Book Home Page
الصفحة الرئيسية للكتاب
Number of entries in this book
عدد المواضيع في هذا الكتاب 6554
1736. المنذر بن يعلى أبو يعلى الثوري الكوفي...1 1737. المهاجر بن أبي المهاجر1 1738. المهاجر بن أبي مسلم1 1739. المهاجر بن عبد الله الكلابي1 1740. المهاجر بن يزيد2 1741. المهلب بن أبي صفرة ظالم بن سراق11742. النضر بن عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي...1 1743. النضر بن عربي3 1744. النضر بن عمر المقرائي الحميري1 1745. النضر بن محمد بن بعيث1 1746. النضر بن محمد بن خالد1 1747. النعمان بن أبي شمر1 1748. النعمان بن المنذر4 1749. النعمان بن برزج اليماني1 1750. النعمان بن بشير بن سعد ثعلبة1 1751. النعمان بن جميل بن أحمد1 1752. النعمان بن وداع بن عبد الله1 1753. النمر بن قطبة1 1754. النمر بن محمد بن النمر بن عبد السلام1 1755. الهيثم بن أحمد بن محمد بن مسلمة1 1756. الهيثم بن الأسود بن أقيش1 1757. الهيثم بن حميد أبو أحمد1 1758. الهيثم بن خارجة أبو أحمد1 1759. الهيثم بن رياب1 1760. الهيثم بن عدي بن عبد الرحمن1 1761. الهيثم بن عمران بن عبد الله1 1762. الهيثم بن مروان بن الهيثم بن عمران أبو الحكم العنسي...1 1763. الوضين بن عطاء بن كنانة بن عبد الله بن مصدع...1 1764. الوليد بن أبي عائشة الرقي1 1765. الوليد بن أحمد بن محمد بن الوليد1 1766. الوليد بن الحارث السيكسكي1 1767. الوليد بن العباس1 1768. الوليد بن القعقاع بن خليد العبسي1 1769. الوليد بن النضر1 1770. الوليد بن الوليد بن زيد2 1771. الوليد بن الوليد بن سمرة1 1772. الوليد بن بكر بن مخلد بن أبي زياد1 1773. الوليد بن جميل بن قيس1 1774. الوليد بن حماد بن جابر1 1775. الوليد بن حنيفة1 1776. الوليد بن سريع المحاربي1 1777. الوليد بن سريع المخزومي الكوفي1 1778. الوليد بن سليمان بن أبي السائب1 1779. الوليد بن سليمان بن عبد الصمد بن ثابت...1 1780. الوليد بن شجاع بن الوليد بن قيس2 1781. الوليد بن صالح الدمشقي1 1782. الوليد بن صبح1 1783. الوليد بن عبد الرحمن الجرشي5 1784. الوليد بن عبد الرحمن بن هانئ1 1785. الوليد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم...1 1786. الوليد بن عبيد الدمشقي1 1787. الوليد بن عبيد بن يحي بن عبيد بن شملال...1 1788. الوليد بن عتبة أبو العباس الأشجعي1 1789. الوليد بن عتبة بن صخر بن حرب1 1790. الوليد بن عقبة بن أبي معيط4 1791. الوليد بن عمر بن الدرفس الغساني1 1792. الوليد بن كامل بن معاذ بن محمد بن أبي أمية...1 1793. الوليد بن محمد أبو بشر القرشي1 1794. الوليد بن محمد بن العباس1 1795. الوليد بن مروان بن عبد الله1 1796. الوليد بن مزيد العذؤي البيروتي1 1797. الوليد بن مسلم9 1798. الوليد بن معاوية بن مروان بن عبد الملك...1 1799. الوليد بن موسى القرشي1 1800. الوليد بن نمير بن أوس الأشعري1 1801. الوليد بن هاشم أبو العباس1 1802. الوليد بن هشام بن معاوية1 1803. الوليد بن هشام بن يحيى بن يحيى بن قيس الغساني...1 1804. الوليد بن يزيد الخزاعي1 1805. الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان1 1806. اليسع1 1807. امرؤ القيس بن حجر1 1808. امرؤ القيس بن عابس بن المنذر1 1809. انتصار بن يحيى المصمودي1 1810. بثينة بنت حبا بن ثعلبة بن الهوذ1 1811. بحرية بنت هانئ بن قبيضة1 1812. بحيري الراهب1 1813. بخت نصر بن بيت بن جوذرز1 1814. بختري بن عبيد بن سليمان الطابخي1 1815. بخيت بن محمد بن حسان البسري1 1816. بدر