Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=159895&book=5556#4b2ba9
ابْنُ عَسَاكِرَ ثِقَةُ الدِّيْنِ أَبُو القَاسِمِ الدِّمَشْقِيُّ
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ الكَبِيْرُ، المُجَوِّدُ، مُحَدِّثُ الشَّامِ، ثِقَةُ الدِّيْنِ، أَبُو القَاسِمِ الدِّمَشْقِيُّ، الشَّافِعِيُّ، صَاحِبُ (تَارِيْخِ دِمَشْقَ) .
نَقَلْتُ تَرْجَمَتَهُ مِنْ خطّ وَلدِه المُحَدِّث أَبِي مُحَمَّدٍ القَاسِم بن عَلِيٍّ، فَقَالَ:
وُلِدَ فِي المُحَرَّمِ، فِي أَوِّلِ الشَّهْر، سَنَة تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَسَمَّعَهُ أَخُوْهُ صَائِنُ الدِّيْنِ هِبَة اللهِ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِ مائَةٍ وَبعدهَا، وَارْتَحَلَ
إِلَى العِرَاقِ فِي سَنَةِ عِشْرِيْنَ، وَحَجّ سَنَة إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ.قُلْتُ: وَارْتَحَلَ إِلَى خُرَاسَانَ عَلَى طَرِيْق أَذْرَبِيْجَانَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَهُوَ عَلِيُّ ابْنُ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ الحَسَنِ بنِ هِبَةِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الحُسَيْنِ، فَعَسَاكِرُ لاَ أَدْرِي لَقَبُ مَنْ هُوَ مِنْ أَجدَادِه؟ أَوْ لَعَلَّهُ اسْمٌ لأَحدِهِم.
سَمِعَ: الشَّرِيْف أَبَا القَاسِمِ النَّسِيْبَ، وَعِنْدَهُ عَنْهُ الأَجزَاء العِشْرُوْنَ الَّتِي خَرَّجهَا لَهُ شَيْخُه الحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، سَمِعْنَاهَا بِالاتِّصَالِ، وَسَمِعَ مِنْ: قَوَامِ بنِ زَيْدٍ صَاحِبِ ابْنِ هَزَارْمَرْدَ الصَّرِيْفِيْنِيّ، وَمِنْ: أَبِي الوَحْشِ سُبَيْعِ بنِ قِيْرَاطٍ صَاحِبِ الأَهْوَازِيِّ، وَمِنْ أَبِي طَاهِرٍ الحِنَّائِيّ، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ المَوَازِيْنِيِّ، وَأَبِي الفَضَائِلِ المَاسِحِ، وَمُحَمَّد بن عَلِيِّ بنِ أَبِي العَلاَءِ المَصِّيْصِيّ، وَالأَمِيْن هِبَة اللهِ بن الأَكْفَانِيِّ، وَعَبْد الكَرِيْمِ بن حَمْزَةَ، وَطَاهِر بن سَهْلٍ الإِسْفَرَايِيْنِيّ، وَخَلْق بِدِمَشْقَ.
وَأَقَامَ بِبَغْدَادَ خَمْسَة أَعْوَام يُحصِّل العِلْم، فَسَمِعَ مِنْ: هِبَة اللهِ بنِ الحُصَيْنِ، وَعَلِيِّ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ الدِّيْنَوَرِيِّ، وَقَرَاتِكِيْن بن أَسْعَد، وَأَبِي غَالِبٍ ابْنِ البَنَّاءِ، وَهِبَة اللهِ بن أَحْمَدَ بنِ الطَّبرِ، وَأَبِي الحَسَنِ البَارِع، وَأَحْمَد بن مُلُوْك الوَرَّاق، وَالقَاضِي أَبِي بَكْرٍ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَبِمَكَّةَ مِنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ المِصْرِيّ، المُلَقَّب بِالغَزَالِ.
وَبِالمَدِيْنَة مِنْ: عَبْدِ الخَلاَّقِ بن عَبْدِ الوَاسِعِ الهَرَوِيّ.
وَبِأَصْبَهَانَ مِنَ: الحُسَيْن بن عَبْدِ المَلِكِ الخَلاَّل، وَغَانِم بن خَالِدٍ،
وَإِسْمَاعِيْل بن مُحَمَّدٍ الحَافِظ، وَخَلْق.وَبِنَيْسَابُوْرَ مِنْ: أَبِي عَبْدِ اللهِ الفُرَاوِيّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ السَّيِّدِيّ، وَزَاهِر الشَّحَّامِيّ، وَعَبْد المُنْعِمِ بن القُشَيْرِيّ، وَفَاطِمَة بِنْت زَعْبَل، وَخَلْق.
وَبِمَرْوَ مَنْ: يُوْسُف بن أَيُّوْبَ الهَمَذَانِيّ الزَّاهِد، وَخَلْق.
وَبِهَرَاةَ مِنْ: تَمِيْمِ بنِ أَبِي سَعِيْدٍ المُؤَدِّبِ، وَعِدَّة.
وَبِالكُوْفَةِ مِنْ: عُمَرَ بن إِبْرَاهِيْمَ الزَّيْدِيّ الشَّرِيْف، وَبِهَمَذَانَ وَتِبْرِيْز وَالمَوْصِل.
وَعَمِلَ (أَرْبَعِيْنَ) حَدِيْثاً بُلدَانِيَّة.
