يَحْيَى بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَيْمُوْنِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحِمَّانِيُّ
الحَافِظُ، الإِمَامُ، الكَبِيْرُ، أَبُو
زَكَرِيَّا ابْنُ المُحَدِّثِ الثِّقَةِ؛ أَبِي يَحْيَى الحِمَّانِيِّ الكُوْفِيِّ صَاحِبِ (المُسْنَدِ) الكَبِيْرِ.وُلِدَ: نَحْوَ الخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ - وَأَبُوْهُ: مِنْ أَصْحَابِ الأَعْمَشِ -.
وَعَنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ الغَسِيْلِ - وَهَذَا أَكْبَرُ شَيْخٍ لَهُ - وَمَنْدَلِ بنِ عَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ المَخْرَمِيِّ، وَأَبِي عَوَانَةَ، وَشَرِيْكٍ، وَسُلَيْمَانَ بنِ بِلاَلٍ، وَقَيْسِ بنِ الرَّبِيْعِ، وَأَبِي إِسْرَائِيْلَ المُلاَئِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ المُبَارَكِ، وَهُشَيْمٍ، وَفُضَيْلِ بنِ عِيَاضٍ، وَعَبْدِ الوَاحِدِ بنِ زِيَادٍ، وَخَالِدِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَحَشْرَجِ بنِ نُبَاتَةَ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ، وَحَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، وَعَلِيِّ بنِ مُسْهِرٍ، وَسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَخَلْقٍ.
وَعَنْهُ: أَبُو قِلاَبَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ البَغَوِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ يَحْيَى الحُلْوَانِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَمُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ الرَّازِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُوْشَنْجِيُّ، وَأَبُو حَصِيْنٍ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ الوَادِعِيُّ، وَمُطَيَّنٌ، وَمُوْسَى بنُ إِسْحَاقَ الأَنْصَارِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ السَّرَّاجُ، وَعُثْمَانُ بنُ خُرَّزَاذَ، وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، وَالحُسَيْنُ بنُ إِسْحَاقَ التُّسْتَرِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ الأَثْرَمُ: سَمِعْتُ القَعْنَبِيَّ يَقُوْلُ:رَأَيْتُ رَجُلاً طَوِيْلاً شَابّاً فِي مَجْلِسِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، فَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: مَنْ يَسْأَلُ لأَهْلِ الكُوْفَةِ؟
ثُمَّ قَالَ: أَيْنَ ابْنُ الحِمَّانِيِّ؟
فَقَامَ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟
فَانْتَسَبَ لَهُ، فَقَالَ: نَعَمْ، كَانَ أَبُوْكَ جَلِيْسَنَا عِنْدَ مِسْعَرٍ.
فَجَعَلَ يَسْأَل.
وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ بَشَّارٍ: رَأَيْتُ عِنْدَ ابْنِ عُيَيْنَةَ جَمَاعَةً مِنَ البَصْرِيِّيْنَ يَتَذَاكَرُوْنَ الحَدِيْثَ، فَتَحَوَّلَ سُفْيَانُ لِلْكُوْفَةِ، أَتَى إِلَى نَاحِيَةِ أَهْلِ الكُوْفَةِ، فَقَالَ: أَيْنَ ابْنُ آدَمَ؟ أَيْنَ ابْنُ الحِمَّانِيِّ عَبْدِ الحَمِيْدِ ؟
وَرَوَى: ابْنُ عَدِيٍّ، عَنْ طَرِيْفِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ المَوْصِلِيِّ، قَالَ:
كَأَنِّيْ أَنْظُرُ إِلَى يَحْيَى الحِمَّانِيِّ شَيْخٌ ضَعِيْفٌ، أَعْوَرُ اليُسْرَى، مُنْحَنِي العُنُقِ، يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا شَرِيْكٌ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيُّ الهَرَوِيُّ: سُئِلَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ عَنْ يَحْيَى الحِمَّانِيِّ، فَسَكَتَ، فَلَمْ يَقُلْ شَيْئاً.
وَقَالَ المَيْمُوْنِيُّ: ذُكِرَ الحِمَّانِيُّ عِنْدَ أَحْمَدَ، فَقَالَ: لَيْسَ بِأَبِي غَسَّانَ بَأْسٌ.
وَمَرَّةً ذَكَرَهُ، فَنَفَضَ يَدَهُ، وَقَالَ: لاَ أَدْرِي.
وَقَالَ مُطَيَّنٌ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ عَنْهُ، قُلْتُ لَهُ: تَعْرِفُهُ؟ لَكَ بِهِ عِلْمٌ؟
فَقَالَ: كَيْفَ لاَ أَعْرِفُهُ؟
قُلْتُ: أَكَانَ ثِقَةً؟
قَالَ: أَنْتُم أَعْرَفُ بِمَشَايِخِكُم.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُوْشَنْجِيُّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى الحِمَّانِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ ... ، فَذَكَرَ حَدِيْثاً فِي الإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ.قَالَ حَنْبَلٌ: قَدِمْتُ مِنَ الكُوْفَةِ، فَقُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللهِ:
حَدَّثَنَا يَحْيَى الحِمَّانِيُّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ بِحَدِيْثِ إِسْحَاقَ الأَزْرَقِ، فَقَالَ: مَا أَعْلَمُ أَنِّي حَدَّثْتُهُ بِهِ، فَلَعَلَّهُ حَفِظَهُ عَلَى المُذَاكَرَةِ.
وَكَذَا سَأَلَ المَرُّوْذِيُّ أَحْمَدَ، فَأَنْكَرَ أَنْ يَكُوْنَ حَدَّثَهُ، وَقَالَ:
قُوْلُوا لِهَارُوْنَ الحَمَّالِ يَضْرِبُ عَلَى حَدِيْثِ يَحْيَى الحِمَّانِيِّ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ:
حَدَّثَ يَحْيَى الحِمَّانِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بِحَدِيْثِ إِسْحَاقَ الأَزْرَقِ، فَأَنْكَرَهُ، فَقَالَ يَحْيَى: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ عَلَى بَابِ ابْنِ عُلَيَّةَ.
فَقَالَ أَحْمَدُ: مَا سَمِعْنَاهُ مِنْ إِسْحَاقَ إِلاَّ بَعْدَ مَوْتِ إِسْمَاعِيْلَ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ حَافِظاً، سَأَلْتُ أَحْمَدَ عَنْهُ، فَقَالَ: أَلَمْ تَرَهُ؟
قُلْتُ: بَلَى.
قَالَ: إِنَّكَ إِذَا رَأَيْتَهُ، عَرَفْتَهُ.
وَقِيْلَ: كَانَ يَتَشَيَّعُ.فَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَأَلْتُهُ عَنْ حَدِيْثٍ لِعُثْمَانَ، فَقَالَ لِي: تُحِبُّ عُثْمَانَ ؟
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: قُلْتُ لأَبِي: إِنَّ ابْنَيْ أَبِي شَيْبَةَ يَقْدَمُوْنَ بَغْدَادَ، فَمَا تَرَى فِيْهِم؟
فَقَالَ: قَدْ جَاءَ ابْنُ الحِمَّانِيِّ إِلَى هَا هُنَا، فَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ، وَكَانَ يَكْذِبُ جِهَاراً، ابْنُ شَيْبَةَ عَلَى كُلِّ حَالٍ يَصْدُقُ.
وَقُلْتُ لأَبِي عَنْ حَدِيْثِ إِسْحَاقَ، فَقَالَ:
كَذَبَ، مَا سَمِعْتُهُ مِنَ الأَزْرَقِ إِلاَّ بَعْدَ ذَلِكَ، أَنَا لَمْ أَعْلَمْ تِلْكَ الأَيَّامَ أَنَّ هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ، حَتَّى سَأَلَنِي عَنْهُ هَؤُلاَءِ الشَّبَابُ.
وَقَالَ أَبِي: مَا كَانَ أَجْرَأَهُ!