بن الهيثم بن خالد بن عبد الرحمن1 1817. بدر بن عبد الله أبو النجم1 1818. بدر بن عبد الله أبو النجم الأرمني1 1819. بديح مولى عبد الله بن جعفر3 1820. بديع بن عبد الله أبو الحسن1 1821. برد بن سنان أبو العلاء القرشي1 1822. برق الأفق المدنية1 1823. بركات بن عبد الواحد بن محمد1 1824. بركات بن علي بن الحسين بن مسعود1 1825. بركان بن عبد العزيز بن الحسين1 1826. بركة الأردني1 1827. بركة وتكنى أم أيمن1 1828. بريد الكلبي ثم العليمي1 1829. بريدة بن الحصيب بن عبد الله2 1830. بسر بن أرطاة4 1831. بسر بن عبيد الله الحضرمي4 1832. بشار بن أحمد بن محمد أبو الرجاء1 1833. بشر10 1834. بشر بن أبي حفص1 1835. بشر بن أبي عمرو بن العلاء1 Prev. 100
«
Previous

المهلب بن أبي صفرة ظالم بن سراق

»
Next
المهلب بن أبي صفرة ظالم بن سراق
ابن صبح بن كندي بن عمرو بن عدي أبو سعيد الأزدي العتكي من وجوه أهل البصرة وفرسانهم وأجوادهم.
غزا في خلافة عمر بن الخطاب، ووفد على يزيد بن معاوية، وولي لبني أمية ولايات، وتولى حرب الأزارقة، وكانت له معهم وقائع مشهورة.
حدث عن رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " ما أراهم الليلة إلا سيبتيونكم، فإن فعلوا فشعاركم: حم لا ينصرون ".
وذكر المهلب عن البراء بن عازب أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إنكم تلقون عدوكم غداً، فليكن شعاركم: حم لا ينصرون ".
وحدث المهلب عن سمرة بن جندب قال: سئل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الصلاة قال: " لا تحجب الصلاة إلا عند طلوع الشمس وعند غروبها ".
قال المهلب وهو يخطب: سمعت سمرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا صلاة حين تطلع الشمس، ولا حين تسقط، فإنها تطلع بين قرني شيطان، وتسقط بين قرني شيطان ".
قال أبو لبد الجهضمي: كنا مع المهلب حين وفد إلى يزيد بن معاوية، فقدمنا عليه وهو بحوارين قد خرجا متنزهاً والناس في الفساطيط، فوقفنا ننتظر الإذن فأبطاً؛ فقال من قال من الناس: هو الآن يشرب، فإنا لكذلك إذ هاجت ريح؛ فاقتلعت الفسطاط، فإذا يزيد جالس وبين يديه مصحف، وهو يقرأ فيه، فقلنا: أراد الله أن يبرز عذره.
واعتل المهلب بالشام، فكان يزيد يعوده ويبعث إليه كل يوم بدواء مختوم.
وحدث المهلب عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تبعث ... على أهل المشرق إلى المغرب تبيت معهم حيث باتوا، وتقيل معهم حيث قالوا.... لها ما سقط منهم وتخلف، تسوقهم سوق الحمل الكسير ".
كان أبو صفرة من أزد دبا، ودبا فيما بين عمان والبحرين، وكانوا أسلموا، وقدم وفدهم على سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مقرين بالإسلام، فبعث عليهم مصدقاً منهم يقال له: حذيفة بن اليمان الأزدي من أهل دبا، وكتب له فرائض الصدقات، فكان يأخذ صدقات أموالهم ويردها على فقرائهم.
فلما توفي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارتدوا ومنعوا الصدقة، فكتب حذيفة إلى أبي بكر بذلك، فوجه أبو بكر عكرمة بن أبي جهل، فاقتتلوا وهزمهم عكرمة وأكثر فيهم القتل، ومضى فلهم إلى حصن دبا، فتحصنوا فيه، وحصرهم المسلمون في حصنهم، فنزلوا على حكم حذيفة بن اليمان، فقتل مئة من أشرافهم، وسبى ذراريهم، وبعث بهم إلى أبي بكر - رضي الله عنه - إلى المدينة وفيهم أبو صفرة غلام لم يبلغ يومئذ، فأراد أبو بكر قتلهم، فقال عمر: يا خليفة رسول الله، قوم إنما شحوا على أموالهم، فيأبى أبو بكر أن يدعهم، فلم يزالوا موقوفين في دار رملة بنت الحارث حتى توفي أبو بكر.
