علي بن الحسين بن هندي
أبو الحسن الحمصي القاضي أديب فاضل، له شعر حسن، ولد سنة أربع مئة.
ومن شعره يرثي جعفر بن ميسر: من الكامل
الورد مهلكةٌ فكيف المصدر ... والأمر يقضى والمنون المعبر
لا يرسل الباغي عنان جواده ... فلسوف يقصر تحته أو يعثر
وليرتقب يوماً عقيماً ماله ... من ليلةٍ أو ليلةً لا تسحر
إن الذي هو بالسّوية بيننا ... سيّان فيه مقدّمٌ ومؤخّر
يا ضاحكاً بمن استقل غباره ... سيثور عن قدميك ذاك العثير
متقاربٌ إلاّ مناح تعلّلٍ ... ركبٌ إذاً بكروا وركبٌ هجّروا
أمد الحياة ولو تطاول رقدةٌ ... والمرء في حلم بها لا يغبر
يا منكر الأيام في بداوتها ... راجع فإنك عارفٌ ما تنكر
زمنٌ بخيل يستردّ هباته ... أبداً ويطوي صرفه ما ينشر
لو أنّ آثار الليالي نطقت ... صغر العظيم وقلّ ما يستكثر
تسطو بعزّك في ديار معاشرٍ ... كانوا بها وهم أعزّ وأقدر
متبدّلاً ما شئت إصغاراً لهم ... ولو أنّ أعينهم ترى لم يصغروا
فاحفظ حياءك إن رأيت رسومهم ... واسترع حسن حديثهم إن خبّروا
قد خاطبوك وإن هم لم ينطقوا ... ورأيتهم فيها وإن لم يحضروا
لا فرق عند ذوي البصائر بين مو ... جودٍ تراه وممكنٍ يتصوّر
عمروا المنازل والزمان خلالها ... ويوهي من الأعمار ما لا يعمر
لا فارسٌ بجنودها منعت ردى ... كسرى ولا للروم خلّد قيصر
جددٌ، مضى عادٌ وجرهم بعدهم ... وتلاه كهلانٌ وعقّب حمير
وسطا بغسان الملوك وكندةٍ ... فلها دماءٌ عنده لا تثأر
وحجرٌ وعمروٌ والطريد وحارثٌ ... ومحرّق ومزيقياء الأكبر
وثنى إلى لخمٍ سناناً شارعاً ... أودى به نعمانها والمنذر
وخلت قرونٌ بعد ذلك مالها ... أثرٌ يبين ولا حديث يؤثر
لعبت بهم فكأنّهم لم يخلقوا ... ونسوا بها فكأنهم لم يذكروا
أين الألى ولدوك من لد آدمٍ ... وهلمّ حتى بعثمٌ وميسّر
وإذا الأصول تهشّمت فلقلّما ... يبقى على أغصانها ما يثمر
من ذا يرى شجراً تجذّ عروقها ... ويغرّه ورقٌ عليها أخضر
قد كنت تكثر في الحياة تعجبي ... ولمّا بدا لي عند موتك أكثر
فرأيت رضوى وهو يستر بالثّرى ... والبحر في بحر المنية يغمر
ولربّما غمرت هباتك معشراً ... حاروا بها أن يعرفوا أو ينكروا
فغدت عيونهم تحول تفرّساً ... في جعفرٍ فكأنّما هو جعفر
يا برمكيّ الجود إلاّ أنه ... قلبٌ ويحيى كسروي أحمر
لا أدعي بكما السّواء وإنما ... عودٌ صميميٌّ وعود أحور
يا من تنزّل من صليبة قومه ... وسطاً بحيث يناط منها الأبهر
يا من تتيه به مساعيه كما ... يزهى بتيجان الملوك الجوهر
يا من له صدر النّديّ إذا اجتبى ... وله إذا عدّ الكرام الخنصر
ما لي وللّيل البهيم يهيجني ... ويسوقني وجه الصباح المسفر
عجباً لمعمور الفناء أنيسه ... كيف اطمأنّ به العراء المقفر
ولعفر خدّك بالتراب وطالما ... عبق العبير به وصال العنبر
