الفضل بن عبد المطلب بن هاشم
أبو عبد الله ويقال أبو العباس ويقال أبو محمد الهاشمي ابن عم سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورديفه قدم الشام مجاهداً فهلك به. واختلف في الوقت والموضع الذي أصيب به، فقيل: إنه قتل بمرج الصفر، وقيل بأجنادين، وقيل باليرموك. والأظهر أنه مات في طاعون عمواس.
حدث الفضل بن عباس - وكان رديف رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انه قال في عشية عرفة وغداة جميع الناس حين دفعوا: عليكم السكينة. وهو كاف ناقته حتى دخل محسراً - وهو من منى قال: عليكم بحصى الخذف الذي يرمى به الجمرة. وقال: لم يزل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكبر حتى رمى الجمرة.
زاد في غيره: والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يشير بيده كما يخذف الإنسان.
حدث الفضل بن عباس قال:
جاءني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ موعوكاً قد عصب رأسه فقال: خذ بيدي. فأخذت بيده، فأقبل حتى جلس على المنبر ثم قال: ناد في الناس. فصحت في الناس، فاجتمعوا إليه، فقال: أما بعد أيها الناس، فإني أحمد الله إليكم الذي لا إله إلا هو، ألا فإنه قد دنا مني حقوق من بين أظهركم، فمن كنت جلدت له ظهراً فهذا ظهري فليستقد منه، ومن كنت شتمت له عرضاً فهذا عرضي فليستقد منه، ومن كنت أخذت له مالاً فهذا مالي فليأخذ منه، ولا يقل رجلٌ إني أخشى الشحناء من قبل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ألا وإن الشحناء ليست من طبيعتي ولا من شأني، ألا وإن أحبكم إلي من أخذ حقاً إن كان له، أو حللني فلقيت الله تعالى وأنا طيب النفس، وقد أرى أن هذا غير مغنٍ عني حتى أقوم فيكم مراراً.
قال الفضل: ثم نزل فصلى الظهر، ثم رجع فجلس على المنبر، فعاد لمقالته الأولى وغيرها، فقام رجلٌ فقال: يا رسول الله، إن لي عندك ثلاثة دراهم، فقال أما إنا لا نكذب قائلاً ولا نستحلفه علي يمين، فبم كانت لك عندي؟ فقال: يا رسول الله، تذكر يوم مر بك المسكين فأمرتني فأعطيته ثلاثة دراهم. فقال: أعطه يا فضل. فأمر به فجلس، ثم قال: يا أيها الناس، من كان عنده شيء فليؤده، ولا يقل رجل: فضوح الدنيا، فإن فضوح الدنيا أيسر من فضوح الآخرة. فقالم رجل فقال: يا رسول الله، عندي ثلاثة دراهم غللتها في سبيل الله، قال: ولم غللتها؟ قال: كنت إليها محتاجاً. قال: خذها منه يافضل. ثم قال: أيها الناس، من خشي من نفسه شيئاً فليقم أدع له. فقام رجلٌ فقال: يا رسول الله، غني لكذاب، وإني لفاحش، وإني لنؤوم. فقال: اللهم ارزقه صدقاً وأذهب عنه النوم إذا أراد. ثم قام آخر فقال: والله يا رسول الله، إني لكذاب، وإني لمنافق وما من شيءٍ من الأشياء إلا قد جئته. فقام عمر بن
الخطاب فقال: فضحت نفسك أيها الرجل. فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا بن الخطاب، فضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرة، اللهم ارزقه صدقاً وإيماناً، وصير أمره إلى خير. فقال عمر كلمة فضحك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم قال: عمر معي وأنا مع عمر، والحق بعدي مع عمر حيث كان.
وعن الفضل عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: الصلاة مثنى، وتشهد مستقبلاً في كل ركعتين، وتشرع وتخشع وتمسكن ثم تقنع يديك - يقول ترفعهما - إلى ربك مستقبلاً بطونهما وجهك وتقول: يا رب! يا رب! يا رب! من لم يفعل ذلك فهي خداج.
وفي رواية: صلاة الليل مثنى مثنى.
وشهد الفضل غسل سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، واستشهد بالشام في خلافة أبي بكر الصديق يوم أجنادين ويقال: يوم مرج الصفر سنة ثلاث عشرة. ويقال يوم اليرموك في خلافة عمر سنة خمس عشرة، وقيل مات في طاعون عمواس، وعمواس قريةً من قرى الشام، وقيل إنما هي غرب سوس. وقيل: مات سنة ثمان عشرة. وكان غزا مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكة وحنيناً؛ وثبت يومئذٍ مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين ولى الناس مهزمين فيمن ثبت معه من أهل بيته وأصحابه، وشهد معه حجة الوداع وأردفه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان فيمن غسل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتولى دفنه. وكان أسن ولد العباس وأمه أم الفضل، واسمها لبابة بنت الحارث بن حزن، وكانت أم الفضل أول امرأةٍ أسلمت بمكة بعد خديجة رضي الله عنهما.
