الأَشْعَثُ بنُ قَيْسِ بنِ مَعْدِيْ كَرِبَ الكِنْدِيُّ
ابْنِ مُعَاوِيَةَ بنِ جَبَلَةَ بنِ عَدِيِّ بنِ رَبِيْعَةَ بنِ مُعَاوِيَةَ الأَكْرَمِيْنَ بنِ الحَارِثِ بنِ مُعَاوِيَةَ بنِ ثَوْرِ بنِ مُرْتِعِ بنِ كِنْدَةَ.
وَاسْمُ كِنْدَةَ: ثَوْرُ بنُ عُفَيْرِ بنِ عَدِيِّ بنِ الحَارِثِ بنِ مُرَّةَ بنِ أُدَدَ بنِ زَيْدِ بنِ يَشْجُبَ بنِ عَرِيْبِ بنِ زَيْدِ بنِ كَهْلاَنَ بنِ سَبَأَ بنِ يَشْجُبَ بنِ يَعْرُبَ بنِ قَحْطَانَ.سَاقَهُ ابْنُ سَعْدٍ، قَالَ:
وَقِيْلَ لَهُ: كِنْدَةُ؛ لأَنَّهُ كَنَدَ أَبَاهُ النِّعْمَةَ، أَيْ: كَفَرَهُ.
وَكَانَ اسْمُ الأَشْعَثِ: مَعْدِيْ كَرِبَ.
وَكَانَ أَبَداً أَشْعَثَ الرَّأْسِ؛ فَغَلَبَ عَلَيْهِ.
لَهُ صُحْبَةٌ، وَرِوَايَةٌ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَقَيْسُ بنُ أَبِي حَازِمٍ، وَأَبُو وَائِلٍ.
وَأَرْسَلَ عَنْهُ: إِبْرَاهِيْمُ النَّخَعَيُّ.
وَأُصِيْبَتْ عَيْنُهُ يَوْمَ اليَرْمُوْكِ.
وَكَانَ أَكْبَرَ أُمَرَاءِ عَلِيٍّ يَوْمَ صِفِّيْنَ.
مَنْصُوْرٌ، وَالأَعْمَشُ: عَنْ أَبِي وَائِلٍ:
قَالَ لَنَا الأَشْعَثُ: فِيَّ نَزَلَتْ: {إِنَّ الَّذِيْنَ يَشْتَرُوْنَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيْلاً ... } [آلُ عِمْرَانَ: 77] .
خَاصَمْتُ رَجُلاً إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: (أَلَكَ بَيِّنَةٌ) ؟
قُلْتُ: لاَ.
قَالَ: (فَيَحْلِفُ؟) .
قُلْتُ: إِذاً يَحْلِفُ.
فَقَالَ: (مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِيْنٍ فَاجِرَةٍ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالاً، لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ).
قَالَ ابْنُ الكَلْبِيِّ: وَفَدَ الأَشْعَثُ فِي سَبْعِيْنَ مِنْ كِنْدَةَ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
مُجَالِدٌ: عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ الأَشْعَثِ، قَالَ:
قَدِمْتُ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
فِي وَفْدِ كِنْدَةَ، فَقَالَ لِي: (هَلْ لَكَ مِنْ وَلَدٍ؟) .قُلْتُ: صَغِيْرٌ، وُلِدَ مَخْرَجِي إِلَيْكَ ... ، الحَدِيْثَ.
وَعَنْ إِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيَّ، قَالَ:
ارْتَدَّ الأَشْعَثُ فِي نَاسٍ مِنْ كِنْدَةَ، فَحُوْصِرَ، وَأُخِذَ بِالأَمَانِ، فَأَخَذَ الأَمَانَ لِسَبْعِيْنَ، وَلَمْ يَأْخُذْ لِنَفْسِهِ، فَأُتِيَ بِهِ الصِّدِّيْقَ، فَقَالَ: إِنَّا قَاتِلُوْكَ، لاَ أَمَانَ لَكَ.
فَقَالَ: تَمُنُّ عَلَيَّ وَأُسْلِمُ؟
قَالَ: فَفَعَلَ، وَزَوَّجَهُ أُخْتَهُ.
