العلاء بن عاصم
أبو السمراء الغساني قدم مع عبد الله بن طاهر دمشق وامتدحه.
قال أبو السمراء: لما توجه عبد الله بن طاهر خارجاً من مصر خرجنا معه، حتى إذا كنا قريباً من دمشق، إذا نحن بأعرابي معرضٍ العسكر قد سأل عن الأمير فأرشد إلى ناحيته، وأنا وإسحاق بن إبراهيم وابن أبي ربعي نسايره، وقد اعتور العسكر بغباره وارتفع، ونحن مع الأمير ليس فينا إلا أفره من الأمير دابةً وأحسن بزةً، فقصدنا الأعرابي وكان شيخاً فيه بقيةً حسنة، فلما رأيناه مقبلاً قلنا: هذا أعرابي يريد الأمير، فإن أتى مسلماً فردوا عليه بأجمعكم لتبلد في أمره، فلا يعرف الأمير من غيره؛ فأتى الأعرابي، ففعلنا به ذلك، فأشار بيده نحو ابن أبي ربعي، وأنشأ يقول: من الطويل
أرى كاتباً زهو الكتابة بين ... عليه وتأديب العراق كريم
وفيه علاماتٌ يشاهدن أنه ... بصيرٌ بتقسيط الخراج عليم
ثم أومى نحو إسحاق بن إبراهيم فقال: من الطويل
ومظهر نسكٍ ما عليه ضميره ... يحب الهدايا بالرجال مكبر
أظن به بخلاً وجبناً وشيمةً ... تدل عليه إنه لوزير
ثم أشار إلي فقال:
وأنت خليلٌ للأمير ومؤنسٌ ... يكون له بالقرب منك سرور
إخالك للأشعار والعلم راوياً ... فأنت نديمٌ مرةً ووزير
أظن بلا شك بأنك كاتبٌ ... بصيرٌ بأبواب الرشاء خبير
ثم أشار نحو الأمير فقال:
وهذا الأمير المرتجى سيب كفه ... فما إن له فيما علمت نظير
عليه رداءٌ من وقارٍ وهيبةٍ ... ووجهٌ بإدراك النجاح بشير
كريمٌ له في المكرمات سوابقٌ ... على كل من يزهو بهم ويطير
ألا إنما عبد الاله بن طاهرٍ ... لنا والدٌ في دهرنا وأمير
قال أبو السمراء: فضحك الأمير وأمر له بعشرة آلاف درهم، وأمره بلزومه وصحبته.
قال أبو السمراء: كنت عند أبي العباس عبد الله بن طاهر، وليس غيري وأنا بالقرب منه بين يديه، ودخل أبو الحسن إسحاق بن إبراهيم فاستدناه لمناجاته، واعتمد على سيفه وأصغى لمناجاته وحولت وجهي وأنا ثابتٌ مكاني، وطالت النجوى بينهما، واعترتني حيرةً فيما بين القعود على ما أنا عليه والقيام، وانقطعا عما كانا فيه ورجع إسحاق إلى موقفه ونظر أبو العباس فقال: يا أبا السمراء، قلت: لبيك، فأنشأ يقول: من البسيط
إذا النجيان رسا عنك سرهما ... فانزح بسمعك تجهل ما يقولان
ولا تحملهما ثقلاً لخوفهما ... على تناجيهما بالمجلس الداني
قال أبو السمراء: فما رأيت أكرم منه ولا أرفق تأديباً! ترك مطالبتي في هفوتي لحق الأمراء فأدبني تأديب النظراء.
ومن شعر أبي السمراْ:
فإن تك الربع شفك وردها ... فعقباك منها أن يطول بك العمر
وقيناك لو يعطى الهوى فيك والمنى ... لكان بنا الشكوى وكان لك الأجر
أبو السمراء الغساني قدم مع عبد الله بن طاهر دمشق وامتدحه.
قال أبو السمراء: لما توجه عبد الله بن طاهر خارجاً من مصر خرجنا معه، حتى إذا كنا قريباً من دمشق، إذا نحن بأعرابي معرضٍ العسكر قد سأل عن الأمير فأرشد إلى ناحيته، وأنا وإسحاق بن إبراهيم وابن أبي ربعي نسايره، وقد اعتور العسكر بغباره وارتفع، ونحن مع الأمير ليس فينا إلا أفره من الأمير دابةً وأحسن بزةً، فقصدنا الأعرابي وكان شيخاً فيه بقيةً حسنة، فلما رأيناه مقبلاً قلنا: هذا أعرابي يريد الأمير، فإن أتى مسلماً فردوا عليه بأجمعكم لتبلد في أمره، فلا يعرف الأمير من غيره؛ فأتى الأعرابي، ففعلنا به ذلك، فأشار بيده نحو ابن أبي ربعي، وأنشأ يقول: من الطويل
أرى كاتباً زهو الكتابة بين ... عليه وتأديب العراق كريم
وفيه علاماتٌ يشاهدن أنه ... بصيرٌ بتقسيط الخراج عليم
ثم أومى نحو إسحاق بن إبراهيم فقال: من الطويل
ومظهر نسكٍ ما عليه ضميره ... يحب الهدايا بالرجال مكبر
أظن به بخلاً وجبناً وشيمةً ... تدل عليه إنه لوزير
ثم أشار إلي فقال:
وأنت خليلٌ للأمير ومؤنسٌ ... يكون له بالقرب منك سرور
إخالك للأشعار والعلم راوياً ... فأنت نديمٌ مرةً ووزير
أظن بلا شك بأنك كاتبٌ ... بصيرٌ بأبواب الرشاء خبير
ثم أشار نحو الأمير فقال:
وهذا الأمير المرتجى سيب كفه ... فما إن له فيما علمت نظير
عليه رداءٌ من وقارٍ وهيبةٍ ... ووجهٌ بإدراك النجاح بشير
كريمٌ له في المكرمات سوابقٌ ... على كل من يزهو بهم ويطير
ألا إنما عبد الاله بن طاهرٍ ... لنا والدٌ في دهرنا وأمير
قال أبو السمراء: فضحك الأمير وأمر له بعشرة آلاف درهم، وأمره بلزومه وصحبته.
قال أبو السمراء: كنت عند أبي العباس عبد الله بن طاهر، وليس غيري وأنا بالقرب منه بين يديه، ودخل أبو الحسن إسحاق بن إبراهيم فاستدناه لمناجاته، واعتمد على سيفه وأصغى لمناجاته وحولت وجهي وأنا ثابتٌ مكاني، وطالت النجوى بينهما، واعترتني حيرةً فيما بين القعود على ما أنا عليه والقيام، وانقطعا عما كانا فيه ورجع إسحاق إلى موقفه ونظر أبو العباس فقال: يا أبا السمراء، قلت: لبيك، فأنشأ يقول: من البسيط
إذا النجيان رسا عنك سرهما ... فانزح بسمعك تجهل ما يقولان
ولا تحملهما ثقلاً لخوفهما ... على تناجيهما بالمجلس الداني
قال أبو السمراء: فما رأيت أكرم منه ولا أرفق تأديباً! ترك مطالبتي في هفوتي لحق الأمراء فأدبني تأديب النظراء.
ومن شعر أبي السمراْ:
فإن تك الربع شفك وردها ... فعقباك منها أن يطول بك العمر
وقيناك لو يعطى الهوى فيك والمنى ... لكان بنا الشكوى وكان لك الأجر