Book Home Page
الصفحة الرئيسية للكتاب
Number of entries in this book
عدد المواضيع في هذا الكتاب 6554
1092. إدريس بن أبي إدريس عايذ الله1 1093. إدريس بن إبراهيم أبو الحسين1 1094. إدريس بن عبيد الله ويقال1 1095. إدريس بن عمر بن عبد العزيز1 1096. إدريس بن يزيد أبو سليمان النابلسي1 1097. إرميا بن حلقيا11098. إسحاق الخياط1 1099. إسحاق بن أبي أيوب بن خالد1 1100. إسحاق بن أحمد1 1101. إسحاق بن أحمد أبو يعقوب الطائي1 1102. إسحاق بن إبراهيم5 1103. إسحاق بن إبراهيم الدمشقي قال1 1104. إسحاق بن إبراهيم الرافقي1 1105. إسحاق بن إبراهيم الرافقي فقال1 1106. إسحاق بن إبراهيم بن أبي حسان1 1107. إسحاق بن إبراهيم بن أبي كامل1 1108. إسحاق بن إبراهيم بن أحمد بن محمد1 1109. إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل بن راشد1 1110. إسحاق بن إبراهيم بن العلاء1 1111. إسحاق بن إبراهيم بن القاسم بن مخلد1 1112. إسحاق بن إبراهيم بن بنان1 1113. إسحاق بن إبراهيم بن صالح بن علي1 1114. إسحاق بن إبراهيم بن عبد الواحد1 1115. إسحاق بن إبراهيم بن محمد1 1116. إسحاق بن إبراهيم بن مخلد1 1117. إسحاق بن إبراهيم بن ميمون1 1118. إسحاق بن إبراهيم بن نصر1 1119. إسحاق بن إبراهيم بن هاشم1 1120. إسحاق بن إبراهيم بن يزيد1 1121. إسحاق بن إبراهيم بن يونس1 1122. إسحاق بن إسماعيل بن إسحاق1 1123. إسحاق بن إسماعيل بن عبد الله1 1124. إسحاق بن الأشعث بن قيس1 1125. إسحاق بن الحارث2 1126. إسحاق بن الضيف1 1127. إسحاق بن بشر بن محمد1 1128. إسحاق بن ثعلبة1 1129. إسحاق بن حسان بن قوهي1 1130. إسحاق بن حماد النميري1 1131. إسحاق بن خلف الزاهد1 1132. إسحاق بن داود السراج1 1133. إسحاق بن راشد3 1134. إسحاق بن سعيد بن إبراهيم1 1135. إسحاق بن سليم القرشي1 1136. إسحاق بن سليمان بن هشام1 1137. إسحاق بن سيار أبو النضر1 1138. إسحاق بن سيار بن محمد بن مسلم1 1139. إسحاق بن صلتان القرشي1 1140. إسحاق بن طلحة بن عبيد الله1 1141. إسحاق بن عباد بن موسى1 1142. إسحاق بن عبد الرحمن2 1143. إسحاق بن عبد الرحمن بن أحمد1 1144. إسحاق بن عبد الله بن الحارث2 1145. إسحاق بن عبد الله بن الحارث النوفلي فقال قد جاءكم...1 1146. إسحاق بن عبد المؤمن1 1147. إسحاق بن عبيد الله بن أبي المهاجر1 1148. إسحاق بن عثمان1 1149. إسحاق بن عقيل بن عبد الرزاق1 1150. إسحاق بن علي الصوفي1 1151. إسحاق بن عمارة العقيلي المديني1 1152. إسحاق بن عمر بن عبد العزيز1 1153. إسحاق بن عيسى بن علي1 1154. إسحاق بن قبيصة بن ذؤيب الخزاعي1 1155. إسحاق بن قيس1 1156. إسحاق بن محمد البيروتي2 1157. إسحاق بن محمد بن أحمد بن يزيد1 1158. إسحاق بن محمد