معاوية بن أبي سفيان بن يزيد بن خالد.
Ibn Manẓūr (d. 1311 CE) - Mukhtaṣar Tārīkh Dimashq - ابن منظور - مختصر تاريخ دمشق
ا
ب
ت
ث
ج
ح
خ
د
ذ
ر
ز
س
ش
ص
ض
ط
ظ
ع
غ
ف
ق
ك
ل
م
ن
ه
و
ي
Book Home Page
الصفحة الرئيسية للكتاب Number of entries in this book
عدد المواضيع في هذا الكتاب 6554 5914. معالي بن يحيى بن خلف السلمي1 5915. معان بن رفاعة السلامي3 5916. معان مولى يزيد بن تميم السلمي1 5917. معاوية بن أبي سفيان أبو عبد الرحمن القرشي الأموي...1 5918. معاوية بن أبي سفيان بن يزيد1 5919. معاوية بن أبي سفيان بن يزيد بن خالد15920. معاوية بن إسحاق بن عباد1 5921. معاوية بن الأوس بن الأصبغ1 5922. معاوية بن الحارث1 5923. معاوية بن الريان الأموي1 5924. معاوية بن حديج بن جفنة2 5925. معاوية بن خالد بن يزيد1 5926. معاوية بن خذرف بن معاوية1 5927. معاوية بن سلام بن أبي سلام2 5928. معاوية بن سلمة بن سليمان1 5929. معاوية بن سليمان بن هشام1 5930. معاوية بن صالح بن أبي عبيد الله1 5931. معاوية بن صالح بن حدير1 5932. معاوية بن صخر أبي سفيان بن حرب1 5933. معاوية بن طويع2 5934. معاوية بن عبد الله6 5935. معاوية بن عبيد الله1 5936. معاوية بن عثمان1 5937. معاوية بن عمرو بن عتبة1 5938. معاوية بن قرة بن إياس بن هلال1 5939. معاوية بن قرمل المحاربي2 5940. معاوية بن محمد بن دنبويه1 5941. معاوية بن مروان بن الحكم1 5942. معاوية بن مصاد بن زهير1 5943. معاوية بن معدي كرب1 5944. معاوية بن يحيى أبو روح1 5945. معاوية بن يحيى أبو عثمان الشامي1 5946. معاوية بن يحيى أبو مطيع الدمشقي1 5947. معاوية بن يزيد بن معاوية1 5948. معبد أبو المخارق الراهبي1 5949. معبد بن خالد بن ربيعة بن مرين1 5950. معبد بن عبد الله بن عويمر1 5951. معبد بن محمد البيروتي1 5952. معبد بن هلال العنزي البصري4 5953. معبد بن وهب3 5954. معبد مولى الوليد بن معاوية1 5955. معدان بن طلحة1 5956. معرور الكلبي4 5957. معروف بن أبي معروف البلخي1 5958. معروف بن سويد1 5959. معروف بن عبد الله أبو الخطاب الخياط1 5960. معروف بن محمد بن معروف1 5961. معقس بن عمران بن حطان السدوسي1 5962. معقل بن سنان بن مظهر بن عركي2 5963. معلل بن خالد الهجيمي البصري1 5964. معلى بن أيوب أبو العلاء الكاتب1 5965. معلى بن سلام أبو عبد الله1 5966. معلى بن عيسى الدمشقي1 5967. معلى بن منصور أبو يعلى الرازي4 5968. معمر بن المثني أبو عبيدة التيمي1 5969. معمر بن راشد10 5970. معمر بن محمد بن يزيد1 5971. معمر بن يعمر أبو عامر1 5972. معن بن أوس بن نصر بن زيادة1 5973. معن بن ثور بن يزيد بن الأخنس السلمي1 5974. معن بن يزيد بن الأخنس2 5975. معيقيب بن أبي فاطمة الدوسي3 5976. مغلس البغدادي2 5977. مغيث بن سمي أبو أيوب الأوزاعي1 5978. مفضل بن المهلب بن أبي صفرة1 5979. مفضل بن غسان بن المفضل1 5980. مفضل بن محمد بن مسعر1 5981. مقاتل بن حكيم العكي1 5982. مقاتل بن حيان أبو بسطام النبطي2 5983. مقاتل بن سليمان أبو الحسن البلخي1 5984. مقاتل بن مكوذ بن أبي نصر يمريان1 5985. مقاتل مولى عمر بن عبد العزيز1 5986. مقاس الأسدي ثم الفقعسي1 5987. مقبل بن عبد الله4 5988. مقداد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك1 5989. مكحول بن دبر1 5990. مكلبة بن حنظلة بن حوية1 5991. مكي بن أحمد بن سعدويه1 5992. مكي بن إبراهيم بن بشير بن فرقد1 5993. مكي بن إبراهيم بن محمد بن سهلان1 5994. مكي بن الحسن بن المعافي1 5995. مكي بن جابار بن عبد الله بن أحمد1 5996. مكي بن عبد السلام بن الحسين1 5997. مكي بن محمد بن الغمر1 5998. ملحان بن زياد بن غطيف1 5999. ملكة بنت داود بن محمد بن سعيد القرطكي...1 6000. مليح بن وكيع بن الجراح3 6001. ممطور أبو سلام الأعرج1 6002. منبه بن عثمان اللخمي الدمشقي1 6003. منتصر بن أبي الدرداء1 6004. منتصر بن عبد الله الدمشقي1 6005. منجى بن سليم بن عيسى بن نسطورس1 6006. منخل بن منصور الجهني المشجعي1 6007. منذر بين عبيد المدني1 6008. منصور أبو أمية الخصي1 6009. منصور بن بشير أبي مزاحم1 6010. منصور بن جعونة بن الحارث العامري1 6011. منصور بن جمهور بن حصن1 6012. منصور بن رامش بن عبد الله بن زيد1 6013. منصور بن سعيد بن الأصبغ1 ◀ Prev. 100▶ Next 100
الصفحة الرئيسية للكتاب Number of entries in this book
عدد المواضيع في هذا الكتاب 6554 5914. معالي بن يحيى بن خلف السلمي1 5915. معان بن رفاعة السلامي3 5916. معان مولى يزيد بن تميم السلمي1 5917. معاوية بن أبي سفيان أبو عبد الرحمن القرشي الأموي...1 5918. معاوية بن أبي سفيان بن يزيد1 5919. معاوية بن أبي سفيان بن يزيد بن خالد15920. معاوية بن إسحاق بن عباد1 5921. معاوية بن الأوس بن الأصبغ1 5922. معاوية بن الحارث1 5923. معاوية بن الريان الأموي1 5924. معاوية بن حديج بن جفنة2 5925. معاوية بن خالد بن يزيد1 5926. معاوية بن خذرف بن معاوية1 5927. معاوية بن سلام بن أبي سلام2 5928. معاوية بن سلمة بن سليمان1 5929. معاوية بن سليمان بن هشام1 5930. معاوية بن صالح بن أبي عبيد الله1 5931. معاوية بن صالح بن حدير1 5932. معاوية بن صخر أبي سفيان بن حرب1 5933. معاوية بن طويع2 5934. معاوية بن عبد الله6 5935. معاوية بن عبيد الله1 5936. معاوية بن عثمان1 5937. معاوية بن عمرو بن عتبة1 5938. معاوية بن قرة بن إياس بن هلال1 5939. معاوية بن قرمل المحاربي2 5940. معاوية بن محمد بن دنبويه1 5941. معاوية بن مروان بن الحكم1 5942. معاوية بن مصاد بن زهير1 5943. معاوية بن معدي كرب1 5944. معاوية بن يحيى أبو روح1 5945. معاوية بن يحيى أبو عثمان الشامي1 5946. معاوية بن يحيى أبو مطيع الدمشقي1 5947. معاوية بن يزيد بن معاوية1 5948. معبد أبو المخارق الراهبي1 5949. معبد بن خالد بن ربيعة بن مرين1 5950. معبد بن عبد الله بن عويمر1 5951. معبد بن محمد البيروتي1 5952. معبد بن هلال العنزي البصري4 5953. معبد بن وهب3 5954. معبد مولى الوليد بن معاوية1 5955. معدان بن طلحة1 5956. معرور الكلبي4 5957. معروف بن أبي معروف البلخي1 5958. معروف بن سويد1 5959. معروف بن عبد الله أبو الخطاب الخياط1 5960. معروف بن محمد بن معروف1 5961. معقس بن عمران بن حطان السدوسي1 5962. معقل بن سنان بن مظهر بن عركي2 5963. معلل بن خالد الهجيمي البصري1 5964. معلى بن أيوب أبو العلاء الكاتب1 5965. معلى بن سلام أبو عبد الله1 5966. معلى بن عيسى الدمشقي1 5967. معلى بن منصور أبو يعلى الرازي4 5968. معمر بن المثني أبو عبيدة التيمي1 5969. معمر بن راشد10 5970. معمر بن محمد بن يزيد1 5971. معمر بن يعمر أبو عامر1 5972. معن بن أوس بن نصر بن زيادة1 5973. معن بن ثور بن يزيد بن الأخنس السلمي1 5974. معن بن يزيد بن الأخنس2 5975. معيقيب بن أبي فاطمة الدوسي3 5976. مغلس البغدادي2 5977. مغيث بن سمي أبو أيوب الأوزاعي1 5978. مفضل بن المهلب بن أبي صفرة1 5979. مفضل بن غسان بن المفضل1 5980. مفضل بن محمد بن مسعر1 5981. مقاتل بن حكيم العكي1 5982. مقاتل بن حيان أبو بسطام النبطي2 5983. مقاتل بن سليمان أبو الحسن البلخي1 5984. مقاتل بن مكوذ بن أبي نصر يمريان1 5985. مقاتل مولى عمر بن عبد العزيز1 5986. مقاس الأسدي ثم الفقعسي1 5987. مقبل بن عبد الله4 5988. مقداد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك1 5989. مكحول بن دبر1 5990. مكلبة بن حنظلة بن حوية1 5991. مكي بن أحمد بن سعدويه1 5992. مكي بن إبراهيم بن بشير بن فرقد1 5993. مكي بن إبراهيم بن محمد بن سهلان1 5994. مكي بن الحسن بن المعافي1 5995. مكي بن جابار بن عبد الله بن أحمد1 5996. مكي بن عبد السلام بن الحسين1 5997. مكي بن محمد بن الغمر1 5998. ملحان بن زياد بن غطيف1 5999. ملكة بنت داود بن محمد بن سعيد القرطكي...1 6000. مليح بن وكيع بن الجراح3 6001. ممطور أبو سلام الأعرج1 6002. منبه بن عثمان اللخمي الدمشقي1 6003. منتصر بن أبي الدرداء1 6004. منتصر بن عبد الله الدمشقي1 6005. منجى بن سليم بن عيسى بن نسطورس1 6006. منخل بن منصور الجهني المشجعي1 6007. منذر بين عبيد المدني1 6008. منصور أبو أمية الخصي1 6009. منصور بن بشير أبي مزاحم1 6010. منصور بن جعونة بن الحارث العامري1 6011. منصور بن جمهور بن حصن1 6012. منصور بن رامش بن عبد الله بن زيد1 6013. منصور بن سعيد بن الأصبغ1 ◀ Prev. 100▶ Next 100
You are viewing hadithtransmitters.hawramani.com in filtered mode: only posts belonging to
Ibn Manẓūr (d. 1311 CE) - Mukhtaṣar Tārīkh Dimashq - ابن منظور - مختصر تاريخ دمشق are being displayed.
Similar and related entries:
مواضيع متعلقة أو متشابهة بهذا الموضوع
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=155356&book=5561#8a502b
مُعَاوِيَةُ بنُ أَبِي سُفْيَانَ صَخْرِ بنِ حَرْبٍ الأُمَوِيُّ
ابْنِ أُمَيَّةَ بنِ عَبْدِ شَمْسٍ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ بنِ قُصَيِّ بنِ
كِلاَبٍ، أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ، مَلِكُ الإِسْلاَمِ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ القُرَشِيُّ، الأُمَوِيُّ، المَكِّيُّ.وَأُمُّهُ: هِيَ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ بنِ رَبِيْعَةَ بنِ عَبْدِ شَمْسٍ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ بنِ قُصَيٍّ.
قِيْلَ: إِنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَ أَبِيْهِ وَقْتَ عُمْرَةِ القَضَاءِ، وَبَقِيَ يَخَافُ مِنَ اللَّحَاقِ بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَبِيْهِ، وَلَكِنْ مَا ظَهَرَ إِسْلاَمُهُ إِلاَّ يَوْمَ الفَتْحِ.
حَدَّثَ عَنِ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَتَبَ لَهُ مَرَّاتٍ يَسِيْرَةً.
وَحَدَّثَ أَيْضاً عَنْ: أُخْتِهِ أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ أُمِّ حَبِيْبَةَ، وَعَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ عَبَّاسٍ، وَسَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، وَأَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ، وَأَبُو إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيُّ، وَأَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيْدٌ المَقْبُرِيُّ، وَخَالِدُ بنُ مَعْدَانَ، وَهَمَّامُ بنُ مُنَبِّهٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَامِرٍ المُقْرِئُ، وَالقَاسِمُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعُمَيْرُ بنُ هَانِئ، وَعُبَادَةُ بنُ نُسَيٍّ، وَسَالِمُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَمُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ، وَوَالِدُ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَحَدَّثَ عَنْهُ مِنَ الصَّحَابَةِ أَيْضاً: جَرِيْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَأَبُو سَعِيْدٍ، وَالنُّعْمَانُ بنُ بَشِيْرٍ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ.
ذَكَرَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَغَيْرُهُ:
أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَانَ طَوِيْلاً، أَبْيَضَ، جَمِيْلاً، إِذَا ضَحِكَ انْقَلَبَتْ شَفَتُهُ العُلْيَا، وَكَانَ يَخْضِبُ.
رَوَى: سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ رَبٍّ:
رَأَيْتُ مُعَاوِيَةَ يَخْضِبُ
بِالصُّفْرَةِ، كَأَنَّ لِحْيَتَهُ الذَّهَبُ.قُلْتُ: كَانَ ذَلِكَ لاَئِقاً فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ، وَاليَوْمَ لَوْ فُعِلَ، لاسْتُهْجِنَ.
وَرَوَى: عَبْدُ الجبَّارِ بنُ عُمَرَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ قَارِظٍ:
سَمِعَ مُعَاوِيَةَ عَلَى مِنْبَرِ المَدِيْنَةِ يَقُوْلُ: أَيْنَ فُقَهَاؤُكُم يَا أَهْلَ المَدِيْنَةِ؟ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ هَذِهِ القُصَّةِ.
ثُمَّ وَضَعَهَا عَلَى رَأْسِهِ، فَلَمْ أَرَ عَلَى عَرُوْسٍ وَلاَ عَلَى غَيْرِهَا أَجْمَلَ مِنْهَا عَلَى مُعَاوِيَةَ.
وَعَنْ أَبَانَ بنِ عُثْمَانَ: كَانَ مُعَاوِيَةُ وَهُوَ غُلاَمٌ يَمْشِي مَعَ أُمِّهِ هِنْدٍ، فَعَثَرَ، فَقَالَتْ: قُمْ، لاَ رَفَعَكَ اللهُ.
وَأَعْرَابِيٌّ يَنْظُرُ، فَقَالَ: لِمَ تَقُوْلِيْنَ لَهُ؟ فَوَاللهِ إِنِّيْ لأَظُنُّهُ سَيَسُوْدُ قَوْمَهُ.
قَالَتْ: لاَ رَفَعَهُ إِنْ لَمْ يَسُدْ إِلاَّ قَوْمَهُ.
قَالَ أَسْلَمُ مَوْلَى عُمَرَ: قَدِمَ عَلَيْنَا مُعَاوِيَةُ وَهُوَ أَبَضُّ النَّاسِ، وَأَجْمَلُهُم.
ابْنُ إِسْحَاقَ: عَنْ أَبِيْهِ:رَأَيْتُ مُعَاوِيَةَ بِالأَبْطَحِ أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، كَأَنَّهُ فَالِجٌ.
قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: كَانَ مُعَاوِيَةُ يَقُوْلُ: أَسْلَمْتُ عَامَ القَضِيَّةِ.
ابْنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ عُمَرَ بنِ عَبْدِ اللهِ العَنْسِيِّ:
قَالَ مُعَاوِيَةُ: لَمَّا كَانَ عَامُ الحُدَيْبِيَةِ، وَصَدُّوا رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ البَيْتِ، وَكَتَبُوا بَيْنَهُم القَضِيَّةَ، وَقَعَ الإِسلاَمُ فِي قَلْبِي، فَذَكَرْتُ لأُمِّي، فَقَالَتْ: إِيَّاكَ أَنْ تُخَالِفَ أَبَاكَ.
فَأَخْفَيْتُ إِسْلاَمِي، فَوَاللهِ لَقَدْ رَحَلَ رَسُوْلُ اللهِ مِنَ الحُدَيْبِيَةِ وَإِنِّي مُصَدِّقٌ بِهِ، وَدَخَلَ مَكَّةَ عَامَ عُمْرَةَ القَضِيَّةِ وَأَنَا مُسْلِمٌ.
وَعَلِمَ أَبُو سُفْيَانَ بِإِسْلاَمِي، فَقَالَ لِي يَوْماً: لَكِنَّ أَخُوْكَ خَيْرٌ مِنْكَ، وَهُوَ عَلَى دِيْنِي.
فَقُلْتُ: لَمْ آلُ نَفْسِي خَيْراً، وَأَظْهَرْتُ إِسْلاَمِي يَوْمَ الفَتْحِ، فَرَحَّبَ بِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَتَبْتُ لَهُ.
ثُمَّ قَالَ الوَاقِدِيُّ: وَشَهِدَ مَعَهُ حُنَيْناً، فَأَعْطَاهُ مِنَ الغَنَائِمِ مائَةً مِنَ الإِبِلِ، وَأَرْبَعِيْنَ أُوْقِيَّةً.
قُلْتُ: الوَاقِدِيُّ لاَ يَعِي مَا يَقُوْلُ، فَإِنْ كَانَ مُعَاوِيَةُ كَمَا نَقَلَ قَدِيْمَ الإِسْلاَمِ، فَلِمَاذَا يَتَأَلَّفُهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ وَلَوْ كَانَ أَعْطَاهُ، لَمَا قَالَ عِنْدَمَا خَطَبَ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ: (أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوْكٌ لاَ مَالَ لَهُ).
وَنَقَلَ المُفَضَّلُ الغَلاَبِيُّ : عَنْ أَبِي الحَسَنِ الكُوْفِيِّ، قَالَ: كَانَ زَيْدُ
بنُ ثَابِتٍ كَاتِبَ الوَحْيِ، وَكَانَ مُعَاوِيَةُ كَاتِباً فِيْمَا بَيْنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَيْنَ العَرَبِ.عَمْرُو بنُ مُرَّةَ: عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَارِثِ، عَنْ زُهَيْرِ بنِ الأَقْمَرِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، قَالَ:
كَانَ مُعَاوِيَةُ يَكْتُبُ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
أَبُو عَوَانَةَ: عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
كُنْتُ أَلْعَبُ مَعَ الغِلْمَانِ، فَدَعَانِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ: (ادْعُ لِي مُعَاوِيَةَ) .
وَكَانَ يَكْتُبُ الوَحْيَ.
رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي (مُسْنَدِهِ ) .
وَزَادَ فِيْهِ الحَاكِمُ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ حَمْشَادَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، قَالَ: فَدَعَوْتُهُ.
فَقِيْلَ: إِنَّهُ يَأْكُلُ.
فَأَتَيْتُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، هُوَ يَأْكُلُ.
قَالَ: (اذْهَبْ، فَادْعُهُ) .
فَأَتَيْتُهُ الثَّانِيَةَ، فَقِيْلَ: إِنَّهُ يَأْكُلُ.
فَأَتَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ، فَأَخْبَرْتُهُ.
فَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ: (لاَ أَشْبَعَ اللهُ بَطْنَهُ) .
قَالَ: فَمَا شَبِعَ بَعْدَهَا.
رَوَاهُ الطَّيَالِسِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، وَهُشَيْمٌ، وَفِيْهِ: (لاَ أَشْبَعَ اللهُ بَطْنَهُ ) .
فَسَّرَهُ بَعْضُ المُحِبِّيْنَ، قَالَ: لاَ أَشْبَعَ اللهُ بَطْنَهُ؛ حَتَّى لاَ يَكُوْنَ مِمَّنْ يَجُوْعُ يَوْمَ القِيَامَةِ، لأَنَّ الخَبَرَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: (أَطْوَلُ النَّاسِ شِبَعاً فِي الدُّنْيَا، أَطْوَلُهُم جُوْعاً يَوْمَ القِيَامَةِ).
قُلْتُ: هَذَا مَا صَحَّ، وَالتَّأْوِيْلُ رَكِيْكٌ، وَأَشْبَهُ مِنْهُ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ -: (اللَّهُمَّ مَنْ سَبَبْتُهُ أَوْ شَتَمْتُهُ مِنَ الأُمَّةِ، فَاجْعَلْهَا لَهُ رَحْمَةً ) ، أَوْ كَمَا قَالَ.وَقَدْ كَانَ مُعَاوِيَةُ مَعْدُوْداً مِنَ الأُكَلَةِ.
جَمَاعَةٌ: عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ صَالِحٍ، عَنْ يُوْنُسَ بنِ سَيْفٍ، عَنِ الحَارِثِ بنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي رُهْمٍ السَّمَاعِيِّ، عَنِ العِرْبَاضِ:
سَمِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَدْعُو إِلَى السُّحُوْرِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ: (هَلُمَّ إِلَى الغَدَاءِ المُبَارَكِ) .
ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: (اللَّهُمَّ عَلِّمْ مُعَاوِيَةَ الكِتَابَ، وَالحِسَابَ، وَقِهِ العَذَابَ ) .
رَوَاهُ: ابْنُ مَهْدِيٍّ، وَأَسَدُ السُّنَّةِ، وَأَبُو صَالِحٍ، وَبِشْرُ بنُ السَّرِيِّ، عَنْهُ.
وَهَذَا فِي (جُزْءِ ابْنِ عَرَفَةَ) : مُعْضَلٌ، سَقَطَ مِنْهُ: العِرْبَاضُ، وَأَبُو رُهْمٍ.
وَلِلْحَدِيْثِ شَاهِدٌ قَوِيٌّ.
أَبُو مُسْهِرٍ: حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، عَنْ رَبِيْعَةَ بنِ يَزِيْدَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي عَمِيْرَةَ المُزَنِيِّ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِمُعَاوِيَةَ: (اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الكِتَابَ، وَالحِسَابَ، وَقِهِ العَذَابَ ) .
أَبُو هِلاَلٍ مُحَمَّدُ بنُ سَلِيْمٍ: حَدَّثَنَا جَبَلَةُ بنُ عَطِيَّةَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ
مَسْلَمَةَ بنِ مُخَلَّدٍ:أَنَّهُ قَالَ لِعَمْرِو بنِ العَاصِ، وَمُعَاوِيَةُ يَأْكُلُ: إِنَّ ابْنَ عَمِّكَ هَذَا لَمِخْضَدٌ، أَمَا إِنِّيْ أَقُوْلُ هَذَا، وَقَدْ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ: (اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الكِتَابَ، وَمَكِّنْ لَهُ فِي البِلاَدِ، وَقِهِ العَذَابَ ) .
فِيْهِ رَجُلٌ مَجْهُوْلٌ.
وَجَاءَ نَحْوُهُ مِنْ مَرَاسِيْلِ الزُّهْرِيِّ، وَمَرَاسِيْلِ عُرْوَةَ بنِ رُوَيْمٍ، وَحَرِيْزِ بنِ عُثْمَانَ.
مَرْوَانُ بنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، حَدَّثَنِي رَبِيْعَةُ بنُ يَزِيْدَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ أَبِي عَمِيْرَةَ:
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ لِمُعَاوِيَةَ: (اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ هَادِياً، مَهْدِيّاً، وَاهْدِ بِهِ ) .
حَسَّنَهُ: التِّرْمِذِيُّ.
صَفْوَانُ بنُ صَالِحٍ: حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ، وَمَرْوَانُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سَعِيْدٌ نَحْوَهُ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ النَّصْرِيُّ، وَعَبَّاسٌ التَّرْقُفِيُّ : حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ، حَدَّثَنَا سَعِيْدٌ نَحْوَهُ، وَفِيْهِ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ.
أَحْمَدُ بنُ المُعَلَّى: حَدَّثَنَا مَحْمُوْدٌ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ، عَنْ سَعِيْدٍ، عَنْ رَبِيْعَةَ:
أَنَّ بَعْثاً مِنْ أَهْلِ الشَّامِ كَانُوا مُرَابِطِيْنَ بِآمِدَ، وَأَنَّ عُمَيْرَ بنَ سَعْدٍ كَانَ عَلَى حِمْصَ، فَعَزَلَهُ عُثْمَانُ، وَوَلَّى مُعَاوِيَةَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ أَهْلُ
حِمْصَ، فَشَقَّ عَلَيْهِم.فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي عَمِيْرَةَ المُزَنِيُّ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ لِمُعَاوِيَةَ: (اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ هَادِياً، مَهْدِيّاً، وَاهْدِ بِهِ ) .
أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ: حَدَّثَنَا مَحْمُوْدُ بنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ، وَعُمَرُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ، عَنْ سَعِيْدٍ، عَنْ رَبِيْعَةَ بنِ يَزِيْدَ، عَنْ أَبِي إِدْرِيْسَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي عَمِيْرَةَ:
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ لِمُعَاوِيَةَ: (اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ هَادِياً، مَهْدِيّاً، وَاهْدِ بِهِ ) .
عَمْرُو بنُ وَاقِدٍ: عَنْ يُوْنُسَ بنِ حَلْبَسٍ، عَنْ أَبِي إِدْرِيْسَ، قَالَ:
لَمَّا عَزَلَ عُمَرُ عُمَيْرَ بنَ سَعْدٍ عَنْ حِمْصَ، وَلَّى مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ عُمَيْرٌ:
لاَ تَذْكُرُوا مُعَاوِيَةَ إِلاَّ بِخَيْرٍ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ: (اللَّهُمَّ اهْدِ بِهِ ) .
رَوَاهُ : عَنِ الذُّهْلِيِّ، عَنِ النُّفَيْلِيِّ، عَنْهُ.
هِشَامُ بنُ عَمَّارٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ الوَلِيْدِ بنِ سُلَيْمَانَ، سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ:
إِنَّ عُمَرَ وَلَّى مُعَاوِيَةَ، فَقَالُوا: وَلاَّهُ حَدِيْثَ السِّنِّ.
فَقَالَ: تَلُوْمُوْنَنِي، وَأَنَا سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ: (اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ هَادِياً، مَهْدِيّاً، وَاهْدِ بِهِ ) .
هَذَا مُنْقَطِعٌ.
مُحَمَّدُ بنُ شُعَيْبٍ: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بنُ جَنَاحٍ، عَنْ يُوْنُسَ بنِ مَيْسَرَةَ:أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَأْذَنَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فِي أَمْرٍ، فَقَالاَ: اللهُ وَرَسُوْلُهُ أَعْلَمُ.
فَقَالَ: (أَشِيْرَا عَلَيَّ) .
ثُمَّ قَالَ: (ادْعُوا مُعَاوِيَةَ) .
فَقَالَ: (أَحْضِرُوْهُ أَمْرَكُم، وَأَشْهِدُوْهُ أَمْرَكُم، فَإِنَّهُ قَوِيٌّ أَمِيْنٌ ) .
وَرَوَاهُ: نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ، عَنِ ابْنِ شُعَيْبٍ؛ فَوَصَلَهُ بِعَبْدِ اللهِ بنِ بُسْرٍ.
أَبُو مُسْهِرٍ، وَابْنُ عَائِذٍ: عَنْ صَدَقَةَ بنِ خَالِدٍ، عَنْ وَحْشِيِّ بنِ حَرْبِ بنِ وَحْشِيٍّ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ:
أَرْدَفَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُعَاوِيَةَ خَلْفَهُ، فَقَالَ: (مَا يَلِيْنِي مِنْكَ؟) .
قَالَ: بَطْنِي يَا رَسُوْلَ اللهِ.
قَالَ: (اللَّهُمَّ امْلأْهُ عِلْماً ) .
زَادَ فِيْهِ أَبُو مُسْهِرٍ: (وَحِلْماً) .
قَالَ صَالِحٌ جَزَرَةُ: لاَ يُشْتَغَلُ بِوَحْشِيٍّ وَلاَ بِأَبِيْهِ.
بَقِيَّةُ: عَنْ بَحِيْرِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بنِ مَعْدَانَ، عَنْ جُبَيْرِ بنِ نُفَيْرٍ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَسِيْرُ وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ، فَذَكَرُوا الشَّامَ، فَقَالَ رَجُلٌ: كَيْفَ نَسْتَطِيْعُ الشَّامَ وَفِيْهِ الرُّوْمُ؟
قَالَ: وَمُعَاوِيَةُ فِي القَوْمِ - وَبِيَدِهِ عَصاً - فَضَرَبَ بِهَا كَتِفَ مُعَاوِيَةَ، وَقَالَ: (يَكْفِيْكُمُ اللهُ بِهَذَا ) .
هَذَا مُرْسَلٌ، قَوِيٌّ.
فَهَذِهِ أَحَادِيْثَ مُقَارِبَةٌ.
وَقَدْ سَاقَ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي التَّرْجَمَةِ أَحَادِيْثَ وَاهِيَةً وَبَاطِلَةً، طَوَّلَ بِهَا جِدّاً.
وَخَلَفَ مُعَاوِيَةَ خَلْقٌ كَثِيْرٌ يُحِبُّوْنَهُ وَيَتَغَالُوْنَ فِيْهِ، وَيُفَضِّلُوْنَهُ، إِمَّا قَدْ مَلَكَهُم بِالكَرَمِ وَالحِلْمِ وَالعَطَاءِ، وَإِمَّا قَدْ وُلِدُوا فِي الشَّامِ عَلَى حُبِّهِ، وَتَرَبَّى أَوْلاَدُهُمْ عَلَى ذَلِكَ.وَفِيْهِمْ جَمَاعَةٌ يَسِيْرَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ مِنَ التَّابِعِيْنَ وَالفُضَلاَءِ، وَحَارَبُوا مَعَهُ أَهْلَ العِرَاقِ، وَنَشَؤُوا عَلَى النَّصْبِ - نَعُوْذُ بِاللهِ مِنَ الهَوَى -.
كمَا قَدْ نَشَأَ جَيْشُ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - وَرَعِيَّتُهُ - إِلاَّ الخَوَارِجَ مِنْهُم - عَلَى حُبِّهِ، وَالقِيَامِ مَعَهُ، وَبُغْضِ مَنْ بَغَى عَلَيْهِ، وَالتَّبَرِّي مِنْهُم، وَغَلاَ خَلْقٌ مِنْهُم فِي التَّشَيُّعِ.
فَبِاللهِ كَيْفَ يَكُوْنُ حَالُ مَنْ نَشَأَ فِي إِقْلِيْمٍ، لاَ يَكَادُ يُشَاهِدُ فِيْهِ إِلاَّ غَالِياً فِي الحُبِّ، مُفْرِطاً فِي البُغْضِ، وَمِنْ أَيْنَ يَقَعُ لَهُ الإِنْصَافُ وَالاعْتِدَالُ؟
فَنَحْمَدُ اللهَ عَلَى العَافِيَةِ الَّذِي أَوْجَدَنَا فِي زَمَانٍ قَدِ انْمَحَصَ فِيْهِ الحَقُّ، وَاتَّضَحَ مِنَ الطَّرَفَيْنِ، وَعَرَفْنَا مَآخِذَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ، وَتَبَصَّرْنَا، فَعَذَرْنَا، وَاسْتَغْفَرْنَا، وَأَحْبَبْنَا بِاقْتِصَادٍ، وَتَرَحَّمْنَا عَلَى البُغَاةِ بِتَأْوِيْلٍ سَائِغٍ فِي الجُمْلَةِ، أَوْ بِخَطَأٍ - إِنْ شَاءَ اللهُ - مَغْفُوْرٍ، وَقُلْنَا كَمَا عَلَّمَنَا اللهُ: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِيْنَ سَبَقُوْنَا بِالإِيْمَانِ، وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوْبِنَا غِلاًّ لِلَّذِيْنَ آمَنُوا} [الحَشْرُ: 10] .
وَتَرَضَّيْنَا أَيْضاً عَمَّنِ اعْتَزَلَ الفَرِيْقَيْنِ، كَسَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَمُحَمَّدِ بنِ مَسْلَمَةَ، وَسَعِيْدِ بنِ زَيْدٍ، وَخَلْقٍ.
وَتَبَرَّأْنَا مِنَ الخَوَارِجِ المَارِقِيْنَ الَّذِيْنَ حَارَبُوا عَلِيّاً، وَكَفَّرُوا الفَرِيْقَيْنِ.
فَالخَوَارِجُ كِلاَبُ النَّارِ، قَدْ مَرَقُوا مِنَ الدِّيْنِ، وَمَعَ هَذَا فَلاَ نَقْطَعُ لَهُم بِخُلُوْدِ النَّارِ، كَمَا نَقْطَعُ بِهِ لِعَبَدَةِ الأَصْنَامِ وَالصُّلْبَانِ.
فَمِنَ الأَبَاطِيْلِ المُخْتلَقَةِ:
عَنْ وَاثِلَةَ، مَرْفُوْعاً: (كَادَ مُعَاوِيَةُ أَنْ يُبْعَثَ نَبِيّاً مِنْ حِلْمِهِ وَائْتِمَانِهِ عَلَى كَلاَمِ رَبِّي) .
وَعَنْ عُثْمَانَ، مَرْفُوعاً: (هَنِيْئاً لَكَ يَا مُعَاوِيَةُ، لَقَدْ أَصْبَحْتَ أَمِيْناً عَلَى خَبَرِ السَّمَاءِ) .عَنْ أَبِي مُوْسَى: نَزَلَ عَلَيْهِ الوَحْيُ، فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ، طَلَبَ مُعَاوِيَةَ، فَلَمَّا كَتَبَهَا -يَعْنِي: آيَةَ الكُرْسِيِّ - قَالَ: (غَفَرَ اللهُ لَكَ يَا مُعَاوِيَةُ مَا تَقَدَّمَ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ) .
عَنْ مُرِّيٍّ الحَوْرَانِيِّ، عَنْ رَجُلٍ:
نَزَلَ جِبْرِيْلُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، لَيْسَ لَكَ أَنْ تَعْزِلَ مَنِ اخْتَارَهُ اللهُ لِكِتَابَةِ وَحْيِهِ، فَأَقِرَّهُ، إِنَّهُ أَمِيْنٌ.
عَنْ سَعْدٍ، مَرْفُوعاً: (يُحْشَرُ مُعَاوِيَةُ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ مِنْ نُوْرٍ) .
عَنْ أَنَسٍ: هَبَطَ جِبْرِيْلُ بِقَلَمٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ:
يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ العَلِيَّ الأَعْلَى يَقُوْلُ: (قَدْ أَهْدَيْتُ القَلَمَ مِنْ فَوْقِ عَرْشِي إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَمُرْهُ أَنْ يَكْتُبَ آيَةَ الكُرْسِيِّ بِهِ، وَيُشْكِلَهُ، وَيُعْجِمَهُ ... ، فَذَكَر خَبَراً طَوِيْلاً.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
لَمَّا أُنْزِلَتْ آيَةُ الكُرْسِيِّ، دَعَا مُعَاوِيَةَ، فَلَمْ يَجِدْ قَلَماً، وَذَلِكَ أَنَّ اللهَ أَمَرَ جِبْرِيْلَ أَنْ يَأْخُذَ الأَقْلاَمَ مِنْ دَوَاتِهِ، فَقَامَ لِيَجِيْءَ بِقَلَمٍ.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (خُذِ القَلَمَ مِنْ أُذُنِكَ) .
فَإِذَا قَلَمُ ذَهَبٍ، مَكْتُوْبٌ عَلَيْهِ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، هَدِيَّةٌ مِنَ اللهِ إِلَى أَمِيْنِهِ مُعَاوِيَةَ.
وَعَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعاً: كَأَنِّيْ أَنْظُرُ إِلَى سُوَيْقَتَيْ مُعَاوِيَةَ تَرْفُلاَنِ فِي الجَنَّةِ.
عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: لأُخْرِجَنَّ مَا فِي عُنُقِي لِمُعَاوِيَةَ، قَدِ اسْتَكْتَبَهُ نَبِيُّ اللهِ وَأَنَا جَالِسٌ، فَعَلِمْتُ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَكِنْ مِنَ اللهِ.
عَنْ جَابِرٍ، مَرْفُوعاً: (الأُمَنَاءُ عِنْدَ اللهِ سَبْعَةٌ: القَلَمُ، وَجِبْرِيْلُ، وَأَنَا، وَمُعَاوِيَةُ، وَاللَّوْحُ، وَإِسْرَافِيْلُ، وَمِيْكَائِيْلُ) .
عَنْ زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ: دَخَلَ النَّبيُّ - عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ - عَلَى أُمِّ حَبِيْبَةَ، وَمُعَاوِيَةُ
نَائِمٌ عَلَى فَخِذِهَا.فَقَالَ: (أَتُحِبِّيْنَهُ؟) .
قَالَتْ: نَعَم.
قَالَ: (لَلَّهُ أَشَدُّ حُبّاً لَهُ مِنْكِ لَهُ، كَأَنِّيْ أَرَاهُ عَلَى رَفَارِفِ الجَنَّةِ) .
عَنْ جَعْفَرٍ: أَنَّهُ أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَفَرْجَلٌ، فَأَعْطَى مُعَاوِيَةَ مِنْهُ ثَلاَثاً، وَقَالَ: (الْقَنِي بِهِنَّ فِي الجَنَّةِ) .
قُلْتُ: وَجَعْفَرٌ قَدِ اسْتُشْهِدَ قَبْلَ قُدُوْمِ مُعَاوِيَةَ مُسْلِماً.
وَعَنْ حُذَيْفَةَ، مَرْفُوعاً: (يُبْعَثُ مُعَاوِيَةُ وَعَلَيْهِ رِدَاءٌ مِنْ نُوْرِ الإِيْمَانِ) .
عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ، مَرْفُوعاً: (يَخْرُجُ مُعَاوِيَةُ مِنْ قَبْرِهِ عَلَيْهِ رِدَاءٌ مِنْ سُنْدُسٍ مُرَصَّعٌ بِالدُّرِّ وَاليَاقُوْتِ) .
عَنْ عَلِيٍّ: (أَنَّ جِبْرِيْلَ نَزَلَ، فَقَالَ: اسْتَكْتِبْ مُعَاوِيَةَ، فَإِنَّهُ أَمِيْنٌ) .
أَبُو هُرَيْرَةَ، مَرْفُوعاً: (الأُمَنَاءُ ثَلاَثَةٌ: أَنَا، وَجِبْرِيْلُ، وَمُعَاوِيَةُ) .
وَعَنْ وَاثِلَةَ: بِنَحْوِهِ.
أَبُو هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَاوَلَ مُعَاوِيَةَ سَهْماً، وَقَالَ: (خُذْهُ حَتَّى تُوَافِيَنِي بِهِ فِي الجَنَّةِ) .
أَنَسٌ، مَرْفُوعاً: (لاَ أَفْتَقِدُ أَحَداً غَيْرَ مُعَاوِيَةَ، لاَ أَرَاهُ سَبْعِيْنَ عَاماً؛ فَإِذَا كَانَ بَعْدُ أَقْبَلَ عَلَى نَاقَةٍ مِنَ المِسْكِ، فَأَقُوْلُ: أَيْنَ كُنْتَ؟
فَيَقُوْلُ: فِي رَوْضَةٍ تَحْتَ العَرْشِ ... ) ، الحَدِيْثَ.
وَعَنْ بَعْضِهِمْ: (جَاءَ جِبْرِيْلُ بِوَرَقَةِ آسٍ عَلَيْهَا: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، حُبُّ
مُعَاوِيَةَ فَرْضٌ عَلَى عِبَادِي) .ابْنُ عُمَرَ، مَرْفُوعاً: (يَا مُعَاوِيَةُ؛ أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ، لَتُزَاحِمَنِّي عَلَى بَابِ الجَنَّةِ) .
فَهَذِهِ الأَحَادِيْثُ ظَاهِرَةُ الوَضْعِ - وَاللهُ أَعْلَمُ -.
وَيُرْوَى فِي فَضَائِلِ مُعَاوِيَةَ أَشْيَاءُ ضَعِيْفَةٌ تُحْتَمَلُ، مِنْهَا:
فُضَيْلُ بنُ مَرْزُوْقٍ: عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعاً: (دَعُوا لِي أَصْحَابِي وَأَصْهَارِي ) .
أَحْمَدُ فِي (المُسْنَدِ) : حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ عَمْرُو بنُ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنَا جَدِّي:
أَنَّ مُعَاوِيَةَ أَخَذَ الإِدَاوَةَ، وَتَبِعَ بِهَا رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيْهِ، وَقَالَ: (يَا مُعَاوِيَةَ؛ إِنْ وُلِّيْتَ أَمْراً، فَاتَّقِ اللهَ، وَاعْدِلْ) .
فَمَا زِلْتُ أَظُنُّ أَنِّي مُبْتَلَىً بِعَمَلٍ لِقَوْلِ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى ابْتُلِيْتُ.
وَلِهَذَا طُرُقٌ مُقَارِبَةٌ:
يَحْيَى بنُ أَبِي زَائِدَةَ: عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُهَاجَرٍ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ:
قَالَ مُعَاوِيَةُ: وَاللهِ مَا حَمَلَنِي عَلَى الخِلاَفَةِ إِلاَّ قَوْلُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِي: (يَا مُعَاوِيَةُ؛ إِنْ مَلَكْتَ، فَأَحْسِنْ) .
ابْنُ مُهَاجَرٍ ضَعِيْفٌ، وَالخَبَرُ مُرْسَلٌ.
الأَصَمُّ: حَدَّثَنَا أَبِي، سَمِعْتُ ابْنَ رَاهَوَيْه يَقُوْلُ:لاَ يَصِحُّ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي فَضْلِ مُعَاوِيَةَ شَيْءٌ.
ابْنُ فُضَيْلٍ: حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ عَمْرِو بنِ الأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ:
كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَمِعَ صَوْتَ غِنَاءٍ، فَقَالَ: (انْظُرُوا مَا هَذَا؟) .
فَصَعِدْتُ، فَنَظَرْتُ، فَإِذَا مُعَاوِيَةُ، وَعَمْرُو بنُ العَاصِ يَتَغَنَّيَانِ، فَجِئْتُ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: (اللَّهُمَّ أَرْكِسْهُمَا فِي الفِتْنَةِ رَكْساً، وَدُعَّهُمَا فِي النَّارِ دَعّاً ) .
هَذَا مِمَّا أُنْكِرَ عَلَى يَزِيْدَ.
ابْنُ لَهِيْعَةَ: عَنْ يُوْنُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ:
قَدِمَ عُمَرُ الجَابِيَةَ، فَبَقَّى عَلَى الشَّامِ أَمِيْرَيْنِ؛ أَبَا عُبَيْدَةَ بنَ الجَرَّاحِ، وَيَزِيْدَ بنَ أَبِي سُفْيَانَ.
ثُمَّ تُوُفِّيَ يَزِيدُ، فَنَعَاهُ عُمَرُ إِلَى أَبِي سُفْيَانَ، فَقَالَ: وَمَنْ أَمَّرْتَ مَكَانَهُ؟
قَالَ: مُعَاوِيَةُ.
فَقَالَ: وَصَلَتْكَ - يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ - رَحِمٌ.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ: ثُمَّ جَمَعَ عُمَرُ الشَّامَ كُلَّهَا لِمُعَاوِيَةَ، وَأَقَرَّهُ عُثْمَانُ.
قُلْتُ: حَسْبُكَ بِمَنْ يُؤَمِّرُهُ عُمَرُ، ثُمَّ عُثْمَانُ عَلَى إِقْلِيْمٍ - وَهُوَ ثَغْرٌ - فَيَضْبِطُهُ، وَيَقُوْمُ بِهِ أَتَمَّ قِيَامٍ، وَيُرْضِي النَّاسَ بِسَخَائِهِ وَحِلْمِهِ، وَإِنْ كَانَ
بَعْضُهُمْ تَأَلَّمَ مَرَّةً مِنْهُ، وَكَذَلِكَ فَلْيَكُنِ المَلِكُ.وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيْراً مِنْهُ بِكَثِيْرٍ، وَأَفْضَلَ، وَأَصْلَحَ، فَهَذَا الرَّجُلُ سَادَ وَسَاسَ العَالَمَ بِكَمَالِ عَقْلِهِ، وَفَرْطِ حِلْمِهِ، وَسَعَةِ نَفْسِهِ، وَقُوَّةِ دَهَائِهِ وَرَأْيِهِ.
وَلَهُ هَنَاتٌ وَأُمُوْرٌ، وَاللهُ المَوْعِدُ.
وَكَانَ مُحَبَّباً إِلَى رَعِيَّتِهِ.
عَمِلَ نِيَابَةَ الشَّامِ عِشْرِيْنَ سَنَةً، وَالخِلاَفَةَ عِشْرِيْنَ سَنَةً، وَلَمْ يَهِجْهُ أَحَدٌ فِي دَوْلَتِهِ، بَلْ دَانَتْ لَهُ الأُمَمُ، وَحَكَمَ عَلَى العَرَبِ وَالعَجَمِ، وَكَانَ مُلْكُهُ عَلَى الحَرَمَيْنِ، وَمِصْرَ، وَالشَّامِ، وَالعِرَاقِ، وَخُرَاسَانَ، وَفَارِسٍ، وَالجَزِيْرَةِ، وَاليَمَنِ، وَالمَغْرِبِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أُمَيَّةَ: أَنَّ عُمَرَ أَفْرَدَ مُعَاوِيَةَ بِالشَّامِ، وَرَزَقَهُ فِي الشَّهْرِ ثَمَانِيْنَ دِيْنَاراً.
وَالمَحْفُوْظُ : أَنَّ الَّذِي أَفْرَدَ مُعَاوِيَةَ بِالشَّامِ عُثْمَانُ.
وَعَنْ رَجُلٍ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ عُمَرُ الشَّامَ، تَلَقَّاهُ مُعَاوِيَةُ فِي مَوْكِبٍ عَظِيْمٍ، وَهَيْئَةٍ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ، قَالَ: أَنْتَ صَاحِبُ المَوْكِبِ العَظِيْمِ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: مَعَ مَا بَلَغَنِي عَنْكَ مِنْ طُوْلِ وُقُوْفِ ذَوِي الحَاجَاتِ بِبَابِكَ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: وَلِمَ تَفْعَلُ ذَلِكَ؟
قَالَ: نَحْنُ بِأَرْضٍ جَوَاسِيْسُ العَدُوِّ بِهَا كَثِيْرٌ، فَيَجِبُ أَنْ نُظْهِرَ مِنْ عِزِّ السُّلْطَانِ مَا يُرْهِبُهُم، فَإِنْ نَهَيْتَنِي، انْتَهَيْتُ.
قَالَ: يَا مُعَاوِيَةُ! مَا أَسْأَلُكَ عَنْ شَيْءٍ إِلاَّ تَرَكْتَنِي فِي مِثْلِ رَوَاجِبِ الضَّرِسِ، لَئِنْ كَانَ مَا قُلْتَ حَقّاً، إِنَّهُ لَرَأْيُ أَرِيْبٍ، وَإِنْ كَانَ بَاطِلاً، فَإِنَّهُ لَخُدْعَةُ أَدِيْبٍ.
قَالَ: فَمُرْنِي.
قَالَ: لاَ آمُرُكَ، وَلاَ أَنْهَاكَ.
فَقِيْلَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! مَا أَحْسَنَ مَا صَدَرَ عَمَّا أَوْرَدْتَهُ.
قَالَ: لِحُسْنِ مَصَادِرِهِ وَمَوَارِدِهِ جَشَّمْنَاهُ مَا جَشَّمْنَاهُ.
وَرُوِّيْتُ بِإِسْنَادَيْنِ، عَنِ العُتْبِيِّ، نَحْوَهَا.مُسْلِمُ بنُ جُنْدُبٍ: عَنْ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ، قَالَ:
قَدِمَ مُعَاوِيَةُ وَهُوَ أَبَضُّ النَّاسِ وَأَجْمَلُهُم؛ فَخَرَجَ مَعَ عُمَرَ إِلَى الحَجِّ، وَكَانَ عُمَرُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَيَعْجَبُ، وَيَضَعُ أُصْبُعَهُ عَلَى مَتْنِهِ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا عَنْ مِثْلِ الشِّرَاكِ، فَيَقُوْلُ: بَخٍ بَخٍ، نَحْنُ إِذاً خَيْرُ النَّاسِ إِنْ جُمِعَ لَنَا خَيْرُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.
قَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! سَأُحَدِّثُكَ؛ إِنَّا بِأَرْضِ الحَمَّامَاتِ وَالرِّيْفِ.
قَالَ عُمَرُ: سَأُحَدِّثُكَ، مَا بِكَ إِلاَّ إِلْطَافُكَ نَفْسَكَ بِأَطْيَبِ الطَّعَامِ، وَتَصَبُّحُكَ حَتَّى تَضْرِبَ الشَّمْسُ مَتْنَيْكَ، وَذَوُو الحَاجَاتِ وَرَاءَ البَابِ.
قَالَ: فَلَمَّا جِئْنَا ذَا طُوَىً، أَخْرَجَ مُعَاوِيَةُ حُلَّةً، فَلَبِسَهَا، فَوَجَدَ عُمَرُ مِنْهَا طِيْباً، فَقَالَ:
يَعْمَدُ أَحَدُكُم يَخْرُجُ حَاجّاً تَفِلاً، حَتَّى إِذَا جَاءَ أَعْظَمَ بَلَدٍ للهِ حُرْمَةً، أَخْرَجَ ثَوْبَيْهِ كَأَنَّهُمَا كَانَا فِي الطِّيْبِ فَلَبِسَهُمَا.
قَالَ: إِنَّمَا لَبِسْتُهُمَا لأَدْخُلَ فِيْهْمَا عَلَى عَشِيْرَتِي، وَاللهِ لَقَدْ بَلَغَنِي أَذَاكَ هُنَا وَبِالشَّامِ، وَاللهُ يَعْلَمُ أَنِّي قَدْ عَرَفْتُ الحَيَاءَ فِيْهِ.
وَنَزَعَ مُعَاوِيَةُ الثَّوْبَيْنِ، وَلَبِسَ ثَوْبَيْ إِحْرَامِهِ.
قَالَ المَدَائِنِيُّ: كَانَ عُمَرُ إِذَا نَظَرَ إِلَى مُعَاوِيَةَ، قَالَ: هَذَا كِسْرَى العَرَبِ.
ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: عَنِ المَقْبُرِيِّ؛ قَالَ عُمَرُ: تَعْجَبُوْنَ مِنْ دَهَاءِ هِرَقْلَ
وَكِسْرَى، وَتَدَعُوْنَ مُعَاوِيَةَ؟عَمْرُو بنُ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ الأُمَوِيُّ: عَنْ جَدِّهِ، قَالَ:
دَخَلَ مُعَاوِيَةُ عَلَى عُمَرَ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ خَضْرَاءُ، فَنَظَرَ إِلَيْهَا الصَّحَابَةُ.
