الحكم بن ميمون
ويقال ابن يحيى بن ميمون أبو يحيى الفارسي المعروف بحكم الوادي مولى عبد الملك، ويقال: مولى الوليد من أهل وادي القرى.
كان مع الوليد بن يزيد حين قتل على ما قيل، والأظهر أنه كان معه عمر الوادي، وقدم حكم مع إبراهيم بن المهدي في ولايته دمشق.
خرج حكم الوادي المغني من الوادي مغاضباً لأبيه حتى ورد المدينة، فصحب قوماً إلى الكوفة، فسأل من أسرى من بالكوفة ممن يشرب النبيذ؟ وأسراه أصحاباً؟ فقيل: فلان التاجر البزاز وله ندماء من البزازين، وكان التجار يصيرون في منزل كل واحد كل يوم، فإذا كان يوم الجمعة صاروا إلى منزله، فخرج فجلس في حلقتهم، كل واحد منهم يظن أنه جاء مع بعضهم حتى انصرفوا، فصاروا إلى منزل الرجل وهو معهم.
فلما أخذوا مجالسهم جاءت جارية وأخذت منهم أرديتهم فطوتها، وأتوا بالطعام ثم أتوا بالنبيذ فشربوا، حتى إذا طابت أنفسهم قام حكم الوادي إلى المتوضأ، فأقبل بعضهم على بعض، وقالوا: مع من جاء هذا؟ فكلهم يقول: والله ما أعرفه، فقالوا: طفيلي؟ فقال صاحب المنزل: فلا تكلموه بشيء فإنه سريٌ هنيٌ عاقل.
وسمع الكلام، فلما خرج حيا القوم ثم قال لصاحب المنزل: هل ههنا دف مربع؟ قال: لا، ولكن نطلبه، فأحضر، وعلموا أنه مغن، فلما وقع الدف في يده وحركه كاد أن يتكلم. فكادوا أن يطيروا من الطرب من نقره بالدف، ثم غنى بحلق لم يسمعوا بمثله. فلما
سكت قالوا: بأبي أنت يا سيدنا، ما كان ينبغي أن يكون إلا هكذا، فقال: قد سمعت كلامكم وما ذكرتم من تطفيلي، وأي شيء كان عليكم من رجل دخل فيما بين أضعافكم؟ فقالوا: ما كان علينا من ذلك من شيء.
فأقام معهم يوماً، ثم قالوا له: أين تريد؟ قال: باب أمير المؤمنين قالوا: وكم أملك؟ قال: ألف دينار قالوا: فإنا نعطي الله عهداً إن رآك أمير المؤمنين في سفرك هذا فلا عاينك، ولا عاينت بلاداً سوى الكوفة، وهي علينا. فأخرجوا ما بينهم ألف دينار، وأخرجوا كسوة له ولعياله ولأبيه وهدايا من العراق، وأقام عندهم حتى اشتاق إلى أهله فحملوه ورجع إليهم.
قال نوفل بن ميمون: قدم المهدي المدينة، فدخل عليه القراء، فدخل فيهم ابن جندب الهذلي، فوصله في جملتهم، ثم دخل عليه القصاص وهو فيهم: فوصله معهم، ثم دخل عليه الفقهاء وهو معهم فوصله في جملتهم، ثم دخل الشعراء وهو معهم فقال المهدي: تالله ما رأيت كاليوم أجمع، يا بن جندب، أنشدني أبياتك في مسجد الحزاب فأنشده: من البسيط
يا للرّجال ليوم الأربعاء أما ... ينفكّ يحدث لي بعد النّهى طربا
ما إن يزال غزالٌ فيه فتنني ... يهوي إلى مسجد الأحزاب منتقبا
يخبّر الناس أنّ الأجر همّته ... وما أتى طالباً للأجر محتسبا
لو كان يطلب أجراً ما أتى ظهراً ... مضمّخاً بفتيت المسك مختضبا
ثم قال للمهدي: إني قلت بيتين من هذه، فجاءني القصارون فسألوني الزيادة فجعلتها أربعة. فقال له المهدي: ويحك ومن القصارون؟ قال: حكم الوادي وذووه الذين يقصرون الأشعار بالألحان.