بن إبراهيم1 1159. إسحاق بن محمد بن معمر بن حبيب1 1160. إسحاق بن مسبح أبو يعقوب1 1161. إسحاق بن مسلم الكاتب1 1162. إسحاق بن مسلم بن ربيعة بن عاصم1 1163. إسحاق بن مسلمة بن عبد الملك1 1164. إسحاق بن منصور بن بهرام1 1165. إسحاق بن موسى بن سعيد1 1166. إسحاق بن موسى بن عبد الرحمن1 1167. إسحاق بن موسى بن عبد الله1 1168. إسحاق بن موسى بن عمران1 1169. إسحاق بن يحيى بن طلحة6 1170. إسحاق بن يحيى بن معاذ1 1171. إسحاق بن يعقوب بن أيوب بن زياد1 1172. إسحاق بن يعقوب بن إسحاق1 1173. إسرائيل بن روح ويقال إسماعيل1 1174. إسماعيل الأسدي1 1175. إسماعيل بن أبان بن محمد بن حوي1 1176. إسماعيل بن أبي بكر الرملي1 1177. إسماعيل بن أبي حكيم المدني القرشي1 1178. إسماعيل بن أحمد بن أيوب1 1179. إسماعيل بن أحمد بن إسماعيل الواسطي1 1180. إسماعيل بن أحمد بن عبد الله1 1181. إسماعيل بن أحمد بن عبد المؤمن1 1182. إسماعيل بن أحمد بن عبيد الله1 1183. إسماعيل بن أحمد بن عمر1 1184. إسماعيل بن أحمد بن محمد1 1185. إسماعيل بن أيوب بن سلمة1 1186. إسماعيل بن إبراهيم المخلوع1 1187. إسماعيل بن إبراهيم بن أحمد1 1188. إسماعيل بن إبراهيم بن بسام1 1189. إسماعيل بن إبراهيم بن زياد1 1190. إسماعيل بن إبراهيم بن عامر بن عابد1 1191. إسماعيل بن إسحاق القاضي1 Prev. 100
«
Previous

إرميا بن حلقيا

»
Next
إرميا بن حلقيّا من سبط لاوي
ابن يعقوب من أنبياء بني إسرائيل.
ويقال: إنه الخضر عليه السّلام.
جاء في بعض الآثار أنه وقف على دم يحيى بن زكريّا عليه السّلام بدمشق وهو يفور، فقال: أيّها الدّم دم يحيى بن زكريّا، فتنت بنو إسرائيل والنّاس فيك؛ فسكن الدّم، ورسب حتى غاب.
عن الحسن، قال: إن إرميا كان غلاماً من أبناء الملوك، وكان زاهداً، ولم يكن لأبيه ابن غيره، وكان أبوه يعرض عليه النّكاح فكان يأبى مخافة أن يشغله عن عبادة ربّه، فألحّ عليه أبوه، فكره أن يعصي أباه، فزوّجه في أهل بيت من عظماء أهل مملكته، فلّما أن دخلت عليه امرأته قال لها: يا هذه إني أسرّ إليك أمراً، فإن كتمتيه عليّ وسترتيه سترك الله في الدّنيا والآخرة، وإن أنت أفشيتيه فضحك الله في الدّنيا والآخرة، قالت: فإني سأكتمه عليك؛ قال: فإني لا أريد النّساء.
قال: فأقامت معه سنةً، ثم إن أباه أنكر ذلك، فسأله، فقال: يا أبه ما طال ذلك
بعد؛ فدعا امرأته فسألها، فقالت مثل ذلك ففرّق بينهما، وزوّجه امرأة في بيت أشرافهم، فأدخلت عليه، فاستكتمها أمره مثل ما استكتم الأولى؛ فلّما مضت سنة، فسأله أبوه مثل ما سأل، فقال: ما طال ذلك يا أبه؛ فسأل المرأة فقالت: كيف تحمل المرأة من غير زوج؟ ما مسني! فغضب أبوه، فهرب منه حتى بعثه الله نبيّاً مع ناشية الملك وجاءه الوحي.