قَالَ: فَوَثَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ بِالدِّرَّةِ، وَجَعَلَ يَقُوْلُ: اللهَ اللهَ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! فِيْمَ فِيْمَ؟
فَلَمْ يُكَلِّمْهُ حَتَّى رَجَعَ.
فَقَالُوا: لِمَ ضَرَبْتُهُ، وَمَا فِي قَوْمِكَ مِثْلُهُ؟
قَالَ: مَا رَأَيْتُ وَمَا بَلَغَنِي إِلاَّ خَيْراً، وَلَكِنَّهُ رَأَيْتُهُ - وَأَشَارَ بِيَدِهِ - فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَضَعَ مِنْهُ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: فُتِحَتْ قَيْسَارِيَّةُ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ، وَأَمِيْرُهَا مُعَاوِيَةُ.
قَالَ يَزِيْدُ بنُ عَبِيْدَةَ: غَزَا مُعَاوِيَةُ قُبْرُصَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ.
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: نَزَعَ عُثْمَانُ عُمَيْرَ بنَ سَعْدٍ، وَجَمَعَ الشَّامَ لِمُعَاوِيَةَ.
وَعَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: لَمْ يَنْفَرِدْ مُعَاوِيَةُ بِالشَّامِ حَتَّى اسْتُخْلِفَ عُثْمَانُ.
سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ قَيْسِ بنِ الحَارِثِ، عَنِ الصُّنَابِحِيِّ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ:
مَا رَأَيْتُ أَشْبَهَ صَلاَةً بِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَمِيْرِكُم هَذَا -يَعْنِي: مُعَاوِيَةَ -.
وَكِيْعٌ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، قَالَ: كَانَ الحَادِي يَحْدُو بِعُثْمَانَ:
إِنَّ الأَمِيْرَ بَعْدَهُ عَلِيُّ ... وَفِي الزُّبَيْرِ خَلَفٌ رَضِيُّفَقَالَ كَعْبٌ: بَلْ هُوَ صَاحِبُ البَغْلَةِ الشَّهْبَاءِ -يَعْنِي: مُعَاوِيَةَ -.
فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاوِيَةَ، فَأَتَاهُ، فَقَالَ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ! تَقُوْلُ هَذَا وَهَا هُنَا عَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ وَأَصْحَابُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟!
قَالَ: أَنْتَ صَاحِبُهَا.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ، بَعَثَتْ نَائِلَةُ بِنْتُ الفَرَافِصَةِ امْرَأَتُهُ إِلَى مُعَاوِيَةَ كِتَاباً بِمَا جَرَى، وَبَعَثَتْ بِقَمِيْصِهِ بِالدَّمِ، فَقَرَأَ مُعَاوِيَةُ الكِتَابَ، وَطِيْفَ بِالقَمِيْصِ فِي أَجْنَادِ الشَّامِ، وَحَرَّضَهُمْ عَلَى الطَّلَبِ بِدَمِهِ.
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِعَلِيٍّ: اكْتُبْ إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَأَقِرَّهُ عَلَى الشَّامِ، وَأَطْمِعْهُ يَكْفِكَ نَفْسَهُ وَنَاحِيَتَهُ، فَإِذَا بَايَعَ لَكَ النَّاسُ، أَقْرَرْتَهُ أَوْ عَزَلْتَهُ.
قَالَ: إِنَّهُ لاَ يَرْضَى حَتَّى أُعْطِيَهُ عَهْدَ اللهِ وَمِيْثَاقَهُ أَنْ لاَ أَعْزِلَهُ.
وَبَلَغَ مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ: وَاللهِ لاَ أَلِي لَهُ شَيْئاً، وَلاَ أُبَايِعُهُ.
وَأَظْهَرَ بِالشَّامِ أَنَّ الزُّبَيْرَ قَادِمٌ عَلَيْكُم وَنُبَايِعُهُ.
فَلَمَّا بَلَغَهُ مَقْتَلُهُ، تَرَحَّمَ عَلَيْهِ، وَبَعَثَ عَلِيٌّ جَرِيْراً إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَكَلَّمَهُ، وَعَظَّمَ عَلِيّاً، فَأَبَى أَنْ يُبَايِعَ، فَرُدَّ جَرِيْرٌ، وَأَجْمَعَ عَلَى المَسِيْرِ إِلَى صِفِّيْنَ.
فَبَعَثَ مُعَاوِيَةُ أَبَا مُسْلِمٍ الخَوْلاَنِيَّ إِلَى عَلِيٍّ بِأَشْيَاءَ يَطْلُبُهَا مِنْهُ، وَأَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ قَتَلَةَ عُثْمَانَ، فَأَبَى، وَرَجَعَ أَبُو مُسْلِمٍ، وَجَرَتْ بَيْنَهُمَا رَسَائِلُ، وَقَصَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا الآخَرَ، فَالْتَقَوْا لِسَبْعٍ بَقِيْنَ مِنَ المُحَرَّمِ، سَنَةَ سَبْعٍ.
وَفِي أَوَّلِ صَفَرٍ شَبَّتِ الحَرْبُ، وَقُتِلَ خَلْقٌ، وَضَجِرُوا، فَرَفَعَ أَهْلُ الشَّامِ المَصَاحِفَ، وَقَالُوا: نَدْعُوْكُم إِلَى كِتَابِ اللهِ، وَالحُكْمِ بِمَا فِيْهِ، وَكَانَ
ذَلِكَ مَكِيدَةً مِنْ عَمْرِو بنِ العَاصِ، فَاصْطَلَحُوا، وَكَتَبُوا بَيْنَهُم كِتَاباً عَلَى أَنْ يُوَافُوا أَذْرُحَ، وَيُحَكِّمُوا حَكَمَيْنِ.قَالَ: فَلَمْ يَقَعِ اتَّفَاقٌ، وَرَجَعَ عَلِيٌّ إِلَى الكُوْفَةِ بِالدَّغَلِ مِنْ أَصْحَابِهِ وَالاخْتِلاَفِ.
فَخَرَجَ مِنْهُم الخَوَارِجُ، وَأَنْكَرُوا تَحْكِيْمَهُ، وَقَالُوا: لاَ حُكْمَ إِلاَّ للهِ.
وَرَجَعَ مُعَاوِيَةُ بِالأُلْفَةِ وَالاجْتِمَاعِ، وَبَايَعَهُ أَهْلُ الشَّامِ بِالخِلاَفَةِ فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ.
فَكَانَ يَبْعَثُ الغَارَاتِ، فَيَقْتُلُوْنَ مَنْ كَانَ فِي طَاعَةِ عَلِيٍّ، أَوْ مَنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ عُثْمَانَ، وَبَعَثَ بُسْرَ بنَ أَبِي أَرْطَاةَ إِلَى الحِجَازِ وَاليَمَنِ يَسْتَعْرِضُ النَّاسَ، فَقَتَلَ بِاليَمَنِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ وَقُثَماً؛ وَلَدَيْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ، ثُمَّ اسْتُشْهِدَ عَلِيٌّ فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ.
وَصَالَحَ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ مُعَاوِيَةَ، وَبَايَعَهُ، وَسُمِّيَ عَامَ الجَمَاعَةِ، فَاسْتَعْمَلَ مُعَاوِيَةُ عَلَى الكُوْفَةِ المُغِيْرَةَ بنَ شُعْبَةَ، وَعَلَى البَصْرَةِ عَبْدَ اللهِ بنَ عَامِرِ بنِ كُرَيْزٍ، وَعَلَى المَدِيْنَةِ أَخَاهُ عُتْبَةَ ثُمَّ مَرْوَانَ، وَعَلَى مِصْرَ عَمْرَو بنَ العَاصِ، وَحَجَّ بِالنَّاسِ سَنَةَ خَمْسِيْنَ.
وَكَانَ عَلَى قَضَائِهِ بِالشَّامِ: فَضَالَةُ بنُ عُبَيْدٍ.
ثُمَّ اعْتَمَرَ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ فِي رَجَبٍ، وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الحُسَيْنِ، وَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَابْنِ أَبِي بَكْرٍ، كَلاَمٌ فِي بَيْعَةِ العَهْدِ لِيَزِيْدَ.
ثُمَّ قَالَ: إِنِّيْ مُتَكَلِّمٌ بِكَلاَمٍ، فَلاَ تَرُدُّوا عَلَيَّ أَقْتُلْكُم. فَخَطَبَ، وَأَظْهَرَ أَنَّهُم قَدْ
بَايَعُوا، وَسَكَتُوا، وَلَمْ يُنْكِرُوا، وَرَحَلَ عَلَى هَذَا.وَادَّعَى زِيَاداً أَنَّهُ أَخُوْهُ، فَوَلاَّهُ الكُوْفَةَ بَعْدَ المُغِيْرَةِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ فِي حُجْرِ بنِ عَدِيٍّ وَأَصْحَابِهِ، وَحَمَلَهُم إِلَيْهِ، فَقَتَلَهُم بِمَرْجِ عَذْرَاءَ.
ثُمَّ ضَمَّ الكُوْفَةَ وَالبَصْرَةَ إِلَى زِيَادٍ، فَمَاتَ، فَوَلاَّهُمَا ابْنَهُ عُبَيدَ اللهِ بنَ زِيَادٍ.
عَنْ عَبْدِ المَجِيْدِ بنِ سُهَيْلٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:اسْتَعْمَلَنِي عُثْمَانُ عَلَى الحَجِّ، ثُمَّ قَدِمْتُ وَقَدْ بُوْيِعَ لِعَلِيٍّ، فَقَالَ لِي: سِرْ إِلَى الشَّامِ، فَقَدْ وَلَّيْتُكَهَا.
قُلْتُ: مَا هَذَا بِرَأْيٍ، مُعَاوِيَةُ أُمَوِيٌّ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ عُثْمَانَ وَعَامِلُهُ عَلَى الشَّامِ، وَلَسْتُ آمَنُ أَنْ يَضْرِبَ عُنُقِي بِعُثْمَانَ، أَوْ أَدْنَى مَا هُوَ صَانِعٌ أَنْ يَحْبِسَنِي.
قَالَ عَلِيٌّ: وَلِمَ؟
قُلْتُ: لِقَرَابَةِ مَا بَيْنِي وَبَيْنِكَ، وَأَنَّ كُلَّ مَنْ حَمَلَ عَلَيْكَ حَمَلَ عَلَيَّ، وَلَكِنِ اكْتُبْ إِلَيْهِ، فَمَنِّهِ، وَعِدْهُ.
فَأَبَى عَلِيٌّ، وَقَالَ: لاَ وَاللهِ، لاَ كَانَ هَذَا أَبَداً.
مُجَالِدٌ: عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
أَرْسَلَتْ أُمُّ حَبِيْبَةَ إِلَى أَهْلِ عُثْمَانَ: أَرْسِلُوا إِلَيَّ بِثِيَابِ عُثْمَانَ الَّتِي قُتِلَ فِيْهَا.
فَبَعَثَوا بِقَمِيْصِهِ بِالدَّمِ وَبِالخُصْلَةِ الَّتِي نُتِفَتْ مِنْ لِحْيَتِهِ، وَدَعَتِ النُّعْمَانَ بنَ بَشِيْرٍ، فَبَعَثَتْ بِهِ إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَصَعِدَ مُعَاوِيَةُ المِنْبَرَ، وَنَشَرَ القَمِيْصَ، وَجَمَعَ النَّاسَ، وَدَعَا إِلَى الطَّلَبِ بِدَمِهِ.
فَقَامَ أَهْلُ الشَّامِ، وَقَالُوا: هُوَ ابْنُ عَمِّكَ، وَأَنْتَ وَلِيُّهُ، وَنَحْنُ الطَّالِبُوْنَ مَعَكَ بِدَمِهِ.
ابْنُ شَوْذَبٍ: عَنْ مَطَرٍ الوَرَّاقِ، عَنْ زَهْدَمٍ الجَرْمِيِّ، قَالَ:
كُنَّا فِي سَمَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: لَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ هَذَا الرَّجُلِ مَا كَانَ -يَعْنِي: عُثْمَانَ - قُلْتُ لِعَلِيٍّ: اعْتَزِلِ النَّاسَ، فَلَو كُنْتَ فِي جُحْرٍ، لَطُلِبْتَ حَتَّى تُسْتَخْرَجَ.
فَعَصَانِي، وَايْمُ اللهِ لَيَتَأَمَّرَنَّ عَلَيْكُم مُعَاوِيَةُ، وَذَلِكَ أَنَّ اللهَ يَقُوْلُ: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوْماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً، فَلاَ يَسْرِفْ فِي القَتْلِ، إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوْراً } [الإِسْرَاءُ: 33] .
يُوْنُسُ: عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ:لَمَّا بَلَغَ مُعَاوِيَةَ هَزِيْمَةُ يَوْمِ الجَمَلِ، وَظُهُوْرُ عَلِيٍّ، دَعَا أَهْلَ الشَّامِ لِلْقِتَالِ مَعَهُ عَلَى الشُّوْرَى، وَالطَّلَبِ بِدَمِ عُثْمَانَ، فَبَايَعُوْهُ عَلَى ذَلِكَ أَمِيْراً غَيْرَ خَلِيْفَةٍ.
وَفِي (كِتَابِ صِفِّيْنَ) لِيَحْيَى بنِ سُلَيْمَانَ الجُعْفِيِّ بِإِسْنَادٍ لَهُ:
أَنَّ مُعَاوِيَةَ قَالَ لِجَرِيْرٍ البَجَلِيِّ لَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ رَسُوْلاً بَعْدَ مُحَاوَرَةٍ طَوِيْلَةٍ: اكْتُبْ إِلَى عَلِيٍّ أَنْ يَجْعَلَ لِيَ الشَّامَ، وَأَنَا أُبَايِعُ لَهُ مَا عَاشَ.
فَكَتَبَ بِذَلِكَ إِلَى عَلِيٍّ، فَفَشَا كِتَابُهُ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ الوَلِيْدُ بنُ عُقْبَةَ:
مُعَاوِيُ، إِنَّ الشَّامَ شَامُكَ فَاعْتَصِمْ ... بِشَامِكَ لاَ تُدْخِلْ عَلَيْكَ الأَفَاعِيَا
وَحَامِ عَلَيْهَا بِالقَنَابِلِ وَالقَنَا ... وَلاَ تَكُ مَخْشُوْشَ الذِّرَاعَيْنِ وَانِيَا
فَإِنَّ عَلِيّاً نَاظِرٌ مَا تُجِيْبُهُ ... فَأَهْدِ لَهُ حَرْباً تُشِيْبُ النَّوَاصِيَا
ثُمَّ قَالَ الجُعْفِيُّ: حَدَّثَنَا يَعْلَى بنُ عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
جَاءَ أَبُو مُسْلِمٍ الخَوْلاَنِيُّ وَأُنَاسٌ إِلَى مُعَاوِيَةَ، وَقَالُوا: أَنْتَ تُنَازِعُ عَلِيّاً، أَمْ أَنْتَ مِثْلُهُ؟
فَقَالَ: لاَ وَاللهِ، إِنِّيْ لأَعْلَمُ أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنِّي، وَأَحَقُّ بِالأَمْرِ مِنِّي، وَلَكِنْ أَلَسْتُم تَعْلَمُوْنَ أَنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ مَظْلُوْماً، وَأَنَا ابْنُ عَمِّهِ، وَالطَّالِبُ بِدَمِهِ، فَائْتُوْهُ، فَقُوْلُوا لَهُ، فَلْيَدْفَعْ إِلَيَّ قَتَلَةَ عُثْمَانَ، وَأُسْلِمَ لَهُ.
فَأَتَوْا عَلِيّاً، فَكَلَّمُوْهُ، فَلَمْ يَدْفَعْهُم إِلَيْهِ.
عَمْرُو بنُ شَمِرٍ: عَنْ جَابِرٍ الجُعْفِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ - أَوْ أَبِي جَعْفَرٍ - قَالَ:لَمَّا ظَهَرَ أَمْرُ مُعَاوِيَةَ، دَعَا عَلِيٌّ رَجُلاً، وَأَمَرَهُ أَنْ يَسِيْرَ إِلَى دِمَشْقَ، فَيَعْقِلَ رَاحِلَتَهُ عَلَى بَابِ المَسْجَدِ، وَيَدْخُلَ بِهَيْئَةِ السَّفَرِ، فَفَعَلَ، وَكَانَ وَصَّاهُ.
فَسَأَلَهُ أَهْلُ الشَّامِ، فَقَالَ: مِنَ العِرَاقِ.
قَالُوا: وَمَا وَرَاءكَ؟
قَالَ: تَرَكْتُ عَلِيّاً قَدْ حَشَدَ إِلَيْكُم، وَنَهَدَ فِي أَهْلِ العِرَاقِ.
فَبَلَغَ مُعَاوِيَةَ، فَبَعَثَ أَبَا الأَعْوَرِ يُحَقِّقُ أَمْرَهُ، فَأَتَاهُ، فَأَخْبَرَهُ، فَنُوْدِيَ: الصَّلاَةُ جَامِعَةٌ.
وَامْتَلأَ المَسْجَدُ، فَصَعِدَ مُعَاوِيَةُ، وَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ عَلِيّاً قَدْ نَهَدَ إِلَيْكُم، فَمَا الرَّأْيُ؟
فَضَرَبَ النَّاسُ بِأَذْقَانِهِم عَلَى صُدُوْرِهِم، وَلَمْ يَرْفَعْ أَحَدٌ إِلَيْهِ طَرْفَهُ، فَقَامَ ذُو الكَلاَعِ الحِمْيَرِيُّ، فَقَالَ: عَلَيْكَ الرَّأْيُ، وَعَلَيْنَا أَمْ فِعَالُ - يَعْنِي: الفِعَالَ -.
فَنَزَلَ مُعَاوِيَةُ، وَنُوْدِيَ: مَنْ تَخَلَّفَ عَنْ مُعَسْكَرِهِ بَعْدَ ثَلاَثٍ أَحَلَّ بِنَفْسِهِ.
فَرُدَّ رَسُوْلُ عَلِيٍّ حَتَّى وَافَاهُ، فَأَخْبَرَهُ، فَأَمَرَ، فَنُوْدِيَ: الصَّلاَةُ جَامِعَةٌ.
وَاجْتَمَعَ النَّاسُ، فَصَعِدَ المِنْبَرَ، وَقَالَ: إِنَّ رَسُوْلِي قَدْ قَدِمَ وَأَخْبَرَنِي أَنَّ مُعَاوِيَةَ قَدْ نَهَدَ إِلَيْكُم، فَمَا الرَّأْيُ؟
فَأَضَبَّ أَهْلُ المَسْجَدِ يَقُوْلُوْنَ: الرَّأْيُ كَذَا، الرَّأْيُ كَذَا.
فَلَمْ يَفْهَمْ عَلِيٌّ مِنْ كَثْرَةِ مَنْ تَكَلَّمَ، فَنَزَلَ وَهُوَ يَقُوْلُ: إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُوْنَ، ذَهَبَ بِهَا ابْنُ أَكَّالَةِ الأَكْبَادِ.
الأَعْمَشُ: عَمَّنْ رَأَى عَلِيّاً يَوْمَ صِفِّيْنَ يُصَفِّقُ بِيَدَيْهِ، وَيَعَضُّ عَلَيْهَا، وَيَقُوْلُ:
يَا عَجَباً! أُعْصَى وَيُطَاعُ مُعَاوِيَةُ.
أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ: عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ:قَالَ مُعَاوِيَةُ: لَقَدْ وَضَعْتُ رِجْلِي فِي الرِّكَابِ، وَهَمَمْتُ يَوْمَ صِفِّيْنَ بِالهَزِيْمَةِ، فَمَا مَنَعَنِي إِلاَّ قَوْلُ ابْنِ الإِطْنَابَةِ:
أَبَتْ لِي عِفَّتِي وَأَبَى بَلاَئِي ... وَأَخْذِي الحَمْدَ بِالثَّمَنِ الرَّبِيْحِ
وَإِكْرَاهِي عَلَى المَكْرُوْهِ نَفْسِي ... وَضَرْبِي هَامَةَ البَطَلِ المُشِيْحِ
وَقَوْلِي كُلَّمَا جَشَأَتْ وَجَاشَتْ: ... مَكَانَكِ تُحْمَدِي أَوْ تَسْتَرِيْحِي
قَالَ الأَوْزَاعِيُّ: سَأَلَ رَجُلٌ الحَسَنَ البَصْرِيَّ عَنْ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ، فَقَالَ:
كَانَتْ لِهَذَا سَابِقَةٌ وَلِهَذَا سَابِقَةٌ، وَلِهَذَا قَرَابَةٌ وَلِهَذَا قَرَابَةٌ، وَابْتُلِيَ هَذَا، وَعُوْفِيَ هَذَا.
فَسَأَلَهُ عَنْ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ، فَقَالَ: كَانَ لِهَذَا قَرَابَةٌ وَلِهَذَا قَرَابَةٌ، وَلِهَذَا سَابِقَةٌ وَلَيْسَ لِهَذَا سَابِقَةٌ، وَابْتُلِيَا جَمِيْعاً.
قُلْتُ: قُتِلَ بَيْنَ الفَرِيْقَيْنِ نَحْوٌ مِنْ سِتِّيْنَ أَلْفاً.
وَقِيْلَ: سَبْعُوْنَ أَلْفاً.
وَقُتِلَ عَمَّارٌ مَعَ عَلِيٍّ، وَتَبَيَّنَ لِلنَّاسِ قَوْلُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (تَقْتُلُهُ الفِئَةُ البَاغِيَةُ).
الفَسَوِيُّ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بنُ أَبِي مَنِيْعٍ، حَدَّثَنَا جَدِّي، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:تَعَاهَدَ ثَلاَثَةٌ مِنْ أَهْلِ العِرَاقِ عَلَى قَتْلِ: مُعَاوِيَةَ، وَعَمْرِو بنِ العَاصِ، وَحَبِيْبِ بنِ مَسْلَمَةَ.
وَأَقْبَلُوا بَعْدَ بَيْعَةِ مُعَاوِيَةَ بِالخِلاَفَةِ حَتَّى قَدِمُوا إِيْلِيَاءَ، فَصَلَّوْا مِنَ السَّحَرِ فِي المَسْجَدِ، فَلَمَّا خَرَجَ مُعَاوِيَةُ لِصَلاَةِ الفَجْرِ كَبَّرَ، فَلَمَّا سَجَدَ انْبَطَحَ أَحَدُهُمْ عَلَى ظَهْرِ الحَرَسِيِّ السَّاجِدِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُعَاوِيَةَ حَتَّى طَعَنَ مُعَاوِيَةَ فِي مَأْكَمَتِهِ.
فَانْصَرَفَ مُعَاوِيَةُ، وَقَالَ: أَتِمُّوا صَلاَتَكُم.
وَأُمْسِكَ الرَّجُلُ، فَقَالَ الطَّبِيْبُ: إِنْ لَمْ يَكُنْ الخِنْجَرُ مَسْمُوْماً، فَلاَ بَأْسَ عَلَيْكَ.
فَأَعَدَّ الطَّبِيْبُ عَقَاقِيْرَهُ، ثُمَّ لَحَسَ الخِنْجَرَ، فَلَمْ يَجِدْهُ مَسْمُوْماً، فَكَبَّرَ، وَكَبَّرَ مَنْ عِنْدَهُ.
وَقِيْلَ: لَيْسَ بِأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ بَأْسٌ.
قُلْتُ: هَذِهِ المَرَّةُ غَيْرُ المَرَّةِ الَّتِي جُرِحَ فِيْهَا وَقْتَمَا قُتِلَ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - فَإِنَّ تِلْكَ فَلَقَ أَلْيَتَهُ، وَسُقِيَ أَدْوِيَةً خَلَّصَتْهُ مِنَ السُّمِّ، لَكِنْ قُطِعَ نَسْلُهُ.
أَيُّوْبُ بنُ جَابِرٍ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الأَسْوَدِ:
قُلْتُ لِعَائِشَةَ: أَلاَ تَعْجَبِيْنَ لِرَجُلٍ مِنَ الطُّلَقَاءِ يُنَازِعُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ فِي الخِلاَفَةِ؟
قَالَتْ: وَمَا يُعْجَبُ؟ هُوَ سُلْطَانُ اللهِ يُؤْتِيْهِ البَرَّ وَالفَاجِرَ، وَقَدْ مَلَكَ فِرْعَوْنُ مِصْرَ أَرْبَعَ مائَةِ سَنَةٍ.
زَيْدُ بنُ أَبِي الزَّرْقَاءِ: عَنْ جَعْفَرِ بنِ بُرْقَانَ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ الأَصَمِّ،
قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: قَتْلاَيَ وَقَتْلَى مُعَاوِيَةَ فِي الجَنَّةِ.صَدَقَةُ بنُ خَالِدٍ: عَنْ زَيْدِ بنِ وَاقِدٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَشْيَاخِهِم:
أَنَّ مُعَاوِيَةَ لَمَّا بُوْيِعَ، وَبَلَغَهُ قِتَالُ عَلِيٍّ أَهْلَ النَّهْرَوَانِ، كَاتَبَ وُجُوْهَ مَنْ مَعَهُ مِثْلَ الأَشْعَثِ، وَمَنَّاهُم، وَبَذَلَ لَهُم حَتَّى مَالُوا إِلَى مُعَاوِيَةَ، وَتَثَاقَلُوا عَنِ المَسِيْرِ مَعَ عَلِيٍّ، فَكَانَ يَقُوْلُ: فَلاَ يُلْتَفَتُ إِلَى قَوْلِهِ.
وَكَانَ مُعَاوِيَةُ يَقُوْلُ: لَقَدْ حَارَبْتُ عَلِيّاً بَعْدَ صِفِّيْنَ بِغَيْرِ جَيْشٍ وَلاَ عَتَادٍ.
شُعْبَةُ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ الثَّقَفِيُّ، سَمِعَ أَبَا صَالِحٍ يَقُوْلُ:
شَهِدْتُ عَلِيّاً وَضَعَ المُصْحَفَ عَلَى رَأْسِهِ، حَتَّى سَمِعْتُ تَقَعْقُعَ الوَرَقِ، فَقَالَ:
اللَّهُمَّ إِنِّيْ سَأَلْتُهُم مَا فِيْهِ، فَمَنَعُوْنِي، اللَّهُمَّ إِنِّيْ قَدْ مَلِلْتُهُم وَمَلُّوْنِي، وَأَبْغَضْتُهُم وَأَبْغَضُوْنِي، وَحَمَلُوْنِي عَلَى غَيْرِ أَخْلاَقِي، فَأَبْدِلْهُم بِي شَرّاً مِنِّي، وَأَبْدِلْنِي بِهِم خَيْراً مِنْهُم، وَمِثْ قُلُوْبَهُم مِيْثَةَ المِلْحِ فِي المَاءِ.
مُجَالِدٌ: عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ الحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ:
لاَ تَكْرَهُوا إِمْرَةَ مُعَاوِيَةَ، فَلَو قَدْ فَقَدْتُمُوْهُ لَرَأَيْتُمُ الرُّؤُوْسَ تَنْدُرُ عَنْ كَوَاهِلِهَا.
لَمَّا قُتِلَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ عَلِيٌّ؛ بَايَعَ أَهْلُ العِرَاقِ ابْنَهُ الحَسَنَ، وَتَجَهَّزُوا لِقَصْدِ الشَّامِ فِي كَتَائِبَ أَمْثَالِ الجِبَالِ، وَكَانَ الحَسَنُ سَيِّداً، كَبِيْرَ القَدْرِ، يَرَى
حَقْنَ الدِّمَاءِ، وَيَكْرَهُ الفِتَنَ، وَرَأَى مِنَ العِرَاقِيِّيْنَ مَا يَكْرَهُ.قَالَ جَرِيرُ بنُ حَازِمٍ: بَايَعَ أَهْلُ الكُوْفَةِ الحَسَنَ بَعْدَ أَبِيْهِ، وَأَحَبُّوْهُ أَكْثَرَ مِنْ أَبِيْهِ.
وَقَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ: سَارَ الحَسَنُ يَطْلُبُ الشَّامَ، وَأَقْبَلَ مُعَاوِيَةُ فِي أَهْلِ الشَّامِ، فَالْتَقَوْا، فَكَرِهَ الحَسَنُ القِتَالَ، وَبَايَعَ مُعَاوِيَةَ عَلَى أَنْ جَعَلَ لَهُ العَهْدَ بِالخِلاَفَةِ مِنْ بَعْدِهِ، فَكَانَ أَصْحَابُ الحَسَنِ يَقُوْلُوْنَ لَهُ: يَا عَارَ المُؤْمِنِيْنَ.
فَيَقُوْلُ: العَارُ خَيْرٌ مِنَ النَّارِ.
وَعَنْ عَوَانَةَ بنِ الحَكَمِ، قَالَ:
سَارَ الحَسَنُ حَتَّى نَزَلَ المَدَائِنَ، وَبَعَثَ عَلَى المُقَدَّمَةِ قَيْسَ بنَ سَعْدٍ فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفاً، فَبَيْنَا الحَسَنُ بِالمَدَائِنِ إِذْ صَاحَ صَائِحٌ: أَلاَ إِنَّ قَيْساً قَدْ قُتِلَ.
فَاخْتَبَطَ النَّاسُ، وَانْتَهَبَ الغَوْغَاءُ سُرَادِقَ الحَسَنِ حَتَّى نَازَعُوْهُ بِسَاطاً تَحْتَهُ، وَطَعَنَهُ خَارِجِيٌّ مِنْ بَنِي أَسَدٍ بِخِنْجَرٍ، فَقَتَلُوا الخَارِجِيَّ، فَنَزَلَ الحَسَنُ القَصْرَ الأَبْيَضَ، وَكَاتَبَ مُعَاوِيَةَ فِي الصُّلْحِ.
وَرَوَى نَحْواً مِنْ هَذَا: الشَّعْبِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ.
وَتَوَجَّعَ مِنْ تِلْكَ الضَّرْبَةِ أَشْهُراً، وَعُوْفِيَ.
قَالَ هِلاَلُ بنُ خَبَّابٍ: قَالَ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ:
يَا أَهْلَ الكُوْفَةِ! لَوْ لَمْ تَذْهَلْ نَفْسِي عَلَيْكُم إِلاَّ لِثَلاَثٍ لَذَهِلَتْ؛ لِقَتْلِكُم أَبِي، وَطَعْنِكُم فِي فَخِذِي، وَانْتِهَابِكُم ثَقَلِي.
قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الحَسَنِ: (إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَسَيُصْلِحُ اللهُ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ
عَظِيْمَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِيْنَ ) .ثُمَّ إِنَّ مُعَاوِيَةَ أَجَابَ إِلَى الصُّلْحِ، وَسُرَّ بِذَلِكَ، وَدَخَلَ هُوَ وَالحَسَنُ الكُوْفَةَ رَاكِبَيْنِ، وَتَسَلَّمَ مُعَاوِيَةُ الخِلاَفَةَ فِي آخِرِ رَبِيْعٍ الآخِرِ، وَسُمِّيَ عَامَ الجَمَاعَةِ؛ لاجْتِمَاعِهِم عَلَى إِمَامٍ، وَهُوَ عَامُ أَحَدٍ وَأَرْبَعِيْنَ.
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: بُوْيِعَ مُعَاوِيَةُ بِالخِلاَفَةِ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ، لَمَّا دَخَلَ الكُوْفَةَ.
وَقَالَ أَبُو مَعْشَرٍ: بَايَعَهُ الحَسَنُ بِأَذْرُحَ، فِي جُمَادَى الأُوْلَى، وَهُوَ عَامُ الجَمَاعَةِ.
قَالَ المَدَائِنِيُّ: أَقْبَلَ مُعَاوِيَةُ إِلَى العِرَاقِ فِي سِتِّيْنَ أَلْفاً، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الشَّامِ الضَّحَّاكَ بنَ قَيْسٍ، فَلَمَّا بَلَغَ الحَسَنَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ عَبَرَ جِسْرَ مَنْبِجٍ، عَقَدَ لِقَيْسِ بنِ سَعْدٍ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفاً، فَسَارَ إِلَى مَسْكِنٍ، وَأَقْبَلَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الأُخْنُوْنِيَّةِ فِي عَشْرَةِ أَيَّامٍ، مَعَهُ القُصَّاصُ يَعِظُوْنَ، وَيَحُضُّوْنَ أَهْلَ الشَّامِ.
فَنَزَلُوا بِإِزَاءِ عَسْكَرِ قَيْسٍ، وَقَدِمَ بُسْرُ بنُ أَبِي أَرْطَاةَ إِلَيْهِم، فَكَانَ بَيْنَهُم مُنَاوَشَةٌ، ثُمَّ تَحَاجَزُوْا.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: عَمِلَ مُعَاوِيَةُ عَامَيْنِ مَا يَخْرِمُ عَمَلَ عُمَرَ، ثُمَّ إِنَّهُ بَعُدَ.
الأَعْمَشُ: عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ سُوَيْدٍ، قَالَ:
صَلَّى بِنَا مُعَاوِيَةُ فِي النُّخَيْلَةِ الجُمُعَةَ فِي الضُّحَى، ثُمَّ خَطَبَ، وَقَالَ: مَا قَاتَلْنَا لِتَصُوْمُوا،
وَلاَ لِتُصَلُّوا، وَلاَ لِتَحُجُّوا، أَوْ تُزَكُّوا، قَدْ عَرَفْتُ أَنَّكُم تَفْعَلُوْنَ ذَلِكَ، وَلَكِنْ إِنَّمَا قَاتَلْنَاكُم لأَتَأَمَّرَ عَلَيْكُم، فَقَدْ أَعْطَانِيَ اللهُ ذَلِكَ وَأَنْتُم كَارِهُوْنَ.السَّرِيُّ بنُ إِسْمَاعِيْلَ: عَنِ الشَّعْبِيِّ؛ حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بنُ اللَّيْلِ، قُلْتُ لِلْحَسَنِ لَمَّا رَجَعَ إِلَى المَدِيْنَةِ مِنَ الكُوْفَةِ: يَا مُذِلَّ المُؤْمِنِيْنَ.
قَالَ: لاَ تَقُلْ ذَلِكَ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: لاَ تَذْهَبُ الأَيَّامُ وَاللَّيَالِي حَتَّى يَمْلِكَ مُعَاوِيَةُ، فَعَلِمْتُ أَنَّ أَمْرَ اللهِ وَاقِعٌ، فَكَرِهْتُ القِتَالَ.
السَّرِيُّ: تَالِفٌ.
شُعَيْبٌ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ:
أَنَّ مُعَاوِيَةَ لَمَّا قَدِمَ المَدِيْنَةَ حَاجّاً، دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ، فَلَمْ يَشْهَدْ كَلاَمَهُمَا إِلاَّ ذَكْوَانُ مَوْلاَهَا، فَقَالَتْ لَهُ: أَمِنْتَ أَنْ أَخْبَأَ لَكَ رَجُلاً يَقْتُلُكَ بِأَخِي مُحَمَّدٍ.
قَالَ: صَدَقْتِ.
ثُمَّ وَعَظَتْهُ، وَحَضَّتْهُ عَلَى الاتِّبَاعِ، فَلَمَّا خَرَجَ، اتَّكَأَ عَلَى ذَكْوَانَ، وَقَالَ:
وَاللهِ مَا سَمِعْتُ خَطِيْباً - لَيْسَ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبْلَغَ مِنْ عَائِشَةَ.
مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ بِلاَلٍ، حَدَّثَنِي عَلْقَمَةُ بنُ أَبِي عَلْقَمَةَ، عَنْ أُمِّهِ، قَالَتْ:قَدِمَ مُعَاوِيَةُ، فَأَرْسَلَ إِلَى عَائِشَةَ: أَنْ أَرْسِلِي إِلَيَّ بِأَنْبِجَانِيَّةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَشَعْرِهِ.
فَأَرْسَلَتْ بِهِ مَعِيَ أَحْمِلُهُ، حَتَّى دَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَأَخَذَ الأَنْبِجَانِيَّةَ، فَلَبِسَهَا، وَدَعَا بِمَاءٍ فَغَسَلَ الشَّعْرَ، فَشَرِبَهُ، وَأَفَاضَ عَلَى جِلْدِهِ.
أَبُو بَكْرٍ الهُذَلِيُّ: عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
لَمَّا قَدِمَ مُعَاوِيَةُ المَدِيْنَةَ عَامَ الجَمَاعَةِ، تَلَقَّتْهُ قُرَيْشٌ، فَقَالُوا: الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَعَزَّ نَصْرَكَ، وَأَعْلَى أَمْرَكَ.
فَسَكَتَ حَتَّى دَخَلَ المَدِيْنَةَ، وَعَلاَ المِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللهَ، وَقَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي -وَاللهِ - وَلِيْتُ أَمْرَكُم حِيْنَ وَلِيْتُهُ وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّكُم لاَ تُسَرُّوْنَ بِوِلاَيَتِي، وَلاَ تُحِبُّوْنَهَا، وَإِنِّي لَعَالِمٌ بِمَا فِي نُفُوْسِكُم، وَلَكِنْ خَالَسْتُكُمْ بِسَيْفِي هَذَا مُخَالَسَةً، وَلَقَدْ أَرَدْتُّ نَفْسِي عَلَى عَمَلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَلَمْ أَجِدْهَا تَقُوْمُ بِذَلِكَ، وَوَجَدْتُهَا عَنْ عَمَلِ عُمَرَ أَشَدَّ نُفُوْراً، وَحَاوَلْتُهَا عَلَى مِثْلِ سُنَيَّاتِ عُثْمَانَ، فَأَبَتْ عَلَيَّ، وَأَيْنَ مِثْلَ هَؤُلاَءِ؛ هَيْهَاتَ أَنْ يُدْرَكَ فَضَلُهُم، غَيْرَ أَنِّي سَلَكْتُ طَرِيْقاً لِي فِيْهِ مَنْفَعَةٌ، وَلَكُم فِيْهِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَلِكُلٍّ فِيْهِ مُوَاكَلَةٌ حَسَنَةٌ، وَمُشَارَبَةٌ جَمِيْلَةٌ، مَا اسْتقَامَتِ السِّيْرَةُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوْنِي خَيْرَكُم، فَأَنَا خَيْرٌ لَكُم، وَاللهِ لاَ أَحْمِلُ السَّيْفَ عَلَى مَنْ لاَ سَيْفَ مَعَهُ، وَمَهْمَا تَقَدَّمَ مِمَّا قَدْ عَلِمْتُمُوْهُ، فَقَدْ جَعَلْتُهُ دُبُرَ أُذُنِي، وَإِنْ لَمْ تَجِدُوْنِي أَقُوْمُ بِحَقِّكُم كُلِّهِ، فَارْضَوْا بِبَعْضِهِ، فَإِنَّهَا لَيْسَتْ بِقَائِبَةٍ قُوْبُهَا، وَإِنَّ السَّيْلَ إِنْ جَاءَ تَتْرَى - وَإِنْ قلَّ - أَغْنَى، إِيَّاكُم وَالفِتْنَةَ،
فَلاَ تَهُمُّوا بِهَا، فَإِنَّهَا تُفْسِدُ المَعِيْشَةَ، وَتُكَدِّرُ النِّعْمَةَ، وَتُوْرِثُ الاسْتِئْصَالَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُم.ثُمَّ نَزَلَ.
القَائِبَةُ: البَيْضَةُ، وَالقُوْبُ: الفَرْخُ، يُقَالُ: قَابَتِ البَيْضَةُ: إِذَا انْفَلَقَتْ عَنِ الفَرْخِ.
مُحَمَّدُ بنُ بِشْرٍ العَبْدِيُّ: حَدَّثَنَا مُجَالِدٌ، عَنْ أَبِي الوَدَّاكِ، عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ، مَرْفُوعاً: (إِذَا رَأَيْتُم فُلاَناً يَخْطُبُ عَلَى مِنْبَرِي، فَاقْتُلُوْهُ ) .
رَوَاهُ: جَنْدَلُ بنُ وَالِقٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ بِشْرٍ، فَقَالَ بَدَلَ فُلاَناً: مُعَاوِيَةَ.
وَتَابَعَهُ: الوَلِيْدُ بنُ القَاسِمِ، عَنْ مُجَالِدٍ.
وَقَالَ حَمَّادٌ، وَجَمَاعَةٌ: عَنْ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ، مَرْفُوعاً: (إِذَا رَأَيْتُم مُعَاوِيَةَ عَلَى مِنْبَرِي، فَاقْتُلُوْهُ ) .
الحَكَمُ بنُ ظُهَيْرٍ - وَاهٍ -: عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ مَرفُوعاً، نَحْوَهُ.
وَجَاءَ عَنِ الحَسَنِ مُرْسَلاً.
وَرُوِيَ بِإِسْنَادٍ مُظْلِمٍ، عَنْ جَابِرٍ، مَرْفُوعاً: (إِذَا رَأَيْتُم مُعَاوِيَةَ يَخْطُبُ
عَلَى مِنْبَرِي، فَاقْبَلُوْهُ، فَإِنَّهُ أَمِيْنٌ، مَأْمُوْنٌ ) .هَذَا كَذِبٌ.
وَيُقَالُ: هُوَ مُعَاوِيَةُ بنُ تَابُوْه المُنَافِقُ.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ، وَوَقَعَ الاخْتِلاَفُ، لَمْ يَكُنْ لِلنَّاسِ غَزْوٌ حَتَّى اجْتَمَعُوا عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَأَغْزَاهُم مَرَّاتٍ.
ثُمَّ أَغْزَى ابْنَهُ فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ بَرّاً وَبَحْراً، حَتَّى أَجَاز بِهِمُ الخَلِيْجَ، وَقَاتَلُوا أَهْلَ القُسْطَنْطِيْنِيَّةِ عَلَى بَابِهَا، ثُمَّ قَفَلَ.
اللَّيْثُ: عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ بُسْرِ بنِ سَعِيْدٍ، أَنَّ سَعْدَ بنَ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ:
مَا رَأَيْتُ أَحَداً بَعْدَ عُثْمَانَ أَقْضَى بِحَقٍّ مِنْ صَاحِبِ هَذَا البَابِ -يَعْنِي: مُعَاوِيَةَ -.
أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي مَرْيَمَ: عَنْ ثَابِتٍ مَوْلَى سُفْيَانَ؛ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ وَهُوَ يَقُوْلُ:
إِنِّيْ لَسْتُ بِخَيْرِكُمْ، وَإِنَّ فِيْكُمْ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي: ابْنُ عُمَرَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو، وَغَيْرُهُمَا، وَلَكِنِّي عَسَيْتُ أَنْ أَكُوْنَ أَنْكَاكُم فِي عَدِوِّكُم، وَأَنْعَمَكُم لَكُم وِلاَيَةً، وَأَحْسَنَكُم خُلُقاً.
عَقِيْلٌ، وَمَعْمَرٌ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ: أَنَّ المِسْوَرَ بنَ مَخْرَمَةَ
أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ خَلاَ بِهِ، فَقَالَ: يَا مِسْوَرُ! مَا فَعَلَ طَعْنُكَ عَلَى الأَئِمَّةِ؟قَالَ: دَعْنَا مِنْ هَذَا وَأَحْسِنْ.
قَالَ: لاَ وَاللهِ، لَتُكَلِّمَنِّي بِذَاتِ نَفْسِكَ بِالَّذِي تَعِيْبُ عَلَيَّ.
قَالَ مِسْوَرٌ: فَلَمْ أَتْرُكْ شَيْئاً أَعِيْبُهُ عَلَيْهِ إِلاَّ بَيَّنْتُ لَهُ.
فَقَالَ: لاَ أَبْرَأُ مِنَ الذَّنْبِ، فَهَلْ تَعُدُّ لَنَا يَا مِسْوَرُ مَا نَلِي مِنَ الإِصْلاَحِ فِي أَمْرِ العَامَّةِ، فَإِنَّ الحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، أَمْ تَعُدُّ الذُّنُوْبَ، وَتَتْرُكُ الإِحْسَانَ؟
قَالَ: مَا تُذْكَرُ إِلاَّ الذُّنُوْبُ.
قَالَ مُعَاوِيَةُ: فَإِنَّا نَعْتَرِفُ للهِ بِكُلِّ ذَنْبٍ أَذْنَبْنَاهُ، فَهَلْ لَكَ يَا مِسْوَرُ ذُنُوْبٌ فِي خَاصَّتِكَ تَخْشَى أَنْ تُهْلِكَكَ إِنْ لَمْ تُغْفَرْ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: فَمَا يَجْعَلُكَ اللهُ بِرَجَاءِ المَغْفِرَةِ أَحَقَّ مِنِّي، فَوَاللهِ مَا أَلِي مِنَ الإِصْلاَحِ أَكْثَرَ مِمَّا تَلِي، وَلَكِنْ -وَاللهِ - لاَ أُخَيَّرُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ بَيْنَ اللهِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ، إِلاَّ اخْتَرْتُ اللهَ عَلَى مَا سِوَاهُ، وَإِنِّي لَعَلَى دِيْنٍ يُقْبَلُ فِيْهِ العَمَلُ وَيُجْزَى فِيْهِ بِالحَسَنَاتِ، وَيُجْزَى فِيْهِ بِالذُّنُوْبِ إِلاَّ أَنْ يَعْفُوَ اللهُ عَنْهَا.
قَالَ: فَخَصَمَنِي.
قَالَ عُرْوَةُ: فَلَمْ أَسْمَعِ المِسْوَرَ ذَكَرَ مُعَاوِيَةَ إِلاَّ صَلَّى عَلَيْهِ.
عَمْرُو بنُ وَاقِدٍ: حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ مَيْسَرَةَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ يَقُوْلُ عَلَى مِنْبَرِ دِمَشْقَ:
تَصَدَّقُوا، وَلاَ يَقُلْ أَحَدُكُم: إِنِّيْ مُقِلٌّ، فَإِنَّ صَدقَةَ المُقِلِّ أَفْضَلُ مِنْ صَدَقَةِ الغَنِيِّ.
الشَّافِعِيُّ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ المَجِيْدِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عُتْبَةُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنِي كُرَيْبٌ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ:
أَنَّهُ رَأَى مُعَاوِيَةَ صَلَّى العِشَاءَ، ثُمَّ أَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ لَمْ يَزِدْ، فَأَخَبَرَ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: أَصَابَ، أَيْ بُنَيَّ! لَيْسَ
أَحَدٌ مِنَّا أَعْلَمَ مِنْ مُعَاوِيَةَ، هِيَ وَاحِدَةٌ أَوْ خَمْسٌ أَوْ سَبْعٌ، أَوْ أَكْثَرُ.أَبُو اليَمَانِ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ عَطِيَّةَ بنِ قَيْسٍ، قَالَ:
خَطَبَنَا مُعَاوِيَةُ، فَقَالَ: إِنَّ فِي بَيْتِ مَالِكُم فَضْلاً عَنْ عَطَائِكُم، وَأَنَا قَاسِمُهُ بَيْنَكُم.
هِشَامُ بنُ عَمَّارٍ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ وَاقِدٍ، عَنْ يُوْنُسَ بنِ حَلْبَسٍ، قَالَ:
رَأَيْتُ مُعَاوِيَةَ فِي سُوْقِ دِمَشْقَ عَلَى بَغْلَةٍ، خَلْفَهُ وَصِيْفٌ قَدْ أَرْدَفَهُ، عَلَيْهِ قَمِيْصٌ مَرْقُوْعُ الجَيْبِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: كَانَ مُعَاوِيَةُ، وَمَا رَأَيْنَا بَعْدَهُ مِثْلَهُ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ؛ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ يَقُوْلُ:
لَوْ أَنَّ عَلِيّاً لَمْ يَفْعَلْ مَا فَعَلَ، ثُمَّ كَانَ فِي غَارٍ، لَذَهَبَ النَّاسُ إِلَيْهِ حَتَّى يَسْتَخْرِجُوْهُ مِنْهُ.
العَوَّامُ بنُ حَوْشَبٍ: عَنْ جَبَلَةَ بنِ سُحَيْمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَسْوَدَ مِنْ مُعَاوِيَةَ.
قُلْتُ: وَلاَ عُمَرُ؟
قَالَ: كَانَ عُمَرُ خَيْراً مِنْهُ، وَكَانَ مُعَاوِيَةُ أَسْوَدَ مِنْهُ.
وَرُوِيَ عَنْ: أَبِي يَعْقُوْبَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، نَحْوَهُ.
وَرَوَى: ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلَهُ، وَلَفْظُهُ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً قَطُّ بَعْدَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ أَسْوَدَ مِنْ مُعَاوِيَةَ.
فَقُلْتُ: كَانَ أَسْوَدَ
مِنْ أَبِي بَكْرٍ؟فَقَالَ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ خَيْراً مِنْهُ، وَهُوَ كَانَ أَسْوَدَ.
قُلْتُ: كَانَ أَسْوَدَ مِنْ عُمَرَ؟ ... ، الحَدِيْثَ.
مَعْمَرٌ: عَنْ هَمَّامِ بنِ مُنَبِّهٍ، سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُوْلُ:
مَا رَأَيْتُ رَجُلاً كَانَ أَخْلَقَ لِلمُلْكِ مِنْ مُعَاوِيَةَ، كَانَ النَّاسُ يَرِدُوْنَ مِنْهُ عَلَى أَرْجَاءِ وَادٍ رَحْبٍ، لَمْ يَكُنْ بِالضَّيِّقِ، الحَصِرِ، العُصْعُصِ، المُتَغَضِّبِ -يَعْنِي: ابْنَ الزُّبَيْرِ -.
أَيُّوْبُ: عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ:
قَالَ كَعْبُ بنُ مَالِكٍ: لَنْ يَمْلِكَ أَحَدٌ هَذِهِ الأُمَّةَ مَا مَلَكَ مُعَاوِيَةُ.
مُجَالِدٌ: عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ قَبِيْصَةَ بنِ جَابِرٍ؛ قَالَ:
صَحبْتُ مُعَاوِيَةَ، فَمَا رَأَيْتُ رَجُلاً أَثْقَلَ حِلْماً، وَلاَ أَبْطَأَ جَهْلاً، وَلاَ أَبْعَدَ أَنَاةً مِنْهُ.
وَيُرْوَى عَنْ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: إِنِّيْ لأَرْفَعُ نَفْسِي أَنْ يَكُوْنَ ذَنْبٌ أَوْزَنَ مِنْ حِلْمِي.
مُجَالِدٌ: عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: أَغْلَظَ رَجُلٌ لِمُعَاوِيَةَ، فَقَالَ: أَنْهَاكَ عَنِ السُّلْطَانِ، فَإِنَّ غَضَبَهُ غَضَبُ الصَّبِيِّ، وَأَخْذَهُ أَخْذَ الأَسَدِ.
الأَصْمَعِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ يَقُوْلُ لِمُعَاوِيَةَ: وَاللهِ لَتَسْتَقِيْمَنَّ بِنَا يَا مُعَاوِيَةُ، أَوْ لَنُقَوِّمَنَّكَ.فَيَقُوْلُ: بِمَاذَا؟
فَيَقُوْلُوْنَ: بِالخُشُبِ.
فَيَقُوْلُ: إِذاً أَسْتَقِيْمُ.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: عَلِمْتُ بِمَا كَانَ مُعَاوِيَةُ يَغْلِبُ النَّاسَ؛ كَانَ إِذَا طَارُوا وَقَعَ، وَإِذَا وَقَعُوا طَارَ.