وَعددُ شُيُوْخِهِ الَّذِي فِي (مُعْجَمِهِ) : أَلفٌ وَثَلاَثُ مائَةٍ شَيْخٍ بِالسَّمَاعِ، وَسِتَّةٌ وَأَرْبَعُوْنَ شَيْخاً أَنشَدُوْهُ، وَعَنْ مائَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ شَيْخاً بِالإِجَازَةِ، الكُلُّ فِي (مُعْجَمِهِ) ، وَبِضْعٌ وَثَمَانُوْنَ امْرَأَةً لَهُنَّ (مُعْجَمٌ) صَغِيْرٌ سَمِعْنَاهُ.
وَحَدَّثَ بِبَغْدَادَ، وَالحِجَازِ، وَأَصْبَهَانَ، وَنَيْسَابُوْرَ.
وَصَنَّفَ الكَثِيْرَ.
وَكَانَ فَهِماً، حَافِظاً، مُتْقِناً، ذَكِيّاً، بَصِيْراً بِهَذَا الشَّأْن، لاَ يُلحَقُ شَأْؤُه، وَلاَ يُشق غُبَاره، وَلاَ كَانَ لَهُ نَظير فِي زَمَانِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مَعْمَر بن الفَاخِرِ، وَالحَافِظُ أَبُو العَلاَءِ العَطَّار، وَالحَافِظُ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ، وَابْنه؛ القَاسِم بن عَلِيٍّ، وَالإِمَامُ أَبُو جَعْفَرٍ القُرْطُبِيّ، وَالحَافِظُ أَبُو المَوَاهِبِ بن صَصْرَى، وَأَخُوْهُ؛ أَبُو القَاسِمِ ابْنُ صَصْرَى، وَقَاضِي دِمَشْق أَبُو القَاسِمِ بنُ الحَرَسْتَانِيِّ، وَالحَافِظ عَبْد القَادِرِ الرُّهَاوِيّ، وَالمُفْتِي
فَخْر الدِّيْنِ عَبْد الرَّحْمَنِ بن عَسَاكِرَ، وَأَخوَاهُ؛ زَيْنُ الأُمَنَاءِ حَسَنٌ، وَأَبُو نَصْرٍ عَبْد الرَّحِيْمِ، وَأَخُوْهُم؛ تَاجُ الأُمَنَاءِ أَحْمَدُ، وَوَلَدُهُ؛ العِزُّ النَسَّابَةُ، وَيُوْنُس بن مُحَمَّدٍ الفَارِقِيّ، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بن نَسِيم، وَالفَقِيْه عَبْد القَادِرِ بن أَبِي عَبْدِ اللهِ البَغْدَادِيّ، وَالقَاضِي أَبُو نَصْرٍ ابْنُ الشِّيْرَازِيِّ، وَعَلِيّ بن حجَاج البَتَلْهِيّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ القُرَشِيّ ابْن أَخِي الشَّيْخ أَبِي البَيَانِ، وَأَبُو المَعَالِي أَسْعَد وَالسَّدِيْد مَكِّيّ ابْنَا المُسَلَّمِ بنِ عَلاَّنَ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ الكَرِيْمِ بن الهَادِي المُحْتَسِب، وَفَخْر الدِّيْنِ مُحَمَّد بن عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ الشِّيْرَجِيّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ وَعَبْد العَزِيْزِ ابْنَا أَبِي طَاهِرٍ الخُشُوْعِيّ، وَعَبْد الوَاحِدِ بن أَحْمَدَ بنِ أَبِي المَضَاءِ، وَنَصْر اللهِ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ فِتْيَانَ الأَنْصَارِيّ، وَعَبْد الجَبَّارِ بن عَبْدِ الغَنِيِّ بن الحَرَسْتَانِيّ، وَمُحَمَّد بن أَحْمَدَ المَاكِسِيْنِيّ، وَمَحَاسِن بن أَبِي القَاسِمِ الجَوْبَرَانِيّ، وَسَيْف الدَّوْلَةِ مُحَمَّد بن غَسَّانَ، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بن شُعْلَةَ البَيْتَ سَوَائِيُّ، وَخَطَّابُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ المِزِّيّ، وَعَتِيْق بن أَبِي الفَضْلِالسَّلْمَانِيّ، وَعُمَر بن عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ البَرَاذعِيّ، وَمُحَمَّد بن رُوْمِيٍّ السَّقْبَانِيّ، وَالرَّشِيْد أَحْمَد بن المَسْلَمَةِ، وَبَهَاءُ الدِّيْنِ عَلِيُّ بنُ الجُمَّيْزِيّ، وَخَلْق.
وَقَدْ رَوَى لِشُيُوْخِي نَحْوٌ مِنْ أَرْبَعِيْنَ نَفْساً مِنْ أَصْحَابِ الحَافِظ أَفردت لَهُم جُزْءاً.
