سيابة بن عاصم بن شيبان
ابن خزاعي بن محارب بن مرة بن هلال، السلمي له وفادة على سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يسكن الشام.
حدث سيابة أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال يوم حنين.
أنا ابن العواتك.
زاد في رواية من سليم حدث الشعبي
أنه أتي به للحجاج موثقاً، فلما انتهي به إلى باب القصر، قال: لقيني يزيد بن أبي مسلم، فقال: إنا لله يا شعبي، لما بين دفتيك من العلم، وليس بيوم شفاعة بؤ للأمير بالشرك والنفاق على نفسك، فبالحري أن تنجو، ثم لقيني محمد بن الحجاج، فقال لي مثل مقالة يزيد. فلما دخلت على الحجاج قال: وأنت يا شعبي ممن خرج علينا وكثر؟! فقلت: أصلح الله الأمير، أحزن بنا المنزل، وأجدب الجناب، وضاق المسلك، واكتحلنا السهر، واستحلسنا الخوف، ووقعنا في خزية لم نكن فيها بررة أتقياء، ولا فجرة أقوياء، قال: صدق والله، ما برّوا بخروجهم علينا، ولا قووا علينا حيث فجروا، أطلقوا عنه. ثم احتاج إلي في فريضة فأتيته، فقال: ما تقول في أخت وأم وجد؟ قلت: قد أختلف فيها خمسة من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عبد الله بن عباس، وزيد، وعثمان، وعلي، وعبد الله بن مسعود، فقال: ما قال فيها ابن عباس إن كان لمفتيا؟ قلت: جعل الجد أباً، ولم يعط الأخت شيئاً، وأعطى الأم الثلث، قال: فما قال فيها زيد؟ قلت:
جعلها من تسعة: أعطى الأم ثلاثة، وأعطى الجد أربعة، وأعطى الأخت سهمين، قال: فما قال: فيها أمير المؤمنين، يعني عثمان؟ قلت: جعلها ثلاثاً، قال: فما قال فيها ابن مسعود؟ قلت جعلها من ستة: أعطى الأخت ثلاثاً، والجد سهمين، والأم سهمين، قال: فما قال فيها أبو تراب؟ قلت جعلها ستة أعطى الأخت ثلاثة، وأعطى الأم سهمين، وأعطى الجد سهماً، إذ جاء الحاجب، وقال: إن بالباب رسلاً قال: ائذن لهم، قال: فدخلوا عمائمهم على أوساطهم، وسيوفهم على عواتقهم، وكتبهم بأيمانهم، ودخل رجل من بني سليم يقال له سيابة بن عاصم، فقال: من أين قال من الشام، قال: كيف أمير المؤمنين، كيف جسمه؟ فأخبره. فقال: هل كان وراءك من غيث؟ قال: نعم، أصابني فيما بيني وبين أمير المؤمنين ثلاث سحائب، قال: فانعت لي كيف كان وقع القطر؟ وكيف كان أثره وتباشيره؟ قال: أصابتني سحابة بحوران، فوقع قطر صغار، وقطر كبار، فكان الكبار لحمة الصغار، ووقع بسيط متدارك وهو السح الذي سمعت به، فواد سائل، وواد بارح، وأرض مقبلة وأرض مدبرة، وأصابتني سحابة بسوى القريتين ففاءت الأرض بعد الري وامتلأ الري وامتلأ الإخاذ وأفعمت الأودية، وجئتك في مثل وجار - أو مجر - الضبع.
ثم قال: ائذن. فدخل رجل من بني أسد فقال: هل كان وراءك من غيث؟ قال: لا، كثر الإعصار، واغبرت البلاد وأكل ما اشرف من الجنبة، فاستقينا انه عام سنة.
قال: بئس المخبر أنت، قال: أخبرتك بالذي كان.
قال: ائذن، فدخل رجل من أهل اليمامة، فقال: هل كان وراءك من غيث؟ قال: نعم، سمعت الرواد يدعون إلى ريادتها، وسمعت قائلاً يقول: هلموا أظعنكم إلى محلة تطفأ فيها النيران، وتشكى فيها النساء، ويتنافس فيها المعزى.
قال الشعبي: فلم يدري الحجاج ما قال. قال: ويحك إنما تحدث أهل الشام فافهمهم، قال: أصلح الله الأمير أخصبت الناس فكان التمر والسمن والزبد واللبن فلا توقد نار يختبز بها. وأما تشكي النساء فإن المرأة تظل تربق بهمها، وتمخض لبنها، فتبيت ولها أمين من عضيدها كأنهما ليس منها. وأما تنافس المعزى فإنها ترعى من أنواع الشجر وألوان الثمر ونور النبات ما يشبع بطونها ولا يشبع عيونها فتبيت وقد امتلأت أكراشها، لها من الكظة جرة، فتبقى الجرة حتى تستنزل بها الدرة.
قال: ائذن فدخل رجل من الموالي كان من أشد الناس في ذلك الزمان، فقال: هل كان وراءك من غيث؟ قال: نعم. ولكن لا أحسن أن أقول كما قال هؤلاء. قال: قل كما تحسن، قال: أصابتني سحابة بحلوان، فلم أزل أطأ في إثرها حتى دخلت على الأمير.
قال: لأن كنت أقصرهم في المطر خطبة إنك لأطولهم بالسيف خطوة.
العرب تقول: لا أفعل ذلك ما اختلفت الجرة والدرة، واختلافها أن الجرة تصعد والدرة تسفل.