زَادَ غَيْرُهُ: فَقَالَ لأَبِي بَكْرٍ: زَوِّجْنِي أُخْتَكَ.
فَزَوَّجَهُ فَرْوَةَ بِنْتَ أَبِي قُحَافَةَ.
رَوَاهُ: أَبُو عُبَيْدٍ فِي (الأَمْوَالِ ) ، فَلَعَلَّ أَبَاهَا فَوَّضَ النِّكَاحَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ.
ابْنُ أَبِي خَالِدٍ: عَنْ قَيْسٍ، قَالَ:
لَمَّا قُدِمَ بِالأَشْعَثِ بنِ قَيْسٍ أَسِيْراً عَلَى أَبِي بَكْرٍ أَطْلَقَ وَثَاقَهُ، وَزَوَّجَهُ أُخْتَهُ.
فَاخْتَرَطَ سَيْفَهُ، وَدَخَلَ سُوْقَ الإِبِلِ، فَجَعَلَ لاَ يَرَى نَاقَةً وَلاَ جَمَلاً إِلاَّ عَرْقَبَهُ، وَصَاحَ النَّاسُ: كَفَرَ الأَشْعَثُ!
ثُمَّ طَرَحَ سَيْفَهُ، وَقَالَ: وَاللهِ مَا كَفَرْتُ؛ وَلَكِنَّ هَذَا الرَّجُلَ زَوَّجَنِي أُخْتَهُ؛ وَلَو كُنَّا فِي بِلاَدِنَا لَكَانَتْ لَنَا وَلِيْمَةٌ غَيْرُ هَذِهِ، يَا أَهْلَ المَدِيْنَةِ، انْحَرُوا، وَكُلُوا! وَيَا أَهْلَ الإِبِلِ تَعَالَوْا خُذُوا شَرْوَاهَا!
رَوَاهُ: عَبْدُ المُؤْمِنِ بنُ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ السَّلاَمِ بنِ حَرْبٍ، عَنْهُ.إِسْمَاعِيْلُ: عَنْ قَيْسٍ، قَالَ:
شَهِدْتُ جَنَازَةً، فِيْهَا الأَشْعَثُ وَجَرِيْرٌ، فَقَدَّمَ الأَشْعَثُ جَرِيْراً، وَقَالَ:
إِنَّ هَذَا لَمْ يَرْتَدَّ، وَإِنِّي ارْتَدَدْتُ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: كَانَ عَلَى مَيْمَنَةِ عَلِيٍّ يَوْمَ صِفِّيْنَ الأَشْعَثُ.
مَسْلَمَةُ بنُ مُحَارِبٍ: عَنْ حَرْبِ بنِ خَالِدِ بنِ يَزِيْدَ بنِ مُعَاوِيَةَ، قَالَ:
حَصَلَ مُعَاوِيَةُ فِي تِسْعِيْنَ أَلْفاً، فَسَبَقَ، فَنَزَلَ الفُرَاتَ، وَجَاءَ عَلِيٌّ، فَمَنَعَهُمْ مُعَاوِيَةُ المَاءَ، فَبَعَثَ عَلِيٌّ الأَشْعَثَ فِي أَلْفَيْنِ، وَعَلَى المَاءِ لِمُعَاوِيَةَ أَبُو الأَعْوَرِ فِي خَمْسَةِ آلاَفٍ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالاً شَدِيْداً، وَغَلَبَ الأَشْعَثُ عَلَى المَاءِ.
الأَعْمَشُ: عَنْ حَيَّانَ أَبِي سَعِيْدٍ التَّيْمِيِّ، قَالَ:
حَذَّرَ الأَشْعَثُ مِنَ الفِتَنِ، فَقِيْلَ لَهُ: خَرَجْتَ مَعَ عَلِيٍّ!
فَقَالَ: وَمَنْ لَكَ إِمَامٌ مِثْلُ عَلِيٍّ !
وَعَنْ قَيْسِ بنِ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ:
دَخَلَ الأَشْعَثُ عَلَى عَلِيٍّ فِي شَيْءٍ، فَتَهَدَّدَهُ بِالمَوْتِ.
