- أبو سعد بن أبي فضالة. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا جمع الله الأولين والآخرين نادى منادٍ: من كان أشرك في عمل لله أحدا, فليطلب ثوابه من عند غير الله" .
1992. أبو سعد الميداني1 1993. أبو سعد الميهني1 1994. أبو سعد النوقاني3 1995. أبو سعد النويزي1 1996. أبو سعد الهمذاني1 1997. أبو سعد بن أبي فضالة11998. أبو سعد بن أبي فضالة الأنصاري1 1999. أبو سعد بن الطيوري أحمد بن عبد الجبار...1 2000. أبو سعد رأيت الزبير1 2001. أبو سعيد9 2002. أبو سعيد الأسدي1 2003. أبو سعيد الأشج1 2004. أبو سعيد الأصبهاني3 2005. أبو سعيد الأعسم الأسدي1 2006. أبو سعيد الأنماري1 2007. أبو سعيد البجلي1 2008. أبو سعيد البقال1 2009. أبو سعيد التمار1 2010. أبو سعيد الثوري1 2011. أبو سعيد الحبراني1 2012. أبو سعيد الحميري1 2013. أبو سعيد الخدري2 2014. أبو سعيد الخدري سعد بن مالك الأنصاري...1 2015. أبو سعيد الخدري سعد بن مالك بن سنان1 2016. أبو سعيد الخزاعي1 2017. أبو سعيد الخطيب1 2018. أبو سعيد الرعيني قاضي إفريقية1 2019. أبو سعيد الرقاشي2 2020. أبو سعيد الزرقى1 2021. أبو سعيد الزرقي1 2022. أبو سعيد السلذي1 2023. أبو سعيد الشحامي1 2024. أبو سعيد الصاعدي1 2025. أبو سعيد الصاغاني،1 2026. أبو سعيد الصوفي1 2027. أبو سعيد العدني1 2028. أبو سعيد العربي1 2029. أبو سعيد الغزنوي1 2030. أبو سعيد القصار1 2031. أبو سعيد القولوي1 2032. أبو سعيد المؤدب1 2033. أبو سعيد المدني1 2034. أبو سعيد المروزي1 2035. أبو سعيد المعيطي1 2036. أبو سعيد المقبري3 2037. أبو سعيد المقبري المدني1 2038. أبو سعيد المقرئ1 2039. أبو سعيد الملقاباذي1 2040. أبو سعيد المهري مولاهم1 2041. أبو سعيد بن أبي المعلى1 2042. أبو سعيد بن أبي فضالة الحارثي له1 2043. أبو سعيد بن الحارث1 2044. أبو سعيد بن المعلى1 2045. أبو سعيد بن المعلى الأنصاري1 2046. أبو سعيد بن حبيب بن المهلب1 2047. أبو سعيد بن رافع عم عباد1 2048. أبو سعيد بن عبد الرحمن1 2049. أبو سعيد بن عوف البزاز1 2050. أبو سعيد بن محمد1 2051. أبو سعيد صاحب الفساطيط1 2052. أبو سعيد مولى بني أمية1 2053. أبو سعيد مولى عبد الله بن عامر1 2054. أبو سعيد مولى عبد الله بن مسعود1 2055. أبو سعيد مولى المهري1 2056. أبو سفيان4 2057. أبو سفيان الحميري1 2058. أبو سفيان الحميري الحذاء1 2059. أبو سفيان الحميري سعيد بن يحيى1 2060. أبو سفيان السرخسي1 2061. أبو سفيان الشامي1 2062. أبو سفيان القيني1 2063. أبو سفيان المعمري محمد بن حميد1 2064. أبو سفيان المقرني1 2065. أبو سفيان بن أبي بكر بن يزيد1 2066. أبو سفيان بن الحارث1 2067. أبو سفيان بن الحارث المغيرة بن الحارث الهاشمي...1 2068. أبو سفيان بن العلاء2 2069. أبو سفيان بن جابر بن عتيك الأنصاري1 2070. أبو سفيان بن حرب1 2071. أبو سفيان بن حويطب1 2072. أبو سفيان بن خالد بن يزيد1 2073. أبو سفيان بن عبد الرحمن بن المطلب1 2074. أبو سفيان بن عبد الله الأموي1 2075. أبو سفيان بن عبد الله بن يزيد1 2076. أبو سفيان بن عتبة الأعور1 2077. أبو سفيان بن عتبة بن ربيعة القرشي1 2078. أبو سفيان بن يزيد بن عبد الملك1 2079. أبو سفيان بن يزيد بن معاوية1 2080. أبو سفيان صخر بن حرب بن أمية الأموي1 2081. أبو سفيان طريف بن شهاب1 2082. أبو سفيان طلحة بن نافع1 2083. أبو سفيان طلحة بن نافع الإسكاف1 2084. أبو سفيان مدلوك1 2085. أبو سفيان معاوية بن حرب بن محمد الطائي الموصلي...1 2086. أبو سفيان مولى أبي أحمد1 2087. أبو سفيان مولى عبد الله بن أبي أحمد بن جحش...1 2088. أبو سفيان مولى عبد الله بن أبي أحمد بن جحش القرشي الأسدي...1 2089. أبو سكينة1 2090. أبو سلالة الاسلمى1 2091. أبو سلام2 ◀ Prev. 100▶ Next 100
Jump to entry:الذهاب إلى موضوع رقم:
500100015002000250030003500400045005000550060006500700075008000850090009500100001050011000115001200012500130001350014000145001500015500160001650017000175001800018500190001950020000205002100021500220002250023000235002400024500250002550026000265002700027500280002850029000295003000030500310003150032000325003300033500340003450035000355003600036500370003750038000385003900039500400004050041000415004200042500430004350044000445004500045500460004650047000475004800048500490004950050000505005100051500520005250053000535005400054500550005550056000565005700057500580005850059000595006000060500610006150062000625006300063500640006450065000655006600066500670006750068000685006900069500700007050071000715007200072500730007350074000745007500075500760007650077000775007800078500790007950080000805008100081500820008250083000835008400084500850008550086000865008700087500880008850089000895009000090500910009150092000925009300093500940009450095000955009600096500970009750098000985009900099500100000100500Similar and related entries:
مواضيع متعلقة أو متشابهة بهذا الموضوع
أبو سعد بن أبي فضالة الأنصاري
قيل إنه غير أبي سعد الزرقي عامر بن مسعود.
روى عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقدم الشام، وشهد الفتوح بها.
وقال: اصطحبت أنا وسهيل بن عمرو إلى الشام حين ندب أبو بكر البعوث، فقال لي سهيل: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: مقام أحدكم في سبيل الله ساعةً خير له من عمله في أهله عمره. فأنا مقيم في سبيل الله حتى أموت، لا أرجع إلى مكة أبداً.
قال خليفة بن خياط: ومن الأنصار، ممن لم يحفظ لنا نسبه إلى أقصى آبائه: أبو سعد بن أبي فضالة. روى عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إذا جمع الله الأولين والآخرين.
قال ابن سعد في الطبقة الثانية: أبو سعد بن أبي فضالة. قال محمد بن عمر: أراه من الأنصار، وكانت له صحبة. روى عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحاديث.
قال: وسئل علي بن المديني عن زياد بن ميناء، روى عن أبي سعد بن أبي فضالة، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن الله أغنى الشركاء عن الشرك، فقال: إسناده صالح يقبله القلب، ورب إسناد ينكره القلب.
قيل إنه غير أبي سعد الزرقي عامر بن مسعود.
روى عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقدم الشام، وشهد الفتوح بها.
وقال: اصطحبت أنا وسهيل بن عمرو إلى الشام حين ندب أبو بكر البعوث، فقال لي سهيل: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: مقام أحدكم في سبيل الله ساعةً خير له من عمله في أهله عمره. فأنا مقيم في سبيل الله حتى أموت، لا أرجع إلى مكة أبداً.
قال خليفة بن خياط: ومن الأنصار، ممن لم يحفظ لنا نسبه إلى أقصى آبائه: أبو سعد بن أبي فضالة. روى عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إذا جمع الله الأولين والآخرين.
قال ابن سعد في الطبقة الثانية: أبو سعد بن أبي فضالة. قال محمد بن عمر: أراه من الأنصار، وكانت له صحبة. روى عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحاديث.
قال: وسئل علي بن المديني عن زياد بن ميناء، روى عن أبي سعد بن أبي فضالة، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن الله أغنى الشركاء عن الشرك، فقال: إسناده صالح يقبله القلب، ورب إسناد ينكره القلب.
أبو سعد بن أبي فضالة الأنصاري
: له صحبة.
روى عنه: زياد بن ميناء.
أخبرنا الهيثم بن كليب، حدثنا أحمد بن أبي خيثمة، حدثنا يحيى بن معين، حدثنا محمد بن بكر البرساني، حدثنا عبد الحميد بن جعفر، حدثني أبي، عن يزاد بن ميناء، عن أبي سعد بن أبي فضالة الأنصاري وكان من الصحابة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة، ليوم لا ريب فيه، نادى مناد: من كان أشرك في عمله لله أحدًا، فليطلب ثوابه من عنده، فإن الله عز وجل أغنى الشركاء عن الشرك.
رواه أحمد بن حنبل، عن محمد بن بكر.
: له صحبة.
روى عنه: زياد بن ميناء.
أخبرنا الهيثم بن كليب، حدثنا أحمد بن أبي خيثمة، حدثنا يحيى بن معين، حدثنا محمد بن بكر البرساني، حدثنا عبد الحميد بن جعفر، حدثني أبي، عن يزاد بن ميناء، عن أبي سعد بن أبي فضالة الأنصاري وكان من الصحابة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة، ليوم لا ريب فيه، نادى مناد: من كان أشرك في عمله لله أحدًا، فليطلب ثوابه من عنده، فإن الله عز وجل أغنى الشركاء عن الشرك.
رواه أحمد بن حنبل، عن محمد بن بكر.
أَبُو سَعْدِ بْنُ أَبِي فَضَالَةَ الْأَنْصَارِيُّ لَهُ صُحْبَةٌ، رَوَى حَدِيثَهُ: زِيَادُ بْنُ مِينَاءَ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي ح، وَثَنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُبَيْشٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْحُلْوَانِيُّ، ثنا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، قَالَا: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيُّ، ثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا أَبِي، عَنْ زِيَادِ بْنِ مِينَاءٍ، عَنْ أَبِي سَعْدِ بْنِ أَبِي فَضَالَةَ الْأَنْصَارِيِّ، - وَكَانَ مِنَ الصَّحَابَةِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِذَا جَمَعَ اللهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ، نَادَى مُنَادٍ: مَنْ كَانَ أَشْرَكَ فِي عَمَلِهِ لِلَّهِ أَحَدًا، فَلْيَطْلُبْ ثَوَابَهُ مِنْ عِنْدِهِ، فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ " رَوَاهُ هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَمَّالُ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ عَرْعَرَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَكْرٍ , مِثْلَهُ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي ح، وَثَنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُبَيْشٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْحُلْوَانِيُّ، ثنا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، قَالَا: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيُّ، ثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا أَبِي، عَنْ زِيَادِ بْنِ مِينَاءٍ، عَنْ أَبِي سَعْدِ بْنِ أَبِي فَضَالَةَ الْأَنْصَارِيِّ، - وَكَانَ مِنَ الصَّحَابَةِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِذَا جَمَعَ اللهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ، نَادَى مُنَادٍ: مَنْ كَانَ أَشْرَكَ فِي عَمَلِهِ لِلَّهِ أَحَدًا، فَلْيَطْلُبْ ثَوَابَهُ مِنْ عِنْدِهِ، فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ " رَوَاهُ هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَمَّالُ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ عَرْعَرَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَكْرٍ , مِثْلَهُ
أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ عَامِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ
.ابْنِ الجَرَّاحِ بنِ هِلاَلِ بنِ أُهَيْبِ بنِ ضَبَّةَ بنِ الحَارِثِ بنِ فِهْرِ بنِ مَالِكِ بنِ النَّضْرِ بنِ كِنَانَةَ بنِ خُزَيْمَةَ بنِ مُدْرِكَةَ بنِ إِلْيَاسَ بنِ مُضَرَ بنِ نِزَارِ بنِ مَعَدِّ بنِ عَدْنَانَ القُرَشِيُّ، الفِهْرِيُّ، المَكِّيُّ.
أَحَدُ السَّابِقِيْنَ الأَوَّلِيْنَ، وَمَنْ عَزَمَ الصِّدِّيْقُ عَلَى تَوْلِيَتِهِ الخِلاَفَةَ، وَأَشَارَ بِهِ يَوْمَ
السَّقِيْفَةِ؛ لِكَمَالِ أَهْلِيَّتِهِ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ.يَجْتَمِعُ فِي النَّسَبِ هُوَ وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي فِهْرٍ.
شَهِدَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالجَنَّةِ، وَسَمَّاهُ: أَمِيْنَ الأُمَّةِ، وَمَنَاقِبُهُ شَهِيْرَةٌ جَمَّةٌ.
رَوَى أَحَادِيْثَ مَعْدُوْدَةً، وَغَزَا غَزَوَاتٍ مَشْهُوْدَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: العِرْبَاضُ بنُ سَارِيَةَ، وَجَابِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَأَبُو أُمَامَةَ البَاهِلِيُّ، وَسَمُرَةُ بنُ جُنْدَبٍ، وَأَسْلَمُ مَوْلَى عُمَرَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ غَنْمٍ، وَآخَرُوْنَ.
لَهُ فِي (صَحِيْحِ مُسْلِمٍ) حَدِيْثٌ وَاحِدٌ، وَلَهُ فِي (جَامِعِ أَبِي عِيْسَى) حَدِيْثٌ، وَفِي (مُسْنَدِ بَقِيٍّ) لَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ حَدِيْثاً.
الرِّوَايَةُ عَنْهُ:
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ التَّمِيْمِيُّ، قِرَاءةً عَلَيْهِ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَسِتِّ مَائَةٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو رَوْحٍ عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ البَزَّازُ، أَنْبَأَنَا تَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ أَبُو القَاسِمِ المَعَرِّيُّ، فِي رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مَائَةٍ بِهَرَاةَ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُعَاوِيَةَ القُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ شَقِيْقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ سُرَاقَةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بنِ الجَرَّاحِ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَقُوْلُ: (إِنَّهُ لَمْ
يَكُنْ نَبِيٌّ بَعْدَ نُوْحٍ إِلاَّ وَقَدْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ الدَّجَّالَ، وَإِنِّي أُنْذِرُكُمُوْهُ) .فَوَصَفَهُ لَنَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: (لَعَلَّهُ سَيُدْرِكُهُ بَعْضُ مَنْ رَآنِي، أَوْ سَمِعَ كَلاَمِي) .
قَالُوْا: يَا رَسُوْلَ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْكَ وَسَلَّمَ! كَيْفَ قُلُوْبُنَا يَوْمَئِذٍ؟ أَمِثْلُهَا اليَوْمَ؟
قَالَ: (أَوْ خَيْرٌ ) .
