صفوان بن المعطل بن رخصة
ابن المؤمل بن خزاعي بن محاربي بن هلال بن فالج بن ذكوان بن ثعلبة بن بُهثة بن سُليم بن منصور، أبو عمرو السلمي الذكواني صاحب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكان من صالحي أصحابه. أثنى عليه المصطفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين رماه أهل الإفك، فقال: ما علمت منه إلا خيراً. قتل بعد ذلك في سبيل الله عزّ وجلّ في غزوة إرمينية سنة تسع عشرة، ويقال: مات بالجزيرة بناحية سُمَيساط سنة ستين. وقبره هناك.
أقول: من قال إنه قتلك شهيداً لا يثبت.
ويقال: أسلم قبل المُرَيسيع، وكان على ناقة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وضرب حسن بن ثابت بالسيف لما هجاه. فلم يقده النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال له: خبيث اللسان، طيب القلب. وشهد فتح دمشق.
قالوا: وشهد الخندق ومشاهده كلها. وكان مع كرز بن جابر الفِهري في طلب العرنيين الذين أغاروا على لقاح سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذي الْجُدُر.
حدث صفوان بن المعطل قال: كنت مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سفر، فرمقتُ صلاته، فصلى العشاء الآخرة ثم نام. فلما كان نصف الليل استنبَهَ فتلا العشر آيات آخِرَ سورة آل عمران. ثم قام، ثم تسوّك ثم قام فتوضأ وصلّى ركعتين. فلا أدري أقيامه أم ركوعه أم سجوده أطول. ثم انصرف فنام ثم استيقظ ففعل مثل ذلك. فلم يزل يفعل كما فعل أول مرة حتى صلّى إحدى عشرة ركعة.
وعن أبي هريرة قال:
جاء صفوان بن المعطل إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا نبي الله، إني سائلك عن أمر أنت به عالم وأنا به جاهل. قال: وما هو؟ قال: هل من ساعات من الليل والنهار ساعةٌ تُكرَه فيها الصلاة؟ قال: " نعم. إذا صليت الصبح فدع الصلاة حتى تطلع الشمس فإنها تطلع بين قرني الشيطان. ثم الصلاة محضورة متقبَّلة حتى تستوي الشمس على رأسك قيد رمح، فإذا كانت على رأسك فدع الصلاة. فإن تلك الساعة التي تُسجر فيها جهنم، وتفتح فيها أبوابها، حتى ترتفع الشمس عن حاجبك الأيمن. فإذا زالت فصلِّ، فإن الصلاة محضورة متقبَّلة، حتى تصلي العصر، ثم ذكر الصلاة حتى تغرب الشمس ".
وعن أبي سعيد قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: يا رسول الله إن زوجي
صفوان بن المعطل يضربني إذا صليت، ويفطرني إذا صمت، ولا يصلي صلاة الصبح حتى تطلع الشمس. قال: وصفوان عنده فسأله عما قالت فقال: يا رسول الله، أما قولها: يضربني إذا صليت فإنها تقرأ بسورتي وقد نهيتها عنها. فقال: لو كانت سورة واحدة لكفت الناس. قال: وأما قولها: يفطرني إذا صمت، فإنها تنطلق فتصوم، وأنا رجل شاب فلا أصبر، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يومئذٍ: لا تصوم امرأة إلا بإذن زوجها. وأما قولها: إني لا أصلي حتى تطلع الشمس، فإنا أهل بيت قد عُرف لنا ذاك، إنا لا نكاد نستيقظ حتى تطلع الشمس. قال: فإذا استيقظت فصلِّ.
وفي رواية بمعناه: لا تصومي إلا بإذنه، ولا تقرئي بسورته. وأما أنت يا صفوان فإذا استيقظت فصلِّ.