فَقَالَ عَلِيٌّ: بِالمَوْتِ تُهَدِّدُنِي! مَا أُبَالِيْهِ، هَاتُوا لِي جَامِعَةً
وَقَيْداً!ثُمَّ أَوْمَأَ إِلَى أَصْحَابِهِ.
قَالَ: فَطَلَبُوا إِلَيْهِ فِيْهِ، فَتَرَكَهُ.
أَبُو المُغِيْرَةِ الخَوْلاَنِيُّ: حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بنُ عَمْرٍو؛ حَدَّثَنِي أَبُو الصَّلْتِ الحَضْرَمِيُّ، قَالَ:
حُلْنَا بَيْنَ أَهْلِ العِرَاقِ وَبَيْنَ المَاءِ؛ فَأَتَانَا فَارِسٌ، ثُمَّ حَسَرَ؛ فَإِذَا هُوَ الأَشْعَثُ بنُ قَيْسٍ، فَقَالَ:
اللهَ اللهَ يَا مُعَاوِيَةُ فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-! هَبُوْا أَنَّكُمْ قَتَلْتُم أَهْلَ العِرَاقِ، فَمَنْ لِلْبُعُوْثِ وَالذَّرَارِي؟ أَمْ هَبُوْا أَنَّا قَتَلْنَاكُم، فَمَنْ لِلْبُعُوْثِ وَالذَّرَارِي؟ إِنَّ اللهَ يَقُوْلُ: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِيْنَ اقْتَتَلُوا، فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحُجُرَاتُ: 9] .
قَالَ مُعَاوِيَةُ: فَمَا تُرِيْدُ؟
قَالَ: خَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ المَاءِ.
فَقَالَ لأَبِي الأَعْوَرِ: خَلِّ بَيْنَ إِخْوَانِنَا وَبَيْنَ المَاءِ.
رَوَى: الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ قَيْسِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الأَشْعَثِ:
أَنَّ الأَشْعَثَ كَانَ عَامِلاً لِعُثْمَانَ عَلَى أَذْرَبِيْجَانَ، فَحَلَفَ مَرَّةً عَلَى شَيْءٍ؛ فَكَفَّرَ عَنْ يَمِيْنِهِ بِخَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفاً.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ: عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
كَانَ الأَشْعَثُ حَلَفَ عَلَى يَمِيْنٍ، ثُمَّ قَالَ:
قَبَّحَكَ اللهُ مِنْ مَالٍ! أَمَا وَاللهِ مَا حَلَفْتُ إِلاَّ عَلَى حَقٍّ، وَلَكِنَّهُ رَدٌّ عَلَى صَاحِبِهِ، وَكَانَ ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً.
شَرِيْكٌ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ:
صَلَّيْتُ الفَجْرَ بِمَسْجِدِ الأَشْعَثِ، فَلَمَّا سَلَّمَ الإِمَامُ، إِذَا بَيْنَ يَدَيَّ كِيْسٌ وَنَعْلٌ؛ فَنَظَرْتُ، فَإِذَا بَيْنَ يَدَيْ كُلِّ رَجُلٍ كِيْسٌ وَنَعْلٌ.
فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟
قَالُوا: قَدِمَ الأَشْعَثُ اللَّيْلَةَ، فَقَالَ:
انْظُرُوا!
فَكُلُّ مَنْ صَلَّى الغَدَاةَ فِي مَسْجِدِنَا، فَاجْعَلُوا بَيْنَ يَدَيْهِ كِيْساً وَحِذَاءً.رَوَاهُ: أَبُوْ إِسْرَائِيْلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ: حُلَّةً وَنَعْلَيْنِ.
أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ ثَابِتٍ، حَدَّثَنَا أَبُو المُهَاجِرِ، عَنْ مَيْمُوْنِ بنِ مِهْرَانَ، قَالَ:
أَوَّلُ مَنْ مَشَتْ مَعَهُ الرِّجَالُ وَهُوَ رَاكِبٌ: الأَشْعَثُ بنُ قَيْسٍ.