وعن وهب بن منبه: إنّ الله تعالى لمّا بعث إرميا إلى بني إسرائيل، وذلك حين عظمت الأحداث في بني إسرائيل، وعملوا بالمعاصي فقتلوا الأنبياء، طمع بخت نصّر فيهم، وقذف الله في قلبه، وحدّث نفسه بالمسير إليهم لمّا أراد الله أن ينتقم به منهم، فأوحى الله إلى إرميا: إني مهلك بني إسرائيل ومنتقم منهم، فقم على صخرة بيت المقدس يأتيك أمري ووحيي؛ فقام إرميا فشقّ ثيابه وجعل الرّماد على رأسه وخرّ ساجداً، وقال: يا ربّ، وددت أن أميّ لم تلدني حين جعلتني آخر أنبياء بني إسرائيل، فيكون خراب بيت المقدس وبوار بني إسرائيل من أجلي.
فقيل له: ارفع رأسك؛ فرفع رأسه؛ قال: فبكى، ثم قال: يا رب، من تسلّط عليهم؟ قال: عبدة النّيران، لا يخافون عقابي ولا يرجون ثوابي، قم يا إرميا فاستمع وحيي أخبرك خبرك وخبر بني إسرائيل: من قبل أن أخلقك اخترتك، ومن قبل أن أصوّرك في رحم أمّك قدّستك، ومن قبل أن أخرجك من بطن أمك طهّرتك، ومن قبل أن تبلغ نبأتك، ومن قبل أن تبلغ الأشدّ اخترتك، ولأمر عظيم اجتبيتك، فقم مع الملك ناشية تسدّده وترشده.
فكان معه يرشده ويأتيه الوحي من الله حتى عظمت الأحداث، ونسوا ما نجّاهم الله من عدوّهم سنحاريب وجنوده، فأوحى الله تعالى إلى إرميا: قم فاقصص عليهم ما آمرك به، وذكّرهم نعمتي، وعرّفهم أحداثهم.
فقال إرميا: يا ربّ إني ضعيف إن لم تقوّني، عاجز إن لم تبلّغني، مخطئ إن لم تسدّدني، مخذول إن لم تنصرني، ذليل إن لم تعزّني.
فقال الله له: أو لم تعلم أنّ الأمور كلّها تصدر عن مشيئتي، وأن الخلق والأمر كلّه
لي، وأن القلوب والألسنة كلّها بيدي أقلّبها كيف شئت فتطيعني؟ فأنا الله الذي ليس شيء مثلي، قامت السّموات والأرض وما فيهنّ بكلمتي، وأنه لا يخلص التّوحيد ولا تتمّ القدرة إلاّ لي، ولا يعلم ما عندي، وأنا الذي كلّمت البحار ففهمت قولي، وأمرتها ففعلت أمري، وحدّدت حدوداً فلا تعدو وحدّي، وتأتي بأمواج كالجبال فإذا بلغت حدّي ألبستها مذلةً لطاعتي، وخوفاً واعترافاً لأمري، وأني معك، ولن يصل إليك شيء معي، وأني بعثتك إلى خلق عظيم من خلقي لتبلّغهم رسالاتي، فتستوجب بذلك أجر من اتّبعك ولا ينقص من أجورهم شيئاً، وإن تقصّر عنها تستحق بذلك منّي وزر من تركته في عماية، ولا ينقص ذلك من أوزارهم شيئاً، انطلق إلى قومك فقمّ فيهم، وقل لهم: إن الله ذكّركم بصلاح آبائكم، فلذلك استبقاكم يا معشر أبناء الأنبياء، وتسألهم كيف وجد آباؤهم مغبّة طاعتي، وكيف وجدوا مغبّة معصيتي؛ وهل وجدوا أحداً عصاني فسعد بمعصيتي؟ وهل علموا أحداً أطاعني فشقي بطاعتي؟ إنّ الدّواب إذا ذكرت أوطانها الصّالحة نزعت إليها، وإن هؤلاء القوم رتعوا في مروج الهلكة، وتركوا الأمر الذي به أكرمت آباءهم، وابتغوا الكرامة من غير وجهها.