وَقَالَ: مَا زِلْنَا نَعْرِفُهُ أَنَّهُ يَسْرِقُ الأَحَادِيْثَ أَوْ يَتَلَقَّفُهَا، أَوْ يَتَلَقَّطُهَا.
وَقَالَ: قَدْ طَلَبَ، وَسَمِعَ، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى مَا سَمِعَ، لَكَانَ لَهُ فِيْهِ كِفَايَةٌ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: حَدَّثَ أَيْضاً عَنْ قُرَيْشِ بنِ حَيَّانَ، عَنْ بَكْرِ بنِ وَائِلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بنِ يَزِيْدَ، عَنْ أَبِي أَيُّوْبَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الأَظْفَارِ.
وَقُرَيْشٌ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ الحِمَّانِيُّ البَصْرَةَ، وَإِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ
وَكِيْعٍ، عَنْ قُرَيْشٍ.وَقَالَ الأَثْرَمُ: قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللهِ: مَا تَقُوْلُ فِي ابْنِ الحِمَّانِيِّ؟
فَقَالَ: لَيْسَ هُوَ وَاحِداً وَلاَ اثْنَيْنِ وَلاَ ثَلاَثَةً وَلاَ أَرْبَعَةً يَحْكُوْنَ عَنْهُ.
ثُمَّ قَالَ: الأَمْرُ فِيْهِ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ ... ، وَحَمَلَ عَلَيْهِ حَمْلاً شَدِيْداً فِي أَمْرِ الحَدِيْثِ.
وَذَكَرْتُهُ لأَبِي عَبْدِ اللهِ مَرَّةً، فَقَالَ: ابْنُ الحِمَّانِيِّ لَيْسَ الآنَ عَلَيْهِ قِيَاسٌ، أَمْرُ ذَاكَ عَظِيْمٌ - أَوْ كَمَا قَالَ - وَرَأَيْتُهُ شَدِيْدَ الغَيْظِ عَلَيْهِ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: قُلْتُ لأَبِي:
بَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ الحِمَّانِيِّ حَدَّثَ عَنْ شَرِيْكٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يُعْجِبُهُ النَّظَرُ إِلَى الحَمَامِ، فَأَنْكَرُوهُ عَلَيْهِ، فَرَجَعَ عَنْ رَفْعِهِ.
فَقَالَ أَبِي: هَذَا كَذِبٌ، إِنَّمَا كُنَّا نَعْرِفُ بِهَذَا حُسَيْنَ بنَ عُلْوَانَ، يَقُوْلُوْنَ: وَضَعَهُ عَلَى هِشَامٍ.
قَالَ البُخَارِيُّ: كَانَ أَحْمَدُ وَعَلِيٌّ يَتَكَلَّمَانِ فِي يَحْيَى الحِمَّانِيِّ. وَقَالَ
مَرَّةً: رَمَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ نُمَيْرٍ.أَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ السُّلَمِيُّ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ يَقُوْلُ:
أَدْرَكْتُ ثَلاَثَةً يُحَدِّثُوْنَ بِمَا لاَ يَحْفَظُونَ: يَحْيَى بنَ عَبْدِ الحَمِيْدِ، وَعَبْدَ الأَعْلَى السَّامِيَّ، وَمُعْتَمِرَ بنَ سُلَيْمَانَ.
ابْنُ عَدِيٍّ: أَخْبَرَنَا عَبْدَانُ، قَالَ:
قَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: الحِمَّانِيُّ كَذَّابٌ.
فَقِيْلَ لِعَبْدَانَ: سَمِعْتَهُ مِنْهُ؟
قَالَ: لاَ.
وَقَالَ مُطَيَّنٌ: سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ عَنْ يَحْيَى الحِمَّانِيِّ، فَقَالَ: هُوَ ثِقَةٌ، هُوَ أَكْبَرُ مِنْ هَؤُلاَءِ كُلِّهُم، فَاكْتُبْ عَنْهُ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ: يَحْيَى الحِمَّانِيُّ سَقَطَ حَدِيْثُهُ.
قَالَ الحُسَيْنُ بنُ إِدْرِيْسَ: فَقِيْلَ لابْنِ عَمَّارٍ: فَمَا عِلَّتُهُ؟
قَالَ: لَمْ يَكُنْ لأَهْلِ الكُوْفَةِ حَدِيْثٌ جَيِّدٌ غَرِيْبٌ، وَلاَ لأَهْلِ المَدِيْنَةِ، وَلاَ لأَهْلِ بَلَدٍ حَدِيْثٌ جَيِّدٌ غَرِيْبٌ إِلاَّ رَوَاهُ، فَهَذَا يَكُوْنُ هَكَذَا.
وَقَالَ الجَوْزَجَانِيُّ: يَحْيَى بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ سَاقِطٌ، مُتَلُوِّنٌ، تُرِكَ حَدِيْثُهُ، فَلاَ يَنْبَعِثُ.
وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: سَمِعْتُ الذُّهْلِيَّ يَقُوْلُ: ذَهَبَ كَالأَمْسِ الذَّاهِبِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُسَيَّبِ الأَرْغِيَانِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى يَقُوْلُ: اضْرِبُوا عَلَى حَدِيْثِهِ بِسِتَّةِ أَقْلاَمٍ.وَقَالَ أَبُو يَحْيَى صَاعِقَةُ: كُنَّا إِذَا قَعَدْنَا إِلَى الحِمَّانِيِّ، تَبَيَّنَ لَنَا مِنْهُ بَلاَيَا.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَدَقَة، وَأَبُو شَيْخٍ، عَنْ زِيَادِ بنِ أَيُّوْبَ دلَّوَيْه، سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ عَبْدِ الحَمِيْدِ يَقُوْلُ: مَاتَ مُعَاوِيَةُ عَلَى غَيْرِ مِلَّةِ الإِسْلاَمِ.
قَالَ أَبُو شَيْخٍ: قَالَ دلَّوَيْه: كَذَبَ عَدُوُّ اللهِ.
أَحْمَدُ بنُ سَعِيْدِ بن مَسْعُوْدٍ المَرْوَزِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّمَرْقَنْدِيَّ يَقُوْلُ:
قَدِمْتُ الكُوْفَةَ، فَنَزَلْتُ بِالقُرْبِ مِنِ ابْنِ الحِمَّانِيِّ، فَذَاكَرْتُهُ بِأَحَادِيْثَ سَمِعْتُهَا بِالبَصْرَةِ، وَمِنْ أَحَادِيْثِ سُلَيْمَانَ بنِ بِلاَلٍ، وَكَانَ يَسْتَغْرِبُهَا، وَيَقُوْلُ: مَا سَمِعْتُ هَذَا مِنْ سُلَيْمَانَ.
ثُمَّ أَوْدَعْتُهُ كُتُبِي، وَخَتَمْتُ عَلَيْهَا، فَلَمَّا رَجَعْتُ، وَجَدْتُ الخَوَاتِيمَ قَدْ كُسِرَتْ، فَقُلْتُ: مَا شَأْنُ هَذِهِ الكُتُبِ؟
قَالَ: مَا أَدْرِي، وَجَدْتُ تِلْكَ الأَحَادِيْثَ الَّتِي ذَاكَرْتُهُ بِهَا عَنْ سُلَيْمَانَ، قَدْ أَدْخَلَهَا فِي مُصَنَّفَاتِهِ.
فَقُلْتُ: سَمِعْتَ مِنْ سُلَيْمَانَ بنِ بِلاَلٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
وَقَالَ ابْنُ خِرَاشٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ:
أَوْدَعْتُ كُتُبِي يَحْيَى الحِمَّانِيَّ، وَكَانَ فِيْهَا حَدِيْثُ خَالِدٍ
الوَاسِطِيِّ، عَنْ عَمْرِو بنِ عَوْنٍ، وَفِيْهَا حَدِيْثُ سُلَيْمَانَ بنِ بِلاَلٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ حَسَّانٍ، وَكُنْتُ قَدْ سَمِعْتُ مِنْهُ (المُسْنَدَ) ، وَلَمْ يَكُنْ فِيْهِ مِنْ حَدِيْثِهِمَا شَيْءٌ، فَقَدِمْتُ، فَإِذَا كُتُبِي عَلَى خِلاَفِ مَا تَرَكْتُهَا عِنْدَهُ، وَإِذَا قَدْ نَسَخَ حَدِيْثَ خَالِدٍ وَسُلَيْمَانَ، وَوَضَعَهُ فِي (المُسْنَدِ) .قَالَ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى: مَا أَسْتَحِلُّ الرِّوَايَةَ عَنْهُ.
