Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=154583#638cce
هود بن عبد الله بن رباح
ابن خالد بن الخلود بن عاد بن عوض بن إرم، ابن سام بن نوح بن لمك بن متوشلخ بن أخنوخ، وهو - إدريس - بن يارد بن مهلائيل بن قتبان، ابن أنوش بن شيث بن آدم نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال بعض النسابين إن هوداً هو عابر بن شالخ بن أفخشد بن سام بن نوح.
قيل: إن هوداً بنى الحائط القبلي من جامع دمشق. وقيل: إن قبره به. وقيل: قبره بمكة. وقيل: قبره باليمن.
وكان عاد ابن عوض بن إرم بن سام بن نوح. وكان الضحاك بن أهنوت من ولد قحطان، وهو أهنوت بن ملل بن لاوذ بن الغوث بن الفزر بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يعرب بن قحطان بن أنمر بن الهميسع بن نايت بن إسماعيل بن إبراهيم بن تارح، وهو آزر بن ناخور بن ارغوا بن اسروغ بن فالغ بن يقطن، وهو قحطان بن عابر، وهو
هود النبي - صلى الله على نبينا وعليه وسلم - ابن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح.
وأول نبي بعثه الله إدريس ثم نوح ثم إبراهيم ثم إسماعيل وإسحاق ثم يعقوب ثم يوسف ثم لوط ثم هود بن عبد الله بن الخلود بن عاد بن عوض بن إرم بن سام بن نوح، وعاد وغبيل ابنا عوض بن إرم.
وعن ابن عباس قال: كل الأنبياء من بني إسرائيل إلا عشرة: نوح، وهود، ولوط، وصالح، وشعيب، وإبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، وعيسى، ومحمد صلى الله عليه وعليهم وسلم. وليس من نبي له اسمان غير عيسى المسيح، ويعقوب إسرائيل. وكان أبو هود أول من تكلم بالعربية. وولد لهود أربعة، فهم العرب: قحطان، ومقحط، وقاحط، وقالع أبو مضر. وقحطان أبو اليمن، والباقون ليس لهم نسل.
وكان من قصة هود، كيف بعثه الله من بعد نوح أن عاداً كانوا أصحاب أوثان يعبدونها من دون الله، وذلك إنما عبدت الأصنام العرب أصنام قوم نوح بعد نوح، فتفرقوا في عباداتهم للأوثان، وفرقوا أصنام قوم نوح بينهم، فكانت هذيل بن مدركة بن خندف اتخذوا سواعاً إلهاً يعبدونه، وكانت لهم برهاط من أرض الحجاز، وكانت كلب بن وبرة من قضاعة اتخذوا وداً إلهاً يعبدونه بدومة الجندل، وكانت أنعم من طيء، وأهل جرش من مذحج من تلك القبائل من أهل اليمن اتخذوا يعوق إلهاً يعبدونه بجرش، وكانت خيوان - بطن من همدان - بأرض همدان من اليمن، وكانت
ذو الكلاع اتخذوا بأرض حمير نسراً إلهاً يعبدونه من دون الله. وكانت قوم هود وهم عاد أصحاب أوثان، يعبدونها من دون الله اتخذوا أصناماً على مثال ود وسواع ويغوث ونسر، فاتخذوا صنماً، يقال له: صمود، وصنماً يقال له: الهبار، فبعث الله إليهم هوداً. فكان هود من قبيلة يقال لها: الخلود، وكان من أوسطهم نسباً، وأفضلهم موضعاً، وأشرفهم نفساً، وأصبحهم وجهاً، وكان في مثل أجسامهم، أبيض جعداً، بادي العنفقة، طويل اللحية، فدعاهم إلى الله، وأمرهم أن يوحدوا الله، ولا يجعلوا مع الله إلهاً غيره، وأن يكفوا عن ظلم الناس، لم يذكر أنه أمرهم بغير ذلك، ولم يدعهم إلى شريعة، ولا إلى صلاة، فأبوا ذلك وكذبوه " وقالوا من أشد منا قوة " فنزل الله " وكانوا بآياتنا يجحدون ". قال الله عز وجل: " وإلى عاد أخاهم هوداً " الآية. وكان هود من قومهم، ولم يكن أخاهم في الدين، " قال يا قوم اعبدوا الله "، يعني: وحدوا الله، ولا تشركوا به شيئاً، " ما لكم " يقول: ليس لكم " من إله غيره أفلا تتقون " يعني: فكيف لا تتقون؟ " واذكروا إذ جعلكم خلفاء " يعني: سكاناً في الأرض: " من بعد قوم نوح "، فكيف لا تعتبرون فتؤمنوا، وقد علمتم ما أنزل بقوم نوح من النقمة حين عصوه، واذكروا ما أتى إليكم " وزادكم في الخلق بسطة فاذكروا آلاء الله "، يعني: هذه النعم " لعلكم تفلحون " وكانت منازلهم وجماعتهم حيث بعث الله هوداً فيهم بالأحقاف. والأحقاف: الرمل، ما بين عمان إلى حضرموت باليمن كله، وكانوا مع ذلك قد أفسدوا في الأرض كلها، وقهروا أهلها بفضل قوتهم التي آتاهم الله، يقول الله عز وجل: " واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف "، يعني:
دكادك الرمل حيث منازلهم.