وَكَانَ لَهُ إِجَازَات عَالِيَة، فَأَجَازَ لَهُ مُسْند بَغْدَادَ الحَاجِب أَبُو الحَسَنِ بنُ العَلاَّف، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ بَيَان، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ نَبْهَانَ الكَاتِب، وَأَبُو الفَتْحِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَدَّاد، وَغَانِم البَرْجِيّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحَدَّاد المُقْرِئ، وَعَبْد الغَفَّارِ الشِّيْرَوِيّ، وَصَاحِب القَاضِي أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ الحِيْرِيّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم أَجَازُوا لَهُ وَهُوَ طِفْل.قَالَ ابْنُهُ القَاسِم: رُوِي عَنْهُ أَشيَاء مِنْ تَصَانِيْفه بِالإِجَازَةِ فِي حيَاته، وَاشْتُهِرَ اسْمُهُ فِي الأَرْضِ، وَتَفَقَّهَ فِي حدَاثته عَلَى جَمَال الإِسْلاَمِ أَبِي الحَسَنِ السُّلَمِيّ وَغَيْرِهِ، وَانتفع بصحبَة جدّه لأُمِّهِ القَاضِي أَبِي المُفَضَّل عِيْسَى بن عَلِيٍّ القُرَشِيّ فِي النَّحْوِ، وَعلَّق مَسَائِل مِنَ الخلاَف عَنْ أَبِي سَعْدٍ بنِ أَبِي صَالِحٍ الكَرْمَانِيّ بِبَغْدَادَ، وَلاَزَمَ الدَّرسَ وَالتَّفَقُّهَ بِالنِّظَامِيَّةِ بِبَغْدَادَ، وَصَنَّفَ وَجَمَعَ فَأَحْسَنَ.
قَالَ: فَمَنْ ذَلِكَ (تَارِيخُهُ ) فِي ثَمَانِ مائَةِ جُزءٍ - قُلْتُ: الجُزْء عِشْرُوْنَ
وَرقَةً، فَيَكُوْنُ سِتَّةَ عَشَرَ أَلفَ وَرقَةٍ -.قَالَ: وَجَمَعَ (المُوَافِقَات) فِي اثْنَيْنِ وَسَبْعِيْنَ جُزْءاً، وَ (عَوَالِي مَالِك) ، وَ (الذَّيْل) عَلَيْهِ خَمْسِيْنَ جُزْءاً، وَ (غَرَائِب مَالِك) عَشْرَة أَجزَاء، وَ (المُعْجَم) فِي اثْنَيْ عَشَرَ جُزْءاً - قُلْتُ: هُوَ رِوَايَة مُجرَّدَة لَمْ يُتَرْجِمْ فِيْهِ شُيُوْخَه -.
قَالَ: وَلَهُ (مَنَاقِبُ الشُّبَّانِ) خَمْسَةَ عَشَرَ جُزْءاً، وَ (فَضَائِل أَصْحَاب الحَدِيْث) أَحَدَ عشرَ جزءاً، (فَضل الجُمُعَة) مُجَلَّد، وَ (تَبْيِين كذب المفترِي فِيمَا نُسب إِلَى الأَشْعَرِيّ)
مُجَلَّد، وَ (المُسَلْسَلاَت) مُجَلَّد، وَ (السُّبَاعِيَات) سَبْعَة أَجزَاء، (مَنْ وَافقت كُنْيَتُهُ كُنْيَة زوجتِهِ) أَرْبَعَة أَجزَاء، وَ (فِي إِنشَاء دَار السُّنَّةِ) ثَلاَثَة أَجزَاء، (فِي يَوْم المَزِيد) ثَلاَثَة أَجزَاء، (الزَّهَادَة فِي الشَّهَادَة) مُجَلَّد، (طُرُقُ قَبضِ العِلْمِ) ، (حَدِيْث الأَطِيط) ، (حَدِيْث الهُبُوطِ وَصحَّتُه) ، (عَوَالِي الأَوْزَاعِيِّ وَحَالُهُ) جُزآن.وَمِنْ تَوَالِيفِ ابْنِ عَسَاكِرَ اللَّطِيفَةِ: (الخُمَاسِيَّات) جُزء، (السُّدَاسِيَات) جُزء، (أَسْمَاءُ الأَمَاكن الَّتِي سَمِعَ فِيْهَا) ، (الخِضَاب) ، (إِعزَاز الهِجْرَة عِنْد إِعواز النُّصرَة) ، (المَقَالَة الفَاضحَة) ، (فَضل كِتَابَة القُرْآن) ، (مَنْ لاَ يَكُوْن مُؤتَمناً لاَ يَكُوْن مُؤذِّناً) ، (فَضل الكَرَم عَلَى أَهْلِ الحَرَم) ، (فِي حَفرِ الخَنْدَق) ، (قَوْلُ عُثْمَان: مَا تَغَنَّيتُ ) ، (أَسْمَاء صحَابَة المُسْنَدِ) ، (أَحَادِيْثُ رَأْسِ مَالِ شُعْبَةَ) ، (أَخْبَارُ سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ) ، (مُسلسل العِيْدِ) ، (الأُبْنَةُ ) ، (فَضَائِلُ العَشْرَةِ) جُزآنِ، (مَنْ نَزَلَ المِزَّةَ) ، (فِي الرَّبوَةِ وَالنَّيربِ) ، (فِي كَفْر سُوْسِيَّةَ ) ، (رِوَايَةُ
