Book Home Page
الصفحة الرئيسية للكتاب
Number of entries in this book
عدد المواضيع في هذا الكتاب 6554
6365. يحيى بن عبد الرحمن بن عبد الصمد1 6366. يحيى بن عبد الرحمن بن عمارة1 6367. يحيى بن عبد العزيز أبو عبد العزيز1 6368. يحيى بن عبد العزيز بن إسماعيل1 6369. يحيى بن عبد الله أبو عبد الله1 6370. يحيى بن عبد الله بن أسامة16371. يحيى بن عبد الله بن الحارث2 6372. يحيى بن عبد الله بن الضحاك4 6373. يحيى بن عبد الله بن محمد3 6374. يحيى بن عبد الواحد بن سليمان1 6375. يحيى بن عبد الواحد بن علي1 6376. يحيى بن عتبة بن عبد السلام1 6377. يحيى بن عثمان أبو زكريا1 6378. يحيى بن عثمان بن سعيد بن كثير4 6379. يحيى بن عروة بن الزبير بن العوام6 6380. يحيى بن علي بن عبد العزيز1 6381. يحيى بن علي بن محمد1 6382. يحيى بن علي بن محمد بن الحسن بن بسطام...1 6383. يحيى بن علي بن محمد بن زهير1 6384. يحيى بن علي بن محمد بن هاشم أبو العباس الكندي الحلبي الخفاف...1 6385. يحيى بن عمرو بن عمارة بن راشد بن مسلم...1 6386. يحيى بن عمير الغساني1 6387. يحيى بن غسان الدمشقي1 6388. يحيى بن مبارك الصنعاني1 6389. يحيى بن محمد بن المسلم1 6390. يحيى بن محمد بن سهل1 6391. يحيى بن محمد بن صاعد بن كاتب1 6392. يحيى بن محمد بن عبد الحميد السكسكي البتلهي...1 6393. يحيى بن محمد بن علي1 6394. يحيى بن محمد بن عمران1 6395. يحيى بن محمد بن محمد بن زياد بن زبار1 6396. يحيى بن مسعر بن محمد بن يحيى بن الفرج...1 6397. يحيى بن معين بن عون بن زياد5 6398. يحيى بن منقذ الفراديسي1 6399. يحيى بن موسى بن إسحاق1 6400. يحيى بن هانئ أبو صفوان1 6401. يحيى بن هانئ بن عروة بن فضفاض1 6402. يحيى بن هشام بن عبد الملك1 6403. يحيى بن يحيى بن قيس بن الحارثة1 6404. يحيى بن يزيد أبي حفصة1 6405. يخلف بن عبد الله بن بحر1 6406. يرفا مولى عمر بن الخطاب وحاجبه1 6407. يزيد9 6408. يزيد أبو حفصة1 6409. يزيد بن أبان أبو عمرو الرقاشي1 6410. يزيد بن أبي المساحق السلمي1 6411. يزيد بن أبي جميل1 6412. يزيد بن أبي سعيد2 6413. يزيد بن أبي سمية أبو صخر الأيلي3 6414. يزيد بن أبي عطاء1 6415. يزيد بن أبي مريم بن أبي عطاء1 6416. يزيد بن أبي مسلم أبو العلاء الثقفي1 6417. يزيد بن أبي يزيد3 6418. يزيد بن أحمد بن يزيد1 6419. يزيد بن أسد بن كرز بن عامر1 6420. يزيد بن أسيد بن زافر1 6421. يزيد بن الأخنس بن حبيب بن جرة1 6422. يزيد بن الأسود أبو الأسود1 6423. يزيد بن الأصم4 6424. يزيد بن الحر ويقال ابن زحر1 6425. يزيد بن الحكم بن أبي العاص1 6426. يزيد بن السمط أبو السمط الصنعاني الفقيه...1 6427. يزيد بن القعقاع أبو جعفر المخزومي1 6428. يزيد بن بشر السكسكي5 6429. يزيد بن بشر بن يزيد بن بشر1 6430. يزيد بن تميم بن حجر السلمي1 6431. يزيد بن جابر الأزدي2 6432. يزيد بن حاتم بن