زياد بن عبيد الله بن عبد الله
واسمه عبد الحجر بن عبد المدان واسمه عمرو بن الديان واسمه يزيد بن قطن ابن زياد بن الحارث بن مالك بن ربيعة بن كعب ينتهي نسبه إلى قحطان الحارثي، وفد على مروان بن محمد.
حدث زياد بن عبيد الله الحارثي وكان أميراً على المدينة في أيام المنصور قال: خرجت وافداً إلى مروان بن محمد في جماعة ليس فيهم يماني غيري، فلما كنا ببابه دفعنا إلى ابن هبيرة، وهو على شرطه وما وراء بابه، فتقدم الوفد رجلاً رجلاً، كلهم يخطب ويطنب في أمير المؤمنين وابن هبيرة، فجعل يبحثهم عن أنسابهم، فكرهت ذلك، فقلت: إن عرفني زادني عنده شراً، وكرهت أن أتكلم، فلطيت، فجعلت أتأخر رجاء أن يمل كلامهم فيمسك، حتى لم يبق غيري، ثم تقدمت فتكلمت بدون كلامهم، وإني لقادر على الكلام، فقال: ممن أنت؟ قلت: من أهل اليمن. قال: من أيها؟ قلت: من مذحج. قال: إنك لتطمح بنفسك، اختصر. قلت: من بني الحارث بن كعب. قال: يا أخا بني الحارث إن الناس ليزعمون أن أبا اليمن قردٌ، فما تقول في ذلك؟ قلت: وما أقول، أصلحك الله؟ إن الحجة في هذا لغير مشكلة. فاستوى قاعداً وقال: وما حجتك في ذلك؟ قلت: ننظر إلى القرد أبا من يكنى، فإن كان يكنى أبا اليمن فهو أبوهم، وإن كان يكنى أبا قيس فهو أبو من كني به. فنكس، ونكت بظفره في الأرض، وجعلت اليمانية تعض على شفاهها تظن أن قد هويت، والقيسية تكاد تزدردني، ودخل بها الحاجب على أمير المؤمنين، ثم رجع، فقام ابن هبيرة فدخل ثم لم يلبث أن خرج، فقال: الحارثي، فدخلت ومروان يضحك، فقال: إنه عنك وعن ابن هبيرة. فقلت: قال كذا فقلت كذا. فقال: وايم الله لقد حججته، أوليس أمير المؤمنين الذي يقول: من الطويل
تمسك أبا قيسٍ بفضل عنانها ... فليس عليها إن هلكت ضمان
فلم أر قرداً قبلها سبقت به ... جياد أمير المؤمنين أتان
قال زياد: فخرجت، واتبعني ابن هبيرة، فوضع يده بين منكبي، وقال: والله يا أخا بني الحارث ما كان كلامي إياك إلا هفوة، وإن كنت لأربأ بنفسي عن ذلك، ولقد
سرني إذ لقنت علي الحجة ليكون ذلك لي أدباً فيما أستقبل. وأنا لك بحيث تحب، فاجعل منزلك علي. ففعلت، فأكرمني، وأحسن منزلتي.
قال ابن دريد: البيتان ليزيد بن معاوية، وذلك أنه حمل قرداً على أتانٍ وحشيةٍ فسبق بينها وبين الخيل.
كان زياد بن عبيد الله الحارثي خال أبي العباس أمير المؤمنين والياً لأبي العباس على مكة، فحضر أشعب مائدته في أناس من أهل مكة، وكانت لزياد بن عبيد الله صحفة يخص بها فيها مضيرة من لحم جديٍ، فأتي بها، فأمر الغلام أن يضعها بين يدي أشعب، وهو لا يدري أنها المضيرة، فأكلها أشعب حتى أتى على ما فيها، فاستبطأ زياد بن عبيد الله المضيرة، فقال: يا غلام الصحفة التي كنت تأتيني بها؟! قال: أتيتك بها أصلحك الله، فأمرتني أن أضعها بين يدي أبي العلاء. قال: هنأ الله أبا العلاء. فلما رفعت المائدة قال: يا أبا العلاء وذلك في استقبال شهر رمضان قد حضر هذا الشهر المبارك، وقد رققت لأهل السجن لما هم فيه من الضر ثم لا نهجام الصوم عليهم، وقد رأيت أن أصيرك إليهم فتلهيهم بالنهار وتصلي بهم بالليل. وكان أشعث حافظاً، فقال: أو غير ذلك، أصلح الله الأمير؟ قال: ما هو؟ قال: أعطي الله عهداً ألا آكل مضيرة جدي أبداً.
دخل أبو حمزة الربعي من ولد ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب على زياد بن عبيد الله الحارثي، وهو والي المدينة، فقال: أصلح الله الأمير، بلغني أن أمير المؤمنين المنصور وجه إليك بمالٍ تقسمه على القواعد، والعميان، والأيتام. قال: قد كان ذلك، فتقول ماذا؟ قال: تكتبني في القواعد. قال: إنما القواعد اللائي قعدن عن الأزواج، وأنت رجل! قال: فاكتبني في العميان. قال: أما هذا فنعم، اكتبه يا غلام، فقد قال الله عز وجل: " فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ". وأنا أشهد أن أبا حمزة أعمى. قال: واكتب بني في الأيتام. قال: اكتبهم يا غلام، فمن كان أبو حمزة أباه فهو يتيم. قال: فأخذ في العميان، وأخذ بنوه في الأيتام.