رَوَى نَحْوَهُ: أَبُو المَلِيْحِ، عَنْ مَيْمُوْنٍ.
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ: عَنْ حَكِيْمِ بنِ جَابِرٍ، قَالَ:
لَمَّا تُوُفِّيَ الأَشْعَثُ بنُ قَيْسٍ، أَتَاهُمُ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُوَضِّئُوْهُ بِالكَافُوْرِ وَضُوْءاً، وَكَانَتْ بِنْتُهُ تَحْتَ الحَسَنِ.
قَالُوا: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ.
وَزَادَ بَعْضُهُمْ: بَعْدَ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- بِأَرْبَعِيْنَ لَيْلَةً.
وَدُفِنَ فِي دَارِهِ.
وَقِيْلَ: عَاشَ ثَلاَثاً وَسِتِّيْنَ سَنَةً.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: مَاتَ بِالكُوْفَةِ، وَالحَسَنُ بِهَا حِيْنَ صَالَحَ مُعَاوِيَةَ، وَهُوَ الَّذِي صَلَّى عَلَيْهِ.
قُلْتُ: وَكَانَ ابْنُهُ مُحَمَّدُ بنُ الأَشْعَثِ بَعْدَهُ مِنْ كِبَارِ الأُمَرَاءِ وَأَشْرَافِهِمْ،
وَهُوَ وَالِدُ الأَمِيْرِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الأَشْعَثِ الَّذِي خَرَجَ مَعَهُ النَّاسُ، وَعَمِلَ مَعَ الحَجَّاجِ تِلْكَ الحُرُوْبَ المَشْهُوْرَةَ الَّتِي لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهَا.بِحَيْثُ يُقَالُ: إِنَّهُ عَمِلَ مَعَهُ أَحَداً وَثَمَانِيْنَ مَصَافّاً، مُعْظَمُهَا عَلَى الحَجَّاجِ.
ثُمَّ فِي الآخِرِ خُذِلَ ابْنُ الأَشْعَثِ، وَانْهَزَمَ، ثُمَّ ظَفِرُوا بِهِ، وَهَلَكَ.
ابْنِ مُعَاوِيَةَ بنِ جَبَلَةَ بنِ عَدِيِّ بنِ رَبِيْعَةَ بنِ مُعَاوِيَةَ الأَكْرَمِيْنَ بنِ الحَارِثِ بنِ مُعَاوِيَةَ بنِ ثَوْرِ بنِ مُرْتِعِ بنِ كِنْدَةَ.
وَاسْمُ كِنْدَةَ: ثَوْرُ بنُ عُفَيْرِ بنِ عَدِيِّ بنِ الحَارِثِ بنِ مُرَّةَ بنِ أُدَدَ بنِ زَيْدِ بنِ يَشْجُبَ بنِ عَرِيْبِ بنِ زَيْدِ بنِ كَهْلاَنَ بنِ سَبَأَ بنِ يَشْجُبَ بنِ يَعْرُبَ بنِ قَحْطَانَ.سَاقَهُ ابْنُ سَعْدٍ، قَالَ:
وَقِيْلَ لَهُ: كِنْدَةُ؛ لأَنَّهُ كَنَدَ أَبَاهُ النِّعْمَةَ، أَيْ: كَفَرَهُ.
وَكَانَ اسْمُ الأَشْعَثِ: مَعْدِيْ كَرِبَ.
وَكَانَ أَبَداً أَشْعَثَ الرَّأْسِ؛ فَغَلَبَ عَلَيْهِ.
لَهُ صُحْبَةٌ، وَرِوَايَةٌ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَقَيْسُ بنُ أَبِي حَازِمٍ، وَأَبُو وَائِلٍ.
وَأَرْسَلَ عَنْهُ: إِبْرَاهِيْمُ النَّخَعَيُّ.
وَأُصِيْبَتْ عَيْنُهُ يَوْمَ اليَرْمُوْكِ.
وَكَانَ أَكْبَرَ أُمَرَاءِ عَلِيٍّ يَوْمَ صِفِّيْنَ.
