رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب
قال صالح: قال أبي: أم حبيبة بنت أبي سفيان زوج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، اسمها رملة.
"الأسامي والكنى" (10)
قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: أم سلمة اسمها هند، وأم حبيبة بنت أبي سفيان اسمها رملة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (5164)
قال صالح: قال أبي: أم حبيبة بنت أبي سفيان زوج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، اسمها رملة.
"الأسامي والكنى" (10)
قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: أم سلمة اسمها هند، وأم حبيبة بنت أبي سفيان اسمها رملة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (5164)
رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب
ابن أمية بن عبد شمس، أم حبيبة، أم المؤمنين زوج سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قدمت دمشق زائرةً لأخيها معاوية، وقيل: قبرها بها. والصحيح أنها ماتت بالمدينة.
حدثت أم حبيبة قالت: كنا نفعله على عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تعني نصلي الصبح بمنىً يوم النحر.
وعن أم حبيبة قالت: دخل علي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلت له: هل لك في أختي ابنة أبي سفيان؟ قال: فأفعل ماذا؟ فقلت: تنكحها، فقال أختك؟ قلت: نعم، قال: أتحبين ذلك؟ قلت: نعم، لست لك بمخلية، وأحب من شركني في خير أختي، قال: فإنها لا تحل لي. قالت: فوالله لقد أنبئت أنك تخطب درة ابنة أبي سلمى، قال: ابنة أبي سلمة؟ قالت: نعم، قال: فوالله لو لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي، إنها لابنة أخي من الرضاعة، أرضعتني وأباها ثويبة، فلا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن.
وحدثت أم حبيبة عن زينب بنت جحش قالت: استيقظ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ محمراً وجهه وهو يقول: لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا، وحلق، قالت: قلت: يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم، إذا كثر الخبث.
كانت أم حبيبة قبل أن يتزوجها سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تحت عبيد الله بن جحش الأسدي، أسد خزيمة. وكان خرج بها من مكة مهاجراً إلى أرض الحبشة، فافتتن عبيد الله وتنصر بها، ومات على النصرانية، وأبت أم حبيبة أن تتنصر، فأتم الله لها الإسلام والهجرة حتى قدمت المدينة، فخطبها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فزوجها إياه عثمان بن عفان؛ ويقال: تزوجها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهي بأرض الحبشة، زوجها إياه النجاشي، وأمهرها أربعة آلاف درهم، وجهزها من عنده؛ وبعث بها إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع شرحبيل بن حسنة، وما بعث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إليها بشيء.
قالوا: تزوجها في سنة ست، ودخل بها في سنة سبع من الهجرة.
وتوفيت أم حبيبة سنة أربع وأربعين. وقيل: سنة اثنتين وأربعين.
وقيل: إن الذي ولي عقدة النكاح ابن عمها خالد بن سعيد بن العاص.
وقد قيل إن النجاشي أصدقها أربع مئة دينار، وأولم عليها عثمان بن عفان لحماً وثريداً، وبعث إليها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شرحبيل بن حسنة فجاء بها.
وعن أم حبيبة قالت: رأيت في النوم كأن عبيد الله بن جحش زوجي بأسوإ صورة وأشوهه، ففزعت فقلت: والله تغيرت والله حاله، فإذا هو يقول حيث أصبح: يا أم حبيب، إني نظرت في الدين فلم أر ديناً خيراً من النصرانية، وكنت قد دنتها، ثم دخلت في دين محمد، ثم قد رجعت إلى النصرانية، فقلت: والله ما خير لك، وأخبرته بالرؤيا التي رأت له، فلم يحفل بها وأكب على الخمر حتى مات؛ فأرى في النوم كأن آتياً يقول: يا أم المؤمنين، ففزعت، فأولتها أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتزوجني، قالت: فما هو إلا انقضت عدتي، فما شعرت إلا برسول النجاشي على بابي يستأذن، فإذا جارية له يقال لها أبرهة، كانت تقوم على ثيابه
ودهنه، فدخلت علي فقالت: إن الملك يقول لك: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتب إلي أن أزوجكه، فقلت: بشرك الله بخير، قالت: يقول لك الملك: وكلي من يزوجك، فأرسلت إلى خالد بن سعيد بن العاص فوكلته، وأعطت أبرهة سوارين من فضة وخدمتين كانت في رجليها وخواتيم فضة كانت في أصابع رجليها، سروراً بما بشرتها، فلما كان العشي أمر النجاشي جعفر بن أبي طالب ومن هناك من المسلمين، فحضروا، فخطب النجاشي فقال: الحمد لله الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، وأنه الذي بشر به عيسى بن مريم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أما بعد: فإن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتب إلي أن أزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان، فأجبت إلى ما دعا إليه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد أصدقتها أربع مئة دينار، ثم سكب الدنانير بين يدي القوم، فتكلم خالد بن سعيد فقال: الحمد لله أحمده وأستعينه وأستنصره، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون؛ أما بعد: فقد أجبت إلى ما دعا إليه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وزوجته أم حبيبة بنت أبي سفيان، فبارك الله لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ودفع الدنانير إلى خالد بن سعيد بن العاص فقبضها، ثم أرادوا أن يقوموا فقال: اجلسوا فإن سنة الأنبياء إذا تزوجوا أن يؤكل طعام على التزويج؛ فدعا بطعام، فأكلوا ثم تفرقوا.
