أبو عثمان الأوقص
دمشقي. حدث عن الأزهري، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا تزالون تقاتلون الكفار، حتى تقاتلوا قوماً صغار الأعين، ذلف الأنوف، كأن وجوههم المجان المطرقة. وعن أبي عثمان الدمشقي قال: أوحى الله إلى موسى بن عمران: يا موسى فبوجهي حلفت لا تدركني الأبصار، وأنا أدرك الأبصار، وأعلم أعمال العباد بالليل والنهار، ما آمنت بي خليقة إلا توكلت علي توكلها على الوالد الرحيم، بل هي بي أوثق، وبما عندي أطمع، فأعرف ما أقول لك أو دع، إني لك ناصح، وعليك مشفق، يا موسى! ضع الكلام مني إليك موضع الكلام من الوالدة الرحيمة، وكن لأمري مطيعاً، وأطلعني من نفسك على الرضا، ليكون أرضى لي عندك، ولا تطع كل مداهن غرور، واعلم بأن الدنيا دار تعز للظالمين.
أبو عثمان
حدث أبو عثمان عن شيخ يسمى عطية كان قد بلغ مئة سنة قال: رأيت ابن الزبير على جذع مصلوباً، وامرأة تحمل في محفة، حتى صارت إليه، فقال الناس: هذه
أمه. فرأيتها مسفرة الوجه مبتسمة، فجاء الحجاج فأحدره لها، وقال: يا أسم، إني وإياه استبقنا إلى هذا الجذع، فسبقني هو إليه.
53 - أبو عثمان النصيبي من أهل التصوف، قدم دمشق في سياحة. قال أبو إسحاق إبراهيم: كنت مجاوراً بمكة، فوقف علي أبو عثمان النصيبي فقال: يا فقير، أيما أحب إليك، أرفقك أو أحكي إليك حكاية؟ فقلت: بل حكاية. قال: كنت سائراً ببلاد دمشق، وعلي خرقتان: واحدة في وسطي، وأخرى على كتفي، فانتهيت إلى دير مران، والثلج يسقط مثل الورق، فاطلع إلي راهب من غرفة، وقد لويت عن باب الدير، فقال: بحق من خرجت من أجله إلا عدلت إلى الدير. فرجعت، فاستقبلني وأخذ بيدي، وصعدنا إلى غرفة حسنة الآلة، فأقمت عنده ثلاثاً في حسن عشرة، واستحسنته فقلت: يا راهب، أراك عاقلاً، فكيف أقمت على النصرانية؟ فقال: قد قرأت المسطور يعني القرآن ولو قضي شيء لكان. وهمت بالمسير، فرام وقوفي. فقلت: قال نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الضيف ثلاثة، فما زاد فهو صدقة. فقال: صدق نبيكم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولكن من الضيف على صاحب البيت؟ فقلت: أراك أديباً، أسألك عن شيء؟ فقال: قل. قلت: ما صفة المحبة؟ فقال: المحبة لا صفة لها، ولكن إن أردت أن أصف لك شيئاً من أدب المحبة؟ فقلت: قل. قال: أدناه أن لا تزيد بالبر، ولا تنقص بالجفاء. ونهضت فقام معي، ونزلنا إلى صحن الدير، وإذا باب مردود فقال: ادفعه. فدفعته، فإذا إنسان حسن الخلق في عنقه سلسلة مشدودة إلى السقف تمنعه من الجلوس، فقلت: ما هذا؟ فقال: كلمه. فقلت: ما اسمك يا فتى؟ قال: عبد المسيح. فقلت: ما وقوفك ها هنا؟ فقال: عبد المسيح. فقلت: وما تؤلمك هذه السلسلة؟ فقال: عبد المسيح. فقلت للراهب: ما هذا؟ فقال: هذا العيان، وذاك الخبر. أو كما قال.
دمشقي. حدث عن الأزهري، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا تزالون تقاتلون الكفار، حتى تقاتلوا قوماً صغار الأعين، ذلف الأنوف، كأن وجوههم المجان المطرقة. وعن أبي عثمان الدمشقي قال: أوحى الله إلى موسى بن عمران: يا موسى فبوجهي حلفت لا تدركني الأبصار، وأنا أدرك الأبصار، وأعلم أعمال العباد بالليل والنهار، ما آمنت بي خليقة إلا توكلت علي توكلها على الوالد الرحيم، بل هي بي أوثق، وبما عندي أطمع، فأعرف ما أقول لك أو دع، إني لك ناصح، وعليك مشفق، يا موسى! ضع الكلام مني إليك موضع الكلام من الوالدة الرحيمة، وكن لأمري مطيعاً، وأطلعني من نفسك على الرضا، ليكون أرضى لي عندك، ولا تطع كل مداهن غرور، واعلم بأن الدنيا دار تعز للظالمين.
أبو عثمان
حدث أبو عثمان عن شيخ يسمى عطية كان قد بلغ مئة سنة قال: رأيت ابن الزبير على جذع مصلوباً، وامرأة تحمل في محفة، حتى صارت إليه، فقال الناس: هذه
أمه. فرأيتها مسفرة الوجه مبتسمة، فجاء الحجاج فأحدره لها، وقال: يا أسم، إني وإياه استبقنا إلى هذا الجذع، فسبقني هو إليه.
53 - أبو عثمان النصيبي من أهل التصوف، قدم دمشق في سياحة. قال أبو إسحاق إبراهيم: كنت مجاوراً بمكة، فوقف علي أبو عثمان النصيبي فقال: يا فقير، أيما أحب إليك، أرفقك أو أحكي إليك حكاية؟ فقلت: بل حكاية. قال: كنت سائراً ببلاد دمشق، وعلي خرقتان: واحدة في وسطي، وأخرى على كتفي، فانتهيت إلى دير مران، والثلج يسقط مثل الورق، فاطلع إلي راهب من غرفة، وقد لويت عن باب الدير، فقال: بحق من خرجت من أجله إلا عدلت إلى الدير. فرجعت، فاستقبلني وأخذ بيدي، وصعدنا إلى غرفة حسنة الآلة، فأقمت عنده ثلاثاً في حسن عشرة، واستحسنته فقلت: يا راهب، أراك عاقلاً، فكيف أقمت على النصرانية؟ فقال: قد قرأت المسطور يعني القرآن ولو قضي شيء لكان. وهمت بالمسير، فرام وقوفي. فقلت: قال نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الضيف ثلاثة، فما زاد فهو صدقة. فقال: صدق نبيكم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولكن من الضيف على صاحب البيت؟ فقلت: أراك أديباً، أسألك عن شيء؟ فقال: قل. قلت: ما صفة المحبة؟ فقال: المحبة لا صفة لها، ولكن إن أردت أن أصف لك شيئاً من أدب المحبة؟ فقلت: قل. قال: أدناه أن لا تزيد بالبر، ولا تنقص بالجفاء. ونهضت فقام معي، ونزلنا إلى صحن الدير، وإذا باب مردود فقال: ادفعه. فدفعته، فإذا إنسان حسن الخلق في عنقه سلسلة مشدودة إلى السقف تمنعه من الجلوس، فقلت: ما هذا؟ فقال: كلمه. فقلت: ما اسمك يا فتى؟ قال: عبد المسيح. فقلت: ما وقوفك ها هنا؟ فقال: عبد المسيح. فقلت: وما تؤلمك هذه السلسلة؟ فقال: عبد المسيح. فقلت للراهب: ما هذا؟ فقال: هذا العيان، وذاك الخبر. أو كما قال.