أَخْرَجَهُ: التِّرْمِذِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ الجُمَحِيِّ، فَوَافَقْنَاهُ بِعُلُوٍّ.
وَقَالَ: وَفِي البَابِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ بُسْرٍ، وَغَيْرِهِ.
وَهَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ غَرِيْبٌ مِنْ حَدِيْثِ أَبِي عُبَيْدَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ فِي (الطَّبَقَاتِ) : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي ثَوْرُ بنُ يَزِيْدَ، عَنْ خَالِدِ بنِ مَعْدَانَ، عَنْ مَالِكِ بنِ يَخَامِرَ:
أَنَّهُ وَصَفَ أَبَا عُبَيْدَةَ، فَقَالَ: كَانَ رَجُلاً نَحِيْفاً، مَعْرُوْقَ الوَجْهِ، خَفِيْفَ اللِّحْيَةِ، طُوَالاً، أَحْنَى، أَثْرَمَ الثَّنِيَّتَيْنِ.
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ صَالِحٍ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ رُوْمَانَ، قَالَ: انْطَلَقَ ابْنُ مَظْعُوْنٍ، وَعُبَيْدَةُ بنُ الحَارِثِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ
بنُ عَبْدِ الأَسَدِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ حَتَّى أَتَوْا رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَعَرَضَ عَلَيْهِمُ الإِسْلاَمَ، وَأَنْبَأَهُمْ بِشَرَائِعِهِ، فَأَسْلَمُوا فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ دُخُوْلِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَارَ الأَرْقَمِ.وَقَدْ شَهِدَ أَبُو عُبَيْدَةَ بَدْراً، فَقَتَلَ يَوْمَئِذٍ أَبَاهُ، وَأَبْلَى يَوْمَ أُحُدٍ بَلاَءً حَسَناً، وَنَزَعَ يَوْمَئِذٍ الحَلْقَتَيْنِ اللَّتَيْنِ دَخَلَتَا مِنَ المِغْفَرِ فِي وَجْنَةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ ضَرْبَةٍ أَصَابَتْهُ، فَانْقَلَعَتْ ثَنِيَّتَاهُ، فَحَسُنَ ثَغْرُهُ بِذَهَابِهِمَا، حَتَّى قِيْلَ: مَا رُئِيَ هَتْمٌ قَطُّ أَحْسَنُ مِنْ هَتْمِ أَبِي عُبَيْدَةَ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيْقُ وَقْتَ وَفَاةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِسَقِيْفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ:
قَدْ رَضِيْتُ لَكُم أَحَدَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ: عُمَرَ، وَأَبَا عُبَيْدَةَ.
قَالَ الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: قَدِ انْقَرَضَ نَسْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَوَلَدُ إِخْوَتِهِ جَمِيْعاً، وَكَانَ مِمَّنْ هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الحَبَشَةِ.
قَالَهُ: ابْنُ إِسْحَاقَ، وَالوَاقِدِيُّ.
قُلْتُ: إِنْ كَانَ هَاجَرَ إِلَيْهَا، فَإِنَّهُ لَمْ يُطِلْ بِهَا اللَّبْثَ.
وَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْدُوْداً فِيْمَنْ جَمَعَ القُرْآنَ العَظِيْمَ.
قَالَ مُوْسَى بنُ عُقْبَةَ فِي (مَغَازِيْهِ) : غَزْوَةُ عَمْرِو بنِ العَاصِ هِيَ غَزْوَةُ ذَاتِ السَّلاَسِلِ، مِنْ مَشَارِفِ الشَّامِ، فَخَافَ عَمْرٌو مِنْ جَانِبِهِ ذَلِكَ، فَاسْتَمَدَّ رَسُوْلَ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَانْتَدَبَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فِي سَرَاةٍ مِنَ المُهَاجِرِيْنَ، فَأَمَّرَ نَبِيُّ اللهِ عَلَيْهِم أَبَا عُبَيْدَةَ.فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى عَمْرِو بنِ العَاصِ، قَالَ: أَنَا أَمِيْرُكُم.
فَقَالَ المُهَاجِرُوْنَ: بَلْ أَنْتَ أَمِيْرُ أَصْحَابِكَ، وَأَمِيْرُنَا أَبُو عُبَيْدَةَ.
فَقَالَ عَمْرٌو: إِنَّمَا أَنْتُم مَدَدٌ أُمْدِدْتُ بِكُم.
فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ، وَكَانَ رَجُلاً حَسَنَ الخُلُقِ، لَيِّنَ الشِّيْمَةِ، مُتَّبِعاً لأَمْرِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَهْدِهِ، فَسَلَّمَ الإِمَارَةَ لِعَمْرٍو.
وَثَبَتَ مِنْ وُجُوْهٍ عَنْ أَنَسٍ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِيْناً، وَأَمِيْنُ هَذِهِ الأُمَّةِ: أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ ) .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ، وَغَيْرُهُ إِجَازَةً، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا حَنْبَلُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ بنُ المُذْهِبِ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ القَطِيْعِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو المُغِيْرَةِ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ، عَنْ شُرَيْحِ بنِ عُبَيْدٍ، وَرَاشِدِ بنِ سَعْدٍ، وَغَيْرِهِمَا، قَالُوا:
لَمَّا بَلَغَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ سَرْغَ، حُدِّثَ أَنَّ بِالشَّامِ وَبَاءً شَدِيْداً، فَقَالَ: إِنْ أَدْرَكَنِي
أَجَلِي، وَأَبُو عُبَيْدَةَ حَيٌّ، اسْتَخْلَفْتُهُ، فَإِنْ سَأَلَنِي اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: لِمَ اسْتَخْلَفْتَهُ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ؟قُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِيْناً، وَأَمِيْنُ هَذِهِ الأُمَّةِ: أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ) .
قَالَ: فَأَنْكَرَ القَوْمُ ذَلِكَ، وَقَالُوا: مَا بَالُ عَلْيَاءِ قُرَيْشٍ؟
يَعْنُوْنَ: بَنِي فِهْرٍ.
ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ أَدْرَكَنِي أَجَلِي، وَقَدْ تُوُفِّيَ أَبُو عُبَيْدَةَ، أَسْتَخْلِفْ مُعَاذَ بنَ جَبَلٍ، فَإِنْ سَأَلَنِي رَبِّي قُلْتُ:
إِنِّي سَمِعْتُ نَبِيَّكَ يَقُوْلُ: (إِنَّهُ يُحْشَرُ يَوْمَ القِيَامَةِ بَيْنَ يَدَي العُلَمَاءِ بِرَتْوَةٍ ) .
وَرَوَى: حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنِ الجُرَيْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ شَقِيْقٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ العَاصِ، قَالَ:
قِيْلَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟
قَالَ: (عَائِشَةُ) .
قِيْلَ: مِنَ الرِّجَالِ؟
قَالَ: (أَبُو بَكْرٍ) .
قِيْلَ: ثُمَّ مَنْ؟
قَالَ: (ثُمَّ أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ) .
كَذَا يَرْوِيْهِ حَمَّادٌ.
وَخَالَفَهُ جَمَاعَةٌ، فَرَوَوْهُ عَنِ الجُرَيْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
سَأَلْتُ عَائِشَةَ: أَيُّ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ أَحَبَّ إِلَيْهِ؟
قَالَتْ: أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، ثُمَّ أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُعَدَّلُ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الفَقِيْهُ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، أَنْبَأَنَا أَبُو الفَضْلِ بنُ خَيْرُوْنَ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ غَالِبٍ، بِقِرَاءتِهِ عَلَى أَبِي العَبَّاسِ بنِ حَمْدَانَ، حَدَّثَكُم مُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ، أَنْبَأَنَا أَبُو الوَلِيْدِ، أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، سَمِعْتُ صِلَةَ بنَ زُفَرَ، عَنْ حُذَيْفَةَ:أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (إِنِّي أَبْعَثُ إِلَيْكُم رَجُلاً أَمِيْناً) .
فَاسْتَشْرَفَ لَهَا أَصْحَابُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بنَ الجَرَّاحِ.
اتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ حَدِيْثِ شُعْبَةَ.
وَاتَّفَقَا مِنْ حَدِيْثِ خَالِدٍ الحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ أَنَسٍ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِيْنٌ، وَأَمِيْنُ هَذِهِ الأُمَّةِ: أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ ) .
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ المُعَلِّمُ، أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ رَوَاحَةَ، أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ الحَافِظُ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الصُّوْفِيُّ، وَأَبُو غَالِبٍ البَاقِلاَنِيُّ، وَجَمَاعَةٌ، قَالُوا:
أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ بِشْرَانَ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الفَاكِهِيُّ بِمَكَّةَ، حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى بنُ أَبِي مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عِيْسَى الوَاسِطِيُّ، أَنْبَأَنَا يَحْيَى بنُ أَبِي زَكَرِيَّا، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ بنِ خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: كُنْتُ
فِي الجَيْشِ الَّذِيْنَ مَعَ خَالِدٍ، الَّذِيْنَ أَمَدَّ بِهِم أَبَا عُبَيْدَةَ وَهُوَ مُحَاصِرٌ دِمَشْقَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَيْهِم قَالَ لِخَالِدٍ: تَقَدَّمْ، فَصَلِّ، فَأَنْتَ أَحَقُّ بِالإِمَامَةِ؛ لأَنَّكَ جِئْتَ تَمُدُّنِي.فَقَالَ خَالِدٌ: مَا كُنْتُ لأَتَقَدَّمَ رَجُلاً سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِيْنٌ، وَأَمِيْنُ هَذِهِ الأُمَّةِ: أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ ) .
أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ زَكَرِيَّا بنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ صِلَةَ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ:
أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُسْقُفَا نَجْرَانَ: العَاقِبُ وَالسَّيِّدُ، فَقَالاَ: ابْعَثْ مَعَنَا أَمِيْناً حَقَّ أَمِيْنٍ.
فَقَالَ: (لأَبْعَثَنَّ مَعَكُم رَجُلاً أَمِيْناً حَقَّ أَمِيْنٍ) .
فَاسْتَشْرَفَ لَهَا النَّاسُ، فَقَالَ: (قُمْ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ) .
فَأَرْسَلَهُ مَعَهُم.
قَالَ: وَحَدَّثَنَا وَكِيْعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، نَحْوَهُ.
التَّرْقُفِيُّ فِي (جُزْئِهِ) : حَدَّثَنَا أَبُو المُغِيْرَةِ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو حِسْبَةَ مُسْلِمُ بنُ أَكْيَسَ مَوْلَى ابْنِ كُرَيْزٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ: ذَكَرَ لِي مَنْ
دَخَلَ عَلَيْهِ فَوَجَدَهُ يَبْكِي، فَقَالَ: مَا يُبْكِيْكَ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ؟قَالَ: يُبْكِيْنِي أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَكَرَ يَوْماً مَا يَفْتَحُ اللهُ عَلَى المُسْلِمِيْنَ، حَتَّى ذَكَرَ الشَّامَ، فَقَالَ: (إِنْ نَسَأَ اللهُ فِي أَجَلِكَ، فَحَسْبُكَ مِنَ الخَدَمِ ثَلاَثَةٌ: خَادِمٌ يَخْدُمُكَ، وَخَادِمٌ يُسَافِرُ مَعَكَ، وَخَادِمٌ يَخْدمُ أَهْلَكَ، وَحَسْبُكَ مِنَ الدَّوَابِّ ثَلاَثَةٌ: دَابَّةٌ لِرَحْلِكَ، وَدَابَّةٌ لِثِقَلِكَ، وَدَابَّةٌ لِغُلاَمِكَ) .
ثُمَّ هَا أَنَا ذَا أَنْظُرُ إِلَى بَيْتِي قَدِ امْتَلأَ رَقِيْقاً، وَإِلَى مَرْبَطِي قَدِ امْتَلأَ خَيْلاً، فَكَيْفَ أَلْقَى رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْدَهَا؟ وَقَدْ أَوْصَانَا: (إِنَّ أَحَبَّكُم إِلَيَّ، وَأَقْرَبَكُمْ مِنِّي، مَنْ لَقِيَنِي عَلَى مِثْلِ الحَالِ الَّتِي فَارَقْتُكُمْ عَلَيْهَا ) .
حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ.
رَوَاهُ أَيْضاً: أَحْمَدُ فِي (مُسْنَدِهِ) ، عَنْ أَبِي المُغِيْرَةِ.
وَكِيْعُ بنُ الجَرَّاحِ: مُبَارَكُ بنُ فَضَالَةَ، عَنِ الحَسَنِ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ لَوْ شِئْتُ لأَخَذْتُ عَلَيْهِ بَعْضَ خُلُقِهِ، إِلاَّ أَبَا عُبَيْدَةَ) .
هَذَا مُرْسَلٌ.
وَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَوْصُوْفاً بِحُسْنِ الخُلُقِ، وَبِالحِلْمِ الزَائِدِ، وَالتَّوَاضُعِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ
أَبِي نَجِيْحٍ: قَالَ عُمَرُ لِجُلَسَائِهِ: تَمَنُّوْا.فَتَمَنَّوْا، فَقَالَ عُمَرُ: لَكِنِّي أَتَمَنَّى بَيْتاً مُمْتَلِئاً رِجَالاً مِثْلَ أَبِي عُبَيْدَةَ بنِ الجَرَّاحِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: قَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ يُوْنُسَ، عَنِ الحَسَنِ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَا مِنْ أَصْحَابِي أَحَدٌ إِلاَّ لَوْ شِئْتُ أَخَذْتُ عَليْهِ، إِلاَّ أَبَا عُبَيْدَةَ ) .
وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ:
قَالَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ: أَخِلاَّئِي مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَلاَثَةٌ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ.
خَالَفَهُ غَيْرُهُ، فَفِي (الجَعْدِيَاتِ) : أَنْبَأَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي
الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ... ، فَذَكَرَهُ.قَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ: وَقَدْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَلَّى أَبَا عُبَيْدَةَ بَيْتَ المَالِ.
قُلْتُ: يَعْنِي: أَمْوَالَ المُسْلِمِيْنَ، فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ عُمِلَ بَيْتُ مَالٍ، فَأَوَّلُ مِنِ اتَّخَذَهُ عُمَرُ.
قَالَ خَلِيْفَةُ: ثُمَّ وَجَّهَهُ أَبُو بَكْرٍ إِلَى الشَّامِ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ أَمِيْراً، وَفِيْهَا استُخْلِفَ عُمَرُ، فَعَزَلَ خَالِدَ بنَ الوَلِيْدِ، وَوَلَّى أَبَا عُبَيْدَةَ.