قالت أم حبيبة: فلما وصل إلي المال أرسلت إلى أبرهة التي بشرتني، فقلت لها: إني كنت أعطيتك ما أعطيتك يومئذ ولا مال بيدي، فهذه الخمسون مثقالاً فخذيها فاستعيني بها، فأبت وأخرجت حقاً فيه كل ما كنت أعطيتها فردته علي وقالت: عزم علي الملك أن لا أرزأك شيئاً، وأنا التي أقوم على ثيابه ودهنه، وقد اتبعت دين محمد وأسلمت لله، وقد أمر الملك نساءه أن يبعثن إليك بكل ما عندهن من العطر؛ قالت: فلما كان من الغد جاءتني بعود وورس وعنبر وزباد كثير، فقدمت بذلك كله على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكان يراه علي وعندي
فلا ينكره. ثم قالت أبرهة: فحاجتي إليك أن تقرئي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مني السلام وتعلميه أني قد اتبعت دينه. قالت: ثم لطفت بي وكانت التي جهزتني، وكانت كلما دخلت علي تقول: لا تنسي حاجتي إليك. قالت: فلما قدمت على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخبرته كيف كانت الخطبة وما فعلت بي أبرهة، فتبسم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأقرأته منها السلام فقال: وعليها السلام ورحمة الله وبركاته.
ولما بلغ أبا سفيان بن حرب نكاح النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابنته قال: ذاك الفحل لا يقرع أنفه.
ولما قدمت أم حبيبة أمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بلالاً فأخذ بخطام بعيرها، فأنزلها المنزل الذي أمره النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإذا فيه كناسة، فقالت لمولاة لها أو مولاة لأبيها: إن شئت كفيتني السقي وكنست، وإن شئت استقيت وكنست؛ قال: فكنست البيت ثم بسطت فيه بساط شعر، ثم بسطت عليه شيئاً ثم انتبذت، ثم أذن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالدخول على أهله. فلما دخل عليها فوجد ريح الطيب، قال: إنهن قرشيات بطاحيات، قرويات، ليس بأعرابيات ولا بدويات.
وعن ابن عباس قال: كان المسلمون لا ينظرون إلى أبي سفيان ولا يقاعدونه، فقال للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا نبي الله، ثلاث أعطنيهن، قال: نعم، قال: عندي أحسن العرب وأجملهن أم حبيبة بنت أبي سفيان أزوجكها، قال: نعم، قال: ومعاوية تجعله كاتباً بين يديك، قال: نعم. قال: وتؤمرني حتى أقاتل الكفار كما كنت أقاتل المسلمين، قال: نعم. قال أبو زميل: ولولا أنه طلب ذلك من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما أعطاه ذلك، لأنه لم يكن يسأل شيئاً إلا قال: نعم.
وهذا الحديث في قصة أم حبيبة قد أجمع أهل المغازي على خلافه، فإنهم لم يختلفوا في أن تزويج أم حبيبة كان قبل رجوع جعفر بن أبي طالب وأصحابه من أرض الحبشة، وإنما رجعوا من خيبر؛ فتزويج أم حبيبة كان قبله، وإسلام أبي سفيان زمن فتح مكة بعد نكاحها بسنتين أو ثلاث، فكيف يصح أن يكون تزويجها بمسألته؟ وفيه اختلاف.
وعن ابن عباس: في هذه الآية " عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودةً " قال: فكانت المودة التي جعل الله بينهم تزويج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أم حبيبة بنت أبي سفيان، فصارت أم المؤمنين، وصار معاوية خال المؤمنين.