قال الهيثم بن عدي: توفي الفضل بن العباس سنة ثمانٍ وعشرين قبل أبيه بأربع سنين.
وقيل: توفي قبل أبيه بست عشرة سنة. وقبل: توفي وهو ابن إحدى وعشرين سنة.
وعن علي عليه السلام قال: أردف - يعني - النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الفضل - يعني - يوم النحر، ثم أتى الجمرة فرماها، ثم أتى المنحر فقال: هذا المنحر، ومنى كلها منحر واستفتته جاريةٌ شابةٌ من خثعم فقالت: إن أبي شيخٌ كبير قد أفند، وقد أدركته فريضة الله عز وجل في الحج، فيجزئ أن احج عنه؟ فقال: حجي عن أبيك. ولوى عنق الفضل، فقال له العباس: لم لويت عنق ابن عمك؟ قال: رأيت شابا وشابة فلم آمن الشيطان عليهما.
وعن ابن عباس قال: كان الفضل أكبر مني فكان يردفني وأكون بين يديه.
قال: كان ابن عباس في سفره إلى الشام يطعم طعامه، ويأمر فيتصدق بفضلته، وإذا سار تعجل على فرسه حتى يسبق ثقله ورفقاءه، ثم لا يزال يصلي حتى يلحقوا به، وهو مطولٌ لفرسه، وفرسه ترعى وعنانه في يده؛ وكان يجدد الوضوء لكل صلاةٍ مكتوبة، وينام من أول الليل، ثم يقوم فيصلي إلى وقت الرحيل. وإذا مر بركبٍ من المسلمين سلم عليهم. فأتاه مولى له وقد نال الناس الطاعون فقال: بأبي أنت وأمي لو انتقلت إلى مكان كذا وكذا، فقال: والله ما أخاف أن أسبق أجلي ولا أحاذر أن يغلط بي، وإن ملك الموت لبصيرٌ بأهل كل بلد.
نفق فرسٌ لرجلٍ مع الفضل بن عباس في رفقته، فأعطاه فرساً كان يجنب له، فعاتبه بعض المتنصحين إليه فقال: أبتبخيلي تتنصح إلي!؟ إنه كفى لؤماً أن يمنع الفضل ويترك المواساة، والله ما رأيت الله حمد في كتابه إلا المؤثرين على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة.
ولم يترك الفضل ولداً ذكراً ولم يولد إلا أم كلثوم.
أبو عبد الله ويقال أبو العباس ويقال أبو محمد الهاشمي ابن عم سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورديفه قدم الشام مجاهداً فهلك به. واختلف في الوقت والموضع الذي أصيب به، فقيل: إنه قتل بمرج الصفر، وقيل بأجنادين، وقيل باليرموك. والأظهر أنه مات في طاعون عمواس.
حدث الفضل بن عباس - وكان رديف رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انه قال في عشية عرفة وغداة جميع الناس حين دفعوا: عليكم السكينة. وهو كاف ناقته حتى دخل محسراً - وهو من منى قال: عليكم بحصى الخذف الذي يرمى به الجمرة. وقال: لم يزل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكبر حتى رمى الجمرة.
زاد في غيره: والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يشير بيده كما يخذف الإنسان.
حدث الفضل بن عباس قال:
جاءني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ موعوكاً قد عصب رأسه فقال: خذ بيدي. فأخذت بيده، فأقبل حتى جلس على المنبر ثم قال: ناد في الناس. فصحت في الناس، فاجتمعوا إليه، فقال: أما بعد أيها الناس، فإني أحمد الله إليكم الذي لا إله إلا هو، ألا فإنه قد دنا مني حقوق من بين أظهركم، فمن كنت جلدت له ظهراً فهذا ظهري فليستقد منه، ومن كنت شتمت له عرضاً فهذا عرضي فليستقد منه، ومن كنت أخذت له مالاً فهذا مالي فليأخذ منه، ولا يقل رجلٌ إني أخشى الشحناء من قبل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ألا وإن الشحناء ليست من طبيعتي ولا من شأني، ألا وإن أحبكم إلي من أخذ حقاً إن كان له، أو حللني فلقيت الله تعالى وأنا طيب النفس، وقد أرى أن هذا غير مغنٍ عني حتى أقوم فيكم مراراً.