قَالَ القَاسِمُ بنُ يَزِيْدَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ زِيَادِ بنِ فَيَّاضٍ، عَنْ تَمِيْمِ بنِ سَلَمَةَ:
أَنَّ عُمَرَ لَقِي أَبَا عُبَيْدَةَ، فَصَافَحَهُ، وَقَبَّلَ يَدَهُ، وَتَنَحَّيَا يَبْكِيَانِ.
وَقَالَ ابْنُ المُبَارَكِ فِي (الجِهَادِ) لَهُ: عَنْ هِشَامِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
بَلَغَ عُمَرَ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ حُصِرَ بِالشَّامِ، وَنَالَ مِنْهُ العَدُوُّ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ مَا نَزَلَ بِعَبْدٍ مُؤْمِنٍ شِدَّةٌ، إِلاَّ جَعَلَ اللهُ بَعْدَهَا فَرَجاً، وَإِنَّهُ لاَ يَغْلِبُ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا} ، الآيَةَ [آلُ عِمْرَانَ: 200] .
قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو عُبَيْدَةَ:
أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللهَ يَقُوْلُ: {أَنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} ، إِلَى قَوْلِهِ: {مَتَاعُ الغُرُوْرِ} [الحَدِيْدُ: 20] .
قَالَ: فَخَرَجَ عُمَرُ
بِكِتَابِهِ، فَقَرَأَهُ عَلَى المِنْبَرِ، فَقَالَ:يَا أَهْلَ المَدِيْنَةِ! إِنَّمَا يُعَرِّضُ بِكُم أَبُو عُبَيْدَةَ أَوْ بِي، ارْغَبُوا فِي الجِهَادِ.
ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ: عَنْ هِشَامِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
بَلَغَنِي أَنَّ مُعَاذاً سَمِعَ رَجُلاً يَقُوْلُ: لَوْ كَانَ خَالدُ بنُ الوَلِيْدِ، مَا كَانَ بِالنَّاسِ دَوْكٍ.
وَذَلِكَ فِي حَصْرِ أَبِي عُبَيْدَةَ، فَقَالَ مُعَاذٌ: فَإِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ تَضْطَرُّ المُعْجِزَةُ لاَ أَبَا لَكَ! وَاللهِ إِنَّهُ لَخَيْرُ مَنْ بَقِيَ عَلَى الأَرْضِ.
رَوَاهُ: البُخَارِيُّ فِي (تَارِيْخِهِ) ، وَابْنُ سَعْدٍ.
وَفِي (الزُّهْدِ) لابْنِ المُبَارَكِ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
قَدِمَ عُمَرُ الشَّامَ، فَتَلَقَّاهُ الأُمَرَاءُ وَالعُظَمَاءُ.
فَقَالَ: أَيْنَ أَخِي أَبُو عُبَيْدَةَ؟
قَالُوا: يَأْتِيْكَ الآنَ.
قَالَ: فَجَاءَ عَلَى نَاقَةٍ مَخْطُوْمَةٍ بِحَبْلٍ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ: انْصَرِفُوا عَنَّا.
فَسَارَ مَعَهُ حَتَّى أَتَى مَنْزِلَهُ، فَنَزَلَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرَ فِي بَيْتِهِ إِلاَّ سَيْفَهُ وَتُرْسَهُ وَرَحْلَهُ.
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: لَوِ اتَّخَذْتَ مَتَاعاً، أَوْ قَالَ: شَيْئاً.
فَقَالَ: يَا
أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! إِنَّ هَذَا سَيُبَلِّغُنَا المَقِيْلَ.ابْنُ وَهْبٍ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
أَنَّ عُمَرَ حِيْنَ قَدِمَ الشَّامَ، قَالَ لأَبِي عُبَيْدَةَ: اذْهَبْ بِنَا إِلَى مَنْزِلِكَ.
قَالَ: وَمَا تَصْنَعُ عِنْدِي؟ مَا تُرِيْدُ إِلاَّ أَنْ تُعَصِّرَ عَيْنَيْكَ عَلَيَّ.
قَالَ: فَدَخَلَ، فَلَمْ يَرَ شَيْئاً، قَالَ: أَيْنَ مَتَاعُكَ؟ لاَ أَرَى إِلاَّ لِبْداً وَصَحْفَةً وَشَنّاً، وَأَنْتَ أَمِيْرٌ، أَعِنْدَكَ طَعَامٌ؟
فَقَامَ أَبُو عُبَيْدَةَ إِلَى جَوْنَةٍ، فَأَخَذَ مِنْهَا كُسَيْرَاتٍ، فَبَكَى عُمَرُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ: قَدْ قُلْتُ لَكَ: إِنَّكَ سَتَعْصِرُ عَيْنَيْكَ عَلَيَّ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، يَكْفِيْكَ مَا يُبَلِّغُكَ المَقِيْل.
قَالَ عُمَرُ: غَيَّرَتْنَا الدُّنْيَا كُلَّنَا، غَيْرَكَ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ.
أَخْرَجَهُ: أَبُو دَاوُدَ فِي (سُنَنِهِ) ، مِنْ طَرِيْقِ ابْنِ الأَعْرَابِيِّ.
وَهَذَا -وَاللهِ- هُوَ الزُّهْدُ الخَالِصُ، لاَ زُهْدُ مَنْ كَانَ فَقِيْراً مُعْدِماً.
مَعْنُ بنُ عِيْسَى: عَنْ مَالِكٍ:
أَنَّ عُمَرَ أَرْسَلَ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بِأَرْبَعَةِ آلاَفٍ، أَوْ بِأَرْبَعِ مَائَةِ دِيْنَارٍ، وَقَالَ لِلرَّسُوْلِ: انْظُرْ مَا يَصْنَعُ بِهَا.
قَالَ: فَقَسَّمَهَا أَبُو عُبَيْدَةَ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى مُعَاذٍ بِمِثْلِهَا.
قَالَ: فَقَسَّمَهَا، إِلاَّ شَيْئاً قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ نَحْتَاجُ إِلَيْهِ، فَلَمَّا أَخْبَرَ الرَّسُوْلُ عُمَرَ، قَالَ: الحَمْدُ للهِ الَّذِي جَعَلَ فِي الإِسْلاَمِ مَنْ يَصْنَعُ
هَذَا.الفَسَوِيُّ : حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، عَنْ جَرِيْرِ بنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي الحَسَنِ عِمْرَانَ بنِ نِمْرَانَ:
أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ كَانَ يَسِيْرُ فِي العَسْكَرِ، فَيَقُوْلُ: أَلاَ رُبَّ مُبَيِّضٍ لِثِيَابِهِ، مُدَنِّسٍ لِدِيْنِهِ! أَلاَ رُبَّ مُكْرِمٍ لِنَفْسِهِ وَهُوَ لَهَا مُهِيْنٌ! بَادِرُوا السَّيِّئَاتِ القَدِيْمَاتِ بِالحَسَنَاتِ الحَدِيْثَاتِ.
وَقَالَ ثَابِتٌ البُنَانِيُّ: قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ! إِنِّي امْرُؤٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَمَا مِنْكُم مِنْ أَحْمَرَ وَلاَ أَسْوَدَ يَفْضُلُنِي بِتَقْوَى، إِلاَّ وَدِدْتُ أَنِّي فِي مِسْلاَخِهِ.
مَعْمَرٌ: عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ:
وَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ كَبْشاً، فَيَذْبَحُنِي أَهْلِي، فَيَأْكُلُوْنَ لَحْمِي، ويَحْسُوْنَ مَرَقِي.
وَقَالَ عِمْرَانُ بنُ حُصَيْنٍ: وَدِدْتُ أَنِّي رَمَادٌ تَسْفِيْنِي الرِّيْحُ.
شُعْبَةُ: عَنْ قَيْسِ بنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقٍ:
أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ فِي الطَّاعُوْنِ: إِنَّهُ قَدْ عَرَضَتْ لِي حَاجَةٌ، وَلاَ غِنَى بِي عَنْكَ فِيْهَا، فَعَجِّلْ إِلَيَّ.
فَلَمَّا قَرَأَ الكِتَابَ، قَالَ: عَرَفْتُ حَاجَةَ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، إِنَّهُ يُرِيْدُ أَنْ يَسْتَبْقِيَ مَنْ لَيْسَ بِبَاقٍ.
فَكَتَبَ: إِنِّي قَدْ عَرَفْتُ حَاجَتَكَ، فَحَلِّلْنِي مِنْ عَزِيْمَتك، فَإِنِّي فِي جُنْدٍ
مِنْ أَجْنَادِ المُسْلِمِيْنَ، لاَ أَرْغَبُ بِنَفْسِي عَنْهُم.فَلَمَّا قَرَأَ عُمَرُ الكِتَابَ، بَكَى، فَقِيْلَ لَهُ: مَاتَ أَبُو عُبَيْدَةَ؟
قَالَ: لاَ، وَكَأَنْ قَدْ.
قَالَ: فَتُوُفِّيَ أَبُو عُبَيْدَةَ، وَانْكَشَفَ الطَّاعُوْنُ.
قَالَ أَبُو المُوَجِّهِ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو المَرْوَزِيُّ: زَعَمُوا أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ كَانَ فِي سِتَّةٍ وَثَلاَثِيْنَ أَلْفاً مِنَ الجُنْدِ، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُم إِلاَّ سِتَّةُ آلاَفِ رَجُلٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، عَنْ أَبِي رَوْحٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ حَمْدَانَ، أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَسْمَاءَ، حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بنُ مَيْمُوْنٍ، حَدَّثَنَا وَاصِلٌ مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي سَيْفٍ المَخْزُوْمِيِّ، عَنِ الوَلِيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ -شَامِيٌّ، فَقِيْهٌ- عَنْ عِيَاضِ بنِ غُطَيْفٍ، قَالَ:
دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بنِ الجَرَّاحِ فِي مَرَضِهِ، وَامْرَأَتُهُ تُحَيْفَةُ جَالِسَةٌ عِنْدَ رَأْسِهِ، وَهُوَ مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ عَلَى الجِدَارِ، فَقُلْتُ: كَيْفَ بَاتَ أَبُو عُبَيْدَةَ؟
قَالَتْ: بَاتَ بِأَجْرٍ.
فَقَالَ: إِنِّي -وَاللهِ- مَا بِتُّ بِأَجْرٍ!
فَكَأَنَّ القَوْمَ سَاءهُمْ، فَقَالَ: أَلاَ تَسْأَلُوْنِي عَمَّا قُلْتُ؟
قَالُوا: إِنَّا لَمْ يُعْجِبْنَا مَا قُلْتَ، فَكَيْفَ نَسْأَلُكَ؟
قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ: (مَنْ أَنْفَقَ نَفَقَةً فَاضِلَةً فِي سَبِيْلِ اللهِ، فَبِسَبْعِ مَائَةٍ، وَمَنْ أَنْفَقَ عَلَى عِيَالِهِ، أَوْ عَادَ مَرِيْضاً، أَوْ مَاز أَذَىً، فَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَالصَّوْمُ
جُنَّةٌ مَا لَمْ يَخْرِقْهَا، وَمَنِ ابْتَلاَهُ اللهُ بِبَلاَءٍ فِي جَسَدِهِ، فَهُوَ لَهُ حِطَّةٌ ) .أَنْبَأَنَا جَمَاعَةٌ، قَالُوا:
أَنْبَأَنَا ابْنُ طَبَرْزَدَ، أَنْبَأَنَا ابْنُ الحُصَيْنِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ غَيْلاَنَ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبَانٍ الوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنِي جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ، حَدَّثَنِي بَشَّارُ بنُ أَبِي سَيْفٍ، حَدَّثَنِي الوَلِيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عِيَاضِ بنِ غُطَيْفٍ، قَالَ:
مَرِضَ أَبُو عُبَيْدَةَ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ نَعُوْدُهُ، فَقَالَ:
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (الصِّيَامُ جُنَّةٌ مَا لَمْ يَخْرِقْهَا ) .
وَقَدِ اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبَا عُبَيْدَةَ غَيْرَ مَرَّةٍ، مِنْهَا المَرَّةُ الَّتِي جَاعَ فِيْهَا عَسْكَرُهُ، وَكَانُوا ثَلاَثَ مَائَةٍ، فَأَلْقَى لَهُمُ البَحْرُ الحُوْتَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: العَنْبَرُ.
فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: ميتَةٌ.
ثُمَّ قَالَ: لاَ، نَحْنُ رُسُلُ رَسُوْلِ اللهِ، وَفِي سَبِيْلِ اللهِ، فَكُلُوا ... ، وَذَكَرَ الحَدِيْثَ.
وَهُوَ فِي (الصَّحِيْحَيْنِ).
وَلَمَّا تَفَرَّغَ الصِّدِّيْقُ مِنْ حَرْبِ أَهْل الرِّدَّةِ، وَحَرْبِ مُسَيْلِمَةَ الكَذَّابِ، جَهَّزَ أُمَرَاءَ الأَجْنَادِ لِفَتْحِ الشَّامِ.فَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ، وَيَزِيْدَ بنَ أَبِي سُفْيَانَ، وَعَمْرَو بنَ العَاصِ، وَشُرَحْبِيْلَ بنَ حَسَنَةَ، فَتَمَّتْ وَقْعَةُ أَجْنَادِيْنَ بِقُرْبِ الرَّمْلَةِ، وَنَصَرَ اللهُ المُؤْمِنِيْنَ، فَجَاءتِ البُشْرَى، وَالصِّدِّيْقُ فِي مَرَضِ المَوْتِ، ثُمَّ كَانَتْ وَقْعَةُ فِحْلٍ، وَوَقْعَةُ مَرْجِ الصُفَّرِ، وَكَانَ قَدْ سَيَّرَ أَبُو بَكْرٍ خَالِداً لِغَزْوِ العِرَاقِ، ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهِ لِيُنْجِدَ مَنْ بِالشَّامِ.
فَقَطَعَ المَفَاوِزَ عَلَى بَرِّيَّةِ السَّمَاوَةِ، فَأَمَّرُهُ الصِّدِّيْقُ عَلَى الأُمَرَاءِ كُلِّهِم، وَحَاصَرُوا دِمَشْقَ، وَتُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ.
فَبَادَرَ عُمَرُ بِعَزْلِ خَالِدٍ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الكُلِّ أَبَا عُبَيْدَةَ، فَجَاءهُ التَّقْلِيْدُ، فَكَتَمَهُ مُدَّةً، وَكُلُّ هَذَا مِنْ دِيْنِهِ وِلِيْنِهِ وَحِلْمِهِ، فَكَانَ فَتْحُ دِمَشْقَ عَلَى يَدِهِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ أَظْهَرَ التَّقْلِيْدَ، لِيَعْقِدَ
الصُّلْحَ لِلرُّوْمِ، فَفَتَحُوا لَهُ بَابَ الجَابِيَةِ صُلْحاً، وَإِذَا بِخَالِدٍ قَدِ افْتَتَحَ البَلَدَ عَنْوَةً مِنَ البَابِ الشَّرْقِيِّ، فَأَمْضَى لَهُم أَبُو عُبَيْدَةَ الصُّلْحَ.فَعَنِ المُغِيْرَةِ: أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ صَالَحَهُم عَلَى أَنْصَافِ كَنَائِسِهِم وَمَنَازِلَهِم، ثُمَّ كَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ رَأْسَ الإِسْلاَمِ يَوْمَ وَقْعَةِ اليَرْمُوْكِ؛ الَّتِي اسْتَأْصَلَ اللهُ فِيْهَا جُيُوْشَ الرُّوْمِ، وَقُتِلَ مِنْهُم خَلْقٌ عَظِيْمٌ.
