وهب بن زمعة بن أسيد
ابن أحيحة بن خلف بن وهب بن حذافة أو دهبل الجمحي، الشاعر من أهل مكة. قدم دمشق.
خرج أبو دهبل يريد الغزو - وكان رجلاً جميلاً صالحاً - فلما كان بجيرون جاءته امرأة، فأعطته كتاباً، فقالت له: اقرأ هذا، فقرأه لها. ثم ذهبت، فدخلت قصراً، ثم خرجت إليه، فقالت: لو تبلغت إلى هذا القصر، فقرأت الكتاب على امرأة فيه كان لك أجر - إن شاء الله - فدخل القصر، فإذا جوار كثير، فأغلقن عليه باب القصر، وإذا امرأة جميلة قد أتته، فدعته إلى نفسها، فأبى؛ فأمرت به فحبس في بيت من القصر، وأطعم وسقي قليلاً قليلاً حتى ضعف، وكاد أن يموت، ثم دعته إلى نفسها؛ فقال: أما حرام فلا يكون ذلك أبداً، ولكن أتزوجك، قالت: نعم. فتزوجها، وأمرت به فأحسن إليه حتى رجعت إليه نفسه، فأقام معها زماناً طويلاً، لم تدعه يخرج من القصر، حتى يئس منه أهله وولده، وزوج أولاده بناته، واقتسموا ميراثه، وأقامت زوجته تبكي عليه، ولم تقاسمهم ماله، ولا أخذت شيئاً من ميراثه، وجاءها الخطاب، فأبت، وأقامت على الحزن والبكاء عليه.
فقال أبو دهبل لامرأته يوماً: إنك قد أثمت في وفي ولدي؛ فأذني لي أن أخرج إليهم، وأرجع إليك.
فأخذت عليه أيماناً ألا يقيم إلا سنة حتى يعود إليها، وأعطته مالاً كثيراً.
فخرج إلى أهله، وأتى زوجته وما صارت إليه من الحزن، ونظر إلى ولده ممن
اقتسم ماله، فقال: ما بيني وبينكم عمل، أنتم ورثتموني وأنا حي، فهو حظكم، والله لا يشرك زوجتي فيما قدمت به أحد.
وقال لزوجته: شأنك بهذا المال، فهو لك، ولست أجهل ما كان من وفائك.
فأقام معها، وقال في الشامية: - ويروى لعبد الرحمن بن حسان وليس بصحيح -: من الخفبف
صاح حيا الإله حياً ودوراً ... عند أصل القناة من جيرون
فبتلك اغتربت في الشام حتى ... ظن أهلي مرجمات الظنون
وهي زهراء مثل لؤلؤة الغوا ... ص ميزت من جوهر مكنون
وفيها:
ثم فارقتها على خير ما كا ... ن قرين مفارقاً لقرين
وبكت خشية التفرق والبي ... ن بكاء الحزين نحو الحزين
فأسألي عن تذكري واكتئابي ... كل أهلي إذا هم عذلوني
فلما جاء الأجل أراد الخروج إليها، فجاءه موتها؛ فأقام.
كان عبد الله بن الزبير استعمل المغيرة بن عبد الله بن خالد على ناحية من اليمن، وكان المغيرة شريفاً، ووفد عليه أبو دهبل الجمحي، فقال له: من مجزوء الكامل
يا ناق سيري واشرقي ... بدم إذا جئت المغيرة
سيثيبني أخرى سوا ... ك وتلك لي منه يسيره
إن ابن عبد الله نع ... م فتى الندى وابن العشيرة
حلو الحلاوة دهثم ... جلد القوى مر المريره
كفاه كفا ماجد ... حر سحائبه مطيره
تتحليان ندى إذا ... ضنت به النفس العسيره
ولأبي دهبل يمدح عبد الله الأزرق: من الكامل
عقم النساء فما تلدن شبيهه ... إن النساء بمثله عقم
غض الكلام من الحياء تخاله ... ضمناً وليس بجسمه سقم
خرج أبو دهبل يريد مصر، ثم رجع من الطريق. وقال في زوجته أم دهبل: من الخفيف
اسلمي أم دهبل قبل هجر ... وتقص من الزمان وعصر
واذكري كري المطي إليكم ... بعدما قد توجهت نحو مصر
إن تكوني أنت المقدم قبلي ... وأطع يثو عند قبرك قبري
قال إبراهيم بن أبي عبد الله: فرأيت قبريهما بتهامة بعليب في موضع واحد.