مُجَالِدٌ: عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ زِيَادِ بنِ أَبِيْهِ، قَالَ:
مَا غَلَبَنِي مُعَاوِيَةُ فِي شَيْءٍ إِلاَّ بَاباً وَاحِداً؛ اسْتَعْمَلْتُ فُلاَناً، فَكَسَرَ الخَرَاجَ، فَخَشِيَ أَنْ أُعَاقِبَهُ، فَفَرَّ مِنِّي إِلَى مُعَاوِيَةَ.
فَكَتَبْتُ إِلَيْهِ: إِنَّ هَذَا أَدَبُ سُوْءٍ لِمَنْ قِبَلِي.
فَكَتَبَ إِلَيَّ: إِنَّهُ لاَ يَنْبَغِي أَنْ نَسُوْسَ النَّاسَ سِيَاسَةً وَاحِدَةً؛ أَنْ نَلِيْنَ جَمِيْعاً فَيَمْرَحُ النَّاسُ فِي المَعْصِيَةِ، وَلاَ نَشْتَدَّ جَمِيْعاً، فَنَحْمِلُ النَّاسَ عَلَى المَهَالِكِ، وَلَكِنْ تَكُوْنُ لِلشِدَّةِ وَالفَظَاظَةِ، وَأَكُوْنُ أَنَا لِلِّيْنِ وَالأُلْفَةِ.
أَبُو مُسْهِرٍ: عَنْ سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، قَالَ:
قَضَى مُعَاوِيَةُ عَنْ عَائِشَةَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفَ دِيْنَارٍ.
وَقَالَ عُرْوَةُ: بَعَثَ مُعَاوِيَةُ مَرَّةً إِلَى عَائِشَةَ بِمائَةِ أَلْفٍ، فَوَاللهِ مَا أَمْسَتْ حَتَّى فَرَّقَتْهَا.
حُسَيْنُ بنُ وَاقِدٍ: عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ:
دَخَلَ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ: لأُجِيْزَنَّكَ بِجَائِزَةٍ لَمْ يُجِزْهَا أَحَدٌ كَانَ قَبْلِي.
فَأَعْطَاهُ أَرْبَعَ مائَةِ أَلْفٍ.
جَرِيْرٌ: عَنْ مُغِيْرَةَ، قَالَ:
بَعَثَ الحَسَنُ وَابْنُ جَعْفَرٍ إِلَى مُعَاوِيَةَ
يَسْأَلاَنِهِ، فَأَعْطَى كُلاًّ مِنْهُمَا مائَةَ أَلْفٍ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيّاً، فَقَالَ لَهُمَا: أَلاَ تَسْتَحِيَانِ؟ رَجُلٌ نَطْعَنُ فِي عَيْبِهِ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً تَسْأَلاَنِهِ المَالَ؟!قَالاَ: لأَنَّكَ حَرَمْتَنَا، وَجَادَ هُوَ لَنَا.
أَبُو هِلاَلٍ: عَنْ قَتَادَةَ:
قَالَ مُعَاوِيَةُ: وَاعَجَباً لِلْحَسَنِ! شَرِبَ شُرْبَةً مِنْ عَسَلٍ بِمَاءِ رُوْمَةَ، فَقَضَى نَحْبَهُ.
ثُمَّ قَالَ لابْنِ عَبَّاسٍ: لاَ يَسُوْؤُكَ اللهُ وَلاَ يُحْزِنُكَ فِي الحَسَنِ.
قَالَ: أَمَّا مَا أَبْقَى اللهُ لِي أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، فَلَنْ يَسُوْءنِي اللهُ، وَلَنْ يُحْزِنَنِي.
قَالَ: فَأَعْطَاهُ أَلْفَ أَلْفٍ مِنْ بَيْنِ عَرُوْضٍ وَعَيْنٍ.
قَالَ: اقْسِمْهُ فِي أَهْلِكَ.
رَوَى العُتْبِيُّ، قَالَ:
قِيْلَ لِمُعَاوِيَةَ: أَسْرَعَ إِلَيْكَ الشَّيْبُ؟
قَالَ: كَيْفَ لاَ؛ وَلاَ أَعْدَمُ رَجُلاً مِنَ العَرَبِ قَائِماً عَلَى رَأْسِي يُلْقِحُ لِي كَلاَماً يُلْزِمُنِي جَوَابَهُ، فَإِنْ أَصَبْتُ لَمْ أُحْمَدْ، وَإِنْ أَخْطَأْتُ سَارَتْ بِهِ البُرُدُ.
قَالَ مَالِكٌ: إِنَّ مُعَاوِيَةَ قَالَ: لَقَدْ نَتَفْتُ الشَّيْبَ مُدَّةً.
قَالَ: وَكَانَ يَخْرُجُ إِلَى مُصَلاَّهُ، وَرِدَاؤُهُ يُحْمَلُ مِنَ الكِبَرِ.
وَدَخَلَ عَلَيْهِ إِنْسَانٌ، وَهُوَ يَبْكِي، فَقَالَ: مَا يُبْكِيْكَ؟
قَالَ: هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ لِي.
مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ أَبِي يَزِيْدَ : عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
لَمَّا أَصَابَ مُعَاوِيَةَ اللَّقْوَةُ بَكَى، فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ: مَا يُبْكِيْكَ؟
قَالَ: رَاجَعْتُ مَا كُنْتُ عَنْهُ عَزُوْفاً، كَبِرَتْ سِنِّي، وَرَقَّ عَظْمِي، وَكَثُرَ دَمْعِي،
وَرُمِيْتُ فِي أَحْسَنِي وَمَا يَبْدُو مِنِّي، وَلَوْلاَ هَوَايَ فِي يَزِيْدَ، لأَبْصَرْتُ قَصْدِي.هِشَامُ بنُ عَمَّارٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ المُؤْمِنِ بنُ مُهَلْهِلٍ، حَدَّثَنِي رَجُلٌ، قَالَ:
حَجَّ مُعَاوِيَةُ، فَاطَّلَعَ فِي بِئْرِ عَادِيَّةَ بِالأَبْوَاءِ، فَضَرَبَتْهُ اللَّقْوَةُ، فَدَخَلَ دَارَهُ بِمَكَّةَ، وَأَرْخَى حِجَابَهُ، وَاعْتَمَّ بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ عَلَى شِقِّهِ الَّذِي لَمْ يُصَبْ.
ثُمَّ أَذِنَ لِلنَّاسِ، فَحَمِدَ اللهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّ ابْنَ آدَمَ بِعَرَضِ بَلاَءٍ؛ إِمَّا مُبْتَلَىً لِيُؤْجَرَ؛ أَوْ مُعَاقَبٌ بِذَنْبٍ، وَإِمَّا مُسْتَعْتِبٌ لِيُعْتَبَ، وَمَا أَعْتَذِرُ مِنْ وَاحِدَةٍ مِنْ ثَلاَثٍ، فَإِنِ ابْتُلِيْتُ، فَقَدِ ابْتُلِيَ الصَّالِحُوْنَ قَبْلِي، وَإِنْ عُوْقِبْتُ، فَقَدْ عُوْقِبَ الخَاطِئُوْنَ قَبْلِي، وَمَا آمَنُ أَنْ أَكُوْنَ مِنْهُم، وَإِنْ مَرِضَ عُضْوٌ مِنِّي، فَمَا أُحْصِي صَحِيْحِي، وَلَوْ كَانَ الأَمْرُ إِلَى نَفْسِي، مَا كَانَ لِي عَلَى رَبِّي أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَانِي، فَأَنَا ابْنُ بِضْعٍ وَسِتِّيْنَ، فَرَحِمَ اللهُ مَنْ دَعَا لِي بِالعَافِيَةِ، فَوَاللهِ لَئِنْ عَتِبَ عَلَيَّ بَعْضُ خَاصَّتِكُم، لَقَدْ كُنْتُ حَدِباً عَلَى عَامَّتِكُم.
فَعَجَّ النَّاسُ يَدْعُوْنَ لَهُ، وَبَكَى.
مُغِيْرَةُ: عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
أَوَّلُ مَنْ خَطَبَ جَالِساً مُعَاوِيَةُ حِيْنَ سَمِنَ.
أَبُو المَلِيْحِ: عَنْ مَيْمُوْنِ بنِ مِهْرَانَ، قَالَ:أَوَّلُ مَنْ جَلَسَ عَلَى المِنْبَرِ، وَاسْتَأْذَنَ النَّاسَ مُعَاوِيَةُ؛ فَأَذِنُوا لَهُ.
وَعَنْ عُبَادَةَ بنِ نُسَيٍّ: خَطَبَنَا مُعَاوِيَةُ بِالصِّنَّبْرَةِ، فَقَالَ:
لَقَدْ شَهِدَ مَعِي صِفِّيْنَ ثَلاَثُ مائَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا بَقِيَ مِنْهُم غَيْرِي.
إِسْنَادُهُ لَيِّنٌ.
يُوْسُفُ بنُ عَبْدَةَ: سَمِعْتُ ابْنَ سِيْرِيْنَ يَقُوْلُ:
أَخَذَتْ مُعَاوِيَةَ قِرَّةٌ، فَاتَّخَذَ لُحُفاً خِفَافاً تُلْقَى عَلَيْهِ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ يَتَأَذَّى بِهَا، فَإِذَا رُفِعَتْ، سَأَلَ أَنْ تُرَدَّ عَلَيْهِ، فَقَالَ:
قَبَّحَكِ اللهُ مِنْ دَارٍ، مَكَثْتُ فِيْكِ عِشْرِيْنَ سَنَةً أَمِيْراً، وَعِشْرِيْنَ سَنَةً خَلِيْفَةً، وَصِرْتُ إِلَى مَا أَرَى.
قَالَ الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: كَانَ مُعَاوِيَةُ أَوَّلَ مَنِ اتَّخَذَ الدِّيْوَانَ لِلْخَتْمِ، وَأَمَرَ بِالنَّيْرُوْزِ وَالمَهْرَجَانِ، وَاتَّخَذَ المَقَاصِيْرَ فِي الجَامِعِ، وَأَوَّلَ مَنْ قَتَلَ مُسْلِماً صَبْراً، وَأَوَّلَ مَنْ قَامَ عَلَى رَأْسِهِ حَرَسٌ، وَأَوَّلَ مَنْ قُيِّدَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ الجَنَائِبُ، وَأَوَّلَ مَنِ اتَّخَذَ الخُدَّامَ الخِصْيَانَ فِي الإِسْلاَمِ، وَأَوَّلَ مَنْ بَلَّغَ دَرَجَاتِ المِنْبَرِ خَمْسَ عَشْرَةَ مِرْقَاةً، وَكَانَ يَقُوْلُ: أَنَا أَوَّلُ المُلُوْكِ.
قُلْتُ: نَعَمْ.
فَقَدْ رَوَى سَفِيْنَةُ: عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (الخِلاَفَةُ بَعْدِي ثَلاَثُوْنَ سَنَةً، ثُمَّ تَكُوْنُ مُلْكاً ) .
فَانْقَضَتْ خِلاَفَةُ النُّبُوَّةِ ثَلاَثِيْنَ عَاماً،
وَوَلِيَ مُعَاوِيَةُ، فَبَالَغَ فِي التَّجَمُّلِ وَالهَيْئَةِ، وَقَلَّ أَنْ بَلَغَ سُلْطَانٌ إِلَى رُتْبَتِهِ، وَلَيْتَهُ لَمْ يَعْهَدْ بِالأَمْرِ إِلَى ابْنِهِ يَزِيْدَ، وَتَرَكَ الأُمَّةَ مِنِ اخْتِيَارِهِ لَهُم.عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ: عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ الحَسَنِ بنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَاوُوْسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
لَمَّا احْتُضِرَ مُعَاوِيَةُ، قَالَ: إِنِّيْ كُنْتُ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الصَّفَا، وَإِنِّي دَعَوْتُ بِمِشْقَصٍ، فَأَخَذْتُ مِنْ شَعْرِهِ، وَهُوَ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا، فَإِذَا أَنَا مِتُّ، فَخُذُوا ذَلِكَ الشَّعْرَ، فَاحْشُوا بِهِ فَمِي وَمَنْخِرِي.
وَرُوِيَ بِإِسْنَادٍ عَنْ مَيْمُوْنِ بنِ مِهْرَانَ نَحْوُهُ.
مُحَمَّدُ بنُ مُصَفَّى: حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، عَنْ بَحِيْرٍ، عَنْ خَالِدِ بنِ مَعْدَانَ، قَالَ:
وَفَدَ المِقْدَامُ بنُ مَعْدِيْ كَرِبٍ، وَعَمْرُو بنُ الأَسْوَدِ، وَرَجُلٌ مِنَ الأَسَدِ لَهُ صُحْبَةٌ إِلَى مُعَاوِيَةَ.
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لِلْمِقْدَامِ: تُوُفِّيَ الحَسَنُ.
فَاسْتَرْجَعَ، فَقَالَ: أَتَرَاهَا مُصِيْبَةً؟
قَالَ: وَلِمَ لاَ؟ وَقَدْ وَضَعَهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَجْرِهِ، وَقَالَ: (هَذَا مِنِّي، وَحُسَيْنٌ مِنْ عَلِيٍّ) .
فَقَالَ لِلأَسَدِيِّ: مَا تَقُوْلُ أَنْتَ؟
قَالَ: جَمْرَةٌ أُطْفِئَتْ.
فَقَالَ المِقْدَامُ: أَنْشُدُكَ اللهُ! هَلْ سَمِعْتَ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَنْهَى عَنْ
لُبْسِ الذَّهَبِ وَالحَرِيْرِ، وَعَنْ جُلُوْدِ السِّبَاعِ وَالرُّكُوْبِ عَلَيْهَا؟قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: فَوَاللهِ لَقَدْ رَأَيْتُ هَذَا كُلَّهُ فِي بَيْتِكَ.
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: عَرَفْتُ أَنِّي لاَ أَنْجُو مِنْكَ.
إِسْنَادُهُ قَوِيٌّ.
وَمُعَاوِيَةُ: مِنْ خِيَارِ المُلُوْكِ الَّذِيْنَ غَلَبَ عَدْلُهُم عَلَى ظُلْمِهِم، وَمَا هُوَ بِبَرِيْءٍ مِنَ الهَنَاتِ - وَاللهُ يَعْفُو عَنْهُ -.
المَدَائِنِيُّ: عَنْ أَبِي عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ عُبَادَةَ بنِ نُسَيٍّ، قَالَ:
خَطَبَ مُعَاوِيَةُ، فَقَالَ: إِنِّيْ مِنْ زَرْعٍ قَدِ اسْتَحْصَدَ، وَقَدْ طَالَتْ إِمْرَتِي عَلَيْكُم حَتَّى مَلِلْتُكُم وَمَلِلْتُمُوْنِي، وَلاَ يَأْتِيْكُم بَعْدِي خَيْرٌ مِنِّي، كَمَا أَنَّ مَنْ كَانَ قَبْلِي خَيْرٌ مِنِّي، اللَّهُمَّ قَدْ أَحْبَبْتُ لِقَاءكَ فَأَحِبَّ لِقَائِي.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ مَرْوَانَ بنِ أَبِي سَعِيْدٍ بنِ المُعَلَّى، قَالَ:
قَالَ مُعَاوِيَةُ لِيَزِيْدَ وَهُوَ يُوْصِيْهِ: اتَّقِ اللهَ، فَقَدْ وَطَّأْتُ لَكَ الأَمْرَ، وَوَلِيْتُ مِنْ ذَلِكَ مَا وَلِيْتُ، فَإِنْ يَكُ خَيْراً فَأَنَا أَسْعَدُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ شَقِيْتُ بِهِ، فَارْفُقْ بِالنَّاسِ، وَإِيَّاكَ وَجَبْهَ أَهْلِ الشَّرَفِ، وَالتَّكَبُّرَ عَلَيْهِم.
وَقِيْلَ: إِنَّ مُعَاوِيَةَ قَالَ لِيَزِيْدَ:
إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُهُ شَيْءٌ عَمِلْتُهُ فِي أَمْرِكَ، شَهِدْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْماً قَلَّمَ أَظْفَارَهُ، وَأَخَذَ مِنْ شَعْرِهِ، فَجَمَعْتُ ذَلِكَ، فَإِذَا مِتُّ، فَاحْشُ بِهِ فَمِي وَأَنْفِي.
عَبْدُ الأَعْلَى بنُ مَيْمُوْنِ بنِ مِهْرَانَ: عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ مُعَاوِيَةَ أَوْصَى، فَقَالَ:
كُنْتُ أُوَضِّئُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَزَعَ قَمِيْصَهُ، وَكَسَانِيْهُ، فَرَفَعْتُهُ، وَخَبَّأْتُ قُلاَمَةَ أَظْفَارِهِ، فَإِذَا مِتُّ، فَأَلْبِسُوْنِي القَمِيْصَ عَلَى جِلْدِي، وَاجْعَلُوا القُلاَمَةَ مَسْحُوْقَةً فِي عَيْنِي، فَعَسَى اللهُ أَنْ يَرْحَمَنِي بِبَرَكَتِهَا.حُمَيْدُ بنُ هِلاَلٍ: عَنْ أَبِي بُرْدَةَ؛ قَالَ:
دَخَلْتُ عَلَى مُعَاوِيَةَ حِيْنَ أَصَابَتْهُ قَرْحَتُهُ، فَقَالَ: هَلُمَّ يَا ابْنَ أَخِي فَانْظُرْ.
فَنَظَرْتُ، فَإِذَا هِيَ قَدْ سَرَتْ.
قَالَ أَبُو عَمْرٍو بنُ العَلاَءِ: لَمَّا احْتُضِرَ مُعَاوِيَةُ، قِيْلَ لَهُ: أَلاَ تُوْصِي؟
فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَقِلِ العَثْرَةَ، وَاعْفُ عَنِ الزَّلَّةِ، وَتَجَاوَزْ بِحِلْمِكَ عَنْ جَهْلِ مَنْ لَمْ يَرْجُ غَيْرَكَ، فَمَا وَرَاءكَ مَذْهَبٌ.
وَقَالَ:
هُوَ المَوْتُ لاَ مَنْجَى مِنَ المَوْتِ وَالَّذِي ... نُحَاذِرُ بَعْدَ المَوْتِ أَدْهَى وَأَفْظَعُ
قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: صَلَّى الضَّحَّاكُ بنُ قَيْسٍ الفِهْرِيُّ عَلَى مُعَاوِيَةَ، وَدُفِنَ بَيْنَ بَابِ الجَابِيَةِ وَبَابِ الصَّغِيْرِ - فِيمَا بَلَغَنِي -.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: عَنْ أَبِي يَعْقُوْبَ الثَّقَفِيِّ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، قَالَ:
لَمَّا ثَقُلَ مُعَاوِيَةُ، قَالَ: احْشُوا عَيْنِي بِالإِثْمِدِ، وَأَوْسِعُوا رَأْسِي دُهْناً.
فَفَعَلُوا، وَبَرَّقُوا وَجْهَهُ بِالدُّهْنِ، ثُمَّ مُهِّدَ لَهُ، وَأُجْلِسَ وَسُنِدَ.
ثُمَّ قَالَ: لِيَدْنُ النَّاسُ، فَلْيُسَلِّمُوا قِيَاماً.
فَيَدْخُلُ الرَّجُلُ، وَيَقُوْلُ: يَقُوْلُوْنَ: هُوَ لِمَا بِهِ، وَهُوَ أَصَحُّ النَّاسِ.
فَلَمَّا خَرَجُوا، قَالَ مُعَاوِيَةُ:
وَتَجَلُّدِي لِلشَّامِتِيْنَ أُرِيْهُمُ ... أَنِّي لِرَيْبِ الدَّهْرِ لاَ أَتَضَعْضَعُوَإِذَا المَنِيَّةُ أَنْشَبَتْ أَظْفَارَهَا ... أَلْفَيْتَ كُلَّ تَمِيْمَةٍ لاَ تَنْفَعُ
إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ: عَنْ قَيْسٍ، قَالَ:
أَخْرَجَ مُعَاوِيَةُ يَدَيْهِ كَأَنَّهُمَا عَسِيْبَا نَخْلٍ، فَقَالَ: هَلِ الدُّنْيَا إِلاَّ مَا ذُقْنَا وَجَرَّبْنَا، وَاللهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَغْبُرْ فِيْكُم إِلاَّ ثَلاَثاً، ثُمَّ أَلْحَقُ بِاللهِ.
قَالُوا: إِلَى مَغْفِرَةِ اللهِ وَرِضْوَانِهِ.
قَالَ: إِلَى مَا شَاءَ اللهُ، قَدْ عَلِمَ اللهُ أَنِّي لَمْ آلُ، وَلَوْ أَرَادَ اللهُ أَنْ يُغَيِّرَ غَيَّرَ.
وَعَنْ عَمْرِو بنِ مَيْمُوْنٍ، قَالَ: مَاتَ مُعَاوِيَةُ وَابْنُهُ يَزِيْدُ بِحُوَّارِيْنَ.
أَبُو مُسْهِرٍ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ يَزِيْدَ، حَدَّثَنِي سَعِيْدُ بنُ حُرَيْثٍ، قَالَ:
مَاتَ مُعَاوِيَةُ، فَفَزِعَ النَّاسُ إِلَى المَسْجَدِ، فَأَتَيْتُ، فَلَمَّا ارْتَفَعَ النَّهَارُ وَهُمْ يَبْكُوْنَ فِي الخَضْرَاءِ، وَابْنُهُ يَزِيْدُ فِي البَرِّيَّةِ، وَهُوَ وَلِيُّ عَهْدِهِ، وَكَانَ مَعَ أَخْوَالِهِ بَنِي كَلْبٍ، فَقَدِمَ فِي زِيِّهِمْ، فَتَلَقَّيْنَاهُ، وَهُوَ عَلَى بُخْتِيٍّ لَهُ زَجَلٌ.
قَالَ: وَلَيْسَ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ وَلاَ سَيْفٌ، وَكَانَ عَظِيْمَ الجِسْمِ، سَمِيْناً، فَسَارَ إِلَى
بَابِ الصَّغِيْرِ، فَنَزَلَ، وَمَشَى بَيْنَ يَدَيْهِ الضَّحَّاكُ الفِهْرِيُّ إِلَى قَبْرِ مُعَاوِيَةَ، فَصَفَّنَا خَلْفَهُ، وَكَبَّرَ أَرْبَعاً، ثُمَّ رَكِبَ بَغْلَتَهُ إِلَى الخَضْرَاءِ، ثُمَّ نُوْدِيَ وَقْتَ الظُّهْرِ: الصَّلاَةُ جَامِعَةٌ.فَاغْتَسَلَ، وَخَرَجَ، فَجَلَسَ عَلَى المِنْبَرِ، وَعَجَّلَ العَطَاءَ، وَأَعْفَاهُم مِنْ غَزْوِ البَحْرِ، فَافْتَرَقُوا، وَمَا يُفَضِّلُوْنَ عَلَيْهِ أَحَداً.
قَالَ اللَّيْثُ، وَأَبُو مَعْشَرٍ، وَعِدَّةٌ: مَاتَ مُعَاوِيَةُ فِي رَجَبٍ، سَنَةَ سِتِّيْنَ.
فَقِيْلَ: فِي نِصْفِ رَجَبٍ.
وَقِيْلَ: لِثَمَانٍ بَقِيْنَ مِنْهُ.
وَعَاشَ: سَبْعاً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
مُسْنَدُهُ فِي (مُسْنَدِ بَقِيٍّ) : مائَةٌ وَثَلاَثَةٌ وَسِتُّوْنَ حَدِيْثاً.
وَقَدْ عَمِلَ الأَهْوَازِيُّ (مُسْنَدَهُ) فِي مُجَلَّدٍ.
وَاتَّفَقَ لَهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَلَى أَرْبَعَةِ أَحَادِيْثَ.
وَانْفَرَدَ البُخَارِيُّ بِأَرْبَعَةٍ، وَمُسْلِمٌ بِخَمْسَةٍ.
ابْنِ أُمَيَّةَ بنِ عَبْدِ شَمْسٍ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ بنِ قُصَيِّ بنِ
كِلاَبٍ، أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ، مَلِكُ الإِسْلاَمِ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ القُرَشِيُّ، الأُمَوِيُّ، المَكِّيُّ.وَأُمُّهُ: هِيَ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ بنِ رَبِيْعَةَ بنِ عَبْدِ شَمْسٍ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ بنِ قُصَيٍّ.
قِيْلَ: إِنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَ أَبِيْهِ وَقْتَ عُمْرَةِ القَضَاءِ، وَبَقِيَ يَخَافُ مِنَ اللَّحَاقِ بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَبِيْهِ، وَلَكِنْ مَا ظَهَرَ إِسْلاَمُهُ إِلاَّ يَوْمَ الفَتْحِ.
حَدَّثَ عَنِ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَتَبَ لَهُ مَرَّاتٍ يَسِيْرَةً.
وَحَدَّثَ أَيْضاً عَنْ: أُخْتِهِ أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ أُمِّ حَبِيْبَةَ، وَعَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ عَبَّاسٍ، وَسَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، وَأَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ، وَأَبُو إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيُّ، وَأَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيْدٌ المَقْبُرِيُّ، وَخَالِدُ بنُ مَعْدَانَ، وَهَمَّامُ بنُ مُنَبِّهٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَامِرٍ المُقْرِئُ، وَالقَاسِمُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعُمَيْرُ بنُ هَانِئ، وَعُبَادَةُ بنُ نُسَيٍّ، وَسَالِمُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَمُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ، وَوَالِدُ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَحَدَّثَ عَنْهُ مِنَ الصَّحَابَةِ أَيْضاً: جَرِيْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَأَبُو سَعِيْدٍ، وَالنُّعْمَانُ بنُ بَشِيْرٍ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ.
ذَكَرَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَغَيْرُهُ:
أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَانَ طَوِيْلاً، أَبْيَضَ، جَمِيْلاً، إِذَا ضَحِكَ انْقَلَبَتْ شَفَتُهُ العُلْيَا، وَكَانَ يَخْضِبُ.
رَوَى: سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ رَبٍّ:
رَأَيْتُ مُعَاوِيَةَ يَخْضِبُ
بِالصُّفْرَةِ، كَأَنَّ لِحْيَتَهُ الذَّهَبُ.قُلْتُ: كَانَ ذَلِكَ لاَئِقاً فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ، وَاليَوْمَ لَوْ فُعِلَ، لاسْتُهْجِنَ.
وَرَوَى: عَبْدُ الجبَّارِ بنُ عُمَرَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ قَارِظٍ:
سَمِعَ مُعَاوِيَةَ عَلَى مِنْبَرِ المَدِيْنَةِ يَقُوْلُ: أَيْنَ فُقَهَاؤُكُم يَا أَهْلَ المَدِيْنَةِ؟ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ هَذِهِ القُصَّةِ.
ثُمَّ وَضَعَهَا عَلَى رَأْسِهِ، فَلَمْ أَرَ عَلَى عَرُوْسٍ وَلاَ عَلَى غَيْرِهَا أَجْمَلَ مِنْهَا عَلَى مُعَاوِيَةَ.
وَعَنْ أَبَانَ بنِ عُثْمَانَ: كَانَ مُعَاوِيَةُ وَهُوَ غُلاَمٌ يَمْشِي مَعَ أُمِّهِ هِنْدٍ، فَعَثَرَ، فَقَالَتْ: قُمْ، لاَ رَفَعَكَ اللهُ.
وَأَعْرَابِيٌّ يَنْظُرُ، فَقَالَ: لِمَ تَقُوْلِيْنَ لَهُ؟ فَوَاللهِ إِنِّيْ لأَظُنُّهُ سَيَسُوْدُ قَوْمَهُ.
قَالَتْ: لاَ رَفَعَهُ إِنْ لَمْ يَسُدْ إِلاَّ قَوْمَهُ.
قَالَ أَسْلَمُ مَوْلَى عُمَرَ: قَدِمَ عَلَيْنَا مُعَاوِيَةُ وَهُوَ أَبَضُّ النَّاسِ، وَأَجْمَلُهُم.
ابْنُ إِسْحَاقَ: عَنْ أَبِيْهِ:رَأَيْتُ مُعَاوِيَةَ بِالأَبْطَحِ أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، كَأَنَّهُ فَالِجٌ.
قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: كَانَ مُعَاوِيَةُ يَقُوْلُ: أَسْلَمْتُ عَامَ القَضِيَّةِ.
ابْنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ عُمَرَ بنِ عَبْدِ اللهِ العَنْسِيِّ:
قَالَ مُعَاوِيَةُ: لَمَّا كَانَ عَامُ الحُدَيْبِيَةِ، وَصَدُّوا رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ البَيْتِ، وَكَتَبُوا بَيْنَهُم القَضِيَّةَ، وَقَعَ الإِسلاَمُ فِي قَلْبِي، فَذَكَرْتُ لأُمِّي، فَقَالَتْ: إِيَّاكَ أَنْ تُخَالِفَ أَبَاكَ.
فَأَخْفَيْتُ إِسْلاَمِي، فَوَاللهِ لَقَدْ رَحَلَ رَسُوْلُ اللهِ مِنَ الحُدَيْبِيَةِ وَإِنِّي مُصَدِّقٌ بِهِ، وَدَخَلَ مَكَّةَ عَامَ عُمْرَةَ القَضِيَّةِ وَأَنَا مُسْلِمٌ.
وَعَلِمَ أَبُو سُفْيَانَ بِإِسْلاَمِي، فَقَالَ لِي يَوْماً: لَكِنَّ أَخُوْكَ خَيْرٌ مِنْكَ، وَهُوَ عَلَى دِيْنِي.
فَقُلْتُ: لَمْ آلُ نَفْسِي خَيْراً، وَأَظْهَرْتُ إِسْلاَمِي يَوْمَ الفَتْحِ، فَرَحَّبَ بِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَتَبْتُ لَهُ.
ثُمَّ قَالَ الوَاقِدِيُّ: وَشَهِدَ مَعَهُ حُنَيْناً، فَأَعْطَاهُ مِنَ الغَنَائِمِ مائَةً مِنَ الإِبِلِ، وَأَرْبَعِيْنَ أُوْقِيَّةً.
قُلْتُ: الوَاقِدِيُّ لاَ يَعِي مَا يَقُوْلُ، فَإِنْ كَانَ مُعَاوِيَةُ كَمَا نَقَلَ قَدِيْمَ الإِسْلاَمِ، فَلِمَاذَا يَتَأَلَّفُهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ وَلَوْ كَانَ أَعْطَاهُ، لَمَا قَالَ عِنْدَمَا خَطَبَ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ: (أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوْكٌ لاَ مَالَ لَهُ).
وَنَقَلَ المُفَضَّلُ الغَلاَبِيُّ : عَنْ أَبِي الحَسَنِ الكُوْفِيِّ، قَالَ: كَانَ زَيْدُ
بنُ ثَابِتٍ كَاتِبَ الوَحْيِ، وَكَانَ مُعَاوِيَةُ كَاتِباً فِيْمَا بَيْنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَيْنَ العَرَبِ.عَمْرُو بنُ مُرَّةَ: عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَارِثِ، عَنْ زُهَيْرِ بنِ الأَقْمَرِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، قَالَ:
كَانَ مُعَاوِيَةُ يَكْتُبُ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
أَبُو عَوَانَةَ: عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
كُنْتُ أَلْعَبُ مَعَ الغِلْمَانِ، فَدَعَانِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ: (ادْعُ لِي مُعَاوِيَةَ) .
وَكَانَ يَكْتُبُ الوَحْيَ.
رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي (مُسْنَدِهِ ) .
وَزَادَ فِيْهِ الحَاكِمُ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ حَمْشَادَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، قَالَ: فَدَعَوْتُهُ.
فَقِيْلَ: إِنَّهُ يَأْكُلُ.
فَأَتَيْتُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، هُوَ يَأْكُلُ.
قَالَ: (اذْهَبْ، فَادْعُهُ) .
فَأَتَيْتُهُ الثَّانِيَةَ، فَقِيْلَ: إِنَّهُ يَأْكُلُ.
فَأَتَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ، فَأَخْبَرْتُهُ.
فَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ: (لاَ أَشْبَعَ اللهُ بَطْنَهُ) .
قَالَ: فَمَا شَبِعَ بَعْدَهَا.
رَوَاهُ الطَّيَالِسِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، وَهُشَيْمٌ، وَفِيْهِ: (لاَ أَشْبَعَ اللهُ بَطْنَهُ ) .
فَسَّرَهُ بَعْضُ المُحِبِّيْنَ، قَالَ: لاَ أَشْبَعَ اللهُ بَطْنَهُ؛ حَتَّى لاَ يَكُوْنَ مِمَّنْ يَجُوْعُ يَوْمَ القِيَامَةِ، لأَنَّ الخَبَرَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: (أَطْوَلُ النَّاسِ شِبَعاً فِي الدُّنْيَا، أَطْوَلُهُم جُوْعاً يَوْمَ القِيَامَةِ).
قُلْتُ: هَذَا مَا صَحَّ، وَالتَّأْوِيْلُ رَكِيْكٌ، وَأَشْبَهُ مِنْهُ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ -: (اللَّهُمَّ مَنْ سَبَبْتُهُ أَوْ شَتَمْتُهُ مِنَ الأُمَّةِ، فَاجْعَلْهَا لَهُ رَحْمَةً ) ، أَوْ كَمَا قَالَ.وَقَدْ كَانَ مُعَاوِيَةُ مَعْدُوْداً مِنَ الأُكَلَةِ.
جَمَاعَةٌ: عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ صَالِحٍ، عَنْ يُوْنُسَ بنِ سَيْفٍ، عَنِ الحَارِثِ بنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي رُهْمٍ السَّمَاعِيِّ، عَنِ العِرْبَاضِ:
سَمِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَدْعُو إِلَى السُّحُوْرِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ: (هَلُمَّ إِلَى الغَدَاءِ المُبَارَكِ) .
ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: (اللَّهُمَّ عَلِّمْ مُعَاوِيَةَ الكِتَابَ، وَالحِسَابَ، وَقِهِ العَذَابَ ) .
رَوَاهُ: ابْنُ مَهْدِيٍّ، وَأَسَدُ السُّنَّةِ، وَأَبُو صَالِحٍ، وَبِشْرُ بنُ السَّرِيِّ، عَنْهُ.
وَهَذَا فِي (جُزْءِ ابْنِ عَرَفَةَ) : مُعْضَلٌ، سَقَطَ مِنْهُ: العِرْبَاضُ، وَأَبُو رُهْمٍ.
وَلِلْحَدِيْثِ شَاهِدٌ قَوِيٌّ.
أَبُو مُسْهِرٍ: حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، عَنْ رَبِيْعَةَ بنِ يَزِيْدَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي عَمِيْرَةَ المُزَنِيِّ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِمُعَاوِيَةَ: (اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الكِتَابَ، وَالحِسَابَ، وَقِهِ العَذَابَ ) .
أَبُو هِلاَلٍ مُحَمَّدُ بنُ سَلِيْمٍ: حَدَّثَنَا جَبَلَةُ بنُ عَطِيَّةَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ
مَسْلَمَةَ بنِ مُخَلَّدٍ:أَنَّهُ قَالَ لِعَمْرِو بنِ العَاصِ، وَمُعَاوِيَةُ يَأْكُلُ: إِنَّ ابْنَ عَمِّكَ هَذَا لَمِخْضَدٌ، أَمَا إِنِّيْ أَقُوْلُ هَذَا، وَقَدْ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ: (اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الكِتَابَ، وَمَكِّنْ لَهُ فِي البِلاَدِ، وَقِهِ العَذَابَ ) .
فِيْهِ رَجُلٌ مَجْهُوْلٌ.
وَجَاءَ نَحْوُهُ مِنْ مَرَاسِيْلِ الزُّهْرِيِّ، وَمَرَاسِيْلِ عُرْوَةَ بنِ رُوَيْمٍ، وَحَرِيْزِ بنِ عُثْمَانَ.
مَرْوَانُ بنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، حَدَّثَنِي رَبِيْعَةُ بنُ يَزِيْدَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ أَبِي عَمِيْرَةَ:
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ لِمُعَاوِيَةَ: (اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ هَادِياً، مَهْدِيّاً، وَاهْدِ بِهِ ) .
حَسَّنَهُ: التِّرْمِذِيُّ.
صَفْوَانُ بنُ صَالِحٍ: حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ، وَمَرْوَانُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سَعِيْدٌ نَحْوَهُ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ النَّصْرِيُّ، وَعَبَّاسٌ التَّرْقُفِيُّ : حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ، حَدَّثَنَا سَعِيْدٌ نَحْوَهُ، وَفِيْهِ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ.
أَحْمَدُ بنُ المُعَلَّى: حَدَّثَنَا مَحْمُوْدٌ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ، عَنْ سَعِيْدٍ، عَنْ رَبِيْعَةَ:
أَنَّ بَعْثاً مِنْ أَهْلِ الشَّامِ كَانُوا مُرَابِطِيْنَ بِآمِدَ، وَأَنَّ عُمَيْرَ بنَ سَعْدٍ كَانَ عَلَى حِمْصَ، فَعَزَلَهُ عُثْمَانُ، وَوَلَّى مُعَاوِيَةَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ أَهْلُ
حِمْصَ، فَشَقَّ عَلَيْهِم.فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي عَمِيْرَةَ المُزَنِيُّ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ لِمُعَاوِيَةَ: (اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ هَادِياً، مَهْدِيّاً، وَاهْدِ بِهِ ) .
أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ: حَدَّثَنَا مَحْمُوْدُ بنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ، وَعُمَرُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ، عَنْ سَعِيْدٍ، عَنْ رَبِيْعَةَ بنِ يَزِيْدَ، عَنْ أَبِي إِدْرِيْسَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي عَمِيْرَةَ:
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ لِمُعَاوِيَةَ: (اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ هَادِياً، مَهْدِيّاً، وَاهْدِ بِهِ ) .
عَمْرُو بنُ وَاقِدٍ: عَنْ يُوْنُسَ بنِ حَلْبَسٍ، عَنْ أَبِي إِدْرِيْسَ، قَالَ:
لَمَّا عَزَلَ عُمَرُ عُمَيْرَ بنَ سَعْدٍ عَنْ حِمْصَ، وَلَّى مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ عُمَيْرٌ:
لاَ تَذْكُرُوا مُعَاوِيَةَ إِلاَّ بِخَيْرٍ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ: (اللَّهُمَّ اهْدِ بِهِ ) .
رَوَاهُ : عَنِ الذُّهْلِيِّ، عَنِ النُّفَيْلِيِّ، عَنْهُ.
هِشَامُ بنُ عَمَّارٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ الوَلِيْدِ بنِ سُلَيْمَانَ، سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ:
إِنَّ عُمَرَ وَلَّى مُعَاوِيَةَ، فَقَالُوا: وَلاَّهُ حَدِيْثَ السِّنِّ.
فَقَالَ: تَلُوْمُوْنَنِي، وَأَنَا سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ: (اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ هَادِياً، مَهْدِيّاً، وَاهْدِ بِهِ ) .
هَذَا مُنْقَطِعٌ.
مُحَمَّدُ بنُ شُعَيْبٍ: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بنُ جَنَاحٍ، عَنْ يُوْنُسَ بنِ مَيْسَرَةَ:أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَأْذَنَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فِي أَمْرٍ، فَقَالاَ: اللهُ وَرَسُوْلُهُ أَعْلَمُ.
فَقَالَ: (أَشِيْرَا عَلَيَّ) .
ثُمَّ قَالَ: (ادْعُوا مُعَاوِيَةَ) .
فَقَالَ: (أَحْضِرُوْهُ أَمْرَكُم، وَأَشْهِدُوْهُ أَمْرَكُم، فَإِنَّهُ قَوِيٌّ أَمِيْنٌ ) .
وَرَوَاهُ: نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ، عَنِ ابْنِ شُعَيْبٍ؛ فَوَصَلَهُ بِعَبْدِ اللهِ بنِ بُسْرٍ.
أَبُو مُسْهِرٍ، وَابْنُ عَائِذٍ: عَنْ صَدَقَةَ بنِ خَالِدٍ، عَنْ وَحْشِيِّ بنِ حَرْبِ بنِ وَحْشِيٍّ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ:
أَرْدَفَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُعَاوِيَةَ خَلْفَهُ، فَقَالَ: (مَا يَلِيْنِي مِنْكَ؟) .
قَالَ: بَطْنِي يَا رَسُوْلَ اللهِ.
قَالَ: (اللَّهُمَّ امْلأْهُ عِلْماً ) .
زَادَ فِيْهِ أَبُو مُسْهِرٍ: (وَحِلْماً) .
قَالَ صَالِحٌ جَزَرَةُ: لاَ يُشْتَغَلُ بِوَحْشِيٍّ وَلاَ بِأَبِيْهِ.
بَقِيَّةُ: عَنْ بَحِيْرِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بنِ مَعْدَانَ، عَنْ جُبَيْرِ بنِ نُفَيْرٍ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَسِيْرُ وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ، فَذَكَرُوا الشَّامَ، فَقَالَ رَجُلٌ: كَيْفَ نَسْتَطِيْعُ الشَّامَ وَفِيْهِ الرُّوْمُ؟
قَالَ: وَمُعَاوِيَةُ فِي القَوْمِ - وَبِيَدِهِ عَصاً - فَضَرَبَ بِهَا كَتِفَ مُعَاوِيَةَ، وَقَالَ: (يَكْفِيْكُمُ اللهُ بِهَذَا ) .
هَذَا مُرْسَلٌ، قَوِيٌّ.
فَهَذِهِ أَحَادِيْثَ مُقَارِبَةٌ.
وَقَدْ سَاقَ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي التَّرْجَمَةِ أَحَادِيْثَ وَاهِيَةً وَبَاطِلَةً، طَوَّلَ بِهَا جِدّاً.
وَخَلَفَ مُعَاوِيَةَ خَلْقٌ كَثِيْرٌ يُحِبُّوْنَهُ وَيَتَغَالُوْنَ فِيْهِ، وَيُفَضِّلُوْنَهُ، إِمَّا قَدْ مَلَكَهُم بِالكَرَمِ وَالحِلْمِ وَالعَطَاءِ، وَإِمَّا قَدْ وُلِدُوا فِي الشَّامِ عَلَى حُبِّهِ، وَتَرَبَّى أَوْلاَدُهُمْ عَلَى ذَلِكَ.وَفِيْهِمْ جَمَاعَةٌ يَسِيْرَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ مِنَ التَّابِعِيْنَ وَالفُضَلاَءِ، وَحَارَبُوا مَعَهُ أَهْلَ العِرَاقِ، وَنَشَؤُوا عَلَى النَّصْبِ - نَعُوْذُ بِاللهِ مِنَ الهَوَى -.
كمَا قَدْ نَشَأَ جَيْشُ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - وَرَعِيَّتُهُ - إِلاَّ الخَوَارِجَ مِنْهُم - عَلَى حُبِّهِ، وَالقِيَامِ مَعَهُ، وَبُغْضِ مَنْ بَغَى عَلَيْهِ، وَالتَّبَرِّي مِنْهُم، وَغَلاَ خَلْقٌ مِنْهُم فِي التَّشَيُّعِ.
فَبِاللهِ كَيْفَ يَكُوْنُ حَالُ مَنْ نَشَأَ فِي إِقْلِيْمٍ، لاَ يَكَادُ يُشَاهِدُ فِيْهِ إِلاَّ غَالِياً فِي الحُبِّ، مُفْرِطاً فِي البُغْضِ، وَمِنْ أَيْنَ يَقَعُ لَهُ الإِنْصَافُ وَالاعْتِدَالُ؟
فَنَحْمَدُ اللهَ عَلَى العَافِيَةِ الَّذِي أَوْجَدَنَا فِي زَمَانٍ قَدِ انْمَحَصَ فِيْهِ الحَقُّ، وَاتَّضَحَ مِنَ الطَّرَفَيْنِ، وَعَرَفْنَا مَآخِذَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ، وَتَبَصَّرْنَا، فَعَذَرْنَا، وَاسْتَغْفَرْنَا، وَأَحْبَبْنَا بِاقْتِصَادٍ، وَتَرَحَّمْنَا عَلَى البُغَاةِ بِتَأْوِيْلٍ سَائِغٍ فِي الجُمْلَةِ، أَوْ بِخَطَأٍ - إِنْ شَاءَ اللهُ - مَغْفُوْرٍ، وَقُلْنَا كَمَا عَلَّمَنَا اللهُ: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِيْنَ سَبَقُوْنَا بِالإِيْمَانِ، وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوْبِنَا غِلاًّ لِلَّذِيْنَ آمَنُوا} [الحَشْرُ: 10] .
وَتَرَضَّيْنَا أَيْضاً عَمَّنِ اعْتَزَلَ الفَرِيْقَيْنِ، كَسَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَمُحَمَّدِ بنِ مَسْلَمَةَ، وَسَعِيْدِ بنِ زَيْدٍ، وَخَلْقٍ.
وَتَبَرَّأْنَا مِنَ الخَوَارِجِ المَارِقِيْنَ الَّذِيْنَ حَارَبُوا عَلِيّاً، وَكَفَّرُوا الفَرِيْقَيْنِ.
فَالخَوَارِجُ كِلاَبُ النَّارِ، قَدْ مَرَقُوا مِنَ الدِّيْنِ، وَمَعَ هَذَا فَلاَ نَقْطَعُ لَهُم بِخُلُوْدِ النَّارِ، كَمَا نَقْطَعُ بِهِ لِعَبَدَةِ الأَصْنَامِ وَالصُّلْبَانِ.
فَمِنَ الأَبَاطِيْلِ المُخْتلَقَةِ:
عَنْ وَاثِلَةَ، مَرْفُوْعاً: (كَادَ مُعَاوِيَةُ أَنْ يُبْعَثَ نَبِيّاً مِنْ حِلْمِهِ وَائْتِمَانِهِ عَلَى كَلاَمِ رَبِّي) .
وَعَنْ عُثْمَانَ، مَرْفُوعاً: (هَنِيْئاً لَكَ يَا مُعَاوِيَةُ، لَقَدْ أَصْبَحْتَ أَمِيْناً عَلَى خَبَرِ السَّمَاءِ) .عَنْ أَبِي مُوْسَى: نَزَلَ عَلَيْهِ الوَحْيُ، فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ، طَلَبَ مُعَاوِيَةَ، فَلَمَّا كَتَبَهَا -يَعْنِي: آيَةَ الكُرْسِيِّ - قَالَ: (غَفَرَ اللهُ لَكَ يَا مُعَاوِيَةُ مَا تَقَدَّمَ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ) .
عَنْ مُرِّيٍّ الحَوْرَانِيِّ، عَنْ رَجُلٍ:
نَزَلَ جِبْرِيْلُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، لَيْسَ لَكَ أَنْ تَعْزِلَ مَنِ اخْتَارَهُ اللهُ لِكِتَابَةِ وَحْيِهِ، فَأَقِرَّهُ، إِنَّهُ أَمِيْنٌ.
عَنْ سَعْدٍ، مَرْفُوعاً: (يُحْشَرُ مُعَاوِيَةُ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ مِنْ نُوْرٍ) .
عَنْ أَنَسٍ: هَبَطَ جِبْرِيْلُ بِقَلَمٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ:
يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ العَلِيَّ الأَعْلَى يَقُوْلُ: (قَدْ أَهْدَيْتُ القَلَمَ مِنْ فَوْقِ عَرْشِي إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَمُرْهُ أَنْ يَكْتُبَ آيَةَ الكُرْسِيِّ بِهِ، وَيُشْكِلَهُ، وَيُعْجِمَهُ ... ، فَذَكَر خَبَراً طَوِيْلاً.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
لَمَّا أُنْزِلَتْ آيَةُ الكُرْسِيِّ، دَعَا مُعَاوِيَةَ، فَلَمْ يَجِدْ قَلَماً، وَذَلِكَ أَنَّ اللهَ أَمَرَ جِبْرِيْلَ أَنْ يَأْخُذَ الأَقْلاَمَ مِنْ دَوَاتِهِ، فَقَامَ لِيَجِيْءَ بِقَلَمٍ.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (خُذِ القَلَمَ مِنْ أُذُنِكَ) .
فَإِذَا قَلَمُ ذَهَبٍ، مَكْتُوْبٌ عَلَيْهِ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، هَدِيَّةٌ مِنَ اللهِ إِلَى أَمِيْنِهِ مُعَاوِيَةَ.
وَعَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعاً: كَأَنِّيْ أَنْظُرُ إِلَى سُوَيْقَتَيْ مُعَاوِيَةَ تَرْفُلاَنِ فِي الجَنَّةِ.
عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: لأُخْرِجَنَّ مَا فِي عُنُقِي لِمُعَاوِيَةَ، قَدِ اسْتَكْتَبَهُ نَبِيُّ اللهِ وَأَنَا جَالِسٌ، فَعَلِمْتُ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَكِنْ مِنَ اللهِ.
عَنْ جَابِرٍ، مَرْفُوعاً: (الأُمَنَاءُ عِنْدَ اللهِ سَبْعَةٌ: القَلَمُ، وَجِبْرِيْلُ، وَأَنَا، وَمُعَاوِيَةُ، وَاللَّوْحُ، وَإِسْرَافِيْلُ، وَمِيْكَائِيْلُ) .
عَنْ زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ: دَخَلَ النَّبيُّ - عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ - عَلَى أُمِّ حَبِيْبَةَ، وَمُعَاوِيَةُ
نَائِمٌ عَلَى فَخِذِهَا.فَقَالَ: (أَتُحِبِّيْنَهُ؟) .
قَالَتْ: نَعَم.
قَالَ: (لَلَّهُ أَشَدُّ حُبّاً لَهُ مِنْكِ لَهُ، كَأَنِّيْ أَرَاهُ عَلَى رَفَارِفِ الجَنَّةِ) .
عَنْ جَعْفَرٍ: أَنَّهُ أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَفَرْجَلٌ، فَأَعْطَى مُعَاوِيَةَ مِنْهُ ثَلاَثاً، وَقَالَ: (الْقَنِي بِهِنَّ فِي الجَنَّةِ) .
قُلْتُ: وَجَعْفَرٌ قَدِ اسْتُشْهِدَ قَبْلَ قُدُوْمِ مُعَاوِيَةَ مُسْلِماً.
وَعَنْ حُذَيْفَةَ، مَرْفُوعاً: (يُبْعَثُ مُعَاوِيَةُ وَعَلَيْهِ رِدَاءٌ مِنْ نُوْرِ الإِيْمَانِ) .
عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ، مَرْفُوعاً: (يَخْرُجُ مُعَاوِيَةُ مِنْ قَبْرِهِ عَلَيْهِ رِدَاءٌ مِنْ سُنْدُسٍ مُرَصَّعٌ بِالدُّرِّ وَاليَاقُوْتِ) .
عَنْ عَلِيٍّ: (أَنَّ جِبْرِيْلَ نَزَلَ، فَقَالَ: اسْتَكْتِبْ مُعَاوِيَةَ، فَإِنَّهُ أَمِيْنٌ) .
أَبُو هُرَيْرَةَ، مَرْفُوعاً: (الأُمَنَاءُ ثَلاَثَةٌ: أَنَا، وَجِبْرِيْلُ، وَمُعَاوِيَةُ) .