ماذا على بلدٍ وقبرك جاره ... ألاّ يمرّ به السحاب الممطر
فلقد تضمّن راحةً يجري بها ... ماء النّدى فتفيض منه أبحر
أتزورني في النوم زورة عاتبٍ ... تبدي إليّ من الرّضا ما تضمر
وجه تريد به القطوب وبشره ... يطفو على ماء الحياء فيظهر
وتقول لي قولاً يذيب بحرّه ... قلباً يكاد من الصّبابة يقطر
تمضي بباب الدار غير مسلّمٍ ... فترى بها أثري فلا تستعبر
من أين لي من بعد يومك مقلةٌ ... تجري عليك دموعها أو تبصر
كنت السواد لها إذا ما استيقظت ... وإذا غفوت بها فأنت المحجر
بيني وبين الهم بعدك حرمةٌ ... لا تستباح وذمّةٌ لا تخفر
أرتاح ساحة قبره فأزورها ... والهجر من غير الزيارة ينظر
لا أسمع الشكوى ولا أجلو القذى ... وأراه مهضوماً فلا أتذمّر
بأبي الأعزّة أصبحوا وأسيرهم ... لا يفتدى، وذليلهم لا ينصر
عهدي به غرضاً بطول مقامه ... كيف البراح ومن دمشق المحشر
يقف الفتى والحادثات تسوقه ... والمرء يقدر والمنايا تسخر
فاختطّ منها منزلاً من فوقه ... تسفي أعاصيرٌ وتمضي أعصر
يرتاع آنسه ويرتع حوله ... من نافرات الوحش ما لا ينفر
لم يخل ظهر الأرض ممّن ذكره ... من بين أثناء الصحائف يظهر
إن ستّرت تلك المحاسن بالثرى ... فمن الحديث محاسنٌ لا تستر
أو أسرعت في محوهنّ يد البلى ... فيداك تملي والليالي تسطر
ولقد نظرت إلى الزّمان وجوره ... فأبيت عشية من يضام ويقهر
ورغبت عن دارٍ سحاب همومها ... غدقٌ ونكباء النوائب صرصر
دارٌ يسوءك منعها وعطاؤها ... وتذمّ منها غبّ ما تتخيّر
تأتي فيؤلمك انتظار فراقها ... وتروغ عنك إلى سواك فتحشر
فالناس إمّا حاذرٌ مترقّبٌ ... أو حاصلٌ منها على ما يحذر
وإذا رأيت العيش في إقبالها ... نكداً فكيف تظنه إذ يدبر
إن طبّت الدنيا عليك بقربها ... فلقد علمنا أنّ حظّك أكبر
فارقتها فأمنت هول فراقها ... وتكرّمت عيناك عمّا تنظر
وهجرت قوماً طالما صاحبتهم ... لك عاذر إن كان شيءٌ يعذر
ما عفتهم حتى وردت حياضهم ... وخبرتهم فصدقت عمّا تخبر
فثويت تأمن منهم ما يتّقى ... وتنام عن غير الزمان وتسهر
من أصغر الدنيا فذاك عظيمها ... لا من تراه بعزّها يستكبر
يبدي إذا افتقر الخضوع بقد رما ... يختال في ثوب الرّخاء ويبطر
من لم يهن فيما لديه ما صفا ... عزّ العزاء عليه فيما يكدر
يا حبّذا أدب الحكيم فإنّ ... لا عابسٌ كزٌّ ولا مستبشر
يا من ترى ما لا تراه عينه ... ويغيب بعض القوم عما تحضر
الحيّ من تلقاه حيّاً عقله ... والميت ميت الجهل لا من يقبر
من للخطوب إذا تدانى وردها ... وبدا من الأمر الجناب الأزعر
كانت تسرّ وجوهها ووعيدها ... فالآن تطّرح القناع وتجهر
فلربّما أصدرتها فثنيتها ... رغماً وصدر الهول فيها موغر
ولمحضرٌ أحسنت فيه خلافتي ... حتى اشرأبّ لمّا وصفت الحضّر