وحدث الحسن عن صاحب زاد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال ابن عون: كان يسمى سفينة أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان في سفر وراحلته عليها زادُ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجاء صفوان بن المعطل فقال: إني قد جعت. قال: ما أنا بمطعمك حتى يأمرني النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وينزل الناس فتأكل، فقال هكذا بالسيف، وكشف عرقوب الراحلة. قال: وكان إذا حزبهم أمر قالوا: احبس أول، احبس أول، فسمعوا فوقفوا. وجاء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فلما رأى ما صنع صفوان بن المعطل بالراحلة قال له: اخرج، وأمر الناس أن يسيروا، فجعل صفوان بن المعطل يتبعهم حتى نزلوا، فجعل يأتيهم في رحالهم ويقول: إلى أين أخرجني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ إلى النار أخرجني! قال: فأتَوا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالوا: يا رسول الله، ما زال صفوان يتجوّب رحالنا منذ الليلة ويقول: إلى أين أخرجني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى النار أخرجني! فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن صفوان بن المعطل خبيث اللسان، طيب القلب.
وفي حديث آخر بمعناه: فبلغ ذلك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: قولوا لصفوان: فليذهب. فلما نزلوا لم يبت تلك الليلة، يطوف في أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى أتى علياً فقال: أين أذهب؟ أذهب إلى الكفر! فدخل علي على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: إن هذا لم يدعنا نبيت هذه الليلة. قال: أين يذهب؟ إلى الكفر؟ قال: قولوا لصفوان: فليلحَق.
وعن عائشة في ذكر حديث الإفك وقال: قام النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: " أما بعد، فأشيروا عليّ في أناس أَبَنُوا أهلي، وايم الله إن علمت على أهلي من سوء قط. وأَبَنُوهم بمن! والله إن علمت عليه سوءاً قط. ولا دخل على أهلي إلا وأنا شاهد ". يعني: صفوان بن المعطل.
وكان حسان بن ثابت قد كثر على صفوان بن المعطل في شأن عائشة. ثم قال بيت شعر يعرّض به فيه وبأشباهه فقال: البسيط
أمسى الجلابيبُ قد عزُّوا وقد كثُروا ... وابنُ الفُريعة أمسى بيضةَ البلدِ
فاعترضه صفوان بن المعطل ليلاً وهو آتٍ من عند أخواله بني ساعدة، فضربه بالسيف على رأسه، فيغدو عليه ثابت بن قيس بن شماس، فجمع يديه إلى عنقه بحبل أسود، وانطلق به إلى دار بني حارثة، فلقيه عبد الله بن رواحة فقال له: ما هذا؟! فقال: ما أعجبك، عدا حسان بالسيف. فوالله ما أراه إلا قد قتلته. فقال: هل علم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما صنعت به؟ فقال: لا، فقال: والله، لقد اجترأت، خلّ سبيله فسنغدو على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فنعلمه أمره، فخلّى سبيله. فلما أصبحوا غدوا على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكروا له ذلك فقال: أين ابن المعطل؟ فقام إليه فقال: ها أنا يا رسول الله، فقال: ما دعاك إلى ما صنعت؟! فقال: يا رسول الله. آذاني وكثر علي. ثم لم يرض حتى عرّض في الهجاء فاحتملني الغضب. وهذا أنا، فما كان عليّ من حق فخذني به، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ادع لي حسان، فأُتي به، فقال: يا حسان: أتشوَّهتَ على
قوم أن هداهم الله للإسلام؟! يقول: نفست عليهم يا حسان، أحسن فيما أصابك فقال: هي لك يا رسول الله، فأعطاه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سيرين القبطية فولدت له عبد الرحمن بن حسان، أعطاه أرضاً كانت لأبي طلحة، تصدق بها على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وما كانت عائشة رضي الله عنها تذكر حسان إلا بخير. ولقد سمعت عروة بن الزبير يوماً يسبُّه لما كان منه فقالت: لا تسبّه يا بني، أليس هو الذي يقول:
فإنّ أبي ووالدَه وعِرضي ... لعِض محمدٍ منكم وِقاءُ؟
وعن الحسن قال: لما قال حسان بن ثابت في شأن عائشة رضي الله عنها ما قال حلف صفوان بن المعطل لئن أنزل الله عذره ليضربن حسان ضربة بالسيف. فلما أنزل الله عذره ضرب حسان على كتفه بالسيف فأخذه قومه فأتوا به وبحسان إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فدفعه إليهم ليقضوا فلما أدبروا بكى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقيل لهم. هذا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يبكي. يبكي فارجعوا به فتركه حسان لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دعوا حسان فإنه يحب الله ورسوله. أو كما قال.