وولي عمر فدعاهم فقال: قد أفضى إلي هذا الأمر فانطلقوا إلى أي البلاد شئتم؛ فأنتم قوم أحرار لا يد به عليكم.
فنزلوا البصرة، ورجع بعضهم إلى بلاده، فكان أبو صفرة وهو أبو المهلب ممن نزل البصرة، وشرف بها هو وولده.
كان عثمان بن أبي العاص على عمان، والحكم بن أبي العاص على البحرين، فكتب عمر إلى عثمان أن سر بأهل البحرين إلى شهرك، فقال عثمان لأهل عمان: ابغوا لي رجلاً أستخلفه، فجاؤوه بأبي صفرة، فقال: ما اسمك؟ قال: ظالم بن سراق، قال: إني أرسلت إليك، وإني أريد أن أستخلفك، فأما إذ كان اسمك هذا فلا، قال: فلا تمنعني الغزو، قال: أما هذا فنعم، فخرج معهم.
نظر عرفجة بن هزيمة الأزدي البارقي إلى المهلب بن أبي صفرة يلعب مع الصبيان فقال: " من الطويل "
خذوني به إن لم يسد سرواتكم ... ويبلغ حتى لا يكون له مثل
وفد أبو صفرة على عمر بن الخطاب ومعه عشرة من ولده، المهلب أصغرهم، فجعل عمر ينظر إليهم ويتوسمهم، ثم قال لأبي صفرة: هذا سيد ولدك، يعني المهلب، وهو يومئذ أصغرهم.
قال المهلب: حاصرنا مناذر فأصابوا سبياً، فكتبوا إلى عمر، فكتب عمر: إن مناذر قرية من قرى السواد، فردوا إليهم ما أصبتم.
وفي حديث آخر: فرددناهم حتى رددنا الحبالى في بطونها الأولاد.
لما سار المهلب لقي الأزارقة، فاقتتلوا إلى صلاة الظهر، ونادى منادي الأزارقة في ناحية المهلب: إن المهلب قتل، فركب المهلب لما سمعه برذوناً دريداً، فركض بين الصفين على الرايات، وإن إحدى يديه في القباء، والأخرى ليست في القباء من العجلة، وهو ينادي: أنا المهلب، أنا المهلب، فسكن الناس. وأقبل يسير على الرايات ويحضض:
أيها الناس إنما هم عبيدكم وسقاطكم، كأن الرجل يجزع إذا لقيه عبده أن يأخذه أخذاً، شدوا باسم الله إلى عدوكم.
كل ذلك يريد أصحابه على أن يسيروا ولا يسيرون فقال: إن القوم سيهفون إليكم، فإذا أتوكم فثوروا في وجوههم، وارموهم بالحجارة، وأمرهم أن يأخذ كل رجل ثلاثة أحجار في مخلاته، فأقبل القوم، فجعل الرجل يرمي الرجل فيصيب وجهه فيصرعه، ويصيب وجه فرسه فيشب بفارسه فيصرعه، فقاتلوهم إلى العصر فلما اشتد القتال أخرجوا ألفي مدجج لم يشهدوا القتال، فقاتلوهم حتى اصفرت الشمس.
قال: فحملوا علينا حملة ألجؤونا إلى عسكرنا، ورجعوا إلى عسكرهم، فانطلق رجل من اليحمد على فرس، فدخل عسكرهم فلم يجد فيه أحداً، فرجع إلى المهلب فقال: ذهب والله القوم، فأرسل معي رسولاً، فأرسل فوجد الأمر حقاً، وأصبحوا وقد انطلقوا، فذكر من عد القتلى لهم أربعة آلاف وثمان مئة.
كتب الحجاج إلى المهلب يستبطئه في حرب الأزارقة، فكتب إليه: ما أنتظر بالقوم إلا إحدى ثلاث: إما موت شامل، أو جوع قاتل، أو فرقة، فأما غير ذلك فلا سبيل إليه.
وكتب إليه يستعجله في حربهم، فكتب إليه: إن من البلاء أن يكون الرأي لمن يملكه دون من يبصره.
