الزُّهْرِيّ عَن عبيد الله بن عبد الله عَن ابْن عَبَّاس إثنان
أَحدهمَا
- عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثَوْر
عَن ابْن عَبَّاس حَدِيث طَوِيل قصَّة عمر فِي تطليق النِّسَاء
وَالْآخر
- عبيد الله بن عبد الله بن عقبَة
وَهُوَ أشهر وَحَدِيثه أَكثر
أَحدهمَا
- عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثَوْر
عَن ابْن عَبَّاس حَدِيث طَوِيل قصَّة عمر فِي تطليق النِّسَاء
وَالْآخر
- عبيد الله بن عبد الله بن عقبَة
وَهُوَ أشهر وَحَدِيثه أَكثر
الزهري
أبو أسامة، عن جرير بن حازم ، عن الزبير بن سعيد الهاشمى ، عن نافع بن مالك ، أبي سهل عن مالك بن أنس، قال: دخلت على الزهري أنا ورهط معى، فسألناه الحديث فكأنه لم يبسط إلينا.
وجاءه حصى لبنى مروان، ومعه كتاب فسأله عنه فحدثه قال: فقلت له: يا أبا بكر أتاك نفر من إخوانك فسألوك الحديث فلم تبسط إليهم، وجاءك هذا فانبسطت إليه وحدثته لمكانه من أصحابه ، ألا أحدثك حديثًا بلغني عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: ما هو؟ قلت: بلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من طلب شيئًا من هذا العلم الذي يراد به وجه الله ليصيب به عرضًا من الدنيا دخل النار" .
فقال: ما سمعت هذا. قال: قلت أو كل حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمعت؟ قال: لا. قلت: فنصفه؟ . قال: لعلى قلت: فهذا في النصف الذي لم تسمع.
أحمد بن حنبل: حدثنا شعيب بن حرب، قال قال مالك: كنا نجلس إلى الزهري، وإلى محمد بن المنكدر، فيقول الزهري قال ابن عمر كذا وكذا، فإذا كان بعد ذلك جلسنا إليه وقلنا الذي ذكرت عن ابن عمر من أخبرك به؟ قال: ابنه سالم . أبو معاوية الغيلانى: عن سفيان بن عيينة قال: قال الزهري: إن هذا، يعني هشامًا، ضمنا إليه فنحن نقيم من أوده .
عمرو بن الحسن العامرى، حدثنا أحمد بن الخليل، حدثنا محمد بن عباد، حدثنا سفيان بن عيينة، قال: سمعت ابن جريج يقول للزهرى: إنى أريد أن أعرض عليك.
قال: كيف أصنع بشغلتى؟ قال: ما حدث به عنك؟ . قال: نعم. قال: سفيان وكنت أسمعه زمانًا يقول حدثني آل عروة عن عروة وما نراه إلا كتابًا يأخذه ، وبين بنيان الكعبة خمس عشرة سنة، ثم إن الله بعث محمدًا - صلى الله عليه وسلم - على رأس خمس عشرة سنة من بنيان الكعبة، فكان بين مبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين الفيل سبعون سنة. قال إبراهيم: وهذا وهم لا يشك.
ابن أبي خيثمة: حدثنا إبراهيم بن المنذر ، حدثنا محمد بن مليح عن موسى بن عقبة عن ابن شهاب قال: كان بين الفيل والفجار أربعون سنة، كذا قال الزهري وما عمل شيئًا.
قال الزهري: وكان بين الفجار فيه أحد من علمائنا: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولد عام الفيل ونبى على رأس أربعين من الفيل - صلى الله عليه وسلم - .
همام، عن العلاء بن كثير قال: كان ابن شهاب عند عمر بن عبد العزيز
فذكر ابن المهلب، فكان عمر عابه بشيء، وكان ابن شهاب معه على ذلك، ثم ذكر ابن المهلب عن ابن عمر بعد ذلك، فأطيب فيه ابن شهاب فقال له عمر: أي بني شهاب ألا أراك ابن دنياهم ترفعها حيث وجدتها أنت بالأمس تقول قولًا، وأنت اليوم تقول قولًا آخر.
ابن أبي عمر قال: سمعت سفيان، يعني ابن عيينة، قال: خرج الزهرى في شعابه فأصاب رجلًا فجعل يسأل عنه .
وقال الكرابيسى: إن الزهرى حدث عن سالم أشياء لم يروها أحد غيره، وكذاك عن عبيد الله بن عبد الله .
قال يحيى: حدثنا أبو ضمرة، عن عبيد الله بن عمر، قال: كنت أرى الزهرى يؤتى بالكتاب ما قرأه ولا قرئ عليه فيقال له: يروى هذا عنك، فيقول: نعم وقال يحيى وسئل؟ الزهرى ليس بشيء .
قال ابن إسماعيل: روى الزهرى، عن عبيد الله، عن شبل بن حامد، وهو وهم إنما هو شبل بن خالد .
قال ابن المدينى: قال سفيان بن حبيب، حدثنا أبو جعفر الخطمى ، أن الزهرى قتل رجلًا فحدثت بذلك ابن عيينة، فقال: إنما ولى الشعان فغرز رجلًا فمات. قال: ولم يرو لعلى فضيلة قط وكان مروانيًا .
قال: وحدث الوليد بن عبد الملك ، عن قبيصة بن ذؤيب، عن المغيرة بن شعبة، أنه قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تناشدوا الحلفاء بالله". فبلغ ذلك سعيد بن المسيب فقال: على ابن شهاب لعنة الله، أما تسمع أخا خزاعة يقول: اللهم إنى ناشد محمدًا، فناشد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا تناشد الوليد بن عبد الملك.
قال: وقدم على عمر بن عبد العزيز فأخرجه من عسكره من أجل ما كان سمع منه هذا الحديث ولبغضه عليًا، وكان عمر كافًا عن علي رضي الله عنه، وكان نافع يقول: إن الزهري سمع أحاديث ابن عمر مِنىِّ فلقى سالمًا فقال: هذه أحاديث أبيك؟ قال: نعم، فرواها عن سالم وتركنى.
قال: وكان أشد الناس عصبية على الموالى، ولم يرو عن أحد منهم إلا عن نبهان مولى أم سلمة، وسليمان بن يسار .
قال ابن المديني: سمعت يحيى يقول: حديث يحيى بن أبي كثير أحسن من حديث الزهرى .
* * *
أبو أسامة، عن جرير بن حازم ، عن الزبير بن سعيد الهاشمى ، عن نافع بن مالك ، أبي سهل عن مالك بن أنس، قال: دخلت على الزهري أنا ورهط معى، فسألناه الحديث فكأنه لم يبسط إلينا.
وجاءه حصى لبنى مروان، ومعه كتاب فسأله عنه فحدثه قال: فقلت له: يا أبا بكر أتاك نفر من إخوانك فسألوك الحديث فلم تبسط إليهم، وجاءك هذا فانبسطت إليه وحدثته لمكانه من أصحابه ، ألا أحدثك حديثًا بلغني عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: ما هو؟ قلت: بلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من طلب شيئًا من هذا العلم الذي يراد به وجه الله ليصيب به عرضًا من الدنيا دخل النار" .
فقال: ما سمعت هذا. قال: قلت أو كل حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمعت؟ قال: لا. قلت: فنصفه؟ . قال: لعلى قلت: فهذا في النصف الذي لم تسمع.
أحمد بن حنبل: حدثنا شعيب بن حرب، قال قال مالك: كنا نجلس إلى الزهري، وإلى محمد بن المنكدر، فيقول الزهري قال ابن عمر كذا وكذا، فإذا كان بعد ذلك جلسنا إليه وقلنا الذي ذكرت عن ابن عمر من أخبرك به؟ قال: ابنه سالم . أبو معاوية الغيلانى: عن سفيان بن عيينة قال: قال الزهري: إن هذا، يعني هشامًا، ضمنا إليه فنحن نقيم من أوده .
عمرو بن الحسن العامرى، حدثنا أحمد بن الخليل، حدثنا محمد بن عباد، حدثنا سفيان بن عيينة، قال: سمعت ابن جريج يقول للزهرى: إنى أريد أن أعرض عليك.
قال: كيف أصنع بشغلتى؟ قال: ما حدث به عنك؟ . قال: نعم. قال: سفيان وكنت أسمعه زمانًا يقول حدثني آل عروة عن عروة وما نراه إلا كتابًا يأخذه ، وبين بنيان الكعبة خمس عشرة سنة، ثم إن الله بعث محمدًا - صلى الله عليه وسلم - على رأس خمس عشرة سنة من بنيان الكعبة، فكان بين مبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين الفيل سبعون سنة. قال إبراهيم: وهذا وهم لا يشك.
ابن أبي خيثمة: حدثنا إبراهيم بن المنذر ، حدثنا محمد بن مليح عن موسى بن عقبة عن ابن شهاب قال: كان بين الفيل والفجار أربعون سنة، كذا قال الزهري وما عمل شيئًا.
قال الزهري: وكان بين الفجار فيه أحد من علمائنا: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولد عام الفيل ونبى على رأس أربعين من الفيل - صلى الله عليه وسلم - .
همام، عن العلاء بن كثير قال: كان ابن شهاب عند عمر بن عبد العزيز
فذكر ابن المهلب، فكان عمر عابه بشيء، وكان ابن شهاب معه على ذلك، ثم ذكر ابن المهلب عن ابن عمر بعد ذلك، فأطيب فيه ابن شهاب فقال له عمر: أي بني شهاب ألا أراك ابن دنياهم ترفعها حيث وجدتها أنت بالأمس تقول قولًا، وأنت اليوم تقول قولًا آخر.