ردّيتني رداء فضلك فانثنى ... أدبي به زهواً يميس ويخطر
ولمحفلٌ 1والعلم بين شهوده ... متحفّظٌ وأخو البلاغة محصر
أسكتّ ناطقه بقولٍ فيصلٍ ... أعيت نقائضه على من ينكر
لا جاهل الأقوام ثمّ مقدّمٌ ... وهو الكميّ ولا الوجيه موقّر
فيودّ من ترك التّأدّب للغنى ... لو أنّ نقص مكسبيه الأوفر
ولمرهف الجنبات يركب رأسه ... فيظلّ ينظم في الطّروس وينثر
وتراه إن لبس الكلام دروعه ... يعتل في زرد الدلاص فينحر
يمضي بحيث المشرفيّة تنثني ... ويطول حيث السّمهريّة تقصر
فكأنما المعنى الخفيّ معرّضٌ ... وكأنه لدنٌ بكفّك أسمر
إن ضنّ طرفٌ لا يراك بدمعه ... فلايّ يومٍ بعد يومك يدخر
يا صاحبيّ أرى الوفاء يشوبه ... هفوات قلب محافظٍ لا يغدر
قولا لقلبك ما لوجدك حائراً ... لا الشوق مغلوبٌ ولا هو يظفر
قصر ارتياحك قيل: ما طول المدى ... فإذا تطاول فارتياحك أقصر
يا من كأنّ الدهر يعشق ذكره ... فلسانه من وصفه لا يفتر
بأبي ثراك وما تضمّنه الثّرى ... كلٌّ يموت وليس كلٌّ يذكر
ومن شعره: من البسيط
تخلّقٌ حسنٌ إن لم يكن خلقٌ ... تروّعٌ حسنٌ إن لم يكن ورع
فما أرى قيمة الدنيا وإن عظمت ... أن يأتي الحرّ ما من نفسه يضع
توفي ابن هندي سنة خمسين وأربع مئة بدمشق، وخلف ستة عشر ألف درهم، وكان من الإمساك والضبط على غاية، وقيل سنة إحدى وخمسين وأربع مئة.
وكان قاضي حمص وولد سنة أربع مئة.
أبو الحسن الحمصي القاضي أديب فاضل، له شعر حسن، ولد سنة أربع مئة.
ومن شعره يرثي جعفر بن ميسر: من الكامل
الورد مهلكةٌ فكيف المصدر ... والأمر يقضى والمنون المعبر
لا يرسل الباغي عنان جواده ... فلسوف يقصر تحته أو يعثر
وليرتقب يوماً عقيماً ماله ... من ليلةٍ أو ليلةً لا تسحر
إن الذي هو بالسّوية بيننا ... سيّان فيه مقدّمٌ ومؤخّر
يا ضاحكاً بمن استقل غباره ... سيثور عن قدميك ذاك العثير
متقاربٌ إلاّ مناح تعلّلٍ ... ركبٌ إذاً بكروا وركبٌ هجّروا
أمد الحياة ولو تطاول رقدةٌ ... والمرء في حلم بها لا يغبر
يا منكر الأيام في بداوتها ... راجع فإنك عارفٌ ما تنكر
زمنٌ بخيل يستردّ هباته ... أبداً ويطوي صرفه ما ينشر
لو أنّ آثار الليالي نطقت ... صغر العظيم وقلّ ما يستكثر
تسطو بعزّك في ديار معاشرٍ ... كانوا بها وهم أعزّ وأقدر
متبدّلاً ما شئت إصغاراً لهم ... ولو أنّ أعينهم ترى لم يصغروا
فاحفظ حياءك إن رأيت رسومهم ... واسترع حسن حديثهم إن خبّروا
قد خاطبوك وإن هم لم ينطقوا ... ورأيتهم فيها وإن لم يحضروا
لا فرق عند ذوي البصائر بين مو ... جودٍ تراه وممكنٍ يتصوّر
عمروا المنازل والزمان خلالها ... ويوهي من الأعمار ما لا يعمر
لا فارسٌ بجنودها منعت ردى ... كسرى ولا للروم خلّد قيصر
جددٌ، مضى عادٌ وجرهم بعدهم ... وتلاه كهلانٌ وعقّب حمير