أمّا أحبارهم ورهبانهم فاتّخذوا عبادي خولاً يتعبّدونهم ويحكمون فيهم بغير كتابي حتى أجهلوهم أمري وانسوهم ذكري وسنّتي، وغرّوهم عني، فدان لهم عبادي بالطّاعة التي لا تنبغي إلاّ لي، فهم يطيعونهم في معصيتي.
وأمّا ملوكهم وأمراؤهم فبطروا نعمتي، وأمنوا مكري، وغرّتهم الدّنيا حتى نبذوا كتابي، ونسوا عهدي، فهم يحرّفون كتابي ويفترون على رسلي جراةً منهم عليّ، وغرّة بي.
فسبحان جلالي وعلّو مكاني وعظمة شأني، هل ينبغي لي أن يكون لي شريك في ملكي؟ وهل ينبغي لبشر أن يطاع في معصيتي؟ وهل ينبغي لي أن أخلق عباداً أجعلهم أرباباً ن دوني؟ أو آذن لأحد بالطّاعة لأحد؟ لا ينبغي إلاّ لي.
وأمّا قراؤهم وفقهاؤهم فيدسون ما يتخيّرون، فينقادون للملوك، فيتابعونهم على البدع التي يبتدعون في ديني، ويطيعونهم في معصيتي، ويوفون لهم بالعهود النّاقضة لعهدي، فهم جهلة بما يعلمون، لا ينتفعون بشيء ممّا علموا من كتابي.
وأمّ أولاد النبيّين، فمقهورون ومفتونون، يخوضون مع الخائضين، يتمنّون مثل نصري آباءهم، والكرامة التي أكرمتهم بها، ويزعمون أن لا أحد أولى بذلك منهم، بغير صدق منهم ولا تفكّر، ولا يذكرون كيف كان صبر آبائهم، وكيف كان جهدهم في أمري، حتى اغترّ المغترون، وكيف بذلوا أنفسهم ودماءهم فصبروا وصدقوا، حتى عزّ أمري وظهر ديني.
فتأنّيت هؤلاء القوم لعلّهم يستحيون منّي ويرجعون، فتطوّلت عليهم، وصفحت عنهم فأكثرت، ومددت لهم في العمر، وأعذرت لهم لعلّهم يتذكّرون، وكلّ ذلك أمطر عليهم السّماء، وأنبت لهم الأرض، فألبسهم العافية، وأظهرهم على العدوّ، ولا يزدادون إلاّ طغياناً وبعداً منّي! فحتى متى هذا؟ أبي يسخرون؟ أم بي يتمرّسون؟ أم إيّاي يخادعون؟ أم عليّ يجترئون؟.