ويقال ابن يحيى بن ميمون أبو يحيى الفارسي المعروف بحكم الوادي مولى عبد الملك، ويقال: مولى الوليد من أهل وادي القرى.
كان مع الوليد بن يزيد حين قتل على ما قيل، والأظهر أنه كان معه عمر الوادي، وقدم حكم مع إبراهيم بن المهدي في ولايته دمشق.
خرج حكم الوادي المغني من الوادي مغاضباً لأبيه حتى ورد المدينة، فصحب قوماً إلى الكوفة، فسأل من أسرى من بالكوفة ممن يشرب النبيذ؟ وأسراه أصحاباً؟ فقيل: فلان التاجر البزاز وله ندماء من البزازين، وكان التجار يصيرون في منزل كل واحد كل يوم، فإذا كان يوم الجمعة صاروا إلى منزله، فخرج فجلس في حلقتهم، كل واحد منهم يظن أنه جاء مع بعضهم حتى انصرفوا، فصاروا إلى منزل الرجل وهو معهم.
فلما أخذوا مجالسهم جاءت جارية وأخذت منهم أرديتهم فطوتها، وأتوا بالطعام ثم أتوا بالنبيذ فشربوا، حتى إذا طابت أنفسهم قام حكم الوادي إلى المتوضأ، فأقبل بعضهم على بعض، وقالوا: مع من جاء هذا؟ فكلهم يقول: والله ما أعرفه، فقالوا: طفيلي؟ فقال صاحب المنزل: فلا تكلموه بشيء فإنه سريٌ هنيٌ عاقل.
وسمع الكلام، فلما خرج حيا القوم ثم قال لصاحب المنزل: هل ههنا دف مربع؟ قال: لا، ولكن نطلبه، فأحضر، وعلموا أنه مغن، فلما وقع الدف في يده وحركه كاد أن يتكلم. فكادوا أن يطيروا من الطرب من نقره بالدف، ثم غنى بحلق لم يسمعوا بمثله. فلما
سكت قالوا: بأبي أنت يا سيدنا، ما كان ينبغي أن يكون إلا هكذا، فقال: قد سمعت كلامكم وما ذكرتم من تطفيلي، وأي شيء كان عليكم من رجل دخل فيما بين أضعافكم؟ فقالوا: ما كان علينا من ذلك من شيء.
فأقام معهم يوماً، ثم قالوا له: أين تريد؟ قال: باب أمير المؤمنين قالوا: وكم أملك؟ قال: ألف دينار قالوا: فإنا نعطي الله عهداً إن رآك أمير المؤمنين في سفرك هذا فلا عاينك، ولا عاينت بلاداً سوى الكوفة، وهي علينا. فأخرجوا ما بينهم ألف دينار، وأخرجوا كسوة له ولعياله ولأبيه وهدايا من العراق، وأقام عندهم حتى اشتاق إلى أهله فحملوه ورجع إليهم.
قال نوفل بن ميمون: قدم المهدي المدينة، فدخل عليه القراء، فدخل فيهم ابن جندب الهذلي، فوصله في جملتهم، ثم دخل عليه القصاص وهو فيهم: فوصله معهم، ثم دخل عليه الفقهاء وهو معهم فوصله في جملتهم، ثم دخل الشعراء وهو معهم فقال المهدي: تالله ما رأيت كاليوم أجمع، يا بن جندب، أنشدني أبياتك في مسجد الحزاب فأنشده: من البسيط
يا للرّجال ليوم الأربعاء أما ... ينفكّ يحدث لي بعد النّهى طربا
ما إن يزال غزالٌ فيه فتنني ... يهوي إلى مسجد الأحزاب منتقبا
يخبّر الناس أنّ الأجر همّته ... وما أتى طالباً للأجر محتسبا
لو كان يطلب أجراً ما أتى ظهراً ... مضمّخاً بفتيت المسك مختضبا
ثم قال للمهدي: إني قلت بيتين من هذه، فجاءني القصارون فسألوني الزيادة فجعلتها أربعة. فقال له المهدي: ويحك ومن القصارون؟ قال: حكم الوادي وذووه الذين يقصرون الأشعار بالألحان.