وعن ابن عباس: " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت " قال: نزلت في أزواج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خاصة. قال عكرمة: ومن شاء باهلته أنها نزلت في نساء النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وعن هشام قال: أقبل أبو سفيان حتى قدم المدينة، فدخل على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا محمد، إني كنت غائباً في صلح الحديبية، فاشدد العهد، وزدنا في المدة، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ولذلك قدمت يا أبا سفيان؟ قال: نعم، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هل كان قبلكم حدث؟ قال: معاذ الله، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فنحن على مدتنا وصلحنا يوم الحديبية، لا نغير ولا نبدل. ثم قام من عنده فدخل على ابنته أم حبيبة، فلما ذهب ليجلس على فراش رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طوته دونه فقال: أرغبت بهذا الفراش عني أو بي عنه؟ قالت: بل هو فراش رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنت امرؤ نجس مشرك، فقال: يا بنية! لقد أصابك بعدي شر، قالت: هداني الله للإسلام، وأنت يا أبه سيد قريش وكبيرها، كيف يسقط عنك دخول في الإسلام وأنت تعبد حجراً لا يسمع ولا يبصر، قال: يا عجباه! وهذا منك أيضاً! أأترك ما كان يعبد آبائي وأتبع دين محمد؟ ثم قام من عندها. وذكر الحديث.
قال حميد بن هلال: لما حصر عثمان تته أم المؤمنين، فجاء رجل فاطلع في خدرها فجعل ينعتها للناس،
فقالت: ماله قطع الله يده وأبدى عورته؟! قال: فدخل عليه داخل، فضربه بالسيف، فاتقى بيمينه فقطع، فانطلق هارباً آخذاً إزاره بفيه أو بشماله بادياً عورته.
أم المؤمنين هذه هي أم حبيبة، لأنها كانت معنيةً بأمر عثمان.
وعن عائشة قالت: دعتني أم حبيبة زوج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند موتها فقالت: قد كان يكون بيننا ما يكون بين الضرائر، يغفر الله لي ولك ما كان من ذلك، فقلت: غفر الله لك ذلك كله، وتجاوز، وحللك من ذلك، فقالت: سررتني سرك الله. وأرسلت إلى أم سلمة فقالت لها مثل ذلك. وتوفيت سنة أربع وأربعين في خلافة معاوية بن أبي سفيان.
قال حسن بن علي: هدمت منزلي في دار علي بن أبي طالب، فحفرنا في ناحية منه، فأخرجنا حجراً فإذا فيه مكتوب: هذا قبر رملة بنت صخر. فأعدناه في مكانه.
ابن أمية بن عبد شمس، أم حبيبة، أم المؤمنين زوج سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قدمت دمشق زائرةً لأخيها معاوية، وقيل: قبرها بها. والصحيح أنها ماتت بالمدينة.
حدثت أم حبيبة قالت: كنا نفعله على عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تعني نصلي الصبح بمنىً يوم النحر.
وعن أم حبيبة قالت: دخل علي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلت له: هل لك في أختي ابنة أبي سفيان؟ قال: فأفعل ماذا؟ فقلت: تنكحها، فقال أختك؟ قلت: نعم، قال: أتحبين ذلك؟ قلت: نعم، لست لك بمخلية، وأحب من شركني في خير أختي، قال: فإنها لا تحل لي. قالت: فوالله لقد أنبئت أنك تخطب درة ابنة أبي سلمى، قال: ابنة أبي سلمة؟ قالت: نعم، قال: فوالله لو لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي، إنها لابنة أخي من الرضاعة، أرضعتني وأباها ثويبة، فلا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن.
وحدثت أم حبيبة عن زينب بنت جحش قالت: استيقظ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ محمراً وجهه وهو يقول: لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا، وحلق، قالت: قلت: يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم، إذا كثر الخبث.
كانت أم حبيبة قبل أن يتزوجها سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تحت عبيد الله بن جحش الأسدي، أسد خزيمة. وكان خرج بها من مكة مهاجراً إلى أرض الحبشة، فافتتن عبيد الله وتنصر بها، ومات على النصرانية، وأبت أم حبيبة أن تتنصر، فأتم الله لها الإسلام والهجرة حتى قدمت المدينة، فخطبها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فزوجها إياه عثمان بن عفان؛ ويقال: تزوجها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهي بأرض الحبشة، زوجها إياه النجاشي، وأمهرها أربعة آلاف درهم، وجهزها من عنده؛ وبعث بها إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع شرحبيل بن حسنة، وما بعث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إليها بشيء.