قبيصة بن المهلب2 6433. يزيد بن حازم أبو بكر الأزدي1 6434. يزيد بن حجية بن عبد الله1 6435. يزيد بن حصين بن نمير3 6436. يزيد بن خالد بن عبد الله1 6437. يزيد بن ربيعة أبو كامل الرحبي1 6438. يزيد بن زياد القرشي البصري1 6439. يزيد بن زياد بن ربيعة1 6440. يزيد بن زياد ويقال ابن أبي زياد1 6441. يزيد بن سعد أبو عثمان الحجوري1 6442. يزيد بن سعيد بن ذي عصوان3 6443. يزيد بن سمرة أبو هزان الرهاوي المذحجي...1 6444. يزيد بن سنان4 6445. يزيد بن شجرة أبو شجرة الرهاوي1 6446. يزيد بن شجعة الحميري1 6447. يزيد بن شريح الحضرمي الحمصي1 6448. يزيد بن صخر أبي سفيان بن حرب1 6449. يزيد بن صهيب أبو عثمان الفقير الكوفي...1 6450. يزيد بن عبد الحميد بن عاصم1 6451. يزيد بن عبد الرحمن الهمداني1 6452. يزيد بن عبد العزيز بن أبي يحيى التنوخي...1 6453. يزيد بن عبد الله أبو خالد السراج1 6454. يزيد بن عبد الله النجراني1 6455. يزيد بن عبد الله بن رزيق1 6456. يزيد بن عبد الله بن قسيط5 6457. يزيد بن عبد الله بن مسعدة الفزاري1 6458. يزيد بن عبد الله بن موهب3 6459. يزيد بن عبد المدان4 6460. يزيد بن عبد الملك بن مروان1 6461. يزيد بن عبيدة بن أبي المهاجر السكوني...1 6462. يزيد بن عطاء ويقال ابن أبي عطاء1 6463. يزيد بن عمر بن عبد العزيز1 6464. يزيد بن عمر بن مورق1 Prev. 100
«
Previous

يحيى بن عبد الله بن أسامة

»
Next
يحيى بن عبد الله بن أسامة
القرشي البلقاوي
حدث عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: كان عمر بن الخطاب كثيراً مما يحدثنا عن أخبار الجاهلية وأهلها، ويقول: الأجل حصن حصين، وكهف منيع، ولقد أتت علي أحوال مهلكات نجوت منها سالماً، وكنت من أشد الناس إقداماً على ما يعجز عنه كثير من الناس، من الدخول على الملوك ومباشرة الحرب، حتى إني ونفر من أقراني من قريش دون العشرة أقدمنا على مئة رجل من ذوي البأس في بعض طريق الشام، فقد أجمعوا للقاء أقران لهم، فهجمنا عليهم ضحى، فواقعناهم حتى ذهب النهار وجاء الليل، فتحاجزنا، وما ظفروا منا بشيء، وافترق أصحابي بعد ذلك فرقتين، فمكثت في أقلهم عدداً، فأقمت أنا ومن معي بمكاننا، وغدا الآخرون عنا يريدون البحر، فذهبوا إلى الساعد، فما يعلم لأحد منهم خبر، وانطلقنا نحن إلى الشام، فقضينا أمرنا. فلما هممنا بالانصراف طعن رجل من أصحابي فمات، وسرت أنا وواحد منهم لم يبق معي غيره، فلم تنتصف الطريق بنا حتى غشينا في ليلة ظلمة سبع، فاختطفه وبقيت وحدي، فأتيت مكة فأقمت بها أياماً، ثم توجهت لبعض الأمر، فبينا أنا أسير تغولت لي الغول، فقالت لي: أين تعمد يا بن الخطاب؟ فقلت: وما عليك من ذلك؟ فاستدار وجهها حتى صار من ورائها، فرفعت السيف فأضرب به ما بين كتفيها وعنقها فأبنته، وانطلقت حتى قضيت حاجتي، وحدثت
نفسي أن لا أحد في ذلك الطريق، فأتيت على المكان الذي وقعت الغول فيه، فلم أر لها أثراً.