وَعَنْ وَاثِلَةَ: بِنَحْوِهِ.
أَبُو هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَاوَلَ مُعَاوِيَةَ سَهْماً، وَقَالَ: (خُذْهُ حَتَّى تُوَافِيَنِي بِهِ فِي الجَنَّةِ) .
أَنَسٌ، مَرْفُوعاً: (لاَ أَفْتَقِدُ أَحَداً غَيْرَ مُعَاوِيَةَ، لاَ أَرَاهُ سَبْعِيْنَ عَاماً؛ فَإِذَا كَانَ بَعْدُ أَقْبَلَ عَلَى نَاقَةٍ مِنَ المِسْكِ، فَأَقُوْلُ: أَيْنَ كُنْتَ؟
فَيَقُوْلُ: فِي رَوْضَةٍ تَحْتَ العَرْشِ ... ) ، الحَدِيْثَ.
وَعَنْ بَعْضِهِمْ: (جَاءَ جِبْرِيْلُ بِوَرَقَةِ آسٍ عَلَيْهَا: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، حُبُّ
مُعَاوِيَةَ فَرْضٌ عَلَى عِبَادِي) .ابْنُ عُمَرَ، مَرْفُوعاً: (يَا مُعَاوِيَةُ؛ أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ، لَتُزَاحِمَنِّي عَلَى بَابِ الجَنَّةِ) .
فَهَذِهِ الأَحَادِيْثُ ظَاهِرَةُ الوَضْعِ - وَاللهُ أَعْلَمُ -.
وَيُرْوَى فِي فَضَائِلِ مُعَاوِيَةَ أَشْيَاءُ ضَعِيْفَةٌ تُحْتَمَلُ، مِنْهَا:
فُضَيْلُ بنُ مَرْزُوْقٍ: عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعاً: (دَعُوا لِي أَصْحَابِي وَأَصْهَارِي ) .
أَحْمَدُ فِي (المُسْنَدِ) : حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ عَمْرُو بنُ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنَا جَدِّي:
أَنَّ مُعَاوِيَةَ أَخَذَ الإِدَاوَةَ، وَتَبِعَ بِهَا رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيْهِ، وَقَالَ: (يَا مُعَاوِيَةَ؛ إِنْ وُلِّيْتَ أَمْراً، فَاتَّقِ اللهَ، وَاعْدِلْ) .
فَمَا زِلْتُ أَظُنُّ أَنِّي مُبْتَلَىً بِعَمَلٍ لِقَوْلِ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى ابْتُلِيْتُ.
وَلِهَذَا طُرُقٌ مُقَارِبَةٌ:
يَحْيَى بنُ أَبِي زَائِدَةَ: عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُهَاجَرٍ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ:
قَالَ مُعَاوِيَةُ: وَاللهِ مَا حَمَلَنِي عَلَى الخِلاَفَةِ إِلاَّ قَوْلُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِي: (يَا مُعَاوِيَةُ؛ إِنْ مَلَكْتَ، فَأَحْسِنْ) .
ابْنُ مُهَاجَرٍ ضَعِيْفٌ، وَالخَبَرُ مُرْسَلٌ.
الأَصَمُّ: حَدَّثَنَا أَبِي، سَمِعْتُ ابْنَ رَاهَوَيْه يَقُوْلُ:لاَ يَصِحُّ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي فَضْلِ مُعَاوِيَةَ شَيْءٌ.
ابْنُ فُضَيْلٍ: حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ عَمْرِو بنِ الأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ:
كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَمِعَ صَوْتَ غِنَاءٍ، فَقَالَ: (انْظُرُوا مَا هَذَا؟) .
فَصَعِدْتُ، فَنَظَرْتُ، فَإِذَا مُعَاوِيَةُ، وَعَمْرُو بنُ العَاصِ يَتَغَنَّيَانِ، فَجِئْتُ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: (اللَّهُمَّ أَرْكِسْهُمَا فِي الفِتْنَةِ رَكْساً، وَدُعَّهُمَا فِي النَّارِ دَعّاً ) .
هَذَا مِمَّا أُنْكِرَ عَلَى يَزِيْدَ.
ابْنُ لَهِيْعَةَ: عَنْ يُوْنُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ:
قَدِمَ عُمَرُ الجَابِيَةَ، فَبَقَّى عَلَى الشَّامِ أَمِيْرَيْنِ؛ أَبَا عُبَيْدَةَ بنَ الجَرَّاحِ، وَيَزِيْدَ بنَ أَبِي سُفْيَانَ.
ثُمَّ تُوُفِّيَ يَزِيدُ، فَنَعَاهُ عُمَرُ إِلَى أَبِي سُفْيَانَ، فَقَالَ: وَمَنْ أَمَّرْتَ مَكَانَهُ؟
قَالَ: مُعَاوِيَةُ.
فَقَالَ: وَصَلَتْكَ - يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ - رَحِمٌ.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ: ثُمَّ جَمَعَ عُمَرُ الشَّامَ كُلَّهَا لِمُعَاوِيَةَ، وَأَقَرَّهُ عُثْمَانُ.
قُلْتُ: حَسْبُكَ بِمَنْ يُؤَمِّرُهُ عُمَرُ، ثُمَّ عُثْمَانُ عَلَى إِقْلِيْمٍ - وَهُوَ ثَغْرٌ - فَيَضْبِطُهُ، وَيَقُوْمُ بِهِ أَتَمَّ قِيَامٍ، وَيُرْضِي النَّاسَ بِسَخَائِهِ وَحِلْمِهِ، وَإِنْ كَانَ
بَعْضُهُمْ تَأَلَّمَ مَرَّةً مِنْهُ، وَكَذَلِكَ فَلْيَكُنِ المَلِكُ.وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيْراً مِنْهُ بِكَثِيْرٍ، وَأَفْضَلَ، وَأَصْلَحَ، فَهَذَا الرَّجُلُ سَادَ وَسَاسَ العَالَمَ بِكَمَالِ عَقْلِهِ، وَفَرْطِ حِلْمِهِ، وَسَعَةِ نَفْسِهِ، وَقُوَّةِ دَهَائِهِ وَرَأْيِهِ.
وَلَهُ هَنَاتٌ وَأُمُوْرٌ، وَاللهُ المَوْعِدُ.
وَكَانَ مُحَبَّباً إِلَى رَعِيَّتِهِ.
عَمِلَ نِيَابَةَ الشَّامِ عِشْرِيْنَ سَنَةً، وَالخِلاَفَةَ عِشْرِيْنَ سَنَةً، وَلَمْ يَهِجْهُ أَحَدٌ فِي دَوْلَتِهِ، بَلْ دَانَتْ لَهُ الأُمَمُ، وَحَكَمَ عَلَى العَرَبِ وَالعَجَمِ، وَكَانَ مُلْكُهُ عَلَى الحَرَمَيْنِ، وَمِصْرَ، وَالشَّامِ، وَالعِرَاقِ، وَخُرَاسَانَ، وَفَارِسٍ، وَالجَزِيْرَةِ، وَاليَمَنِ، وَالمَغْرِبِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أُمَيَّةَ: أَنَّ عُمَرَ أَفْرَدَ مُعَاوِيَةَ بِالشَّامِ، وَرَزَقَهُ فِي الشَّهْرِ ثَمَانِيْنَ دِيْنَاراً.
وَالمَحْفُوْظُ : أَنَّ الَّذِي أَفْرَدَ مُعَاوِيَةَ بِالشَّامِ عُثْمَانُ.
وَعَنْ رَجُلٍ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ عُمَرُ الشَّامَ، تَلَقَّاهُ مُعَاوِيَةُ فِي مَوْكِبٍ عَظِيْمٍ، وَهَيْئَةٍ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ، قَالَ: أَنْتَ صَاحِبُ المَوْكِبِ العَظِيْمِ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: مَعَ مَا بَلَغَنِي عَنْكَ مِنْ طُوْلِ وُقُوْفِ ذَوِي الحَاجَاتِ بِبَابِكَ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: وَلِمَ تَفْعَلُ ذَلِكَ؟
قَالَ: نَحْنُ بِأَرْضٍ جَوَاسِيْسُ العَدُوِّ بِهَا كَثِيْرٌ، فَيَجِبُ أَنْ نُظْهِرَ مِنْ عِزِّ السُّلْطَانِ مَا يُرْهِبُهُم، فَإِنْ نَهَيْتَنِي، انْتَهَيْتُ.
قَالَ: يَا مُعَاوِيَةُ! مَا أَسْأَلُكَ عَنْ شَيْءٍ إِلاَّ تَرَكْتَنِي فِي مِثْلِ رَوَاجِبِ الضَّرِسِ، لَئِنْ كَانَ مَا قُلْتَ حَقّاً، إِنَّهُ لَرَأْيُ أَرِيْبٍ، وَإِنْ كَانَ بَاطِلاً، فَإِنَّهُ لَخُدْعَةُ أَدِيْبٍ.
قَالَ: فَمُرْنِي.
قَالَ: لاَ آمُرُكَ، وَلاَ أَنْهَاكَ.
فَقِيْلَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! مَا أَحْسَنَ مَا صَدَرَ عَمَّا أَوْرَدْتَهُ.
قَالَ: لِحُسْنِ مَصَادِرِهِ وَمَوَارِدِهِ جَشَّمْنَاهُ مَا جَشَّمْنَاهُ.
وَرُوِّيْتُ بِإِسْنَادَيْنِ، عَنِ العُتْبِيِّ، نَحْوَهَا.مُسْلِمُ بنُ جُنْدُبٍ: عَنْ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ، قَالَ:
قَدِمَ مُعَاوِيَةُ وَهُوَ أَبَضُّ النَّاسِ وَأَجْمَلُهُم؛ فَخَرَجَ مَعَ عُمَرَ إِلَى الحَجِّ، وَكَانَ عُمَرُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَيَعْجَبُ، وَيَضَعُ أُصْبُعَهُ عَلَى مَتْنِهِ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا عَنْ مِثْلِ الشِّرَاكِ، فَيَقُوْلُ: بَخٍ بَخٍ، نَحْنُ إِذاً خَيْرُ النَّاسِ إِنْ جُمِعَ لَنَا خَيْرُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.
قَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! سَأُحَدِّثُكَ؛ إِنَّا بِأَرْضِ الحَمَّامَاتِ وَالرِّيْفِ.
قَالَ عُمَرُ: سَأُحَدِّثُكَ، مَا بِكَ إِلاَّ إِلْطَافُكَ نَفْسَكَ بِأَطْيَبِ الطَّعَامِ، وَتَصَبُّحُكَ حَتَّى تَضْرِبَ الشَّمْسُ مَتْنَيْكَ، وَذَوُو الحَاجَاتِ وَرَاءَ البَابِ.
قَالَ: فَلَمَّا جِئْنَا ذَا طُوَىً، أَخْرَجَ مُعَاوِيَةُ حُلَّةً، فَلَبِسَهَا، فَوَجَدَ عُمَرُ مِنْهَا طِيْباً، فَقَالَ:
يَعْمَدُ أَحَدُكُم يَخْرُجُ حَاجّاً تَفِلاً، حَتَّى إِذَا جَاءَ أَعْظَمَ بَلَدٍ للهِ حُرْمَةً، أَخْرَجَ ثَوْبَيْهِ كَأَنَّهُمَا كَانَا فِي الطِّيْبِ فَلَبِسَهُمَا.
قَالَ: إِنَّمَا لَبِسْتُهُمَا لأَدْخُلَ فِيْهْمَا عَلَى عَشِيْرَتِي، وَاللهِ لَقَدْ بَلَغَنِي أَذَاكَ هُنَا وَبِالشَّامِ، وَاللهُ يَعْلَمُ أَنِّي قَدْ عَرَفْتُ الحَيَاءَ فِيْهِ.
وَنَزَعَ مُعَاوِيَةُ الثَّوْبَيْنِ، وَلَبِسَ ثَوْبَيْ إِحْرَامِهِ.
قَالَ المَدَائِنِيُّ: كَانَ عُمَرُ إِذَا نَظَرَ إِلَى مُعَاوِيَةَ، قَالَ: هَذَا كِسْرَى العَرَبِ.
ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: عَنِ المَقْبُرِيِّ؛ قَالَ عُمَرُ: تَعْجَبُوْنَ مِنْ دَهَاءِ هِرَقْلَ
وَكِسْرَى، وَتَدَعُوْنَ مُعَاوِيَةَ؟عَمْرُو بنُ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ الأُمَوِيُّ: عَنْ جَدِّهِ، قَالَ:
دَخَلَ مُعَاوِيَةُ عَلَى عُمَرَ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ خَضْرَاءُ، فَنَظَرَ إِلَيْهَا الصَّحَابَةُ.
قَالَ: فَوَثَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ بِالدِّرَّةِ، وَجَعَلَ يَقُوْلُ: اللهَ اللهَ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! فِيْمَ فِيْمَ؟
فَلَمْ يُكَلِّمْهُ حَتَّى رَجَعَ.
فَقَالُوا: لِمَ ضَرَبْتُهُ، وَمَا فِي قَوْمِكَ مِثْلُهُ؟
قَالَ: مَا رَأَيْتُ وَمَا بَلَغَنِي إِلاَّ خَيْراً، وَلَكِنَّهُ رَأَيْتُهُ - وَأَشَارَ بِيَدِهِ - فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَضَعَ مِنْهُ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: فُتِحَتْ قَيْسَارِيَّةُ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ، وَأَمِيْرُهَا مُعَاوِيَةُ.
قَالَ يَزِيْدُ بنُ عَبِيْدَةَ: غَزَا مُعَاوِيَةُ قُبْرُصَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ.
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: نَزَعَ عُثْمَانُ عُمَيْرَ بنَ سَعْدٍ، وَجَمَعَ الشَّامَ لِمُعَاوِيَةَ.
وَعَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: لَمْ يَنْفَرِدْ مُعَاوِيَةُ بِالشَّامِ حَتَّى اسْتُخْلِفَ عُثْمَانُ.
سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ قَيْسِ بنِ الحَارِثِ، عَنِ الصُّنَابِحِيِّ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ:
مَا رَأَيْتُ أَشْبَهَ صَلاَةً بِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَمِيْرِكُم هَذَا -يَعْنِي: مُعَاوِيَةَ -.
وَكِيْعٌ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، قَالَ: كَانَ الحَادِي يَحْدُو بِعُثْمَانَ:
إِنَّ الأَمِيْرَ بَعْدَهُ عَلِيُّ ... وَفِي الزُّبَيْرِ خَلَفٌ رَضِيُّفَقَالَ كَعْبٌ: بَلْ هُوَ صَاحِبُ البَغْلَةِ الشَّهْبَاءِ -يَعْنِي: مُعَاوِيَةَ -.
فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاوِيَةَ، فَأَتَاهُ، فَقَالَ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ! تَقُوْلُ هَذَا وَهَا هُنَا عَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ وَأَصْحَابُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟!
قَالَ: أَنْتَ صَاحِبُهَا.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ، بَعَثَتْ نَائِلَةُ بِنْتُ الفَرَافِصَةِ امْرَأَتُهُ إِلَى مُعَاوِيَةَ كِتَاباً بِمَا جَرَى، وَبَعَثَتْ بِقَمِيْصِهِ بِالدَّمِ، فَقَرَأَ مُعَاوِيَةُ الكِتَابَ، وَطِيْفَ بِالقَمِيْصِ فِي أَجْنَادِ الشَّامِ، وَحَرَّضَهُمْ عَلَى الطَّلَبِ بِدَمِهِ.
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِعَلِيٍّ: اكْتُبْ إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَأَقِرَّهُ عَلَى الشَّامِ، وَأَطْمِعْهُ يَكْفِكَ نَفْسَهُ وَنَاحِيَتَهُ، فَإِذَا بَايَعَ لَكَ النَّاسُ، أَقْرَرْتَهُ أَوْ عَزَلْتَهُ.
قَالَ: إِنَّهُ لاَ يَرْضَى حَتَّى أُعْطِيَهُ عَهْدَ اللهِ وَمِيْثَاقَهُ أَنْ لاَ أَعْزِلَهُ.
وَبَلَغَ مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ: وَاللهِ لاَ أَلِي لَهُ شَيْئاً، وَلاَ أُبَايِعُهُ.
وَأَظْهَرَ بِالشَّامِ أَنَّ الزُّبَيْرَ قَادِمٌ عَلَيْكُم وَنُبَايِعُهُ.
فَلَمَّا بَلَغَهُ مَقْتَلُهُ، تَرَحَّمَ عَلَيْهِ، وَبَعَثَ عَلِيٌّ جَرِيْراً إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَكَلَّمَهُ، وَعَظَّمَ عَلِيّاً، فَأَبَى أَنْ يُبَايِعَ، فَرُدَّ جَرِيْرٌ، وَأَجْمَعَ عَلَى المَسِيْرِ إِلَى صِفِّيْنَ.
فَبَعَثَ مُعَاوِيَةُ أَبَا مُسْلِمٍ الخَوْلاَنِيَّ إِلَى عَلِيٍّ بِأَشْيَاءَ يَطْلُبُهَا مِنْهُ، وَأَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ قَتَلَةَ عُثْمَانَ، فَأَبَى، وَرَجَعَ أَبُو مُسْلِمٍ، وَجَرَتْ بَيْنَهُمَا رَسَائِلُ، وَقَصَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا الآخَرَ، فَالْتَقَوْا لِسَبْعٍ بَقِيْنَ مِنَ المُحَرَّمِ، سَنَةَ سَبْعٍ.
وَفِي أَوَّلِ صَفَرٍ شَبَّتِ الحَرْبُ، وَقُتِلَ خَلْقٌ، وَضَجِرُوا، فَرَفَعَ أَهْلُ الشَّامِ المَصَاحِفَ، وَقَالُوا: نَدْعُوْكُم إِلَى كِتَابِ اللهِ، وَالحُكْمِ بِمَا فِيْهِ، وَكَانَ
ذَلِكَ مَكِيدَةً مِنْ عَمْرِو بنِ العَاصِ، فَاصْطَلَحُوا، وَكَتَبُوا بَيْنَهُم كِتَاباً عَلَى أَنْ يُوَافُوا أَذْرُحَ، وَيُحَكِّمُوا حَكَمَيْنِ.قَالَ: فَلَمْ يَقَعِ اتَّفَاقٌ، وَرَجَعَ عَلِيٌّ إِلَى الكُوْفَةِ بِالدَّغَلِ مِنْ أَصْحَابِهِ وَالاخْتِلاَفِ.
فَخَرَجَ مِنْهُم الخَوَارِجُ، وَأَنْكَرُوا تَحْكِيْمَهُ، وَقَالُوا: لاَ حُكْمَ إِلاَّ للهِ.
وَرَجَعَ مُعَاوِيَةُ بِالأُلْفَةِ وَالاجْتِمَاعِ، وَبَايَعَهُ أَهْلُ الشَّامِ بِالخِلاَفَةِ فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ.
فَكَانَ يَبْعَثُ الغَارَاتِ، فَيَقْتُلُوْنَ مَنْ كَانَ فِي طَاعَةِ عَلِيٍّ، أَوْ مَنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ عُثْمَانَ، وَبَعَثَ بُسْرَ بنَ أَبِي أَرْطَاةَ إِلَى الحِجَازِ وَاليَمَنِ يَسْتَعْرِضُ النَّاسَ، فَقَتَلَ بِاليَمَنِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ وَقُثَماً؛ وَلَدَيْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ، ثُمَّ اسْتُشْهِدَ عَلِيٌّ فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ.
وَصَالَحَ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ مُعَاوِيَةَ، وَبَايَعَهُ، وَسُمِّيَ عَامَ الجَمَاعَةِ، فَاسْتَعْمَلَ مُعَاوِيَةُ عَلَى الكُوْفَةِ المُغِيْرَةَ بنَ شُعْبَةَ، وَعَلَى البَصْرَةِ عَبْدَ اللهِ بنَ عَامِرِ بنِ كُرَيْزٍ، وَعَلَى المَدِيْنَةِ أَخَاهُ عُتْبَةَ ثُمَّ مَرْوَانَ، وَعَلَى مِصْرَ عَمْرَو بنَ العَاصِ، وَحَجَّ بِالنَّاسِ سَنَةَ خَمْسِيْنَ.
وَكَانَ عَلَى قَضَائِهِ بِالشَّامِ: فَضَالَةُ بنُ عُبَيْدٍ.
ثُمَّ اعْتَمَرَ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ فِي رَجَبٍ، وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الحُسَيْنِ، وَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَابْنِ أَبِي بَكْرٍ، كَلاَمٌ فِي بَيْعَةِ العَهْدِ لِيَزِيْدَ.
ثُمَّ قَالَ: إِنِّيْ مُتَكَلِّمٌ بِكَلاَمٍ، فَلاَ تَرُدُّوا عَلَيَّ أَقْتُلْكُم. فَخَطَبَ، وَأَظْهَرَ أَنَّهُم قَدْ
بَايَعُوا، وَسَكَتُوا، وَلَمْ يُنْكِرُوا، وَرَحَلَ عَلَى هَذَا.وَادَّعَى زِيَاداً أَنَّهُ أَخُوْهُ، فَوَلاَّهُ الكُوْفَةَ بَعْدَ المُغِيْرَةِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ فِي حُجْرِ بنِ عَدِيٍّ وَأَصْحَابِهِ، وَحَمَلَهُم إِلَيْهِ، فَقَتَلَهُم بِمَرْجِ عَذْرَاءَ.
ثُمَّ ضَمَّ الكُوْفَةَ وَالبَصْرَةَ إِلَى زِيَادٍ، فَمَاتَ، فَوَلاَّهُمَا ابْنَهُ عُبَيدَ اللهِ بنَ زِيَادٍ.
عَنْ عَبْدِ المَجِيْدِ بنِ سُهَيْلٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:اسْتَعْمَلَنِي عُثْمَانُ عَلَى الحَجِّ، ثُمَّ قَدِمْتُ وَقَدْ بُوْيِعَ لِعَلِيٍّ، فَقَالَ لِي: سِرْ إِلَى الشَّامِ، فَقَدْ وَلَّيْتُكَهَا.
قُلْتُ: مَا هَذَا بِرَأْيٍ، مُعَاوِيَةُ أُمَوِيٌّ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ عُثْمَانَ وَعَامِلُهُ عَلَى الشَّامِ، وَلَسْتُ آمَنُ أَنْ يَضْرِبَ عُنُقِي بِعُثْمَانَ، أَوْ أَدْنَى مَا هُوَ صَانِعٌ أَنْ يَحْبِسَنِي.
قَالَ عَلِيٌّ: وَلِمَ؟
قُلْتُ: لِقَرَابَةِ مَا بَيْنِي وَبَيْنِكَ، وَأَنَّ كُلَّ مَنْ حَمَلَ عَلَيْكَ حَمَلَ عَلَيَّ، وَلَكِنِ اكْتُبْ إِلَيْهِ، فَمَنِّهِ، وَعِدْهُ.
فَأَبَى عَلِيٌّ، وَقَالَ: لاَ وَاللهِ، لاَ كَانَ هَذَا أَبَداً.
مُجَالِدٌ: عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
أَرْسَلَتْ أُمُّ حَبِيْبَةَ إِلَى أَهْلِ عُثْمَانَ: أَرْسِلُوا إِلَيَّ بِثِيَابِ عُثْمَانَ الَّتِي قُتِلَ فِيْهَا.
فَبَعَثَوا بِقَمِيْصِهِ بِالدَّمِ وَبِالخُصْلَةِ الَّتِي نُتِفَتْ مِنْ لِحْيَتِهِ، وَدَعَتِ النُّعْمَانَ بنَ بَشِيْرٍ، فَبَعَثَتْ بِهِ إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَصَعِدَ مُعَاوِيَةُ المِنْبَرَ، وَنَشَرَ القَمِيْصَ، وَجَمَعَ النَّاسَ، وَدَعَا إِلَى الطَّلَبِ بِدَمِهِ.
فَقَامَ أَهْلُ الشَّامِ، وَقَالُوا: هُوَ ابْنُ عَمِّكَ، وَأَنْتَ وَلِيُّهُ، وَنَحْنُ الطَّالِبُوْنَ مَعَكَ بِدَمِهِ.
ابْنُ شَوْذَبٍ: عَنْ مَطَرٍ الوَرَّاقِ، عَنْ زَهْدَمٍ الجَرْمِيِّ، قَالَ:
كُنَّا فِي سَمَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: لَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ هَذَا الرَّجُلِ مَا كَانَ -يَعْنِي: عُثْمَانَ - قُلْتُ لِعَلِيٍّ: اعْتَزِلِ النَّاسَ، فَلَو كُنْتَ فِي جُحْرٍ، لَطُلِبْتَ حَتَّى تُسْتَخْرَجَ.
فَعَصَانِي، وَايْمُ اللهِ لَيَتَأَمَّرَنَّ عَلَيْكُم مُعَاوِيَةُ، وَذَلِكَ أَنَّ اللهَ يَقُوْلُ: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوْماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً، فَلاَ يَسْرِفْ فِي القَتْلِ، إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوْراً } [الإِسْرَاءُ: 33] .
يُوْنُسُ: عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ:لَمَّا بَلَغَ مُعَاوِيَةَ هَزِيْمَةُ يَوْمِ الجَمَلِ، وَظُهُوْرُ عَلِيٍّ، دَعَا أَهْلَ الشَّامِ لِلْقِتَالِ مَعَهُ عَلَى الشُّوْرَى، وَالطَّلَبِ بِدَمِ عُثْمَانَ، فَبَايَعُوْهُ عَلَى ذَلِكَ أَمِيْراً غَيْرَ خَلِيْفَةٍ.
وَفِي (كِتَابِ صِفِّيْنَ) لِيَحْيَى بنِ سُلَيْمَانَ الجُعْفِيِّ بِإِسْنَادٍ لَهُ:
أَنَّ مُعَاوِيَةَ قَالَ لِجَرِيْرٍ البَجَلِيِّ لَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ رَسُوْلاً بَعْدَ مُحَاوَرَةٍ طَوِيْلَةٍ: اكْتُبْ إِلَى عَلِيٍّ أَنْ يَجْعَلَ لِيَ الشَّامَ، وَأَنَا أُبَايِعُ لَهُ مَا عَاشَ.
فَكَتَبَ بِذَلِكَ إِلَى عَلِيٍّ، فَفَشَا كِتَابُهُ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ الوَلِيْدُ بنُ عُقْبَةَ:
مُعَاوِيُ، إِنَّ الشَّامَ شَامُكَ فَاعْتَصِمْ ... بِشَامِكَ لاَ تُدْخِلْ عَلَيْكَ الأَفَاعِيَا
وَحَامِ عَلَيْهَا بِالقَنَابِلِ وَالقَنَا ... وَلاَ تَكُ مَخْشُوْشَ الذِّرَاعَيْنِ وَانِيَا
فَإِنَّ عَلِيّاً نَاظِرٌ مَا تُجِيْبُهُ ... فَأَهْدِ لَهُ حَرْباً تُشِيْبُ النَّوَاصِيَا
ثُمَّ قَالَ الجُعْفِيُّ: حَدَّثَنَا يَعْلَى بنُ عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
جَاءَ أَبُو مُسْلِمٍ الخَوْلاَنِيُّ وَأُنَاسٌ إِلَى مُعَاوِيَةَ، وَقَالُوا: أَنْتَ تُنَازِعُ عَلِيّاً، أَمْ أَنْتَ مِثْلُهُ؟
فَقَالَ: لاَ وَاللهِ، إِنِّيْ لأَعْلَمُ أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنِّي، وَأَحَقُّ بِالأَمْرِ مِنِّي، وَلَكِنْ أَلَسْتُم تَعْلَمُوْنَ أَنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ مَظْلُوْماً، وَأَنَا ابْنُ عَمِّهِ، وَالطَّالِبُ بِدَمِهِ، فَائْتُوْهُ، فَقُوْلُوا لَهُ، فَلْيَدْفَعْ إِلَيَّ قَتَلَةَ عُثْمَانَ، وَأُسْلِمَ لَهُ.
فَأَتَوْا عَلِيّاً، فَكَلَّمُوْهُ، فَلَمْ يَدْفَعْهُم إِلَيْهِ.
عَمْرُو بنُ شَمِرٍ: عَنْ جَابِرٍ الجُعْفِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ - أَوْ أَبِي جَعْفَرٍ - قَالَ:لَمَّا ظَهَرَ أَمْرُ مُعَاوِيَةَ، دَعَا عَلِيٌّ رَجُلاً، وَأَمَرَهُ أَنْ يَسِيْرَ إِلَى دِمَشْقَ، فَيَعْقِلَ رَاحِلَتَهُ عَلَى بَابِ المَسْجَدِ، وَيَدْخُلَ بِهَيْئَةِ السَّفَرِ، فَفَعَلَ، وَكَانَ وَصَّاهُ.
فَسَأَلَهُ أَهْلُ الشَّامِ، فَقَالَ: مِنَ العِرَاقِ.
قَالُوا: وَمَا وَرَاءكَ؟
قَالَ: تَرَكْتُ عَلِيّاً قَدْ حَشَدَ إِلَيْكُم، وَنَهَدَ فِي أَهْلِ العِرَاقِ.
فَبَلَغَ مُعَاوِيَةَ، فَبَعَثَ أَبَا الأَعْوَرِ يُحَقِّقُ أَمْرَهُ، فَأَتَاهُ، فَأَخْبَرَهُ، فَنُوْدِيَ: الصَّلاَةُ جَامِعَةٌ.
وَامْتَلأَ المَسْجَدُ، فَصَعِدَ مُعَاوِيَةُ، وَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ عَلِيّاً قَدْ نَهَدَ إِلَيْكُم، فَمَا الرَّأْيُ؟
فَضَرَبَ النَّاسُ بِأَذْقَانِهِم عَلَى صُدُوْرِهِم، وَلَمْ يَرْفَعْ أَحَدٌ إِلَيْهِ طَرْفَهُ، فَقَامَ ذُو الكَلاَعِ الحِمْيَرِيُّ، فَقَالَ: عَلَيْكَ الرَّأْيُ، وَعَلَيْنَا أَمْ فِعَالُ - يَعْنِي: الفِعَالَ -.
فَنَزَلَ مُعَاوِيَةُ، وَنُوْدِيَ: مَنْ تَخَلَّفَ عَنْ مُعَسْكَرِهِ بَعْدَ ثَلاَثٍ أَحَلَّ بِنَفْسِهِ.
فَرُدَّ رَسُوْلُ عَلِيٍّ حَتَّى وَافَاهُ، فَأَخْبَرَهُ، فَأَمَرَ، فَنُوْدِيَ: الصَّلاَةُ جَامِعَةٌ.
وَاجْتَمَعَ النَّاسُ، فَصَعِدَ المِنْبَرَ، وَقَالَ: إِنَّ رَسُوْلِي قَدْ قَدِمَ وَأَخْبَرَنِي أَنَّ مُعَاوِيَةَ قَدْ نَهَدَ إِلَيْكُم، فَمَا الرَّأْيُ؟
فَأَضَبَّ أَهْلُ المَسْجَدِ يَقُوْلُوْنَ: الرَّأْيُ كَذَا، الرَّأْيُ كَذَا.
فَلَمْ يَفْهَمْ عَلِيٌّ مِنْ كَثْرَةِ مَنْ تَكَلَّمَ، فَنَزَلَ وَهُوَ يَقُوْلُ: إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُوْنَ، ذَهَبَ بِهَا ابْنُ أَكَّالَةِ الأَكْبَادِ.
الأَعْمَشُ: عَمَّنْ رَأَى عَلِيّاً يَوْمَ صِفِّيْنَ يُصَفِّقُ بِيَدَيْهِ، وَيَعَضُّ عَلَيْهَا، وَيَقُوْلُ:
يَا عَجَباً! أُعْصَى وَيُطَاعُ مُعَاوِيَةُ.
أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ: عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ:قَالَ مُعَاوِيَةُ: لَقَدْ وَضَعْتُ رِجْلِي فِي الرِّكَابِ، وَهَمَمْتُ يَوْمَ صِفِّيْنَ بِالهَزِيْمَةِ، فَمَا مَنَعَنِي إِلاَّ قَوْلُ ابْنِ الإِطْنَابَةِ:
أَبَتْ لِي عِفَّتِي وَأَبَى بَلاَئِي ... وَأَخْذِي الحَمْدَ بِالثَّمَنِ الرَّبِيْحِ
وَإِكْرَاهِي عَلَى المَكْرُوْهِ نَفْسِي ... وَضَرْبِي هَامَةَ البَطَلِ المُشِيْحِ
وَقَوْلِي كُلَّمَا جَشَأَتْ وَجَاشَتْ: ... مَكَانَكِ تُحْمَدِي أَوْ تَسْتَرِيْحِي
قَالَ الأَوْزَاعِيُّ: سَأَلَ رَجُلٌ الحَسَنَ البَصْرِيَّ عَنْ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ، فَقَالَ:
كَانَتْ لِهَذَا سَابِقَةٌ وَلِهَذَا سَابِقَةٌ، وَلِهَذَا قَرَابَةٌ وَلِهَذَا قَرَابَةٌ، وَابْتُلِيَ هَذَا، وَعُوْفِيَ هَذَا.
فَسَأَلَهُ عَنْ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ، فَقَالَ: كَانَ لِهَذَا قَرَابَةٌ وَلِهَذَا قَرَابَةٌ، وَلِهَذَا سَابِقَةٌ وَلَيْسَ لِهَذَا سَابِقَةٌ، وَابْتُلِيَا جَمِيْعاً.
قُلْتُ: قُتِلَ بَيْنَ الفَرِيْقَيْنِ نَحْوٌ مِنْ سِتِّيْنَ أَلْفاً.
وَقِيْلَ: سَبْعُوْنَ أَلْفاً.
وَقُتِلَ عَمَّارٌ مَعَ عَلِيٍّ، وَتَبَيَّنَ لِلنَّاسِ قَوْلُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (تَقْتُلُهُ الفِئَةُ البَاغِيَةُ).
الفَسَوِيُّ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بنُ أَبِي مَنِيْعٍ، حَدَّثَنَا جَدِّي، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:تَعَاهَدَ ثَلاَثَةٌ مِنْ أَهْلِ العِرَاقِ عَلَى قَتْلِ: مُعَاوِيَةَ، وَعَمْرِو بنِ العَاصِ، وَحَبِيْبِ بنِ مَسْلَمَةَ.
وَأَقْبَلُوا بَعْدَ بَيْعَةِ مُعَاوِيَةَ بِالخِلاَفَةِ حَتَّى قَدِمُوا إِيْلِيَاءَ، فَصَلَّوْا مِنَ السَّحَرِ فِي المَسْجَدِ، فَلَمَّا خَرَجَ مُعَاوِيَةُ لِصَلاَةِ الفَجْرِ كَبَّرَ، فَلَمَّا سَجَدَ انْبَطَحَ أَحَدُهُمْ عَلَى ظَهْرِ الحَرَسِيِّ السَّاجِدِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُعَاوِيَةَ حَتَّى طَعَنَ مُعَاوِيَةَ فِي مَأْكَمَتِهِ.
فَانْصَرَفَ مُعَاوِيَةُ، وَقَالَ: أَتِمُّوا صَلاَتَكُم.
وَأُمْسِكَ الرَّجُلُ، فَقَالَ الطَّبِيْبُ: إِنْ لَمْ يَكُنْ الخِنْجَرُ مَسْمُوْماً، فَلاَ بَأْسَ عَلَيْكَ.
فَأَعَدَّ الطَّبِيْبُ عَقَاقِيْرَهُ، ثُمَّ لَحَسَ الخِنْجَرَ، فَلَمْ يَجِدْهُ مَسْمُوْماً، فَكَبَّرَ، وَكَبَّرَ مَنْ عِنْدَهُ.
وَقِيْلَ: لَيْسَ بِأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ بَأْسٌ.
قُلْتُ: هَذِهِ المَرَّةُ غَيْرُ المَرَّةِ الَّتِي جُرِحَ فِيْهَا وَقْتَمَا قُتِلَ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - فَإِنَّ تِلْكَ فَلَقَ أَلْيَتَهُ، وَسُقِيَ أَدْوِيَةً خَلَّصَتْهُ مِنَ السُّمِّ، لَكِنْ قُطِعَ نَسْلُهُ.
أَيُّوْبُ بنُ جَابِرٍ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الأَسْوَدِ:
قُلْتُ لِعَائِشَةَ: أَلاَ تَعْجَبِيْنَ لِرَجُلٍ مِنَ الطُّلَقَاءِ يُنَازِعُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ فِي الخِلاَفَةِ؟
قَالَتْ: وَمَا يُعْجَبُ؟ هُوَ سُلْطَانُ اللهِ يُؤْتِيْهِ البَرَّ وَالفَاجِرَ، وَقَدْ مَلَكَ فِرْعَوْنُ مِصْرَ أَرْبَعَ مائَةِ سَنَةٍ.
زَيْدُ بنُ أَبِي الزَّرْقَاءِ: عَنْ جَعْفَرِ بنِ بُرْقَانَ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ الأَصَمِّ،
قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: قَتْلاَيَ وَقَتْلَى مُعَاوِيَةَ فِي الجَنَّةِ.صَدَقَةُ بنُ خَالِدٍ: عَنْ زَيْدِ بنِ وَاقِدٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَشْيَاخِهِم:
أَنَّ مُعَاوِيَةَ لَمَّا بُوْيِعَ، وَبَلَغَهُ قِتَالُ عَلِيٍّ أَهْلَ النَّهْرَوَانِ، كَاتَبَ وُجُوْهَ مَنْ مَعَهُ مِثْلَ الأَشْعَثِ، وَمَنَّاهُم، وَبَذَلَ لَهُم حَتَّى مَالُوا إِلَى مُعَاوِيَةَ، وَتَثَاقَلُوا عَنِ المَسِيْرِ مَعَ عَلِيٍّ، فَكَانَ يَقُوْلُ: فَلاَ يُلْتَفَتُ إِلَى قَوْلِهِ.
وَكَانَ مُعَاوِيَةُ يَقُوْلُ: لَقَدْ حَارَبْتُ عَلِيّاً بَعْدَ صِفِّيْنَ بِغَيْرِ جَيْشٍ وَلاَ عَتَادٍ.
شُعْبَةُ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ الثَّقَفِيُّ، سَمِعَ أَبَا صَالِحٍ يَقُوْلُ:
شَهِدْتُ عَلِيّاً وَضَعَ المُصْحَفَ عَلَى رَأْسِهِ، حَتَّى سَمِعْتُ تَقَعْقُعَ الوَرَقِ، فَقَالَ:
اللَّهُمَّ إِنِّيْ سَأَلْتُهُم مَا فِيْهِ، فَمَنَعُوْنِي، اللَّهُمَّ إِنِّيْ قَدْ مَلِلْتُهُم وَمَلُّوْنِي، وَأَبْغَضْتُهُم وَأَبْغَضُوْنِي، وَحَمَلُوْنِي عَلَى غَيْرِ أَخْلاَقِي، فَأَبْدِلْهُم بِي شَرّاً مِنِّي، وَأَبْدِلْنِي بِهِم خَيْراً مِنْهُم، وَمِثْ قُلُوْبَهُم مِيْثَةَ المِلْحِ فِي المَاءِ.
مُجَالِدٌ: عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ الحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ:
لاَ تَكْرَهُوا إِمْرَةَ مُعَاوِيَةَ، فَلَو قَدْ فَقَدْتُمُوْهُ لَرَأَيْتُمُ الرُّؤُوْسَ تَنْدُرُ عَنْ كَوَاهِلِهَا.
لَمَّا قُتِلَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ عَلِيٌّ؛ بَايَعَ أَهْلُ العِرَاقِ ابْنَهُ الحَسَنَ، وَتَجَهَّزُوا لِقَصْدِ الشَّامِ فِي كَتَائِبَ أَمْثَالِ الجِبَالِ، وَكَانَ الحَسَنُ سَيِّداً، كَبِيْرَ القَدْرِ، يَرَى
حَقْنَ الدِّمَاءِ، وَيَكْرَهُ الفِتَنَ، وَرَأَى مِنَ العِرَاقِيِّيْنَ مَا يَكْرَهُ.قَالَ جَرِيرُ بنُ حَازِمٍ: بَايَعَ أَهْلُ الكُوْفَةِ الحَسَنَ بَعْدَ أَبِيْهِ، وَأَحَبُّوْهُ أَكْثَرَ مِنْ أَبِيْهِ.
وَقَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ: سَارَ الحَسَنُ يَطْلُبُ الشَّامَ، وَأَقْبَلَ مُعَاوِيَةُ فِي أَهْلِ الشَّامِ، فَالْتَقَوْا، فَكَرِهَ الحَسَنُ القِتَالَ، وَبَايَعَ مُعَاوِيَةَ عَلَى أَنْ جَعَلَ لَهُ العَهْدَ بِالخِلاَفَةِ مِنْ بَعْدِهِ، فَكَانَ أَصْحَابُ الحَسَنِ يَقُوْلُوْنَ لَهُ: يَا عَارَ المُؤْمِنِيْنَ.
فَيَقُوْلُ: العَارُ خَيْرٌ مِنَ النَّارِ.
وَعَنْ عَوَانَةَ بنِ الحَكَمِ، قَالَ:
سَارَ الحَسَنُ حَتَّى نَزَلَ المَدَائِنَ، وَبَعَثَ عَلَى المُقَدَّمَةِ قَيْسَ بنَ سَعْدٍ فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفاً، فَبَيْنَا الحَسَنُ بِالمَدَائِنِ إِذْ صَاحَ صَائِحٌ: أَلاَ إِنَّ قَيْساً قَدْ قُتِلَ.
فَاخْتَبَطَ النَّاسُ، وَانْتَهَبَ الغَوْغَاءُ سُرَادِقَ الحَسَنِ حَتَّى نَازَعُوْهُ بِسَاطاً تَحْتَهُ، وَطَعَنَهُ خَارِجِيٌّ مِنْ بَنِي أَسَدٍ بِخِنْجَرٍ، فَقَتَلُوا الخَارِجِيَّ، فَنَزَلَ الحَسَنُ القَصْرَ الأَبْيَضَ، وَكَاتَبَ مُعَاوِيَةَ فِي الصُّلْحِ.
وَرَوَى نَحْواً مِنْ هَذَا: الشَّعْبِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ.
وَتَوَجَّعَ مِنْ تِلْكَ الضَّرْبَةِ أَشْهُراً، وَعُوْفِيَ.
قَالَ هِلاَلُ بنُ خَبَّابٍ: قَالَ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ:
يَا أَهْلَ الكُوْفَةِ! لَوْ لَمْ تَذْهَلْ نَفْسِي عَلَيْكُم إِلاَّ لِثَلاَثٍ لَذَهِلَتْ؛ لِقَتْلِكُم أَبِي، وَطَعْنِكُم فِي فَخِذِي، وَانْتِهَابِكُم ثَقَلِي.
قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الحَسَنِ: (إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَسَيُصْلِحُ اللهُ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ
عَظِيْمَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِيْنَ ) .ثُمَّ إِنَّ مُعَاوِيَةَ أَجَابَ إِلَى الصُّلْحِ، وَسُرَّ بِذَلِكَ، وَدَخَلَ هُوَ وَالحَسَنُ الكُوْفَةَ رَاكِبَيْنِ، وَتَسَلَّمَ مُعَاوِيَةُ الخِلاَفَةَ فِي آخِرِ رَبِيْعٍ الآخِرِ، وَسُمِّيَ عَامَ الجَمَاعَةِ؛ لاجْتِمَاعِهِم عَلَى إِمَامٍ، وَهُوَ عَامُ أَحَدٍ وَأَرْبَعِيْنَ.
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: بُوْيِعَ مُعَاوِيَةُ بِالخِلاَفَةِ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ، لَمَّا دَخَلَ الكُوْفَةَ.
وَقَالَ أَبُو مَعْشَرٍ: بَايَعَهُ الحَسَنُ بِأَذْرُحَ، فِي جُمَادَى الأُوْلَى، وَهُوَ عَامُ الجَمَاعَةِ.
قَالَ المَدَائِنِيُّ: أَقْبَلَ مُعَاوِيَةُ إِلَى العِرَاقِ فِي سِتِّيْنَ أَلْفاً، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الشَّامِ الضَّحَّاكَ بنَ قَيْسٍ، فَلَمَّا بَلَغَ الحَسَنَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ عَبَرَ جِسْرَ مَنْبِجٍ، عَقَدَ لِقَيْسِ بنِ سَعْدٍ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفاً، فَسَارَ إِلَى مَسْكِنٍ، وَأَقْبَلَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الأُخْنُوْنِيَّةِ فِي عَشْرَةِ أَيَّامٍ، مَعَهُ القُصَّاصُ يَعِظُوْنَ، وَيَحُضُّوْنَ أَهْلَ الشَّامِ.
فَنَزَلُوا بِإِزَاءِ عَسْكَرِ قَيْسٍ، وَقَدِمَ بُسْرُ بنُ أَبِي أَرْطَاةَ إِلَيْهِم، فَكَانَ بَيْنَهُم مُنَاوَشَةٌ، ثُمَّ تَحَاجَزُوْا.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: عَمِلَ مُعَاوِيَةُ عَامَيْنِ مَا يَخْرِمُ عَمَلَ عُمَرَ، ثُمَّ إِنَّهُ بَعُدَ.
الأَعْمَشُ: عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ سُوَيْدٍ، قَالَ:
صَلَّى بِنَا مُعَاوِيَةُ فِي النُّخَيْلَةِ الجُمُعَةَ فِي الضُّحَى، ثُمَّ خَطَبَ، وَقَالَ: مَا قَاتَلْنَا لِتَصُوْمُوا،
وَلاَ لِتُصَلُّوا، وَلاَ لِتَحُجُّوا، أَوْ تُزَكُّوا، قَدْ عَرَفْتُ أَنَّكُم تَفْعَلُوْنَ ذَلِكَ، وَلَكِنْ إِنَّمَا قَاتَلْنَاكُم لأَتَأَمَّرَ عَلَيْكُم، فَقَدْ أَعْطَانِيَ اللهُ ذَلِكَ وَأَنْتُم كَارِهُوْنَ.السَّرِيُّ بنُ إِسْمَاعِيْلَ: عَنِ الشَّعْبِيِّ؛ حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بنُ اللَّيْلِ، قُلْتُ لِلْحَسَنِ لَمَّا رَجَعَ إِلَى المَدِيْنَةِ مِنَ الكُوْفَةِ: يَا مُذِلَّ المُؤْمِنِيْنَ.
قَالَ: لاَ تَقُلْ ذَلِكَ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: لاَ تَذْهَبُ الأَيَّامُ وَاللَّيَالِي حَتَّى يَمْلِكَ مُعَاوِيَةُ، فَعَلِمْتُ أَنَّ أَمْرَ اللهِ وَاقِعٌ، فَكَرِهْتُ القِتَالَ.
السَّرِيُّ: تَالِفٌ.
شُعَيْبٌ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ:
أَنَّ مُعَاوِيَةَ لَمَّا قَدِمَ المَدِيْنَةَ حَاجّاً، دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ، فَلَمْ يَشْهَدْ كَلاَمَهُمَا إِلاَّ ذَكْوَانُ مَوْلاَهَا، فَقَالَتْ لَهُ: أَمِنْتَ أَنْ أَخْبَأَ لَكَ رَجُلاً يَقْتُلُكَ بِأَخِي مُحَمَّدٍ.
قَالَ: صَدَقْتِ.
ثُمَّ وَعَظَتْهُ، وَحَضَّتْهُ عَلَى الاتِّبَاعِ، فَلَمَّا خَرَجَ، اتَّكَأَ عَلَى ذَكْوَانَ، وَقَالَ:
وَاللهِ مَا سَمِعْتُ خَطِيْباً - لَيْسَ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبْلَغَ مِنْ عَائِشَةَ.
مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ بِلاَلٍ، حَدَّثَنِي عَلْقَمَةُ بنُ أَبِي عَلْقَمَةَ، عَنْ أُمِّهِ، قَالَتْ:قَدِمَ مُعَاوِيَةُ، فَأَرْسَلَ إِلَى عَائِشَةَ: أَنْ أَرْسِلِي إِلَيَّ بِأَنْبِجَانِيَّةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَشَعْرِهِ.
فَأَرْسَلَتْ بِهِ مَعِيَ أَحْمِلُهُ، حَتَّى دَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَأَخَذَ الأَنْبِجَانِيَّةَ، فَلَبِسَهَا، وَدَعَا بِمَاءٍ فَغَسَلَ الشَّعْرَ، فَشَرِبَهُ، وَأَفَاضَ عَلَى جِلْدِهِ.
أَبُو بَكْرٍ الهُذَلِيُّ: عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
لَمَّا قَدِمَ مُعَاوِيَةُ المَدِيْنَةَ عَامَ الجَمَاعَةِ، تَلَقَّتْهُ قُرَيْشٌ، فَقَالُوا: الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَعَزَّ نَصْرَكَ، وَأَعْلَى أَمْرَكَ.
فَسَكَتَ حَتَّى دَخَلَ المَدِيْنَةَ، وَعَلاَ المِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللهَ، وَقَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي -وَاللهِ - وَلِيْتُ أَمْرَكُم حِيْنَ وَلِيْتُهُ وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّكُم لاَ تُسَرُّوْنَ بِوِلاَيَتِي، وَلاَ تُحِبُّوْنَهَا، وَإِنِّي لَعَالِمٌ بِمَا فِي نُفُوْسِكُم، وَلَكِنْ خَالَسْتُكُمْ بِسَيْفِي هَذَا مُخَالَسَةً، وَلَقَدْ أَرَدْتُّ نَفْسِي عَلَى عَمَلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَلَمْ أَجِدْهَا تَقُوْمُ بِذَلِكَ، وَوَجَدْتُهَا عَنْ عَمَلِ عُمَرَ أَشَدَّ نُفُوْراً، وَحَاوَلْتُهَا عَلَى مِثْلِ سُنَيَّاتِ عُثْمَانَ، فَأَبَتْ عَلَيَّ، وَأَيْنَ مِثْلَ هَؤُلاَءِ؛ هَيْهَاتَ أَنْ يُدْرَكَ فَضَلُهُم، غَيْرَ أَنِّي سَلَكْتُ طَرِيْقاً لِي فِيْهِ مَنْفَعَةٌ، وَلَكُم فِيْهِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَلِكُلٍّ فِيْهِ مُوَاكَلَةٌ حَسَنَةٌ، وَمُشَارَبَةٌ جَمِيْلَةٌ، مَا اسْتقَامَتِ السِّيْرَةُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوْنِي خَيْرَكُم، فَأَنَا خَيْرٌ لَكُم، وَاللهِ لاَ أَحْمِلُ السَّيْفَ عَلَى مَنْ لاَ سَيْفَ مَعَهُ، وَمَهْمَا تَقَدَّمَ مِمَّا قَدْ عَلِمْتُمُوْهُ، فَقَدْ جَعَلْتُهُ دُبُرَ أُذُنِي، وَإِنْ لَمْ تَجِدُوْنِي أَقُوْمُ بِحَقِّكُم كُلِّهِ، فَارْضَوْا بِبَعْضِهِ، فَإِنَّهَا لَيْسَتْ بِقَائِبَةٍ قُوْبُهَا، وَإِنَّ السَّيْلَ إِنْ جَاءَ تَتْرَى - وَإِنْ قلَّ - أَغْنَى، إِيَّاكُم وَالفِتْنَةَ،
فَلاَ تَهُمُّوا بِهَا، فَإِنَّهَا تُفْسِدُ المَعِيْشَةَ، وَتُكَدِّرُ النِّعْمَةَ، وَتُوْرِثُ الاسْتِئْصَالَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُم.ثُمَّ نَزَلَ.