قال الفضل: ثم نزل فصلى الظهر، ثم رجع فجلس على المنبر، فعاد لمقالته الأولى وغيرها، فقام رجلٌ فقال: يا رسول الله، إن لي عندك ثلاثة دراهم، فقال أما إنا لا نكذب قائلاً ولا نستحلفه علي يمين، فبم كانت لك عندي؟ فقال: يا رسول الله، تذكر يوم مر بك المسكين فأمرتني فأعطيته ثلاثة دراهم. فقال: أعطه يا فضل. فأمر به فجلس، ثم قال: يا أيها الناس، من كان عنده شيء فليؤده، ولا يقل رجل: فضوح الدنيا، فإن فضوح الدنيا أيسر من فضوح الآخرة. فقالم رجل فقال: يا رسول الله، عندي ثلاثة دراهم غللتها في سبيل الله، قال: ولم غللتها؟ قال: كنت إليها محتاجاً. قال: خذها منه يافضل. ثم قال: أيها الناس، من خشي من نفسه شيئاً فليقم أدع له. فقام رجلٌ فقال: يا رسول الله، غني لكذاب، وإني لفاحش، وإني لنؤوم. فقال: اللهم ارزقه صدقاً وأذهب عنه النوم إذا أراد. ثم قام آخر فقال: والله يا رسول الله، إني لكذاب، وإني لمنافق وما من شيءٍ من الأشياء إلا قد جئته. فقام عمر بن
الخطاب فقال: فضحت نفسك أيها الرجل. فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا بن الخطاب، فضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرة، اللهم ارزقه صدقاً وإيماناً، وصير أمره إلى خير. فقال عمر كلمة فضحك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم قال: عمر معي وأنا مع عمر، والحق بعدي مع عمر حيث كان.
وعن الفضل عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: الصلاة مثنى، وتشهد مستقبلاً في كل ركعتين، وتشرع وتخشع وتمسكن ثم تقنع يديك - يقول ترفعهما - إلى ربك مستقبلاً بطونهما وجهك وتقول: يا رب! يا رب! يا رب! من لم يفعل ذلك فهي خداج.
وفي رواية: صلاة الليل مثنى مثنى.
وشهد الفضل غسل سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، واستشهد بالشام في خلافة أبي بكر الصديق يوم أجنادين ويقال: يوم مرج الصفر سنة ثلاث عشرة. ويقال يوم اليرموك في خلافة عمر سنة خمس عشرة، وقيل مات في طاعون عمواس، وعمواس قريةً من قرى الشام، وقيل إنما هي غرب سوس. وقيل: مات سنة ثمان عشرة. وكان غزا مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكة وحنيناً؛ وثبت يومئذٍ مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين ولى الناس مهزمين فيمن ثبت معه من أهل بيته وأصحابه، وشهد معه حجة الوداع وأردفه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان فيمن غسل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتولى دفنه. وكان أسن ولد العباس وأمه أم الفضل، واسمها لبابة بنت الحارث بن حزن، وكانت أم الفضل أول امرأةٍ أسلمت بمكة بعد خديجة رضي الله عنهما.
قال الهيثم بن عدي: توفي الفضل بن العباس سنة ثمانٍ وعشرين قبل أبيه بأربع سنين.
وقيل: توفي قبل أبيه بست عشرة سنة. وقبل: توفي وهو ابن إحدى وعشرين سنة.
وعن علي عليه السلام قال: أردف - يعني - النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الفضل - يعني - يوم النحر، ثم أتى الجمرة فرماها، ثم أتى المنحر فقال: هذا المنحر، ومنى كلها منحر واستفتته جاريةٌ شابةٌ من خثعم فقالت: إن أبي شيخٌ كبير قد أفند، وقد أدركته فريضة الله عز وجل في الحج، فيجزئ أن احج عنه؟ فقال: حجي عن أبيك. ولوى عنق الفضل، فقال له العباس: لم لويت عنق ابن عمك؟ قال: رأيت شابا وشابة فلم آمن الشيطان عليهما.
وعن ابن عباس قال: كان الفضل أكبر مني فكان يردفني وأكون بين يديه.
قال: كان ابن عباس في سفره إلى الشام يطعم طعامه، ويأمر فيتصدق بفضلته، وإذا سار تعجل على فرسه حتى يسبق ثقله ورفقاءه، ثم لا يزال يصلي حتى يلحقوا به، وهو مطولٌ لفرسه، وفرسه ترعى وعنانه في يده؛ وكان يجدد الوضوء لكل صلاةٍ مكتوبة، وينام من أول الليل، ثم يقوم فيصلي إلى وقت الرحيل. وإذا مر بركبٍ من المسلمين سلم عليهم. فأتاه مولى له وقد نال الناس الطاعون فقال: بأبي أنت وأمي لو انتقلت إلى مكان كذا وكذا، فقال: والله ما أخاف أن أسبق أجلي ولا أحاذر أن يغلط بي، وإن ملك الموت لبصيرٌ بأهل كل بلد.
نفق فرسٌ لرجلٍ مع الفضل بن عباس في رفقته، فأعطاه فرساً كان يجنب له، فعاتبه بعض المتنصحين إليه فقال: أبتبخيلي تتنصح إلي!؟ إنه كفى لؤماً أن يمنع الفضل ويترك المواساة، والله ما رأيت الله حمد في كتابه إلا المؤثرين على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة.
ولم يترك الفضل ولداً ذكراً ولم يولد إلا أم كلثوم.