فبينا أنا أسير سمعت صياحاً قد علا، ولا أرى أحداً، فما راعني ذلك، ولا جبنت به، وسرت حتى أتيت مكة. وكان الناس يكثرون ذكر النعمان بن المنذر ويصفون إكرامه من يأتيه من قريش، فتوجهت نحوه، فوجدته جالساً في مجلس عظيم، وقد كثر الناس فيه، فجلست حيث انتهى بي المجلس، فدعا بقوس وجعبة، فنكت السهام بين يديه، وجعل يتأمل الناس، فإذا رأى رجلاً طالهم وعلا عليهم رشقه في أذنه بسهم، فأنشبه فيه، وكنت رجلاً طويلاً. فلما رأيته فعل ذلك برجلين خفت أن يقع طرفه علي، فيجعلني ثالثاً، فتلطفت حتى خرجت، ثم عدت إلى مكة، فلبثت بها حيناً، ثم بلغني عن ملوك غسان انه من أتاه من قريش حباه وشرفه، فلم يمنعني ما شاهدته من النعمان أن توجهت حتى انتهيت إليه، فأمكث أياماً لا أصل إليه، ولا يؤذن لأحد عليه، ثم جلس جلوساً عاماً، فدخلت في جملة الناس، فإذا هو جالس في صدر مجلسه، وفي وسط داره أسطوانة طويلة، واسعة الرأس، فجعل يتأملها، ثم قال لجلسائه: أترون أنه لو أخذ رجل شاب، ظاهر الدم، حسن الجسم، فذبح على رأس هذه الأسطوانة، أكان يسيل دمه حتى يبلغ الأرض؟ فقالوا: ما نرى ذاك، وإنها لطويلة، فأمر برجل توسمه بين الناس، ونظر إليه على البعث الذي بعثه، فأصعد إلى أعلى الأسطوانة، فذبح، فسال دمه حتى بلغ ثلثها، وانحدر قليلاً، فقال: ما أراه بلغ الأرض، فلقد كانت به أدمة، ولو كان أبيض كان دمه أكثر.
ثم تأمل الناس فلحظني بطرفه، فظننت أنه سيأمر بي، ثم غفل عني فتلطفت وخرجت، فعدت إلى مكة، فمكثت حيناً ثم توجهت في تجارة إلى الشام في رهط من قريش، فيهم أبو سفيان بن حرب، وكان مقصدنا غزة. فلما أتيناها وجدنا أسواقها تصرمت، وبقيت بضائعنا، فقيل لنا: لو أتيتم دمشق لأصبتم بها حاجتكم، فأتيناها، فبعنا واشترينا ما يصلح لبلادنا، وخرجنا نريد طريق بلادنا. فلما سرنا غير بعيد عرضت لي حاجة، فحللت إزاري فإذا فيه صرة، ذكرتها حين رأيتها، فيها شيء من الذهب، كانت امرأة من نساء قومي دفعته إلي، وسألتني أن أبتاع لها به بزاً، وما أشبهه،
فقلت لأصحابي: أنظروني بمكانكم إلى أن أنصرف إليكم، فقد عرضت لي حاجة لا بد من العودة فيها إلى دمشق، فأخبرتهم بأمر المرأة، فقالوا: فنحن نقيم عليك، فلا تحبسنا، فرجعت حتى أدخلها مساء، فنزلت فندقاً لأبيت فيه، وأصبح على حاجتي، فإني لنائم أتاني رجل حسن الصورة مكتهل، فحركني برجله ففتحت عيني، فقال لي: من أين أنت؟ فقلت: أنا رجل غريب دخلت في حاجة، فقال: انطلق معي إلى منزلي، فنهضت معه، واحسن ضيافتي، وبت عنده خير مبيت.
فلما أخذت مضجعي قام يصلي الليل كله حتى أدركه الصبح، فأقبل علي، وقال: لا تخرج إلى السوق حتى أخرج معك، فتقضى حاجتك. قال: وكان كل من يخرج إلى الأسواق يحرز متاعه مخافة أن يختطف. قال: وأدرك الرجل النوم لسهره ليله، فكرهت أن أوقظه، وخفت أن أحتبس أنا عن أصحابي، فبادرت إلى السوق، فإذا أكثر أهلها لم يأتوا، فوقفت أترقب، وإذا ببطريق من الروم وجماعة من الأعوان، فرآني وعلم أني غريب، فقال لأعوانه: خذوه، فنعم خادم الكنيسة هو، فأخذوني وانطلقوا بي إلى كنيسة لهم فيها بناء قد استهدم وأعطوني مراً وقالوا: اهدم، فظللت يومي كله أعمل حتى أمسيت، فخلوني، فرجعت إلى الفندق الذي كنت فيه، وأنا بحالة سيئة، فأتاني الرجل الذي كان أضافني فقال: ما كان من أمرك؟ فأخبرته، فقال: ألم أوصك لا تخرج إلى السوق إلا معي؟ فقلت: إنك بت تصلي، وأعجلني الأمر، وكرهت أن أعجلك من منامك، فقال: انطلق الآن معي، فصار بي إلى منزله، وأحسن ضيافتي، وأوصاني ألا أصنع كما صنعت، ولا أخرج إلا معه. وأخذ في صلاته حتى إذا بان الصبح، ونام خالفته فخرجت إلى السوق، فإذا البطريق غشيني، فقال لأصحابه: هذا صاحبنا بالأمس، خذوه فأخذوني، وأعطوني المر، فما زلت أهدم حتى انتصف النهار واشتد الحر، وخلا الموضع، فجلست أستريح، فما شعرت إلا وقد هجم علي البطريق فعلاني بسوط معه حتى أوجعني، فقال: تركت العمل وجلست؟! فأبلغ مني فعله، ونظرت عن يميني وعن شمالي فإذا ليس أحد غيري وغيره، فاجتذبته فسقط إلى الأرض عن دابته،
وضربت هامته بالمر ففلقتها، وهو يستغيث، فلم يسمعه أحد، فطرحت عليه من ذلك الهدم، وخرجت من المدينة هارباً لا ألتفت ورائي حذراً من الطلب، وقصدت غير الطريق الذي فيه أصحابي.