وسطا بغسان الملوك وكندةٍ ... فلها دماءٌ عنده لا تثأر
وحجرٌ وعمروٌ والطريد وحارثٌ ... ومحرّق ومزيقياء الأكبر
وثنى إلى لخمٍ سناناً شارعاً ... أودى به نعمانها والمنذر
وخلت قرونٌ بعد ذلك مالها ... أثرٌ يبين ولا حديث يؤثر
لعبت بهم فكأنّهم لم يخلقوا ... ونسوا بها فكأنهم لم يذكروا
أين الألى ولدوك من لد آدمٍ ... وهلمّ حتى بعثمٌ وميسّر
وإذا الأصول تهشّمت فلقلّما ... يبقى على أغصانها ما يثمر
من ذا يرى شجراً تجذّ عروقها ... ويغرّه ورقٌ عليها أخضر
قد كنت تكثر في الحياة تعجبي ... ولمّا بدا لي عند موتك أكثر
فرأيت رضوى وهو يستر بالثّرى ... والبحر في بحر المنية يغمر
ولربّما غمرت هباتك معشراً ... حاروا بها أن يعرفوا أو ينكروا
فغدت عيونهم تحول تفرّساً ... في جعفرٍ فكأنّما هو جعفر
يا برمكيّ الجود إلاّ أنه ... قلبٌ ويحيى كسروي أحمر
لا أدعي بكما السّواء وإنما ... عودٌ صميميٌّ وعود أحور
يا من تنزّل من صليبة قومه ... وسطاً بحيث يناط منها الأبهر
يا من تتيه به مساعيه كما ... يزهى بتيجان الملوك الجوهر
يا من له صدر النّديّ إذا اجتبى ... وله إذا عدّ الكرام الخنصر
ما لي وللّيل البهيم يهيجني ... ويسوقني وجه الصباح المسفر
عجباً لمعمور الفناء أنيسه ... كيف اطمأنّ به العراء المقفر
ولعفر خدّك بالتراب وطالما ... عبق العبير به وصال العنبر
ماذا على بلدٍ وقبرك جاره ... ألاّ يمرّ به السحاب الممطر
فلقد تضمّن راحةً يجري بها ... ماء النّدى فتفيض منه أبحر
أتزورني في النوم زورة عاتبٍ ... تبدي إليّ من الرّضا ما تضمر
وجه تريد به القطوب وبشره ... يطفو على ماء الحياء فيظهر
وتقول لي قولاً يذيب بحرّه ... قلباً يكاد من الصّبابة يقطر
تمضي بباب الدار غير مسلّمٍ ... فترى بها أثري فلا تستعبر
من أين لي من بعد يومك مقلةٌ ... تجري عليك دموعها أو تبصر
كنت السواد لها إذا ما استيقظت ... وإذا غفوت بها فأنت المحجر
بيني وبين الهم بعدك حرمةٌ ... لا تستباح وذمّةٌ لا تخفر
أرتاح ساحة قبره فأزورها ... والهجر من غير الزيارة ينظر
لا أسمع الشكوى ولا أجلو القذى ... وأراه مهضوماً فلا أتذمّر
بأبي الأعزّة أصبحوا وأسيرهم ... لا يفتدى، وذليلهم لا ينصر
عهدي به غرضاً بطول مقامه ... كيف البراح ومن دمشق المحشر
يقف الفتى والحادثات تسوقه ... والمرء يقدر والمنايا تسخر
فاختطّ منها منزلاً من فوقه ... تسفي أعاصيرٌ وتمضي أعصر
يرتاع آنسه ويرتع حوله ... من نافرات الوحش ما لا ينفر
لم يخل ظهر الأرض ممّن ذكره ... من بين أثناء الصحائف يظهر
إن ستّرت تلك المحاسن بالثرى ... فمن الحديث محاسنٌ لا تستر
أو أسرعت في محوهنّ يد البلى ... فيداك تملي والليالي تسطر
ولقد نظرت إلى الزّمان وجوره ... فأبيت عشية من يضام ويقهر
ورغبت عن دارٍ سحاب همومها ... غدقٌ ونكباء النوائب صرصر
دارٌ يسوءك منعها وعطاؤها ... وتذمّ منها غبّ ما تتخيّر
تأتي فيؤلمك انتظار فراقها ... وتروغ عنك إلى سواك فتحشر
فالناس إمّا حاذرٌ مترقّبٌ ... أو حاصلٌ منها على ما يحذر
وإذا رأيت العيش في إقبالها ... نكداً فكيف تظنه إذ يدبر
إن طبّت الدنيا عليك بقربها ... فلقد علمنا أنّ حظّك أكبر
فارقتها فأمنت هول فراقها ... وتكرّمت عيناك عمّا تنظر
وهجرت قوماً طالما صاحبتهم ... لك عاذر إن كان شيءٌ يعذر
ما عفتهم حتى وردت حياضهم ... وخبرتهم فصدقت عمّا تخبر
فثويت تأمن منهم ما يتّقى ... وتنام عن غير الزمان وتسهر
من أصغر الدنيا فذاك عظيمها ... لا من تراه بعزّها يستكبر
يبدي إذا افتقر الخضوع بقد رما ... يختال في ثوب الرّخاء ويبطر
من لم يهن فيما لديه ما صفا ... عزّ العزاء عليه فيما يكدر
يا حبّذا أدب الحكيم فإنّ ... لا عابسٌ كزٌّ ولا مستبشر
يا من ترى ما لا تراه عينه ... ويغيب بعض القوم عما تحضر
الحيّ من تلقاه حيّاً عقله ... والميت ميت الجهل لا من يقبر
من للخطوب إذا تدانى وردها ... وبدا من الأمر الجناب الأزعر
كانت تسرّ وجوهها ووعيدها ... فالآن تطّرح القناع وتجهر
فلربّما أصدرتها فثنيتها ... رغماً وصدر الهول فيها موغر
ولمحضرٌ أحسنت فيه خلافتي ... حتى اشرأبّ لمّا وصفت الحضّر
ردّيتني رداء فضلك فانثنى ... أدبي به زهواً يميس ويخطر
ولمحفلٌ 1والعلم بين شهوده ... متحفّظٌ وأخو البلاغة محصر
أسكتّ ناطقه بقولٍ فيصلٍ ... أعيت نقائضه على من ينكر
لا جاهل الأقوام ثمّ مقدّمٌ ... وهو الكميّ ولا الوجيه موقّر
فيودّ من ترك التّأدّب للغنى ... لو أنّ نقص مكسبيه الأوفر
ولمرهف الجنبات يركب رأسه ... فيظلّ ينظم في الطّروس وينثر
وتراه إن لبس الكلام دروعه ... يعتل في زرد الدلاص فينحر
يمضي بحيث المشرفيّة تنثني ... ويطول حيث السّمهريّة تقصر
فكأنما المعنى الخفيّ معرّضٌ ... وكأنه لدنٌ بكفّك أسمر
إن ضنّ طرفٌ لا يراك بدمعه ... فلايّ يومٍ بعد يومك يدخر
يا صاحبيّ أرى الوفاء يشوبه ... هفوات قلب محافظٍ لا يغدر
قولا لقلبك ما لوجدك حائراً ... لا الشوق مغلوبٌ ولا هو يظفر
قصر ارتياحك قيل: ما طول المدى ... فإذا تطاول فارتياحك أقصر
يا من كأنّ الدهر يعشق ذكره ... فلسانه من وصفه لا يفتر
بأبي ثراك وما تضمّنه الثّرى ... كلٌّ يموت وليس كلٌّ يذكر
ومن شعره: من البسيط
تخلّقٌ حسنٌ إن لم يكن خلقٌ ... تروّعٌ حسنٌ إن لم يكن ورع
فما أرى قيمة الدنيا وإن عظمت ... أن يأتي الحرّ ما من نفسه يضع
توفي ابن هندي سنة خمسين وأربع مئة بدمشق، وخلف ستة عشر ألف درهم، وكان من الإمساك والضبط على غاية، وقيل سنة إحدى وخمسين وأربع مئة.
وكان قاضي حمص وولد سنة أربع مئة.