مَنْصُوْرٌ، وَالأَعْمَشُ: عَنْ أَبِي وَائِلٍ:
قَالَ لَنَا الأَشْعَثُ: فِيَّ نَزَلَتْ: {إِنَّ الَّذِيْنَ يَشْتَرُوْنَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيْلاً ... } [آلُ عِمْرَانَ: 77] .
خَاصَمْتُ رَجُلاً إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: (أَلَكَ بَيِّنَةٌ) ؟
قُلْتُ: لاَ.
قَالَ: (فَيَحْلِفُ؟) .
قُلْتُ: إِذاً يَحْلِفُ.
فَقَالَ: (مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِيْنٍ فَاجِرَةٍ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالاً، لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ).
قَالَ ابْنُ الكَلْبِيِّ: وَفَدَ الأَشْعَثُ فِي سَبْعِيْنَ مِنْ كِنْدَةَ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
مُجَالِدٌ: عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ الأَشْعَثِ، قَالَ:
قَدِمْتُ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
فِي وَفْدِ كِنْدَةَ، فَقَالَ لِي: (هَلْ لَكَ مِنْ وَلَدٍ؟) .قُلْتُ: صَغِيْرٌ، وُلِدَ مَخْرَجِي إِلَيْكَ ... ، الحَدِيْثَ.
وَعَنْ إِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيَّ، قَالَ:
ارْتَدَّ الأَشْعَثُ فِي نَاسٍ مِنْ كِنْدَةَ، فَحُوْصِرَ، وَأُخِذَ بِالأَمَانِ، فَأَخَذَ الأَمَانَ لِسَبْعِيْنَ، وَلَمْ يَأْخُذْ لِنَفْسِهِ، فَأُتِيَ بِهِ الصِّدِّيْقَ، فَقَالَ: إِنَّا قَاتِلُوْكَ، لاَ أَمَانَ لَكَ.
فَقَالَ: تَمُنُّ عَلَيَّ وَأُسْلِمُ؟
قَالَ: فَفَعَلَ، وَزَوَّجَهُ أُخْتَهُ.
زَادَ غَيْرُهُ: فَقَالَ لأَبِي بَكْرٍ: زَوِّجْنِي أُخْتَكَ.
فَزَوَّجَهُ فَرْوَةَ بِنْتَ أَبِي قُحَافَةَ.
رَوَاهُ: أَبُو عُبَيْدٍ فِي (الأَمْوَالِ ) ، فَلَعَلَّ أَبَاهَا فَوَّضَ النِّكَاحَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ.
ابْنُ أَبِي خَالِدٍ: عَنْ قَيْسٍ، قَالَ:
لَمَّا قُدِمَ بِالأَشْعَثِ بنِ قَيْسٍ أَسِيْراً عَلَى أَبِي بَكْرٍ أَطْلَقَ وَثَاقَهُ، وَزَوَّجَهُ أُخْتَهُ.
فَاخْتَرَطَ سَيْفَهُ، وَدَخَلَ سُوْقَ الإِبِلِ، فَجَعَلَ لاَ يَرَى نَاقَةً وَلاَ جَمَلاً إِلاَّ عَرْقَبَهُ، وَصَاحَ النَّاسُ: كَفَرَ الأَشْعَثُ!
ثُمَّ طَرَحَ سَيْفَهُ، وَقَالَ: وَاللهِ مَا كَفَرْتُ؛ وَلَكِنَّ هَذَا الرَّجُلَ زَوَّجَنِي أُخْتَهُ؛ وَلَو كُنَّا فِي بِلاَدِنَا لَكَانَتْ لَنَا وَلِيْمَةٌ غَيْرُ هَذِهِ، يَا أَهْلَ المَدِيْنَةِ، انْحَرُوا، وَكُلُوا! وَيَا أَهْلَ الإِبِلِ تَعَالَوْا خُذُوا شَرْوَاهَا!