فلما أبعدت لحقني رجل من الروم يسير في بعض أمره، فكلمني بلغته فلم أعرفها واستراب بي، وألح في مخاطبتي بما لا أعلمه، وأنا أخاطبه بما لا يعلمه، ثم أومأ بيده إلى سيفه ليسله، فبادرته فغلبته عليه، وصرعته عن بغلة كان عليها وقتلته، وذهبت البغلة، وأخذت حتى وصلت إلى دير فيه جماعة نصارى فدخلته. فلما رأوني سألوني عن حالي فكنيت عنها، وقلت: بم يعرف ديركم؟ قالوا: يعرف بدير العدس، وانطلقوا إلى أسقف لهم فعرفوه خبري، فأتاني. فلما تأملني قال: أرى وجه خائف، قلت: وما ترى من خوفي؟ قال: كن كيف شئت فقد أمن الله خوفك، ولا مكروه عليك إذ وصلت إلينا، وأنزلني في بيته، وأحسن ضيافتي، ثم سألني من أنا؟ وممن أنا؟ فأخبرته، وهو يتأملني، ويعيد مسألتي. فلما أصبحت قال: ما تشاء، المقام أم الرحيل؟ فقلت: الرحيل، فجاءني بحمارة له قمراء ذات لحم وشحم، فأوكفها، وحملها خرجين، فيهما طعام وطرف وتحف، فقال لي: اركبها، وانطلق، فإنك لن تأتي على أحد من النصارى فيراك عليها إلا أحسن ضيافتك، وحفظك وجوزك، ثم أخذ بيدي، فخلا بي من وراء الدير، فقال لي: يا عمر، قد وجب حقي عليك، وأنت رجل من قوم كرام، ولي إليك حاجة، فاقضها، فقلت: اذكرها، وإني لأعجب أن تكون لمثلك إلى مثلي حاجة، وأنا رجل غريب على الحال الذي ترى، فقال: أنا رجل عندي علم من الكتاب، وقد تفرست فيك، ولن تنقضي الأيام حتى يتغير ما عليه الناس، وينتقلون إلى حالة أخرى، وتلي أنت هذه البلاد، وينفذ أمرك، وحكمك فيها وفي أهلها، وأخرج من كمه دواة وصحيفة وقال: حاجتي أن تكتب كتاباً يكون في يدي بإسقاط الجزية عن هذا الدير، ومن يسكنه، فقلت: ما كنت أراك تهزأ بي، فقال: وما كنت أراك تسيء بي الظن، والذي أنزل الإنجيل على عيسى بن مريم لحق كما قلت لك، فاكتب لي بما سألتك، فكتبت له بما سأل وانطلقت، فما أتيت على قوم من النصارى إلا ضيفوني، وجوزوني، وأرشدوني الطريق، وشيعني بعضهم إلى بعض حين رأوني على حمارة الأسقف، حتى انتهيت إلى تبوك، فإذا أصحابي نزول. فلما رأوني نهضوا إلي، وسروا بورودي، وقالوا: حبستنا
بالمكان الذي خلفتنا فيه ثلاثاً، ولما يئسنا منك سرنا، وبنا منك هم شديد، فما كان من شأنك؟ فأخبرتهم خبري غير الذي قاله لي الأسقف، فلم أذكره لهم لضعف كان في نفسي. وقال لهم أبو سفيان حين رآني راكباً على تلك الحمارة: أما ترون هذا الفتى وإقبال أمره، إنه مذ نشأ لو عمد إلى حجر لانفلق عن رزق، قال: وكان الأسقف أوصاني إذا وصلت لأصحابي، واستغنيت عن الحمارة جعلت رسنها في أحد جانبي الخرج، وأشد الخرجين عليها شداً متقناً، وأدعها بمكانها حيث كانت، ففعلت بها ذلك، فقال أبو سفيان: ما هذا؟ فقلت: ما ترى: تدع حمارة مثل هذه معرضة للصوص والسباع، فقلت: بهذا أمرني صاحبها، وهو أعلم بشأنها مني. قال: فسمى ذلك الموضع والركن الذي فيه: ركن الأتان.