أَهْلِ صَنْعَاءَ) ، (أَهْل الحِمرِيين ) ، (فَذَايَا ) ، (بَيْت قُوفَا ) ، (البَلاَط) ، (قَبْر سَعْد) ، (جِسْرِيْن) ، (كفر بَطنَا) ، (حرستَا) ، (دُومَا مَعَ مِسْرَابَا) ، (بَيْت سَوَا) ، (جَرْكَانَ ) ، (جَدَيَا وَطَرْمِيس ) ، (زَمْلَكَا) ، (جَوْبَر) ، (بَيْت لِهْيَا ) ، (بَرزَة) ، (مَنِيْنَ) ، (يَعقُوبَا ) ، (أَحَادِيْثُ بَعْلَبَكَّ) ، (فَضل عَسْقَلاَن) ، (القُدْس) ، (المَدِيْنَة) ، (مَكَّة) ، كِتَاب (الجِهَاد) ، (مُسْنَدُ أَبِي حَنِيْفَةَ وَمَكْحُوْلٍ) ،
(العَزلُ) وَغَيْر ذَلِكَ، وَ (الأَرْبَعُوْنَ الطّوَال) مُجيليد، وَ (الأَرْبَعُوْنَ البَلَديَة) جُزْء، وَ (الأَرْبَعُوْنَ فِي الجِهَادِ ) ، وَ (الأَرْبَعُوْنَ الأَبْدَال ) ، وَ (فضل عَاشُورَاء) ثَلاَثَة أَجزَاء، وَ (طرق قبض العِلْم ) جُزْء، كِتَاب (الزلاَزل) مجيليد، (المصَاب بِالوَلَد) جُزْآنِ، (شُيُوْخ النَّبَل ) مُجيليد، (عَوَالِي شُعْبَةَ) اثْنَا عَشرَ جُزْءاً، (عَوَالِي سُفْيَانَ) أَرْبَعَةُ أَجزَاءٍ، (مُعْجَم القُرَى وَالأَمصَار) جُزء، وَسَرَدَ لَهُ عِدَّةَ تَوَالِيفَ.قَالَ: وَأَملَى أَرْبَع مائَة مَجْلِس وَثَمَانِيَة.
قَالَ: وَكَانَ موَاظباً عَلَى صَلاَة الجَمَاعَة وَتِلاَوَة القُرْآن، يَخْتِم كُلّ جُمُعَة، وَيَخْتِم فِي رَمَضَانَ كُلّ يَوْم، وَيَعتكَفُ فِي المنَارَة الشَّرْقِيَّة، وَكَانَ كَثِيْرَ النَّوَافل وَالأَذكَار، يُحيِي لَيْلَة النِّصْف وَالعيدين بِالصَّلاَة وَالتسبيح، وَيُحَاسِب نَفْسه عَلَى لحظَة تَذْهَب فِي غَيْر طَاعَة، قَالَ لِي:
لَمَّا حَمَلَت بِي أُمِّي، رَأَتْ فِي مَنَامهَا قَائِلاً يَقُوْلُ: تَلِدِينَ غُلاَماً يَكُوْن لَهُ شَأْن.
وَحَدَّثَنِي أَنَّ أَبَاهُ رَأَى رُؤْيَا مَعْنَاهُ يُولد لَكَ وَلدٌ يُحْيِي الله بِهِ السّنَة، وَلَمَّا عزم عَلَى الرّحلَة،
قَالَ لَهُ أَبُو الحَسَنِ بنُ قُبَيْس : أَرْجُو أَنْ يُحِيي الله بِك هَذَا الشَّأْن.وَحَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: كُنْتُ يَوْماً أَقرَأُ عَلَى أَبِي الفَتْحِ المُخْتَار بن عَبْدِ الحَمِيْدِ وَهُوَ يَتحدّث مَعَ الجَمَاعَة، فَقَالَ:
قَدِمَ عَلَيْنَا أَبُو عَلِيٍّ بنُ الوَزِيْر، فَقُلْنَا: مَا رَأَينَا مِثْله.
ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْنَا أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ، فَقُلْنَا: مَا رَأَينَا مِثْله.
حَتَّى قَدِمَ عَلَيْنَا هَذَا، فَلَمْ نَر مِثْله.
قَالَ القَاسِم: وَحَكَى لِي أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الأَنْصَارِيّ الحَنْبَلِيّ، عَنْ أَبِي الحَسَنِ سَعْد الخَيْر، قَالَ: مَا رَأَيْتُ فِي سنِّ أَبِي القَاسِمِ الحَافِظ مِثْله.
وَحَدَّثَنَا التَّاج مُحَمَّد بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ المَسْعُوْدِيّ، سَمِعْتُ الحَافِظَ أَبَا العَلاَءِ الهَمَذَانِيّ يَقُوْلُ لبَعْض تَلاَمِذته - وَقَدِ اسْتَأَذنه أَنْ يَرحل - فَقَالَ:
إِنْ عَرَفْت أُسْتَاذاً أَعْلَم مِنِّي أَوْ فِي الفَضْلِ مِثْلِي، فَحِيْنَئِذٍ آذنُ إِلَيْك أَنْ تُسَافر إِلَيْهِ، اللَّهُمَّ إِلاَّ أَنْ تُسَافر إِلَى الحَافِظ ابْن عَسَاكِرَ، فَإِنَّهُ حَافِظ كَمَا يَجِبُ.
فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا الحَافِظُ؟
فَقَالَ: حَافِظ الشَّامِ أَبُو القَاسِمِ، يَسكنُ دِمَشْق ... ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ.