رَوَاهُ: عَبْدُ المُؤْمِنِ بنُ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ السَّلاَمِ بنِ حَرْبٍ، عَنْهُ.إِسْمَاعِيْلُ: عَنْ قَيْسٍ، قَالَ:
شَهِدْتُ جَنَازَةً، فِيْهَا الأَشْعَثُ وَجَرِيْرٌ، فَقَدَّمَ الأَشْعَثُ جَرِيْراً، وَقَالَ:
إِنَّ هَذَا لَمْ يَرْتَدَّ، وَإِنِّي ارْتَدَدْتُ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: كَانَ عَلَى مَيْمَنَةِ عَلِيٍّ يَوْمَ صِفِّيْنَ الأَشْعَثُ.
مَسْلَمَةُ بنُ مُحَارِبٍ: عَنْ حَرْبِ بنِ خَالِدِ بنِ يَزِيْدَ بنِ مُعَاوِيَةَ، قَالَ:
حَصَلَ مُعَاوِيَةُ فِي تِسْعِيْنَ أَلْفاً، فَسَبَقَ، فَنَزَلَ الفُرَاتَ، وَجَاءَ عَلِيٌّ، فَمَنَعَهُمْ مُعَاوِيَةُ المَاءَ، فَبَعَثَ عَلِيٌّ الأَشْعَثَ فِي أَلْفَيْنِ، وَعَلَى المَاءِ لِمُعَاوِيَةَ أَبُو الأَعْوَرِ فِي خَمْسَةِ آلاَفٍ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالاً شَدِيْداً، وَغَلَبَ الأَشْعَثُ عَلَى المَاءِ.
الأَعْمَشُ: عَنْ حَيَّانَ أَبِي سَعِيْدٍ التَّيْمِيِّ، قَالَ:
حَذَّرَ الأَشْعَثُ مِنَ الفِتَنِ، فَقِيْلَ لَهُ: خَرَجْتَ مَعَ عَلِيٍّ!
فَقَالَ: وَمَنْ لَكَ إِمَامٌ مِثْلُ عَلِيٍّ !
وَعَنْ قَيْسِ بنِ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ:
دَخَلَ الأَشْعَثُ عَلَى عَلِيٍّ فِي شَيْءٍ، فَتَهَدَّدَهُ بِالمَوْتِ.
فَقَالَ عَلِيٌّ: بِالمَوْتِ تُهَدِّدُنِي! مَا أُبَالِيْهِ، هَاتُوا لِي جَامِعَةً
وَقَيْداً!ثُمَّ أَوْمَأَ إِلَى أَصْحَابِهِ.
قَالَ: فَطَلَبُوا إِلَيْهِ فِيْهِ، فَتَرَكَهُ.
أَبُو المُغِيْرَةِ الخَوْلاَنِيُّ: حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بنُ عَمْرٍو؛ حَدَّثَنِي أَبُو الصَّلْتِ الحَضْرَمِيُّ، قَالَ:
حُلْنَا بَيْنَ أَهْلِ العِرَاقِ وَبَيْنَ المَاءِ؛ فَأَتَانَا فَارِسٌ، ثُمَّ حَسَرَ؛ فَإِذَا هُوَ الأَشْعَثُ بنُ قَيْسٍ، فَقَالَ:
اللهَ اللهَ يَا مُعَاوِيَةُ فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-! هَبُوْا أَنَّكُمْ قَتَلْتُم أَهْلَ العِرَاقِ، فَمَنْ لِلْبُعُوْثِ وَالذَّرَارِي؟ أَمْ هَبُوْا أَنَّا قَتَلْنَاكُم، فَمَنْ لِلْبُعُوْثِ وَالذَّرَارِي؟ إِنَّ اللهَ يَقُوْلُ: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِيْنَ اقْتَتَلُوا، فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحُجُرَاتُ: 9] .
قَالَ مُعَاوِيَةُ: فَمَا تُرِيْدُ؟
قَالَ: خَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ المَاءِ.
فَقَالَ لأَبِي الأَعْوَرِ: خَلِّ بَيْنَ إِخْوَانِنَا وَبَيْنَ المَاءِ.
