يَحْيَى بْن الْمبارك بْن المغيرة، أَبُو مُحَمَّد العَدَوي المعروف باليزيدي المقرئ :
صاحب أبي عَمْرو بن العلاء البصري. سكن بغداد وحدث بِهَا عَنْ أَبِي عمرو بْن العلاء، وابن جُريج. رَوَى عَنْهُ ابنه مُحَمَّد، وأبو شعيب صالِح بْن زياد السوسي، وأبو عُبَيْد القاسم بْن سَلام، وإسحاق بْن إِبْرَاهِيم الْمَوْصِليّ، وأبو عُمَر الدوري، وَأَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن المبارك اليزيدي، وإبراهيم بن محمّد أخوه. وهو مولى عدي بْن عَبْد مناة من الرباب، وإنَّما قِيلَ لَهُ اليزيدي لأنه كَانَ منقطعًا إلى يزيد بْن منصور الحميري. خال وَلد المهدي يؤدب ولده، فنُسِبَ إِلَيْهِ، ثُمَّ اتصل بالرشيد فجعل المأمون فِي حجره وأدَّبَه. وكان اليزيدي ثقةً، وكان أحد القراء الفصحاء، عالمًا بلُغات العرب، وله كتاب نوادر فِي اللغة، عَلَى مثال كتاب نوادر الأصمعي الَّذِي عمله لجعفر بْن يَحْيَى، وفي مثل عدد ورقه. وكان أيضا أحد الشعراء وله شعر جامع وأدب، وكان قد أخذ علم العربية وأخبار الناس عن أبي عمرو بن أبي إسحاق الحضرميّ، والخليل ابن أحمد، ومن كان معهم في زمانهم.
وحكي عَن أبي حَمْدون الطيب بْن إِسْمَاعِيل أَنَّهُ قَالَ: شهدتُ ابن أبي العتاهية وكتب عَن أبي مُحَمَّد اليزيدي قريبًا من ألف جلد عَن أبي عمرو بْن العلاء خاصة يكون ذَلِكَ نحو عشرة آلاف ورقة، لأن تقدير الجلد عشر ورقات.
وأخذ عَن الخليل من اللغة أمرًا عظيمًا، وكتب عَنْهُ العروض فِي ابتداء صنعته إياه إلا أن اعتماده كَانَ عَلَى أبي عمرو، لسعة علم أبي عمرو باللغة. وكان اليزيدي يعلم بحذاء منزل أبي عمرو، وكان أَبُو عمرو يُدْنيه ويَميلُ إِلَيْهِ لذكائه. وكان اليزيدي صحيح الرواية صدوق اللهجة. وألف من الكتب كتاب «النوادر» ، وكتاب «المقصور والممدود» ، وكتاب «مختصر النحو» ، وكتاب «النقط والشكل» ، وكان يجلس فِي أيام الرشيد مَعَ الكسائي ببغداد في مسجد واحد يقرئان الناس، فكان الكسائي يؤدب محمّد الأمين، وكان اليزيدي يؤدب عَبْد الله المأمون. فأمّا الأمين فإن أباه أمر
الكسائي أن يأخذ عَلَيْهِ بحرف حمزة، وأمّا المأمون فإن أباهُ لَمَّا اختار لَهُ اليزيدي تركه يتعلم منه حرف أَبي عمرو.
أَخْبَرَنَا إبراهيم بن مخلد بن جعفر- إجازة- وَحَدَّثَنِيه أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد ابن قفرجل الكاتب عنه، حدثنا المظفّر ابن يحيي الشرابي، حدثنا العنزي، حدَّثَنِي إِبْرَاهِيم بْن سعدان قَالَ: حدَّثَنِي الأثرم قَالَ: دخلَ اليزيدي عَلَى الخليل بْن أَحْمَد يومًا وعنده جماعة- وهو عَلَى وسادة جالس- فأوسع لَهُ، فجلسَ معه اليزيدي عَلَى وسادته، فقال لَهُ اليزيدي: أحسبُني قد ضَيَّقْتُ عليك؟ فقال الخليل: ما ضاقَ شيء عَلَى اثنين مُتحابين، والدنيا لا تَسَع متباغضين.
أَخْبَرَنِي الأزهري، حدثنا أَبُو أَحْمَدَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ المقرئ، حدثنا محمّد بن يحيى النديم، حَدَّثَنَا المبرد قَالَ: سأل المأمون يَحْيَى بْن المبارك عَن شيء فقال: لا- وجعلني الله فداك- يا أمير المؤمنين. فقال: لله درك ما وضعت واو قط موضعًا أحسن من موضعها فِي لفظك هذا، ووصله وحمله.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن علي البزاز، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيد الْحَسَن بْن عَبْد الله السيرافي، حدثنا محمّد بن أبي الأزهر النحوي، حَدَّثَنَا الزبير بْن بكار قَالَ: أنشدني إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم قَالَ: أنشدني أَبُو مُحَمَّد يَحْيَى بْن المبارك اليزيدي:
إذا نكباتُ الدَّهْرِ لَمْ تَعظِ الْفَتَى ... وتقرع منه لَمْ تعظه عواذله
ومن لَمْ يؤدِّبه أبوهُ وأمُّه ... تؤدبه رَوْعَات الرَّدَى وزلازله
فدع عنك ما لا تستطيع ولا تُطع ... هواك ولا يغلب بحقك باطلُه
قرأتُ بِخط أبي عُبَيْد الله المرزباني، حدَّثَنِي أحمد بن عثمان، وحدثني أَبُو القاسم عُبيد الله بْن مُحَمَّد اليزيدي قَالَ: تُوُفِّيَ أَبُو مُحَمَّد اليزيدي فِي سنة اثنتين ومائتين.