وَكَانَ يَجرِي ذِكْرُهُ عِنْد ابْن شَيْخه وَهُوَ الخَطِيْب أَبُو
الفَضْل بن أَبِي نَصْرٍ الطُّوْسِيّ، فَيَقُوْلُ:مَا نَعلم مَنْ يَسْتَحقُّ هَذَا اللَّقَب اليَوْم - أَعنِي: الحَافِظ - وَيَكُوْن حقيقاً بِهِ سِوَاهُ.
كَذَا حَدَّثَنِي أَبُو المَوَاهِبِ بن صَصْرَى.
وَقَالَ: لَمَّا دَخَلت هَمَذَان أَثْنَى عَلَيْهِ الحَافِظُ أَبُو العَلاَءِ، وَقَالَ لِي: أَنَا أَعْلَم أَنَّهُ لاَ يُسَاجل الحَافِظ أَبَا القَاسِمِ فِي شَأْنه أَحَد، فَلَو خَالَقَ النَّاس وَمَازجهُم كَمَا أَصْنَع، إِذاً لاجْتَمَعَ عَلَيْهِ المُوَافِق وَالمُخَالِفُ.
وَقَالَ لِي أَبُو العَلاَءِ يَوْماً: أَيُّ شَيْءٍ فُتِحَ لَهُ، وَكَيْفَ تَرَى النَّاسَ لَهُ؟
قُلْتُ: هُوَ بعيد مِنْ هَذَا كُلّه، لَمْ يَشتغل مُنْذُ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً إِلاَّ بِالجمع وَالتصنِيف وَالتسمِيْع حَتَّى فِي نُزهه وَخلوَاته.
فَقَالَ: الحَمْدُ للهِ، هَذَا ثَمَرَة العِلْم، أَلاَ إِنَّا قَدْ حَصَلَ لَنَا هَذِهِ الدَّارُ وَالكُتُب وَالمَسْجَد، هَذَا يَدلّ عَلَى قلّة حُظُوظ أَهْل العِلْمِ فِي بِلاَدكُم.
ثُمَّ قَالَ لِي: مَا كَانَ يُسَمَّى أَبُو القَاسِمِ بِبَغْدَادَ إِلاَّ شعلَة نَار مِنْ تَوقُّده وَذكَائِهِ وَحُسن إِدرَاكه.
وَرَوَى زَين الأُمَنَاءِ، حَدَّثَنَا ابْنُ القَزْوِيْنِيّ، عَنْ وَالِده مُدَرِّس النِّظَامِيَّة، قَالَ:
حَكَى لَنَا الفُرَاوِيّ، قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا ابْنُ عَسَاكِرَ، فَقَرَأَ عَلَيَّ فِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ فَأَكْثَر، فَأَضجَرَنِي، وَآليتُ أَنْ أُغلِقَ بَابِي، وَأَمتنعَ، جرَى هَذَا الخَاطر لِي بِاللَّيْلِ، فَقَدم مِنَ الغَدِ شَخْص، فَقَالَ: أَنَا رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَيْك، رَأَيْتهُ فِي النَّوْمِ، فَقَالَ: امْضِ إِلَى الفُرَاوِيّ، وَقُلْ لَهُ: إِن قَدِمَ بلدكُم رَجُل مِنْ أَهْلِ الشَّامِ أَسْمَر يَطلب حَدِيْثِي، فَلاَ يَأْخُذْكَ مِنْهُ ضَجَرٌ وَلاَ مَلَلٌ.
قَالَ:
فَمَا كَانَ الفُرَاوِيّ يَقُومُ حَتَّى يَقُومَ الحَافِظ أَوَّلاً.قَالَ أَبُو المَوَاهِب: وَأَنَا كُنْتُ أُذَاكِرُه فِي خَلَوَاتِهِ عَنِ الحُفَّاظِ الَّذِيْنَ لَقِيَهُم، فَقَالَ: أَمَّا بِبَغْدَادَ، فَأَبُو عَامِرٍ العَبْدَرِيّ، وَأَمَّا بِأَصْبَهَانَ، فَأَبُو نَصْرٍ اليُوْنَارَتِيّ، لَكِن إِسْمَاعِيْل الحَافِظ كَانَ أَشهر مِنْهُ.
فَقُلْتُ لَهُ: فَعَلَى هَذَا مَا رَأَى سيدنَا مِثْل نَفْسه.
فَقَالَ: لاَ تَقُلْ هَذَا، قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: {فَلاَ تُزَكُّوا أَنْفُسَكُم} [النَّجْمُ: 32] .
قُلْتُ: فَقَدْ قَالَ: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضُّحَى: 11] .
فَقَالَ: نَعَمْ، لَوْ قَالَ قَائِل: إِنَّ عَيْنِي لَمْ تَرَ مِثْلِي، لَصَدَقَ.