القَائِبَةُ: البَيْضَةُ، وَالقُوْبُ: الفَرْخُ، يُقَالُ: قَابَتِ البَيْضَةُ: إِذَا انْفَلَقَتْ عَنِ الفَرْخِ.
مُحَمَّدُ بنُ بِشْرٍ العَبْدِيُّ: حَدَّثَنَا مُجَالِدٌ، عَنْ أَبِي الوَدَّاكِ، عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ، مَرْفُوعاً: (إِذَا رَأَيْتُم فُلاَناً يَخْطُبُ عَلَى مِنْبَرِي، فَاقْتُلُوْهُ ) .
رَوَاهُ: جَنْدَلُ بنُ وَالِقٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ بِشْرٍ، فَقَالَ بَدَلَ فُلاَناً: مُعَاوِيَةَ.
وَتَابَعَهُ: الوَلِيْدُ بنُ القَاسِمِ، عَنْ مُجَالِدٍ.
وَقَالَ حَمَّادٌ، وَجَمَاعَةٌ: عَنْ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ، مَرْفُوعاً: (إِذَا رَأَيْتُم مُعَاوِيَةَ عَلَى مِنْبَرِي، فَاقْتُلُوْهُ ) .
الحَكَمُ بنُ ظُهَيْرٍ - وَاهٍ -: عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ مَرفُوعاً، نَحْوَهُ.
وَجَاءَ عَنِ الحَسَنِ مُرْسَلاً.
وَرُوِيَ بِإِسْنَادٍ مُظْلِمٍ، عَنْ جَابِرٍ، مَرْفُوعاً: (إِذَا رَأَيْتُم مُعَاوِيَةَ يَخْطُبُ
عَلَى مِنْبَرِي، فَاقْبَلُوْهُ، فَإِنَّهُ أَمِيْنٌ، مَأْمُوْنٌ ) .هَذَا كَذِبٌ.
وَيُقَالُ: هُوَ مُعَاوِيَةُ بنُ تَابُوْه المُنَافِقُ.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ، وَوَقَعَ الاخْتِلاَفُ، لَمْ يَكُنْ لِلنَّاسِ غَزْوٌ حَتَّى اجْتَمَعُوا عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَأَغْزَاهُم مَرَّاتٍ.
ثُمَّ أَغْزَى ابْنَهُ فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ بَرّاً وَبَحْراً، حَتَّى أَجَاز بِهِمُ الخَلِيْجَ، وَقَاتَلُوا أَهْلَ القُسْطَنْطِيْنِيَّةِ عَلَى بَابِهَا، ثُمَّ قَفَلَ.
اللَّيْثُ: عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ بُسْرِ بنِ سَعِيْدٍ، أَنَّ سَعْدَ بنَ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ:
مَا رَأَيْتُ أَحَداً بَعْدَ عُثْمَانَ أَقْضَى بِحَقٍّ مِنْ صَاحِبِ هَذَا البَابِ -يَعْنِي: مُعَاوِيَةَ -.
أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي مَرْيَمَ: عَنْ ثَابِتٍ مَوْلَى سُفْيَانَ؛ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ وَهُوَ يَقُوْلُ:
إِنِّيْ لَسْتُ بِخَيْرِكُمْ، وَإِنَّ فِيْكُمْ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي: ابْنُ عُمَرَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو، وَغَيْرُهُمَا، وَلَكِنِّي عَسَيْتُ أَنْ أَكُوْنَ أَنْكَاكُم فِي عَدِوِّكُم، وَأَنْعَمَكُم لَكُم وِلاَيَةً، وَأَحْسَنَكُم خُلُقاً.
عَقِيْلٌ، وَمَعْمَرٌ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ: أَنَّ المِسْوَرَ بنَ مَخْرَمَةَ
أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ خَلاَ بِهِ، فَقَالَ: يَا مِسْوَرُ! مَا فَعَلَ طَعْنُكَ عَلَى الأَئِمَّةِ؟قَالَ: دَعْنَا مِنْ هَذَا وَأَحْسِنْ.
قَالَ: لاَ وَاللهِ، لَتُكَلِّمَنِّي بِذَاتِ نَفْسِكَ بِالَّذِي تَعِيْبُ عَلَيَّ.
قَالَ مِسْوَرٌ: فَلَمْ أَتْرُكْ شَيْئاً أَعِيْبُهُ عَلَيْهِ إِلاَّ بَيَّنْتُ لَهُ.
فَقَالَ: لاَ أَبْرَأُ مِنَ الذَّنْبِ، فَهَلْ تَعُدُّ لَنَا يَا مِسْوَرُ مَا نَلِي مِنَ الإِصْلاَحِ فِي أَمْرِ العَامَّةِ، فَإِنَّ الحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، أَمْ تَعُدُّ الذُّنُوْبَ، وَتَتْرُكُ الإِحْسَانَ؟
قَالَ: مَا تُذْكَرُ إِلاَّ الذُّنُوْبُ.
قَالَ مُعَاوِيَةُ: فَإِنَّا نَعْتَرِفُ للهِ بِكُلِّ ذَنْبٍ أَذْنَبْنَاهُ، فَهَلْ لَكَ يَا مِسْوَرُ ذُنُوْبٌ فِي خَاصَّتِكَ تَخْشَى أَنْ تُهْلِكَكَ إِنْ لَمْ تُغْفَرْ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: فَمَا يَجْعَلُكَ اللهُ بِرَجَاءِ المَغْفِرَةِ أَحَقَّ مِنِّي، فَوَاللهِ مَا أَلِي مِنَ الإِصْلاَحِ أَكْثَرَ مِمَّا تَلِي، وَلَكِنْ -وَاللهِ - لاَ أُخَيَّرُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ بَيْنَ اللهِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ، إِلاَّ اخْتَرْتُ اللهَ عَلَى مَا سِوَاهُ، وَإِنِّي لَعَلَى دِيْنٍ يُقْبَلُ فِيْهِ العَمَلُ وَيُجْزَى فِيْهِ بِالحَسَنَاتِ، وَيُجْزَى فِيْهِ بِالذُّنُوْبِ إِلاَّ أَنْ يَعْفُوَ اللهُ عَنْهَا.
قَالَ: فَخَصَمَنِي.
قَالَ عُرْوَةُ: فَلَمْ أَسْمَعِ المِسْوَرَ ذَكَرَ مُعَاوِيَةَ إِلاَّ صَلَّى عَلَيْهِ.
عَمْرُو بنُ وَاقِدٍ: حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ مَيْسَرَةَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ يَقُوْلُ عَلَى مِنْبَرِ دِمَشْقَ:
تَصَدَّقُوا، وَلاَ يَقُلْ أَحَدُكُم: إِنِّيْ مُقِلٌّ، فَإِنَّ صَدقَةَ المُقِلِّ أَفْضَلُ مِنْ صَدَقَةِ الغَنِيِّ.
الشَّافِعِيُّ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ المَجِيْدِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عُتْبَةُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنِي كُرَيْبٌ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ:
أَنَّهُ رَأَى مُعَاوِيَةَ صَلَّى العِشَاءَ، ثُمَّ أَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ لَمْ يَزِدْ، فَأَخَبَرَ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: أَصَابَ، أَيْ بُنَيَّ! لَيْسَ
أَحَدٌ مِنَّا أَعْلَمَ مِنْ مُعَاوِيَةَ، هِيَ وَاحِدَةٌ أَوْ خَمْسٌ أَوْ سَبْعٌ، أَوْ أَكْثَرُ.أَبُو اليَمَانِ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ عَطِيَّةَ بنِ قَيْسٍ، قَالَ:
خَطَبَنَا مُعَاوِيَةُ، فَقَالَ: إِنَّ فِي بَيْتِ مَالِكُم فَضْلاً عَنْ عَطَائِكُم، وَأَنَا قَاسِمُهُ بَيْنَكُم.
هِشَامُ بنُ عَمَّارٍ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ وَاقِدٍ، عَنْ يُوْنُسَ بنِ حَلْبَسٍ، قَالَ:
رَأَيْتُ مُعَاوِيَةَ فِي سُوْقِ دِمَشْقَ عَلَى بَغْلَةٍ، خَلْفَهُ وَصِيْفٌ قَدْ أَرْدَفَهُ، عَلَيْهِ قَمِيْصٌ مَرْقُوْعُ الجَيْبِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: كَانَ مُعَاوِيَةُ، وَمَا رَأَيْنَا بَعْدَهُ مِثْلَهُ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ؛ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ يَقُوْلُ:
لَوْ أَنَّ عَلِيّاً لَمْ يَفْعَلْ مَا فَعَلَ، ثُمَّ كَانَ فِي غَارٍ، لَذَهَبَ النَّاسُ إِلَيْهِ حَتَّى يَسْتَخْرِجُوْهُ مِنْهُ.
العَوَّامُ بنُ حَوْشَبٍ: عَنْ جَبَلَةَ بنِ سُحَيْمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَسْوَدَ مِنْ مُعَاوِيَةَ.
قُلْتُ: وَلاَ عُمَرُ؟
قَالَ: كَانَ عُمَرُ خَيْراً مِنْهُ، وَكَانَ مُعَاوِيَةُ أَسْوَدَ مِنْهُ.
وَرُوِيَ عَنْ: أَبِي يَعْقُوْبَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، نَحْوَهُ.
وَرَوَى: ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلَهُ، وَلَفْظُهُ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً قَطُّ بَعْدَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ أَسْوَدَ مِنْ مُعَاوِيَةَ.
فَقُلْتُ: كَانَ أَسْوَدَ
مِنْ أَبِي بَكْرٍ؟فَقَالَ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ خَيْراً مِنْهُ، وَهُوَ كَانَ أَسْوَدَ.
قُلْتُ: كَانَ أَسْوَدَ مِنْ عُمَرَ؟ ... ، الحَدِيْثَ.
مَعْمَرٌ: عَنْ هَمَّامِ بنِ مُنَبِّهٍ، سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُوْلُ:
مَا رَأَيْتُ رَجُلاً كَانَ أَخْلَقَ لِلمُلْكِ مِنْ مُعَاوِيَةَ، كَانَ النَّاسُ يَرِدُوْنَ مِنْهُ عَلَى أَرْجَاءِ وَادٍ رَحْبٍ، لَمْ يَكُنْ بِالضَّيِّقِ، الحَصِرِ، العُصْعُصِ، المُتَغَضِّبِ -يَعْنِي: ابْنَ الزُّبَيْرِ -.
أَيُّوْبُ: عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ:
قَالَ كَعْبُ بنُ مَالِكٍ: لَنْ يَمْلِكَ أَحَدٌ هَذِهِ الأُمَّةَ مَا مَلَكَ مُعَاوِيَةُ.
مُجَالِدٌ: عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ قَبِيْصَةَ بنِ جَابِرٍ؛ قَالَ:
صَحبْتُ مُعَاوِيَةَ، فَمَا رَأَيْتُ رَجُلاً أَثْقَلَ حِلْماً، وَلاَ أَبْطَأَ جَهْلاً، وَلاَ أَبْعَدَ أَنَاةً مِنْهُ.
وَيُرْوَى عَنْ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: إِنِّيْ لأَرْفَعُ نَفْسِي أَنْ يَكُوْنَ ذَنْبٌ أَوْزَنَ مِنْ حِلْمِي.
مُجَالِدٌ: عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: أَغْلَظَ رَجُلٌ لِمُعَاوِيَةَ، فَقَالَ: أَنْهَاكَ عَنِ السُّلْطَانِ، فَإِنَّ غَضَبَهُ غَضَبُ الصَّبِيِّ، وَأَخْذَهُ أَخْذَ الأَسَدِ.
الأَصْمَعِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ يَقُوْلُ لِمُعَاوِيَةَ: وَاللهِ لَتَسْتَقِيْمَنَّ بِنَا يَا مُعَاوِيَةُ، أَوْ لَنُقَوِّمَنَّكَ.فَيَقُوْلُ: بِمَاذَا؟
فَيَقُوْلُوْنَ: بِالخُشُبِ.
فَيَقُوْلُ: إِذاً أَسْتَقِيْمُ.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: عَلِمْتُ بِمَا كَانَ مُعَاوِيَةُ يَغْلِبُ النَّاسَ؛ كَانَ إِذَا طَارُوا وَقَعَ، وَإِذَا وَقَعُوا طَارَ.
مُجَالِدٌ: عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ زِيَادِ بنِ أَبِيْهِ، قَالَ:
مَا غَلَبَنِي مُعَاوِيَةُ فِي شَيْءٍ إِلاَّ بَاباً وَاحِداً؛ اسْتَعْمَلْتُ فُلاَناً، فَكَسَرَ الخَرَاجَ، فَخَشِيَ أَنْ أُعَاقِبَهُ، فَفَرَّ مِنِّي إِلَى مُعَاوِيَةَ.
فَكَتَبْتُ إِلَيْهِ: إِنَّ هَذَا أَدَبُ سُوْءٍ لِمَنْ قِبَلِي.
فَكَتَبَ إِلَيَّ: إِنَّهُ لاَ يَنْبَغِي أَنْ نَسُوْسَ النَّاسَ سِيَاسَةً وَاحِدَةً؛ أَنْ نَلِيْنَ جَمِيْعاً فَيَمْرَحُ النَّاسُ فِي المَعْصِيَةِ، وَلاَ نَشْتَدَّ جَمِيْعاً، فَنَحْمِلُ النَّاسَ عَلَى المَهَالِكِ، وَلَكِنْ تَكُوْنُ لِلشِدَّةِ وَالفَظَاظَةِ، وَأَكُوْنُ أَنَا لِلِّيْنِ وَالأُلْفَةِ.
أَبُو مُسْهِرٍ: عَنْ سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، قَالَ:
قَضَى مُعَاوِيَةُ عَنْ عَائِشَةَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفَ دِيْنَارٍ.
وَقَالَ عُرْوَةُ: بَعَثَ مُعَاوِيَةُ مَرَّةً إِلَى عَائِشَةَ بِمائَةِ أَلْفٍ، فَوَاللهِ مَا أَمْسَتْ حَتَّى فَرَّقَتْهَا.
حُسَيْنُ بنُ وَاقِدٍ: عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ:
دَخَلَ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ: لأُجِيْزَنَّكَ بِجَائِزَةٍ لَمْ يُجِزْهَا أَحَدٌ كَانَ قَبْلِي.
فَأَعْطَاهُ أَرْبَعَ مائَةِ أَلْفٍ.
جَرِيْرٌ: عَنْ مُغِيْرَةَ، قَالَ:
بَعَثَ الحَسَنُ وَابْنُ جَعْفَرٍ إِلَى مُعَاوِيَةَ
يَسْأَلاَنِهِ، فَأَعْطَى كُلاًّ مِنْهُمَا مائَةَ أَلْفٍ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيّاً، فَقَالَ لَهُمَا: أَلاَ تَسْتَحِيَانِ؟ رَجُلٌ نَطْعَنُ فِي عَيْبِهِ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً تَسْأَلاَنِهِ المَالَ؟!قَالاَ: لأَنَّكَ حَرَمْتَنَا، وَجَادَ هُوَ لَنَا.
أَبُو هِلاَلٍ: عَنْ قَتَادَةَ:
قَالَ مُعَاوِيَةُ: وَاعَجَباً لِلْحَسَنِ! شَرِبَ شُرْبَةً مِنْ عَسَلٍ بِمَاءِ رُوْمَةَ، فَقَضَى نَحْبَهُ.
ثُمَّ قَالَ لابْنِ عَبَّاسٍ: لاَ يَسُوْؤُكَ اللهُ وَلاَ يُحْزِنُكَ فِي الحَسَنِ.
قَالَ: أَمَّا مَا أَبْقَى اللهُ لِي أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، فَلَنْ يَسُوْءنِي اللهُ، وَلَنْ يُحْزِنَنِي.
قَالَ: فَأَعْطَاهُ أَلْفَ أَلْفٍ مِنْ بَيْنِ عَرُوْضٍ وَعَيْنٍ.
قَالَ: اقْسِمْهُ فِي أَهْلِكَ.
رَوَى العُتْبِيُّ، قَالَ:
قِيْلَ لِمُعَاوِيَةَ: أَسْرَعَ إِلَيْكَ الشَّيْبُ؟
قَالَ: كَيْفَ لاَ؛ وَلاَ أَعْدَمُ رَجُلاً مِنَ العَرَبِ قَائِماً عَلَى رَأْسِي يُلْقِحُ لِي كَلاَماً يُلْزِمُنِي جَوَابَهُ، فَإِنْ أَصَبْتُ لَمْ أُحْمَدْ، وَإِنْ أَخْطَأْتُ سَارَتْ بِهِ البُرُدُ.
قَالَ مَالِكٌ: إِنَّ مُعَاوِيَةَ قَالَ: لَقَدْ نَتَفْتُ الشَّيْبَ مُدَّةً.
قَالَ: وَكَانَ يَخْرُجُ إِلَى مُصَلاَّهُ، وَرِدَاؤُهُ يُحْمَلُ مِنَ الكِبَرِ.
وَدَخَلَ عَلَيْهِ إِنْسَانٌ، وَهُوَ يَبْكِي، فَقَالَ: مَا يُبْكِيْكَ؟
قَالَ: هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ لِي.
مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ أَبِي يَزِيْدَ : عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
لَمَّا أَصَابَ مُعَاوِيَةَ اللَّقْوَةُ بَكَى، فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ: مَا يُبْكِيْكَ؟
قَالَ: رَاجَعْتُ مَا كُنْتُ عَنْهُ عَزُوْفاً، كَبِرَتْ سِنِّي، وَرَقَّ عَظْمِي، وَكَثُرَ دَمْعِي،
وَرُمِيْتُ فِي أَحْسَنِي وَمَا يَبْدُو مِنِّي، وَلَوْلاَ هَوَايَ فِي يَزِيْدَ، لأَبْصَرْتُ قَصْدِي.هِشَامُ بنُ عَمَّارٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ المُؤْمِنِ بنُ مُهَلْهِلٍ، حَدَّثَنِي رَجُلٌ، قَالَ:
حَجَّ مُعَاوِيَةُ، فَاطَّلَعَ فِي بِئْرِ عَادِيَّةَ بِالأَبْوَاءِ، فَضَرَبَتْهُ اللَّقْوَةُ، فَدَخَلَ دَارَهُ بِمَكَّةَ، وَأَرْخَى حِجَابَهُ، وَاعْتَمَّ بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ عَلَى شِقِّهِ الَّذِي لَمْ يُصَبْ.
ثُمَّ أَذِنَ لِلنَّاسِ، فَحَمِدَ اللهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّ ابْنَ آدَمَ بِعَرَضِ بَلاَءٍ؛ إِمَّا مُبْتَلَىً لِيُؤْجَرَ؛ أَوْ مُعَاقَبٌ بِذَنْبٍ، وَإِمَّا مُسْتَعْتِبٌ لِيُعْتَبَ، وَمَا أَعْتَذِرُ مِنْ وَاحِدَةٍ مِنْ ثَلاَثٍ، فَإِنِ ابْتُلِيْتُ، فَقَدِ ابْتُلِيَ الصَّالِحُوْنَ قَبْلِي، وَإِنْ عُوْقِبْتُ، فَقَدْ عُوْقِبَ الخَاطِئُوْنَ قَبْلِي، وَمَا آمَنُ أَنْ أَكُوْنَ مِنْهُم، وَإِنْ مَرِضَ عُضْوٌ مِنِّي، فَمَا أُحْصِي صَحِيْحِي، وَلَوْ كَانَ الأَمْرُ إِلَى نَفْسِي، مَا كَانَ لِي عَلَى رَبِّي أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَانِي، فَأَنَا ابْنُ بِضْعٍ وَسِتِّيْنَ، فَرَحِمَ اللهُ مَنْ دَعَا لِي بِالعَافِيَةِ، فَوَاللهِ لَئِنْ عَتِبَ عَلَيَّ بَعْضُ خَاصَّتِكُم، لَقَدْ كُنْتُ حَدِباً عَلَى عَامَّتِكُم.
فَعَجَّ النَّاسُ يَدْعُوْنَ لَهُ، وَبَكَى.
مُغِيْرَةُ: عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
أَوَّلُ مَنْ خَطَبَ جَالِساً مُعَاوِيَةُ حِيْنَ سَمِنَ.
أَبُو المَلِيْحِ: عَنْ مَيْمُوْنِ بنِ مِهْرَانَ، قَالَ:أَوَّلُ مَنْ جَلَسَ عَلَى المِنْبَرِ، وَاسْتَأْذَنَ النَّاسَ مُعَاوِيَةُ؛ فَأَذِنُوا لَهُ.
وَعَنْ عُبَادَةَ بنِ نُسَيٍّ: خَطَبَنَا مُعَاوِيَةُ بِالصِّنَّبْرَةِ، فَقَالَ:
لَقَدْ شَهِدَ مَعِي صِفِّيْنَ ثَلاَثُ مائَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا بَقِيَ مِنْهُم غَيْرِي.
إِسْنَادُهُ لَيِّنٌ.
يُوْسُفُ بنُ عَبْدَةَ: سَمِعْتُ ابْنَ سِيْرِيْنَ يَقُوْلُ:
أَخَذَتْ مُعَاوِيَةَ قِرَّةٌ، فَاتَّخَذَ لُحُفاً خِفَافاً تُلْقَى عَلَيْهِ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ يَتَأَذَّى بِهَا، فَإِذَا رُفِعَتْ، سَأَلَ أَنْ تُرَدَّ عَلَيْهِ، فَقَالَ:
قَبَّحَكِ اللهُ مِنْ دَارٍ، مَكَثْتُ فِيْكِ عِشْرِيْنَ سَنَةً أَمِيْراً، وَعِشْرِيْنَ سَنَةً خَلِيْفَةً، وَصِرْتُ إِلَى مَا أَرَى.
قَالَ الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: كَانَ مُعَاوِيَةُ أَوَّلَ مَنِ اتَّخَذَ الدِّيْوَانَ لِلْخَتْمِ، وَأَمَرَ بِالنَّيْرُوْزِ وَالمَهْرَجَانِ، وَاتَّخَذَ المَقَاصِيْرَ فِي الجَامِعِ، وَأَوَّلَ مَنْ قَتَلَ مُسْلِماً صَبْراً، وَأَوَّلَ مَنْ قَامَ عَلَى رَأْسِهِ حَرَسٌ، وَأَوَّلَ مَنْ قُيِّدَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ الجَنَائِبُ، وَأَوَّلَ مَنِ اتَّخَذَ الخُدَّامَ الخِصْيَانَ فِي الإِسْلاَمِ، وَأَوَّلَ مَنْ بَلَّغَ دَرَجَاتِ المِنْبَرِ خَمْسَ عَشْرَةَ مِرْقَاةً، وَكَانَ يَقُوْلُ: أَنَا أَوَّلُ المُلُوْكِ.
قُلْتُ: نَعَمْ.
فَقَدْ رَوَى سَفِيْنَةُ: عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (الخِلاَفَةُ بَعْدِي ثَلاَثُوْنَ سَنَةً، ثُمَّ تَكُوْنُ مُلْكاً ) .
فَانْقَضَتْ خِلاَفَةُ النُّبُوَّةِ ثَلاَثِيْنَ عَاماً،
وَوَلِيَ مُعَاوِيَةُ، فَبَالَغَ فِي التَّجَمُّلِ وَالهَيْئَةِ، وَقَلَّ أَنْ بَلَغَ سُلْطَانٌ إِلَى رُتْبَتِهِ، وَلَيْتَهُ لَمْ يَعْهَدْ بِالأَمْرِ إِلَى ابْنِهِ يَزِيْدَ، وَتَرَكَ الأُمَّةَ مِنِ اخْتِيَارِهِ لَهُم.عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ: عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ الحَسَنِ بنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَاوُوْسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
لَمَّا احْتُضِرَ مُعَاوِيَةُ، قَالَ: إِنِّيْ كُنْتُ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الصَّفَا، وَإِنِّي دَعَوْتُ بِمِشْقَصٍ، فَأَخَذْتُ مِنْ شَعْرِهِ، وَهُوَ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا، فَإِذَا أَنَا مِتُّ، فَخُذُوا ذَلِكَ الشَّعْرَ، فَاحْشُوا بِهِ فَمِي وَمَنْخِرِي.
وَرُوِيَ بِإِسْنَادٍ عَنْ مَيْمُوْنِ بنِ مِهْرَانَ نَحْوُهُ.
مُحَمَّدُ بنُ مُصَفَّى: حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، عَنْ بَحِيْرٍ، عَنْ خَالِدِ بنِ مَعْدَانَ، قَالَ:
وَفَدَ المِقْدَامُ بنُ مَعْدِيْ كَرِبٍ، وَعَمْرُو بنُ الأَسْوَدِ، وَرَجُلٌ مِنَ الأَسَدِ لَهُ صُحْبَةٌ إِلَى مُعَاوِيَةَ.
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لِلْمِقْدَامِ: تُوُفِّيَ الحَسَنُ.
فَاسْتَرْجَعَ، فَقَالَ: أَتَرَاهَا مُصِيْبَةً؟
قَالَ: وَلِمَ لاَ؟ وَقَدْ وَضَعَهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَجْرِهِ، وَقَالَ: (هَذَا مِنِّي، وَحُسَيْنٌ مِنْ عَلِيٍّ) .
فَقَالَ لِلأَسَدِيِّ: مَا تَقُوْلُ أَنْتَ؟
قَالَ: جَمْرَةٌ أُطْفِئَتْ.
فَقَالَ المِقْدَامُ: أَنْشُدُكَ اللهُ! هَلْ سَمِعْتَ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَنْهَى عَنْ
لُبْسِ الذَّهَبِ وَالحَرِيْرِ، وَعَنْ جُلُوْدِ السِّبَاعِ وَالرُّكُوْبِ عَلَيْهَا؟قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: فَوَاللهِ لَقَدْ رَأَيْتُ هَذَا كُلَّهُ فِي بَيْتِكَ.
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: عَرَفْتُ أَنِّي لاَ أَنْجُو مِنْكَ.
إِسْنَادُهُ قَوِيٌّ.
وَمُعَاوِيَةُ: مِنْ خِيَارِ المُلُوْكِ الَّذِيْنَ غَلَبَ عَدْلُهُم عَلَى ظُلْمِهِم، وَمَا هُوَ بِبَرِيْءٍ مِنَ الهَنَاتِ - وَاللهُ يَعْفُو عَنْهُ -.
المَدَائِنِيُّ: عَنْ أَبِي عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ عُبَادَةَ بنِ نُسَيٍّ، قَالَ:
خَطَبَ مُعَاوِيَةُ، فَقَالَ: إِنِّيْ مِنْ زَرْعٍ قَدِ اسْتَحْصَدَ، وَقَدْ طَالَتْ إِمْرَتِي عَلَيْكُم حَتَّى مَلِلْتُكُم وَمَلِلْتُمُوْنِي، وَلاَ يَأْتِيْكُم بَعْدِي خَيْرٌ مِنِّي، كَمَا أَنَّ مَنْ كَانَ قَبْلِي خَيْرٌ مِنِّي، اللَّهُمَّ قَدْ أَحْبَبْتُ لِقَاءكَ فَأَحِبَّ لِقَائِي.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ مَرْوَانَ بنِ أَبِي سَعِيْدٍ بنِ المُعَلَّى، قَالَ:
قَالَ مُعَاوِيَةُ لِيَزِيْدَ وَهُوَ يُوْصِيْهِ: اتَّقِ اللهَ، فَقَدْ وَطَّأْتُ لَكَ الأَمْرَ، وَوَلِيْتُ مِنْ ذَلِكَ مَا وَلِيْتُ، فَإِنْ يَكُ خَيْراً فَأَنَا أَسْعَدُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ شَقِيْتُ بِهِ، فَارْفُقْ بِالنَّاسِ، وَإِيَّاكَ وَجَبْهَ أَهْلِ الشَّرَفِ، وَالتَّكَبُّرَ عَلَيْهِم.
وَقِيْلَ: إِنَّ مُعَاوِيَةَ قَالَ لِيَزِيْدَ:
إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُهُ شَيْءٌ عَمِلْتُهُ فِي أَمْرِكَ، شَهِدْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْماً قَلَّمَ أَظْفَارَهُ، وَأَخَذَ مِنْ شَعْرِهِ، فَجَمَعْتُ ذَلِكَ، فَإِذَا مِتُّ، فَاحْشُ بِهِ فَمِي وَأَنْفِي.
عَبْدُ الأَعْلَى بنُ مَيْمُوْنِ بنِ مِهْرَانَ: عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ مُعَاوِيَةَ أَوْصَى، فَقَالَ:
كُنْتُ أُوَضِّئُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَزَعَ قَمِيْصَهُ، وَكَسَانِيْهُ، فَرَفَعْتُهُ، وَخَبَّأْتُ قُلاَمَةَ أَظْفَارِهِ، فَإِذَا مِتُّ، فَأَلْبِسُوْنِي القَمِيْصَ عَلَى جِلْدِي، وَاجْعَلُوا القُلاَمَةَ مَسْحُوْقَةً فِي عَيْنِي، فَعَسَى اللهُ أَنْ يَرْحَمَنِي بِبَرَكَتِهَا.حُمَيْدُ بنُ هِلاَلٍ: عَنْ أَبِي بُرْدَةَ؛ قَالَ:
دَخَلْتُ عَلَى مُعَاوِيَةَ حِيْنَ أَصَابَتْهُ قَرْحَتُهُ، فَقَالَ: هَلُمَّ يَا ابْنَ أَخِي فَانْظُرْ.
فَنَظَرْتُ، فَإِذَا هِيَ قَدْ سَرَتْ.
قَالَ أَبُو عَمْرٍو بنُ العَلاَءِ: لَمَّا احْتُضِرَ مُعَاوِيَةُ، قِيْلَ لَهُ: أَلاَ تُوْصِي؟
فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَقِلِ العَثْرَةَ، وَاعْفُ عَنِ الزَّلَّةِ، وَتَجَاوَزْ بِحِلْمِكَ عَنْ جَهْلِ مَنْ لَمْ يَرْجُ غَيْرَكَ، فَمَا وَرَاءكَ مَذْهَبٌ.
وَقَالَ:
هُوَ المَوْتُ لاَ مَنْجَى مِنَ المَوْتِ وَالَّذِي ... نُحَاذِرُ بَعْدَ المَوْتِ أَدْهَى وَأَفْظَعُ
قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: صَلَّى الضَّحَّاكُ بنُ قَيْسٍ الفِهْرِيُّ عَلَى مُعَاوِيَةَ، وَدُفِنَ بَيْنَ بَابِ الجَابِيَةِ وَبَابِ الصَّغِيْرِ - فِيمَا بَلَغَنِي -.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: عَنْ أَبِي يَعْقُوْبَ الثَّقَفِيِّ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، قَالَ:
لَمَّا ثَقُلَ مُعَاوِيَةُ، قَالَ: احْشُوا عَيْنِي بِالإِثْمِدِ، وَأَوْسِعُوا رَأْسِي دُهْناً.
فَفَعَلُوا، وَبَرَّقُوا وَجْهَهُ بِالدُّهْنِ، ثُمَّ مُهِّدَ لَهُ، وَأُجْلِسَ وَسُنِدَ.
ثُمَّ قَالَ: لِيَدْنُ النَّاسُ، فَلْيُسَلِّمُوا قِيَاماً.
فَيَدْخُلُ الرَّجُلُ، وَيَقُوْلُ: يَقُوْلُوْنَ: هُوَ لِمَا بِهِ، وَهُوَ أَصَحُّ النَّاسِ.
فَلَمَّا خَرَجُوا، قَالَ مُعَاوِيَةُ:
وَتَجَلُّدِي لِلشَّامِتِيْنَ أُرِيْهُمُ ... أَنِّي لِرَيْبِ الدَّهْرِ لاَ أَتَضَعْضَعُوَإِذَا المَنِيَّةُ أَنْشَبَتْ أَظْفَارَهَا ... أَلْفَيْتَ كُلَّ تَمِيْمَةٍ لاَ تَنْفَعُ
إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ: عَنْ قَيْسٍ، قَالَ:
أَخْرَجَ مُعَاوِيَةُ يَدَيْهِ كَأَنَّهُمَا عَسِيْبَا نَخْلٍ، فَقَالَ: هَلِ الدُّنْيَا إِلاَّ مَا ذُقْنَا وَجَرَّبْنَا، وَاللهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَغْبُرْ فِيْكُم إِلاَّ ثَلاَثاً، ثُمَّ أَلْحَقُ بِاللهِ.
قَالُوا: إِلَى مَغْفِرَةِ اللهِ وَرِضْوَانِهِ.
قَالَ: إِلَى مَا شَاءَ اللهُ، قَدْ عَلِمَ اللهُ أَنِّي لَمْ آلُ، وَلَوْ أَرَادَ اللهُ أَنْ يُغَيِّرَ غَيَّرَ.
وَعَنْ عَمْرِو بنِ مَيْمُوْنٍ، قَالَ: مَاتَ مُعَاوِيَةُ وَابْنُهُ يَزِيْدُ بِحُوَّارِيْنَ.
أَبُو مُسْهِرٍ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ يَزِيْدَ، حَدَّثَنِي سَعِيْدُ بنُ حُرَيْثٍ، قَالَ:
مَاتَ مُعَاوِيَةُ، فَفَزِعَ النَّاسُ إِلَى المَسْجَدِ، فَأَتَيْتُ، فَلَمَّا ارْتَفَعَ النَّهَارُ وَهُمْ يَبْكُوْنَ فِي الخَضْرَاءِ، وَابْنُهُ يَزِيْدُ فِي البَرِّيَّةِ، وَهُوَ وَلِيُّ عَهْدِهِ، وَكَانَ مَعَ أَخْوَالِهِ بَنِي كَلْبٍ، فَقَدِمَ فِي زِيِّهِمْ، فَتَلَقَّيْنَاهُ، وَهُوَ عَلَى بُخْتِيٍّ لَهُ زَجَلٌ.
قَالَ: وَلَيْسَ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ وَلاَ سَيْفٌ، وَكَانَ عَظِيْمَ الجِسْمِ، سَمِيْناً، فَسَارَ إِلَى
بَابِ الصَّغِيْرِ، فَنَزَلَ، وَمَشَى بَيْنَ يَدَيْهِ الضَّحَّاكُ الفِهْرِيُّ إِلَى قَبْرِ مُعَاوِيَةَ، فَصَفَّنَا خَلْفَهُ، وَكَبَّرَ أَرْبَعاً، ثُمَّ رَكِبَ بَغْلَتَهُ إِلَى الخَضْرَاءِ، ثُمَّ نُوْدِيَ وَقْتَ الظُّهْرِ: الصَّلاَةُ جَامِعَةٌ.فَاغْتَسَلَ، وَخَرَجَ، فَجَلَسَ عَلَى المِنْبَرِ، وَعَجَّلَ العَطَاءَ، وَأَعْفَاهُم مِنْ غَزْوِ البَحْرِ، فَافْتَرَقُوا، وَمَا يُفَضِّلُوْنَ عَلَيْهِ أَحَداً.
قَالَ اللَّيْثُ، وَأَبُو مَعْشَرٍ، وَعِدَّةٌ: مَاتَ مُعَاوِيَةُ فِي رَجَبٍ، سَنَةَ سِتِّيْنَ.
فَقِيْلَ: فِي نِصْفِ رَجَبٍ.
وَقِيْلَ: لِثَمَانٍ بَقِيْنَ مِنْهُ.
وَعَاشَ: سَبْعاً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
مُسْنَدُهُ فِي (مُسْنَدِ بَقِيٍّ) : مائَةٌ وَثَلاَثَةٌ وَسِتُّوْنَ حَدِيْثاً.
وَقَدْ عَمِلَ الأَهْوَازِيُّ (مُسْنَدَهُ) فِي مُجَلَّدٍ.
وَاتَّفَقَ لَهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَلَى أَرْبَعَةِ أَحَادِيْثَ.
وَانْفَرَدَ البُخَارِيُّ بِأَرْبَعَةٍ، وَمُسْلِمٌ بِخَمْسَةٍ.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=120705&book=5561#a94028
مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَاسْمُ أَبِي سُفْيَانَ: صَخْرُ بْنُ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، يُكْنَى: أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأُمُّهُ: هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، وَأُمُّهَا: صَعْبَةُ بِنْتُ أُمَيَّةَ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ الْأَوْقَصِ، مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، وَأُمُّهَا: بِنْتُ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، كَانَ مِنَ الْكَتَبَةِ الْحَسَبَةِ الْفَصَحَةِ، أَسْلَمَ قُبَيْلَ الْفَتْحِ، وَقِيلَ: عَامَ الْقَضِيَّةِ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ، وَعَدَّهُ ابْنُ عَبَّاسٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ قَالَ: كَانَ فَقِيهًا، تُوُفِّيَ لِلنِّصْفِ مِنْ رَجَبٍ سَنَةَ سِتِّينَ، وَلَهُ نَحْوٌ مِنْ ثَمَانِينَ سَنَةً، وَقِيلَ: ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ، كَانَ أَبْيَضَ طَوِيلًا أَجْلَحَ، أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، أَصَابَتْهُ لِقْوَةٌ فِي آخِرِ عُمُرِهِ، وَكَانَ يَقُولُ: «رَحِمَ اللهُ عَبْدًا دَعَا لِي بِالْعَافِيَةِ، فَقَدْ رُمِيتُ فِي أَحْسَنِ مَا يَبْدُو مِنِّي، وَلَوْلَا هَوًى مَنَّى فِي يَزِيدَ لَأَبْصَرْتُ بِرُشْدِي» ، وَلَمَّا اعْتَلَّ قَالَ: «وَدِدْتُ أَنْ لَا أُعَمِّرَ فَوْقَ ثَلَاثٍ» ، فَقِيلَ: إِلَى رَحْمَةِ اللهِ تَعَالَى وَمَغْفِرَتِهِ، فَقَالَ: إِلَى مَا شَاءَ وَقَضَى، قَدْ عَلِمَ أَنِّي لَمْ آلُ، وَمَا كَرِهَ اللهُ غَيَّرَ " كَانَ حَلِيمًا وَقُورًا فَصِيحًا، وَلِي الْعِمَالَةَ مِنْ قِبَلِ الْخُلَفَاءِ عِشْرِينَ سَنَةً، وَاسْتَوْلَى عَلَى الْإِمَارَةِ بَعْدَ قَتْلِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ عِشْرِينَ سَنَةً، فَكَانَتِ الْجَمَاعَةُ عَلَيْهِ عِشْرِينَ سَنَةً: مِنْ سَنَةِ أَرْبَعِينَ , إِلَى سَنَةِ سِتِّينَ، فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ قَالَ: «لَيْتَنِي كُنْتُ رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ بِذِي طُوًى، وَأَنِّي لَمْ أَلِ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ شَيْئًا» , وَكَانَ يَقُولُ: «لَا حِلْمَ إِلَّا بِالتَّجْرِبَةِ» ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «مَا رَأَيْتُ رَجُلًا أَخْلَقَ لِلْمُلْكِ مِنْ مُعَاوِيَةَ، لَمْ يَكُنْ بِالضَّيِّقِ الْحَصِرِ» ، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَسْوَدَ مِنْ مُعَاوِيَةَ»
- وَكَانَ يَقُولُ: " مَا زِلْتُ أَطْمَعُ فِي الْوَلَايَةِ مُذْ قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا مُعَاوِيَةُ , إِذَا مَلَكْتَ فَأَسْجِحْ» . مَلَكَ النَّاسَ كُلَّهُمْ عِشْرِينَ سَنَةً مُنْفَرِدًا بِالْمُلْكِ، يَفْتَحُ اللهُ بِهِ الْفُتُوحَ، وَيَغْزُو الرُّومَ، وَيَقْسِمُ الْفَيْءَ وَالْغَنِيمَةَ، وَيُقِيمُ الْحُدُودَ، وَاللهُ تَعَالَى لَا يُضَيِّعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا. وَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ، بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنْ صِفِّينَ: «لَا تَكْرَهُوا إِمَارَةَ مُعَاوِيَةَ، وَاللهِ لَئِنْ فَقَدْتُمُوهُ لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى الرُّءُوسِ تَنْدُرُ عَنْ كَوَاهِلِهَا كَالْحَنْظَلِ» وَكَانَ عِنْدَهُ قَمِيصُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَرِدَاؤُهُ وَإِزَارُهُ وَشَعَرُهُ، فَأَوْصَاهُمْ عِنْدَ مَوْتِهِ فَقَالَ: «كَفِّنُونِي فِي قَمِيصِهِ، وَأَدْرِجُونِي فِي رِدَائِهِ، وَأَزِّرُونِي بِإِزَارِهِ، وَاحْشُوا مَنْخَرَيَّ وَشِدْقَيَّ بِشَعَرِهِ، وَخَلُّوا بَيْنِي وَبَيْنَ رَحْمَةِ أَرْحَمِ الرَّاحِمِينَ» . حَدَّثَ عَنْهُ مِنَ الصَّحَابَةِ: عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، وَأَبُو الدَّرْدَاءِ، وَجَرِيرٌ، وَالنُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَوَائِلُ بْنُ حُجْرٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَمِنَ التَّابِعِينَ: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَمُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ، وَعِيسَى بْنُ طَلْحَةَ، وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، فِي آخَرِينَ
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ كَوْثَرٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ بْنِ مُوسَى، ثنا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ، ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، , أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، قَالَ: «قَصَّرْتُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عُمْرَتِهِ عَلَى الْمَرْوَةِ بِمِشْقَصٍ» رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ حُجَيْرٍ، وَابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ طَاوُسٍ، وَرَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرَوَاهُ مُجَاهِدٌ، وَعَطَاءٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ، نَحْوَهُ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، ثنا خَلَّادٌ، ثنا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، ثنا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، ثنا مَالِكٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ، يَقُولُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ عَامَ حَجٍّ، وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ؟ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «هَذَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ، وَلَمْ يُكْتَبْ عَلَيْكُمْ صِيَامُهُ، وَأَنَا صَائِمٌ , فَمَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْهُ، وَمَنْ شَاءَ فَلْيُفْطِرْ» رَوَاهُ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، وَمَعْمَرٌ، وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وَابْنُ مُسَافِرٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ، فِي آخَرِينَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ
- حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَخْلَدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ الطَّبَّاعِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، ثنا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ الصُّنَابِحِيّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى عَنِ الْأُغْلُوطَاتِ» قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: عَنْ صِعَابِ الْمَسَائِلِ، وَشِدَادِهَا
- حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَهْلٍ الْأُشْنَانَيُّ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ، ثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُتْبِيُّ مِنْ وَلَدِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ سَعْدٍ، ثنا الصُّنَابِحِيّ، قَالَ: حَضَرْنَا مَجْلِسَ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، فَتَذَكَّرُوا إِسْمَاعِيلَ، وَإِسْحَاقَ ابْنَيْ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِسْمَاعِيلُ الذَّبِيحُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ إِسْحَاقُ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -: سَقَطْتُمْ عَلَى الْخَبِيرِ، كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَتَاهُ أَعْرَابِيُّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، خَلَّفْتُ الْبِلَادَ يَابِسْ، وَالْمَالَ عَابِسْ، هَلَكَ الْعِيَالْ، وَضَاعَ الْمَالْ، فَعُدْ عَلَيَّ مِمَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَيْكَ «يَا ابْنَ الذَّبِيحَيْنِ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ» ، فَقُلْنَا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَمَا الذَّبِيحَانِ؟ قَالَ: إِنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ لَمَّا أُمِرَ بِحَفْرِ بِئْرِ زَمْزَمَ، آلَى , إِنْ سَهُلَ لَهُ أَمْرُهَا أَنْ يَنْحَرَ بَعْضَ وَلَدِهِ، فَأَسْهَمَ بَيْنَهُمْ , فَخَرَجَ السَّهْمُ عَلَى عَبْدِ اللهِ , فَأَرَادَ ذَبْحَهُ، فَمَنَعَهُ أَخْوَالُهُ بَنُو مَخْزُومٍ، وَقَالُوا: أَرْضِ رَبَّكَ، وَافْدِ ابْنَكَ , قَالَ: فَفَدَاهُ بِمِائَةِ نَاقَةٍ، فَهُوَ الذَّبِيحُ، وَإِسْمَاعِيلُ الثَّانِي "
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، ثنا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، ثنا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي الْفَيْضِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» رَوَاهُ عَمْرُو بْنُ حَكَّامٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي الْفَيْضِ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ
- وَكَانَ يَقُولُ: " مَا زِلْتُ أَطْمَعُ فِي الْوَلَايَةِ مُذْ قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا مُعَاوِيَةُ , إِذَا مَلَكْتَ فَأَسْجِحْ» . مَلَكَ النَّاسَ كُلَّهُمْ عِشْرِينَ سَنَةً مُنْفَرِدًا بِالْمُلْكِ، يَفْتَحُ اللهُ بِهِ الْفُتُوحَ، وَيَغْزُو الرُّومَ، وَيَقْسِمُ الْفَيْءَ وَالْغَنِيمَةَ، وَيُقِيمُ الْحُدُودَ، وَاللهُ تَعَالَى لَا يُضَيِّعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا. وَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ، بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنْ صِفِّينَ: «لَا تَكْرَهُوا إِمَارَةَ مُعَاوِيَةَ، وَاللهِ لَئِنْ فَقَدْتُمُوهُ لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى الرُّءُوسِ تَنْدُرُ عَنْ كَوَاهِلِهَا كَالْحَنْظَلِ» وَكَانَ عِنْدَهُ قَمِيصُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَرِدَاؤُهُ وَإِزَارُهُ وَشَعَرُهُ، فَأَوْصَاهُمْ عِنْدَ مَوْتِهِ فَقَالَ: «كَفِّنُونِي فِي قَمِيصِهِ، وَأَدْرِجُونِي فِي رِدَائِهِ، وَأَزِّرُونِي بِإِزَارِهِ، وَاحْشُوا مَنْخَرَيَّ وَشِدْقَيَّ بِشَعَرِهِ، وَخَلُّوا بَيْنِي وَبَيْنَ رَحْمَةِ أَرْحَمِ الرَّاحِمِينَ» . حَدَّثَ عَنْهُ مِنَ الصَّحَابَةِ: عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، وَأَبُو الدَّرْدَاءِ، وَجَرِيرٌ، وَالنُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَوَائِلُ بْنُ حُجْرٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَمِنَ التَّابِعِينَ: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَمُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ، وَعِيسَى بْنُ طَلْحَةَ، وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، فِي آخَرِينَ
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ كَوْثَرٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ بْنِ مُوسَى، ثنا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ، ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، , أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، قَالَ: «قَصَّرْتُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عُمْرَتِهِ عَلَى الْمَرْوَةِ بِمِشْقَصٍ» رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ حُجَيْرٍ، وَابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ طَاوُسٍ، وَرَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرَوَاهُ مُجَاهِدٌ، وَعَطَاءٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ، نَحْوَهُ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، ثنا خَلَّادٌ، ثنا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، ثنا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، ثنا مَالِكٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ، يَقُولُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ عَامَ حَجٍّ، وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ؟ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «هَذَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ، وَلَمْ يُكْتَبْ عَلَيْكُمْ صِيَامُهُ، وَأَنَا صَائِمٌ , فَمَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْهُ، وَمَنْ شَاءَ فَلْيُفْطِرْ» رَوَاهُ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، وَمَعْمَرٌ، وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وَابْنُ مُسَافِرٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ، فِي آخَرِينَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ
- حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَخْلَدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ الطَّبَّاعِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، ثنا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ الصُّنَابِحِيّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى عَنِ الْأُغْلُوطَاتِ» قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: عَنْ صِعَابِ الْمَسَائِلِ، وَشِدَادِهَا
- حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَهْلٍ الْأُشْنَانَيُّ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ، ثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُتْبِيُّ مِنْ وَلَدِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ سَعْدٍ، ثنا الصُّنَابِحِيّ، قَالَ: حَضَرْنَا مَجْلِسَ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، فَتَذَكَّرُوا إِسْمَاعِيلَ، وَإِسْحَاقَ ابْنَيْ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِسْمَاعِيلُ الذَّبِيحُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ إِسْحَاقُ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -: سَقَطْتُمْ عَلَى الْخَبِيرِ، كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَتَاهُ أَعْرَابِيُّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، خَلَّفْتُ الْبِلَادَ يَابِسْ، وَالْمَالَ عَابِسْ، هَلَكَ الْعِيَالْ، وَضَاعَ الْمَالْ، فَعُدْ عَلَيَّ مِمَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَيْكَ «يَا ابْنَ الذَّبِيحَيْنِ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ» ، فَقُلْنَا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَمَا الذَّبِيحَانِ؟ قَالَ: إِنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ لَمَّا أُمِرَ بِحَفْرِ بِئْرِ زَمْزَمَ، آلَى , إِنْ سَهُلَ لَهُ أَمْرُهَا أَنْ يَنْحَرَ بَعْضَ وَلَدِهِ، فَأَسْهَمَ بَيْنَهُمْ , فَخَرَجَ السَّهْمُ عَلَى عَبْدِ اللهِ , فَأَرَادَ ذَبْحَهُ، فَمَنَعَهُ أَخْوَالُهُ بَنُو مَخْزُومٍ، وَقَالُوا: أَرْضِ رَبَّكَ، وَافْدِ ابْنَكَ , قَالَ: فَفَدَاهُ بِمِائَةِ نَاقَةٍ، فَهُوَ الذَّبِيحُ، وَإِسْمَاعِيلُ الثَّانِي "
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، ثنا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، ثنا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي الْفَيْضِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» رَوَاهُ عَمْرُو بْنُ حَكَّامٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي الْفَيْضِ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=120705&book=5561#77dc95
معاوية بْن أَبِي سُفْيَان.
واسم أَبِي سُفْيَان صَخْر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بْن عبد مناف، وأمه هند بِنْت عُتْبَة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف، يكنى أَبَا عَبْد الرَّحْمَنِ، كَانَ هُوَ وأبوه وأخوه من مسلمة الْفَتْح. وقد رَوَى عَنْ مُعَاوِيَة أَنَّهُ قَالَ: أسلمت يَوْم القضية ، ولقيت النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسلما.
قَالَ أَبُو عُمَر: مُعَاوِيَة وأبوه من المؤلفة قلوبهم، ذكره فِي ذَلِكَ بعضهم، وَهُوَ أحد الذين كتبوا لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وولاه عُمَر على الشام عِنْدَ موت أخيه يَزِيد. وَقَالَ صَالِح بْن الوجيه: فِي سنة تسع عشرة كتب عُمَر إِلَى يَزِيد بْن أَبِي سُفْيَان يأمره بغزو قيسارية، فغزاها، وبها بطارقة الروم، فحاصرها أياما، وَكَانَ بها مُعَاوِيَة أخوه، فخلفه عليها، وصار يَزِيد إِلَى دمشق، فأقام مُعَاوِيَة على قيسارية حَتَّى فتحها فِي شوال سنة تسع عشرة.