فإني أقسم بعزتي لأتيحنّ لهم فتنةً يتحير فيها الحليم، ويضل فيها رأي ذوي الرأي، وحكمة الحكيم، ثم لا سلّطنّ عليهم جبّاراً قاسياً عاتياً، ألبسه الهيبة، وأنزع من صدره الرّأفة والرّحمة، وآليت أن يتبعه عدد سود مثل اللّيل المظلم، له فيه عساكره مثل قطع السّحاب، ومواكب مثل العجاج، وكأن حفيف راياته طيران النّسور، وحمل فرسانه كصوت العقبان، يعيدون العمران خراباً، والقرى وحشاً، ويعيثون في الأرض فساداً، ويتبّرون ما علوا تبتيراً، قاسية قلوبهم، لا يكترثون ولا يرقّون ولا يرحمون، ولا يبصرون ولا يسمعون، يجولون في الأسواق بأصوات مرتفعة مثل رهيب الأسد، يقشعر من هيبتها الجلود، وتطيش من سمعها الأحلام، بألسنة لا يفقهونها، ووجوه ظاهرة عليها المنكر لا يعرفونها، فوعزّتي لأعطلّنّ بيوتهم من كتبي وقدسي، ولأخلينّ مجالسهم من حديثها، ولأوحشنّ مساجدهم من عمّارها وزوّارها الذين كانوا يتزيّنون بعمارتها لغيري، ويتهجّدون فيها ويتعبّدون لكسب الدّنيا بالدّين، ويتفقّهون فيها لغير الدّين، ويتعلّمون فيها لغير العمل.
لأبدّلنّ ملوكها بالعزّ الذّل، وبالأمن الخوف، وبالغنى الفقر، وبالنّعمة الجوع، وبطول العافية والرّخاء ألوان البلاء، وبلباس الدّيباج والحرير مدارع الوبر والعباء، وبالأزواج الطيّبة والأدهان جيف القتلى، وبلباس التّيجان أطواق الحديد والسّلاسل
والأغلال، ثم لأعيدنّ فيهم بعد القصور الواسعة والحصون الحصينة الخراب، وبعد البروج المشيّدة مساكن السّباع، وبعد صهيل الخيل عواء الذّئاب، وبعد ضوء السّراج دخان الحريق، وبعد الأنس الوحشة والقفار. ثم لأبدّلنّ نساءها بالأسورة الأغلال، وبقلائد الدّرّ والياقوت سلاسل الحديد، وبألوان الطّيب والأدهان النّقع والغبار، وبالمشي على الزّرابي عبور الأسواق والأنهار والخبب إلى اللّيل في بطون الأسواق، وبالخدور والسّتور الحسور عن الوجوه والسّوق والأسفار والأرواح السّموم.
ثم لأدوسنّهم بأنواع العذاب حتى لو كان الكائن منهم في حالق لوصل ذلك إليه، إني إنّما اكرم من أكرمني، وإنّما أهين من هان عليه أمري، ثم لآمرن السّماء خلال ذلك فلتكوننّ طبقاً من حديد، ولآمرنّ الأرض فلتكوننّ سبيكةً من نحاس، فلا سماء تمطر ولا أرض تنبت، فإن أمطرت خلال ذلك شيئاً سلّطت عليه الآفة، فإن خلص لهم منه شيء نزعت منه البركة، وإن دعوني لم أجبهم، وإن سألوني لم أعطهم، وإن بكوا لم أرحمهم، وإن تضرّعوا إليّ صرفت وجهي عنهم.
وإن قالوا: اللهم أنت الذي ابتدأتنا وآباءنا من قبلنا برحمتك وكرامتك، وذلك بأنك اخترتنا لنفسك، وجعلت فينا نبوّتك وكتابك ومساجدك، ثم مكّنت لنا في البلاد واستخلفتنا فيها، وربّيتنا وآباءنا من قبلنا بنعمتك صغاراً، وحفظتنا وإيّاهم برحمتك كباراً، فأنت أولى المنعمين أن لا تغّير وإن غيّرنا، ولا تبدّل وإن بدّلنا، وأن يتّم نعمته وفضله ومنّه وطوله وإحسانه.
فإن قالوا ذلك، قلت لهم: إني أبتدئ عبادي برحمتي ونعمتي، فإن قبلوا أتممت، وإناستزادوا زدت، وإن شكروا أضاعف، وإن بدّلوا غيّرت، وإن غيّروا غضبت، وإذا غضبت عذّبت، وليس يقوم شيء لغضبي.
