبلغ يزيد ذلك فوجد عليه، فقال ابن الزبير: أنا على السمع والطاعة لا أبدل ولا أغير، ومشى إلى يحيى بن حكيم بن صفوان بن أمية الجمحي وهو والي مكة ليزيد بن معاوية فبايعه له على الخلافة. فكتب بذلك يحيى إلى يزيد فقال: لا أقبل هذا منه حتى يؤتى به وثاق، في جامعةٍ فقال ابنه معاوية بن زيد: يا أمير المؤمنين، ادفع الشر عنك ما اندفع، فإن ابن الزبي رجل لحز لجوج، ولا يطيع بهذا أبداً، وإن تكفر عن يمينك، وتلهى منه، حتى تنظر ما يصير إليه أمره أفضل، فغضب يزيد وقال: إن في ذلك لعجباً. قال: فادع عبد الله بن جعفر فسله عما أقول وتقول، فدعا عبد الله بن جعفر فذكر له قولهما، فقال عبد الله: أصاب أبو ليلى، ووفق فأبى يزيد أن يقبل ذلك وعزل الوليد بن عتبة عن المدينة، وولاها عمرو بن سعيد بن العاصي، وأرسل إليه: أن أمير المؤمنين يقسم بالله لا يقبل من ابن الزبير شيئاً حتى يؤتى به في
جامعة. فعرضوا ذلك على ابن الزبير فأبى، فبعث يزيد بن معاوية الحصين بن نمير وعبد الله بن عضاه الأشعري بجامعة إلى ابن الزبير يقسم له بالله لا يقبل منه إلا أن يؤتى به فيها، فمر بالمدينة فبعث إليه مروان معهما عبد العزيز بن مروان يكلمه في ذلك ويهون عليه الأمر فقدموا عليه مكة فأبلغوه يمين يزيد بن معاوية ورسالته، وقال له عبد العزيز بن مروان: إن أبي أرسلني إليك عنايةً بأمرك، وحفظاً لحرمتك، فأبر يمين أمير المؤمنين فإنما يجعل عليك جامعة فضة أو ذهب وتلبس عليه برنساً فلا تبدو إلا أن يسمع صوتها، فكتب ابن الزبير إلى مروان يجزيه خيراً ويقول: قد عرفت عنايتك ورأيك، فأما هذا فإني لا أفعله أبداً، فليكفر يزيد عن يمينه أو يدع، وقال ابن الزبير: اللهم إني عائذ ببيتك الحرام وقد عرضت عليهم السمع والطاعة، فأبوا إلا أن يخلوا بي، ويستحلوا مني ما حرمت. فمن يومئذ سمي العائذ. وأقام بمكة لا يعرض لأحد ولا يعرض له أحد. فكتب يزيد بن معاوية إلى عمر بن سعيد أن يوجه إليه جنداً فسأل عمرو: من أعدى الناس لعبد الله بن الزبير؟ فقيل: أخوه عمرو بن الزبير. فذكر قصةً توجيهه إلى ابن الزبير وسيأتي ذلك في ترجمة عمرو بن الزبير.
وعزل يزيد بن معاوية عمرو بن سعيد عن المدينة، وولاها الوليد بن عتبة ثم عزله وولى عثمان بن محمد بن أبي سفيان، فوثب عليه أهل المدينة وأخرجوه. وكانت وقعة الحرة، وكانت الخوارج قد أتته وأهل الأهواء كلهم وقالوا: عائذ بيت الله. وكان شعاره: لا حكم إلا لله. ولم يزل على ذلك بمكة. وحج بالناس عشر سنين أولها سنة اثنتين وستين وآخرها سنة اثنتين وسبعين.
ولما توفي يزيد بن معاوية ودعا ابن الزبير من يومئذ إلى نفسه، فبايع الناس له على الخلافة وسمي أمير المؤمنين، وترك الشعار الذي كان عليه، ودعاءه عائذ بيت الله، ولا حكم إلا لله. وولى العمال: فولى المدينة مصعب بن الزبير وبايع له الناس. وبعث الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة إلى البصرة فبايعوه. وبعث عبد الله بن مطيع إلى الكوفة فبايعوه. وبعث عبد الرحمن بن عتبة بن جحدم الفهري على مصر أميراً فبايعوه، وبعث واليه إلى اليمن فبايعوه. وبعث واليه إلى خراسانفبايعوه. وبعث الضحاك بن قيس الفهري إلى
الشام والياً فبايع له عامة أهل الشام، واستوسقت له البلاد كلها ما خلا طائفة من أهل الشام كان بها مروان بن الحكم وأهل بيته.
كتب يزيد بن معاوية إلى عبد الله بن الزبير: إني قد بعثت إليك سلسلة فضة وقيداً من ذهب، وجامعةً من فضة وحلفت لتأتيني في ذلك فألقى الكتاب وقال:
لا ألين لغير الحق أسأله ... حتى يلين لضرس الماضغ الحجر
وعن هشام بن عروة قال: أول من كسا الكعبة الديباج عبد الله بن الزبير، وإن كان ليطيبها حتى يجد ريحها من دخل الحرم. وكانت كسوتها المسوح والأنطاع.
وحج ابن الزبير ثمان حجج ولاء: من سنة أربع وستين إلى سنة إحدى وسبعين. ثم حضر الموسم سنة اثنتين وسبعين، فحج ابن الزبير بالناس ولم يقفوا الموقف. وحج الحجاج بن يوسف بأهل الشام، ولم يطوفوا بالبيت. وقتل سنة ثلاث وسبعين.
ولما جرد المهدي الكعبة كان فيما نزع عنها كسوة من ديباج مكتوب عليه: لعبد الله أبي بكر أمير المؤمنين، وكان ابن الزبير يكنى أبا بكر، ويكنى أبا خبيب.
قال عمر بن قيس: كان لابن الزبير مئة غلام منهم بلغة أخرى. وكان ابن الزبير يكلم كل واحد منهم بلغته. وكنت إذا نظرت إليه في أمر دنياه قلت: هذا رجل لم يرد الله طرفة عين، وإذا نظرت إليه في أمر آخرته قلت: هذا رجل لم يرد الدنيا طرفة عين.
قال أبو الضحى: رأيت على رأس ابن الزبير من المسك ما لو كان لي رأس مالي.
وعنه قال: رأيت في مفرق ابن الزبير عشية عرفة من الطيب ما لو كان لرجل كان رأس مال.
وعن طاوس قال: دخل ابن الزبير على امرأته بنت الحسن، فرأى ثلاثة مثل - يعني: أفرشة - في بيته فقال: هذا لي، وهذا لابنة الحسن، وهذا للشيطان، فأخرجوه.
وكان ابن عباس يكثر أن يعنف ابن الزبير بالبخل، فلقيه يوماً، فعيره، فقال له ابن الزبير: ما أكثر ما تعيرني يا بن عباس قال: إن أفعل فإني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: إن المؤمن لا يشبع وجاره وابن عمه جائع.
وفي رواية: ليس المؤمن الذي يبيت وجاره طاوٍ.
وفي رواية: ليس بالمؤمن الذي يبيت شبعان وجاره إلى جنبه جائع.
وعن عثمان بن عفان قال: قال له عبد الله بن الزبير حين حصر: إن عندي نجائب قد أعددتها لك فهل لك أن تحول إلى مكة فيأتيك من أراد أن يأتيك؟ قال: لا، إني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: يلحد بمكة كبش من قريش اسمه عبد الله. عليه مثل نصف أوزار الناس.
وعن سعيد قال: أتى عبد الله بن عمرو عبد الله بن الزبير فقال: يا بن الزبير، إياك والإلحاد في
حرم الله تبارك وتعالى، فإني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: إنه سيلحد فيه رجل من قريش لو توزن ذنوبه بذنوب الثقلين لرجحت، فانظر لا تكونه.
وفي رواية فقال: يا بن الزبير، إياك والإلحاد في حرم الله عز وجل، فإني أشهد لسمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: يحلها ويحل به رجل من قريش لو وزنت ذنوبه بذنوب الثقلين لوزنتها. قال: فانظر أن لا تكونه يا بن عمرو، فإنك قد قرأت الكتب وصحبت الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: فإني أشهدك أن هذا وجهي إلى الشام مجاهداً.
وعن سلمان الفارسي قال: ليحرقن هذا البيت على يدي رجل من آل الزبير.
وعن منذر الثوري قال: قال ابن الحنفية: اللهم، إنك تعلم أني كنت أعلم مما علمتني أن ابن الزبير لا يخرج منها إلا قتيلاً يطاف برأسه في الأسواق.
وعن هشام بن عروة قال: كان أول ما أفصح به عمي عبد الله بن الزبير وهو صغير: السيف، فكان لا يضعه من فيه، فكان الزبير بن العوام إذا سمع ذلك منه يقول: أم والله ليكونن لك منه يوم ويوم وأيام.
وعن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر قال:
إني لفوق أبي قبيس حين المنجنيق على ابن الزبير، فنزلت، فنزلت صاعقة كأني أنظر إليها تدور كأنها خمار أحمر، قد حرقت أصحاب المنجنيق نحواً من خمسين رجلاً.
قال سفيان: كان ابن الزبير يشتد بالسيف وهو ابن ثلاث وسبعين كأنه غلام.
وكان ابن الزبير يقاتل الحجاج بمكة فقالت له امرأته: ألا أخرج فأقاتل معك؟ قال: لا. وكان الحجاج يقاتله وهو في المسجد الحرام، فجعل ابن الزبير يقول:
كتب القتل والقتال علينا ... وعلى المحصنات جر الذيول
قال هشام بن عروة: كان ابن الزبير يحمل عليهم حتى يخرجهم من الأبواب، يعني: أبواب مسجد الحرام وهو يقول:
لو كان قرني واحداً كفيته
ثم يقول:
ولسنا على الأعقاب تدمى كلومنا ... ولكن على أقدامنا يقطر الدم
قال هشام بن عروة: رأيت ابن الزبير يرمى بالمنجنيق فلا يلتفت، ولا يرعد صوته. قال: وربما مرت الشظية منه قريباً من نحره.
قال: ورأيت الحجر من المنجنيق يهوي حتى أقول: لقد كاد يأخذ لحية عبد الله بن الزبير. فقال له أبي: ابن أم والله، إن كاد ليأخذ لحيتك، فقال عبد الله: دعني يا بن أم، فوالله ما هي إلا هيت حتى كأن الإنسان لم يكن فقال أبي، وأقبل علينا بوجهه: ألا إني والله ما أخشى عليك إلا من تلك الهيت.
قال هشام بن عروة: سمعت عمي عبد الله بن الزبير يقول: والله، إن أبالي إذا وجدت ثلاث مئة يصبرون صبري لو أجلب علي أهل الأرض.
قال المنذر بن جهم الأسلمي: رأيت ابن الزبير يوم قتل وقد خذله من كان معه خذلاناً شديداً، وجعلوا يخرجون إلى الحجاج، وجعل الحجاج يصيح: أيها الناس، علام تقتلون أنفسكم؟ من خرج إلينا فهو آمن، لكم عهد الله وميثاقه، وفي حرم الله وأمنه، ورب هذه البنية لا أغدر بكم، ولا لنا حاجة في دمائكم. قال: فجعل الناس ينسلون حتى خرج إلى الحجاج من أصحاب ابن الزبير نحو من عشرة آلاف. فلقد رأيته وما معه.
قال إسحاق بن أبي إسحاق: أنا حاضر قتل ابن الزبير يوم قتل في المسجد الحرام: جعلت الجيوش تدخل من أبواب المسجد. فكلما دخل قوم من باب حمل عليهم وحده حتى يخرجهم. فبينا هو على تلك الحال إذ جاءت شرفة من شرفات المسجد فوقعت على رأسه فصرعته وهو يتمثل بهذه الأبيات: يقول:
أسماء يا أسماء لا تبكيني ... لم يبق إلا حسبي وديني
وصارم لانت به يميني
قال عباس بن سهل بن سعد: سمعت ابن الزبير يقول: ما أراني اليوم إلا مقتولاً، ولقد رأيت في الليلة هذه كأن السماء فرجت لي فدخلتها، فقد والله مللت الحياة وما فيها، ولقد قرأ في الصبح يومئذ متمكناً " ن والقلم " حرفاً حرفاً، وإن سيفه لمسلول إلى جنبه، وإنه ليتم الركوع والسجود كهيئة قبل ذلك.
وقال يوم قتل: والله لقد مللت الحياة، ولقد جاوزت سن أبي. هذه لي ثنتان وسبعون سنة، اللهم إني قد أحببت لقاءك فأحبب لقائي، وجاهدت فيك عدوك فأثبني ثواب المجاهدين. فقتل ذلك اليوم.
قال مخرمة بن سليمان الوالبي:
دخل عبد الله بن الزبير على أمه حين رأى من الناس ما رأى من خذلانهم إياه،
فقال: يا أمه، خذلني الناس حتى ولدي وأهلي فلم يبق معي إلا من ليس عنده من الدفع أكثر من صبر ساعة، والقوم يعطوني ما أردت من الدنيا فما رأيك؟ فقالت أمه: أنت والله يا بني أعلم بنفسك إن كنت تعلم أنك على حق، وإليه تدعو فامض له، فقد قتل عليه أصحابك، ولا تمكن من رقبتك فيلعب بك غلمان بني أمية، وإن كنت إنما أردت الدنيا فبئس العبد أنت، أهلكت نفسك، وأهلكت من قتل معك. قال: فدنا ابن الزبير فقبل رأسها فقال: هذا والله رأيي. والذي قمت به داعياً إلى يومي هذا، ما ركنت إلى الدنيا، ولا أحببت الحياة فيها، وما دعاني إلى الخروج إلا الغضب لله، ولكني أحببت أعلم رأيك، فتزيديني قوة وبصيرة مع بصيرتي، فانظري يا أمه فإني مقتول من يومي هذا، لا يشتد جزعك علي، سلمي لأمر الله فإن ابنك لم يتعمد إتيان منكر، ولا عمل بفاحشة، ولم يجر في حكم، ولم يغدر في أمان، ولم يتعمد ظلم مسلم، ولا معاهد، ولم يبلغني عن عمالي فرضيته بل أنكرته، ولم يكن من شيء آثر عندي من رضي ربي. اللهم، إني لا أقول هذا تزكية مني لنفسي، أنت أعلم بي، ولكني أقوله تعزية لأمي لتسلو به عني، فقالت له أمه: إني لأرجو أن يكون عزائي فيك حسناً إن تقدمتني وإن تقدمتك وفي نفسي حوجاء حتى أنظر إلى ما يصير إليه أمرك. قال: جزاك الله يا أمه خيراً، فلا تدعي الدعاء لي بعد قتلي. قالت: لا أدعه، لست بتاركة ذلك أبداً. فمن قتل على باطل فقد قتلت على حق. وخرج. وقالت أمه: اللهم ارحم طول ذلك القيام في الليل الطويل، وذلك النحيب، والظمأ في هواجر المدينة، ومكة، وبره بأبيه وبي. اللهم إني سلمت فيه لأمرك، ورضيت فيه بما قضيت، فأثبني في عبد الله ثواب الصابرين الشاكرين.
قال عبد الله مولى أسماء: لما قتل عبد الله خرجت إليه أمه حتى وقفت عليه وهي على دابة، فأقبل الحجاج في أصحابه فسأل عنها فأخبر بها، فأقبل حتى وقف عليها فقال: كيف رأيت، نصر الله الحق وأظهره؟ قالت: ربما أديل الباطل على الحق. وإنك بين فرثها والجية. قال: إن ابنك
ألحد في هذا البيت وقال الله: " ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم " وقد أذاقه الله ذلك العذاب الأليم، قطع السبيل. قالت: كذبت، كان أول مولود ولد في الإسلام بالمدينة وسر به رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحنكه بيده، فكبر المسلمون يومئذ حتى ارتجت المدينة فرحاً به، وقد فرحت أنت وأصحابك بمقتله، فمن كان فرح به يومئذ خير منك ومن أصحابك وكان مع ذلك براً بالوالدين، صواماً، قواماً بكتاب الله عز وجل، معظماً لحرم الله، يبغض أن يعصى الله، أشهد على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لسمعته يقول: سيخرج من ثقيف كذابان الآخر منهما أشر من الأول، وهو مبير وهو أنت، فانكسر الحجاج، وانصرف. وبلغ ذلك عبد الملك فكتب إليه يلومه في مخاطبته أسماء. وقال: مالك ولابنة الرجل الصالح؟! قال أبو عون: كان عبد الله بن الزبير، قد قشم جلده على عظمه. كان يصوم الدهر فإذا أفطر أفطر على لبن الإبل. وكان يمكث الخمس والست لا يذهب لحاجته، وكان يشرب المسك. وكان بين عينيه سجدة مثل مبرك البعير. فلما قتله الحجاج صلبه على الثنية التي بالحجون يقال لها كذا؛ فأرسلت أسماء إليه: قاتلك الله علام تصلبه؟ فقال: إني استبقت أنا وابنك إلى هذه الخشبة فكانت اللنحه به. فأرسلت إليه تستأذنه في أن تكفنه فأبى وكتب إلى عبد الملك يخبره بما صنع، فكتب إليه عبد الملك يلومه فيما صنع ويقول: ألا خليت أمه فوارته، فأذن لها الحجاج فوارته بالمقبرة بالحجون.
وحدث رياح بن مسلم عن أبيه قال: لقد رأيتهم مرة ربطوا هرة ميتة إلى جنبه، فكان ريح المسك يغلب على ريحها.
وتوفيت أمه بعده بأشهر بالمدينة.
ولما مات معاوية تثاقل عبد الله بن الزبير عن طاعة يزيد، وأظهر شتمه فبلغ يزيد،
فأقسم لا يؤتى به إلا مغلولاً وإلا أرسل إليه، فقيل لابن الزبير: ألا نصنع لك أغلالاً من فضة تلبس عليها الثوب وتبر قسمه، فالصلح أجمل بك. قال: فلا أبر والله قسمه ثم قال:
ولا ألين لغير الحق أسأله ... حتى يلين لضرس الماضغ الحجر
ثم قال: والله لضربة بسيف في عز أحب إلي من ضربة بسوط في ذل، ثم دعا إلى نفسه وأظهر الخلاف ليزيد بن معاوية، فوجه إليه يزيد مسلم بن عقبة المري في جيش أهل الشام، وأمره بقتال أهل المدينة، فإذا فرغ سار إلى مكة. فدخل مسلم المدينة، وهرب منه يومئذ بقايا أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعبث فيها، وأسرف في القتل، ثم خرج. فلما كان في بعض الطريق مات. واستخلف حصين بن نمير الكندي فقال له: يا بن بردعة الحمار احذر خدائع قريش ولا تعاملهم إلا بالثقاف ثم القطاف، فمضى حصين إلى مكة فقاتل بها ابن الزبير أياماً، وضرب ابن الزبير فسطاطاً في المسجد فكان فيه نساء يسقين الجرحى ويداوينهم، ويطعمن الجائع، ويكتمن إليهن المجروح فقال حصين: ما يزال يخرج علينا من ذلك الفسطاط أسد كأنما يخرج من عرينه فمن يكفينيه؟ فقال رجل من أهل الشام: أنا، فلما جن الليل وضع رمحه ثم ضرب فرسه فطعن الفسطاط فالتهب ناراً والكعبة يومئذ مؤزرة بالطنافس. وفي أعلاها الحبرة، فطارت الريح باللهب على الكعبة حتى احترقت، واحترق فيها يومئذ قرنا الكبش الذي فدى به إسحاق.
قال: وبلغ حصين موت يزيد بن معاوية فهرب حصين. فلما مات يزيد دعا مروان بن الحكم إلى نفسه فأجابه أهل حمص وأهل الأردن وفلسطين، فوجه إليه ابن الزبير الضحاك بن قيس الفهري في مئة ألف فالتقوا بمرج راهط، ومروان يومئذ في خمسة آلاف من بني أمية ومواليهم وأتباعهم من أهل الشام، فقال مروان لمولى له يقال له كرة: احمل على هؤلاء؟ لكثرتهم. قال: هم بين مكره ومستأجر. احمل عليهم لا أم لك، فيكفيك الطعان الماضغ الجندل، هم يكفونك أنفسهم،
إنما هم عبيد الدينار والدرهم، فحمل عليهم فهزمهم، وقتل الضحاك بن قيس، وانصدع الجيش. ففي ذلك يقول زفر بن الحارث:
لعمري لقد أبقيت وقيعة راهط ... لمروان صدعاً بيناً متنائياً
أبيني سلاحي لا أبا لك إنني ... أرى الحرب لا تزداد إلا تماديا
وقد ينبت المرعى على دمن الثرى ... وتبقى حزازات النفوس كما هيا
وفيه يقول أيضاً:
أفي الحق أما بحل وابن بحدل ... فيحيا وأما ابن الزبير فيقتل
كذبتم وبيت الله لا تقتلونه ... ولما يكن يوم أغر محجل
ولما يكن للمشرفية فيكم ... شعاع كنور الشمس حين ترجل
ثم مات مروان، فدعا عبد الملك إلى نفسه، وقام فأجابه أهل الشام فخطب على المنبر وقال: من لابن الزبير منكم؟ فقال الحجاج: أنا أمير المؤمنين، فأسكته ثم عاد فأسكته فقال: أنا أمير المؤمنين، فإني رأيت في النوم أني انتزعت جبته فلبستها، فعقد له في الجيش إلى مكة حتى ورودها على ابن الزبير فقاتله بها، فقال ابن الزبير لأهل مكة: احفظوا هذين الجبلين، فإنكم لن تزالوا بخير أعزة ما لم يظهروا عليهما. قال: فلم يلبثوا أن ظهر الحجاج ومن معه على أبي قبيس ونصب عليه المنجنيق، فكان يرمي به ابن الزبير ومن معه في المسجد. فلما كان في الغداة التي قتل فيها ابن الزبير دخل ابن الزبير على أمه أسماء بنت أبي بكر وهي يومئذ بنت مئة سنة لم تسقط لها سن ولم يفسد لها بصر، فقالت له: يا عبد الله، ما فعلت في حربك؟ قال: بلغوا مكان كذا وكذا، قال: وضحك ابن الزبير، فقال: إن في الموت راحة. فقالت: يا بني لعلك تتمناه لي، ما أحب أن أموت حتى آتي على أحد طرفيك. إما أن تملك فتقر بذلك عيني، وإما أن تقتل فأحتسبك، ثم ودعها فقالت له: يا بني، إياك أن تعطي خصلة من دينك مخافة القتل، وخرج عنها،
فدخل المسجد وقد جعل بيضة على الحجر الأسود يتقي أن يصيبه المنجيق، وأتى ابن الزبير آتٍ وهو جالس عند الحجر فقال له: ألا نفتح لك الكعبة فتصعد فيها؟ فنظر إليه عبد الله ثم قال: من كل شيء تحفظ أخاك إلا من نفسه يعني: من أجله. وهل للكعبة حرمة ليست لهذا المكان، والله لو وجدوكم متعلقين بأستار الكعبة لقتلوكم، فقيل له: ألا تكلمهم في الصلح؟ فقال: أو حين صلح هذا؟ والله لو وجدوكم في جوفها لذبحوكم جميعاً ثم قال:
ولست بمبتاع الحياة بسبةٍ ... ولا مرتقٍ من خشية الموت سلما
أنافس سهماً إنه غير بارحٍ ... ملاقي المنايا أي صرف تيمما
ثم أقبل على آل الزبير يعظهم ويقول: ليكن أحدكم سيفه كما يكن وجهه، لا ينكسر سيفه فيدفع عن نفسه بيده كأنه امرأة، والله ما لقيت زحفاً قط إلا في الرعيل الأول، وما ألمت جرحاً قط إلا أن يكون ألم الدواء. قال: فبينا هم كذلك إذ دخل عليهم نفر باب بني جمح فيهم أسود. فقال: من هؤلاء؟ قيل: أهل حمص، فحمل عليهم ومعه من شيبان، فأول من لقيه الأسود فضربه بسيفه حتى أطن رجله فقال له الأسود: أخ، يا بن الزانية، فقال له ابن الزبير: اخس يا بن حام. أسماء زانية؟! ثم أخرجهم من المسجد وانصرف. فإذا بقوم قد دخلوا من باب بني سهم فقال: من هؤلاء؟ فقيل: أهل الأردن، فحمل عليهم وهو يقول:
لا عهد لي بغارة مثل السيل ... لا ينجلي غبارها حتى الليل
قال: فأخرجهم من المسجد. فإذا بقوم قد دخلوا من باب بني مخزوم، فحمل عليهم وهو يقول:
لو كان قرني واحداً كفتيه
قال: وعلى ظهر المسجد من أعوانه من يرمي عدوه بالآجر وغيره، فحمل عليهم فأصابته آجرة في مفرقه حتى فلقت رأسه فوقف قائماً وهو يقول:
ولسنا على الأعقاب تدمى كلومنا ... ولكن على أقدامنا تقطر الدما
قال: ثم وقع فأكب عليه موليان له وهما يقولان:
العبد يحمي ربه ويحتمي
ثم سيروا إليه فحزوا رأسه.
قالوا: وحصر ابن ليلة هلال ذي العقدة سنة اثنتين وسبعين، ستة أشهر وسبع عشرة ليلة، وقتل يوم الثلاثاء لسبع عشرة خلت من جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين، وقدم على ابن الزبير حبشان من أرض الحبشة يرمون بالمزاريق فقدمهم لأهل الشام، فجعلوا يرمون بمزاريقهم فلا يقع لهم مزراق إلا في إنسان، فقتلوا من أهل الشام قتلى كثيرة، ثم حمل عليهم أهل الشام حملة واحدة فانكشفوا، وكان مع ابن الزبير قوم من أهل مصر فقاتلوا معه قتالاً شديداً، وكانوا خوارج حتى ذكروا عثمان فتبرؤوا منه فبلغ ابن الزبير فناكرهم وقال: ما بيني وبين الناس إلا باب عثمان فانصرفوا عنه، ونصب الحجاج المنجنيق يرمي بها أحث الرمي، وألح عليهم بالقتال من كل وجه، وحبس عنهم الميرة، وحصرهم أشد الحصار حتى جهد أصحاب ابن الزبير وأصابتهم مجاعة شديدة.
وحشر الحجاج أهل الشام يوماً وخطبهم وأمرهم بالطاعة، وأن يرى أثرهم اليوم فإن الأمر قد اقترب، فأقبلوا ولهم زجل وفرح. وسمعت ذلك أسماء بنت أبي بكر الصديق أم عبد الله بن الزبير فقالت لعبد الله مولاها: اذهب فانظر ما فعل الناس، إن هذا اليوم يوم عصيب، اللهم امض ابني على بينة، فذهب عبد الله ثم رجع فقال: رأيت أهل الشام قد
أخذوا بأبواب المسجد، وهم من الأبواب إلى الحجون، فخرج أمير المؤمنين يخطر بسيفه وهو يقول:
إني إذا أعرف يومي أصبر ... إذ بعضهم يعرف ثم ينكر
فدفعهم دفعة تراكبوا منها فوقعوا على وجوههم، وأكثر فيهم القتل ثم رجع إلى موضعه. قالت: من رأيت معه؟ قال: معه أهل بيته ونفر قليل. قالت أمه: خذلوه وأحبوا الحياة، ولم ينظروا لدينهم ولا لأحسابهم. ثم قامت تصلي وتدعو وتقول: اللهم، إن عبد الله بن الزبير كان معظماً لحرمتك، كريه إليه أن تعصى، وقد جاهد فيك أعداءك، وبذل مهجة نفسه رجاء ثوابك، اللهم، فلا تخيبه، اللهم، ارحم ذلك السجود والنحيب والظمأ في تلك الهواجر. اللهم، لا أقوله تزكية، ولكن الذي أعلم وأنت أعلم به، اللهم، وكان براً بالوالدين. قال: ثم جاء عبد الله بن الزبير فدخل على أمه وعليه الدرع والمغفر فدخل عليها فسلم ثم دنا فتناول يدها فقبلها وودعها، فقالت: هذا وداع، فلا تبعد إلا من النار. قال ابن الزبير: نعم جئت مودعاً لك، إني لأرى هذا آخر يوم من الدنيا يمر بي، واعلمي يا أمه أني إن قتلت فإنما أنا لحم لا يضرني ما صنع بي قالت: صدقت فامض على بصيرتك، ولا تمكن ابن أبي عقيل منك، فادن مني أودعك، فدنا منها فعانقها فمست الدرع فقالت: ما هذا صنيع من يريد ما تريد فقال: ما لبست الدرع إلا لأشد منك قالت: فإنه لا يشد مني بل يخالفني، فنزعها ثم أدرج كمه وشد أسفل قميصه وجبة خز تحت القميص، وأدخل أسفلها في المنطقة وأمه تقول: البس ثيابك مشمرة. قال: بلى هي على عهدك. قالت: ثبتك الله، فانصرف من عندها وهو يقول:
إني إذا أعرف يومي أصبر ... إذ بعضهم يعرف ثم ينكر
ففهمت قوله فقالت: تصبر والله إن شاء الله تعالى أليس أبوك الزبير؟ قال: ثم لاقاهم فحمل عليهم حملة هزمهم حتى أوقفهم خارجاً من الباب، ثم حمل عليه أهل حمص فحمل عليهم فمثل ذلك.
قالت ريطة بنت عبد الله: كنت عند أسماء إذ جاء ابنها عبد الله فقال: إن هذا الرجل قد نزل بنا، وهو رجل من ثقيف يسمى الحجاج، في أربعين ألفاً من أهل الشام، وقد نالنا نبلهم ونشابهم وقد أرسل إلي يخيرني بين ثلاث: بين أن أهرب في الأرض فأذهب حيث شئت، وبين أن أضع يدي في يده فيبعث بي إلى الشام موقراً حديداً، وبين أن أقاتل حتى أقتل. قالت: أي بني عش كريماً ومت كريماً، فإني سمعت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: إن من ثقيف مبيراً وكذاباً. قالت: فذهب فاستند إلى الكعبة حتى قتل.
وجاء عمارة بن عمرو بن حزم فقال: لو ركبت رواحلك فنزلت برمل الحرك. فقال ابن الزبير: فما فعلت القتلى بالحرم؟! والله، لئن كنت أوردتهم ثم فررت عنهم لبئس الشيخ أنا في الإسلام.
قال نافع مولى بني أسد: لما كان ليلة الثلاثاء قال الحجاج لأصحابه: والله إني لأخاف أن يهرب ابن الزبير، فإن هرب فما عذرنا عند خليفتنا؟ فبلغ ابن الزبير قوله فتضاحك وقال: إنه ظن بي ظنه بنفسه، إنه فرار في الموطن وأبوه قبله.
ولما ارتجز ابن الزبير قوله:
لو كان قرني واحداً كفيته
قال ابن صفوان: إي والله. وألف.
وقيل: إنه لما أصابته الآخرة أصابته في قفاه، فوقذته، فارتعش ساعة ثم وقع لوجهه، ثم انتهض فلم يقدر على القيام، وابتدره الناس، وشد عليه رجل من أهل الشام وقد ارتعش ابن الزبير فهو متوكئ على مرفقه الأيسر، فضرب الرجل فقطع رجليه
بالسيف، وجعل يضربه وما يقدر ينهض حتى كثروه، ودففوا عليه، ولقد كان يقاتل وإنه لمطروح يخدم بالسيف كل من دنا منه، فصاحت امرأة من الدار.
وفي حديث آخر بمعناه: وصاحت مولاة له مجنونة: وا أمير المؤمنيناه وقد رأته حيث هوى، فأشارت لهم إليه فقيل: وإن عليه ثياب خز، وجاء الخبر الحجاج فسجد وسار حتى وقف عليه هو وطارق بن عمرو فقال طارق: ما ولدت النساء أذكر من هذا، فقال الحجاج: تمدح من خالف أمير المؤمنين! قال طارق: نعم هو أعذر لنا، ولولا هذا ما كان لنا عذر، إنا محاصروه، وهو في غير خندق ولا حصن ولا منعة منذ سبعة أشهر ينتصف منا بل بفضل علينا في كل ما التقينا، فبلغ كلامهما عبد الملك بن مروان فصوب طارقاً.
ولما قتل الحجاج عبد الله بن الزبير وهو متعلق بأستار الكعبة ثم شق بطنه ثم قال: املؤوا بطن عبد الله حجارة..الحديث.
وعن ابن سيرين قال: قال عبد الله بن الزبير: ما شيء يحدثنا به كعب إلا قد أتى علي ماقال، إلا قوله: فإن ثقيف تقتلني، وهذا رأسه بين يدي، يعني: المختار. قال ابن سيرين: ولا يشعر أن أبا محمد قد خبئ له، يعني: الحجاج.
وعن مجاهد قال: قال ابن عمر لغلامه: لا تمر على ابن الزبير، فغفل الغلام فمر به فرفع رأسه فرآه فقال: رحمك الله، ما علمتك إلا صواماً قواماً وصولاً للرحم، أما والله إني لأرجو مع مساوئ ما قد علمت من الذنوب ألا يعذبك الله. قال مجاهد: ثم التفت إلي فقال: حدثني أبو بكر الصديق أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: من يعمل سوءاً يجز به في الدنيا.
وفي حديث أخر أنه قال: رحمك الله، أبا خبيب إن كنت، وكنت، ولقد سمعت أباك الزبير بن العوام
يقول: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من يعمل سوءاً يجز به في الدنيا أو في الآخرة. فإن يك هذا بذاك فهه فهه. مرتين.
وقيل إنه قال له: لقد أفلحت قريش إن كنت شر أهلها.
وقيل إنه قال له: يرحمك الله فوالله إن قوماً كنت أخسهم لقوم صدق.
قال أبو العالية:
إنه رأى ابن عمر واقفاً يستغفر لابن الزبير وهو مصلوباً فقال: إن كنت والله ما عملت صواماً قواماً تحب الله ورسوله، فانطلق رجل إلى الحجاج فقال: هذا ابن عمر واقف يستغفر لابن الزبير، فقال لرجل من أهل الشام: قم فائتني به فقام الشامي طويلاً فقال: أصلح الله الأمير، تأذن لي أن أتكلم؟ فقال: تكلم. فقال: إنما أعين الناس كافة إلى هذا الرجل، فإن أنت قتلته خشيت أن تكون فتنة لا تطفأ فقال: اجلس وأرسل إليه مكانه بعشرة آلاف، فقال: أرسل بهذه الأمير لتستعين بها فقبلها. ثم سكت عنه، فأرسل إليه إنا قد أنفقنا منها طائفة وعندنا طائفة، نجمعها لك أحد اليومين ثم نبعث بها. فأرسل إليه: استنفع بها فلا حاجة لنا فيها.
حدث أبو المحياة عن أبيه قال: دخلت مكة بعدما قتل ابن الزبير بثلاثة أيام وهو مصلوب، فجاءته أمه، عجوز طويلة مكفوفة البصر، فقالت للحجاج: أما آن لهذا الراكب أن ينزل؟ قال: فقال الحجاج: المنافق. قالت: لا والله، ما كان منافقاً، إن كان لصواماً، براً. قال: انصرفي فإنك عجوز قد خرفت. قالت: لا والله، ما خرفت منذ سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: يخرج من ثقيف كذاب ومبير، فأما الكذاب فقد رأيناه، وأما المبير فأنت المبير. قال: فقلت لأبي المحياة: أما الكذاب رأيناه أليس يعني المختار؟ قال: لا أراه إلا إياه.
ورأى عبد الله بن عمرو بن العاص عبد الله بن الزبير مصلوباً فقال: طوبى لأمة أنت
شرها. ورآه أبو عبد الله بن عمر فقال: ويل لابن الزبير ولمروان ما أهريق في سببهما من الدم.
قال عامر بن عبد الله بن الزبير: مات أبي فما سألت الله حولاً إلا العفو عنه.
كان أبان بن عثمان حين ولي المدينة في خلافة عبد الملك بن مروان أراد نقض ما كان عبد الله قضى به، فكتب أبان عثمان في ذلك إلى عبد الملك فكتب إليه عبد الملك: إنا لم ننقم على ابن الزبير ما كان يقضي به، ولكن نقمنا عليه ما كان أراد من الإمارة. فإذا جاءك كتابي هذا فأمض ما كان قضى به ابن الزبير، ولا ترده فإن نقضنا القضاء عناء معن.
وانتشرت بيعة عبد الله بن الزبير في الحجاز واليمن والعراق والمشرق وعامة بلاد الشام والمغرب وفرق عماله في الأمصار، وسير بني أمية من المدينة إلى الشام، وفيهم يومئذ مروان بن الحكم، فقدموا الشام، ونزل مروان الجابية، واجتمع إليه من كان هناك من بني أمية وشيعتهم، فبايعوه بالخلافة.
قال نافع مولى ابن عمر: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمدينة عشر سنين، ثم توفي. فكان أبو بكر سنتين وسبعة أشهر وكان عمر عشر سنين وخمسة أشهر، وكان عثمان ثلاث عشرة سنة، فكانت خلافة علي وفتنة معاوية خمس سنين، ثم ولي معاوية عشرين سنة إلا شهراً ثم هلك، وكان يزيد بن معاوية أربع سنين إلا شهراً، ثم هلك، فقام ابن الزبير فكانت فتنة ابن الزبير تسع سنين ثم قتل على رأس ثلاث وسبعين إلا شهرين.
ثم استقام الناس لعبد الملك بن مروان.
وقال الحجاج بن يوسف: من يعذرني من ابن الزبير، ابن ثلاث وسبعين ينقز في الجبل تقزان الظبي؟
وروي أن أسماء بنة أبي بكر غسلت عبد الله بن الزبير بعدما تقطعت أوصاله، وجاء الإذن في ذلك من عبد الملك بن مروان عند إباء الحجاج أن يأذن لها، وحنطته، وكفنته، وصلت عليه، وجعلت فيه شيئاً حين رأته يتفسخ إذا مسته. قال مصعب بن عبد الله: حملته أسماء فدفنته بالمدينة في دار صفية بنت حيي، ثم زيدت دار صفية في المسجد، فابن الزبير مدفون في المسجد مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبي بكر وعمر.
قال مالك بن دينار: كانوا يسمعون كل ليلة زمن قتل ابن الزبير قائلاً يقول:
لبيك على الإسلام من كان باكياً ... فقد أوشكو هلكي وما قدم العهد
وأدبرت الدنيا وأدبر خيرها ... وقد ملكها من كان يوقن بالوعد
فينتظرون فلا يجدون أحداً.
وقالت الشعراء فيه عدة مراثٍ، رحمة الله عليه.
قال عبد الأعلى ابن أخت المقعد: بلغني أن رجلاً من التابعين بإحسان، ورأى كأن القيامة قد قامت، فدعي عبد الله بن الزبير فأمر به إلى النار فجعل ينادي. فأين صلاتي وصومي؟ فنودي أن دعوه لصلاته وصومه. والله أعلم.
عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر بْن العوام أَبُو بَكْر رضي اللَّه عَنْهُ، ويقَالَ أَبُو خبيب، وَقَالَ بعضهم أَبُو بكير، الْقُرَشِيّ ثم الأسدي.
قَالَ الْحَسَنُ عَنْ ضَمْرَةَ: مَاتَ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ.
وَقَالَ زَكَرِيَّا عن أبي اسامة عن هشام ابن عروة عن اسماء رضي الله عَنْهَا أَنَّهَا حَمَلَتْ / بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَتْ: فَخَرَجْتُ وَأَنَا مُتِمٌّ فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَنَزَلْتُ بِقُبَاءٍ فَوَلَدْتُهُ بِقُبَاءٍ ثُمَّ أَتَيْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعْتُهُ فِي حِجْرِهِ ثُمَّ دَعَا بِتَمْرَةٍ فَمَضَغَهَا ثُمَّ تَفَلَ في فيه فكان اول شئ (2) دَخَلَ فِي جَوْفِهِ (2) رِيقُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ حَنَّكَهُ بِتَمْرَةٍ ثُمَّ دَعَا لَهُ وَبَرَّكَ عَلَيْهِ وَكَانَ أَوَّلَ مَوْلُودٍ ولد في الاسلام.
قَالَ الْحَسَنُ عَنْ ضَمْرَةَ: مَاتَ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ.
وَقَالَ زَكَرِيَّا عن أبي اسامة عن هشام ابن عروة عن اسماء رضي الله عَنْهَا أَنَّهَا حَمَلَتْ / بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَتْ: فَخَرَجْتُ وَأَنَا مُتِمٌّ فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَنَزَلْتُ بِقُبَاءٍ فَوَلَدْتُهُ بِقُبَاءٍ ثُمَّ أَتَيْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعْتُهُ فِي حِجْرِهِ ثُمَّ دَعَا بِتَمْرَةٍ فَمَضَغَهَا ثُمَّ تَفَلَ في فيه فكان اول شئ (2) دَخَلَ فِي جَوْفِهِ (2) رِيقُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ حَنَّكَهُ بِتَمْرَةٍ ثُمَّ دَعَا لَهُ وَبَرَّكَ عَلَيْهِ وَكَانَ أَوَّلَ مَوْلُودٍ ولد في الاسلام.
عبد الله بن مسعود، من حفاظ هذه الأمة.
عبد الله بن مَسْعُود إثنان
- الأول
أَبُو عبد الرحمن الْهُذلِيّ مَشْهُور
- وَالثَّانِي
الْغِفَارِيّ
روى عَن نَافِع عَن بردة فِي فضل رَمَضَان
وَقيل أَبُو مَسْعُود
- الأول
أَبُو عبد الرحمن الْهُذلِيّ مَشْهُور
- وَالثَّانِي
الْغِفَارِيّ
روى عَن نَافِع عَن بردة فِي فضل رَمَضَان
وَقيل أَبُو مَسْعُود
عبد الله بن مسعود
الهذلي: مات بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين وهو ابن بضع وستين سنة.
روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " رضيت لأمتي ما رضي لها ابن أم عبد ". وروى حارثة بن مضرب أن عمر رضي الله عنه كتب إلى أهل الكوفة : أما بعد فإني قد بعثت إليكم عماراً أميراً وع الله قاضياً ووزيراً، وإنهما من نجباء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وممن شهد بدراً، فاسمعوا لهما وأطيعوا فقد آثرتكم بهما على نفسي. وروي عنه أنه قال: أما إنه أطولنا فوقاً ، كنيف ملئ علماً. وروى أبو البختري أن علياً كرم الله وجهه قيل له: أخبرنا عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: عمن تسألوني؟ قالوا: عن عبد الله، قال: " علم القرآن والسنة ". وروى يزيد بن عميرة قال: لما حضر معاذ بن جبل الموت قيل له: يا أبا عبد الرحمن أوصنا، قال: التمسوا العلم عند أربعة: عند عويمر أبي الدرداء وعند سلمان الفارسي وعند عبد الله بن مسعود وعند عبد الله بن سلام. وقال هذيل ابن شرحبيل: سئل ابن وموسى عن رجل ترك بنتاً وبنت ابن وأختاً فقال: ايت ابن مسعود فسيتابعني فجاء إليه فقال: للبنت النصف ولبنت الابن
السدس تكملة الثلثين وما بقي للأخت، فأتيت أبا موسى وأخبرته فقال: لا تسألوني عن شيء ما دام هذا الحبر فيكم. وقال علقمة: قدمت الشام فلقيت أبا الدرداء فسألته فقال: تسألوني وفيكم عبد الله بن مسعود؟
وأخذ عن عبد الله العلم خلق منهم علقمة والأسود وشريح وعبيدة السلماني والحارث الأعور. وقال الشعبي: ما كان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أفقه صاحاً من عبد الله بن مسعود.
الهذلي: مات بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين وهو ابن بضع وستين سنة.
روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " رضيت لأمتي ما رضي لها ابن أم عبد ". وروى حارثة بن مضرب أن عمر رضي الله عنه كتب إلى أهل الكوفة : أما بعد فإني قد بعثت إليكم عماراً أميراً وع الله قاضياً ووزيراً، وإنهما من نجباء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وممن شهد بدراً، فاسمعوا لهما وأطيعوا فقد آثرتكم بهما على نفسي. وروي عنه أنه قال: أما إنه أطولنا فوقاً ، كنيف ملئ علماً. وروى أبو البختري أن علياً كرم الله وجهه قيل له: أخبرنا عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: عمن تسألوني؟ قالوا: عن عبد الله، قال: " علم القرآن والسنة ". وروى يزيد بن عميرة قال: لما حضر معاذ بن جبل الموت قيل له: يا أبا عبد الرحمن أوصنا، قال: التمسوا العلم عند أربعة: عند عويمر أبي الدرداء وعند سلمان الفارسي وعند عبد الله بن مسعود وعند عبد الله بن سلام. وقال هذيل ابن شرحبيل: سئل ابن وموسى عن رجل ترك بنتاً وبنت ابن وأختاً فقال: ايت ابن مسعود فسيتابعني فجاء إليه فقال: للبنت النصف ولبنت الابن
السدس تكملة الثلثين وما بقي للأخت، فأتيت أبا موسى وأخبرته فقال: لا تسألوني عن شيء ما دام هذا الحبر فيكم. وقال علقمة: قدمت الشام فلقيت أبا الدرداء فسألته فقال: تسألوني وفيكم عبد الله بن مسعود؟
وأخذ عن عبد الله العلم خلق منهم علقمة والأسود وشريح وعبيدة السلماني والحارث الأعور. وقال الشعبي: ما كان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أفقه صاحاً من عبد الله بن مسعود.
عبد اللَّه بن مسعود
قال الأثرم: قيل لأبي عبد اللَّه: الذي يصح عندك أن عبد اللَّه صحب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ليلة الجن؟ (1) فقال: ما أدري.
"سؤالات الأثرم" (56)
قال صالح: قال أبي: ولد عبد اللَّه بن مسعود: أبو عبيدة بن عبد اللَّه، وعبد الرحمن بن عبد اللَّه، وعبيد اللَّه بن عبد اللَّه.
"الأسامي والكنى" (310)
قال ابن أبي خيثمة: حدثنا أحمد بن حنبل قال: جرير، عن منصور قال: قال مسروق: شاممت أصحاب محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- فوجدت علمهم انتهى إلى ستة نفر: عمر، وعلي، وعبد اللَّه، وأبي الدرداء، وزيد بن ثابت، ثم شاممت هؤلاء فوجدت علمهم انتهى إلى رجلين منهم، إلى علي، وعبد اللَّه.
"تاريخ ابن أبي خيثمة" (3566)
قال ابن أبي خيثمة: حدثنا أحمد بن حنبل قال: نا عباد بن العوام، قال: أنا الشيباني، عن الشعبي قال: كان العلم يؤخذ عن ستة من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكان عمر، وعبد اللَّه، وزيد يشبه بعضهم بعضا، وكان يقتبس بعضهم من بعض.
"تاريخ ابن أبي خيثمة" (3568)
قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: هؤلاء ولد عبد اللَّه بن مسعود: أبو عبيدة، وعبد الرحمن بن عبد اللَّه، وعتبة بن عبد اللَّه.
"العلل" رواية عبد اللَّه (12)
قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: من كنيته من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أبو عبد الرحمن: عبد اللَّه بن مسعود أبو عبد الرحمن ومعاذ بن جبل أبو عبد الرحمن.
"العلل" رواية عبد اللَّه (393)، (1761)
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا قبيصة قال: حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي وائل قال: ما أعدل به أحدًا -يعني: عبد اللَّه بن مسعود.
"العلل" رواية عبد اللَّه (449)
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن الأعمش قال: حدثنا عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة. قال يحيى: سمعت أبا موسى، ثم تركه بعد فقال: قال أبو موسى: لمقعد كنت أقعده من عبد اللَّه أوثق في نفسي من عمل سنة. قال أبي: وقال يعلي، عن الأعمش، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة نحوه.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1129)، (1130)
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: حدثنا سفيان قال: حدثنا سليمان، عن عمارة، عن حريث بن ظهير قال: جاء -نعني: عبد اللَّه- إلى أبي الدرداء فقال: ما ترك بعده مثله.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1131)، (4190)
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى، عن إسماعيل، عن عامر قال: ما رأيت رجلًا أفقه صاحبا من عبد اللَّه.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1272)
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا
أبو شهاب، عن الأعمش، عن إبراهيم قال: كان لا يعدل بقول عمر وعبد اللَّه إذا اجتمعا، فإن اختلفا كان قول عبد اللَّه أعجب إليه؛ لأنه كان ألطف.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1659)
قال عبد اللَّه: حدثني أبى قال: حدثنا حسن بن موسى -يعني: الأشيب- قال: حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة قال: سألت أبا عبيدة أكان أبوك مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ليلة الجن؟ فقال: لا ما كان ذاك.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1745)
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا غندر قال: حدثنا شعبة، عن جابر، عن الشعبي، عن مسروق قال: كان ستة من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يفتون الناس فيأخذون بفتياهم، وإذا قالوا قولا انتهوا إلى قولهم؛ عمر، وعبد اللَّه بن مسعود، وعلي، وزيد بن ثابت، وأبي بن كعب، وأبو موسى، وكان ثلاثة منهم يدعون قولهم لقول ثلاثة؛ كان عبد اللَّه يدع قوله لقول عمر، وكان أبو موسى يدع قوله لقول علي، وكان زيد يدع قوله لقول أُبي.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1873)
قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أبو داود، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق قال: قال أبو موسى: أتيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وما أرى ابن مسعود إلا من أهله، مما رأيت من لطفهم به (1).
"الزهد" رواية عبد اللَّه ص 195
قال مهنا: قلت لأحمد: من العبادلة؟
قال: عبد اللَّه بن عباس، وعبد اللَّه بن عمر، وعبد اللَّه بن الزبير، وعبد اللَّه بن عمرو.
قلت: عبد اللَّه بن مسعود؟
قال: ليس عبد اللَّه بن مسعود من العبادلة.
"بحر الدم" (561)
قال الأثرم: قيل لأبي عبد اللَّه: الذي يصح عندك أن عبد اللَّه صحب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ليلة الجن؟ (1) فقال: ما أدري.
"سؤالات الأثرم" (56)
قال صالح: قال أبي: ولد عبد اللَّه بن مسعود: أبو عبيدة بن عبد اللَّه، وعبد الرحمن بن عبد اللَّه، وعبيد اللَّه بن عبد اللَّه.
"الأسامي والكنى" (310)
قال ابن أبي خيثمة: حدثنا أحمد بن حنبل قال: جرير، عن منصور قال: قال مسروق: شاممت أصحاب محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- فوجدت علمهم انتهى إلى ستة نفر: عمر، وعلي، وعبد اللَّه، وأبي الدرداء، وزيد بن ثابت، ثم شاممت هؤلاء فوجدت علمهم انتهى إلى رجلين منهم، إلى علي، وعبد اللَّه.
"تاريخ ابن أبي خيثمة" (3566)
قال ابن أبي خيثمة: حدثنا أحمد بن حنبل قال: نا عباد بن العوام، قال: أنا الشيباني، عن الشعبي قال: كان العلم يؤخذ عن ستة من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكان عمر، وعبد اللَّه، وزيد يشبه بعضهم بعضا، وكان يقتبس بعضهم من بعض.
"تاريخ ابن أبي خيثمة" (3568)
قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: هؤلاء ولد عبد اللَّه بن مسعود: أبو عبيدة، وعبد الرحمن بن عبد اللَّه، وعتبة بن عبد اللَّه.
"العلل" رواية عبد اللَّه (12)
قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: من كنيته من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أبو عبد الرحمن: عبد اللَّه بن مسعود أبو عبد الرحمن ومعاذ بن جبل أبو عبد الرحمن.
"العلل" رواية عبد اللَّه (393)، (1761)
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا قبيصة قال: حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي وائل قال: ما أعدل به أحدًا -يعني: عبد اللَّه بن مسعود.
"العلل" رواية عبد اللَّه (449)
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن الأعمش قال: حدثنا عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة. قال يحيى: سمعت أبا موسى، ثم تركه بعد فقال: قال أبو موسى: لمقعد كنت أقعده من عبد اللَّه أوثق في نفسي من عمل سنة. قال أبي: وقال يعلي، عن الأعمش، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة نحوه.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1129)، (1130)
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: حدثنا سفيان قال: حدثنا سليمان، عن عمارة، عن حريث بن ظهير قال: جاء -نعني: عبد اللَّه- إلى أبي الدرداء فقال: ما ترك بعده مثله.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1131)، (4190)
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى، عن إسماعيل، عن عامر قال: ما رأيت رجلًا أفقه صاحبا من عبد اللَّه.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1272)
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا
أبو شهاب، عن الأعمش، عن إبراهيم قال: كان لا يعدل بقول عمر وعبد اللَّه إذا اجتمعا، فإن اختلفا كان قول عبد اللَّه أعجب إليه؛ لأنه كان ألطف.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1659)
قال عبد اللَّه: حدثني أبى قال: حدثنا حسن بن موسى -يعني: الأشيب- قال: حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة قال: سألت أبا عبيدة أكان أبوك مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ليلة الجن؟ فقال: لا ما كان ذاك.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1745)
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا غندر قال: حدثنا شعبة، عن جابر، عن الشعبي، عن مسروق قال: كان ستة من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يفتون الناس فيأخذون بفتياهم، وإذا قالوا قولا انتهوا إلى قولهم؛ عمر، وعبد اللَّه بن مسعود، وعلي، وزيد بن ثابت، وأبي بن كعب، وأبو موسى، وكان ثلاثة منهم يدعون قولهم لقول ثلاثة؛ كان عبد اللَّه يدع قوله لقول عمر، وكان أبو موسى يدع قوله لقول علي، وكان زيد يدع قوله لقول أُبي.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1873)
قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أبو داود، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق قال: قال أبو موسى: أتيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وما أرى ابن مسعود إلا من أهله، مما رأيت من لطفهم به (1).
"الزهد" رواية عبد اللَّه ص 195
قال مهنا: قلت لأحمد: من العبادلة؟
قال: عبد اللَّه بن عباس، وعبد اللَّه بن عمر، وعبد اللَّه بن الزبير، وعبد اللَّه بن عمرو.
قلت: عبد اللَّه بن مسعود؟
قال: ليس عبد اللَّه بن مسعود من العبادلة.
"بحر الدم" (561)
أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسعود////
ابن الحارث بن الهذلي حليف بني زهرة سكن الكوفة وابتنى بها دارا إلى جانب المسجد حدثني هارون بن موسى الفروي قال: حدثني محمد بن فليح عن موسى بن عقبة.
حدثني سعيد بن يحيى الأموي قال: حدثني أبي عن محمد بن إسحاق قال: فيمن شهد بدرا وفي مهاجرة الحبشة: عبد الله بن مسعود حليف
بني زهرة.
زاد الفروي: وهو ابن أم عبد. وقال ابن إسحاق: عبد الله بن مسعود بن الحارث بن شمخ بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل.
حدثني عمي عن أبي عبيد قال: عبد الله بن مسعود من ولد هذيل بن مدركة بن [هذيل] شهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حدثنا أبو نصر التمار قال: حدثني كوثر بن حكيم عن نافع عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لابن مسعود: يا ابن أم عبد.
حدثني عباس بن محمد مولى بني هاشم قال: سمعت يحيى بن معين يقول: عبد الله بن مسعود يكنى أبا عبد الرحمن وكان على القضاء وبيت المال بالكوفة عاملا لعمر.
- حدثني ابن زنجويه نا سعيد بن سليمان نا عباد بن العوام عن سفيان بن حسين عن يعلى بن مسلم عن جابر بن زيد عن ابن عباس قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم آخا بين الزبير وابن مسعود.
- حدثني علي بن إسماعيل البزار نا محمد بن الصلت نا منصور بن أبي الأسود عن الأعمش عن عبد الرحمن بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: آخا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الزبير وابن مسعود.
- حدثنا علي بن مسلم نا ابن أبي عبيدة عن أبيه عن الأعمش عن القاسم عن أبيه قال: قال عبد الله: لقد رأيتني سادس ستة وما على الأرض مسلم غيرنا.
- حدثنا علي بن الجعد أخبرنا زهير عن منصور عن أبي
إسحاق عن الحارث عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو كنت مؤمرا أحدا من أمتي عن غير مشورة أمرت عليهم ابن أم عبد.
- حدثنا محمد بن عبد الملك عن أبي الشوارب نا عبد الواحد بن زياد نا الحسن بن عبيد الله نا إبراهيم عن علقمة عن قرثع عن رجل من جعفى يقال له: قيس أو ابن قيس عن عمر بن الخطاب قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم وأنا وأبو بكر معه بعبد الله بن مسعود وهو يقرأ فاستمع لقراءته فسجد عبد الله والنبي صلى الله عليه وسلم خلفه فقال: " سل تعطه سل تعطه " ثم مضى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " من سره أن يقرأ القرآن كما أنزل فليقرأه من ابن أم عبد.
- حدثنا عثمان بن أبي شيبة نا إسماعيل بن أبان الوراق عن القاسم بن معن عن مجالد عن الشعبي قال: أول من ولي قضاء الكوفة عبد الله بن مسعود.
- حدثنا //// أبو صالح محمد بن زنبور المكي نا فضيل بن عياض عن الأعمش عن خيثمة عن عبد الله بن عمرو قال: [لا أزال] أحب ابن مسعود لما بدا به النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " خذوا القرآن من أربعة: من ابن أم عبد وأبي ومعاذ بن جبل وسالم مولى أبي حذيفة.
- حدثنا عثمان بن أبي شيبة نا محمد بن أبي عبيدة قال: ثني أبي عن الأعمش عن أبي رزين عن زر بن حبيش قال: قال عبد الله بن مسعود: لقد قرأت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة وإن لزيد بن ثابت لذؤابتين.
- حدثنا محمد بن بشار نا عبد الرحمن بن مهدي نا سفيان عن أبي إسحاق عن الأسود عن أبي موسى قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أرى ابن مسعود من أهل البيت.
أو ذكر سفيان نحو هذا.
- حدثنا محمد بن بشار بندار نا محمد بن جعفر نا شعبة عن أبي إسحاق قال: سمعت عبد الرحمن بن يزيد قال: قلنا لحذيفة: أخبرنا عن رجل قريب السمت والهدي والدل برسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نلزمه فقال: ما أعلم أحدا أقرب سمتا وهديا ودلا برسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يواريه جدار بيته من ابن أم عبد.
قال شعبة: قال أبو إسحاق: وحدثني الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة قال: لقد علم المحفوظون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن ابن مسعود أقربهم وسيلة الله عز وجل يوم القيامة.
- حدثني علي بن مسلم نا ابن أبي عبيدة عن أبيه عن الأعمش عن العلاء بن بدر عن تميم بن حذلم قال: جالست أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعمر فما رأيت أحدا أزهد في الدنيا ولا أرغب في الآخرة ولا أحب إلي أن أكون في مسلاخه منك يا عبد الله بن مسعود.
- حدثني أبو الأحوص القاضي نا يوسف بن عدي نا محمد بن عتبة الرقي عن ميمون بن مهران عن سعيد بن المسيب قال: كأني
أنظر إلى ابن مسعود عظيم البطن خمش الساقين.
- حدثنا أبو خيثمة وعبد الله بن عمر قالا: نا الأعمش عن إبراهيم قال: كان عبد الله لطيفا فطنا.
- حدثني جدي نا أبو قطن وحسين بن محمد قالا: نا المسعودي عن سليمان بن ميناء عن نفيع - مولى ابن مسعود - قال: كان عبد الله من أجود الناس ثوبا أبيضا.
- حدثنا جدي وزياد بن أيوب قالا: نا هشيم نا جويبر عن الضحاك قال: قال عبد الله بن مسعود: ما كنا نكتب في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا من الأحاديث إلا التشهد والاستخارة.
- حدثنا محمد بن إسحاق نا هشيم بن حماد نا ابن زبان وكان قدريا عن شعيب بن أبي حمزة عن الزهري عن عون //// بن عبد الله قال: أحصينا حديث عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم فإذا هو بضع وخمسون حديثا.
- حدثني زياد بن أيوب نا هشيم أخبرنا سيار عن أبي وائل أن ابن مسعود رأى رجلا قد أسبل فقال: ارفع إزارك فقال: وأنت يا ابن
مسعود فارفع إزارك فقال عبد الله: إني لست مثلك: إن بساقي خموشة وأنا أؤم الناس فبلغ ذلك عمر فجعل يضرب الرجل ويقول: أترد على ابن مسعود؟
- حدثني جدي نا أبو قطن نا المسعودي عن مسلم [البطين عن عمرو بن] ميمون قال: اختلفت إلى ابن مسعود سنة فما سمعته يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا مرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فغشيه كرب حتى جعل [العرق يتحدر ثم] قال: إن شاء الله إما فوق ذلك أو دون ذلك أو قريبا من ذلك.
وقال محمد بن عمر: حدثني عبد الله بن جعفر عن عبد الرحمن بن عبد القاري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: مات ابن مسعود بالمدينة
سنة اثنتين وثلاثين ودفن بالبقيع وصلى عليه عثمان.
وقبل: الزبير، وقد قيل: صلى عليه علي وأثبت القولين أنه صلى عليه عثمان.
قال ابن عمر: وتوفي وهو ابن سبع وستين سنة.
ابن الحارث بن الهذلي حليف بني زهرة سكن الكوفة وابتنى بها دارا إلى جانب المسجد حدثني هارون بن موسى الفروي قال: حدثني محمد بن فليح عن موسى بن عقبة.
حدثني سعيد بن يحيى الأموي قال: حدثني أبي عن محمد بن إسحاق قال: فيمن شهد بدرا وفي مهاجرة الحبشة: عبد الله بن مسعود حليف
بني زهرة.
زاد الفروي: وهو ابن أم عبد. وقال ابن إسحاق: عبد الله بن مسعود بن الحارث بن شمخ بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل.
حدثني عمي عن أبي عبيد قال: عبد الله بن مسعود من ولد هذيل بن مدركة بن [هذيل] شهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حدثنا أبو نصر التمار قال: حدثني كوثر بن حكيم عن نافع عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لابن مسعود: يا ابن أم عبد.
حدثني عباس بن محمد مولى بني هاشم قال: سمعت يحيى بن معين يقول: عبد الله بن مسعود يكنى أبا عبد الرحمن وكان على القضاء وبيت المال بالكوفة عاملا لعمر.
- حدثني ابن زنجويه نا سعيد بن سليمان نا عباد بن العوام عن سفيان بن حسين عن يعلى بن مسلم عن جابر بن زيد عن ابن عباس قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم آخا بين الزبير وابن مسعود.
- حدثني علي بن إسماعيل البزار نا محمد بن الصلت نا منصور بن أبي الأسود عن الأعمش عن عبد الرحمن بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: آخا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الزبير وابن مسعود.
- حدثنا علي بن مسلم نا ابن أبي عبيدة عن أبيه عن الأعمش عن القاسم عن أبيه قال: قال عبد الله: لقد رأيتني سادس ستة وما على الأرض مسلم غيرنا.
- حدثنا علي بن الجعد أخبرنا زهير عن منصور عن أبي
إسحاق عن الحارث عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو كنت مؤمرا أحدا من أمتي عن غير مشورة أمرت عليهم ابن أم عبد.
- حدثنا محمد بن عبد الملك عن أبي الشوارب نا عبد الواحد بن زياد نا الحسن بن عبيد الله نا إبراهيم عن علقمة عن قرثع عن رجل من جعفى يقال له: قيس أو ابن قيس عن عمر بن الخطاب قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم وأنا وأبو بكر معه بعبد الله بن مسعود وهو يقرأ فاستمع لقراءته فسجد عبد الله والنبي صلى الله عليه وسلم خلفه فقال: " سل تعطه سل تعطه " ثم مضى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " من سره أن يقرأ القرآن كما أنزل فليقرأه من ابن أم عبد.
- حدثنا عثمان بن أبي شيبة نا إسماعيل بن أبان الوراق عن القاسم بن معن عن مجالد عن الشعبي قال: أول من ولي قضاء الكوفة عبد الله بن مسعود.
- حدثنا //// أبو صالح محمد بن زنبور المكي نا فضيل بن عياض عن الأعمش عن خيثمة عن عبد الله بن عمرو قال: [لا أزال] أحب ابن مسعود لما بدا به النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " خذوا القرآن من أربعة: من ابن أم عبد وأبي ومعاذ بن جبل وسالم مولى أبي حذيفة.
- حدثنا عثمان بن أبي شيبة نا محمد بن أبي عبيدة قال: ثني أبي عن الأعمش عن أبي رزين عن زر بن حبيش قال: قال عبد الله بن مسعود: لقد قرأت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة وإن لزيد بن ثابت لذؤابتين.
- حدثنا محمد بن بشار نا عبد الرحمن بن مهدي نا سفيان عن أبي إسحاق عن الأسود عن أبي موسى قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أرى ابن مسعود من أهل البيت.
أو ذكر سفيان نحو هذا.
- حدثنا محمد بن بشار بندار نا محمد بن جعفر نا شعبة عن أبي إسحاق قال: سمعت عبد الرحمن بن يزيد قال: قلنا لحذيفة: أخبرنا عن رجل قريب السمت والهدي والدل برسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نلزمه فقال: ما أعلم أحدا أقرب سمتا وهديا ودلا برسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يواريه جدار بيته من ابن أم عبد.
قال شعبة: قال أبو إسحاق: وحدثني الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة قال: لقد علم المحفوظون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن ابن مسعود أقربهم وسيلة الله عز وجل يوم القيامة.
- حدثني علي بن مسلم نا ابن أبي عبيدة عن أبيه عن الأعمش عن العلاء بن بدر عن تميم بن حذلم قال: جالست أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعمر فما رأيت أحدا أزهد في الدنيا ولا أرغب في الآخرة ولا أحب إلي أن أكون في مسلاخه منك يا عبد الله بن مسعود.
- حدثني أبو الأحوص القاضي نا يوسف بن عدي نا محمد بن عتبة الرقي عن ميمون بن مهران عن سعيد بن المسيب قال: كأني
أنظر إلى ابن مسعود عظيم البطن خمش الساقين.
- حدثنا أبو خيثمة وعبد الله بن عمر قالا: نا الأعمش عن إبراهيم قال: كان عبد الله لطيفا فطنا.
- حدثني جدي نا أبو قطن وحسين بن محمد قالا: نا المسعودي عن سليمان بن ميناء عن نفيع - مولى ابن مسعود - قال: كان عبد الله من أجود الناس ثوبا أبيضا.
- حدثنا جدي وزياد بن أيوب قالا: نا هشيم نا جويبر عن الضحاك قال: قال عبد الله بن مسعود: ما كنا نكتب في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا من الأحاديث إلا التشهد والاستخارة.
- حدثنا محمد بن إسحاق نا هشيم بن حماد نا ابن زبان وكان قدريا عن شعيب بن أبي حمزة عن الزهري عن عون //// بن عبد الله قال: أحصينا حديث عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم فإذا هو بضع وخمسون حديثا.
- حدثني زياد بن أيوب نا هشيم أخبرنا سيار عن أبي وائل أن ابن مسعود رأى رجلا قد أسبل فقال: ارفع إزارك فقال: وأنت يا ابن
مسعود فارفع إزارك فقال عبد الله: إني لست مثلك: إن بساقي خموشة وأنا أؤم الناس فبلغ ذلك عمر فجعل يضرب الرجل ويقول: أترد على ابن مسعود؟
- حدثني جدي نا أبو قطن نا المسعودي عن مسلم [البطين عن عمرو بن] ميمون قال: اختلفت إلى ابن مسعود سنة فما سمعته يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا مرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فغشيه كرب حتى جعل [العرق يتحدر ثم] قال: إن شاء الله إما فوق ذلك أو دون ذلك أو قريبا من ذلك.
وقال محمد بن عمر: حدثني عبد الله بن جعفر عن عبد الرحمن بن عبد القاري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: مات ابن مسعود بالمدينة
سنة اثنتين وثلاثين ودفن بالبقيع وصلى عليه عثمان.