قَالَ أَبُو المَوَاهِبِ: وَأَنَا أَقُوْل: لَمْ أَرَ مِثْله وَلاَ مَنِ اجْتَمَع فِيْهِ مَا اجْتَمَع فِيْهِ مِنْ لُزُوم طرِيقَة وَاحِدَة مُدَّة أَرْبَعِيْنَ سَنَةً مِنْ لُزُوم الجَمَاعَة فِي الخَمْس فِي الصَّفّ الأَوّل إِلاَّ مِنْ عذر، وَالاعتكَاف فِي رَمَضَانَ وَعشر ذِي الحِجَّةِ وَعدم التَّطَلُّع إِلَى تَحْصِيل الأَملاَك وَبنَاء الدّور، قَدْ أَسقط ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ، وَأَعرض عَنْ طلب المنَاصب مِنَ الإِمَامَة وَالخطَابَة، وَأَبَاهَا بَعْدَ أَنْ عرضت عَلَيْهِ، وَقِلَّةِ التِفَاتِه إِلَى الأُمَرَاءِ، وَأَخذِ نَفْسه بِالأَمْرِ بِالمَعْرُوف وَالنَّهْي عَنِ المُنْكَر، لاَ تَأْخُذُه فِي اللهِ لَوْمَة لاَئِم.
قَالَ لِي: لَمَّا عزمت عَلَى التَّحْدِيْث وَاللهِ الْمطلع أَنَّهُ مَا حَمَلَنِي عَلَى ذَلِكَ حبّ الرِّئَاسَة وَالتَّقَدُّم، بَلْ قُلْتُ: مَتَى أَروِي كُلّ مَا قَدْ سمِعته، وَأَيُّ فَائِدَة فِي كَونِي أُخلِّفُهُ بَعْدِي صَحَائِف؟ فَاسْتَخرتُ الله، وَاسْتَأْذنت أَعيَان شُيُوْخِي وَرُؤَسَاء البَلَد، وَطُفت عَلَيْهِم، فُكُلٌّ قَالَ: وَمَنْ أَحقّ بِهَذَا مِنْكَ؟
فَشرعت فِي ذَلِكَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ، فَقَالَ لِي وَالِدِي أَبُو القَاسِمِ الحَافِظُ: قَالَ لِي جَدِّي القَاضِي أَبُو المُفَضَّل لَمَّا قَدَمت مِنْ سفرِي:
اجْلِسْ إِلَى سَارِيَةٍ مِنْ هَذِهِ السَّوَارِي حَتَّى نَجلس إِلَيْك.فَلَمَّا عزمت عَلَى الجُلُوْس اتَّفَقَ أَنَّهُ مرضَ، وَلَمْ يُقدَّرْ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ الخُرُوجُ إِلَى المَسْجَد... ، إِلَى أَنْ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ القَاسِم:
وَكَانَ أَبِي -رَحِمَهُ اللهُ- قَدْ سَمِعَ أَشيَاء لَمْ يُحصِّلْ مِنْهَا نُسَخاً اعتمَاداً عَلَى نسخ رفِيقه الحَافِظ أَبِي عَلِيٍّ بنِ الوَزِيْر، وَكَانَ مَا حَصلَه ابْن الوَزِيْر لاَ يُحصله أَبِي، وَمَا حَصلَه أَبِي لاَ يُحصله ابْن الوَزِيْر، فَسَمِعْتُ أَبِي لَيْلَة يَتحدّث مَعَ صَاحِب لَهُ فِي الجَامِع، فَقَالَ:
رحلتُ وَمَا كَأَنِّيْ رحلتُ، كُنْت أَحسب أَنَّ ابْنَ الوَزِيْر يَقدَمُ بِالكُتُب مِثْل (الصَّحِيْحَيْنِ) وَكُتُبِ البَيْهَقِيّ وَالأَجزَاء، فَاتَّفَقَ سُكنَاهُ بِمَرْوَ، وَكُنْت أُؤمل وُصُوْل رفِيق آخر لَهُ يُقَالَ لَهُ: يُوْسُف بن فَارّوا الجَيَّانِيّ، وَوُصُوْل رَفِيقنَا أَبِي الحَسَنِ المُرَادِيّ، وَمَا أَرَى أَحَداً مِنْهُم جَاءَ، فَلاَ بُدَّ مِنَ الرّحلَة ثَالِثَةً وَتَحصيل الكُتُب وَالمهمَات.