ولما واقف المهلب الأزارقة كان يتحرر من الثياب تحرراً شديداً فكان يسهر هو وابنه المغيرة، يدوران في أقاصي العسكر، يحرسان، فهما ليلة إذا هما برجل متلثم ستر وجهه وسائر بدنه بالحديد، أشرف عليه من أكمة فقال: أفيكم من يفهم ما نسأل عنه؟، فخاف المهلب أن تكون مكيدة، فوتر قوسه وصاح لجماعة من غلمانه وقال: قل، قال: من الذي يقول من شعرائكم: " من الكامل "
وطوى الطراد مع القياد بطونها ... طي التجار بحضرموت برودا
فقال المهلب: جرير، قال: هو - والله - أشعر شعرائكم. ثم ولى، فقال المهلب: هذا قطري.
لما قدم المهلب على الحجاج بعد حرب الأزارقة أجلسه على سريره وقال: هذا كما قال الشاعر: " من البسيط "
فقلدوا أمركم لله دركم ... رحب الذراع بأمر الحرب مضطلعا
لا مترفاً إن رخاء العيش ساعده ... ولا إذا عض مكروه به خشعا
فقال رجل ممن كان مع المهلب: والله لكأني أسمع قطري بن الفجاءة وهو يقول: لله در المهلب، والله ما حاربنا مثله، هو كما قال لقيط الإيادي:
صونوا جيادكم واجلوا سلاحكم ... ثم افزعوا قد ينال الأمن من فزعا
وقلدوا أمركم لله دركم ... رحب الذراع بأمر الحرب مضطلعا
لا مترفاً إن رخاء العيش ساعده ... ولا إذا عض مكروه به خشعا
ما زال يحلب صرف الدهر أشطره ... يكون متبعاً طوراً ومتبعا
حتى استمرت على شزر مريرته ... مستحكم السن لا قحماً ولا ضرعا
فأعجب الحجاج موافقة قطري إياه.
وكان الحجاج قد أكرم المهلب لما قدم عليه من حرب الأزارقة، وشرفه وبلغ به
الغاية، فخرج الحجاج يوماً آخذاً بيد المهلب حتى انتهى إلى المحراب فأم الناس، ثم قال: يا أبا سعيد أنا أطول أم أنت؟ قال: الأمير أطول مني، وأنا أشخص منه.
فلما انصرف من صلاته قاله له: سجستان خير ولاية أم خراسان؟ قال: سجستان، قال: وكيف؟ قال: لأنها ثغر كابل وزابلستان وإن خراسان ثغر الترك.
قال: أيهما أحب إليك أن يليه رجل مثلك؟ قال: إن أمثالي في الناس لكثير، وما نحن حيث يرى الناس.
قال: سر إلى سجستان، قال: غيري خير لك فيها مني، وأنا بخراسان خير لك من غيري، قال: ولم؟ قال: لأن بدو نعمة الله علي بعد في الإسلام كان في غزوي خراسان مع الغفاري، وابن أبي بكرة بسجستان خير لك مني، لأن أهلها أحبوه لحسن أياديه فيهم، وأنا بخراسان خير منه.
قال: وما كنت تلي من أمر الغفاري؟ قال: كنت فيمن صحبه، فلما نزلنا بيهق، ودنونا من عدونا، قال الغفاري: هل من فوارس ينظرون لنا أمامنا، وإن أصابوا أحداً أتوا به؟ فانتدب منا مع صاحب شرطة عشرة فوارس، فلقينا عدة من عدونا، فقال أصحابي: قد عاينا طلائع القوم فانصرفوا، فقلت: وما عليكم أن نشأمهم؟ فأبوا وانصرفوا، فتقدمت، فقتل الله العشرة على يدي، ثم انصرفت برؤوسهم ودوابهم وأسلابهم، وقد كان أصحابي نعوني إلى الغفاري، فلما رآني ضحك وقال: " من المتقارب "
كبا القوم عند عيان الرهان ... وقال المهلب خبط الفرس
ففاز المهلب بالمكرمات ... وآب عمير بجد التعس
ثم ولاني شرطته؛ فولاه الحجاج خراسان، فكان واليها حتى هلك بها.
قيل للمهلب: بم نلت ما نلت؟ قال: بطاعة الحزم وعصيان الهوى.