وقبل: الزبير، وقد قيل: صلى عليه علي وأثبت القولين أنه صلى عليه عثمان.
قال ابن عمر: وتوفي وهو ابن سبع وستين سنة.
عبد الله بن مسعود
ب د ع: عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود بْن غافل بْن حبيب بْن شمخ بْن فار بْن مخزوم بْن صاهلة بْن كاهل بْن الحارث بْن تميم بْن سعد بْن هذيل بْن مدركة بْن إلياس بْن مضر أَبُو عَبْد الرَّحْمَن الهذلي حليف بني زهرة، كَانَ أَبُو مَسْعُود قَدْ حالف فِي الجاهلية عَبْد بْن الحارث بْن زهرة، وأم عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود أم عَبْد بِنْت عَبْد ود بْنُ سواء من هذيل أيضًا.
كَانَ إسلامه قديمًا أول الْإِسْلَام، حيث أسلم سَعِيد بْن زَيْد وزوجته فاطمة بْنت الخطاب، وذلك قبل إسلام عُمَر بْن الخطاب بزمان.
رَوَى الأَعْمَشُ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: " لَقَدْ رَأَيْتُنِي سَادِسَ سِتَّةٍ، مَا عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ مُسْلِمٌ غَيْرَنَا ".
وكان سببُ إسلامه ما
(879) أَخْبَرَنَا بِهِ أَبُو الفضل الطبري الفقيه بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَبِي يعلى أَحْمَد بْن عليّ.
قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: كُنْتُ غُلامًا يَافِعًا فِي غَنَمٍ لِعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ أَرْعَاهَا، فَأَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: " يَا غُلامُ، هَلْ مَعَكَ مِنْ لَبَنٍ؟ "، فَقُلْتُ: نَعَمْ، وَلَكِنِّي مُؤْتَمَنٌ، فَقَالَ: " ائْتِنِي بِشَاةٍ لَمْ يَنْزُ عَلَيْهَا الْفَحْلُ "، فَأَتَيْتُهُ بِعَنَاقٍ أَوْ جَذَعَةٍ فَاعْتَقَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ يَمْسَحُ الضَّرْعَ وَيَدْعُو حَتَّى أَنْزَلَتْ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ بِصَخْرَةٍ فَاحْتَلَبَ فِيهَا، ثُمَّ قَالَ لأَبِي بَكْرٍ: " اشْرَبْ "، فَشَرِبَ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ شَرِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَهُ، ثُمَّ قَالَ لِلضَّرْعِ: " اقْلِصْ "، فَقَلَصَ فَعَادَ كَمَا كَانَ، ثُمَّ أَتَيْتُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلِّمْنِي مِنْ هَذَا الْكَلامِ، أَوْ مِنْ هَذَا الْقُرْآنِ، فَمَسَحَ رَأْسِي، وَقَالَ: " إِنَّكَ غُلامٌ مُعَلَّمٌ "، قَالَ: فَلَقَدْ أَخَذْتُ مِنْهُ سَبْعِينَ سُورَةً، مَا نَازَعَنِي فِيهَا بِشَرٍّ.
وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ جَهَرَ بِالْقُرْآنِ بِمَكَّةَ
(880) أَخْبَرَنَا أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ أَوَّلَ مَنْ جَهَرَ بِالْقُرْآنِ بِمَكَّةَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، اجْتَمَعَ يَوْمًا أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا سَمِعَتْ قُرَيْشٌ هَذَا الْقُرْآنَ يُجْهَرُ لَهَا بِهِ قَطُّ، فَمَنْ رَجُلٌ يُسْمِعُهُمْ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: أَنَا، فَقَالُوا: إِنَّا نَخْشَاهُمْ عَلَيْكَ، إِنَّمَا نُرِيدُ رَجُلا لَهُ عَشِيرَةٌ تَمْنَعُهُ مِنَ الْقَوْمِ إِنْ أَرَادُوهُ، فَقَالَ: دَعُونِي، فَإِنَّ اللَّهَ سَيَمْنَعُنِي، فَغَدَا عَبْدُ اللَّهِ حَتَّى أَتَى الْمَقَامَ فِي الضُّحَى وَقُرَيْشٌ فِي أَنْدِيَتِهَا، حَتَّى قَامَ عِنْدَ الْمَقَامِ، فَقَالَ رَافِعًا صَوْتَهُ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْءَانَ، فَاسْتَقْبَلَهَا فَقَرَأَ بِهَا فَتَأَمَّلُوا، فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: مَا يَقُولُ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ؟ ثُمَّ قَالُوا: إِنَّهُ لَيَتْلُو بَعْضَ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ، فَقَامُوا فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ فِي وَجْهِهِ، وَجَعَلَ يَقْرَأُ حَتَّى بَلَغَ مِنْهَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَبْلُغَ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى أَصْحَابِهِ وَقَدْ أَثَّرُوا بِوَجْهٍ، فَقَالُوا: هَذَا الَّذِي خَشِينَا عَلَيْكَ، فَقَالَ: مَا كَانَ أَعْدَاءُ اللَّهِ قَطُّ أَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْهُمُ الآنَ، وَلَئِنْ شِئْتُمْ غَادَيْتُهُمْ بِمِثْلِهَا غَدًا؟ قَالَ: حَسْبُكَ، قَدْ أَسْمَعْتُهُمْ مَا يَكْرَهُونَ ولما أسلم عَبْد اللَّه أخذ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْه، وكان يخدمه، وقَالَ لَهُ: " إذنك عليّ أن تسمع سوادي ويرفع الحجاب "، فكان يلج عَلَيْهِ، ويلبسه نعليه، ويمشي معه وأمامه، ويستره إِذَا اغتسل، ويوقظه إِذَا نام، وكان يعرف فِي الصحابة بصاحب السواد، والسواك.
(881) أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَرَجِ الثَّقَفِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَدَّادُ، وَأَنَا حَاضِرٌ أَسْمَعُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْجَابِرِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ الأَحْمَرُ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ وَحَفْصٌ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذْنُكَ عَلَيَّ أَنْ يُرْفَعَ الْحِجَابُ، وَتَسْمَعَ سِوَادِي حَتَّى أَنْهَاكَ "
وهاجر الهجرتين جميعًا إِلَى الحبشة، وَإِلى المدينة، وصلى القبلتين، وشهد بدرًا وأُحدًا والخندق وبيعة الرضوان، وسائر المشاهد مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وشهد اليرموك بعد النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو الَّذِي أجهز عَلَى أَبِي جهل، وشهد لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالجنة.
وروى عَنْ: النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ من الصحابة: ابْنُ عَبَّاس، وابن عُمَر، وَأَبُو مُوسَى، وعمران بْن حصين، وابن الزُّبَيْر، وجابر، وأنس، وَأَبُو سَعِيد، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَأَبُو رافع، وغيرهم.
وروى عَنْهُ من التابعين: علقمة، وَأَبُو وائل، والأسود، ومسروق، وعبيدة، وقيس بْن أَبِي حازم، وغيرهم.
(882) أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ مُسْلِمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَوْصِلِيُّ الْعَدْلُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْبَرَكَاتِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَمِيسٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ طَوْقٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ نَصْرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْخَلِيلِ الْمَرْجِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اقْرَأْ عَلَيَّ سُورَةَ النِّسَاءِ "، قَالَ: قُلْتُ: أَقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ قَالَ: " إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي "، فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ حَتَّى بَلَغْتُ: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا} ...
إِلَى آخِرِ الآيَةِ، فَاضَتْ عَيْنَاهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(883) أَخْبَرَنَا أَبُو الْبَرَكَاتِ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ الدِّمَشْقِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَشَائِرِ مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيلِ بْنِ فَارِسٍ الْقَيْسِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْمِصِّيصِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ خَيْثَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ حَيْدَرَةَ الأَطْرَابُلُسِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى بِالْكُوفَةِ، أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ مَوْلًى لِرِبْعِيٍّ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَتَمَسَّكُوا بِعَهْدِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ ".
وَقَدْ رَوَاهُ سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي الزَّعْرَاءِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ
(884) وَأَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ، بِإِسْنَادِهِمْ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا مُوسَى، يَقُولُ: " لَقَدْ قَدِمْتُ أَنَا وَأَخِي مِنَ الْيَمَنِ، وَمَا نَرَى إِلا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا نَرَى مِنْ دُخُولِهِ وَدُخُولِ أُمِّهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "
(885) قال: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: أَتَيْنَا حُذَيْفَةَ، فَقُلْنَا: حَدِّثْنَا بِأَقْرَبِ النَّاسِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدْيًا وَدَلا، فَنَأْخُذُ عَنْهُ وَنَسْمَعُ مِنْهُ، قَالَ: " كَانَ أَقْرَبَ النَّاسِ هَدْيًا وَدَلا وَسَمْتًا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنُ مَسْعُودٍ حَتَّى يَتَوَارَى مِنَّا فِي بَيْتِهِ، وَلَقَدْ عَلِمَ الْمَحْفُوظُونَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ أَنَّ ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ هُوَ مِنْ أَقْرَبِهِمْ إِلَى اللَّهِ زُلْفَى "
(886) قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا صَاعِدٌ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَوْ كُنْتُ مُؤَمِّرًا أَحَدًا مِنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ لأَمَّرْتُ ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ "
ومن مناقبه أَنَّهُ بعد وفاة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شهد المشاهد العظيمة، منها أَنَّهُ: شهد اليرموك بالشام، وكان عَلَى النفل، وسيره عُمَر بْن الخطاب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِلَى الكوفة، وكتب إِلَى أهل الكوفة: إني قَدْ بعثت عمار بْن ياسر أميرًا، وعبد اللَّه بْن مَسْعُود معلمًا، ووزيرًا، وهما من النجباء من أصحاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أهل بدر، فاقتدوا بهما، وأطيعوا واسمعوا قولهما، وَقَدْ آثرتكم بعبد اللَّه عَلَى نفسي.
(887) أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي حَبَّةَ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ، عَنْ أُمِّ مُوسَى، قَالَتْ: سَمِعْتُ عَلِيًّا، يَقُولُ: أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنَ مَسْعُودٍ، فَصَعِدَ عَلَى شَجْرَةٍ يَأْتِيهِ مِنْهَا بِشَيْءٍ، فَنَظَرَ أَصْحَابُهُ إِلَى سَاقِ عَبْدِ اللَّهِ، فَضَحِكُوا مِنْ حُمُوشَةِ سَاقَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا تَضْحَكُونَ؟ لَرِجْلُ عَبْدِ اللَّهِ أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أُحُدٍ "
(888) وَأَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَبَرْزَدَ إِجَازَةً، أَخْبَرَنَا أَبُو الْبَرَكَاتِ الأَنْمَاطِيُّ، إِجَازَةً إِنْ لَمْ يَكُنْ سَمَاعًا، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ وَأَبُو الْفَضْلِ الْبَاقِلانِيَّانِ، قَالا: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْوَاعِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الصَّوَّافُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ حَبَّةَ بْنِ جُوَيْنٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَهُ جُلُوسًا، فَقَالُوا: مَا رَأَيْنَا رَجُلا أَحْسَنَ خُلُقًا، وَلا أَرْفَقَ تَعْلِيمًا، وَلا أَحْسَنَ مُجَالَسَةً، وَلا أَشَدَّ وَرَعًا، مِنَ ابْنِ مَسْعُودٍ؟ قَالَ عَلِيٌّ: أُنْشِدُكُمُ اللَّهَ أَهُوَ الصِّدْقُ مِنْ قُلُوبِكُمْ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: اللَّهُمَّ أَشْهَدُ أَنِّي أَقُولُ مِثْلَ مَا قَالُوا وَأَفْضَلَ قَالَ أَبُو وائل: لما شق عثمان رَضِيَ اللهُ عَنْهُ المصاحف، بلغ ذَلِكَ عَبْد اللَّه، فَقَالَ: لقد علم أصحاب مُحَمَّد أني أعلمهم بكتاب اللَّه، وما أَنَا بخيرهم، ولو أني أعلم أن أحدًا أعلمُ بكتاب اللَّه مني تبلغنيه الإبل لأتيته، فَقَالَ أَبُو وائل: فقمت إِلَى الخلق أسمع ما يقولون، فما سَمِعْتُ أحدًا من أصحاب مُحَمَّد ينكر ذَلِكَ عَلَيْهِ.
وقَالَ زَيْد بْن وهب: إني لجالس مَعَ عُمَر، إذ جاءه ابْنُ مَسْعُود يكاد الجلوس يوارونه من قصره، فضحك عُمَر حين رآه، فجعل يكلم عُمَر ويضاحكه وهو قائم، ثُمَّ ولى فأتبعه عُمَر بصرة حتى توارى، فَقَالَ: كنيف مليء علمًا.
وقَالَ عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه: كَانَ عَبْد اللَّه إِذَا هدأت العيون قام، فسمعت لَهُ دويًا كدوي النحل حتَّى يصبح.
وقَالَ سَلَمة بْن تمام: لقي رجلٌ ابْنُ مَسْعُود، قَالَ: لا تعدم حالمًا مذكرًا، رأيتك البارحة، ورأيت النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى منبر مرتفع وأنت دونه، وهو يَقُولُ: " يا ابْنُ مَسْعُود، هلم إليَّ فقد جفيت بعدي، فَقَالَ: والله لأنت رَأَيْت هَذَا؟ قَالَ: نعم، قَالَ: فعزمت أن تخرج من المدينة حتَّى تصلي عليّ، فما لبث أيامًا حتَّى مات.
وقَالَ أَبُو ظبية: مرض عَبْد اللَّه، فعاده عثمان بْن عفان، فَقَالَ ما تشتكي؟ قَالَ: ذنوبي، قَالَ: فما تشتهي؟ قَالَ: رحمة ربي، قَالَ: ألا آمر لَكَ بطبيب؟ قَالَ: الطبيب أمرضني، قَالَ: آلا آمر لَكَ بعطاء؟ قَالَ: لا حاجة لي فِيهِ، قَالَ: يكون لبناتك، قَالَ: أتخشى عَلَى بناتي الفقر، إني أمرت بناتي أن يقرآن كل ليلة سورة الواقعة، إني سَمِعْتُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " من قَرَأَ الواقعة كل ليلة لم تصبه فاقه أبدًا ".
وإنما قَالَ لَهُ عثمان: ألا آمر لَكَ بعطائك؟ لأنَّه كَانَ قَدْ حبسه عَنْهُ سنتين، فلما توفي أرسله إِلَى الزُّبَيْر، فدفعه إِلَى ورثته، وقيل: بل كَانَ عَبْد اللَّه ترك العطاء استغناء عَنْهُ، وفعل غيره كذلك.
وروى الْأَعْمَش، عَنْ زَيْد بْن وهب، قَالَ: لما بعث عثمان إِلَى عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود يأمره بالقدوم عَلَيْهِ بالمدينة، وكان بالكوفة، اجتمع النَّاس عَلَيْهِ، فقالوا: أقم، ونحن نمنعك أن يصل إليك شيء تكرهه، فَقَالَ عَبْد اللَّه: إن لَهُ حق الطاعة، وَإِنها ستكون أمور وفتن، فلا أحب أن أكون أول من فتحها، فرد النَّاس وخرج إِلَيْه.
وتوفي ابْنُ مَسْعُود بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين، وأوصى إِلَى الزُّبَيْر رَضِي اللَّه عَنْهُمَا، ودفن بالبقيع، وصلى عَلَيْهِ عثمان، وقيل: صلى عَلَيْهِ عمار بْن ياسر، وقيل: صلى عَلَيْهِ الزُّبَيْر ودفنه ليلًا أوصى بذلك، ولم يعلم عُثْمَان رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، بدفنه فعاتب الزبير عَلَى ذلك وكان عمره يَوْم توفي بضعا وستين سنة، وقيل: بل توفي سنة ثلاث وثلاثين، والأول أكثر.
ولما مات ابْنُ مَسْعُود نُعي إِلَى أَبِي الدرداء، فَقَالَ: ما ترك بعده مثله.
أَخْرَجَهُ الثلاثة.
ب د ع: عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود بْن غافل بْن حبيب بْن شمخ بْن فار بْن مخزوم بْن صاهلة بْن كاهل بْن الحارث بْن تميم بْن سعد بْن هذيل بْن مدركة بْن إلياس بْن مضر أَبُو عَبْد الرَّحْمَن الهذلي حليف بني زهرة، كَانَ أَبُو مَسْعُود قَدْ حالف فِي الجاهلية عَبْد بْن الحارث بْن زهرة، وأم عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود أم عَبْد بِنْت عَبْد ود بْنُ سواء من هذيل أيضًا.
كَانَ إسلامه قديمًا أول الْإِسْلَام، حيث أسلم سَعِيد بْن زَيْد وزوجته فاطمة بْنت الخطاب، وذلك قبل إسلام عُمَر بْن الخطاب بزمان.
رَوَى الأَعْمَشُ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: " لَقَدْ رَأَيْتُنِي سَادِسَ سِتَّةٍ، مَا عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ مُسْلِمٌ غَيْرَنَا ".
وكان سببُ إسلامه ما
(879) أَخْبَرَنَا بِهِ أَبُو الفضل الطبري الفقيه بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَبِي يعلى أَحْمَد بْن عليّ.
قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: كُنْتُ غُلامًا يَافِعًا فِي غَنَمٍ لِعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ أَرْعَاهَا، فَأَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: " يَا غُلامُ، هَلْ مَعَكَ مِنْ لَبَنٍ؟ "، فَقُلْتُ: نَعَمْ، وَلَكِنِّي مُؤْتَمَنٌ، فَقَالَ: " ائْتِنِي بِشَاةٍ لَمْ يَنْزُ عَلَيْهَا الْفَحْلُ "، فَأَتَيْتُهُ بِعَنَاقٍ أَوْ جَذَعَةٍ فَاعْتَقَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ يَمْسَحُ الضَّرْعَ وَيَدْعُو حَتَّى أَنْزَلَتْ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ بِصَخْرَةٍ فَاحْتَلَبَ فِيهَا، ثُمَّ قَالَ لأَبِي بَكْرٍ: " اشْرَبْ "، فَشَرِبَ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ شَرِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَهُ، ثُمَّ قَالَ لِلضَّرْعِ: " اقْلِصْ "، فَقَلَصَ فَعَادَ كَمَا كَانَ، ثُمَّ أَتَيْتُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلِّمْنِي مِنْ هَذَا الْكَلامِ، أَوْ مِنْ هَذَا الْقُرْآنِ، فَمَسَحَ رَأْسِي، وَقَالَ: " إِنَّكَ غُلامٌ مُعَلَّمٌ "، قَالَ: فَلَقَدْ أَخَذْتُ مِنْهُ سَبْعِينَ سُورَةً، مَا نَازَعَنِي فِيهَا بِشَرٍّ.
وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ جَهَرَ بِالْقُرْآنِ بِمَكَّةَ
(880) أَخْبَرَنَا أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ أَوَّلَ مَنْ جَهَرَ بِالْقُرْآنِ بِمَكَّةَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، اجْتَمَعَ يَوْمًا أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا سَمِعَتْ قُرَيْشٌ هَذَا الْقُرْآنَ يُجْهَرُ لَهَا بِهِ قَطُّ، فَمَنْ رَجُلٌ يُسْمِعُهُمْ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: أَنَا، فَقَالُوا: إِنَّا نَخْشَاهُمْ عَلَيْكَ، إِنَّمَا نُرِيدُ رَجُلا لَهُ عَشِيرَةٌ تَمْنَعُهُ مِنَ الْقَوْمِ إِنْ أَرَادُوهُ، فَقَالَ: دَعُونِي، فَإِنَّ اللَّهَ سَيَمْنَعُنِي، فَغَدَا عَبْدُ اللَّهِ حَتَّى أَتَى الْمَقَامَ فِي الضُّحَى وَقُرَيْشٌ فِي أَنْدِيَتِهَا، حَتَّى قَامَ عِنْدَ الْمَقَامِ، فَقَالَ رَافِعًا صَوْتَهُ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْءَانَ، فَاسْتَقْبَلَهَا فَقَرَأَ بِهَا فَتَأَمَّلُوا، فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: مَا يَقُولُ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ؟ ثُمَّ قَالُوا: إِنَّهُ لَيَتْلُو بَعْضَ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ، فَقَامُوا فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ فِي وَجْهِهِ، وَجَعَلَ يَقْرَأُ حَتَّى بَلَغَ مِنْهَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَبْلُغَ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى أَصْحَابِهِ وَقَدْ أَثَّرُوا بِوَجْهٍ، فَقَالُوا: هَذَا الَّذِي خَشِينَا عَلَيْكَ، فَقَالَ: مَا كَانَ أَعْدَاءُ اللَّهِ قَطُّ أَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْهُمُ الآنَ، وَلَئِنْ شِئْتُمْ غَادَيْتُهُمْ بِمِثْلِهَا غَدًا؟ قَالَ: حَسْبُكَ، قَدْ أَسْمَعْتُهُمْ مَا يَكْرَهُونَ ولما أسلم عَبْد اللَّه أخذ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْه، وكان يخدمه، وقَالَ لَهُ: " إذنك عليّ أن تسمع سوادي ويرفع الحجاب "، فكان يلج عَلَيْهِ، ويلبسه نعليه، ويمشي معه وأمامه، ويستره إِذَا اغتسل، ويوقظه إِذَا نام، وكان يعرف فِي الصحابة بصاحب السواد، والسواك.
(881) أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَرَجِ الثَّقَفِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَدَّادُ، وَأَنَا حَاضِرٌ أَسْمَعُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْجَابِرِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ الأَحْمَرُ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ وَحَفْصٌ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذْنُكَ عَلَيَّ أَنْ يُرْفَعَ الْحِجَابُ، وَتَسْمَعَ سِوَادِي حَتَّى أَنْهَاكَ "
وهاجر الهجرتين جميعًا إِلَى الحبشة، وَإِلى المدينة، وصلى القبلتين، وشهد بدرًا وأُحدًا والخندق وبيعة الرضوان، وسائر المشاهد مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وشهد اليرموك بعد النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو الَّذِي أجهز عَلَى أَبِي جهل، وشهد لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالجنة.
وروى عَنْ: النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ من الصحابة: ابْنُ عَبَّاس، وابن عُمَر، وَأَبُو مُوسَى، وعمران بْن حصين، وابن الزُّبَيْر، وجابر، وأنس، وَأَبُو سَعِيد، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَأَبُو رافع، وغيرهم.
وروى عَنْهُ من التابعين: علقمة، وَأَبُو وائل، والأسود، ومسروق، وعبيدة، وقيس بْن أَبِي حازم، وغيرهم.
(882) أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ مُسْلِمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَوْصِلِيُّ الْعَدْلُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْبَرَكَاتِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَمِيسٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ طَوْقٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ نَصْرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْخَلِيلِ الْمَرْجِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اقْرَأْ عَلَيَّ سُورَةَ النِّسَاءِ "، قَالَ: قُلْتُ: أَقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ قَالَ: " إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي "، فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ حَتَّى بَلَغْتُ: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا} ...
إِلَى آخِرِ الآيَةِ، فَاضَتْ عَيْنَاهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(883) أَخْبَرَنَا أَبُو الْبَرَكَاتِ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ الدِّمَشْقِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَشَائِرِ مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيلِ بْنِ فَارِسٍ الْقَيْسِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْمِصِّيصِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ خَيْثَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ حَيْدَرَةَ الأَطْرَابُلُسِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى بِالْكُوفَةِ، أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ مَوْلًى لِرِبْعِيٍّ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَتَمَسَّكُوا بِعَهْدِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ ".
وَقَدْ رَوَاهُ سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي الزَّعْرَاءِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ
(884) وَأَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ، بِإِسْنَادِهِمْ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا مُوسَى، يَقُولُ: " لَقَدْ قَدِمْتُ أَنَا وَأَخِي مِنَ الْيَمَنِ، وَمَا نَرَى إِلا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا نَرَى مِنْ دُخُولِهِ وَدُخُولِ أُمِّهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "
(885) قال: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: أَتَيْنَا حُذَيْفَةَ، فَقُلْنَا: حَدِّثْنَا بِأَقْرَبِ النَّاسِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدْيًا وَدَلا، فَنَأْخُذُ عَنْهُ وَنَسْمَعُ مِنْهُ، قَالَ: " كَانَ أَقْرَبَ النَّاسِ هَدْيًا وَدَلا وَسَمْتًا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنُ مَسْعُودٍ حَتَّى يَتَوَارَى مِنَّا فِي بَيْتِهِ، وَلَقَدْ عَلِمَ الْمَحْفُوظُونَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ أَنَّ ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ هُوَ مِنْ أَقْرَبِهِمْ إِلَى اللَّهِ زُلْفَى "
(886) قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا صَاعِدٌ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَوْ كُنْتُ مُؤَمِّرًا أَحَدًا مِنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ لأَمَّرْتُ ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ "
ومن مناقبه أَنَّهُ بعد وفاة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شهد المشاهد العظيمة، منها أَنَّهُ: شهد اليرموك بالشام، وكان عَلَى النفل، وسيره عُمَر بْن الخطاب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِلَى الكوفة، وكتب إِلَى أهل الكوفة: إني قَدْ بعثت عمار بْن ياسر أميرًا، وعبد اللَّه بْن مَسْعُود معلمًا، ووزيرًا، وهما من النجباء من أصحاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أهل بدر، فاقتدوا بهما، وأطيعوا واسمعوا قولهما، وَقَدْ آثرتكم بعبد اللَّه عَلَى نفسي.
(887) أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي حَبَّةَ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ، عَنْ أُمِّ مُوسَى، قَالَتْ: سَمِعْتُ عَلِيًّا، يَقُولُ: أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنَ مَسْعُودٍ، فَصَعِدَ عَلَى شَجْرَةٍ يَأْتِيهِ مِنْهَا بِشَيْءٍ، فَنَظَرَ أَصْحَابُهُ إِلَى سَاقِ عَبْدِ اللَّهِ، فَضَحِكُوا مِنْ حُمُوشَةِ سَاقَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا تَضْحَكُونَ؟ لَرِجْلُ عَبْدِ اللَّهِ أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أُحُدٍ "
(888) وَأَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَبَرْزَدَ إِجَازَةً، أَخْبَرَنَا أَبُو الْبَرَكَاتِ الأَنْمَاطِيُّ، إِجَازَةً إِنْ لَمْ يَكُنْ سَمَاعًا، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ وَأَبُو الْفَضْلِ الْبَاقِلانِيَّانِ، قَالا: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْوَاعِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الصَّوَّافُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ حَبَّةَ بْنِ جُوَيْنٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَهُ جُلُوسًا، فَقَالُوا: مَا رَأَيْنَا رَجُلا أَحْسَنَ خُلُقًا، وَلا أَرْفَقَ تَعْلِيمًا، وَلا أَحْسَنَ مُجَالَسَةً، وَلا أَشَدَّ وَرَعًا، مِنَ ابْنِ مَسْعُودٍ؟ قَالَ عَلِيٌّ: أُنْشِدُكُمُ اللَّهَ أَهُوَ الصِّدْقُ مِنْ قُلُوبِكُمْ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: اللَّهُمَّ أَشْهَدُ أَنِّي أَقُولُ مِثْلَ مَا قَالُوا وَأَفْضَلَ قَالَ أَبُو وائل: لما شق عثمان رَضِيَ اللهُ عَنْهُ المصاحف، بلغ ذَلِكَ عَبْد اللَّه، فَقَالَ: لقد علم أصحاب مُحَمَّد أني أعلمهم بكتاب اللَّه، وما أَنَا بخيرهم، ولو أني أعلم أن أحدًا أعلمُ بكتاب اللَّه مني تبلغنيه الإبل لأتيته، فَقَالَ أَبُو وائل: فقمت إِلَى الخلق أسمع ما يقولون، فما سَمِعْتُ أحدًا من أصحاب مُحَمَّد ينكر ذَلِكَ عَلَيْهِ.
وقَالَ زَيْد بْن وهب: إني لجالس مَعَ عُمَر، إذ جاءه ابْنُ مَسْعُود يكاد الجلوس يوارونه من قصره، فضحك عُمَر حين رآه، فجعل يكلم عُمَر ويضاحكه وهو قائم، ثُمَّ ولى فأتبعه عُمَر بصرة حتى توارى، فَقَالَ: كنيف مليء علمًا.
وقَالَ عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه: كَانَ عَبْد اللَّه إِذَا هدأت العيون قام، فسمعت لَهُ دويًا كدوي النحل حتَّى يصبح.
وقَالَ سَلَمة بْن تمام: لقي رجلٌ ابْنُ مَسْعُود، قَالَ: لا تعدم حالمًا مذكرًا، رأيتك البارحة، ورأيت النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى منبر مرتفع وأنت دونه، وهو يَقُولُ: " يا ابْنُ مَسْعُود، هلم إليَّ فقد جفيت بعدي، فَقَالَ: والله لأنت رَأَيْت هَذَا؟ قَالَ: نعم، قَالَ: فعزمت أن تخرج من المدينة حتَّى تصلي عليّ، فما لبث أيامًا حتَّى مات.
وقَالَ أَبُو ظبية: مرض عَبْد اللَّه، فعاده عثمان بْن عفان، فَقَالَ ما تشتكي؟ قَالَ: ذنوبي، قَالَ: فما تشتهي؟ قَالَ: رحمة ربي، قَالَ: ألا آمر لَكَ بطبيب؟ قَالَ: الطبيب أمرضني، قَالَ: آلا آمر لَكَ بعطاء؟ قَالَ: لا حاجة لي فِيهِ، قَالَ: يكون لبناتك، قَالَ: أتخشى عَلَى بناتي الفقر، إني أمرت بناتي أن يقرآن كل ليلة سورة الواقعة، إني سَمِعْتُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " من قَرَأَ الواقعة كل ليلة لم تصبه فاقه أبدًا ".
وإنما قَالَ لَهُ عثمان: ألا آمر لَكَ بعطائك؟ لأنَّه كَانَ قَدْ حبسه عَنْهُ سنتين، فلما توفي أرسله إِلَى الزُّبَيْر، فدفعه إِلَى ورثته، وقيل: بل كَانَ عَبْد اللَّه ترك العطاء استغناء عَنْهُ، وفعل غيره كذلك.
وروى الْأَعْمَش، عَنْ زَيْد بْن وهب، قَالَ: لما بعث عثمان إِلَى عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود يأمره بالقدوم عَلَيْهِ بالمدينة، وكان بالكوفة، اجتمع النَّاس عَلَيْهِ، فقالوا: أقم، ونحن نمنعك أن يصل إليك شيء تكرهه، فَقَالَ عَبْد اللَّه: إن لَهُ حق الطاعة، وَإِنها ستكون أمور وفتن، فلا أحب أن أكون أول من فتحها، فرد النَّاس وخرج إِلَيْه.
وتوفي ابْنُ مَسْعُود بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين، وأوصى إِلَى الزُّبَيْر رَضِي اللَّه عَنْهُمَا، ودفن بالبقيع، وصلى عَلَيْهِ عثمان، وقيل: صلى عَلَيْهِ عمار بْن ياسر، وقيل: صلى عَلَيْهِ الزُّبَيْر ودفنه ليلًا أوصى بذلك، ولم يعلم عُثْمَان رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، بدفنه فعاتب الزبير عَلَى ذلك وكان عمره يَوْم توفي بضعا وستين سنة، وقيل: بل توفي سنة ثلاث وثلاثين، والأول أكثر.
ولما مات ابْنُ مَسْعُود نُعي إِلَى أَبِي الدرداء، فَقَالَ: ما ترك بعده مثله.
أَخْرَجَهُ الثلاثة.
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودِ
- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ غَافِلِ بْنِ حَبِيبِ بن شمخ بْن فار بْن مخزوم بْن صاهلة بْن كاهل بْنِ الْحَارِثِ بْنِ تَمِيمِ بْنِ سَعْدِ بْنِ هذيل بْن مدركة. واسم مدركة عَمْرو بْن إلياس بْن مضر. ويكنى أَبَا عَبْد الرَّحْمَن. حالف مَسْعُود بْن غافل عَبْد بْن الْحَارِث بْن زهرة فِي الجاهلية. وأم عَبْد الله بْن مَسْعُود أم عَبْد بِنْت عَبْد ود بْن سواء بْن قريم بْن صاهلة بْن كاهل بْن الْحَارِث بْن تميم ابن سعد بْن هذيل. وأمها هند بِنْت عَبْد بْن الْحَارِث بْن زهرة بْن كلاب. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ وَحَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يُكْنَى أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كُنْتُ غُلامًا يَافِعًا أَرْعَى غنما لعقبة ابن أَبِي مُعَيْطٍ فَجَاءَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو بَكْرٍ وَقَدْ فَرَّا مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَقَالا: يَا غُلامُ هَلْ عِنْدَكَ مِنْ لَبَنٍ تَسْقِيَنَا؟ فَقُلْتُ: إِنِّي مُؤْتَمَنٌ وَلَسْتُ سَاقِيَكُمَا. قُلْتُ: نَعَمْ. فَأَتَيْتُهُمَا بِهَا فَاعْتَقَلَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَسَحَ الضَّرْعَ وَدَعَا فَحَفَّلَ الضَّرْعُ ثُمَّ أَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ بِصَخْرَةٍ مُتَقَعِّرَةٍ فَاحْتَلَبَ فِيهَا فَشَرِبَ أَبُو بَكْرٍ. ثُمَّ شَرِبْتُ ثُمَّ قَالَ لِلضَّرْعِ اقْلِصْ فَقَلَصَ. قَالَ: فَأَتَيْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقُلْتُ: عَلِّمْنِي مِنْ هَذَا الْقَوْلِ. قَالَ: إِنَّكَ غُلامٌ مُعَلَّمٌ. فَأَخَذْتُ مِنْ فِيهِ سَبْعِينَ سُورَةً لا يُنَازِعُنِي فِيهَا أَحَدٌ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ قَالَ: أسلم عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ قَبْلَ دُخُولِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَارَ الأَرْقَمِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالا: حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: كَانَ أَوَّلُ مَنْ أَفْشَى الْقُرْآنَ بِمَكَّةَ مِنْ فِيَّ رَسُولِ الله. ص. عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ. قَالُوا: هَاجَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ الْهِجْرَتَيْنِ جَمِيعًا فِي رِوَايَةِ أَبِي مَعْشَرٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ. وَلَمْ يَذْكُرْهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي الْهِجْرَةِ الأُولَى وَذَكَرَهُ فِي الْهِجْرَةِ الثَّانِيَةِ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ الْكِلابِيُّ عَنْ أَبِي عُمَيْسٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ أُخِذَ فِي أَرْضِ الْحَبَشَةِ فِي شَيْءٍ. فَرَشَا دِينَارَيْنِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَارَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ مُوسَى بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالا: لَمَّا هَاجَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ ابن قَتَادَةَ قَالَ: نَزَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ حِينَ هَاجَرَ عَلَى سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ. قَالُوا: وآخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ. . قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو بْنِ دِينَارٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ مِثْلَهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطَّ الدُّورَ فَخَطَّ لِبَنِي زُهْرَةَ فِي نَاحِيَةِ مُؤَخَّرِ الْمَسْجِدِ فَجَعَلَ لِعَبْدِ اللَّهِ وَعُتْبَةَ ابْنَيْ مَسْعُودٍ هَذِهِ الْخِطَّةَ عِنْدَ الْمَسْجِدِ. قَالُوا: وَشَهِدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ بَدْرًا وَضَرَبَ عُنُقَ أَبِي جَهْلٍ بَعْدَ أَنْ أَثْبَتَهُ ابْنَا عَفْرَاءَ. وَشَهِدَ أُحُدًا وَالْخَنْدَقَ وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو قَطَنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ السَّائِبِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: «الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ» آل عمران: . قَالَ: كُنَّا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ رَجُلا. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ القاري عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ صَاحِبَ سَوَادِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْنِي سِرَّهُ. وَوِسَادِهِ. يَعْنِي فِرَاشَهُ. وَسِوَاكِهِ وَنَعْلَيْهِ وَطَهُورِهِ. وَهَذَا يَكُونُ فِي السَّفَرِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنِ الْمَسْعُودِيِّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَسْتُرُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا اغْتَسَلَ وَيُوقِظُهُ إِذَا نَامَ وَيَمْشِي مَعَهُ فِي الأَرْضِ وَحْشًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ سَمِعَهُ يَقُولُ: أَلَمْ يَكُنْ فِيكُمْ صَاحِبُ السِّوَادِ؟ وَصَاحِبُ السَّوَادِ ابْنُ مَسْعُودٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَعَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو قطن قَالا: أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْعَامِرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ كَانَ صَاحِبَ السِّوَادِ وَالْوِسَادِ وَالنَّعْلَيْنِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُلْبِسُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَعْلَيْهِ ثُمَّ يَمْشِي أَمَامَهُ بِالْعَصَا حَتَّى إِذَا أَتَى مَجْلِسَهُ نَزَعَ نَعْلَيْهِ فَأَدْخَلَهُمَا فِي ذِرَاعَيْهِ وَأَعْطَاهُ الْعَصَا. فَإِذَا أراد رسول الله. ص. أن يقوم ألبسه ثُمَّ مَشَى بِالْعَصَا أَمَامَهُ حَتَّى يَدْخُلَ الْحُجْرَةَ قَبْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ النَّخَعِيَّ يَذْكُرُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: . قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: قَالَ أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ: لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا أَرَى إِلا ابْنَ مَسْعُودٍ مِنْ أَهْلِهِ. . . قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ: سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ يَقُولُ إِنَّ أَشْبَهَ النَّاسِ هَدْيًا وَدَلا وَسَمْتًا بِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ. مِنْ حِينَ يَخْرُجُ إِلَى أَنْ يَرْجِعَ لا أَدْرِي مَا يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ قُلْنَا لِحُذَيْفَةَ أَخْبِرْنَا بِرَجُلٍ قَرِيبِ السَّمْتِ وَالْهَدْيِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَأْخُذُ عَنْهُ. فَقَالَ: مَا أَعْرِفُ أَحَدًا أَقْرَبَ سَمْتًا وَهَدْيًا وَدَلا بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ حَتَّى يُوَارِيَهُ جِدَارُ بَيْتٍ. قَالَ: وَلَقَدْ عَلِمَ الْمَحْفُوظُونَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ أَنَّ ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ مِنْ أَقْرَبِهِمْ إِلَى اللَّهِ وَسِيلَةً. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ إِذَا دَخَلَ الدَّارَ اسْتَأْنَسَ وَرَفَعَ كَلامَهُ كَيْ يَسْتَأْنِسُوا. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو غَسَّانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ ثُوَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: مَا نِمْتُ الضُّحَى مُنْذُ أَسْلَمْتُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ كَانَ يَصُومُ الاثْنَيْنَ وَالْخَمِيسَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ فَقِيهًا أَقَلَّ صَوْمًا مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ. فَقِيلَ لَهُ: لِمَ لا تَصُومُ؟ فَقَالَ: إِنِّي أَخْتَارُ الصَّلاةَ عَنِ الصَّوْمِ فَإِذَا صُمْتُ ضَعُفْتُ عَنِ الصَّلاةِ. . قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ صَعِدَ شَجَرَةً فَجَعَلُوا يَضْحَكُونَ مِنْ دِقَّةِ سَاقَيْهِ . قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنْتُ أَجْتَنِي لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الأَرَاكِ. قَالَ: فَضَحِكَ الْقَوْمُ مِنْ دِقَّةِ سَاقِيَّ . . . قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ حَبَّةَ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ عَلِيٌّ الْكُوفَةَ أَتَاهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ فَسَأَلَهُمْ عَنْهُ حَتَّى رَأَوْا أَنَّهُ يَمْتَحِنُهُمْ. قَالَ: وَأَنَا أَقُولُ فِيهِ مِثْلَ الَّذِي قَالُوا أَوْ أَفْضَلَ. قَرَأَ الْقُرْآنَ فَأَحَلَّ حَلالَهُ وَحَرَّمَ حَرَامَهُ. فَقِيهٌ فِي الدِّينِ. عَالِمٌ بِالسُّنَّةِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَيَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالا: أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ حَدَّثَنِي مُسْلِمٌ الْبَطِينُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: اخْتَلَفْتُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ سَنَةً مَا سَمِعْتُهُ . قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ عَنْ مَنْصُورٍ الْغُدَانِيِّ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَقُومُ قَائِمًا كُلَّ عَشِيَّةِ خَمِيسٍ فَمَا سَمِعْتُهُ فِي عَشِيَّةٍ مِنْهَا يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ غَيْرَ مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ. قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ مُعْتَمِدٌ عَلَى عَصًا فَنَظَرْتُ إِلَى الْعَصَا تَزَعْزَعُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ عَامِرٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَ يَوْمًا حَدِيثًا فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ أَرْعَدَ وَأَرْعَدَتْ ثِيَابُهُ. ثُمَّ قَالَ: أَوْ نَحْوَ ذَا أَوْ شِبْهَ ذَا. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَهِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ وَيَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالُوا: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مِرْدَاسٍ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَخْطُبُنَا كُلَّ خَمِيسٍ فَيَتَكَلَّمُ بِكَلِمَاتٍ فَيَسْكُتُ حِينَ يَسْكُتْ وَنَحْنُ نَشْتَهِي أَنْ يَزِيدَنَا. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالا: أَخْبَرَنَا وُهَيْبٌ عَنْ دَاوُدَ عَنْ عَامِرٍ أَنَّ مُهَاجَرَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ كَانَ بِحِمْصَ فَحَدَرَهُ عُمَرُ إِلَى الْكُوفَةِ وَكَتَبَ إِلَيْهِمْ إِنِّي وَاللَّهِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ آثَرْتُكُمْ بِهِ عَلَى نَفْسِي فَخُذُوا مِنْهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: كَانَ عَطَاءُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ سِتَّةَ آلافٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الله قال: أخبرنا إسماعيل ابْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ رَجُلا خَفِيفَ اللَّحْمِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مِينَاءٍ عَنْ نُفَيْعٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ مِنْ أَجْوَدِ النَّاسِ ثَوْبًا أَبْيَضَ. مِنْ أَطْيَبِ النَّاسِ رِيحًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مِسْعَرٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ عَنْ طَلْحَةَ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُعْرَفُ بِاللَّيْلِ بِرِيحِ الطِّيبِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ القاري عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ رَجُلا نَحِيفًا قَصِيرًا أَشَدَّ الأُدْمَةِ. وَكَانَ لا يُغَيِّرُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: قَالَ هُبَيْرَةُ بْنُ يَرِيمَ: كَانَ لِعَبْدِ اللَّهِ شَعَرٌ يَرْفَعُهُ عَلَى أُذُنَيْهِ كَأَنَّمَا جُعِلَ بِعَسَلٍ. قَالَ وَكِيعٌ: يَعْنِي لا يُغَادِرُ شَعْرَةً شَعْرَةً. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا زُهَيْرٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ هُبَيْرَةَ بْنِ يَرِيمَ قَالَ: كَانَ شَعْرُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ يَبْلُغُ تَرْقُوَتَهُ فَرَأَيْتُهُ إِذَا صَلَّى يَجْعَلُهُ وَرَاءَ أُذُنَيْهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْعِجْلِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ خَاتَمُهُ مِنْ حَدِيدٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالا: أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: مَرِضَ مَرَضًا فَجَزِعَ فِيهِ. قَالَ: فَقُلْنَا لَهُ مَا رَأَيْنَاكَ جَزِعْتَ فِي مَرَضٍ مَا جَزِعْتَ فِي مَرَضِكَ هَذَا. فَقَالَ: إِنَّهُ أَخَذَنِي وَأَقْرَبَ بِي مِنَ الْغَفْلَةِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ قَالَ: ذكر الموت عبد الله ابن مَسْعُودٍ فَقَالَ: مَا أَنَا لَهُ الْيَوْمَ بِمُتَيَسِّرٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلٌ عَنْ جَرِيرٍ رَجُلٍ مِنْ بَجِيلَةَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَدِدْتُ أَنِّي إِذَا مَا مُتُّ لَمْ أُبْعَثْ. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ أَبِي الْعُمَيْسِ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ أَوْصَى فَكَتَبَ فِي وَصِيَّتِهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. ذِكْرُ مَا أَوْصَى بِهِ عَبْدُ الله بن مسعود: إن حدث به حدث فِي مرضه هَذَا إنّ مرجع وصيته إِلى اللَّه وإلى الزُّبَيْر بْن الْعَوَّام وابنه عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر أنهما فِي حل وبل مما وليا وقضيا. وأنّه لا تزوج امْرَأَة من بنات عَبْد الله إلّا بإذنهما لا تحظر عن ذلك زينب. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عُمَيْسٍ عُتْبَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: أَوْصَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ إِلَى الزُّبَيْرِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آخَى بَيْنَهُمَا فَأَوْصَى إِلَيْهِ وَإِلَى ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ: هَذَا مَا أَوْصَى عَبْدُ الله بن مسعود. إن حدث به حدث فِي مَرَضِهِ إِنَّ مَرْجِعَ وَصِيَّتِهِ إِلَى الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ وَإِلَى ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَإِنَّهُمَا فِي حِلٍّ وَبِلٍّ فِيمَا وَلِيَا مِنْ ذَلِكَ وَقَضَيَا مِنْ ذَلِكَ لا حَرَجَ عَلَيْهِمَا فِي شَيْءٍ مِنْهُ. وَإِنَّهُ لا تُزَوَّجُ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِهِ إِلا بِعِلْمِهِمَا وَلا يُحْجَرُ ذَلِكَ عَنِ امْرَأَتِهِ زَيْنَبَ بِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيَّةِ. وَكَانَ فِيمَا أَوْصَى بِهِ فِي رَقِيقِهِ: إِذَا أَدَّى فُلانٌ خَمْسُمِائَةٍ فَهُوَ حُرٌّ. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ أَبِي الْعُمَيْسِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ خَيْثَمِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ أَوْصَى أَنْ يُكَفَّنَ فِي حُلَّةٍ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو غَسَّانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُرَادِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: ادْفِنُونِي عِنْدَ قَبْرِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ القاري عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ بِالْمَدِينَةِ وَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عِمْرَانَ الْعِجْلِيُّ عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَهُوَ ابْنُ بِضْعٍ وَسِتِّينَ سَنَةً. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَقَدْ رُوِيَ لَنَا أَنَّهُ صَلَّى عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مسعود عمار ابن يَاسِرٍ. وَقَالَ قَائِلٌ صَلَّى عَلَيْهِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ. وَاسْتَغْفَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ قَبْلَ مَوْتِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ. وَهُوَ أَثْبَتُ عِنْدَنَا: إِنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ صَلَّى عَلَيْهِ. قَالَ: وَقَدْ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ دُفِنَ لَيْلا. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ قَالَ: مَرَرْتُ عَلَى قَبْرِ ابْنِ مَسْعُودٍ الْغَدَ مِنْ يَوْمِ دُفِنَ فَرَأَيْتُهُ مَرْشُوشًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ قَالَ: شَهِدْتُ أَبَا مُوسَى وَأَبَا مَسْعُودٍ حِينَ مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: أَتُرَاهُ تَرَكَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ؟ فَقَالَ: إِنْ قُلْتَ ذَاكَ إِنْ كَانَ لَيَدْخُلُ إِذَا حُجِبْنَا وَيَشْهَدَ إِذَا غِبْنَا. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ عن إدريس بن يزيد عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ: تَرَكَ ابْنُ مَسْعُودٍ تِسْعِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: دَخَلَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ عَلَى عُثْمَانَ بَعْدَ وَفَاةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ: أَعْطِنِي عَطَاءَ عَبْدِ اللَّهِ فَأَهْلُ عَبْدِ اللَّهِ أَحَقُّ بِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. فَأَعْطَاهُ خَمْسَةَ عَشْرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ أَوْصَى إِلَى الزُّبَيْرِ وَقَدْ كَانَ عُثْمَانُ حَرَمَهُ عَطَاءَهُ سَنَتَيْنِ فَأَتَاهُ الزُّبَيْرُ فَقَالَ: إِنَّ عِيَالَهُ أَحْوَجُ إِلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. فَأَعْطَاهُ عَطَاءَهُ عِشْرِينَ أَلْفًا أَوْ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ أَلْفًا.
- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ غَافِلِ بْنِ حَبِيبِ بن شمخ بْن فار بْن مخزوم بْن صاهلة بْن كاهل بْنِ الْحَارِثِ بْنِ تَمِيمِ بْنِ سَعْدِ بْنِ هذيل بْن مدركة. واسم مدركة عَمْرو بْن إلياس بْن مضر. ويكنى أَبَا عَبْد الرَّحْمَن. حالف مَسْعُود بْن غافل عَبْد بْن الْحَارِث بْن زهرة فِي الجاهلية. وأم عَبْد الله بْن مَسْعُود أم عَبْد بِنْت عَبْد ود بْن سواء بْن قريم بْن صاهلة بْن كاهل بْن الْحَارِث بْن تميم ابن سعد بْن هذيل. وأمها هند بِنْت عَبْد بْن الْحَارِث بْن زهرة بْن كلاب. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ وَحَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يُكْنَى أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كُنْتُ غُلامًا يَافِعًا أَرْعَى غنما لعقبة ابن أَبِي مُعَيْطٍ فَجَاءَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو بَكْرٍ وَقَدْ فَرَّا مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَقَالا: يَا غُلامُ هَلْ عِنْدَكَ مِنْ لَبَنٍ تَسْقِيَنَا؟ فَقُلْتُ: إِنِّي مُؤْتَمَنٌ وَلَسْتُ سَاقِيَكُمَا. قُلْتُ: نَعَمْ. فَأَتَيْتُهُمَا بِهَا فَاعْتَقَلَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَسَحَ الضَّرْعَ وَدَعَا فَحَفَّلَ الضَّرْعُ ثُمَّ أَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ بِصَخْرَةٍ مُتَقَعِّرَةٍ فَاحْتَلَبَ فِيهَا فَشَرِبَ أَبُو بَكْرٍ. ثُمَّ شَرِبْتُ ثُمَّ قَالَ لِلضَّرْعِ اقْلِصْ فَقَلَصَ. قَالَ: فَأَتَيْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقُلْتُ: عَلِّمْنِي مِنْ هَذَا الْقَوْلِ. قَالَ: إِنَّكَ غُلامٌ مُعَلَّمٌ. فَأَخَذْتُ مِنْ فِيهِ سَبْعِينَ سُورَةً لا يُنَازِعُنِي فِيهَا أَحَدٌ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ قَالَ: أسلم عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ قَبْلَ دُخُولِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَارَ الأَرْقَمِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالا: حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: كَانَ أَوَّلُ مَنْ أَفْشَى الْقُرْآنَ بِمَكَّةَ مِنْ فِيَّ رَسُولِ الله. ص. عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ. قَالُوا: هَاجَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ الْهِجْرَتَيْنِ جَمِيعًا فِي رِوَايَةِ أَبِي مَعْشَرٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ. وَلَمْ يَذْكُرْهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي الْهِجْرَةِ الأُولَى وَذَكَرَهُ فِي الْهِجْرَةِ الثَّانِيَةِ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ الْكِلابِيُّ عَنْ أَبِي عُمَيْسٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ أُخِذَ فِي أَرْضِ الْحَبَشَةِ فِي شَيْءٍ. فَرَشَا دِينَارَيْنِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَارَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ مُوسَى بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالا: لَمَّا هَاجَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ ابن قَتَادَةَ قَالَ: نَزَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ حِينَ هَاجَرَ عَلَى سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ. قَالُوا: وآخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ. . قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو بْنِ دِينَارٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ مِثْلَهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطَّ الدُّورَ فَخَطَّ لِبَنِي زُهْرَةَ فِي نَاحِيَةِ مُؤَخَّرِ الْمَسْجِدِ فَجَعَلَ لِعَبْدِ اللَّهِ وَعُتْبَةَ ابْنَيْ مَسْعُودٍ هَذِهِ الْخِطَّةَ عِنْدَ الْمَسْجِدِ. قَالُوا: وَشَهِدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ بَدْرًا وَضَرَبَ عُنُقَ أَبِي جَهْلٍ بَعْدَ أَنْ أَثْبَتَهُ ابْنَا عَفْرَاءَ. وَشَهِدَ أُحُدًا وَالْخَنْدَقَ وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو قَطَنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ السَّائِبِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: «الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ» آل عمران: . قَالَ: كُنَّا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ رَجُلا. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ القاري عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ صَاحِبَ سَوَادِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْنِي سِرَّهُ. وَوِسَادِهِ. يَعْنِي فِرَاشَهُ. وَسِوَاكِهِ وَنَعْلَيْهِ وَطَهُورِهِ. وَهَذَا يَكُونُ فِي السَّفَرِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنِ الْمَسْعُودِيِّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَسْتُرُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا اغْتَسَلَ وَيُوقِظُهُ إِذَا نَامَ وَيَمْشِي مَعَهُ فِي الأَرْضِ وَحْشًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ سَمِعَهُ يَقُولُ: أَلَمْ يَكُنْ فِيكُمْ صَاحِبُ السِّوَادِ؟ وَصَاحِبُ السَّوَادِ ابْنُ مَسْعُودٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَعَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو قطن قَالا: أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْعَامِرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ كَانَ صَاحِبَ السِّوَادِ وَالْوِسَادِ وَالنَّعْلَيْنِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُلْبِسُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَعْلَيْهِ ثُمَّ يَمْشِي أَمَامَهُ بِالْعَصَا حَتَّى إِذَا أَتَى مَجْلِسَهُ نَزَعَ نَعْلَيْهِ فَأَدْخَلَهُمَا فِي ذِرَاعَيْهِ وَأَعْطَاهُ الْعَصَا. فَإِذَا أراد رسول الله. ص. أن يقوم ألبسه ثُمَّ مَشَى بِالْعَصَا أَمَامَهُ حَتَّى يَدْخُلَ الْحُجْرَةَ قَبْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ النَّخَعِيَّ يَذْكُرُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: . قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: قَالَ أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ: لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا أَرَى إِلا ابْنَ مَسْعُودٍ مِنْ أَهْلِهِ. . . قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ: سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ يَقُولُ إِنَّ أَشْبَهَ النَّاسِ هَدْيًا وَدَلا وَسَمْتًا بِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ. مِنْ حِينَ يَخْرُجُ إِلَى أَنْ يَرْجِعَ لا أَدْرِي مَا يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ قُلْنَا لِحُذَيْفَةَ أَخْبِرْنَا بِرَجُلٍ قَرِيبِ السَّمْتِ وَالْهَدْيِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَأْخُذُ عَنْهُ. فَقَالَ: مَا أَعْرِفُ أَحَدًا أَقْرَبَ سَمْتًا وَهَدْيًا وَدَلا بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ حَتَّى يُوَارِيَهُ جِدَارُ بَيْتٍ. قَالَ: وَلَقَدْ عَلِمَ الْمَحْفُوظُونَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ أَنَّ ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ مِنْ أَقْرَبِهِمْ إِلَى اللَّهِ وَسِيلَةً. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ إِذَا دَخَلَ الدَّارَ اسْتَأْنَسَ وَرَفَعَ كَلامَهُ كَيْ يَسْتَأْنِسُوا. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو غَسَّانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ ثُوَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: مَا نِمْتُ الضُّحَى مُنْذُ أَسْلَمْتُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ كَانَ يَصُومُ الاثْنَيْنَ وَالْخَمِيسَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ فَقِيهًا أَقَلَّ صَوْمًا مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ. فَقِيلَ لَهُ: لِمَ لا تَصُومُ؟ فَقَالَ: إِنِّي أَخْتَارُ الصَّلاةَ عَنِ الصَّوْمِ فَإِذَا صُمْتُ ضَعُفْتُ عَنِ الصَّلاةِ. . قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ صَعِدَ شَجَرَةً فَجَعَلُوا يَضْحَكُونَ مِنْ دِقَّةِ سَاقَيْهِ . قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنْتُ أَجْتَنِي لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الأَرَاكِ. قَالَ: فَضَحِكَ الْقَوْمُ مِنْ دِقَّةِ سَاقِيَّ . . . قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ حَبَّةَ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ عَلِيٌّ الْكُوفَةَ أَتَاهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ فَسَأَلَهُمْ عَنْهُ حَتَّى رَأَوْا أَنَّهُ يَمْتَحِنُهُمْ. قَالَ: وَأَنَا أَقُولُ فِيهِ مِثْلَ الَّذِي قَالُوا أَوْ أَفْضَلَ. قَرَأَ الْقُرْآنَ فَأَحَلَّ حَلالَهُ وَحَرَّمَ حَرَامَهُ. فَقِيهٌ فِي الدِّينِ. عَالِمٌ بِالسُّنَّةِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَيَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالا: أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ حَدَّثَنِي مُسْلِمٌ الْبَطِينُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: اخْتَلَفْتُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ سَنَةً مَا سَمِعْتُهُ . قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ عَنْ مَنْصُورٍ الْغُدَانِيِّ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَقُومُ قَائِمًا كُلَّ عَشِيَّةِ خَمِيسٍ فَمَا سَمِعْتُهُ فِي عَشِيَّةٍ مِنْهَا يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ غَيْرَ مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ. قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ مُعْتَمِدٌ عَلَى عَصًا فَنَظَرْتُ إِلَى الْعَصَا تَزَعْزَعُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ عَامِرٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَ يَوْمًا حَدِيثًا فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ أَرْعَدَ وَأَرْعَدَتْ ثِيَابُهُ. ثُمَّ قَالَ: أَوْ نَحْوَ ذَا أَوْ شِبْهَ ذَا. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَهِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ وَيَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالُوا: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مِرْدَاسٍ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَخْطُبُنَا كُلَّ خَمِيسٍ فَيَتَكَلَّمُ بِكَلِمَاتٍ فَيَسْكُتُ حِينَ يَسْكُتْ وَنَحْنُ نَشْتَهِي أَنْ يَزِيدَنَا. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالا: أَخْبَرَنَا وُهَيْبٌ عَنْ دَاوُدَ عَنْ عَامِرٍ أَنَّ مُهَاجَرَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ كَانَ بِحِمْصَ فَحَدَرَهُ عُمَرُ إِلَى الْكُوفَةِ وَكَتَبَ إِلَيْهِمْ إِنِّي وَاللَّهِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ آثَرْتُكُمْ بِهِ عَلَى نَفْسِي فَخُذُوا مِنْهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: كَانَ عَطَاءُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ سِتَّةَ آلافٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الله قال: أخبرنا إسماعيل ابْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ رَجُلا خَفِيفَ اللَّحْمِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مِينَاءٍ عَنْ نُفَيْعٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ مِنْ أَجْوَدِ النَّاسِ ثَوْبًا أَبْيَضَ. مِنْ أَطْيَبِ النَّاسِ رِيحًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مِسْعَرٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ عَنْ طَلْحَةَ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُعْرَفُ بِاللَّيْلِ بِرِيحِ الطِّيبِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ القاري عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ رَجُلا نَحِيفًا قَصِيرًا أَشَدَّ الأُدْمَةِ. وَكَانَ لا يُغَيِّرُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: قَالَ هُبَيْرَةُ بْنُ يَرِيمَ: كَانَ لِعَبْدِ اللَّهِ شَعَرٌ يَرْفَعُهُ عَلَى أُذُنَيْهِ كَأَنَّمَا جُعِلَ بِعَسَلٍ. قَالَ وَكِيعٌ: يَعْنِي لا يُغَادِرُ شَعْرَةً شَعْرَةً. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا زُهَيْرٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ هُبَيْرَةَ بْنِ يَرِيمَ قَالَ: كَانَ شَعْرُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ يَبْلُغُ تَرْقُوَتَهُ فَرَأَيْتُهُ إِذَا صَلَّى يَجْعَلُهُ وَرَاءَ أُذُنَيْهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْعِجْلِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ خَاتَمُهُ مِنْ حَدِيدٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالا: أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: مَرِضَ مَرَضًا فَجَزِعَ فِيهِ. قَالَ: فَقُلْنَا لَهُ مَا رَأَيْنَاكَ جَزِعْتَ فِي مَرَضٍ مَا جَزِعْتَ فِي مَرَضِكَ هَذَا. فَقَالَ: إِنَّهُ أَخَذَنِي وَأَقْرَبَ بِي مِنَ الْغَفْلَةِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ قَالَ: ذكر الموت عبد الله ابن مَسْعُودٍ فَقَالَ: مَا أَنَا لَهُ الْيَوْمَ بِمُتَيَسِّرٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلٌ عَنْ جَرِيرٍ رَجُلٍ مِنْ بَجِيلَةَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَدِدْتُ أَنِّي إِذَا مَا مُتُّ لَمْ أُبْعَثْ. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ أَبِي الْعُمَيْسِ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ أَوْصَى فَكَتَبَ فِي وَصِيَّتِهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. ذِكْرُ مَا أَوْصَى بِهِ عَبْدُ الله بن مسعود: إن حدث به حدث فِي مرضه هَذَا إنّ مرجع وصيته إِلى اللَّه وإلى الزُّبَيْر بْن الْعَوَّام وابنه عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر أنهما فِي حل وبل مما وليا وقضيا. وأنّه لا تزوج امْرَأَة من بنات عَبْد الله إلّا بإذنهما لا تحظر عن ذلك زينب. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عُمَيْسٍ عُتْبَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: أَوْصَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ إِلَى الزُّبَيْرِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آخَى بَيْنَهُمَا فَأَوْصَى إِلَيْهِ وَإِلَى ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ: هَذَا مَا أَوْصَى عَبْدُ الله بن مسعود. إن حدث به حدث فِي مَرَضِهِ إِنَّ مَرْجِعَ وَصِيَّتِهِ إِلَى الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ وَإِلَى ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَإِنَّهُمَا فِي حِلٍّ وَبِلٍّ فِيمَا وَلِيَا مِنْ ذَلِكَ وَقَضَيَا مِنْ ذَلِكَ لا حَرَجَ عَلَيْهِمَا فِي شَيْءٍ مِنْهُ. وَإِنَّهُ لا تُزَوَّجُ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِهِ إِلا بِعِلْمِهِمَا وَلا يُحْجَرُ ذَلِكَ عَنِ امْرَأَتِهِ زَيْنَبَ بِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيَّةِ. وَكَانَ فِيمَا أَوْصَى بِهِ فِي رَقِيقِهِ: إِذَا أَدَّى فُلانٌ خَمْسُمِائَةٍ فَهُوَ حُرٌّ. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ أَبِي الْعُمَيْسِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ خَيْثَمِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ أَوْصَى أَنْ يُكَفَّنَ فِي حُلَّةٍ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو غَسَّانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُرَادِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: ادْفِنُونِي عِنْدَ قَبْرِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ القاري عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ بِالْمَدِينَةِ وَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عِمْرَانَ الْعِجْلِيُّ عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَهُوَ ابْنُ بِضْعٍ وَسِتِّينَ سَنَةً. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَقَدْ رُوِيَ لَنَا أَنَّهُ صَلَّى عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مسعود عمار ابن يَاسِرٍ. وَقَالَ قَائِلٌ صَلَّى عَلَيْهِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ. وَاسْتَغْفَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ قَبْلَ مَوْتِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ. وَهُوَ أَثْبَتُ عِنْدَنَا: إِنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ صَلَّى عَلَيْهِ. قَالَ: وَقَدْ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ دُفِنَ لَيْلا. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ قَالَ: مَرَرْتُ عَلَى قَبْرِ ابْنِ مَسْعُودٍ الْغَدَ مِنْ يَوْمِ دُفِنَ فَرَأَيْتُهُ مَرْشُوشًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ قَالَ: شَهِدْتُ أَبَا مُوسَى وَأَبَا مَسْعُودٍ حِينَ مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: أَتُرَاهُ تَرَكَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ؟ فَقَالَ: إِنْ قُلْتَ ذَاكَ إِنْ كَانَ لَيَدْخُلُ إِذَا حُجِبْنَا وَيَشْهَدَ إِذَا غِبْنَا. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ عن إدريس بن يزيد عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ: تَرَكَ ابْنُ مَسْعُودٍ تِسْعِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: دَخَلَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ عَلَى عُثْمَانَ بَعْدَ وَفَاةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ: أَعْطِنِي عَطَاءَ عَبْدِ اللَّهِ فَأَهْلُ عَبْدِ اللَّهِ أَحَقُّ بِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. فَأَعْطَاهُ خَمْسَةَ عَشْرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ أَوْصَى إِلَى الزُّبَيْرِ وَقَدْ كَانَ عُثْمَانُ حَرَمَهُ عَطَاءَهُ سَنَتَيْنِ فَأَتَاهُ الزُّبَيْرُ فَقَالَ: إِنَّ عِيَالَهُ أَحْوَجُ إِلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. فَأَعْطَاهُ عَطَاءَهُ عِشْرِينَ أَلْفًا أَوْ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ أَلْفًا.
عبد الله بن مَسْعُود أَتَى رجل من أهل الطَّائِف فَرَحل النَّاقة الحَدِيث هُوَ الأسلع بن شريك أخرجه الطَّبَرَانِيّ من حَدِيثه وَعنهُ أَن رجلا استفتاه فِي قصَّة بروع بنت واشق فَقَالَ لَهُ الرجل المستفتي مَا عَرفته وَالْقَائِل هُوَ معقل بن سِنَان الْأَشْجَعِيّ وَوَقع مُبينًا فِي الأَصْل
وعبد الله بن مسعود بن عاقل بن حبيب بن شمخ بن مخزوم بن فار بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل
- وعبد الله بن مسعود بن عاقل بن حبيب بن شمخ بن مخزوم بن فار بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل. أمه أم عبد, امرأة من هذيل من بني صاهلة, وأمها زهرية, يكنى أبا عبد الرحمن. بعثه عمر إلى أهل الكوفة معلما ووزيرا. وله بالكوفة دار وعقار, ومات بالمدينة سنة ثلاث وثلاثين, وصلى عليه الزبير بن العوام. قال شباب: حدثني بهذا النسب أبو الوازع الهذلي وغيره من هذيل وغيرهم. ومن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان: اسم طابخة عمرو ثم من مزينة: وهم ولد عثمان بن عمرو بن أدّ بن طابخة بن إلياس بن مضر, سمي مزينة بأمه. وهي مزينة بنت كلب بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن إلحاف بن قضاعة بن حمير.
- وعبد الله بن مسعود بن عاقل بن حبيب بن شمخ بن مخزوم بن فار بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل. أمه أم عبد, امرأة من هذيل من بني صاهلة, وأمها زهرية, يكنى أبا عبد الرحمن. بعثه عمر إلى أهل الكوفة معلما ووزيرا. وله بالكوفة دار وعقار, ومات بالمدينة سنة ثلاث وثلاثين, وصلى عليه الزبير بن العوام. قال شباب: حدثني بهذا النسب أبو الوازع الهذلي وغيره من هذيل وغيرهم. ومن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان: اسم طابخة عمرو ثم من مزينة: وهم ولد عثمان بن عمرو بن أدّ بن طابخة بن إلياس بن مضر, سمي مزينة بأمه. وهي مزينة بنت كلب بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن إلحاف بن قضاعة بن حمير.
عبد الله بن مسعود: يكنى أبا عبد الرحمن: "مدني"، سكن الكوفة، وهو فقيههم، وأقرأهم القرآن، وبعثه عمر إليهم، وكان على بيت المال وكان بدريًّا، وهو الذي أجاز على أبي جهل يوم بدر.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "رضيت لأمتي ما رضي لها ابن أم عبد" .
وثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يدعون قولهم لقول ثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: كان ابن مسعود يدع قوله لقول عمر، وكان أبو موسى الأشعري يدع قوله لقول عليّ، وزيد بن ثابت يدع قوله لقول أبيّ.
وثلاثة صحبوا النبي صلى الله عليه وسلم: هو، وأبوه، وجده، معاوية بن يزيد بن الأخنس، هؤلاء الثلاثة صحبوا النبي صلى الله عليه وسلم، وثلاثة يكنوا بأبي القاسم رخص لهم: محمد بن الحنفية، ومحمد بن أبي بكر، ومحمد بن طلحة بن عبيد الله.
وليس يعدل أهل الكوفة بقوله شيئًا، وليس أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنبل صاحبًا من ابن مسعود.
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أصحاب عبد الله أصحاب سُرج هذه القرية.
حدثنا أبو نُعيم، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن معدي كرب، عن ابن مسعود، قال: لا تصلوا بين الأساطين.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "رضيت لأمتي ما رضي لها ابن أم عبد" .
وثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يدعون قولهم لقول ثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: كان ابن مسعود يدع قوله لقول عمر، وكان أبو موسى الأشعري يدع قوله لقول عليّ، وزيد بن ثابت يدع قوله لقول أبيّ.
وثلاثة صحبوا النبي صلى الله عليه وسلم: هو، وأبوه، وجده، معاوية بن يزيد بن الأخنس، هؤلاء الثلاثة صحبوا النبي صلى الله عليه وسلم، وثلاثة يكنوا بأبي القاسم رخص لهم: محمد بن الحنفية، ومحمد بن أبي بكر، ومحمد بن طلحة بن عبيد الله.
وليس يعدل أهل الكوفة بقوله شيئًا، وليس أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنبل صاحبًا من ابن مسعود.
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أصحاب عبد الله أصحاب سُرج هذه القرية.
حدثنا أبو نُعيم، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن معدي كرب، عن ابن مسعود، قال: لا تصلوا بين الأساطين.
عبد الله بن مسعود
- عبد الله بن مسعود الهذلي حليف بني زهرة بن كلاب. ويكني أبا عبد الرحمن. شهد بدرا وكان مهاجره بحمص فحدره عمر بن الخطاب إلى الكوفة وكتب إلى أهل الكوفة: إني بعثت إليكم بعبد الله بن مسعود معلما ووزيرا وآثرتكم به على نفسي فخذوا عنه. فقدم الكوفة ونزلها وابتنى بها دارا إلى جانب المسجد. ثم قدم المدينة في خلافة عثمان بن عفان فمات بها فدفن بالبقيع سنة اثنتين وثلاثين وهو ابن بضع وستين سنة. وقد كتبنا خبره فيمن شهد بدرا.
- عبد الله بن مسعود الهذلي حليف بني زهرة بن كلاب. ويكني أبا عبد الرحمن. شهد بدرا وكان مهاجره بحمص فحدره عمر بن الخطاب إلى الكوفة وكتب إلى أهل الكوفة: إني بعثت إليكم بعبد الله بن مسعود معلما ووزيرا وآثرتكم به على نفسي فخذوا عنه. فقدم الكوفة ونزلها وابتنى بها دارا إلى جانب المسجد. ثم قدم المدينة في خلافة عثمان بن عفان فمات بها فدفن بالبقيع سنة اثنتين وثلاثين وهو ابن بضع وستين سنة. وقد كتبنا خبره فيمن شهد بدرا.
عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب
قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: من كنيته من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أبو عبد الرحمن: عبد اللَّه بن مسعود أبو عبد الرحمن، ومعاذ بن جبل أبو عبد الرحمن، وعبد اللَّه بن عمر أبو عبد الرحمن.
"العلل" رواية عبد اللَّه (393)، (1761)
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا سفيان قال: كان ابن عمر ابن عشرين سنة يوم دخل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الكعبة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1551)
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو داود قال: أخبرنا شعبة، عن أبي إسحاق قال: سمعت أبا سلمة يقول: مات ابن عمر وهو مثل عمر يوم قتل. قال عبد اللَّه: يعني في الفضل.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1827)
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا هشام بن عروة قال: رأيت جابر بن عبد اللَّه وابن عمر ولكل واحد منهما جمة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1969)
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو بكر قال: لم يبايع ابن الزبير، ولا حسين، ولا ابن عمر يزيد بن معاوية في حياة معاوية، قال: فتركهم معاوية.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4748)
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا الحارث بن عمير، عن أيوب، عن محمد بن سيرين قال: كانوا يرون أنه ليس أحد أعلم بالمناسك بعد ابن عفان من ابن عمر. وقال مرة: كان ابن عمر أعلم أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالمناسك بعد ابن عفان.
"العلل" رواية عبد اللَّه (5886)
قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: من كنيته من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أبو عبد الرحمن: عبد اللَّه بن مسعود أبو عبد الرحمن، ومعاذ بن جبل أبو عبد الرحمن، وعبد اللَّه بن عمر أبو عبد الرحمن.
"العلل" رواية عبد اللَّه (393)، (1761)
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا سفيان قال: كان ابن عمر ابن عشرين سنة يوم دخل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الكعبة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1551)
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو داود قال: أخبرنا شعبة، عن أبي إسحاق قال: سمعت أبا سلمة يقول: مات ابن عمر وهو مثل عمر يوم قتل. قال عبد اللَّه: يعني في الفضل.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1827)
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا هشام بن عروة قال: رأيت جابر بن عبد اللَّه وابن عمر ولكل واحد منهما جمة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1969)
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو بكر قال: لم يبايع ابن الزبير، ولا حسين، ولا ابن عمر يزيد بن معاوية في حياة معاوية، قال: فتركهم معاوية.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4748)
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا الحارث بن عمير، عن أيوب، عن محمد بن سيرين قال: كانوا يرون أنه ليس أحد أعلم بالمناسك بعد ابن عفان من ابن عمر. وقال مرة: كان ابن عمر أعلم أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالمناسك بعد ابن عفان.
"العلل" رواية عبد اللَّه (5886)
عبد الله بن عمر بن الخطاب
ب د ع: عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن الخطاب الْقُرَشِيّ العدوي، يرد نسبه عند ذكر أَبِيهِ إن شاء اللَّه تَعَالى أمه، وأم أخته حفصة: زينب بِنْت مظعون بْن حبيب الجمحية.
أسلم مَعَ أَبِيهِ وهو صغير لم يبلغ الحلم، وَقَدْ قيل: إن إسلامه قبل إسلام أَبِيهِ، ولا يصح، وَإِنما كانت هجرته قبل هجرة أَبِيهِ، فظن بعضُ النَّاس، أن إسلامه قبل إسلامه أَبِيهِ، وأجمعوا عَلَى أَنَّهُ لم يشهد بدرًا، استصغره النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فردَّه، واختلفوا فِي شهوده أحدًا، فقيل: شهدها، وقيل: رده رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ غيره ممن لم يبلغ الحلمُ.
(850) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ، بِإِسْنَادِهِ إِلَى يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: لَمَّا أَسْلَمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ: أَيُّ أَهْلِ مَكَّةَ أَنْقَلُ لِلْحَدِيثِ؟، قَالُوا: جَمِيلُ بْنُ مَعْمَرٍ الْجُمَحِيُّ، فَخَرَجَ عُمَرُ، وَخَرَجْتُ وَرَاءَهُ، وَأَنَا غُلَيْمٌ أَعْقِلُ كُلَّ مَا رَأَيْتُ، حَتَّى أَتَاهُ، فَقَالَ: يَا جَمِيلُ، أَشَعَرْتَ أَنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ؟، فَوَاللَّهِ مَا رَاجَعَهُ الْكَلامَ حَتَّى قَامَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ، وَخَرَجَ عُمَرُ يَتْبَعُهُ، وَأَنَا مَعَهُ، حَتَّى إِذَا قَامَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ صَرَخَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنَّ عُمَرَ قَدْ صَبَأَ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنِّي أَسْلَمْتُ ...
وَذَكَرَ الْحَدِيثَ والصحيح أن أول مشاهدة الخندق، وشهد غزوة مؤتة مَعَ جَعْفَر بْن أَبِي طَالِب رَضِي اللَّه عَنْهُمْ أجمعين، وشهد اليرموك، وفتح مصر، وَإِفريقية، وكان كَثِير الأتباع لآثار رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتَّى إنه ينزل منازله، ويصلي فِي كل مكان صلى فِيهِ، وحتى إن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نزل تحت شجرة، فكان ابْنُ عُمَر يتعاهدها بالماء لئلا تيبس.
(851) أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيٍّ، وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادِهِمْ إِلَى أَبِي عِيسَى مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّمَا بِيَدِي قِطْعَةُ إِسْتَبْرَقٍ، وَلا أُشِيرُ بِهَا إِلَى مَوْضِعٍ مِنَ الْجَنَّةِ إِلا طَارَتْ بِي إِلَيْهِ، فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " إِنَّ أَخَاكِ رَجُلٌ صَالِحٌ "، أَوْ " إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ "
(852) أَخْبَرَنَا الْحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ عَلَيَّ، إِجَازَةً، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بْنُ طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا الْخُنَيْسِيُّ يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: خَرَجَ ابْنُ عُمَرَ فِي بَعْضِ نَوَاحِي الْمَدِينَةِ، وَمَعَهُ أَصْحَابٌ لَهُ، وَوَضَعُوا السُّفْرَةَ لَهُ، فَمَرَّ بِهِمْ رَاعِي غَنَمٍ فَسَلَّمَ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: هَلُمَّ يَا رَاعِي، فَأَصِبْ مِنْ هَذِهِ السُّفْرَةِ، فَقَالَ لَهُ: إِنِّي صَائِمٌ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَتَصُومُ فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ الْحَارِّ الشَّدِيدِ سَمُومُهُ، وَأَنْتَ فِي هَذِهِ الْحَالِ تَرْعَى هَذِهِ الْغَنَمَ؟، فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنِّي أُبَادِرُ أَيَّامِي هَذِهِ الْخَالِيَةَ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَخْتَبِرَ وَرَعَهُ: فَهَلْ لَكَ أَنْ تَبِيعَنَا شَاةً مِنْ غَنَمِكَ هَذِهِ فَنُعْطِيَكَ ثَمَنَهَا وَنُعْطِيَكَ مِنْ لَحْمِهَا مَا تُفْطِرُ عَلَيْهِ؟، قَالَ: إِنَّهَا لَيْسَتْ لِي بِغَنَمٍ، إِنَّهَا غَنَمُ سَيِّدِي، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: فَمَا يَفْعَلُ سَيِّدُكَ إِذَا فَقَدَهَا؟، فَوَلَّى الرَّاعِي عَنْهُ، وَهُوَ رَافِعٌ أُصْبُعَهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَهُوَ يَقُولُ: فَأَيْنَ اللَّهُ؟ قَالَ: فَجَعَلَ ابْنُ عُمَرَ يُرَدِّدُ قَوْلَ الرَّاعِي، يَقُولُ: قَالَ الرَّاعِي: فَأَيْنَ اللَّهُ؟، قَالَ: فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ بَعَثَ إِلَى مَوْلاهُ، فَاشْتَرَى مِنْهُ الْغَنَمِ وَالرَّاعِي، فَأَعْتَقَ الرَّاعِي، وَوَهَبَ مِنْهُ الْغَنَمَ
(853) قال: وأَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا أَبُو المعالي مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر البيهقي، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْد اللَّه الحافظ، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن سهل الفقيه، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن معقل، حَدَّثَنَا حرملة، حَدَّثَنَا ابْنُ وهب، قَالَ: قَالَ مَالِك: " قَدْ أقام ابْنُ عُمَر بعد النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ستين سنة يفتي النَّاس فِي الموسم، وغير ذَلِكَ، قَالَ مَالِك: وكان ابْنُ عُمَر من أئمة المسلمين "
(854) قَالَ: وأَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر بْن عَبْد الباقي، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّد الجوهري، وأَخْبَرَنَا أَبُو عُمَر بْن حيوية، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر بْن معروف، حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن القهم، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سعد، قَالَ: أخبرت عَنْ مجالد، عَنِ الشَّعْبِيّ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَر جيد الحديث، ولم يكن جيد الفقه.
وكان ابْنُ عُمَر شديد الاحتياط، والتوقي لدينه فِي الفتوى، وكل ما تأخذ بِهِ نفسه، حتَّى إنه ترك المنازعة فِي الخلافة مَعَ كثرة ميل أهل الشام إِلَيْه ومحبتهم لَهُ، ولم يقاتل فِي شيء من الفتن، ولم يشهد مَعَ عليّ شيئًا من حروبه، حين أشكلت عَلَيْهِ، ثُمَّ كَانَ بعد ذَلِكَ يندم عَلَى ترك القتال معه.
(855) أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو غَانِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي جَرَادَةَ، أَخْبَرَنَا عَمِّي أَبُو الْمَجْدِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي جَرَادَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّمِرِ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ بْنِ رَغْبَانَ الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ خَالَوَيْهِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ يَحْيَى الْكُوفِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَبِيبٍ، أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ: " مَا أَجِدُ فِي نَفْسِي مِنَ الدُّنْيَا، إِلا أَنِّي لَمْ أُقَاتِلِ الْفِئَةَ الْبَاغِيَةَ ".
أَخْرَجَهُ أَبُو عُمَرَ، وَزَادَ فِيهِ: مَعَ عَلِيٍّ.
وَكَانَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: مَا مِنَّا إِلا مَنْ مَالَتْ بِهِ الدُّنْيَا وَمَالَ بِهَا، مَا خَلا عُمَرَ، وَابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ.
وقَالَ لَهُ مروان بْن الحكم ليبايع لَهُ بالخلافة، وقَالَ لَهُ: إن أهل الشام يريدونك، قَالَ: فكيف أصنع بأهل العراق؟ قَالَ: نقاتلهم، قَالَ: والله لو أطاعني النَّاس كلهم إلا أهل فدك، فإن قاتلتهم يقتل منهم رَجُل واحد، لم أفعل، فتركه.
وكان بعد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكثر الحج، وكان كَثِير الصدقة، وربما تصدق فِي المجلس الواحد بثلاثين ألفًا.
قَالَ نافع: كَانَ ابْنُ عُمَر إِذَا اشتد عجبه بشيء من ماله قربه لربه، وكان رقيقه قَدْ عرفوا ذَلِكَ مِنْهُ، فربما لزم أحدهم المسجد، فإذا رآه ابْنُ عُمَر عَلَى تلك الحال الحسنة أعتقه، فيقول لَهُ أصحابه: يا أبا عَبْد الرَّحْمَن، والله ما بهم إلا أن يخدعوك، فيقول ابْنُ عُمَر: من خدعنا بالله انخدعنا لَهُ.
قَالَ نافع: ولقد رأيتنا ذات عشية، وراح ابْنُ عُمَر عَلَى نجيب لَهُ قَدْ أخذه بمال، فلما أعجبه سيره أناخه بمكانه، ثُمَّ نزل عَنْهُ، فَقَالَ: يا نافع، انزعوا عَنْهُ زمامه، ورحله وأشعروه وجللوه وأدخلوه فِي البدن.
وقَالَ نافع: دخل ابْنُ عُمَر الكعبة، فسمعته وهو ساجد، يَقُولُ: قَدْ تعلم يا ربي ما يمنعني من مزاحمة قريش عَلَى الدنيا إلا خوفك.
وقَالَ نافع: كَانَ ابْنُ عُمَر إِذَا قَرَأَ هَذِهِ الآية: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} بكى حتَّى يغلبه البكاء.
وقَالَ ابْنُ عُمَر: البرّ شيء هين، وجه طلق، وكلام لين.
وروى ابْنُ عُمَر، عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأكثر.
وروى عَنْ: أَبِي بَكْر، وعمر، وعثمان، وأبي ذر، ومعاذ ابْنُ جبل، ورافع بْن خديج، وأبي هُرَيْرَةَ، وعائشة.
روى عَنْهُ: ابْنُ عَبَّاس، وجابر، والأغر المزني من الصحابة.
وروى عَنْهُ من التابعين بنوه: سالم، وعبد اللَّه، وحمزة، وَأَبُو سَلَمة، وحُميد ابنا عَبْد الرَّحْمَن، ومصعب بْن سعد، وسعيد المسيب، وأسلم مَوْلَى عُمَر، ونافع مولاه، وخلق كَثِير.
(856) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْقَاهِرِ الطُّوسِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ بَدْرَانَ الْحُلْوَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ قَفَرْجَلٍ، حَدَّثَنَا جَدِّي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَفَعَهُ، قَالَ: " كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، وَمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا مَاتَ، وَهُوَ مُدْمِنُهَا، لَمْ يَشْرَبْ مِنْهَا فِي الآخِرَةِ "
(857) وَأَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ مُسْلِمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ السِّيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْبَرَكَاتِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَمِيسٍ الْجُهَنِيُّ الْمَوْصِلِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ طَوْقٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ نَصْرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْخَلِيلِ الْمَرْجِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ نَصْرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْخَلِيلِ الْمَرْجِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بِبَعْضِ جَسَدِي، وَقَالَ: " يَا عَبْدَ اللَّهِ، كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ، أَوْ كَأَنَّكَ عَابِرُ سَبِيلٍ، وَعُدَّ نَفْسَكَ فِي أَهْلِ الْقُبُورِ "، ثُمَّ قَالَ لِي: " يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلا دِرْهَمٌ، إِنَّما هِيَ حَسَنَاتٌ وَسَيِّئَاتٌ، جَزَاءٌ بِجَزَاءٍ، وَقِصَاصٌ بِقِصَاصٍ، وَلا تَتَبَرَّأْ مِنْ وَلَدِكَ فِي الدُّنْيَا، فَيَتَبَرَّإِ اللَّهُ مِنْكَ فِي الآخِرَةِ، فَيَفْضَحْكَ عَلَى رُءُوسِ الأَشْهَادِ، وَمَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " توفي عَبْد اللَّه بْن عُمَر سنة ثلاث وسبعين، بعد قتل ابْنُ الزُّبَيْر بثلاثة أشهر، وكان سبب قتله أن الحجاج أمر رجلًا فسم زج رمح وزحمه فِي الطريق، ووضع الزج فِي ظهر قدامه، وَإِنما فعل الحجاج ذَلِكَ، لأنَّه خطب يومًا وأخر الصلاة، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَر: إن الشمس لا تنتظرك، فَقَالَ لَهُ الحجاج: لقد هممت أن أضرب الَّذِي فِيهِ عيناك، قَالَ: إن تفعل فإنك سفيه مسلط.
وقيل: إن الحجاج حج مَعَ عَبْد اللَّه بْن عُمَر، فأمره عَبْد الملك بْن مروان، أن يقتدي بابن عُمَر، فكان ابْنُ عُمر يتقدم الحجاج فِي المواقف بعرفه وغيرها، فكان ذَلِكَ يشق عَلَى الحجاج، فأمر رجلًا معه حربة مسمومة، فلصق بابن عُمَر عند دفع النَّاس، فوضع الحربة عَلَى ظهر قدمه، فمرض منها أيامًا، فأتاه الحجاج يعوده، فَقَالَ لَهُ: من فعل بك؟ قَالَ: وما تصنع؟ قَالَ: قتلني اللَّه إن لم أقتله، قَالَ: ما أراك فاعلًا، أنت أمرت الذي نخسني بالحرية، فَقَالَ: لا تفعل يا أبا عَبْد الرَّحْمَن، وخرج عَنْهُ، ولبث أيامًا، ومات وصلى عَلَيْهِ الحجاج.
ومات وهو ابْنُ ست وثمانين سنة، وقيل: أربع وثمانين سنة، وقيل: توفي سنة أربع وسبعين، ودفن بالمحصب، وقيل بذي طوي، وقيل: بفج، وقيل: بسرف.
قيل: كَانَ مولده قبل المبعث بسنة، وهذا يستقيم عَلَى قول من يجهل مقام النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمكة بعد المبعث عشر سنين، لأنه توفي سنة ثلاث وسبعين، وعمره أربع وثمانون سنة، فيكون لَهُ فِي الهجرة إحدى عشرة سنة، فيكون مولده قبل المبعث بسنة، وأمَّا عَلَى قول من ذهب إِلَى أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يُجزه يَوْم أُحد، وكان لَهُ أربع عشرة سنة، وكانت أُحد فِي السنة الثالثة، فيكون لَهُ فِي الهجرة إحدى عشرة سنة، وأمَّا عَلَى قول من يَقُولُ: إن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقام بعد المبعث بمكة ثلاث عشرة سنة، وأن عُمَر عَبْد اللَّه أربع وثمانون سنة، فيكون مولده بعد المبعث بسنتين، وأمَّا عَلَى قول من يجعل عمره ستًا وثمانين سنة، فيكون مولده وقت المبعث، والله أعلم
ب د ع: عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن الخطاب الْقُرَشِيّ العدوي، يرد نسبه عند ذكر أَبِيهِ إن شاء اللَّه تَعَالى أمه، وأم أخته حفصة: زينب بِنْت مظعون بْن حبيب الجمحية.
أسلم مَعَ أَبِيهِ وهو صغير لم يبلغ الحلم، وَقَدْ قيل: إن إسلامه قبل إسلام أَبِيهِ، ولا يصح، وَإِنما كانت هجرته قبل هجرة أَبِيهِ، فظن بعضُ النَّاس، أن إسلامه قبل إسلامه أَبِيهِ، وأجمعوا عَلَى أَنَّهُ لم يشهد بدرًا، استصغره النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فردَّه، واختلفوا فِي شهوده أحدًا، فقيل: شهدها، وقيل: رده رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ غيره ممن لم يبلغ الحلمُ.
(850) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ، بِإِسْنَادِهِ إِلَى يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: لَمَّا أَسْلَمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ: أَيُّ أَهْلِ مَكَّةَ أَنْقَلُ لِلْحَدِيثِ؟، قَالُوا: جَمِيلُ بْنُ مَعْمَرٍ الْجُمَحِيُّ، فَخَرَجَ عُمَرُ، وَخَرَجْتُ وَرَاءَهُ، وَأَنَا غُلَيْمٌ أَعْقِلُ كُلَّ مَا رَأَيْتُ، حَتَّى أَتَاهُ، فَقَالَ: يَا جَمِيلُ، أَشَعَرْتَ أَنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ؟، فَوَاللَّهِ مَا رَاجَعَهُ الْكَلامَ حَتَّى قَامَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ، وَخَرَجَ عُمَرُ يَتْبَعُهُ، وَأَنَا مَعَهُ، حَتَّى إِذَا قَامَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ صَرَخَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنَّ عُمَرَ قَدْ صَبَأَ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنِّي أَسْلَمْتُ ...
وَذَكَرَ الْحَدِيثَ والصحيح أن أول مشاهدة الخندق، وشهد غزوة مؤتة مَعَ جَعْفَر بْن أَبِي طَالِب رَضِي اللَّه عَنْهُمْ أجمعين، وشهد اليرموك، وفتح مصر، وَإِفريقية، وكان كَثِير الأتباع لآثار رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتَّى إنه ينزل منازله، ويصلي فِي كل مكان صلى فِيهِ، وحتى إن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نزل تحت شجرة، فكان ابْنُ عُمَر يتعاهدها بالماء لئلا تيبس.
(851) أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيٍّ، وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادِهِمْ إِلَى أَبِي عِيسَى مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّمَا بِيَدِي قِطْعَةُ إِسْتَبْرَقٍ، وَلا أُشِيرُ بِهَا إِلَى مَوْضِعٍ مِنَ الْجَنَّةِ إِلا طَارَتْ بِي إِلَيْهِ، فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " إِنَّ أَخَاكِ رَجُلٌ صَالِحٌ "، أَوْ " إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ "
(852) أَخْبَرَنَا الْحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ عَلَيَّ، إِجَازَةً، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بْنُ طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا الْخُنَيْسِيُّ يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: خَرَجَ ابْنُ عُمَرَ فِي بَعْضِ نَوَاحِي الْمَدِينَةِ، وَمَعَهُ أَصْحَابٌ لَهُ، وَوَضَعُوا السُّفْرَةَ لَهُ، فَمَرَّ بِهِمْ رَاعِي غَنَمٍ فَسَلَّمَ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: هَلُمَّ يَا رَاعِي، فَأَصِبْ مِنْ هَذِهِ السُّفْرَةِ، فَقَالَ لَهُ: إِنِّي صَائِمٌ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَتَصُومُ فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ الْحَارِّ الشَّدِيدِ سَمُومُهُ، وَأَنْتَ فِي هَذِهِ الْحَالِ تَرْعَى هَذِهِ الْغَنَمَ؟، فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنِّي أُبَادِرُ أَيَّامِي هَذِهِ الْخَالِيَةَ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَخْتَبِرَ وَرَعَهُ: فَهَلْ لَكَ أَنْ تَبِيعَنَا شَاةً مِنْ غَنَمِكَ هَذِهِ فَنُعْطِيَكَ ثَمَنَهَا وَنُعْطِيَكَ مِنْ لَحْمِهَا مَا تُفْطِرُ عَلَيْهِ؟، قَالَ: إِنَّهَا لَيْسَتْ لِي بِغَنَمٍ، إِنَّهَا غَنَمُ سَيِّدِي، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: فَمَا يَفْعَلُ سَيِّدُكَ إِذَا فَقَدَهَا؟، فَوَلَّى الرَّاعِي عَنْهُ، وَهُوَ رَافِعٌ أُصْبُعَهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَهُوَ يَقُولُ: فَأَيْنَ اللَّهُ؟ قَالَ: فَجَعَلَ ابْنُ عُمَرَ يُرَدِّدُ قَوْلَ الرَّاعِي، يَقُولُ: قَالَ الرَّاعِي: فَأَيْنَ اللَّهُ؟، قَالَ: فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ بَعَثَ إِلَى مَوْلاهُ، فَاشْتَرَى مِنْهُ الْغَنَمِ وَالرَّاعِي، فَأَعْتَقَ الرَّاعِي، وَوَهَبَ مِنْهُ الْغَنَمَ
(853) قال: وأَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا أَبُو المعالي مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر البيهقي، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْد اللَّه الحافظ، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن سهل الفقيه، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن معقل، حَدَّثَنَا حرملة، حَدَّثَنَا ابْنُ وهب، قَالَ: قَالَ مَالِك: " قَدْ أقام ابْنُ عُمَر بعد النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ستين سنة يفتي النَّاس فِي الموسم، وغير ذَلِكَ، قَالَ مَالِك: وكان ابْنُ عُمَر من أئمة المسلمين "
(854) قَالَ: وأَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر بْن عَبْد الباقي، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّد الجوهري، وأَخْبَرَنَا أَبُو عُمَر بْن حيوية، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر بْن معروف، حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن القهم، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سعد، قَالَ: أخبرت عَنْ مجالد، عَنِ الشَّعْبِيّ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَر جيد الحديث، ولم يكن جيد الفقه.
وكان ابْنُ عُمَر شديد الاحتياط، والتوقي لدينه فِي الفتوى، وكل ما تأخذ بِهِ نفسه، حتَّى إنه ترك المنازعة فِي الخلافة مَعَ كثرة ميل أهل الشام إِلَيْه ومحبتهم لَهُ، ولم يقاتل فِي شيء من الفتن، ولم يشهد مَعَ عليّ شيئًا من حروبه، حين أشكلت عَلَيْهِ، ثُمَّ كَانَ بعد ذَلِكَ يندم عَلَى ترك القتال معه.
(855) أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو غَانِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي جَرَادَةَ، أَخْبَرَنَا عَمِّي أَبُو الْمَجْدِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي جَرَادَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّمِرِ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ بْنِ رَغْبَانَ الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ خَالَوَيْهِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ يَحْيَى الْكُوفِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَبِيبٍ، أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ: " مَا أَجِدُ فِي نَفْسِي مِنَ الدُّنْيَا، إِلا أَنِّي لَمْ أُقَاتِلِ الْفِئَةَ الْبَاغِيَةَ ".
أَخْرَجَهُ أَبُو عُمَرَ، وَزَادَ فِيهِ: مَعَ عَلِيٍّ.
وَكَانَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: مَا مِنَّا إِلا مَنْ مَالَتْ بِهِ الدُّنْيَا وَمَالَ بِهَا، مَا خَلا عُمَرَ، وَابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ.
وقَالَ لَهُ مروان بْن الحكم ليبايع لَهُ بالخلافة، وقَالَ لَهُ: إن أهل الشام يريدونك، قَالَ: فكيف أصنع بأهل العراق؟ قَالَ: نقاتلهم، قَالَ: والله لو أطاعني النَّاس كلهم إلا أهل فدك، فإن قاتلتهم يقتل منهم رَجُل واحد، لم أفعل، فتركه.
وكان بعد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكثر الحج، وكان كَثِير الصدقة، وربما تصدق فِي المجلس الواحد بثلاثين ألفًا.
قَالَ نافع: كَانَ ابْنُ عُمَر إِذَا اشتد عجبه بشيء من ماله قربه لربه، وكان رقيقه قَدْ عرفوا ذَلِكَ مِنْهُ، فربما لزم أحدهم المسجد، فإذا رآه ابْنُ عُمَر عَلَى تلك الحال الحسنة أعتقه، فيقول لَهُ أصحابه: يا أبا عَبْد الرَّحْمَن، والله ما بهم إلا أن يخدعوك، فيقول ابْنُ عُمَر: من خدعنا بالله انخدعنا لَهُ.
قَالَ نافع: ولقد رأيتنا ذات عشية، وراح ابْنُ عُمَر عَلَى نجيب لَهُ قَدْ أخذه بمال، فلما أعجبه سيره أناخه بمكانه، ثُمَّ نزل عَنْهُ، فَقَالَ: يا نافع، انزعوا عَنْهُ زمامه، ورحله وأشعروه وجللوه وأدخلوه فِي البدن.
وقَالَ نافع: دخل ابْنُ عُمَر الكعبة، فسمعته وهو ساجد، يَقُولُ: قَدْ تعلم يا ربي ما يمنعني من مزاحمة قريش عَلَى الدنيا إلا خوفك.
وقَالَ نافع: كَانَ ابْنُ عُمَر إِذَا قَرَأَ هَذِهِ الآية: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} بكى حتَّى يغلبه البكاء.
وقَالَ ابْنُ عُمَر: البرّ شيء هين، وجه طلق، وكلام لين.
وروى ابْنُ عُمَر، عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأكثر.
وروى عَنْ: أَبِي بَكْر، وعمر، وعثمان، وأبي ذر، ومعاذ ابْنُ جبل، ورافع بْن خديج، وأبي هُرَيْرَةَ، وعائشة.
روى عَنْهُ: ابْنُ عَبَّاس، وجابر، والأغر المزني من الصحابة.
وروى عَنْهُ من التابعين بنوه: سالم، وعبد اللَّه، وحمزة، وَأَبُو سَلَمة، وحُميد ابنا عَبْد الرَّحْمَن، ومصعب بْن سعد، وسعيد المسيب، وأسلم مَوْلَى عُمَر، ونافع مولاه، وخلق كَثِير.
(856) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْقَاهِرِ الطُّوسِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ بَدْرَانَ الْحُلْوَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ قَفَرْجَلٍ، حَدَّثَنَا جَدِّي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَفَعَهُ، قَالَ: " كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، وَمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا مَاتَ، وَهُوَ مُدْمِنُهَا، لَمْ يَشْرَبْ مِنْهَا فِي الآخِرَةِ "
(857) وَأَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ مُسْلِمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ السِّيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْبَرَكَاتِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَمِيسٍ الْجُهَنِيُّ الْمَوْصِلِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ طَوْقٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ نَصْرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْخَلِيلِ الْمَرْجِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ نَصْرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْخَلِيلِ الْمَرْجِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بِبَعْضِ جَسَدِي، وَقَالَ: " يَا عَبْدَ اللَّهِ، كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ، أَوْ كَأَنَّكَ عَابِرُ سَبِيلٍ، وَعُدَّ نَفْسَكَ فِي أَهْلِ الْقُبُورِ "، ثُمَّ قَالَ لِي: " يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلا دِرْهَمٌ، إِنَّما هِيَ حَسَنَاتٌ وَسَيِّئَاتٌ، جَزَاءٌ بِجَزَاءٍ، وَقِصَاصٌ بِقِصَاصٍ، وَلا تَتَبَرَّأْ مِنْ وَلَدِكَ فِي الدُّنْيَا، فَيَتَبَرَّإِ اللَّهُ مِنْكَ فِي الآخِرَةِ، فَيَفْضَحْكَ عَلَى رُءُوسِ الأَشْهَادِ، وَمَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " توفي عَبْد اللَّه بْن عُمَر سنة ثلاث وسبعين، بعد قتل ابْنُ الزُّبَيْر بثلاثة أشهر، وكان سبب قتله أن الحجاج أمر رجلًا فسم زج رمح وزحمه فِي الطريق، ووضع الزج فِي ظهر قدامه، وَإِنما فعل الحجاج ذَلِكَ، لأنَّه خطب يومًا وأخر الصلاة، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَر: إن الشمس لا تنتظرك، فَقَالَ لَهُ الحجاج: لقد هممت أن أضرب الَّذِي فِيهِ عيناك، قَالَ: إن تفعل فإنك سفيه مسلط.
وقيل: إن الحجاج حج مَعَ عَبْد اللَّه بْن عُمَر، فأمره عَبْد الملك بْن مروان، أن يقتدي بابن عُمَر، فكان ابْنُ عُمر يتقدم الحجاج فِي المواقف بعرفه وغيرها، فكان ذَلِكَ يشق عَلَى الحجاج، فأمر رجلًا معه حربة مسمومة، فلصق بابن عُمَر عند دفع النَّاس، فوضع الحربة عَلَى ظهر قدمه، فمرض منها أيامًا، فأتاه الحجاج يعوده، فَقَالَ لَهُ: من فعل بك؟ قَالَ: وما تصنع؟ قَالَ: قتلني اللَّه إن لم أقتله، قَالَ: ما أراك فاعلًا، أنت أمرت الذي نخسني بالحرية، فَقَالَ: لا تفعل يا أبا عَبْد الرَّحْمَن، وخرج عَنْهُ، ولبث أيامًا، ومات وصلى عَلَيْهِ الحجاج.
ومات وهو ابْنُ ست وثمانين سنة، وقيل: أربع وثمانين سنة، وقيل: توفي سنة أربع وسبعين، ودفن بالمحصب، وقيل بذي طوي، وقيل: بفج، وقيل: بسرف.
قيل: كَانَ مولده قبل المبعث بسنة، وهذا يستقيم عَلَى قول من يجهل مقام النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمكة بعد المبعث عشر سنين، لأنه توفي سنة ثلاث وسبعين، وعمره أربع وثمانون سنة، فيكون لَهُ فِي الهجرة إحدى عشرة سنة، فيكون مولده قبل المبعث بسنة، وأمَّا عَلَى قول من ذهب إِلَى أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يُجزه يَوْم أُحد، وكان لَهُ أربع عشرة سنة، وكانت أُحد فِي السنة الثالثة، فيكون لَهُ فِي الهجرة إحدى عشرة سنة، وأمَّا عَلَى قول من يَقُولُ: إن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقام بعد المبعث بمكة ثلاث عشرة سنة، وأن عُمَر عَبْد اللَّه أربع وثمانون سنة، فيكون مولده بعد المبعث بسنتين، وأمَّا عَلَى قول من يجعل عمره ستًا وثمانين سنة، فيكون مولده وقت المبعث، والله أعلم
عبد الله بن عمر بن الخطاب، أحد حفّاظ هذه الأمّة، وقدوة الحفّاظ، أحاديثه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ألفان ومئتان وعشرة.
عبد الله بن عمر بن الخطّاب بن نفيل بن عبد العزّى بن رياح بن عبد الله ابن قرط بن رزاح بن عدىّ بن كعب بن لؤى القرشى العدوىّ : يكنى أبا عبد الرحمن. شهد فتح مصر ، واختط بها . روى عنه أكثر من أربعين رجلا من أهل مصر .
عبد الله بن عمر بن الخطاب كنيته أبو عبد الرحمن كان مولده قبل الوحي بسنة لم يشهد بدرا وعرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وهو بن أربع عشرة سنة فلم يجزه ولم يره بلغ ثم عرض عليه يوم الخندق وهو بن خمس عشرة فأجازه وكان من صالحي الصحابة وقرائهم وزهادهم ولم يشتغل في هذه الدنيا بالصفراء ولا بالتمتع بالبيضاء ولا ضم درهما إلى درهم وكان من أكثرهم تتبعا لآثار رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكثرهم استعمالا لها اعتزل الفتن وقعد في البيت عن الناس إلا أن يخرج حاجا أو معتمرا أو غازيا إلا أن أدركته المنية على حالته تلك بمكة وهو حاج سنة ثلاث وسبعين وبها دفن رضه
عبد الله بن عمر بن الخطاب أبو عبد الرحمن
قال محمد بن عمر: عبد الله بن عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رباح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب وأمه زينب بنت مظعون أخت عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح.
وكان إسلام عبد الله بمكة مع إسلام أبيه ولم يكن بلغ يومئذ وهاجر مع أبيه إلى المدينة.
حدثني ابن زنجويه قال: سمعت يعلى بن عبيد يذكر عن الأعمش عن عطية بن سعد: أن عبد الله بن عمر يكنى أبا عبد الرحمن.
- حدثني محمد بن عبد الملك بن زنجويه نا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب
قال: كان عبد الله بن عمر يشبه أباه عمر بن الخطاب وكان سالم أشبه أباه عبد الله بن عمر.
- حدثني زهير بن محمد نا حسين بن محمد نا إسرائيل عن أبي إسحاق قال: رأيت ابن عمر في السعي بين الصفا والمروة فإذا هو رجل ضخم آدم.
- حدثني جدي نا ابن زنجويه نا هشام بن عروة قال: رأيت بن عمر له جمة.
- حدثنا علي بن الجعد نا شريك عن محمد بن قيس قال: رأيت ابن عمر يصفر لحيته.
- حدثنا عبد الأعلى بن حماد نا عبد العزيز بن محمد عن محمد بن زيد قال: رأيت ابن عمر يصفر لحيته بالخلوق والزعفران.
- حدثنا [محرز] بن عون نا خالد بن عبد الله عن عبد العزيز بن أبي حكيم قال: رأيت ابن عمر ////يخضب بالورس.
- حدثني ابن المقرىء نا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: شهد ابن عمر فتح مكة وهو ابن عشرين سنة.
- حدثني علي بن مسلم الطوسي نا عبد الصمد عن عبد الوارث نا حماد - يعني ابن سلمة - عن علي بن زيد عن أنس وسعيد بن المسيب قالا: ابن عمر شهد بدرا.
- حدثني إسماعيل بن إسحاق نا محمد بن أبي بكر نا حماد بن زيد عن عبيد الله بن نافع عن ابن عمر: أنه عرض على النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر فلم يقبله.
قال أبو القاسم: وهذا وهم وقد رواه عن عبيد الله جماعة لم يقولوا يوم بدر وقالوا: يوم أحد.
- حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة نا عبد الله بن إدريس وعبد الرحيم ح
وثني سويد بن سعيد نا علي بن مسهر ح
وحدثني يعقوب بن إبراهيم نا يحيى بن سعيد القطان ح
وحدثني علي بن مسلم نا ابن نمير ح
وحدثني علي بن مسلم نا محمد بن بكر أخبرنا ابن جريج كلهم عن عبد الله عن نافع عن ابن عمر قال: عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة فلم يجزني وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني.
قال أبو القاسم: ورواه مسدد عن حماد بن زيد عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: قبلنا النبي صلى الله عليه وسلم أنا ورافع بن خديج يوم الخندق وأنا وهو ابنا خمس عشرة.
- حدثنيه إسماعيل عن مسدد.
- حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة نا ابن إدريس عن مطرف عن أبي إسحاق عن البراء قال: عرضت أنا وابن عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر فاستصغرنا وشهدنا أحدا.
- حدثني عمي عن الزبير قال: هاجر عبد الله بن عمر مع أبيه
وأمه إلى المدينة وهو ابن عشر سنين.
- حدثنا علي بن الجعد أخبرنا شريك عن محمد بن قيس قال: رأيت ابن عمر محلل أزرار القميص.
- حدثنا شجاع نا أبو معاوية وابن نمير ح
وحدثني زياد بن المبارك نا عبدة كلهم عن الأعمش عن ثابت بن عبيد قال: ما رأيت ابن عمر ولا ابن عباس زرا قميصا قط.
- حدثني جدي نا يزيد أنا عبد الملك عن سعيد بن جبير قال: رأيت ابن عمر متوسدا مرفقه من أدم حشوها ليف.
- حدثنا أبو الربيع الزهراني نا حماد بن زيد ح
وحدثني جدي وزياد بن أيوب قالا: نا إسماعيل بن إبراهيم ح
ونا عبد الأعلى نا وهيب قالوا: نا أيوب عن نافع عن ابن عمر
قال: رأيت في المنام كأن في يدي سرقة من حرير لا أهوى بها إلى مكان من الجنة غلا طار بي إليه فقصصتها على حفصة فقصتها حفصة على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " إن ////أخاك رجل صالح أو إن عبد الله رجل صالح.
واللفظ لحديث [عبد الأعلى]
- حسين بن محمد الذراع نا عبد الأعلى بن عباد نا يزيد بن معن عن عبد الله بن شرحبيل عن زيد بن أبي أوفى: أن النبي صلى الله عليه وسلم نظر إلى عبد الله بن عمر فقال: " الحمد لله الذي هدى من الضلالة ويلبس الضلالة على من يحب ".
- حدثنا خلف بن هشام البزار نا خالد بن عبد الله ح
وحدثني جدي نا عباد بن العوام جميعا عن حصين عن سالم بن أبي الجعد عن جابر قال: ما منا من أحد أدرك الدنيا إلا مالت به ومال بها إلا ابن عمر.
- حدثنا ابن فروخ نا أبو هلال نا قتادة عن سعيد بن المسيب قال: لو شهدت لأحد أنه من أهل الجنة لشهدت لعبد الله بن عمر.
قال الزبير: وكان عبد الله بن عمر يحفظ ما يسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا لم يحضر يسأل من حضر عما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعل، وكان يتتبع آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل مسجد صلى فيه وكان يعترض براحلته في كل طريق مر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقال له في ذلك فيقول: أتحرى أن تقع أخفاف راحلتي على بعض أخفاف راحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- حدثنا أحمد بن حنبل وجدي قالا: نا إسماعيل بن إبراهيم ح ونا أبو الربيع الزهراني نا حماد بن زيد نا أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: دفعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خطب ونزل عن منبره. قال حماد في حديثه: فقلت لأصحابي وفي حديث إسماعيل: فقلت: ما قام به
رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم؟ قالوا: نهى عن الدباء والمزفت.
- حدثنا محمد بن أبي عبد الرحمن نا سفيان عن عمر عن محمد بن علي قال: كان ابن عمر إذا سمع الحديث لم يزد فيه ولم ينقص منه ولم يجاوزه ولم يقصر عنه.
- حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى القطان نا محمد بن بشر قال: سمعت خالد عن سعيد يذكر عن أبيه قال: ما رأيت أحدا كان أشد اتقاء لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من ابن عمر.
- حدثنا عمرو الناقد نا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: صحبت ابن عمر إلى المدينة فما سمعته يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا حديثا واحدا.
- حدثنا هدبة نا مهدي بن ميمون قال: سمعت غيلان بن جرير قال: جعل رجل يقول لابن عمر: أرأيت أرأيت؟ فقال ابن عمر: اجعل أرأيت عند الثريا.
- حدثنا أبو همام الوليد بن شجاع نا عمر بن عبد الواحد العمري عن نافع قال: ما مات ابن عمر حتى أعتق ألف إنسان أو زاد.
- حدثني عيسى بن سالم أبو سعيد الشاشي نا أبو المليح عن ميمون ////قال: بعث عبد الله بن عامر حين حضرته الوفاة إلى مشيخة من أهل المدينة وفيهم ابن عمر فقال: أخبروني كيف كانت سيرتي؟ قالوا: كنت تصدق وتعتق وتصل رحمك. قال: وابن عمر ساكت فقال: يا أبا عبد الرحمن مالك ما منعك أن تتكلم؟ قال: قد تكلم القوم. قال: عزمت عليك لتكلمن. قال: فقال: إذا طابت المكسبة زكت النفقة وستقدم فترى.
- حدثنا شيبان نا سلام بن مسكين قال: سمعت الحسن قال: لما كان من اختلاف الناس ما كان أتوا عبد الله بن عمر فقالوا: أنت سيد الناس وابن سيدهم أخرج يبايعك الناس فكلهم بك راض فقال: والله لا تراق محجمة من دم في سببي ما كان في الروح ثم أتى فقيل له: لتخرجن او لتقتلن على فراشك، فقال مثلها، فوالله ما استقلوا منه شيئا حتى
لحق بالله تعالى.
- حدثنا عيسى بن سالم نا أبو المليح عن ميمون قال: دخلت على ابن عمر فقومت كل شيء في بيته فما وجدته يساوي طيلساني، قال: ودخلت على سالم من بعده فوجدته على مثل حاله.
- حدثنا محمد بن بكار نا أبو معشر عن عبد الرحمن بن يسار قال: سمعت الحجاج يخطب وهو يقول: إن عبد الله بن الزبير قد بدل كلام الله فقال ابن عمر: كذبت ليس تبديل كلام الله بيدك ولا بيد ابن الزبير كتاب الله أعز من أن يبدل قال: فقال الناس لابن عمر: أخرج أخرج فأبا أن يخرج حتى صلى معه.
حدثنا أحمد بن إبراهيم العبدي قال: سمعت أبا نعيم يقول: توفي ابن عمر سنة ثلاث وسبعين.
وقال محمد بن عمر: حدثني خالد بن أبي بكر عن سالم بن عبد الله بن عمر قال: مات ابن عمر ودفن بفخ سنة أربع وسبعين في خلافة عبد الملك بن مروان وكان يوم مات ابن أربع وثمانين سنة.
وقال ابن عمر: حدثني معمر عن الزهري عن سالم قال: أوصاني أبي أن أدفنه خارجا من الحرم فلم نقدر فدفناه في الحرم بفخ في مقبرة المهاجرين.
حدثنا أحمد بن منصور نا يحيى بن بكير قال: توفي عبد الله بن عمر بمكة بعد الحج ودفن بالمحصب وبعض الناس يقول: بفخ وسنة يوم توفي أربع وثمانون.
حدثني أحمد بن منصور نا عبد الحكم بن عبد الله بن عبد الحكم أنا ابن وهب عن ابن القاسم عن مالك قال: أقام ابن عمر
بعد النبي صلى الله عليه وسلم ستين سنة تقدم عليه وفود الناس.
قال ابن عبد الحكم وأخبرني أبي عن ابن القاسم عن مالك قال: سن ابن عمر سبع وثمانون سنة.
وقال ابن عمر: أخبرنا مالك بن أنس قال: قال أبو جعفر أمير المؤمنين: كيف أخذتم بقول ابن عمر من بين الأقاويل؟ قلت: لأنه تقي يا أمير المؤمنين وكان له فضل//// عند الناس ووجدنا من تقدمنا أخذ به فأخذنا به قال: فخذ بقوله وإن خالف عا [] وابن عباس رضي الله عنهم.
حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال: سمعت سفيان بن [عيينة] يقول: قال عمر: ما منكم إلا وأنا أحب أن أقول عليه: إنا لله وإنا إليه
راجعون خلا [عبد الله] فإني أحب أن يبقى ليأخذ به الناس.
[عن قتادة قال: سمعت ابن المسيب يقول: كان ابن عمر يوم مات خير من بقي].
قال محمد بن عمر: عبد الله بن عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رباح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب وأمه زينب بنت مظعون أخت عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح.
وكان إسلام عبد الله بمكة مع إسلام أبيه ولم يكن بلغ يومئذ وهاجر مع أبيه إلى المدينة.
حدثني ابن زنجويه قال: سمعت يعلى بن عبيد يذكر عن الأعمش عن عطية بن سعد: أن عبد الله بن عمر يكنى أبا عبد الرحمن.
- حدثني محمد بن عبد الملك بن زنجويه نا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب
قال: كان عبد الله بن عمر يشبه أباه عمر بن الخطاب وكان سالم أشبه أباه عبد الله بن عمر.
- حدثني زهير بن محمد نا حسين بن محمد نا إسرائيل عن أبي إسحاق قال: رأيت ابن عمر في السعي بين الصفا والمروة فإذا هو رجل ضخم آدم.
- حدثني جدي نا ابن زنجويه نا هشام بن عروة قال: رأيت بن عمر له جمة.
- حدثنا علي بن الجعد نا شريك عن محمد بن قيس قال: رأيت ابن عمر يصفر لحيته.
- حدثنا عبد الأعلى بن حماد نا عبد العزيز بن محمد عن محمد بن زيد قال: رأيت ابن عمر يصفر لحيته بالخلوق والزعفران.
- حدثنا [محرز] بن عون نا خالد بن عبد الله عن عبد العزيز بن أبي حكيم قال: رأيت ابن عمر ////يخضب بالورس.
- حدثني ابن المقرىء نا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: شهد ابن عمر فتح مكة وهو ابن عشرين سنة.
- حدثني علي بن مسلم الطوسي نا عبد الصمد عن عبد الوارث نا حماد - يعني ابن سلمة - عن علي بن زيد عن أنس وسعيد بن المسيب قالا: ابن عمر شهد بدرا.
- حدثني إسماعيل بن إسحاق نا محمد بن أبي بكر نا حماد بن زيد عن عبيد الله بن نافع عن ابن عمر: أنه عرض على النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر فلم يقبله.
قال أبو القاسم: وهذا وهم وقد رواه عن عبيد الله جماعة لم يقولوا يوم بدر وقالوا: يوم أحد.
- حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة نا عبد الله بن إدريس وعبد الرحيم ح
وثني سويد بن سعيد نا علي بن مسهر ح
وحدثني يعقوب بن إبراهيم نا يحيى بن سعيد القطان ح
وحدثني علي بن مسلم نا ابن نمير ح
وحدثني علي بن مسلم نا محمد بن بكر أخبرنا ابن جريج كلهم عن عبد الله عن نافع عن ابن عمر قال: عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة فلم يجزني وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني.
قال أبو القاسم: ورواه مسدد عن حماد بن زيد عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: قبلنا النبي صلى الله عليه وسلم أنا ورافع بن خديج يوم الخندق وأنا وهو ابنا خمس عشرة.
- حدثنيه إسماعيل عن مسدد.
- حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة نا ابن إدريس عن مطرف عن أبي إسحاق عن البراء قال: عرضت أنا وابن عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر فاستصغرنا وشهدنا أحدا.
- حدثني عمي عن الزبير قال: هاجر عبد الله بن عمر مع أبيه
وأمه إلى المدينة وهو ابن عشر سنين.
- حدثنا علي بن الجعد أخبرنا شريك عن محمد بن قيس قال: رأيت ابن عمر محلل أزرار القميص.
- حدثنا شجاع نا أبو معاوية وابن نمير ح
وحدثني زياد بن المبارك نا عبدة كلهم عن الأعمش عن ثابت بن عبيد قال: ما رأيت ابن عمر ولا ابن عباس زرا قميصا قط.
- حدثني جدي نا يزيد أنا عبد الملك عن سعيد بن جبير قال: رأيت ابن عمر متوسدا مرفقه من أدم حشوها ليف.
- حدثنا أبو الربيع الزهراني نا حماد بن زيد ح
وحدثني جدي وزياد بن أيوب قالا: نا إسماعيل بن إبراهيم ح
ونا عبد الأعلى نا وهيب قالوا: نا أيوب عن نافع عن ابن عمر
قال: رأيت في المنام كأن في يدي سرقة من حرير لا أهوى بها إلى مكان من الجنة غلا طار بي إليه فقصصتها على حفصة فقصتها حفصة على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " إن ////أخاك رجل صالح أو إن عبد الله رجل صالح.
واللفظ لحديث [عبد الأعلى]
- حسين بن محمد الذراع نا عبد الأعلى بن عباد نا يزيد بن معن عن عبد الله بن شرحبيل عن زيد بن أبي أوفى: أن النبي صلى الله عليه وسلم نظر إلى عبد الله بن عمر فقال: " الحمد لله الذي هدى من الضلالة ويلبس الضلالة على من يحب ".
- حدثنا خلف بن هشام البزار نا خالد بن عبد الله ح
وحدثني جدي نا عباد بن العوام جميعا عن حصين عن سالم بن أبي الجعد عن جابر قال: ما منا من أحد أدرك الدنيا إلا مالت به ومال بها إلا ابن عمر.
- حدثنا ابن فروخ نا أبو هلال نا قتادة عن سعيد بن المسيب قال: لو شهدت لأحد أنه من أهل الجنة لشهدت لعبد الله بن عمر.
قال الزبير: وكان عبد الله بن عمر يحفظ ما يسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا لم يحضر يسأل من حضر عما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعل، وكان يتتبع آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل مسجد صلى فيه وكان يعترض براحلته في كل طريق مر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقال له في ذلك فيقول: أتحرى أن تقع أخفاف راحلتي على بعض أخفاف راحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- حدثنا أحمد بن حنبل وجدي قالا: نا إسماعيل بن إبراهيم ح ونا أبو الربيع الزهراني نا حماد بن زيد نا أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: دفعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خطب ونزل عن منبره. قال حماد في حديثه: فقلت لأصحابي وفي حديث إسماعيل: فقلت: ما قام به
رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم؟ قالوا: نهى عن الدباء والمزفت.
- حدثنا محمد بن أبي عبد الرحمن نا سفيان عن عمر عن محمد بن علي قال: كان ابن عمر إذا سمع الحديث لم يزد فيه ولم ينقص منه ولم يجاوزه ولم يقصر عنه.
- حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى القطان نا محمد بن بشر قال: سمعت خالد عن سعيد يذكر عن أبيه قال: ما رأيت أحدا كان أشد اتقاء لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من ابن عمر.
- حدثنا عمرو الناقد نا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: صحبت ابن عمر إلى المدينة فما سمعته يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا حديثا واحدا.
- حدثنا هدبة نا مهدي بن ميمون قال: سمعت غيلان بن جرير قال: جعل رجل يقول لابن عمر: أرأيت أرأيت؟ فقال ابن عمر: اجعل أرأيت عند الثريا.
- حدثنا أبو همام الوليد بن شجاع نا عمر بن عبد الواحد العمري عن نافع قال: ما مات ابن عمر حتى أعتق ألف إنسان أو زاد.
- حدثني عيسى بن سالم أبو سعيد الشاشي نا أبو المليح عن ميمون ////قال: بعث عبد الله بن عامر حين حضرته الوفاة إلى مشيخة من أهل المدينة وفيهم ابن عمر فقال: أخبروني كيف كانت سيرتي؟ قالوا: كنت تصدق وتعتق وتصل رحمك. قال: وابن عمر ساكت فقال: يا أبا عبد الرحمن مالك ما منعك أن تتكلم؟ قال: قد تكلم القوم. قال: عزمت عليك لتكلمن. قال: فقال: إذا طابت المكسبة زكت النفقة وستقدم فترى.
- حدثنا شيبان نا سلام بن مسكين قال: سمعت الحسن قال: لما كان من اختلاف الناس ما كان أتوا عبد الله بن عمر فقالوا: أنت سيد الناس وابن سيدهم أخرج يبايعك الناس فكلهم بك راض فقال: والله لا تراق محجمة من دم في سببي ما كان في الروح ثم أتى فقيل له: لتخرجن او لتقتلن على فراشك، فقال مثلها، فوالله ما استقلوا منه شيئا حتى
لحق بالله تعالى.
- حدثنا عيسى بن سالم نا أبو المليح عن ميمون قال: دخلت على ابن عمر فقومت كل شيء في بيته فما وجدته يساوي طيلساني، قال: ودخلت على سالم من بعده فوجدته على مثل حاله.
- حدثنا محمد بن بكار نا أبو معشر عن عبد الرحمن بن يسار قال: سمعت الحجاج يخطب وهو يقول: إن عبد الله بن الزبير قد بدل كلام الله فقال ابن عمر: كذبت ليس تبديل كلام الله بيدك ولا بيد ابن الزبير كتاب الله أعز من أن يبدل قال: فقال الناس لابن عمر: أخرج أخرج فأبا أن يخرج حتى صلى معه.
حدثنا أحمد بن إبراهيم العبدي قال: سمعت أبا نعيم يقول: توفي ابن عمر سنة ثلاث وسبعين.
وقال محمد بن عمر: حدثني خالد بن أبي بكر عن سالم بن عبد الله بن عمر قال: مات ابن عمر ودفن بفخ سنة أربع وسبعين في خلافة عبد الملك بن مروان وكان يوم مات ابن أربع وثمانين سنة.
وقال ابن عمر: حدثني معمر عن الزهري عن سالم قال: أوصاني أبي أن أدفنه خارجا من الحرم فلم نقدر فدفناه في الحرم بفخ في مقبرة المهاجرين.
حدثنا أحمد بن منصور نا يحيى بن بكير قال: توفي عبد الله بن عمر بمكة بعد الحج ودفن بالمحصب وبعض الناس يقول: بفخ وسنة يوم توفي أربع وثمانون.
حدثني أحمد بن منصور نا عبد الحكم بن عبد الله بن عبد الحكم أنا ابن وهب عن ابن القاسم عن مالك قال: أقام ابن عمر
بعد النبي صلى الله عليه وسلم ستين سنة تقدم عليه وفود الناس.
قال ابن عبد الحكم وأخبرني أبي عن ابن القاسم عن مالك قال: سن ابن عمر سبع وثمانون سنة.
وقال ابن عمر: أخبرنا مالك بن أنس قال: قال أبو جعفر أمير المؤمنين: كيف أخذتم بقول ابن عمر من بين الأقاويل؟ قلت: لأنه تقي يا أمير المؤمنين وكان له فضل//// عند الناس ووجدنا من تقدمنا أخذ به فأخذنا به قال: فخذ بقوله وإن خالف عا [] وابن عباس رضي الله عنهم.
حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال: سمعت سفيان بن [عيينة] يقول: قال عمر: ما منكم إلا وأنا أحب أن أقول عليه: إنا لله وإنا إليه
راجعون خلا [عبد الله] فإني أحب أن يبقى ليأخذ به الناس.
[عن قتادة قال: سمعت ابن المسيب يقول: كان ابن عمر يوم مات خير من بقي].
عبد الله بن عمر بن الخطاب
ابن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح أبو عبد الرحمن القرشي العدوي من المهاجرين، شهد مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الخندق وما بعده من المشاهد، وشهد غزوة مؤتة مع زيد وجعفر، وشهد يوم اليرموك.
عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلي قبل الظهر ركعتين، وبعدها ركعتين، وبعد المغرب ركعتين - زاد في رواية: في بيته - وبعد العشاء ركعتين، وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف، فيصلي ركعتين في بيته.
عن ابن عمر قال: بينا الناس في مسجد قباء، في صلاة الصبح إذ جاء رجل فقال: أنزل على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قرآن، فأمر أن يتحول إلى الكعبة، فقال: هكذا يوصف أنهم استداروا إلى القبلة.
عن ابن عمر: أن عمر بن الخطاب خطب بالجابية، قال: قام فينا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مقامي، فسلم، فقال: " استوصوا بأصحابي خيراً، ثم الذين يلونهم، ثم يفشو الكذب حتى إن الرجل يبتدئ بالشهادة قبل أن يُسألها، وباليمين قبل أن يُسألها، فمن أراد بحبحة الجنة فليلزم الجماعة، فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد، لا يخلون أحدكم بامرأةٍ، فإن الشيطان ثالثهما، ومن سرته حسنته، وساءته سيئته فهو مؤمن ".
عن ابن عمر قال: أَصَبنا يوم اليرموك طعاماً وعلفاً فلم يقسم.
قال الزبير بن بكار:
فمن ولد عمر بن الخطاب: عبد الله بن عمر، استُصغر يوم أحد، وشهد الخندق مع رسول الله، وهاجر مع أبيه إلى المدينة، وهو ابن عشر سنين، وبقي حتى مات سنة ثلاثٍ وسبعين، وأخته لأبيه وأمه حفصة بنت عمر، زوج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعبد الرحمن الأكبر؛ وأمهم: زينب بنت مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح، كانت من المهاجرات وكان عبد الله بن عمر يتوجه في السرايا على عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
كان إسلام عبد الله بمكة مع إسلام أبيه، ولم يكن بلغ يومئذٍ، وكان ربعةً يخضب بالصفرة، وتوفي بمكة، ودفن بذي طوى، ويقال: دفن بفخ مقبرة المهاجرين، وكان لابن عمر مَقْدَم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة إحدى عشر سنةً.
قال أبو نعيم الحافظ: خال المؤمنين، من أملك شباب قريش عن الدنيا، كان آدم طالاً، له جمة مفروقة تضرب قريباً من منكبيه، يقص شاربه، ويصفر لحيته ويشمر إزاره، أعطي القوة في العبادة، وفي الجماع، كان من التمسك بآثار النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالسبيل المبين، وأعطي المعرفة بالآخرة، والإيثار لها، لم تغيره الدنيا، ولم تفتنه كان من البكّائين الخاشعين، وعدّه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الصالحين، نقش خاتمه عبد الله لله، أصاب رجله زج رمحٍ، فورمت رجلاه، فتوفي منها بمكة سنة أربع - وقيل: سنة ثلاث - وسبعين، ودفن بالمُحصِّب، وقيل: بذي طوى، وقيل: بفخ، وقيل: بسرف، مات وهو ابن ست وثمانين.
قال الخطيب: خرج إلى العراق، فشهد يوم القادسية، ويوم جلولاء، وما بينهما من وقائع الفرس، وورد المدائن غير مرة.
عن الحارث بن جزء الزبيدي قال: توفي صاحب لي، فكنا على قبره أنا، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وكان اسمي العاص، واسم ابن عمر العاص، واسم ابن عمرو العاص، فقال لنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " انزلوا واقبروه، وأنتم عبيد الله " قال: فنزلنا فقبرنا أخانا، وصعدنا من القبر وقد بدلت أسماؤنا.
قال أبو إسحاق: رأيت ابن عمر رجلاً آدم جسيماً ضخماً في إزارٍ إلى نصف الساقين.
قال ابن عمر: إنما جاءتنا الأُدمة من قبل أخوالي، والخال أنزع شيءٍ، وجاءني البُضْع من
أخوالي؛ فهاتان الخصلتان لم تكونا في أبي، رحمه الله؛ كان أبي أبيض، لا يتزوج النساء شهوةً إلا لطلب الولد - وفي رواية: لشهوة.
وقال: عُرضْتُ على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم بدرٍ وأنا ابن ثلاث عشرة فردني، ثم عرضت عليه يوم أحدٍ، وأنا ابن أربع عشرة فردني، ثم عرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمسة عشر فأجازني.
قال يزيد بن هارون: وهو في الخندق ينبغي أن يكون ابن ست عشرة سنةً؛ لأن بين أحدٍ والخندق بدراً الصغرى.
عن البراء قال: عرضت أنا وابن عمر على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم بدرٍ، فاستصغرنا، وشهدنا أحداً.
قال ابن عمر: شهدت الفتح وأنا ابن عشرين سنةً.
وكان ابن عمر يوم مات النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابن اثنتين وعشرين سنةً.
عن عطاء بن أبي رباح قال: قلت لابن عمر: أشهدت بيعة الرضوان مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: نعم، قلت: فما كان عليه؟ قال: قميص من قطنٍ، وجبة محشوة، ورداء وسيف، ورأيت النعمان بن مقرن المزني قائماً على رأسه، قد رفع أغصان الشجرة عن رأسه، والناس يبايعونه.
عن ابن عمر قال: كان الرجل في حياة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا رأى رؤيا قصها على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتمنيت أن أرى رؤيا أقصها على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكنت غلاماً عزباً شاباً، وكنت أنام في
المسجد على عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: فرأيت في المنام كأن ملكين أتياني، فذهبا بي إلى النار، فإذا هي مطوية كطي البئر، فإذا لها قرنان كقرني - وفي رواية: قرن كقرن - البئر، قال: فرأيت فيها ناساً قد عرفتهم، فجعلت أقول: أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار، قال: فلقينا ملك، فقال: لن تراع، قال: فقصصتها على حفصة، فقصتها حفصة على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " نِعْم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل " قال: فكان بعد لا ينام من الليل إلا قليلاً.
وفي رواية أخرى قال:
رأيت في المنام كأن في يدي سَرَقَةً من حرير، فما أهوي بها إلى مكانٍ من الجنة إلا طارت بي إليه، فقصصتها على حفصة، فقصَّتها على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " إن أخاكِ رجل صالح، أو قال: إن عبد الله رجل صالح ".
وفي رواية أخرى قال: رأيت في المنام كأن بيدي قطعة إستبرق، ولا أشير بها إلى مكانٍ من الجنة إلا طارت بي إليه.
قال ابن عمر: كنت شاهد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حائط نخلٍ، فاستأذن أبو بكرٍ، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ائذنوا له، وبشروه بالجنة " ثم استأذن عمر، فقال: " ائذنوا له، وبشروه بالجنة " ثم استأذن عثمان، فقال: " ائذنوا له وبشروه بالجنة على بلوى تصيبه " قال: فدخل يبكي ويضحك.
قال عبد الله: فأنا يا نبي الله، قال: " أنت مع أبيك ".
عن أنس بن مالك وسعيد بن المسيب: أن عمر بن الخطاب كتب المهاجرين على خمسة آلاف، والأنصار على أربعة آلاف، ومن لم يشهد بدراً من أبناء المهاجرين على أربعة آلاف؛ وكان منهم: عمر بن أبي سلمة بن عبد الأسدي المخزومي، وأسامة بن زيد، ومحمد بن عبد الله بن جحش الأسدي، وعبد الله بن عمر، فقال عبد الرحمن بن عوف: إن ابن عمر ليس من هؤلاء؛ إنه وإنه! فقال ابن عمر: إن كان لي حق فأعطنيه، وإلا فلا تعطني، فقال عمر لابن عوف: اكتبه على خمسة آلاف، واكتبني على أربعة آلاف، فقال عبد الله: لا أريد هذا، فقال عمر: والله لا أجتمع أنا وأنت على خمسة آلاف!.
قال عبد الله بن عمر: كساني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حلة من حلل السير أهداها له فيروز، فلبست الإزار، فأغرقني طولاً وعرضاً، فسجبته، ولبست الرداء، فتقنعت به، وأخذ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعاتقي، فقال: " يا عبد الله بن عمر، ارفع الإزار، فإن ما مست الأرض من الإزار إلى ما أسفل من الكعبين في النار "، فلم يُرَ أشد تشميراً من عبد الله بن عمر.
قال حذيفة: ما منا أحد يفتش إلا فُتّش عن جانفةٍ أو مثقلةٍ إلا عمر وابنه.
قال جابر بن عبد الله: من سره أن ينظر إلى أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذين مضوا قبله وبعده، ولم يغيروا، ولم يبدلوا فلينظر إلى هذا - يعني عبد الله بن عمر - وفي رواية: ما أحد منا أدرك الدنيا إلا مالت به، ومال بها إلا ابن عمر.
قالت عائشة: ما رأيت أحداً ألزم للأمر الأول من عبد الله بن عمر.