قالوا: تزوجها في سنة ست، ودخل بها في سنة سبع من الهجرة.
وتوفيت أم حبيبة سنة أربع وأربعين. وقيل: سنة اثنتين وأربعين.
وقيل: إن الذي ولي عقدة النكاح ابن عمها خالد بن سعيد بن العاص.
وقد قيل إن النجاشي أصدقها أربع مئة دينار، وأولم عليها عثمان بن عفان لحماً وثريداً، وبعث إليها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شرحبيل بن حسنة فجاء بها.
وعن أم حبيبة قالت: رأيت في النوم كأن عبيد الله بن جحش زوجي بأسوإ صورة وأشوهه، ففزعت فقلت: والله تغيرت والله حاله، فإذا هو يقول حيث أصبح: يا أم حبيب، إني نظرت في الدين فلم أر ديناً خيراً من النصرانية، وكنت قد دنتها، ثم دخلت في دين محمد، ثم قد رجعت إلى النصرانية، فقلت: والله ما خير لك، وأخبرته بالرؤيا التي رأت له، فلم يحفل بها وأكب على الخمر حتى مات؛ فأرى في النوم كأن آتياً يقول: يا أم المؤمنين، ففزعت، فأولتها أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتزوجني، قالت: فما هو إلا انقضت عدتي، فما شعرت إلا برسول النجاشي على بابي يستأذن، فإذا جارية له يقال لها أبرهة، كانت تقوم على ثيابه
ودهنه، فدخلت علي فقالت: إن الملك يقول لك: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتب إلي أن أزوجكه، فقلت: بشرك الله بخير، قالت: يقول لك الملك: وكلي من يزوجك، فأرسلت إلى خالد بن سعيد بن العاص فوكلته، وأعطت أبرهة سوارين من فضة وخدمتين كانت في رجليها وخواتيم فضة كانت في أصابع رجليها، سروراً بما بشرتها، فلما كان العشي أمر النجاشي جعفر بن أبي طالب ومن هناك من المسلمين، فحضروا، فخطب النجاشي فقال: الحمد لله الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، وأنه الذي بشر به عيسى بن مريم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أما بعد: فإن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتب إلي أن أزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان، فأجبت إلى ما دعا إليه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد أصدقتها أربع مئة دينار، ثم سكب الدنانير بين يدي القوم، فتكلم خالد بن سعيد فقال: الحمد لله أحمده وأستعينه وأستنصره، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون؛ أما بعد: فقد أجبت إلى ما دعا إليه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وزوجته أم حبيبة بنت أبي سفيان، فبارك الله لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ودفع الدنانير إلى خالد بن سعيد بن العاص فقبضها، ثم أرادوا أن يقوموا فقال: اجلسوا فإن سنة الأنبياء إذا تزوجوا أن يؤكل طعام على التزويج؛ فدعا بطعام، فأكلوا ثم تفرقوا.
قالت أم حبيبة: فلما وصل إلي المال أرسلت إلى أبرهة التي بشرتني، فقلت لها: إني كنت أعطيتك ما أعطيتك يومئذ ولا مال بيدي، فهذه الخمسون مثقالاً فخذيها فاستعيني بها، فأبت وأخرجت حقاً فيه كل ما كنت أعطيتها فردته علي وقالت: عزم علي الملك أن لا أرزأك شيئاً، وأنا التي أقوم على ثيابه ودهنه، وقد اتبعت دين محمد وأسلمت لله، وقد أمر الملك نساءه أن يبعثن إليك بكل ما عندهن من العطر؛ قالت: فلما كان من الغد جاءتني بعود وورس وعنبر وزباد كثير، فقدمت بذلك كله على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكان يراه علي وعندي
فلا ينكره. ثم قالت أبرهة: فحاجتي إليك أن تقرئي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مني السلام وتعلميه أني قد اتبعت دينه. قالت: ثم لطفت بي وكانت التي جهزتني، وكانت كلما دخلت علي تقول: لا تنسي حاجتي إليك. قالت: فلما قدمت على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخبرته كيف كانت الخطبة وما فعلت بي أبرهة، فتبسم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأقرأته منها السلام فقال: وعليها السلام ورحمة الله وبركاته.
ولما بلغ أبا سفيان بن حرب نكاح النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابنته قال: ذاك الفحل لا يقرع أنفه.