وتوفي يَزِيد فِي ذي الحجة من ذَلِكَ العام فِي دمشق، واستخلف أخاه مُعَاوِيَة على عمله، فكتب إِلَيْهِ عُمَر بعهده على مَا كَانَ يَزِيد يلي من عمل الشام، ورزقه ألف دينار فِي كل شهر، هكذا قَالَ صَالِح بْن الوجيه، وخالفه الْوَلِيد بْن مُسْلِم.
حَدَّثَنَا خَلَف بْن الْقَاسِم، حَدَّثَنَا أَبُو الْمَيْمُون، حَدَّثَنَا أَبُو زرعة، حدثنا
دحيم، حَدَّثَنَا الْوَلِيد بْن مُسْلِم- أن فتح بيت المقدس كَانَ سنة ست عشرة صلحا، وأن عُمَر شهد فتحها فِي حين دخوله الشام قَالَ: وفي سنة تسع عشرة كَانَ فتح جلولاء، وأميرها سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص، ثُمَّ كانت قيسارية فِي ذَلِكَ العام، وأميرها مُعَاوِيَة بْن أَبِي سُفْيَان. وَذَكَرَ الدُّولابِيُّ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ حَمَّادٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي إِسْمَاعِيلَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيِّ، قَالَ: جَزَعَ عُمَرُ عَلَى يَزِيدَ جَزَعًا شَدِيدًا، وَكَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ بِوِلايَتِهِ الشَّامَ، فَأَقَامَ أَرْبَعَ سِنِينَ، وَمَاتَ، فَأَقَرَّهُ عُثْمَانُ عَلَيْهَا اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً إِلَى أَنْ مَاتَ، ثُمَّ كَانَتِ الْفِتْنَةُ، فَحَارَبَ مُعَاوِيَةُ عَلِيًّا خَمْسَ سِنِينَ.
قَالَ أَبُو عُمَر: صوابه أربع سنين، وَقَالَ غيره: ورد البريد بموت يَزِيد على عُمَر، وَأَبُو سُفْيَان عنده، فلما قرأ الكتاب بموت يَزِيد قَالَ لأبي سُفْيَان: أحسن الله عزاك فِي يَزِيد ورحمه، ثُمَّ قَالَ لَهُ أَبُو سُفْيَان: من وليت مكانه يَا أمير المؤمنين؟ قَالَ: أخاه مُعَاوِيَة، قَالَ: وصلتك رحم يَا أمير المؤمنين.
وقال عُمَر إذ دخل الشام، ورأى مُعَاوِيَة: هَذَا كسرى العرب، وَكَانَ قد تلقاه مُعَاوِيَة فِي موكب عظيم، فلما دنا منه قَالَ لَهُ: أنت صاحب الموكب العظيم؟ قَالَ: نعم يَا أمير المؤمنين قَالَ: مع مَا يبلغني من وقوف ذوي الحاجات ببابك! قَالَ: مع مَا يبلغك من ذَلِكَ. قَالَ: ولم تفعل هَذَا؟ قَالَ:
نحن بأرض جواسيس العدو بها كثيرة. فيجب أن نظهر من عز السلطان مَا نرهبهم بِهِ، فإن أمرتني فعلت، وإن نهيتني انتهيت. فَقَالَ عُمَر لمعاوية:
مَا أسألك عَنْ شيء إلا تركتني فِي مثل رواجب الضرس، إن كَانَ مَا قلت حقا إنه لرأي أريب، وإن كَانَ باطلا إنه لخدعة أديب. قَالَ: فمرني يَا أمير المؤمنين.
قَالَ: لا آمرك ولا أنهاك. فَقَالَ عَمْرو: يَا أمير المؤمنين، مَا أحسن مَا صدر
الفتى عما أوردته فِيهِ! قَالَ: لحسن مصادره وموارده جشمناه مَا جشمناه.
وذم مُعَاوِيَة عِنْدَ عُمَر يوما، فَقَالَ: دعونا من ذم فتى قريش من يضحك فِي الغضب، ولا ينال مَا عنده إلا على الرضا، ولا يؤخذ مَا فوق رأسه إلا من تحت قدميه. رَوَى جبلة بْن سحيم، عَنِ ابْن عُمَر، قَالَ: مَا رأيت أحدا بعد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أسود من مُعَاوِيَة. فقيل لَهُ: فأبو بَكْر، وَعُمَر، وعثمان، وعلي! فَقَالَ: كانوا والله خيرا من مُعَاوِيَة، وَكَانَ مُعَاوِيَة أسود منهم. وقيل لنافع: مَا بال ابْن عُمَر بايع مُعَاوِيَة. ولم يبايع عليا؟ فَقَالَ: كَانَ ابْن عُمَر يعطي يدا فِي فرقة، ولا يمنعها من جماعة، ولم يبايع مُعَاوِيَة حَتَّى اجتمعوا عَلَيْهِ. قَالَ أَبُو عُمَر: كَانَ مُعَاوِيَة أميرا بالشام نحو عشرين سنة، وخليفة مثل ذَلِكَ، كَانَ من خلافة عُمَر أميرا نحو أربعة أعوام، وخلافة عُثْمَان كلها- اثنتي عشرة سنة، وبايع لَهُ أهل الشام خاصة بالخلافة سنة ثمان أو تسع وثلاثين، واجتمع الناس عَلَيْهِ حين بايع لَهُ الْحَسَن بْن علي وجماعة ممن معه، وذلك فِي ربيع أو جمادى سنة إحدى وأربعين، فيسمى عام الجماعة. وقد قيل: إن عام الجماعة كَانَ سنة أربعين، والأول أصح. قَالَ ابْن إِسْحَاق: كَانَ مُعَاوِيَة أميرا عشرين سنة، وخليفة عشرين سنة. وَقَالَ غيره: كانت خلافته تسع عشرة سنة وتسعة أشهر وثمانية وعشرين يوما. وتوفي فِي النصف من رجب سنة ستين بدمشق، ودفن بها، وَهُوَ ابْن ثمان وسبعين سنة. وقيل: ابْن ست وثمانين. قَالَ الْوَلِيد بْن مُسْلِم: مات مُعَاوِيَة فِي رجب سنة ستين، وكانت خلافته تسع عشرة سنة ونصفا.
وَقَالَ غيره: توفي مُعَاوِيَة بدمشق، ودفن بها يَوْم الخميس لثمان بقين من رجب سنة تسع وخمسين، وهو ابن اثنتين سنة، ثمانين سنة، وكانت خلافته تسع عشرة سنة وثلاثة أشهر وعشرين يوما، وَكَانَ يتمثل وَهُوَ قد احتضر:
فهل من خالدٍ إما هلكنا ... وهل بالموت يَا للناس عار
وروى مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن الحكم قَالَ: سمعت الشافعي يَقُول: لما ثقل مُعَاوِيَة كَانَ يَزِيد غائبا، فكتب إِلَيْهِ بحاله، فلما أتاه الرسول أنشأ يَقُول:
جاء البريد بقرطاسٍ يحث بِهِ ... فأوجس القلب من قرطاسه فزعا
قلنا لك الويل ماذا فِي صحيفتكم؟ ... قالوا: الخليفة أمسى مثبتا وجعا
فمادت الأرض أو كادت تميد بنا ... كأن ثهلان من أركانه انقلعا
أودى ابْن هند وأوى المجد يتبعه ... كانا جميعا فظلا يسريان معا
لا يرقع الناس مَا أوهى وإن جهدوا ... أن يرقعوه ولا يوهون مَا رقعا
أغر أبلج يستسقى الغمام بِهِ ... لو قارع الناس عَنْ أحلامهم قرعا
قال الشافعي: البيتان الأخيران للأعشى فلما وصل إِلَيْهِ وجده مغمورا، فأنشأ يقول:
لو عاش حىّ على الدنيا لعاش إما ... م الناس لا عاجز ولا وكل
الحول القلب الأريب ولن ... يدفع وقت المنية الحيل
فأفاق مُعَاوِيَة، وَقَالَ: يَا بني، إِنِّي صحبت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فخرج لحاجةٍ فاتبعته بإداوة، فكساني أحد ثوبيه الَّذِي كَانَ على جلده، فخبأته لهذا اليوم، وأخذ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أظفاره وشعره ذات يَوْم، فأخذته وخبأته لهذا اليوم، فإذا أنا مت فاجعل ذَلِكَ القميص دون كفني مما يلي جلدي، وخذ ذَلِكَ الشعر والأظفار فاجعله فِي فمي، وعلى عيني ومواضع السجود مني، فإن نفع شيء فذاك، وإلا فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَحِيمٌ. 2: 192 وَقَالَ ابْن بكير، عَنِ اللَّيْث: توفي مُعَاوِيَة فِي رجب لأربع ليال بقين منه
سنة ستين، وَقَالَ: إنه أول من جعل ابنه ولي العهد خليفة بعده فِي صحته وَقَالَ الزُّبَيْر: هُوَ أول من اتخذ ديوان الخاتم، وأمر بهدايا النيروز والمهرجان.
واتخذ المقاصير فِي الجوامع وأول من قتل مسلما صبرا حجرا وأصحابه. وأول من أقام على رأسه حرسا. وأول من قيدت بين يديه الجنائب. وأول من اتخذ الخصيان فِي الإسلام وأول من بلغ درجات المنبر خمس عشرة مرقاة.
وَكَانَ يَقُول: أنا أول الملوك.
قَالَ أَبُو عُمَر: رَوَى عَنْهُ من الصحابة طائفة وجماعة من التابعين بالحجاز والشام والعراق. قَالَ الأوزاعي: أدركت خلافة مُعَاوِيَة جماعة من أصحاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم ينتزعوا يدا من طاعةٍ ولا فارقوا جماعةً، وَكَانَ زَيْد بْن ثَابِت يأخذ العطاء من مُعَاوِيَة.
حدثنا خلف بن قاسم، قال: حدثنا عبد الرحمن بن عمر، قال: حدثنا أبو زرعة، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مسهر، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيد بْن عَبْد الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي عبد ربه، قَالَ: رأيت مُعَاوِيَة يصفر لحيته كأنها الذهب.
وَرَوَى ابْن وَهْب، عَنْ مَالِك، قَالَ: قَالَ مُعَاوِيَة: لقد يتفت الشيب كذا وكذا سنة. وله فضيلة جليلة رويت من حديث الشاميين، رواها معاوية ابن صَالِحٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ سَيْفٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي رُهْمٍ السَّمَاعِيِّ- أَنَّهُ سَمِعَ الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: اللَّهمّ عَلِّمْ مُعَاوِيَةَ الْكِتَابَ وَالْحِسَابَ وَقِهِ الْعَذَابَ. رواه عَنْ مُعَاوِيَة بْن صَالِح أَسَد بْن مُوسَى، وعبد الله بْن صَالِح، وعبد الرحمن بْن مهدي، وبشر بْن السري، وغيرهم، إلا أن الْحَارِث بْن زِيَاد مجهول لا يعرف بغير هذا الحديث.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، وَأَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ ابْنِ عباس أن رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ بَعَثَ إِلَى مُعَاوِيَةَ يَكْتُبُ لَهُ.
فَقِيلَ: إِنَّهُ يَأْكُلُ، ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهِ، فَقِيلَ: إِنَّهُ يَأْكُلُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا أَشْبَعَ اللَّهُ بَطْنَهُ- من مسند أَبِي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ. ومن جامع مَعْمَر رواية عَبْد الرَّزَّاقِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَر، عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد بْن عُقَيْل- أن مُعَاوِيَة لما قدم المدينة لقيه أَبُو قَتَادَة الأَنْصَارِيّ، فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَة: يَا أَبَا قَتَادَة؟
تلقاني الناس كلهم غيركم يَا معشر الأنصار! مَا منعكم؟ قَالَ: لم يكن معنا دواب. قال مُعَاوِيَة: فأين النواضح، قَالَ: أَبُو قَتَادَة: عقرناها فِي طلبك، وطلب أبيك يَوْم بدر. قَالَ: نعم يا أبا قَتَادَة: إن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لنا: إنا نرى بعده أثرةً. قَالَ مُعَاوِيَة: فما أمركم عِنْدَ ذَلِكَ؟ قَالَ: أمرنا بالصبر. قَالَ: فاصبروا حَتَّى تلقوه. قَالَ: فقال عبد الرحمن ابن حسان حين بلغه ذلك:
ألا أبلغ مُعَاوِيَة بْن صَخْر ... أمير المؤمنين نثا كلامي
فإنا صابرون ومنظروكم ... إلى يَوْم التغابن والخصام
وَرَوَى ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ أَنَّهُ وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، قَالَ: فَلَمَّا دَخَلْتُ عَلَيْهِ سَلَّمْتُ- قَالَ: فَقَالَ: مَا فعل طعنك على الأئمة يَا مسور؟ قَالَ: قلت: دعنا من هَذَا وأحسن فيما قدمنا لَهُ.
قَالَ: والله لتكلمن بذات نفسك. قَالَ: فلم أدع شيئا أعيبه عَلَيْهِ إلا بينته لَهُ.
فقال: لا أتبرأ من الذنوب، فما لك يَا مسور ذنوب تخاف أن تهلك إن لم يغفرها الله لك قَالَ: فقلت: بلى. قَالَ: فما جعلك أحق أن ترجو المغفرة
مني، فو الله لما ألى من الإصلاح بين الناس وإقامة الحدود والجهاد فِي سبيل الله والأمور العظام التي لست أحصيها ولا تحصيها أكثر مما تلي، وإني لعلي دين يقبل الله فِيهِ الحسنات ويعفو عَنِ السيئات، [والله لعلى ذَلِكَ مَا كنت لا أخير بين الله وبين مَا سواه إلا اخترت الله على مَا سواه. ] قَالَ مسور: ففكرت حين قَالَ مَا قَالَ، فعرفت أَنَّهُ خصمني. قَالَ: فكان إذا ذكر بعد ذَلِكَ دعا لَهُ بالخير.
وَهَذَا الخبر من أصح مَا يروى من حديث ابْن شهاب، رواه عَنْهُ مَعْمَر وجماعة من أصحابه. رَوَى أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هِلالٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قَالَ: قُلْتُ لِلْحَسَنِ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، إِنَّ هَاهُنَا نَاسًا يَشْهَدُونَ عَلَى مُعَاوِيَةَ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ. قَالَ: لَعَنَهُمُ اللَّهُ، وَمَا يُدْرِيهِمْ مَنْ فِي النَّارِ.
قَالَ أَسَدٌ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ. قَالَ:
بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ مَا جَلَدَ سَوْطًا فِي خِلافَتِهِ إِلا رَجُلا شَتَمَ مُعَاوِيَةَ عِنْدَهُ، فَجَلَدَهُ ثَلاثَةَ أَسْوَاطٍ قَالَ أَسَدٌ: وَأَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَزَقَ مُعَاوِيَةَ عَلَى عَمَلِهِ الشَّامَ عَشْرَةَ آلافِ دِينَارٍ كُلَّ سَنَةٍ. قَالَ مُعَاوِيَةُ: أُعِنْتُ عَلَى عَلِيٍّ بِثَلاثٍ: كَانَ رَجُلا رُبَّمَا أَظْهَرَ سِرَّهُ، وَكُنْتُ كَتُومًا لِسِرِّي، وَكَانَ فِي أَخْبَثِ جُنْدٍ، وَأَشَدِّهِ خِلافًا عليه، وكنت في أطوع جند وأقلّه خلاف عَلَيَّ، وَلَمَّا ظَفَرَ بِأَصْحَابِ الْجَمَلِ لَمْ أَشُكُّ أنّ بعض جنده سعيد ذَلِكَ وَهَنًا فِي دِينِهِ، وَلَوْ ظَفَرُوا بِهِ كَانَ وَهَنًا فِي شَوْكَتِهِ، وَمَعَ هَذَا فَكُنْتُ أَحَبَّ إِلَى قُرَيْشٍ مِنْهُ، لأَنِّي كُنْتُ أُعْطِيهِمْ، وَكَانَ يَمْنَعُهُمْ، فَكَمْ سَبَّبَ مِنْ قَاطِعٍ إِلَيَّ ونافر عنه.
واسم أَبِي سُفْيَان صَخْر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بْن عبد مناف، وأمه هند بِنْت عُتْبَة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف، يكنى أَبَا عَبْد الرَّحْمَنِ، كَانَ هُوَ وأبوه وأخوه من مسلمة الْفَتْح. وقد رَوَى عَنْ مُعَاوِيَة أَنَّهُ قَالَ: أسلمت يَوْم القضية ، ولقيت النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسلما.
قَالَ أَبُو عُمَر: مُعَاوِيَة وأبوه من المؤلفة قلوبهم، ذكره فِي ذَلِكَ بعضهم، وَهُوَ أحد الذين كتبوا لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وولاه عُمَر على الشام عِنْدَ موت أخيه يَزِيد. وَقَالَ صَالِح بْن الوجيه: فِي سنة تسع عشرة كتب عُمَر إِلَى يَزِيد بْن أَبِي سُفْيَان يأمره بغزو قيسارية، فغزاها، وبها بطارقة الروم، فحاصرها أياما، وَكَانَ بها مُعَاوِيَة أخوه، فخلفه عليها، وصار يَزِيد إِلَى دمشق، فأقام مُعَاوِيَة على قيسارية حَتَّى فتحها فِي شوال سنة تسع عشرة.
وتوفي يَزِيد فِي ذي الحجة من ذَلِكَ العام فِي دمشق، واستخلف أخاه مُعَاوِيَة على عمله، فكتب إِلَيْهِ عُمَر بعهده على مَا كَانَ يَزِيد يلي من عمل الشام، ورزقه ألف دينار فِي كل شهر، هكذا قَالَ صَالِح بْن الوجيه، وخالفه الْوَلِيد بْن مُسْلِم.
حَدَّثَنَا خَلَف بْن الْقَاسِم، حَدَّثَنَا أَبُو الْمَيْمُون، حَدَّثَنَا أَبُو زرعة، حدثنا
دحيم، حَدَّثَنَا الْوَلِيد بْن مُسْلِم- أن فتح بيت المقدس كَانَ سنة ست عشرة صلحا، وأن عُمَر شهد فتحها فِي حين دخوله الشام قَالَ: وفي سنة تسع عشرة كَانَ فتح جلولاء، وأميرها سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص، ثُمَّ كانت قيسارية فِي ذَلِكَ العام، وأميرها مُعَاوِيَة بْن أَبِي سُفْيَان. وَذَكَرَ الدُّولابِيُّ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ حَمَّادٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي إِسْمَاعِيلَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيِّ، قَالَ: جَزَعَ عُمَرُ عَلَى يَزِيدَ جَزَعًا شَدِيدًا، وَكَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ بِوِلايَتِهِ الشَّامَ، فَأَقَامَ أَرْبَعَ سِنِينَ، وَمَاتَ، فَأَقَرَّهُ عُثْمَانُ عَلَيْهَا اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً إِلَى أَنْ مَاتَ، ثُمَّ كَانَتِ الْفِتْنَةُ، فَحَارَبَ مُعَاوِيَةُ عَلِيًّا خَمْسَ سِنِينَ.
قَالَ أَبُو عُمَر: صوابه أربع سنين، وَقَالَ غيره: ورد البريد بموت يَزِيد على عُمَر، وَأَبُو سُفْيَان عنده، فلما قرأ الكتاب بموت يَزِيد قَالَ لأبي سُفْيَان: أحسن الله عزاك فِي يَزِيد ورحمه، ثُمَّ قَالَ لَهُ أَبُو سُفْيَان: من وليت مكانه يَا أمير المؤمنين؟ قَالَ: أخاه مُعَاوِيَة، قَالَ: وصلتك رحم يَا أمير المؤمنين.
وقال عُمَر إذ دخل الشام، ورأى مُعَاوِيَة: هَذَا كسرى العرب، وَكَانَ قد تلقاه مُعَاوِيَة فِي موكب عظيم، فلما دنا منه قَالَ لَهُ: أنت صاحب الموكب العظيم؟ قَالَ: نعم يَا أمير المؤمنين قَالَ: مع مَا يبلغني من وقوف ذوي الحاجات ببابك! قَالَ: مع مَا يبلغك من ذَلِكَ. قَالَ: ولم تفعل هَذَا؟ قَالَ:
نحن بأرض جواسيس العدو بها كثيرة. فيجب أن نظهر من عز السلطان مَا نرهبهم بِهِ، فإن أمرتني فعلت، وإن نهيتني انتهيت. فَقَالَ عُمَر لمعاوية:
مَا أسألك عَنْ شيء إلا تركتني فِي مثل رواجب الضرس، إن كَانَ مَا قلت حقا إنه لرأي أريب، وإن كَانَ باطلا إنه لخدعة أديب. قَالَ: فمرني يَا أمير المؤمنين.
قَالَ: لا آمرك ولا أنهاك. فَقَالَ عَمْرو: يَا أمير المؤمنين، مَا أحسن مَا صدر
الفتى عما أوردته فِيهِ! قَالَ: لحسن مصادره وموارده جشمناه مَا جشمناه.
وذم مُعَاوِيَة عِنْدَ عُمَر يوما، فَقَالَ: دعونا من ذم فتى قريش من يضحك فِي الغضب، ولا ينال مَا عنده إلا على الرضا، ولا يؤخذ مَا فوق رأسه إلا من تحت قدميه. رَوَى جبلة بْن سحيم، عَنِ ابْن عُمَر، قَالَ: مَا رأيت أحدا بعد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أسود من مُعَاوِيَة. فقيل لَهُ: فأبو بَكْر، وَعُمَر، وعثمان، وعلي! فَقَالَ: كانوا والله خيرا من مُعَاوِيَة، وَكَانَ مُعَاوِيَة أسود منهم. وقيل لنافع: مَا بال ابْن عُمَر بايع مُعَاوِيَة. ولم يبايع عليا؟ فَقَالَ: كَانَ ابْن عُمَر يعطي يدا فِي فرقة، ولا يمنعها من جماعة، ولم يبايع مُعَاوِيَة حَتَّى اجتمعوا عَلَيْهِ. قَالَ أَبُو عُمَر: كَانَ مُعَاوِيَة أميرا بالشام نحو عشرين سنة، وخليفة مثل ذَلِكَ، كَانَ من خلافة عُمَر أميرا نحو أربعة أعوام، وخلافة عُثْمَان كلها- اثنتي عشرة سنة، وبايع لَهُ أهل الشام خاصة بالخلافة سنة ثمان أو تسع وثلاثين، واجتمع الناس عَلَيْهِ حين بايع لَهُ الْحَسَن بْن علي وجماعة ممن معه، وذلك فِي ربيع أو جمادى سنة إحدى وأربعين، فيسمى عام الجماعة. وقد قيل: إن عام الجماعة كَانَ سنة أربعين، والأول أصح. قَالَ ابْن إِسْحَاق: كَانَ مُعَاوِيَة أميرا عشرين سنة، وخليفة عشرين سنة. وَقَالَ غيره: كانت خلافته تسع عشرة سنة وتسعة أشهر وثمانية وعشرين يوما. وتوفي فِي النصف من رجب سنة ستين بدمشق، ودفن بها، وَهُوَ ابْن ثمان وسبعين سنة. وقيل: ابْن ست وثمانين. قَالَ الْوَلِيد بْن مُسْلِم: مات مُعَاوِيَة فِي رجب سنة ستين، وكانت خلافته تسع عشرة سنة ونصفا.
وَقَالَ غيره: توفي مُعَاوِيَة بدمشق، ودفن بها يَوْم الخميس لثمان بقين من رجب سنة تسع وخمسين، وهو ابن اثنتين سنة، ثمانين سنة، وكانت خلافته تسع عشرة سنة وثلاثة أشهر وعشرين يوما، وَكَانَ يتمثل وَهُوَ قد احتضر:
فهل من خالدٍ إما هلكنا ... وهل بالموت يَا للناس عار
وروى مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن الحكم قَالَ: سمعت الشافعي يَقُول: لما ثقل مُعَاوِيَة كَانَ يَزِيد غائبا، فكتب إِلَيْهِ بحاله، فلما أتاه الرسول أنشأ يَقُول:
جاء البريد بقرطاسٍ يحث بِهِ ... فأوجس القلب من قرطاسه فزعا
قلنا لك الويل ماذا فِي صحيفتكم؟ ... قالوا: الخليفة أمسى مثبتا وجعا
فمادت الأرض أو كادت تميد بنا ... كأن ثهلان من أركانه انقلعا
أودى ابْن هند وأوى المجد يتبعه ... كانا جميعا فظلا يسريان معا
لا يرقع الناس مَا أوهى وإن جهدوا ... أن يرقعوه ولا يوهون مَا رقعا
أغر أبلج يستسقى الغمام بِهِ ... لو قارع الناس عَنْ أحلامهم قرعا
قال الشافعي: البيتان الأخيران للأعشى فلما وصل إِلَيْهِ وجده مغمورا، فأنشأ يقول:
لو عاش حىّ على الدنيا لعاش إما ... م الناس لا عاجز ولا وكل
الحول القلب الأريب ولن ... يدفع وقت المنية الحيل
فأفاق مُعَاوِيَة، وَقَالَ: يَا بني، إِنِّي صحبت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فخرج لحاجةٍ فاتبعته بإداوة، فكساني أحد ثوبيه الَّذِي كَانَ على جلده، فخبأته لهذا اليوم، وأخذ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أظفاره وشعره ذات يَوْم، فأخذته وخبأته لهذا اليوم، فإذا أنا مت فاجعل ذَلِكَ القميص دون كفني مما يلي جلدي، وخذ ذَلِكَ الشعر والأظفار فاجعله فِي فمي، وعلى عيني ومواضع السجود مني، فإن نفع شيء فذاك، وإلا فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَحِيمٌ. 2: 192 وَقَالَ ابْن بكير، عَنِ اللَّيْث: توفي مُعَاوِيَة فِي رجب لأربع ليال بقين منه
سنة ستين، وَقَالَ: إنه أول من جعل ابنه ولي العهد خليفة بعده فِي صحته وَقَالَ الزُّبَيْر: هُوَ أول من اتخذ ديوان الخاتم، وأمر بهدايا النيروز والمهرجان.
واتخذ المقاصير فِي الجوامع وأول من قتل مسلما صبرا حجرا وأصحابه. وأول من أقام على رأسه حرسا. وأول من قيدت بين يديه الجنائب. وأول من اتخذ الخصيان فِي الإسلام وأول من بلغ درجات المنبر خمس عشرة مرقاة.
وَكَانَ يَقُول: أنا أول الملوك.
قَالَ أَبُو عُمَر: رَوَى عَنْهُ من الصحابة طائفة وجماعة من التابعين بالحجاز والشام والعراق. قَالَ الأوزاعي: أدركت خلافة مُعَاوِيَة جماعة من أصحاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم ينتزعوا يدا من طاعةٍ ولا فارقوا جماعةً، وَكَانَ زَيْد بْن ثَابِت يأخذ العطاء من مُعَاوِيَة.
حدثنا خلف بن قاسم، قال: حدثنا عبد الرحمن بن عمر، قال: حدثنا أبو زرعة، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مسهر، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيد بْن عَبْد الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي عبد ربه، قَالَ: رأيت مُعَاوِيَة يصفر لحيته كأنها الذهب.
وَرَوَى ابْن وَهْب، عَنْ مَالِك، قَالَ: قَالَ مُعَاوِيَة: لقد يتفت الشيب كذا وكذا سنة. وله فضيلة جليلة رويت من حديث الشاميين، رواها معاوية ابن صَالِحٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ سَيْفٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي رُهْمٍ السَّمَاعِيِّ- أَنَّهُ سَمِعَ الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: اللَّهمّ عَلِّمْ مُعَاوِيَةَ الْكِتَابَ وَالْحِسَابَ وَقِهِ الْعَذَابَ. رواه عَنْ مُعَاوِيَة بْن صَالِح أَسَد بْن مُوسَى، وعبد الله بْن صَالِح، وعبد الرحمن بْن مهدي، وبشر بْن السري، وغيرهم، إلا أن الْحَارِث بْن زِيَاد مجهول لا يعرف بغير هذا الحديث.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، وَأَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ ابْنِ عباس أن رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ بَعَثَ إِلَى مُعَاوِيَةَ يَكْتُبُ لَهُ.
فَقِيلَ: إِنَّهُ يَأْكُلُ، ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهِ، فَقِيلَ: إِنَّهُ يَأْكُلُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا أَشْبَعَ اللَّهُ بَطْنَهُ- من مسند أَبِي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ. ومن جامع مَعْمَر رواية عَبْد الرَّزَّاقِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَر، عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد بْن عُقَيْل- أن مُعَاوِيَة لما قدم المدينة لقيه أَبُو قَتَادَة الأَنْصَارِيّ، فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَة: يَا أَبَا قَتَادَة؟
تلقاني الناس كلهم غيركم يَا معشر الأنصار! مَا منعكم؟ قَالَ: لم يكن معنا دواب. قال مُعَاوِيَة: فأين النواضح، قَالَ: أَبُو قَتَادَة: عقرناها فِي طلبك، وطلب أبيك يَوْم بدر. قَالَ: نعم يا أبا قَتَادَة: إن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لنا: إنا نرى بعده أثرةً. قَالَ مُعَاوِيَة: فما أمركم عِنْدَ ذَلِكَ؟ قَالَ: أمرنا بالصبر. قَالَ: فاصبروا حَتَّى تلقوه. قَالَ: فقال عبد الرحمن ابن حسان حين بلغه ذلك:
ألا أبلغ مُعَاوِيَة بْن صَخْر ... أمير المؤمنين نثا كلامي
فإنا صابرون ومنظروكم ... إلى يَوْم التغابن والخصام
وَرَوَى ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ أَنَّهُ وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، قَالَ: فَلَمَّا دَخَلْتُ عَلَيْهِ سَلَّمْتُ- قَالَ: فَقَالَ: مَا فعل طعنك على الأئمة يَا مسور؟ قَالَ: قلت: دعنا من هَذَا وأحسن فيما قدمنا لَهُ.
قَالَ: والله لتكلمن بذات نفسك. قَالَ: فلم أدع شيئا أعيبه عَلَيْهِ إلا بينته لَهُ.
فقال: لا أتبرأ من الذنوب، فما لك يَا مسور ذنوب تخاف أن تهلك إن لم يغفرها الله لك قَالَ: فقلت: بلى. قَالَ: فما جعلك أحق أن ترجو المغفرة
مني، فو الله لما ألى من الإصلاح بين الناس وإقامة الحدود والجهاد فِي سبيل الله والأمور العظام التي لست أحصيها ولا تحصيها أكثر مما تلي، وإني لعلي دين يقبل الله فِيهِ الحسنات ويعفو عَنِ السيئات، [والله لعلى ذَلِكَ مَا كنت لا أخير بين الله وبين مَا سواه إلا اخترت الله على مَا سواه. ] قَالَ مسور: ففكرت حين قَالَ مَا قَالَ، فعرفت أَنَّهُ خصمني. قَالَ: فكان إذا ذكر بعد ذَلِكَ دعا لَهُ بالخير.
وَهَذَا الخبر من أصح مَا يروى من حديث ابْن شهاب، رواه عَنْهُ مَعْمَر وجماعة من أصحابه. رَوَى أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هِلالٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قَالَ: قُلْتُ لِلْحَسَنِ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، إِنَّ هَاهُنَا نَاسًا يَشْهَدُونَ عَلَى مُعَاوِيَةَ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ. قَالَ: لَعَنَهُمُ اللَّهُ، وَمَا يُدْرِيهِمْ مَنْ فِي النَّارِ.
قَالَ أَسَدٌ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ. قَالَ:
بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ مَا جَلَدَ سَوْطًا فِي خِلافَتِهِ إِلا رَجُلا شَتَمَ مُعَاوِيَةَ عِنْدَهُ، فَجَلَدَهُ ثَلاثَةَ أَسْوَاطٍ قَالَ أَسَدٌ: وَأَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَزَقَ مُعَاوِيَةَ عَلَى عَمَلِهِ الشَّامَ عَشْرَةَ آلافِ دِينَارٍ كُلَّ سَنَةٍ. قَالَ مُعَاوِيَةُ: أُعِنْتُ عَلَى عَلِيٍّ بِثَلاثٍ: كَانَ رَجُلا رُبَّمَا أَظْهَرَ سِرَّهُ، وَكُنْتُ كَتُومًا لِسِرِّي، وَكَانَ فِي أَخْبَثِ جُنْدٍ، وَأَشَدِّهِ خِلافًا عليه، وكنت في أطوع جند وأقلّه خلاف عَلَيَّ، وَلَمَّا ظَفَرَ بِأَصْحَابِ الْجَمَلِ لَمْ أَشُكُّ أنّ بعض جنده سعيد ذَلِكَ وَهَنًا فِي دِينِهِ، وَلَوْ ظَفَرُوا بِهِ كَانَ وَهَنًا فِي شَوْكَتِهِ، وَمَعَ هَذَا فَكُنْتُ أَحَبَّ إِلَى قُرَيْشٍ مِنْهُ، لأَنِّي كُنْتُ أُعْطِيهِمْ، وَكَانَ يَمْنَعُهُمْ، فَكَمْ سَبَّبَ مِنْ قَاطِعٍ إِلَيَّ ونافر عنه.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=120705&book=5561#d205cb
مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان وَاسم أبي سُفْيَان صَخْر بن حَرْب بن أُميَّة بن عبد شمس بن عبد منَاف وَهُوَ أَخُو يزِيد أَبُو عبد الرَّحْمَن الْقرشِي الْأمَوِي نزل الشَّام وَأمه هِنْد بنت عتبَة بن ربيعَة بن عبد شمس أخرج البُخَارِيّ فِي الْحَج وَالْعلم وَغير مَوضِع عَن بن عَبَّاس وَحميد بن عبد الرَّحْمَن وَعُمَيْر بن هَانِئ وحمدان بن أبان عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ عَمْرو بن عَليّ ولي مُعَاوِيَة يَوْم الْإِثْنَيْنِ لخمس بَقينَ من ربيع الأول سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين فَملك مُعَاوِيَة سبع عشرَة سنة وَثَلَاثَة أشهر واثنتين وَعشْرين لَيْلَة وَتُوفِّي يَوْم الْخَمِيس لثمان بَقينَ من رَجَب سنة سِتِّينَ وَهُوَ بن ثَمَان وَسبعين سنة
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=120705&book=5561#8577b6
مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان واسْمه صَخْر بن حَرْب بن أُميَّة بن عبد شمس بن عبد منَاف وَهُوَ أَخُو يزِيد وَزِيَاد بن سميَّة أَبُو عبد الرَّحْمَن الْقرشِي الْأمَوِي نزل الشَّام وَأمه هِنْد بنت عتبَة بن ربيعَة بن حبيب بن عبد شمس سمع النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم رَوَى عَنهُ ابْن عَبَّاس وَحميد بن عبد الرَّحْمَن وَعُمَيْر بن هَانِئ وحمران بن أَيَّانَ فِي (الْحَج) وَوَلَّى الْخلَافَة حِين سلم الْأَمر إِلَيْهِ الْحسن بن عَلّي وَصَالَحَهُ وَذَلِكَ
فِي شهر ربيع الآخر أَو جُمَادَى الأولَى سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَمَات يَوْم الْخَمِيس لثمان بَقينَ من رَجَب سنة سِتِّينَ قَالَه خَليفَة وَعَمْرو بن عَلّي وَقَالَ عَمْرو هُوَ ابْن ثَمَان وَسبعين سنة وَقَالَ الذهلي قَالَ يَحْيَى مَاتَ لأَرْبَع خلون مِنْهُ وسنه ثَمَان وَسَبْعُونَ سنة وَقَالَ الْوَاقِدِيّ مَاتَ سنة سِتِّينَ لِلنِّصْفِ من رَجَب وَهُوَ ابْن ثَمَان وَسبعين سنة
فِي شهر ربيع الآخر أَو جُمَادَى الأولَى سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَمَات يَوْم الْخَمِيس لثمان بَقينَ من رَجَب سنة سِتِّينَ قَالَه خَليفَة وَعَمْرو بن عَلّي وَقَالَ عَمْرو هُوَ ابْن ثَمَان وَسبعين سنة وَقَالَ الذهلي قَالَ يَحْيَى مَاتَ لأَرْبَع خلون مِنْهُ وسنه ثَمَان وَسَبْعُونَ سنة وَقَالَ الْوَاقِدِيّ مَاتَ سنة سِتِّينَ لِلنِّصْفِ من رَجَب وَهُوَ ابْن ثَمَان وَسبعين سنة
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=120705&book=5561#fbd8dc
ومعاوية بْن أَبِي سفيان: صخر بْن حرب بْن أمية بْن عَبْد شمس بْن عَبْد مناف بْن قصي بْن كلاب، يكنى أبا عَبْد الرَّحْمَنِ :
وأمه: هند بنت عتبة بْن ربيعة بْن عَبْد شمس، أسلم وهو ابْن ثمان عشرة سنة،
وكان يقول: أسلمت عام القضية، ولقيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فوضعت عنده إسلامي، واستكتبه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وولاه عُمَر بْن الخطاب الشام بعد وفاة أخيه يزيد بْن أَبِي سفيان، فلم يزل عليها مدة خلافة عُمَر، وأقره عثمان بْن عفان على عمله، ولما قتل عَلِيّ بْن أبي طالب عليه السّلام سار معاوية من الشام إِلَى العراق فنزل بمسكن ناحية حربي، إِلَى أن وجه إليه الْحَسَن بْن عَلِيّ فصالحه، وقدم معاوية الكوفة فبايع له الْحَسَن بالخلافة وسمي عام الجماعة.
أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عُمَرَ بْنِ بزهان الغزّال قال أنبأنا إسماعيل بن محمّد الصّفّار قال نبأنا عبّاس بن عبد الله الترقفي قال نبأنا أبو مسهر قال نبأنا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عُمَيْرَةَ الْمُزْنِيِّ، قَالَ سَعِيدٌ: وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي مُعَاوِيَةَ: «اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ هَادِيًا وَاهْدِهِ وَاهْدِ بِهِ »
. أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّد الخلال قَالَ نبأنا أحمد بن إبراهيم قال نبأنا أبو أحمد الجريري قال نبأنا أحمد بن الحارث الخزّاز قال نبأنا أَبُو الْحَسَنِ المدائني: في قصة الْحَسَن بْن عَلِيّ لما بايع له الناس بعد قتل عَلِيّ، قَالَ: وأقبل معاوية إِلَى العراق في ستين ألفا. واستخلف على الشام الضحاك بْن قيس الفهري، والحسن مقيم بالكوفة لم يشخصني حتى بلغه أن معاوية قد عبر جسر منبج، فعقد لقيس بْن سعد بْن عبادة على اثني عشر ألفا وودعهم وأوصاهم، فأخذوا على الفرات وقرى الفلوجة وسار قيس إِلَى مسكن، ثم أتى الأخنونية وهي حربي فنزلها، وأقبل معاوية من جسر منبج إِلَى الأخنونية فسار عشرة أيام معه القصاص يقصون في كل يوم، يحضون أهل الشام عند وقت كل صلاة، فقال بعض شعرائهم:
من جسر منبج أضحى غب عاشرة
... في نخل مسكن تتلى حوله السور
قَالَ: ونزل معاوية بإزاء عسكر قيس بْن سعد، وقدم بسر بْن أرطاة إليهم، فكانت بينهم مناوشة ولم تكن قتلى ولا جرحى، ثم تحاجزوا، وساق بقية الحديث.
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أبو بكر بن الحسن الحرشي قال نا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال نبأنا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ خَلِيٍّ الْحِمْصِيُّ قَالَ نبأنا بشر بن شعيب بن حَمْزَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَدِمَ وَافِدًا عَلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ دَعَاهُ فَأَخْلاهُ فَقَالَ: يَا مِسْوَرُ مَا فَعَلَ طَعْنُكَ عَلَى الأَئِمَّةِ؟ فَقَالَ الْمِسْوَرُ: دَعْنَا مِنْ هَذَا وَأَحْسِنْ فيما قدمنا له. قال معاوية: والله لتكلمن بِذَاتِ نَفْسِكَ، وَالَّذِي تَعِيبُ عَلَيَّ. قَالَ الْمِسْوَرُ: فَلَمْ أَتْرُكْ شَيْئًا أَعِيبُهُ عَلَيْهِ إِلا بَيَّنْتُهُ لَهُ. قَالَ مُعَاوِيَةُ: لا بَرِئَ مِنَ الذَّنْبِ، فَهَلْ تَعُدُّ يَا مسور مالي مِنَ الإِصْلاحِ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ، فَإِنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، أَمْ تَعُدُّ الذُّنُوبَ وَتَتْرُكُ الْحَسَنَاتِ.
قَالَ الْمِسْوَرُ: لا وَاللَّهِ مَا نَذْكُرُ إِلا مَا تَرَى مِنْ هَذِهِ الذُّنُوبِ. قَالَ مُعَاوِيَةُ: فَإِنَّا نَعْتَرِفُ لِلَّهِ بِكُلِّ ذَنْبٍ أَذْنَبْنَاهُ، فَهَلْ لَكَ يَا مِسْوَرُ ذُنُوبٌ فِي خَاصَّتِكَ تَخْشَى أَنْ تُهْلِكَكَ إِنْ لَمْ يَغْفِرْهَا اللَّهُ؟ قَالَ مِسْوَرٌ: نَعَمْ، قَالَ مُعَاوِيَةُ: فَمَا يَجْعَلُكَ أَحَقَّ أَنْ تَرْجُو الْمَغْفِرَةَ مِنِّي؟
فو الله لَمَا أَلِي مِنَ الإِصْلاحِ أَكْثَرَ مِمَّا تَلِي، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لا أُخَيَّرُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ، بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ إِلا اخْتَرْتُ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى مَا سِوَاهُ، وَإِنَّا عَلَى دِينٍ يَقْبَلُ اللَّهُ فِيهِ الْعَمَلَ، وَيُجْزِي فِيهِ بِالْحَسَنَاتِ، وَيُجْزِي فِيهِ بِالذُّنُوبِ، إِلا أَنْ يَعْفُوَ عَمَّنْ يَشَاءُ، فَأَنَا أَحْتَسِبُ كُلَّ حَسَنَةٍ عَمِلْتُهَا بِأَضْعَافِهَا، وَأُوَازِي أُمُورًا عِظَامًا لا أُحْصِيهَا وَلا تُحْصِيهَا، مِنْ عمل الله فِي إِقَامَةِ صَلَوَاتِ الْمُسْلِمِينَ، وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالْحُكْمِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى، وَالأُمُورِ الَّتِي لَسْتَ تُحْصِيهَا وَإِنْ عَدَدْتُهَا لَكَ، فَتَفَكَّرْ فِي ذَلِكَ. قَالَ الْمِسْوَرُ: فَعَرَفْتُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ قَدْ خَصَمَنِي حِينَ ذَكَر لِي مَا ذَكَرَ. قَالَ عُرْوَةُ: فَلَمْ يَسْمَعِ الْمِسْوَرُ بعد ذلك يذكر معاوية إلا استغفر له.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن رزق البزار قال نبأنا أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى النيسابوري قَالَ نا أَبُو عَمْرو أَحْمَدُ بْن مُحَمَّدِ بْن أَحْمَد الحيري قراءة عليه [بمكة ] قال نبأنا عثمان بْن سعيد قَالَ سمعت الربيع بْن نافع يقول: معاوية بْن أَبِي سفيان ستر أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإذا كشف الرجل الستر اجترئ على ما وراءه.
وأخبرنا ابن رزق قال نا أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ يَحْيَى الأدميّ البزّار قال:
نبأنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْعَوَّامِ قَالَ نا رَبَاحُ بْنُ الْجَرَّاحِ الْمَوْصِلِيُّ قَالَ سَمِعْتُ رَجُلا يَسْأَلُ الْمُعَافَى بْنَ عِمْرَانَ فَقَالَ: يَا أَبَا مَسْعُودٍ أَيْنَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِنْ معاوية ابن أَبِي سُفْيَانَ؟ فَغَضِبَ مِنْ ذَلِكَ غَضَبًا شَدِيدًا، وَقَالَ: لا يُقَاسُ بِأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدٌ، مُعَاوِيَةُ صَاحِبُهُ وَصِهْرُهُ وَكَاتِبُهُ وَأَمِينُهُ عَلَى وَحْيِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعُوا لِي أَصْحَابِي وَأَصْهَارِي فَمَنْ سَبَّهُمْ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ »
. أَخْبَرَنَا ابْن الفضل قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جعفر بن درستويه قال نبأنا يعقوب بن سفيان قال نا ابْن بكير عَنِ الليث بْن سعد قَالَ: بويع معاوية بإيليا في رمضان بيعة الجماعة، ودخل الكوفة سنة أربعين.
قال الشيخ أبو بكر: هذه البيعة كانت بيعة أهل الشام لمعاوية عند مقتل على عليه السّلام، وذلك في سنة أربعين، وأما دخوله الكوفة واتفاقه مع الحسن بن على عليهما السّلام فإنما كان ذلك في سنة إحدى وأربعين.
أخبرنا علي بن أحمد بن عمر المقرئ قال: أنبأنا علي بن أحمد بن أبي قيس الرَّفَّاء قال نا أبو بكر بن أبي الدّنيا قال نبأنا سعيد بْن يَحْيَى عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن سعيد عن زياد ابن عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْن إِسْحَاقَ، قَالَ: بويع معاوية بالخلافة في شهر ربيع الأول سنة إحدى وأربعين.
أَخْبَرَنَا ابْن الفضل قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن جعفر قال نبأنا يعقوب بن سفيان قال نبأنا يَحْيَى بْن عَبْدِ اللَّهِ بْن بكير عَنِ الليث، قَالَ: توفي معاوية في رجب لأربع ليال خلت منه سنة ستين، فكانت مدة خلافته عشرين سنة وخمسة أشهر.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ رِزْقٍ قال نا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ خمي قال نبأنا محمّد بن شاذان الجوهريّ قال نا عمرو بن حكام قال نا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ الْبَجَلِيِّ عَنْ جَرِيرٍ الْبَجَلِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ يَخْطُبُ، فَقَالَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ، وَأَبُو بَكْرٍ وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ، وَعُمَرُ وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ، وَأَنَا ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ. وَلَكِنَّهُ عُمِّرَ بَعْدَهَا حَتَّى بَلَغَ الثَّمَانِينَ.
وأمه: هند بنت عتبة بْن ربيعة بْن عَبْد شمس، أسلم وهو ابْن ثمان عشرة سنة،
وكان يقول: أسلمت عام القضية، ولقيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فوضعت عنده إسلامي، واستكتبه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وولاه عُمَر بْن الخطاب الشام بعد وفاة أخيه يزيد بْن أَبِي سفيان، فلم يزل عليها مدة خلافة عُمَر، وأقره عثمان بْن عفان على عمله، ولما قتل عَلِيّ بْن أبي طالب عليه السّلام سار معاوية من الشام إِلَى العراق فنزل بمسكن ناحية حربي، إِلَى أن وجه إليه الْحَسَن بْن عَلِيّ فصالحه، وقدم معاوية الكوفة فبايع له الْحَسَن بالخلافة وسمي عام الجماعة.
أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عُمَرَ بْنِ بزهان الغزّال قال أنبأنا إسماعيل بن محمّد الصّفّار قال نبأنا عبّاس بن عبد الله الترقفي قال نبأنا أبو مسهر قال نبأنا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عُمَيْرَةَ الْمُزْنِيِّ، قَالَ سَعِيدٌ: وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي مُعَاوِيَةَ: «اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ هَادِيًا وَاهْدِهِ وَاهْدِ بِهِ »
. أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّد الخلال قَالَ نبأنا أحمد بن إبراهيم قال نبأنا أبو أحمد الجريري قال نبأنا أحمد بن الحارث الخزّاز قال نبأنا أَبُو الْحَسَنِ المدائني: في قصة الْحَسَن بْن عَلِيّ لما بايع له الناس بعد قتل عَلِيّ، قَالَ: وأقبل معاوية إِلَى العراق في ستين ألفا. واستخلف على الشام الضحاك بْن قيس الفهري، والحسن مقيم بالكوفة لم يشخصني حتى بلغه أن معاوية قد عبر جسر منبج، فعقد لقيس بْن سعد بْن عبادة على اثني عشر ألفا وودعهم وأوصاهم، فأخذوا على الفرات وقرى الفلوجة وسار قيس إِلَى مسكن، ثم أتى الأخنونية وهي حربي فنزلها، وأقبل معاوية من جسر منبج إِلَى الأخنونية فسار عشرة أيام معه القصاص يقصون في كل يوم، يحضون أهل الشام عند وقت كل صلاة، فقال بعض شعرائهم:
من جسر منبج أضحى غب عاشرة
... في نخل مسكن تتلى حوله السور
قَالَ: ونزل معاوية بإزاء عسكر قيس بْن سعد، وقدم بسر بْن أرطاة إليهم، فكانت بينهم مناوشة ولم تكن قتلى ولا جرحى، ثم تحاجزوا، وساق بقية الحديث.
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أبو بكر بن الحسن الحرشي قال نا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال نبأنا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ خَلِيٍّ الْحِمْصِيُّ قَالَ نبأنا بشر بن شعيب بن حَمْزَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَدِمَ وَافِدًا عَلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ دَعَاهُ فَأَخْلاهُ فَقَالَ: يَا مِسْوَرُ مَا فَعَلَ طَعْنُكَ عَلَى الأَئِمَّةِ؟ فَقَالَ الْمِسْوَرُ: دَعْنَا مِنْ هَذَا وَأَحْسِنْ فيما قدمنا له. قال معاوية: والله لتكلمن بِذَاتِ نَفْسِكَ، وَالَّذِي تَعِيبُ عَلَيَّ. قَالَ الْمِسْوَرُ: فَلَمْ أَتْرُكْ شَيْئًا أَعِيبُهُ عَلَيْهِ إِلا بَيَّنْتُهُ لَهُ. قَالَ مُعَاوِيَةُ: لا بَرِئَ مِنَ الذَّنْبِ، فَهَلْ تَعُدُّ يَا مسور مالي مِنَ الإِصْلاحِ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ، فَإِنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، أَمْ تَعُدُّ الذُّنُوبَ وَتَتْرُكُ الْحَسَنَاتِ.