قال رجل للمهلب: بم بلغت ما بلغت؟ قال: بالعلم، قال: قد رأينا من هو أعلم منك لم يبلغ ما بلغت؟ قال: ذاك علم صفة، وهذا علم وضع مواضعه، وأصيبت به فرصته، وأخرى لم أخزل بها: إيثاري فعلاً أحمد عليه دون القول به.
قال أبو إسحاق: ما رأيت أميراً كان أفضل من المهلب.
وقيل لأبي إسحاق: لم رويت عن المهلب؟ قال: لأني لم أر أميراً أيمن نقيبة منه ولا أسمع لنا، ولا أبعد مما نكره ولا أقرب مما نحب من المهلب.
زاد في آخر بمعناه: ولا أسخى.
قال أبو بكر الهذلي لأبي العباس السفاح: يا أمير المؤمنين، هل كان في أزد الكوفة مثل المهلب بن أبي صفرة؟ الذي يقول له الشاعر: " من الوافر "
إذا كان المهلب من ورائي ... هدا ليلي وقر له فؤادي
ولم أخش الدنية من أناس ... ولو صالوا بقوة قوم عاد
وهل كان في عبد قيس الكوفة مثل الحكم بن المنذر الجارود الذي يقول له الشاعر: " من السريع "
يا حكم بن المنذر بن الجارود ... أنت الجواد ابن الجواد المحمود
سرادق المجد عليك ممدود
فقال له العباس: ما رأيت مثل هذه العلية.
قال محمد بن سلام: كان بالبصرة أربعة، كل رجل منهم في زمانه لا يعلم في الأمصار مثله: الأحنف بن قيس في حلمه وعفافه ومنزلته من علي عليه السلام، والحسن في زهده وفصاحته وسخائه وموضعه من قلوب الناس، والمهلب بن أبي صفرة وركزة أمره، وسوار بن عبد الله القاضي في عفافه وتحريه الحق.
قال طلحة الطلحات يوماً لجلسائه:
أي رجل أسخى؟ قالوا ما نعلم أحداً أسخى منك. قال: بلغني أن المهلب دخل الحمام فبعث له ببرذون وكسوة وطيب، فخرج ولبس الثياب، وتطيب بالطيب، وركب البرذون، ولم يسأل عنه، فعلمت أنه صغر في عينه فلم يسأل عنه.
قدم زياد الأعجم خراسان على المهلب فنزل على حبيب بن المهلب، فجلسا على شراب لهما، وفي الدار شجرة عليها حمامة فجعلت تدعو، فقال زياد الأعجم: " من الوافر "
تغني أنت في ذممي وعهدي ... بأن لن يذعروك ولن تطاري
إذا غنيتي فطربت يوماً ... ذكرت أحبتي وذكرت داري
فإما يقتلوك طلبت ثأراً ... بقتلهم لأنك في جواري
فأخذ حبيب سهماً فرماها فقتلها، فقال زياد: قتلت جارتي بيني وبينك المهلب،
فأتى المهلب فقال: يا حبيب، ادفع إلى أبي أمامة دية جاره ألف دينار كاملة، فقال حبيب: إنما كنت ألعب، فقال المهلب: ليس مع هذا لعب، جاره جاري بل هو أفضل، فدفع إليه ألف دينار، فقال زياد: " من الطويل "
فلله عينا من رأى كقضية ... قضى لي بها شيخ العراق المهلب
قضى ألف دينار لجار أجرته ... من الطير حضان على البيض يتعب
رماه حبيب بن المهلب رمية ... فأنفذه بالسهم والشمس تغرب
فألزمه عقل القتيل " بن حرة " ... فقال حبيب إنما كنت ألعب
فقال زياد لا يروع جاره ... وجاره جاري بل من الجار أقرب
فبلغ الحجاج فقال: ما أخطأت العرب حين جعلت المهلب رجلها.
أمر المهلب بقوم فأعظموه وسودوه، فقال رجل: ألهذا الأعور تسودون؟ والله لو خرج إلى السوق ما جاء إلا بألفي درهم، فقال لبعض من معه: أتعرف الرجل؟ قال: نعم، فأرسل إليه معه بألفي درهم وقال: أما إنك لو زدتنا في القيمة زدناك في العطية.
أغلظ رجل للمهلب فسكت، فقيل له: أربى عليك وسكت؟ قال: لم أعرف مساوئه، وكرهت أن أبهته بما ليس فيه.