وقالت عائشة لابن عمر: ما منعك أن تنهاني عن مسيري؟ قال: رأيت رجلاً قد استولى على أمرك، وظننت أنك لن تخالفيه - يعني ابن الزبير - قالت: أما إنك لو نهيتني ما خرجت، قال: وكانت تقول: إذا مر ابن عمر فأرونيه، فإذا مر قيل لها: هذا ابن عمر، فلا تزال تنظر إليه.
عن السدي قال: رأيت نفراً من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، منهم أبو سعيد الخدري، وأبو هريرة، وابن عمر، كانوا يرون أنه ليس أحد منهم على الحال التي فارق عليها محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا عبد الله بن عمر.
قال أبو سلمة: مات ابن عمر، وهو مثل عمر في الفضل.
وقال: إن عمر كان في زمَانٍ له فيه نظراء، وإن ابن عمر كان في زمان ليس له فيه نظير.
وقال سعيد بن المسيب: لو شهدت لأحدٍ أنه من أهل الجنة لشهدت لعبد الله بن عمر.
وسئل عن العلم يكون في العمامة، فقال: كان عبد الله بن عمر يكرهه، وسئل عن الحرير، فقال: كان ابن عمر يوم مات خير من بقي، وكان يقول: إنه ثياب من لا خلاق له، وقال: مات ابن عمر يوم مات وما في الأرض أحد أحب إلي أن ألقى الله بمثل عمله منه، وسئل عن صوم يوم عرفة فقال: كان ابن عمر لا يصومه، قلت له: فغيره؟ قال: حسبك به شيخاً.
عن سالم قال: كان عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عمر لا يُعرف فيهما البِرُّ حتى يقولا أو يفعلا - يعني أنهما لم يكونا مؤنثين ولا متماوتين.
قال طاوس: ما رأيت رجلاً أورغ من ابن عمر.
قال بعض الخلفاء لمالك - يظن أنه هارون -: يا أبا عبد الله، ما لكم أقبلتم على عبد الله بن عمر، وتركتم ابن عباس؟ قال: لا على أمير المؤمنين ألا يسأل عن هذا، قال: فإن أمير المؤمنين يريد أن يعلم ذلك، قال: كان أورع الرجلين.
كان يقال: ما رجل أضل بعيره بأرض فلاةٍ؛ فهو في طلبه بأتبع له من عبد الله بن عمر لعمر.
عن القاسم بن محمد قال: كان ابن عمر قد أتعب أصحابه، فكيف من بعدهم؟! عن ابن عمر قال:
ما وضعت لبنةً على لبنةٍ ولا غرست نخلةً منذ توفي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
عن أبي جعفر قال: لم يكن أحد من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا سمع من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديثاً أجدر ألا يزيد فيه، ولا ينقص منه، ولا، ولا، من عبد الله بن عمر بن الخطاب.
وعن نافع: أن ابن عمر كان يتبع آثار رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في كل مكان صلى فيه، حتى أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نزل تحت شجرةٍ، فكان ابن عمر يتعاهد تلك الشجرة فيصب في أصلها الماء لكيلا تيبس؛ قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لو تركنا هذا الباب للنساء " فلم يدخل فيه ابن عمر حتى مات.
قال الزبير بن بكار: كان عبد الله بن عمر يتحفظ ما سمع من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويسأل إذا لم يحضر من حضر عما قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو فعل، وكان يتبع آثار رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في كل مسجد صلى فيه، وكان يعترض براحلته في كل طريق مر بها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيقال له في
ذلك، فيقول: إني أتحرى أن تقع أخفاف راحلتي على بعض أخفاف راحلة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان قد شهد مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حجة الوداع، فوقف معه بالموقف بعرفة، فكان يقف في ذلك الموقف كلما حج، وكان كثير الحج، حج عام قتل ابن الزبير مع الحجاج، وكان عبد الملك بن مروان كتب إلى الحجاج بن يوسف يأمره ألا يخالف ابن عمر في الحج، فأتى ابن عمر حين زالت الشمس يوم عرفة، ومعه ابنه سالم، فصاح به عند سرادقه: الرواح، فخرج عليه الحجاج في معصفرةٍ، فقال: هذه الساعة؟ قال: نعم، قال: فأمهلني أصب علي ماءً، فدخل ثم خرج، قال سالم: فسار بيني وبين أبي، فقلت له: إن كنت تحب أن تصيب السنة فعجل الصلاة، وأوجز الخطبة، فنظر إلى عبد الله ليسمع ذلك منه، فقال عبد الله: صدق، ثم انطلق حتى وقف في موقفه الذي كان يقف فيه، فكان ذلك الموقف بين يدي الحجاج، فأمر من نخس به حتى نفرت به ناقته فسكنها ابن عمر حتى سكنت، ثم ردها إلى ذلك الموقف، فوقف فيه، فأمر الحجاج أيضاً بناقته، فنخست، فنفرت بابن عمر، فسكّنها ابن عمر حتى سكنت، ثم ردها إلى ذلك الموقف، فثقل على الحجاج أمره، فأمر رجلاً معه حربة، يقال إنها كانت مسمومة، فلما دفع الناس من عرفة لصق به ذلك الرجل، فأَمَرَّ الحربة على قدمه، وهي في غرز رحله، فمرض منها أياماً، ثم مات بمكة، فدفن بها وصلى عليه الحجاج.
عن الشعبي قال: صحبت ابن عمر سنة، ما رأيته يحدث عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا حديثاً واحداً.
وفي رواية: جالست ابن عمر قريباً من سنتين، فما سمعته يحدث عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشيءٍ، غير أنه قال يوماً: كان ناس من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأكلون ضباً فيهم سعد بن مالك، فنادتهم امرأة من أزواج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنه ضب، فأمسكوا، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كلوا فإنه حلال، ولا بأس به، ولكنه ليس من طعام قومي ".
وعن زيد بن عبد الله بن عمر: ما ذكر ابن عمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا بكى، وما مر على ربعهم إلا غمض عينيه.
عن يوسف بن ماهك قال: رأيت ابن عمر وهو عند عبيد بن عمير، وعمير يقص، فرأيت ابن عمر عيناه تُهراقان دمعاً.
وعن عبيد بن عمير: أنه قرأ: " فكيف إذا جئنا من كل أمةٍ بشهيدٍ " حتى ختم الآية، فجعل ابن عمر يبكي حتى لثقت لحيته وجيبه من دموعه، قال الذي كان إلى جنب ابن عمر: لقد أردت أن أقوم إلى عبيد بن عمير، فأقول له: أقصر عليك، فإنك قد آذيت هذا الشيخ!.
عن نافعٍ قال: وكان ابن عمر إذا قرأ هذه الآية: " ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله " بكى حتى يغلبه البكاء.
عن القاسم بن أبي بزة، حدثني من سمع ابن عمر قرأ: " ويل للمطففين " فلما بلغ " يوم يقوم الناس لرب العالمين " بكى حتى خر، وامتنع من قراءة ما بعده.
عن ابن أبي مليكة قال: مر رجل على عبد الله بن عمر وهو ساجد في الحجر، وهو يبكي، فقال: أتعجب أن أبكي من خشية الله وهذا القمر يبكي من خشية الله! ونظر إلى القمر حين شفَّ أن يغيب.
قيل لنافع: ما كان يصنع ابن عمر في منزله؟ قال: لا يطيقونه، الوضوء لكل صلاة، والمصحف فيما بينهما.
وعن نافع:
أن ابن عمر كان يحيي الليل، ثم يقول: يا نافع أسحرنا؟ فأقول: لا، فيعاود الصلاة، فإذا قلت: نعم قعد يستغفر الله، ويدعو حتى يصبح.
وكان ابن عمر إذا فاتته صلاةً في جماعة صلى إلى الصلاة الأخرى، فإذا فاتته العصر سبَّح إلى المغرب، ولقد فاتته صلاة عشاء الآخرة في جماعة فصلى حتى طلع الفجر.
قال: كان ابن عمر لا يصوم في السفر، ولا يكاد يفطر في الحضر؛ إلا أن يمرض، أو أيام يَقْدَم؛ فإنه كان رجلاً كريماً يحب أن يؤكل عنده، قال: وكان يقول: ولأن أفطر في السفر، وآخذ برخصة الله أحب إلي من أن أصوم.
وعن سالم قال: ما لعن ابن عمر خادماً قط إلا مرة فأعتقه.
وعن نافع: أن عبد الله بن عمر كانت له جارية، فلما اشتد عجبه بها أعتقها وزوجها مولى له، فولدت غلاماً؛ فلقد رأيت عبد الله بن عمر يأخذ ذلك الصبي، فيقبِّله، ثم يقول: واهاً لريح فلانة - يعني الجارية التي أعتق.
قال زيد بن أسلم: مر عبد الله بن عمر براعٍ، فقال: يا راعي الغنم، هل من جزرةٍ؟ قال الراعي: ليس ها هنا ربها، فقال له ابن عمر: تقول إنه أكلها الذئب، قال: فرفع الراعي رأسه إلى السماء، ثم قال: فأين الله؟ قال ابن عمر: فأنا والله أحق أن أقول: فأين الله! فاشترى ابن عمر الراعي، واشترى الغنم، فأعتقه، وأعطاه الغنم.
عن نافع قال: خرج ابن عمر في بعض نواحي المدينة، ومعه أصحاب له، فوضعوا له سفرة له، فمر بهم راعي غنمٍ، قال: فسلم، فقال له ابن عمر: هلم يا راعي، هلم فأصب من هذه السُّفرة، فقال له: إني صائم، فقال له ابن عمر: أتصوم في مثل هذا اليوم الحار الشديد سمومه، وأنت في هذه الحال ترعى هذه الغنم؟ فقال له: إني والله أبادر أيامي هذه الخالية، فقال له ابن عمر وهو يريد يختبر ورعه: فهل لك أن تبيعنا شاة من غنمك هذه فنعطيك ثمنها ونعطيك من لحمها، فتفطر عليه - وساق الخبر.
وقال: كان ابن عمر إذا اشتد عجبه بشيءٍ من ماله قربه لربه عز وجل وكان رقيقه قد عرفوا ذلك منه، فربما شمر أحدهم، ولزم المسجد، إذا رآه ابن عمر على تلك الحال الحسنة أعتقه، فيقول له أصحابه: يا أبا عبد الرحمن، والله ما بهم إلا أن يخدعوك! فيقول ابن عمر: فمن خدعنا بالله انخدعنا له.
قال ميمون بن مهران: مر أصحاب نجدة الحروري على إبلٍ لعبد الله بن عمر، فاستاقوها، فجاء راعيها، فقال: يا أبا عبد الرحمن، احتسب الإبل، قال: ما لها؟ قال: مر بها أصحاب نجدة، فذهبوا بها، قال: كيف ذهبوا بالإبل وتركوك؟ قال: قد كانوا ذهبوا بي معها، لكني انفلت منهم، فما حملك على أن تركتهم وجئتني؟ قال: أنت أحب إلي منهم، قال: الله الذي لا إله إلا هو لأنا أحب إليك منهم؟ قال: فحلف له، قال: فإني أحتسبك معها؛ فأعتقه، فمكث ما مكث، ثم أتاه آتٍ، فقال: هل لك في ناقتك الفلانية؟ - سماها باسمها - ها هي بالسوق تباع، قال: أرني ردائي، فلما وضعه على منكبه وقام جلس، فوضع رداءه، ثم قال: كنت احتسبتها، فلِمَ أطلبها؟ وكاتب غلاماً له، ونجّمها عليه نجوماً، فلما حل أول النجم أتاه المكاتب به، فسأله ابن عمر: من أين أصبت هذا؟ قال: كنت أعمل وأسأل، قال: فجئتني بأوساخ الناس تريد أن تطعمنيها؟! أنت حر، ولك ما جئت به.
عن زاذان قال: كنت عند ابن عمر، فدعا غلاماً له، فأعتقه، ثم قال: ما لي فيه من أجرٍ ما يسوى هذا، أو يزن هذا - وتناول شيئاً من الأرض - سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من ضرب عبداً له حداً لم يأته، أو ظلمه - أو لطمه، شك الراوي - فإن كفارته أن يعتقه ".
عن محمد العمري قال: أعطى عبد الله بن جعفر عبد الله بن عمر بنافعٍ عشرة آلاف درهم إلى ألف دينار، فدخل عبد الله على صفية امرأته، فقال: إنه أعطاني ابن جعفر بنافع عشرة آلاف درهم، أو ألف دينار، فقالت: يا أبا عبد الرحمن، فما تنتظرنّ؟! تبيع! قال: فهلا ما هو خير من ذلك؛ هو حر لوجه الله تعالى، قال: فكان يخيل إلي أن ابن عمر كان ينوي قول الله عز وجل " لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ".
وروى سالم أنه لم يسمع عبد الله يلعن خادماً له قط، غير مرة واحدة غضب فيها على بعض خدمه، فقال له: لعنة الله عليك، كلمة لم أكن أحب أن أقولها.
عن نافع قال:
أُتي ابن عمر ببضعةٍ وعشرين ألفاً، فما قام من مجلسه حتى أعطاها، وزاد عليها، ولم يزل يعطي حتى أنفد ما كان عنده، فجاءه بعض من كان يعطيه، فاستقرض من بعض من كان أعطاه، فأعطاه.
وقال: عن ابن عمر أنه ربما تصدق في الشهر بثلاثين ألف درهم، وما يأكل فيه أكلة لحم، واشترى سمكة طرية بدرهم ونصف، فأتاه سائل، فتصدق بها عليها، وقال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " أيما امرئٍ اشتهى شهوةً، فرد شهوته، وآثر على نفسه غفر الله له ".
واشتكى ابن عمر فاشتهى العنب في غير زمانه، فطلبوه، فلم يجدوه له إلا عند رجلٍ سبع حباتٍ بدرهم، فأُشتري له، فجاء سائل، فأمر له به، ولم يذقه.
عن أبي بكر بن حفص قال: كان ابن عمر لا يحبس عن طعامه بين مكة والمدينة مجذوماً، ولا أبرص، ولا مبتلى حتى يقعدوا معه على مائدته؛ فبينما هو يوماً قاعداً على مائدته أقبل موليان من موالي أهل المدينة، فسلما، فرحبوا بهما، وحيوهما، وأوسعوا لهما، فضحك عبد الله بن عمر، فأنكر الموليان ضحكه، فقالا: يا أبا عبد الرحمن، ضحكت، أضحك الله سنك، فما الذي أضحكك؟ قال: عجباً من بنيّ هؤلاء، يجيء هؤلاء الذين تدمى أفواههم من الجوع، فيضيقون عليهم، حتى لو أن أحدهم يأخذ مكان اثنين فعل، جئتما أنتما قد أوقرتما الزاد، فأوسعوا لكما، وحيوكما؛ يطعمون طعامهم من لا يريده، ويمنعونه من يريده.
دخل سائل إلى ابن عمر، فقال لابنه: أعطه ديناراً، فأعطاه فلما انصرف قال ابنه: تقبل الله منك يا أبتاه، فقال: لو علمت أن الله تقبل مني سجدة واحدة، أو صدقة درهم لم يكن غائب أحب إلي من الموت، تدري ممن يتقبل الله؟ إنما يتقبل الله من المتقين.
عن ميمون بن مهران: أن امرأة ابن عمر عوتبت فيه، فقيل لها: ما تلطفين بهذا الشيخ، قالت: وما أصنع به؟ لا نصنع له طعاماً إلا ما دعا عليه من يأكله، فأرسلت إلى قومٍ من المساكين كانوا يجلسون بطريقه إذا خرج من المسجد، فأطعمتهم وقالت: لا تجلسوا بطريقه، ثم جاء إلى بيته فقال: أرسلوا إلى فلان وإلى فلان، وكانت امرأته قد أرسلت إليهم بطعام، وقالت: إن دعاكم فلا تأتوه، فقال: أردتم ألا أتعشى الليلة، فلم يتعش تلك الليلة.
عن نافع: أن ابن عمر أُتي بجوارشٍ، فكرهه، وقال: ما شبعت من كذا وكذا.
عن ميمون بن مهران: دخلت منزل عبد الله بن عمر، فما كان فيه ما يسوى طيلساني هذا.
وسئل عبد الله بن دينار: كيف كان طعام ابن عمر؟ قال: كان يطعمنا ثريداً، فإن لم نشبع زادنا آخر، فقيل: كيف كان لباس ابن عمر؟ قال: كان يلبس ثوبين ثمن عشرين درهماً، وكان يلبس ثوبين قطريين ثمن عشرة دراهم.
عن ميمون بن مهران: أن رجلاً من بني عيد الله بن عمر استكساه إزاراً، وقال: تخرق إزاري، فقال له: اقطع إزارك، ثم انكسه، فكره الفتى ذلك، فقال له عبد الله بن عمر: ويحك! اتق الله، ولا تكونن من القوم الذين يجعلون ما رزقهم الله في بطونهم، وعلى ظهورهم.
كتب عبد العزيز بن مروان إلى ابن عمر قال: ارفع إلي حاجتك، قال: فكتب إليه ابن عمر: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول: " إن اليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول " ولست أسألك شيئاً، ولا أرد رزقاً رزقنيه الله منك.
عن نافع قال: نزل ابن عمر بقومٍ، فلما مضت ثلاثة أيامٍ قال: يا نافع، أنفق علينا من مالنا، لا حاجة لنا أن يُتصدَّق علينا.
وقال: عن ابن عمر أنه كان ليلةً على الصفا، فقال: اللهم اعصمني بدينك وطاعتك وطاعة رسولك صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، واستعملني بسنة نبيك، وتوفني على ملته، وأعذني من شر مضلات الفتن.
وقال: لا يصيب عبد من الدنيا شيئاً إلا انتقص من درجاته عند الله، وإن كان على الله كريماً.
وعن وهب: أن ابن عمر حماراً، فقيل له: لو أمسكته، قال: لقد كان لنا موافقاً ولكنه أذهب شُعبةً من قلبي، فكرهت أن أشغل قلبي بشيء.
عن نافع قال: سمع ابن عمر شيئاً، فضحك، وهو عند قبر ابنه يوم مات، وكان أحب الناس إليه، فقال: إنما نفرح بهم، ونحزن عليهم ما داموا معنا، فإذا انقرضوا، وصاروا إلى الله انقطعوا منا.
ومرض ابن له، فجزع جزعاً شديداً، فلما مات خرج على أصحابه مكتحلاً، مدهناً، فقالوا: لقد أشفقنا عليك يا أبا عبد الرحمن! فقال: إذا وقع القضاء فليس إلا التسليم.
قال خالد بن أسلم مولى عمر:
آذى رجل من قريش عبد الله بن عمر، فأبى عبد الله أن يقول له شيئاً، فجئت، فقلت: أبا عبد الرحمن، بلغني أن فلاناً آذاك، فإما أن تنصر وإما أن ننتصر لك منه، فقال عبد الله: إني وأخي عاصماً لا نُسابُّ الناس.
عن نافع أو غيره: أن رجلاً قال لابن عمر: يا خير الناس، أو ابن خير الناس، فقال ابن عمر: ما أنا بخير الناس، ولا ابن خير الناس، ولكني عبد من عباد الله، أرجو الله وأخافه، والله لن تزالوا بالرجل حتى تهلكوه.
قال وبرة: أتى رجل ابن عمر، فقال: أيصلح أن أطوف بالبيت وأنا محرم؟ قال: ما يمنعك
من ذلك؟ قال: إن فلاناً ينهانا عن ذلك، حتى ترجع الناس من الموقف، ورأيته كأنه مالت به الدنيا أعجب إلينا منه، قال ابن عمر: حج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فطاف بالبيت، وسعى بين الصفا والمروة، وسنة الله ورسوله أحق أن تتبع من سنة ابن فلان، إن كنت صادقاً.
قيل لابن عمر: لا يزال الناس بخيرٍ ما أبقاك الله لهم، فغضب ابن عمر وقال: إني لأحسبك عراقياً، وما يدريك علام يغلق عليه ابن أمك بابه - وفي رواية: وما يدريك ما يغلق عليه ابن أمك بابه؟! عن حصين قال: قال ابن عمر: إني لأخرج، وما لي أن أسلم على الناس، ويسلموا عليَّ.
عن أبي بردة عن أبيه قال: صليت إلى جانب ابن عمر، فسمعته حين سجد يقول: اللهم اجعل حبك أحب الأشياء إلي، وخوفك أخوف الأشياء عندي، وسمعته حين سجد يقول: " رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيراً للمجرمين " وقال: ما صليت صلاة مذ أسلمت إلا وأنا أرجو أن تكون كفارةً.
وقال لأبي بردة: علمت أن أبي لقي أباك فقال له: يا أبا موسى، أيسرك أن عملك الذي كان مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خلص لك، لا عليك، ولا لك؟ قال: لا؛ قرأت القرآن، وعلَّمت الناس، قال: قال عمر: ليت أن علمي خلص لي كفافاً لا عليَّ، ولا لي.
قال أبو بردة: إن أباك أفقه من أبي.
عن عبد الجبار بن موسى، عن أبيه: أن رجلاً أتى ابن عمر يسأله، فألقى إليه عمامته، فقال له بعض القوم: لو أعطيته درهماً لأجزأه، فقال ابن عمر: إني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إن من أبر البِر أن يصل الرجل أهل ود أبيه " وإن هذا كان من أهل ود عمر.
قال نافع: دخلت مع ابن عمر الكعبة وهو يومئذ مُضَيَّق، فسمعته وهو ساجد يتضرع إلى ربه، يقول: يا رب، وقد تعلُم، لولا خوفك لزاحمنا قريشاً على هذه الدنيا.
قال عبد الله بن عمر: ساعة للدنيا، وساعة للآخرة، وبين ذلك؛ اللهم اغفر لنا.
ومكث عبد الله بن عمر على سورة البقرة ثماني سنين يتعلمها.
وقال: لقد عشنا برهة من دهرنا وأحدنا يرى الإيمان قبل القرآن، وتنزل السورة على محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فنتعلم حلالها وحرامها، وآمرها وزاجرها، وما ينبغي أن نقف عنده منها كما تعلَّمون أنتم اليوم القرآن، ثم لقد رأيت اليوم رجلاً لا يرى أحدهم القرآن قبل الإيمان، فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته، وما يدري ما آمره، ولا زاجره، ولا ما ينبغي أن يقف عنده منه، فينثر نثر الدقل.
قال عمر: ما منكم أحد إلا وأنا أحب أن أقول عليه: إنا لله وإنا إليه راجعون خلا عبد الله؛ فإني أحب أن يبقى ليأخذ به الناس.
وكانوا يرون أن أعلم الناس بالمناسك ابن عفان، وبعده ابن عمر.
قال مجاهد: ترك الناس أن يقتدوا بابن عمر وهو شاب، فلما كبُر اقتدوا به.
قال سعيد بن عبد العزيز: كان العلماء بعد معاذ بن جبل: عبد الله بن مسعود، وأبو الدرداء، وسلمان، وعبد الله بن سلام، ثم كان العلماء بعد هؤلاء: زيد، ثم كان بعد زيد بن ثابت: ابن عمر، وابن عباس، وكان بعد هذين سعيد بن المسيب.
قال مسعود بن سليمان: أتينا معاوية بالأبطح مجلساً، فجلس عليه، ومعه ابنه قرظة، فإذا هو بجماعة على رحالٍ لهم، وإذا شاب قد رفع عقيرته يغني: من الرمل
من يساجلني يساجل ماجداً ... أخضر الجلدة في بيت العربْ
فقال: من هذا؟ قالوا: عبد الله بن جعفر، قال: خلوا له الطريق فليذهب، قال: ثم إذا هو بجماعةٍ فيهم غلام يغني: من الرمل
بينما يذكرنني أبصرنني ... عند قيد الميل يسعى بي الأغرّ
قلن: تعرفن الفتى؟ قلن: نعم ... قد عرفناه، وهل يخفى القمرْ؟
قال: من هذا؟ قالوا: عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة، قال: خلوا له الطريق، فليذهب، ثم إذا هو بجماعةٍ، فإذا رجل منهم يُسأل، فقال له: رميت قبل أن أحلق، وحلقت قبل أن أرمي؛ لأشياء أشكلت عليهم من مناسك الحج: فقال: من هذا؟
فقالوا: عبد الله بن عمر، فالتفت إلى ابنة قرظة، فقال: هذا وأبيك الشرف، هذا والله شرف الدنيا والآخرة.
قال مالك بن أنس: لا يعدلن برأي ابن عمر، فإنه أقام بعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ستين سنةً، فلم يذهب عنه من أمره، ولا من أمور أصحابه شيء.
قال ابن سيرين: قال رجل: اللهم أبقني ما أبقيت ابن عمر أقتدي به، وقال رجل: لقد رأيت هذه الفتنة وما فينا أحد إلا فيه غير عبد الله بن عمر.
عن نافع قال: كان عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس يجلسان للناس عند قدوم الحاج، فكنت أجلس إلى هذا يوماً وإلى هذا يوماً، وكان ابن عباس يجيب ويفتي في كل ما قال عنه، وكان ابن عمر ما يرد أكثر مما يفتي.
وسأل رجل ابن عمر عن مسألة فطأطأ ابن عمر رأسه، ولم يجبه حتى ظن الناس أنه لم يسمع مسألته: قال: فقال له: يرحمك الله، أما سمعت مسألتي؟ قال: بلى، ولكنكم كأنكم ترون أن الله ليس بسائلنا عما تسألونا عنه، اتركنا، يرحمك الله، حتى نتفهم في مسألتك، فإن كان لها جواب عندنا، وإلا أعلمناك أنه لا علم لنا به.
عن عقبة بن مسلم: أن ابن عمر سئل عن شيءٍ فقال: لا أدري، ثم أتبعها فقال: أتريدون أن تجعلوا ظهورنا لكم جسوراً في جهنم أن تقولوا: أفتانا ابن عمر؟ وعن نافع عن ابن عمر: انه سئل عن أمرٍ فقال: لا أعلمه، ثم قال: نِعْمَ ما قال ابن عمر، سئل عن أمرٍ لا يعلمه، فقال: لا أعلمه.
عن الشعبي قال: كان ابن عمر جيد الحديث ولم يكن جيد الفقه.
عن الليث قال: كتب رجل إلى ابن عمر: اكتب إليّ بالعلم كله، فكتب إليه ابن عمر: إن العلم كثير، ولكن إن استطعت أن تلقى الله خفيف الظهر من دماء الناس، خميص البطن من أموالهم، كافاً لسانك عن أعراضهم، لازماً لأمر جماعتهم فافعلِ، والسلام.
عن أبي عبد الرحمن القرشي قال: بعثت أم ولدٍ لعبد الملك بن مروان إلى وكيلٍ لها بالمدينة تستهديه غلاماً وقالت له: يكون على هذه الصفة: عالماً بالسنة، قارئاً لكتاب الله، فصيح اللسان، حسن البيان، عفيف الفرج، كثير الحياء، قليل المراء، قال: فكتب إليها: قد طلبت الغلام الذي استهديتني على ما وصفت، فلم أجد غلاماً بهذه الصفة إلا عبد الله بن عمر بن الخطاب، وقد ساومت به أهله فأبوا أن يبعوه!! عن نافع قال: كنا مع ابن عمر - في سفر -، فقيل: إن السبع في الطريق قد حبس الناس، فاستخف ابن عمر راحلته، فلما بلغ إليه نزل، فعرك أذنه وقعّده، وقال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " لو أن ابن آدم لم يخف إلا الله لم يسلط عليه غيره، ولو أن ابن آدم لم يرج إلا الله لم يكله إلى سواه ".
عن الشعبي قال:
لقد رأيت عجباً؛ كنا بفناء الكعبة أنا وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، ومصعب بن الزبير، وعبد الملك بن مروان، فقال القوم بعد أن فرغوا من حديثهم: ليقم
كل رجلٍ منكم، فليأخذ بالركن اليماني، ويسأل الله حاجته؛ فإنه يعطى من ساعته. قم يا عبد الله بن الزبير فإنك أول مولودٍ ولد في الهجرة، فقام، فأخذ بالركن اليماني، ثم قال: اللهم إنك عظيم، ترجى لكل عظيم، أسألك بحرمة وجهك، وحرمة عرشك، وحرمة نبيك صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ألا تميتني من الدنيا حتى توليني الحجاز، ويسلم عليّ بالخلافة، وجاء حتى جلس، فقالوا: قم يا مصعب بن الزبير، فقام حتى أخذ بالركن اليماني، فقال: اللهم إنك رب كل شيءٍ، وإليك يصير كل شيء، أسألك بقدرتك على كل شيء ألا تميتني من الدنيا حتى توليني العراق، وتزوجني سكينة بنت الحسين، وجاء حتى جلس، فقالوا: قم يا عبد الملك بن مروان، فقام، فأخذ بالركن اليماني، فقال: اللهم رب السموات السبع، ورب الأرضين ذات النبت بعد الفقر، أسألك بما سألك عبادك المطيعون لأمرك، وأسألك بحرمة وجهك، وأسألك بحقك على جميع خلقك، وبحق الطائفين حول عرشك ألا تميتني من الدنيا حتى توليني شرق الأرض وغربها، ولا ينازعني أحد إلا أتيت برأسه، ثم جاء حتى جلس، فقالوا: قم يا عبد الله بن عمر، فقام حتى أخذ بالركن اليماني، ثم قال: اللهم إنك رحمن رحيم، أسألك برحمتك التي سبقت غضبك، وأسألك بقدرتك على جميع خلقك ألا تميتني من الدنيا حتى توجب لي الجنة.
قال الشعبي: فما ذهبت عيناي حتى رأيت كل رجلٍ منهم قد أعطي ما سأل.
قال مصعب بن عثمان بن مصعب بن عروة بن الزبير: خطب عروة بن الزبير إلى عبد الله بن عمر ابنته سودة بنت عبد الله، وهو بمكة، فلم يرد عليه شيئاً، فلما قدم المدينة أتاه عروة وهو في المسجد، فسلم عليه، فقال له عبد الله بن عمر: أرأيت ما ذكرت لي بمكة، أهو من شأنك اليوم؟ قال له عروة: نعم، ولقد عجبت من سكاتك عني بمكة! فقال: إني خرجت حاجاً، فكرهت أن أخلط حجي بشيءٍ، فتشهد عبد الله بن عمر، ثم زوجه.
عن عبد الله بن واقد قال: رأيت ابن عمر يفت المسك في الدهن يدَّهِن به.
قال زيد بن عبد الله الشيباني: رأيت ابن عمر إذا مشى إلى الصلاة دب دبيباً، لو أن نملة مشت معه قلت: لا يسبقها.
عن مجاهد قال: مررت مع عبد الله بن عمر بخربةٍ، فقال: يا مجاهد، ناد، يا خربة أين أهلك، أو قال: ما فعل أهلك؟ قال: فناديت، فقال ابن عمر: ذهبوا، وبقيت أعمالهم.
قال إبراهيم بن أدهم: مر عبد الله بن عمر على قومٍ مجتمعين، وعليه بردة حسناء، فقال رجل من القوم: إن أنا سلبته بردته فما لي عندكم؟ فجعلوا له شيئاً، فأتاه فقال: يا أبا عبد الرحمن، بردتك هذه هي لي. قال: فقال: فإني اشتريتها بالأمس! قال: قد أعلمتك وأنت في حرج من لبسها، قال: فهتكتها ليدفعها إليه، قال: فضحك القوم، فقال: ما لكم؟ فقالوا له: هذا رجل بطال، قال: فالتفت إليه فقال: يا أخي أما علمت أن الموت أمامك لا تدري متى يأتيك صباحاً أو مساءً، ليلاً أو نهاراً؟! ثم القبر، وهول المطلع، ومنكر ونكير، وبعد ذلك القيامة، يوم يخسر فيه المبطلون!؟ فأبكاهم ومضى.
قال أبو عبد الله بن الأعرابي: أراد رجل أن يعتزل الناس، فقال له عبد الله بن عمر: إنه لا بد لك من الناس، ولا بد للناس منك، ولكن كن كأصم يسمع، وأعمى يبصر، وسكوت ينطق.
عن ابن سيرين: أن ابن عمر كان إذا خرج في سفرٍ أخرج معه سفيهاً، فإن جاءه سفيه رده عنه.
عن قتادة قال: كان ابن عمر يقول: إن الحليم ليس من ظلم ثم حلم حتى إذا هيجه قوم اهتاج، ولكن الحليم من قدر ثم عفا، وإن الوصول ليس من وصل - يعني من وصله - فتلك مجازاة، ولكن الوصول من قطع ثم وصل، وعطف على من لم يصله.
عن حميد الطويل قال: قال ابن عمر: البِر شيء هين، وجه طليق وكلام لين.
قال ابن عمر: ما حمل الرجال حملاً أثقل من المروءة، فقال له أصحابه: أصلحك الله، صف لنا المروءة، فقال: ما لذلك عندي حد أعرفه، فألح عليه رجل منهم، فقال: ما أدري ما أقول: إلا أني ما استحييت من شيءٍ علانيةً إلا استحييت منه سراً.
عن مالكٍ قال:
اشترى ابن عمر جاريةً رومية، فأحبها حباً شديداً، فوقعت يوماً عن بغلةٍ كانت عليها، فجعل ابن عمر يمسح التراب عنها، ويفديها، فكانت تقول له: - أي رجل صالح - ثم هربت منه، فقال ابن عمر: من البسيط
قد كنت أحسبني قالون، فانطلقت ... فاليوم أعلم أني غير قالون
قال المغيرة بن شعبة لعمر: ألا أدلك على القوي الأمين؟ قال: بلى، قال: عبد الله بن عمر، قال: ما أردت بقولك هذا؟ ولأن يموت فأكفِّنه بيدي أحب إلي من أوليه وأنا أعلم أن في الناس من هو خير منه.
عن عبد الله بن موهب: أن عثمان قال لابن عمر: اذهب قاضياً، قال: أوتعفيني يا أمير المؤمنين؟ قال: عزمت عليك إلا ذهبت، فقضيت، قال: لا تعجل، سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من عاذ بالله فقد عاذ بمَعَاذٍ " قال: نعم، قال: إني أعوذ بالله أن أكون قاضياً، قال: ما يمنعك، وقد كان أبوك يقضي؟ قال: لأني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من كان قاضياً فقضى بجهلٍ كان من أهل النار، ومن كان قاضياً عالماً فقضى بحقٍ أو بعدلٍ سأل الله أن ينقلب كفافاً " فما أرجو منه بعد؟!
قال مصعب بن عبد الله: جاءت جماعة من بني عدي إلى عبد الله بن عمر، وهو عند عثمان في الدار يوم قتل عثمان، قبل قتله فاحتملوا عبد الله بن عمر من الدار، فخرجوا به.
قال نافع: لما قتل عثمان جاء علي ابن عمر، فقال: إنك محبوب إلى الناس؛ فسر إلى الشام، فقال ابن عمر: بقرابتي وصحبتي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والقرابة التي بيننا، فلم يعاوده.
قال مصعب بن عبد الله: لما قتل عثمان، وبويع علي أُتي بعبد الله بن عمر، فقيل: بايع، فأبى، فشد به أصحاب علي، فقال عبد الله بن عمر لعلي: ما تصنع بهذا، لا والله؟ لا أبسط يدي ببيعة في فرقةٍ، ولا أقبضها في جماعة أبداً، فقال علي: خلوه، وأنا كفيله، وخرج بعد قتل عثمان إلى مكة ليلاً، فلما أصبح علي فقده، وظنه خرج إلى الشام، فنهض إلى سوق الظهر، وقال: عليَّ بالإبل، فأمر بجمعها ليرسل في طلبه، فأرسلت إليه ابنته أم كلثوم: لا تعن بطلبه، فلم يخرج إلى الشام وإنما خرج إلى مكة، وأنا عذيرتك منه، فوقف عن طلبه.
قال ابن عمر: دخلت علي حفصة ونوساتها تنطف، فقلت: قد كان من الناس ما ترين، ولم يجعل لي من الأمر شيء، قالت: فالحق بهم، فإنهم ينتظرونك، وإني أخشى أن يكون في احتباسك عنهم فرقة، فلم تدعه حتى ذهب، فلما تفرق الحكمان خطب معاوية، فقال: من كان يريد أن يتكلم في هذا الأمر فليطلع إلي قرنه، فلنحن أحق بذلك منه ومن أبيه - يعرض بابن عمر - فحلَلْتُ حبوتي، فهممت أن أقول: أحق بذلك من قاتلك وأباك على الإسلام، فخشيت أن أقول كلمة تفرق الجمع، ويسفك فيها الدم، وأحمل فيها على غير رأيي؛ فذكرت ما أعد الله في الجنان.
قال معاوية لعبد الله بن جعفر: بلغني أن ابن عمر يريد هذا الأمر، وفيه ثلاث خصالٍ لا يصلحن في خليفة: هو
رجل غيور، وهو رجل عييٍّ وهو رجل بخيل، قال: فذهب ابن جعفر فأخبر ابن عمر، فقال ابن عمر: أما قوله: إني رجل غيور، فإني كنت أغلق بابي على أهلي، فما حاجة الناس إلى ما وراء ذلك؟ وأما قوله: إني لرجل عييٍّ فإني كنت أعلم الناس بكتاب الله، ولا كلام أبلغ منه، وأما قوله: إني رجل بخيل؛ فإني كنت أقسم على الناس فيئهم بكتاب الله، فإذا فعلت ذلك فما حاجة الناس إلى ما أورثني ابن الخطاب؟ فأخبر ابن جعفر معاوية بها، فقال معاوية: عزمت عليك ألا يسمع هذا منك أحد.
وقد روي نحو هذه المقالة عن الحجاج.
عن قطن قال: أتى رجل ابن عمر، فقال: ما أحد شر لأمة محمد منك، فقال: لمَ؟ فوالله ما سفكت دماءهم، ولا فرقت جماعتهم، ولا شققت عصاهم! قال: إنك لو شئت ما اختلف فيك اثنان، قال: ما أحب أنها أتتني ورجل يقول: لا، وآخر يقول: بلى.
وعن ميمون قال:
دس معاوية عمرو بن العاص، وهو يريد ما في نفس ابن عمر: يريد القتال أم لا، فقال: يا أبا عبد الرحمن، ما يمنعك أن تخرج فنبايعك، وأنت صاحب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وابن أمير المؤمنين، وأنت أحق الناس بهذا الأمر؟ قال: وقد اجتمع الناس كلهم على ما تقول؟ قال: نعم إلا نفر يسير، قال: لو لم يبق إلا ثلاثة أعلاج بهَجَرَ لم يكن لي فيها حاجة، قال: فعلم أنه لا يريد القتال، قال: فهل لك أن تبايع لمن قد كاد الناس أن يجتمعوا عليه، ويكتب لك من الأرضين، ومن الأموال ما لا تحتاج أنت ولا ولدك إلى ما بعده؟ فقال: أفٍّ لك اخرج من عندي ثم لا تدخل عليّ، ويحكّ! إن ديني ليس بديناركم ولا درهمكم، وإني لأرجو أن أخرج من الدنيا ويدي بيضاء نقية.
وعن نافع عن ابن عمر: أنه أتاه رجل، فقال: يا أبا عبد الرحمن، أنت ابن عمر، وصاحب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فذكر مناقبه - فما يمنعك من هذا الأمر؟ قال: يمنعني أن الله حرم دم المسلمين، قال: فإن الله تعالى يقول: " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة، ويكون الدين لله "؟ قال: قد فعلنا، قد قاتلناهم حتى كان الدين لله، وأنتم تريدون أن تقاتلوهم حتى يكون الدين لغير الله.
عن أبي العالية: أن عبد الله بن الزبير وعبد الله بن صفوان كانا ذات يوم قاعدين في الحِجر، فمر بهما ابن عمر، وهو يطوف بالبيت، فقال أحدهما لصاحبه: أتراه بقي أحد خير من هذا؟ ثم قالا لرجل: ادعه لنا إذا قضى طوافه، فلما قضى طوافه، وصلى ركعتين أتاه رسولهما، فقال: هذا عبد الله ابن الزبير وعبد الله بن صفوان يدعوانك إليهما؛ فقال عبد الله بن صفوان: أبا عبد الرحمن ما يمنعك أن تبايع أمير المؤمنين؟ - يعني ابن الزبير - فقد بايع له أهل العروض، وأهل العراق، وعامة أهل الشام، فقال: والله لا أبايعكم وأنتم واضعون سيوفكم على عواتقكم، تصيب أيديكم من دماء المسلمين! عن نافع عن عبد الله بن عمر: أن رجلاً أتاه، فقال: يا أبا عبد الرحمن، ما الذي يحملك على أن تحج عاماً وتعتمر عاماً، وتترك الجهاد في سبيل الله، وقد علمت ما رغب الله فيه؟ قال: يا بن أخي، بُني الإسلام على خمسة: إيمان بالله ورسوله، وصلاة الخمس، وصيام شهر رمضان، وأداء الزكاة، وحج البيت، فقال: يا أبا عبد الرحمن ألا تسمع ما ذكر الله في كتبه: " وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما، فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله " فما يمنعك أن تقاتل الفئة الباغية
كما أمرك الله عز وجل في كتابه؟ فقال: يا بن أخي لأن أعتبر بهذه الآية فلا أقاتل أحب إلي من أن أعتبر بالآية التي يقول الله عز وجل فيها: " ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم " قال: فما قولك في علي وعثمان؟ قال ابن عمر: قولي في علي وعثمان؛ أما عثمان فكان الله عفا عنه وكرهتم أن يعفو الله، وأما علي فابن عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وختنه، وأشار بيده: هذا بيته حيث ترون! عن نافع قال: دخل ابن عمر الكعبة، فسمعته وهو ساجد يقول: قد تعلم ما يمنعني من مزاحمة قريشٍ على هذه الدنيا إلا خوفك.
وكتب إلى عبد الله بن الزبير: إنك انبريت على رقاب الناس بغير شورى، فدع ما أنت فيه، فإنك لست في شيءٍ.
عن الأوزاعي: أن ابن عمر قال: لقد بايعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فما نكثت، ولا بدلت إلى يومي هذا، ولا بايعت صاحب فتنة، ولا أيقظت مؤمناً من مرقده.
قال حبيب بن أبي مرزوق: بلغني أن عبد الله بن عمر كتب إلى عبد الملك بن مروان وهو يومئذٍ خليفة: من عبد الله بن عمر إلى عبد الملك بن مروان، فقال مَنْ حول عبد الملك: بدأ باسمه قبل اسمك! فقال عبد الملك: هذا من أبي عبد الرحمن كثير.
عن عبد الرحمن بن يسار قال: سمعت الحجاج وهو يقول: إن عبد الله بن الزبير قد بدل كلام الله، فقال
ابن عمر: كذبت، ليس تبديل كلام الله بيدك، ولا بيد ابن الزبير، كتاب الله أعز من أن يبدَّل، قال: فقال الناس لابن عمر: اخرج، فأبى أن يخرج حتى صلى معه.
عن محمد بن سيرين قال: كان ابن عمر يأتي العمال، ثم قعد عنهم، فقيل له: لو أتيتهم، فلعلهم يجدون في أنفسهم، فقال: أرهب إن تكلمت أن يروا أن الدين غير الذي بي، وإن سكت رهبت أن آثم.
سئل نافع عن بدء مرض ابن عمر وموته، فقال: أصابته عارضة محمل بمكة بين إصبعين من أصابعه عند الجمرة، فمرض، فدخل عليه الحجاج، فلما رآه ابن عمر غمّض عينيه، فكلمه الحجاج، فلم يكلمه، قال: فغضب الحجاج وقال: إن هذا يقول: إني على الضرب الأول.
وقال سعيد بن عمرو: قدم ابن عمر حاجاً، فدخل عليه الحجاج وقد أصابه زج رمحٍ، فقال: من أصابك؟ فقال: أصابني من أمرتموه بحمل السلاح في مكانٍ لا يحل فيه حمله.
عن نافع قال: ذكرت الوصية لابن عمر في مرضه، فقال ابن عمر: أما مالي فالله أعلم ما كنت أفعل فيه، وأما رباعي وأرضي فإني لا أحب أن يشارك ولدي فيها أحد.
عن سعيد بن جبير قال: لما حضر ابن عمر الموت قال: ما آسى على شيءٍ من الدنيا إلا على ثلاث: ظمأ الهواجر، ومكابدة الليل، وأني لم أقتل هذه الفئة التي نزلت بنا - يعني الحجاج.
قال ابن عمر عند الموت لسالم: يا بني، إن أنا مت فادفني خارجاً من الحرم؛ فإني أكره أن أدفن فيه بعد أن
خرجت منه مهاجراً، فقال: يا أبه، إن قدرنا على ذلك، فقال: تسمعني أقول لك، وتقول: إن قدرنا؟! قال: أقول: الحجاج يغلبنا يصلي عليك، قال: فسكت ابن عمر.
وكان آخر أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ موتاً بمكة عبد الله بن عمر، مات سنة أربع وسبعين، وبلغ من السن سبعاً وثمانين، وقيل: أربعاً وثمانين، ودفن بالمحصب، وبعض الناس يقول: بفخ، وقيل بذي طوى.
وقيل إنه توفي سنة ثلاث وسبعين بعد ابن الزبير بشهرين أو ثلاثة أشهر.
عن رجاء بن حيوة قال: نعي إلينا ابن عمر في مجلس ابن محيريز، فقال ابن محيريز: إن كنت لأعد بقاء عبد الله بن عمر أماناً لأهل الأرض.
ابن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح أبو عبد الرحمن القرشي العدوي من المهاجرين، شهد مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الخندق وما بعده من المشاهد، وشهد غزوة مؤتة مع زيد وجعفر، وشهد يوم اليرموك.
عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلي قبل الظهر ركعتين، وبعدها ركعتين، وبعد المغرب ركعتين - زاد في رواية: في بيته - وبعد العشاء ركعتين، وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف، فيصلي ركعتين في بيته.
عن ابن عمر قال: بينا الناس في مسجد قباء، في صلاة الصبح إذ جاء رجل فقال: أنزل على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قرآن، فأمر أن يتحول إلى الكعبة، فقال: هكذا يوصف أنهم استداروا إلى القبلة.
عن ابن عمر: أن عمر بن الخطاب خطب بالجابية، قال: قام فينا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مقامي، فسلم، فقال: " استوصوا بأصحابي خيراً، ثم الذين يلونهم، ثم يفشو الكذب حتى إن الرجل يبتدئ بالشهادة قبل أن يُسألها، وباليمين قبل أن يُسألها، فمن أراد بحبحة الجنة فليلزم الجماعة، فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد، لا يخلون أحدكم بامرأةٍ، فإن الشيطان ثالثهما، ومن سرته حسنته، وساءته سيئته فهو مؤمن ".
عن ابن عمر قال: أَصَبنا يوم اليرموك طعاماً وعلفاً فلم يقسم.
قال الزبير بن بكار:
فمن ولد عمر بن الخطاب: عبد الله بن عمر، استُصغر يوم أحد، وشهد الخندق مع رسول الله، وهاجر مع أبيه إلى المدينة، وهو ابن عشر سنين، وبقي حتى مات سنة ثلاثٍ وسبعين، وأخته لأبيه وأمه حفصة بنت عمر، زوج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعبد الرحمن الأكبر؛ وأمهم: زينب بنت مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح، كانت من المهاجرات وكان عبد الله بن عمر يتوجه في السرايا على عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
كان إسلام عبد الله بمكة مع إسلام أبيه، ولم يكن بلغ يومئذٍ، وكان ربعةً يخضب بالصفرة، وتوفي بمكة، ودفن بذي طوى، ويقال: دفن بفخ مقبرة المهاجرين، وكان لابن عمر مَقْدَم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة إحدى عشر سنةً.
قال أبو نعيم الحافظ: خال المؤمنين، من أملك شباب قريش عن الدنيا، كان آدم طالاً، له جمة مفروقة تضرب قريباً من منكبيه، يقص شاربه، ويصفر لحيته ويشمر إزاره، أعطي القوة في العبادة، وفي الجماع، كان من التمسك بآثار النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالسبيل المبين، وأعطي المعرفة بالآخرة، والإيثار لها، لم تغيره الدنيا، ولم تفتنه كان من البكّائين الخاشعين، وعدّه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الصالحين، نقش خاتمه عبد الله لله، أصاب رجله زج رمحٍ، فورمت رجلاه، فتوفي منها بمكة سنة أربع - وقيل: سنة ثلاث - وسبعين، ودفن بالمُحصِّب، وقيل: بذي طوى، وقيل: بفخ، وقيل: بسرف، مات وهو ابن ست وثمانين.
قال الخطيب: خرج إلى العراق، فشهد يوم القادسية، ويوم جلولاء، وما بينهما من وقائع الفرس، وورد المدائن غير مرة.
عن الحارث بن جزء الزبيدي قال: توفي صاحب لي، فكنا على قبره أنا، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وكان اسمي العاص، واسم ابن عمر العاص، واسم ابن عمرو العاص، فقال لنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " انزلوا واقبروه، وأنتم عبيد الله " قال: فنزلنا فقبرنا أخانا، وصعدنا من القبر وقد بدلت أسماؤنا.
قال أبو إسحاق: رأيت ابن عمر رجلاً آدم جسيماً ضخماً في إزارٍ إلى نصف الساقين.
قال ابن عمر: إنما جاءتنا الأُدمة من قبل أخوالي، والخال أنزع شيءٍ، وجاءني البُضْع من
أخوالي؛ فهاتان الخصلتان لم تكونا في أبي، رحمه الله؛ كان أبي أبيض، لا يتزوج النساء شهوةً إلا لطلب الولد - وفي رواية: لشهوة.
وقال: عُرضْتُ على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم بدرٍ وأنا ابن ثلاث عشرة فردني، ثم عرضت عليه يوم أحدٍ، وأنا ابن أربع عشرة فردني، ثم عرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمسة عشر فأجازني.
قال يزيد بن هارون: وهو في الخندق ينبغي أن يكون ابن ست عشرة سنةً؛ لأن بين أحدٍ والخندق بدراً الصغرى.
عن البراء قال: عرضت أنا وابن عمر على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم بدرٍ، فاستصغرنا، وشهدنا أحداً.
قال ابن عمر: شهدت الفتح وأنا ابن عشرين سنةً.
وكان ابن عمر يوم مات النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابن اثنتين وعشرين سنةً.
عن عطاء بن أبي رباح قال: قلت لابن عمر: أشهدت بيعة الرضوان مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: نعم، قلت: فما كان عليه؟ قال: قميص من قطنٍ، وجبة محشوة، ورداء وسيف، ورأيت النعمان بن مقرن المزني قائماً على رأسه، قد رفع أغصان الشجرة عن رأسه، والناس يبايعونه.
عن ابن عمر قال: كان الرجل في حياة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا رأى رؤيا قصها على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتمنيت أن أرى رؤيا أقصها على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكنت غلاماً عزباً شاباً، وكنت أنام في
المسجد على عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: فرأيت في المنام كأن ملكين أتياني، فذهبا بي إلى النار، فإذا هي مطوية كطي البئر، فإذا لها قرنان كقرني - وفي رواية: قرن كقرن - البئر، قال: فرأيت فيها ناساً قد عرفتهم، فجعلت أقول: أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار، قال: فلقينا ملك، فقال: لن تراع، قال: فقصصتها على حفصة، فقصتها حفصة على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " نِعْم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل " قال: فكان بعد لا ينام من الليل إلا قليلاً.
وفي رواية أخرى قال:
رأيت في المنام كأن في يدي سَرَقَةً من حرير، فما أهوي بها إلى مكانٍ من الجنة إلا طارت بي إليه، فقصصتها على حفصة، فقصَّتها على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " إن أخاكِ رجل صالح، أو قال: إن عبد الله رجل صالح ".
وفي رواية أخرى قال: رأيت في المنام كأن بيدي قطعة إستبرق، ولا أشير بها إلى مكانٍ من الجنة إلا طارت بي إليه.
قال ابن عمر: كنت شاهد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حائط نخلٍ، فاستأذن أبو بكرٍ، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ائذنوا له، وبشروه بالجنة " ثم استأذن عمر، فقال: " ائذنوا له، وبشروه بالجنة " ثم استأذن عثمان، فقال: " ائذنوا له وبشروه بالجنة على بلوى تصيبه " قال: فدخل يبكي ويضحك.
قال عبد الله: فأنا يا نبي الله، قال: " أنت مع أبيك ".
عن أنس بن مالك وسعيد بن المسيب: أن عمر بن الخطاب كتب المهاجرين على خمسة آلاف، والأنصار على أربعة آلاف، ومن لم يشهد بدراً من أبناء المهاجرين على أربعة آلاف؛ وكان منهم: عمر بن أبي سلمة بن عبد الأسدي المخزومي، وأسامة بن زيد، ومحمد بن عبد الله بن جحش الأسدي، وعبد الله بن عمر، فقال عبد الرحمن بن عوف: إن ابن عمر ليس من هؤلاء؛ إنه وإنه! فقال ابن عمر: إن كان لي حق فأعطنيه، وإلا فلا تعطني، فقال عمر لابن عوف: اكتبه على خمسة آلاف، واكتبني على أربعة آلاف، فقال عبد الله: لا أريد هذا، فقال عمر: والله لا أجتمع أنا وأنت على خمسة آلاف!.
قال عبد الله بن عمر: كساني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حلة من حلل السير أهداها له فيروز، فلبست الإزار، فأغرقني طولاً وعرضاً، فسجبته، ولبست الرداء، فتقنعت به، وأخذ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعاتقي، فقال: " يا عبد الله بن عمر، ارفع الإزار، فإن ما مست الأرض من الإزار إلى ما أسفل من الكعبين في النار "، فلم يُرَ أشد تشميراً من عبد الله بن عمر.
قال حذيفة: ما منا أحد يفتش إلا فُتّش عن جانفةٍ أو مثقلةٍ إلا عمر وابنه.
قال جابر بن عبد الله: من سره أن ينظر إلى أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذين مضوا قبله وبعده، ولم يغيروا، ولم يبدلوا فلينظر إلى هذا - يعني عبد الله بن عمر - وفي رواية: ما أحد منا أدرك الدنيا إلا مالت به، ومال بها إلا ابن عمر.
قالت عائشة: ما رأيت أحداً ألزم للأمر الأول من عبد الله بن عمر.
وقالت عائشة لابن عمر: ما منعك أن تنهاني عن مسيري؟ قال: رأيت رجلاً قد استولى على أمرك، وظننت أنك لن تخالفيه - يعني ابن الزبير - قالت: أما إنك لو نهيتني ما خرجت، قال: وكانت تقول: إذا مر ابن عمر فأرونيه، فإذا مر قيل لها: هذا ابن عمر، فلا تزال تنظر إليه.
عن السدي قال: رأيت نفراً من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، منهم أبو سعيد الخدري، وأبو هريرة، وابن عمر، كانوا يرون أنه ليس أحد منهم على الحال التي فارق عليها محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا عبد الله بن عمر.
قال أبو سلمة: مات ابن عمر، وهو مثل عمر في الفضل.
وقال: إن عمر كان في زمَانٍ له فيه نظراء، وإن ابن عمر كان في زمان ليس له فيه نظير.
وقال سعيد بن المسيب: لو شهدت لأحدٍ أنه من أهل الجنة لشهدت لعبد الله بن عمر.
وسئل عن العلم يكون في العمامة، فقال: كان عبد الله بن عمر يكرهه، وسئل عن الحرير، فقال: كان ابن عمر يوم مات خير من بقي، وكان يقول: إنه ثياب من لا خلاق له، وقال: مات ابن عمر يوم مات وما في الأرض أحد أحب إلي أن ألقى الله بمثل عمله منه، وسئل عن صوم يوم عرفة فقال: كان ابن عمر لا يصومه، قلت له: فغيره؟ قال: حسبك به شيخاً.
عن سالم قال: كان عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عمر لا يُعرف فيهما البِرُّ حتى يقولا أو يفعلا - يعني أنهما لم يكونا مؤنثين ولا متماوتين.
قال طاوس: ما رأيت رجلاً أورغ من ابن عمر.
قال بعض الخلفاء لمالك - يظن أنه هارون -: يا أبا عبد الله، ما لكم أقبلتم على عبد الله بن عمر، وتركتم ابن عباس؟ قال: لا على أمير المؤمنين ألا يسأل عن هذا، قال: فإن أمير المؤمنين يريد أن يعلم ذلك، قال: كان أورع الرجلين.
كان يقال: ما رجل أضل بعيره بأرض فلاةٍ؛ فهو في طلبه بأتبع له من عبد الله بن عمر لعمر.
عن القاسم بن محمد قال: كان ابن عمر قد أتعب أصحابه، فكيف من بعدهم؟! عن ابن عمر قال:
ما وضعت لبنةً على لبنةٍ ولا غرست نخلةً منذ توفي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
عن أبي جعفر قال: لم يكن أحد من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا سمع من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديثاً أجدر ألا يزيد فيه، ولا ينقص منه، ولا، ولا، من عبد الله بن عمر بن الخطاب.
وعن نافع: أن ابن عمر كان يتبع آثار رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في كل مكان صلى فيه، حتى أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نزل تحت شجرةٍ، فكان ابن عمر يتعاهد تلك الشجرة فيصب في أصلها الماء لكيلا تيبس؛ قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لو تركنا هذا الباب للنساء " فلم يدخل فيه ابن عمر حتى مات.
قال الزبير بن بكار: كان عبد الله بن عمر يتحفظ ما سمع من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويسأل إذا لم يحضر من حضر عما قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو فعل، وكان يتبع آثار رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في كل مسجد صلى فيه، وكان يعترض براحلته في كل طريق مر بها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيقال له في
ذلك، فيقول: إني أتحرى أن تقع أخفاف راحلتي على بعض أخفاف راحلة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان قد شهد مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حجة الوداع، فوقف معه بالموقف بعرفة، فكان يقف في ذلك الموقف كلما حج، وكان كثير الحج، حج عام قتل ابن الزبير مع الحجاج، وكان عبد الملك بن مروان كتب إلى الحجاج بن يوسف يأمره ألا يخالف ابن عمر في الحج، فأتى ابن عمر حين زالت الشمس يوم عرفة، ومعه ابنه سالم، فصاح به عند سرادقه: الرواح، فخرج عليه الحجاج في معصفرةٍ، فقال: هذه الساعة؟ قال: نعم، قال: فأمهلني أصب علي ماءً، فدخل ثم خرج، قال سالم: فسار بيني وبين أبي، فقلت له: إن كنت تحب أن تصيب السنة فعجل الصلاة، وأوجز الخطبة، فنظر إلى عبد الله ليسمع ذلك منه، فقال عبد الله: صدق، ثم انطلق حتى وقف في موقفه الذي كان يقف فيه، فكان ذلك الموقف بين يدي الحجاج، فأمر من نخس به حتى نفرت به ناقته فسكنها ابن عمر حتى سكنت، ثم ردها إلى ذلك الموقف، فوقف فيه، فأمر الحجاج أيضاً بناقته، فنخست، فنفرت بابن عمر، فسكّنها ابن عمر حتى سكنت، ثم ردها إلى ذلك الموقف، فثقل على الحجاج أمره، فأمر رجلاً معه حربة، يقال إنها كانت مسمومة، فلما دفع الناس من عرفة لصق به ذلك الرجل، فأَمَرَّ الحربة على قدمه، وهي في غرز رحله، فمرض منها أياماً، ثم مات بمكة، فدفن بها وصلى عليه الحجاج.
عن الشعبي قال: صحبت ابن عمر سنة، ما رأيته يحدث عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا حديثاً واحداً.
وفي رواية: جالست ابن عمر قريباً من سنتين، فما سمعته يحدث عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشيءٍ، غير أنه قال يوماً: كان ناس من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأكلون ضباً فيهم سعد بن مالك، فنادتهم امرأة من أزواج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنه ضب، فأمسكوا، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كلوا فإنه حلال، ولا بأس به، ولكنه ليس من طعام قومي ".
وعن زيد بن عبد الله بن عمر: ما ذكر ابن عمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا بكى، وما مر على ربعهم إلا غمض عينيه.
عن يوسف بن ماهك قال: رأيت ابن عمر وهو عند عبيد بن عمير، وعمير يقص، فرأيت ابن عمر عيناه تُهراقان دمعاً.
وعن عبيد بن عمير: أنه قرأ: " فكيف إذا جئنا من كل أمةٍ بشهيدٍ " حتى ختم الآية، فجعل ابن عمر يبكي حتى لثقت لحيته وجيبه من دموعه، قال الذي كان إلى جنب ابن عمر: لقد أردت أن أقوم إلى عبيد بن عمير، فأقول له: أقصر عليك، فإنك قد آذيت هذا الشيخ!.
عن نافعٍ قال: وكان ابن عمر إذا قرأ هذه الآية: " ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله " بكى حتى يغلبه البكاء.
عن القاسم بن أبي بزة، حدثني من سمع ابن عمر قرأ: " ويل للمطففين " فلما بلغ " يوم يقوم الناس لرب العالمين " بكى حتى خر، وامتنع من قراءة ما بعده.
عن ابن أبي مليكة قال: مر رجل على عبد الله بن عمر وهو ساجد في الحجر، وهو يبكي، فقال: أتعجب أن أبكي من خشية الله وهذا القمر يبكي من خشية الله! ونظر إلى القمر حين شفَّ أن يغيب.
قيل لنافع: ما كان يصنع ابن عمر في منزله؟ قال: لا يطيقونه، الوضوء لكل صلاة، والمصحف فيما بينهما.
وعن نافع:
أن ابن عمر كان يحيي الليل، ثم يقول: يا نافع أسحرنا؟ فأقول: لا، فيعاود الصلاة، فإذا قلت: نعم قعد يستغفر الله، ويدعو حتى يصبح.
وكان ابن عمر إذا فاتته صلاةً في جماعة صلى إلى الصلاة الأخرى، فإذا فاتته العصر سبَّح إلى المغرب، ولقد فاتته صلاة عشاء الآخرة في جماعة فصلى حتى طلع الفجر.
قال: كان ابن عمر لا يصوم في السفر، ولا يكاد يفطر في الحضر؛ إلا أن يمرض، أو أيام يَقْدَم؛ فإنه كان رجلاً كريماً يحب أن يؤكل عنده، قال: وكان يقول: ولأن أفطر في السفر، وآخذ برخصة الله أحب إلي من أن أصوم.
وعن سالم قال: ما لعن ابن عمر خادماً قط إلا مرة فأعتقه.
وعن نافع: أن عبد الله بن عمر كانت له جارية، فلما اشتد عجبه بها أعتقها وزوجها مولى له، فولدت غلاماً؛ فلقد رأيت عبد الله بن عمر يأخذ ذلك الصبي، فيقبِّله، ثم يقول: واهاً لريح فلانة - يعني الجارية التي أعتق.
قال زيد بن أسلم: مر عبد الله بن عمر براعٍ، فقال: يا راعي الغنم، هل من جزرةٍ؟ قال الراعي: ليس ها هنا ربها، فقال له ابن عمر: تقول إنه أكلها الذئب، قال: فرفع الراعي رأسه إلى السماء، ثم قال: فأين الله؟ قال ابن عمر: فأنا والله أحق أن أقول: فأين الله! فاشترى ابن عمر الراعي، واشترى الغنم، فأعتقه، وأعطاه الغنم.
عن نافع قال: خرج ابن عمر في بعض نواحي المدينة، ومعه أصحاب له، فوضعوا له سفرة له، فمر بهم راعي غنمٍ، قال: فسلم، فقال له ابن عمر: هلم يا راعي، هلم فأصب من هذه السُّفرة، فقال له: إني صائم، فقال له ابن عمر: أتصوم في مثل هذا اليوم الحار الشديد سمومه، وأنت في هذه الحال ترعى هذه الغنم؟ فقال له: إني والله أبادر أيامي هذه الخالية، فقال له ابن عمر وهو يريد يختبر ورعه: فهل لك أن تبيعنا شاة من غنمك هذه فنعطيك ثمنها ونعطيك من لحمها، فتفطر عليه - وساق الخبر.
وقال: كان ابن عمر إذا اشتد عجبه بشيءٍ من ماله قربه لربه عز وجل وكان رقيقه قد عرفوا ذلك منه، فربما شمر أحدهم، ولزم المسجد، إذا رآه ابن عمر على تلك الحال الحسنة أعتقه، فيقول له أصحابه: يا أبا عبد الرحمن، والله ما بهم إلا أن يخدعوك! فيقول ابن عمر: فمن خدعنا بالله انخدعنا له.
قال ميمون بن مهران: مر أصحاب نجدة الحروري على إبلٍ لعبد الله بن عمر، فاستاقوها، فجاء راعيها، فقال: يا أبا عبد الرحمن، احتسب الإبل، قال: ما لها؟ قال: مر بها أصحاب نجدة، فذهبوا بها، قال: كيف ذهبوا بالإبل وتركوك؟ قال: قد كانوا ذهبوا بي معها، لكني انفلت منهم، فما حملك على أن تركتهم وجئتني؟ قال: أنت أحب إلي منهم، قال: الله الذي لا إله إلا هو لأنا أحب إليك منهم؟ قال: فحلف له، قال: فإني أحتسبك معها؛ فأعتقه، فمكث ما مكث، ثم أتاه آتٍ، فقال: هل لك في ناقتك الفلانية؟ - سماها باسمها - ها هي بالسوق تباع، قال: أرني ردائي، فلما وضعه على منكبه وقام جلس، فوضع رداءه، ثم قال: كنت احتسبتها، فلِمَ أطلبها؟ وكاتب غلاماً له، ونجّمها عليه نجوماً، فلما حل أول النجم أتاه المكاتب به، فسأله ابن عمر: من أين أصبت هذا؟ قال: كنت أعمل وأسأل، قال: فجئتني بأوساخ الناس تريد أن تطعمنيها؟! أنت حر، ولك ما جئت به.
عن زاذان قال: كنت عند ابن عمر، فدعا غلاماً له، فأعتقه، ثم قال: ما لي فيه من أجرٍ ما يسوى هذا، أو يزن هذا - وتناول شيئاً من الأرض - سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من ضرب عبداً له حداً لم يأته، أو ظلمه - أو لطمه، شك الراوي - فإن كفارته أن يعتقه ".
عن محمد العمري قال: أعطى عبد الله بن جعفر عبد الله بن عمر بنافعٍ عشرة آلاف درهم إلى ألف دينار، فدخل عبد الله على صفية امرأته، فقال: إنه أعطاني ابن جعفر بنافع عشرة آلاف درهم، أو ألف دينار، فقالت: يا أبا عبد الرحمن، فما تنتظرنّ؟! تبيع! قال: فهلا ما هو خير من ذلك؛ هو حر لوجه الله تعالى، قال: فكان يخيل إلي أن ابن عمر كان ينوي قول الله عز وجل " لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ".
وروى سالم أنه لم يسمع عبد الله يلعن خادماً له قط، غير مرة واحدة غضب فيها على بعض خدمه، فقال له: لعنة الله عليك، كلمة لم أكن أحب أن أقولها.
عن نافع قال:
أُتي ابن عمر ببضعةٍ وعشرين ألفاً، فما قام من مجلسه حتى أعطاها، وزاد عليها، ولم يزل يعطي حتى أنفد ما كان عنده، فجاءه بعض من كان يعطيه، فاستقرض من بعض من كان أعطاه، فأعطاه.
وقال: عن ابن عمر أنه ربما تصدق في الشهر بثلاثين ألف درهم، وما يأكل فيه أكلة لحم، واشترى سمكة طرية بدرهم ونصف، فأتاه سائل، فتصدق بها عليها، وقال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " أيما امرئٍ اشتهى شهوةً، فرد شهوته، وآثر على نفسه غفر الله له ".
واشتكى ابن عمر فاشتهى العنب في غير زمانه، فطلبوه، فلم يجدوه له إلا عند رجلٍ سبع حباتٍ بدرهم، فأُشتري له، فجاء سائل، فأمر له به، ولم يذقه.