أَخْبَرَنَا العُقَيْلِيُّ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ دَاوُدَ القَطَّانُ بِالرَّيِّ:
سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ:
قَدِمْتُ الكُوْفَةَ حَاجّاً، وَأَوْدَعْتُ يَحْيَى كُتُباً لِي، فَلَمَّا رَجَعْتُ، جَحَدَهَا، وَأَنْكَرَ، فَرَفَقْتُ بِهِ، فَلَمْ يَنْفَعْ.
قَالَ: فَصَايَحْتُهُ، وَاجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْنَا، فَقَامَ إِلَيَّ وَرَّاقُهُ، فَأَخَذَ بِيَدِي، فَنَحَّانِي، وَقَالَ: إِنْ أَمْسَكْتَ، تَخَلَّصْتَ.
فَأَمْسَكْتُ، فَإِذَا الوَرَّاقُ قَدْ جَاءنِي بِالكُتُبِ، وَكَانَتْ مَشْدُوْدَةً فِي خِرْقَةٍ وَلِبْدٍ، فَإِذَا الشَّدُّ مُغَيَّرٌ، فَنَظَرْتُ فِي الأَجْزَاءِ، فَإِذَا فِيْهَا عَلاَمَاتٌ بِالحُمْرَةِ، وَلَمْ يَكُنْ نَظَرَ فِيْهَا أَحَدٌ، وَإِذَا أَكْثَرُ العَلاَمَاتِ عَلَى مَرْوَانَ الطَّاطَرِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ بِلاَلٍ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ الدَّرَاوَرْدِيِّ، فَافْتَقَدْتُ مِنْهَا جُزْأَيْنِ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ.
وَقَالَ مَرَّةً: ضَعِيْفٌ.
وَأَمَّا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، فَرَوَى عَنْهُ عَبَّاسٌ: أَبُو يَحْيَى الحِمَّانِيُّ ثِقَةٌ، وَابْنُهُ ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ، عَنْهُ: يَحْيَى الحِمَّانِيٌّ: ثِقَةٌ.
وَرَوَى عَنْهُ عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ: صَدُوْقٌ، مَشْهُوْرٌ، مَا بِالكُوْفَةِ مِثْلُهُ، مَا يُقَالُ فِيْهِ إِلاَّ مِنْ حَسَدٍ.وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: سَأَلْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ عَنْهُ، فَأَجْمَلَ القَوْلَ فِيْهِ، وَقَالَ:
مَا لَهُ؟ كَانَ يَسْرُدُ (مُسْنَدَهُ) أَرْبَعَةَ آلاَفٍ سَرْداً، وَحَدِيْثَ شَرِيْكٍ ثَلاَثَةَ آلاَفٍ وَخَمْسَ مائَةٍ كَمِثْلٍ.
وَذَكَرَ أَبُو حَاتِمٍ نَحْوَ عَشْرَةِ آلاَفٍ، ثُمَّ قَالَ: كَانَ أَحَدَ المُحَدِّثِيْنَ.
وَقَالَ - عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ - عَبْدُ الخَالِقِ بنُ مَنْصُوْرٍ: صَدُوْقٌ، ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ الرَّمَادِيُّ: هُوَ عِنْدِي أَوْثَقُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَمَا يَتَكَلَّمُوْنَ فِيْهِ إِلاَّ مِنَ الحَسَدِ.
قُلْتُ: الجَرْحُ مُقَدَّمٌ، وَأَحْمَدُ وَالدَّارِمِيُّ بَرِيْئانِ مِنَ الحَسَدِ.
قَالَ عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ: كَانَ يَحْيَى الحِمَّانِيُّ فِيْهِ غَفْلَةٌ، لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَصُوْنَ نَفْسَهُ كَمَا يَفْعَلُ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ، رُبَّمَا يَجِيْءُ رَجُلٌ، فَيَفْتَرِي عَلَيْهِ، وَفِي رِوَايَةٍ فَيَسُبُّهُ، وَرُبَّمَا يَلْطِمُهُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: مَا كَانَ بِالكُوْفَةِ فِي أَيَّامِهِ رَجُلٌ يَحْفَظُ مَعَهُ، وَهَؤُلاَءِ يَحْسُدُوْنَهُ.
قُلْتُ: بَلْ يُنْصِفُونَهُ، وَأَنْتَ فَمَا أَنْصَفْتَ.
ابْنُ صَالِحٍ المِصْرِيُّ: قَالَ البَغَوِيُّ:كُنَّا عَلَى بَابِ يَحْيَى الحِمَّانِيِّ، فَجَاءَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ عَلَى بَغْلَتِهِ، فَسَأَلَهُ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ أَنْ يُحَدِّثَهُم، فَأَبَى، وَقَالَ: جِئْتُ مُسَلِّماً علَى أَبِي زَكَرِيَّا.
فَدَخَلَ، ثُمَّ خَرَجَ، فَسَأَلُوْهُ عَنْهُ، فَقَالَ: ثِقَةٌ، ابْنُ ثِقَةٍ.
وَكَذَلِكَ رَوَى تَوْثِيْقَهُ عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: مُطَيَّنٌ، وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي يَحْيَى، وَعَبْدُ اللهِ بنُ الدَّوْرَقِيِّ، وَغَيْرُهُم، حَتَّى قَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي هَارُوْنَ الهَمَذَانِيُّ: سَأَلْتُهُ عَنْهُ، فَقَالَ: ثِقَةٌ، وَأَبُوْهُ ثِقَةٌ.
فَقُلْتُ: يَقُوْلُوْنَ فِيْهِ!
قَالَ: يَحْسُدُوْنَهُ، هُوَ - وَاللهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ - ثِقَةٌ.
العُقَيْلِيُّ: عَنْ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ: سَمِعْتُ يَحْيَى الحِمَّانِيَّ يَقُوْلُ لِقَوْمٍ غُرَبَاءَ فِي مَجْلِسهِ: مِنْ أَيْنَ أَنْتُم؟
فَأَخْبَرُوْهُ، فَقَالَ: سَمِعْتُمْ بِبَلَدِكُم أَحَداً يَتَكَلَّمُ فِيَّ، وَيَقُوْلُ: إِنِّيْ ضَعِيْفٌ فِي الحَدِيْثِ؟ لاَ تَسْمَعُوا كَلاَمَ أَهْلِ الكُوْفَةِ، فَإِنَّهُم يَحْسُدُوْنِي؛ لأَنِّي أَوَّلُ مَنْ جَمَعَ المُسْنَدَ، وَقَدْ تَقَدَّمْتُهُم فِي غَيْرِ شَيْءٍ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ حَكِيْمٍ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَحْفَظَ لِحَدِيْثِ شَرِيْكٍ مِنْ يَحْيَى الحِمَّانِيِّ.