وأتينا مكة، ودار في نفسي ما سمعته من ذلك الأسقف، فأسررت ذلك إلى حاضنة لي ذات فهم وعلم، فقالت: يا بن الخطاب، إني لم أزل أتوسم فيك الخير، وأنت صغير، وذلك أني رأيت فيما يرى النائم وأنت تطول حتى لم أستطع النظر إلى وجهك لطولك، ثم مددت يدك اليمنى، فنلت بها السماء، فقلت في منامي: ما بال ابني؟ فقال لي قائل: إنه سينال خير الدنيا والآخرة. قال: ونحن في جاهلية لا نعرف معنى هذا الكلام، وكان بمكة رجل من أهل الكتاب يخفي أمره، ويكتم شأنه، إلا أن أكابر قريش يعرفونه ويكرمونه، وربما شاوروه في الأمر يحدث لهم، فطرقته نصف النهار، وقلت له: أغلق الباب، فإن لي بك خلوة ففعل، فقلت له: إني أذكر لك حديثين، فلا تخبر بهما أحداً، وقصصت عليه ما قال الأسقف بدير العدس، وما أخبرتني به حاضنتي من الرؤيا، فأقبل علي وقال: يا بن الخطاب، أما ما ذكر الأسقف فهو اليوم أعلم من بقي على وجه الأرض من النصارى، وما أخبرك إلا بالحق، وأما الرؤيا، فإنه سيحدث بمكة عن قريب أمر يتغير به جميع ما ترى، وقد أظل، فإذا رأيت أوائله يا بن الخطاب فأتني، فإن فيه مصداق ما أخبرك به الأسقف، فقلت: وما هو؟ فقال: لن يخفى عليك، فأول أمر تراه يحدث فهو هو. قال: فانصرفت، وأنا أتوقع ما قال، فمات بعد أيام، وظهر من ذكر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيء تحدث به قوم من قريش، وجعلوا يتذاكرونه بينهم على سبيل
الهزء، وقلت في نفسي: لئن كان هذا حقاً لهو الرجل الذي أخبرني به الرجل الكتابي، ولم يزل ذلك يقوى حتى أظهر الله الإسلام.
قال أسلم: فلما كان في خلافة عمر توجه إلى الشام أتاه شيخ كبير، ومعه جماعة من النصارى، فسلم عليه، وقال: ما تعرفني يا أمير المؤمنين؟ فقال: إن كنت صاحبي بدير العدس فإني أعرفك، قال: أنا هو، فقال عمر: إن عهدي بك، وأنت مكتهل، وقد بلغت هذه الحال، وقد أتى الله عز وجل بالإسلام، فما يمنعك من الدخول فيه، وأنت رجل من أهل الكتاب؟ وقد كنت أخبرتني بشيء، فرأيت من نبئه ما استدللت به، على أنك من علمائهم، فاعتذر في ذلك. ثم أظهر الكتاب الذي كان عمر كتبه له، فعرفه عمر، وقال: ما تسأل؟ قال: اسأل أن تمضيه لي، فقد تقدم به أمرك ووعدك، فقال: إنا يومئذ كنا وإياكم على حال قد علمتها، وقد أزالها الله، وجاءنا بغيرها، ولا بد من أحد أمرين: إما الخراج، وإما الضيافة، فاختار الضيافة، فألزمهم إياها عمر، وأسقط عن ديره الخراج على أن عليهم ضيافة من نزل هذا الدير من المسلمين إذا كان عابر سبيل ثلاثة أيام، يطعمونهم، ما يحل لهم من أوسط طعامهم، وكتب لهم بذلك كتاباً، وقال عمر: ما أعرف لأحد عندي يداً منذ كنت حتى من الله علي بالإسلام غير هذا الرجل - يعني ما كان صنعه به أسقف الدير - وعرض عليه المكافأة من ماله، فلم يقبلها، وانصرف وأصحابه راضين بما أكرمهم عمر من ضيافة المسلمين.
You are viewing hadithtransmitters.hawramani.com in filtered mode: only posts belonging to Ibn Manẓūr (d. 1311 CE) - Mukhtaṣar Tārīkh Dimashq - ابن منظور - مختصر تاريخ دمشق are being displayed.