روى الزهري: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سأل ربه أن يريه رجلاً من قوم عاد، فأراه رجلاً رجلاه في المدينة ورأسه بذي الحليفة.
وعن يحيى بن يعلى قال: قال هود لقومه حين أظهروا عبادة الأوثان: يا قوم، إني بعثة الله إليكم، وزعيمه فيكم، فاتقوه بطاعته، وأطيعوه بتقواه، فإن المطيع لله يأخذ لنفسه من نفسه بطاعة الله للرضا، وإن العاصي لله يأخذ لنفسه من نفسه بمعصية الله للسخط، وإنكم من أهل الأرض، والأرض تحتاج إلى السماء، والسماء تستغني بما فيها، فأطيعوه تستطيبوا حياتكم، وتأمنوا ما بعدها، وإن الأرض العريضة تضيق عن التعرض لسخط الله.
وعن الضحاك قال: أمسك الله عنهم القطر ثلاث سنين، وكانت الرياح عليهم من غير مطر ولا سحاب.
وعن جابر بن عبد الله قال: إذا أراد الله بقوم سوءاً حبس عنهم المطر، وحبس منهم كثرة الرياح. قال: فلبثوا بذلك ثلاث سنين لا يستغفرون الله، فقال لهم هود: " استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدراراً "، يعني: برزق متتابع " ويزدكم قوة إلى قوتكم ". يعني: في الغنى والعدد " ولا تتولوا مجرمين "، فأبوا إلا تمادياً. فلما أصابهم الجهد أنفوا أن يطلبوا إلى هود أن يستسقي لهم، ونزل بهم البلاء، وجهدوا، فطلبوا إلى الله الفرج، وكان طلبتهم عند البيت الحرام، مسلمهم، ومشركهم، فتجمع بها ناس كثير مختلفة أديانها، وكلهم معظم لمكة، يعرف حرمتها ومكانتها من الله عز وجل.