قُلْتُ: لاَ رَيْبَ أَنَّهُ كَانَ مُبَرِّزاً فِي الحِفْظِ، كَمَا كَانَ سُلَيْمَانُ الشَّاذَكُوْنِيُّ، وَلَكِنَّهُ أَصْوَنُ مِنَ الشَّاذَكُوْنِيِّ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ قَطُّ: إِنَّهُ وَضَعَ حَدِيْثاً، بَلْ رُبَّمَا كَانَ يَتَلَقَّطُ أَحَادِيْثَ، وَيَدَّعِي رِوَايَتَهَا، فَيَرْوِيْهَا عَلَى وَجْهِ
التَّدْلِيْسِ، وَيُوْهِمُ أَنَّهُ سَمِعَهَا، وَهَذَا قَدْ دَخَلَ فِيْهِ طَائِفَةٌ، وَهُوَ أَخَفُّ مِنِ افْتِرَاءِ المُتُوْنِ.قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: لَمْ أَرَ مِنَ المُحَدِّثِيْنَ مَنْ يَحْفَظُ وَيَأْتِي بِالحَدِيْثِ عَلَى لَفْظٍ وَاحِدٍ لاَ يُغَيِّرُهُ، سِوَى قَبِيْصَةَ وَأَبِي نُعَيْمٍ فِي حَدِيْثِ الثَّوْرِيِّ، وَسِوَى يَحْيَى الحِمَّانِيِّ فِي حَدِيْثِ شَرِيْكٍ، وَعَلِيِّ بنِ الجَعْدِ فِي حَدِيْثِهِ.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: لِيَحْيَى الحِمَّانِيِّ مُسْنَدٌ صَالِحٌ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ المُسْنَدَ بِالكُوْفَةِ.
وَأَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ المُسْنَدَ بِالبَصْرَةِ: مُسَدَّدٌ، وَأَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ المُسْنَدَ بِمِصْرَ: أَسَدُ السُّنَّةِ، وَهُوَ أَقْدَمُ مِنْهُمَا مَوْتاً.
وَالحِمَّانِيُّ يُقَالُ: إِنَّ الدَّارِمِيَّ أَوْدَعَه كُتُباً، فَسَرَقَ مِنْهَا أَحَادِيْثَ، وَتَكَلَّمَ فِيْهِ أَحْمَدُ، وَابْنُ المَدِيْنِيِّ، قَالَ: وَيَحْيَى حَسَنُ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ ... ، إِلَى أَنْ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ:
وَلَمْ أَرَ فِي (مُسْنَدِهِ) وَأَحَادِيْثِهِ أَحَادِيْثَ مَنَاكِيْرَ؛ وَأَرْجُو أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِهِ.
قَالَ شَيْخُنَا أَبُو الحَجَّاجِ: وَجَدُّهُ مَيْمُوْنٌ، وَيُقَالُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَيْمُوْنٍ، يُلَقَّبُ: بَشْمِيْنُ.
قُلْتُ: وَقَدْ تَوَاتَرَ تَوْثِيْقُهُ عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، كَمَا قَدْ تَوَاتَرَ تَجْرِيْحُه عَنِ الإِمَامِ أَحْمَدَ، مَعَ مَا صَحَّ عَنْهُ مِنْ تَكْفِيْرِ صَاحِبٍ.
وَلاَ رِوَايَةَ لَهُ فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ، تَجَنَّبُوا حَدِيْثَهُ عَمْداً، لَكِنْ لَهُ ذِكْرٌ فِي (صَحِيْحِ مُسْلِمٍ) فِي ضَبْطِ اسْمٍ، فَقَالَ عَقِيْبَ حَدِيْثِ سُلَيْمَانَ بنِ بِلاَلٍ، عَنْ
رَبِيْعَةَ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ سَعِيْدِ بنِ سُوَيْدٍ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ - أَوْ أَبِي أُسَيْدٍ - قَالَ:قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ المَسْجَدَ، فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ ... ، وَذَكَرَ الحَدِيْثَ، ثُمَّ قَالَ:
سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ يَحْيَى يَقُوْلُ: كَتَبْتُ هَذَا الحَدِيْثَ مِنْ كِتَابِ سُلَيْمَانَ بنِ بِلاَلٍ، قَالَ:
وَبَلَغَنِي أَنَّ يَحْيَى الحِمَّانِيَّ يَقُوْلُ: وَأَبُو أُسَيْدٍ.
قَدْ وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِي الحِمَّانِيِّ:
فَأَخْبَرَنِي أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ بِمِصْرَ، أَخْبَرَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ الكَاتِبُ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ الحَاسِبُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ النَّقُّوْرِ، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ عَلِيٍّ الوَزِيْرُ إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ، حَدَّثَنَا شَرِيْكٌ، حَدَّثَنَا مَنْصُوْرٌ، حَدَّثَنَا رِبْعِيٌّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ:
أَمَا إِنِّيْ سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (لاَ تَكْذِبُوا عَلَيَّ، فَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً، فَلْيَلِجِ النَّارَ ) .
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ تَاجِ الأُمَنَاءِ بِقِرَاءتِي، أَخْبَرَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ فِي كِتَابِهِ، أَخْبَرَنَا تَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ سَمَاعاً فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَمْدَانَ الحِيْرِيُّ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ المَوْصِلِيُّ بِهَا سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِ مائَةٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا
يَحْيَى بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ، حَدَّثَنَا قَيْسُ بنُ الرَّبِيْعِ، عَنْ زِيَادِ بنِ عِلاَقَةَ، عَنْ عُمَارَةَ بنِ أَوْسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَكَانَ قَدْ صَلَّى القِبْلَتَيْنِ جَمِيْعاً - قَالَ:إِنِّيْ لَفِي مَنْزِلِي، إِذَا مُنَادٍ يُنَادِي عَلَى البَابِ: إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ حَوَّلَ القِبْلَةَ، فَأَشْهَدُ عَلَى إِمَامِنَا وَالرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ لَقَدْ صَلَّوْا إِلَى هَا هُنَا -يَعْنِي: بَيْتَ المَقْدِسِ- وَإِلَى هَا هُنَا -يَعْنِي: الكَعْبَةَ -.
وَقَرَأْتُ عَلَى أَبِي سَعِيْدٍ سُنْقُرَ الحَلَبِيِّ بِهَا، أَخْبَرَكُم عَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ يُوْسُفَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ عَبْدُ الحَقِّ بنُ عَبْدِ الخَالِقِ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحَمَّامِيِّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ البَاقِي بنُ قَانِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى الحِمَّانِيُّ، حَدَّثَنَا قَيْسٌ، عَنْ زِيَادِ بن عِلاَقَةَ، عَنْ عُمَارَةَ بنِ أَوْسٍ - وَكَانَ مِمَّنْ صَلَّى القِبْلَتَيْنِ - قَالَ:
إِنِّيْ فِي مَنْزِلِي، إِذْ نَادَانِي مُنَادٍ عَلَى البَابِ: إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ حَوَّلَ القِبْلَةَ إِلَى الكَعْبَةِ.
هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ، مِنَ الأَفْرَادِ العَوَالِي.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ، أَخْبَرَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ، أَخْبَرْنَا ابْنُ البَنَّاءِ، أَخْبَرْنَا ابْنُ البُسْرِيِّ، أَخْبَرَنَا المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى الحِمَّانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حُمَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَبُو بَكْرٍ فِي الجَنَّةِ، وَعُمَرُ فِي الجَنَّةِ، وَعُثْمَانُ فِي الجَنَّةِ، وَعَلِيٌّ فِي الجَنَّةِ، وَطَلْحَةُ فِي الجَنَّةِ، وَالزُّبَيْرُ فِي الجَنَّةِ، وَابْنُ عَوْفٍ فِي الجَنَّةِ، وَسَعْدٌ فِي
الجَنَّةِ، وَسَعِيْدٌ فِي الجَنَّةِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ فِي الجَنَّةِ ) .قَالَ البُخَارِيُّ، وَمُطَيَّنٌ، وَمُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ، وَالبَغَوِيُّ: مَاتَ يَحْيَى الحِمَّانِيُّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
زَادَ مُطَيَّنٌ: فِي رَمَضَانَ، بِالعَسْكَرِ، وَكَانَ لاَ يَخْضِبُ.
وَقَالَ البَغَوِيُّ: فِي رَمَضَانَ أَيْضاً.
قَالَ: وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ مَاتَ بِسَامَرَّاءَ مِنَ المُحَدِّثِيْنَ الَّذِيْنَ أُقْدِمُوا، وَكَانَ لاَ يَخْضِبُ، وَقَدْ كَتَبْتُ عَنْهُ.