قَالَ الْمِسْوَرُ: لا وَاللَّهِ مَا نَذْكُرُ إِلا مَا تَرَى مِنْ هَذِهِ الذُّنُوبِ. قَالَ مُعَاوِيَةُ: فَإِنَّا نَعْتَرِفُ لِلَّهِ بِكُلِّ ذَنْبٍ أَذْنَبْنَاهُ، فَهَلْ لَكَ يَا مِسْوَرُ ذُنُوبٌ فِي خَاصَّتِكَ تَخْشَى أَنْ تُهْلِكَكَ إِنْ لَمْ يَغْفِرْهَا اللَّهُ؟ قَالَ مِسْوَرٌ: نَعَمْ، قَالَ مُعَاوِيَةُ: فَمَا يَجْعَلُكَ أَحَقَّ أَنْ تَرْجُو الْمَغْفِرَةَ مِنِّي؟
فو الله لَمَا أَلِي مِنَ الإِصْلاحِ أَكْثَرَ مِمَّا تَلِي، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لا أُخَيَّرُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ، بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ إِلا اخْتَرْتُ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى مَا سِوَاهُ، وَإِنَّا عَلَى دِينٍ يَقْبَلُ اللَّهُ فِيهِ الْعَمَلَ، وَيُجْزِي فِيهِ بِالْحَسَنَاتِ، وَيُجْزِي فِيهِ بِالذُّنُوبِ، إِلا أَنْ يَعْفُوَ عَمَّنْ يَشَاءُ، فَأَنَا أَحْتَسِبُ كُلَّ حَسَنَةٍ عَمِلْتُهَا بِأَضْعَافِهَا، وَأُوَازِي أُمُورًا عِظَامًا لا أُحْصِيهَا وَلا تُحْصِيهَا، مِنْ عمل الله فِي إِقَامَةِ صَلَوَاتِ الْمُسْلِمِينَ، وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالْحُكْمِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى، وَالأُمُورِ الَّتِي لَسْتَ تُحْصِيهَا وَإِنْ عَدَدْتُهَا لَكَ، فَتَفَكَّرْ فِي ذَلِكَ. قَالَ الْمِسْوَرُ: فَعَرَفْتُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ قَدْ خَصَمَنِي حِينَ ذَكَر لِي مَا ذَكَرَ. قَالَ عُرْوَةُ: فَلَمْ يَسْمَعِ الْمِسْوَرُ بعد ذلك يذكر معاوية إلا استغفر له.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن رزق البزار قال نبأنا أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى النيسابوري قَالَ نا أَبُو عَمْرو أَحْمَدُ بْن مُحَمَّدِ بْن أَحْمَد الحيري قراءة عليه [بمكة ] قال نبأنا عثمان بْن سعيد قَالَ سمعت الربيع بْن نافع يقول: معاوية بْن أَبِي سفيان ستر أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإذا كشف الرجل الستر اجترئ على ما وراءه.
وأخبرنا ابن رزق قال نا أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ يَحْيَى الأدميّ البزّار قال:
نبأنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْعَوَّامِ قَالَ نا رَبَاحُ بْنُ الْجَرَّاحِ الْمَوْصِلِيُّ قَالَ سَمِعْتُ رَجُلا يَسْأَلُ الْمُعَافَى بْنَ عِمْرَانَ فَقَالَ: يَا أَبَا مَسْعُودٍ أَيْنَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِنْ معاوية ابن أَبِي سُفْيَانَ؟ فَغَضِبَ مِنْ ذَلِكَ غَضَبًا شَدِيدًا، وَقَالَ: لا يُقَاسُ بِأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدٌ، مُعَاوِيَةُ صَاحِبُهُ وَصِهْرُهُ وَكَاتِبُهُ وَأَمِينُهُ عَلَى وَحْيِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعُوا لِي أَصْحَابِي وَأَصْهَارِي فَمَنْ سَبَّهُمْ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ »
. أَخْبَرَنَا ابْن الفضل قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جعفر بن درستويه قال نبأنا يعقوب بن سفيان قال نا ابْن بكير عَنِ الليث بْن سعد قَالَ: بويع معاوية بإيليا في رمضان بيعة الجماعة، ودخل الكوفة سنة أربعين.
قال الشيخ أبو بكر: هذه البيعة كانت بيعة أهل الشام لمعاوية عند مقتل على عليه السّلام، وذلك في سنة أربعين، وأما دخوله الكوفة واتفاقه مع الحسن بن على عليهما السّلام فإنما كان ذلك في سنة إحدى وأربعين.
أخبرنا علي بن أحمد بن عمر المقرئ قال: أنبأنا علي بن أحمد بن أبي قيس الرَّفَّاء قال نا أبو بكر بن أبي الدّنيا قال نبأنا سعيد بْن يَحْيَى عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن سعيد عن زياد ابن عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْن إِسْحَاقَ، قَالَ: بويع معاوية بالخلافة في شهر ربيع الأول سنة إحدى وأربعين.
أَخْبَرَنَا ابْن الفضل قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن جعفر قال نبأنا يعقوب بن سفيان قال نبأنا يَحْيَى بْن عَبْدِ اللَّهِ بْن بكير عَنِ الليث، قَالَ: توفي معاوية في رجب لأربع ليال خلت منه سنة ستين، فكانت مدة خلافته عشرين سنة وخمسة أشهر.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ رِزْقٍ قال نا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ خمي قال نبأنا محمّد بن شاذان الجوهريّ قال نا عمرو بن حكام قال نا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ الْبَجَلِيِّ عَنْ جَرِيرٍ الْبَجَلِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ يَخْطُبُ، فَقَالَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ، وَأَبُو بَكْرٍ وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ، وَعُمَرُ وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ، وَأَنَا ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ. وَلَكِنَّهُ عُمِّرَ بَعْدَهَا حَتَّى بَلَغَ الثَّمَانِينَ.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=143462&book=5561#0b66d2
معاوية بن صخر بن أبي سفيان
ب د ع: معاوية بْن صخر بْن حرب بْن أمية بْن عبد شمس بْن عبد مناف القرشي الأموي، وهو معاوية بْن أَبِي سفيان، وأمه هند بنت عتبة بْن ربيعة بْن عبد شمس يجتمع أبوه وأمه فِي عبد شمس، وكنيته أَبُو عبد الرحمن.
أسلم هُوَ وأبوه وأخوه يزيد وأمه هند فِي الفتح، وَكَانَ معاوية يقول: إنه أسلم عام القضية، وَإِنه لقي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسلما وكتم إسلامه من أبيه وأمه.
وشهد مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حنينا، وأعطاه من غنائم هوازن مائة بعير، وأربعين أوقية، وَكَانَ هُوَ وأبوه من المؤلفة قلوبهم، وحسن إسلامهما، وكتب لرسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سير أَبُو بكر رضي اللَّه عَنْهُ الجيوش إِلَى الشام سار معاوية مع أخيه يزيد بْن أَبِي سفيان، فلما مات يزيد استخلفه عَلَى عمله بالشام وهو دمشق، فلما بلغ خبر وفاة يزيد إِلَى عمر، قَالَ لأبي سفيان: " أحسن اللَّه عزاءك فِي يزيد، رَحِمَهُ اللَّه، فقال لَهُ أَبُو سفيان: من وليت مكانه؟ قَالَ: أخاه معاوية، قَالَ: وصلتك رحم يا أمير الْمُؤْمِنِين ".
(1550) أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادِهِمْ، إِلَى أَبِي عِيسَى، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حدثنا أَبُو مُسْهِرٍ، عن سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عن رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرَةَ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِمُعَاوِيَةَ: " اللَّهُمَّ، اجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا، وَاهْدِ بِهِ "
(1551) قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَبُو عِيسَى، حدثنا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَهُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عن الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ خَطَبَ بِالْمَدِينَةِ، فَقَالَ: أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ يَأَهْلَ الْمَدِينَةِ؟ ! سمعت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عن هَذِهِ الْقِصَّةِ وَيَقُولُ: " إِنَّمَا هَلَكَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ حِينَ اتَّخَذَهَا نِسَاؤُهُمْ " وقال ابن عباس: معاوية فقيه.
وقال ابن عمر: ما رأيت أحدا بعد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أسود من معاوية، فقيل لَهُ: أَبُو بكر، وعمر، وعثمان، وَعَليّ؟ فقال: " كانوا والله خيرا من معاوية وأفضل، ومعاوية أسود ".
ولما دخل عمر بْن الخطاب رضي اللَّه عَنْهُ الشام ورأى معاوية، قَالَ: هَذَا كسرى العرب.
(1552) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ مَحْمُودٍ، وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادِهِمَا، عن مُسْلِمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَاللَّفْظُ لابْنِ مُثَنَّى، حدثنا أُمَيَّةُ بْنُ خَالِدٍ، حدثنا شُعْبَةُ، عن أَبِي حَمْزَةَ الْقَصَّابِ، عن ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كُنْتُ أَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَوَارَيْتُ خَلْفَ بَابٍ، قَالَ: فَجَاءَ فَحَطَأَنِي حَطْأَةً، وَقَالَ: " اذْهَبْ فَادْعُ لِي مُعَاوِيَةُ "، قَالَ: فَجِئْتُ فَقُلْتُ: هُوَ يَأْكُلُ، ثُمَّ قَالَ: " اذْهَبْ، فَادْعُ لِي مُعَاوِيَةُ "، قَالَ: فَجِئْتُ فَقُلْتُ: هُوَ يَأْكُلُ، فَقَالَ: " لا أَشْبَعَ اللَّهُ بَطْنَهُ ".
أَخْرَجَ مُسْلِمٌ هَذَا الْحَدِيثَ بِعَيْنِهِ لِمُعَاوِيَةَ وَأَتْبَعَهُ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنِّي اشْتَرَطْتُ عَلَى رَبِّي فَقُلْتُ: إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، أَرْضَى كَمَا يَرْضَى الْبَشَرُ، وَأَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُ الْبَشَرُ، فَأَيُّمَا أَحَدٍ دَعَوْتُ عَلَيْهِ مِنْ أُمَّتِي بِدَعْوَةٍ أَنْ يَجْعَلَهَا لَهُ طَهُورًا وَزَكَاةً وَقُرْبَةً يُقَرِّبُهُ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ". ولم يزل واليا عَلَى ما كَانَ أخوه يتولاه بالشام خلافة عمر، فلما استخلف عثمان جمع لَهُ الشام جميعه، ولم يزل كذلك إِلَى أن قتل عثمان، فانفرد بالشام، ولم يبايع عَلَيْا، وأظهر الطلب بدم عثمان، فكان وقعة صفين بينه وبين عَليّ، وهي مشهورة، وقد استقصينا ذَلِكَ فِي كتابنا الكامل فِي التاريخ.
ثُمَّ لِمَا قتل عَليّ واستخلف الْحَسَن بْن عَليّ سار معاوية إِلَى العراق، وسار إليه الْحَسَن بْن عَليّ، فلما رَأَى الْحَسَن الفتنة وأن الأمر عظيم تراق فِيهِ الدماء، ورأى اختلاف أهل العراق، سلم الأمر إِلَى معاوية، وعاد إِلَى المدينة، وتسلم معاوية العراق، وأتى الكوفة فبايعه الناس، واجتمعوا عَلَيْهِ، فسمي عام الجماعة، فبقي خليفة عشرين سنة، وأميرا عشرين سنة، لأنه ولي دمشق أربع سنين من خلاف عمر، واثنتي عشرة سنة خلافة عثمان مع ما أضاف إليه من باقي الشام، وأربع سنين تقريبا أيام خلافة عَليّ، وستة أشهر خلافة الْحَسَن، وسلم إليه الْحَسَن الخلافة سنة إحدى وأربعين، وقيل: سنة أربعين، والأول أصح.
وتوفي معاوية النصف من رجب سنة ستين، وهو ابن ثمان وسبعين سنة، وقيل: ابن ست وثمانين سنة، وقيل: توفي يَوْم الخميس لثمان بقين من رجب سنة تسع وخمسين، وهو ابن اثنتين وثمانين سنة.
والأصح فِي وفاته أنها سنة ستين.
ولما مرض كَانَ ابنه يزيد غائبا، ولما حضره الموت أوصى أن يكفن فِي قميص كَانَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد كساه إياه، وأن يجعل مما يلي جسده، وَكَانَ عنده قلامة أظفار رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأوصى أن تسحق وتجعل فِي عينيه وفمه، وقال: افعلوا ذَلِكَ، وخلوا بيني وبين أرحم الراحمين.
ولما نزل بِهِ الموت قَالَ: ليتني كنت رجلا من قريش بذي طوى، وأني لَمْ أل من هَذَا الأمر شيئا.
ولما مات أخذ الضحاك بْن قيس أكفانه، وصعد المنبر وخطب الناس وقال: إن أمير الْمُؤْمِنِين معاوية كَانَ حد العرب، وعود العرب، قطع اللَّه بِهِ الفتنة، وملكه عَلَى العباد، وسير جنوده فِي البر والبحر، وَكَانَ عبدا من عُبَيْد اللَّه، دعاه فأجابه، وقد قضى نحبه، وهذه أكفانه فنحن مدرجوه، ومدخلوه قبره، ومخلوه وعمله فيما بينه وبين ربه، إن شاء رحمه، وَإِن شاء عذبه.
وصلى عَلَيْهِ الضحاك، وَكَانَ يزيد غائبا بحوارين، فلما ثقل معاوية أرسل إليه الضحاك، فقدم وقد مات معاوية، فقال:
جاء البريد بقرطاس بحث بِهِ فأوجس القلب من قرطاسه فزعا
قلنا: لك الويل! ماذا فِي صحيفتكم؟ قالوا: الخليفة أمسى مثبتا وجعا
وهي أكثر من هَذَا.
وَكَانَ معاوية أبيض جميلا، إذا ضحك انقلبت شفته العليا، وَكَانَ يخضب.
روى عَنْهُ جماعة من الصحابة: ابن عباس، والخدري، وَأَبُو الدرداء، وجرير، والنعمان بْن بشير، وابن عمر، وابن الزبير، وغيرهم.
ومن التابعين: أَبُو سلمة، وحميد ابنا عبد الرحمن، وعروة، وسالم، وعلقمة بْن وقاص، وابن سيرين، والقاسم بْن مُحَمَّد، وغيرهم.
روي عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: ما زلت أطمع فِي الخلافة مذ قَالَ لي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن وليت فأحسن ".
وروي عبد الرحمن بْن أبزى، عن عمر، أَنَّهُ قَالَ: هَذَا الأمر فِي أهل بدر ما بقي منهم أحد، ثُمَّ فِي أهل أحد ما بقي منهم أحد، ثُمَّ فِي كذا وكذا، وليس فيها لطليق، ولا لولد طليق، ولا لمسلمة الفتح شيء.
أخرجه الثلاثة.
ب د ع: معاوية بْن صخر بْن حرب بْن أمية بْن عبد شمس بْن عبد مناف القرشي الأموي، وهو معاوية بْن أَبِي سفيان، وأمه هند بنت عتبة بْن ربيعة بْن عبد شمس يجتمع أبوه وأمه فِي عبد شمس، وكنيته أَبُو عبد الرحمن.
أسلم هُوَ وأبوه وأخوه يزيد وأمه هند فِي الفتح، وَكَانَ معاوية يقول: إنه أسلم عام القضية، وَإِنه لقي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسلما وكتم إسلامه من أبيه وأمه.
وشهد مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حنينا، وأعطاه من غنائم هوازن مائة بعير، وأربعين أوقية، وَكَانَ هُوَ وأبوه من المؤلفة قلوبهم، وحسن إسلامهما، وكتب لرسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سير أَبُو بكر رضي اللَّه عَنْهُ الجيوش إِلَى الشام سار معاوية مع أخيه يزيد بْن أَبِي سفيان، فلما مات يزيد استخلفه عَلَى عمله بالشام وهو دمشق، فلما بلغ خبر وفاة يزيد إِلَى عمر، قَالَ لأبي سفيان: " أحسن اللَّه عزاءك فِي يزيد، رَحِمَهُ اللَّه، فقال لَهُ أَبُو سفيان: من وليت مكانه؟ قَالَ: أخاه معاوية، قَالَ: وصلتك رحم يا أمير الْمُؤْمِنِين ".
(1550) أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادِهِمْ، إِلَى أَبِي عِيسَى، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حدثنا أَبُو مُسْهِرٍ، عن سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عن رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرَةَ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِمُعَاوِيَةَ: " اللَّهُمَّ، اجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا، وَاهْدِ بِهِ "
(1551) قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَبُو عِيسَى، حدثنا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَهُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عن الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ خَطَبَ بِالْمَدِينَةِ، فَقَالَ: أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ يَأَهْلَ الْمَدِينَةِ؟ ! سمعت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عن هَذِهِ الْقِصَّةِ وَيَقُولُ: " إِنَّمَا هَلَكَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ حِينَ اتَّخَذَهَا نِسَاؤُهُمْ " وقال ابن عباس: معاوية فقيه.
وقال ابن عمر: ما رأيت أحدا بعد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أسود من معاوية، فقيل لَهُ: أَبُو بكر، وعمر، وعثمان، وَعَليّ؟ فقال: " كانوا والله خيرا من معاوية وأفضل، ومعاوية أسود ".
ولما دخل عمر بْن الخطاب رضي اللَّه عَنْهُ الشام ورأى معاوية، قَالَ: هَذَا كسرى العرب.
(1552) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ مَحْمُودٍ، وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادِهِمَا، عن مُسْلِمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَاللَّفْظُ لابْنِ مُثَنَّى، حدثنا أُمَيَّةُ بْنُ خَالِدٍ، حدثنا شُعْبَةُ، عن أَبِي حَمْزَةَ الْقَصَّابِ، عن ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كُنْتُ أَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَوَارَيْتُ خَلْفَ بَابٍ، قَالَ: فَجَاءَ فَحَطَأَنِي حَطْأَةً، وَقَالَ: " اذْهَبْ فَادْعُ لِي مُعَاوِيَةُ "، قَالَ: فَجِئْتُ فَقُلْتُ: هُوَ يَأْكُلُ، ثُمَّ قَالَ: " اذْهَبْ، فَادْعُ لِي مُعَاوِيَةُ "، قَالَ: فَجِئْتُ فَقُلْتُ: هُوَ يَأْكُلُ، فَقَالَ: " لا أَشْبَعَ اللَّهُ بَطْنَهُ ".
أَخْرَجَ مُسْلِمٌ هَذَا الْحَدِيثَ بِعَيْنِهِ لِمُعَاوِيَةَ وَأَتْبَعَهُ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنِّي اشْتَرَطْتُ عَلَى رَبِّي فَقُلْتُ: إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، أَرْضَى كَمَا يَرْضَى الْبَشَرُ، وَأَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُ الْبَشَرُ، فَأَيُّمَا أَحَدٍ دَعَوْتُ عَلَيْهِ مِنْ أُمَّتِي بِدَعْوَةٍ أَنْ يَجْعَلَهَا لَهُ طَهُورًا وَزَكَاةً وَقُرْبَةً يُقَرِّبُهُ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ". ولم يزل واليا عَلَى ما كَانَ أخوه يتولاه بالشام خلافة عمر، فلما استخلف عثمان جمع لَهُ الشام جميعه، ولم يزل كذلك إِلَى أن قتل عثمان، فانفرد بالشام، ولم يبايع عَلَيْا، وأظهر الطلب بدم عثمان، فكان وقعة صفين بينه وبين عَليّ، وهي مشهورة، وقد استقصينا ذَلِكَ فِي كتابنا الكامل فِي التاريخ.
ثُمَّ لِمَا قتل عَليّ واستخلف الْحَسَن بْن عَليّ سار معاوية إِلَى العراق، وسار إليه الْحَسَن بْن عَليّ، فلما رَأَى الْحَسَن الفتنة وأن الأمر عظيم تراق فِيهِ الدماء، ورأى اختلاف أهل العراق، سلم الأمر إِلَى معاوية، وعاد إِلَى المدينة، وتسلم معاوية العراق، وأتى الكوفة فبايعه الناس، واجتمعوا عَلَيْهِ، فسمي عام الجماعة، فبقي خليفة عشرين سنة، وأميرا عشرين سنة، لأنه ولي دمشق أربع سنين من خلاف عمر، واثنتي عشرة سنة خلافة عثمان مع ما أضاف إليه من باقي الشام، وأربع سنين تقريبا أيام خلافة عَليّ، وستة أشهر خلافة الْحَسَن، وسلم إليه الْحَسَن الخلافة سنة إحدى وأربعين، وقيل: سنة أربعين، والأول أصح.
وتوفي معاوية النصف من رجب سنة ستين، وهو ابن ثمان وسبعين سنة، وقيل: ابن ست وثمانين سنة، وقيل: توفي يَوْم الخميس لثمان بقين من رجب سنة تسع وخمسين، وهو ابن اثنتين وثمانين سنة.
والأصح فِي وفاته أنها سنة ستين.
ولما مرض كَانَ ابنه يزيد غائبا، ولما حضره الموت أوصى أن يكفن فِي قميص كَانَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد كساه إياه، وأن يجعل مما يلي جسده، وَكَانَ عنده قلامة أظفار رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأوصى أن تسحق وتجعل فِي عينيه وفمه، وقال: افعلوا ذَلِكَ، وخلوا بيني وبين أرحم الراحمين.
ولما نزل بِهِ الموت قَالَ: ليتني كنت رجلا من قريش بذي طوى، وأني لَمْ أل من هَذَا الأمر شيئا.
ولما مات أخذ الضحاك بْن قيس أكفانه، وصعد المنبر وخطب الناس وقال: إن أمير الْمُؤْمِنِين معاوية كَانَ حد العرب، وعود العرب، قطع اللَّه بِهِ الفتنة، وملكه عَلَى العباد، وسير جنوده فِي البر والبحر، وَكَانَ عبدا من عُبَيْد اللَّه، دعاه فأجابه، وقد قضى نحبه، وهذه أكفانه فنحن مدرجوه، ومدخلوه قبره، ومخلوه وعمله فيما بينه وبين ربه، إن شاء رحمه، وَإِن شاء عذبه.
وصلى عَلَيْهِ الضحاك، وَكَانَ يزيد غائبا بحوارين، فلما ثقل معاوية أرسل إليه الضحاك، فقدم وقد مات معاوية، فقال:
جاء البريد بقرطاس بحث بِهِ فأوجس القلب من قرطاسه فزعا
قلنا: لك الويل! ماذا فِي صحيفتكم؟ قالوا: الخليفة أمسى مثبتا وجعا
وهي أكثر من هَذَا.
وَكَانَ معاوية أبيض جميلا، إذا ضحك انقلبت شفته العليا، وَكَانَ يخضب.
روى عَنْهُ جماعة من الصحابة: ابن عباس، والخدري، وَأَبُو الدرداء، وجرير، والنعمان بْن بشير، وابن عمر، وابن الزبير، وغيرهم.
ومن التابعين: أَبُو سلمة، وحميد ابنا عبد الرحمن، وعروة، وسالم، وعلقمة بْن وقاص، وابن سيرين، والقاسم بْن مُحَمَّد، وغيرهم.
روي عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: ما زلت أطمع فِي الخلافة مذ قَالَ لي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن وليت فأحسن ".
وروي عبد الرحمن بْن أبزى، عن عمر، أَنَّهُ قَالَ: هَذَا الأمر فِي أهل بدر ما بقي منهم أحد، ثُمَّ فِي أهل أحد ما بقي منهم أحد، ثُمَّ فِي كذا وكذا، وليس فيها لطليق، ولا لولد طليق، ولا لمسلمة الفتح شيء.
أخرجه الثلاثة.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=69471&book=5561#2e2d89
مُعَاوِيَة بن صَالح كَانَ يحيى بن سعيد لَا يرضاه وَقَالَ الرَّازِيّ لَا يحْتَج بِهِ وَقَالَ الْأَزْدِيّ ضَعِيف
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=69471&book=5561#26d2cf
مُعَاوِيَة بن صَالح
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=69471&book=5561#6735c3
- ومعاوية بن صالح. حضرمي.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=69471&book=5561#57981b
معاوية بْن صَالِح حمصي قاضي أندلس، يُكَنَّى أبا عُمَر.
حَدَّثَنَا مُحَمد بْن حفص أَبُو صَالِح الفارسي ببعلبك، حَدَّثَنا مُحَمد بْن عوف، قَالَ: سَمِعْتُ يَزِيد بْن عَبد ربه يَقُول خرج مُعَاوِيَة بْن صَالِح من حمص سنة خمسين وعشرين ومِئَة، وَهو شاب فسار إِلَى المغرب فولي قضاءهم.
قال وسمعتُ أَبَا صَالِح سنة سبع عشر أو سنة عشرين يَقُول مر بنا مُعَاوِيَة بْن صَالِح حاجا سنة أربع وخمسين فكتب عَنْهُ الثَّوْريّ وأهل مصر وأهل المدينة.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْمَدَائِنِيُّ، حَدَّثَنا اللَّيْثُ بْنُ عَبْدَةَ، قَال: قَال يَحْيى بْن مَعِين كَانَ ابْن مهدي إِذَا حدث بحديث مُعَاوِيَة بْن صَالِح زبره يَحْيى بْن سَعِيد وَقَالَ إيش هَذِهِ الأحاديث وكان ابْن مهدي لا يبالي عمن روى ويحيى ثقة في حديثه.
حَدَّثَنَا ابن حماد، حَدَّثَنا عباس، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيى يقول: كَانَ يَحْيى بْن سَعِيد لا يرضى معاوية بن صَالِح.
حَدَّثَنَا ابْن حَمَّاد، حَدَّثني صالح، حَدَّثَنا علي، قالَ: سَألتُ يَحْيى بْن سَعِيد عن مُعَاوِيَة بْن صَالِح فَقَالَ ما كنا نأخذ عَنْهُ ذلك الزمان، ولاَ حرفا.
حَدَّثَنَا الجنيدي، حَدَّثَنا البُخارِيّ، حَدَّثَنا يَحْيى قال عَبد الرَّحْمَن يوثق مُعَاوِيَة بْن صَالِح أَبُو عُمَر الحمصي قاضي أندلس.
قال الشَّيْخ: حَدَّثَنا عن حميد بْن زَنْجَوَيْهِ، قالَ: قُلتُ لعلي بْن المديني إنك تطلب الغرائب فأت عَبد اللَّه بْن صَالِح واكتب كتاب مُعَاوِيَة بْن صالح تستفيد مِئَتَي حديث.
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مروان، حَدَّثَنا رجاء بن سهل، حَدَّثَنا حماد بن خالد الخياط
، حَدَّثَنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَن أَبِي الزاهرية قَال: مَا رأيتُ قوما أعجب من أصحاب الحديث يأتون من غير أن يدعوا ويزورون من غير شوق ويبرمون بالمساءلة يملون بطول الجلوس، وأَبُو الزاهرية اسمه حدير بْن كريب.
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْغَزِّيُّ، حَدَّثَنا أحمد بن صالح، حَدَّثَنا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ صَالِحٍ يَقُولُ، حَدَّثني نُعَيْمُ بْنُ زِيَادٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا كَبْشَةَ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وسَلَّم قَال: الْخَيْلُ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ وَأَهْلُهَا مُعَانُونَ عَلَيْهَا وَالْمُنْفِقُ عَلَيْهَا كَالْبَاسِطِ يده بالصدقة.
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنُ عَمْرو بْنِ ثَوْرٍ الزَّوْفِيُّ بِمِصْرَ، حَدَّثَنا أحمد بن صالح، حَدَّثَنا ابن وهب، حَدَّثَنا مُعَاوِيَةُ عَنْ يُوسُفَ بْنِ سَيْفٍ، عَن أَبِي رَاشِدٍ الْحُبْرَانِيُّ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ غُضَيْفٍ قَال: مَا نَسِيتُ مَعَ مَا نَسِيتُ مِنَ الأَشْيَاءِ أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاضِعًا يَمِينُهُ عَلَى شِمَالِهِ فِي الصَّلاةِ.
وَأَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَمْرو بْنِ ثور الزوفي بمصر، حَدَّثَنا أحمد بن صالح، حَدَّثَنا ابن وهب، حَدَّثَنا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبد الْوَهَّابِ بْنِ بُخْتٍ، عَن أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وسَلَّم قَال: إِذَا لَقِيَ أَحَدُكُمُ الْمُسْلِمَ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ فَإِنْ حَالَتْ بَيْنَهُمَا شَجَرَةٌ أَوْ جِدَارٌ ثُمَّ لَقِيَهُ فَلْيُسَلِّمْ عليه.
حَدَّثَنَا إبراهيم، حَدَّثَنا أحمد بن وهب، حَدَّثَنا مُعَاوِيَةُ عَنْ عَبد الْوَهَّابِ بْنِ بُخْتٍ، عَن أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْخَمْرَ وَثَمَنَهَا وَحَرَّمَ الْمَيْتَةَ وَثَمَنَهَا وحرم الخنزير وثمنه.
حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمد بْنِ العباس، حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ بإسنادِه، نَحوه، وعند بن وَهب، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ مَشَايِخِهِ كِتَابٌ وَنُسْخَةٌ طَوِيلَةٌ.
حَدَّثَنَا بِذَلِكَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَمْرو الزَّوْفِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ، عنِ ابن وهب، حَدَّثَنا
عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبد الرحمن، حَدَّثَنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، أَخْبَرنا عَبد الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ عَبد اللَّهِ بْنِ أَبِي قَيْسٍ، قالَ: سَألتُ عَائِشَةَ بِكَمْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ يُوتِرُ فَقَالَتْ بِأَرْبَعٍ وَثَلاثٍ وَسِتٍّ وَثَلاثٍ وَثَمَانٍ وَثَلاثَ عَشَرَ وَلَمْ يَكُنْ يُوتِرُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلاثَ عَشَرَ، ولاَ أَنْقَصَ مِنْ سَبْعٍ وَكَانَ لا يَدَعْ رَكْعَتَيِ الْفَجْرَ.
قال الشيخ: ولعبد الرحمن بن مهدي عن مُعَاوِيَة بْن صَالِح أحاديث عداد.
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ عَبد الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرو، عنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، أَخْبَرنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ إسحاق المسيبي، حَدَّثَنا مَعْنٌ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَن العَلاَء بْنِ الْحَارِثِ الدِّمَشْقِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَن أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لا يَزْدَادُ الأَمْرُ إلاَّ شِدَّةً، ولاَ الْمَالُ إلاَّ إِفَاضَةً، ولاَ تَقُومُ السَّاعَةُ إلاَّ عَلَى شِرَارِ خَلْقِهِ.
حَدَّثَنَا عَبد اللَّه بْنُ مُحَمد بْنِ عُمَر بْنِ الْعَبَّاسِ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنا مَعْنُ بْنُ عِيسَى بْنِ مَعْنِ بن دينار الأشجعي، حَدَّثَنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ الْحِمْصِيُّ عَنْ عَبد الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَن أَبِي كَبْشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وسَلَّم قَال: فِي الَّذِي يُدْرِكُ صَيْدَهُ بَعْدَ ثَلاثٍ يَأْكُلُهُ إلاَّ أَنْ يُنْتِنَ.
قَالَ الشَّيْخ: ومعن بْن عِيسَى عنده عن مُعَاوِيَة بْن صَالِح أحاديث عداد.
حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ علي بن بيان بمصر، حَدَّثَنا أَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ، حَدَّثني معاوية بن صالح، عن رَاشِدِ بْنِ سَعِيد، عَن أَبِي أُمَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وسَلَّم قَال: اتَّقُوا فَرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّهِ.
قَالَ الشَّيْخ: وهذا عن راشد بْن سعد بهذا الإسناد لا يرويه عَنْهُ غير مُعَاوِيَة بْن صَالِح.
وعند أَبِي صَالِح كاتب اللَّيْث عن مُعَاوِيَة بْن صَالِح كتاب طويل ونسخة حسنة.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِيُّ بحلب، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ عَبد اللَّهِ المخرمي، حَدَّثَنا
حجير بن المثنى، حَدَّثَنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ معاوية بن صالح، عَن يَحْيى بْنِ سَعِيد عَنْ عَمْرَةَ، قَال: قِيل لِعَائِشَةَ مَاذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ قَالَتْ كَانَ يَغْلِي ثَوْبَهُ وَيَحْلِبُ شَاتَهُ وَيَخْدِمُ نَفْسَهُ.
قَالَ الشَّيْخ: والليث بْن سَعْدٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ غير هذا.
حَدَّثَنَا بن قُتَيْبَةَ وَطَاهِرُ بْنُ عَلِيٍّ الطِّهْرَانِيُّ، قالا: حَدَّثَنا دحيم، حَدَّثَنا عَبد اللَّهِ بْنُ يَحْيى الْمُعَافِرِيُّ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَن أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ كَعْبِ بْنِ عياض، أَن رسُول الله قَالَ الْقِصَاصُ ثَلاثَةٌ أَمِيرٌ أَوْ مَأْمُورٌ أَوْ مُخْتَالٌ.
قَالَ الشَّيْخ: وهذا، عَن أَبِي الزاهرية يرويه عَنْهُ مُعَاوِيَة بْن صَالِح وعنه عَبد اللَّهِ بْنُ يَحْيى.
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ وَعَبْدَانُ، قَالا: حَدَّثَنا زكريا بن يَحْيى الواسطي، حَدَّثَنا فَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ نَافِعٍ، عنِ ابْنِ عُمَر، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرُ الأَسْمَاءِ عَبد اللَّهِ، وَعَبد الرَّحْمَنِ وَأَصْدَقُهَا الْحَارِثُ وَهَمَّامٌ وَشَرُّهَا حَرْبٌ وَمُرَّةٌ.
قَالَ الشَّيْخ: وهذا يرويه عن مُعَاوِيَة فرج بْن فضالة.
حَدَّثَنَا مُحَمد بن سلمة الحنفي، حَدَّثَنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ الرَّمَادِيُّ، حَدَّثَنا بِشْرُ بْنُ السَّرِيُّ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ يُونُس بْنِ سَيْفٍ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ عَلِّمْ مُعَاوِيَةَ الْكِتَابَ وَالْحِسَابَ وَوَقِّهِ الْعَذَابَ.
قَالَ الشَّيْخ: وهذا عن يُونُس بهذا الإسناد يرويه عَنْهُ مُعَاوِيَة بْن صَالِح ولمعاوية بْنِ صَالِحٍ غَيْرُ مَا ذَكَرْتُ حديث صالح عند بن وَهْب عَنْهُ كتاب وعند أَبِي صالح عنه كتاب وعند بن مهدي ومعن عَنْهُ أحاديث عداد وحدث عَنْهُ اللَّيْث وبشر بْن السري وثقات الناس وما أرى بحديثه بأسا، وَهو عندي صدوق إلا أَنَّهُ يقع فِي أحاديثه إفرادات
حَدَّثَنَا مُحَمد بْن حفص أَبُو صَالِح الفارسي ببعلبك، حَدَّثَنا مُحَمد بْن عوف، قَالَ: سَمِعْتُ يَزِيد بْن عَبد ربه يَقُول خرج مُعَاوِيَة بْن صَالِح من حمص سنة خمسين وعشرين ومِئَة، وَهو شاب فسار إِلَى المغرب فولي قضاءهم.
قال وسمعتُ أَبَا صَالِح سنة سبع عشر أو سنة عشرين يَقُول مر بنا مُعَاوِيَة بْن صَالِح حاجا سنة أربع وخمسين فكتب عَنْهُ الثَّوْريّ وأهل مصر وأهل المدينة.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْمَدَائِنِيُّ، حَدَّثَنا اللَّيْثُ بْنُ عَبْدَةَ، قَال: قَال يَحْيى بْن مَعِين كَانَ ابْن مهدي إِذَا حدث بحديث مُعَاوِيَة بْن صَالِح زبره يَحْيى بْن سَعِيد وَقَالَ إيش هَذِهِ الأحاديث وكان ابْن مهدي لا يبالي عمن روى ويحيى ثقة في حديثه.
حَدَّثَنَا ابن حماد، حَدَّثَنا عباس، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيى يقول: كَانَ يَحْيى بْن سَعِيد لا يرضى معاوية بن صَالِح.
حَدَّثَنَا ابْن حَمَّاد، حَدَّثني صالح، حَدَّثَنا علي، قالَ: سَألتُ يَحْيى بْن سَعِيد عن مُعَاوِيَة بْن صَالِح فَقَالَ ما كنا نأخذ عَنْهُ ذلك الزمان، ولاَ حرفا.
حَدَّثَنَا الجنيدي، حَدَّثَنا البُخارِيّ، حَدَّثَنا يَحْيى قال عَبد الرَّحْمَن يوثق مُعَاوِيَة بْن صَالِح أَبُو عُمَر الحمصي قاضي أندلس.
قال الشَّيْخ: حَدَّثَنا عن حميد بْن زَنْجَوَيْهِ، قالَ: قُلتُ لعلي بْن المديني إنك تطلب الغرائب فأت عَبد اللَّه بْن صَالِح واكتب كتاب مُعَاوِيَة بْن صالح تستفيد مِئَتَي حديث.
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مروان، حَدَّثَنا رجاء بن سهل، حَدَّثَنا حماد بن خالد الخياط
، حَدَّثَنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَن أَبِي الزاهرية قَال: مَا رأيتُ قوما أعجب من أصحاب الحديث يأتون من غير أن يدعوا ويزورون من غير شوق ويبرمون بالمساءلة يملون بطول الجلوس، وأَبُو الزاهرية اسمه حدير بْن كريب.
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْغَزِّيُّ، حَدَّثَنا أحمد بن صالح، حَدَّثَنا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ صَالِحٍ يَقُولُ، حَدَّثني نُعَيْمُ بْنُ زِيَادٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا كَبْشَةَ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وسَلَّم قَال: الْخَيْلُ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ وَأَهْلُهَا مُعَانُونَ عَلَيْهَا وَالْمُنْفِقُ عَلَيْهَا كَالْبَاسِطِ يده بالصدقة.
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنُ عَمْرو بْنِ ثَوْرٍ الزَّوْفِيُّ بِمِصْرَ، حَدَّثَنا أحمد بن صالح، حَدَّثَنا ابن وهب، حَدَّثَنا مُعَاوِيَةُ عَنْ يُوسُفَ بْنِ سَيْفٍ، عَن أَبِي رَاشِدٍ الْحُبْرَانِيُّ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ غُضَيْفٍ قَال: مَا نَسِيتُ مَعَ مَا نَسِيتُ مِنَ الأَشْيَاءِ أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاضِعًا يَمِينُهُ عَلَى شِمَالِهِ فِي الصَّلاةِ.
وَأَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَمْرو بْنِ ثور الزوفي بمصر، حَدَّثَنا أحمد بن صالح، حَدَّثَنا ابن وهب، حَدَّثَنا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبد الْوَهَّابِ بْنِ بُخْتٍ، عَن أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وسَلَّم قَال: إِذَا لَقِيَ أَحَدُكُمُ الْمُسْلِمَ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ فَإِنْ حَالَتْ بَيْنَهُمَا شَجَرَةٌ أَوْ جِدَارٌ ثُمَّ لَقِيَهُ فَلْيُسَلِّمْ عليه.
حَدَّثَنَا إبراهيم، حَدَّثَنا أحمد بن وهب، حَدَّثَنا مُعَاوِيَةُ عَنْ عَبد الْوَهَّابِ بْنِ بُخْتٍ، عَن أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْخَمْرَ وَثَمَنَهَا وَحَرَّمَ الْمَيْتَةَ وَثَمَنَهَا وحرم الخنزير وثمنه.
حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمد بْنِ العباس، حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ بإسنادِه، نَحوه، وعند بن وَهب، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ مَشَايِخِهِ كِتَابٌ وَنُسْخَةٌ طَوِيلَةٌ.
حَدَّثَنَا بِذَلِكَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَمْرو الزَّوْفِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ، عنِ ابن وهب، حَدَّثَنا
عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبد الرحمن، حَدَّثَنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، أَخْبَرنا عَبد الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ عَبد اللَّهِ بْنِ أَبِي قَيْسٍ، قالَ: سَألتُ عَائِشَةَ بِكَمْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ يُوتِرُ فَقَالَتْ بِأَرْبَعٍ وَثَلاثٍ وَسِتٍّ وَثَلاثٍ وَثَمَانٍ وَثَلاثَ عَشَرَ وَلَمْ يَكُنْ يُوتِرُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلاثَ عَشَرَ، ولاَ أَنْقَصَ مِنْ سَبْعٍ وَكَانَ لا يَدَعْ رَكْعَتَيِ الْفَجْرَ.
قال الشيخ: ولعبد الرحمن بن مهدي عن مُعَاوِيَة بْن صَالِح أحاديث عداد.
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ عَبد الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرو، عنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، أَخْبَرنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ إسحاق المسيبي، حَدَّثَنا مَعْنٌ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَن العَلاَء بْنِ الْحَارِثِ الدِّمَشْقِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَن أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لا يَزْدَادُ الأَمْرُ إلاَّ شِدَّةً، ولاَ الْمَالُ إلاَّ إِفَاضَةً، ولاَ تَقُومُ السَّاعَةُ إلاَّ عَلَى شِرَارِ خَلْقِهِ.
حَدَّثَنَا عَبد اللَّه بْنُ مُحَمد بْنِ عُمَر بْنِ الْعَبَّاسِ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنا مَعْنُ بْنُ عِيسَى بْنِ مَعْنِ بن دينار الأشجعي، حَدَّثَنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ الْحِمْصِيُّ عَنْ عَبد الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَن أَبِي كَبْشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وسَلَّم قَال: فِي الَّذِي يُدْرِكُ صَيْدَهُ بَعْدَ ثَلاثٍ يَأْكُلُهُ إلاَّ أَنْ يُنْتِنَ.
قَالَ الشَّيْخ: ومعن بْن عِيسَى عنده عن مُعَاوِيَة بْن صَالِح أحاديث عداد.
حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ علي بن بيان بمصر، حَدَّثَنا أَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ، حَدَّثني معاوية بن صالح، عن رَاشِدِ بْنِ سَعِيد، عَن أَبِي أُمَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وسَلَّم قَال: اتَّقُوا فَرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّهِ.
قَالَ الشَّيْخ: وهذا عن راشد بْن سعد بهذا الإسناد لا يرويه عَنْهُ غير مُعَاوِيَة بْن صَالِح.
وعند أَبِي صَالِح كاتب اللَّيْث عن مُعَاوِيَة بْن صَالِح كتاب طويل ونسخة حسنة.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِيُّ بحلب، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ عَبد اللَّهِ المخرمي، حَدَّثَنا
حجير بن المثنى، حَدَّثَنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ معاوية بن صالح، عَن يَحْيى بْنِ سَعِيد عَنْ عَمْرَةَ، قَال: قِيل لِعَائِشَةَ مَاذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ قَالَتْ كَانَ يَغْلِي ثَوْبَهُ وَيَحْلِبُ شَاتَهُ وَيَخْدِمُ نَفْسَهُ.
قَالَ الشَّيْخ: والليث بْن سَعْدٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ غير هذا.
حَدَّثَنَا بن قُتَيْبَةَ وَطَاهِرُ بْنُ عَلِيٍّ الطِّهْرَانِيُّ، قالا: حَدَّثَنا دحيم، حَدَّثَنا عَبد اللَّهِ بْنُ يَحْيى الْمُعَافِرِيُّ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَن أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ كَعْبِ بْنِ عياض، أَن رسُول الله قَالَ الْقِصَاصُ ثَلاثَةٌ أَمِيرٌ أَوْ مَأْمُورٌ أَوْ مُخْتَالٌ.
قَالَ الشَّيْخ: وهذا، عَن أَبِي الزاهرية يرويه عَنْهُ مُعَاوِيَة بْن صَالِح وعنه عَبد اللَّهِ بْنُ يَحْيى.
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ وَعَبْدَانُ، قَالا: حَدَّثَنا زكريا بن يَحْيى الواسطي، حَدَّثَنا فَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ نَافِعٍ، عنِ ابْنِ عُمَر، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرُ الأَسْمَاءِ عَبد اللَّهِ، وَعَبد الرَّحْمَنِ وَأَصْدَقُهَا الْحَارِثُ وَهَمَّامٌ وَشَرُّهَا حَرْبٌ وَمُرَّةٌ.
قَالَ الشَّيْخ: وهذا يرويه عن مُعَاوِيَة فرج بْن فضالة.
حَدَّثَنَا مُحَمد بن سلمة الحنفي، حَدَّثَنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ الرَّمَادِيُّ، حَدَّثَنا بِشْرُ بْنُ السَّرِيُّ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ يُونُس بْنِ سَيْفٍ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ عَلِّمْ مُعَاوِيَةَ الْكِتَابَ وَالْحِسَابَ وَوَقِّهِ الْعَذَابَ.
قَالَ الشَّيْخ: وهذا عن يُونُس بهذا الإسناد يرويه عَنْهُ مُعَاوِيَة بْن صَالِح ولمعاوية بْنِ صَالِحٍ غَيْرُ مَا ذَكَرْتُ حديث صالح عند بن وَهْب عَنْهُ كتاب وعند أَبِي صالح عنه كتاب وعند بن مهدي ومعن عَنْهُ أحاديث عداد وحدث عَنْهُ اللَّيْث وبشر بْن السري وثقات الناس وما أرى بحديثه بأسا، وَهو عندي صدوق إلا أَنَّهُ يقع فِي أحاديثه إفرادات
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=69471&book=5561#916e3d
معاوية بن صالح: "حمصي"، ثقة.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=69471&book=5561#5d1295
معاوية بن صالح
على قال: سألت يحيى، عن معاية بن صالح، فقال: ما كنا نأخذ من حديثه فى ذلك الزمان ولا حرفًا.