واسمه عبد الحجر بن عبد المدان واسمه عمرو بن الديان واسمه يزيد بن قطن ابن زياد بن الحارث بن مالك بن ربيعة بن كعب ينتهي نسبه إلى قحطان الحارثي، وفد على مروان بن محمد.
حدث زياد بن عبيد الله الحارثي وكان أميراً على المدينة في أيام المنصور قال: خرجت وافداً إلى مروان بن محمد في جماعة ليس فيهم يماني غيري، فلما كنا ببابه دفعنا إلى ابن هبيرة، وهو على شرطه وما وراء بابه، فتقدم الوفد رجلاً رجلاً، كلهم يخطب ويطنب في أمير المؤمنين وابن هبيرة، فجعل يبحثهم عن أنسابهم، فكرهت ذلك، فقلت: إن عرفني زادني عنده شراً، وكرهت أن أتكلم، فلطيت، فجعلت أتأخر رجاء أن يمل كلامهم فيمسك، حتى لم يبق غيري، ثم تقدمت فتكلمت بدون كلامهم، وإني لقادر على الكلام، فقال: ممن أنت؟ قلت: من أهل اليمن. قال: من أيها؟ قلت: من مذحج. قال: إنك لتطمح بنفسك، اختصر. قلت: من بني الحارث بن كعب. قال: يا أخا بني الحارث إن الناس ليزعمون أن أبا اليمن قردٌ، فما تقول في ذلك؟ قلت: وما أقول، أصلحك الله؟ إن الحجة في هذا لغير مشكلة. فاستوى قاعداً وقال: وما حجتك في ذلك؟ قلت: ننظر إلى القرد أبا من يكنى، فإن كان يكنى أبا اليمن فهو أبوهم، وإن كان يكنى أبا قيس فهو أبو من كني به. فنكس، ونكت بظفره في الأرض، وجعلت اليمانية تعض على شفاهها تظن أن قد هويت، والقيسية تكاد تزدردني، ودخل بها الحاجب على أمير المؤمنين، ثم رجع، فقام ابن هبيرة فدخل ثم لم يلبث أن خرج، فقال: الحارثي، فدخلت ومروان يضحك، فقال: إنه عنك وعن ابن هبيرة. فقلت: قال كذا فقلت كذا. فقال: وايم الله لقد حججته، أوليس أمير المؤمنين الذي يقول: من الطويل
تمسك أبا قيسٍ بفضل عنانها ... فليس عليها إن هلكت ضمان
فلم أر قرداً قبلها سبقت به ... جياد أمير المؤمنين أتان
قال زياد: فخرجت، واتبعني ابن هبيرة، فوضع يده بين منكبي، وقال: والله يا أخا بني الحارث ما كان كلامي إياك إلا هفوة، وإن كنت لأربأ بنفسي عن ذلك، ولقد
سرني إذ لقنت علي الحجة ليكون ذلك لي أدباً فيما أستقبل. وأنا لك بحيث تحب، فاجعل منزلك علي. ففعلت، فأكرمني، وأحسن منزلتي.
قال ابن دريد: البيتان ليزيد بن معاوية، وذلك أنه حمل قرداً على أتانٍ وحشيةٍ فسبق بينها وبين الخيل.
كان زياد بن عبيد الله الحارثي خال أبي العباس أمير المؤمنين والياً لأبي العباس على مكة، فحضر أشعب مائدته في أناس من أهل مكة، وكانت لزياد بن عبيد الله صحفة يخص بها فيها مضيرة من لحم جديٍ، فأتي بها، فأمر الغلام أن يضعها بين يدي أشعب، وهو لا يدري أنها المضيرة، فأكلها أشعب حتى أتى على ما فيها، فاستبطأ زياد بن عبيد الله المضيرة، فقال: يا غلام الصحفة التي كنت تأتيني بها؟! قال: أتيتك بها أصلحك الله، فأمرتني أن أضعها بين يدي أبي العلاء. قال: هنأ الله أبا العلاء. فلما رفعت المائدة قال: يا أبا العلاء وذلك في استقبال شهر رمضان قد حضر هذا الشهر المبارك، وقد رققت لأهل السجن لما هم فيه من الضر ثم لا نهجام الصوم عليهم، وقد رأيت أن أصيرك إليهم فتلهيهم بالنهار وتصلي بهم بالليل. وكان أشعث حافظاً، فقال: أو غير ذلك، أصلح الله الأمير؟ قال: ما هو؟ قال: أعطي الله عهداً ألا آكل مضيرة جدي أبداً.
دخل أبو حمزة الربعي من ولد ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب على زياد بن عبيد الله الحارثي، وهو والي المدينة، فقال: أصلح الله الأمير، بلغني أن أمير المؤمنين المنصور وجه إليك بمالٍ تقسمه على القواعد، والعميان، والأيتام. قال: قد كان ذلك، فتقول ماذا؟ قال: تكتبني في القواعد. قال: إنما القواعد اللائي قعدن عن الأزواج، وأنت رجل! قال: فاكتبني في العميان. قال: أما هذا فنعم، اكتبه يا غلام، فقد قال الله عز وجل: " فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ". وأنا أشهد أن أبا حمزة أعمى. قال: واكتب بني في الأيتام. قال: اكتبهم يا غلام، فمن كان أبو حمزة أباه فهو يتيم. قال: فأخذ في العميان، وأخذ بنوه في الأيتام.