قُلْتُ: أَخْطَأَ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ.
الحَافِظُ، الإِمَامُ، الكَبِيْرُ، أَبُو
زَكَرِيَّا ابْنُ المُحَدِّثِ الثِّقَةِ؛ أَبِي يَحْيَى الحِمَّانِيِّ الكُوْفِيِّ صَاحِبِ (المُسْنَدِ) الكَبِيْرِ.وُلِدَ: نَحْوَ الخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ - وَأَبُوْهُ: مِنْ أَصْحَابِ الأَعْمَشِ -.
وَعَنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ الغَسِيْلِ - وَهَذَا أَكْبَرُ شَيْخٍ لَهُ - وَمَنْدَلِ بنِ عَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ المَخْرَمِيِّ، وَأَبِي عَوَانَةَ، وَشَرِيْكٍ، وَسُلَيْمَانَ بنِ بِلاَلٍ، وَقَيْسِ بنِ الرَّبِيْعِ، وَأَبِي إِسْرَائِيْلَ المُلاَئِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ المُبَارَكِ، وَهُشَيْمٍ، وَفُضَيْلِ بنِ عِيَاضٍ، وَعَبْدِ الوَاحِدِ بنِ زِيَادٍ، وَخَالِدِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَحَشْرَجِ بنِ نُبَاتَةَ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ، وَحَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، وَعَلِيِّ بنِ مُسْهِرٍ، وَسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَخَلْقٍ.
وَعَنْهُ: أَبُو قِلاَبَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ البَغَوِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ يَحْيَى الحُلْوَانِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَمُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ الرَّازِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُوْشَنْجِيُّ، وَأَبُو حَصِيْنٍ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ الوَادِعِيُّ، وَمُطَيَّنٌ، وَمُوْسَى بنُ إِسْحَاقَ الأَنْصَارِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ السَّرَّاجُ، وَعُثْمَانُ بنُ خُرَّزَاذَ، وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، وَالحُسَيْنُ بنُ إِسْحَاقَ التُّسْتَرِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ الأَثْرَمُ: سَمِعْتُ القَعْنَبِيَّ يَقُوْلُ:رَأَيْتُ رَجُلاً طَوِيْلاً شَابّاً فِي مَجْلِسِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، فَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: مَنْ يَسْأَلُ لأَهْلِ الكُوْفَةِ؟
ثُمَّ قَالَ: أَيْنَ ابْنُ الحِمَّانِيِّ؟
فَقَامَ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟
فَانْتَسَبَ لَهُ، فَقَالَ: نَعَمْ، كَانَ أَبُوْكَ جَلِيْسَنَا عِنْدَ مِسْعَرٍ.
فَجَعَلَ يَسْأَل.
وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ بَشَّارٍ: رَأَيْتُ عِنْدَ ابْنِ عُيَيْنَةَ جَمَاعَةً مِنَ البَصْرِيِّيْنَ يَتَذَاكَرُوْنَ الحَدِيْثَ، فَتَحَوَّلَ سُفْيَانُ لِلْكُوْفَةِ، أَتَى إِلَى نَاحِيَةِ أَهْلِ الكُوْفَةِ، فَقَالَ: أَيْنَ ابْنُ آدَمَ؟ أَيْنَ ابْنُ الحِمَّانِيِّ عَبْدِ الحَمِيْدِ ؟
وَرَوَى: ابْنُ عَدِيٍّ، عَنْ طَرِيْفِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ المَوْصِلِيِّ، قَالَ:
كَأَنِّيْ أَنْظُرُ إِلَى يَحْيَى الحِمَّانِيِّ شَيْخٌ ضَعِيْفٌ، أَعْوَرُ اليُسْرَى، مُنْحَنِي العُنُقِ، يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا شَرِيْكٌ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيُّ الهَرَوِيُّ: سُئِلَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ عَنْ يَحْيَى الحِمَّانِيِّ، فَسَكَتَ، فَلَمْ يَقُلْ شَيْئاً.
وَقَالَ المَيْمُوْنِيُّ: ذُكِرَ الحِمَّانِيُّ عِنْدَ أَحْمَدَ، فَقَالَ: لَيْسَ بِأَبِي غَسَّانَ بَأْسٌ.
وَمَرَّةً ذَكَرَهُ، فَنَفَضَ يَدَهُ، وَقَالَ: لاَ أَدْرِي.
وَقَالَ مُطَيَّنٌ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ عَنْهُ، قُلْتُ لَهُ: تَعْرِفُهُ؟ لَكَ بِهِ عِلْمٌ؟
فَقَالَ: كَيْفَ لاَ أَعْرِفُهُ؟
قُلْتُ: أَكَانَ ثِقَةً؟
قَالَ: أَنْتُم أَعْرَفُ بِمَشَايِخِكُم.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُوْشَنْجِيُّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى الحِمَّانِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ ... ، فَذَكَرَ حَدِيْثاً فِي الإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ.قَالَ حَنْبَلٌ: قَدِمْتُ مِنَ الكُوْفَةِ، فَقُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللهِ:
حَدَّثَنَا يَحْيَى الحِمَّانِيُّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ بِحَدِيْثِ إِسْحَاقَ الأَزْرَقِ، فَقَالَ: مَا أَعْلَمُ أَنِّي حَدَّثْتُهُ بِهِ، فَلَعَلَّهُ حَفِظَهُ عَلَى المُذَاكَرَةِ.
وَكَذَا سَأَلَ المَرُّوْذِيُّ أَحْمَدَ، فَأَنْكَرَ أَنْ يَكُوْنَ حَدَّثَهُ، وَقَالَ:
قُوْلُوا لِهَارُوْنَ الحَمَّالِ يَضْرِبُ عَلَى حَدِيْثِ يَحْيَى الحِمَّانِيِّ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ:
حَدَّثَ يَحْيَى الحِمَّانِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بِحَدِيْثِ إِسْحَاقَ الأَزْرَقِ، فَأَنْكَرَهُ، فَقَالَ يَحْيَى: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ عَلَى بَابِ ابْنِ عُلَيَّةَ.
فَقَالَ أَحْمَدُ: مَا سَمِعْنَاهُ مِنْ إِسْحَاقَ إِلاَّ بَعْدَ مَوْتِ إِسْمَاعِيْلَ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ حَافِظاً، سَأَلْتُ أَحْمَدَ عَنْهُ، فَقَالَ: أَلَمْ تَرَهُ؟
قُلْتُ: بَلَى.
قَالَ: إِنَّكَ إِذَا رَأَيْتَهُ، عَرَفْتَهُ.
وَقِيْلَ: كَانَ يَتَشَيَّعُ.فَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَأَلْتُهُ عَنْ حَدِيْثٍ لِعُثْمَانَ، فَقَالَ لِي: تُحِبُّ عُثْمَانَ ؟
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: قُلْتُ لأَبِي: إِنَّ ابْنَيْ أَبِي شَيْبَةَ يَقْدَمُوْنَ بَغْدَادَ، فَمَا تَرَى فِيْهِم؟
فَقَالَ: قَدْ جَاءَ ابْنُ الحِمَّانِيِّ إِلَى هَا هُنَا، فَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ، وَكَانَ يَكْذِبُ جِهَاراً، ابْنُ شَيْبَةَ عَلَى كُلِّ حَالٍ يَصْدُقُ.
وَقُلْتُ لأَبِي عَنْ حَدِيْثِ إِسْحَاقَ، فَقَالَ:
كَذَبَ، مَا سَمِعْتُهُ مِنَ الأَزْرَقِ إِلاَّ بَعْدَ ذَلِكَ، أَنَا لَمْ أَعْلَمْ تِلْكَ الأَيَّامَ أَنَّ هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ، حَتَّى سَأَلَنِي عَنْهُ هَؤُلاَءِ الشَّبَابُ.
وَقَالَ أَبِي: مَا كَانَ أَجْرَأَهُ!