وعن صفوان بن المعطل قال: خرجنا حجاجاً. فلما كنا بالعَرج إذا نحن بحيّة تضطرب، فلم تلبث أن ماتت، فأخرج لها رجل خرقة من عَيبته فلفها فيه ودفنها، وخدّ لها في الأرض. فلما أتينا مكة، فإنا لبالمسجد الحرام غذ وقف علينا شخص فقال: أيكم صاحب عمرو بن جابر؟ قلنا: ما نعرفه. قال: أيكم صاحب الجانّ؟ قالوا: هذا. قال: جزاك الله خيراً، أما إنه قد كان من آخر السبعة موتاً الذين أتوا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستمعونالقرآن.
حدث موسى بن مهران السنجاري أن عكرمة بن أبي جهل انتهى إلى آمد، ووجّه صفوان بن المعطل إلى إرمينية الرابعة ففتحها الله عليه. وأنه حاصر حصناً يقال له: بولا في بعث فرموه فقتلوه، فدفن قدام الحصن قريباً من عينٍ هنالك.
قال أبو إسحاق السنجاري: أتينا بولا في بعث، فقال لي شيخ من أهلها قد بلغ مئة سنة أو زاد عليها: أتريد أن أريك قبر صفوان بن المعطل؟ قلت: نعم، فإذا هو من بابها رمية بحجر. وقال: رمينا فقتلناه. قال: فبلغ عمر قتله، فدعا علينا دعوة إنا لنعرفها إلى الساعة.
ابن المؤمل بن خزاعي بن محاربي بن هلال بن فالج بن ذكوان بن ثعلبة بن بُهثة بن سُليم بن منصور، أبو عمرو السلمي الذكواني صاحب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكان من صالحي أصحابه. أثنى عليه المصطفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين رماه أهل الإفك، فقال: ما علمت منه إلا خيراً. قتل بعد ذلك في سبيل الله عزّ وجلّ في غزوة إرمينية سنة تسع عشرة، ويقال: مات بالجزيرة بناحية سُمَيساط سنة ستين. وقبره هناك.
أقول: من قال إنه قتلك شهيداً لا يثبت.
ويقال: أسلم قبل المُرَيسيع، وكان على ناقة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وضرب حسن بن ثابت بالسيف لما هجاه. فلم يقده النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال له: خبيث اللسان، طيب القلب. وشهد فتح دمشق.
قالوا: وشهد الخندق ومشاهده كلها. وكان مع كرز بن جابر الفِهري في طلب العرنيين الذين أغاروا على لقاح سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذي الْجُدُر.
حدث صفوان بن المعطل قال: كنت مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سفر، فرمقتُ صلاته، فصلى العشاء الآخرة ثم نام. فلما كان نصف الليل استنبَهَ فتلا العشر آيات آخِرَ سورة آل عمران. ثم قام، ثم تسوّك ثم قام فتوضأ وصلّى ركعتين. فلا أدري أقيامه أم ركوعه أم سجوده أطول. ثم انصرف فنام ثم استيقظ ففعل مثل ذلك. فلم يزل يفعل كما فعل أول مرة حتى صلّى إحدى عشرة ركعة.