على قال: سألت يحيى، عن معاية بن صالح، فقال: ما كنا نأخذ من حديثه فى ذلك الزمان ولا حرفًا.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=69471&book=5561#99e0d8
مُعَاوِيَة بن صَالح إثنان
- أَحدهمَا
أَبُو عبيد الله الدِّمَشْقِي الْحَافِظ مَاتَ سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ
- وَالْآخر
روى عَن عَليّ بن أبي طَلْحَة
- أَحدهمَا
أَبُو عبيد الله الدِّمَشْقِي الْحَافِظ مَاتَ سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ
- وَالْآخر
روى عَن عَليّ بن أبي طَلْحَة
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=67513&book=5561#8ac068
مُعَاوِيَة بْن صَالح الْحَضْرَمِيّ كنيته أَبُو عَمْرو من أهل حمص كَانَ على قَضَاء الأندلس يروي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي قيس وسليم بْن عَامر وَمَكْحُول روى عَنْهُ اللَّيْث بْن سعد وَأهل الشَّام ومصر وَقد كتب عَنْهُ سُفْيَان الثَّوْريّ وَعبد الرَّحْمَن بْن مهْدي وَكتب عَنْهُ عَبْد اللَّهِ بْن صَالح سنة سبع وَخمسين وَمِائَة قدم عَلَيْهِم حَاجا من الأندلس وَمَات مُعَاوِيَة بعد هَذِه السّنة
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=67513&book=5561#ab150e
معاوية بن صالح الحضرمي
- معاوية بن صالح الحضرمي. وكان قاضيًا لهم. وكان ثقة كثير الحديث. حج من دهره حجة واحدة ومر بالمدينة فلقيه من لقيه بها من أهل العراق. وفي تلك الحجة لقيه عبد الرحمن بن مهدي وزيد بن الحباب العكلي ومحمد بن عمر الواقدي وحماد بن خالد الخياط ومعن بن عيسى. آخر الجزء التاسع من كتاب الطبقات وهو آخر الجزء الثاني والعشرين من أصل ابن حيويه والحمد لله رب العالمين. وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين. وسلم تسليما كثيرا ويتلوه في الجزء العاشر إن شاء الله تعالى طبقات النساء. الجزء الثامن ذِكْرُ مَا بَايَعَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النِّسَاءَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ الأَوْدِيُّ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ قَالَ: بَايَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النِّسَاءَ وَعَلَى يَدِهِ ثَوْبٌ. أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَايَعَ النِّسَاءَ مِنْ وَرَاءِ الثَّوْبِ. أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُغِيرَةَ عَنِ الشَّعْبِيِّ. أَنَّ النبي. ص. حِينَ بَايَعَ النِّسَاءَ وَضَعَ عَلَى يَدِهِ بُرْدًا قَطَرِيًّا فَبَايَعَهُنَّ. قَالَ وَالأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهُ قَالَ: . أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لا يُصَافِحُ النِّسَاءَ فِي الْبَيْعَةِ. أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ أُمَيْمَةَ بِنْتِ رُقَيْقَةَ قَالَتْ: . أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُصَافِحِ امْرَأَةً قَطُّ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى. أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَافِحُ النِّسَاءَ وَعَلَى يَدِهِ ثَوْبٌ. أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ وَابْنُ نُمَيْرٍ قَالُوا: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ . أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ بَهْرَامَ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ . أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ نَشِيطٍ الْعَامِرِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ شَهْرَ بْنَ حَوْشَبٍ قَالَ: . أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ جَابِرٍ عَنْ شَيْخٍ مِنْ أَحْمَسَ عَنْ طَارِقٍ التَّيْمِيِّ قَالَ: جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ قَاعِدٌ فِي الشَّمْسِ وعليه ثوب أصفر قد قنع بِهِ رَأْسَهُ. فَلَمَّا قَامَ انْتَهَى إِلَى بَعْضِ الْحُجَرِ فَإِذَا سِتُّ نِسْوَةٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِنَّ وَبَايَعَهُنَّ وَعَلَى يَدِهِ ثَوْبٌ أَصْفَرُ. أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ وَيَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ قَالا: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عُثْمَانَ أَبُو يَعْقُوبَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ جَمَعَ نِسَاءَ الأَنْصَارِ فِي بَيْتٍ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ. فَجَاءَ حَتَّى قَامَ عَلَى الْبَابِ فَسَلَّمَ عَلَيْنَا فَقَالَ: السلام عليكن. فرددنا ع فقال: أنا رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُنَّ. فَقُلْنَا: مَرْحَبًا بِرَسُولِ اللَّهِ وَرَسُولِ رَسُولِ اللَّهِ. فَقَالَ: تُبَايِعْنَ عَلَى أَنْ لا تُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلا تَسْرِقْنَ وَلا تَزْنِينَ وَلا تَقْتُلْنَ أَوْلادَكُنَّ وَلا تَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ تَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُنَّ وَأَرْجُلِكُنَّ. فَقُلْنَا: نَعَمْ. قَالَتْ: فَمَدَّ يَدَهُ مِنْ خَارِجِ الْبَيْتِ وَمَدَدْنَا أَيْدِيَنَا مِنْ دَاخِلِ الْبَيْتِ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ. قَالَتْ: وَأَمَرَنَا بِالْعِيدَيْنِ أَنْ نَخْرُجَ فِيهِمَا الْعُتَّقُ وَالْحُيَّضُ وَلا جُمُعَةَ عَلَيْنَا. وَنَهَانَا عَنِ اتِّبَاعِ الْجِنَازَةِ. قَالَ إِسْمَاعِيلُ: فَسَأَلْتُ جَدَّتِي عَنْ قَوْلِهِ «وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ» الممتحنة: . قَالَتْ: نَهَانَا عَنِ النِّيَاحَةِ. وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ. أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ صَفْوَانَ الْمَدِينِيُّ عَنْ أَسِيدِ بْنِ أَبِي أَسِيدٍ الْبَرَّادِ عَنِ امْرَأَةٍ مِنَ الْمُبَايِعَاتِ قَالَتْ: فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن لا نَعْصِيَهُ فِيهِ مِنَ الْمَعْرُوفِ أَنْ لا نُخَمِّشَ وَجْهًا وَلا نَشُقَّ جَيْبًا وَلا نَنْشُرَ شَعْرًا وَلا نَدْعُوَ وَيْلا. أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْفُضَيْلِ الأَنْصَارِيِّ صَلْبِيَّةَ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ حَدَّثَهُ أَنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ قَالَ: . أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ الشَّيْبَانِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ شَهْرَ بْنَ حَوْشَبٍ قَالَ: . أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: أَخَذَ عَلَيْنَا فِي الْبَيْعَةِ أَوْ عِنْدَ الْبَيْعَةِ أَنْ لا نَنُوحَ. فَمَا وَفَّى مِنْهُنَّ غَيْرُ خَمْسٍ: أُمُّ سُلَيْمٍ وَأُمُّ الْعَلاءِ بِنْتُ أَبِي سَبْرَةَ وَامْرَأَةُ مُعَاذٍ وَأُمُّ مُعَاذٍ وَامْرَأَةٌ أُخْرَى. وَأَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا عمرو بْنُ فَرُّوخَ. أَخْبَرَنَا مُصْعَبُ بْنُ نُوحٍ قَالَ: . أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ. أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ الْهُذَلِيِّ قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تُبَايِعُهُ فَقَرَأَ عَلَيْهَا هَذِهِ الآيَةَ. فَلَمَّا قَالَ: «وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ» الممتحنة: . قَالَ: لا تَنُوحِي. قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ امْرَأَةً أَسْعَدَتْنِي أَفَأُسْعِدُهَا؟ فَأَمْسَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى قَالَتْ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا. فَلَمْ يُرَخِّصْ لَهَا. ثُمَّ أَقَرَّتْ فَبَايَعَهَا. أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ الْعَمِّيُّ. حَدَّثَنِي وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْبَيْعَةِ عَلَى النِّسَاءِ أَنْ لا يَشْقُقْنَ جَيْبًا وَلا يَدْعِينَ وَيْلا وَلا يُخَمِّشْنَ وَجْهًا وَلا يَقُلْنَ هَجْرًا. أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى. أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي زَائِدَةَ قَالَ: . أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو الْمَلِيحِ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ أَنَّ . أَخْبَرَنَا يَعْلَى وَمُحَمَّدٌ ابْنَا عُبَيْدِ اللَّهِ الشَّيْبَانِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ عَنْ أُمِّهِ سَلْمَى بِنْتِ قَيْسٍ قَالَتْ: . أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَ عَلَى النِّسَاءِ فِيمَا أَخَذَ أَنْ لا يَنُحْنَ وَلا يَقْعُدْنَ مَعَ الرِّجَالِ فِي خَلاءٍ. أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ أَبِي الأَشْهَبِ وَمُبَارَكٌ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ . أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. حَدَّثَنَا ضَابِئُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى الْحَسَنِ نَعُودُهُ فِي وَجَعٍ فَقَالَ: . أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ جُمَيْعٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: كَانَ عُمَرُ وَعَائِشَةُ إِذَا أَتَيَا مَكَّةَ نَزَلا عَلَى ابْنَةِ ثَابِتٍ. وَكَانَتْ مِنَ النِّسْوَةِ السَّبْعِ اللاتِي بَايَعْنَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَكَّةَ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلامِ بْنُ حَرْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ سعد قَالَ: . أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ قَالَتْ: مَرَّ بِيَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَا فِي نِسْوَةٍ فَسَلَّمَ عَلَيْنَا فَرَدَدْنَا عَلَيْهِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ قَالَ: قَالَتْ أُمُّ عُمَارَةَ: كَانَتِ الرِّجَالُ تُصَفِّقُ عَلَى يَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلَةَ بَيْعَةِ الْعَقَبَةِ وَالْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ آخِذٌ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا بَقِيتُ أَنَا وَأُمُّ مَنِيعٍ نَادَى زَوْجِي عَرَفَةُ بْنُ عَمْرٍو: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَاتَانِ امْرَأَتَانِ حَضَرَتَا مَعَنَا تبايعانك. فَرَجَعْنَا إِلَى رِجَالِنَا فَلَقِينَا رَجُلَيْنِ مِنْ قَوْمِنَا. سَلِيطَ بْنَ عَمْرٍو وَأَبَا دَاوُدَ الْمَازِنِيُّ. يُرِيدَانِ أَنْ يَحْضُرَا الْبَيْعَةَ فَوَجَدَا الْقَوْمَ قَدْ بَايَعُوا. فَلَمَّا كَانَ بَعْدُ بَايَعَا أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ وَكَانَ رَأْسُ النُّقَبَاءِ فِي السَّبْعِينَ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ: حَدَّثَتْنَا نَائِلَةُ الْكُوفِيَّةُ مَوْلاةُ أَبِي الْعَيْزَارِ عَنْ أُمِّ عَاصِمٍ عَنِ السَّوْدَاءِ قَالَتْ: . أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ الْوَرَّاقُ قَالَ: حَدَّثَتْنِي نَائِلَةُ عَنْ . أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ جَدِّهِ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ لِلْهِجْرَةِ كَانَ نِسَاءٌ قَدْ أَسْلَمْنَ فَدَخَلْنَ عَلَيْهِ فَقُلْنَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ رِجَالَنَا قَدْ بَايَعُوكَ وَإِنَّا نُحِبُّ أَنْ نُبَايِعَكَ. قَالَ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بقدح من ماء فأدخل يده فيه ثُمَّ أَعْطَاهُنَّ امْرَأَةً امْرَأَةً. فَكَانَتْ هَذِهِ بَيْعَتَهُنَّ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ قَالَتْ: بَايَعْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخَذَ علينا «لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ» الممتحنة: . الآيَةَ. . أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ قَالَ: أخبرنا محمد بن عمر. حدثنا ابن أبي حَبِيبَةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ: أَوَّلَ مَنْ بَايَعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمُّ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ كَبْشَةُ بِنْتُ رَافِعِ بْنِ عُبَيْدٍ وَأُمُّ عَامِرٍ بِنْتٌ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ وَحَوَّاءُ بِنْتُ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ. وَمِنْ بَنِي ظُفَرَ لَيْلَى بِنْتُ الْخُطَيْمِ. وَمِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ لَيْلَى وَمَرْيَمُ وَتَمِيمَةُ بَنَاتُ أَبِي سُفْيَانَ أَبِي الْبَنَاتِ قُتِلَ بِأُحُدٍ. وَالشُّمُوسُ بِنْتُ أَبِي عَامِرٍ الرَّاهِبِ وَابْنَتُهَا جَمِيلَةُ بِنْتُ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الأَقْلَحِ وَطَيْبَةُ بِنْتُ النُّعْمَانِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الأَقْلَحِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَهُوَ يَكْتُبُ إِلَى هُبَيْرَةَ صَاحِبِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَكَانَ كَتَبَ إِلَيْهِ يَسْأَلُهُ عَنْ قَوْلِ الله عز وجل: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ» الممتحنة: . فَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَالَحَ قُرَيْشًا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ مَنْ جَاءَ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيٍّ. فَكَانَ يَرُدُّ الرِّجَالَ. فَلَمَّا هَاجَرَ النِّسَاءُ أَبَى اللَّهُ ذَلِكَ أَنْ يَرُدَّهُنَّ إِذَا امْتُحِنَّ بِمِحْنَةِ الإِسْلامِ وَزَعَمَتْ أَنَّهَا جَاءَتْ رَاغِبَةً فِيهِ. وَأَمَرَهُ أَنْ يَرُدَّ صَدُقَاتِهِنَّ إِلَيْهِمْ إِذَا احْتَبَسُوا عَنْهُمْ وَأَنْ يَرُدُّوا عَلَيْهِ مِثْلَ الَّذِي يَرُدُّ عَلَيْهِمْ إِنْ فَعَلُوا. فقال: واسألوا ما أنفقتم. وَصَبَّحَهَا أَخَوَاهَا مِنَ الْغَدِ فَطَلَبَاهَا فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَرُدَّهَا إِلَيْهِمَا. فَرَجَعَا إِلَى مَكَّةَ فَأَخْبَرَا قُرَيْشًا فَلَمْ يَبْعَثُوا فِي ذَلِكَ أَحَدًا وَرَضُوا بِأَنْ يُحْبَسَ النساء. «وَلْيَسْئَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ. وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا» الممتحنة: - . فَإِنْ فَاتَ أحدا مِنْكُمْ أَهْلَهُ إِلَى الْكُفَّارِ فَإِنْ أَتَتْكُمُ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ فَأَصَبْتُمْ غَنِيمَةً أَوْ فَيْئًا فَعَوِّضُوهُمْ مِمَّا أَصَبْتُمْ صَدَاقَ الْمَرْأَةِ الَّتِي أَتَتْكُمْ. فَأَمَّا الْمُؤْمِنُونَ فَأَقَرُّوا بِحُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَبَى الْمُشْرِكُونَ أَنْ يُقِرُّوا بِذَلِكَ. وَأَنَّ مَا فَاتَ لِلْمُشْرِكِينَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ صَدَاقِ مَنْ هَاجَرَ مِنْ أَزْوَاجِ الْمُشْرِكِينَ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا مِنْ مَالِ الْمُشْرِكِينَ فِي أَيْدِيكُمْ. وَلَسْنَا نَعْلَمُ امْرَأَةً مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَاتَتْ زَوْجَهَا بِلُحُوقِ الْمُشْرِكِينَ بَعْدَ إِيمَانِهَا. وَلَكِنَّهُ حَكَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ لأَمْرٍ إِنْ كَانَ. وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ. «وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ» الممتحنة: . يَعْنِي مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ. فَطَلَّقَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مُلَيْكَةَ بِنْتَ أَبِي أُمَيَّةَ وَهِيَ أُمُّ عُبَيْدِ الله بن عمر. فتزوجها أبو جهم بن حذيفة. وطلق عمر أيضا بنت جرول الخزاعية أُمَّ الْحَكَمِ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ يَوْمَئِذٍ فَتَزَوَّجَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عثمان الثقفي فولدت له عبد الرحمن ابن أُمِّ الْحَكَمِ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قوله فَامْتَحِنُوهُنَّ قَالَ: مَا جَاءَ بِكَ إِلا حُبُّ اللَّهِ وَرَسُولِهُ وَلا حُبُّ رَجُلٍ مِنَّا وَلا فِرَارٌ من زوجك. تَسْمِيَةُ النِّسَاءِ الْمُسْلِمَاتِ وَالْمُهَاجِرَاتِ مِنْ قُرَيْشٍ وَالأَنْصَارِيَّاتِ الْمُبَايِعَاتِ وَغَرَائِبِ نِسَاءِ الْعَرَبِ وغيرهم
- معاوية بن صالح الحضرمي. وكان قاضيًا لهم. وكان ثقة كثير الحديث. حج من دهره حجة واحدة ومر بالمدينة فلقيه من لقيه بها من أهل العراق. وفي تلك الحجة لقيه عبد الرحمن بن مهدي وزيد بن الحباب العكلي ومحمد بن عمر الواقدي وحماد بن خالد الخياط ومعن بن عيسى. آخر الجزء التاسع من كتاب الطبقات وهو آخر الجزء الثاني والعشرين من أصل ابن حيويه والحمد لله رب العالمين. وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين. وسلم تسليما كثيرا ويتلوه في الجزء العاشر إن شاء الله تعالى طبقات النساء. الجزء الثامن ذِكْرُ مَا بَايَعَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النِّسَاءَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ الأَوْدِيُّ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ قَالَ: بَايَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النِّسَاءَ وَعَلَى يَدِهِ ثَوْبٌ. أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَايَعَ النِّسَاءَ مِنْ وَرَاءِ الثَّوْبِ. أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُغِيرَةَ عَنِ الشَّعْبِيِّ. أَنَّ النبي. ص. حِينَ بَايَعَ النِّسَاءَ وَضَعَ عَلَى يَدِهِ بُرْدًا قَطَرِيًّا فَبَايَعَهُنَّ. قَالَ وَالأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهُ قَالَ: . أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لا يُصَافِحُ النِّسَاءَ فِي الْبَيْعَةِ. أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ أُمَيْمَةَ بِنْتِ رُقَيْقَةَ قَالَتْ: . أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُصَافِحِ امْرَأَةً قَطُّ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى. أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَافِحُ النِّسَاءَ وَعَلَى يَدِهِ ثَوْبٌ. أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ وَابْنُ نُمَيْرٍ قَالُوا: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ . أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ بَهْرَامَ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ . أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ نَشِيطٍ الْعَامِرِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ شَهْرَ بْنَ حَوْشَبٍ قَالَ: . أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ جَابِرٍ عَنْ شَيْخٍ مِنْ أَحْمَسَ عَنْ طَارِقٍ التَّيْمِيِّ قَالَ: جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ قَاعِدٌ فِي الشَّمْسِ وعليه ثوب أصفر قد قنع بِهِ رَأْسَهُ. فَلَمَّا قَامَ انْتَهَى إِلَى بَعْضِ الْحُجَرِ فَإِذَا سِتُّ نِسْوَةٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِنَّ وَبَايَعَهُنَّ وَعَلَى يَدِهِ ثَوْبٌ أَصْفَرُ. أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ وَيَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ قَالا: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عُثْمَانَ أَبُو يَعْقُوبَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ جَمَعَ نِسَاءَ الأَنْصَارِ فِي بَيْتٍ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ. فَجَاءَ حَتَّى قَامَ عَلَى الْبَابِ فَسَلَّمَ عَلَيْنَا فَقَالَ: السلام عليكن. فرددنا ع فقال: أنا رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُنَّ. فَقُلْنَا: مَرْحَبًا بِرَسُولِ اللَّهِ وَرَسُولِ رَسُولِ اللَّهِ. فَقَالَ: تُبَايِعْنَ عَلَى أَنْ لا تُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلا تَسْرِقْنَ وَلا تَزْنِينَ وَلا تَقْتُلْنَ أَوْلادَكُنَّ وَلا تَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ تَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُنَّ وَأَرْجُلِكُنَّ. فَقُلْنَا: نَعَمْ. قَالَتْ: فَمَدَّ يَدَهُ مِنْ خَارِجِ الْبَيْتِ وَمَدَدْنَا أَيْدِيَنَا مِنْ دَاخِلِ الْبَيْتِ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ. قَالَتْ: وَأَمَرَنَا بِالْعِيدَيْنِ أَنْ نَخْرُجَ فِيهِمَا الْعُتَّقُ وَالْحُيَّضُ وَلا جُمُعَةَ عَلَيْنَا. وَنَهَانَا عَنِ اتِّبَاعِ الْجِنَازَةِ. قَالَ إِسْمَاعِيلُ: فَسَأَلْتُ جَدَّتِي عَنْ قَوْلِهِ «وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ» الممتحنة: . قَالَتْ: نَهَانَا عَنِ النِّيَاحَةِ. وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ. أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ صَفْوَانَ الْمَدِينِيُّ عَنْ أَسِيدِ بْنِ أَبِي أَسِيدٍ الْبَرَّادِ عَنِ امْرَأَةٍ مِنَ الْمُبَايِعَاتِ قَالَتْ: فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن لا نَعْصِيَهُ فِيهِ مِنَ الْمَعْرُوفِ أَنْ لا نُخَمِّشَ وَجْهًا وَلا نَشُقَّ جَيْبًا وَلا نَنْشُرَ شَعْرًا وَلا نَدْعُوَ وَيْلا. أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْفُضَيْلِ الأَنْصَارِيِّ صَلْبِيَّةَ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ حَدَّثَهُ أَنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ قَالَ: . أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ الشَّيْبَانِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ شَهْرَ بْنَ حَوْشَبٍ قَالَ: . أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: أَخَذَ عَلَيْنَا فِي الْبَيْعَةِ أَوْ عِنْدَ الْبَيْعَةِ أَنْ لا نَنُوحَ. فَمَا وَفَّى مِنْهُنَّ غَيْرُ خَمْسٍ: أُمُّ سُلَيْمٍ وَأُمُّ الْعَلاءِ بِنْتُ أَبِي سَبْرَةَ وَامْرَأَةُ مُعَاذٍ وَأُمُّ مُعَاذٍ وَامْرَأَةٌ أُخْرَى. وَأَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا عمرو بْنُ فَرُّوخَ. أَخْبَرَنَا مُصْعَبُ بْنُ نُوحٍ قَالَ: . أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ. أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ الْهُذَلِيِّ قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تُبَايِعُهُ فَقَرَأَ عَلَيْهَا هَذِهِ الآيَةَ. فَلَمَّا قَالَ: «وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ» الممتحنة: . قَالَ: لا تَنُوحِي. قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ امْرَأَةً أَسْعَدَتْنِي أَفَأُسْعِدُهَا؟ فَأَمْسَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى قَالَتْ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا. فَلَمْ يُرَخِّصْ لَهَا. ثُمَّ أَقَرَّتْ فَبَايَعَهَا. أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ الْعَمِّيُّ. حَدَّثَنِي وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْبَيْعَةِ عَلَى النِّسَاءِ أَنْ لا يَشْقُقْنَ جَيْبًا وَلا يَدْعِينَ وَيْلا وَلا يُخَمِّشْنَ وَجْهًا وَلا يَقُلْنَ هَجْرًا. أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى. أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي زَائِدَةَ قَالَ: . أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو الْمَلِيحِ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ أَنَّ . أَخْبَرَنَا يَعْلَى وَمُحَمَّدٌ ابْنَا عُبَيْدِ اللَّهِ الشَّيْبَانِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ عَنْ أُمِّهِ سَلْمَى بِنْتِ قَيْسٍ قَالَتْ: . أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَ عَلَى النِّسَاءِ فِيمَا أَخَذَ أَنْ لا يَنُحْنَ وَلا يَقْعُدْنَ مَعَ الرِّجَالِ فِي خَلاءٍ. أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ أَبِي الأَشْهَبِ وَمُبَارَكٌ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ . أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. حَدَّثَنَا ضَابِئُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى الْحَسَنِ نَعُودُهُ فِي وَجَعٍ فَقَالَ: . أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ جُمَيْعٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: كَانَ عُمَرُ وَعَائِشَةُ إِذَا أَتَيَا مَكَّةَ نَزَلا عَلَى ابْنَةِ ثَابِتٍ. وَكَانَتْ مِنَ النِّسْوَةِ السَّبْعِ اللاتِي بَايَعْنَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَكَّةَ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلامِ بْنُ حَرْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ سعد قَالَ: . أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ قَالَتْ: مَرَّ بِيَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَا فِي نِسْوَةٍ فَسَلَّمَ عَلَيْنَا فَرَدَدْنَا عَلَيْهِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ قَالَ: قَالَتْ أُمُّ عُمَارَةَ: كَانَتِ الرِّجَالُ تُصَفِّقُ عَلَى يَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلَةَ بَيْعَةِ الْعَقَبَةِ وَالْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ آخِذٌ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا بَقِيتُ أَنَا وَأُمُّ مَنِيعٍ نَادَى زَوْجِي عَرَفَةُ بْنُ عَمْرٍو: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَاتَانِ امْرَأَتَانِ حَضَرَتَا مَعَنَا تبايعانك. فَرَجَعْنَا إِلَى رِجَالِنَا فَلَقِينَا رَجُلَيْنِ مِنْ قَوْمِنَا. سَلِيطَ بْنَ عَمْرٍو وَأَبَا دَاوُدَ الْمَازِنِيُّ. يُرِيدَانِ أَنْ يَحْضُرَا الْبَيْعَةَ فَوَجَدَا الْقَوْمَ قَدْ بَايَعُوا. فَلَمَّا كَانَ بَعْدُ بَايَعَا أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ وَكَانَ رَأْسُ النُّقَبَاءِ فِي السَّبْعِينَ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ: حَدَّثَتْنَا نَائِلَةُ الْكُوفِيَّةُ مَوْلاةُ أَبِي الْعَيْزَارِ عَنْ أُمِّ عَاصِمٍ عَنِ السَّوْدَاءِ قَالَتْ: . أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ الْوَرَّاقُ قَالَ: حَدَّثَتْنِي نَائِلَةُ عَنْ . أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ جَدِّهِ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ لِلْهِجْرَةِ كَانَ نِسَاءٌ قَدْ أَسْلَمْنَ فَدَخَلْنَ عَلَيْهِ فَقُلْنَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ رِجَالَنَا قَدْ بَايَعُوكَ وَإِنَّا نُحِبُّ أَنْ نُبَايِعَكَ. قَالَ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بقدح من ماء فأدخل يده فيه ثُمَّ أَعْطَاهُنَّ امْرَأَةً امْرَأَةً. فَكَانَتْ هَذِهِ بَيْعَتَهُنَّ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ قَالَتْ: بَايَعْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخَذَ علينا «لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ» الممتحنة: . الآيَةَ. . أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ قَالَ: أخبرنا محمد بن عمر. حدثنا ابن أبي حَبِيبَةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ: أَوَّلَ مَنْ بَايَعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمُّ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ كَبْشَةُ بِنْتُ رَافِعِ بْنِ عُبَيْدٍ وَأُمُّ عَامِرٍ بِنْتٌ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ وَحَوَّاءُ بِنْتُ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ. وَمِنْ بَنِي ظُفَرَ لَيْلَى بِنْتُ الْخُطَيْمِ. وَمِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ لَيْلَى وَمَرْيَمُ وَتَمِيمَةُ بَنَاتُ أَبِي سُفْيَانَ أَبِي الْبَنَاتِ قُتِلَ بِأُحُدٍ. وَالشُّمُوسُ بِنْتُ أَبِي عَامِرٍ الرَّاهِبِ وَابْنَتُهَا جَمِيلَةُ بِنْتُ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الأَقْلَحِ وَطَيْبَةُ بِنْتُ النُّعْمَانِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الأَقْلَحِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَهُوَ يَكْتُبُ إِلَى هُبَيْرَةَ صَاحِبِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَكَانَ كَتَبَ إِلَيْهِ يَسْأَلُهُ عَنْ قَوْلِ الله عز وجل: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ» الممتحنة: . فَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَالَحَ قُرَيْشًا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ مَنْ جَاءَ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيٍّ. فَكَانَ يَرُدُّ الرِّجَالَ. فَلَمَّا هَاجَرَ النِّسَاءُ أَبَى اللَّهُ ذَلِكَ أَنْ يَرُدَّهُنَّ إِذَا امْتُحِنَّ بِمِحْنَةِ الإِسْلامِ وَزَعَمَتْ أَنَّهَا جَاءَتْ رَاغِبَةً فِيهِ. وَأَمَرَهُ أَنْ يَرُدَّ صَدُقَاتِهِنَّ إِلَيْهِمْ إِذَا احْتَبَسُوا عَنْهُمْ وَأَنْ يَرُدُّوا عَلَيْهِ مِثْلَ الَّذِي يَرُدُّ عَلَيْهِمْ إِنْ فَعَلُوا. فقال: واسألوا ما أنفقتم. وَصَبَّحَهَا أَخَوَاهَا مِنَ الْغَدِ فَطَلَبَاهَا فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَرُدَّهَا إِلَيْهِمَا. فَرَجَعَا إِلَى مَكَّةَ فَأَخْبَرَا قُرَيْشًا فَلَمْ يَبْعَثُوا فِي ذَلِكَ أَحَدًا وَرَضُوا بِأَنْ يُحْبَسَ النساء. «وَلْيَسْئَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ. وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا» الممتحنة: - . فَإِنْ فَاتَ أحدا مِنْكُمْ أَهْلَهُ إِلَى الْكُفَّارِ فَإِنْ أَتَتْكُمُ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ فَأَصَبْتُمْ غَنِيمَةً أَوْ فَيْئًا فَعَوِّضُوهُمْ مِمَّا أَصَبْتُمْ صَدَاقَ الْمَرْأَةِ الَّتِي أَتَتْكُمْ. فَأَمَّا الْمُؤْمِنُونَ فَأَقَرُّوا بِحُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَبَى الْمُشْرِكُونَ أَنْ يُقِرُّوا بِذَلِكَ. وَأَنَّ مَا فَاتَ لِلْمُشْرِكِينَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ صَدَاقِ مَنْ هَاجَرَ مِنْ أَزْوَاجِ الْمُشْرِكِينَ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا مِنْ مَالِ الْمُشْرِكِينَ فِي أَيْدِيكُمْ. وَلَسْنَا نَعْلَمُ امْرَأَةً مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَاتَتْ زَوْجَهَا بِلُحُوقِ الْمُشْرِكِينَ بَعْدَ إِيمَانِهَا. وَلَكِنَّهُ حَكَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ لأَمْرٍ إِنْ كَانَ. وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ. «وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ» الممتحنة: . يَعْنِي مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ. فَطَلَّقَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مُلَيْكَةَ بِنْتَ أَبِي أُمَيَّةَ وَهِيَ أُمُّ عُبَيْدِ الله بن عمر. فتزوجها أبو جهم بن حذيفة. وطلق عمر أيضا بنت جرول الخزاعية أُمَّ الْحَكَمِ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ يَوْمَئِذٍ فَتَزَوَّجَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عثمان الثقفي فولدت له عبد الرحمن ابن أُمِّ الْحَكَمِ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قوله فَامْتَحِنُوهُنَّ قَالَ: مَا جَاءَ بِكَ إِلا حُبُّ اللَّهِ وَرَسُولِهُ وَلا حُبُّ رَجُلٍ مِنَّا وَلا فِرَارٌ من زوجك. تَسْمِيَةُ النِّسَاءِ الْمُسْلِمَاتِ وَالْمُهَاجِرَاتِ مِنْ قُرَيْشٍ وَالأَنْصَارِيَّاتِ الْمُبَايِعَاتِ وَغَرَائِبِ نِسَاءِ الْعَرَبِ وغيرهم
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=155991&book=5561#3692e4
مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحِ بنِ حُدَيْرِ بنِ سَعِيْدٍ الحَضْرَمِيُّ
ابْنِ سَعْدِ بنِ فِهْرٍ الحَضْرَمِيُّ، الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثِّقَةُ، قَاضِي الأَنْدَلُسِ، أَبُو عَمْرٍو، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحَضْرَمِيُّ، الشَّامِيُّ، الحِمْصِيُّ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفِدَاءِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَمْرِو بنِ المُنَادِي، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الفَقِيْهُ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، أَنْبَأَنَا رِزْقُ اللهِ التَّمِيْمِيُّ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ المُعَدَّلُ، أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ السُّلَمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّهَا قِيْلَ لَهَا: مَاذَا كَانَ يَعْمَلُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَيْتِهِ؟
قَالَتْ: كَانَ بَشَراً مِنَ البَشَرِ، يَفْلِي ثَوْبَهُ، وَيَحْلُبُ شَاتَهُ، وَيَخْدُمُ نَفْسَهُ.
هَذَا حَدِيْثٌ صَالِحُ الإِسْنَادِ.
أَخْرَجَهُ: أَبُو عِيْسَى التِّرْمِذِيُّ فِي كِتَابِ (الشَّمَائِلِ) ، عَنْ أَبِي إِسْمَاعِيْلَ السُّلَمِيِّ بَلَدِيِّه، فَوَافَقْنَاهُ بِعُلُوٍّ.
وَمُعَاوِيَةُ مِنْ شَرْطِ مُسْلِمٍ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُشَرَّفٍ، قَالُوا:أَنْبَأَنَا الحَسَنُ بنُ يَحْيَى المَخْزُوْمِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ رِفَاعَةَ، أَنْبَأَنَا أَبُو الحَسَنِ الخِلَعِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَمْرٍو، أَنْبَأَنَا أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ المَدِيْنِيُّ، حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ، عَنْ عَامِرِ بنِ جَشِيْبٍ، عَنْ خَالِدِ بنِ مَعْدَانَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ:
سَمِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ عِنْدَ انْقِضَاءِ الطَّعَامِ: (الحَمْدُ للهِ حَمْداً كَثِيْراً، طَيِّباً، مُبَارَكاً فِيْهِ، غَيْرَ مَكْفِيٍّ، وَلاَ مُوَدَّعٍ، وَلاَ مُسْتَغْنَىً عَنْهُ ) .
أَخْرَجَهُ: النَّسَائِيُّ، عَنْ يُوْنُسَ.
وُلِدَ: فِي حَيَاةِ طَائِفَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَفِي دَوْلَةِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ، فِي حُدُوْدِ الثَّمَانِيْنَ مِنَ الهِجْرَةِ.
وَحَدَّثَ عَنْ: رَاشِدِ بنِ سَعْدٍ، وَأَبِي الزَّاهِرِيَّةِ حُدَيْرِ بنِ كُرَيْبٍ، وَمَكْحُوْلٍ، وَأَبِي مَرْيَمَ الأَنْصَارِيِّ، وَنُعَيْمِ بنِ زِيَادٍ الأَنْمَارِيِّ، وَيُوْنُسَ بنِ سَيْفٍ، وَيَحْيَى بنِ جَابِرٍ الطَّائِيِّ، وَعَامِرِ بنِ جَشِيْبٍ، وَضَمْرَةَ بنِ حَبِيْبٍ، وَسُلَيْمِ بنِ عَامِرٍ، وَأَزْهَرَ بنِ سَعِيْدٍ الحَرَازِيِّ، وَحَاتِمِ بنِ حُرَيْثٍ، وَحَبِيْبِ بنِ عُبَيْدٍ، وَرَبِيْعَةَ بنِ يَزِيْدَ القَصِيْرِ، وَزِيَادِ بنِ أَبِي سَوْدَةَ، وَالسَّفْرِ بنِ نُسَيْرٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي قَيْسٍ، وَصَالِحِ بنِ جُبَيْرٍ الأُرْدُنِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ جُبَيْرِ بنِ نُفَيْرٍ، وَعَبْدِ القَاهِرِ أَبِي عَبْدِ اللهِ، وَعَبْدِ الوَهَّابِ بنِ بُخْتٍ، وَعُمَيْرِ بنِ هَانِئ، وَالعَلاَءِ بنِ
الحَارِثِ، وَكَثِيْرِ بنِ الحَارِثِ، وَالقَاسِمِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيِّ، وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيِّ، وَخَلْقٍ سِوَاهُم.وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَاللَّيْثُ، وَرِشْدِيْنُ بنُ سَعْدٍ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَمَعْنُ بنُ عِيْسَى، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ، وَحَمَّادُ بنُ خَالِدٍ الخَيَّاطُ، وَبِشْرُ بنُ السَّرِيِّ، وَزَيْدُ بنُ الحُبَابِ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى البُرُلُّسِيُّ، وَالوَاقِدِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ، وَهَانِئُ بنُ المُتَوَكِّلِ، وَآخَرُوْنَ.
وَفَرَّ مِنَ الشَّامِ مَعَ المَرْوَانِيَةِ، فَدَخَلَ مَعَهُمُ الأَنْدَلُسَ، فَلَمَّا اسْتَولَى عَلَيْهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُعَاوِيَةَ الدَّاخِلُ، وَلاَّهُ قَضَاءَ مَمَالِكِهِ، ثُمَّ إِنَّهُ فِي آخِرِ عُمُرِهِ حَجَّ، وَحَدَّثَ بِالحِجَازِ، وَغَيْرِهَا.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: خَرَجَ مِنْ حِمْصَ قَدِيْماً، وَكَانَ ثِقَةً.
وَرَوَى: جَعْفَرُ بنُ أَبِي عُثْمَانَ الطَّيَالِسِيُّ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ.
وَرَوَى: أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ، عَنْ يَحْيَى: صَالِحٌ.
وَأَمَّا عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ، فَرَوَى عَنْ يَحْيَى: لَيْسَ بِرَضِيٍّ، كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ لاَ يَرضَاهُ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ صَالِحٍ، فَقَالَ: مَا كُنَّا نَأخُذُ عَنْهُ ذَلِكَ الزَّمَانَ وَلاَ حَرفاً.
وَقَالَ عَلِيٌّ أَيْضاً: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يُوَثِّقُهُ.
أَبُو صَالِحٍ الفَرَّاءُ: أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ بِحَدِيْثٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ صَالِحٍ، ثُمَّ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: مَا كَانَ بِأَهْلٍ أَنْ يُرْوَى عَنْهُ.
قُلْتُ: أَظُّنُه يُشِيْرُ إِلَى مُدَاخَلَتِه لِلدَّوْلَةِ.
ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ: سَمِعْتُ خَالِي مُوْسَى بنَ سَلَمَةَ، قَالَ: أَتَيْتُ مُعَاوِيَةَ بنَ
صَالِحٍ لأَكتُبَ عَنْهُ، فَرَأَيْتُ - أُرَاهُ قَالَ - المَلاَهِي، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟قَالَ: شَيْءٌ نُهْدِيهِ إِلَى صَاحِبِ الأَنْدَلُسِ.
قَالَ: فَتَرَكتُهُ، وَلَمْ أَكْتُبْ عَنْهُ.
وَقَالَ العِجْلِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: ثِقَةٌ، مُحَدِّثٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الحَدِيْثِ، حَسَنُ الحَدِيْثِ، وَلاَ يُحْتَجُّ بِهِ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ صَالِحٍ الوُحَاظِيُّ: خَرَجَ عَنْ حِمْصَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَحَجَّ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ، فَفِيْهَا لَقِيَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ، وَسُفْيَانُ بِمَكَّةَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً، كَثِيْرَ الحَدِيْثِ، وَكَانَ قَاضِياً لَهُم بِالأَنْدَلُسِ، حَجَّ مِنْ دَهْرِهِ حَجَّةً وَاحِدَةً، وَمَرَّ بِالمَدِيْنَةِ، فَلَقِيَهُ مَنْ لَقِيَهُ.
وَقَالَ يَزِيْدُ بنُ عَبْدِ رَبِّهُ: خَرَجَ مِنْ حِمْصَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَهُوَ شَابٌّ، فَصَارَ إِلَى المَغْرِبِ، فَوَلِيَ قَضَاءهُم.
وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ: مَرَّ بِنَا مُعَاوِيَةُ حَاجّاً سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ، فَكَتَبَ عَنْهُ: الثَّوْرِيُّ، وَأَهْلُ مِصْرَ، وَأَهْلُ المَدِيْنَةِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ:
كُنَّا بِمَكَّةَ نَتَذَاكَرُ الحَدِيْثَ، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ، إِذَا إِنْسَانٌ قَدْ دَخَلَ فِيْمَا بَيْنَنَا، يَسْمَعُ حَدِيْثَنَا، فَقُلْتُ: مَنْ أَنْتَ؟
قَالَ: أَنَا مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ.
فَاحْتَوَشْنَاهُ.
أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: سَمِعْتُ عَبْدَ الله بنَ صَالِحٍ يَقُوْلُ: قَدِمَ عَلَيْنَا مُعَاوِيَةُ
بنُ صَالِحٍ، فَجَالَسَ اللَّيْثَ، فَحَدَّثَه، فَقَالَ اللَّيْثُ: يَا عَبْدَ اللهِ! ائْتِ الشَّيْخَ، فَاكتُبْ مَا يُمْلِي عَلَيْكَ.فَأَتَيْتُهُ، وَكَانَ يُملِيْهَا عَلَيَّ، ثُمَّ نَصِيْرُ إِلَى اللَّيْثِ نَقْرَؤُهَا عَلَيْهِ، فَسمِعْتُهَا مِنْ مُعَاوِيَةَ بنِ صَالِحٍ مَرَّتَيْنِ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: حُدِّثتُ عَنْ حُمَيْدِ بنِ زَنْجَوَيْه، قَالَ:
قُلْتُ لِعَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ: إِنَّكَ تَطلُبُ الغَرَائِبَ، فَائْتِ عَبْدَ اللهِ بنَ صَالِحٍ، وَاكتُبْ كِتَابَ مُعَاوِيَةَ بنِ صَالِحٍ، تَسْتَفِيْدُ مائَتَيْ حَدِيْثٍ.
قَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: مِنْهُم مَنْ يَقُوْلُ: مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ وَسَطٌ، لَيْسَ بِالثَّبْتِ، وَلاَ بِالضَّعِيْفِ، وَمِنْهُم مَنْ يُضَعِّفُه.
وَقَالَ ابْنُ خِرَاشٍ: صَدُوْقٌ.
وَقَالَ اللَّيْثُ بنُ عَبْدَةَ: قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ:
كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ إِذَا حَدَّثَ بِحَدِيْثِ مُعَاوِيَةَ بنِ صَالِحٍ، زَبَرَهُ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، وَقَالَ: أَيْش هَذِهِ الأَحَادِيْثُ؟
وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لاَ يُبَالِي عَمَّنْ رَوَى، وَيَحْيَى ثِقَةٌ فِي حَدِيْثِهِ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لِمُعَاوِيَةَ بنِ صَالِحٍ عِنْدَ ابْنِ وَهْبٍ كِتَابٌ، وَعِنْدَ أَبِي صَالِحٍ عَنْهُ كِتَابٌ، وَعِنْدَ ابْنِ مَهْدِيٍّ وَمَعْنٍ عَنْهُ أَحَادِيْثُ، وَحَدَّثَ عَنْهُ: اللَّيْثُ، وَبِشْرُ بنُ السَّرِيِّ، وَثِقَاتُ النَّاسِ، وَمَا أَرَى بِحَدِيْثِهِ بَأْساً، وَهُوَ عِنْدِي صَدُوْقٌ، إِلاَّ أَنَّهُ يَقَعُ فِي حَدِيْثِهِ أَفْرَادَاتٌ.
وَذَكَرَهُ: ابْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِ (الثِّقَاتِ) .
وَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: قَدِمَ مُعَاوِيَةُ مِصْرَ، وَذَهَبَ إِلَى الأَنْدَلُسِ، فَلَمَّا دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُعَاوِيَةَ بنِ هِشَامٍ الأَنْدَلُسَ وَمَلَكَهَا، اتَّصَلَ بِهِ، فَأَرْسَلَه إِلَى الشَّامِ فِي بَعْضِ أَمرِهِ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَيْهِ مِنَ الشَّامِ، وَلاَّهُ قَضَاءَ الجَمَاعَةِ بِالأَنْدَلُسِ....، إِلَى أَنْ قَالَ:
وَتُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ، أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ
بَكْرُ بنُ أَحْمَدَ الشَّعْرَانِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى مُصَنِّفِ (تَارِيْخِ حِمْصَ) ، وَلَهُ عَقِبٌ بِالأَنْدَلُسِ إِلَى الآنِ.وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ، وَغَيْرهُ، كَذَلِكَ فِي تَارِيْخِ وَفَاتِه: إِنَّهَا سَنَةُ ثَمَانٍ.
وَقَالَ الرَّمَادِيُّ فِي (تَارِيْخِهِ) : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ، قَالَ:
قَدِمَ عَلَيْنَا مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ، فَسَمِعنَا مِنْهُ، فَحَجَّ، ثُمَّ رَجَعَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ مِنَ الحجِّ، فَسَمِعنَا مِنْهُ.
ابْنِ سَعْدِ بنِ فِهْرٍ الحَضْرَمِيُّ، الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثِّقَةُ، قَاضِي الأَنْدَلُسِ، أَبُو عَمْرٍو، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحَضْرَمِيُّ، الشَّامِيُّ، الحِمْصِيُّ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفِدَاءِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَمْرِو بنِ المُنَادِي، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الفَقِيْهُ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، أَنْبَأَنَا رِزْقُ اللهِ التَّمِيْمِيُّ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ المُعَدَّلُ، أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ السُّلَمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّهَا قِيْلَ لَهَا: مَاذَا كَانَ يَعْمَلُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَيْتِهِ؟
قَالَتْ: كَانَ بَشَراً مِنَ البَشَرِ، يَفْلِي ثَوْبَهُ، وَيَحْلُبُ شَاتَهُ، وَيَخْدُمُ نَفْسَهُ.
هَذَا حَدِيْثٌ صَالِحُ الإِسْنَادِ.
أَخْرَجَهُ: أَبُو عِيْسَى التِّرْمِذِيُّ فِي كِتَابِ (الشَّمَائِلِ) ، عَنْ أَبِي إِسْمَاعِيْلَ السُّلَمِيِّ بَلَدِيِّه، فَوَافَقْنَاهُ بِعُلُوٍّ.
وَمُعَاوِيَةُ مِنْ شَرْطِ مُسْلِمٍ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُشَرَّفٍ، قَالُوا:أَنْبَأَنَا الحَسَنُ بنُ يَحْيَى المَخْزُوْمِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ رِفَاعَةَ، أَنْبَأَنَا أَبُو الحَسَنِ الخِلَعِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَمْرٍو، أَنْبَأَنَا أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ المَدِيْنِيُّ، حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ، عَنْ عَامِرِ بنِ جَشِيْبٍ، عَنْ خَالِدِ بنِ مَعْدَانَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ:
سَمِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ عِنْدَ انْقِضَاءِ الطَّعَامِ: (الحَمْدُ للهِ حَمْداً كَثِيْراً، طَيِّباً، مُبَارَكاً فِيْهِ، غَيْرَ مَكْفِيٍّ، وَلاَ مُوَدَّعٍ، وَلاَ مُسْتَغْنَىً عَنْهُ ) .
أَخْرَجَهُ: النَّسَائِيُّ، عَنْ يُوْنُسَ.
وُلِدَ: فِي حَيَاةِ طَائِفَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَفِي دَوْلَةِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ، فِي حُدُوْدِ الثَّمَانِيْنَ مِنَ الهِجْرَةِ.
وَحَدَّثَ عَنْ: رَاشِدِ بنِ سَعْدٍ، وَأَبِي الزَّاهِرِيَّةِ حُدَيْرِ بنِ كُرَيْبٍ، وَمَكْحُوْلٍ، وَأَبِي مَرْيَمَ الأَنْصَارِيِّ، وَنُعَيْمِ بنِ زِيَادٍ الأَنْمَارِيِّ، وَيُوْنُسَ بنِ سَيْفٍ، وَيَحْيَى بنِ جَابِرٍ الطَّائِيِّ، وَعَامِرِ بنِ جَشِيْبٍ، وَضَمْرَةَ بنِ حَبِيْبٍ، وَسُلَيْمِ بنِ عَامِرٍ، وَأَزْهَرَ بنِ سَعِيْدٍ الحَرَازِيِّ، وَحَاتِمِ بنِ حُرَيْثٍ، وَحَبِيْبِ بنِ عُبَيْدٍ، وَرَبِيْعَةَ بنِ يَزِيْدَ القَصِيْرِ، وَزِيَادِ بنِ أَبِي سَوْدَةَ، وَالسَّفْرِ بنِ نُسَيْرٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي قَيْسٍ، وَصَالِحِ بنِ جُبَيْرٍ الأُرْدُنِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ جُبَيْرِ بنِ نُفَيْرٍ، وَعَبْدِ القَاهِرِ أَبِي عَبْدِ اللهِ، وَعَبْدِ الوَهَّابِ بنِ بُخْتٍ، وَعُمَيْرِ بنِ هَانِئ، وَالعَلاَءِ بنِ
الحَارِثِ، وَكَثِيْرِ بنِ الحَارِثِ، وَالقَاسِمِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيِّ، وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيِّ، وَخَلْقٍ سِوَاهُم.وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَاللَّيْثُ، وَرِشْدِيْنُ بنُ سَعْدٍ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَمَعْنُ بنُ عِيْسَى، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ، وَحَمَّادُ بنُ خَالِدٍ الخَيَّاطُ، وَبِشْرُ بنُ السَّرِيِّ، وَزَيْدُ بنُ الحُبَابِ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى البُرُلُّسِيُّ، وَالوَاقِدِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ، وَهَانِئُ بنُ المُتَوَكِّلِ، وَآخَرُوْنَ.
وَفَرَّ مِنَ الشَّامِ مَعَ المَرْوَانِيَةِ، فَدَخَلَ مَعَهُمُ الأَنْدَلُسَ، فَلَمَّا اسْتَولَى عَلَيْهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُعَاوِيَةَ الدَّاخِلُ، وَلاَّهُ قَضَاءَ مَمَالِكِهِ، ثُمَّ إِنَّهُ فِي آخِرِ عُمُرِهِ حَجَّ، وَحَدَّثَ بِالحِجَازِ، وَغَيْرِهَا.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: خَرَجَ مِنْ حِمْصَ قَدِيْماً، وَكَانَ ثِقَةً.
وَرَوَى: جَعْفَرُ بنُ أَبِي عُثْمَانَ الطَّيَالِسِيُّ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ.
وَرَوَى: أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ، عَنْ يَحْيَى: صَالِحٌ.
وَأَمَّا عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ، فَرَوَى عَنْ يَحْيَى: لَيْسَ بِرَضِيٍّ، كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ لاَ يَرضَاهُ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ صَالِحٍ، فَقَالَ: مَا كُنَّا نَأخُذُ عَنْهُ ذَلِكَ الزَّمَانَ وَلاَ حَرفاً.
وَقَالَ عَلِيٌّ أَيْضاً: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يُوَثِّقُهُ.
أَبُو صَالِحٍ الفَرَّاءُ: أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ بِحَدِيْثٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ صَالِحٍ، ثُمَّ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: مَا كَانَ بِأَهْلٍ أَنْ يُرْوَى عَنْهُ.
قُلْتُ: أَظُّنُه يُشِيْرُ إِلَى مُدَاخَلَتِه لِلدَّوْلَةِ.
ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ: سَمِعْتُ خَالِي مُوْسَى بنَ سَلَمَةَ، قَالَ: أَتَيْتُ مُعَاوِيَةَ بنَ
صَالِحٍ لأَكتُبَ عَنْهُ، فَرَأَيْتُ - أُرَاهُ قَالَ - المَلاَهِي، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟قَالَ: شَيْءٌ نُهْدِيهِ إِلَى صَاحِبِ الأَنْدَلُسِ.
قَالَ: فَتَرَكتُهُ، وَلَمْ أَكْتُبْ عَنْهُ.
وَقَالَ العِجْلِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: ثِقَةٌ، مُحَدِّثٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الحَدِيْثِ، حَسَنُ الحَدِيْثِ، وَلاَ يُحْتَجُّ بِهِ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ صَالِحٍ الوُحَاظِيُّ: خَرَجَ عَنْ حِمْصَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَحَجَّ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ، فَفِيْهَا لَقِيَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ، وَسُفْيَانُ بِمَكَّةَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً، كَثِيْرَ الحَدِيْثِ، وَكَانَ قَاضِياً لَهُم بِالأَنْدَلُسِ، حَجَّ مِنْ دَهْرِهِ حَجَّةً وَاحِدَةً، وَمَرَّ بِالمَدِيْنَةِ، فَلَقِيَهُ مَنْ لَقِيَهُ.
وَقَالَ يَزِيْدُ بنُ عَبْدِ رَبِّهُ: خَرَجَ مِنْ حِمْصَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَهُوَ شَابٌّ، فَصَارَ إِلَى المَغْرِبِ، فَوَلِيَ قَضَاءهُم.
وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ: مَرَّ بِنَا مُعَاوِيَةُ حَاجّاً سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ، فَكَتَبَ عَنْهُ: الثَّوْرِيُّ، وَأَهْلُ مِصْرَ، وَأَهْلُ المَدِيْنَةِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ:
كُنَّا بِمَكَّةَ نَتَذَاكَرُ الحَدِيْثَ، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ، إِذَا إِنْسَانٌ قَدْ دَخَلَ فِيْمَا بَيْنَنَا، يَسْمَعُ حَدِيْثَنَا، فَقُلْتُ: مَنْ أَنْتَ؟
قَالَ: أَنَا مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ.
فَاحْتَوَشْنَاهُ.
أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: سَمِعْتُ عَبْدَ الله بنَ صَالِحٍ يَقُوْلُ: قَدِمَ عَلَيْنَا مُعَاوِيَةُ
بنُ صَالِحٍ، فَجَالَسَ اللَّيْثَ، فَحَدَّثَه، فَقَالَ اللَّيْثُ: يَا عَبْدَ اللهِ! ائْتِ الشَّيْخَ، فَاكتُبْ مَا يُمْلِي عَلَيْكَ.فَأَتَيْتُهُ، وَكَانَ يُملِيْهَا عَلَيَّ، ثُمَّ نَصِيْرُ إِلَى اللَّيْثِ نَقْرَؤُهَا عَلَيْهِ، فَسمِعْتُهَا مِنْ مُعَاوِيَةَ بنِ صَالِحٍ مَرَّتَيْنِ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: حُدِّثتُ عَنْ حُمَيْدِ بنِ زَنْجَوَيْه، قَالَ:
قُلْتُ لِعَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ: إِنَّكَ تَطلُبُ الغَرَائِبَ، فَائْتِ عَبْدَ اللهِ بنَ صَالِحٍ، وَاكتُبْ كِتَابَ مُعَاوِيَةَ بنِ صَالِحٍ، تَسْتَفِيْدُ مائَتَيْ حَدِيْثٍ.
قَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: مِنْهُم مَنْ يَقُوْلُ: مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ وَسَطٌ، لَيْسَ بِالثَّبْتِ، وَلاَ بِالضَّعِيْفِ، وَمِنْهُم مَنْ يُضَعِّفُه.
وَقَالَ ابْنُ خِرَاشٍ: صَدُوْقٌ.
وَقَالَ اللَّيْثُ بنُ عَبْدَةَ: قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ:
كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ إِذَا حَدَّثَ بِحَدِيْثِ مُعَاوِيَةَ بنِ صَالِحٍ، زَبَرَهُ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، وَقَالَ: أَيْش هَذِهِ الأَحَادِيْثُ؟
وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لاَ يُبَالِي عَمَّنْ رَوَى، وَيَحْيَى ثِقَةٌ فِي حَدِيْثِهِ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لِمُعَاوِيَةَ بنِ صَالِحٍ عِنْدَ ابْنِ وَهْبٍ كِتَابٌ، وَعِنْدَ أَبِي صَالِحٍ عَنْهُ كِتَابٌ، وَعِنْدَ ابْنِ مَهْدِيٍّ وَمَعْنٍ عَنْهُ أَحَادِيْثُ، وَحَدَّثَ عَنْهُ: اللَّيْثُ، وَبِشْرُ بنُ السَّرِيِّ، وَثِقَاتُ النَّاسِ، وَمَا أَرَى بِحَدِيْثِهِ بَأْساً، وَهُوَ عِنْدِي صَدُوْقٌ، إِلاَّ أَنَّهُ يَقَعُ فِي حَدِيْثِهِ أَفْرَادَاتٌ.
وَذَكَرَهُ: ابْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِ (الثِّقَاتِ) .
وَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: قَدِمَ مُعَاوِيَةُ مِصْرَ، وَذَهَبَ إِلَى الأَنْدَلُسِ، فَلَمَّا دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُعَاوِيَةَ بنِ هِشَامٍ الأَنْدَلُسَ وَمَلَكَهَا، اتَّصَلَ بِهِ، فَأَرْسَلَه إِلَى الشَّامِ فِي بَعْضِ أَمرِهِ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَيْهِ مِنَ الشَّامِ، وَلاَّهُ قَضَاءَ الجَمَاعَةِ بِالأَنْدَلُسِ....، إِلَى أَنْ قَالَ:
وَتُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ، أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ
بَكْرُ بنُ أَحْمَدَ الشَّعْرَانِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى مُصَنِّفِ (تَارِيْخِ حِمْصَ) ، وَلَهُ عَقِبٌ بِالأَنْدَلُسِ إِلَى الآنِ.وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ، وَغَيْرهُ، كَذَلِكَ فِي تَارِيْخِ وَفَاتِه: إِنَّهَا سَنَةُ ثَمَانٍ.
وَقَالَ الرَّمَادِيُّ فِي (تَارِيْخِهِ) : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ، قَالَ:
قَدِمَ عَلَيْنَا مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ، فَسَمِعنَا مِنْهُ، فَحَجَّ، ثُمَّ رَجَعَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ مِنَ الحجِّ، فَسَمِعنَا مِنْهُ.