وَقَالَ: مَا زِلْنَا نَعْرِفُهُ أَنَّهُ يَسْرِقُ الأَحَادِيْثَ أَوْ يَتَلَقَّفُهَا، أَوْ يَتَلَقَّطُهَا.
وَقَالَ: قَدْ طَلَبَ، وَسَمِعَ، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى مَا سَمِعَ، لَكَانَ لَهُ فِيْهِ كِفَايَةٌ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: حَدَّثَ أَيْضاً عَنْ قُرَيْشِ بنِ حَيَّانَ، عَنْ بَكْرِ بنِ وَائِلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بنِ يَزِيْدَ، عَنْ أَبِي أَيُّوْبَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الأَظْفَارِ.
وَقُرَيْشٌ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ الحِمَّانِيُّ البَصْرَةَ، وَإِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ
وَكِيْعٍ، عَنْ قُرَيْشٍ.وَقَالَ الأَثْرَمُ: قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللهِ: مَا تَقُوْلُ فِي ابْنِ الحِمَّانِيِّ؟
فَقَالَ: لَيْسَ هُوَ وَاحِداً وَلاَ اثْنَيْنِ وَلاَ ثَلاَثَةً وَلاَ أَرْبَعَةً يَحْكُوْنَ عَنْهُ.
ثُمَّ قَالَ: الأَمْرُ فِيْهِ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ ... ، وَحَمَلَ عَلَيْهِ حَمْلاً شَدِيْداً فِي أَمْرِ الحَدِيْثِ.
وَذَكَرْتُهُ لأَبِي عَبْدِ اللهِ مَرَّةً، فَقَالَ: ابْنُ الحِمَّانِيِّ لَيْسَ الآنَ عَلَيْهِ قِيَاسٌ، أَمْرُ ذَاكَ عَظِيْمٌ - أَوْ كَمَا قَالَ - وَرَأَيْتُهُ شَدِيْدَ الغَيْظِ عَلَيْهِ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: قُلْتُ لأَبِي:
بَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ الحِمَّانِيِّ حَدَّثَ عَنْ شَرِيْكٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يُعْجِبُهُ النَّظَرُ إِلَى الحَمَامِ، فَأَنْكَرُوهُ عَلَيْهِ، فَرَجَعَ عَنْ رَفْعِهِ.
فَقَالَ أَبِي: هَذَا كَذِبٌ، إِنَّمَا كُنَّا نَعْرِفُ بِهَذَا حُسَيْنَ بنَ عُلْوَانَ، يَقُوْلُوْنَ: وَضَعَهُ عَلَى هِشَامٍ.
قَالَ البُخَارِيُّ: كَانَ أَحْمَدُ وَعَلِيٌّ يَتَكَلَّمَانِ فِي يَحْيَى الحِمَّانِيِّ. وَقَالَ
مَرَّةً: رَمَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ نُمَيْرٍ.أَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ السُّلَمِيُّ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ يَقُوْلُ:
أَدْرَكْتُ ثَلاَثَةً يُحَدِّثُوْنَ بِمَا لاَ يَحْفَظُونَ: يَحْيَى بنَ عَبْدِ الحَمِيْدِ، وَعَبْدَ الأَعْلَى السَّامِيَّ، وَمُعْتَمِرَ بنَ سُلَيْمَانَ.
ابْنُ عَدِيٍّ: أَخْبَرَنَا عَبْدَانُ، قَالَ:
قَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: الحِمَّانِيُّ كَذَّابٌ.
فَقِيْلَ لِعَبْدَانَ: سَمِعْتَهُ مِنْهُ؟
قَالَ: لاَ.
وَقَالَ مُطَيَّنٌ: سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ عَنْ يَحْيَى الحِمَّانِيِّ، فَقَالَ: هُوَ ثِقَةٌ، هُوَ أَكْبَرُ مِنْ هَؤُلاَءِ كُلِّهُم، فَاكْتُبْ عَنْهُ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ: يَحْيَى الحِمَّانِيُّ سَقَطَ حَدِيْثُهُ.
قَالَ الحُسَيْنُ بنُ إِدْرِيْسَ: فَقِيْلَ لابْنِ عَمَّارٍ: فَمَا عِلَّتُهُ؟
قَالَ: لَمْ يَكُنْ لأَهْلِ الكُوْفَةِ حَدِيْثٌ جَيِّدٌ غَرِيْبٌ، وَلاَ لأَهْلِ المَدِيْنَةِ، وَلاَ لأَهْلِ بَلَدٍ حَدِيْثٌ جَيِّدٌ غَرِيْبٌ إِلاَّ رَوَاهُ، فَهَذَا يَكُوْنُ هَكَذَا.
وَقَالَ الجَوْزَجَانِيُّ: يَحْيَى بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ سَاقِطٌ، مُتَلُوِّنٌ، تُرِكَ حَدِيْثُهُ، فَلاَ يَنْبَعِثُ.
وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: سَمِعْتُ الذُّهْلِيَّ يَقُوْلُ: ذَهَبَ كَالأَمْسِ الذَّاهِبِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُسَيَّبِ الأَرْغِيَانِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى يَقُوْلُ: اضْرِبُوا عَلَى حَدِيْثِهِ بِسِتَّةِ أَقْلاَمٍ.وَقَالَ أَبُو يَحْيَى صَاعِقَةُ: كُنَّا إِذَا قَعَدْنَا إِلَى الحِمَّانِيِّ، تَبَيَّنَ لَنَا مِنْهُ بَلاَيَا.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَدَقَة، وَأَبُو شَيْخٍ، عَنْ زِيَادِ بنِ أَيُّوْبَ دلَّوَيْه، سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ عَبْدِ الحَمِيْدِ يَقُوْلُ: مَاتَ مُعَاوِيَةُ عَلَى غَيْرِ مِلَّةِ الإِسْلاَمِ.
قَالَ أَبُو شَيْخٍ: قَالَ دلَّوَيْه: كَذَبَ عَدُوُّ اللهِ.
أَحْمَدُ بنُ سَعِيْدِ بن مَسْعُوْدٍ المَرْوَزِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّمَرْقَنْدِيَّ يَقُوْلُ:
قَدِمْتُ الكُوْفَةَ، فَنَزَلْتُ بِالقُرْبِ مِنِ ابْنِ الحِمَّانِيِّ، فَذَاكَرْتُهُ بِأَحَادِيْثَ سَمِعْتُهَا بِالبَصْرَةِ، وَمِنْ أَحَادِيْثِ سُلَيْمَانَ بنِ بِلاَلٍ، وَكَانَ يَسْتَغْرِبُهَا، وَيَقُوْلُ: مَا سَمِعْتُ هَذَا مِنْ سُلَيْمَانَ.
ثُمَّ أَوْدَعْتُهُ كُتُبِي، وَخَتَمْتُ عَلَيْهَا، فَلَمَّا رَجَعْتُ، وَجَدْتُ الخَوَاتِيمَ قَدْ كُسِرَتْ، فَقُلْتُ: مَا شَأْنُ هَذِهِ الكُتُبِ؟
قَالَ: مَا أَدْرِي، وَجَدْتُ تِلْكَ الأَحَادِيْثَ الَّتِي ذَاكَرْتُهُ بِهَا عَنْ سُلَيْمَانَ، قَدْ أَدْخَلَهَا فِي مُصَنَّفَاتِهِ.
فَقُلْتُ: سَمِعْتَ مِنْ سُلَيْمَانَ بنِ بِلاَلٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
وَقَالَ ابْنُ خِرَاشٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ:
أَوْدَعْتُ كُتُبِي يَحْيَى الحِمَّانِيَّ، وَكَانَ فِيْهَا حَدِيْثُ خَالِدٍ
الوَاسِطِيِّ، عَنْ عَمْرِو بنِ عَوْنٍ، وَفِيْهَا حَدِيْثُ سُلَيْمَانَ بنِ بِلاَلٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ حَسَّانٍ، وَكُنْتُ قَدْ سَمِعْتُ مِنْهُ (المُسْنَدَ) ، وَلَمْ يَكُنْ فِيْهِ مِنْ حَدِيْثِهِمَا شَيْءٌ، فَقَدِمْتُ، فَإِذَا كُتُبِي عَلَى خِلاَفِ مَا تَرَكْتُهَا عِنْدَهُ، وَإِذَا قَدْ نَسَخَ حَدِيْثَ خَالِدٍ وَسُلَيْمَانَ، وَوَضَعَهُ فِي (المُسْنَدِ) .قَالَ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى: مَا أَسْتَحِلُّ الرِّوَايَةَ عَنْهُ.