وعن أبي هريرة قال:
جاء صفوان بن المعطل إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا نبي الله، إني سائلك عن أمر أنت به عالم وأنا به جاهل. قال: وما هو؟ قال: هل من ساعات من الليل والنهار ساعةٌ تُكرَه فيها الصلاة؟ قال: " نعم. إذا صليت الصبح فدع الصلاة حتى تطلع الشمس فإنها تطلع بين قرني الشيطان. ثم الصلاة محضورة متقبَّلة حتى تستوي الشمس على رأسك قيد رمح، فإذا كانت على رأسك فدع الصلاة. فإن تلك الساعة التي تُسجر فيها جهنم، وتفتح فيها أبوابها، حتى ترتفع الشمس عن حاجبك الأيمن. فإذا زالت فصلِّ، فإن الصلاة محضورة متقبَّلة، حتى تصلي العصر، ثم ذكر الصلاة حتى تغرب الشمس ".
وعن أبي سعيد قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: يا رسول الله إن زوجي
صفوان بن المعطل يضربني إذا صليت، ويفطرني إذا صمت، ولا يصلي صلاة الصبح حتى تطلع الشمس. قال: وصفوان عنده فسأله عما قالت فقال: يا رسول الله، أما قولها: يضربني إذا صليت فإنها تقرأ بسورتي وقد نهيتها عنها. فقال: لو كانت سورة واحدة لكفت الناس. قال: وأما قولها: يفطرني إذا صمت، فإنها تنطلق فتصوم، وأنا رجل شاب فلا أصبر، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يومئذٍ: لا تصوم امرأة إلا بإذن زوجها. وأما قولها: إني لا أصلي حتى تطلع الشمس، فإنا أهل بيت قد عُرف لنا ذاك، إنا لا نكاد نستيقظ حتى تطلع الشمس. قال: فإذا استيقظت فصلِّ.
وفي رواية بمعناه: لا تصومي إلا بإذنه، ولا تقرئي بسورته. وأما أنت يا صفوان فإذا استيقظت فصلِّ.
وحدث الحسن عن صاحب زاد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال ابن عون: كان يسمى سفينة أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان في سفر وراحلته عليها زادُ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجاء صفوان بن المعطل فقال: إني قد جعت. قال: ما أنا بمطعمك حتى يأمرني النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وينزل الناس فتأكل، فقال هكذا بالسيف، وكشف عرقوب الراحلة. قال: وكان إذا حزبهم أمر قالوا: احبس أول، احبس أول، فسمعوا فوقفوا. وجاء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فلما رأى ما صنع صفوان بن المعطل بالراحلة قال له: اخرج، وأمر الناس أن يسيروا، فجعل صفوان بن المعطل يتبعهم حتى نزلوا، فجعل يأتيهم في رحالهم ويقول: إلى أين أخرجني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ إلى النار أخرجني! قال: فأتَوا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالوا: يا رسول الله، ما زال صفوان يتجوّب رحالنا منذ الليلة ويقول: إلى أين أخرجني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى النار أخرجني! فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن صفوان بن المعطل خبيث اللسان، طيب القلب.
وفي حديث آخر بمعناه: فبلغ ذلك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: قولوا لصفوان: فليذهب. فلما نزلوا لم يبت تلك الليلة، يطوف في أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى أتى علياً فقال: أين أذهب؟ أذهب إلى الكفر! فدخل علي على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: إن هذا لم يدعنا نبيت هذه الليلة. قال: أين يذهب؟ إلى الكفر؟ قال: قولوا لصفوان: فليلحَق.
وعن عائشة في ذكر حديث الإفك وقال: قام النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: " أما بعد، فأشيروا عليّ في أناس أَبَنُوا أهلي، وايم الله إن علمت على أهلي من سوء قط. وأَبَنُوهم بمن! والله إن علمت عليه سوءاً قط. ولا دخل على أهلي إلا وأنا شاهد ". يعني: صفوان بن المعطل.