رَوَى ابْنُ المُبَارَكِ فِي (الزُّهْدِ) لَهُ، قَالَ:
أَنْبَأَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ بَهْرَامَ، عَنْ شَهْرِ بنِ حَوْشَبٍ، قَالَ:
حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ غَنْمٍ، عَنْ حَدِيْثِ الحَارِثِ بنِ عُمَيْرَةَ، قَالَ:
أَخَذَ بِيَدِي مُعَاذُ بنُ جَبَلٍ، فَأَرْسَلَهُ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ، فَسَأَلَهُ: كَيْفَ هُوَ! وَقَدْ طُعِنَّا؟
فَأَرَاهُ أَبُو عُبَيْدَةَ طَعْنَةً خَرَجَتْ فِي كَفِّهِ، فَتَكَاثَرَ شَأْنُهَا فِي نَفْسِ الحَارِثِ، وَفَرَقَ مِنْهَا حِيْنَ رَآهَا، فَأَقْسَمَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِاللهِ: مَا يُحِبُّ أَنَّ لَهُ مَكَانَهَا حُمْرَ النَّعَمِ.
وَعَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ: أَنَّ وَجَعَ عَمَوَاسَ كَانَ مُعَافَىً مِنْهُ أَبُو عُبَيْدَةَ وَأَهْلُهُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ نَصِيْبَكَ فِي آلِ أَبِي عُبَيْدَةَ!
قَالَ: فَخَرَجْتُ بِأَبِي عُبَيْدَةَ، فِي خَنْصَرِهِ بَثْرَةٌ، فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَيْهَا، فَقِيْلَ لَهُ: إِنَّهَا لَيْسَتْ بِشَيْءٍ.
فَقَالَ: أَرْجُو أَنْ يُبَارِكَ اللهُ فِيْهَا، فَإِنَّهُ إِذَا بَارَكَ فِي القَلِيْلِ، كَانَ كَثِيْراً.
الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ صَالِحِ بنِ أَبِي المُخَارِقِ، قَالَ:
انْطَلَقَ أَبُو عُبَيْدَةَ مِنَ الجَابِيَةِ إِلَى بَيْتَ المَقْدِسِ لِلصَّلاَةِ،
فَاسْتَخْلَفَ عَلَى النَّاسِ مُعَاذَ بنَ جَبَلٍ.قَالَ الوَلِيْدُ: فَحَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ عُرْوَةَ بنَ رُوَيْمٍ، قَالَ:
فَأَدْرَكَهُ أَجَلُهُ بِفِحْلٍ، فَتُوُفِّيَ بِهَا بِقُرْبِ بَيْسَانَ.
طَاعُوْنُ عَمَوَاسَ: مَنْسُوْبٌ إِلَى قَرْيَةِ عَمَوَاسَ، وَهِيَ بَيْنَ الرَّمْلَةِ وَبَيْنَ بَيْتِ المَقْدِسِ.
وَأَمَّا الأَصْمَعِيُّ، فَقَالَ : هُوَ مِنْ قَوْلِهِم زَمَنَ الطَّاعُوْنِ: عَمَّ، وَآسَى.
قَالَ أَبُو حَفْصٍ الفَلاَّسُ: تُوُفِّيَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي سَنَةِ ثَمَانِ عَشْرَةَ، وَلَهُ ثَمَانٌ وَخَمْسُوْنَ سَنَةً، وَكَانَ يَخْضِبُ بِالحِنَّاءِ وَالكَتَمِ، وَكَانَ لَهُ عَقِيْصَتَانِ.
وَقَالَ كَذَلِكَ فِي وَفَاتِهِ جَمَاعَةٌ.
وَانْفَرَدَ ابْنُ عَائِذٍ، عَنْ أَبِي مُسْهِرٍ، أَنَّهُ قَرَأَ فِي كِتَابِ يَزِيْدَ بنِ عُبَيْدَةَ: أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ.
.ابْنِ الجَرَّاحِ بنِ هِلاَلِ بنِ أُهَيْبِ بنِ ضَبَّةَ بنِ الحَارِثِ بنِ فِهْرِ بنِ مَالِكِ بنِ النَّضْرِ بنِ كِنَانَةَ بنِ خُزَيْمَةَ بنِ مُدْرِكَةَ بنِ إِلْيَاسَ بنِ مُضَرَ بنِ نِزَارِ بنِ مَعَدِّ بنِ عَدْنَانَ القُرَشِيُّ، الفِهْرِيُّ، المَكِّيُّ.
أَحَدُ السَّابِقِيْنَ الأَوَّلِيْنَ، وَمَنْ عَزَمَ الصِّدِّيْقُ عَلَى تَوْلِيَتِهِ الخِلاَفَةَ، وَأَشَارَ بِهِ يَوْمَ
السَّقِيْفَةِ؛ لِكَمَالِ أَهْلِيَّتِهِ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ.يَجْتَمِعُ فِي النَّسَبِ هُوَ وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي فِهْرٍ.
شَهِدَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالجَنَّةِ، وَسَمَّاهُ: أَمِيْنَ الأُمَّةِ، وَمَنَاقِبُهُ شَهِيْرَةٌ جَمَّةٌ.
رَوَى أَحَادِيْثَ مَعْدُوْدَةً، وَغَزَا غَزَوَاتٍ مَشْهُوْدَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: العِرْبَاضُ بنُ سَارِيَةَ، وَجَابِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَأَبُو أُمَامَةَ البَاهِلِيُّ، وَسَمُرَةُ بنُ جُنْدَبٍ، وَأَسْلَمُ مَوْلَى عُمَرَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ غَنْمٍ، وَآخَرُوْنَ.
لَهُ فِي (صَحِيْحِ مُسْلِمٍ) حَدِيْثٌ وَاحِدٌ، وَلَهُ فِي (جَامِعِ أَبِي عِيْسَى) حَدِيْثٌ، وَفِي (مُسْنَدِ بَقِيٍّ) لَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ حَدِيْثاً.
الرِّوَايَةُ عَنْهُ:
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ التَّمِيْمِيُّ، قِرَاءةً عَلَيْهِ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَسِتِّ مَائَةٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو رَوْحٍ عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ البَزَّازُ، أَنْبَأَنَا تَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ أَبُو القَاسِمِ المَعَرِّيُّ، فِي رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مَائَةٍ بِهَرَاةَ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُعَاوِيَةَ القُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ شَقِيْقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ سُرَاقَةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بنِ الجَرَّاحِ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَقُوْلُ: (إِنَّهُ لَمْ
يَكُنْ نَبِيٌّ بَعْدَ نُوْحٍ إِلاَّ وَقَدْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ الدَّجَّالَ، وَإِنِّي أُنْذِرُكُمُوْهُ) .فَوَصَفَهُ لَنَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: (لَعَلَّهُ سَيُدْرِكُهُ بَعْضُ مَنْ رَآنِي، أَوْ سَمِعَ كَلاَمِي) .
قَالُوْا: يَا رَسُوْلَ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْكَ وَسَلَّمَ! كَيْفَ قُلُوْبُنَا يَوْمَئِذٍ؟ أَمِثْلُهَا اليَوْمَ؟
قَالَ: (أَوْ خَيْرٌ ) .
أَخْرَجَهُ: التِّرْمِذِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ الجُمَحِيِّ، فَوَافَقْنَاهُ بِعُلُوٍّ.
وَقَالَ: وَفِي البَابِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ بُسْرٍ، وَغَيْرِهِ.
وَهَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ غَرِيْبٌ مِنْ حَدِيْثِ أَبِي عُبَيْدَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ فِي (الطَّبَقَاتِ) : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي ثَوْرُ بنُ يَزِيْدَ، عَنْ خَالِدِ بنِ مَعْدَانَ، عَنْ مَالِكِ بنِ يَخَامِرَ:
أَنَّهُ وَصَفَ أَبَا عُبَيْدَةَ، فَقَالَ: كَانَ رَجُلاً نَحِيْفاً، مَعْرُوْقَ الوَجْهِ، خَفِيْفَ اللِّحْيَةِ، طُوَالاً، أَحْنَى، أَثْرَمَ الثَّنِيَّتَيْنِ.
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ صَالِحٍ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ رُوْمَانَ، قَالَ: انْطَلَقَ ابْنُ مَظْعُوْنٍ، وَعُبَيْدَةُ بنُ الحَارِثِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ
بنُ عَبْدِ الأَسَدِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ حَتَّى أَتَوْا رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَعَرَضَ عَلَيْهِمُ الإِسْلاَمَ، وَأَنْبَأَهُمْ بِشَرَائِعِهِ، فَأَسْلَمُوا فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ دُخُوْلِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَارَ الأَرْقَمِ.وَقَدْ شَهِدَ أَبُو عُبَيْدَةَ بَدْراً، فَقَتَلَ يَوْمَئِذٍ أَبَاهُ، وَأَبْلَى يَوْمَ أُحُدٍ بَلاَءً حَسَناً، وَنَزَعَ يَوْمَئِذٍ الحَلْقَتَيْنِ اللَّتَيْنِ دَخَلَتَا مِنَ المِغْفَرِ فِي وَجْنَةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ ضَرْبَةٍ أَصَابَتْهُ، فَانْقَلَعَتْ ثَنِيَّتَاهُ، فَحَسُنَ ثَغْرُهُ بِذَهَابِهِمَا، حَتَّى قِيْلَ: مَا رُئِيَ هَتْمٌ قَطُّ أَحْسَنُ مِنْ هَتْمِ أَبِي عُبَيْدَةَ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيْقُ وَقْتَ وَفَاةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِسَقِيْفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ:
قَدْ رَضِيْتُ لَكُم أَحَدَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ: عُمَرَ، وَأَبَا عُبَيْدَةَ.
قَالَ الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: قَدِ انْقَرَضَ نَسْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَوَلَدُ إِخْوَتِهِ جَمِيْعاً، وَكَانَ مِمَّنْ هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الحَبَشَةِ.
قَالَهُ: ابْنُ إِسْحَاقَ، وَالوَاقِدِيُّ.
قُلْتُ: إِنْ كَانَ هَاجَرَ إِلَيْهَا، فَإِنَّهُ لَمْ يُطِلْ بِهَا اللَّبْثَ.
وَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْدُوْداً فِيْمَنْ جَمَعَ القُرْآنَ العَظِيْمَ.
قَالَ مُوْسَى بنُ عُقْبَةَ فِي (مَغَازِيْهِ) : غَزْوَةُ عَمْرِو بنِ العَاصِ هِيَ غَزْوَةُ ذَاتِ السَّلاَسِلِ، مِنْ مَشَارِفِ الشَّامِ، فَخَافَ عَمْرٌو مِنْ جَانِبِهِ ذَلِكَ، فَاسْتَمَدَّ رَسُوْلَ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَانْتَدَبَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فِي سَرَاةٍ مِنَ المُهَاجِرِيْنَ، فَأَمَّرَ نَبِيُّ اللهِ عَلَيْهِم أَبَا عُبَيْدَةَ.فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى عَمْرِو بنِ العَاصِ، قَالَ: أَنَا أَمِيْرُكُم.
فَقَالَ المُهَاجِرُوْنَ: بَلْ أَنْتَ أَمِيْرُ أَصْحَابِكَ، وَأَمِيْرُنَا أَبُو عُبَيْدَةَ.
فَقَالَ عَمْرٌو: إِنَّمَا أَنْتُم مَدَدٌ أُمْدِدْتُ بِكُم.
فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ، وَكَانَ رَجُلاً حَسَنَ الخُلُقِ، لَيِّنَ الشِّيْمَةِ، مُتَّبِعاً لأَمْرِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَهْدِهِ، فَسَلَّمَ الإِمَارَةَ لِعَمْرٍو.
وَثَبَتَ مِنْ وُجُوْهٍ عَنْ أَنَسٍ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِيْناً، وَأَمِيْنُ هَذِهِ الأُمَّةِ: أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ ) .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ، وَغَيْرُهُ إِجَازَةً، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا حَنْبَلُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ بنُ المُذْهِبِ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ القَطِيْعِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو المُغِيْرَةِ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ، عَنْ شُرَيْحِ بنِ عُبَيْدٍ، وَرَاشِدِ بنِ سَعْدٍ، وَغَيْرِهِمَا، قَالُوا:
لَمَّا بَلَغَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ سَرْغَ، حُدِّثَ أَنَّ بِالشَّامِ وَبَاءً شَدِيْداً، فَقَالَ: إِنْ أَدْرَكَنِي
أَجَلِي، وَأَبُو عُبَيْدَةَ حَيٌّ، اسْتَخْلَفْتُهُ، فَإِنْ سَأَلَنِي اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: لِمَ اسْتَخْلَفْتَهُ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ؟قُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِيْناً، وَأَمِيْنُ هَذِهِ الأُمَّةِ: أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ) .
قَالَ: فَأَنْكَرَ القَوْمُ ذَلِكَ، وَقَالُوا: مَا بَالُ عَلْيَاءِ قُرَيْشٍ؟
يَعْنُوْنَ: بَنِي فِهْرٍ.
ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ أَدْرَكَنِي أَجَلِي، وَقَدْ تُوُفِّيَ أَبُو عُبَيْدَةَ، أَسْتَخْلِفْ مُعَاذَ بنَ جَبَلٍ، فَإِنْ سَأَلَنِي رَبِّي قُلْتُ:
إِنِّي سَمِعْتُ نَبِيَّكَ يَقُوْلُ: (إِنَّهُ يُحْشَرُ يَوْمَ القِيَامَةِ بَيْنَ يَدَي العُلَمَاءِ بِرَتْوَةٍ ) .
وَرَوَى: حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنِ الجُرَيْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ شَقِيْقٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ العَاصِ، قَالَ:
قِيْلَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟
قَالَ: (عَائِشَةُ) .
قِيْلَ: مِنَ الرِّجَالِ؟
قَالَ: (أَبُو بَكْرٍ) .
قِيْلَ: ثُمَّ مَنْ؟
قَالَ: (ثُمَّ أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ) .
كَذَا يَرْوِيْهِ حَمَّادٌ.
