خالد بن برمك أبو العباس
وزير أبي العباس السفاح بعد أبي سلمة حفص بن الخلال.
حدث خالد بن برمك: سمعت عبد الحميد بن يحيى كاتب بني أمية يروي بسنده عن زيد بن ثابت، كاتب الوحي قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: إذا كتبت فبين السين في " بسم الله الرحمن الرحيم ".
قال محمد بن منصور: لم يكن لخالد بن برمك أخ إلا بنى له داراً على قدر كفايته وأوقف على أولادهم من ماله، وما كان لأحدهم ولد إلا من جارية هو وهبها له.
قال أبو بكر محمد بن خلف بن المرزبان: هجا أبو سماعة المعيطي خالد بن برمك وكان إليه محسناً، ولي يحيى الوزارة دخل إليه أبو سماعة فيمن دخل من المهنئين فقال له: أنشدني الأبيات التي قلتها. قال: ما هي؟ قال قولك: من الخفيف.
زرت يحيى وخالداً مخلصاً لله ... ديني فاستصغرا بعض شاني
فلو أني ألحدت في الله يوماً ... ولو أني عبدت ما يعبدان
ما استخفّا فيما أظنّ بشأني ... ولأصبحت منهما بمكان
إنّ شكلي وشكل من جحد الله ... وآياته لمختلفان
قال أبو سماعة: ما أعرف هذا الشعر ولا من قاله. قال له يحيى: ما تملك صدقة إن كنت تعرف من قالها؟ فحلف، فقال يحيى: وامرأتك طالق؟ فحلف.
فأقبل يحيى على الغساني ومنصور بن زياد ومن كان حاضراً في المجلس فقال: ما أحسبنا إلا وقد احتجنا أن نجدد لأبي سماعة منزلاً وآلة وخرثياً ومتاعاً، يا غلام: ادفع له عشرة آلاف درهم وتختاً فيه عشرة أثواب فدفع إليه.
فلما خرج تلقاه أصحابه يهنئونه ويسألونه عن أمره فقال: ما عسيت أن أقول إلا أنه ابن الزانية، أبى إلا كرماً.
فبلغت يحيى كلمته من ساعته، فأمر برده، فحضر فقال له: يا أبا سماعة لم تعرف
من هجانا، لم تعرف من شتمنا؟ قال له أبو سماعة: ما عرفته أيها الوزير، حسدت وكذب علي، فنظر إليه يحيى ملياً ثم أنشأ يقول: من الوافر
إذا ما المرء لم يخدش بظفرٍ ... ولم يوجد له إن عضّ ناب
رجا فيه الغميزة من بغاها ... وذلّل من مراتبه الصّعاب
قال أبو سماعة: كلا أيها الوزير، ولكنه كما قال:
لن يبلغ المجد أقوامٌ وإن شرفوا ... حتى يذلّوا وإن عزّوا لأقوام
ويشتموا فترى الألوان مسفرةً ... لا صفح ذلٍّ ولكن صفح أحلام
فتبسم يحيى وقال: إنا قد عذرناك، وعلمنا أنك لم تدع مساوئ شيمك، ولؤم طبعك، فلا أعدمك الله ما جبلك عليه من مذموم أخلاقك، ثم تمثل: من الوافر.
متى لم تتّسع أخلاق قومٍ ... يضق بهم الفسيح من البلاد
إذا ما المرء لم يوجد لبيباً ... فليس اللّبّ عن قدم الولاد
ثم قال: هو والله كما قال عمر بن الخطاب: المؤمن لا يشفى غيظه.
ثم إن أبا سماعة هجا بعد ذلك سليمان بن أبي جعفر، وكان إليه محسناً، فأمر به الرشيد فحلق رأسه ولحيته.
مات خالد بن برمك سنة خمس ومئة، ومولده سنة تسعين، وهو ابن خمس وسبعين سنة.
وزير أبي العباس السفاح بعد أبي سلمة حفص بن الخلال.
حدث خالد بن برمك: سمعت عبد الحميد بن يحيى كاتب بني أمية يروي بسنده عن زيد بن ثابت، كاتب الوحي قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: إذا كتبت فبين السين في " بسم الله الرحمن الرحيم ".
قال محمد بن منصور: لم يكن لخالد بن برمك أخ إلا بنى له داراً على قدر كفايته وأوقف على أولادهم من ماله، وما كان لأحدهم ولد إلا من جارية هو وهبها له.
قال أبو بكر محمد بن خلف بن المرزبان: هجا أبو سماعة المعيطي خالد بن برمك وكان إليه محسناً، ولي يحيى الوزارة دخل إليه أبو سماعة فيمن دخل من المهنئين فقال له: أنشدني الأبيات التي قلتها. قال: ما هي؟ قال قولك: من الخفيف.
زرت يحيى وخالداً مخلصاً لله ... ديني فاستصغرا بعض شاني
فلو أني ألحدت في الله يوماً ... ولو أني عبدت ما يعبدان
ما استخفّا فيما أظنّ بشأني ... ولأصبحت منهما بمكان
إنّ شكلي وشكل من جحد الله ... وآياته لمختلفان
قال أبو سماعة: ما أعرف هذا الشعر ولا من قاله. قال له يحيى: ما تملك صدقة إن كنت تعرف من قالها؟ فحلف، فقال يحيى: وامرأتك طالق؟ فحلف.
فأقبل يحيى على الغساني ومنصور بن زياد ومن كان حاضراً في المجلس فقال: ما أحسبنا إلا وقد احتجنا أن نجدد لأبي سماعة منزلاً وآلة وخرثياً ومتاعاً، يا غلام: ادفع له عشرة آلاف درهم وتختاً فيه عشرة أثواب فدفع إليه.
فلما خرج تلقاه أصحابه يهنئونه ويسألونه عن أمره فقال: ما عسيت أن أقول إلا أنه ابن الزانية، أبى إلا كرماً.
فبلغت يحيى كلمته من ساعته، فأمر برده، فحضر فقال له: يا أبا سماعة لم تعرف
من هجانا، لم تعرف من شتمنا؟ قال له أبو سماعة: ما عرفته أيها الوزير، حسدت وكذب علي، فنظر إليه يحيى ملياً ثم أنشأ يقول: من الوافر
إذا ما المرء لم يخدش بظفرٍ ... ولم يوجد له إن عضّ ناب
رجا فيه الغميزة من بغاها ... وذلّل من مراتبه الصّعاب
قال أبو سماعة: كلا أيها الوزير، ولكنه كما قال:
لن يبلغ المجد أقوامٌ وإن شرفوا ... حتى يذلّوا وإن عزّوا لأقوام
ويشتموا فترى الألوان مسفرةً ... لا صفح ذلٍّ ولكن صفح أحلام
فتبسم يحيى وقال: إنا قد عذرناك، وعلمنا أنك لم تدع مساوئ شيمك، ولؤم طبعك، فلا أعدمك الله ما جبلك عليه من مذموم أخلاقك، ثم تمثل: من الوافر.
متى لم تتّسع أخلاق قومٍ ... يضق بهم الفسيح من البلاد
إذا ما المرء لم يوجد لبيباً ... فليس اللّبّ عن قدم الولاد
ثم قال: هو والله كما قال عمر بن الخطاب: المؤمن لا يشفى غيظه.
ثم إن أبا سماعة هجا بعد ذلك سليمان بن أبي جعفر، وكان إليه محسناً، فأمر به الرشيد فحلق رأسه ولحيته.
مات خالد بن برمك سنة خمس ومئة، ومولده سنة تسعين، وهو ابن خمس وسبعين سنة.