وعن ابن عباس قال:
كانوا إذا أتوا مكة - عظمها الله تعالى - ليسألوا الله عز وجل صعدوا الصفا ثم دعوا بحوائجهم، وسألوا الله تعالى، فيأتيهم بما سألوا. فانطلق وفد عاد فصعدوا الصفا، يقدمهم قيل بن عتر. فلما استووا على الصفا يريدون أن يسألوا، فقال قيل عاد حين دعا بإله هود: إن كان هود صادقاً فاسقنا، فإنا قد هلكنا، فإنا لم نأتك لمريض تشفيه، ولا لأسير فتفاديه، فأنشأ الله ثلاث سحابات بيضاء، وحمراء، وسوداء، وناداه مناد من السماء: يا قيل، اختر لنفسك وقومك من هذه السحابات، قال قيل: أما البيضاء فجفاء لا ماء فيها، وأما الحمراء فعارض، وأما السوداء فهي مطلخمة، وهي أكثر ماء، فقد اخترت السوداء. فناداه مناد فقال: اخترت رماداً رمدداً، لا تبقي من آل عاد أحداً، لا والداً تترك ولا ولداً، إلا جعلته همداً، إلا بنو اللوذية الغمدا - وإنما يعني الفهدا: السام، وبنو اللوذية: بنو لقيم بن هزال بن هويلة بنت بكر، وكانوا سكاناً بمكة مع إخوانهم، لم يكونوا مع عاد بأرضهم، فهم عاد الآخرة، ومن كان من نسلهم الذين بقوا من عاد - وساق الله السحابة التي اختار قيل بن عتر بما فيها من النقمة إلى عاد، حتى تخرج عليهم من واد لهم يقال له: المغيث، وقيل: إن الوادي يقال له: الريان. كانوا إذا قحطوا فجاءتهم الريح من تلك الناحية مطروا. فلما رأوها جثلة من
ناحية الريان، أو المغيث استبشروا بها، فقالوا: قد جاءنا وفدنا بالمطر قالوا لهود: أين ما كنت توعدنا؟ ما قولك إلا غرور " هذا عارض ممطرنا ". يقول الله عز وجل لهود: قل لهم " بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم تدمر كل شيء بأمر ربها " أي: كل شيء مرت به. فكان أول من أبصر ما فيها وعرف أنها ريح امرأة يقال لها: مهد. فلما تبينت ما فيها صاحت، وصعقت، فلما أفاقت قيل: ماذا رأيت يا مهد؟ قالت: رأيت ريحاً، فيها كشهب النار، أمامها رجال يقودونها.
وروى العلماء: أن الريح التي سخرها الله على عاد الجنوب العقيم، وأنه إنما أرسل عليهم منها مثل حلقة الخاتم، ولو أرسل عليهم مثل منخر الثور ما تركت على ظهر الأرض شيئاً إلا أهلكته.
وعن الحارث بن حسان قال: مررت بعجوز بالربذة، منقطع بها من بني تميم، فقالت: أين تريدون، فقلنا: نريد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قالت: فاحملوني معكم، فإن لي إليه حاجة. قال: فدخلت المسجد، فإذا هو غاص بالناس، وإذا راية سوداء تخفق، فقلت: ما شأن الناس اليوم؟ فقالوا: هذا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يريد أن يبعث عمرو بن العاص وجهاً، فقلت: يا رسول الله، إن رأيت أن تجعل الدهناء حجازاً بيننا وبين تميم فافعل، فإنها كانت لنا خاصة، قال: فاستوفزت العجوز، وأخذتها الحمية، فقالت: يا رسول الله، أين يضطر مضطرك؟ قلت: يا رسول الله، حملت هذه، ولا أشعر أنها كائنة لي خصماً، قال: قلت: أعوذ بالله أن أكون كما قال الأول، قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وماذا قال الأول؟ قال:
على الخبير سقطت، قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هيه، يستطعمه الحديث، قال: إن عاداً أرسلوا وافدهم قيلاً، فنزل على معاوية بن بكر شهراً، يشكر له الخمر التي شربها عنده. قال: فمرت سحابات سود، فنودي أن خذها رماداً رمدداً، لا تذر من عاد أحداً.
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نصرت بالصبا، وأهلك عاد بالدبور، وما أرسلت عليهم إلا مثل الخاتم - وفي رواية: مثل فص الخاتم -، فمرت بأهل البادية فحماتهم ومواشيهم، فجعلتهم بين السماء والأرض. فلما رأى ذلك أهل الحاضرة من عاد الريح وما فيها " قالوا هذا عارض ممطرنا " فألقت أهل البادية ومواشيهم على أهل الحاضرة.
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ما أرسل الله سفياً من الريح إلا بمكيال، ولا قطرة ماء إلا بميزان، إلا يوم نوح وعاد، فإن الماء يوم نوح طغى على الخزان، فلم يكن لهم عليه سلطان، ثم قرأ: " إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية ". وإن الريح يوم عاد عتت على الخزان، ثم قرأ: " ريح صرصر عاتية ".
وقيل: إن الريح العقيم في الأرض السابعة.
وقال عطاء بن يسار: قلت لكعب: من ساكن الأرض الثانية؟ قال: الريح العقيم. لما أراد الله أن يهلك قوم عاد أوحى إلى خزنتها أن افتحوا منها بابا، قالوا: يا ربنا، مثل منخر الثور؟ قال: إذاً تكفأ الأرض بمن عليها. قال: ففتحوا منها مثل حلقة الخاتم.
وقيل: لما أوحى الله إلى العقيم أن تخرج على قوم عاد، فينتقم له منهم، فخرجت بغير كيل على قدر منخر ثور حتى رجفت الأرض ما بين المشرق والمغرب، فقال الخزان: يا رب، لن نطيقها، ولو خرجت على حالها لأهلكت ما بين مشارق الأرض ومغاربها، فأوحى الله إليها أن ارجعي، فرجعت، على قدر خرق الخاتم، وهي الحلقة، فأوحى الله تعالى إلى هود أن يعتزل بمن معه من المؤمنين في حظيرة، فاعتزلوا، وخط عليهم خطاً، وأقبلت الريح، فكانت لا تدخل حظيرة هود، ولا تجاوز الخط، وإنما يدخل عليهم منها بقدر ما تلذ به أنفسهم، وتلين على الجلود، وإنها لتمر من عاد بالظعن فتحتمله بين السماء والأرض، فتدمغهم بالحجارة. وأوحى الله إلى الحيات والعقارب أن يأخذوا عليهم الطرق، فلم تعد غادياً يجاوزهم.
وعن مالك بن أنس قال: سئلت امرأة من بقية قوم عاد: أي عذاب الله رأيت أشد؟ قالت: كل عذاب شديد، وسلام الله ورحمته ليلة الريح فيها، قالت: ولقد رأيت العير تحملها الريح بين السماء والأرض.
قال الضحاك بن مزاحم: لما أهلك الله عاداً، ولم يبق منهم إلا هود والمؤمنون فتنجست الأرض من أجسادهم أرسل الله عليها دكادك الرمل، فرمستهم، فكان يسمع أنين الرجل من تحت الرمل من مسيرة يوم، فقال الله عز وجل لنبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كذبت ثمود وعاد بالقارعة فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية " يعني بالصرصر: الباردة، كانت تقع على الجلد فتحرقه برداً حتى ينكشط عن اللحم، ثم تصير اللحم كقطع النار " عاتية " يعني: عتت على الخزان، " سخرها عليهم " يعني أنه سلطها عليهم " سبع ليال وثمانية أيام حسوماً " هبت عليهم يوم الأربعاء غدوة، وسكنت يوم الأربعاء عشية " حسوماً ": متصلات، مستقبلات، مشؤومات " فترى القوم فيها صرعى " وذلك أنهم صفوا صفوفاً، وحفروا تحت أرجلهم إلى الركب، ورمسوها
بالثرى كي لا تزيلهم الريح، فقالوا: " من أشد منا قوة " فأمهلهم الله ثمانية أيام ليعتبر عباده، فكانت الريح تعصفهم، وتضرب بعضهم بعضاً، ولا تلقيهم، فلما كان يوم الثامن دخلت من تحت أرجلهم، فاحتملتهم، فضربت بهم الأرض، فذلك قوله: " تنزع الناس " " كأنهم أعجاز نخل خاوية فهل ترى لهم من باقية ".
قال وهب بن منبه: هلكت عاد، فلم يبق على الأرض منهم أحد، وما أتت الريح على شيء من النبات والشجر إلا جعلته كالرميم. فكان الرجل منهم ستين ذراعاً، وكانت هامة الرجل مثل القبة العظيمة، وكانت عين الرجل ليفرخ فيها السباع، وكذلك مناخرهم. وكان أول من عذب الله من الأمم قوم نوح ثم عاد ثم ثمود، فكانوا هؤلاء أول من كذب المرسلين. يقول الله عز وجل: " كذبت قوم نوح المرسلين إذ قال لهم أخوهم نوح ألا تتقون " قال: ومن بعد قوم نوح " كذبت عاد المرسلين إذ قال لهم أخوهم هود ألا تتقون " قال: ومن بعد عاد " كذبت ثمود المرسلين " وقال عز وجل: " كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وثمود ".
حدث عبد الله قال: ذكر الأنبياء عند النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فلما ذكر هود قال: ذاك خليل الله.