قَالَ: فَلَمْ يَمض إِلاَّ أَيَّام يَسِيْرَة حَتَّى قَدِمَ أَبُو الحَسَنِ المُرَادِيّ، فَأَنْزَلَهُ أَبِي فِي مَنْزِلنَا، وَقَدِمَ بِأَرْبَعَة أَسفَاط كتب مَسْمُوْعَة، فَفَرح أَبِي بِذَلِكَ شدِيداً، وَكفَاهُ الله مُؤنَة السَّفَر، وَأَقْبَلَ عَلَى تِلْكَ الكُتُب، فَنسخ وَاستنسخَ وَقَابَلَ، وَبَقِيَ مِنْ مَسْمُوْعَاته أَجزَاء نَحْو الثَّلاَث مائَة، فَأَعَانه عَلَيْهَا أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ، فَنقل إِلَيْهِ مِنْهَا جُمْلَةً حَتَّى لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ أَكْثَر مِنْ عِشْرِيْنَ جُزْءاً، وَكَانَ كُلَّمَا حصل لَهُ جُزْء مِنْهَا كَأَنَّهُ قَدْ حصل عَلَى ملك الدُّنْيَا.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: قَرَأْت بِخَطِّ مَعْمَر بن الفَاخِرِ فِي (مُعْجَمِهِ) : أَخْبَرَنِي
أَبُو القَاسِمِ الحَافِظُ إِمْلاَءً بِمِنَى وَكَانَ مِنْ أَحْفَظ مَنْ رَأَيْتُ وَكَانَ شَيْخنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الإِمَام يُفضله عَلَى جَمِيْع مَنْ لقينَاهُم، قَدِمَ أَصْبَهَان وَنَزَلَ فِي دَارِي، وَمَا رَأَيْتُ شَابّاً أَحْفَظَ وَلاَ أَورعَ وَلاَ أَتقنَ مِنْهُ، وَكَانَ فَقِيْهاً أَدِيباً سَنِيّاً، سَأَلتُه عَنْ تَأَخُّره عَنِ الرّحلَة إِلَى أَصْبَهَانَ، قَالَ: اسْتَأَذنتُ أُمِّي فِي الرّحلَة إِلَيْهَا، فَمَا أَذِنَتْ.قَالَ السَّمْعَانِيُّ: أَبُو القَاسِمِ كَثِيْرُ العِلْمِ، غزِيْر الفَضْل، حَافِظ مُتْقِن، ديِّن خَيِّر، حسن السَّمْت، جَمع بَيْنَ مَعْرِفَة المُتُوْنِ وَالأَسَانِيْد، صَحِيْح القِرَاءة، متثبِّت مُحتَاط ... ، إِلَى أَنْ قَالَ:
جَمع مَا لَمْ يَجْمَعْهُ غَيْرُهُ، وَأَرْبَى عَلَى أَقرَانِهِ، دَخَلَ نَيْسَابُوْرَ قَبْلِي بِشَهْرٍ، سَمِعْتُ مِنْهُ، وَسَمِعَ مِنِّي، وَسَمِعْتُ مِنْهُ (مُعْجَمَه) ، وَحصَّل لِي بِدِمَشْقَ نُسْخَةً مِنْهُ، وَكَانَ قَدْ شَرَعَ فِي (التَّارِيْخِ الكَبِيْرِ لِدِمَشْقَ) ، ثُمَّ كَانَتْ كُتُبُه تَصِلُ إِلَيَّ، وَأُنفذُ جَوَابَهَا.
سَمِعْتُ الحَافِظُ عَلِيّ بن مُحَمَّد يَقُوْلُ: سَمِعْتُ الحَافِظُ أَبَا مُحَمَّدٍ المُنْذِرِيّ يَقُوْلُ:
سَأَلت شَيْخنَا أَبَا الحَسَنِ عَلِيّ بن المُفَضَّلِ الحَافِظ عَنْ أَرْبَعَة تَعَاصرُوا، فَقَالَ: مَنْ هُم؟
قُلْتُ: الحَافِظ ابْن عَسَاكِرَ، وَالحَافِظ ابْن نَاصِر.
فَقَالَ: ابْنُ عَسَاكِرَ أَحْفَظ.
قُلْتُ: ابْنُ عَسَاكِرَ وَأَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ؟
قَالَ: ابْنُ عَسَاكِرَ.
قُلْتُ: ابْنُ عَسَاكِرَ وَأَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ؟
فَقَالَ: السِّلَفِيّ شَيْخنَا، السِّلَفِيُّ شَيْخنَا.
قُلْتُ: لَوَّحَ بِأَنَّ ابنَ عَسَاكِرَ أَحْفَظ، وَلَكِن تَأَدَّبَ مَعَ شَيْخِهِ، وَقَالَ لفظاً
مُحْتَمَلاً أَيْضاً لِتفْضِيْلِ أَبِي طَاهِرٍ - فَاللهُ أَعْلَمُ -.وَبَلَغَنَا أَنَّ الحَافِظ عَبْد الغَنِيِّ المَقْدِسِيَّ بَعْد مَوْتِ ابْن عَسَاكِرَ نَفَّذ مَنِ اسْتَعَار لَهُ شَيْئاً مِنْ (تَارِيْخِ دِمَشْقَ) ، فَلَمَّا طَالعه، انْبَهَرَ لِسعَة حِفْظ ابْن عَسَاكِرَ، وَيُقَالُ: نَدِمَ عَلَى تَفويت السَّمَاع مِنْهُ، فَقَدْ كَانَ بَيْنَ ابْن عَسَاكِرَ وَبَيْنَ المَقَادِسَةِ وَاقِعٌ - رَحِمَ اللهُ الجَمِيْع -.
وَلأَبِي عَلِيٍّ الحُسَيْن بن عَبْدِ اللهِ بنِ رَوَاحَة يَرْثِي الحَافِظ ابْن عَسَاكِرَ :
ذَرَا السَّعْيَ فِي نَيلِ العَلَى وَالفَضَائِل ... مَضَى مَنْ إِلَيْهِ كَانَ شدُّ الرَّوَاحِلِ
وَقُولاَ لِسَارِي البَرْقِ: إِنِّيْ نَعَيتُه... بِنَارِ أَسَىً أَوْ دَمْعِ سُحْبٍ هَوَاطلِ
وَمَا كَانَ إِلاَّ البَحْرَ غَارَ وَمَنْ يُرِدْ ... سَوَاحِلَهُ لَمْ يَلْقَ غَيْرَ جَدَاوِلِ
وَهَبْكُمْ رَوَيتُم عِلْمَه عَنْ رُوَاته ... وَلَيْسَ عَوَالِي صَحبِه بِنَوازِلِ
فَقَدْ فَاتَكُم نورُ الهُدَى بِوَفَاتِهِ ... وَعزُّ التُّقَى مِنْهُ وَنُجْحُ الوَسَائِلِ
خَلتْ سُنَّةُ المُخْتَارِ مِنْ ذَبِّ نَاصِرٍ ... فَأَقْرَبُ مَا نَخشَاهُ بِدعَة خَاذِلِ نَحَا لِلإِمَامِ الشَّافِعِيِّ مَقَالَةً ... فَأَصْبَح شَافِي عَيِّ كُلِّ مُجَادِلِ
وَسدَّ مِنَ التَّجسيمِ بَابَ ضَلاَلَةٍ ... وَردَّ مِنَ التَّشبيه شُبهَةَ بَاطِلِ
قُتل نَاظمُهَا عَلَى عكَا، سَنَة خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ.