قال كعب: قال إرميا: برحمتك أصبحت أتكلم بين يديك، وهل ينبغي ذلك لي وأنا أذلّ وأضعف من أن ينبغي لي أن أتكلّم بين يديك، ولكن برحمتك أبقيتني لهذا اليوم، وليس أحد أحقّ أن يخاف هذا العذاب وهذا الوعيد منّي بما رضيت به منّي طولاً والإقامة في دار الخاطئين وهم يعصونك حولي بغير تنكير ولا تغيير منّي، فإن تعذّبني فبذنبي، وإنترحمني فذلك ظنّي بك.
ثم قال: يا رب سبحانك وبحمدك وتباركت ربّنا وتعاليت لمهلك هذه القرية وما حولها وهي مساكن أنبيائك ومنزل وحيك؛ يا ربّ سبحانك وبحمدك وتباركت وتعاليت لمخرب هذا المسجد وما حوله من المساجد ومن البيوت التي رفعت لذكرك؛ يا رب سبحانك وبحمدك وتباركت وتعاليت لمقتك هذه الأمة وعذابك إيّاهم وهم من ولد إبراهيم خليلك، وأمّة موسى نجيّك، وقوم داود صفّيك، أيّ القرى تأمن عقوبتك بعد أورشلم؟ وأيّ العباد يأمنون سطوتك بعد ولد خليلك إبراهيم وأمة نجّيك موسى وقوم خليفتك داود؟ تسلّط عليهم عبدة النّيران؟ قال الله تعالى: يا إرميا، من عصاني فلا يستنكر نقمتي، فإني إنّما أكرمت هؤلاء القوم على طاعتي، ولو أنهم عصوني لأنزلتهم دار العاصين إلاّ أن أتداركهم برحمتي.
قال إرميا: يا ربّ، اتخذت إبراهيم خليلاً وحفظتنا به، وموسى قرّبته نجيّاً، فنسألك أن تحفظنا ولا تتخطّفنا، ولا تسلّط علينا عدوّنا.
فأوحى الله إليه: يا إرميا إني قدّستك في بطن أمّك، وأخرتك إلى هذا اليوم، فلو أن قومك حفظوا اليتامى والأرامل والمساكين وابن السّبيل لكنت الدّاعم لهم، وكانوا عندي بمنزلة جنّة ناعم شجرها، طاهر ماؤها، ولا يغور ماؤها، ولا تبور ثمارها ولا تنقطع، ولكن سأشكو إليك بني إسرائيل: إني كنت بمنزلة الرّاعي الشّفيق أجنّبهم كلّ قحط وكلّ غرّة، وأتبع بهم الخصب حتى صاروا كباشاً ينطح بعضها بعضاً، فياويلهم ثم يا ويلهم، إنّما أكرم من أكرمني، وأهين من هان عليه أمري، إنّ من كان قبل هؤلاء القوم من القرون يستخفون بمعصيتي، وإن هؤلاء القوم يتبرّعون معصيتي تبرّعاً، فيظهرونها في المساجد والأسواق، وعلى رؤوس الجبال وظلال الشّجر، حتى عجّت السّماء إليّ منها، وعجّت الأرض والجبال، ونفرت منها الوحوش بأطراف الأرض وأقاصيها، وفي كلّ لا ينتهون ولا ينتفعون بما علموا من الكتاب.
وقال إسحاق: هؤلاء المسمّون بإسنادهم، لمّا بلّغهم إرميا رسالة ربّهم وسمعوا ما فيها من الوعيد والعذاب عصوه وكذّبوه واتهموه، قالوا: كذبت وعظّمت على الله الفرية،
فتزعم أن الله معطّل أرضه ومساجده من كتابه وعبادته وتوحيده، فمن يعبده، حتى لا يبقى له في الأرض عابد ولا مسجد ولا كتاب؟ لقد أعظمت على الله الفرية، ولقد اعتراك الجنون؛ فأخذوه وقيّدوه وسجنوه؛ فعند ذلك بعث الله عليهم بخت نصّر، فأقبل يسير بجنوده حتى نزل بساحتهم، ثم حاصرهم فكان كما قال الله تعالى: " فجاسوا خلال الدّيار ".