صاحب أبي عَمْرو بن العلاء البصري. سكن بغداد وحدث بِهَا عَنْ أَبِي عمرو بْن العلاء، وابن جُريج. رَوَى عَنْهُ ابنه مُحَمَّد، وأبو شعيب صالِح بْن زياد السوسي، وأبو عُبَيْد القاسم بْن سَلام، وإسحاق بْن إِبْرَاهِيم الْمَوْصِليّ، وأبو عُمَر الدوري، وَأَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن المبارك اليزيدي، وإبراهيم بن محمّد أخوه. وهو مولى عدي بْن عَبْد مناة من الرباب، وإنَّما قِيلَ لَهُ اليزيدي لأنه كَانَ منقطعًا إلى يزيد بْن منصور الحميري. خال وَلد المهدي يؤدب ولده، فنُسِبَ إِلَيْهِ، ثُمَّ اتصل بالرشيد فجعل المأمون فِي حجره وأدَّبَه. وكان اليزيدي ثقةً، وكان أحد القراء الفصحاء، عالمًا بلُغات العرب، وله كتاب نوادر فِي اللغة، عَلَى مثال كتاب نوادر الأصمعي الَّذِي عمله لجعفر بْن يَحْيَى، وفي مثل عدد ورقه. وكان أيضا أحد الشعراء وله شعر جامع وأدب، وكان قد أخذ علم العربية وأخبار الناس عن أبي عمرو بن أبي إسحاق الحضرميّ، والخليل ابن أحمد، ومن كان معهم في زمانهم.
وحكي عَن أبي حَمْدون الطيب بْن إِسْمَاعِيل أَنَّهُ قَالَ: شهدتُ ابن أبي العتاهية وكتب عَن أبي مُحَمَّد اليزيدي قريبًا من ألف جلد عَن أبي عمرو بْن العلاء خاصة يكون ذَلِكَ نحو عشرة آلاف ورقة، لأن تقدير الجلد عشر ورقات.
وأخذ عَن الخليل من اللغة أمرًا عظيمًا، وكتب عَنْهُ العروض فِي ابتداء صنعته إياه إلا أن اعتماده كَانَ عَلَى أبي عمرو، لسعة علم أبي عمرو باللغة. وكان اليزيدي يعلم بحذاء منزل أبي عمرو، وكان أَبُو عمرو يُدْنيه ويَميلُ إِلَيْهِ لذكائه. وكان اليزيدي صحيح الرواية صدوق اللهجة. وألف من الكتب كتاب «النوادر» ، وكتاب «المقصور والممدود» ، وكتاب «مختصر النحو» ، وكتاب «النقط والشكل» ، وكان يجلس فِي أيام الرشيد مَعَ الكسائي ببغداد في مسجد واحد يقرئان الناس، فكان الكسائي يؤدب محمّد الأمين، وكان اليزيدي يؤدب عَبْد الله المأمون. فأمّا الأمين فإن أباه أمر
الكسائي أن يأخذ عَلَيْهِ بحرف حمزة، وأمّا المأمون فإن أباهُ لَمَّا اختار لَهُ اليزيدي تركه يتعلم منه حرف أَبي عمرو.
أَخْبَرَنَا إبراهيم بن مخلد بن جعفر- إجازة- وَحَدَّثَنِيه أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد ابن قفرجل الكاتب عنه، حدثنا المظفّر ابن يحيي الشرابي، حدثنا العنزي، حدَّثَنِي إِبْرَاهِيم بْن سعدان قَالَ: حدَّثَنِي الأثرم قَالَ: دخلَ اليزيدي عَلَى الخليل بْن أَحْمَد يومًا وعنده جماعة- وهو عَلَى وسادة جالس- فأوسع لَهُ، فجلسَ معه اليزيدي عَلَى وسادته، فقال لَهُ اليزيدي: أحسبُني قد ضَيَّقْتُ عليك؟ فقال الخليل: ما ضاقَ شيء عَلَى اثنين مُتحابين، والدنيا لا تَسَع متباغضين.
أَخْبَرَنِي الأزهري، حدثنا أَبُو أَحْمَدَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ المقرئ، حدثنا محمّد بن يحيى النديم، حَدَّثَنَا المبرد قَالَ: سأل المأمون يَحْيَى بْن المبارك عَن شيء فقال: لا- وجعلني الله فداك- يا أمير المؤمنين. فقال: لله درك ما وضعت واو قط موضعًا أحسن من موضعها فِي لفظك هذا، ووصله وحمله.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن علي البزاز، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيد الْحَسَن بْن عَبْد الله السيرافي، حدثنا محمّد بن أبي الأزهر النحوي، حَدَّثَنَا الزبير بْن بكار قَالَ: أنشدني إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم قَالَ: أنشدني أَبُو مُحَمَّد يَحْيَى بْن المبارك اليزيدي:
إذا نكباتُ الدَّهْرِ لَمْ تَعظِ الْفَتَى ... وتقرع منه لَمْ تعظه عواذله
ومن لَمْ يؤدِّبه أبوهُ وأمُّه ... تؤدبه رَوْعَات الرَّدَى وزلازله
فدع عنك ما لا تستطيع ولا تُطع ... هواك ولا يغلب بحقك باطلُه
قرأتُ بِخط أبي عُبَيْد الله المرزباني، حدَّثَنِي أحمد بن عثمان، وحدثني أَبُو القاسم عُبيد الله بْن مُحَمَّد اليزيدي قَالَ: تُوُفِّيَ أَبُو مُحَمَّد اليزيدي فِي سنة اثنتين ومائتين.