وَخَالَفَهُ جَمَاعَةٌ، فَرَوَوْهُ عَنِ الجُرَيْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
سَأَلْتُ عَائِشَةَ: أَيُّ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ أَحَبَّ إِلَيْهِ؟
قَالَتْ: أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، ثُمَّ أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُعَدَّلُ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الفَقِيْهُ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، أَنْبَأَنَا أَبُو الفَضْلِ بنُ خَيْرُوْنَ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ غَالِبٍ، بِقِرَاءتِهِ عَلَى أَبِي العَبَّاسِ بنِ حَمْدَانَ، حَدَّثَكُم مُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ، أَنْبَأَنَا أَبُو الوَلِيْدِ، أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، سَمِعْتُ صِلَةَ بنَ زُفَرَ، عَنْ حُذَيْفَةَ:أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (إِنِّي أَبْعَثُ إِلَيْكُم رَجُلاً أَمِيْناً) .
فَاسْتَشْرَفَ لَهَا أَصْحَابُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بنَ الجَرَّاحِ.
اتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ حَدِيْثِ شُعْبَةَ.
وَاتَّفَقَا مِنْ حَدِيْثِ خَالِدٍ الحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ أَنَسٍ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِيْنٌ، وَأَمِيْنُ هَذِهِ الأُمَّةِ: أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ ) .
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ المُعَلِّمُ، أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ رَوَاحَةَ، أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ الحَافِظُ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الصُّوْفِيُّ، وَأَبُو غَالِبٍ البَاقِلاَنِيُّ، وَجَمَاعَةٌ، قَالُوا:
أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ بِشْرَانَ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الفَاكِهِيُّ بِمَكَّةَ، حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى بنُ أَبِي مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عِيْسَى الوَاسِطِيُّ، أَنْبَأَنَا يَحْيَى بنُ أَبِي زَكَرِيَّا، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ بنِ خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: كُنْتُ
فِي الجَيْشِ الَّذِيْنَ مَعَ خَالِدٍ، الَّذِيْنَ أَمَدَّ بِهِم أَبَا عُبَيْدَةَ وَهُوَ مُحَاصِرٌ دِمَشْقَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَيْهِم قَالَ لِخَالِدٍ: تَقَدَّمْ، فَصَلِّ، فَأَنْتَ أَحَقُّ بِالإِمَامَةِ؛ لأَنَّكَ جِئْتَ تَمُدُّنِي.فَقَالَ خَالِدٌ: مَا كُنْتُ لأَتَقَدَّمَ رَجُلاً سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِيْنٌ، وَأَمِيْنُ هَذِهِ الأُمَّةِ: أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ ) .
أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ زَكَرِيَّا بنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ صِلَةَ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ:
أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُسْقُفَا نَجْرَانَ: العَاقِبُ وَالسَّيِّدُ، فَقَالاَ: ابْعَثْ مَعَنَا أَمِيْناً حَقَّ أَمِيْنٍ.
فَقَالَ: (لأَبْعَثَنَّ مَعَكُم رَجُلاً أَمِيْناً حَقَّ أَمِيْنٍ) .
فَاسْتَشْرَفَ لَهَا النَّاسُ، فَقَالَ: (قُمْ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ) .
فَأَرْسَلَهُ مَعَهُم.
قَالَ: وَحَدَّثَنَا وَكِيْعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، نَحْوَهُ.
التَّرْقُفِيُّ فِي (جُزْئِهِ) : حَدَّثَنَا أَبُو المُغِيْرَةِ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو حِسْبَةَ مُسْلِمُ بنُ أَكْيَسَ مَوْلَى ابْنِ كُرَيْزٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ: ذَكَرَ لِي مَنْ
دَخَلَ عَلَيْهِ فَوَجَدَهُ يَبْكِي، فَقَالَ: مَا يُبْكِيْكَ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ؟قَالَ: يُبْكِيْنِي أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَكَرَ يَوْماً مَا يَفْتَحُ اللهُ عَلَى المُسْلِمِيْنَ، حَتَّى ذَكَرَ الشَّامَ، فَقَالَ: (إِنْ نَسَأَ اللهُ فِي أَجَلِكَ، فَحَسْبُكَ مِنَ الخَدَمِ ثَلاَثَةٌ: خَادِمٌ يَخْدُمُكَ، وَخَادِمٌ يُسَافِرُ مَعَكَ، وَخَادِمٌ يَخْدمُ أَهْلَكَ، وَحَسْبُكَ مِنَ الدَّوَابِّ ثَلاَثَةٌ: دَابَّةٌ لِرَحْلِكَ، وَدَابَّةٌ لِثِقَلِكَ، وَدَابَّةٌ لِغُلاَمِكَ) .
ثُمَّ هَا أَنَا ذَا أَنْظُرُ إِلَى بَيْتِي قَدِ امْتَلأَ رَقِيْقاً، وَإِلَى مَرْبَطِي قَدِ امْتَلأَ خَيْلاً، فَكَيْفَ أَلْقَى رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْدَهَا؟ وَقَدْ أَوْصَانَا: (إِنَّ أَحَبَّكُم إِلَيَّ، وَأَقْرَبَكُمْ مِنِّي، مَنْ لَقِيَنِي عَلَى مِثْلِ الحَالِ الَّتِي فَارَقْتُكُمْ عَلَيْهَا ) .
حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ.
رَوَاهُ أَيْضاً: أَحْمَدُ فِي (مُسْنَدِهِ) ، عَنْ أَبِي المُغِيْرَةِ.
وَكِيْعُ بنُ الجَرَّاحِ: مُبَارَكُ بنُ فَضَالَةَ، عَنِ الحَسَنِ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ لَوْ شِئْتُ لأَخَذْتُ عَلَيْهِ بَعْضَ خُلُقِهِ، إِلاَّ أَبَا عُبَيْدَةَ) .
هَذَا مُرْسَلٌ.
وَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَوْصُوْفاً بِحُسْنِ الخُلُقِ، وَبِالحِلْمِ الزَائِدِ، وَالتَّوَاضُعِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ
أَبِي نَجِيْحٍ: قَالَ عُمَرُ لِجُلَسَائِهِ: تَمَنُّوْا.فَتَمَنَّوْا، فَقَالَ عُمَرُ: لَكِنِّي أَتَمَنَّى بَيْتاً مُمْتَلِئاً رِجَالاً مِثْلَ أَبِي عُبَيْدَةَ بنِ الجَرَّاحِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: قَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ يُوْنُسَ، عَنِ الحَسَنِ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَا مِنْ أَصْحَابِي أَحَدٌ إِلاَّ لَوْ شِئْتُ أَخَذْتُ عَليْهِ، إِلاَّ أَبَا عُبَيْدَةَ ) .
وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ:
قَالَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ: أَخِلاَّئِي مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَلاَثَةٌ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ.
خَالَفَهُ غَيْرُهُ، فَفِي (الجَعْدِيَاتِ) : أَنْبَأَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي
الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ... ، فَذَكَرَهُ.قَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ: وَقَدْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَلَّى أَبَا عُبَيْدَةَ بَيْتَ المَالِ.
قُلْتُ: يَعْنِي: أَمْوَالَ المُسْلِمِيْنَ، فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ عُمِلَ بَيْتُ مَالٍ، فَأَوَّلُ مِنِ اتَّخَذَهُ عُمَرُ.
قَالَ خَلِيْفَةُ: ثُمَّ وَجَّهَهُ أَبُو بَكْرٍ إِلَى الشَّامِ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ أَمِيْراً، وَفِيْهَا استُخْلِفَ عُمَرُ، فَعَزَلَ خَالِدَ بنَ الوَلِيْدِ، وَوَلَّى أَبَا عُبَيْدَةَ.
قَالَ القَاسِمُ بنُ يَزِيْدَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ زِيَادِ بنِ فَيَّاضٍ، عَنْ تَمِيْمِ بنِ سَلَمَةَ:
أَنَّ عُمَرَ لَقِي أَبَا عُبَيْدَةَ، فَصَافَحَهُ، وَقَبَّلَ يَدَهُ، وَتَنَحَّيَا يَبْكِيَانِ.
وَقَالَ ابْنُ المُبَارَكِ فِي (الجِهَادِ) لَهُ: عَنْ هِشَامِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
بَلَغَ عُمَرَ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ حُصِرَ بِالشَّامِ، وَنَالَ مِنْهُ العَدُوُّ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ مَا نَزَلَ بِعَبْدٍ مُؤْمِنٍ شِدَّةٌ، إِلاَّ جَعَلَ اللهُ بَعْدَهَا فَرَجاً، وَإِنَّهُ لاَ يَغْلِبُ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا} ، الآيَةَ [آلُ عِمْرَانَ: 200] .
قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو عُبَيْدَةَ:
أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللهَ يَقُوْلُ: {أَنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} ، إِلَى قَوْلِهِ: {مَتَاعُ الغُرُوْرِ} [الحَدِيْدُ: 20] .
قَالَ: فَخَرَجَ عُمَرُ
بِكِتَابِهِ، فَقَرَأَهُ عَلَى المِنْبَرِ، فَقَالَ:يَا أَهْلَ المَدِيْنَةِ! إِنَّمَا يُعَرِّضُ بِكُم أَبُو عُبَيْدَةَ أَوْ بِي، ارْغَبُوا فِي الجِهَادِ.
ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ: عَنْ هِشَامِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
بَلَغَنِي أَنَّ مُعَاذاً سَمِعَ رَجُلاً يَقُوْلُ: لَوْ كَانَ خَالدُ بنُ الوَلِيْدِ، مَا كَانَ بِالنَّاسِ دَوْكٍ.
وَذَلِكَ فِي حَصْرِ أَبِي عُبَيْدَةَ، فَقَالَ مُعَاذٌ: فَإِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ تَضْطَرُّ المُعْجِزَةُ لاَ أَبَا لَكَ! وَاللهِ إِنَّهُ لَخَيْرُ مَنْ بَقِيَ عَلَى الأَرْضِ.
رَوَاهُ: البُخَارِيُّ فِي (تَارِيْخِهِ) ، وَابْنُ سَعْدٍ.
وَفِي (الزُّهْدِ) لابْنِ المُبَارَكِ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
قَدِمَ عُمَرُ الشَّامَ، فَتَلَقَّاهُ الأُمَرَاءُ وَالعُظَمَاءُ.
فَقَالَ: أَيْنَ أَخِي أَبُو عُبَيْدَةَ؟
قَالُوا: يَأْتِيْكَ الآنَ.
قَالَ: فَجَاءَ عَلَى نَاقَةٍ مَخْطُوْمَةٍ بِحَبْلٍ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ: انْصَرِفُوا عَنَّا.
فَسَارَ مَعَهُ حَتَّى أَتَى مَنْزِلَهُ، فَنَزَلَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرَ فِي بَيْتِهِ إِلاَّ سَيْفَهُ وَتُرْسَهُ وَرَحْلَهُ.
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: لَوِ اتَّخَذْتَ مَتَاعاً، أَوْ قَالَ: شَيْئاً.
فَقَالَ: يَا
أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! إِنَّ هَذَا سَيُبَلِّغُنَا المَقِيْلَ.ابْنُ وَهْبٍ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
أَنَّ عُمَرَ حِيْنَ قَدِمَ الشَّامَ، قَالَ لأَبِي عُبَيْدَةَ: اذْهَبْ بِنَا إِلَى مَنْزِلِكَ.
قَالَ: وَمَا تَصْنَعُ عِنْدِي؟ مَا تُرِيْدُ إِلاَّ أَنْ تُعَصِّرَ عَيْنَيْكَ عَلَيَّ.
قَالَ: فَدَخَلَ، فَلَمْ يَرَ شَيْئاً، قَالَ: أَيْنَ مَتَاعُكَ؟ لاَ أَرَى إِلاَّ لِبْداً وَصَحْفَةً وَشَنّاً، وَأَنْتَ أَمِيْرٌ، أَعِنْدَكَ طَعَامٌ؟
فَقَامَ أَبُو عُبَيْدَةَ إِلَى جَوْنَةٍ، فَأَخَذَ مِنْهَا كُسَيْرَاتٍ، فَبَكَى عُمَرُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ: قَدْ قُلْتُ لَكَ: إِنَّكَ سَتَعْصِرُ عَيْنَيْكَ عَلَيَّ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، يَكْفِيْكَ مَا يُبَلِّغُكَ المَقِيْل.
قَالَ عُمَرُ: غَيَّرَتْنَا الدُّنْيَا كُلَّنَا، غَيْرَكَ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ.
أَخْرَجَهُ: أَبُو دَاوُدَ فِي (سُنَنِهِ) ، مِنْ طَرِيْقِ ابْنِ الأَعْرَابِيِّ.
وَهَذَا -وَاللهِ- هُوَ الزُّهْدُ الخَالِصُ، لاَ زُهْدُ مَنْ كَانَ فَقِيْراً مُعْدِماً.
مَعْنُ بنُ عِيْسَى: عَنْ مَالِكٍ:
أَنَّ عُمَرَ أَرْسَلَ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بِأَرْبَعَةِ آلاَفٍ، أَوْ بِأَرْبَعِ مَائَةِ دِيْنَارٍ، وَقَالَ لِلرَّسُوْلِ: انْظُرْ مَا يَصْنَعُ بِهَا.
قَالَ: فَقَسَّمَهَا أَبُو عُبَيْدَةَ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى مُعَاذٍ بِمِثْلِهَا.
قَالَ: فَقَسَّمَهَا، إِلاَّ شَيْئاً قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ نَحْتَاجُ إِلَيْهِ، فَلَمَّا أَخْبَرَ الرَّسُوْلُ عُمَرَ، قَالَ: الحَمْدُ للهِ الَّذِي جَعَلَ فِي الإِسْلاَمِ مَنْ يَصْنَعُ
هَذَا.الفَسَوِيُّ : حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، عَنْ جَرِيْرِ بنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي الحَسَنِ عِمْرَانَ بنِ نِمْرَانَ:
أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ كَانَ يَسِيْرُ فِي العَسْكَرِ، فَيَقُوْلُ: أَلاَ رُبَّ مُبَيِّضٍ لِثِيَابِهِ، مُدَنِّسٍ لِدِيْنِهِ! أَلاَ رُبَّ مُكْرِمٍ لِنَفْسِهِ وَهُوَ لَهَا مُهِيْنٌ! بَادِرُوا السَّيِّئَاتِ القَدِيْمَاتِ بِالحَسَنَاتِ الحَدِيْثَاتِ.
وَقَالَ ثَابِتٌ البُنَانِيُّ: قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ! إِنِّي امْرُؤٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَمَا مِنْكُم مِنْ أَحْمَرَ وَلاَ أَسْوَدَ يَفْضُلُنِي بِتَقْوَى، إِلاَّ وَدِدْتُ أَنِّي فِي مِسْلاَخِهِ.
مَعْمَرٌ: عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ:
وَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ كَبْشاً، فَيَذْبَحُنِي أَهْلِي، فَيَأْكُلُوْنَ لَحْمِي، ويَحْسُوْنَ مَرَقِي.