عن أبي بكر بن حفص قال: كان ابن عمر لا يحبس عن طعامه بين مكة والمدينة مجذوماً، ولا أبرص، ولا مبتلى حتى يقعدوا معه على مائدته؛ فبينما هو يوماً قاعداً على مائدته أقبل موليان من موالي أهل المدينة، فسلما، فرحبوا بهما، وحيوهما، وأوسعوا لهما، فضحك عبد الله بن عمر، فأنكر الموليان ضحكه، فقالا: يا أبا عبد الرحمن، ضحكت، أضحك الله سنك، فما الذي أضحكك؟ قال: عجباً من بنيّ هؤلاء، يجيء هؤلاء الذين تدمى أفواههم من الجوع، فيضيقون عليهم، حتى لو أن أحدهم يأخذ مكان اثنين فعل، جئتما أنتما قد أوقرتما الزاد، فأوسعوا لكما، وحيوكما؛ يطعمون طعامهم من لا يريده، ويمنعونه من يريده.
دخل سائل إلى ابن عمر، فقال لابنه: أعطه ديناراً، فأعطاه فلما انصرف قال ابنه: تقبل الله منك يا أبتاه، فقال: لو علمت أن الله تقبل مني سجدة واحدة، أو صدقة درهم لم يكن غائب أحب إلي من الموت، تدري ممن يتقبل الله؟ إنما يتقبل الله من المتقين.
عن ميمون بن مهران: أن امرأة ابن عمر عوتبت فيه، فقيل لها: ما تلطفين بهذا الشيخ، قالت: وما أصنع به؟ لا نصنع له طعاماً إلا ما دعا عليه من يأكله، فأرسلت إلى قومٍ من المساكين كانوا يجلسون بطريقه إذا خرج من المسجد، فأطعمتهم وقالت: لا تجلسوا بطريقه، ثم جاء إلى بيته فقال: أرسلوا إلى فلان وإلى فلان، وكانت امرأته قد أرسلت إليهم بطعام، وقالت: إن دعاكم فلا تأتوه، فقال: أردتم ألا أتعشى الليلة، فلم يتعش تلك الليلة.
عن نافع: أن ابن عمر أُتي بجوارشٍ، فكرهه، وقال: ما شبعت من كذا وكذا.
عن ميمون بن مهران: دخلت منزل عبد الله بن عمر، فما كان فيه ما يسوى طيلساني هذا.
وسئل عبد الله بن دينار: كيف كان طعام ابن عمر؟ قال: كان يطعمنا ثريداً، فإن لم نشبع زادنا آخر، فقيل: كيف كان لباس ابن عمر؟ قال: كان يلبس ثوبين ثمن عشرين درهماً، وكان يلبس ثوبين قطريين ثمن عشرة دراهم.
عن ميمون بن مهران: أن رجلاً من بني عيد الله بن عمر استكساه إزاراً، وقال: تخرق إزاري، فقال له: اقطع إزارك، ثم انكسه، فكره الفتى ذلك، فقال له عبد الله بن عمر: ويحك! اتق الله، ولا تكونن من القوم الذين يجعلون ما رزقهم الله في بطونهم، وعلى ظهورهم.
كتب عبد العزيز بن مروان إلى ابن عمر قال: ارفع إلي حاجتك، قال: فكتب إليه ابن عمر: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول: " إن اليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول " ولست أسألك شيئاً، ولا أرد رزقاً رزقنيه الله منك.
عن نافع قال: نزل ابن عمر بقومٍ، فلما مضت ثلاثة أيامٍ قال: يا نافع، أنفق علينا من مالنا، لا حاجة لنا أن يُتصدَّق علينا.
وقال: عن ابن عمر أنه كان ليلةً على الصفا، فقال: اللهم اعصمني بدينك وطاعتك وطاعة رسولك صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، واستعملني بسنة نبيك، وتوفني على ملته، وأعذني من شر مضلات الفتن.
وقال: لا يصيب عبد من الدنيا شيئاً إلا انتقص من درجاته عند الله، وإن كان على الله كريماً.
وعن وهب: أن ابن عمر حماراً، فقيل له: لو أمسكته، قال: لقد كان لنا موافقاً ولكنه أذهب شُعبةً من قلبي، فكرهت أن أشغل قلبي بشيء.
عن نافع قال: سمع ابن عمر شيئاً، فضحك، وهو عند قبر ابنه يوم مات، وكان أحب الناس إليه، فقال: إنما نفرح بهم، ونحزن عليهم ما داموا معنا، فإذا انقرضوا، وصاروا إلى الله انقطعوا منا.
ومرض ابن له، فجزع جزعاً شديداً، فلما مات خرج على أصحابه مكتحلاً، مدهناً، فقالوا: لقد أشفقنا عليك يا أبا عبد الرحمن! فقال: إذا وقع القضاء فليس إلا التسليم.
قال خالد بن أسلم مولى عمر:
آذى رجل من قريش عبد الله بن عمر، فأبى عبد الله أن يقول له شيئاً، فجئت، فقلت: أبا عبد الرحمن، بلغني أن فلاناً آذاك، فإما أن تنصر وإما أن ننتصر لك منه، فقال عبد الله: إني وأخي عاصماً لا نُسابُّ الناس.
عن نافع أو غيره: أن رجلاً قال لابن عمر: يا خير الناس، أو ابن خير الناس، فقال ابن عمر: ما أنا بخير الناس، ولا ابن خير الناس، ولكني عبد من عباد الله، أرجو الله وأخافه، والله لن تزالوا بالرجل حتى تهلكوه.
قال وبرة: أتى رجل ابن عمر، فقال: أيصلح أن أطوف بالبيت وأنا محرم؟ قال: ما يمنعك
من ذلك؟ قال: إن فلاناً ينهانا عن ذلك، حتى ترجع الناس من الموقف، ورأيته كأنه مالت به الدنيا أعجب إلينا منه، قال ابن عمر: حج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فطاف بالبيت، وسعى بين الصفا والمروة، وسنة الله ورسوله أحق أن تتبع من سنة ابن فلان، إن كنت صادقاً.
قيل لابن عمر: لا يزال الناس بخيرٍ ما أبقاك الله لهم، فغضب ابن عمر وقال: إني لأحسبك عراقياً، وما يدريك علام يغلق عليه ابن أمك بابه - وفي رواية: وما يدريك ما يغلق عليه ابن أمك بابه؟! عن حصين قال: قال ابن عمر: إني لأخرج، وما لي أن أسلم على الناس، ويسلموا عليَّ.
عن أبي بردة عن أبيه قال: صليت إلى جانب ابن عمر، فسمعته حين سجد يقول: اللهم اجعل حبك أحب الأشياء إلي، وخوفك أخوف الأشياء عندي، وسمعته حين سجد يقول: " رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيراً للمجرمين " وقال: ما صليت صلاة مذ أسلمت إلا وأنا أرجو أن تكون كفارةً.
وقال لأبي بردة: علمت أن أبي لقي أباك فقال له: يا أبا موسى، أيسرك أن عملك الذي كان مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خلص لك، لا عليك، ولا لك؟ قال: لا؛ قرأت القرآن، وعلَّمت الناس، قال: قال عمر: ليت أن علمي خلص لي كفافاً لا عليَّ، ولا لي.
قال أبو بردة: إن أباك أفقه من أبي.
عن عبد الجبار بن موسى، عن أبيه: أن رجلاً أتى ابن عمر يسأله، فألقى إليه عمامته، فقال له بعض القوم: لو أعطيته درهماً لأجزأه، فقال ابن عمر: إني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إن من أبر البِر أن يصل الرجل أهل ود أبيه " وإن هذا كان من أهل ود عمر.
قال نافع: دخلت مع ابن عمر الكعبة وهو يومئذ مُضَيَّق، فسمعته وهو ساجد يتضرع إلى ربه، يقول: يا رب، وقد تعلُم، لولا خوفك لزاحمنا قريشاً على هذه الدنيا.
قال عبد الله بن عمر: ساعة للدنيا، وساعة للآخرة، وبين ذلك؛ اللهم اغفر لنا.
ومكث عبد الله بن عمر على سورة البقرة ثماني سنين يتعلمها.
وقال: لقد عشنا برهة من دهرنا وأحدنا يرى الإيمان قبل القرآن، وتنزل السورة على محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فنتعلم حلالها وحرامها، وآمرها وزاجرها، وما ينبغي أن نقف عنده منها كما تعلَّمون أنتم اليوم القرآن، ثم لقد رأيت اليوم رجلاً لا يرى أحدهم القرآن قبل الإيمان، فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته، وما يدري ما آمره، ولا زاجره، ولا ما ينبغي أن يقف عنده منه، فينثر نثر الدقل.
قال عمر: ما منكم أحد إلا وأنا أحب أن أقول عليه: إنا لله وإنا إليه راجعون خلا عبد الله؛ فإني أحب أن يبقى ليأخذ به الناس.
وكانوا يرون أن أعلم الناس بالمناسك ابن عفان، وبعده ابن عمر.
قال مجاهد: ترك الناس أن يقتدوا بابن عمر وهو شاب، فلما كبُر اقتدوا به.
قال سعيد بن عبد العزيز: كان العلماء بعد معاذ بن جبل: عبد الله بن مسعود، وأبو الدرداء، وسلمان، وعبد الله بن سلام، ثم كان العلماء بعد هؤلاء: زيد، ثم كان بعد زيد بن ثابت: ابن عمر، وابن عباس، وكان بعد هذين سعيد بن المسيب.
قال مسعود بن سليمان: أتينا معاوية بالأبطح مجلساً، فجلس عليه، ومعه ابنه قرظة، فإذا هو بجماعة على رحالٍ لهم، وإذا شاب قد رفع عقيرته يغني: من الرمل
من يساجلني يساجل ماجداً ... أخضر الجلدة في بيت العربْ
فقال: من هذا؟ قالوا: عبد الله بن جعفر، قال: خلوا له الطريق فليذهب، قال: ثم إذا هو بجماعةٍ فيهم غلام يغني: من الرمل
بينما يذكرنني أبصرنني ... عند قيد الميل يسعى بي الأغرّ
قلن: تعرفن الفتى؟ قلن: نعم ... قد عرفناه، وهل يخفى القمرْ؟
قال: من هذا؟ قالوا: عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة، قال: خلوا له الطريق، فليذهب، ثم إذا هو بجماعةٍ، فإذا رجل منهم يُسأل، فقال له: رميت قبل أن أحلق، وحلقت قبل أن أرمي؛ لأشياء أشكلت عليهم من مناسك الحج: فقال: من هذا؟
فقالوا: عبد الله بن عمر، فالتفت إلى ابنة قرظة، فقال: هذا وأبيك الشرف، هذا والله شرف الدنيا والآخرة.
قال مالك بن أنس: لا يعدلن برأي ابن عمر، فإنه أقام بعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ستين سنةً، فلم يذهب عنه من أمره، ولا من أمور أصحابه شيء.
قال ابن سيرين: قال رجل: اللهم أبقني ما أبقيت ابن عمر أقتدي به، وقال رجل: لقد رأيت هذه الفتنة وما فينا أحد إلا فيه غير عبد الله بن عمر.
عن نافع قال: كان عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس يجلسان للناس عند قدوم الحاج، فكنت أجلس إلى هذا يوماً وإلى هذا يوماً، وكان ابن عباس يجيب ويفتي في كل ما قال عنه، وكان ابن عمر ما يرد أكثر مما يفتي.
وسأل رجل ابن عمر عن مسألة فطأطأ ابن عمر رأسه، ولم يجبه حتى ظن الناس أنه لم يسمع مسألته: قال: فقال له: يرحمك الله، أما سمعت مسألتي؟ قال: بلى، ولكنكم كأنكم ترون أن الله ليس بسائلنا عما تسألونا عنه، اتركنا، يرحمك الله، حتى نتفهم في مسألتك، فإن كان لها جواب عندنا، وإلا أعلمناك أنه لا علم لنا به.
عن عقبة بن مسلم: أن ابن عمر سئل عن شيءٍ فقال: لا أدري، ثم أتبعها فقال: أتريدون أن تجعلوا ظهورنا لكم جسوراً في جهنم أن تقولوا: أفتانا ابن عمر؟ وعن نافع عن ابن عمر: انه سئل عن أمرٍ فقال: لا أعلمه، ثم قال: نِعْمَ ما قال ابن عمر، سئل عن أمرٍ لا يعلمه، فقال: لا أعلمه.
عن الشعبي قال: كان ابن عمر جيد الحديث ولم يكن جيد الفقه.
عن الليث قال: كتب رجل إلى ابن عمر: اكتب إليّ بالعلم كله، فكتب إليه ابن عمر: إن العلم كثير، ولكن إن استطعت أن تلقى الله خفيف الظهر من دماء الناس، خميص البطن من أموالهم، كافاً لسانك عن أعراضهم، لازماً لأمر جماعتهم فافعلِ، والسلام.
عن أبي عبد الرحمن القرشي قال: بعثت أم ولدٍ لعبد الملك بن مروان إلى وكيلٍ لها بالمدينة تستهديه غلاماً وقالت له: يكون على هذه الصفة: عالماً بالسنة، قارئاً لكتاب الله، فصيح اللسان، حسن البيان، عفيف الفرج، كثير الحياء، قليل المراء، قال: فكتب إليها: قد طلبت الغلام الذي استهديتني على ما وصفت، فلم أجد غلاماً بهذه الصفة إلا عبد الله بن عمر بن الخطاب، وقد ساومت به أهله فأبوا أن يبعوه!! عن نافع قال: كنا مع ابن عمر - في سفر -، فقيل: إن السبع في الطريق قد حبس الناس، فاستخف ابن عمر راحلته، فلما بلغ إليه نزل، فعرك أذنه وقعّده، وقال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " لو أن ابن آدم لم يخف إلا الله لم يسلط عليه غيره، ولو أن ابن آدم لم يرج إلا الله لم يكله إلى سواه ".
عن الشعبي قال:
لقد رأيت عجباً؛ كنا بفناء الكعبة أنا وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، ومصعب بن الزبير، وعبد الملك بن مروان، فقال القوم بعد أن فرغوا من حديثهم: ليقم
كل رجلٍ منكم، فليأخذ بالركن اليماني، ويسأل الله حاجته؛ فإنه يعطى من ساعته. قم يا عبد الله بن الزبير فإنك أول مولودٍ ولد في الهجرة، فقام، فأخذ بالركن اليماني، ثم قال: اللهم إنك عظيم، ترجى لكل عظيم، أسألك بحرمة وجهك، وحرمة عرشك، وحرمة نبيك صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ألا تميتني من الدنيا حتى توليني الحجاز، ويسلم عليّ بالخلافة، وجاء حتى جلس، فقالوا: قم يا مصعب بن الزبير، فقام حتى أخذ بالركن اليماني، فقال: اللهم إنك رب كل شيءٍ، وإليك يصير كل شيء، أسألك بقدرتك على كل شيء ألا تميتني من الدنيا حتى توليني العراق، وتزوجني سكينة بنت الحسين، وجاء حتى جلس، فقالوا: قم يا عبد الملك بن مروان، فقام، فأخذ بالركن اليماني، فقال: اللهم رب السموات السبع، ورب الأرضين ذات النبت بعد الفقر، أسألك بما سألك عبادك المطيعون لأمرك، وأسألك بحرمة وجهك، وأسألك بحقك على جميع خلقك، وبحق الطائفين حول عرشك ألا تميتني من الدنيا حتى توليني شرق الأرض وغربها، ولا ينازعني أحد إلا أتيت برأسه، ثم جاء حتى جلس، فقالوا: قم يا عبد الله بن عمر، فقام حتى أخذ بالركن اليماني، ثم قال: اللهم إنك رحمن رحيم، أسألك برحمتك التي سبقت غضبك، وأسألك بقدرتك على جميع خلقك ألا تميتني من الدنيا حتى توجب لي الجنة.
قال الشعبي: فما ذهبت عيناي حتى رأيت كل رجلٍ منهم قد أعطي ما سأل.
قال مصعب بن عثمان بن مصعب بن عروة بن الزبير: خطب عروة بن الزبير إلى عبد الله بن عمر ابنته سودة بنت عبد الله، وهو بمكة، فلم يرد عليه شيئاً، فلما قدم المدينة أتاه عروة وهو في المسجد، فسلم عليه، فقال له عبد الله بن عمر: أرأيت ما ذكرت لي بمكة، أهو من شأنك اليوم؟ قال له عروة: نعم، ولقد عجبت من سكاتك عني بمكة! فقال: إني خرجت حاجاً، فكرهت أن أخلط حجي بشيءٍ، فتشهد عبد الله بن عمر، ثم زوجه.
عن عبد الله بن واقد قال: رأيت ابن عمر يفت المسك في الدهن يدَّهِن به.
قال زيد بن عبد الله الشيباني: رأيت ابن عمر إذا مشى إلى الصلاة دب دبيباً، لو أن نملة مشت معه قلت: لا يسبقها.
عن مجاهد قال: مررت مع عبد الله بن عمر بخربةٍ، فقال: يا مجاهد، ناد، يا خربة أين أهلك، أو قال: ما فعل أهلك؟ قال: فناديت، فقال ابن عمر: ذهبوا، وبقيت أعمالهم.
قال إبراهيم بن أدهم: مر عبد الله بن عمر على قومٍ مجتمعين، وعليه بردة حسناء، فقال رجل من القوم: إن أنا سلبته بردته فما لي عندكم؟ فجعلوا له شيئاً، فأتاه فقال: يا أبا عبد الرحمن، بردتك هذه هي لي. قال: فقال: فإني اشتريتها بالأمس! قال: قد أعلمتك وأنت في حرج من لبسها، قال: فهتكتها ليدفعها إليه، قال: فضحك القوم، فقال: ما لكم؟ فقالوا له: هذا رجل بطال، قال: فالتفت إليه فقال: يا أخي أما علمت أن الموت أمامك لا تدري متى يأتيك صباحاً أو مساءً، ليلاً أو نهاراً؟! ثم القبر، وهول المطلع، ومنكر ونكير، وبعد ذلك القيامة، يوم يخسر فيه المبطلون!؟ فأبكاهم ومضى.
قال أبو عبد الله بن الأعرابي: أراد رجل أن يعتزل الناس، فقال له عبد الله بن عمر: إنه لا بد لك من الناس، ولا بد للناس منك، ولكن كن كأصم يسمع، وأعمى يبصر، وسكوت ينطق.
عن ابن سيرين: أن ابن عمر كان إذا خرج في سفرٍ أخرج معه سفيهاً، فإن جاءه سفيه رده عنه.
عن قتادة قال: كان ابن عمر يقول: إن الحليم ليس من ظلم ثم حلم حتى إذا هيجه قوم اهتاج، ولكن الحليم من قدر ثم عفا، وإن الوصول ليس من وصل - يعني من وصله - فتلك مجازاة، ولكن الوصول من قطع ثم وصل، وعطف على من لم يصله.
عن حميد الطويل قال: قال ابن عمر: البِر شيء هين، وجه طليق وكلام لين.
قال ابن عمر: ما حمل الرجال حملاً أثقل من المروءة، فقال له أصحابه: أصلحك الله، صف لنا المروءة، فقال: ما لذلك عندي حد أعرفه، فألح عليه رجل منهم، فقال: ما أدري ما أقول: إلا أني ما استحييت من شيءٍ علانيةً إلا استحييت منه سراً.
عن مالكٍ قال:
اشترى ابن عمر جاريةً رومية، فأحبها حباً شديداً، فوقعت يوماً عن بغلةٍ كانت عليها، فجعل ابن عمر يمسح التراب عنها، ويفديها، فكانت تقول له: - أي رجل صالح - ثم هربت منه، فقال ابن عمر: من البسيط
قد كنت أحسبني قالون، فانطلقت ... فاليوم أعلم أني غير قالون
قال المغيرة بن شعبة لعمر: ألا أدلك على القوي الأمين؟ قال: بلى، قال: عبد الله بن عمر، قال: ما أردت بقولك هذا؟ ولأن يموت فأكفِّنه بيدي أحب إلي من أوليه وأنا أعلم أن في الناس من هو خير منه.
عن عبد الله بن موهب: أن عثمان قال لابن عمر: اذهب قاضياً، قال: أوتعفيني يا أمير المؤمنين؟ قال: عزمت عليك إلا ذهبت، فقضيت، قال: لا تعجل، سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من عاذ بالله فقد عاذ بمَعَاذٍ " قال: نعم، قال: إني أعوذ بالله أن أكون قاضياً، قال: ما يمنعك، وقد كان أبوك يقضي؟ قال: لأني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من كان قاضياً فقضى بجهلٍ كان من أهل النار، ومن كان قاضياً عالماً فقضى بحقٍ أو بعدلٍ سأل الله أن ينقلب كفافاً " فما أرجو منه بعد؟!
قال مصعب بن عبد الله: جاءت جماعة من بني عدي إلى عبد الله بن عمر، وهو عند عثمان في الدار يوم قتل عثمان، قبل قتله فاحتملوا عبد الله بن عمر من الدار، فخرجوا به.
قال نافع: لما قتل عثمان جاء علي ابن عمر، فقال: إنك محبوب إلى الناس؛ فسر إلى الشام، فقال ابن عمر: بقرابتي وصحبتي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والقرابة التي بيننا، فلم يعاوده.
قال مصعب بن عبد الله: لما قتل عثمان، وبويع علي أُتي بعبد الله بن عمر، فقيل: بايع، فأبى، فشد به أصحاب علي، فقال عبد الله بن عمر لعلي: ما تصنع بهذا، لا والله؟ لا أبسط يدي ببيعة في فرقةٍ، ولا أقبضها في جماعة أبداً، فقال علي: خلوه، وأنا كفيله، وخرج بعد قتل عثمان إلى مكة ليلاً، فلما أصبح علي فقده، وظنه خرج إلى الشام، فنهض إلى سوق الظهر، وقال: عليَّ بالإبل، فأمر بجمعها ليرسل في طلبه، فأرسلت إليه ابنته أم كلثوم: لا تعن بطلبه، فلم يخرج إلى الشام وإنما خرج إلى مكة، وأنا عذيرتك منه، فوقف عن طلبه.
قال ابن عمر: دخلت علي حفصة ونوساتها تنطف، فقلت: قد كان من الناس ما ترين، ولم يجعل لي من الأمر شيء، قالت: فالحق بهم، فإنهم ينتظرونك، وإني أخشى أن يكون في احتباسك عنهم فرقة، فلم تدعه حتى ذهب، فلما تفرق الحكمان خطب معاوية، فقال: من كان يريد أن يتكلم في هذا الأمر فليطلع إلي قرنه، فلنحن أحق بذلك منه ومن أبيه - يعرض بابن عمر - فحلَلْتُ حبوتي، فهممت أن أقول: أحق بذلك من قاتلك وأباك على الإسلام، فخشيت أن أقول كلمة تفرق الجمع، ويسفك فيها الدم، وأحمل فيها على غير رأيي؛ فذكرت ما أعد الله في الجنان.
قال معاوية لعبد الله بن جعفر: بلغني أن ابن عمر يريد هذا الأمر، وفيه ثلاث خصالٍ لا يصلحن في خليفة: هو
رجل غيور، وهو رجل عييٍّ وهو رجل بخيل، قال: فذهب ابن جعفر فأخبر ابن عمر، فقال ابن عمر: أما قوله: إني رجل غيور، فإني كنت أغلق بابي على أهلي، فما حاجة الناس إلى ما وراء ذلك؟ وأما قوله: إني لرجل عييٍّ فإني كنت أعلم الناس بكتاب الله، ولا كلام أبلغ منه، وأما قوله: إني رجل بخيل؛ فإني كنت أقسم على الناس فيئهم بكتاب الله، فإذا فعلت ذلك فما حاجة الناس إلى ما أورثني ابن الخطاب؟ فأخبر ابن جعفر معاوية بها، فقال معاوية: عزمت عليك ألا يسمع هذا منك أحد.
وقد روي نحو هذه المقالة عن الحجاج.
عن قطن قال: أتى رجل ابن عمر، فقال: ما أحد شر لأمة محمد منك، فقال: لمَ؟ فوالله ما سفكت دماءهم، ولا فرقت جماعتهم، ولا شققت عصاهم! قال: إنك لو شئت ما اختلف فيك اثنان، قال: ما أحب أنها أتتني ورجل يقول: لا، وآخر يقول: بلى.
وعن ميمون قال:
دس معاوية عمرو بن العاص، وهو يريد ما في نفس ابن عمر: يريد القتال أم لا، فقال: يا أبا عبد الرحمن، ما يمنعك أن تخرج فنبايعك، وأنت صاحب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وابن أمير المؤمنين، وأنت أحق الناس بهذا الأمر؟ قال: وقد اجتمع الناس كلهم على ما تقول؟ قال: نعم إلا نفر يسير، قال: لو لم يبق إلا ثلاثة أعلاج بهَجَرَ لم يكن لي فيها حاجة، قال: فعلم أنه لا يريد القتال، قال: فهل لك أن تبايع لمن قد كاد الناس أن يجتمعوا عليه، ويكتب لك من الأرضين، ومن الأموال ما لا تحتاج أنت ولا ولدك إلى ما بعده؟ فقال: أفٍّ لك اخرج من عندي ثم لا تدخل عليّ، ويحكّ! إن ديني ليس بديناركم ولا درهمكم، وإني لأرجو أن أخرج من الدنيا ويدي بيضاء نقية.
وعن نافع عن ابن عمر: أنه أتاه رجل، فقال: يا أبا عبد الرحمن، أنت ابن عمر، وصاحب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فذكر مناقبه - فما يمنعك من هذا الأمر؟ قال: يمنعني أن الله حرم دم المسلمين، قال: فإن الله تعالى يقول: " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة، ويكون الدين لله "؟ قال: قد فعلنا، قد قاتلناهم حتى كان الدين لله، وأنتم تريدون أن تقاتلوهم حتى يكون الدين لغير الله.
عن أبي العالية: أن عبد الله بن الزبير وعبد الله بن صفوان كانا ذات يوم قاعدين في الحِجر، فمر بهما ابن عمر، وهو يطوف بالبيت، فقال أحدهما لصاحبه: أتراه بقي أحد خير من هذا؟ ثم قالا لرجل: ادعه لنا إذا قضى طوافه، فلما قضى طوافه، وصلى ركعتين أتاه رسولهما، فقال: هذا عبد الله ابن الزبير وعبد الله بن صفوان يدعوانك إليهما؛ فقال عبد الله بن صفوان: أبا عبد الرحمن ما يمنعك أن تبايع أمير المؤمنين؟ - يعني ابن الزبير - فقد بايع له أهل العروض، وأهل العراق، وعامة أهل الشام، فقال: والله لا أبايعكم وأنتم واضعون سيوفكم على عواتقكم، تصيب أيديكم من دماء المسلمين! عن نافع عن عبد الله بن عمر: أن رجلاً أتاه، فقال: يا أبا عبد الرحمن، ما الذي يحملك على أن تحج عاماً وتعتمر عاماً، وتترك الجهاد في سبيل الله، وقد علمت ما رغب الله فيه؟ قال: يا بن أخي، بُني الإسلام على خمسة: إيمان بالله ورسوله، وصلاة الخمس، وصيام شهر رمضان، وأداء الزكاة، وحج البيت، فقال: يا أبا عبد الرحمن ألا تسمع ما ذكر الله في كتبه: " وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما، فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله " فما يمنعك أن تقاتل الفئة الباغية
كما أمرك الله عز وجل في كتابه؟ فقال: يا بن أخي لأن أعتبر بهذه الآية فلا أقاتل أحب إلي من أن أعتبر بالآية التي يقول الله عز وجل فيها: " ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم " قال: فما قولك في علي وعثمان؟ قال ابن عمر: قولي في علي وعثمان؛ أما عثمان فكان الله عفا عنه وكرهتم أن يعفو الله، وأما علي فابن عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وختنه، وأشار بيده: هذا بيته حيث ترون! عن نافع قال: دخل ابن عمر الكعبة، فسمعته وهو ساجد يقول: قد تعلم ما يمنعني من مزاحمة قريشٍ على هذه الدنيا إلا خوفك.
وكتب إلى عبد الله بن الزبير: إنك انبريت على رقاب الناس بغير شورى، فدع ما أنت فيه، فإنك لست في شيءٍ.
عن الأوزاعي: أن ابن عمر قال: لقد بايعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فما نكثت، ولا بدلت إلى يومي هذا، ولا بايعت صاحب فتنة، ولا أيقظت مؤمناً من مرقده.
قال حبيب بن أبي مرزوق: بلغني أن عبد الله بن عمر كتب إلى عبد الملك بن مروان وهو يومئذٍ خليفة: من عبد الله بن عمر إلى عبد الملك بن مروان، فقال مَنْ حول عبد الملك: بدأ باسمه قبل اسمك! فقال عبد الملك: هذا من أبي عبد الرحمن كثير.
عن عبد الرحمن بن يسار قال: سمعت الحجاج وهو يقول: إن عبد الله بن الزبير قد بدل كلام الله، فقال
ابن عمر: كذبت، ليس تبديل كلام الله بيدك، ولا بيد ابن الزبير، كتاب الله أعز من أن يبدَّل، قال: فقال الناس لابن عمر: اخرج، فأبى أن يخرج حتى صلى معه.
عن محمد بن سيرين قال: كان ابن عمر يأتي العمال، ثم قعد عنهم، فقيل له: لو أتيتهم، فلعلهم يجدون في أنفسهم، فقال: أرهب إن تكلمت أن يروا أن الدين غير الذي بي، وإن سكت رهبت أن آثم.
سئل نافع عن بدء مرض ابن عمر وموته، فقال: أصابته عارضة محمل بمكة بين إصبعين من أصابعه عند الجمرة، فمرض، فدخل عليه الحجاج، فلما رآه ابن عمر غمّض عينيه، فكلمه الحجاج، فلم يكلمه، قال: فغضب الحجاج وقال: إن هذا يقول: إني على الضرب الأول.
وقال سعيد بن عمرو: قدم ابن عمر حاجاً، فدخل عليه الحجاج وقد أصابه زج رمحٍ، فقال: من أصابك؟ فقال: أصابني من أمرتموه بحمل السلاح في مكانٍ لا يحل فيه حمله.
عن نافع قال: ذكرت الوصية لابن عمر في مرضه، فقال ابن عمر: أما مالي فالله أعلم ما كنت أفعل فيه، وأما رباعي وأرضي فإني لا أحب أن يشارك ولدي فيها أحد.
عن سعيد بن جبير قال: لما حضر ابن عمر الموت قال: ما آسى على شيءٍ من الدنيا إلا على ثلاث: ظمأ الهواجر، ومكابدة الليل، وأني لم أقتل هذه الفئة التي نزلت بنا - يعني الحجاج.
قال ابن عمر عند الموت لسالم: يا بني، إن أنا مت فادفني خارجاً من الحرم؛ فإني أكره أن أدفن فيه بعد أن
خرجت منه مهاجراً، فقال: يا أبه، إن قدرنا على ذلك، فقال: تسمعني أقول لك، وتقول: إن قدرنا؟! قال: أقول: الحجاج يغلبنا يصلي عليك، قال: فسكت ابن عمر.
وكان آخر أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ موتاً بمكة عبد الله بن عمر، مات سنة أربع وسبعين، وبلغ من السن سبعاً وثمانين، وقيل: أربعاً وثمانين، ودفن بالمحصب، وبعض الناس يقول: بفخ، وقيل بذي طوى.
وقيل إنه توفي سنة ثلاث وسبعين بعد ابن الزبير بشهرين أو ثلاثة أشهر.
عن رجاء بن حيوة قال: نعي إلينا ابن عمر في مجلس ابن محيريز، فقال ابن محيريز: إن كنت لأعد بقاء عبد الله بن عمر أماناً لأهل الأرض.
عبد الله بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وكان قد عمر.
عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن الْخَطَّاب أَبُو عَبْد الرَّحْمَن الْقُرَشِيّ ثم العدوي.
قَالَ الْحَسَن بْن واقع (4) عَنْ ضمرة: مات سنة ثلاث وسبعين،
وَقَالَ عَبْد العزيز عَنْ مالك بْن أنس: بلغ ابن عُمَر سبعا وثمانين سنة.
وَقَالَ هشام بْن عَبْد الملك حَدَّثَنَا علي بْن سحيم عَنِ ابْن عون قَالَ: كتبت إلى نافع أسألَهُ عَنِ الدعوة قبل القتال فكتب أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أغار على بني المصطلق وهم غارون فِي (1) أنعامهم تسقى على الماء فقتل (2) المقاتلة وسبى الذرية وسبى يومئذ جويرية بنت الحارث، حَدَّثَنِي بذلك عَبْد اللَّه بْن عُمَر وَكَانَ فِي ذلك الجيش.
قَالَ الْحَسَن بْن واقع (4) عَنْ ضمرة: مات سنة ثلاث وسبعين،
وَقَالَ عَبْد العزيز عَنْ مالك بْن أنس: بلغ ابن عُمَر سبعا وثمانين سنة.
وَقَالَ هشام بْن عَبْد الملك حَدَّثَنَا علي بْن سحيم عَنِ ابْن عون قَالَ: كتبت إلى نافع أسألَهُ عَنِ الدعوة قبل القتال فكتب أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أغار على بني المصطلق وهم غارون فِي (1) أنعامهم تسقى على الماء فقتل (2) المقاتلة وسبى الذرية وسبى يومئذ جويرية بنت الحارث، حَدَّثَنِي بذلك عَبْد اللَّه بْن عُمَر وَكَانَ فِي ذلك الجيش.
عَبْدُ اللهِ بنُ الزُّبَيْرِ بنِ العَوَّامِ بنِ خُوَيْلِدٍ الأَسَدِيُّ
ابْنِ أَسَدِ بنِ عَبْدِ العُزَّى بنِ قُصَيِّ بنِ كِلاَبِ بنِ مُرَّةَ، أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ، أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو خُبَيْبٍ القُرَشِيُّ، الأَسَدِيُّ، المَكِّيُّ، ثُمَّ المَدَنِيُّ، أَحَدُ الأَعْلاَمِ، وَلَدُ الحَوَارِيِّ الإِمَامِ أَبِي عَبْدِ اللهِ، ابْنِ عَمِّةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحَوَارِيِّهِ.
(مُسْنَدُهُ) : نَحْوٌ مِنْ ثَلاَثَةٍ وَثَلاَثِيْنَ حَدِيْثاً.
اتَّفَقَا لَهُ عَلَى حَدِيثٍ وَاحِدٍ، وَانْفَرَدَ البُخَارِيُّ: بِسِتَّةِ أَحَادِيْثَ، وَمُسْلِمٌ: بِحَدِيْثَيْنِ.
كَانَ عَبْدُ اللهِ أَوَّلَ مَولُودٍ لِلْمُهَاجِرِينَ بِالمَدِيْنَةِ.
وُلِدَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ.
وَقِيْلَ: سَنَةَ إِحْدَى.
وَلَهُ صُحْبَةٌ، وَرِوَايَةُ أَحَادِيْثَ.عِدَادُه فِي صِغَارِ الصَّحَابَةِ، وَإِنْ كَانَ كَبِيْراً فِي العِلْمِ، وَالشَّرَفِ، وَالجِهَادِ، وَالعِبَادَةِ.
وَقَدْ رَوَى أَيْضاً عَنْ: أَبِيْهِ، وَجَدِّهِ لأُمِّهِ؛ الصِّدِّيْقِ، وَأُمِّهِ أَسْمَاءَ، وَخَالَتِهِ عَائِشَةَ، وَعَنْ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَغَيْرِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَخُوْهُ؛ عُرْوَةُ الفَقِيْهُ، وَابْنَاهُ عَامِرٌ وَعَبَّادٌ، وَابْنُ أَخِيْهِ؛ مُحَمَّدُ بنُ عُرْوَةَ، وَعَبِيْدَةُ السَّلْمَانِيُّ، وَطَاوُوْسٌ، وَعَطَاءٌ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَعَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ، وَثَابِتٌ البُنَانِيُّ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ المَكِّيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ، وَوَهْبُ بنُ كَيْسَانَ، وَسَعِيْدُ بنُ مِيْنَاءَ، وَحَفِيدَاهُ: مُصْعَبُ بنُ ثَابِتِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَيَحْيَى بنُ عَبَّادِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَهِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ المُنْذِرِ بنِ الزُّبَيْرِ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ فَارِسَ قُرَيْشٍ فِي زَمَانِهِ، وَلَهُ مَوَاقِفُ مَشهُودَةٌ.
قِيْلَ: إِنَّهُ شَهِدَ اليَرْمُوْكَ وَهُوَ مُرَاهِقٌ، وَفَتْحَ المَغْرِبِ، وَغَزْوَ القُسْطَنْطِيْنِيَّةِ، وَيَوْمَ الجَمَلِ مَعَ خَالَتِهِ.
وَبُوْيِعَ بِالخِلاَفَةِ عِنْدَ مَوْتِ يَزِيْدَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ، وَحَكَمَ عَلَى الحِجَازِ، وَاليَمَنِ، وَمِصْرَ، وَالعِرَاقِ، وَخُرَاسَانَ، وَبَعضِ الشَّامِ.
وَلَمْ يَسْتَوسِقْ لَهُ الأَمْرُ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَعُدَّهُ بَعْضُ العُلَمَاءِ فِي أُمَرَاءِ المُؤْمِنِيْنَ، وَعَدَّ دَوْلَتَهُ زَمَنَ فُرْقَةٍ، فَإِنَّ مَرْوَانَ غَلَبَ عَلَى الشَّامِ ثُمَّ مِصْرَ، وَقَامَ عِنْدَ مَصرعِهِ ابْنُهُ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَرْوَانَ، وَحَارَبَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، وَقُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ -رَحِمَهُ اللهُ - فَاسْتقَلَّ بِالخِلاَفَةِ عَبْدُ المَلِكِ وَآلُهُ، وَاسْتَوسَقَ لَهُمُ الأَمْرُ، إِلَى أَنْ قَهَرَهُم بَنُو العَبَّاسِ بَعْدَ مُلْكِ سِتِّيْنَ عَاماً.
قِيْلَ: إِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ أَدْركَ مِنْ حَيَاةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَمَانِيَةَ أَعْوَامٍ وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَكَانَ مُلاَزِماً لِلوُلُوجِ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ، لِكَوْنِهِ مِنْ آلِهِ، فَكَانَ يَتَرَدَّدُ إِلَى
بَيْتِ خَالَتِهِ عَائِشَةَ.شُعَيْبُ بنُ إِسْحَاقَ: عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، وَزَوْجَتِهِ فَاطِمَةَ، قَالاَ:
خَرَجَتْ أَسْمَاءُ حِيْنَ هَاجَرَتْ حُبْلَى، فَنُفِسَتْ بِعَبْدِ اللهِ بِقُبَاءَ.
قَالَتْ أَسْمَاءُ: فَجَاءَ عَبْدُ اللهِ بَعْدَ سَبْعِ سِنِيْنَ لِيُبَايِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَهُ بِذَلِكَ أَبُوْهُ الزُّبَيْرُ، فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِيْنَ رَآهُ مُقْبِلاً، ثُمَّ بَايَعَهُ.
حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَإِسْنَادُهُ قَوِيٌّ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: عَنْ مُصْعَبِ بنِ ثَابِتٍ، عَنْ يَتِيْمِ عُرْوَةَ أَبِي الأَسْوَدِ، قَالَ:
لَمَّا قَدِمَ المُهَاجِرُوْنَ، أَقَامُوا لاَ يُولَدُ لَهُم، فَقَالُوا: سَحَرَتْنَا يَهُوْدُ، حَتَّى كَثُرتِ القَالَةُ فِي ذَلِكَ، فَكَانَ أَوَّلَ مَولُودٍ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَكَبَّرَ المُسْلِمُوْنَ تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً حَتَّى ارْتَجَّتِ المَدِيْنَةُ، وَأَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا بَكْرٍ، فَأَذَّنَ فِي أُذُنَيْهِ بِالصَّلاَةِ.
وَقَالَ مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ؛ عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
كَانَ عَارِضَا ابْنِ الزُّبَيْرِ خَفِيفَيْنِ، فَمَا اتَّصَلَتْ لِحْيَتُهُ حَتَّى بَلَغَ السِّتِّيْنَ.
وَفِي البُخَارِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ:
أَنَّ الزُّبَيْرَ أَركَبَ وَلَدَهُ عَبْدَ اللهِ يَوْمَ اليَرْمُوْكِ فَرَساً وَهُوَ ابْنُ عَشْرِ سِنِيْنَ، وَوَكَّلَ بِهِ رَجُلاً.
التَّبُوْذَكِيُّ: حَدَّثَنَا هُنَيْدُ بنُ القَاسِمِ: سَمِعْتُ عَامِرَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ:إِنَّهُ أَتَى رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَحْتَجِمُ، فَلَمَّا فَرَغَ، قَالَ: (يَا عَبْدَ اللهِ! اذْهَبْ بِهَذَا الدَّمِ، فَأَهْرِقْهُ حَيْثُ لاَ يَرَاكَ أَحَدٌ) .
فَلَمَّا بَرَزَ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمدَ إِلَى الدَّمِ، فَشَرِبَهُ.
فَلَمَّا رَجَعَ، قَالَ: (مَا صَنَعْتَ بِالدَّمِ؟) .
قَالَ: عَمدْتُ إِلَى أَخْفَى مَوْضِعٍ عَلِمْتُ، فَجَعَلْتُهُ فِيْهِ.
قَالَ: (لَعَلَّكَ شَرِبْتَهُ؟) .
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: (وَلِمَ شَرَبْتَ الدَّمَ؟ وَيْلٌ لِلنَّاسِ مِنْكَ، وَوَيْلٌ لَكَ مِنَ النَّاسِ) .
قَالَ مُوْسَى التَّبُوْذَكِيُّ: فَحَدَّثْتُ بِهِ أَبَا عَاصِمٍ، فَقَالَ:
كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ القُوَّةَ الَّتِي بِهِ مِنْ ذَلِكَ الدَّمِ.
رَوَاهُ: أَبُو يَعْلَى فِي (مُسْنَدِهِ) ، وَمَا عَلِمْتُ فِي هُنَيْدٍ جَرْحَةً.
خَالِدٌ الحَذَّاءُ: عَنْ يُوْسُفَ أَبِي يَعْقُوْبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ حَاطِبٍ، وَالحَارِثِ، قَالاَ:
طَالَمَا حَرَصَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى الإِمَارَةِ.
قُلْتُ: وَمَا ذَلِكَ؟
قَالاَ: أُتِيَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلِصٍّ، فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ.
فَقِيْلَ: إِنَّهُ سَرَقَ.
فَقَالَ: (اقْطَعُوْهُ) .
ثُمَّ جِيْءَ بِهِ فِي إِمْرَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَقَدْ سَرَقَ، وَقَدْ قُطِعَتْ قَوَائِمُهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ:
مَا أَجِدُ لَكَ شَيْئاً إِلاَّ مَا قَضَى فِيكَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ أَمَرَ بِقَتْلِكَ.
فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ أُغَيْلِمَةً مِنْ أَبْنَاءِ المُهَاجِرِينَ أَنَا فِيْهم.
فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: أَمِّرُوْنِي عَلَيْكُم.
فَأَمَّرْنَاهُ، فَانْطَلَقْنَا بِهِ إِلَى البَقِيْعِ، فَقَتَلْنَاهُ.
هَذَا خَبَرٌ مُنْكَرٌ، فَاللهُ أَعْلَمُ.
قَالَ الحَارِثُ بنُ عُبَيْدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الجَوْنِيُّ:أَنَّ نَوْفاً البِكَالِيَّ قَالَ: إِنِّيْ لأَجِدُ فِي كِتَابِ اللهِ المُنْزَلِ: أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ فَارِسُ الخُلَفَاءِ.
مَهْدِيُّ بنُ مَيْمُوْنٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي يَعْقُوْبَ:
أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَانَ يَلْقَى ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَيَقُوْلُ: مَرْحَباً بِابْنِ عَمِّةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَابْنِ حَوَارِيِّ رَسُوْلِ اللهِ.
وَيَأْمُرُ لَهُ بِمائَةِ أَلْفٍ.
ابْنُ جُرَيْجٍ: عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ:
ذُكِرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: قَارِئٌ لِكِتَابِ اللهِ، عَفِيْفٌ فِي الإِسْلاَمِ، أَبُوْهُ الزُّبَيْرُ، وَأُمُّهُ أَسْمَاءُ، وَجَدُّهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعَمَّتُهُ خَدِيْجَةُ، وَخَالَتُهُ عَائِشَةُ، وَجَدَّتُهُ صَفِيَّةُ، وَاللهِ إِنِّيْ لأُحَاسِبُ لَهُ نَفْسِي مُحَاسَبَةً لَمْ أُحَاسِبْ بِهَا لأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ.
مُسْلِمٌ الزَّنْجِيُّ: سَمِعْتُ عَمْرَو بنَ دِيْنَارٍ يَقُوْلُ:
مَا رَأَيتُ مُصَلِّياً قَطُّ أَحسَنَ صَلاَةً مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ.
عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ عَبْدِ الوَارِثِ: حَدَّثَتْنَا مَاطِرَةُ المَهْرِيَّةُ، حَدَّثَتْنِي خَالَتِي أُمُّ جَعْفَرٍ بِنْتُ النُّعْمَانِ:
أَنَّهَا سَلَّمَتْ عَلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، وَعِنْدَهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَقَالَتْ: قَوَّامٌ اللَّيْلَ، صَوَّامٌ النَّهَارَ، وَكَانَ يُسَمَّى حَمَامَةَ المَسْجَدِ.
قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: قَالَ لِي عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: إِنَّ فِي قَلْبِكَ مِنِ ابْنِ
الزُّبَيْرِ.قُلْتُ: لَوْ رَأَيْتَهُ مَا رَأَيتَ مُنَاجِياً وَلاَ مُصَلِّياً مِثْلَهُ.
وَرَوَى: حَبِيْبُ بنُ الشَّهِيْدِ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ:
كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يُوَاصِلُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَيُصْبِحُ فِي اليَوْمِ السَّابِعِ وَهُوَ أَلْيَثُنَا.
قُلْتُ: لَعَلَّهُ مَا بَلَغَهُ النَّهْيُ عَنِ الوِصَالِ، وَنَبِيُّكَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالمُؤْمِنِيْنَ رَؤُوْفٌ رَحِيْمٌ، وَكُلُّ مَنْ وَاصَلَ، وَبَالَغَ فِي تَجْوِيعِ نَفْسِهِ، انْحَرَفَ مِزَاجُهُ، وَضَاقَ خُلُقُهُ، فَاتِّبَاعُ السُّنَّةِ أَوْلَى، وَلَقَدْ كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مَعَ مُلْكِهِ صِنْفاً فِي العِبَادَةِ.
أَخْبَرْنَا إِسْحَاقُ بنُ طَارِقٍ، أَخْبَرْنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرْنَا الحَدَّادُ، أَخْبَرْنَا أَبُو نُعَيْمٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدٍ بنُ جَبَلَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عُمَرَ بنِ قَيْسٍ، قَالَ:
كَانَ لابْنِ الزُّبَيْرِ مائَةُ غُلاَمٍ، يُكَلِّمُ كُلَّ غُلاَمٍ مِنْهُم بِلُغَةٍ أُخْرَى، فَكُنْتَ إِذَا نَظَرْتَ إِلَيْهِ فِي أَمْرِ آخِرَتِهِ، قُلْتَ: هَذَا رَجُلٌ لَمْ يُرِدِ الدُّنْيَا طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَإِذَا نَظَرْتَ إِلَيْهِ فِي أَمْرِ دُنْيَاهُ، قُلْتَ: هَذَا رَجُلٌ لَمْ يُرِدِ اللهَ طَرْفَةَ عَيْنٍ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ، كَأَنَّهُ عُوْدٌ، وَحَدَّثَ
أَنَّ أَبَا بَكْرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - كَانَ كَذَلِكَ.قَالَ ثَابِتٌ البُنَانِيُّ: كُنْتُ أَمُرُّ بِابْنِ الزُّبَيْرِ، وَهُوَ خَلْفَ المَقَامِ يُصَلِّي، كَأَنَّهُ خَشَبَةٌ مَنْصُوْبَةٌ لاَ تَتَحَرَّكُ.
رَوَى: يُوْسُفُ بنُ المَاجِشُوْنِ، عَنِ الثِّقَةِ يُسْنِدُهُ، قَالَ:
قَسمَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الدَّهْرَ عَلَى ثَلاَثِ لَيَالٍ؛ فَلَيْلَةٌ هُوَ قَائِمٌ حَتَّى الصَّبَاحِ، وَلَيْلَةٌ هُوَ رَاكِعٌ حَتَّى الصَّباحِ، وَلَيْلَةٌ هُوَ سَاجِدٌ حَتَّى الصَّباحِ.
يَزِيْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ التُّسْتَرِيُّ: عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ سَعِيْدٍ، عَنْ مُسْلِمِ بنِ يَنَّاقَ، قَالَ:
رَكَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَوْماً رَكْعَةً، فَقَرَأْنَا بِالبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ وَالنِّسَاءِ وَالمَائِدَةِ، وَمَا رَفَعَ رَأْسَهُ.
قُلْتُ: وَهَذَا مَا بَلَغَ ابْنَ الزُّبَيْرِ فِيْهِ حَدِيثُ النَّهْيِ.
قَالَ يَزِيْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ: عَنْ عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، قَالَ:
كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يُصَلِّي فِي الحِجْرِ، وَالمِنْجَنِيْقُ يَصُبُّ تُوْبَهُ، فَمَا يَلتَفِتُ -يَعْنِي: لَمَّا حَاصَرُوْهُ -.
وَرَوَى: هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، عَنِ ابْنِ المُنْكَدِرِ، قَالَ:
لَوْ رَأَيتَ ابْنَ الزُّبَيْرِ يُصَلِّي كَأَنَّهُ غُصْنٌ تَصْفِقُهُ الرِّيْحُ، وَحَجَرُ المِنْجَنِيْقِ يَقَعُ هَا هُنَا.
أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: مَا رَأَيتُ أَحَداً أَعْظَمَ
سَجْدَةً بَيْنَ عَيْنَيْهِ مِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ.مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ عُمَرَ بنِ قَيْسٍ، عَنْ أُمِّهِ:
أَنَّهَا دَخَلتْ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ بَيْتَهُ، فَإِذَا هُوَ يُصَلِّي، فَسَقطَتْ حَيَّةٌ عَلَى ابْنِهِ هَاشِمٍ، فَصَاحُوا: الحَيَّةَ الحَيَّةَ.
ثُمَّ رَمَوْهَا، فَمَا قَطَعَ صَلاَتَهُ.
قَالَ مَيْمُوْنُ بنُ مِهْرَانَ: رَأَيتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يُوَاصِلُ مِنَ الجُمُعَةِ إِلَى الجُمُعَةِ، فَإِذَا أَفطَرَ، اسْتَعَانَ بِالسَّمْنِ حَتَّى يَلِيْنَ.
لَيْثٌ: عَنْ مُجَاهِدٍ: مَا كَانَ بَابٌ مِنَ العِبَادَةِ يَعْجِزُ عَنْهُ النَّاسُ إِلاَّ تَكَلَّفَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَلَقَدْ جَاءَ سَيْلٌ طَبَّقَ البَيْتَ، فَطَافَ سِبَاحَةً.
وَعَنْ عُثْمَانَ بنِ طَلْحَةَ، قَالَ:
كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لاَ يُنَازَعُ فِي ثَلاَثَةٍ: شَجَاعَةٍ، وَلاَ عِبَادَةٍ، وَلاَ بَلاغَةٍ.
إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ:
أَنَّ عُثْمَانَ أَمَرَ زَيْداً، وَابْنَ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيْدَ بنَ العَاصِ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ الحَارِثِ بنِ هِشَامٍ، فَنَسَخُوا المَصَاحِفَ، وَقَالَ: إِذَا اخْتَلَفْتُم أَنْتُم وَزَيْدٌ فِي شَيْءٍ، فَاكْتُبُوْهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ؛ فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهم.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَيْمَنَ، قَالَ:
رَأَيْتُ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ رِدَاءً عَدَنِيّاً يُصَلِّي فِيْهِ، وَكَانَ صَيِّتاً، إِذَا خَطَبَ تَجَاوَبَ الجَبَلاَنِ.
وَكَانَتْ لَهُ جُمَّةٌ إِلَى العُنُقِ، وَلِحْيَتُهُ صَفْرَاءُ.
مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ: حَدَّثَنَا أَبِي، وَالزُّبَيْرُ بنُ خُبَيْبٍ، قَالاَ:قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: هَجَمَ عَلَيْنَا جُرْجِيْرُ فِي عِشْرِيْنَ وَمائَةٍ أَلْفٍ، فَأَحَاطُوا بِنَا وَنَحْنُ فِي عِشْرِيْنَ أَلْفاً -يَعْنِي: نَوْبَةَ إِفْرِيْقِيَةَ -.
قَالَ: وَاختَلَفَ النَّاسُ عَلَى ابْنِ أَبِي سَرْحٍ، فَدَخَلَ فُسْطَاطَهُ، فَرَأَيتُ غِرَّةً مِنْ جُرْجِيْرَ؛ بَصُرْتُ بِهِ خَلْفَ عَسَاكِرِهِ عَلَى بِرْذَوْنٍ أَشْهَبَ، مَعَهُ جَارِيَتَانِ تُظَلِّلاَنِ عَلَيْهِ بِرِيشِ الطَّوَاوِيْسِ، بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَيْشِهِ أَرْضٌ بَيْضَاءُ، فَأَتَيتُ أَمِيْرَنَا ابْنَ أَبِي سَرْحٍ، فَنَدَبَ لِيَ النَّاسَ، فَاختَرتُ ثَلاَثِيْنَ فَارِساً، وَقُلْتُ لِسَائِرِهِم: الْبَثُوا عَلَى مَصَافِّكُم.
وَحَمَلتُ، وَقُلْتُ لَهُم: احْمُوا ظَهْرِي.
فَخَرَقْتُ الصَّفَّ إِلَى جُرْجِيْرَ، وَخَرجْتُ صَامِداً، وَمَا يَحْسِبُ هُوَ وَلاَ أَصْحَابُهُ إِلاَّ أَنِّي رَسُولٌ إِلَيْهِ، حَتَّى دَنَوْتُ مِنْهُ، فَعَرَفَ الشَّرَّ، فَثَابَرَ بِرْذَوْنُهُ مُوَلِّياً، فَأَدْركْتُهُ، فَطَعَنْتُهُ، فَسَقَطَ، ثُمَّ احْتَزَزْتُ رَأْسَهُ، فَنَصَبْتُهُ عَلَى رُمْحِي، وَكَبَّرْتُ، وَحَمَلَ المُسْلِمُوْنَ، فَارْفَضَّ العَدُوُّ، وَمَنَحَ اللهُ أَكْتَافَهُم.
مَعْمَرٌ: عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، قَالَ:
أُخِذَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مِنْ وَسْطِ القَتْلَى يَوْمَ الجَمَلِ، وَبهِ بِضْعٌ وَأَرْبَعُوْنَ ضَرْبَةً وَطَعْنَةً.
وَقِيْلَ: إِنَّ عَائِشَةَ أَعْطَتْ يَوْمَئِذٍ لِمَنْ بَشَّرَهَا بِسَلاَمَتِهِ عَشْرَةَ آلاَفٍ.
وَعَنْ عُرْوَةَ، قَالَ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَحبَّ إِلَى عَائِشَةَ بَعْدَ رَسُوْلِ اللهِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ، وَبَعْدَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا رَبِيْعَةُ بنُ عُثْمَانَ، وَابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، وَغَيْرُهُمَا، قَالُوا:جَاءَ نَعْيُ يَزِيْدَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ، فَقَامَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ، وَبَايَعَهُ النَّاسُ.
فَدَعَا ابْنَ عَبَّاسٍ، وَابْنَ الحَنَفِيَّةِ إِلَى بَيْعَتِهِ، فَامْتَنَعَا، وَقَالاَ: حَتَّى يَجْتَمِعَ لَكَ النَّاسُ.
فَدَارَاهُمَا سَنَتَيْنِ، ثُمَّ إِنَّهُ أَغلَظَ لَهُمَا، وَدَعَاهُمَا، فَأَبَيَا.
قَالَ مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَغَيْرُهُ: كَانَ يُقَالُ لابْنِ الزُّبَيْرِ: عَائِذُ بَيْتِ اللهِ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَمَّتِهِ أُمِّ بَكْرٍ، قَالَ:
وَحَدَّثَنِي شُرَحْبِيْلُ بنُ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ أَبِيْهِ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، وَغَيْرُهُم، قَالُوا:
لَمَّا نَزَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِالمَدِيْنَةِ فِي خِلاَفَةِ مُعَاوِيَةَ ... ، إِلَى أَنْ قَالُوا:
فَخَرَجَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى مَكَّةَ، وَلَزِمَ الحِجْرَ، وَلَبِسَ المَعَافِرِيَّ، وَجَعَلَ يُحرِّضُ عَلَى بَنِي أُمَيَّةَ، وَمَشَى إِلَى يَحْيَى بنِ حَكِيْمٍ الجُمَحِيِّ وَالِي مَكَّةَ، فَبَايَعَهُ لِيَزِيْدَ، فَلَمْ يَرْضَ يَزِيْدُ حَتَّى يُؤْتَى بِهِ فِي جَامِعَةٍ وَوَثَاقٍ.
فَقَالَ لَهُ وَلدُهُ مُعَاوِيَةُ بنُ يَزِيْدَ: ادفَعْ عَنْكَ الشَّرَّ مَا انْدَفَعَ، فَإِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ لَجُوْجٌ لاَ يُطِيعُ لِهَذَا أَبَداً، فَكَفِّرْ عَنْ يَمِيْنِكَ.
فَغَضِبَ، وَقَالَ: إِنَّ فِي أَمرِكَ لَعَجَباً!
قَالَ: فَادْعُ عَبْدَ اللهِ بنَ جَعْفَرٍ، فَاسْأَلْهُ عَمَّا أَقُوْلُ.
فَدَعَاهُ، فَقَالَ لَهُ: أَصَابَ ابْنُكَ أَبُو لَيْلَى.
فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ، وَامْتَنَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّيْ عَائِذُ بَيْتِكَ، فَقِيْلَ لَهُ: عَائِذُ البَيْتِ.
وَبَقِيَ لاَ يَعْرِضُ لَهُ أَحَدٌ، فَكَتَبَ يَزِيْدُ إِلَى عَمْرٍو الأَشْدَقِ وَالِي المَدِيْنَةِ أَنْ يُجَهِّزَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ جُنْداً، فَنَدَبَ لِقِتَالِهِ أَخَاهُ عَمْرَو بنَ الزُّبَيْرِ فِي أَلْفٍ، فَظَفِرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِأَخِيْهِ بَعْد قِتَالٍ، فَعَاقَبَهُ. وَأَخَّرَ عَنْ
الصَّلاَةِ بِمَكَّةَ الحَارِثَ بنَ يَزِيْدَ، وَقَرَّرَ مُصْعَبَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، وَكَانَ لاَ يَقْطَعُ أَمْراً دُوْنَ المِسْوَرِ بنِ مَخْرَمَةَ، وَمُصْعَبِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَجُبَيْرِ بنِ شَيْبَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ صَفْوَانَ بنِ أُمَيَّةَ، فَكَانَ يُشَاوِرُهُم فِي أَمْرِهِ كُلِّهِ، وَيُرِيهِم أَنَّ الأَمْرَ شُوْرَى بَيْنَهم لاَ يَسْتَبدُّ بِشَيْءٍ مِنْهُ دُوْنَهُم، وَيُصَلِّي بِهِمُ الجُمُعَةَ، وَيَحُجُّ بِهِم بِلاَ إِمْرَةٍ.وَكَانَتِ الخَوَارِجُ وَأَهْلُ الفِتَنِ قَدْ أَتَوْهُ، وَقَالُوا: عَائِذُ بَيْتِ اللهِ.
ثُمَّ دَعَا إِلَى نَفْسِهِ، وَبَايَعُوْهُ، وَفَارَقَتْهُ الخَوَارِجُ.
فَوَلَّى عَلَى المَدِيْنَةِ أَخَاهُ مُصْعَباً، وَعَلَى البَصْرَةِ الحَارِثَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي رَبِيْعَةَ، وَعَلَى الكُوْفَةِ عَبْدَ اللهِ بنَ مُطِيْعٍ، وَعَلَى مِصْرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ جَحْدَمٍ الفِهْرِيَّ، وَعَلَى اليَمَنِ، وَعَلَى خُرَاسَانَ، وَأَمَّرَ عَلَى الشَّامِ الضَّحَّاكَ بنَ قَيْسٍ، فَبَايَعَ لَهُ عَامَّةُ أَهْلِ الشَّامِ، وَأَبَتْ طَائِفَةٌ، وَالْتَفَّتْ عَلَى مَرْوَانَ بنِ الحَكَمِ، وَجَرَتْ أُمُوْر طَويلَةٌ، وَحُرُوْبٌ مُزْعِجَةٌ، وَجَرَتْ وَقْعَةُ مَرْجِ رَاهِطٍ، وَقُتِلَ أُلُوفٌ مِنَ العَرَبِ، وَقُتِلَ الضَّحَّاكُ، وَاسْتَفحَلَ أَمْرُ مَرْوَانَ إِلَى أَنْ غَلَبَ عَلَى الشَّامِ، وَسَارَ فِي جَيْشٍ عَرَمْرَمٍ، فَأَخَذَ مِصْرَ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا وَلَدَهُ عَبْدَ العَزِيْزِ، ثُمَّ دَهَمَهُ المَوْتُ.
فَقَامَ بَعْدَهُ وَلدُهُ الخَلِيْفَةُ عَبْدُ المَلِكِ، فَلَمْ يَزَلْ يُحَارِبُ ابْنَ الزُّبَيْرِ حَتَّى ظَفِرَ بِهِ بَعْدَ أَنْ سَارَ إِلَى العِرَاقِ، وَقَتَلَ مُصْعَبَ بنَ الزُّبَيْرِ.
قَالَ شُعَيْبُ بنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ يَزِيْدَ كَتَبَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ: إِنِّيْ قَدْ بَعَثتُ إِلَيْكَ بِسِلْسِلَةٍ فِضَّةً، وَقَيْداً مِنْ ذَهَبٍ، وَجَامِعَةٍ مِنْ فِضَّةٍ، وَحَلَفْتُ لَتَأْتِيَنِّي فِي ذَلِكَ.
فَأَلْقَى الكِتَابَ، وَأَنْشَدَ:
وَلاَ أَلِيْنُ لِغَيْرِ الحَقِّ أَسْأَلُهُ ... حَتَّى يَلِيْنَ لِضِرْسِ المَاضِغِ الحَجَرُ
قُلْتُ: ثُمَّ جَهَّزَ يَزِيْدُ جَيْشاً سِتَّةَ آلاَفٍ، إِذْ بَلَغَهُ أَنَّ أَهْلَ المَدِيْنَةِ خَلَعُوْهُ، فَجَرَتْ وَقْعَةُ الحَرَّةِ، وَقُتِلَ نَحْوُ أَلْفٍ مِنْ أَهْلِ المَدِيْنَةِ، ثُمَّ سَارَ الجَيْشُ، عَلَيْهِم حُصَيْنُ بنُ نُمَيْرٍ، فَحَاصَرُوا الكَعْبَةَ، وَبِهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَجَرَتْ أُمُوْرٌ عَظِيمَةٌ، فَقَلَعَ اللهُ يَزِيْدَ، وَبَايَعَ حُصَيْنٌ وَعَسْكَرُهُ ابْنَ الزُّبَيْرِ بِالخِلاَفَةِ، وَرَجَعُوا إِلَى الشَّامِ.قَالَ شَبَابٌ: حَضَرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ المَوْسِمَ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ، فَحَجَّ بِالنَّاسِ، وَحَجَّ بِأَهْلِ الشَّامِ الحَجَّاجُ، وَلَمْ يَطَّوَّفُوا بِالبَيْتِ.
قَالَ هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ: أَوَّلُ مَنْ كَسَا الكَعْبَةَ الدِّيبَاجَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَكَانَ يُطَيِّبُهَا حَتَّى يُوجَدَ رِيْحُهَا مِنْ طَرَفِ الحَرَمِ، وَكَانَتْ كِسْوَتُهَا قَبْلَهُ الأَنْطَاعَ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ شُعَيْبٍ الحَجَبِيُّ: إِنَّ المَهْدِيَّ لَمَّا جَرَّدَ الكَعْبَةَ، كَانَ فِيمَا نَزَعَ عَنْهَا كِسْوَةَ ابْنِ الزُّبَيْرِ مِنْ دِيبَاجٍ مَكْتُوبٍ عَلَيْهَا: لِعَبْدِ اللهِ أَبِي بَكْرٍ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ.
وَقَالَ الأَعْمَشُ: عَنْ أَبِي الضُّحَى:
رَأَيتُ عَلَى رَأْسِ ابْنِ الزُّبَيْرِ مِسْكاً يُسَاوِي مَالاً.
قُلْتُ: عِيْبَ ابْنُ الزُّبَيْرِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - بِشُحٍّ، فَرَوَى: الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي بَشِيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُسَاوِرٍ:
سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يُعَاتِبُ ابْنَ
الزُّبَيْرِ فِي البُخْلِ، وَيَقُوْلُ:قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لَيْسَ المُؤْمِنُ الَّذِي يَبِيْتُ شَبْعَانَ وَجَارُهُ جَائِعٌ ) .
وَرَوَى: عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، عَنْ لَيْثٍ، قَالَ:
كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُكْثِرُ أَنْ يُعَنِّفَ ابْنَ الزُّبَيْرِ بِالبُخْلِ، فَقَالَ: كَمْ تُعَيِّرُنِي.
يَعْقُوْبُ القُمِّيُّ: عَنْ جَعْفَرِ بنِ أَبِي المُغِيْرَةِ، عَنِ ابْنِ أَبْزَى، عَنْ عُثْمَانَ:
أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ قَالَ لَهُ حَيْثُ حُصِرَ: إِنَّ عِنْدِي نَجَائِبَ، فَهَلْ لَكَ أَنْ تَتَحَوَّلَ إِلَى مَكَّةَ، فَيَأْتِيَكَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَكَ؟
قَالَ: لاَ، إِنِّيْ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ: (يُلْحِدُ بِمَكَّةَ كَبْشٌ مِنْ قُرَيْشٍ، اسْمُهُ عَبْدُ اللهِ، عَلَيْهِ مِثْلُ نِصْفِ أَوْزَارِ النَّاسِ) .
رَوَاهُ: أَحْمَدُ فِي (مُسْنَدِهِ ) . وَفِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ.
عَبَّاسٌ التَّرْقُفِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ كَثِيْرٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو:سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ: (يُلْحِدُ بِمَكَّةَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ، يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ اللهِ، عَلَيْهِ نِصْفُ عَذَابِ العَالَمِ) ، فَوَاللهِ لاَ أَكُوْنُهُ.
فَتَحَوَّلَ مِنْهَا، وَسَكَنَ الطَّائِفَ.
قُلْتُ: مُحَمَّدٌ: هُوَ المَصِّيْصِيُّ، لَيِّنٌ، وَاحتَجَّ بِهِ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ.
أَبُو النَّضْرِ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ سَعِيْدٍ، أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ عَمْرٍو، قَالَ:
أَتَى عَبْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو عَبْدَ اللهِ بنَ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ: إِيَّاكَ وَالإِلْحَادَ فِي حَرَمِ اللهِ، فَأَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ: (يُحِلُّهَا - وَتَحِلُّ بِهِ - رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ، لَوْ وُزِنَتْ ذُنُوْبُهُ بِذُنُوْبِ الثَّقَلَيْنِ، لَوَزَنَتْهَا) .
قَالَ: فَانظُرْ يَا ابْنَ عَمْرٍو لاَ تَكُوْنُهُ ... ، وَذَكَرَ الحَدِيثَ.