وَمِنْ نَظْمِ الحَافِظِ أَبِي القَاسِمِ:
أَلاَ إِنَّ الحَدِيْث أَجَلُّ علمٍ ... وَأَشرفُه الأَحَادِيْث العَوَالِي
وَأَنفعُ كُلُّ نوعٍ مِنْهُ عِنْدِي ... وَأَحْسَنُه الفَوَائِدُ وَالأَمَالِي
فَإِنَّكَ لَنْ تَرَى لِلْعِلْمِ شَيْئاً ... تُحَقِّقُه كَأَفْوَاهِ الرِّجَالِ
فَكُنْ - يَا صَاحِ - ذَا حِرْصٍ عَلَيْهِ ... وَخُذهُ عَنِ الشُّيُوْخِ بِلاَ مَلاَلِ
وَلاَ تَأْخُذْه مِنْ صُحُفٍ فَتُرمَى ... مِنَ التَّصحيفِ بِالدَّاءِ العُضَالِ
وَلَهُ:
أَيَا نَفُْس - وَيْحَكِ - جَاءَ المَشِيْب ... فَمَاذَا التَّصَابِي وَمَاذَا الغَزَلْ
تَولَّى شَبَابِي كَأَنْ لَمْ يَكُنْ ... وَجَاءَ مَشِيبِي كَأَنْ لَمْ يَزَلْكَأَنِّيْ بِنَفْسِي عَلَى غِرَّةٍ ... وَخَطْبُ المَنُوْنِ بِهَا قَدْ نَزلْ
فَيَا لَيْتَ شِعْرِي مِمَّنْ أَكُوْن ... وَمَا قدَّر اللهُ لِي فِي الأَزَلْ
وَلابْنِ عَسَاكِر شِعْرٌ حسن يُملِيه عَقِيب كَثِيْرٍ مِنْ مَجَالِسه، وَكَانَ فِيْهِ انجمَاع عَنِ النَّاس، وَخَير، وَتَركٌ لِلشهَادَاتِ عَلَى الحُكَّام وَهَذِهِ الرعونَات.
تُوُفِّيَ: فِي رَجَبٍ، سَنَة إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، لَيْلَة الاثْنَيْن، حَادِي عشر الشَّهْر، وَصَلَّى عَلَيْهِ القُطْب النَّيْسَابُوْرِيّ، وَحضره السُّلْطَان صَلاَح الدِّيْنِ، وَدُفن عِنْد أَبِيْهِ بِمَقْبَرَة بَاب الصَّغِيْر.
أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو الحُسَيْنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ اليُوْنِيْنِيّ بِبَعْلَبَكَّ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ، أَخْبَرَنَا القَاضِي عَبْد الوَاحِدِ بن أَحْمَدَ بنِ أَبِي المَضَاءِ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ بقِرَاءة الحَافِظ أَبِي مُوْسَى المَقْدِسِيّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ الشَّافِعِيّ إِمْلاَءً بِبَعْلَبَكَّ سَنَة إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بِأَصْبَهَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بنُ مَحْمُوْدٍ الثَّقَفِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ قُتَيْبَةَ، وَمُحَمَّد بن الفَيْضِ، وَالحُسَيْن بن عَبْدِ اللهِ الرَّقِّيّ، قَالُوا:
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ هِشَامِ بنِ يَحْيَى الغَسَّانِيّ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عُرْوَةَ بنِ رُوَيْم
اللَّخْمِيّ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ كَانَ ذَا وُصلَةٍ لأَخِيْهِ المُسْلِمِ إِلَى ذِي سُلْطَانٍ فِي تَبْلِيْغِ بِرٍّ أَوْ تَيْسِيْرِ عَسِيْرٍ، أَعَانَهُ اللهُ عَلَى إِجَازَةِ الصِّرَاطِ يَوْمَ دَحْضِ الأَقْدَامِ ) .
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بِقِرَاءتِي، أَخْبَرَنَا زَين الأُمَنَاءِ الحَسَن بن مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَمِّي الحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ النَّسِيْب، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّمِيْمِيّ، أَخْبَرَنَا يُوْسُفُ بنُ القَاسِمِ المَيَانَجِيّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ التَّمِيْمِيّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ حَاتِمٍ الطَّوِيْل، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا اشْتَكَى، قَرَأَ عَلَى نَفْسِهِ بِالمُعَوِّذَاتِ، وَنفث، أَوْ نُفث عَلَيْهِ.
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
أَمَا أَحْمَد بن حَاتِمِ بنِ مَخْشِي، عَنْ مَالِكٍ، فَشيخ بَصْرِيّ، وَأَمَّا الطَّوِيْل فَبَغْدَادِيّ.