ولما قدمت أم حبيبة أمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بلالاً فأخذ بخطام بعيرها، فأنزلها المنزل الذي أمره النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإذا فيه كناسة، فقالت لمولاة لها أو مولاة لأبيها: إن شئت كفيتني السقي وكنست، وإن شئت استقيت وكنست؛ قال: فكنست البيت ثم بسطت فيه بساط شعر، ثم بسطت عليه شيئاً ثم انتبذت، ثم أذن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالدخول على أهله. فلما دخل عليها فوجد ريح الطيب، قال: إنهن قرشيات بطاحيات، قرويات، ليس بأعرابيات ولا بدويات.
وعن ابن عباس قال: كان المسلمون لا ينظرون إلى أبي سفيان ولا يقاعدونه، فقال للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا نبي الله، ثلاث أعطنيهن، قال: نعم، قال: عندي أحسن العرب وأجملهن أم حبيبة بنت أبي سفيان أزوجكها، قال: نعم، قال: ومعاوية تجعله كاتباً بين يديك، قال: نعم. قال: وتؤمرني حتى أقاتل الكفار كما كنت أقاتل المسلمين، قال: نعم. قال أبو زميل: ولولا أنه طلب ذلك من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما أعطاه ذلك، لأنه لم يكن يسأل شيئاً إلا قال: نعم.
وهذا الحديث في قصة أم حبيبة قد أجمع أهل المغازي على خلافه، فإنهم لم يختلفوا في أن تزويج أم حبيبة كان قبل رجوع جعفر بن أبي طالب وأصحابه من أرض الحبشة، وإنما رجعوا من خيبر؛ فتزويج أم حبيبة كان قبله، وإسلام أبي سفيان زمن فتح مكة بعد نكاحها بسنتين أو ثلاث، فكيف يصح أن يكون تزويجها بمسألته؟ وفيه اختلاف.
وعن ابن عباس: في هذه الآية " عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودةً " قال: فكانت المودة التي جعل الله بينهم تزويج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أم حبيبة بنت أبي سفيان، فصارت أم المؤمنين، وصار معاوية خال المؤمنين.
وعن ابن عباس: " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت " قال: نزلت في أزواج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خاصة. قال عكرمة: ومن شاء باهلته أنها نزلت في نساء النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وعن هشام قال: أقبل أبو سفيان حتى قدم المدينة، فدخل على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا محمد، إني كنت غائباً في صلح الحديبية، فاشدد العهد، وزدنا في المدة، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ولذلك قدمت يا أبا سفيان؟ قال: نعم، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هل كان قبلكم حدث؟ قال: معاذ الله، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فنحن على مدتنا وصلحنا يوم الحديبية، لا نغير ولا نبدل. ثم قام من عنده فدخل على ابنته أم حبيبة، فلما ذهب ليجلس على فراش رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طوته دونه فقال: أرغبت بهذا الفراش عني أو بي عنه؟ قالت: بل هو فراش رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنت امرؤ نجس مشرك، فقال: يا بنية! لقد أصابك بعدي شر، قالت: هداني الله للإسلام، وأنت يا أبه سيد قريش وكبيرها، كيف يسقط عنك دخول في الإسلام وأنت تعبد حجراً لا يسمع ولا يبصر، قال: يا عجباه! وهذا منك أيضاً! أأترك ما كان يعبد آبائي وأتبع دين محمد؟ ثم قام من عندها. وذكر الحديث.
قال حميد بن هلال: لما حصر عثمان تته أم المؤمنين، فجاء رجل فاطلع في خدرها فجعل ينعتها للناس،
فقالت: ماله قطع الله يده وأبدى عورته؟! قال: فدخل عليه داخل، فضربه بالسيف، فاتقى بيمينه فقطع، فانطلق هارباً آخذاً إزاره بفيه أو بشماله بادياً عورته.
أم المؤمنين هذه هي أم حبيبة، لأنها كانت معنيةً بأمر عثمان.
وعن عائشة قالت: دعتني أم حبيبة زوج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند موتها فقالت: قد كان يكون بيننا ما يكون بين الضرائر، يغفر الله لي ولك ما كان من ذلك، فقلت: غفر الله لك ذلك كله، وتجاوز، وحللك من ذلك، فقالت: سررتني سرك الله. وأرسلت إلى أم سلمة فقالت لها مثل ذلك. وتوفيت سنة أربع وأربعين في خلافة معاوية بن أبي سفيان.
قال حسن بن علي: هدمت منزلي في دار علي بن أبي طالب، فحفرنا في ناحية منه، فأخرجنا حجراً فإذا فيه مكتوب: هذا قبر رملة بنت صخر. فأعدناه في مكانه.