شُعَيْبُ بنُ أَبِي حَمْزَةَ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي حَمْزَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِيْنَ اقْتَتَلُوا} [الحُجُرَاتُ: 9] ، قَالَ:
قُلْتُ لأَبِي: مَنْ هُمْ؟
قَالَ: ابْنُ الزُّبَيْرِ بَغَى عَلَى أَهْلِ الشَّامِ.
وَرَوَاهُ: يُوْنُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَفِيهِ: بَغَى عَلَى هَؤُلاَءِ، وَنَكَثَ عَهْدَهُم.
الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَنِي خَالِدُ بنُ وَضَّاحٍ، حَدَّثَنِي أَبُو الخَصِيْبِ نَافِعٌ مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، قَالَ:
رَأَيْتُ الحَجَرَ مِنَ المِنْجَنِيْقِ يَهْوِي حَتَّى أَقُوْلَ: لَقَدْ كَادَ أَنْ يَأْخُذَ لِحْيَةَ ابْنِ الزُّبَيْرِ.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: وَاللهِ إِنْ أُبَالِي إِذَا وَجَدْتُ ثَلاَثَ مائَةٍ يَصبِرُوْنَ صَبْرِي لَوْ أَجْلَبَ عَلَيَّ أَهْلُ الأَرْضِ.
قُلْتُ: قَدْ كَانَ يُضْرَبُ بِشَجَاعَتِهِ المَثَلُ.وَعَنِ المُنْذِرِ بنِ جَهْمٍ، قَالَ: رَأَيتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَوْمَ قُتِلَ وَقَدْ خَذَلَهُ مَنْ كَانَ مَعَهُ خِذْلاَناً شَدِيداً، وَجَعَلُوا يَتَسَلَّلُوْنَ إِلَى الحَجَّاجِ، وَجَعَلَ الحَجَّاجُ يَصِيحُ: أَيُّهَا النَّاسُ! عَلاَمَ تَقْتُلُوْنَ أَنْفُسَكُم؟ مَنْ خَرَجَ إِلَيْنَا فَهُوَ آمِنٌ، لَكُم عَهْدُ اللهِ وَمِيْثَاقُهُ - وَرَبِّ هَذِهِ البَنِيَّةِ - لاَ أَغْدِرُ بِكُم، وَلاَ لَنَا حَاجَةٌ فِي دِمَائِكُم.
قَالَ: فَتَسَلَّلَ إِلَيْهِ نَحْوٌ مِنْ عَشْرَةِ آلاَفٍ، فَلَقَدْ رَأَيتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَمَا مَعَهُ أَحَدٌ.
وَعَنْ إِسْحَاقَ بنِ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ:
حَضَرْتُ قَتْلَ ابْنِ الزُّبَيْرِ؛ جَعَلَتِ الجُيُوْشُ تَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنْ أَبْوَابِ المَسْجَدِ، فَكُلَّمَا دَخَلَ قَوْمٌ مِنْ بَابٍ، حَمَلَ عَلَيْهِم وَحْدَهُ حَتَّى يُخْرِجَهُم، فَبَيْنَا هُوَ عَلَى تِلْكَ الحَالِ، إِذْ وَقَعَتْ شُرْفَةٌ مِنْ شُرُفَاتِ المَسْجَدِ عَلَى رَأْسِهِ، فَصَرَعَتْهُ، وَهُوَ يَتَمَثَّلُ:
أَسْمَاءُ يَا أَسْمَاءُ لاَ تَبْكِينِي ... لَمْ يَبْقَ إِلاَّ حَسَبِي وَدِيْنِي
وَصَارِمٌ لاَثَتْ بِهِ يَمِينِي...
قُلْتُ: مَا إِخَالُ أُوْلَئِكَ العَسْكَرَ إِلاَّ لَوْ شَاؤُوا لأَتْلَفُوهُ بِسِهَامِهِم، وَلَكِنْ حَرَصُوا عَلَى أَنْ يُمْسِكُوهُ عَنْوَةً، فَمَا تَهَيَّأَ لَهُم، فَلَيْتَهُ كَفَّ عَنِ القِتَالِ لَمَّا رَأَى الغَلَبَةَ، بَلْ لَيْتَهُ لاَ الْتَجَأَ إِلَى البَيْتِ، وَلاَ أَحْوَجَ أُوْلَئِكَ الظَّلَمَةَ وَالحَجَّاجَ - لاَ
بَارَكَ اللهُ فِيْهِ - إِلَى انتِهَاكِ حُرْمَةِ بَيْتِ اللهِ وَأَمْنِهِ، فَنَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الفِتْنَةِ الصَّمَّاءِ.الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بنُ زُبَيْدٍ، عَنْ عَبَّاسِ بنِ سَهْلٍ:
سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُوْلُ: مَا أُرَانِي اليَوْمَ إِلاَّ مَقْتُوْلاً، لَقَدْ رَأَيْتُ فِي لَيْلَتِي كَأَنَّ السَّمَاءَ فُرِجَتْ لِي، فَدَخَلْتُهَا، فَقَدْ -وَاللهِ - مَلِلْتُ الحَيَاةَ وَمَا فِيْهَا، وَلَقَدْ قَرَأَ يَوْمَئِذٍ فِي الصُّبْحِ: {ن، وَالقَلَمِ} حَرْفاً حَرْفاً، وَإِنَّ سَيْفَهُ لَمَسْلُولٌ إِلَى جَنْبِهِ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
سَمِعَ ابْنُ عُمَرَ التَّكْبِيرَ فِيمَا بَيْنَ المَسْجَدِ إِلَى الحَجُوْنِ حِيْنَ قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ: لَمَنْ كَبَّرَ حِيْنَ وُلِدَ أَكْثَرُ وَخَيْرٌ مِمَّنْ كَبَّرَ لِقَتْلِهِ.
مَعْمَرٌ: عَنْ أَيُّوْبَ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، قَالَ:
قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: مَا شَيْءٌ كَانَ يُحَدِّثُنَا كَعْبٌ إِلاَّ قَدْ أَتَى عَلَى مَا قَالَ، إِلاَّ قَوْلُهُ: فَتَى ثَقِيْفٍ يَقْتُلُنِي، وَهَذَا رَأْسُهُ بَيْنَ يَدَيَّ -يَعْنِي: المُخْتَارَ الكَذَّابَ -.
زِيَادٌ الجَصَّاصُ: عَنْ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ:
أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، قَالَ لِغُلاَمِهِ: لاَ تَمُرَّ بِي عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ -يَعْنِي: وَهُوَ مَصْلُوْبٌ -.
قَالَ: فَغَفِلَ الغُلاَمُ، فَمَرَّ بِهِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَرَآهُ، فَقَالَ:
رَحِمَكَ اللهُ أَبَا خُبَيْبٍ، مَا عَلِمْتُكَ إِلاَّ صَوَّاماً قَوَّاماً، وَصُوْلاً لِرَحِمِكَ، أَمَا -وَاللهِ - إِنِّيْ لأَرْجُو مَعَ مَسَاوِئِ مَا قَدْ عَمِلْتَ أَنْ لاَ يُعَذِّبَكَ اللهُ.
ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيْقُ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (مَنْ يَعْمَلْ سُوْءاً يُجْزَ بِهِ فِي الدُّنْيَا).
قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ (الخُلَفَاءِ) : صَلَبُوا ابْنَ الزُّبَيْرِ مُنَكَّساً، وَكَانَ آدَمَ، نَحِيْفاً، لَيْسَ بِالطَّوِيْلِ، بَيْنَ عَيْنَيْهِ أَثَرُ السُّجُودِ، بَعَثَ عُمَّالَهُ إِلَى المَشْرِقِ كُلِّهِ وَالحِجَازِ.قَالَ جُوَيْرِيَةُ بنُ أَسْمَاءَ: عَنْ جَدَّتِهِ:
إِنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ غَسَّلَتِ ابْنَ الزُّبَيْرِ بَعْد مَا تَقَطَّعَتْ أَوْصَالُهُ، وَجَاءَ الإِذْنُ مِنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ عِنْدَمَا أَبَى الحَجَّاجُ أَنْ يَأْذَنَ لَهَا، فَحَنَّطَتْهُ، وَكَفَّنَتْهُ، وَصَلَّتْ عَلَيْهِ، وَجَعَلَتْ فِيْهِ شَيْئاً حِيْنَ رَأَتْهُ يَتَفَسَّخُ إِذَا مَسَّتْهُ.
وَقَالَ مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ: حَمَلَتْهُ أُمُّهُ، فَدَفَنَتْهُ بِالمَدِيْنَةِ فِي دَارِ صَفِيَّةَ أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ، ثُمَّ زِيْدَتْ دَارُ صَفِيَّةَ فِي المَسْجَدِ، فَهُوَ مَدْفُوْنٌ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْنِي: بِقُرْبِهِ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، وَعِدَّةٌ: قُتِلَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ.
وَوَهِمَ ضَمْرَةُ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، فَقَالاَ: قُتِلَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ.
عَاشَ: نَيِّفاً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -.
وَمَاتَتْ أُمُّهُ بَعْدَهُ بِشَهْرَيْنِ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَلَهَا قَرِيبٌ مِنْ مائَةِ عَامٍ.
هِيَ آخِرُ مَنْ مَاتَتْ مِنَ المُهَاجِرَاتِ الأُوَلِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - وَيُقَالُ لَهَا: ذَاتُ النِّطَاقَيْنِ.
كَانَتْ أَسَنَّ مِنَ عَائِشَةَ بِسَنَوَاتٍ.
رَوَتْ عِدَّةَ أَحَادِيْثَ.حَدَّثَ عَنْهَا: أَوْلاَدُهَا؛ عَبْدُ اللهِ، وَعُرْوَةُ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ المُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَوَهْبُ بنُ كَيْسَانَ، وَابْنُ المُنْكَدِرِ، وَالمُطَّلِبُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَخَلْقٌ.
وَهِيَ وَابْنُهَا عَبْدُ اللهِ، وَأَبُوْهَا أَبُو بَكْرٍ، وَجَدُّهَا أَبُو قُحَافَةَ صَحَابِيُّونَ، أَضَرَّتْ بِأَخَرَةٍ.
قَالَ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ: كَانَتْ أَكْبَرَ مِنْ عَائِشَةَ بِعَشْرِ سِنِيْنَ.
قُلْتُ: فَعَلَى هَذَا يَكُوْنُ عُمُرُهَا إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
وَأَمَّا هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، فَقَالَ: عَاشَتْ مائَةَ سَنَةٍ، وَلَمْ يَسْقُطْ لَهَا سِنٌّ.
وَقَدْ طَلَّقَهَا الزُّبَيْرُ قَبْلَ مَوْتِهِ زَمَنَ عُثْمَانَ.
وَقَالَ القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ: كَانَتْ أَسْمَاءُ لاَ تَدَّخِرُ شَيْئاً لِغَدٍ.
وَقِيْلَ: أَعْتَقَتْ عِدَّةَ مَمَالِيْكَ، وَقَدِ اسْتَوْفَيْتُ تَرْجَمَتهَا فِي (تَارِيْخِ الإِسْلاَمِ ) - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -.
وَمِنْ أَوْلاَدِهَا: عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ الفَقِيْهُ.
ابْنِ أَسَدِ بنِ عَبْدِ العُزَّى بنِ قُصَيِّ بنِ كِلاَبِ بنِ مُرَّةَ، أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ، أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو خُبَيْبٍ القُرَشِيُّ، الأَسَدِيُّ، المَكِّيُّ، ثُمَّ المَدَنِيُّ، أَحَدُ الأَعْلاَمِ، وَلَدُ الحَوَارِيِّ الإِمَامِ أَبِي عَبْدِ اللهِ، ابْنِ عَمِّةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحَوَارِيِّهِ.
(مُسْنَدُهُ) : نَحْوٌ مِنْ ثَلاَثَةٍ وَثَلاَثِيْنَ حَدِيْثاً.
اتَّفَقَا لَهُ عَلَى حَدِيثٍ وَاحِدٍ، وَانْفَرَدَ البُخَارِيُّ: بِسِتَّةِ أَحَادِيْثَ، وَمُسْلِمٌ: بِحَدِيْثَيْنِ.
كَانَ عَبْدُ اللهِ أَوَّلَ مَولُودٍ لِلْمُهَاجِرِينَ بِالمَدِيْنَةِ.
وُلِدَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ.
وَقِيْلَ: سَنَةَ إِحْدَى.
وَلَهُ صُحْبَةٌ، وَرِوَايَةُ أَحَادِيْثَ.عِدَادُه فِي صِغَارِ الصَّحَابَةِ، وَإِنْ كَانَ كَبِيْراً فِي العِلْمِ، وَالشَّرَفِ، وَالجِهَادِ، وَالعِبَادَةِ.
وَقَدْ رَوَى أَيْضاً عَنْ: أَبِيْهِ، وَجَدِّهِ لأُمِّهِ؛ الصِّدِّيْقِ، وَأُمِّهِ أَسْمَاءَ، وَخَالَتِهِ عَائِشَةَ، وَعَنْ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَغَيْرِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَخُوْهُ؛ عُرْوَةُ الفَقِيْهُ، وَابْنَاهُ عَامِرٌ وَعَبَّادٌ، وَابْنُ أَخِيْهِ؛ مُحَمَّدُ بنُ عُرْوَةَ، وَعَبِيْدَةُ السَّلْمَانِيُّ، وَطَاوُوْسٌ، وَعَطَاءٌ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَعَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ، وَثَابِتٌ البُنَانِيُّ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ المَكِّيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ، وَوَهْبُ بنُ كَيْسَانَ، وَسَعِيْدُ بنُ مِيْنَاءَ، وَحَفِيدَاهُ: مُصْعَبُ بنُ ثَابِتِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَيَحْيَى بنُ عَبَّادِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَهِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ المُنْذِرِ بنِ الزُّبَيْرِ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ فَارِسَ قُرَيْشٍ فِي زَمَانِهِ، وَلَهُ مَوَاقِفُ مَشهُودَةٌ.
قِيْلَ: إِنَّهُ شَهِدَ اليَرْمُوْكَ وَهُوَ مُرَاهِقٌ، وَفَتْحَ المَغْرِبِ، وَغَزْوَ القُسْطَنْطِيْنِيَّةِ، وَيَوْمَ الجَمَلِ مَعَ خَالَتِهِ.
وَبُوْيِعَ بِالخِلاَفَةِ عِنْدَ مَوْتِ يَزِيْدَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ، وَحَكَمَ عَلَى الحِجَازِ، وَاليَمَنِ، وَمِصْرَ، وَالعِرَاقِ، وَخُرَاسَانَ، وَبَعضِ الشَّامِ.
وَلَمْ يَسْتَوسِقْ لَهُ الأَمْرُ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَعُدَّهُ بَعْضُ العُلَمَاءِ فِي أُمَرَاءِ المُؤْمِنِيْنَ، وَعَدَّ دَوْلَتَهُ زَمَنَ فُرْقَةٍ، فَإِنَّ مَرْوَانَ غَلَبَ عَلَى الشَّامِ ثُمَّ مِصْرَ، وَقَامَ عِنْدَ مَصرعِهِ ابْنُهُ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَرْوَانَ، وَحَارَبَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، وَقُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ -رَحِمَهُ اللهُ - فَاسْتقَلَّ بِالخِلاَفَةِ عَبْدُ المَلِكِ وَآلُهُ، وَاسْتَوسَقَ لَهُمُ الأَمْرُ، إِلَى أَنْ قَهَرَهُم بَنُو العَبَّاسِ بَعْدَ مُلْكِ سِتِّيْنَ عَاماً.
قِيْلَ: إِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ أَدْركَ مِنْ حَيَاةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَمَانِيَةَ أَعْوَامٍ وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَكَانَ مُلاَزِماً لِلوُلُوجِ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ، لِكَوْنِهِ مِنْ آلِهِ، فَكَانَ يَتَرَدَّدُ إِلَى
بَيْتِ خَالَتِهِ عَائِشَةَ.شُعَيْبُ بنُ إِسْحَاقَ: عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، وَزَوْجَتِهِ فَاطِمَةَ، قَالاَ:
خَرَجَتْ أَسْمَاءُ حِيْنَ هَاجَرَتْ حُبْلَى، فَنُفِسَتْ بِعَبْدِ اللهِ بِقُبَاءَ.
قَالَتْ أَسْمَاءُ: فَجَاءَ عَبْدُ اللهِ بَعْدَ سَبْعِ سِنِيْنَ لِيُبَايِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَهُ بِذَلِكَ أَبُوْهُ الزُّبَيْرُ، فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِيْنَ رَآهُ مُقْبِلاً، ثُمَّ بَايَعَهُ.
حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَإِسْنَادُهُ قَوِيٌّ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: عَنْ مُصْعَبِ بنِ ثَابِتٍ، عَنْ يَتِيْمِ عُرْوَةَ أَبِي الأَسْوَدِ، قَالَ:
لَمَّا قَدِمَ المُهَاجِرُوْنَ، أَقَامُوا لاَ يُولَدُ لَهُم، فَقَالُوا: سَحَرَتْنَا يَهُوْدُ، حَتَّى كَثُرتِ القَالَةُ فِي ذَلِكَ، فَكَانَ أَوَّلَ مَولُودٍ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَكَبَّرَ المُسْلِمُوْنَ تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً حَتَّى ارْتَجَّتِ المَدِيْنَةُ، وَأَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا بَكْرٍ، فَأَذَّنَ فِي أُذُنَيْهِ بِالصَّلاَةِ.
وَقَالَ مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ؛ عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
كَانَ عَارِضَا ابْنِ الزُّبَيْرِ خَفِيفَيْنِ، فَمَا اتَّصَلَتْ لِحْيَتُهُ حَتَّى بَلَغَ السِّتِّيْنَ.
وَفِي البُخَارِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ:
أَنَّ الزُّبَيْرَ أَركَبَ وَلَدَهُ عَبْدَ اللهِ يَوْمَ اليَرْمُوْكِ فَرَساً وَهُوَ ابْنُ عَشْرِ سِنِيْنَ، وَوَكَّلَ بِهِ رَجُلاً.
التَّبُوْذَكِيُّ: حَدَّثَنَا هُنَيْدُ بنُ القَاسِمِ: سَمِعْتُ عَامِرَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ:إِنَّهُ أَتَى رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَحْتَجِمُ، فَلَمَّا فَرَغَ، قَالَ: (يَا عَبْدَ اللهِ! اذْهَبْ بِهَذَا الدَّمِ، فَأَهْرِقْهُ حَيْثُ لاَ يَرَاكَ أَحَدٌ) .
فَلَمَّا بَرَزَ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمدَ إِلَى الدَّمِ، فَشَرِبَهُ.
فَلَمَّا رَجَعَ، قَالَ: (مَا صَنَعْتَ بِالدَّمِ؟) .
قَالَ: عَمدْتُ إِلَى أَخْفَى مَوْضِعٍ عَلِمْتُ، فَجَعَلْتُهُ فِيْهِ.
قَالَ: (لَعَلَّكَ شَرِبْتَهُ؟) .
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: (وَلِمَ شَرَبْتَ الدَّمَ؟ وَيْلٌ لِلنَّاسِ مِنْكَ، وَوَيْلٌ لَكَ مِنَ النَّاسِ) .
قَالَ مُوْسَى التَّبُوْذَكِيُّ: فَحَدَّثْتُ بِهِ أَبَا عَاصِمٍ، فَقَالَ:
كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ القُوَّةَ الَّتِي بِهِ مِنْ ذَلِكَ الدَّمِ.
رَوَاهُ: أَبُو يَعْلَى فِي (مُسْنَدِهِ) ، وَمَا عَلِمْتُ فِي هُنَيْدٍ جَرْحَةً.
خَالِدٌ الحَذَّاءُ: عَنْ يُوْسُفَ أَبِي يَعْقُوْبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ حَاطِبٍ، وَالحَارِثِ، قَالاَ:
طَالَمَا حَرَصَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى الإِمَارَةِ.
قُلْتُ: وَمَا ذَلِكَ؟
قَالاَ: أُتِيَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلِصٍّ، فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ.
فَقِيْلَ: إِنَّهُ سَرَقَ.
فَقَالَ: (اقْطَعُوْهُ) .
ثُمَّ جِيْءَ بِهِ فِي إِمْرَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَقَدْ سَرَقَ، وَقَدْ قُطِعَتْ قَوَائِمُهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ:
مَا أَجِدُ لَكَ شَيْئاً إِلاَّ مَا قَضَى فِيكَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ أَمَرَ بِقَتْلِكَ.
فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ أُغَيْلِمَةً مِنْ أَبْنَاءِ المُهَاجِرِينَ أَنَا فِيْهم.
فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: أَمِّرُوْنِي عَلَيْكُم.
فَأَمَّرْنَاهُ، فَانْطَلَقْنَا بِهِ إِلَى البَقِيْعِ، فَقَتَلْنَاهُ.
هَذَا خَبَرٌ مُنْكَرٌ، فَاللهُ أَعْلَمُ.
قَالَ الحَارِثُ بنُ عُبَيْدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الجَوْنِيُّ:أَنَّ نَوْفاً البِكَالِيَّ قَالَ: إِنِّيْ لأَجِدُ فِي كِتَابِ اللهِ المُنْزَلِ: أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ فَارِسُ الخُلَفَاءِ.
مَهْدِيُّ بنُ مَيْمُوْنٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي يَعْقُوْبَ:
أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَانَ يَلْقَى ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَيَقُوْلُ: مَرْحَباً بِابْنِ عَمِّةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَابْنِ حَوَارِيِّ رَسُوْلِ اللهِ.
وَيَأْمُرُ لَهُ بِمائَةِ أَلْفٍ.
ابْنُ جُرَيْجٍ: عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ:
ذُكِرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: قَارِئٌ لِكِتَابِ اللهِ، عَفِيْفٌ فِي الإِسْلاَمِ، أَبُوْهُ الزُّبَيْرُ، وَأُمُّهُ أَسْمَاءُ، وَجَدُّهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعَمَّتُهُ خَدِيْجَةُ، وَخَالَتُهُ عَائِشَةُ، وَجَدَّتُهُ صَفِيَّةُ، وَاللهِ إِنِّيْ لأُحَاسِبُ لَهُ نَفْسِي مُحَاسَبَةً لَمْ أُحَاسِبْ بِهَا لأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ.
مُسْلِمٌ الزَّنْجِيُّ: سَمِعْتُ عَمْرَو بنَ دِيْنَارٍ يَقُوْلُ:
مَا رَأَيتُ مُصَلِّياً قَطُّ أَحسَنَ صَلاَةً مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ.
عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ عَبْدِ الوَارِثِ: حَدَّثَتْنَا مَاطِرَةُ المَهْرِيَّةُ، حَدَّثَتْنِي خَالَتِي أُمُّ جَعْفَرٍ بِنْتُ النُّعْمَانِ:
أَنَّهَا سَلَّمَتْ عَلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، وَعِنْدَهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَقَالَتْ: قَوَّامٌ اللَّيْلَ، صَوَّامٌ النَّهَارَ، وَكَانَ يُسَمَّى حَمَامَةَ المَسْجَدِ.
قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: قَالَ لِي عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: إِنَّ فِي قَلْبِكَ مِنِ ابْنِ
الزُّبَيْرِ.قُلْتُ: لَوْ رَأَيْتَهُ مَا رَأَيتَ مُنَاجِياً وَلاَ مُصَلِّياً مِثْلَهُ.
وَرَوَى: حَبِيْبُ بنُ الشَّهِيْدِ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ:
كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يُوَاصِلُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَيُصْبِحُ فِي اليَوْمِ السَّابِعِ وَهُوَ أَلْيَثُنَا.
قُلْتُ: لَعَلَّهُ مَا بَلَغَهُ النَّهْيُ عَنِ الوِصَالِ، وَنَبِيُّكَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالمُؤْمِنِيْنَ رَؤُوْفٌ رَحِيْمٌ، وَكُلُّ مَنْ وَاصَلَ، وَبَالَغَ فِي تَجْوِيعِ نَفْسِهِ، انْحَرَفَ مِزَاجُهُ، وَضَاقَ خُلُقُهُ، فَاتِّبَاعُ السُّنَّةِ أَوْلَى، وَلَقَدْ كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مَعَ مُلْكِهِ صِنْفاً فِي العِبَادَةِ.
أَخْبَرْنَا إِسْحَاقُ بنُ طَارِقٍ، أَخْبَرْنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرْنَا الحَدَّادُ، أَخْبَرْنَا أَبُو نُعَيْمٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدٍ بنُ جَبَلَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عُمَرَ بنِ قَيْسٍ، قَالَ:
كَانَ لابْنِ الزُّبَيْرِ مائَةُ غُلاَمٍ، يُكَلِّمُ كُلَّ غُلاَمٍ مِنْهُم بِلُغَةٍ أُخْرَى، فَكُنْتَ إِذَا نَظَرْتَ إِلَيْهِ فِي أَمْرِ آخِرَتِهِ، قُلْتَ: هَذَا رَجُلٌ لَمْ يُرِدِ الدُّنْيَا طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَإِذَا نَظَرْتَ إِلَيْهِ فِي أَمْرِ دُنْيَاهُ، قُلْتَ: هَذَا رَجُلٌ لَمْ يُرِدِ اللهَ طَرْفَةَ عَيْنٍ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ، كَأَنَّهُ عُوْدٌ، وَحَدَّثَ
أَنَّ أَبَا بَكْرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - كَانَ كَذَلِكَ.قَالَ ثَابِتٌ البُنَانِيُّ: كُنْتُ أَمُرُّ بِابْنِ الزُّبَيْرِ، وَهُوَ خَلْفَ المَقَامِ يُصَلِّي، كَأَنَّهُ خَشَبَةٌ مَنْصُوْبَةٌ لاَ تَتَحَرَّكُ.
رَوَى: يُوْسُفُ بنُ المَاجِشُوْنِ، عَنِ الثِّقَةِ يُسْنِدُهُ، قَالَ:
قَسمَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الدَّهْرَ عَلَى ثَلاَثِ لَيَالٍ؛ فَلَيْلَةٌ هُوَ قَائِمٌ حَتَّى الصَّبَاحِ، وَلَيْلَةٌ هُوَ رَاكِعٌ حَتَّى الصَّباحِ، وَلَيْلَةٌ هُوَ سَاجِدٌ حَتَّى الصَّباحِ.
يَزِيْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ التُّسْتَرِيُّ: عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ سَعِيْدٍ، عَنْ مُسْلِمِ بنِ يَنَّاقَ، قَالَ:
رَكَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَوْماً رَكْعَةً، فَقَرَأْنَا بِالبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ وَالنِّسَاءِ وَالمَائِدَةِ، وَمَا رَفَعَ رَأْسَهُ.
قُلْتُ: وَهَذَا مَا بَلَغَ ابْنَ الزُّبَيْرِ فِيْهِ حَدِيثُ النَّهْيِ.
قَالَ يَزِيْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ: عَنْ عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، قَالَ:
كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يُصَلِّي فِي الحِجْرِ، وَالمِنْجَنِيْقُ يَصُبُّ تُوْبَهُ، فَمَا يَلتَفِتُ -يَعْنِي: لَمَّا حَاصَرُوْهُ -.
وَرَوَى: هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، عَنِ ابْنِ المُنْكَدِرِ، قَالَ:
لَوْ رَأَيتَ ابْنَ الزُّبَيْرِ يُصَلِّي كَأَنَّهُ غُصْنٌ تَصْفِقُهُ الرِّيْحُ، وَحَجَرُ المِنْجَنِيْقِ يَقَعُ هَا هُنَا.
أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: مَا رَأَيتُ أَحَداً أَعْظَمَ
سَجْدَةً بَيْنَ عَيْنَيْهِ مِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ.مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ عُمَرَ بنِ قَيْسٍ، عَنْ أُمِّهِ:
أَنَّهَا دَخَلتْ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ بَيْتَهُ، فَإِذَا هُوَ يُصَلِّي، فَسَقطَتْ حَيَّةٌ عَلَى ابْنِهِ هَاشِمٍ، فَصَاحُوا: الحَيَّةَ الحَيَّةَ.
ثُمَّ رَمَوْهَا، فَمَا قَطَعَ صَلاَتَهُ.
قَالَ مَيْمُوْنُ بنُ مِهْرَانَ: رَأَيتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يُوَاصِلُ مِنَ الجُمُعَةِ إِلَى الجُمُعَةِ، فَإِذَا أَفطَرَ، اسْتَعَانَ بِالسَّمْنِ حَتَّى يَلِيْنَ.
لَيْثٌ: عَنْ مُجَاهِدٍ: مَا كَانَ بَابٌ مِنَ العِبَادَةِ يَعْجِزُ عَنْهُ النَّاسُ إِلاَّ تَكَلَّفَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَلَقَدْ جَاءَ سَيْلٌ طَبَّقَ البَيْتَ، فَطَافَ سِبَاحَةً.
وَعَنْ عُثْمَانَ بنِ طَلْحَةَ، قَالَ:
كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لاَ يُنَازَعُ فِي ثَلاَثَةٍ: شَجَاعَةٍ، وَلاَ عِبَادَةٍ، وَلاَ بَلاغَةٍ.
إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ:
أَنَّ عُثْمَانَ أَمَرَ زَيْداً، وَابْنَ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيْدَ بنَ العَاصِ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ الحَارِثِ بنِ هِشَامٍ، فَنَسَخُوا المَصَاحِفَ، وَقَالَ: إِذَا اخْتَلَفْتُم أَنْتُم وَزَيْدٌ فِي شَيْءٍ، فَاكْتُبُوْهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ؛ فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهم.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَيْمَنَ، قَالَ:
رَأَيْتُ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ رِدَاءً عَدَنِيّاً يُصَلِّي فِيْهِ، وَكَانَ صَيِّتاً، إِذَا خَطَبَ تَجَاوَبَ الجَبَلاَنِ.
وَكَانَتْ لَهُ جُمَّةٌ إِلَى العُنُقِ، وَلِحْيَتُهُ صَفْرَاءُ.
مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ: حَدَّثَنَا أَبِي، وَالزُّبَيْرُ بنُ خُبَيْبٍ، قَالاَ:قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: هَجَمَ عَلَيْنَا جُرْجِيْرُ فِي عِشْرِيْنَ وَمائَةٍ أَلْفٍ، فَأَحَاطُوا بِنَا وَنَحْنُ فِي عِشْرِيْنَ أَلْفاً -يَعْنِي: نَوْبَةَ إِفْرِيْقِيَةَ -.
قَالَ: وَاختَلَفَ النَّاسُ عَلَى ابْنِ أَبِي سَرْحٍ، فَدَخَلَ فُسْطَاطَهُ، فَرَأَيتُ غِرَّةً مِنْ جُرْجِيْرَ؛ بَصُرْتُ بِهِ خَلْفَ عَسَاكِرِهِ عَلَى بِرْذَوْنٍ أَشْهَبَ، مَعَهُ جَارِيَتَانِ تُظَلِّلاَنِ عَلَيْهِ بِرِيشِ الطَّوَاوِيْسِ، بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَيْشِهِ أَرْضٌ بَيْضَاءُ، فَأَتَيتُ أَمِيْرَنَا ابْنَ أَبِي سَرْحٍ، فَنَدَبَ لِيَ النَّاسَ، فَاختَرتُ ثَلاَثِيْنَ فَارِساً، وَقُلْتُ لِسَائِرِهِم: الْبَثُوا عَلَى مَصَافِّكُم.
وَحَمَلتُ، وَقُلْتُ لَهُم: احْمُوا ظَهْرِي.
فَخَرَقْتُ الصَّفَّ إِلَى جُرْجِيْرَ، وَخَرجْتُ صَامِداً، وَمَا يَحْسِبُ هُوَ وَلاَ أَصْحَابُهُ إِلاَّ أَنِّي رَسُولٌ إِلَيْهِ، حَتَّى دَنَوْتُ مِنْهُ، فَعَرَفَ الشَّرَّ، فَثَابَرَ بِرْذَوْنُهُ مُوَلِّياً، فَأَدْركْتُهُ، فَطَعَنْتُهُ، فَسَقَطَ، ثُمَّ احْتَزَزْتُ رَأْسَهُ، فَنَصَبْتُهُ عَلَى رُمْحِي، وَكَبَّرْتُ، وَحَمَلَ المُسْلِمُوْنَ، فَارْفَضَّ العَدُوُّ، وَمَنَحَ اللهُ أَكْتَافَهُم.
مَعْمَرٌ: عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، قَالَ:
أُخِذَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مِنْ وَسْطِ القَتْلَى يَوْمَ الجَمَلِ، وَبهِ بِضْعٌ وَأَرْبَعُوْنَ ضَرْبَةً وَطَعْنَةً.
وَقِيْلَ: إِنَّ عَائِشَةَ أَعْطَتْ يَوْمَئِذٍ لِمَنْ بَشَّرَهَا بِسَلاَمَتِهِ عَشْرَةَ آلاَفٍ.
وَعَنْ عُرْوَةَ، قَالَ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَحبَّ إِلَى عَائِشَةَ بَعْدَ رَسُوْلِ اللهِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ، وَبَعْدَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا رَبِيْعَةُ بنُ عُثْمَانَ، وَابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، وَغَيْرُهُمَا، قَالُوا:جَاءَ نَعْيُ يَزِيْدَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ، فَقَامَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ، وَبَايَعَهُ النَّاسُ.
فَدَعَا ابْنَ عَبَّاسٍ، وَابْنَ الحَنَفِيَّةِ إِلَى بَيْعَتِهِ، فَامْتَنَعَا، وَقَالاَ: حَتَّى يَجْتَمِعَ لَكَ النَّاسُ.
فَدَارَاهُمَا سَنَتَيْنِ، ثُمَّ إِنَّهُ أَغلَظَ لَهُمَا، وَدَعَاهُمَا، فَأَبَيَا.
قَالَ مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَغَيْرُهُ: كَانَ يُقَالُ لابْنِ الزُّبَيْرِ: عَائِذُ بَيْتِ اللهِ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَمَّتِهِ أُمِّ بَكْرٍ، قَالَ:
وَحَدَّثَنِي شُرَحْبِيْلُ بنُ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ أَبِيْهِ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، وَغَيْرُهُم، قَالُوا:
لَمَّا نَزَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِالمَدِيْنَةِ فِي خِلاَفَةِ مُعَاوِيَةَ ... ، إِلَى أَنْ قَالُوا:
فَخَرَجَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى مَكَّةَ، وَلَزِمَ الحِجْرَ، وَلَبِسَ المَعَافِرِيَّ، وَجَعَلَ يُحرِّضُ عَلَى بَنِي أُمَيَّةَ، وَمَشَى إِلَى يَحْيَى بنِ حَكِيْمٍ الجُمَحِيِّ وَالِي مَكَّةَ، فَبَايَعَهُ لِيَزِيْدَ، فَلَمْ يَرْضَ يَزِيْدُ حَتَّى يُؤْتَى بِهِ فِي جَامِعَةٍ وَوَثَاقٍ.
فَقَالَ لَهُ وَلدُهُ مُعَاوِيَةُ بنُ يَزِيْدَ: ادفَعْ عَنْكَ الشَّرَّ مَا انْدَفَعَ، فَإِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ لَجُوْجٌ لاَ يُطِيعُ لِهَذَا أَبَداً، فَكَفِّرْ عَنْ يَمِيْنِكَ.
فَغَضِبَ، وَقَالَ: إِنَّ فِي أَمرِكَ لَعَجَباً!
قَالَ: فَادْعُ عَبْدَ اللهِ بنَ جَعْفَرٍ، فَاسْأَلْهُ عَمَّا أَقُوْلُ.
فَدَعَاهُ، فَقَالَ لَهُ: أَصَابَ ابْنُكَ أَبُو لَيْلَى.
فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ، وَامْتَنَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّيْ عَائِذُ بَيْتِكَ، فَقِيْلَ لَهُ: عَائِذُ البَيْتِ.
وَبَقِيَ لاَ يَعْرِضُ لَهُ أَحَدٌ، فَكَتَبَ يَزِيْدُ إِلَى عَمْرٍو الأَشْدَقِ وَالِي المَدِيْنَةِ أَنْ يُجَهِّزَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ جُنْداً، فَنَدَبَ لِقِتَالِهِ أَخَاهُ عَمْرَو بنَ الزُّبَيْرِ فِي أَلْفٍ، فَظَفِرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِأَخِيْهِ بَعْد قِتَالٍ، فَعَاقَبَهُ. وَأَخَّرَ عَنْ
الصَّلاَةِ بِمَكَّةَ الحَارِثَ بنَ يَزِيْدَ، وَقَرَّرَ مُصْعَبَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، وَكَانَ لاَ يَقْطَعُ أَمْراً دُوْنَ المِسْوَرِ بنِ مَخْرَمَةَ، وَمُصْعَبِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَجُبَيْرِ بنِ شَيْبَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ صَفْوَانَ بنِ أُمَيَّةَ، فَكَانَ يُشَاوِرُهُم فِي أَمْرِهِ كُلِّهِ، وَيُرِيهِم أَنَّ الأَمْرَ شُوْرَى بَيْنَهم لاَ يَسْتَبدُّ بِشَيْءٍ مِنْهُ دُوْنَهُم، وَيُصَلِّي بِهِمُ الجُمُعَةَ، وَيَحُجُّ بِهِم بِلاَ إِمْرَةٍ.وَكَانَتِ الخَوَارِجُ وَأَهْلُ الفِتَنِ قَدْ أَتَوْهُ، وَقَالُوا: عَائِذُ بَيْتِ اللهِ.
ثُمَّ دَعَا إِلَى نَفْسِهِ، وَبَايَعُوْهُ، وَفَارَقَتْهُ الخَوَارِجُ.
فَوَلَّى عَلَى المَدِيْنَةِ أَخَاهُ مُصْعَباً، وَعَلَى البَصْرَةِ الحَارِثَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي رَبِيْعَةَ، وَعَلَى الكُوْفَةِ عَبْدَ اللهِ بنَ مُطِيْعٍ، وَعَلَى مِصْرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ جَحْدَمٍ الفِهْرِيَّ، وَعَلَى اليَمَنِ، وَعَلَى خُرَاسَانَ، وَأَمَّرَ عَلَى الشَّامِ الضَّحَّاكَ بنَ قَيْسٍ، فَبَايَعَ لَهُ عَامَّةُ أَهْلِ الشَّامِ، وَأَبَتْ طَائِفَةٌ، وَالْتَفَّتْ عَلَى مَرْوَانَ بنِ الحَكَمِ، وَجَرَتْ أُمُوْر طَويلَةٌ، وَحُرُوْبٌ مُزْعِجَةٌ، وَجَرَتْ وَقْعَةُ مَرْجِ رَاهِطٍ، وَقُتِلَ أُلُوفٌ مِنَ العَرَبِ، وَقُتِلَ الضَّحَّاكُ، وَاسْتَفحَلَ أَمْرُ مَرْوَانَ إِلَى أَنْ غَلَبَ عَلَى الشَّامِ، وَسَارَ فِي جَيْشٍ عَرَمْرَمٍ، فَأَخَذَ مِصْرَ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا وَلَدَهُ عَبْدَ العَزِيْزِ، ثُمَّ دَهَمَهُ المَوْتُ.
فَقَامَ بَعْدَهُ وَلدُهُ الخَلِيْفَةُ عَبْدُ المَلِكِ، فَلَمْ يَزَلْ يُحَارِبُ ابْنَ الزُّبَيْرِ حَتَّى ظَفِرَ بِهِ بَعْدَ أَنْ سَارَ إِلَى العِرَاقِ، وَقَتَلَ مُصْعَبَ بنَ الزُّبَيْرِ.
قَالَ شُعَيْبُ بنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ يَزِيْدَ كَتَبَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ: إِنِّيْ قَدْ بَعَثتُ إِلَيْكَ بِسِلْسِلَةٍ فِضَّةً، وَقَيْداً مِنْ ذَهَبٍ، وَجَامِعَةٍ مِنْ فِضَّةٍ، وَحَلَفْتُ لَتَأْتِيَنِّي فِي ذَلِكَ.
فَأَلْقَى الكِتَابَ، وَأَنْشَدَ:
وَلاَ أَلِيْنُ لِغَيْرِ الحَقِّ أَسْأَلُهُ ... حَتَّى يَلِيْنَ لِضِرْسِ المَاضِغِ الحَجَرُ
قُلْتُ: ثُمَّ جَهَّزَ يَزِيْدُ جَيْشاً سِتَّةَ آلاَفٍ، إِذْ بَلَغَهُ أَنَّ أَهْلَ المَدِيْنَةِ خَلَعُوْهُ، فَجَرَتْ وَقْعَةُ الحَرَّةِ، وَقُتِلَ نَحْوُ أَلْفٍ مِنْ أَهْلِ المَدِيْنَةِ، ثُمَّ سَارَ الجَيْشُ، عَلَيْهِم حُصَيْنُ بنُ نُمَيْرٍ، فَحَاصَرُوا الكَعْبَةَ، وَبِهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَجَرَتْ أُمُوْرٌ عَظِيمَةٌ، فَقَلَعَ اللهُ يَزِيْدَ، وَبَايَعَ حُصَيْنٌ وَعَسْكَرُهُ ابْنَ الزُّبَيْرِ بِالخِلاَفَةِ، وَرَجَعُوا إِلَى الشَّامِ.قَالَ شَبَابٌ: حَضَرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ المَوْسِمَ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ، فَحَجَّ بِالنَّاسِ، وَحَجَّ بِأَهْلِ الشَّامِ الحَجَّاجُ، وَلَمْ يَطَّوَّفُوا بِالبَيْتِ.
قَالَ هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ: أَوَّلُ مَنْ كَسَا الكَعْبَةَ الدِّيبَاجَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَكَانَ يُطَيِّبُهَا حَتَّى يُوجَدَ رِيْحُهَا مِنْ طَرَفِ الحَرَمِ، وَكَانَتْ كِسْوَتُهَا قَبْلَهُ الأَنْطَاعَ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ شُعَيْبٍ الحَجَبِيُّ: إِنَّ المَهْدِيَّ لَمَّا جَرَّدَ الكَعْبَةَ، كَانَ فِيمَا نَزَعَ عَنْهَا كِسْوَةَ ابْنِ الزُّبَيْرِ مِنْ دِيبَاجٍ مَكْتُوبٍ عَلَيْهَا: لِعَبْدِ اللهِ أَبِي بَكْرٍ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ.
وَقَالَ الأَعْمَشُ: عَنْ أَبِي الضُّحَى:
رَأَيتُ عَلَى رَأْسِ ابْنِ الزُّبَيْرِ مِسْكاً يُسَاوِي مَالاً.
قُلْتُ: عِيْبَ ابْنُ الزُّبَيْرِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - بِشُحٍّ، فَرَوَى: الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي بَشِيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُسَاوِرٍ:
سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يُعَاتِبُ ابْنَ
الزُّبَيْرِ فِي البُخْلِ، وَيَقُوْلُ:قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لَيْسَ المُؤْمِنُ الَّذِي يَبِيْتُ شَبْعَانَ وَجَارُهُ جَائِعٌ ) .
وَرَوَى: عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، عَنْ لَيْثٍ، قَالَ:
كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُكْثِرُ أَنْ يُعَنِّفَ ابْنَ الزُّبَيْرِ بِالبُخْلِ، فَقَالَ: كَمْ تُعَيِّرُنِي.
يَعْقُوْبُ القُمِّيُّ: عَنْ جَعْفَرِ بنِ أَبِي المُغِيْرَةِ، عَنِ ابْنِ أَبْزَى، عَنْ عُثْمَانَ:
أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ قَالَ لَهُ حَيْثُ حُصِرَ: إِنَّ عِنْدِي نَجَائِبَ، فَهَلْ لَكَ أَنْ تَتَحَوَّلَ إِلَى مَكَّةَ، فَيَأْتِيَكَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَكَ؟
قَالَ: لاَ، إِنِّيْ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ: (يُلْحِدُ بِمَكَّةَ كَبْشٌ مِنْ قُرَيْشٍ، اسْمُهُ عَبْدُ اللهِ، عَلَيْهِ مِثْلُ نِصْفِ أَوْزَارِ النَّاسِ) .
رَوَاهُ: أَحْمَدُ فِي (مُسْنَدِهِ ) . وَفِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ.
عَبَّاسٌ التَّرْقُفِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ كَثِيْرٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو:سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ: (يُلْحِدُ بِمَكَّةَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ، يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ اللهِ، عَلَيْهِ نِصْفُ عَذَابِ العَالَمِ) ، فَوَاللهِ لاَ أَكُوْنُهُ.
فَتَحَوَّلَ مِنْهَا، وَسَكَنَ الطَّائِفَ.
قُلْتُ: مُحَمَّدٌ: هُوَ المَصِّيْصِيُّ، لَيِّنٌ، وَاحتَجَّ بِهِ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ.
أَبُو النَّضْرِ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ سَعِيْدٍ، أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ عَمْرٍو، قَالَ:
أَتَى عَبْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو عَبْدَ اللهِ بنَ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ: إِيَّاكَ وَالإِلْحَادَ فِي حَرَمِ اللهِ، فَأَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ: (يُحِلُّهَا - وَتَحِلُّ بِهِ - رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ، لَوْ وُزِنَتْ ذُنُوْبُهُ بِذُنُوْبِ الثَّقَلَيْنِ، لَوَزَنَتْهَا) .
قَالَ: فَانظُرْ يَا ابْنَ عَمْرٍو لاَ تَكُوْنُهُ ... ، وَذَكَرَ الحَدِيثَ.
شُعَيْبُ بنُ أَبِي حَمْزَةَ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي حَمْزَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِيْنَ اقْتَتَلُوا} [الحُجُرَاتُ: 9] ، قَالَ:
قُلْتُ لأَبِي: مَنْ هُمْ؟
قَالَ: ابْنُ الزُّبَيْرِ بَغَى عَلَى أَهْلِ الشَّامِ.
وَرَوَاهُ: يُوْنُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَفِيهِ: بَغَى عَلَى هَؤُلاَءِ، وَنَكَثَ عَهْدَهُم.
الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَنِي خَالِدُ بنُ وَضَّاحٍ، حَدَّثَنِي أَبُو الخَصِيْبِ نَافِعٌ مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، قَالَ:
رَأَيْتُ الحَجَرَ مِنَ المِنْجَنِيْقِ يَهْوِي حَتَّى أَقُوْلَ: لَقَدْ كَادَ أَنْ يَأْخُذَ لِحْيَةَ ابْنِ الزُّبَيْرِ.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: وَاللهِ إِنْ أُبَالِي إِذَا وَجَدْتُ ثَلاَثَ مائَةٍ يَصبِرُوْنَ صَبْرِي لَوْ أَجْلَبَ عَلَيَّ أَهْلُ الأَرْضِ.
قُلْتُ: قَدْ كَانَ يُضْرَبُ بِشَجَاعَتِهِ المَثَلُ.وَعَنِ المُنْذِرِ بنِ جَهْمٍ، قَالَ: رَأَيتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَوْمَ قُتِلَ وَقَدْ خَذَلَهُ مَنْ كَانَ مَعَهُ خِذْلاَناً شَدِيداً، وَجَعَلُوا يَتَسَلَّلُوْنَ إِلَى الحَجَّاجِ، وَجَعَلَ الحَجَّاجُ يَصِيحُ: أَيُّهَا النَّاسُ! عَلاَمَ تَقْتُلُوْنَ أَنْفُسَكُم؟ مَنْ خَرَجَ إِلَيْنَا فَهُوَ آمِنٌ، لَكُم عَهْدُ اللهِ وَمِيْثَاقُهُ - وَرَبِّ هَذِهِ البَنِيَّةِ - لاَ أَغْدِرُ بِكُم، وَلاَ لَنَا حَاجَةٌ فِي دِمَائِكُم.
قَالَ: فَتَسَلَّلَ إِلَيْهِ نَحْوٌ مِنْ عَشْرَةِ آلاَفٍ، فَلَقَدْ رَأَيتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَمَا مَعَهُ أَحَدٌ.
وَعَنْ إِسْحَاقَ بنِ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ:
حَضَرْتُ قَتْلَ ابْنِ الزُّبَيْرِ؛ جَعَلَتِ الجُيُوْشُ تَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنْ أَبْوَابِ المَسْجَدِ، فَكُلَّمَا دَخَلَ قَوْمٌ مِنْ بَابٍ، حَمَلَ عَلَيْهِم وَحْدَهُ حَتَّى يُخْرِجَهُم، فَبَيْنَا هُوَ عَلَى تِلْكَ الحَالِ، إِذْ وَقَعَتْ شُرْفَةٌ مِنْ شُرُفَاتِ المَسْجَدِ عَلَى رَأْسِهِ، فَصَرَعَتْهُ، وَهُوَ يَتَمَثَّلُ:
أَسْمَاءُ يَا أَسْمَاءُ لاَ تَبْكِينِي ... لَمْ يَبْقَ إِلاَّ حَسَبِي وَدِيْنِي
وَصَارِمٌ لاَثَتْ بِهِ يَمِينِي...
قُلْتُ: مَا إِخَالُ أُوْلَئِكَ العَسْكَرَ إِلاَّ لَوْ شَاؤُوا لأَتْلَفُوهُ بِسِهَامِهِم، وَلَكِنْ حَرَصُوا عَلَى أَنْ يُمْسِكُوهُ عَنْوَةً، فَمَا تَهَيَّأَ لَهُم، فَلَيْتَهُ كَفَّ عَنِ القِتَالِ لَمَّا رَأَى الغَلَبَةَ، بَلْ لَيْتَهُ لاَ الْتَجَأَ إِلَى البَيْتِ، وَلاَ أَحْوَجَ أُوْلَئِكَ الظَّلَمَةَ وَالحَجَّاجَ - لاَ
بَارَكَ اللهُ فِيْهِ - إِلَى انتِهَاكِ حُرْمَةِ بَيْتِ اللهِ وَأَمْنِهِ، فَنَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الفِتْنَةِ الصَّمَّاءِ.الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بنُ زُبَيْدٍ، عَنْ عَبَّاسِ بنِ سَهْلٍ:
سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُوْلُ: مَا أُرَانِي اليَوْمَ إِلاَّ مَقْتُوْلاً، لَقَدْ رَأَيْتُ فِي لَيْلَتِي كَأَنَّ السَّمَاءَ فُرِجَتْ لِي، فَدَخَلْتُهَا، فَقَدْ -وَاللهِ - مَلِلْتُ الحَيَاةَ وَمَا فِيْهَا، وَلَقَدْ قَرَأَ يَوْمَئِذٍ فِي الصُّبْحِ: {ن، وَالقَلَمِ} حَرْفاً حَرْفاً، وَإِنَّ سَيْفَهُ لَمَسْلُولٌ إِلَى جَنْبِهِ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
سَمِعَ ابْنُ عُمَرَ التَّكْبِيرَ فِيمَا بَيْنَ المَسْجَدِ إِلَى الحَجُوْنِ حِيْنَ قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ: لَمَنْ كَبَّرَ حِيْنَ وُلِدَ أَكْثَرُ وَخَيْرٌ مِمَّنْ كَبَّرَ لِقَتْلِهِ.
مَعْمَرٌ: عَنْ أَيُّوْبَ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، قَالَ:
قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: مَا شَيْءٌ كَانَ يُحَدِّثُنَا كَعْبٌ إِلاَّ قَدْ أَتَى عَلَى مَا قَالَ، إِلاَّ قَوْلُهُ: فَتَى ثَقِيْفٍ يَقْتُلُنِي، وَهَذَا رَأْسُهُ بَيْنَ يَدَيَّ -يَعْنِي: المُخْتَارَ الكَذَّابَ -.
زِيَادٌ الجَصَّاصُ: عَنْ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ:
أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، قَالَ لِغُلاَمِهِ: لاَ تَمُرَّ بِي عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ -يَعْنِي: وَهُوَ مَصْلُوْبٌ -.
قَالَ: فَغَفِلَ الغُلاَمُ، فَمَرَّ بِهِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَرَآهُ، فَقَالَ:
رَحِمَكَ اللهُ أَبَا خُبَيْبٍ، مَا عَلِمْتُكَ إِلاَّ صَوَّاماً قَوَّاماً، وَصُوْلاً لِرَحِمِكَ، أَمَا -وَاللهِ - إِنِّيْ لأَرْجُو مَعَ مَسَاوِئِ مَا قَدْ عَمِلْتَ أَنْ لاَ يُعَذِّبَكَ اللهُ.
ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيْقُ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (مَنْ يَعْمَلْ سُوْءاً يُجْزَ بِهِ فِي الدُّنْيَا).
قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ (الخُلَفَاءِ) : صَلَبُوا ابْنَ الزُّبَيْرِ مُنَكَّساً، وَكَانَ آدَمَ، نَحِيْفاً، لَيْسَ بِالطَّوِيْلِ، بَيْنَ عَيْنَيْهِ أَثَرُ السُّجُودِ، بَعَثَ عُمَّالَهُ إِلَى المَشْرِقِ كُلِّهِ وَالحِجَازِ.قَالَ جُوَيْرِيَةُ بنُ أَسْمَاءَ: عَنْ جَدَّتِهِ:
إِنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ غَسَّلَتِ ابْنَ الزُّبَيْرِ بَعْد مَا تَقَطَّعَتْ أَوْصَالُهُ، وَجَاءَ الإِذْنُ مِنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ عِنْدَمَا أَبَى الحَجَّاجُ أَنْ يَأْذَنَ لَهَا، فَحَنَّطَتْهُ، وَكَفَّنَتْهُ، وَصَلَّتْ عَلَيْهِ، وَجَعَلَتْ فِيْهِ شَيْئاً حِيْنَ رَأَتْهُ يَتَفَسَّخُ إِذَا مَسَّتْهُ.
وَقَالَ مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ: حَمَلَتْهُ أُمُّهُ، فَدَفَنَتْهُ بِالمَدِيْنَةِ فِي دَارِ صَفِيَّةَ أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ، ثُمَّ زِيْدَتْ دَارُ صَفِيَّةَ فِي المَسْجَدِ، فَهُوَ مَدْفُوْنٌ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْنِي: بِقُرْبِهِ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، وَعِدَّةٌ: قُتِلَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ.
وَوَهِمَ ضَمْرَةُ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، فَقَالاَ: قُتِلَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ.
عَاشَ: نَيِّفاً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -.
وَمَاتَتْ أُمُّهُ بَعْدَهُ بِشَهْرَيْنِ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَلَهَا قَرِيبٌ مِنْ مائَةِ عَامٍ.
هِيَ آخِرُ مَنْ مَاتَتْ مِنَ المُهَاجِرَاتِ الأُوَلِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - وَيُقَالُ لَهَا: ذَاتُ النِّطَاقَيْنِ.
كَانَتْ أَسَنَّ مِنَ عَائِشَةَ بِسَنَوَاتٍ.
رَوَتْ عِدَّةَ أَحَادِيْثَ.حَدَّثَ عَنْهَا: أَوْلاَدُهَا؛ عَبْدُ اللهِ، وَعُرْوَةُ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ المُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَوَهْبُ بنُ كَيْسَانَ، وَابْنُ المُنْكَدِرِ، وَالمُطَّلِبُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَخَلْقٌ.
وَهِيَ وَابْنُهَا عَبْدُ اللهِ، وَأَبُوْهَا أَبُو بَكْرٍ، وَجَدُّهَا أَبُو قُحَافَةَ صَحَابِيُّونَ، أَضَرَّتْ بِأَخَرَةٍ.
قَالَ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ: كَانَتْ أَكْبَرَ مِنْ عَائِشَةَ بِعَشْرِ سِنِيْنَ.
قُلْتُ: فَعَلَى هَذَا يَكُوْنُ عُمُرُهَا إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
وَأَمَّا هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، فَقَالَ: عَاشَتْ مائَةَ سَنَةٍ، وَلَمْ يَسْقُطْ لَهَا سِنٌّ.
وَقَدْ طَلَّقَهَا الزُّبَيْرُ قَبْلَ مَوْتِهِ زَمَنَ عُثْمَانَ.
وَقَالَ القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ: كَانَتْ أَسْمَاءُ لاَ تَدَّخِرُ شَيْئاً لِغَدٍ.
وَقِيْلَ: أَعْتَقَتْ عِدَّةَ مَمَالِيْكَ، وَقَدِ اسْتَوْفَيْتُ تَرْجَمَتهَا فِي (تَارِيْخِ الإِسْلاَمِ ) - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -.
وَمِنْ أَوْلاَدِهَا: عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ الفَقِيْهُ.
عبد الرحمن بن عبد الله بن الزبير
ابن محمد بن دينار بن مهران أبو بكر الرهاوي حدث بدمشق وسكنها.
روى عن أبيه بسنده عن إبراهيم بن أبي عبلة قال: سألت أنس بن مالك: كيف تتوضأ؟ قال: تسألني كيف أتوصأ، ولا تسألني كيف رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ؟ قلت: نعم، قال: رأيته توضأ ثلاثاً، وقال: بهذا أمرني ربي عز وجل.
ابن محمد بن دينار بن مهران أبو بكر الرهاوي حدث بدمشق وسكنها.
روى عن أبيه بسنده عن إبراهيم بن أبي عبلة قال: سألت أنس بن مالك: كيف تتوضأ؟ قال: تسألني كيف أتوصأ، ولا تسألني كيف رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ؟ قلت: نعم، قال: رأيته توضأ ثلاثاً، وقال: بهذا أمرني ربي عز وجل.
- وعبد الرحمن بن الزبير بن باطا, وليس من بني إسرائيل. روى: "لا تحل حتى تذوق العسيلة" .
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الزُّبَيْرِ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، نا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، نا ابْنُ وَهْبٍ، نا مَالِكٌ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رِفَاعَةَ بْنَ سَمَوْءَلَ، طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَمِيمَةَ بِنْتَ وَهْبٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَنَكَحَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الزُّبَيْرِ , وَأَعْرَضَ عَنْهَا وَطَلَّقَهَا , فَأَرَادَ رِفَاعَةُ أَنْ يَنْكِحَهَا , فَقَالَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , «فَنَهَاهُ عَنْ تَزْوِيجِهَا» , وَقَالَ: «لَا , حَتَّى يَذُوقَ الْعُسَيْلَةَ»
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، نا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، نا ابْنُ وَهْبٍ، نا مَالِكٌ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رِفَاعَةَ بْنَ سَمَوْءَلَ، طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَمِيمَةَ بِنْتَ وَهْبٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَنَكَحَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الزُّبَيْرِ , وَأَعْرَضَ عَنْهَا وَطَلَّقَهَا , فَأَرَادَ رِفَاعَةُ أَنْ يَنْكِحَهَا , فَقَالَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , «فَنَهَاهُ عَنْ تَزْوِيجِهَا» , وَقَالَ: «لَا , حَتَّى يَذُوقَ الْعُسَيْلَةَ»
عَبْد الرَّحْمَنِ بْن الزبير يروي عَنْ خَلاد بن عبد الرَّحْمَن روى عَنهُ مُحَمَّد بْن الْحسن الصَّنْعَانِيّ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الزُّبَيْرِ
عَنْ خَلادِ بْنِ عَبْد الرَّحْمَن، سَمِعَ منه مُحَمَّد بْن الْحَسَن (1) الصنعاني، هو أخو النعمان.
عَنْ خَلادِ بْنِ عَبْد الرَّحْمَن، سَمِعَ منه مُحَمَّد بْن الْحَسَن (1) الصنعاني، هو أخو النعمان.
عبد الرحمن بن الزبير
عَبْد الرَّحْمَن بْن الزُّبَيْر بْن زَيْد بْن أمية بْن زَيْد بْن مَالِك بْن عوف بْن عَمْرو بْن عوف بْن مَالِك بْن الأوس نسبه هكذا ابْنُ منده، وَأَبُو نعيم.
وقَالَ أَبُو عُمَر: هُوَ عَبْد الرَّحْمَن بْن الزُّبَيْر بْن باطيا القرظي، وذكر الأمير أَبُو نصر النسبين جميعًا.
واتفقوا عَلَى أَنَّهُ هُوَ الَّذِي تزوج المرأة التي طلقها رفاعة القرظي بعد رفاعة، فقالت للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنَّما معه مثل هدبة الثوب.
(915) أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَرَجِ يَحْيَى بْنُ مَحْمُودٍ وَأَبُو يَاسِرِ بْنُ أَبِي حَبَّةَ، بِإِسْنَادِهِمَا إِلَى مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ /، وَاللَّفْظُ لِعَمْرٍو، قَالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: جَاءَتِ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي كُنْتُ عِنْدَ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ، فَطَلَّقَنِي فَبَتَّ طَلاقِي، فَتَزَوَّجْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَإِنَّ مَعَهُ مِثْلَ هُدْبَةِ الثَّوْبِ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: " أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ؟ لا، حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ ".
وَرَوَاهُ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ كَمَا ذَكَرْنَا، وَرَوَاهُ الْمِسْوَرُ بْنُ رِفَاعَةَ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، نَحْوَهُ.
وَسَمَّى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمَرْأَةَ تَمِيمَةَ، وَقِيلَ: سُهَيْمَةَ، وَقِيلَ: غَيْرَ ذَلِكَ.
أَخْرَجَهُ الثَّلاثَةُ الزُّبَيْر والد عَبْد الرَّحْمَن: بفتح الزاي، والزبير والد عروة: بضم الزاي، وفتح الباء.
13384 د ع:
عَبْد الرَّحْمَن بْن الزُّبَيْر بْن زَيْد بْن أمية بْن زَيْد بْن مَالِك بْن عوف بْن عَمْرو بْن عوف بْن مَالِك بْن الأوس نسبه هكذا ابْنُ منده، وَأَبُو نعيم.
وقَالَ أَبُو عُمَر: هُوَ عَبْد الرَّحْمَن بْن الزُّبَيْر بْن باطيا القرظي، وذكر الأمير أَبُو نصر النسبين جميعًا.
واتفقوا عَلَى أَنَّهُ هُوَ الَّذِي تزوج المرأة التي طلقها رفاعة القرظي بعد رفاعة، فقالت للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنَّما معه مثل هدبة الثوب.
(915) أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَرَجِ يَحْيَى بْنُ مَحْمُودٍ وَأَبُو يَاسِرِ بْنُ أَبِي حَبَّةَ، بِإِسْنَادِهِمَا إِلَى مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ /، وَاللَّفْظُ لِعَمْرٍو، قَالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: جَاءَتِ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي كُنْتُ عِنْدَ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ، فَطَلَّقَنِي فَبَتَّ طَلاقِي، فَتَزَوَّجْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَإِنَّ مَعَهُ مِثْلَ هُدْبَةِ الثَّوْبِ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: " أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ؟ لا، حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ ".
وَرَوَاهُ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ كَمَا ذَكَرْنَا، وَرَوَاهُ الْمِسْوَرُ بْنُ رِفَاعَةَ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، نَحْوَهُ.
وَسَمَّى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمَرْأَةَ تَمِيمَةَ، وَقِيلَ: سُهَيْمَةَ، وَقِيلَ: غَيْرَ ذَلِكَ.
أَخْرَجَهُ الثَّلاثَةُ الزُّبَيْر والد عَبْد الرَّحْمَن: بفتح الزاي، والزبير والد عروة: بضم الزاي، وفتح الباء.
13384 د ع:
عَبْد اللَّهِ بْن مصعب بْن ثابت بْن عبد الله بن الزبير بن العوام، أبو بكر الأسدي :
روى عَن أبي حازم سلمة بْن دينار، وهشام بن عروة، وموسى بن عقبة. حدث عنه ابنه مصعب، وهشام بن يوسف، وإِبْرَاهِيم بن خالد الصنعانيان. وكان من أهل مدينة رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، اتصل بالمهدي أمير المؤمنين لَما قدم المدينة، وصحبه وصار أحد خواصه، وقدم بغداد مرات، وولاه الرشيد إمارة المدينة واليمن، وكان محمودًا في ولايته، جَميل السيرة، مع جلالة قدره، وعظم شرفه، وتوفي بالرقة في صحبة الرشيد.
أَخْبَرَنَا أبو القاسم الأزهري، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وأَخْبَرَنَا علي بن أبي علي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْعَبَّاسِ، وأَحْمَد بن عبد اللَّه الدوري قَالُوا: حَدَّثَنَا أَحْمَد بن سليمان الطّوسيّ، حدّثنا الزّبير بن بكّار، حَدَّثَنِي مُحَمَّد بن مسلمة المخزومي قَالَ: كان مالك بن أنس إذا ذكر عبد اللَّه بن مصعب قَالَ: المبارك، يتكلم في أمر المدينة في العطاء والقسم، وكان في صحابة أمير المؤمنين المهدي، وولاه اليمامة، فقَالَ له: يا أمير المؤمنين إني أقدم بلدًا أنا جاهل بأهله فأعني برجلين من أهل المدينة لَهما فضل وعلم، عبد العزيز بن مُحَمَّد الدراوردي، وعبد اللَّه بن مُحَمَّد بن عجلان، فأعانه بِهما، وكتب في إشخاصهما إليه.
قَالَ الزبير: وحَدَّثَنِي عمي مصعب بن عبد اللَّه قَالَ: كان سبب [اتصال] عبد اللَّه بن مصعب إلى أمير المؤمنين المهدي أن أمير المؤمنين المهدي قدم المدينة سنة ستين ومائة، فدق المقصورة وجلس للناس في المسجد، فجعلوا يدخلون عليه ويأمر لهم بالجوائز، ويحضرهم الشفعاء من وزرائه، وكان رجال قد أحسوا بجلوس أمير المؤمنين المهدي وما يزيد في الناس، وطلبوا الشفاعات، ودخل عليه عبد اللَّه بن مصعب بغير شفيع، وكان وسيما جميلا، ومفوها فصيحا، وقد عرفت له مروءته وقدره بالبلد قبل ذلك، فتكلم بين يدي أمير المؤمنين المهديّ، وأعجب به، وألحق جائزته بأفضل
جوائزهم، وكساه كسوة خاصة، وأدخله في صحابته، وخرج به معه إلى بغداد، فَقَالَ عبد اللَّه بن مصعب:
ولما أوجه الشفعاء قوما ... على خطبي فجل عن الشفيع
وجاء يدافع الأركان عني ... أب لي في ذرى ركن منيع
أب يترنح الأبناء منه ... إذا انتسبوا إلى الشرف الرفيع
سعى فحوى المكارم، ثم ألقى ... مساعيه إلى غير المضيع
فورثني- على رغم الأعادي ... مساعي لا ألف ولا وضيع
فقمت بلا تنحل خارجي ... إذا عد الفعال ولا بديع
فإن يك قد تقدمني صنيع ... يشرفني فما وفى صنيعي
وكانت له من أمير المؤمنين المهدي، ومن أمير المؤمنين موسى، ومن أمير المؤمنين هارون الرشيد؛ خاصة ومنزلة.
قَالَ الزبير: وَحَدَّثَنِي عبد اللَّه بن نافع بن ثابت قَالَ: بعث أبو عبد الله إلى عبد الله ابن مصعب في أول ما صحب أمير المؤمنين المهدي بألفي دينار فردها، وكتب إليه:
إني لا أقبل صلة إلا من خليفة، أو ولي عهد.
قَالَ الزبير: وحَدَّثَنِي عمي مصعب بن عبد اللَّه قَالَ: قَالَ شبيب بن شيبة لأمير المؤمنين المهدي في عبد اللَّه بن مصعب بن ثابت وهو يذكره: لا واللَّه ما كان في آبائه أحد إلا وهو أكمل منه، ولا واللَّه ما له في الناس نظير في كماله.