قال الخضر بن محمد بن شجاع الحراني: أتينا عبد الله بن المبارك بالكوفة، فأتاه رجل فقال: أرأيت الرجل يدعو، يبدأ بنفسه؟ فقال: روينا إلى ابن عباس أنه قال: قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يرحمنا الله وأخا عاد.
وروى أبي بن كعب عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رحمة الله علينا، وعلى أخي موسى. في قصة الخضر.
وكان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا ذكر الأنبياء بدأ بنفسه، فقال: رحمة الله علينا وعلى هود وصالح.
وعن أبي العالية في قوله عز وجل: " فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل " نوح وهود وإبراهيم، فأمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يصبر كما صبر هؤلاء. وكانوا ثلاثة، ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رابعهم عليه السلام ورحمة الله: قال نوح: " يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله " إلى آخرها، فأظهر لهم المفارقة. وقال هود حين قالوا: " إن تقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون " فأظهر لهم المفارقة. وقال لإبراهيم: " قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم " إلى آخر الآية، فأظهر لهم المفارقة. وقال محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله " فقام رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند الكعبة، فقرأها على المشركين، فأظهر لهم المفارقة.
وعن ابن عباس قال: حج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فلما آتى وادي عسفان قال: يا أبا بكر، أي واد هذا؟ قال: هذا عسفان، قال: لقد مر بهذا الوادي نوح وهود وإبراهيم صلوات الله عليهم، على بكرات لهم، حمر، خطمهن الليف، أزرهم العباء، وأرديتهم النمار، يحجون البيت العتيق.
وعن عروة بن الزبير أنه قال: ما من نبي إلا وقد حج البيت إلا ما كان من هود وصالح. ولقد حجه نوح. فلما كان في الأرض ما كان من الغرق أصاب البيت ما أصاب الأرض، وكان البيت ربوة حمراء، فبعث الله هوداً، فتشاغل بأمر قومه حتى قبضه الله إليه، فلم يحجه حتى مات. ثم بعث الله صالحاً، فتشاغل بأمر قومه حتى قبضه الله إليه، فلم يحجه حتى مات. فلما بوأه الله لإبراهيم حجه. ثم لم يبق نبي بعده إلا حجه.
وعن عثمان بن أبي العاتكة قال: قبلة مسجد دمشق قبر هود النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وعن ابن سابط قال: بين المقام والركن وزمزم قبر تسعة وسبعين نبياً، وإن قبر هود، وشعيب، وصالح، وإسماعيل في تلك البقعة.
وعنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مكة لا يسكنها سافك دم، ولا تاجر بربا، ولا مشاء بنميمة. قال: ودحيت الأرض من مكة، وكانت الملائكة تطوف بالبيت، وهي أول من طاف به. وهي الأرض التي قال الله: " إني جاعل في الأرض خليفةً ". وكان النبي من الأنبياء إذا هلك قومه،
فنجا هو والصالحون معه أتاها بمن معه، فيعبدون الله حتى يموتوا فيها. وإن قبر نوح، وهود، وشعيب، وصالح بين زمزم وبين الركن والمقام.
قال عثمان ومقاتل: في المسجد الحرام بين زمزم والركن قبر تسعين نبياً منهم هود، وصالح، وإسماعيل. وقبر آدم، وإبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، ويوسف في بيت المقدس.
وعن علي أنه قال لرجل من حضرموت: أرأيت كثيباً أحمر تخالطه المدرة الحمراء بذي أراك وسدر، كثير ماء، حبه كذا وكذا بين أرض حضرموت، هل رأيته؟ قال: نعم والله إنك لنعت نعت رجل رآه، قال: لا، ولكني حدثت عنه، وفيه قبر هود صلوات الله عليه وسلم، عند رأسه شجرة، إما سلم، وإما سدرة.
قال إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة: ما يعلم قبر نبي من الأنبياء إلا ثلاثة: قبر إسماعيل، فإنه تحت الميزاب بين الركن والبيت، وقبر هود، فإنه في حقف تحت جبل من جبال اليمن، عليه شجرة تندى وموضعه أشد الأرض خيراً، وقبر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فإن هذه قبورهم بحق. وقيل: إن هوداً عمر مئة وخمسين سنة.