شتم رجل المهلب فكف عنه، وقال: إني خفت أن يكرمني في ردي عليه أكثر مما نكرمه في شتمه.
سمع المهلب رجلاً يغتاب رجلاً فقال: اكفف، فوالله، لا ينقى فوك من سهكها.
قال المهلب لبنيه: اتقوا زلة اللسان، فإن الرجل تزل قدمه فينتعش ويزل لسانه فيهلك.
وقال المهلب: إذا سمع أحدكم العوراء فليتطأطأ بخطاه.
قال المهلب: يعجبني من الرجل الكريم خصلتان: أن أرى عقله زائداً على لسانه، ولا يعجبني أن أرى لسانه زائداً على عقله.
كان المهلب يقول: نعم الخصلة السخاء تسد عورة المزيف، وتلحق خسيسة الوضيع، وتحبب المزهو وتسد الخلة، والبخيل لا ينفعه عيشه، ولا يجد البخيل إلا حسوداً محتالاً.
أوصى المهلب ابنه يزيد فقال: يا بني، إياك والسرعة عند مسألة " بنعم "؛ فإن أولها سهل وآخرها ثقيل في فعلها، واعلم أن " لا " وإن قبحت فربما روحت، وإن كنت من أمر تسأله عن ثقة فأطمع ولا توجب، ثم افعل، وإن علمت أن لا سبيل إليه فاعتذر؛ فإنه من لا يعذر بالعذر بنفسه ظلم.
وأنشد الأخفش لرجل من طيء: " البسيط "
والله والله لولا أنني فرق ... من الأمير لعاتبت ابن نبراس
في موعد قاله لي ثم أخلفني ... وعداً " غدا ضرب أخماس لأسداس
حتى إذا نحن ألجأنا مواعدة ... إلى الطبيعة في فقر وإبساس
أجلت مخيلته عن لا فقلت له ... لوما بدأت بها ما كان من باس
وليس يرجع في لا بعد ما سلفت ... منه نعم طائعاً حر من الناس
قال المهلب: ما السيف الصارم في كف الرجل الشجاع بأعز له من الصدق.
كان المهلب يبعث إلى جابر بن زيد من فارس بالمال ويقبله، قال: وكنا نعيب ذلك، قال جابر: إن قوماً يعيبون هذا، وما ضر المهلب إن رددته؟ ألا أجعله في المساكين يعيشون به؟!.
قال محمد بن يزيد المهلبي: سمعت أبي يقول: لم يقل المهلب بن أبي صفرة قط إلا بيتين وهما: " من البسيط "
إنا إذا نسأت يوماً لنا نعم ... قالت لنا أنفس أزدية عودوا
لا يوجد الجود إلا عند ذي كرم ... والمال عند لئام الناس موجود
قال المهلب: ما شيء أبقي للملك من العفو، وخير مناقب الملوك العفو.
قال المهلب: لأن يطيعني سفهاء قومي أحب إلي من أن يطيعني حلماؤهم.
قال المهلب لبنيه:
يا بني، لا تتكلوا على فعل غيركم، وافعلوا ما ينسب إليكم، ثم أنشد: " من الخفيف "
إنما المجد ما بنى والد الصد ... ق وأحيا فعاله المولود
مر المهلب بن أبي صفرة على مالك بن دينار، وهو يتبختر في مشيته، فقال له مالك: أما علمت أن هذه المشية تكره إلا بين الصفين، فقال له المهلب: أما تعرفني؟ قال له مالك: أعرفك أحسن المعرفة، قال: وما تعرف مني؟ قال: أما أولك فنطفة
مدرة، وأما آخرك فجيفة قذرة، وأنت بينهما تحمل العذرة، فقال المهلب: الآن عرفتني حق المعرفة.
توفي المهلب بمروروذ سنة اثنتين وسبعين، وله اثنتان وسبعون سنة.
وقيل: توفي سنة إحدى وثمانين، ويقال: سنة اثنتين وثمانين، ويقال: سنة ثلاث وثمانين بقرية يقال لها: ذا غول، وله ست وسبعون سنة، وكان مولده فتح مكة.
You are viewing hadithtransmitters.hawramani.com in filtered mode: only posts belonging to Ibn Manẓūr (d. 1311 CE) - Mukhtaṣar Tārīkh Dimashq - ابن منظور - مختصر تاريخ دمشق are being displayed.