أَخْبَرَنَا أبو عمر الحسين بن عثمان الواعظ، أخبرنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الحكم المؤدّب، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْد اللَّهِ أَحْمَد بْن سُلَيْمَان الطوسي، حدّثنا الزّبير بن أبي بكر، حَدَّثَنِي عمي مصعب بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُي عَبْدِ اللَّه بن مصعب قَالَ: قَالَ لي أمير المؤمنين المهدي: يا أبا بكر ما تقول فيمن ينقص أصحاب رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
قَالَ: قلت زنادقة، قَالَ: ما سمعت أحدًا قال هذا قبلك، الحديث سبق تخريجه، راجع الفهرس.: قلت هم قوم أرادوا رسول اللَّه بنقص، فلم يجدوا أحدًا من الأمة يتابعهم على ذلك، فتنقصوا هؤلاء عند أبناء هؤلاء، وهؤلاء عند أبناء هؤلاء، فكأنهم قَالُوا رسول اللَّه صلّى الله عليه وسلم يصحبه صحابة السوء، وما أقبح بالرجل أن يصحبه صحابة السوء.
فَقَالَ: ما أراه إلا كما قلت.
أخبرنا الأزهري، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْنُ إِبْرَاهِيمَ. وأَخْبَرَنَا علي بن أبي علي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْعَبَّاسِ وأَحْمَد بن عبد اللَّه الدوري. قَالُوا: حَدَّثَنَا أَحْمَد بن سليمان الطّوسيّ، حدّثنا الزبير، حَدَّثَنِي عمي مصعب بن عبد اللَّه قَالَ: كان أبي يكره الولاية، فعرض عليه أمير المؤمنين هارون الرشيد ولاية المدينة فكرهها، وأَبَى أن يليها، وألزمه ذلك أمير المؤمنين الرشيد، فأقام بذلك ثلاث ليال يلزمه ويأَبَى عليه قبولها، ثم قَالَ له في الليلة الثالثة: اغد علي بالغداة إن شاء اللَّه، فغدا عليه فدعا أمير المؤمنين بقناة وعمامة، فعقد اللواء بيده ثم قَالَ: عليك طاعة؟ قَالَ: نعم يا أمير المؤمنين، قَالَ: فخذ هذا اللواء فأخذه، وقال له أما إذا ابتليتني يا أمير المؤمنين بعد العافية فلا بد لي من اشتراط لنفسي، قَالَ له فاشترط لنفسك؟ فاشترط خلالًا، منها أن مال الصدقات، مال قسمة اللَّه بنفسه ولم يكله إلى أحد من خلقه، فلست استجيز أن أرتزق منه، ولا أن أرزق المرتزقة، فأحمل معي رزقي ورزق المرتزقة من مال الخراج، قَالَ: قد أجبتك إلى ذلك، قال: فأنفذ من كتبك ما رأيت، وأقف عما لا أرى، قَالَ: وذلك لك، قَالَ:
فولي المدينة وكان يأمر بمال الصدقات يصير إلى عبد العزيز بن مُحَمَّد الدراوردي، وإلى آخر معه وهو يَحْيَى بن أبي غسان الشيخ الصالح من أهل الفضل، فكانا يقسمانه، ثم ولاه أمير المؤمنين هارون الرّشيد اليمن، وزاد معها ولاية عك، وكانت عك إلى والي مكة، ورزقه ألفي دينار في كل شهر، فَقَالَ يَحْيَى بن خالد: يا أمير المؤمنين كان رزق والي اليمن ألف دينار فجعلت رزق عبد اللَّه بن مصعب ألفي دينار، فأخاف أن لا يرضى أحد توليه اليمن من قومك من الرزق بأقل مما أعطيت عبد اللَّه بن مصعب، فلو جعلت رزقه ألف دينار كما كان يكون وأعضته من الألف الآخر مالًا تجيزه به لم يكن عليك حجة لأحد من قومك في الجائزة، فصير رزقه ألف دينار، وأجازه بعشرين ألف دينار، فاستخلف على اليمن الضحاك بن عثمان بن الضحاك، وكلم له أمير المؤمنين فأعانه على سفره بأربعين ألف درهم، فأقام الضحاك خليفته حتى قدم عليه.
حَدَّثَنَا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يعقوب بن سفيان قَالَ: وولي بكار بن عبد اللَّه بن مصعب المدينة وشخص عبد اللَّه بن مصعب أبوه إلى مدينة السلام فأقام بالباب.
ذكر مُحَمَّد بن أبي الفوارس أن حمد بْن حميد المخرمي أخبرهم قَالَ: حَدَّثَنَا علي ابن الحسين بن حبان قال: وجدت في كتاب أَبِي بِخط يده سألته- يَعْنِي يَحْيَى بْن
معين- عن أبي مصعب الزبيري عبد اللَّه بن مصعب بن ثابت فَقَالَ: كان ضعيف الحديث لم يكن عنده كتاب، إنما كان يحفظ.
أخبرنا الأزهريّ، أخبرنا أحمد بن إبراهيم، حدّثنا الطّوسيّ، حدّثنا الزبير، حَدَّثَنِي عمي مصعب بن عبد اللَّه قَالَ: مات عبد اللَّه بن مصعب وهو ابن سبعين سنة.
قال الزّبيري: وَحَدَّثَنِي أبي وكل من سألت من أصحابنا أن عبد اللَّه بن مصعب بن ثابت مات وهو ابن ثلاث وسبعين سنة بالرقة يوم الأحد لثلاث ليال بقين من شهر ربيع الأول من سنة أربع وثَمانين ومائة
روى عَن أبي حازم سلمة بْن دينار، وهشام بن عروة، وموسى بن عقبة. حدث عنه ابنه مصعب، وهشام بن يوسف، وإِبْرَاهِيم بن خالد الصنعانيان. وكان من أهل مدينة رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، اتصل بالمهدي أمير المؤمنين لَما قدم المدينة، وصحبه وصار أحد خواصه، وقدم بغداد مرات، وولاه الرشيد إمارة المدينة واليمن، وكان محمودًا في ولايته، جَميل السيرة، مع جلالة قدره، وعظم شرفه، وتوفي بالرقة في صحبة الرشيد.
أَخْبَرَنَا أبو القاسم الأزهري، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وأَخْبَرَنَا علي بن أبي علي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْعَبَّاسِ، وأَحْمَد بن عبد اللَّه الدوري قَالُوا: حَدَّثَنَا أَحْمَد بن سليمان الطّوسيّ، حدّثنا الزّبير بن بكّار، حَدَّثَنِي مُحَمَّد بن مسلمة المخزومي قَالَ: كان مالك بن أنس إذا ذكر عبد اللَّه بن مصعب قَالَ: المبارك، يتكلم في أمر المدينة في العطاء والقسم، وكان في صحابة أمير المؤمنين المهدي، وولاه اليمامة، فقَالَ له: يا أمير المؤمنين إني أقدم بلدًا أنا جاهل بأهله فأعني برجلين من أهل المدينة لَهما فضل وعلم، عبد العزيز بن مُحَمَّد الدراوردي، وعبد اللَّه بن مُحَمَّد بن عجلان، فأعانه بِهما، وكتب في إشخاصهما إليه.
قَالَ الزبير: وحَدَّثَنِي عمي مصعب بن عبد اللَّه قَالَ: كان سبب [اتصال] عبد اللَّه بن مصعب إلى أمير المؤمنين المهدي أن أمير المؤمنين المهدي قدم المدينة سنة ستين ومائة، فدق المقصورة وجلس للناس في المسجد، فجعلوا يدخلون عليه ويأمر لهم بالجوائز، ويحضرهم الشفعاء من وزرائه، وكان رجال قد أحسوا بجلوس أمير المؤمنين المهدي وما يزيد في الناس، وطلبوا الشفاعات، ودخل عليه عبد اللَّه بن مصعب بغير شفيع، وكان وسيما جميلا، ومفوها فصيحا، وقد عرفت له مروءته وقدره بالبلد قبل ذلك، فتكلم بين يدي أمير المؤمنين المهديّ، وأعجب به، وألحق جائزته بأفضل
جوائزهم، وكساه كسوة خاصة، وأدخله في صحابته، وخرج به معه إلى بغداد، فَقَالَ عبد اللَّه بن مصعب:
ولما أوجه الشفعاء قوما ... على خطبي فجل عن الشفيع
وجاء يدافع الأركان عني ... أب لي في ذرى ركن منيع
أب يترنح الأبناء منه ... إذا انتسبوا إلى الشرف الرفيع
سعى فحوى المكارم، ثم ألقى ... مساعيه إلى غير المضيع
فورثني- على رغم الأعادي ... مساعي لا ألف ولا وضيع
فقمت بلا تنحل خارجي ... إذا عد الفعال ولا بديع
فإن يك قد تقدمني صنيع ... يشرفني فما وفى صنيعي
وكانت له من أمير المؤمنين المهدي، ومن أمير المؤمنين موسى، ومن أمير المؤمنين هارون الرشيد؛ خاصة ومنزلة.
قَالَ الزبير: وَحَدَّثَنِي عبد اللَّه بن نافع بن ثابت قَالَ: بعث أبو عبد الله إلى عبد الله ابن مصعب في أول ما صحب أمير المؤمنين المهدي بألفي دينار فردها، وكتب إليه:
إني لا أقبل صلة إلا من خليفة، أو ولي عهد.
قَالَ الزبير: وحَدَّثَنِي عمي مصعب بن عبد اللَّه قَالَ: قَالَ شبيب بن شيبة لأمير المؤمنين المهدي في عبد اللَّه بن مصعب بن ثابت وهو يذكره: لا واللَّه ما كان في آبائه أحد إلا وهو أكمل منه، ولا واللَّه ما له في الناس نظير في كماله.
أَخْبَرَنَا أبو عمر الحسين بن عثمان الواعظ، أخبرنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الحكم المؤدّب، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْد اللَّهِ أَحْمَد بْن سُلَيْمَان الطوسي، حدّثنا الزّبير بن أبي بكر، حَدَّثَنِي عمي مصعب بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُي عَبْدِ اللَّه بن مصعب قَالَ: قَالَ لي أمير المؤمنين المهدي: يا أبا بكر ما تقول فيمن ينقص أصحاب رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
قَالَ: قلت زنادقة، قَالَ: ما سمعت أحدًا قال هذا قبلك، الحديث سبق تخريجه، راجع الفهرس.: قلت هم قوم أرادوا رسول اللَّه بنقص، فلم يجدوا أحدًا من الأمة يتابعهم على ذلك، فتنقصوا هؤلاء عند أبناء هؤلاء، وهؤلاء عند أبناء هؤلاء، فكأنهم قَالُوا رسول اللَّه صلّى الله عليه وسلم يصحبه صحابة السوء، وما أقبح بالرجل أن يصحبه صحابة السوء.
فَقَالَ: ما أراه إلا كما قلت.
أخبرنا الأزهري، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْنُ إِبْرَاهِيمَ. وأَخْبَرَنَا علي بن أبي علي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْعَبَّاسِ وأَحْمَد بن عبد اللَّه الدوري. قَالُوا: حَدَّثَنَا أَحْمَد بن سليمان الطّوسيّ، حدّثنا الزبير، حَدَّثَنِي عمي مصعب بن عبد اللَّه قَالَ: كان أبي يكره الولاية، فعرض عليه أمير المؤمنين هارون الرشيد ولاية المدينة فكرهها، وأَبَى أن يليها، وألزمه ذلك أمير المؤمنين الرشيد، فأقام بذلك ثلاث ليال يلزمه ويأَبَى عليه قبولها، ثم قَالَ له في الليلة الثالثة: اغد علي بالغداة إن شاء اللَّه، فغدا عليه فدعا أمير المؤمنين بقناة وعمامة، فعقد اللواء بيده ثم قَالَ: عليك طاعة؟ قَالَ: نعم يا أمير المؤمنين، قَالَ: فخذ هذا اللواء فأخذه، وقال له أما إذا ابتليتني يا أمير المؤمنين بعد العافية فلا بد لي من اشتراط لنفسي، قَالَ له فاشترط لنفسك؟ فاشترط خلالًا، منها أن مال الصدقات، مال قسمة اللَّه بنفسه ولم يكله إلى أحد من خلقه، فلست استجيز أن أرتزق منه، ولا أن أرزق المرتزقة، فأحمل معي رزقي ورزق المرتزقة من مال الخراج، قَالَ: قد أجبتك إلى ذلك، قال: فأنفذ من كتبك ما رأيت، وأقف عما لا أرى، قَالَ: وذلك لك، قَالَ:
فولي المدينة وكان يأمر بمال الصدقات يصير إلى عبد العزيز بن مُحَمَّد الدراوردي، وإلى آخر معه وهو يَحْيَى بن أبي غسان الشيخ الصالح من أهل الفضل، فكانا يقسمانه، ثم ولاه أمير المؤمنين هارون الرّشيد اليمن، وزاد معها ولاية عك، وكانت عك إلى والي مكة، ورزقه ألفي دينار في كل شهر، فَقَالَ يَحْيَى بن خالد: يا أمير المؤمنين كان رزق والي اليمن ألف دينار فجعلت رزق عبد اللَّه بن مصعب ألفي دينار، فأخاف أن لا يرضى أحد توليه اليمن من قومك من الرزق بأقل مما أعطيت عبد اللَّه بن مصعب، فلو جعلت رزقه ألف دينار كما كان يكون وأعضته من الألف الآخر مالًا تجيزه به لم يكن عليك حجة لأحد من قومك في الجائزة، فصير رزقه ألف دينار، وأجازه بعشرين ألف دينار، فاستخلف على اليمن الضحاك بن عثمان بن الضحاك، وكلم له أمير المؤمنين فأعانه على سفره بأربعين ألف درهم، فأقام الضحاك خليفته حتى قدم عليه.
حَدَّثَنَا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يعقوب بن سفيان قَالَ: وولي بكار بن عبد اللَّه بن مصعب المدينة وشخص عبد اللَّه بن مصعب أبوه إلى مدينة السلام فأقام بالباب.
ذكر مُحَمَّد بن أبي الفوارس أن حمد بْن حميد المخرمي أخبرهم قَالَ: حَدَّثَنَا علي ابن الحسين بن حبان قال: وجدت في كتاب أَبِي بِخط يده سألته- يَعْنِي يَحْيَى بْن
معين- عن أبي مصعب الزبيري عبد اللَّه بن مصعب بن ثابت فَقَالَ: كان ضعيف الحديث لم يكن عنده كتاب، إنما كان يحفظ.
أخبرنا الأزهريّ، أخبرنا أحمد بن إبراهيم، حدّثنا الطّوسيّ، حدّثنا الزبير، حَدَّثَنِي عمي مصعب بن عبد اللَّه قَالَ: مات عبد اللَّه بن مصعب وهو ابن سبعين سنة.
قال الزّبيري: وَحَدَّثَنِي أبي وكل من سألت من أصحابنا أن عبد اللَّه بن مصعب بن ثابت مات وهو ابن ثلاث وسبعين سنة بالرقة يوم الأحد لثلاث ليال بقين من شهر ربيع الأول من سنة أربع وثَمانين ومائة
عبد الله بن الزبير
- عبد الله بن الزبير الحميدي المكي من بني أسد بن عبد العزى بن قصي. وهو صاحب سفيان بن عيينة وراويته. مات بمكة في شهر ربيع الأول سنة تسع عشرة ومائتين. وكان ثقة كثير الحديث. تَسْمِيَةُ مَنْ نَزَلَ الطَّائِفَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم -
- عبد الله بن الزبير الحميدي المكي من بني أسد بن عبد العزى بن قصي. وهو صاحب سفيان بن عيينة وراويته. مات بمكة في شهر ربيع الأول سنة تسع عشرة ومائتين. وكان ثقة كثير الحديث. تَسْمِيَةُ مَنْ نَزَلَ الطَّائِفَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم -
- وعبد الله بن الزبير. مخزومي. يتلوه: الطبقة الخامسة من أهل مكة * الجزء الخامس من كتاب الطبقات: تابع أهل مكة: الطبقة الخامسة: عن خليفة بن خياط. رواية أبي عمران وسى بن زكريا بن يحيى التستري لمحمد بن أحمد بن محمد الأزدي نفعه الله به ورزقه علمًا نافعًا آمين رب العالمين *: بسم الله الرحمن الرحيم الطبقة الخامسة:
عبد الله بن الزبير
بن العوام ابن خويلد: وهو أول مولود ولد في الإسلام بعد الهجرة، فكبر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لولادته. وقتل بمكة سنة خمس وسبعين، وسمع عبد الله بن عمر تكبير أهل الشام على قتله فقال: الذين كبروا على مولده خير من الذي كبروا على قتله. وبويع على الخلافة، ولا يبايع على الخلافة إلا فقيه مجتهد. وقال القاسم: ما كان أحد أعلم بالمناسك من ابن الزبير.
بن العوام ابن خويلد: وهو أول مولود ولد في الإسلام بعد الهجرة، فكبر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لولادته. وقتل بمكة سنة خمس وسبعين، وسمع عبد الله بن عمر تكبير أهل الشام على قتله فقال: الذين كبروا على مولده خير من الذي كبروا على قتله. وبويع على الخلافة، ولا يبايع على الخلافة إلا فقيه مجتهد. وقال القاسم: ما كان أحد أعلم بالمناسك من ابن الزبير.
عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ
- حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ، ثنا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْحَارِثُ، عَنْ عُرْوَةَ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ شَنُوءَةَ، أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «تُفْتَحُ الْيَمَنُ فَيَأْتِي فِيهِ قَوْمٌ يَبُسُّونَ بِمَا فِيهِ، وَيَدْعُونَ إِلَيْهَا، فَيَذْهَبُ ذَاهِبٌ، وَيَمْكُثُ مَاكِثٌ، وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ» ، وَذَكَرَ الشَّامَ وَالْعِرَاقَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ
- حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ، ثنا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْحَارِثُ، عَنْ عُرْوَةَ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ شَنُوءَةَ، أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «تُفْتَحُ الْيَمَنُ فَيَأْتِي فِيهِ قَوْمٌ يَبُسُّونَ بِمَا فِيهِ، وَيَدْعُونَ إِلَيْهَا، فَيَذْهَبُ ذَاهِبٌ، وَيَمْكُثُ مَاكِثٌ، وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ» ، وَذَكَرَ الشَّامَ وَالْعِرَاقَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ
عبد اللَّه بن الزبير
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو بكر بن عياش قال: سمعت أبا إسحاق يقول: ما رأيت رجلًا قط كان أعظم سجدة بين عينيه من عبد اللَّه بن الزبير.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3084)
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد اللَّه بن معاوية بن عاصم بن المنذر بن الزبير أبو معاوية قال: قدم علينا مكة، قال: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، أن الزبير بن العوام كان إذا اجتمع بنوه عنده أو ولده، أقبل عليهم. .، فذكر الحديث، قال: ثم يقبل على عبد اللَّه بن الزبير، فيقول له: أنت أشبه الناس بأبي بكر.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4062)
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو بكر قال: لم يبايع ابن
الزبير، ولا حسين، ولا ابن عمر يزيد بن معاوية في حياة معاوية، قال: فتركهم معاوية.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4748)
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو بكر قال: ما بقي أرض إلا ملكها ابن الزبير، إلا الأردن.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4749)
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا عبد اللَّه بن عمر، عن أخيه عبيد اللَّه، عن القاسم قال: ما رأيت أحدًا أعلم بالمناسك من ابن الزبير.
"العلل" رواية عبد اللَّه (5887)
قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: عبد اللَّه بن الزبير كنيته أبو بكر.
"العلل" رواية عبد اللَّه (5973)
قال مهنا: قلت لأحمد: من العبادلة؟
قال: عبد اللَّه بن عباس، وعبد اللَّه بن عمر، وعبد اللَّه بن الزبير، وعبد اللَّه بن عمرو.
"بحر الدم" (561)
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو بكر بن عياش قال: سمعت أبا إسحاق يقول: ما رأيت رجلًا قط كان أعظم سجدة بين عينيه من عبد اللَّه بن الزبير.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3084)
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد اللَّه بن معاوية بن عاصم بن المنذر بن الزبير أبو معاوية قال: قدم علينا مكة، قال: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، أن الزبير بن العوام كان إذا اجتمع بنوه عنده أو ولده، أقبل عليهم. .، فذكر الحديث، قال: ثم يقبل على عبد اللَّه بن الزبير، فيقول له: أنت أشبه الناس بأبي بكر.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4062)
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو بكر قال: لم يبايع ابن
الزبير، ولا حسين، ولا ابن عمر يزيد بن معاوية في حياة معاوية، قال: فتركهم معاوية.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4748)
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو بكر قال: ما بقي أرض إلا ملكها ابن الزبير، إلا الأردن.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4749)
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا عبد اللَّه بن عمر، عن أخيه عبيد اللَّه، عن القاسم قال: ما رأيت أحدًا أعلم بالمناسك من ابن الزبير.
"العلل" رواية عبد اللَّه (5887)
قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: عبد اللَّه بن الزبير كنيته أبو بكر.
"العلل" رواية عبد اللَّه (5973)
قال مهنا: قلت لأحمد: من العبادلة؟
قال: عبد اللَّه بن عباس، وعبد اللَّه بن عمر، وعبد اللَّه بن الزبير، وعبد اللَّه بن عمرو.
"بحر الدم" (561)
عبد الله بن الزبير
ب: عَبْد اللَّهِ بْن الزبير بْن عبد المطلب بن هاشم بْن عبد مناف القرشي الهاشمي، ابن عم النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأمه عاتكة بنت أَبِي وهب بْن عمرو بْن عائذ بْن عمران بْن مخزوم، لا عقب له، وهو أخو ضباعة بنت الزبير، وكان الزبير أخا عَبْد اللَّهِ أَبِي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأخا أَبِي طالب لأبيهما وأمهما.
وشهد عَبْد اللَّهِ قتال الروم في خلافة أَبِي بكر الصديق رضي اللَّه عنه، وقتل يَوْم أجنادين شهيدا، ووجد حول عصبة من الروم قتلهم، ثم أثخنته الجراح فمات.
قال الواقدي: أول قتيل قتل من الروم يَوْم أجنادين البطريق، الذي قتله عَبْد اللَّهِ بْن الزبير بْن عبد المطلب، برز بطريق معلم، فبرز إليه عَبْد اللَّهِ بْن الزبير، فقتله عَبْد اللَّهِ ولم يتعرض لسلبه، ثم برز إليه آخر فبرز إليه عَبْد اللَّهِ بْن الزبير أيضًا فاقتتلا بالرمحين، ثم صارا إِلَى السيفين، فحمل عليه عَبْد اللَّهِ بْن الزبير فضربه وهو دارع عَلَى عاتقه، وقال: خذها وأنا ابن عبد المطلب فقطع بسيفه الدرع وأسرع في منكبه، ثم ولى الرومي منهزمًا، فعزم عليه عمرو بْن العاص أن لا يبارز، فقال عَبْد اللَّهِ: إني والله ما أجدني أصبر فلما اختلطت السيوف وأخذ بعضها من بعض، وجد في ربضة وحوله عشرة من الروم قتلى، وهو مقتول بينهم.
وكان النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " ابن عمي وحبي "، وقيل: إنه كان يقول: " ابن أمي ".
لا تحفظ له رواية عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكان عمره يَوْم توفي النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحوًا من ثلاثين سنة.
أخرجه أَبُو عمر.
ب: عَبْد اللَّهِ بْن الزبير بْن عبد المطلب بن هاشم بْن عبد مناف القرشي الهاشمي، ابن عم النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأمه عاتكة بنت أَبِي وهب بْن عمرو بْن عائذ بْن عمران بْن مخزوم، لا عقب له، وهو أخو ضباعة بنت الزبير، وكان الزبير أخا عَبْد اللَّهِ أَبِي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأخا أَبِي طالب لأبيهما وأمهما.
وشهد عَبْد اللَّهِ قتال الروم في خلافة أَبِي بكر الصديق رضي اللَّه عنه، وقتل يَوْم أجنادين شهيدا، ووجد حول عصبة من الروم قتلهم، ثم أثخنته الجراح فمات.
قال الواقدي: أول قتيل قتل من الروم يَوْم أجنادين البطريق، الذي قتله عَبْد اللَّهِ بْن الزبير بْن عبد المطلب، برز بطريق معلم، فبرز إليه عَبْد اللَّهِ بْن الزبير، فقتله عَبْد اللَّهِ ولم يتعرض لسلبه، ثم برز إليه آخر فبرز إليه عَبْد اللَّهِ بْن الزبير أيضًا فاقتتلا بالرمحين، ثم صارا إِلَى السيفين، فحمل عليه عَبْد اللَّهِ بْن الزبير فضربه وهو دارع عَلَى عاتقه، وقال: خذها وأنا ابن عبد المطلب فقطع بسيفه الدرع وأسرع في منكبه، ثم ولى الرومي منهزمًا، فعزم عليه عمرو بْن العاص أن لا يبارز، فقال عَبْد اللَّهِ: إني والله ما أجدني أصبر فلما اختلطت السيوف وأخذ بعضها من بعض، وجد في ربضة وحوله عشرة من الروم قتلى، وهو مقتول بينهم.
وكان النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " ابن عمي وحبي "، وقيل: إنه كان يقول: " ابن أمي ".
لا تحفظ له رواية عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكان عمره يَوْم توفي النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحوًا من ثلاثين سنة.
أخرجه أَبُو عمر.
عبد الله بن الزبير بن العوام، وقد سمع من النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أول مولود ولد في الإسلام، وأمه أسماء بنت أبي بكر، قتل بمكة: قتله الحجاج وصلبه.
- عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب. أمه أسماء بنت أبي بكر الصديق, يكنى أبا بكر. قتل في جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين.
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ
حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى النَّاقِدُ، نا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، نا أَبِي، نا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ نُوقِشَ بِعَمَلِهِ هَلَكَ»
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ، نا عَمْرُو بْنُ حَكَّامٍ، نا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ رَاشِدٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَبِيذِ الْجَرِّ»
حَدَّثَنَا ابْنُ مُسَاوِرٍ، نا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، نا وُهَيْبٌ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ , عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ: " رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُشِيرُ بِيَدِهِ قَالَ فِي الصَّلَاةِ: هَكَذَا "
حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى النَّاقِدُ، نا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، نا أَبِي، نا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ نُوقِشَ بِعَمَلِهِ هَلَكَ»
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ، نا عَمْرُو بْنُ حَكَّامٍ، نا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ رَاشِدٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَبِيذِ الْجَرِّ»
حَدَّثَنَا ابْنُ مُسَاوِرٍ، نا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، نا وُهَيْبٌ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ , عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ: " رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُشِيرُ بِيَدِهِ قَالَ فِي الصَّلَاةِ: هَكَذَا "
عَبْد اللَّه بْن الزبير بْن الْعَوام بْن خويلد بْن أَسد بْن عَبْد الْعُزَّى بْن قصي بْن كلاب بْن مرّة بْن كَعْب بْن لؤَي بْن غَالب كنيته أَبُو بكر وَيُقَال أَبُو خبيب أمه أَسمَاء بنت أبي بكر الصّديق حملت بِهِ بِمَكَّة وَخرجت مهاجرة إِلَى الْمَدِينَة وَهِي حَامِل بِعَبْد اللَّه بْن الزبير فَلَمَّا دخلت الْمَدِينَة نزلت قبَاء فولدته وَأَتَتْ بِهِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَضَعته فِي حجره فَدَعَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بتمرة فمضغها وحنكه بهَا فَكَانَ أول شَيْء دخل جَوْفه ريق رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثمَّ دَعَا لَهُ وبرك عَلَيْهِ وَهُوَ أول مَوْلُود ولد فِي الْإِسْلَام من الْمُهَاجِرين الْمَدِينَة قَتله الْحجَّاج بْن يُوسُف يَوْم الثُّلَاثَاء لسبع عشرَة لَيْلَة خلت من شهر جُمَادَى الْآخِرَة فِي الْمَسْجِد سنة ثِنْتَيْنِ وَسبعين وَقد قيل أول سنة ثَلَاثَة وَسبعين ثمَّ صلبه على جذع مُنَكسًا فَمر عَبْد اللَّه بْن عمر بْن الْخطاب عَلَيْهِ وَهُوَ على خَشَبَة فَوقف وَبكى وَقَالَ يَرْحَمك اللَّه يَا أَبَا خبيب مَا علمتك إِلَّا صواما قواما وَإِن قوما أَنْت شرهم لخيار قد ذكرت
قصَّة قَتله فِي كتاب الْخُلَفَاء فِي ولَايَة عَبْد الْملك بْن مَرْوَان
قصَّة قَتله فِي كتاب الْخُلَفَاء فِي ولَايَة عَبْد الْملك بْن مَرْوَان
عبد الله بن الزبير بن الْعَوام بن خويلد بن أَسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرّة بن كَعْب بن لؤَي الْقرشِي الْأَسدي يكنى أَبَا بكر وَيُقَال أَبُو خبيب وَيُقَال أَبُو بكير وَأمه أَسمَاء بنت أبي بكر الصّديق وَهُوَ أول مَوْلُود ولد فِي الْإِسْلَام بِالْمَدِينَةِ
حملت بِهِ أمه وَهِي متم فولدته بقباء وَحَمَلته إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فحنكه بتمرة وَكَانَ أول مَا دخل جَوْفه ريق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولد بعد الْهِجْرَة بِعشْرين شهرا قتل بِمَكَّة وصلب بهَا وَحمل رَأسه إِلَى الْمَدِينَة وَبعث إِلَى خُرَاسَان وَدفن بهَا رضوَان الله عَلَيْهِ قتل سنة ثَلَاث وَسبعين يَوْم الثُّلَاثَاء لسبع عشرَة خلون من جُمَادَى الأولى وَكَانَ يَوْم قتل ابْن ثِنْتَيْنِ وَسبعين سنة وَقَالَ أَبُو نعيم سنة ثِنْتَيْنِ وسبيعن
روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الصَّلَاة وَعَن عَائِشَة فِي الْوضُوء وَالْحج وَالنِّكَاح والفتن وسُفْيَان بن أبي زُهَيْر فِي الْحَج وَعمر فِي اللبَاس وَالزُّبَيْر فِي صفة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والفضائل
روى عَنهُ طلق بن حبيب وَابْنه عَامر بن عبد الله وَأَبُو الزبير فِي الصَّلَاة وَسَعِيد بن ميناء وَعَطَاء بن أبي رَبَاح وَعُرْوَة بن الزبير وَابْن مليكَة وَخَلِيفَة بن كَعْب أَبُو ذبيان وَمُحَمّد بن زِيَاد
حملت بِهِ أمه وَهِي متم فولدته بقباء وَحَمَلته إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فحنكه بتمرة وَكَانَ أول مَا دخل جَوْفه ريق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولد بعد الْهِجْرَة بِعشْرين شهرا قتل بِمَكَّة وصلب بهَا وَحمل رَأسه إِلَى الْمَدِينَة وَبعث إِلَى خُرَاسَان وَدفن بهَا رضوَان الله عَلَيْهِ قتل سنة ثَلَاث وَسبعين يَوْم الثُّلَاثَاء لسبع عشرَة خلون من جُمَادَى الأولى وَكَانَ يَوْم قتل ابْن ثِنْتَيْنِ وَسبعين سنة وَقَالَ أَبُو نعيم سنة ثِنْتَيْنِ وسبيعن
روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الصَّلَاة وَعَن عَائِشَة فِي الْوضُوء وَالْحج وَالنِّكَاح والفتن وسُفْيَان بن أبي زُهَيْر فِي الْحَج وَعمر فِي اللبَاس وَالزُّبَيْر فِي صفة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والفضائل
روى عَنهُ طلق بن حبيب وَابْنه عَامر بن عبد الله وَأَبُو الزبير فِي الصَّلَاة وَسَعِيد بن ميناء وَعَطَاء بن أبي رَبَاح وَعُرْوَة بن الزبير وَابْن مليكَة وَخَلِيفَة بن كَعْب أَبُو ذبيان وَمُحَمّد بن زِيَاد
عبد الله بن الزبير بن الْعَوام بن خويلد بن أَسد بن عبد الْعُزَّى بن قصي بن كلاب أَبُو بكر وَيُقَال أَبُو عَمْرو وَيُقَال أَبُو خبيب الْقرشِي الْأَسدي الْمَكِّيّ وَأمه أَسمَاء بنت أبي بكر الصّديق سمع النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم وَحدث عَن عمر بن الْخطاب وَعَن أَبِيه الزبير وخالته عَائِشَة وسُفْيَان بن أبي زُهَيْر رَوَى عَنهُ أَخُوهُ عُرْوَة وَابْنه عَامر وَعبد الْعَزِيز بن رفيع وثابت الْبنانِيّ وعباس بن سهل بن سعد فِي الْعلم والرقاق وَآخر السّير وَغير مَوضِع قَتله الْحجَّاج بن يُوسُف وصلبه بِمَكَّة يَوْم الثُّلَاثَاء لسبع عشرَة خلت من جُمَادَى الأولَى سنة ثَلَاث وَسبعين وَذكره الْوَاقِدِيّ وَعَمْرو بن عَلّي وَخَلِيفَة بن خياط
وَقَالَ الذهلي نَا أَحْمد بن حَنْبَل عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة وَيَحْيَى بن سعد قتل ابْن الزبير سنة ثَلَاث وَسبعين قَالَ وَقَالَ سُفْيَان بن الزبير أول مَوْلُود ولد يَعْنِي بِالْمَدِينَةِ قَالَ وَقَالَ يَحْيَى بن بكير ولد ابْن الزبير بِالْمَدِينَةِ بعد الْهِجْرَة بِعشْرين شهرا وَكَذَلِكَ قَالَ الْوَاقِدِيّ وَقَالَ وَتُوفِّي النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ ابْن ثَمَان سِنِين وَأَرْبَعَة أشهر وَقَالَ عَمْرو بن عَلّي قتل وَهُوَ ابْن اثْنَتَيْنِ وَسبعين سنة وَقَالَ الْوَاقِدِيّ مثل عَمْرو وَقَالَهُ الْوَاقِدِيّ فِي التَّارِيخ ولد فِي شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ من الْهِجْرَة وَكَانَ أول مَوْلُود ولد من الْمُهَاجِرين وَقَالَ أَبُو عِيسَى قتل فِي آخر سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَقَالَ ابْن أبي شيبَة قتل سنة ثَلَاث وَسبعين وَقَالَ الْغلابِي عَن ابْن حَنْبَل مثله وَقَالَ الذهلي قَالَ ابْن بكير وَكَانَ ابْن الزبير أكبر من الْمسور بن مخرمَة ومروان بن الحكم بأَرْبعَة أشهر وَقَالَ فِيمَا كتب إِلَيّ أَبُو نعيم قَالَ وَابْن الزبير سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين يَعْنِي مَوته قَالَ البُخَارِيّ نَا الْحسن يَعْنِي ابْن وَاقع نَا ضَمرَة قَالَ قتل ابْن الزبير سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين
وَقَالَ الذهلي نَا أَحْمد بن حَنْبَل عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة وَيَحْيَى بن سعد قتل ابْن الزبير سنة ثَلَاث وَسبعين قَالَ وَقَالَ سُفْيَان بن الزبير أول مَوْلُود ولد يَعْنِي بِالْمَدِينَةِ قَالَ وَقَالَ يَحْيَى بن بكير ولد ابْن الزبير بِالْمَدِينَةِ بعد الْهِجْرَة بِعشْرين شهرا وَكَذَلِكَ قَالَ الْوَاقِدِيّ وَقَالَ وَتُوفِّي النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ ابْن ثَمَان سِنِين وَأَرْبَعَة أشهر وَقَالَ عَمْرو بن عَلّي قتل وَهُوَ ابْن اثْنَتَيْنِ وَسبعين سنة وَقَالَ الْوَاقِدِيّ مثل عَمْرو وَقَالَهُ الْوَاقِدِيّ فِي التَّارِيخ ولد فِي شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ من الْهِجْرَة وَكَانَ أول مَوْلُود ولد من الْمُهَاجِرين وَقَالَ أَبُو عِيسَى قتل فِي آخر سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَقَالَ ابْن أبي شيبَة قتل سنة ثَلَاث وَسبعين وَقَالَ الْغلابِي عَن ابْن حَنْبَل مثله وَقَالَ الذهلي قَالَ ابْن بكير وَكَانَ ابْن الزبير أكبر من الْمسور بن مخرمَة ومروان بن الحكم بأَرْبعَة أشهر وَقَالَ فِيمَا كتب إِلَيّ أَبُو نعيم قَالَ وَابْن الزبير سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين يَعْنِي مَوته قَالَ البُخَارِيّ نَا الْحسن يَعْنِي ابْن وَاقع نَا ضَمرَة قَالَ قتل ابْن الزبير سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين
عبد الله بْن الزُّبَيْر بْن العوام بْن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشي الأسدي.
يكنى أَبَا بَكْر. وَقَالَ بعضهم فِيهِ أَبُو بكير، ذكر ذَلِكَ أَبُو أَحْمَد الحاكم الْحَافِظ فِي كتابه فِي الكنى. والجمهور من أهل السير وأهل الأثر على أن كنيته أَبُو بَكْر، وله كنية أخرى، أَبُو خبيب. وكان أسن ولده. وخبيب هُوَ صاحب عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيزِ الَّذِي مات من ضربه، إذ كَانَ عُمَر واليا على المدينة للوليد، وَكَانَ الْوَلِيد قد أمره بضربه، فمات من أدبه ذَلِكَ، فوداه عُمَر بعده.
قَالَ أَبُو عُمَر: كناه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ باسم جده أَبِي أمه أبى بكر الصديق، وسمّاه باسمه. هاجرت أمه أَسْمَاء بِنْت أَبِي بَكْر من مكة، وهي حامل بابنها عَبْد اللَّهِ بْن الزُّبَيْر، فولدته فِي سنة اثنتين من الهجرة بعشرين شهرا من التاريخ. وقيل: إنه ولد فِي السنة الأولى، وَهُوَ أول مولود فِي الإسلام من المهاجرين بالمدينة.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ، حَدَّثَنَا الدُّولابِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ
أَنَّهَا حَمَلَتْ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ، قَالَتْ: فَخَرَجْتُ وَأَنَا مُتِمٌّ ، فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ، فَنَزَلْتُ بِقُبَاءٍ، فَوَلَدْتُهُ بِقُبَاءٍ. ثُمَّ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعْتُهُ فِي حِجْرِهِ، فَدَعَا بِتَمْرَةٍ فَمَضَغَهَا، ثُمَّ تَفَلَ فِي فِيهِ، فَكَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ دَخَلَ جَوْفَهُ رِيقُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: ثُمَّ حَنَّكَهُ بِالْخُبْزَةِ، ثُمَّ دَعَا لَهُ، وَبَرَّكَ عَلَيْهِ، وَكَانَ أَوَّلُ مَوْلُودٍ فِي الإِسْلامِ لِلْمُهَاجِرِينَ بِالْمَدِينَةِ. قَالَتْ: فَفَرِحُوا بِهِ فَرَحًا شَدِيدًا، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ قِيلَ لَهُمْ: إِنَّ الْيَهُودَ قَدْ سَحَرَتْكُمْ فَلا يُولَدُ لَكُمْ.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مَيْمُونٍ الْبَجَلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُرَيْكٍ الْمَكِّيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَبْدِ الله ابن الزُّبَيْرِ، قَالَ: سُمِّيتُ بِاسْمِ جَدِّي أَبِي بَكْرٍ، وَكُنِّيتُ بِكُنْيَتِهِ. وشهد الجمل مع أَبِيهِ وخالته، وكان شهما دكرا شرسا ذا أنفة، وكانت لَهُ لسانة وفصاحة، وَكَانَ أطلس ، لا لحية لَهُ، ولا شعر فِي وجهه.
وَقَالَ علي بْن زَيْد الجدعاني: كَانَ عَبْد اللَّهِ بْن الزُّبَيْر كَثِير الصلاة، كَثِير الصيام، شديد البأس، كريم الجدات والأمهات والخالات، إلا أَنَّهُ كانت فِيهِ خلال لا تصلح معها الخلافة، لأنه كَانَ بخيلا، ضيق العطاء، سيء الخلق، حسودا، كَثِير الخلاف، أخرج مُحَمَّد ابْن الحنفية، ونفى عَبْد اللَّهِ بْن عَبَّاس إِلَى الطائف.
قَالَ علي بْن أَبِي طالب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا زال الزُّبَيْر يعد منا- أهل البيت- حَتَّى نشأ عَبْد اللَّهِ. وبويع لعبد الله بْن الزُّبَيْر بالخلافة سنة أربع وستين، هَذَا قول أَبِي معشر. وقال المدائني: بويع لَهُ بالخلافة سنة خمس وستين، وَكَانَ
قبل ذَلِكَ لا يدعى باسم الخلافة، وكانت بيعته بعد موت مُعَاوِيَة بْن يَزِيد، واجتمع على طاعته أهل الحجاز، واليمن، والعراق، وخراسان، وحج بالناس ثماني حجج، وقتل رحمه الله فِي أيام عَبْد الْمَلِكِ يَوْم الثلاثاء لسبع عشرة ليلة خلت من جمادى الأولى. وقيل جمادى الآخرة، سنة ثلاث وسبعين، وَهُوَ ابْن ثنتين وسبعين سنة، وصلب بعد قتله بمكة، وبدأ الْحَجَّاج بحصاره من أول ليلة من ذي الحجة سنة اثنتين وسبعين، وحج بالناس الْحَجَّاج فِي ذَلِكَ العام، ووقف بعرفة وعليه درع ومغفر، ولم يطوفوا بالبيت فِي تلك الحجة، فحاصره ستة أشهر وسبعة عشر يوما إِلَى أن قتل فِي النصف من جمادى الآخرة، سنة ثلاث وسبعين.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا أحمد بن محمد بن الحجاج، حدثنا يحيى بْنُ سُلَيْمَانَ الْجُعْفِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأجلح، عن هشام ابن عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ قَبْلُ قَتْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بِعَشْرَةِ أَيَّامٍ دَخَلَ عَلَى أُمِّهِ أَسْمَاءَ، وَهِيَ شَاكِيَةٌ، فَقَالَ لَهَا: كَيْفَ تَجِدِينَكِ يَا أَمَهْ؟
قَالَتْ: مَا أَجِدُنِي إِلا شَاكِيَةً. فَقَالَ لَهَا: إِنَّ فِي الْمَوْتِ لَرَاحَةً. فَقَالَتْ لَهُ:
لَعَلَّكَ تَمَنَّيْتَهُ لِي. مَا أُحِبُّ أَنْ أَمُوتَ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى أَحَدِ طَرَفَيْكَ، إِمَّا إِنْ قُتِلْتَ فَأَحْتَسِبُكَ، وَإِمَّا ظَفَرْتَ بِعَدُوِّكَ فَتَقَرَّ عَيْنِي.
قَالَ عُرْوَةُ: فالتفت إلي عَبْد اللَّهِ فضحك، فلما كَانَ فِي اليوم الَّذِي قتل فِيهِ دخل عليها فِي المسجد فقالت لَهُ: يَا بني، لا تقبلن منهم خطة تخاف فيها على نفسك الذل مخافة القتل، فو الله لضربة سيف فِي عز خير من ضربة سوط فِي المذلة. قَالَ: فخرج، وقد جعل لَهُ مصراع عِنْدَ الكعبة، فكان تحته، فأتاه رجل من قريش، فَقَالَ لَهُ: ألا نفتح لك باب الكعبة فتدخلها! فَقَالَ عَبْد اللَّهِ:
من كل شيء تحفظ أخاك إلا من نفسه، والله لو وجدوكم تحت أستار الكعبة لقتلوكم، وهل حرمة المسجد إلا كحرمة البيت، ثم تمثل:
ولست بمبتاع الحياة بسبةٍ ... ولا مرتق من خشية الموت سلما
قال: ثُمَّ شد عَلَيْهِ أصحاب الْحَجَّاج، فَقَالَ: أين أهل مصر؟ فقالوا: هم هؤلاء من هَذَا الباب- لأحد أبواب المسجد، فَقَالَ لأصحابه: كسروا أغماد سيوفكم، ولا تميلوا عني، فإني فِي الرعيل الأول. قَالَ: ففعلوا، ثُمَّ حمل عليهم، وحملوا معه، وَكَانَ يضرب بسيفين، فلحق رجلا فضربه، فقطع يده، وانهزموا، فجعل يضربهم حَتَّى أخرجهم من باب المسجد، فجعل رجل أسود يسبه. فَقَالَ لَهُ: اصبر يَا بْن حام. ثُمَّ حمل عَلَيْهِ فصرعه. قَالَ: ثُمَّ دخل عَلَيْهِ أهل حمص من باب بني شيبة. فَقَالَ: من هؤلاء؟ فقالوا: أهل حمص، فشد عليهم، وجعل يضربهم حَتَّى أخرجهم من باب المسجد، ثُمَّ انصرف، وهو يقول:
لو كَانَ قرني واحدا لكفيته ... أوردته الموت وذكيته
قال: ثُمَّ دخل عَلَيْهِ أهل الأردن من باب آخر، فَقَالَ: من هؤلاء؟ فقيل:
أهل الأردن، فجعل يضربهم بسيفه حَتَّى أخرجهم من المسجد، ثم انصرف، وهو يقول:
لا عهد لي بغارةٍ مثل السيل ... لا ينجلي قتامها حَتَّى الليل
قال: فأقبل عَلَيْهِ حجر من ناحية الصفا، فضربه بين عينيه، فنكس رأسه، وهو يقول:
ولسنا على الأعقاب تدمى كلومنا ... ولكن على أقدامنا يقطر الدم
هكذا تمثل بِهِ ابْن الزُّبَيْر. قَالَ: وحماه موليان لَهُ، أحدهما يَقُول:
العبد يحمي ربه ويحتمي.
قَالَ: ثُمَّ اجتمعوا عَلَيْهِ، فلم يزالوا يضربونه حَتَّى قتلوه ومولييه جميعا، ولما قتل كبر أهل الشام، فَقَالَ عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر: المكبرون عَلَيْهِ يَوْم ولد خير من المكبرين عَلَيْهِ يَوْم قتل.
وقال يَحْيَى بْن حرملة: دخلت مكة بعد ما قتل ابْن الزُّبَيْر بثلاثة أيام، فإذا هُوَ مصلوب، فجاءت أمه- امرأة عجوز طويلة مكفوفة البصر تقاد، فقالت للحجاج: أما آن لهذا الراكب أن ينزل! فَقَالَ لَهَا الْحَجَّاج: المنافق! فقالت:
والله مَا كَانَ منافقا، ولكنه كَانَ صواما برا. قَالَ: انصرفي، فإنك عجوز قد خرفت. قالت: لا والله مَا خرفت، ولقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: يخرج من ثقيف كذاب ومبير. أما الكذاب قد رأيناه، وأما المبير فأنت المبير. قال أَبُو عُمَر: الكذاب فيما يقولون المختار بْن أَبِي عُبَيْد الثقفي.
وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي عَامِرٍ الْخَزَّازِ، عَنْ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ:
كُنْتُ أَوَّلُ مَنْ بَشَّرَ أَسْمَاءَ بِنُزُولِ ابْنِهَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ مِنَ الْخَشَبَةِ، فَدَعَتْ بِمِرْكَنٍ وَشَبِّ يَمَانٍ. وَأَمَرَتْنِي بِغَسْلِهِ، فَكُنَّا لا نَتَنَاوَلُ عُضْوًا إِلا جَاءَ مَعَنَا، فكنا نغسل العضو ونضعه في أكفانه، وتتناول الْعُضْوَ الآخَرَ، حَتَّى فَرَغْنَا مِنْهُ، ثُمَّ قَامَتْ فَصَلَّتْ عَلَيْهِ، وَكَانَتْ تَقُولُ قَبْلَ ذَلِكَ: اللَّهمّ لا تمتنى حتى تقرّ عيني بحثته، فَمَا أَتَتْ عَلَيْهَا جُمْعَةٌ حَتَّى مَاتَتْ.
قَالَ أَبُو عُمَر رحمه الله: رحل عُرْوَة بْن الزُّبَيْر إِلَى عَبْد الْمَلِكِ بْن مَرَوَان.
فرغب إِلَيْهِ فِي إنزاله من الخشبة، فأسعفه، فأنزل، ثُمَّ كَانَ مَا وصف ابْن أَبِي مليكة، وَقَالَ علي بْن مُجَاهِد: قتل مع ابْن الزُّبَيْر مائتان وأربعون رجلا إن منهم لمن سال دمه فِي جوف الكعبة.
وَرَوَى عِيسَى، عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ مَالِكٍ، قَالَ: ابْنُ الزُّبَيْرِ كَانَ أَفْضَلُ مِنْ مَرَوَانَ. وَكَانَ أَوْلَى بِالأَمْرِ مِنْ مَرَوَانَ وَمِنَ ابْنِهِ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمن بن يحيى، حدثنا أحمد بن سعيد، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ابن النُّعْمَانِ بِالْقَيْرَوَانِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مروان البغدادي بالإسكندرية، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ: مَكَثَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ الله ابن الزُّبَيْرِ بَعْدَ قَتْلِ أَبِيهِ حَوْلا لا يَسْأَلُ أَحَدًا لِنَفْسِهِ شَيْئًا إِلا الدُّعَاءَ لأَبِيهِ وَرَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْعَلاءِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَتِيقٍ، قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ: إِذَا مَرَّ ابْنُ عُمَرَ فَأَرُونِيهِ، فَلَمَّا مَرَّ ابْنُ عُمَرَ قَالُوا: هَذَا ابْنُ عُمَرَ.
فَقَالَتْ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَا مَنَعَكَ أَنْ تَنْهَانِي عَنْ مَسِيرِي؟ قَالَ: رَأَيْتُ رَجُلا قَدْ غَلَبَ عَلَيْكِ، وَظَنَنْتُ أَنَّكِ لا تُخَالِفِينَهُ- يَعْنِي ابْنَ الزُّبَيْرِ. قَالَتْ: أَمَا إِنَّكَ لَوْ نَهَيْتَنِي مَا خَرَجْتُ.
يكنى أَبَا بَكْر. وَقَالَ بعضهم فِيهِ أَبُو بكير، ذكر ذَلِكَ أَبُو أَحْمَد الحاكم الْحَافِظ فِي كتابه فِي الكنى. والجمهور من أهل السير وأهل الأثر على أن كنيته أَبُو بَكْر، وله كنية أخرى، أَبُو خبيب. وكان أسن ولده. وخبيب هُوَ صاحب عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيزِ الَّذِي مات من ضربه، إذ كَانَ عُمَر واليا على المدينة للوليد، وَكَانَ الْوَلِيد قد أمره بضربه، فمات من أدبه ذَلِكَ، فوداه عُمَر بعده.
قَالَ أَبُو عُمَر: كناه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ باسم جده أَبِي أمه أبى بكر الصديق، وسمّاه باسمه. هاجرت أمه أَسْمَاء بِنْت أَبِي بَكْر من مكة، وهي حامل بابنها عَبْد اللَّهِ بْن الزُّبَيْر، فولدته فِي سنة اثنتين من الهجرة بعشرين شهرا من التاريخ. وقيل: إنه ولد فِي السنة الأولى، وَهُوَ أول مولود فِي الإسلام من المهاجرين بالمدينة.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ، حَدَّثَنَا الدُّولابِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ
أَنَّهَا حَمَلَتْ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ، قَالَتْ: فَخَرَجْتُ وَأَنَا مُتِمٌّ ، فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ، فَنَزَلْتُ بِقُبَاءٍ، فَوَلَدْتُهُ بِقُبَاءٍ. ثُمَّ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعْتُهُ فِي حِجْرِهِ، فَدَعَا بِتَمْرَةٍ فَمَضَغَهَا، ثُمَّ تَفَلَ فِي فِيهِ، فَكَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ دَخَلَ جَوْفَهُ رِيقُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: ثُمَّ حَنَّكَهُ بِالْخُبْزَةِ، ثُمَّ دَعَا لَهُ، وَبَرَّكَ عَلَيْهِ، وَكَانَ أَوَّلُ مَوْلُودٍ فِي الإِسْلامِ لِلْمُهَاجِرِينَ بِالْمَدِينَةِ. قَالَتْ: فَفَرِحُوا بِهِ فَرَحًا شَدِيدًا، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ قِيلَ لَهُمْ: إِنَّ الْيَهُودَ قَدْ سَحَرَتْكُمْ فَلا يُولَدُ لَكُمْ.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مَيْمُونٍ الْبَجَلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُرَيْكٍ الْمَكِّيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَبْدِ الله ابن الزُّبَيْرِ، قَالَ: سُمِّيتُ بِاسْمِ جَدِّي أَبِي بَكْرٍ، وَكُنِّيتُ بِكُنْيَتِهِ. وشهد الجمل مع أَبِيهِ وخالته، وكان شهما دكرا شرسا ذا أنفة، وكانت لَهُ لسانة وفصاحة، وَكَانَ أطلس ، لا لحية لَهُ، ولا شعر فِي وجهه.
وَقَالَ علي بْن زَيْد الجدعاني: كَانَ عَبْد اللَّهِ بْن الزُّبَيْر كَثِير الصلاة، كَثِير الصيام، شديد البأس، كريم الجدات والأمهات والخالات، إلا أَنَّهُ كانت فِيهِ خلال لا تصلح معها الخلافة، لأنه كَانَ بخيلا، ضيق العطاء، سيء الخلق، حسودا، كَثِير الخلاف، أخرج مُحَمَّد ابْن الحنفية، ونفى عَبْد اللَّهِ بْن عَبَّاس إِلَى الطائف.
قَالَ علي بْن أَبِي طالب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا زال الزُّبَيْر يعد منا- أهل البيت- حَتَّى نشأ عَبْد اللَّهِ. وبويع لعبد الله بْن الزُّبَيْر بالخلافة سنة أربع وستين، هَذَا قول أَبِي معشر. وقال المدائني: بويع لَهُ بالخلافة سنة خمس وستين، وَكَانَ
قبل ذَلِكَ لا يدعى باسم الخلافة، وكانت بيعته بعد موت مُعَاوِيَة بْن يَزِيد، واجتمع على طاعته أهل الحجاز، واليمن، والعراق، وخراسان، وحج بالناس ثماني حجج، وقتل رحمه الله فِي أيام عَبْد الْمَلِكِ يَوْم الثلاثاء لسبع عشرة ليلة خلت من جمادى الأولى. وقيل جمادى الآخرة، سنة ثلاث وسبعين، وَهُوَ ابْن ثنتين وسبعين سنة، وصلب بعد قتله بمكة، وبدأ الْحَجَّاج بحصاره من أول ليلة من ذي الحجة سنة اثنتين وسبعين، وحج بالناس الْحَجَّاج فِي ذَلِكَ العام، ووقف بعرفة وعليه درع ومغفر، ولم يطوفوا بالبيت فِي تلك الحجة، فحاصره ستة أشهر وسبعة عشر يوما إِلَى أن قتل فِي النصف من جمادى الآخرة، سنة ثلاث وسبعين.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا أحمد بن محمد بن الحجاج، حدثنا يحيى بْنُ سُلَيْمَانَ الْجُعْفِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأجلح، عن هشام ابن عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ قَبْلُ قَتْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بِعَشْرَةِ أَيَّامٍ دَخَلَ عَلَى أُمِّهِ أَسْمَاءَ، وَهِيَ شَاكِيَةٌ، فَقَالَ لَهَا: كَيْفَ تَجِدِينَكِ يَا أَمَهْ؟
قَالَتْ: مَا أَجِدُنِي إِلا شَاكِيَةً. فَقَالَ لَهَا: إِنَّ فِي الْمَوْتِ لَرَاحَةً. فَقَالَتْ لَهُ:
لَعَلَّكَ تَمَنَّيْتَهُ لِي. مَا أُحِبُّ أَنْ أَمُوتَ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى أَحَدِ طَرَفَيْكَ، إِمَّا إِنْ قُتِلْتَ فَأَحْتَسِبُكَ، وَإِمَّا ظَفَرْتَ بِعَدُوِّكَ فَتَقَرَّ عَيْنِي.
قَالَ عُرْوَةُ: فالتفت إلي عَبْد اللَّهِ فضحك، فلما كَانَ فِي اليوم الَّذِي قتل فِيهِ دخل عليها فِي المسجد فقالت لَهُ: يَا بني، لا تقبلن منهم خطة تخاف فيها على نفسك الذل مخافة القتل، فو الله لضربة سيف فِي عز خير من ضربة سوط فِي المذلة. قَالَ: فخرج، وقد جعل لَهُ مصراع عِنْدَ الكعبة، فكان تحته، فأتاه رجل من قريش، فَقَالَ لَهُ: ألا نفتح لك باب الكعبة فتدخلها! فَقَالَ عَبْد اللَّهِ:
من كل شيء تحفظ أخاك إلا من نفسه، والله لو وجدوكم تحت أستار الكعبة لقتلوكم، وهل حرمة المسجد إلا كحرمة البيت، ثم تمثل:
ولست بمبتاع الحياة بسبةٍ ... ولا مرتق من خشية الموت سلما
قال: ثُمَّ شد عَلَيْهِ أصحاب الْحَجَّاج، فَقَالَ: أين أهل مصر؟ فقالوا: هم هؤلاء من هَذَا الباب- لأحد أبواب المسجد، فَقَالَ لأصحابه: كسروا أغماد سيوفكم، ولا تميلوا عني، فإني فِي الرعيل الأول. قَالَ: ففعلوا، ثُمَّ حمل عليهم، وحملوا معه، وَكَانَ يضرب بسيفين، فلحق رجلا فضربه، فقطع يده، وانهزموا، فجعل يضربهم حَتَّى أخرجهم من باب المسجد، فجعل رجل أسود يسبه. فَقَالَ لَهُ: اصبر يَا بْن حام. ثُمَّ حمل عَلَيْهِ فصرعه. قَالَ: ثُمَّ دخل عَلَيْهِ أهل حمص من باب بني شيبة. فَقَالَ: من هؤلاء؟ فقالوا: أهل حمص، فشد عليهم، وجعل يضربهم حَتَّى أخرجهم من باب المسجد، ثُمَّ انصرف، وهو يقول:
لو كَانَ قرني واحدا لكفيته ... أوردته الموت وذكيته
قال: ثُمَّ دخل عَلَيْهِ أهل الأردن من باب آخر، فَقَالَ: من هؤلاء؟ فقيل:
أهل الأردن، فجعل يضربهم بسيفه حَتَّى أخرجهم من المسجد، ثم انصرف، وهو يقول:
لا عهد لي بغارةٍ مثل السيل ... لا ينجلي قتامها حَتَّى الليل
قال: فأقبل عَلَيْهِ حجر من ناحية الصفا، فضربه بين عينيه، فنكس رأسه، وهو يقول:
ولسنا على الأعقاب تدمى كلومنا ... ولكن على أقدامنا يقطر الدم
هكذا تمثل بِهِ ابْن الزُّبَيْر. قَالَ: وحماه موليان لَهُ، أحدهما يَقُول:
العبد يحمي ربه ويحتمي.
قَالَ: ثُمَّ اجتمعوا عَلَيْهِ، فلم يزالوا يضربونه حَتَّى قتلوه ومولييه جميعا، ولما قتل كبر أهل الشام، فَقَالَ عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر: المكبرون عَلَيْهِ يَوْم ولد خير من المكبرين عَلَيْهِ يَوْم قتل.
وقال يَحْيَى بْن حرملة: دخلت مكة بعد ما قتل ابْن الزُّبَيْر بثلاثة أيام، فإذا هُوَ مصلوب، فجاءت أمه- امرأة عجوز طويلة مكفوفة البصر تقاد، فقالت للحجاج: أما آن لهذا الراكب أن ينزل! فَقَالَ لَهَا الْحَجَّاج: المنافق! فقالت:
والله مَا كَانَ منافقا، ولكنه كَانَ صواما برا. قَالَ: انصرفي، فإنك عجوز قد خرفت. قالت: لا والله مَا خرفت، ولقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: يخرج من ثقيف كذاب ومبير. أما الكذاب قد رأيناه، وأما المبير فأنت المبير. قال أَبُو عُمَر: الكذاب فيما يقولون المختار بْن أَبِي عُبَيْد الثقفي.
وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي عَامِرٍ الْخَزَّازِ، عَنْ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ:
كُنْتُ أَوَّلُ مَنْ بَشَّرَ أَسْمَاءَ بِنُزُولِ ابْنِهَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ مِنَ الْخَشَبَةِ، فَدَعَتْ بِمِرْكَنٍ وَشَبِّ يَمَانٍ. وَأَمَرَتْنِي بِغَسْلِهِ، فَكُنَّا لا نَتَنَاوَلُ عُضْوًا إِلا جَاءَ مَعَنَا، فكنا نغسل العضو ونضعه في أكفانه، وتتناول الْعُضْوَ الآخَرَ، حَتَّى فَرَغْنَا مِنْهُ، ثُمَّ قَامَتْ فَصَلَّتْ عَلَيْهِ، وَكَانَتْ تَقُولُ قَبْلَ ذَلِكَ: اللَّهمّ لا تمتنى حتى تقرّ عيني بحثته، فَمَا أَتَتْ عَلَيْهَا جُمْعَةٌ حَتَّى مَاتَتْ.
قَالَ أَبُو عُمَر رحمه الله: رحل عُرْوَة بْن الزُّبَيْر إِلَى عَبْد الْمَلِكِ بْن مَرَوَان.
فرغب إِلَيْهِ فِي إنزاله من الخشبة، فأسعفه، فأنزل، ثُمَّ كَانَ مَا وصف ابْن أَبِي مليكة، وَقَالَ علي بْن مُجَاهِد: قتل مع ابْن الزُّبَيْر مائتان وأربعون رجلا إن منهم لمن سال دمه فِي جوف الكعبة.
وَرَوَى عِيسَى، عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ مَالِكٍ، قَالَ: ابْنُ الزُّبَيْرِ كَانَ أَفْضَلُ مِنْ مَرَوَانَ. وَكَانَ أَوْلَى بِالأَمْرِ مِنْ مَرَوَانَ وَمِنَ ابْنِهِ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمن بن يحيى، حدثنا أحمد بن سعيد، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ابن النُّعْمَانِ بِالْقَيْرَوَانِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مروان البغدادي بالإسكندرية، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ: مَكَثَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ الله ابن الزُّبَيْرِ بَعْدَ قَتْلِ أَبِيهِ حَوْلا لا يَسْأَلُ أَحَدًا لِنَفْسِهِ شَيْئًا إِلا الدُّعَاءَ لأَبِيهِ وَرَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْعَلاءِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَتِيقٍ، قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ: إِذَا مَرَّ ابْنُ عُمَرَ فَأَرُونِيهِ، فَلَمَّا مَرَّ ابْنُ عُمَرَ قَالُوا: هَذَا ابْنُ عُمَرَ.
فَقَالَتْ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَا مَنَعَكَ أَنْ تَنْهَانِي عَنْ مَسِيرِي؟ قَالَ: رَأَيْتُ رَجُلا قَدْ غَلَبَ عَلَيْكِ، وَظَنَنْتُ أَنَّكِ لا تُخَالِفِينَهُ- يَعْنِي ابْنَ الزُّبَيْرِ. قَالَتْ: أَمَا إِنَّكَ لَوْ نَهَيْتَنِي مَا خَرَجْتُ.
عبد الله بن الزبير بن عيسى بن عبيد الله بن الزبير بن عبيد الله بن حميد أبو بكر الحميدي الملكي.
سمع من سفيان بن عيينة ومروان بن معاوية وبشر بن بكر وأبي معاوية والوليد بن مسلم وغيرهم وصنف المسند وحدث عنه أحمد بن حنبل ومحمد ابن سعد كاتب الواقدي والبخاري في صحيحه وحدث عنه بالمسند بشر بن موسى الأسدي أبو علي.
أخبرنا عبد الوهاب بن علي بن علي وعمر بن محمد قالا أنبأ هبة الله بن محمد بن الحصين أنبأ أبو طالب محمد بن غيلان قال أنبأ أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي قال: ثنا بشر بن موسى قال: ثنا الحميدي عبد الله بن الزبير قال: ثنا سفيان بن عيينة قال: ثنا الزهري أنه سمع القاسم يقول عن عائشة رضي الله عنها دخل النبي صلى الله عليه وسلم علي وقد استترت بقرام فيه تماثيل فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم تلون وجهه ثم هتكه وقال: "إن أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يشبهون بخلق الله تعالى" 1.374- راجع ترجمته في: طبقات الحفاظ ص/181، تذكرة الحفاظ 2/413، تهذيب التهذيب 5/215، شذرات الذهب 2/45، طبقات الشيرازي ص/99، طبقات ابن هداية الله ص/15، الانساب 4/231، سير اعلام النبلاء 10/616، الوافي بالوفيات 17/179.
قال سفيان: فلما حدثنا عبد الرحمن بن القاسم حديثا فأحسن منه قال: أخبرني أبي أنه سمع عائشة تقول قدم علي رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر وقد سترت على سهوة لي بقرام فيه تماثيل فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم نزعه فقال: "إن أشد الناس عذابا عند الله يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله تعالى" قالت لي عائشة: فقطعنا منه وسادة أو وسادتين1.
ذكر أبو يعقوب القراب إسحاق بن إبراهيم عن البخاري أنه قال توفي أعني الحميدي سنة تسع عشرة.
ومائتين أخبرنا أحمد بن الحسن المقرئ قال أنبا أبو منصور القزاز أنبا أحمد بن علي الخطيب قال أخبرني عبد الملك بن عمر الرزاز قال أنبأ عبيد الله بن سعيد البروجردي قال ثنا عبد الله بن محمد بن وهب الحافظ قال ثنا مرار بن أحمد أبو أحمد قال سمعت أحمد بن حنبل يقول الشافعي عندنا إمام والحميدي عندنا إمام وإسحاق بن راهويه عندنا إمام.
سمع من سفيان بن عيينة ومروان بن معاوية وبشر بن بكر وأبي معاوية والوليد بن مسلم وغيرهم وصنف المسند وحدث عنه أحمد بن حنبل ومحمد ابن سعد كاتب الواقدي والبخاري في صحيحه وحدث عنه بالمسند بشر بن موسى الأسدي أبو علي.
أخبرنا عبد الوهاب بن علي بن علي وعمر بن محمد قالا أنبأ هبة الله بن محمد بن الحصين أنبأ أبو طالب محمد بن غيلان قال أنبأ أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي قال: ثنا بشر بن موسى قال: ثنا الحميدي عبد الله بن الزبير قال: ثنا سفيان بن عيينة قال: ثنا الزهري أنه سمع القاسم يقول عن عائشة رضي الله عنها دخل النبي صلى الله عليه وسلم علي وقد استترت بقرام فيه تماثيل فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم تلون وجهه ثم هتكه وقال: "إن أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يشبهون بخلق الله تعالى" 1.374- راجع ترجمته في: طبقات الحفاظ ص/181، تذكرة الحفاظ 2/413، تهذيب التهذيب 5/215، شذرات الذهب 2/45، طبقات الشيرازي ص/99، طبقات ابن هداية الله ص/15، الانساب 4/231، سير اعلام النبلاء 10/616، الوافي بالوفيات 17/179.
قال سفيان: فلما حدثنا عبد الرحمن بن القاسم حديثا فأحسن منه قال: أخبرني أبي أنه سمع عائشة تقول قدم علي رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر وقد سترت على سهوة لي بقرام فيه تماثيل فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم نزعه فقال: "إن أشد الناس عذابا عند الله يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله تعالى" قالت لي عائشة: فقطعنا منه وسادة أو وسادتين1.
ذكر أبو يعقوب القراب إسحاق بن إبراهيم عن البخاري أنه قال توفي أعني الحميدي سنة تسع عشرة.
ومائتين أخبرنا أحمد بن الحسن المقرئ قال أنبا أبو منصور القزاز أنبا أحمد بن علي الخطيب قال أخبرني عبد الملك بن عمر الرزاز قال أنبأ عبيد الله بن سعيد البروجردي قال ثنا عبد الله بن محمد بن وهب الحافظ قال ثنا مرار بن أحمد أبو أحمد قال سمعت أحمد بن حنبل يقول الشافعي عندنا إمام والحميدي عندنا إمام وإسحاق بن راهويه عندنا إمام.