ابن خزاعي بن محارب بن مرة بن هلال، السلمي له وفادة على سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يسكن الشام.
حدث سيابة أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال يوم حنين.
أنا ابن العواتك.
زاد في رواية من سليم حدث الشعبي
أنه أتي به للحجاج موثقاً، فلما انتهي به إلى باب القصر، قال: لقيني يزيد بن أبي مسلم، فقال: إنا لله يا شعبي، لما بين دفتيك من العلم، وليس بيوم شفاعة بؤ للأمير بالشرك والنفاق على نفسك، فبالحري أن تنجو، ثم لقيني محمد بن الحجاج، فقال لي مثل مقالة يزيد. فلما دخلت على الحجاج قال: وأنت يا شعبي ممن خرج علينا وكثر؟! فقلت: أصلح الله الأمير، أحزن بنا المنزل، وأجدب الجناب، وضاق المسلك، واكتحلنا السهر، واستحلسنا الخوف، ووقعنا في خزية لم نكن فيها بررة أتقياء، ولا فجرة أقوياء، قال: صدق والله، ما برّوا بخروجهم علينا، ولا قووا علينا حيث فجروا، أطلقوا عنه. ثم احتاج إلي في فريضة فأتيته، فقال: ما تقول في أخت وأم وجد؟ قلت: قد أختلف فيها خمسة من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عبد الله بن عباس، وزيد، وعثمان، وعلي، وعبد الله بن مسعود، فقال: ما قال فيها ابن عباس إن كان لمفتيا؟ قلت: جعل الجد أباً، ولم يعط الأخت شيئاً، وأعطى الأم الثلث، قال: فما قال فيها زيد؟ قلت:
جعلها من تسعة: أعطى الأم ثلاثة، وأعطى الجد أربعة، وأعطى الأخت سهمين، قال: فما قال: فيها أمير المؤمنين، يعني عثمان؟ قلت: جعلها ثلاثاً، قال: فما قال فيها ابن مسعود؟ قلت جعلها من ستة: أعطى الأخت ثلاثاً، والجد سهمين، والأم سهمين، قال: فما قال فيها أبو تراب؟ قلت جعلها ستة أعطى الأخت ثلاثة، وأعطى الأم سهمين، وأعطى الجد سهماً، إذ جاء الحاجب، وقال: إن بالباب رسلاً قال: ائذن لهم، قال: فدخلوا عمائمهم على أوساطهم، وسيوفهم على عواتقهم، وكتبهم بأيمانهم، ودخل رجل من بني سليم يقال له سيابة بن عاصم، فقال: من أين قال من الشام، قال: كيف أمير المؤمنين، كيف جسمه؟ فأخبره. فقال: هل كان وراءك من غيث؟ قال: نعم، أصابني فيما بيني وبين أمير المؤمنين ثلاث سحائب، قال: فانعت لي كيف كان وقع القطر؟ وكيف كان أثره وتباشيره؟ قال: أصابتني سحابة بحوران، فوقع قطر صغار، وقطر كبار، فكان الكبار لحمة الصغار، ووقع بسيط متدارك وهو السح الذي سمعت به، فواد سائل، وواد بارح، وأرض مقبلة وأرض مدبرة، وأصابتني سحابة بسوى القريتين ففاءت الأرض بعد الري وامتلأ الري وامتلأ الإخاذ وأفعمت الأودية، وجئتك في مثل وجار - أو مجر - الضبع.
ثم قال: ائذن. فدخل رجل من بني أسد فقال: هل كان وراءك من غيث؟ قال: لا، كثر الإعصار، واغبرت البلاد وأكل ما اشرف من الجنبة، فاستقينا انه عام سنة.
قال: بئس المخبر أنت، قال: أخبرتك بالذي كان.
قال: ائذن، فدخل رجل من أهل اليمامة، فقال: هل كان وراءك من غيث؟ قال: نعم، سمعت الرواد يدعون إلى ريادتها، وسمعت قائلاً يقول: هلموا أظعنكم إلى محلة تطفأ فيها النيران، وتشكى فيها النساء، ويتنافس فيها المعزى.
قال الشعبي: فلم يدري الحجاج ما قال. قال: ويحك إنما تحدث أهل الشام فافهمهم، قال: أصلح الله الأمير أخصبت الناس فكان التمر والسمن والزبد واللبن فلا توقد نار يختبز بها. وأما تشكي النساء فإن المرأة تظل تربق بهمها، وتمخض لبنها، فتبيت ولها أمين من عضيدها كأنهما ليس منها. وأما تنافس المعزى فإنها ترعى من أنواع الشجر وألوان الثمر ونور النبات ما يشبع بطونها ولا يشبع عيونها فتبيت وقد امتلأت أكراشها، لها من الكظة جرة، فتبقى الجرة حتى تستنزل بها الدرة.
قال: ائذن فدخل رجل من الموالي كان من أشد الناس في ذلك الزمان، فقال: هل كان وراءك من غيث؟ قال: نعم. ولكن لا أحسن أن أقول كما قال هؤلاء. قال: قل كما تحسن، قال: أصابتني سحابة بحلوان، فلم أزل أطأ في إثرها حتى دخلت على الأمير.
قال: لأن كنت أقصرهم في المطر خطبة إنك لأطولهم بالسيف خطوة.
العرب تقول: لا أفعل ذلك ما اختلفت الجرة والدرة، واختلافها أن الجرة تصعد والدرة تسفل.