وَقَالَ عِمْرَانُ بنُ حُصَيْنٍ: وَدِدْتُ أَنِّي رَمَادٌ تَسْفِيْنِي الرِّيْحُ.
شُعْبَةُ: عَنْ قَيْسِ بنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقٍ:
أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ فِي الطَّاعُوْنِ: إِنَّهُ قَدْ عَرَضَتْ لِي حَاجَةٌ، وَلاَ غِنَى بِي عَنْكَ فِيْهَا، فَعَجِّلْ إِلَيَّ.
فَلَمَّا قَرَأَ الكِتَابَ، قَالَ: عَرَفْتُ حَاجَةَ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، إِنَّهُ يُرِيْدُ أَنْ يَسْتَبْقِيَ مَنْ لَيْسَ بِبَاقٍ.
فَكَتَبَ: إِنِّي قَدْ عَرَفْتُ حَاجَتَكَ، فَحَلِّلْنِي مِنْ عَزِيْمَتك، فَإِنِّي فِي جُنْدٍ
مِنْ أَجْنَادِ المُسْلِمِيْنَ، لاَ أَرْغَبُ بِنَفْسِي عَنْهُم.فَلَمَّا قَرَأَ عُمَرُ الكِتَابَ، بَكَى، فَقِيْلَ لَهُ: مَاتَ أَبُو عُبَيْدَةَ؟
قَالَ: لاَ، وَكَأَنْ قَدْ.
قَالَ: فَتُوُفِّيَ أَبُو عُبَيْدَةَ، وَانْكَشَفَ الطَّاعُوْنُ.
قَالَ أَبُو المُوَجِّهِ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو المَرْوَزِيُّ: زَعَمُوا أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ كَانَ فِي سِتَّةٍ وَثَلاَثِيْنَ أَلْفاً مِنَ الجُنْدِ، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُم إِلاَّ سِتَّةُ آلاَفِ رَجُلٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، عَنْ أَبِي رَوْحٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ حَمْدَانَ، أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَسْمَاءَ، حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بنُ مَيْمُوْنٍ، حَدَّثَنَا وَاصِلٌ مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي سَيْفٍ المَخْزُوْمِيِّ، عَنِ الوَلِيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ -شَامِيٌّ، فَقِيْهٌ- عَنْ عِيَاضِ بنِ غُطَيْفٍ، قَالَ:
دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بنِ الجَرَّاحِ فِي مَرَضِهِ، وَامْرَأَتُهُ تُحَيْفَةُ جَالِسَةٌ عِنْدَ رَأْسِهِ، وَهُوَ مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ عَلَى الجِدَارِ، فَقُلْتُ: كَيْفَ بَاتَ أَبُو عُبَيْدَةَ؟
قَالَتْ: بَاتَ بِأَجْرٍ.
فَقَالَ: إِنِّي -وَاللهِ- مَا بِتُّ بِأَجْرٍ!
فَكَأَنَّ القَوْمَ سَاءهُمْ، فَقَالَ: أَلاَ تَسْأَلُوْنِي عَمَّا قُلْتُ؟
قَالُوا: إِنَّا لَمْ يُعْجِبْنَا مَا قُلْتَ، فَكَيْفَ نَسْأَلُكَ؟
قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ: (مَنْ أَنْفَقَ نَفَقَةً فَاضِلَةً فِي سَبِيْلِ اللهِ، فَبِسَبْعِ مَائَةٍ، وَمَنْ أَنْفَقَ عَلَى عِيَالِهِ، أَوْ عَادَ مَرِيْضاً، أَوْ مَاز أَذَىً، فَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَالصَّوْمُ
جُنَّةٌ مَا لَمْ يَخْرِقْهَا، وَمَنِ ابْتَلاَهُ اللهُ بِبَلاَءٍ فِي جَسَدِهِ، فَهُوَ لَهُ حِطَّةٌ ) .أَنْبَأَنَا جَمَاعَةٌ، قَالُوا:
أَنْبَأَنَا ابْنُ طَبَرْزَدَ، أَنْبَأَنَا ابْنُ الحُصَيْنِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ غَيْلاَنَ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبَانٍ الوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنِي جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ، حَدَّثَنِي بَشَّارُ بنُ أَبِي سَيْفٍ، حَدَّثَنِي الوَلِيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عِيَاضِ بنِ غُطَيْفٍ، قَالَ:
مَرِضَ أَبُو عُبَيْدَةَ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ نَعُوْدُهُ، فَقَالَ:
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (الصِّيَامُ جُنَّةٌ مَا لَمْ يَخْرِقْهَا ) .
وَقَدِ اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبَا عُبَيْدَةَ غَيْرَ مَرَّةٍ، مِنْهَا المَرَّةُ الَّتِي جَاعَ فِيْهَا عَسْكَرُهُ، وَكَانُوا ثَلاَثَ مَائَةٍ، فَأَلْقَى لَهُمُ البَحْرُ الحُوْتَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: العَنْبَرُ.
فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: ميتَةٌ.
ثُمَّ قَالَ: لاَ، نَحْنُ رُسُلُ رَسُوْلِ اللهِ، وَفِي سَبِيْلِ اللهِ، فَكُلُوا ... ، وَذَكَرَ الحَدِيْثَ.
وَهُوَ فِي (الصَّحِيْحَيْنِ).
وَلَمَّا تَفَرَّغَ الصِّدِّيْقُ مِنْ حَرْبِ أَهْل الرِّدَّةِ، وَحَرْبِ مُسَيْلِمَةَ الكَذَّابِ، جَهَّزَ أُمَرَاءَ الأَجْنَادِ لِفَتْحِ الشَّامِ.فَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ، وَيَزِيْدَ بنَ أَبِي سُفْيَانَ، وَعَمْرَو بنَ العَاصِ، وَشُرَحْبِيْلَ بنَ حَسَنَةَ، فَتَمَّتْ وَقْعَةُ أَجْنَادِيْنَ بِقُرْبِ الرَّمْلَةِ، وَنَصَرَ اللهُ المُؤْمِنِيْنَ، فَجَاءتِ البُشْرَى، وَالصِّدِّيْقُ فِي مَرَضِ المَوْتِ، ثُمَّ كَانَتْ وَقْعَةُ فِحْلٍ، وَوَقْعَةُ مَرْجِ الصُفَّرِ، وَكَانَ قَدْ سَيَّرَ أَبُو بَكْرٍ خَالِداً لِغَزْوِ العِرَاقِ، ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهِ لِيُنْجِدَ مَنْ بِالشَّامِ.
فَقَطَعَ المَفَاوِزَ عَلَى بَرِّيَّةِ السَّمَاوَةِ، فَأَمَّرُهُ الصِّدِّيْقُ عَلَى الأُمَرَاءِ كُلِّهِم، وَحَاصَرُوا دِمَشْقَ، وَتُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ.
فَبَادَرَ عُمَرُ بِعَزْلِ خَالِدٍ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الكُلِّ أَبَا عُبَيْدَةَ، فَجَاءهُ التَّقْلِيْدُ، فَكَتَمَهُ مُدَّةً، وَكُلُّ هَذَا مِنْ دِيْنِهِ وِلِيْنِهِ وَحِلْمِهِ، فَكَانَ فَتْحُ دِمَشْقَ عَلَى يَدِهِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ أَظْهَرَ التَّقْلِيْدَ، لِيَعْقِدَ
الصُّلْحَ لِلرُّوْمِ، فَفَتَحُوا لَهُ بَابَ الجَابِيَةِ صُلْحاً، وَإِذَا بِخَالِدٍ قَدِ افْتَتَحَ البَلَدَ عَنْوَةً مِنَ البَابِ الشَّرْقِيِّ، فَأَمْضَى لَهُم أَبُو عُبَيْدَةَ الصُّلْحَ.فَعَنِ المُغِيْرَةِ: أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ صَالَحَهُم عَلَى أَنْصَافِ كَنَائِسِهِم وَمَنَازِلَهِم، ثُمَّ كَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ رَأْسَ الإِسْلاَمِ يَوْمَ وَقْعَةِ اليَرْمُوْكِ؛ الَّتِي اسْتَأْصَلَ اللهُ فِيْهَا جُيُوْشَ الرُّوْمِ، وَقُتِلَ مِنْهُم خَلْقٌ عَظِيْمٌ.
رَوَى ابْنُ المُبَارَكِ فِي (الزُّهْدِ) لَهُ، قَالَ:
أَنْبَأَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ بَهْرَامَ، عَنْ شَهْرِ بنِ حَوْشَبٍ، قَالَ:
حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ غَنْمٍ، عَنْ حَدِيْثِ الحَارِثِ بنِ عُمَيْرَةَ، قَالَ:
أَخَذَ بِيَدِي مُعَاذُ بنُ جَبَلٍ، فَأَرْسَلَهُ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ، فَسَأَلَهُ: كَيْفَ هُوَ! وَقَدْ طُعِنَّا؟
فَأَرَاهُ أَبُو عُبَيْدَةَ طَعْنَةً خَرَجَتْ فِي كَفِّهِ، فَتَكَاثَرَ شَأْنُهَا فِي نَفْسِ الحَارِثِ، وَفَرَقَ مِنْهَا حِيْنَ رَآهَا، فَأَقْسَمَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِاللهِ: مَا يُحِبُّ أَنَّ لَهُ مَكَانَهَا حُمْرَ النَّعَمِ.
وَعَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ: أَنَّ وَجَعَ عَمَوَاسَ كَانَ مُعَافَىً مِنْهُ أَبُو عُبَيْدَةَ وَأَهْلُهُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ نَصِيْبَكَ فِي آلِ أَبِي عُبَيْدَةَ!
قَالَ: فَخَرَجْتُ بِأَبِي عُبَيْدَةَ، فِي خَنْصَرِهِ بَثْرَةٌ، فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَيْهَا، فَقِيْلَ لَهُ: إِنَّهَا لَيْسَتْ بِشَيْءٍ.
فَقَالَ: أَرْجُو أَنْ يُبَارِكَ اللهُ فِيْهَا، فَإِنَّهُ إِذَا بَارَكَ فِي القَلِيْلِ، كَانَ كَثِيْراً.
الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ صَالِحِ بنِ أَبِي المُخَارِقِ، قَالَ:
انْطَلَقَ أَبُو عُبَيْدَةَ مِنَ الجَابِيَةِ إِلَى بَيْتَ المَقْدِسِ لِلصَّلاَةِ،
فَاسْتَخْلَفَ عَلَى النَّاسِ مُعَاذَ بنَ جَبَلٍ.قَالَ الوَلِيْدُ: فَحَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ عُرْوَةَ بنَ رُوَيْمٍ، قَالَ:
فَأَدْرَكَهُ أَجَلُهُ بِفِحْلٍ، فَتُوُفِّيَ بِهَا بِقُرْبِ بَيْسَانَ.
طَاعُوْنُ عَمَوَاسَ: مَنْسُوْبٌ إِلَى قَرْيَةِ عَمَوَاسَ، وَهِيَ بَيْنَ الرَّمْلَةِ وَبَيْنَ بَيْتِ المَقْدِسِ.
وَأَمَّا الأَصْمَعِيُّ، فَقَالَ : هُوَ مِنْ قَوْلِهِم زَمَنَ الطَّاعُوْنِ: عَمَّ، وَآسَى.
قَالَ أَبُو حَفْصٍ الفَلاَّسُ: تُوُفِّيَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي سَنَةِ ثَمَانِ عَشْرَةَ، وَلَهُ ثَمَانٌ وَخَمْسُوْنَ سَنَةً، وَكَانَ يَخْضِبُ بِالحِنَّاءِ وَالكَتَمِ، وَكَانَ لَهُ عَقِيْصَتَانِ.
وَقَالَ كَذَلِكَ فِي وَفَاتِهِ جَمَاعَةٌ.
وَانْفَرَدَ ابْنُ عَائِذٍ، عَنْ أَبِي مُسْهِرٍ، أَنَّهُ قَرَأَ فِي كِتَابِ يَزِيْدَ بنِ عُبَيْدَةَ: أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ.
أبو سعد بن أبي فضالة
ب د ع: أبو سعد بن أبي فضالة الأنصاري الْحَارِثِيّ لَهُ صحبة، يعد فِي أهل المدينة.
(1848) أخبرنا غير واحد بإسنادهم، عن مُحَمَّد بن عيسى، حدثنا ابن بشار، وغير واحد، حدثنا مُحَمَّد بن بكر البرساني، عن عبد الحميد بن جَعْفَر، عن أبيه، عن زياد بن ميناء، عن أبي سعد بن أبي فضالة الأنصاري، وَكَانَ من الصحابة، قَالَ: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إذا جمع الله الناس ليوم القيامة ليوم لا ريب فِيهِ، نادى مناد: من كَانَ أشرك فِي عمل عمله لله أحدا، فليطلب ثوابه عنده فإن الله عَزَّ وَجَلَّ أغنى الشركاء عن الشرك ".
أخرجه الثلاثة
ب د ع: أبو سعد بن أبي فضالة الأنصاري الْحَارِثِيّ لَهُ صحبة، يعد فِي أهل المدينة.
(1848) أخبرنا غير واحد بإسنادهم، عن مُحَمَّد بن عيسى، حدثنا ابن بشار، وغير واحد، حدثنا مُحَمَّد بن بكر البرساني، عن عبد الحميد بن جَعْفَر، عن أبيه، عن زياد بن ميناء، عن أبي سعد بن أبي فضالة الأنصاري، وَكَانَ من الصحابة، قَالَ: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إذا جمع الله الناس ليوم القيامة ليوم لا ريب فِيهِ، نادى مناد: من كَانَ أشرك فِي عمل عمله لله أحدا، فليطلب ثوابه عنده فإن الله عَزَّ وَجَلَّ أغنى الشركاء عن الشرك ".
أخرجه الثلاثة
أبو سعد بن أبى فَضَالة الحارثى الأنصارى. روى عن النبى عليه السلام في "الرياء" حديثا حسنًا يحكيه عن ربه عز وجل قال: "من عمل لغيرى عملا فليلتمس ثوابه منه، أنا أغنى الشركاء عن الشرك" .
أَبُو سعد بْن أبي فضالة الحارثي الأَنْصَارِيّ
له صحبة. يعد فِي أهل المدينة. حَدِيثُهُ عِنْدَ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زِيَادِ بْنِ مِينَاءَ، عَنْ أَبِي سَعْدِ بْنِ فُضَالَةَ الأَنْصَارِيِّ. وَكَانَ مِنَ الصَّحَابَةِ. قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ جَمَعَ اللَّهُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ. وَقَالَ: مَنْ عَمِلَ عَمَلا لِغَيْرِي فَلْيَلْتَمِسْ ثَوَابَهُ مِنْهُ، أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشرك.