قال: فلّما طال بهم الحصر، نزلوا على حكمه، فتحوا الأبواب، فتخلّلوا الأزقّة، فذلك قوله تعالى: " فجاسوا خلال الدّيار " وحكم فيها حكم الجاهليّة وبطش الجبّارين، فقتل منهم الثلث، وسبى الثلث، وترك الزّمني والشّيوخ والعجائز، ثم وطئهم بالخيل، وهدّم بيت المقدس، وساق الصّبيان، وأوقف النّسار في الأسواق محسّرات، وقتل المقاتلة، وخرّب الحصون، وهدم المساجد، وحرّق التّوراة، وسأل عن دانيال الذي كان كتب له الكتاب فوجده قد مات، وأخرج أهل بيته الكتاب إليه، وكان فيهم دانيال بن حزقيل الأصغر، وبنشايل، وعزرايل، وميخايل، فأمضى لهم ذلك الكتاب، وكان دانيال بن حزقيل خلفاً من دانيال الأكبر.
ودخل بخت نصّر بجنوده بيت المقدس ووطئ الشّام كلّها، وقتل بني إسرائيل حتى أفناهم، فلّما بلغ منها انصرف راجعاً، وحمل الأموال التي كانت بها، وساق السّبايا معه، فبلغ عدّة صبيانهممنأبناء الأحبار والملوك تسعين ألف غلام، وقذف الكناسات في بيت المقدس، وذبح فيه الخنازير؛ فكان الغلمان سبعة آلاف غلام من بيت داود، وأحد عشر ألفاً من سبط يوسف بن يعقوب وأخيه بنيامين، وثمانية آلاف من سبط أشير بن يعقوب، وأربعة عشر ألفاً من سبط زبالون ونفتالي بن يعقوب، وأربعة عشر ألفاً من سبط دان بن يعقوب، ويمانية آلاف من سبط يسياخير بن يعقوب، ألفين من سبط رالون بن يعقوب، ورابعة آلاف من سبط روبيل ولاوي، واثنا عشر ألفاً من سائر بني إسرائيل؛ فانطلق بهم حتى قدم أرض بابل.
قال وهب: لمّ فعل بخت نصّر ما فعل، قيل له: كان لهم صاحب يحذّرهم ما أصابهم ويصفك وخبرك لهم، ويخبرهم أنك تقتل مقاتلتهم، وتسبي ذراريهم، وتهدم مساجدهم، وتحرّق كتابهم، فكذبوه واتّهموه وضربوه وقيّدوه وحبسوه؛ فأمر بخت نصّر فأخرج إرميا من السّجن، فقال له: أكنت تحذّر هؤلاء القوم ما أصابهم؟ قال: نعم: قال: فإني علمت ذلك؛ قال: أرسلني الله إليهم فكذّبوني؛ قال: كذّبوك وضربوك وسجنوك؟ قال: نعم؛ قال: بئس القوم قوم كذّبوا نبّيّهم رسالة ربّهم، فهل لك أن تلحق بي فأكرمك وأواسيك؟ وإن أحببت أن تقيم في بلادك فقد أمّنتك؛ قال إرميا: إني لم أزل في أمان الله منذ كنت، ولم أخرج منه ساعة قطّ، ولو أن بني إسرائيل لم يخرجوا منه لم يخافوك ولا غيرك، ولم يكن لك عليهم سلطان.
فلّما سمع بخت نصّر هذا القول منه تركه؛ فأقام إرميا مكانه بأرض إيليا.
You are viewing hadithtransmitters.hawramani.com in filtered mode: only posts belonging to Ibn Manẓūr (d. 1311 CE) - Mukhtaṣar Tārīkh Dimashq - ابن منظور - مختصر تاريخ دمشق are being displayed.