أَخْبَرَنَا العُقَيْلِيُّ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ دَاوُدَ القَطَّانُ بِالرَّيِّ:
سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ:
قَدِمْتُ الكُوْفَةَ حَاجّاً، وَأَوْدَعْتُ يَحْيَى كُتُباً لِي، فَلَمَّا رَجَعْتُ، جَحَدَهَا، وَأَنْكَرَ، فَرَفَقْتُ بِهِ، فَلَمْ يَنْفَعْ.
قَالَ: فَصَايَحْتُهُ، وَاجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْنَا، فَقَامَ إِلَيَّ وَرَّاقُهُ، فَأَخَذَ بِيَدِي، فَنَحَّانِي، وَقَالَ: إِنْ أَمْسَكْتَ، تَخَلَّصْتَ.
فَأَمْسَكْتُ، فَإِذَا الوَرَّاقُ قَدْ جَاءنِي بِالكُتُبِ، وَكَانَتْ مَشْدُوْدَةً فِي خِرْقَةٍ وَلِبْدٍ، فَإِذَا الشَّدُّ مُغَيَّرٌ، فَنَظَرْتُ فِي الأَجْزَاءِ، فَإِذَا فِيْهَا عَلاَمَاتٌ بِالحُمْرَةِ، وَلَمْ يَكُنْ نَظَرَ فِيْهَا أَحَدٌ، وَإِذَا أَكْثَرُ العَلاَمَاتِ عَلَى مَرْوَانَ الطَّاطَرِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ بِلاَلٍ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ الدَّرَاوَرْدِيِّ، فَافْتَقَدْتُ مِنْهَا جُزْأَيْنِ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ.
وَقَالَ مَرَّةً: ضَعِيْفٌ.
وَأَمَّا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، فَرَوَى عَنْهُ عَبَّاسٌ: أَبُو يَحْيَى الحِمَّانِيُّ ثِقَةٌ، وَابْنُهُ ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ، عَنْهُ: يَحْيَى الحِمَّانِيٌّ: ثِقَةٌ.
وَرَوَى عَنْهُ عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ: صَدُوْقٌ، مَشْهُوْرٌ، مَا بِالكُوْفَةِ مِثْلُهُ، مَا يُقَالُ فِيْهِ إِلاَّ مِنْ حَسَدٍ.وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: سَأَلْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ عَنْهُ، فَأَجْمَلَ القَوْلَ فِيْهِ، وَقَالَ:
مَا لَهُ؟ كَانَ يَسْرُدُ (مُسْنَدَهُ) أَرْبَعَةَ آلاَفٍ سَرْداً، وَحَدِيْثَ شَرِيْكٍ ثَلاَثَةَ آلاَفٍ وَخَمْسَ مائَةٍ كَمِثْلٍ.
وَذَكَرَ أَبُو حَاتِمٍ نَحْوَ عَشْرَةِ آلاَفٍ، ثُمَّ قَالَ: كَانَ أَحَدَ المُحَدِّثِيْنَ.
وَقَالَ - عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ - عَبْدُ الخَالِقِ بنُ مَنْصُوْرٍ: صَدُوْقٌ، ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ الرَّمَادِيُّ: هُوَ عِنْدِي أَوْثَقُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَمَا يَتَكَلَّمُوْنَ فِيْهِ إِلاَّ مِنَ الحَسَدِ.
قُلْتُ: الجَرْحُ مُقَدَّمٌ، وَأَحْمَدُ وَالدَّارِمِيُّ بَرِيْئانِ مِنَ الحَسَدِ.
قَالَ عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ: كَانَ يَحْيَى الحِمَّانِيُّ فِيْهِ غَفْلَةٌ، لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَصُوْنَ نَفْسَهُ كَمَا يَفْعَلُ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ، رُبَّمَا يَجِيْءُ رَجُلٌ، فَيَفْتَرِي عَلَيْهِ، وَفِي رِوَايَةٍ فَيَسُبُّهُ، وَرُبَّمَا يَلْطِمُهُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: مَا كَانَ بِالكُوْفَةِ فِي أَيَّامِهِ رَجُلٌ يَحْفَظُ مَعَهُ، وَهَؤُلاَءِ يَحْسُدُوْنَهُ.
قُلْتُ: بَلْ يُنْصِفُونَهُ، وَأَنْتَ فَمَا أَنْصَفْتَ.
ابْنُ صَالِحٍ المِصْرِيُّ: قَالَ البَغَوِيُّ:كُنَّا عَلَى بَابِ يَحْيَى الحِمَّانِيِّ، فَجَاءَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ عَلَى بَغْلَتِهِ، فَسَأَلَهُ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ أَنْ يُحَدِّثَهُم، فَأَبَى، وَقَالَ: جِئْتُ مُسَلِّماً علَى أَبِي زَكَرِيَّا.
فَدَخَلَ، ثُمَّ خَرَجَ، فَسَأَلُوْهُ عَنْهُ، فَقَالَ: ثِقَةٌ، ابْنُ ثِقَةٍ.
وَكَذَلِكَ رَوَى تَوْثِيْقَهُ عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: مُطَيَّنٌ، وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي يَحْيَى، وَعَبْدُ اللهِ بنُ الدَّوْرَقِيِّ، وَغَيْرُهُم، حَتَّى قَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي هَارُوْنَ الهَمَذَانِيُّ: سَأَلْتُهُ عَنْهُ، فَقَالَ: ثِقَةٌ، وَأَبُوْهُ ثِقَةٌ.
فَقُلْتُ: يَقُوْلُوْنَ فِيْهِ!
قَالَ: يَحْسُدُوْنَهُ، هُوَ - وَاللهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ - ثِقَةٌ.
العُقَيْلِيُّ: عَنْ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ: سَمِعْتُ يَحْيَى الحِمَّانِيَّ يَقُوْلُ لِقَوْمٍ غُرَبَاءَ فِي مَجْلِسهِ: مِنْ أَيْنَ أَنْتُم؟
فَأَخْبَرُوْهُ، فَقَالَ: سَمِعْتُمْ بِبَلَدِكُم أَحَداً يَتَكَلَّمُ فِيَّ، وَيَقُوْلُ: إِنِّيْ ضَعِيْفٌ فِي الحَدِيْثِ؟ لاَ تَسْمَعُوا كَلاَمَ أَهْلِ الكُوْفَةِ، فَإِنَّهُم يَحْسُدُوْنِي؛ لأَنِّي أَوَّلُ مَنْ جَمَعَ المُسْنَدَ، وَقَدْ تَقَدَّمْتُهُم فِي غَيْرِ شَيْءٍ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ حَكِيْمٍ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَحْفَظَ لِحَدِيْثِ شَرِيْكٍ مِنْ يَحْيَى الحِمَّانِيِّ.