رَوَى: الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ قَيْسِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الأَشْعَثِ:
أَنَّ الأَشْعَثَ كَانَ عَامِلاً لِعُثْمَانَ عَلَى أَذْرَبِيْجَانَ، فَحَلَفَ مَرَّةً عَلَى شَيْءٍ؛ فَكَفَّرَ عَنْ يَمِيْنِهِ بِخَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفاً.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ: عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
كَانَ الأَشْعَثُ حَلَفَ عَلَى يَمِيْنٍ، ثُمَّ قَالَ:
قَبَّحَكَ اللهُ مِنْ مَالٍ! أَمَا وَاللهِ مَا حَلَفْتُ إِلاَّ عَلَى حَقٍّ، وَلَكِنَّهُ رَدٌّ عَلَى صَاحِبِهِ، وَكَانَ ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً.
شَرِيْكٌ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ:
صَلَّيْتُ الفَجْرَ بِمَسْجِدِ الأَشْعَثِ، فَلَمَّا سَلَّمَ الإِمَامُ، إِذَا بَيْنَ يَدَيَّ كِيْسٌ وَنَعْلٌ؛ فَنَظَرْتُ، فَإِذَا بَيْنَ يَدَيْ كُلِّ رَجُلٍ كِيْسٌ وَنَعْلٌ.
فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟
قَالُوا: قَدِمَ الأَشْعَثُ اللَّيْلَةَ، فَقَالَ:
انْظُرُوا!
فَكُلُّ مَنْ صَلَّى الغَدَاةَ فِي مَسْجِدِنَا، فَاجْعَلُوا بَيْنَ يَدَيْهِ كِيْساً وَحِذَاءً.رَوَاهُ: أَبُوْ إِسْرَائِيْلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ: حُلَّةً وَنَعْلَيْنِ.
أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ ثَابِتٍ، حَدَّثَنَا أَبُو المُهَاجِرِ، عَنْ مَيْمُوْنِ بنِ مِهْرَانَ، قَالَ:
أَوَّلُ مَنْ مَشَتْ مَعَهُ الرِّجَالُ وَهُوَ رَاكِبٌ: الأَشْعَثُ بنُ قَيْسٍ.
رَوَى نَحْوَهُ: أَبُو المَلِيْحِ، عَنْ مَيْمُوْنٍ.
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ: عَنْ حَكِيْمِ بنِ جَابِرٍ، قَالَ:
لَمَّا تُوُفِّيَ الأَشْعَثُ بنُ قَيْسٍ، أَتَاهُمُ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُوَضِّئُوْهُ بِالكَافُوْرِ وَضُوْءاً، وَكَانَتْ بِنْتُهُ تَحْتَ الحَسَنِ.
قَالُوا: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ.
وَزَادَ بَعْضُهُمْ: بَعْدَ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- بِأَرْبَعِيْنَ لَيْلَةً.
وَدُفِنَ فِي دَارِهِ.
وَقِيْلَ: عَاشَ ثَلاَثاً وَسِتِّيْنَ سَنَةً.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: مَاتَ بِالكُوْفَةِ، وَالحَسَنُ بِهَا حِيْنَ صَالَحَ مُعَاوِيَةَ، وَهُوَ الَّذِي صَلَّى عَلَيْهِ.
قُلْتُ: وَكَانَ ابْنُهُ مُحَمَّدُ بنُ الأَشْعَثِ بَعْدَهُ مِنْ كِبَارِ الأُمَرَاءِ وَأَشْرَافِهِمْ،
وَهُوَ وَالِدُ الأَمِيْرِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الأَشْعَثِ الَّذِي خَرَجَ مَعَهُ النَّاسُ، وَعَمِلَ مَعَ الحَجَّاجِ تِلْكَ الحُرُوْبَ المَشْهُوْرَةَ الَّتِي لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهَا.بِحَيْثُ يُقَالُ: إِنَّهُ عَمِلَ مَعَهُ أَحَداً وَثَمَانِيْنَ مَصَافّاً، مُعْظَمُهَا عَلَى الحَجَّاجِ.
ثُمَّ فِي الآخِرِ خُذِلَ ابْنُ الأَشْعَثِ، وَانْهَزَمَ، ثُمَّ ظَفِرُوا بِهِ، وَهَلَكَ.