له صحبة. يعد فِي أهل المدينة. حَدِيثُهُ عِنْدَ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زِيَادِ بْنِ مِينَاءَ، عَنْ أَبِي سَعْدِ بْنِ فُضَالَةَ الأَنْصَارِيِّ. وَكَانَ مِنَ الصَّحَابَةِ. قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ جَمَعَ اللَّهُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ. وَقَالَ: مَنْ عَمِلَ عَمَلا لِغَيْرِي فَلْيَلْتَمِسْ ثَوَابَهُ مِنْهُ، أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشرك.
أبو سعد بن ابى فضالة الانصاري كانت له صحبة قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إذا جمع الله عزوجل الاولين والآخرين - رَوَى عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ عن ابيه عن زياد بن ميناء عنه سمعت أبي يقول ذلك.
أَبُو سَعِيد بْن أَبِي فضالة الحارثي لَهُ صُحْبَةٌ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حميد قال نا فرات ابن خَالِدٍ قَالَ نَا عَبْد الْحَمِيدِ بْن جَعْفَر عَنْ أَبِيهِ عَنْ زِيَادِ بْنِ مِينَا عَنْ ابى سعيد بن ابى فضالة الحارثى قال إِذَا جَمَعَ اللَّهُ الْخَلائِقَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ نَادَى مُنَادٍ إِنَّهُ مَنْ كَانَ أَشْرَكَ فِي عَمَلٍ عَمِلَهُ لِلَّهِ فَلْيَطْلُبْ ثَوَابَهُ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، وَقَالَ عَلِيٌّ عَنْ محمد بن بكر بن عثمان ارنا عَبْدُ الْحَمِيدِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ ابْنِ مِينَا عَنْ أَبِي سَعْدِ بْنِ أَبِي فَضَالَةَ الأَنْصَارِيِّ وَكَانَ مِنَ الصَّحَابَةِ سَمِعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ.
أَبُو اليَمَانِ الحَكَمُ بنُ نَافِعٍ البَهْرَانِيُّ الحِمْصِيُّ
الحَافِظُ، الإِمَامُ، الحُجَّةُ، أَبُو اليَمَانِ البَهْرَانِيُّ، الحِمْصِيُّ، مَوْلَى امْرَأَةٍ بَهْرَانِيَّةٍ تُدْعَى أُمَّ سَلَمَةٍ، كَانَتْ عِنْدَ عُمَرَ بنِ رُوْبَةَ التَّغْلِبِيِّ.
وُلِدَ: فِي حُدُوْدِ سَنَةِ بِضْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ، وَطَلَبَ العِلْمَ سَنَةَ بِضْعٍ وَخَمْسِيْنَ.
فَرَوَى عَنْ: صَفْوَانَ بنِ عَمْرٍو، وَحَرِيْزِ بنِ عُثْمَانَ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي مَرْيَمَ، وَشُعَيْبِ بنِ أَبِي حَمْزَةَ، وَسَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَعُفَيْرِ بنِ مَعْدَانَ، وَأَرْطَاةَ بنِ المُنْذِرِ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ عَيَّاشٍ، وَيَزِيْدَ بنِ سَعِيْدِ بنِ ذِي عُصْوَانَ، وَأَبِي مَهْدِيٍّ سَعِيْدِ بنِ سِنَانٍ، وَطَائِفَةٍ، وَمَا عَلِمْتُ لَهُ رِحْلَةً.حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِيْنٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى، وَعَمْرُو بنُ مَنْصُوْرٍ النَّسَائِيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ فَضَالَةَ، وَعِمْرَانُ بنُ بَكَّارٍ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ البُخَارِيُّ، وَعُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ، وَأَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيُّ، وَمُوْسَى بنُ عِيْسَى بنِ المُنْذِرِ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الحَكَّانِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ الفُرَاتِ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: أَمَّا حَدِيْثُ أَبِي اليَمَانِ عَنْ حَرِيْزٍ وَصَفْوَانَ بنِ عَمْرٍو فَصَحِيْحٌ.
ثُمَّ قَالَ أَحْمَدُ: هُوَ يَقُوْلُ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، وَاسْتَحَلَّ ذَلِكَ بِشَيْءٍ عَجِيْبٍ، كانَ أَمرُ شُعَيْبٍ فِي الحَدِيْثِ عَسِراً جِدّاً، وَكَانَ عَلِيُّ بنُ عَبَّاسٍ سَمِعَ مِنْهُ، وَذَكَرَ قِصَّةً لأَهْلِ حِمْصَ أُرَاهَا أَنَّهُم سَأَلُوْهُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُم فِي أَنْ يَرْوُوا عَنْهُ، فَقَالَ لَهُم: لاَ تَرْوُوا هَذِهِ الأَحَادِيْثَ عَنِّي -يَعْنِي: شُعَيْباً-.
قَالُ أَبُو عَبْدِ اللهِ: ثُمَّ كَلَّمُوهُ، وَحَضَرَ ذَلِكَ أَبُو اليَمَانِ، فَقَالَ لَهُم: ارْوُوا تِلْكَ الأَحَادِيْثَ عَنِّي.
قَالَ الأَثْرَمُ: قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللهِ: مُنَاوَلَةً ؟
قَالَ: لَوْ كَانَ مُنَاوَلَةً، كَانَ لَمْ يُعْطِهُم كُتُباً وَلاَ شَيْئاً، إِنَّمَا سَمِعَ هَذَا فَقَطْ، فَكَانَ وَلَدُ شُعَيْبٍ يَقُوْلُ:
إِنَّ أَبَا اليَمَانِ جَاءنِي، فَأَخَذَ كُتُبَ شُعَيْبٍ مِنِّي بَعْدُ، وَهُوَ يَقُوْلُ:
أَخْبَرَنَا.فَكَأَنَّهُ اسْتَحَلَّ ذَلِكَ، بِأَنْ سَمِعَ شُعَيْباً يَقُوْلُ لِقَوْمٍ: ارْوُوْهُ عَنِّي.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ دَيْزِيْلَ: سَمِعْتُ أَبَا اليَمَانِ يَقُوْلُ:
قَالَ لِي أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: كَيْفَ سَمِعْتَ الكُتُبَ مِنْ شُعَيْبٍ؟
قُلْتُ: قَرَأْتُ عَلَيْهِ بَعْضَهُ، وَبَعْضُهُ قَرَأَهُ عَلَيَّ، وَبَعْضُهُ أَجَازَ لِي، وَبَعْضُهُ مُنَاوَلَةً.
قَالَ: فَقَالَ فِي كُلِّهِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: سَأَلْتُ أَبَا اليَمَانِ عَنْ حَدِيْثِ شُعَيْبِ بنِ أَبِي حَمْزَةَ، فَقَالَ: لَيْسَ هُوَ مُنَاوَلَةً، المُنَاوَلَةُ لَمْ أُخْرِجْهَا إِلَى أَحَدٍ.
وَرَوَى: أَبُو زُرْعَةَ النَّصْرِيُّ، عَنْ أَبِي اليَمَانِ، قَالَ:
كَانَ شُعَيْبٌ عَسِراً فِي الحَدِيْثِ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ حِيْنَ حَضَرَتهُ الوَفَاةُ، فَقَالَ: هَذِهِ كُتُبِي، وَقَدْ صَحَّحْتُهَا، فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَهَا، فَلْيَأْخُذْهَا، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْرِضَ، فَلْيَعْرِضْ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْمَعَهَا مِنِ ابْنِي، فَلْيَسْمَعْهَا، فَإِنَّهُ قَدْ سَمِعَهَا مِنِّي.
سَعِيْدُ بنُ عَمْرٍو البَرْذَعِيُّ: عَنْ أَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ، قَالَ: لَمْ يَسْمَعْ أَبُو
اليَمَانِ مِنْ شُعَيْبٍ إِلاَّ حَدِيْثاً وَاحِداً، وَالبَاقِي إِجَازَةً.قَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَوْفٍ يَقُوْلُ:
لَمْ يَسْمَعْ أَبُو اليَمَانِ مِنْ شُعَيْبِ بنِ أَبِي حَمْزَةَ إِلاَّ كَلِمَةً.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ عَنْ حَدِيْثِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أُمِّ حَبِيْبَةَ، فَقَالَ:
لَيْسَ هَذَا مِنْ حَدِيْثِ الزُّهْرِيِّ، هَذَا مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، فَسَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ صَالِحٍ عَنْهُ، فَقَالَ: لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَأَنكَرَهُ.
قُلْتُ: قُرِئَ هَذَا عَلَى إِبْرَاهِيْمَ بنِ الدَّرَجِيِّ، وَأَجَازَهُ لِي عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الصَّيْدَلاَنِيِّ، أَخْبَرَتْنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ عَبْد اللهِ، أَخْبَرْنَا ابْنُ رِيْذَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أُمِّ حَبِيْبَةَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (أُرِيْتُ مَا تَلْقَى أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي، وَسَفْكِ بَعْضِهِم دِمَاءَ بَعْضٍ، وَكَانَ ذَلِكَ سَابِقاً مِنَ اللهِ، فَسَأَلْتُه أَنْ يُوَلِّيَنِي شَفَاعَةً فِيْهِم، فَفَعَلَ) .
رَوَاهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي اليَمَانِ، فَقَالَ:
عَنْ شُعَيْبٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، عَنْ أَنَسٍ، ثُمَّ قَالَ عَبْدُ اللهِ:
فَقُلْتُ: هَا هُنَا
قَوْمٌ يُحَدِّثُوْنَ بِهِ: عَنْ أَبِي اليَمَانِ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، فَقَالَ: لَيْسَ ذَا مِنْ حَدِيْثِ الزُّهْرِيِّ.قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: قَالَ لِي أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ:
كِتَابُ شُعَيْبٍ عَنِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ مُلصَقٌ بِكِتَابِ الزُّهْرِيِّ، فَبَلَغَنِي أَنَّ أَبَا اليَمَانِ حَدَّثَهُم بِهِ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَلَيْسَ لَهُ أَصْلٌ، كَأَنَّهُ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّهُ اخْتَلَطَ بِكِتَابِ الزُّهْرِيِّ، فَرَأَيْتُهُ كَأَنَّهُ يَعذِرُ أَبَا اليَمَانِ، وَلاَ يَحْمِلُ عَلَيْهِ فِيْهِ.
وَقَالَ مَكْحُوْلٌ البَيْرُوْتِيُّ: عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبَانٍ الحَرَّانِيِّ:
سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ عَنْ حَدِيْثِ أَبِي اليَمَانِ -يَعْنِي: المَذْكُوْرَ- فَقَالَ:
أَنَا سَأَلْتُ أَبَا اليَمَانِ، فَقَالَ: الحَدِيْثُ حَدِيْثُ الزُّهْرِيِّ، فَمَنْ كَتَبَهُ عَنِّي، فَقَدْ أَصَابَ، وَمَنْ كَتَبَهُ عَنِّي مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، فَهُوَ خَطَأٌ، إِنَّمَا كُتِبَ فِي آخِرِ حَدِيْثِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، فَغَلِطْتُ، فَحَدَّثْتُ بِهِ مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، وَهُوَ صَحِيْحٌ مِنْ حَدِيْثِ الزُّهْرِيِّ.
وَرَوَى: ابْنُ صَاعِدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ هَانِئ النَّيْسَابُوْرِيِّ، قَالَ لَنَا أَبُو اليَمَانِ:
الحَدِيْثُ حَدِيْثُ الزُّهْرِيِّ، وَالَّذِي حَدَّثْتُكُم عَنِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ غَلِطْتُ فِيْهِ بِوَرَقَةٍ قَلَبْتُهَا.
قُلْتُ: تَعَيَّنَ أَنَّ الحَدِيْثَ وَهِمَ فِيْهِ أَبُو اليَمَانِ، وَصَمَّمَ عَلَى الوَهْمِ؛ لأَنَّ الكِبَارَ حَكَمُوا بِأَنَّ الحَدِيْثَ مَا هُوَ عِنْدَ الزُّهْرِيِّ - وَاللهُ أَعْلَمُ -.
عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ فِي حَدِيْثِ أَبِي اليَمَانِ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُقْبَةَ بنِ سُوَيْدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يَغْزُو جَيْشٌ الكَعْبَةَ) .
فَقَالَ يَحْيَى: إِنَّمَا هُوَ عَنْ سُحَيْمٍ مَوْلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ أَبُو اليَمَانِ يُسَمَّى كَاتِبَ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَيَّاشٍ، كَمَا يُسَمَّى أَبُو صَالِحٍ كَاتِبَ اللَّيْثِ، وَهُوَ ثِقَةٌ، نَبِيْلٌ، صَدُوْقٌ.
وَقَالَ العِجْلِيُّ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَقَالَ ابْنُ عَمَّارٍ المَوْصِلِيُّ: كَانَ ثِقَةً، وَكَانَ بِسَلَمِيَّةَ، وَكَانَ إِذَا جَاءهُ أَهْلُ الحَدِيْثِ، قَالَ لَهُم: الْقُطُوا لِيَ الزَّعْفَرَانَ، وَثَمَّتَ يَنبُتُ الزَّعْفَرَانُ.
فَكَانُوا يَلقُطُونَ، ثُمَّ يُحَدِّثِهُم.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى الطَّرَسُوْسِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا اليَمَانِ يَقُوْلُ:
صِرتُ إِلَى مَالِكٍ، فَرَأَيْتُ ثَمَّ مِنَ الحُجَّابِ وَالفَرْشِ شَيْئاً عَجِيْباً، فَقُلْتُ: لَيْسَ ذَا مِنْ أَخْلاَقِ العُلَمَاءِ، فَمَضَيتُ، وَتَرَكتُهُ، ثُمَّ نَدِمتُ بَعْدُ.
وَبَلَغَنَا: أَنَّ أَبَا اليَمَانِ كَتَبَ كُتُبَ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَيَّاشٍ، وَلَمْ يَدَعْ مِنْهَا شَيْئاً فِي القَرَاطِيْسِ.وَفِي (الصَّحِيْحَيْنِ) نَحْوٌ مِنْ أَرْبَعِيْنَ حَدِيْثاً عِنْدَ البُخَارِيِّ عَنْ أَبِي اليَمَانِ، قَدْ أَخْرَجَهَا: مُسْلِمٌ، عَنِ الدَّارِمِيِّ، عَنْ أَبِي اليَمَانِ، وَجَمِيْعُهَا يَقُوْلُ فِيْهَا: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، مَا قَالَ قَطُّ: حَدَّثَنَا، فَهَذَا يُوضِحُ لَكَ أَنَّهَا بِالإِجَازَةِ، وَهِيَ مَنْقُوْلَةٌ جَزماً مِنْ خَطَّ شُعَيْبٍ، وَكَانَ مِنْ أَثْبَتِ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ.
وَالمَقْصُوْدُ مِنَ الرِّوَايَةِ إِنَّمَا هُوَ العِلْمُ الحَاصِلُ بِأَنَّ هَذَا الخَبَرَ حَدَّثَ بِهِ فُلاَنٌ عَلَى أَيِّ صِفَةٍ كَانَ مِنْ صِفَاتِ الأَدَاءِ.