قُلْتُ: لاَ رَيْبَ أَنَّهُ كَانَ مُبَرِّزاً فِي الحِفْظِ، كَمَا كَانَ سُلَيْمَانُ الشَّاذَكُوْنِيُّ، وَلَكِنَّهُ أَصْوَنُ مِنَ الشَّاذَكُوْنِيِّ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ قَطُّ: إِنَّهُ وَضَعَ حَدِيْثاً، بَلْ رُبَّمَا كَانَ يَتَلَقَّطُ أَحَادِيْثَ، وَيَدَّعِي رِوَايَتَهَا، فَيَرْوِيْهَا عَلَى وَجْهِ
التَّدْلِيْسِ، وَيُوْهِمُ أَنَّهُ سَمِعَهَا، وَهَذَا قَدْ دَخَلَ فِيْهِ طَائِفَةٌ، وَهُوَ أَخَفُّ مِنِ افْتِرَاءِ المُتُوْنِ.قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: لَمْ أَرَ مِنَ المُحَدِّثِيْنَ مَنْ يَحْفَظُ وَيَأْتِي بِالحَدِيْثِ عَلَى لَفْظٍ وَاحِدٍ لاَ يُغَيِّرُهُ، سِوَى قَبِيْصَةَ وَأَبِي نُعَيْمٍ فِي حَدِيْثِ الثَّوْرِيِّ، وَسِوَى يَحْيَى الحِمَّانِيِّ فِي حَدِيْثِ شَرِيْكٍ، وَعَلِيِّ بنِ الجَعْدِ فِي حَدِيْثِهِ.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: لِيَحْيَى الحِمَّانِيِّ مُسْنَدٌ صَالِحٌ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ المُسْنَدَ بِالكُوْفَةِ.
وَأَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ المُسْنَدَ بِالبَصْرَةِ: مُسَدَّدٌ، وَأَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ المُسْنَدَ بِمِصْرَ: أَسَدُ السُّنَّةِ، وَهُوَ أَقْدَمُ مِنْهُمَا مَوْتاً.
وَالحِمَّانِيُّ يُقَالُ: إِنَّ الدَّارِمِيَّ أَوْدَعَه كُتُباً، فَسَرَقَ مِنْهَا أَحَادِيْثَ، وَتَكَلَّمَ فِيْهِ أَحْمَدُ، وَابْنُ المَدِيْنِيِّ، قَالَ: وَيَحْيَى حَسَنُ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ ... ، إِلَى أَنْ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ:
وَلَمْ أَرَ فِي (مُسْنَدِهِ) وَأَحَادِيْثِهِ أَحَادِيْثَ مَنَاكِيْرَ؛ وَأَرْجُو أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِهِ.
قَالَ شَيْخُنَا أَبُو الحَجَّاجِ: وَجَدُّهُ مَيْمُوْنٌ، وَيُقَالُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَيْمُوْنٍ، يُلَقَّبُ: بَشْمِيْنُ.
قُلْتُ: وَقَدْ تَوَاتَرَ تَوْثِيْقُهُ عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، كَمَا قَدْ تَوَاتَرَ تَجْرِيْحُه عَنِ الإِمَامِ أَحْمَدَ، مَعَ مَا صَحَّ عَنْهُ مِنْ تَكْفِيْرِ صَاحِبٍ.
وَلاَ رِوَايَةَ لَهُ فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ، تَجَنَّبُوا حَدِيْثَهُ عَمْداً، لَكِنْ لَهُ ذِكْرٌ فِي (صَحِيْحِ مُسْلِمٍ) فِي ضَبْطِ اسْمٍ، فَقَالَ عَقِيْبَ حَدِيْثِ سُلَيْمَانَ بنِ بِلاَلٍ، عَنْ
رَبِيْعَةَ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ سَعِيْدِ بنِ سُوَيْدٍ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ - أَوْ أَبِي أُسَيْدٍ - قَالَ:قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ المَسْجَدَ، فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ ... ، وَذَكَرَ الحَدِيْثَ، ثُمَّ قَالَ:
سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ يَحْيَى يَقُوْلُ: كَتَبْتُ هَذَا الحَدِيْثَ مِنْ كِتَابِ سُلَيْمَانَ بنِ بِلاَلٍ، قَالَ:
وَبَلَغَنِي أَنَّ يَحْيَى الحِمَّانِيَّ يَقُوْلُ: وَأَبُو أُسَيْدٍ.
قَدْ وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِي الحِمَّانِيِّ:
فَأَخْبَرَنِي أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ بِمِصْرَ، أَخْبَرَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ الكَاتِبُ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ الحَاسِبُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ النَّقُّوْرِ، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ عَلِيٍّ الوَزِيْرُ إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ، حَدَّثَنَا شَرِيْكٌ، حَدَّثَنَا مَنْصُوْرٌ، حَدَّثَنَا رِبْعِيٌّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ:
أَمَا إِنِّيْ سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (لاَ تَكْذِبُوا عَلَيَّ، فَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً، فَلْيَلِجِ النَّارَ ) .
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ تَاجِ الأُمَنَاءِ بِقِرَاءتِي، أَخْبَرَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ فِي كِتَابِهِ، أَخْبَرَنَا تَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ سَمَاعاً فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَمْدَانَ الحِيْرِيُّ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ المَوْصِلِيُّ بِهَا سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِ مائَةٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا
يَحْيَى بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ، حَدَّثَنَا قَيْسُ بنُ الرَّبِيْعِ، عَنْ زِيَادِ بنِ عِلاَقَةَ، عَنْ عُمَارَةَ بنِ أَوْسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَكَانَ قَدْ صَلَّى القِبْلَتَيْنِ جَمِيْعاً - قَالَ:إِنِّيْ لَفِي مَنْزِلِي، إِذَا مُنَادٍ يُنَادِي عَلَى البَابِ: إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ حَوَّلَ القِبْلَةَ، فَأَشْهَدُ عَلَى إِمَامِنَا وَالرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ لَقَدْ صَلَّوْا إِلَى هَا هُنَا -يَعْنِي: بَيْتَ المَقْدِسِ- وَإِلَى هَا هُنَا -يَعْنِي: الكَعْبَةَ -.
وَقَرَأْتُ عَلَى أَبِي سَعِيْدٍ سُنْقُرَ الحَلَبِيِّ بِهَا، أَخْبَرَكُم عَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ يُوْسُفَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ عَبْدُ الحَقِّ بنُ عَبْدِ الخَالِقِ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحَمَّامِيِّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ البَاقِي بنُ قَانِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى الحِمَّانِيُّ، حَدَّثَنَا قَيْسٌ، عَنْ زِيَادِ بن عِلاَقَةَ، عَنْ عُمَارَةَ بنِ أَوْسٍ - وَكَانَ مِمَّنْ صَلَّى القِبْلَتَيْنِ - قَالَ:
إِنِّيْ فِي مَنْزِلِي، إِذْ نَادَانِي مُنَادٍ عَلَى البَابِ: إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ حَوَّلَ القِبْلَةَ إِلَى الكَعْبَةِ.
هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ، مِنَ الأَفْرَادِ العَوَالِي.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ، أَخْبَرَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ، أَخْبَرْنَا ابْنُ البَنَّاءِ، أَخْبَرْنَا ابْنُ البُسْرِيِّ، أَخْبَرَنَا المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى الحِمَّانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حُمَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَبُو بَكْرٍ فِي الجَنَّةِ، وَعُمَرُ فِي الجَنَّةِ، وَعُثْمَانُ فِي الجَنَّةِ، وَعَلِيٌّ فِي الجَنَّةِ، وَطَلْحَةُ فِي الجَنَّةِ، وَالزُّبَيْرُ فِي الجَنَّةِ، وَابْنُ عَوْفٍ فِي الجَنَّةِ، وَسَعْدٌ فِي
الجَنَّةِ، وَسَعِيْدٌ فِي الجَنَّةِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ فِي الجَنَّةِ ) .قَالَ البُخَارِيُّ، وَمُطَيَّنٌ، وَمُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ، وَالبَغَوِيُّ: مَاتَ يَحْيَى الحِمَّانِيُّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
زَادَ مُطَيَّنٌ: فِي رَمَضَانَ، بِالعَسْكَرِ، وَكَانَ لاَ يَخْضِبُ.
وَقَالَ البَغَوِيُّ: فِي رَمَضَانَ أَيْضاً.
قَالَ: وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ مَاتَ بِسَامَرَّاءَ مِنَ المُحَدِّثِيْنَ الَّذِيْنَ أُقْدِمُوا، وَكَانَ لاَ يَخْضِبُ، وَقَدْ كَتَبْتُ عَنْهُ.
قُلْتُ: أَخْطَأَ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ.