Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=152731#d85c72
عمرو ويقال: عمير بن شييم
ويقال: شييم بن عمرو بن عبّاد بن بكر بن عامر بن أسامة بن مالك بن جشم ابن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب، التّغلبيّ المعروف بالقطاميّ شاعر من فحول الشّعراء، وكان نصرانيّاً فأسلم، فقدم دمشق مادحاً للوليد بن عبد الملك، ويقال: لعمر بن عبد العزيز.
قال الدّارقطنيّ: سمّي القطاميّ بقوله: من الرجز
يحطهنّ جانباً فجانباً ... حطّ القطاميّ قطاً قواربا
والقطاميّ: اسم من أسماء الصّقر، وهو مشتق من القطم، وهو: القطع.
قال أبو عمرو: أول ما حرّك من القطاميّ فرفع من ذكره أنه قدم في خلافة الوليد بن عبد الملك دمشق ليمدحه، فقيل له: إنه بخيل لا يعطي الشّعراء؛ وقيل: بل قدمها في خلفة عمر بن عبد العزيز، فقيل له: إن الشّعر لا ينفق عند هذا ولا يعطي عليه شيئاً، وهذا عبد الواحد بن سليمان فامتدحه؛ فمدحه بقصيدة التي أوّلها: من البسيط
إنّا محيوك فاسلم أيّها الطّلل ... وإن بليت وإن طالت بك الطّيل
فقال له: كم أمّلت من أمير المؤمنين؟. قال: أمّلت أن يعطيني ثلاثين ناقة، فقال: قد أمرت لك بخمسين ناقة وأن يوقر لك برّاً وتمراً وثياباً. ثم أمر بدفع ذلك إليه.
قال الكلابيّ: قال عبد الملك بن مروان للأخطل: من أشعر النّاس؟ قال: أنا، ثم المغدف القناع، القبيح السّماع، الضّيق الذّراع؛ يعني القطاميّ.
قال الأصمعي: سأل عمرو بن سعيد القرشيّ الأخطل: أيسرك أن لك شعراً بشعرك؟ قال: لا والله ما يسرني أنّ لي بمقولي مقولاً من مقاول العرب، غير أن رجلاً من قومي قد قال أبياتا حسدته عليها، وايم الله إنه لمغدف القناع، ضيّق الذّراع، قليل السّماع. قال: ومن هو؟ قال: القطاميّ. قال: وما الأبيات؟ قال: قوله: من البسيط
يمشين رهواً فلا الأعجاز خاذلة ... ولا الصّدور على الأعجاز تتّكل
من كلّ سامية العينين تحسبها ... مجنونة أو ترى ما لا ترى الإبل
حتى وردن ركيّات الغوير وقد ... كاد الملاء من الكتّان يشتعل
يمشين معترضات والحصا رمض ... والرّيح ساكرة والظّل معتدل
والعيش لا عيش إلا ما تقرّ به ... عين ولا حال إلاّ سوف ينتقل
إن تصبحي من أبي عثمان منجحة ... فقد يهون على المستنجح العمل
والنّاس من يلق خيراً قائلون له ... ما يشتهي، ولأمّ المخطئ الهبل
قد يدرك المتأنّي بعض حاجته ... وقد يكون مع المستعجل الزّلل
قال القاضي: لعمري إن هذه الأبيات لمن رصين الشعر وبليغه، وكلمة القطانيّ التي هذه الأبيات منها من أجود شعره.
قال محمد بن سلام: وكان القطاميّ شاعراً فحلاً، رقيق الحواشي، حلو الشّعر، والأخطل أبعد منه ذكراً، وأمتن شعراً. وكان زفر بن الحارث أسره في حرب بينهم وبين تغلب، فمنّ عليه وأعطاه مئة من الأبل، وردّ عليه ماله، فقال القطاميّ في كلمة له: من البسيط
من مبلغ زفر القيسيّ مدحته ... عن القطاميّ قولاً غير إفناد
فلن أثيبك بالنّعماء مشتمة ... ولن أبدّل إحساناً بإفساد
إنيّ وإن كان قومي ليس بينهم ... وبين قومك إلاّ ضربة الهادي
مثن عليك بما أسلفت من حسن ... وقد تعرّض منّي مقتل بادي
فإن هجوتك ما تّمت محافظتي ... وإن مدحت لقد أحسنت إصفادي
إذ يعتريك رجال يسألون دمي ... ولو تعطيهم أبكيت عوّادي
وإذ يقولون: أرضيت العداة بنا ... لا، بل قدحت بزند غير صلاّد
ولا كردّك مالي بعدما كربت ... تبدي الشّماتة أعدائي وحسّادي
فإن قدرت علي يوم جزيت به ... والله يجعل أقواماً بمرصاد
فلمّا بلغ زفر قوله قال: لا قدرت على ذلك اليوم. وقال يمدحه في أخرى: من الوافر
ومن يكن استسلام إلى ثويّ ... فقد أحسنت يا زفر المتاعا
أكفر بعد دفع الموت عنّي ... وبعد عطائك المئة الرّتاعا
فلم أر منعمين أقلّ منّاً ... وأكرم عندما اصطنعوا اصطناعا
من البيض الوجوه بني نفيل ... أبت أخلاقهم إلاّ اتّساعا
بني القرم الذي علمت معدّ ... تفضّل فوقهم حسباً وباعا
وهو يقول في كلمة أخرى: من البسيط
إنّا محيّوك فاسلم أيّها الطّلل ... وإن بليت وإن طالت بك الطّيل
والنّاس من يلق خيراً قائلون له ... ما يشتهي، ولأمّ المخطىء الهبل
قد يدرك المتأنّي بعض حاجته ... وقد يكون مع المستعجل الزّلل
أمّا قريش فلن تلقاهم أبداً ... إلاّ وهم خيرمن يحفى وينتعل
قوم هم أمراء المؤمنين وهم ... رهط النّبيّ فما من بعده رسل
وفيها يقول:
وما هواي لتسليم على دمن ... بالغور غيّرهنّ الأعصر الأول
فهنّ كالحلل الموشيّ ظاهرها ... أو كالكتاب الذي قد مسّه بلل
كانت منازل بالغور منّا ما يجهمنا ... حتى تحلل دهر محيل حيل
والعيش لا عيش إلاّ ما تقرّبه ... عين ولا حال إلاّ سوف ينتقل
عن محمد بن عبيد الله العتبيّ، قال: خرجت إلى المربد فإذا بأعرابيّ غزل، فملت إليه، فذكرت عنده النّساء، فتنفّس ثم قال: يا بن أخي، وإن من كلامهنّ لما يقوم مقام الماء فيسقي من الظّمأ. فقلت: يا أعرابيّ، صف لي نساءكم. فقال: نساء الحيّ تريد؟ قلت: نعم. فأنشأ يقول: من الكامل
رجح ولسن من اللّواتي بالضّحى ... لذيولهنّ على الطّريق غبار
وإذا خرجن يردن أهل مصيبة ... كان الخطا لسراعها الإستار
يأنسن عند بعولهنّ إذا خلوا ... وإذا هم خرجوا فهنّ خفار
قال العتبيّ: فرجعت إلى أبي فذكرت ذلك له. فقال: أتدري من أين أخذ الأعرابيّ قوله: وإن من كلامهنّ لما يقوم مقام الماء فيسقي من الظّمأ؟ قال: من قول القطاميّ: من البسيط
يقتلننا بحديث ليس يعلمه ... من يتّقين ولا مكنونه باد
فهنّ ينبذن من قول يصبن به ... مواقع الماء من ذي الغلّة الصّادي
قال الأصمعيّ: قال بلال بن أبي بردة لجلسائه ذات ليلة: خبّروني بسابق الشعراء والمصلّي والثّالث والرّابع. فسكتوا. ثم قالوا له: إن رأى الأمير أصلحه الله أن يخبرنا بذلك فعل. قال: سابق الشعراء قول المرقّش: من الطويل
من يلق خيراً يحمد النّاس أمره ... ومن يغو لا يعدم على الغيّ لائماً
والمصلّي قول طرفة: من الطويل
ستبدي لك الأيّام ما كنت جاهلاً ... ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
والثّالث قول النّابغة: من الطويل
ولست بمستبق أخاً لا تلمّه ... على شعث، أيّ الرّجال المهذّب؟
والرّابع قول القطاميّ: من البسيط
قد يدرك المتأنيّ بعض حاجته ... وقد يكون مع المستعجل الزّلل