وَقَدْ كَانَ أَبُو اليَمَانِ عَالِمَ وَقْتِه بِحِمْصَ، اسْتَقْدَمَهُ المَأْمُوْنُ لِيُوَلِّيَهُ قَضَاءَ حِمْصَ.
وَرَوَينَا بِإِسْنَادٍ قَوِيٍّ، عَنْ أَبِي اليَمَانِ، أَنَّهُ قَالَ: وُلِدْتُ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ مُصَفَّى، وَأَبُو زُرْعَةَ النَّصْرِيُّ، وَالفَسَوِيُّ: مَاتَ أَبُو اليَمَانِ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ، وَالبُخَارِيُّ، وَمُطَيَّنٌ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ.
زَادَ ابْنُ سَعْدٍ: فِي ذِي الحِجَّةِ، بِحِمْصَ.
الحَافِظُ، الإِمَامُ، الحُجَّةُ، أَبُو اليَمَانِ البَهْرَانِيُّ، الحِمْصِيُّ، مَوْلَى امْرَأَةٍ بَهْرَانِيَّةٍ تُدْعَى أُمَّ سَلَمَةٍ، كَانَتْ عِنْدَ عُمَرَ بنِ رُوْبَةَ التَّغْلِبِيِّ.
وُلِدَ: فِي حُدُوْدِ سَنَةِ بِضْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ، وَطَلَبَ العِلْمَ سَنَةَ بِضْعٍ وَخَمْسِيْنَ.
فَرَوَى عَنْ: صَفْوَانَ بنِ عَمْرٍو، وَحَرِيْزِ بنِ عُثْمَانَ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي مَرْيَمَ، وَشُعَيْبِ بنِ أَبِي حَمْزَةَ، وَسَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَعُفَيْرِ بنِ مَعْدَانَ، وَأَرْطَاةَ بنِ المُنْذِرِ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ عَيَّاشٍ، وَيَزِيْدَ بنِ سَعِيْدِ بنِ ذِي عُصْوَانَ، وَأَبِي مَهْدِيٍّ سَعِيْدِ بنِ سِنَانٍ، وَطَائِفَةٍ، وَمَا عَلِمْتُ لَهُ رِحْلَةً.حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِيْنٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى، وَعَمْرُو بنُ مَنْصُوْرٍ النَّسَائِيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ فَضَالَةَ، وَعِمْرَانُ بنُ بَكَّارٍ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ البُخَارِيُّ، وَعُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ، وَأَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيُّ، وَمُوْسَى بنُ عِيْسَى بنِ المُنْذِرِ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الحَكَّانِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ الفُرَاتِ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: أَمَّا حَدِيْثُ أَبِي اليَمَانِ عَنْ حَرِيْزٍ وَصَفْوَانَ بنِ عَمْرٍو فَصَحِيْحٌ.
ثُمَّ قَالَ أَحْمَدُ: هُوَ يَقُوْلُ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، وَاسْتَحَلَّ ذَلِكَ بِشَيْءٍ عَجِيْبٍ، كانَ أَمرُ شُعَيْبٍ فِي الحَدِيْثِ عَسِراً جِدّاً، وَكَانَ عَلِيُّ بنُ عَبَّاسٍ سَمِعَ مِنْهُ، وَذَكَرَ قِصَّةً لأَهْلِ حِمْصَ أُرَاهَا أَنَّهُم سَأَلُوْهُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُم فِي أَنْ يَرْوُوا عَنْهُ، فَقَالَ لَهُم: لاَ تَرْوُوا هَذِهِ الأَحَادِيْثَ عَنِّي -يَعْنِي: شُعَيْباً-.
قَالُ أَبُو عَبْدِ اللهِ: ثُمَّ كَلَّمُوهُ، وَحَضَرَ ذَلِكَ أَبُو اليَمَانِ، فَقَالَ لَهُم: ارْوُوا تِلْكَ الأَحَادِيْثَ عَنِّي.
قَالَ الأَثْرَمُ: قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللهِ: مُنَاوَلَةً ؟
قَالَ: لَوْ كَانَ مُنَاوَلَةً، كَانَ لَمْ يُعْطِهُم كُتُباً وَلاَ شَيْئاً، إِنَّمَا سَمِعَ هَذَا فَقَطْ، فَكَانَ وَلَدُ شُعَيْبٍ يَقُوْلُ:
إِنَّ أَبَا اليَمَانِ جَاءنِي، فَأَخَذَ كُتُبَ شُعَيْبٍ مِنِّي بَعْدُ، وَهُوَ يَقُوْلُ:
أَخْبَرَنَا.فَكَأَنَّهُ اسْتَحَلَّ ذَلِكَ، بِأَنْ سَمِعَ شُعَيْباً يَقُوْلُ لِقَوْمٍ: ارْوُوْهُ عَنِّي.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ دَيْزِيْلَ: سَمِعْتُ أَبَا اليَمَانِ يَقُوْلُ:
قَالَ لِي أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: كَيْفَ سَمِعْتَ الكُتُبَ مِنْ شُعَيْبٍ؟
قُلْتُ: قَرَأْتُ عَلَيْهِ بَعْضَهُ، وَبَعْضُهُ قَرَأَهُ عَلَيَّ، وَبَعْضُهُ أَجَازَ لِي، وَبَعْضُهُ مُنَاوَلَةً.
قَالَ: فَقَالَ فِي كُلِّهِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: سَأَلْتُ أَبَا اليَمَانِ عَنْ حَدِيْثِ شُعَيْبِ بنِ أَبِي حَمْزَةَ، فَقَالَ: لَيْسَ هُوَ مُنَاوَلَةً، المُنَاوَلَةُ لَمْ أُخْرِجْهَا إِلَى أَحَدٍ.
وَرَوَى: أَبُو زُرْعَةَ النَّصْرِيُّ، عَنْ أَبِي اليَمَانِ، قَالَ:
كَانَ شُعَيْبٌ عَسِراً فِي الحَدِيْثِ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ حِيْنَ حَضَرَتهُ الوَفَاةُ، فَقَالَ: هَذِهِ كُتُبِي، وَقَدْ صَحَّحْتُهَا، فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَهَا، فَلْيَأْخُذْهَا، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْرِضَ، فَلْيَعْرِضْ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْمَعَهَا مِنِ ابْنِي، فَلْيَسْمَعْهَا، فَإِنَّهُ قَدْ سَمِعَهَا مِنِّي.
سَعِيْدُ بنُ عَمْرٍو البَرْذَعِيُّ: عَنْ أَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ، قَالَ: لَمْ يَسْمَعْ أَبُو
اليَمَانِ مِنْ شُعَيْبٍ إِلاَّ حَدِيْثاً وَاحِداً، وَالبَاقِي إِجَازَةً.قَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَوْفٍ يَقُوْلُ:
لَمْ يَسْمَعْ أَبُو اليَمَانِ مِنْ شُعَيْبِ بنِ أَبِي حَمْزَةَ إِلاَّ كَلِمَةً.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ عَنْ حَدِيْثِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أُمِّ حَبِيْبَةَ، فَقَالَ:
لَيْسَ هَذَا مِنْ حَدِيْثِ الزُّهْرِيِّ، هَذَا مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، فَسَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ صَالِحٍ عَنْهُ، فَقَالَ: لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَأَنكَرَهُ.
قُلْتُ: قُرِئَ هَذَا عَلَى إِبْرَاهِيْمَ بنِ الدَّرَجِيِّ، وَأَجَازَهُ لِي عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الصَّيْدَلاَنِيِّ، أَخْبَرَتْنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ عَبْد اللهِ، أَخْبَرْنَا ابْنُ رِيْذَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أُمِّ حَبِيْبَةَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (أُرِيْتُ مَا تَلْقَى أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي، وَسَفْكِ بَعْضِهِم دِمَاءَ بَعْضٍ، وَكَانَ ذَلِكَ سَابِقاً مِنَ اللهِ، فَسَأَلْتُه أَنْ يُوَلِّيَنِي شَفَاعَةً فِيْهِم، فَفَعَلَ) .
رَوَاهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي اليَمَانِ، فَقَالَ:
عَنْ شُعَيْبٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، عَنْ أَنَسٍ، ثُمَّ قَالَ عَبْدُ اللهِ:
فَقُلْتُ: هَا هُنَا
قَوْمٌ يُحَدِّثُوْنَ بِهِ: عَنْ أَبِي اليَمَانِ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، فَقَالَ: لَيْسَ ذَا مِنْ حَدِيْثِ الزُّهْرِيِّ.قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: قَالَ لِي أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ:
كِتَابُ شُعَيْبٍ عَنِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ مُلصَقٌ بِكِتَابِ الزُّهْرِيِّ، فَبَلَغَنِي أَنَّ أَبَا اليَمَانِ حَدَّثَهُم بِهِ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَلَيْسَ لَهُ أَصْلٌ، كَأَنَّهُ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّهُ اخْتَلَطَ بِكِتَابِ الزُّهْرِيِّ، فَرَأَيْتُهُ كَأَنَّهُ يَعذِرُ أَبَا اليَمَانِ، وَلاَ يَحْمِلُ عَلَيْهِ فِيْهِ.
وَقَالَ مَكْحُوْلٌ البَيْرُوْتِيُّ: عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبَانٍ الحَرَّانِيِّ:
سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ عَنْ حَدِيْثِ أَبِي اليَمَانِ -يَعْنِي: المَذْكُوْرَ- فَقَالَ:
أَنَا سَأَلْتُ أَبَا اليَمَانِ، فَقَالَ: الحَدِيْثُ حَدِيْثُ الزُّهْرِيِّ، فَمَنْ كَتَبَهُ عَنِّي، فَقَدْ أَصَابَ، وَمَنْ كَتَبَهُ عَنِّي مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، فَهُوَ خَطَأٌ، إِنَّمَا كُتِبَ فِي آخِرِ حَدِيْثِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، فَغَلِطْتُ، فَحَدَّثْتُ بِهِ مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، وَهُوَ صَحِيْحٌ مِنْ حَدِيْثِ الزُّهْرِيِّ.
وَرَوَى: ابْنُ صَاعِدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ هَانِئ النَّيْسَابُوْرِيِّ، قَالَ لَنَا أَبُو اليَمَانِ:
الحَدِيْثُ حَدِيْثُ الزُّهْرِيِّ، وَالَّذِي حَدَّثْتُكُم عَنِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ غَلِطْتُ فِيْهِ بِوَرَقَةٍ قَلَبْتُهَا.
قُلْتُ: تَعَيَّنَ أَنَّ الحَدِيْثَ وَهِمَ فِيْهِ أَبُو اليَمَانِ، وَصَمَّمَ عَلَى الوَهْمِ؛ لأَنَّ الكِبَارَ حَكَمُوا بِأَنَّ الحَدِيْثَ مَا هُوَ عِنْدَ الزُّهْرِيِّ - وَاللهُ أَعْلَمُ -.
عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ فِي حَدِيْثِ أَبِي اليَمَانِ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُقْبَةَ بنِ سُوَيْدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يَغْزُو جَيْشٌ الكَعْبَةَ) .
فَقَالَ يَحْيَى: إِنَّمَا هُوَ عَنْ سُحَيْمٍ مَوْلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ أَبُو اليَمَانِ يُسَمَّى كَاتِبَ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَيَّاشٍ، كَمَا يُسَمَّى أَبُو صَالِحٍ كَاتِبَ اللَّيْثِ، وَهُوَ ثِقَةٌ، نَبِيْلٌ، صَدُوْقٌ.
وَقَالَ العِجْلِيُّ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَقَالَ ابْنُ عَمَّارٍ المَوْصِلِيُّ: كَانَ ثِقَةً، وَكَانَ بِسَلَمِيَّةَ، وَكَانَ إِذَا جَاءهُ أَهْلُ الحَدِيْثِ، قَالَ لَهُم: الْقُطُوا لِيَ الزَّعْفَرَانَ، وَثَمَّتَ يَنبُتُ الزَّعْفَرَانُ.
فَكَانُوا يَلقُطُونَ، ثُمَّ يُحَدِّثِهُم.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى الطَّرَسُوْسِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا اليَمَانِ يَقُوْلُ:
صِرتُ إِلَى مَالِكٍ، فَرَأَيْتُ ثَمَّ مِنَ الحُجَّابِ وَالفَرْشِ شَيْئاً عَجِيْباً، فَقُلْتُ: لَيْسَ ذَا مِنْ أَخْلاَقِ العُلَمَاءِ، فَمَضَيتُ، وَتَرَكتُهُ، ثُمَّ نَدِمتُ بَعْدُ.
وَبَلَغَنَا: أَنَّ أَبَا اليَمَانِ كَتَبَ كُتُبَ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَيَّاشٍ، وَلَمْ يَدَعْ مِنْهَا شَيْئاً فِي القَرَاطِيْسِ.وَفِي (الصَّحِيْحَيْنِ) نَحْوٌ مِنْ أَرْبَعِيْنَ حَدِيْثاً عِنْدَ البُخَارِيِّ عَنْ أَبِي اليَمَانِ، قَدْ أَخْرَجَهَا: مُسْلِمٌ، عَنِ الدَّارِمِيِّ، عَنْ أَبِي اليَمَانِ، وَجَمِيْعُهَا يَقُوْلُ فِيْهَا: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، مَا قَالَ قَطُّ: حَدَّثَنَا، فَهَذَا يُوضِحُ لَكَ أَنَّهَا بِالإِجَازَةِ، وَهِيَ مَنْقُوْلَةٌ جَزماً مِنْ خَطَّ شُعَيْبٍ، وَكَانَ مِنْ أَثْبَتِ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ.
وَالمَقْصُوْدُ مِنَ الرِّوَايَةِ إِنَّمَا هُوَ العِلْمُ الحَاصِلُ بِأَنَّ هَذَا الخَبَرَ حَدَّثَ بِهِ فُلاَنٌ عَلَى أَيِّ صِفَةٍ كَانَ مِنْ صِفَاتِ الأَدَاءِ.
وَقَدْ كَانَ أَبُو اليَمَانِ عَالِمَ وَقْتِه بِحِمْصَ، اسْتَقْدَمَهُ المَأْمُوْنُ لِيُوَلِّيَهُ قَضَاءَ حِمْصَ.
وَرَوَينَا بِإِسْنَادٍ قَوِيٍّ، عَنْ أَبِي اليَمَانِ، أَنَّهُ قَالَ: وُلِدْتُ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ مُصَفَّى، وَأَبُو زُرْعَةَ النَّصْرِيُّ، وَالفَسَوِيُّ: مَاتَ أَبُو اليَمَانِ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ، وَالبُخَارِيُّ، وَمُطَيَّنٌ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ.
زَادَ ابْنُ سَعْدٍ: فِي ذِي الحِجَّةِ، بِحِمْصَ.
أبو اليمان الحكم بن نافع البهراني الحمصي، قال الذّهبي: الحافظ، توفي سنة (222).