وكان حسان بن ثابت قد كثر على صفوان بن المعطل في شأن عائشة. ثم قال بيت شعر يعرّض به فيه وبأشباهه فقال: البسيط
أمسى الجلابيبُ قد عزُّوا وقد كثُروا ... وابنُ الفُريعة أمسى بيضةَ البلدِ
فاعترضه صفوان بن المعطل ليلاً وهو آتٍ من عند أخواله بني ساعدة، فضربه بالسيف على رأسه، فيغدو عليه ثابت بن قيس بن شماس، فجمع يديه إلى عنقه بحبل أسود، وانطلق به إلى دار بني حارثة، فلقيه عبد الله بن رواحة فقال له: ما هذا؟! فقال: ما أعجبك، عدا حسان بالسيف. فوالله ما أراه إلا قد قتلته. فقال: هل علم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما صنعت به؟ فقال: لا، فقال: والله، لقد اجترأت، خلّ سبيله فسنغدو على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فنعلمه أمره، فخلّى سبيله. فلما أصبحوا غدوا على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكروا له ذلك فقال: أين ابن المعطل؟ فقام إليه فقال: ها أنا يا رسول الله، فقال: ما دعاك إلى ما صنعت؟! فقال: يا رسول الله. آذاني وكثر علي. ثم لم يرض حتى عرّض في الهجاء فاحتملني الغضب. وهذا أنا، فما كان عليّ من حق فخذني به، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ادع لي حسان، فأُتي به، فقال: يا حسان: أتشوَّهتَ على
قوم أن هداهم الله للإسلام؟! يقول: نفست عليهم يا حسان، أحسن فيما أصابك فقال: هي لك يا رسول الله، فأعطاه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سيرين القبطية فولدت له عبد الرحمن بن حسان، أعطاه أرضاً كانت لأبي طلحة، تصدق بها على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وما كانت عائشة رضي الله عنها تذكر حسان إلا بخير. ولقد سمعت عروة بن الزبير يوماً يسبُّه لما كان منه فقالت: لا تسبّه يا بني، أليس هو الذي يقول:
فإنّ أبي ووالدَه وعِرضي ... لعِض محمدٍ منكم وِقاءُ؟
وعن الحسن قال: لما قال حسان بن ثابت في شأن عائشة رضي الله عنها ما قال حلف صفوان بن المعطل لئن أنزل الله عذره ليضربن حسان ضربة بالسيف. فلما أنزل الله عذره ضرب حسان على كتفه بالسيف فأخذه قومه فأتوا به وبحسان إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فدفعه إليهم ليقضوا فلما أدبروا بكى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقيل لهم. هذا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يبكي. يبكي فارجعوا به فتركه حسان لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دعوا حسان فإنه يحب الله ورسوله. أو كما قال.
وعن صفوان بن المعطل قال: خرجنا حجاجاً. فلما كنا بالعَرج إذا نحن بحيّة تضطرب، فلم تلبث أن ماتت، فأخرج لها رجل خرقة من عَيبته فلفها فيه ودفنها، وخدّ لها في الأرض. فلما أتينا مكة، فإنا لبالمسجد الحرام غذ وقف علينا شخص فقال: أيكم صاحب عمرو بن جابر؟ قلنا: ما نعرفه. قال: أيكم صاحب الجانّ؟ قالوا: هذا. قال: جزاك الله خيراً، أما إنه قد كان من آخر السبعة موتاً الذين أتوا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستمعونالقرآن.
حدث موسى بن مهران السنجاري أن عكرمة بن أبي جهل انتهى إلى آمد، ووجّه صفوان بن المعطل إلى إرمينية الرابعة ففتحها الله عليه. وأنه حاصر حصناً يقال له: بولا في بعث فرموه فقتلوه، فدفن قدام الحصن قريباً من عينٍ هنالك.
قال أبو إسحاق السنجاري: أتينا بولا في بعث، فقال لي شيخ من أهلها قد بلغ مئة سنة أو زاد عليها: أتريد أن أريك قبر صفوان بن المعطل؟ قلت: نعم، فإذا هو من بابها رمية بحجر. وقال: رمينا فقتلناه. قال: فبلغ عمر قتله، فدعا علينا دعوة إنا لنعرفها إلى الساعة.