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الزُّبَيْرِ بْنِ زَيْدٍ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ مِنَ الْأَوْسِ، نَسَبَهُ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، ثنا الْحُمَيْدِيُّ، ثنا سُفْيَانُ، ثنا الزُّهْرِيُّ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ: " أَنَّهُ سَمِعَهَا تَقُولُ: جَاءَتِ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي كُنْتُ عِنْدَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَنِي، فَبَتَّ طَلَاقِي، فَتَزَوَّجْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَأَنَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: «أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ، لَا حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ، وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ» رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ وَرَوَاهُ الْمِسْوَرُ بْنُ رِفَاعَةَ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ نَحْوَهُ وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، وَسَمَّاهُ الْمَرْأَةَ، فَقَالَ: امْرَأَةٌ يُقَالُ لَهَا: تَمِيمَةُ
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، ثنا الْحُمَيْدِيُّ، ثنا سُفْيَانُ، ثنا الزُّهْرِيُّ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ: " أَنَّهُ سَمِعَهَا تَقُولُ: جَاءَتِ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي كُنْتُ عِنْدَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَنِي، فَبَتَّ طَلَاقِي، فَتَزَوَّجْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَأَنَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: «أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ، لَا حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ، وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ» رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ وَرَوَاهُ الْمِسْوَرُ بْنُ رِفَاعَةَ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ نَحْوَهُ وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، وَسَمَّاهُ الْمَرْأَةَ، فَقَالَ: امْرَأَةٌ يُقَالُ لَهَا: تَمِيمَةُ
عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله [بن الزبير بن العوام الأسدي والد مصعب بن عبد الله - الزبيري جد الزبير بن بكار القرشي
البصري روى عن أبي حازم سلمة بن دينار وهشام بن عروة وموسى ابن عقبة وقدامة بن إبراهيم وإسماعيل بن عبد الله بن جعفر روى عنه هشام بن يوسف الصنعاني وإبراهيم بن خالد الصنعاني وابنه مصعب الزبيري وأبو حارثة كعب بن خريم الدمشقي سمعت أبي يقول ذلك وسألته عنه فقال: هو شيخ بابة عبد الرحمن بن أبي الزناد.
البصري روى عن أبي حازم سلمة بن دينار وهشام بن عروة وموسى ابن عقبة وقدامة بن إبراهيم وإسماعيل بن عبد الله بن جعفر روى عنه هشام بن يوسف الصنعاني وإبراهيم بن خالد الصنعاني وابنه مصعب الزبيري وأبو حارثة كعب بن خريم الدمشقي سمعت أبي يقول ذلك وسألته عنه فقال: هو شيخ بابة عبد الرحمن بن أبي الزناد.
عبد الرحمن بن أبي الزبير الحضرمي، ويقال عبد الرحمن بن أبي واصل، وابن أبي واصل اصح، روى عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم روى عنه عمرو بن ميمون، قال أبو محمد وقال أبو زرعة: هو عبد الرحمن بن أبي الواصل كما قال أبي.
عبد الرحمن بن الزبير بن باطا القرظي
هو الذي قالت فيه امرأته تميمة بنت وهب: إنما معه مثل هدبة الثوب، وكان تزوجها بعد رفاعة ابن سموأل، فاعترض عنها، ولم يستطع أن يمسها، فشكته إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، فذكر حديث العسيلة ...
هو الذي قالت فيه امرأته تميمة بنت وهب: إنما معه مثل هدبة الثوب، وكان تزوجها بعد رفاعة ابن سموأل، فاعترض عنها، ولم يستطع أن يمسها، فشكته إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، فذكر حديث العسيلة ...
عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ أَبُو بَكْرٍ، وَقِيلَ: أَبُو خُبَيْبٍ أَبُوهُ حَوَارِيُّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأُمُّهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَخَالَتُهُ عَائِشَةُ زَوْجَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَدُّهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، وَعَمَّتُهُ خَدِيجَةُ زَوْجَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَدَّتُهُ صَفِيَّةُ عَمَّةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هُوَ أَوَّلُ مَوْلُودٍ وُلِدَ فِي الْإِسْلَامِ لِلْمُهَاجِرِينَ بِالْمَدِينَةِ، فَحَنَّكَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللهِ، فَكَبَّرَ بَرَرَةُ الصَّحَابَةِ وَالْمُسْلِمُونَ لِمَوْلِدِهِ اسْتِكْثَارًا، وَقُتِلَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِي مَكَّةَ، فَكَبَّرَ فَجَرَةُ أَهْلِ الشَّامِ لِمَقْتَلِهِ اسْتِكْبَارًا، بَايَعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ، كَانَ صَوَّامًا قَوَّامًا، بِالْحَقِّ قَوَّالًا، وَلِلرَّحِمِ وَصَّالًا، شَدِيدًا عَلَى الْفَجَرَةِ، ذَلِيلًا لِلْأَتْقِيَاءِ الْبَرَرَةِ، قَتَلَهُ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ بِمَكَّةَ، وَصَلَبَهُ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ، وَكَانَ ذَا جُمَّةٍ طَوِيلَةٍ يَفْرَقُ
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمْدَانَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الرُّومِيِّ، ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّهَا حَمَلَتْ بِعَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَتْ: فَخَرَجْتُ وَأَنَا مُتِمٌّ، فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ، فَنَزَلْتُ بِقُبَاءَ فَوَلَدْتُهُ بِقُبَاءَ، ثُمَّ أَتَيْتُ بِهِ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعَهُ فِي حِجْرِهِ، فَدَعَا بِتَمَرَاتٍ فَمَضَغَهَا، ثُمَّ تَفَلَ فِي فِيهِ، وَكَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ دَخَلَ جَوْفَهُ رِيقَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ حَنَّكَهُ بِالتَّمْرَةِ، ثُمَّ دَعَا لَهُ وَبَرَّكَ عَلَيْهِ، وَكَانَ أَوَّلَ مَوْلُودٍ وُلِدَ فِي الْإِسْلَامِ، فَفَرِحَ الْمُسْلِمُونَ فَرَحًا شَدِيدًا، لِأَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا يَقُولُونَ: قَدْ سَحَرْنَاهُمْ حَتَّى لَا يُولَدَ لَهُمْ "
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مَسْعَدَةُ بْنُ سَعْدٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ عُرْوَةَ، حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَرَجَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ حِينَ هَاجَرَتْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ حَامِلٌ بِعَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، فَنَفَسَتْهُ، فَأَتَتْ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُحَنِّكَهُ، فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعَهُ فِي حِجْرِهِ، فَأُتِيَ بِتَمْرَةٍ فَمَصَّهَا، ثُمَّ وَضَعَهَا فِي فِيهِ، فَحَنَّكَهُ، فَإِنْ كَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ دَخَلَ بَطْنَهُ رِيقَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ أَسْمَاءُ: ثُمَّ مَسَحَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللهِ، ثُمَّ جَاءَ بَعْدُ وَهُوَ ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ، أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ، لِيُبَايِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمَرَهُ الزُّبَيْرُ بِذَلِكَ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَآهُ مُقْبِلًا، وَبَايَعَ وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ وُلِدَ فِي الْإِسْلَامِ بِالْمَدِينَةِ مَقْدَمَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَتِ الْيَهُودُ تَقُولُ: قَدْ أَخَذْنَاهُمْ فَلَا يُولَدُ لَهُمْ بِالْمَدِينَةِ وَلَدٌ، فَكَبَّرَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ وُلِدَ، وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ حِينَ سَمِعَ تَكْبِيرَ أَهْلِ الشَّامِ، وَقَدْ قَتَلُوا عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ: الَّذِينَ كَبَّرُوا عَلَى مَوْلِدِهِ خَيْرٌ مِنَ الَّذِينَ كَبَّرُوا عَلَى قَتْلِهِ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، يَقُولُ: قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، قَالَ: ثُمَّ قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ لِسَبْعَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، ثنا الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ مِهْرَانَ، ثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ الْمِصْرِيُّ، قَالَ: وَفِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ قُتِلَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ
- حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْمَوْصِلِيُّ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ رِدَاءً عَدَنِيًّا، وَكَانَتْ لَهُ جُمَّةٌ إِلَى الْعُنُقِ، وَكَانَ يَفْرَقُ
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مَيْمُونٍ، قَالَا: ثنا سُفْيَانُ، ثنا عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: ذُكِرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عِنْدَ ابْنِ الْعَبَّاسِ فَقَالَ: كَانَ عَفِيفًا فِي الْإِسْلَامِ، قَارِئًا لِلْقُرْآنِ، أَبُوهُ الزُّبَيْرُ، وَأُمُّهُ أَسْمَاءُ، وَجَدُّهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعَمَّتُهُ خَدِيجَةُ، وَجَدَّتُهُ صَفِيَّةُ، وَخَالَتُهُ عَائِشَةُ، وَاللهِ لَأُحَاسِبَنَّ لَهُ نَفْسِي مُحَاسَبَةً لَمْ أُحَاسِبْهَا لِأَبِي بَكْرٍ وَلَا لِعُمَرَ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الطَّلْحِيُّ، ثنا عُبَيْدُ بْنُ غَنَّامٍ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى، عَنْ أَبِيهِ يَعْلَى بْنِ حَرْمَلَةَ قَالَ: دَخَلْتُ مَكَّةَ بَعْدَمَا قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَهُوَ مَصْلُوبٌ قَالَ: فَجَاءَتْ أُمُّهُ عَجُوزٌ طَوِيلَةٌ مَكْفُوفَةُ الْبَصَرِ، فَقَالَتْ لِلْحَجَّاجِ: أَمَا آنَ لِهَذَا الرَّاكِبِ أَنْ يَنْزِلَ، قَالَ: فَقَالَ الْحَجَّاجُ: الْمُنَافِقُ؟ قَالَ: فَقَالَتْ: وَاللهِ مَا كَانَ مُنَافِقًا، إِنْ كَانَ لَصَوَّامًا قَوَّامًا بَرًّا
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، ثنا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: قَالَ لِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: إِنَّ فِي قَلْبِكَ مِنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: قُلْتُ: لَوْ رَأَيْتَهُ مَا رَأَيْتَ مُنَاجِيًا مِثْلَهُ، وَلَا مُصَلِّيًا مِثْلَهُ وَكَلِمَةً ثَالِثَةً
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الصَّائِغُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجُ، ثنا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ، وَعَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَا: ثنا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، ثنا حَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ، كَانَ يُوَاصِلُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، فَإِذَا كَانَ يَوْمَ السَّابِعِ كَانَ أَلِيثَنَا
- حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأَرُزِّيُّ، ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، ثنا زِيَادٌ الْجَصَّاصُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ لِغُلَامِهِ: انْظُرِ الْمَكَانَ الَّذِي بِهِ ابْنُ الزُّبَيْرِ مَصْلُوبًا، فَلَا تَمُرَّ بِي عَلَيْهِ، قَالَ: فَسَهَا الْغُلَامُ، فَرَفَعَ ابْنُ عُمَرَ رَأْسَهُ، فَرَآهُ مَصْلُوبًا فَقَالَ: يَغْفِرُ اللهُ لَكَ، يَغْفِرُ اللهُ لَكَ، أَمَا وَاللهِ مَا عَلِمْنَاكَ إِلَّا صَوَّامًا قَوَّامًا وَصُولًا لِلرَّحِمِ
- حَدَّثَنَا فَارُوقٌ الْخَطَّابِيُّ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْقُرَشِيٌّ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، ثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ يَحْمِلُ عَلَيْهِمْ حَتَّى يُخْرِجَهُمْ مِنَ الْأَبْوَابِ، وَهُوَ يَرْتَجِزُ وَيَقُولُ:
[البحر الرجز]
لَوْ كَانَ قَرْنِي وَاحِدًا كَفَيْتُهْ
وَيَقُولُ:
[البحر الطويل]
لَسْنَا عَلَى الْأَعْقَابِ تَدْمَى كُلُومُنَا ... وَلَكِنْ عَلَى أَقْدَامِنَا يَقْطُرُ الدَّمَا
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: كَانَ لِابْنِ الزُّبَيْرِ مِائَةُ غُلَامٍ يَتَكَلَّمُ كُلُّ غُلَامٍ مِنْهُمْ بِلُغَةٍ أُخْرَى، فَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يُكَلِّمُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِلُغَتِهِ، فَكُنْتَ إِذَا نَظَرْتَ إِلَيْهِ فِي أَمْرِ دُنْيَاهُ، قُلْتَ: هَذَا رَجُلٌ لَمْ يُرِدْ إِلَيْهَا طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَإِذَا نَظَرْتَ إِلَيْهِ فِي أَمْرِ آخِرَتِهِ قُلْتَ: هَذَا رَجُلٌ لَمْ يُرِدْ إِلَيْهَا طَرْفَةَ عَيْنٍ
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، ثنا زَيْدُ بْنُ الْمُبَارَكِ، ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزِّمَارِيُّ، ثنا الْقَاسِمُ بْنُ مَعْنٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: تَثَاقَلَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ طَاعَةِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَأَظْهَرَ شَتْمَهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ يَزِيدَ فَأَقْسَمَ لَا يُؤْتَى بِهِ إِلَيْهِ إِلَّا مَغْلُولًا، وَإِلَّا أَرْسَلَ إِلَيْهِ، فَقِيلَ لِابْنِ الزُّبَيْرِ: أَلَا نَصْنَعُ لَكَ أَغْلَالًا مِنْ فِضَّةٍ تَلْبَسُ عَلَيْهَا الثَّوْبَ وَتُبِرُّ قَسَمَهُ، فَالصُّلْحُ أَجْمَلُ لَكَ؟ قَالَ: فَلَا أُبِرُّ وَاللهِ قَسَمَهُ، ثُمَّ قَالَ:
[البحر البسيط]
وَلَا أَلِينُ لِغَيْرِ الْحَقِّ أَسْأَلُهُ ... حَتَّى يَلِينَ لِضِرْسِ الْمَاضِغِ الْحَجَرُ
ثُمَّ قَالَ: وَاللهِ لَضَرْبَةٌ بِسَيْفٍ فِي عِزٍّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ ضَرْبَةٍ بِسَوْطٍ فِي ذُلٍّ، ثُمَّ دَعَا إِلَى نَفْسِهِ، وَأَظْهَرَ الْخِلَافَ لِيَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ قَالَ: فَبَعَثَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجَ، فَلَمَّا أَنْ ظَهَرَ الْحَجَّاجُ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ، وَنَصَبَ عَلَيْهِ الْمَنْجَنِيقَ، وَكَانَ يَرْمِي بِهِ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْمَسْجِدِ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدَاةُ الَّتِي قُتِلَ فِيهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ دَخَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى أُمِّهِ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، وَهِيَ يَوْمَئِذٍ ابْنَةُ مِائَةِ سَنَةٍ، لَمْ يَسْقُطْ لَهَا سِنٌّ، وَلَمْ يَفْسُدْ لَهَا بَصَرٌ، فَقَالَتْ لِابْنِهَا: مَا فَعَلْتَ يَا عَبْدَ اللهِ فِي حَرْبِكَ؟ قَالَ: بَلَغُوا مَكَانَ كَذَا وَكَذَا، وَضَحِكَ، وَقَالَ: إِنَّ فِي الْمَوْتِ لَرَاحَةً، فَقَالَتْ: يَا بُنَيَّ لَعَلَّكَ تَتَمَنَّاهُ لِي مَا أُحِبُّ أَنْ أَمُوتَ حَتَّى آتِيَ عَلَى أَحَدِ طَرَفَيْكَ، إِمَّا أَنْ تَمْلِكَ فَتَقَرَّ بِذَلِكَ عَيْنِي، وَإِمَّا أَنْ تُقْتَلَ فَأَحْتَسِبَكَ قَالَ: ثُمَّ وَدَّعَهَا، وَقَالَتْ لَهُ: يَا بُنَيَّ إِيَّاكَ أَنْ تُعْطِيَ بِخَصْلَةٍ مِنْ دِينِكَ مَخَافَةَ الْقَتْلِ، فَخَرَجَ عَنْهَا"
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ، ثنا سُفْيَانُ، سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ، يَقُولُ: قَالَ لِي ابْنُ الْمُنْكَدِرِ: لَوْ رَأَيْتَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، وَهُوَ يُصَلِّي لَقُلْتَ غُصْنُ شَجَرَةٍ تُصَفِّقُهَا الرِّيحُ، إِنَّ الْمَنْجَنِيقَ لَيَقَعُ هَاهُنَا وَهَاهُنَا مَا يُبَالِي
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمْدَانَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الرُّومِيِّ، ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّهَا حَمَلَتْ بِعَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَتْ: فَخَرَجْتُ وَأَنَا مُتِمٌّ، فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ، فَنَزَلْتُ بِقُبَاءَ فَوَلَدْتُهُ بِقُبَاءَ، ثُمَّ أَتَيْتُ بِهِ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعَهُ فِي حِجْرِهِ، فَدَعَا بِتَمَرَاتٍ فَمَضَغَهَا، ثُمَّ تَفَلَ فِي فِيهِ، وَكَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ دَخَلَ جَوْفَهُ رِيقَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ حَنَّكَهُ بِالتَّمْرَةِ، ثُمَّ دَعَا لَهُ وَبَرَّكَ عَلَيْهِ، وَكَانَ أَوَّلَ مَوْلُودٍ وُلِدَ فِي الْإِسْلَامِ، فَفَرِحَ الْمُسْلِمُونَ فَرَحًا شَدِيدًا، لِأَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا يَقُولُونَ: قَدْ سَحَرْنَاهُمْ حَتَّى لَا يُولَدَ لَهُمْ "
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مَسْعَدَةُ بْنُ سَعْدٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ عُرْوَةَ، حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَرَجَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ حِينَ هَاجَرَتْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ حَامِلٌ بِعَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، فَنَفَسَتْهُ، فَأَتَتْ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُحَنِّكَهُ، فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعَهُ فِي حِجْرِهِ، فَأُتِيَ بِتَمْرَةٍ فَمَصَّهَا، ثُمَّ وَضَعَهَا فِي فِيهِ، فَحَنَّكَهُ، فَإِنْ كَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ دَخَلَ بَطْنَهُ رِيقَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ أَسْمَاءُ: ثُمَّ مَسَحَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللهِ، ثُمَّ جَاءَ بَعْدُ وَهُوَ ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ، أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ، لِيُبَايِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمَرَهُ الزُّبَيْرُ بِذَلِكَ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَآهُ مُقْبِلًا، وَبَايَعَ وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ وُلِدَ فِي الْإِسْلَامِ بِالْمَدِينَةِ مَقْدَمَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَتِ الْيَهُودُ تَقُولُ: قَدْ أَخَذْنَاهُمْ فَلَا يُولَدُ لَهُمْ بِالْمَدِينَةِ وَلَدٌ، فَكَبَّرَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ وُلِدَ، وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ حِينَ سَمِعَ تَكْبِيرَ أَهْلِ الشَّامِ، وَقَدْ قَتَلُوا عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ: الَّذِينَ كَبَّرُوا عَلَى مَوْلِدِهِ خَيْرٌ مِنَ الَّذِينَ كَبَّرُوا عَلَى قَتْلِهِ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، يَقُولُ: قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، قَالَ: ثُمَّ قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ لِسَبْعَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، ثنا الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ مِهْرَانَ، ثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ الْمِصْرِيُّ، قَالَ: وَفِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ قُتِلَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ
- حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْمَوْصِلِيُّ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ رِدَاءً عَدَنِيًّا، وَكَانَتْ لَهُ جُمَّةٌ إِلَى الْعُنُقِ، وَكَانَ يَفْرَقُ
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مَيْمُونٍ، قَالَا: ثنا سُفْيَانُ، ثنا عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: ذُكِرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عِنْدَ ابْنِ الْعَبَّاسِ فَقَالَ: كَانَ عَفِيفًا فِي الْإِسْلَامِ، قَارِئًا لِلْقُرْآنِ، أَبُوهُ الزُّبَيْرُ، وَأُمُّهُ أَسْمَاءُ، وَجَدُّهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعَمَّتُهُ خَدِيجَةُ، وَجَدَّتُهُ صَفِيَّةُ، وَخَالَتُهُ عَائِشَةُ، وَاللهِ لَأُحَاسِبَنَّ لَهُ نَفْسِي مُحَاسَبَةً لَمْ أُحَاسِبْهَا لِأَبِي بَكْرٍ وَلَا لِعُمَرَ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الطَّلْحِيُّ، ثنا عُبَيْدُ بْنُ غَنَّامٍ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى، عَنْ أَبِيهِ يَعْلَى بْنِ حَرْمَلَةَ قَالَ: دَخَلْتُ مَكَّةَ بَعْدَمَا قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَهُوَ مَصْلُوبٌ قَالَ: فَجَاءَتْ أُمُّهُ عَجُوزٌ طَوِيلَةٌ مَكْفُوفَةُ الْبَصَرِ، فَقَالَتْ لِلْحَجَّاجِ: أَمَا آنَ لِهَذَا الرَّاكِبِ أَنْ يَنْزِلَ، قَالَ: فَقَالَ الْحَجَّاجُ: الْمُنَافِقُ؟ قَالَ: فَقَالَتْ: وَاللهِ مَا كَانَ مُنَافِقًا، إِنْ كَانَ لَصَوَّامًا قَوَّامًا بَرًّا
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، ثنا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: قَالَ لِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: إِنَّ فِي قَلْبِكَ مِنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: قُلْتُ: لَوْ رَأَيْتَهُ مَا رَأَيْتَ مُنَاجِيًا مِثْلَهُ، وَلَا مُصَلِّيًا مِثْلَهُ وَكَلِمَةً ثَالِثَةً
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الصَّائِغُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجُ، ثنا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ، وَعَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَا: ثنا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، ثنا حَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ، كَانَ يُوَاصِلُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، فَإِذَا كَانَ يَوْمَ السَّابِعِ كَانَ أَلِيثَنَا
- حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأَرُزِّيُّ، ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، ثنا زِيَادٌ الْجَصَّاصُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ لِغُلَامِهِ: انْظُرِ الْمَكَانَ الَّذِي بِهِ ابْنُ الزُّبَيْرِ مَصْلُوبًا، فَلَا تَمُرَّ بِي عَلَيْهِ، قَالَ: فَسَهَا الْغُلَامُ، فَرَفَعَ ابْنُ عُمَرَ رَأْسَهُ، فَرَآهُ مَصْلُوبًا فَقَالَ: يَغْفِرُ اللهُ لَكَ، يَغْفِرُ اللهُ لَكَ، أَمَا وَاللهِ مَا عَلِمْنَاكَ إِلَّا صَوَّامًا قَوَّامًا وَصُولًا لِلرَّحِمِ
- حَدَّثَنَا فَارُوقٌ الْخَطَّابِيُّ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْقُرَشِيٌّ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، ثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ يَحْمِلُ عَلَيْهِمْ حَتَّى يُخْرِجَهُمْ مِنَ الْأَبْوَابِ، وَهُوَ يَرْتَجِزُ وَيَقُولُ:
[البحر الرجز]
لَوْ كَانَ قَرْنِي وَاحِدًا كَفَيْتُهْ
وَيَقُولُ:
[البحر الطويل]
لَسْنَا عَلَى الْأَعْقَابِ تَدْمَى كُلُومُنَا ... وَلَكِنْ عَلَى أَقْدَامِنَا يَقْطُرُ الدَّمَا
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: كَانَ لِابْنِ الزُّبَيْرِ مِائَةُ غُلَامٍ يَتَكَلَّمُ كُلُّ غُلَامٍ مِنْهُمْ بِلُغَةٍ أُخْرَى، فَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يُكَلِّمُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِلُغَتِهِ، فَكُنْتَ إِذَا نَظَرْتَ إِلَيْهِ فِي أَمْرِ دُنْيَاهُ، قُلْتَ: هَذَا رَجُلٌ لَمْ يُرِدْ إِلَيْهَا طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَإِذَا نَظَرْتَ إِلَيْهِ فِي أَمْرِ آخِرَتِهِ قُلْتَ: هَذَا رَجُلٌ لَمْ يُرِدْ إِلَيْهَا طَرْفَةَ عَيْنٍ
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، ثنا زَيْدُ بْنُ الْمُبَارَكِ، ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزِّمَارِيُّ، ثنا الْقَاسِمُ بْنُ مَعْنٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: تَثَاقَلَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ طَاعَةِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَأَظْهَرَ شَتْمَهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ يَزِيدَ فَأَقْسَمَ لَا يُؤْتَى بِهِ إِلَيْهِ إِلَّا مَغْلُولًا، وَإِلَّا أَرْسَلَ إِلَيْهِ، فَقِيلَ لِابْنِ الزُّبَيْرِ: أَلَا نَصْنَعُ لَكَ أَغْلَالًا مِنْ فِضَّةٍ تَلْبَسُ عَلَيْهَا الثَّوْبَ وَتُبِرُّ قَسَمَهُ، فَالصُّلْحُ أَجْمَلُ لَكَ؟ قَالَ: فَلَا أُبِرُّ وَاللهِ قَسَمَهُ، ثُمَّ قَالَ:
[البحر البسيط]
وَلَا أَلِينُ لِغَيْرِ الْحَقِّ أَسْأَلُهُ ... حَتَّى يَلِينَ لِضِرْسِ الْمَاضِغِ الْحَجَرُ
ثُمَّ قَالَ: وَاللهِ لَضَرْبَةٌ بِسَيْفٍ فِي عِزٍّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ ضَرْبَةٍ بِسَوْطٍ فِي ذُلٍّ، ثُمَّ دَعَا إِلَى نَفْسِهِ، وَأَظْهَرَ الْخِلَافَ لِيَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ قَالَ: فَبَعَثَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجَ، فَلَمَّا أَنْ ظَهَرَ الْحَجَّاجُ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ، وَنَصَبَ عَلَيْهِ الْمَنْجَنِيقَ، وَكَانَ يَرْمِي بِهِ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْمَسْجِدِ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدَاةُ الَّتِي قُتِلَ فِيهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ دَخَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى أُمِّهِ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، وَهِيَ يَوْمَئِذٍ ابْنَةُ مِائَةِ سَنَةٍ، لَمْ يَسْقُطْ لَهَا سِنٌّ، وَلَمْ يَفْسُدْ لَهَا بَصَرٌ، فَقَالَتْ لِابْنِهَا: مَا فَعَلْتَ يَا عَبْدَ اللهِ فِي حَرْبِكَ؟ قَالَ: بَلَغُوا مَكَانَ كَذَا وَكَذَا، وَضَحِكَ، وَقَالَ: إِنَّ فِي الْمَوْتِ لَرَاحَةً، فَقَالَتْ: يَا بُنَيَّ لَعَلَّكَ تَتَمَنَّاهُ لِي مَا أُحِبُّ أَنْ أَمُوتَ حَتَّى آتِيَ عَلَى أَحَدِ طَرَفَيْكَ، إِمَّا أَنْ تَمْلِكَ فَتَقَرَّ بِذَلِكَ عَيْنِي، وَإِمَّا أَنْ تُقْتَلَ فَأَحْتَسِبَكَ قَالَ: ثُمَّ وَدَّعَهَا، وَقَالَتْ لَهُ: يَا بُنَيَّ إِيَّاكَ أَنْ تُعْطِيَ بِخَصْلَةٍ مِنْ دِينِكَ مَخَافَةَ الْقَتْلِ، فَخَرَجَ عَنْهَا"
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ، ثنا سُفْيَانُ، سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ، يَقُولُ: قَالَ لِي ابْنُ الْمُنْكَدِرِ: لَوْ رَأَيْتَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، وَهُوَ يُصَلِّي لَقُلْتَ غُصْنُ شَجَرَةٍ تُصَفِّقُهَا الرِّيحُ، إِنَّ الْمَنْجَنِيقَ لَيَقَعُ هَاهُنَا وَهَاهُنَا مَا يُبَالِي
عبد الله بن مطيع روى عن هشيم روى عنه مسلم بن الحجاج النيسابوري.
عبد الله بن مُطِيع من أهل بَغْدَاد يروي عَن هشيم وَإِسْمَاعِيل بن جَعْفَر حَدَّثنا عَنهُ الْحسن بن سُفْيَان مُسْتَقِيم الحَدِيث
عبد الله بن مطيع روى أن عمر رضي الله عنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فشكا إليه الحاجة روى عطاف بن خالد عن أمية بن عبد الله ابن مطيع عن أبيه.
- وعبد الله بن مطيع بن الأسود بن حارثة بن نضلة بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب. أمه أميمة بنت أبي الجبار بن أبي عمرو عامر بن عوف بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن علي بن كنانة, يكنى أبا سليمان. مات سنة ثلاث وسبعين.
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعِ
- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعِ بْنِ الأَسْوَدِ بْنِ حَارِثَةَ بن نضلة بن عَوْفِ بْنِ عَبِيدِ بْنِ عَوِيجِ بْنِ عَدِيِّ بن كعب. وأمه أم هشام آمِنَةُ بِنْتُ أَبِي الْخِيَارِ وَاسْمُهُ عَبْدُ يَالَيْلَ بن عبد مناف بن عامر بن عوف بن كعب بن عامر بن ليث. فولد عبد الله بن مطيع إسحاق لا بقية له. ويعقوب. وأمهما ريطة بنت عبد الله بن عبد الله بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر بن مخزوم. ومحمدا وعمران وأمهما أم عبد الملك بنت عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العيص بن أمية. وإبراهيم وبريهة وأمهما أم ولد. وإسماعيل وزكرياء وأمهما أم ولد. وفاطمة وأمها أم حكيم بنت عبد الله بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ. وأم سلمة وأم هشام وأمهما ابنة خراش بن أمية بن ربيعة بْن الفضل بْن منقذ بْن عفيف بْن كليب بن حبشية بن خزاعة. ولد عبد الله بن مطيع عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - وله أموال وبئر فيما بين السقيا والأبواء تعرف ببئر ابن مطيع يردها الناس. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: حَدَّثَنِي الْعَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُطِيعٍ أَرَادَ أَنْ يَفِرَّ مِنَ الْمَدِينَةِ لَيَالِيَ فِتْنَةِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فَسَمِعَ بِذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَخَرَجَ إِلَيْهِ حَتَّى جَاءَهُ قَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ يَا ابْنَ عَمِّ؟ فَقَالَ: لا أُعْطِيهِمُ طَاعَةً أَبَدًا. فَقَالَ: . حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي عَوْنٍ قَالَ: ... «» وَذَكَرَ لَهُ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَيْهِ شِيعَتُهُ بِهَا فَقَالَ لَهُ ابْنُ مُطِيعٍ: إِنِّي فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي. مَتِّعْنَا بِنَفْسِكَ وَلا تَسِرْ إِلَيْهِمْ. فَأَبَى حُسَيْنٌ فَقَالَ لَهُ ابْنُ مُطِيعٍ: إِنَّ بِئْرِي هَذِهِ قَدْ رَشَحْتُهَا وَهَذَا الْيَوْمُ أَوَانُ مَا خَرَجَ إِلَيْنَا فِي الدَّلْوِ شَيْءٌ مِنْ مَاءٍ. فَلَوْ دَعَوْتَ اللَّهَ لَنَا فِيهَا بِالْبَرَكَةِ. قَالَ: هَاتِ من مائها. فأتي من مائها في الدلو فَشَرِبَ مِنْهُ ثُمَّ مَضْمَضَ ثُمَّ رَدَّهُ فِي الْبِئْرِ فَأَعْذَبَ وَأَمْهَى. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَرَّ حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَى ابْنِ مُطِيعٍ وَهُوَ بِبِئْرِهِ قَدْ أَنْبَطَهَا. فَنَزَلَ حُسَيْنٌ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَاحْتَمَلَهُ ابْنُ مُطِيعٍ احْتِمَالا حَتَّى وَضَعَهُ عَلَى سَرِيرِهِ ثُمَّ قال: بأبي وأمي أمسك علينا نفسك. فو الله لَئِنْ قَتَلُوكَ لَيَتِّخِذَنَا هَؤُلاءِ الْقَوْمُ عَبِيدًا. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا أَجْمَعَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ أَنْ يَبْعَثَ الْجُيُوشَ إِلَى الْمَدِينَةِ أَيَّامَ الْحَرَّةِ وَكَلَّمَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بن أبي طالب فِيهِمْ وَرَقَّقَهُ عَلَيْهِمْ وَقَالَ: إِنَّمَا تَقْتُلُ بِهِمْ نَفْسَكَ. قَالَ لَهُ: فَأَنَا أَبْعَثُ أَوَّلَ جَيْشٍ وَآمَرُهُمْ أَنْ يَمُرُّوا بِالْمَدِينَةِ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَإِنَّهُ قَدْ نَصَبَ لَنَا الْحَرْبَ وَيَجْعَلُونَهَا طَرِيقًا وَلا يُقَاتِلُهُمْ فَإِنْ أَقَرَّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ تَرَكَهُمْ وَجَازَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ. وَإِنَّ أَبَوْا أَنْ يُقِرُّوا قَاتَلَهُمْ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ: فَرَأَيْتُ هَذَا فَرَجًا عَظِيمًا. فَكَتَبَ إِلَى ثَلاثَةِ نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ وَإِبْرَاهِيمِ بْنِ نُعَيْمٍ النَّحَّامِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ. وَكَانَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ قَدْ صَيَّرُوا أَمَرَهُمْ إِلَى هَؤُلاءِ. يُخْبِرُهُمْ بِذَلِكَ وَيَقُولُ: اسْتَقْبِلُوا مَا سَلَفَ وَاغْنَمُوا السَّلامَةَ وَالأَمْنَ وَلا تَعَرَّضُوا لِجُنْدِهِ وَدَعُوهُمْ يَمْضُونَ عَنْكُمْ. فَأَبَوْا أَنْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ وَقَالُوا: لا يَدْخُلُهَا عَلَيْنَا أَبَدًا. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَحْيَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدَ قَالَ: أَسْنَدُوا أَمَرَهُمْ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ فَكَانَ الَّذِي قَامَ بِهَذَا الأَمْرِ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: تَنَافَسَتْ قُرَيْشٌ أَنْ تَجْعَلَ مِنْهَا أَمِيرًا وَفِيهِمْ يَوْمَئِذٍ مَا لا يُعَدُّ مِنَ السِّنِّ وَالشَّرَفِ. عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ نُعَيْمٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي جَهْمٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ. حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ نَظَرَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ عَلَى الْمِنْبَرِ وَقَدْ رُئِيتْ طَلائِعُ الْقَوْمِ بِمَخِيضٍ وَالْعَسْكَرُ بِذِي خُشُبٍ. فَتَكَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ. عَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالْجِدِّ فِي أَمْرِهِ. وَإِيَّاكُمْ وَالْفَشَلَ وَالتَّنَازُعَ وَالاخْتِلافَ. اذْعَنُوا للموت فو الله مَا مِنْ مَفَرٍّ وَلا مَهْرَبٍ. وَاللَّهِ لأَنْ يُقْتَلَ الرَّجُلُ مُقْبِلا مُحْتَسِبًا خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُقْتَلَ مُدْبِرًا فَيُؤْخَذُ بِرَقَبَتِهِ. وَلا تَظُنُّوا أَنَّ عِنْدَ الْقَوْمِ بُقْيَا فَابْذِلُوا لَهُمْ أَنْفُسَكُمْ فَإِنَّهُمْ يَكْرَهُونَ الْمَوْتَ كَمَا تَكْرَهُونَهُ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ كَيْفَ نَجَوْتَ يَوْمَ الْحَرَّةِ وَقَدْ رَأَيْتَ مَا رَأَيْتَ مِنْ غَلَبَةِ أَهْلِ الشَّامِ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: كُنَّا نَقُولُ لَوْ أَقَامُوا شَهْرًا مَا قَتَلُوا مِنَّا شَيْئًا. فَلَمَّا صُنِعَ بِنَا مَا صُنِعَ وَأُدْخِلُهُمْ عَلَيْنَا وَوَلَّى النَّاسُ ذَكَرْتُ قَوْلَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ. وَعَلِمْتُ أَنِّي إِنْ أُقَاتِلْ وَاحِدًا ... أُقْتَلْ وَلا يَضْرُرْ عَدُوِّي مَشْهَدِي فَانْكَشَفْتُ فَتَوَارَيْتُ ثُمَّ لَحِقْتُ بِابْنِ الزُّبَيْرِ بَعْدُ فَكُنْتُ أَعْجَبُ كُلَّ الْعَجَبِ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ لَمْ يَصِلُّوا إِلَيْهِ ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ وَقَدْ أَخَذُوا عَلَيْهِ بِالْمَضَايِقِ وَنَصَبُوا الْمَنْجَنِيقَ وَفَعَلُوا بِهِ الأَفَاعِيلِ. وَلَمْ يَكُنْ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ أَحَدٌ يُقَاتِلُ لَهُ حِفَاظًا إِلا نُفَيْرٌ يَسِيرٌ وَقَوْمٌ آخَرُونَ مِنَ الْخَوَارِجِ. وَكَانَ مَعَنَا يَوْمَ الْحَرَّةِ أَلْفَا رَجُلٍ كُلُّهُمْ ذُو حُفَّاظٍ فَمَا اسْتَطَعْنَا أَنْ نَحْبِسَهُمْ يَوْمًا إِلَى اللَّيْلِ. حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى قَالَ: سَمِعْتُ عِيسَى بْنَ طَلْحَةَ يَقُولُ: ذَكَرَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُطِيعٍ فَقَالَ: نَجَا مِنْ مُسْلِمِ بْنِ عُقْبَةَ يَوْمَ الْحَرَّةِ ثُمَّ لَحِقَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ فَنَجَا. وَلَحِقَ بِالْعِرَاقِ. قَدْ كَثُرَ عَلَيْنَا فِي كُلِّ وَجْهٍ وَلَكِنَّ مِنْ رَأْيِي الصَّفْحَ عَنْهُ وَعَنْ غَيْرِهِ مِنْ قَوْمِي. إِنَّمَا أَقْتُلُ بِهِمْ نَفْسِي. حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي أَمْرِهِ كُلِّهِ فَلَمَّا صَدَرَ النَّاسُ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَدَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ بَايَعَ أَهْلُ مَكَّةَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فَكَانَ أَسْرَعُ النَّاسِ إِلَى بَيْعَتِهِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُطِيعٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ صَفْوَانَ وَالْحَارِثَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ وَعُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ. وَبَايَعَهُ كُلُّ مَنْ كَانَ حَاضِرًا مِنْ أَهْلِ الآفَاقِ فَوَلَّى الْمَدِينَةَ الْمُنْذِرَ بْنَ الزُّبَيْرِ. وَوَلَّى الْكُوفَةَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُطِيعٍ. وَوَلَّى الْبَصْرَةَ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ. حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَلَحَّ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي الْخُرُوجِ إِلَى الْعِرَاقِ فَأَذِنَ لَهُ. وَكَتَبَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى ابْنِ مُطِيعٍ وَهُوَ عَامِلُهُ عَلَى الْكُوفَةِ يَذْكُرُ لَهُ حَالَ الْمُخْتَارِ عِنْدَهُ. فَلَمَّا قَدِمَ الْمُخْتَارُ الْكُوفَةَ اخْتَلَفَ إِلَى ابْنِ مُطِيعٍ وَأَظْهَرَ مُنَاصِحَةَ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَعَابَهُ فِي السِّرِّ. وَدَعَا إِلَى ابن الحنفية. وحرص النَّاسَ عَلَى ابْنِ مُطِيعٍ وَاتَّخَذَ شِيعَةً. يَرْكَبُ فِي خَيْلٍ عَظِيمَةٍ حَتَّى عَدَتْ خَيْلُهُ عَلَى خَيْلِ صَاحِبِ شُرْطَةِ ابْنِ مُطِيعٍ فَأَصَابُوهُمْ فَهَرَبَ ابْنُ مُطِيعٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي محمد بن يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أُخْبِرَ ابْنُ مُطِيعٍ أَنَّ الْمُخْتَارَ قَدْ أَنْغَلَ عَلَيْهِ الْكُوفَةَ فَبَعَثَ إِلَيْهِ إِيَاسُ بْنُ الْمُضَارِبِ الْعِجْلِيُّ. وَكَانَ عَلَى شُرْطَةِ ابْنِ مُطِيعٍ. فَأَخَذَهُ فَأَقْبَلَ بِهِ إِلَى الْقَصْرِ فَلَحِقَتْهُ الشِّيعَةُ وَالْمَوَالِي فَاسْتَنْقَذُوهُ مِنْ أَيْدِيهِمْ. وَقُتِلَ إِيَاسُ بْنُ الْمُضَارِبِ وَانْهَزَمَ أَصْحَابُهُ. فَوَلَّى ابْنُ مُطِيعٍ شُرْطَتَهُ رَاشِدَ بْنَ إِيَاسِ بْنِ الْمُضَارِبِ. فَبَعَثَ إِلَيْهِ الْمُخْتَارُ رَجُلا مِنْ أَصْحَابِهِ فِي عِصَابَةٍ مِنَ الْخَشَبِيَّةِ فَقَتَلَهُ وَأُتِيَ بِرَأْسِ رَاشِدٍ إِلَى الْمُخْتَارِ. فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ طَلَبَ الأَمَانَ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ عَلَى أَنْ يَلْحَقَ بِابْنِ الزُّبَيْرِ. فَأَعْطَاهُ الْمُخْتَارُ ذَلِكَ فَلَحِقَ بِابْنِ الزُّبَيْرِ. حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أُمِّ بَكْرٍ بِنْتِ الْمِسْوَرِ قَالَتْ: هَرَبَ ابْنُ مُطِيعٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْخُذَ أَمَانًا فَلَمْ يَطْلُبْهُ الْمُخْتَارُ وَقَالَ: أَنَا عَلَى طَاعَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَلِمَ خَرَجَ ابْنُ مُطِيعٍ؟ حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي رِيَاحُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ ابْنُ مُطِيعٍ لِعُمَرَ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: اخْتَرْتَ هَمَذَانَ وَالرَّيَّ عَلَى قَتْلِ ابْنِ عَمِّكَ. فَقَالَ عُمَرُ: كَانَتْ أُمُورًا قُضِيَتْ مِنَ السَّمَاءِ وَقَدْ أَعْذَرْتُ إِلَى ابْنِ عَمِّي قَبْلَ الْوَقْعَةِ فَأَبَى إِلا مَا أَبَى. فَلَمَّا خَرَجَ ابْنُ مُطِيعٍ وَهَرَبَ مِنَ الْمُخْتَارِ سَارَ الْمُخْتَارُ بِأَصْحَابِهِ إِلَى مَنْزِلِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ فَقَتَلَهُ فِي دَارِهِ وَقَتَلَ ابْنَهُ أَسْوَأَ قِتْلَةٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا خَرَجَ ابْنُ مُطِيعٍ مِنَ الْكُوفَةِ أَتْبَعَهُ الْمُخْتَارُ بِكِتَابٍ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ يَقَعُ فِيهِ بِابْنِ مُطِيعٍ ويجنبه وَيَقُولُ: قَدِمْتَ الْكُوفَةَ وَأَنَا عَلَى طَاعَتِكَ فَرَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُطِيعٍ مُدَاهِنًا لِبَنِي أُمَيَّةَ فَلَمْ يَسَعْنِي أَنْ أُقِرَّهُ عَلَى ذَلِكَ لِمَا حَمَلْتُ فِي عُنُقِي مِنْ بَيْعَتِكَ. فَخَرَجَ مِنَ الْكُوفَةِ وَأَنَا وَمَنْ قِبَلِي عَلَى طَاعَتِكَ. وَقَدِمَ ابْنُ مُطِيعٍ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَأَخْبَرَهُ بِخِلافِ ذَلِكَ وَأَنَّهُ يَدْعُو إِلَى ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ. فَلَمْ يَقْبَلِ ابْنُ الزُّبَيْرِ قَوْلَهُ وَكَتَبَ إِلَى الْمُخْتَارِ: إِنَّهُ قَدْ كَانَ كَثُرَ عَلَيْكَ عِنْدِي بِأَمْرٍ ظَنَنْتُ أَنَّكَ مِنْهُ بَرِيءٌ. وَلَكِنْ لا بُدَّ لِلْقَلْبِ مِنْ أَنْ يَقَعُ فِيهِ مَا يَقُولُ النَّاسُ. فَأَمَّا إِذَا رَجَعْتَ وَعُدْتَ إِلَى أَحْسَنِ مَا يُعْهَدُ مِنْ رَأْيِكَ فَإِنَّا نَقْبَلُ مِنْكَ ونصدقك. وأقره واليا له عَلَى النَّاسِ بِالْكُوفَةِ. قَالُوا: وَلَمْ يَزَلْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ بَعْدَ ذَلِكَ مُقِيمًا بِمَكَّةَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ حَتَّى تُوُفِّيَ قَبْلَ قَتْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بِيَسِيرٍ.
- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعِ بْنِ الأَسْوَدِ بْنِ حَارِثَةَ بن نضلة بن عَوْفِ بْنِ عَبِيدِ بْنِ عَوِيجِ بْنِ عَدِيِّ بن كعب. وأمه أم هشام آمِنَةُ بِنْتُ أَبِي الْخِيَارِ وَاسْمُهُ عَبْدُ يَالَيْلَ بن عبد مناف بن عامر بن عوف بن كعب بن عامر بن ليث. فولد عبد الله بن مطيع إسحاق لا بقية له. ويعقوب. وأمهما ريطة بنت عبد الله بن عبد الله بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر بن مخزوم. ومحمدا وعمران وأمهما أم عبد الملك بنت عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العيص بن أمية. وإبراهيم وبريهة وأمهما أم ولد. وإسماعيل وزكرياء وأمهما أم ولد. وفاطمة وأمها أم حكيم بنت عبد الله بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ. وأم سلمة وأم هشام وأمهما ابنة خراش بن أمية بن ربيعة بْن الفضل بْن منقذ بْن عفيف بْن كليب بن حبشية بن خزاعة. ولد عبد الله بن مطيع عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - وله أموال وبئر فيما بين السقيا والأبواء تعرف ببئر ابن مطيع يردها الناس. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: حَدَّثَنِي الْعَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُطِيعٍ أَرَادَ أَنْ يَفِرَّ مِنَ الْمَدِينَةِ لَيَالِيَ فِتْنَةِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فَسَمِعَ بِذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَخَرَجَ إِلَيْهِ حَتَّى جَاءَهُ قَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ يَا ابْنَ عَمِّ؟ فَقَالَ: لا أُعْطِيهِمُ طَاعَةً أَبَدًا. فَقَالَ: . حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي عَوْنٍ قَالَ: ... «» وَذَكَرَ لَهُ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَيْهِ شِيعَتُهُ بِهَا فَقَالَ لَهُ ابْنُ مُطِيعٍ: إِنِّي فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي. مَتِّعْنَا بِنَفْسِكَ وَلا تَسِرْ إِلَيْهِمْ. فَأَبَى حُسَيْنٌ فَقَالَ لَهُ ابْنُ مُطِيعٍ: إِنَّ بِئْرِي هَذِهِ قَدْ رَشَحْتُهَا وَهَذَا الْيَوْمُ أَوَانُ مَا خَرَجَ إِلَيْنَا فِي الدَّلْوِ شَيْءٌ مِنْ مَاءٍ. فَلَوْ دَعَوْتَ اللَّهَ لَنَا فِيهَا بِالْبَرَكَةِ. قَالَ: هَاتِ من مائها. فأتي من مائها في الدلو فَشَرِبَ مِنْهُ ثُمَّ مَضْمَضَ ثُمَّ رَدَّهُ فِي الْبِئْرِ فَأَعْذَبَ وَأَمْهَى. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَرَّ حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَى ابْنِ مُطِيعٍ وَهُوَ بِبِئْرِهِ قَدْ أَنْبَطَهَا. فَنَزَلَ حُسَيْنٌ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَاحْتَمَلَهُ ابْنُ مُطِيعٍ احْتِمَالا حَتَّى وَضَعَهُ عَلَى سَرِيرِهِ ثُمَّ قال: بأبي وأمي أمسك علينا نفسك. فو الله لَئِنْ قَتَلُوكَ لَيَتِّخِذَنَا هَؤُلاءِ الْقَوْمُ عَبِيدًا. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا أَجْمَعَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ أَنْ يَبْعَثَ الْجُيُوشَ إِلَى الْمَدِينَةِ أَيَّامَ الْحَرَّةِ وَكَلَّمَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بن أبي طالب فِيهِمْ وَرَقَّقَهُ عَلَيْهِمْ وَقَالَ: إِنَّمَا تَقْتُلُ بِهِمْ نَفْسَكَ. قَالَ لَهُ: فَأَنَا أَبْعَثُ أَوَّلَ جَيْشٍ وَآمَرُهُمْ أَنْ يَمُرُّوا بِالْمَدِينَةِ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَإِنَّهُ قَدْ نَصَبَ لَنَا الْحَرْبَ وَيَجْعَلُونَهَا طَرِيقًا وَلا يُقَاتِلُهُمْ فَإِنْ أَقَرَّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ تَرَكَهُمْ وَجَازَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ. وَإِنَّ أَبَوْا أَنْ يُقِرُّوا قَاتَلَهُمْ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ: فَرَأَيْتُ هَذَا فَرَجًا عَظِيمًا. فَكَتَبَ إِلَى ثَلاثَةِ نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ وَإِبْرَاهِيمِ بْنِ نُعَيْمٍ النَّحَّامِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ. وَكَانَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ قَدْ صَيَّرُوا أَمَرَهُمْ إِلَى هَؤُلاءِ. يُخْبِرُهُمْ بِذَلِكَ وَيَقُولُ: اسْتَقْبِلُوا مَا سَلَفَ وَاغْنَمُوا السَّلامَةَ وَالأَمْنَ وَلا تَعَرَّضُوا لِجُنْدِهِ وَدَعُوهُمْ يَمْضُونَ عَنْكُمْ. فَأَبَوْا أَنْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ وَقَالُوا: لا يَدْخُلُهَا عَلَيْنَا أَبَدًا. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَحْيَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدَ قَالَ: أَسْنَدُوا أَمَرَهُمْ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ فَكَانَ الَّذِي قَامَ بِهَذَا الأَمْرِ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: تَنَافَسَتْ قُرَيْشٌ أَنْ تَجْعَلَ مِنْهَا أَمِيرًا وَفِيهِمْ يَوْمَئِذٍ مَا لا يُعَدُّ مِنَ السِّنِّ وَالشَّرَفِ. عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ نُعَيْمٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي جَهْمٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ. حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ نَظَرَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ عَلَى الْمِنْبَرِ وَقَدْ رُئِيتْ طَلائِعُ الْقَوْمِ بِمَخِيضٍ وَالْعَسْكَرُ بِذِي خُشُبٍ. فَتَكَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ. عَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالْجِدِّ فِي أَمْرِهِ. وَإِيَّاكُمْ وَالْفَشَلَ وَالتَّنَازُعَ وَالاخْتِلافَ. اذْعَنُوا للموت فو الله مَا مِنْ مَفَرٍّ وَلا مَهْرَبٍ. وَاللَّهِ لأَنْ يُقْتَلَ الرَّجُلُ مُقْبِلا مُحْتَسِبًا خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُقْتَلَ مُدْبِرًا فَيُؤْخَذُ بِرَقَبَتِهِ. وَلا تَظُنُّوا أَنَّ عِنْدَ الْقَوْمِ بُقْيَا فَابْذِلُوا لَهُمْ أَنْفُسَكُمْ فَإِنَّهُمْ يَكْرَهُونَ الْمَوْتَ كَمَا تَكْرَهُونَهُ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ كَيْفَ نَجَوْتَ يَوْمَ الْحَرَّةِ وَقَدْ رَأَيْتَ مَا رَأَيْتَ مِنْ غَلَبَةِ أَهْلِ الشَّامِ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: كُنَّا نَقُولُ لَوْ أَقَامُوا شَهْرًا مَا قَتَلُوا مِنَّا شَيْئًا. فَلَمَّا صُنِعَ بِنَا مَا صُنِعَ وَأُدْخِلُهُمْ عَلَيْنَا وَوَلَّى النَّاسُ ذَكَرْتُ قَوْلَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ. وَعَلِمْتُ أَنِّي إِنْ أُقَاتِلْ وَاحِدًا ... أُقْتَلْ وَلا يَضْرُرْ عَدُوِّي مَشْهَدِي فَانْكَشَفْتُ فَتَوَارَيْتُ ثُمَّ لَحِقْتُ بِابْنِ الزُّبَيْرِ بَعْدُ فَكُنْتُ أَعْجَبُ كُلَّ الْعَجَبِ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ لَمْ يَصِلُّوا إِلَيْهِ ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ وَقَدْ أَخَذُوا عَلَيْهِ بِالْمَضَايِقِ وَنَصَبُوا الْمَنْجَنِيقَ وَفَعَلُوا بِهِ الأَفَاعِيلِ. وَلَمْ يَكُنْ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ أَحَدٌ يُقَاتِلُ لَهُ حِفَاظًا إِلا نُفَيْرٌ يَسِيرٌ وَقَوْمٌ آخَرُونَ مِنَ الْخَوَارِجِ. وَكَانَ مَعَنَا يَوْمَ الْحَرَّةِ أَلْفَا رَجُلٍ كُلُّهُمْ ذُو حُفَّاظٍ فَمَا اسْتَطَعْنَا أَنْ نَحْبِسَهُمْ يَوْمًا إِلَى اللَّيْلِ. حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى قَالَ: سَمِعْتُ عِيسَى بْنَ طَلْحَةَ يَقُولُ: ذَكَرَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُطِيعٍ فَقَالَ: نَجَا مِنْ مُسْلِمِ بْنِ عُقْبَةَ يَوْمَ الْحَرَّةِ ثُمَّ لَحِقَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ فَنَجَا. وَلَحِقَ بِالْعِرَاقِ. قَدْ كَثُرَ عَلَيْنَا فِي كُلِّ وَجْهٍ وَلَكِنَّ مِنْ رَأْيِي الصَّفْحَ عَنْهُ وَعَنْ غَيْرِهِ مِنْ قَوْمِي. إِنَّمَا أَقْتُلُ بِهِمْ نَفْسِي. حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي أَمْرِهِ كُلِّهِ فَلَمَّا صَدَرَ النَّاسُ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَدَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ بَايَعَ أَهْلُ مَكَّةَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فَكَانَ أَسْرَعُ النَّاسِ إِلَى بَيْعَتِهِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُطِيعٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ صَفْوَانَ وَالْحَارِثَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ وَعُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ. وَبَايَعَهُ كُلُّ مَنْ كَانَ حَاضِرًا مِنْ أَهْلِ الآفَاقِ فَوَلَّى الْمَدِينَةَ الْمُنْذِرَ بْنَ الزُّبَيْرِ. وَوَلَّى الْكُوفَةَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُطِيعٍ. وَوَلَّى الْبَصْرَةَ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ. حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَلَحَّ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي الْخُرُوجِ إِلَى الْعِرَاقِ فَأَذِنَ لَهُ. وَكَتَبَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى ابْنِ مُطِيعٍ وَهُوَ عَامِلُهُ عَلَى الْكُوفَةِ يَذْكُرُ لَهُ حَالَ الْمُخْتَارِ عِنْدَهُ. فَلَمَّا قَدِمَ الْمُخْتَارُ الْكُوفَةَ اخْتَلَفَ إِلَى ابْنِ مُطِيعٍ وَأَظْهَرَ مُنَاصِحَةَ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَعَابَهُ فِي السِّرِّ. وَدَعَا إِلَى ابن الحنفية. وحرص النَّاسَ عَلَى ابْنِ مُطِيعٍ وَاتَّخَذَ شِيعَةً. يَرْكَبُ فِي خَيْلٍ عَظِيمَةٍ حَتَّى عَدَتْ خَيْلُهُ عَلَى خَيْلِ صَاحِبِ شُرْطَةِ ابْنِ مُطِيعٍ فَأَصَابُوهُمْ فَهَرَبَ ابْنُ مُطِيعٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي محمد بن يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أُخْبِرَ ابْنُ مُطِيعٍ أَنَّ الْمُخْتَارَ قَدْ أَنْغَلَ عَلَيْهِ الْكُوفَةَ فَبَعَثَ إِلَيْهِ إِيَاسُ بْنُ الْمُضَارِبِ الْعِجْلِيُّ. وَكَانَ عَلَى شُرْطَةِ ابْنِ مُطِيعٍ. فَأَخَذَهُ فَأَقْبَلَ بِهِ إِلَى الْقَصْرِ فَلَحِقَتْهُ الشِّيعَةُ وَالْمَوَالِي فَاسْتَنْقَذُوهُ مِنْ أَيْدِيهِمْ. وَقُتِلَ إِيَاسُ بْنُ الْمُضَارِبِ وَانْهَزَمَ أَصْحَابُهُ. فَوَلَّى ابْنُ مُطِيعٍ شُرْطَتَهُ رَاشِدَ بْنَ إِيَاسِ بْنِ الْمُضَارِبِ. فَبَعَثَ إِلَيْهِ الْمُخْتَارُ رَجُلا مِنْ أَصْحَابِهِ فِي عِصَابَةٍ مِنَ الْخَشَبِيَّةِ فَقَتَلَهُ وَأُتِيَ بِرَأْسِ رَاشِدٍ إِلَى الْمُخْتَارِ. فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ طَلَبَ الأَمَانَ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ عَلَى أَنْ يَلْحَقَ بِابْنِ الزُّبَيْرِ. فَأَعْطَاهُ الْمُخْتَارُ ذَلِكَ فَلَحِقَ بِابْنِ الزُّبَيْرِ. حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أُمِّ بَكْرٍ بِنْتِ الْمِسْوَرِ قَالَتْ: هَرَبَ ابْنُ مُطِيعٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْخُذَ أَمَانًا فَلَمْ يَطْلُبْهُ الْمُخْتَارُ وَقَالَ: أَنَا عَلَى طَاعَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَلِمَ خَرَجَ ابْنُ مُطِيعٍ؟ حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي رِيَاحُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ ابْنُ مُطِيعٍ لِعُمَرَ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: اخْتَرْتَ هَمَذَانَ وَالرَّيَّ عَلَى قَتْلِ ابْنِ عَمِّكَ. فَقَالَ عُمَرُ: كَانَتْ أُمُورًا قُضِيَتْ مِنَ السَّمَاءِ وَقَدْ أَعْذَرْتُ إِلَى ابْنِ عَمِّي قَبْلَ الْوَقْعَةِ فَأَبَى إِلا مَا أَبَى. فَلَمَّا خَرَجَ ابْنُ مُطِيعٍ وَهَرَبَ مِنَ الْمُخْتَارِ سَارَ الْمُخْتَارُ بِأَصْحَابِهِ إِلَى مَنْزِلِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ فَقَتَلَهُ فِي دَارِهِ وَقَتَلَ ابْنَهُ أَسْوَأَ قِتْلَةٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا خَرَجَ ابْنُ مُطِيعٍ مِنَ الْكُوفَةِ أَتْبَعَهُ الْمُخْتَارُ بِكِتَابٍ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ يَقَعُ فِيهِ بِابْنِ مُطِيعٍ ويجنبه وَيَقُولُ: قَدِمْتَ الْكُوفَةَ وَأَنَا عَلَى طَاعَتِكَ فَرَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُطِيعٍ مُدَاهِنًا لِبَنِي أُمَيَّةَ فَلَمْ يَسَعْنِي أَنْ أُقِرَّهُ عَلَى ذَلِكَ لِمَا حَمَلْتُ فِي عُنُقِي مِنْ بَيْعَتِكَ. فَخَرَجَ مِنَ الْكُوفَةِ وَأَنَا وَمَنْ قِبَلِي عَلَى طَاعَتِكَ. وَقَدِمَ ابْنُ مُطِيعٍ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَأَخْبَرَهُ بِخِلافِ ذَلِكَ وَأَنَّهُ يَدْعُو إِلَى ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ. فَلَمْ يَقْبَلِ ابْنُ الزُّبَيْرِ قَوْلَهُ وَكَتَبَ إِلَى الْمُخْتَارِ: إِنَّهُ قَدْ كَانَ كَثُرَ عَلَيْكَ عِنْدِي بِأَمْرٍ ظَنَنْتُ أَنَّكَ مِنْهُ بَرِيءٌ. وَلَكِنْ لا بُدَّ لِلْقَلْبِ مِنْ أَنْ يَقَعُ فِيهِ مَا يَقُولُ النَّاسُ. فَأَمَّا إِذَا رَجَعْتَ وَعُدْتَ إِلَى أَحْسَنِ مَا يُعْهَدُ مِنْ رَأْيِكَ فَإِنَّا نَقْبَلُ مِنْكَ ونصدقك. وأقره واليا له عَلَى النَّاسِ بِالْكُوفَةِ. قَالُوا: وَلَمْ يَزَلْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ بَعْدَ ذَلِكَ مُقِيمًا بِمَكَّةَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ حَتَّى تُوُفِّيَ قَبْلَ قَتْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بِيَسِيرٍ.
عبد الله بن مطيع
ب د ع: عَبْد اللَّه بْن مطيع بْن الأسود بْن حارثة بْن نضلة بْن عوف بْن عُبَيْد بْن عويج بْن عدي بْن كعب الْقُرَشِيّ العدوي، ولد عَلَى عهد النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فحنكه النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخرج أهلُ المدينة بني أمية أيام يزيد بْنُ معاوية من المدينة، وخلعوا يزيد، كَانَ عَبْد اللَّه بْن مطيع عَلَى قريش، وعبد اللَّه بْن حنظلة عَلَى الأنصار، فلما ظفر أهل الشام بأهل المدينة يَوْم الحرة، انهزم عَبْد اللَّه بْن مطيع، ولحق بعبد اللَّه بْن الزبير بمكة، وشهد معه الحصر الأول لما حصرهم أهل الشام بعد وقعة الحرة، وبقي عنده إِلَى أن حصر الحجاج بْن يُوسُفَ عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر بمكة، أيام عَبْد الملك بْن مروان، وكان ابْنُ مطيع معه، فقاتل، وهو يَقُولُ:
أَنَا الَّذِي فررت يَوْم الحرة والحر لا يفر إلا مرة
يا حبذا الكرة بعد الفرة لأجزين كرة بفرة
وقتل مَعَ ابْنُ الزبير، وكان من جلة قريش شجاعة وجلدًا، روى عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " أيما امرئ عرضت عَلَيْهِ الكرامة، فلا يدع أن يأخذ منها قل أم كثر ".
أَخْرَجَهُ الثلاثة.
وقَالَ أَبُو نعيم: عَبْد اللَّه بْن مطيع بْن الأسود الْقُرَشِيّ، من العبلات من بني عدي، قَالَ: وروى زَيْد بْن أسلم، عَنْ أَبِيهِ: أن عَبْد اللَّه بْن مطيع كَانَ من العبلات، من رهط ابْنُ عُمَر، قلت: لا أعرف معنى قول أَبِي نعيم: إنه من العبلات، إنَّما العبلات ولد أمية الأصفر بْن عَبْد شمس، وليسوا من بني عدي، والله أعلم.
ب د ع: عَبْد اللَّه بْن مطيع بْن الأسود بْن حارثة بْن نضلة بْن عوف بْن عُبَيْد بْن عويج بْن عدي بْن كعب الْقُرَشِيّ العدوي، ولد عَلَى عهد النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فحنكه النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخرج أهلُ المدينة بني أمية أيام يزيد بْنُ معاوية من المدينة، وخلعوا يزيد، كَانَ عَبْد اللَّه بْن مطيع عَلَى قريش، وعبد اللَّه بْن حنظلة عَلَى الأنصار، فلما ظفر أهل الشام بأهل المدينة يَوْم الحرة، انهزم عَبْد اللَّه بْن مطيع، ولحق بعبد اللَّه بْن الزبير بمكة، وشهد معه الحصر الأول لما حصرهم أهل الشام بعد وقعة الحرة، وبقي عنده إِلَى أن حصر الحجاج بْن يُوسُفَ عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر بمكة، أيام عَبْد الملك بْن مروان، وكان ابْنُ مطيع معه، فقاتل، وهو يَقُولُ:
أَنَا الَّذِي فررت يَوْم الحرة والحر لا يفر إلا مرة
يا حبذا الكرة بعد الفرة لأجزين كرة بفرة
وقتل مَعَ ابْنُ الزبير، وكان من جلة قريش شجاعة وجلدًا، روى عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " أيما امرئ عرضت عَلَيْهِ الكرامة، فلا يدع أن يأخذ منها قل أم كثر ".
أَخْرَجَهُ الثلاثة.
وقَالَ أَبُو نعيم: عَبْد اللَّه بْن مطيع بْن الأسود الْقُرَشِيّ، من العبلات من بني عدي، قَالَ: وروى زَيْد بْن أسلم، عَنْ أَبِيهِ: أن عَبْد اللَّه بْن مطيع كَانَ من العبلات، من رهط ابْنُ عُمَر، قلت: لا أعرف معنى قول أَبِي نعيم: إنه من العبلات، إنَّما العبلات ولد أمية الأصفر بْن عَبْد شمس، وليسوا من بني عدي، والله أعلم.
عبد الله بن الزبير الْأَسدي وَالِد أبي أَحْمد الزبيرِي يروي عَن عبد الله بن شريك العامري قَالَ أَبُو نعيم الْفضل بن دُكَيْن لَا يكْتب حَدِيثه وَقَالَ أَبُو نعيم ضَعِيف الحَدِيث
عبد الله بن الزبير الْأَسدي من أهل الْكُوفَة وَالِد أبي أَحْمد الزبيرِي يروي عَن الْكُوفِيّين روى عَنهُ ابْنه حَدَّثنا أَبُو خَليفَة ثَنَا عَليّ بن الْمَدِينِيّ ثَنَا مُحَمَّد بن عبد الله الْأَسدي حَدثنِي أبي ثَنَا عبد الله بن شريك قَالَ كنت عِنْد أبي جَعْفَر بمنى يَوْم النَّحْر فَدَعَا بالحلاق ثمَّ دَعَا بطست فَغسل رَأسه بالخطمي ثمَّ أَمر الحلاق بحلقه
عبد الله بن الزبير الأسدي والد أبي أحمد الزبيري روى عن عبد الله بن شريك العامري روى عنه محمد بن عيسى بن الطباع.
نا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة وسئل عن والد أبي أحمد الزبيري فقال سمعت إبراهيم بن موسى قال سألت أبا نعيم عن عبد الله بن الزبير فقال: لا يكتب حديثه، ولا تخبر أبا أحمد بذلك.
قال أبو زرعة كان أبو أحمد صديقا لأبي نعيم فكزه أن يسوءه في أبيه، وهو ضعيف الحديث.
نا عبد الرحمن قال سألت أبي عن عبد الله بن الزبير والد أبي أحمد الزبيري فقال: هو لين الحديث.
نا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة وسئل عن والد أبي أحمد الزبيري فقال سمعت إبراهيم بن موسى قال سألت أبا نعيم عن عبد الله بن الزبير فقال: لا يكتب حديثه، ولا تخبر أبا أحمد بذلك.
قال أبو زرعة كان أبو أحمد صديقا لأبي نعيم فكزه أن يسوءه في أبيه، وهو ضعيف الحديث.
نا عبد الرحمن قال سألت أبي عن عبد الله بن الزبير والد أبي أحمد الزبيري فقال: هو لين الحديث.