ابن أحيحة بن خلف بن وهب بن حذافة أو دهبل الجمحي، الشاعر من أهل مكة. قدم دمشق.
خرج أبو دهبل يريد الغزو - وكان رجلاً جميلاً صالحاً - فلما كان بجيرون جاءته امرأة، فأعطته كتاباً، فقالت له: اقرأ هذا، فقرأه لها. ثم ذهبت، فدخلت قصراً، ثم خرجت إليه، فقالت: لو تبلغت إلى هذا القصر، فقرأت الكتاب على امرأة فيه كان لك أجر - إن شاء الله - فدخل القصر، فإذا جوار كثير، فأغلقن عليه باب القصر، وإذا امرأة جميلة قد أتته، فدعته إلى نفسها، فأبى؛ فأمرت به فحبس في بيت من القصر، وأطعم وسقي قليلاً قليلاً حتى ضعف، وكاد أن يموت، ثم دعته إلى نفسها؛ فقال: أما حرام فلا يكون ذلك أبداً، ولكن أتزوجك، قالت: نعم. فتزوجها، وأمرت به فأحسن إليه حتى رجعت إليه نفسه، فأقام معها زماناً طويلاً، لم تدعه يخرج من القصر، حتى يئس منه أهله وولده، وزوج أولاده بناته، واقتسموا ميراثه، وأقامت زوجته تبكي عليه، ولم تقاسمهم ماله، ولا أخذت شيئاً من ميراثه، وجاءها الخطاب، فأبت، وأقامت على الحزن والبكاء عليه.
فقال أبو دهبل لامرأته يوماً: إنك قد أثمت في وفي ولدي؛ فأذني لي أن أخرج إليهم، وأرجع إليك.
فأخذت عليه أيماناً ألا يقيم إلا سنة حتى يعود إليها، وأعطته مالاً كثيراً.
فخرج إلى أهله، وأتى زوجته وما صارت إليه من الحزن، ونظر إلى ولده ممن
اقتسم ماله، فقال: ما بيني وبينكم عمل، أنتم ورثتموني وأنا حي، فهو حظكم، والله لا يشرك زوجتي فيما قدمت به أحد.
وقال لزوجته: شأنك بهذا المال، فهو لك، ولست أجهل ما كان من وفائك.
فأقام معها، وقال في الشامية: - ويروى لعبد الرحمن بن حسان وليس بصحيح -: من الخفبف
صاح حيا الإله حياً ودوراً ... عند أصل القناة من جيرون
فبتلك اغتربت في الشام حتى ... ظن أهلي مرجمات الظنون
وهي زهراء مثل لؤلؤة الغوا ... ص ميزت من جوهر مكنون
وفيها:
ثم فارقتها على خير ما كا ... ن قرين مفارقاً لقرين
وبكت خشية التفرق والبي ... ن بكاء الحزين نحو الحزين
فأسألي عن تذكري واكتئابي ... كل أهلي إذا هم عذلوني
فلما جاء الأجل أراد الخروج إليها، فجاءه موتها؛ فأقام.
كان عبد الله بن الزبير استعمل المغيرة بن عبد الله بن خالد على ناحية من اليمن، وكان المغيرة شريفاً، ووفد عليه أبو دهبل الجمحي، فقال له: من مجزوء الكامل
يا ناق سيري واشرقي ... بدم إذا جئت المغيرة
سيثيبني أخرى سوا ... ك وتلك لي منه يسيره
إن ابن عبد الله نع ... م فتى الندى وابن العشيرة
حلو الحلاوة دهثم ... جلد القوى مر المريره
كفاه كفا ماجد ... حر سحائبه مطيره
تتحليان ندى إذا ... ضنت به النفس العسيره
ولأبي دهبل يمدح عبد الله الأزرق: من الكامل
عقم النساء فما تلدن شبيهه ... إن النساء بمثله عقم
غض الكلام من الحياء تخاله ... ضمناً وليس بجسمه سقم
خرج أبو دهبل يريد مصر، ثم رجع من الطريق. وقال في زوجته أم دهبل: من الخفيف
اسلمي أم دهبل قبل هجر ... وتقص من الزمان وعصر
واذكري كري المطي إليكم ... بعدما قد توجهت نحو مصر
إن تكوني أنت المقدم قبلي ... وأطع يثو عند قبرك قبري
قال إبراهيم بن أبي عبد الله: فرأيت قبريهما بتهامة بعليب في موضع واحد.