ابن أبي عمر قال: سمعت سفيان، يعني ابن عيينة، قال: خرج الزهرى في شعابه فأصاب رجلًا فجعل يسأل عنه .
وقال الكرابيسى: إن الزهرى حدث عن سالم أشياء لم يروها أحد غيره، وكذاك عن عبيد الله بن عبد الله .
قال يحيى: حدثنا أبو ضمرة، عن عبيد الله بن عمر، قال: كنت أرى الزهرى يؤتى بالكتاب ما قرأه ولا قرئ عليه فيقال له: يروى هذا عنك، فيقول: نعم وقال يحيى وسئل؟ الزهرى ليس بشيء .
قال ابن إسماعيل: روى الزهرى، عن عبيد الله، عن شبل بن حامد، وهو وهم إنما هو شبل بن خالد .
قال ابن المدينى: قال سفيان بن حبيب، حدثنا أبو جعفر الخطمى ، أن الزهرى قتل رجلًا فحدثت بذلك ابن عيينة، فقال: إنما ولى الشعان فغرز رجلًا فمات. قال: ولم يرو لعلى فضيلة قط وكان مروانيًا .
قال: وحدث الوليد بن عبد الملك ، عن قبيصة بن ذؤيب، عن المغيرة بن شعبة، أنه قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تناشدوا الحلفاء بالله". فبلغ ذلك سعيد بن المسيب فقال: على ابن شهاب لعنة الله، أما تسمع أخا خزاعة يقول: اللهم إنى ناشد محمدًا، فناشد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا تناشد الوليد بن عبد الملك.
قال: وقدم على عمر بن عبد العزيز فأخرجه من عسكره من أجل ما كان سمع منه هذا الحديث ولبغضه عليًا، وكان عمر كافًا عن علي رضي الله عنه، وكان نافع يقول: إن الزهري سمع أحاديث ابن عمر مِنىِّ فلقى سالمًا فقال: هذه أحاديث أبيك؟ قال: نعم، فرواها عن سالم وتركنى.
قال: وكان أشد الناس عصبية على الموالى، ولم يرو عن أحد منهم إلا عن نبهان مولى أم سلمة، وسليمان بن يسار .
قال ابن المديني: سمعت يحيى يقول: حديث يحيى بن أبي كثير أحسن من حديث الزهرى .
* * *
الزُّهْرِيُّ
- الزُّهْرِيُّ واسمه مُحَمَّد بْن مُسْلِم بْن عُبَيْد الله بن عَبْد الله الأصغر بْن شهاب بْن عَبْد الله بْن الْحَارِث بْن زهرة بْن كلاب بن مرة. وأمه عائشة بنت عبد الله الاكبر بن شهاب. ويكنى أبا بكر. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمن بن عبد العزيز. قَالَ: سمعت الزهري يقول: نشأت وأنا غلام لا مال لي مقطعا من الديوان. وكنت أتعلم نسب قومي من عبد الله بن ثعلبة بن صعير العدوي وكان عالما بنسب قومي وهو ابن أختهم وحليفهم. فأتاه رجل فسأله عن مسألة من الطلاق فعيي بها وأشار له إلى سعيد بن المسيب. فقلت في نفسي: ألا أراني مع هذا الرجل المسن يعقل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح على رأسه وهو لا يدري ما هذا! فانطلقت مع السائل إلى سعيد بن المسيب فسأله فأخبره. فجلست إلى سعيد وتركت عبد الله بن ثعلبة. وجالست عروة بْنُ الزُّبَيْرِ. وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن عتبة. وأبا بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هشام حتى فقهت. فرحلت إلى الشأم فدخلت مسجد دمشق في السحر فأممت حلقة وجاه المقصورة عظيمة فجلست فيها. فنسبني القوم فقلت رجل من قريش من ساكني المدينة. قالوا: هل لك علم بالحكم في أمهات الأولاد؟ فأخبرتهم بقول عمر بن الخطاب في أمهات الأولاد. فقال لي القوم: هذا مجلس قبيصة بن ذؤيب. وهو جائيك وقد سأله عبد الملك عن هذا وسألنا فلم يجد عندنا في ذلك علما. فجاء قبيصة فأخبروه الخبر. فنسبني فانتسبت. وسألني عن سعيد بن المسيب ونظرائه فأخبرته. قَالَ: فقال: أنا أدخلك على أمير المؤمنين. فصلى الصبح ثم انصرف فتبعته. فدخل على عبد الملك بن مروان وجلست على الباب ساعة حتى ارتفعت الشمس. ثم خرج فقال: أين هذا المديني القرشي؟ قَالَ قلت: هأنذا. قَالَ: فقمت حتى ... فدخلت معه على أمير المؤمنين. قَالَ: فأجد بين يديه المصحف قد أطبقه وأمر به يرفع وليس عنده غير قبيصة جالس فسلمت عليه بالخلافة. فقال: من أنت؟ قلت: مُحَمَّد بْن مُسْلِم بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شهاب بْن عَبْد الله بن الحارث بن زهرة. فقال: أوه. قوم يغارون في الفتن. قَالَ: وكان مسلم بن عبد الله مع الزبير. ثم قَالَ: ما عندك في أمهات الأولاد؟ فأخبرته. فقلت حدثني سعيد بن المسيب. فقال: كيف سعيد وكيف حاله؟ فأخبرته. ثم قلت: وحدثني أَبُو بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هشام. فسأل عنه. قلت: وحدثني عروة بن الزبير. فسأل عنه قلت: وحدثني عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ. فسأل عنه. ثم حدثته الحديث في أمهات الأولاد عن عمر بن الخطاب. قَالَ: فالتفت إلى قبيصة بن ذؤيب. فقال: هذا يكتب به إلى الآفاق. قَالَ: فقلت لا أجده أخلا منه الساعة ولعلي لا أدخل بعد هذه المرة. فقلت إن رأى أمير المؤمنين أن يصل رحمي وأن يفرض لي فرائض أهل بيتي- فإني رجل مقطع لا ديوان- فعل. فقال: أيها الآن! امض لشأنك. قال: فخرجت والله مؤنسا من كل شيء خرجت له. وأنا والله حينئذ مقل مرمل. فجلست حتى خرج قبيصة فأقبل علي لائما لي فقال: ما حملك على ما صنعت من غير أمري ألا استشرتني؟ قلت: ظننت والله أن لا أعود إليه بعد ذلك المقام. قَالَ: ولم ظننت ذاك؟ تعود إليه. فالحق بي. أو قَالَ آتني في المنزل. قَالَ: فمشيت خلف دابته والناس يكلمونه حتى دخل منزله. فقل ما لبث حتى خرج إلي خادم برقعة فيها: هذه مائة دينار قد أمرت لك بها وبغلة تركبها. وغلام يكون معك يخدمك وعشرة أثواب كسوة. قَالَ: فقلت للرسول ممن أطلب هذا؟ فقال: ألا ترى في الرقعة اسم الذي آمرك أن تأتيه؟ قَالَ: فنظرت في طرف الرقعة فإذا فيها تأتي فلانا فتأخذ ذلك منه قَالَ: فسألت عنه. فقيل: ها هو ذا. هو قهرمانه. فأتيته بالرقعة فقال: نعم فأمر لي بذلك من ساعته فانصرفت وقد ريشني وجبرني. قَالَ: فغدوت إليه من الغد وأنا على بغلته. وسرجها فسرت إلى جانبه فقال: احضر باب أمير المؤمنين حتى أوصلك إليه قال: فحضرت للوقت الذي وعدني له فأوصلني إليه وقال: إياك ان تكلمه بشيء حتى يبتدئك وأنا أكفيك أمره. قَالَ: فسلمت عليه بالخلافة فأومأ إلي أن أجلس. فلما جلست ابتدأ عبد الملك الكلام. فجعل يسائلني عن أنساب قريش وهو كان أعلم بها مني. قَالَ: وجعلت أتمنى أن يقطع ذلك لتقدمه علي في العلم بالنسب. قَالَ ثم قَالَ لي: فرضت لك فرائض أهل بيتك. ثم التفت إلى قبيصه فأمره أن يثبت ذلك في الديوان. ثم قَالَ: أين تحب أن يكون ديوانك أمع أمير المؤمنين هاهنا؟ أم تأخذه ببلدك؟ قَالَ قلت: يا أمير المؤمنين إنا معك. فإذا أخذت الديوان أنت وأهل بيتك أخذته قال: فأمر بإثباتي وبنسخة كتابي أن يوقع بالمدينة فإذا خرج الديوان لأهل المدينة قبض عبد الملك بن مروان وأهل بيته ديوانهم بالشأم. قَالَ الزهري: ففعلت أنا مثل ذلك. وربما أخذته بالمدينة لا أصد عنه. قَالَ: ثم خرج قبيصة بعد ذلك. فقال إن أمير المؤمنين قد أمر أن تثبت في صحابته. وأن يجرى عليك رزق الصحابة. وأن ترفع فريضتك إلى أرفع منها. فالزم باب أمير المؤمنين قَالَ: وكان على عرض الصحابة رجل فظ غليظ يعرض عرضا شديدا. قَالَ: فتخلفت يوما أو يومين فجبهني جبها شديدا فلم أعد لذلك التخلف. وكرهت أن أقول لقبيصة شيئا في أول ذلك. ولزمت عسكر عبد الملك. وكنت أدخل عليه كثيرا. قَالَ: وجعل عبد الملك فيما يسائلني يقول: من لقيت؟ فجعلت أسمي له وأخبره بمن لقيت من قريش لا أعدوهم. فقال عبد الملك: فأين أنت عن الأنصار؟ فإنك واجد عندهم علما. أين أنت عن ابن سيدهم خارجة بن زيد بن ثابت أين أنت عن عبد الرحمن بن يزيد ابن جارية. قَالَ: فسمى رجالا منهم. قَالَ: فقدمت المدينة فسألتهم وسمعت منهم- يعني الأنصار- وجدت عندهم علما كثيرا. قَالَ وتوفي عبد الملك بن مروان. فلزمت الوليد بن عبد الملك حتى توفي. ثم سليمان بن عبد الملك. وعمر بن عبد العزيز. ويزيد بن عبد الملك فاستقضى يزيد بن عبد الملك على قضائه الزهري. وسليمان بن حبيب المحاربي جميعا. قَالَ: ثم لزمت هشام بن عبد الملك. قَالَ: وحج هشام سنة ست ومائة وحج معه الزهري. فصيره هشام مع ولده يعلمهم ويفقههم ويحدثهم ويحج معهم فلم يفارقهم حتى مات بالمدينة. أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ. قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بن زيد. عن معمر. قَالَ: أول ما عرف الزهري أنه كان في مجلس عبد الملك بن مروان فسألهم عبد الملك. فقال: من منكم يعلم ما صنعت أحجار بيت المقدس يوم قتل الحسين؟ قَالَ: فلم يكن عند أحد منهم من ذلك علم. فقال الزهري. بلغني أنه لم يقلب منها يومئذ حجر إلا وجد تحته دم عبيط قَالَ: فعرف من يومئذ. أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ. قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ. عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ رَجُلا قَالَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: أَلا أَكُونُ فِي مَنْزِلَةِ مَنْ لا يَخَافُ مِنَ اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ؟ فَقَالَ: إِمَّا أَنْ تَلِيَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ شَيْئًا فَلا تَخَفْ مِنَ اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ. وَإِمَّا أَنْتَ خِلْوٌ مِنْ أَمْرِهِمْ فَأَكَبَّ عَلَى نَفْسِكَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ. قَالَ يَحْيَى: حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ الزُّهْرِيُّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ. فَخَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ: إِنَّ الزُّهْرِيَّ حَدَّثَنِي بِكَذَا وَكَذَا. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. عَنِ الزُّهْرِيِّ إِنَّ هِشَامًا اسْتَعْمَلَ ابْنَهُ أَبَا شَاكِرٍ وَاسْمُهُ مَسْلَمَةُ بْنُ هِشَامٍ عَلَى الْحَجِّ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ. وَأَمَرَ الزُّهْرِيَّ أَنْ يَسِيرَ مَعَهُ إِلَى مَكَّةَ. وَوَضَعَ عَنِ الزُّهْرِيِّ مِنْ دِيوَانِ مَالِ اللَّهِ سَبْعَةَ عَشَرَ أَلْفِ دِينَارٍ. فَلَمَّا قَدِمَ أَبُو شَاكِرٍ الْمَدِينَةَ أَشَارَ عَلَيْهِ الزُّهْرِيُّ أَنْ يَصْنَعَ إِلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ خَيْرًا. وَحَضَّهُ عَلَى ذَلِكَ. فَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ نِصْفَ شَهْرٍ وَقَسَمَ الْخُمُسَ عَلَى أَهْلِ الدِّيوَانِ. وَفَعَلَ أُمُورًا حَسَنَةً. وَأَمَرَهُ الزُّهْرِيُّ أَنْ يُهِلَّ مِنْ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ إِذَا ابْتَعَثَتْ بِهِ نَاقَتُهُ. وَأَمَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْمَخْزُومِيُّ أَنْ يُهِلَّ مِنَ الْبَيْدَاءِ. فَأَهَلَّ مِنَ الْبَيْدَاءِ. ثُمَّ اسْتَعْمَلَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَلَى الْحَجِّ سَنَةَ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ ابْنَهُ يَزِيدَ بْنَ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَأَمَرَ الزُّهْرِيَّ فَحَجَّ مَعَهُ تِلْكَ السَّنَةِ. قَالَ: وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ. عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ. عَنِ الزُّهْرِيِّ. قَالَ: جَالَسْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ عَشْرَ سِنِينَ كَيَوْمٍ وَاحِدٍ. أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ. عَنْ مَعْمَرٍ. عَنِ الزُّهْرِيِّ. قَالَ: سَمَرْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَيْلَةً فَحَدَّثْتُهُ فَقَالَ: كُلَّ مَا ذَكَرْتَ اللَّيْلَةَ قَدْ أَتَى عَلَى مَسَامِعِي وَلَكِنَّكَ حَفِظْتَ ونسيت. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ. قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ: كُنْتُ أَطُوفُ أَنَا وَابْنُ شِهَابٍ. وَمَعَ ابْنِ شِهَابٍ الأَلْوَاحُ وَالصُّحُفُ. قَالَ: فَكُنَّا نَضْحَكُ بِهِ. قَالَ: وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: لَوْلا أَحَادِيثُ سَالَتْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَشْرِقِ نُنْكِرُهَا لا نَعْرِفُهَا. مَا كَتَبْتُ حَدِيثًا أَذِنْتَ فِي كِتَابِهِ. أَخْبَرَنَا عَفَّانُ. قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ. عَنِ الزُّهْرِيِّ. قَالَ: مَا اسْتَعَدْتُ حَدِيثًا قَطُّ وَلا شَكَكْتُ فِي حَدِيثٍ إِلا حَدِيثًا وَاحِدًا فَسَأَلْتُ صَاحِبِي فَإِذَا هُوَ كَمَا حَفِظْتُهُ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ. عَنْ أَبِيهِ. قَالَ: مَا أَرَى أَحَدًا جَمَعَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا جَمَعَ ابْنُ شِهَابٍ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. قَالَ: قَالَ لِي أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ: - وَكَانَ قَدْ جَالَسَ الْحَسَنَ وَابْنَ سِيرِينَ- احْفَظْ لِي هَذَا الْحَدِيثَ لِحَدِيثٍ حَدَّثَ بِهِ الزُّهْرِيُّ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَمْ أَرَ مِثْلَ هَذَا قَطُّ- يَعْنِي الزُّهْرِيَّ-. أَخْبَرَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيِسَارِيُّ. قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ: مَا أَدْرَكْتُ بِالْمَدِينَةِ فَقِيهًا مُحَدِّثًا غَيْرَ وَاحِدٍ. قُلْتُ: مَنْ هُوَ؟ قَالَ: ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ. أُخْبِرْتُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ قَالَ أَخْبَرَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ قَالَ: اجْتَمَعْتُ أَنَا وَالزُّهْرِيُّ- وَنَحْنُ نَطْلُبُ الْعِلْمَ- فَقُلْنَا: نَكْتُبُ السُّنَنَ فَكَتَبْنَا مَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ ثُمَّ قَالَ الزُّهْرِيُّ: نَكْتُبُ مَا جَاءَ عَنْ أَصْحَابِهِ فَإِنَّهُ سُنَّةٌ. قَالَ فَقُلْتُ أَنَا: لا. لَيْسَ بِسُنَّةٍ لا نَكْتُبُهُ. قَالَ: فَكَتَبَ وَلَمْ أَكْتُبْ فَأَنْجَحَ وَضَيَّعْتُ. قَالَ: وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ. عَنْ أَبِيهِ. قَالَ: قَالَ أَبِي: مَا سَبَقَنَا ابْنُ شِهَابٍ مِنَ الْعِلْمِ إِلا أَنَّا كُنَّا نَأْتِي فَيَسْتَنْتِلُ وَيَشُدُّ ثَوْبَهُ عَلَى صَدْرِهِ وَيَسْأَلُ عَنْ مَا يُرِيدُ. وَكُنَّا تَمْنَعُنَا الْحَدَاثَةُ. أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ. عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كُنَّا نَكْرَهُ كِتَابَ الْعِلْمِ حَتَّى أَكْرَهَنَا عَلَيْهِ هَؤُلاءِ الأُمَرَاءُ. فَرَأَيْنَا أَنْ لا نَمْنَعَهُ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ. أُخْبِرْتُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ قَالَ: قِيلَ لِلزُّهْرِيِّ: زَعَمُوا أَنَّكَ لا تُحَدِّثُ عَنِ الْمَوَالِي؟ فَقَالَ: إِنِّي لأُحَدِّثُ عَنْهُمْ. وَلَكِنِّي إِذَا وَجَدْتُ أَبْنَاءَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ أَتَّكِئُ عَلَيْهِمْ فَمَا أَصْنَعُ بِغَيْرِهِمْ. قَالَ مَعْمَرٌ: وَكُنَّا نَرَى أَنَا قَدْ أَكْثَرْنَا عَنِ الزُّهْرِيِّ حَتَّى قُتِلَ الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ فَإِذَا الدَّفَاتِرُ قَدْ حُمِلَتْ عَلَى الدَّوَابِّ مِنْ خِزَانَتِهِ يَعْنِي مِنْ عِلْمِ الزُّهْرِيِّ. قَالَ: وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: إِنْ كُنْتُ لآتِي بَابَ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ فأجلس ثم انصرف- ولو أشاء أَنْ أَدْخُلَ لَدَخَلْتُ- إِعْظَامًا لَهُ. قَالَ وَكَانَ الزُّهْرِيُّ فِي أَصْحَابِهِ مِثْلَ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ فِي أَصْحَابِهِ يَرْوِي عَنْهُ عُرْوَةُ وَسَالِمٌ الشَّيْءَ كَذَلِكَ. قَالَ: وَأَتَيْتُ الزُّهْرِيَّ بِالرُّصَافَةِ فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَسْأَلُهُ عَنِ الْحَدِيثِ. قَالَ: فَكَانَ يُلْقِي عَلَيَّ. قَالَ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: مَسَّتْ رُكْبَتِي رُكْبَةُ ابْنِ الْمُسَيِّبِ ثَمَانِي سِنِينَ. قَالَ: وَحَجَّ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَنَا مَعَهُ فَجَاءَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ لَيْلا وَهُوَ فِي خَوْفِهِ فَدَخَلَ عَلَيَّ مَنْزِلِي. فَقَالَ: هَلْ تَخَافُ عَلَيَّ صَاحِبَكَ؟ فقلت: لا بل آمن. قَالَ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: نُخْرِجُ الْحَدِيثَ شِبْرًا فَيَرْجَعُ ذِرَاعًا- يَعْنِي مِنَ الْعِرَاقِ- وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِذَا وَغَلَ الْحَدِيثُ هُنَاكَ فَرُوَيْدًا بِهِ. قَالَ: وَمَا رَأَيْتُ مِثْلَ الزُّهْرِيِّ فِي وَجْهِهِ قَطُّ. وَمَا رأيت مثل حماد في وجهه قط. قال مَعْمَرٌ: وَسَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الْوَلِيدِ. رَجُلا مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ يَسْأَلُ الزُّهْرِيَّ وَعَرَضَ عَلَيْهِ كِتَابًا مِنْ عِلْمٍ. فَقَالَ: أُحَدِّثُ بِهَذَا عَنْكَ يَا أَبَا بَكْرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَمَنْ يُحَدِّثُكُمُوهُ غَيْرِي؟ قَالَ: وَرَأَيْتُ أَيُّوبَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ الْعِلْمَ فَيُجِيزُهُ. وَكَانَ مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ لا يَرَى بِالْعِرَاضَةِ بَأْسًا. أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ. عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. قَالَ رَأَيْتُ ابْنَ شِهَابٍ يُؤْتَى بِالْكِتَابِ مِنْ كُتُبِهِ فَيُقَالُ لَهُ: يَا أَبَا بَكْرٍ هَذَا كِتَابُكَ وَحَدِيثُكَ نَرْوِيهِ عَنْكَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ. مَا قَرَأَهُ وَلا قُرِئَ عَلَيْهِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ. قَالَ: سَمِعْتُ عَمِّي مَا لا أَحْصِي يَقُولُ: مَا أُبَالِي قَرَأْتُ عَلَى الْمُحَدِّثِ. أَوْ حَدَّثَنِي كَلامًا أَقُولُ فِيهِ حَدَّثَنَا. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ. قَالَ: دَخَلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَلَى الزهري. وعيني الزُّهْرِيِّ بِهِمَا رُطُوبَةٌ وَهُوَ مُنْكَبٌّ. عَلَى وَجْهِهِ خِرْقَةٌ سَوْدَاءُ. فَقَالا: كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا أَبَا بَكْرٍ؟ فَقَالَ: لَقَدْ أَصْبَحْتُ وَأَنَا مُعْتَلٌّ مِنْ عَيْنِي. فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: جِئْنَاكَ لِنَعْرِضَ عَلَيْكَ شَيْئًا مِنْ حَدِيثِكَ. فَقَالَ: لَقَدْ أَصْبَحْتُ وَأَنَا مُعْتَلٌّ. فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: اللَّهُمَّ غَفْرًا. وَاللَّهِ مَا كُنَّا نَصْنَعُ بِكَ هَذَا حِينَ كُنَّا نَأْتِي سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ. ثُمَّ قَالَ: عُبَيْدُ اللَّهِ. اقْرَأْ يَا مَالِكُ فَرَأَيْتُ مَالِكًا يَقْرَأُ عَلَيْهِ. فَقَالَ الزُّهْرِيُّ: حَسْبُكَ عَافَاكَ اللَّهُ ثُمَّ عَادَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَقَرَأَ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَرَأَيْتُ مَالِكًا يَقْرَأُ عَلَى الزُّهْرِيِّ. أُخْبِرْتُ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ. قَالَ: قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَبْصَرَ بِحَدِيثٍ مِنَ الزُّهْرِيِّ. قَالَ سُفْيَانُ: وَكَانَ الزُّهْرِيُّ يُعْرَضُ عَلَيْهِ الشَّيْءُ. قَالَ: وَجَاءَ إِلَيْهِ ابْنُ جُرَيْجٍ فَقَالَ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَعْرِضَ عَلَيْكَ كِتَابًا. فَقَالَ: إِنَّ سَعْدًا قَدْ كَلَّمَنِي فِي ابْنِهِ وَسَعْدٍ سَعْدٍ. فَقَالَ لِي ابْنُ جُرَيْجٍ: أَمَا رَأَيْتَهُ يَفْرَقُ مِنْهُ. فَذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي الأَحْوَصِ فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: وَمَنْ أَبُو الأَحْوَصِ؟ قَالَ: أَمَا رَأَيْتَ الشَّيْخَ الَّذِي بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا؟ يَصِفُهُ لَهُ. قَالَ سُفْيَانُ: وَأَجْلَسَ الزُّهْرِيُّ عَلِيَّ بْنَ زَيْدٍ مَعَهُ عَلَى فِرَاشِهِ. وَعَلَى الزُّهْرِيِّ ثَوْبَانِ قَدْ غُسِلا فَكَأَنَّهُ وَجَدَ رِيحَ الأَشْنَانِ. فَقَالَ: أَلا تَأْمُرُ بِهِمَا فَيُجَمَّرَا. وَجَاءَ الزُّهْرِيُّ عِنْدَ الْمَغْرِبِ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ. مَا أَدْرِي طَافَ أم لا؟ فجلس ناحية وعمر ومما يَلِي الأَسَاطِينَ. فَقَالَ لَهُ إِنْسَانٌ: هَذَا عَمْرٌو. فَقَالَ فَجَلَسَ إِلَيْهِ. فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو مَا مَنَعَنِي أَنْ آتِيَكَ إِلا أَنِّي مُقْعَدٌ. فَتَحَدَّثَا سَاعَةً وَتَسَاءَلا. وَكَانِ الزُّهْرِيُّ إِذَا حَدَّثَ قَالَ: حَدَّثَنِي فُلانٌ وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ الْعِلْمِ. قَالَ: وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ. عَنْ وُهَيْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَيُّوبَ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنَ الزُّهْرِيِّ. قَالَ فَقَالَ صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ: وَلا الْحَسَنِ؟ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنَ الزُّهْرِيِّ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ. عَنْ بُرْدٍ عَنْ مكحول قال: ما رأيت أحدا أعلم بِسُنَّةٍ مَاضِيَةٍ مِنَ الزُّهْرِيِّ. وَقَالَ شُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ: قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: كُنَّا نَجْلِسُ إِلَى الزُّهْرِيِّ وَإِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ فَيَقُولُ الزُّهْرِيُّ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: كَذَا وَكَذَا. فَإِذَا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ جَلَسْنَا إِلَيْهِ. فَقُلْنَا لَهُ: الَّذِي ذَكَرْتَ عَنِ ابْنِ عُمَرِ مَنْ أَخْبَرَكَ بِهِ؟ قَالَ: ابْنُهُ سَالِمٌ. قَالَ: وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ. عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْعَيَّارِ سَمِعَ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ: مَا هَذِهِ الأَحَادِيثُ الَّتِي لا أَزِمَّةَ لَهَا وَلا خُطَمَ. أُخْبِرْتُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ. عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ. أَنَّ أَبَا جَبَلَةَ كَانَ أَسْلَفَ الزُّهْرِيَّ بْنَ شِهَابٍ ثَلاثِينَ دِينَارًا فِي مَنْزِلَهِ. فَقَضَاهُ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَقَالَ لَهُ: أَتَخْشَى أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْنَا فِي هَذَا شَيْءٌ؟ فَضَحِكَ الزُّهْرِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَقُّكَ قَضَيْنَاكَ. وَهَذِهِ جَائِزَةٌ أَجَزْنَاكَ بِهَا. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ: أَخْبَرَنِي شَيْخٌ مِنْ أَخْوَالِ الزُّهْرِيِّ مِنْ بَنِي نُفَاثَةَ مِنْ بَنِي الدِّبْلِ. قَالَ: أَخْدَمَ الزُّهْرِيُّ فِي لَيْلَةٍ خَمْسَ عَشْرَةَ امْرَأَةً كُلُّ خَادِمٍ بِثَلاثِينَ دِينَارًا ثَلاثِينَ دِينَارًا بِعَيْنِهِ. الْعَشَرَةُ خَمْسَةَ عَشَرَ. أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. قَالَ: حَدَّثَنَا مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ. قَالَ: لَقِيتُ ابْنَ شِهَابٍ وَأَنَا أَذْهَبُ إِلَى مِصْرَ وَهُوَ مُقْبِلٌ مِنَ الشَّأْمِ يَمْضِي الطَّرِيقَ فَرَأَيْتُهُ يُصَلِّي فِي مِمْطَرٍ لَيْسَ عَلَيْهِ رِدَاءٌ. أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. عَنِ الزَّنْجِيِّ. قَالَ: رَأَيْتُ الزُّهْرِيَّ يَصْبُغُ بِالسَّوَادِ. وَقَالَ مَالِكٌ: رَأَيْتُهُ يُخَضِّبُ بِالْحِنَّاءِ. أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. قَالَ: حَدَّثَنِي الْمُنْكَدِرُ بْنُ مُحَمَّدٍ. قَالَ: رَأَيْتُ بَيْنَ عَيْنَيِ الزُّهْرِيِّ أَثَرَ السُّجُودِ. لَيْسَ عَلَى أَنْفِهِ مِنْهُ شَيْءٌ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِيُّ قال: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ. عَنْ أَبِيهِ. أَنَّ هِشَامَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ قَضَى دَيْنَ ابْنِ شِهَابٍ ثَمَانِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ. قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبِيَ وَهُوَ يُعَاتِبُ ابْنَ شِهَابٍ فِي الدَّيْنِ. وَيَقُولُ لَهُ: قَدْ قَضَى عَنْكَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ثَمَانِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ. وَقَدْ عَرَفْتَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الدَّيْنِ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ لأَبِي: إِنِّي أَعْتَمِدُ عَلَى مَالِي وَاللَّهِ لَوْ بَقِيَتْ لِي هَذِهِ الْمَشْرُبَةُ ثُمَّ مُلِئَتْ إِلَيَّ سُقُفُهَا ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا- قَالَ إِبْرَاهِيمُ: أَنَا أَشُكُّ- مَا رَأَيْتُهُ عِوَضًا مِنْ مَالِي. قَالَ إِبْرَاهِيمُ: وَهُمَا إِذْ ذَاكَ فِي مَشْرُبَةٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ. عَنْ أَبِيهِ. قَالَ: كَانَ الزُّهْرِيُّ يَقْدَحُ أَبَدًا عِنْدَ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي خَلْعِ الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ وَيَعِيبُهُ. وَيُذْكَرُ أُمُورًا عَظِيمَةً لا يَنْطِقُ بِهَا. حَتَّى يَذْكُرَ الصِّبْيَانَ أَنَّهُمْ يُخَضِّبُونَ بِالْحِنَّاءِ. وَيَقُولُ لِهِشَامٍ: مَا يَحِلُّ لَكَ إِلا خَلْعُهُ. فَكَانَ هِشَامٌ. لا يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ. لِلْعَقْدِ الَّذِي عَقَدَ له. ولا يسوؤه مَا يَصْنَعُ الزُّهْرِيُّ رَجَاءً أَنْ يُؤَلِّبَ ذَلِكَ النَّاسَ عَلَيْهِ. قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: فَكُنْتُ يَوْمًا عند هشام في ناحية الفسطاط وأسمع ذرؤ كَلامِ الزُّهْرِيِّ فِي الْوَلِيدِ وَأَنَا أَتَغَافَلُ. فَجَاءَ الْحَاجِبُ. فَقَالَ: هَذَا الْوَلِيدُ عَلَى الْبَابِ. فَقَالَ: أَدْخِلْهُ. فَأَدْخَلَهُ. فَأَوْسَعَ لَهُ هِشَامٌ عَلَى فِرَاشِهِ وَأَنَا أَعْرِفُ فِي وَجْهِ الْوَلِيدِ الْغَضَبَ وَالشَّرَّ. فَلَمَّا اسْتَخْلَفَ الْوَلِيدُ بَعَثَ إِلَيَّ وَإِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ. وَابْنِ الْمُنْكَدِرِ. وَرَبِيعَةَ. فَأَرْسَلَ إِلَيَّ لَيْلَةً مُخْلِيًا بِي فَقَدَّمَ الْعَشَاءَ. فَقَالَ لي بعد حديث: يا بن ذَكْوَانَ. أَرَأَيْتَ يَوْمَ دَخَلْتُ عَلَى الأَحْوَلِ وَأَنْتَ عِنْدَهُ. وَالزُّهْرِيُّ يَقْدَحُ فِيَّ؟ أَتَحْفَظُ مِنْ كَلامِهِ يَوْمَئِذٍ شَيْئًا؟ فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَذَكَرُ يَوْمَ دَخَلْتَ. وَأَنَا أَعْرِفُ الْغَضَبَ فِي وَجْهِكَ قَالَ: كَانَ الْخَادِمُ الَّذِي رَأَيْتُ عَلَى رَأْسِ هِشَامٍ نَقَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ إِلَيَّ وَأَنَا عَلَى الْبَابِ قَبْلَ أَنْ أَدْخُلَ إِلَيْكُمْ. وَأَخْبَرَنِي أَنَّكَ لَمْ تَنْطِقْ فِيهِ بِشَيْءٍ. قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ. لَمْ أَنْطِقْ فِيهِ بِشَيْءٍ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: قَدْ كُنْتُ عَاهَدْتُ اللَّهَ تَعَالَى لَئِنْ أَمْكَنَتْنِي الْقُدْرَةُ بِمِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ أَنْ أَقْتُلَ الزُّهْرِيَّ فَقَدْ فَاتَنِي. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ. قَالَ: كَانَ عَمِّي الزُّهْرِيُّ قَدِ اتَّعَدَ هُوَ وَابْنُ هِشَامٍ إِنْ مَاتَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَنْ يَلْحَقَا بِجَبَلِ الدُّخَانِ. فَمَاتَ الزُّهْرِيُّ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ قَبْلَ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بِأَشْهُرٍ. وَكَانَ الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ يَتَلَهَّفُ لَوْ قُبِضَ عَلَيْهِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وُلِدَ الزُّهْرِيُّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ فِي آخِرِ خِلافَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَهِيَ السَّنَةُ الَّتِي مَاتَتْ فِيهَا عَائِشَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ الزُّهْرِيُّ قَدْ قَدِمَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ إِلَى أَمْوَالِهِ بِثِلُيَةِ بِشَغْبٍ وَبَدَا. فَأَقَامَ فِيهَا. فَمَرِضَ هُنَاكَ فَمَاتَ. فَأَوْصَى أَنْ يُدْفَنَ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ. وَمَاتَ لِسَبْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً. قَالَ: وَأَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ الْعَسْقَلانِيُّ. قَالَ: رَأَيْتُ قَبْرَ الزُّهْرِيِّ بِأَدَامَى وَهِيَ خَلْفَ شَغْبٍ وَبَدَا. وَهِيَ أَوَّلُ عَمَلِ فِلَسْطِينَ. وَآخِرُ عَمَلِ الْحِجَازِ وَبِهَا ضَيْعَةُ الزُّهْرِيِّ الَّذِي كَانَ فِيهَا. وَرَأَيْتُ قَبْرَهُ مُسَنَّمًا مُجَصَّصًا أَبْيَضَ. قَالُوا: وَكَانَ الزُّهْرِيُّ ثِقَةً كَثِيرَ الْحَدِيثِ وَالْعِلْمِ وَالرِّوَايَةِ. فَقِيهًا جَامِعًا.
- الزُّهْرِيُّ واسمه مُحَمَّد بْن مُسْلِم بْن عُبَيْد الله بن عَبْد الله الأصغر بْن شهاب بْن عَبْد الله بْن الْحَارِث بْن زهرة بْن كلاب بن مرة. وأمه عائشة بنت عبد الله الاكبر بن شهاب. ويكنى أبا بكر. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمن بن عبد العزيز. قَالَ: سمعت الزهري يقول: نشأت وأنا غلام لا مال لي مقطعا من الديوان. وكنت أتعلم نسب قومي من عبد الله بن ثعلبة بن صعير العدوي وكان عالما بنسب قومي وهو ابن أختهم وحليفهم. فأتاه رجل فسأله عن مسألة من الطلاق فعيي بها وأشار له إلى سعيد بن المسيب. فقلت في نفسي: ألا أراني مع هذا الرجل المسن يعقل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح على رأسه وهو لا يدري ما هذا! فانطلقت مع السائل إلى سعيد بن المسيب فسأله فأخبره. فجلست إلى سعيد وتركت عبد الله بن ثعلبة. وجالست عروة بْنُ الزُّبَيْرِ. وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن عتبة. وأبا بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هشام حتى فقهت. فرحلت إلى الشأم فدخلت مسجد دمشق في السحر فأممت حلقة وجاه المقصورة عظيمة فجلست فيها. فنسبني القوم فقلت رجل من قريش من ساكني المدينة. قالوا: هل لك علم بالحكم في أمهات الأولاد؟ فأخبرتهم بقول عمر بن الخطاب في أمهات الأولاد. فقال لي القوم: هذا مجلس قبيصة بن ذؤيب. وهو جائيك وقد سأله عبد الملك عن هذا وسألنا فلم يجد عندنا في ذلك علما. فجاء قبيصة فأخبروه الخبر. فنسبني فانتسبت. وسألني عن سعيد بن المسيب ونظرائه فأخبرته. قَالَ: فقال: أنا أدخلك على أمير المؤمنين. فصلى الصبح ثم انصرف فتبعته. فدخل على عبد الملك بن مروان وجلست على الباب ساعة حتى ارتفعت الشمس. ثم خرج فقال: أين هذا المديني القرشي؟ قَالَ قلت: هأنذا. قَالَ: فقمت حتى ... فدخلت معه على أمير المؤمنين. قَالَ: فأجد بين يديه المصحف قد أطبقه وأمر به يرفع وليس عنده غير قبيصة جالس فسلمت عليه بالخلافة. فقال: من أنت؟ قلت: مُحَمَّد بْن مُسْلِم بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شهاب بْن عَبْد الله بن الحارث بن زهرة. فقال: أوه. قوم يغارون في الفتن. قَالَ: وكان مسلم بن عبد الله مع الزبير. ثم قَالَ: ما عندك في أمهات الأولاد؟ فأخبرته. فقلت حدثني سعيد بن المسيب. فقال: كيف سعيد وكيف حاله؟ فأخبرته. ثم قلت: وحدثني أَبُو بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هشام. فسأل عنه. قلت: وحدثني عروة بن الزبير. فسأل عنه قلت: وحدثني عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ. فسأل عنه. ثم حدثته الحديث في أمهات الأولاد عن عمر بن الخطاب. قَالَ: فالتفت إلى قبيصة بن ذؤيب. فقال: هذا يكتب به إلى الآفاق. قَالَ: فقلت لا أجده أخلا منه الساعة ولعلي لا أدخل بعد هذه المرة. فقلت إن رأى أمير المؤمنين أن يصل رحمي وأن يفرض لي فرائض أهل بيتي- فإني رجل مقطع لا ديوان- فعل. فقال: أيها الآن! امض لشأنك. قال: فخرجت والله مؤنسا من كل شيء خرجت له. وأنا والله حينئذ مقل مرمل. فجلست حتى خرج قبيصة فأقبل علي لائما لي فقال: ما حملك على ما صنعت من غير أمري ألا استشرتني؟ قلت: ظننت والله أن لا أعود إليه بعد ذلك المقام. قَالَ: ولم ظننت ذاك؟ تعود إليه. فالحق بي. أو قَالَ آتني في المنزل. قَالَ: فمشيت خلف دابته والناس يكلمونه حتى دخل منزله. فقل ما لبث حتى خرج إلي خادم برقعة فيها: هذه مائة دينار قد أمرت لك بها وبغلة تركبها. وغلام يكون معك يخدمك وعشرة أثواب كسوة. قَالَ: فقلت للرسول ممن أطلب هذا؟ فقال: ألا ترى في الرقعة اسم الذي آمرك أن تأتيه؟ قَالَ: فنظرت في طرف الرقعة فإذا فيها تأتي فلانا فتأخذ ذلك منه قَالَ: فسألت عنه. فقيل: ها هو ذا. هو قهرمانه. فأتيته بالرقعة فقال: نعم فأمر لي بذلك من ساعته فانصرفت وقد ريشني وجبرني. قَالَ: فغدوت إليه من الغد وأنا على بغلته. وسرجها فسرت إلى جانبه فقال: احضر باب أمير المؤمنين حتى أوصلك إليه قال: فحضرت للوقت الذي وعدني له فأوصلني إليه وقال: إياك ان تكلمه بشيء حتى يبتدئك وأنا أكفيك أمره. قَالَ: فسلمت عليه بالخلافة فأومأ إلي أن أجلس. فلما جلست ابتدأ عبد الملك الكلام. فجعل يسائلني عن أنساب قريش وهو كان أعلم بها مني. قَالَ: وجعلت أتمنى أن يقطع ذلك لتقدمه علي في العلم بالنسب. قَالَ ثم قَالَ لي: فرضت لك فرائض أهل بيتك. ثم التفت إلى قبيصه فأمره أن يثبت ذلك في الديوان. ثم قَالَ: أين تحب أن يكون ديوانك أمع أمير المؤمنين هاهنا؟ أم تأخذه ببلدك؟ قَالَ قلت: يا أمير المؤمنين إنا معك. فإذا أخذت الديوان أنت وأهل بيتك أخذته قال: فأمر بإثباتي وبنسخة كتابي أن يوقع بالمدينة فإذا خرج الديوان لأهل المدينة قبض عبد الملك بن مروان وأهل بيته ديوانهم بالشأم. قَالَ الزهري: ففعلت أنا مثل ذلك. وربما أخذته بالمدينة لا أصد عنه. قَالَ: ثم خرج قبيصة بعد ذلك. فقال إن أمير المؤمنين قد أمر أن تثبت في صحابته. وأن يجرى عليك رزق الصحابة. وأن ترفع فريضتك إلى أرفع منها. فالزم باب أمير المؤمنين قَالَ: وكان على عرض الصحابة رجل فظ غليظ يعرض عرضا شديدا. قَالَ: فتخلفت يوما أو يومين فجبهني جبها شديدا فلم أعد لذلك التخلف. وكرهت أن أقول لقبيصة شيئا في أول ذلك. ولزمت عسكر عبد الملك. وكنت أدخل عليه كثيرا. قَالَ: وجعل عبد الملك فيما يسائلني يقول: من لقيت؟ فجعلت أسمي له وأخبره بمن لقيت من قريش لا أعدوهم. فقال عبد الملك: فأين أنت عن الأنصار؟ فإنك واجد عندهم علما. أين أنت عن ابن سيدهم خارجة بن زيد بن ثابت أين أنت عن عبد الرحمن بن يزيد ابن جارية. قَالَ: فسمى رجالا منهم. قَالَ: فقدمت المدينة فسألتهم وسمعت منهم- يعني الأنصار- وجدت عندهم علما كثيرا. قَالَ وتوفي عبد الملك بن مروان. فلزمت الوليد بن عبد الملك حتى توفي. ثم سليمان بن عبد الملك. وعمر بن عبد العزيز. ويزيد بن عبد الملك فاستقضى يزيد بن عبد الملك على قضائه الزهري. وسليمان بن حبيب المحاربي جميعا. قَالَ: ثم لزمت هشام بن عبد الملك. قَالَ: وحج هشام سنة ست ومائة وحج معه الزهري. فصيره هشام مع ولده يعلمهم ويفقههم ويحدثهم ويحج معهم فلم يفارقهم حتى مات بالمدينة. أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ. قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بن زيد. عن معمر. قَالَ: أول ما عرف الزهري أنه كان في مجلس عبد الملك بن مروان فسألهم عبد الملك. فقال: من منكم يعلم ما صنعت أحجار بيت المقدس يوم قتل الحسين؟ قَالَ: فلم يكن عند أحد منهم من ذلك علم. فقال الزهري. بلغني أنه لم يقلب منها يومئذ حجر إلا وجد تحته دم عبيط قَالَ: فعرف من يومئذ. أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ. قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ. عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ رَجُلا قَالَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: أَلا أَكُونُ فِي مَنْزِلَةِ مَنْ لا يَخَافُ مِنَ اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ؟ فَقَالَ: إِمَّا أَنْ تَلِيَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ شَيْئًا فَلا تَخَفْ مِنَ اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ. وَإِمَّا أَنْتَ خِلْوٌ مِنْ أَمْرِهِمْ فَأَكَبَّ عَلَى نَفْسِكَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ. قَالَ يَحْيَى: حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ الزُّهْرِيُّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ. فَخَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ: إِنَّ الزُّهْرِيَّ حَدَّثَنِي بِكَذَا وَكَذَا. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. عَنِ الزُّهْرِيِّ إِنَّ هِشَامًا اسْتَعْمَلَ ابْنَهُ أَبَا شَاكِرٍ وَاسْمُهُ مَسْلَمَةُ بْنُ هِشَامٍ عَلَى الْحَجِّ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ. وَأَمَرَ الزُّهْرِيَّ أَنْ يَسِيرَ مَعَهُ إِلَى مَكَّةَ. وَوَضَعَ عَنِ الزُّهْرِيِّ مِنْ دِيوَانِ مَالِ اللَّهِ سَبْعَةَ عَشَرَ أَلْفِ دِينَارٍ. فَلَمَّا قَدِمَ أَبُو شَاكِرٍ الْمَدِينَةَ أَشَارَ عَلَيْهِ الزُّهْرِيُّ أَنْ يَصْنَعَ إِلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ خَيْرًا. وَحَضَّهُ عَلَى ذَلِكَ. فَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ نِصْفَ شَهْرٍ وَقَسَمَ الْخُمُسَ عَلَى أَهْلِ الدِّيوَانِ. وَفَعَلَ أُمُورًا حَسَنَةً. وَأَمَرَهُ الزُّهْرِيُّ أَنْ يُهِلَّ مِنْ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ إِذَا ابْتَعَثَتْ بِهِ نَاقَتُهُ. وَأَمَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْمَخْزُومِيُّ أَنْ يُهِلَّ مِنَ الْبَيْدَاءِ. فَأَهَلَّ مِنَ الْبَيْدَاءِ. ثُمَّ اسْتَعْمَلَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَلَى الْحَجِّ سَنَةَ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ ابْنَهُ يَزِيدَ بْنَ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَأَمَرَ الزُّهْرِيَّ فَحَجَّ مَعَهُ تِلْكَ السَّنَةِ. قَالَ: وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ. عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ. عَنِ الزُّهْرِيِّ. قَالَ: جَالَسْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ عَشْرَ سِنِينَ كَيَوْمٍ وَاحِدٍ. أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ. عَنْ مَعْمَرٍ. عَنِ الزُّهْرِيِّ. قَالَ: سَمَرْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَيْلَةً فَحَدَّثْتُهُ فَقَالَ: كُلَّ مَا ذَكَرْتَ اللَّيْلَةَ قَدْ أَتَى عَلَى مَسَامِعِي وَلَكِنَّكَ حَفِظْتَ ونسيت. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ. قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ: كُنْتُ أَطُوفُ أَنَا وَابْنُ شِهَابٍ. وَمَعَ ابْنِ شِهَابٍ الأَلْوَاحُ وَالصُّحُفُ. قَالَ: فَكُنَّا نَضْحَكُ بِهِ. قَالَ: وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: لَوْلا أَحَادِيثُ سَالَتْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَشْرِقِ نُنْكِرُهَا لا نَعْرِفُهَا. مَا كَتَبْتُ حَدِيثًا أَذِنْتَ فِي كِتَابِهِ. أَخْبَرَنَا عَفَّانُ. قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ. عَنِ الزُّهْرِيِّ. قَالَ: مَا اسْتَعَدْتُ حَدِيثًا قَطُّ وَلا شَكَكْتُ فِي حَدِيثٍ إِلا حَدِيثًا وَاحِدًا فَسَأَلْتُ صَاحِبِي فَإِذَا هُوَ كَمَا حَفِظْتُهُ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ. عَنْ أَبِيهِ. قَالَ: مَا أَرَى أَحَدًا جَمَعَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا جَمَعَ ابْنُ شِهَابٍ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. قَالَ: قَالَ لِي أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ: - وَكَانَ قَدْ جَالَسَ الْحَسَنَ وَابْنَ سِيرِينَ- احْفَظْ لِي هَذَا الْحَدِيثَ لِحَدِيثٍ حَدَّثَ بِهِ الزُّهْرِيُّ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَمْ أَرَ مِثْلَ هَذَا قَطُّ- يَعْنِي الزُّهْرِيَّ-. أَخْبَرَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيِسَارِيُّ. قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ: مَا أَدْرَكْتُ بِالْمَدِينَةِ فَقِيهًا مُحَدِّثًا غَيْرَ وَاحِدٍ. قُلْتُ: مَنْ هُوَ؟ قَالَ: ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ. أُخْبِرْتُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ قَالَ أَخْبَرَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ قَالَ: اجْتَمَعْتُ أَنَا وَالزُّهْرِيُّ- وَنَحْنُ نَطْلُبُ الْعِلْمَ- فَقُلْنَا: نَكْتُبُ السُّنَنَ فَكَتَبْنَا مَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ ثُمَّ قَالَ الزُّهْرِيُّ: نَكْتُبُ مَا جَاءَ عَنْ أَصْحَابِهِ فَإِنَّهُ سُنَّةٌ. قَالَ فَقُلْتُ أَنَا: لا. لَيْسَ بِسُنَّةٍ لا نَكْتُبُهُ. قَالَ: فَكَتَبَ وَلَمْ أَكْتُبْ فَأَنْجَحَ وَضَيَّعْتُ. قَالَ: وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ. عَنْ أَبِيهِ. قَالَ: قَالَ أَبِي: مَا سَبَقَنَا ابْنُ شِهَابٍ مِنَ الْعِلْمِ إِلا أَنَّا كُنَّا نَأْتِي فَيَسْتَنْتِلُ وَيَشُدُّ ثَوْبَهُ عَلَى صَدْرِهِ وَيَسْأَلُ عَنْ مَا يُرِيدُ. وَكُنَّا تَمْنَعُنَا الْحَدَاثَةُ. أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ. عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كُنَّا نَكْرَهُ كِتَابَ الْعِلْمِ حَتَّى أَكْرَهَنَا عَلَيْهِ هَؤُلاءِ الأُمَرَاءُ. فَرَأَيْنَا أَنْ لا نَمْنَعَهُ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ. أُخْبِرْتُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ قَالَ: قِيلَ لِلزُّهْرِيِّ: زَعَمُوا أَنَّكَ لا تُحَدِّثُ عَنِ الْمَوَالِي؟ فَقَالَ: إِنِّي لأُحَدِّثُ عَنْهُمْ. وَلَكِنِّي إِذَا وَجَدْتُ أَبْنَاءَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ أَتَّكِئُ عَلَيْهِمْ فَمَا أَصْنَعُ بِغَيْرِهِمْ. قَالَ مَعْمَرٌ: وَكُنَّا نَرَى أَنَا قَدْ أَكْثَرْنَا عَنِ الزُّهْرِيِّ حَتَّى قُتِلَ الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ فَإِذَا الدَّفَاتِرُ قَدْ حُمِلَتْ عَلَى الدَّوَابِّ مِنْ خِزَانَتِهِ يَعْنِي مِنْ عِلْمِ الزُّهْرِيِّ. قَالَ: وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: إِنْ كُنْتُ لآتِي بَابَ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ فأجلس ثم انصرف- ولو أشاء أَنْ أَدْخُلَ لَدَخَلْتُ- إِعْظَامًا لَهُ. قَالَ وَكَانَ الزُّهْرِيُّ فِي أَصْحَابِهِ مِثْلَ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ فِي أَصْحَابِهِ يَرْوِي عَنْهُ عُرْوَةُ وَسَالِمٌ الشَّيْءَ كَذَلِكَ. قَالَ: وَأَتَيْتُ الزُّهْرِيَّ بِالرُّصَافَةِ فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَسْأَلُهُ عَنِ الْحَدِيثِ. قَالَ: فَكَانَ يُلْقِي عَلَيَّ. قَالَ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: مَسَّتْ رُكْبَتِي رُكْبَةُ ابْنِ الْمُسَيِّبِ ثَمَانِي سِنِينَ. قَالَ: وَحَجَّ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَنَا مَعَهُ فَجَاءَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ لَيْلا وَهُوَ فِي خَوْفِهِ فَدَخَلَ عَلَيَّ مَنْزِلِي. فَقَالَ: هَلْ تَخَافُ عَلَيَّ صَاحِبَكَ؟ فقلت: لا بل آمن. قَالَ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: نُخْرِجُ الْحَدِيثَ شِبْرًا فَيَرْجَعُ ذِرَاعًا- يَعْنِي مِنَ الْعِرَاقِ- وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِذَا وَغَلَ الْحَدِيثُ هُنَاكَ فَرُوَيْدًا بِهِ. قَالَ: وَمَا رَأَيْتُ مِثْلَ الزُّهْرِيِّ فِي وَجْهِهِ قَطُّ. وَمَا رأيت مثل حماد في وجهه قط. قال مَعْمَرٌ: وَسَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الْوَلِيدِ. رَجُلا مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ يَسْأَلُ الزُّهْرِيَّ وَعَرَضَ عَلَيْهِ كِتَابًا مِنْ عِلْمٍ. فَقَالَ: أُحَدِّثُ بِهَذَا عَنْكَ يَا أَبَا بَكْرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَمَنْ يُحَدِّثُكُمُوهُ غَيْرِي؟ قَالَ: وَرَأَيْتُ أَيُّوبَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ الْعِلْمَ فَيُجِيزُهُ. وَكَانَ مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ لا يَرَى بِالْعِرَاضَةِ بَأْسًا. أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ. عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. قَالَ رَأَيْتُ ابْنَ شِهَابٍ يُؤْتَى بِالْكِتَابِ مِنْ كُتُبِهِ فَيُقَالُ لَهُ: يَا أَبَا بَكْرٍ هَذَا كِتَابُكَ وَحَدِيثُكَ نَرْوِيهِ عَنْكَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ. مَا قَرَأَهُ وَلا قُرِئَ عَلَيْهِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ. قَالَ: سَمِعْتُ عَمِّي مَا لا أَحْصِي يَقُولُ: مَا أُبَالِي قَرَأْتُ عَلَى الْمُحَدِّثِ. أَوْ حَدَّثَنِي كَلامًا أَقُولُ فِيهِ حَدَّثَنَا. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ. قَالَ: دَخَلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَلَى الزهري. وعيني الزُّهْرِيِّ بِهِمَا رُطُوبَةٌ وَهُوَ مُنْكَبٌّ. عَلَى وَجْهِهِ خِرْقَةٌ سَوْدَاءُ. فَقَالا: كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا أَبَا بَكْرٍ؟ فَقَالَ: لَقَدْ أَصْبَحْتُ وَأَنَا مُعْتَلٌّ مِنْ عَيْنِي. فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: جِئْنَاكَ لِنَعْرِضَ عَلَيْكَ شَيْئًا مِنْ حَدِيثِكَ. فَقَالَ: لَقَدْ أَصْبَحْتُ وَأَنَا مُعْتَلٌّ. فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: اللَّهُمَّ غَفْرًا. وَاللَّهِ مَا كُنَّا نَصْنَعُ بِكَ هَذَا حِينَ كُنَّا نَأْتِي سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ. ثُمَّ قَالَ: عُبَيْدُ اللَّهِ. اقْرَأْ يَا مَالِكُ فَرَأَيْتُ مَالِكًا يَقْرَأُ عَلَيْهِ. فَقَالَ الزُّهْرِيُّ: حَسْبُكَ عَافَاكَ اللَّهُ ثُمَّ عَادَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَقَرَأَ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَرَأَيْتُ مَالِكًا يَقْرَأُ عَلَى الزُّهْرِيِّ. أُخْبِرْتُ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ. قَالَ: قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَبْصَرَ بِحَدِيثٍ مِنَ الزُّهْرِيِّ. قَالَ سُفْيَانُ: وَكَانَ الزُّهْرِيُّ يُعْرَضُ عَلَيْهِ الشَّيْءُ. قَالَ: وَجَاءَ إِلَيْهِ ابْنُ جُرَيْجٍ فَقَالَ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَعْرِضَ عَلَيْكَ كِتَابًا. فَقَالَ: إِنَّ سَعْدًا قَدْ كَلَّمَنِي فِي ابْنِهِ وَسَعْدٍ سَعْدٍ. فَقَالَ لِي ابْنُ جُرَيْجٍ: أَمَا رَأَيْتَهُ يَفْرَقُ مِنْهُ. فَذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي الأَحْوَصِ فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: وَمَنْ أَبُو الأَحْوَصِ؟ قَالَ: أَمَا رَأَيْتَ الشَّيْخَ الَّذِي بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا؟ يَصِفُهُ لَهُ. قَالَ سُفْيَانُ: وَأَجْلَسَ الزُّهْرِيُّ عَلِيَّ بْنَ زَيْدٍ مَعَهُ عَلَى فِرَاشِهِ. وَعَلَى الزُّهْرِيِّ ثَوْبَانِ قَدْ غُسِلا فَكَأَنَّهُ وَجَدَ رِيحَ الأَشْنَانِ. فَقَالَ: أَلا تَأْمُرُ بِهِمَا فَيُجَمَّرَا. وَجَاءَ الزُّهْرِيُّ عِنْدَ الْمَغْرِبِ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ. مَا أَدْرِي طَافَ أم لا؟ فجلس ناحية وعمر ومما يَلِي الأَسَاطِينَ. فَقَالَ لَهُ إِنْسَانٌ: هَذَا عَمْرٌو. فَقَالَ فَجَلَسَ إِلَيْهِ. فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو مَا مَنَعَنِي أَنْ آتِيَكَ إِلا أَنِّي مُقْعَدٌ. فَتَحَدَّثَا سَاعَةً وَتَسَاءَلا. وَكَانِ الزُّهْرِيُّ إِذَا حَدَّثَ قَالَ: حَدَّثَنِي فُلانٌ وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ الْعِلْمِ. قَالَ: وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ. عَنْ وُهَيْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَيُّوبَ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنَ الزُّهْرِيِّ. قَالَ فَقَالَ صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ: وَلا الْحَسَنِ؟ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنَ الزُّهْرِيِّ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ. عَنْ بُرْدٍ عَنْ مكحول قال: ما رأيت أحدا أعلم بِسُنَّةٍ مَاضِيَةٍ مِنَ الزُّهْرِيِّ. وَقَالَ شُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ: قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: كُنَّا نَجْلِسُ إِلَى الزُّهْرِيِّ وَإِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ فَيَقُولُ الزُّهْرِيُّ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: كَذَا وَكَذَا. فَإِذَا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ جَلَسْنَا إِلَيْهِ. فَقُلْنَا لَهُ: الَّذِي ذَكَرْتَ عَنِ ابْنِ عُمَرِ مَنْ أَخْبَرَكَ بِهِ؟ قَالَ: ابْنُهُ سَالِمٌ. قَالَ: وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ. عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْعَيَّارِ سَمِعَ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ: مَا هَذِهِ الأَحَادِيثُ الَّتِي لا أَزِمَّةَ لَهَا وَلا خُطَمَ. أُخْبِرْتُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ. عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ. أَنَّ أَبَا جَبَلَةَ كَانَ أَسْلَفَ الزُّهْرِيَّ بْنَ شِهَابٍ ثَلاثِينَ دِينَارًا فِي مَنْزِلَهِ. فَقَضَاهُ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَقَالَ لَهُ: أَتَخْشَى أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْنَا فِي هَذَا شَيْءٌ؟ فَضَحِكَ الزُّهْرِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَقُّكَ قَضَيْنَاكَ. وَهَذِهِ جَائِزَةٌ أَجَزْنَاكَ بِهَا. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ: أَخْبَرَنِي شَيْخٌ مِنْ أَخْوَالِ الزُّهْرِيِّ مِنْ بَنِي نُفَاثَةَ مِنْ بَنِي الدِّبْلِ. قَالَ: أَخْدَمَ الزُّهْرِيُّ فِي لَيْلَةٍ خَمْسَ عَشْرَةَ امْرَأَةً كُلُّ خَادِمٍ بِثَلاثِينَ دِينَارًا ثَلاثِينَ دِينَارًا بِعَيْنِهِ. الْعَشَرَةُ خَمْسَةَ عَشَرَ. أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. قَالَ: حَدَّثَنَا مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ. قَالَ: لَقِيتُ ابْنَ شِهَابٍ وَأَنَا أَذْهَبُ إِلَى مِصْرَ وَهُوَ مُقْبِلٌ مِنَ الشَّأْمِ يَمْضِي الطَّرِيقَ فَرَأَيْتُهُ يُصَلِّي فِي مِمْطَرٍ لَيْسَ عَلَيْهِ رِدَاءٌ. أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. عَنِ الزَّنْجِيِّ. قَالَ: رَأَيْتُ الزُّهْرِيَّ يَصْبُغُ بِالسَّوَادِ. وَقَالَ مَالِكٌ: رَأَيْتُهُ يُخَضِّبُ بِالْحِنَّاءِ. أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. قَالَ: حَدَّثَنِي الْمُنْكَدِرُ بْنُ مُحَمَّدٍ. قَالَ: رَأَيْتُ بَيْنَ عَيْنَيِ الزُّهْرِيِّ أَثَرَ السُّجُودِ. لَيْسَ عَلَى أَنْفِهِ مِنْهُ شَيْءٌ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِيُّ قال: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ. عَنْ أَبِيهِ. أَنَّ هِشَامَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ قَضَى دَيْنَ ابْنِ شِهَابٍ ثَمَانِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ. قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبِيَ وَهُوَ يُعَاتِبُ ابْنَ شِهَابٍ فِي الدَّيْنِ. وَيَقُولُ لَهُ: قَدْ قَضَى عَنْكَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ثَمَانِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ. وَقَدْ عَرَفْتَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الدَّيْنِ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ لأَبِي: إِنِّي أَعْتَمِدُ عَلَى مَالِي وَاللَّهِ لَوْ بَقِيَتْ لِي هَذِهِ الْمَشْرُبَةُ ثُمَّ مُلِئَتْ إِلَيَّ سُقُفُهَا ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا- قَالَ إِبْرَاهِيمُ: أَنَا أَشُكُّ- مَا رَأَيْتُهُ عِوَضًا مِنْ مَالِي. قَالَ إِبْرَاهِيمُ: وَهُمَا إِذْ ذَاكَ فِي مَشْرُبَةٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ. عَنْ أَبِيهِ. قَالَ: كَانَ الزُّهْرِيُّ يَقْدَحُ أَبَدًا عِنْدَ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي خَلْعِ الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ وَيَعِيبُهُ. وَيُذْكَرُ أُمُورًا عَظِيمَةً لا يَنْطِقُ بِهَا. حَتَّى يَذْكُرَ الصِّبْيَانَ أَنَّهُمْ يُخَضِّبُونَ بِالْحِنَّاءِ. وَيَقُولُ لِهِشَامٍ: مَا يَحِلُّ لَكَ إِلا خَلْعُهُ. فَكَانَ هِشَامٌ. لا يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ. لِلْعَقْدِ الَّذِي عَقَدَ له. ولا يسوؤه مَا يَصْنَعُ الزُّهْرِيُّ رَجَاءً أَنْ يُؤَلِّبَ ذَلِكَ النَّاسَ عَلَيْهِ. قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: فَكُنْتُ يَوْمًا عند هشام في ناحية الفسطاط وأسمع ذرؤ كَلامِ الزُّهْرِيِّ فِي الْوَلِيدِ وَأَنَا أَتَغَافَلُ. فَجَاءَ الْحَاجِبُ. فَقَالَ: هَذَا الْوَلِيدُ عَلَى الْبَابِ. فَقَالَ: أَدْخِلْهُ. فَأَدْخَلَهُ. فَأَوْسَعَ لَهُ هِشَامٌ عَلَى فِرَاشِهِ وَأَنَا أَعْرِفُ فِي وَجْهِ الْوَلِيدِ الْغَضَبَ وَالشَّرَّ. فَلَمَّا اسْتَخْلَفَ الْوَلِيدُ بَعَثَ إِلَيَّ وَإِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ. وَابْنِ الْمُنْكَدِرِ. وَرَبِيعَةَ. فَأَرْسَلَ إِلَيَّ لَيْلَةً مُخْلِيًا بِي فَقَدَّمَ الْعَشَاءَ. فَقَالَ لي بعد حديث: يا بن ذَكْوَانَ. أَرَأَيْتَ يَوْمَ دَخَلْتُ عَلَى الأَحْوَلِ وَأَنْتَ عِنْدَهُ. وَالزُّهْرِيُّ يَقْدَحُ فِيَّ؟ أَتَحْفَظُ مِنْ كَلامِهِ يَوْمَئِذٍ شَيْئًا؟ فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَذَكَرُ يَوْمَ دَخَلْتَ. وَأَنَا أَعْرِفُ الْغَضَبَ فِي وَجْهِكَ قَالَ: كَانَ الْخَادِمُ الَّذِي رَأَيْتُ عَلَى رَأْسِ هِشَامٍ نَقَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ إِلَيَّ وَأَنَا عَلَى الْبَابِ قَبْلَ أَنْ أَدْخُلَ إِلَيْكُمْ. وَأَخْبَرَنِي أَنَّكَ لَمْ تَنْطِقْ فِيهِ بِشَيْءٍ. قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ. لَمْ أَنْطِقْ فِيهِ بِشَيْءٍ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: قَدْ كُنْتُ عَاهَدْتُ اللَّهَ تَعَالَى لَئِنْ أَمْكَنَتْنِي الْقُدْرَةُ بِمِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ أَنْ أَقْتُلَ الزُّهْرِيَّ فَقَدْ فَاتَنِي. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ. قَالَ: كَانَ عَمِّي الزُّهْرِيُّ قَدِ اتَّعَدَ هُوَ وَابْنُ هِشَامٍ إِنْ مَاتَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَنْ يَلْحَقَا بِجَبَلِ الدُّخَانِ. فَمَاتَ الزُّهْرِيُّ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ قَبْلَ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بِأَشْهُرٍ. وَكَانَ الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ يَتَلَهَّفُ لَوْ قُبِضَ عَلَيْهِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وُلِدَ الزُّهْرِيُّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ فِي آخِرِ خِلافَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَهِيَ السَّنَةُ الَّتِي مَاتَتْ فِيهَا عَائِشَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ الزُّهْرِيُّ قَدْ قَدِمَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ إِلَى أَمْوَالِهِ بِثِلُيَةِ بِشَغْبٍ وَبَدَا. فَأَقَامَ فِيهَا. فَمَرِضَ هُنَاكَ فَمَاتَ. فَأَوْصَى أَنْ يُدْفَنَ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ. وَمَاتَ لِسَبْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً. قَالَ: وَأَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ الْعَسْقَلانِيُّ. قَالَ: رَأَيْتُ قَبْرَ الزُّهْرِيِّ بِأَدَامَى وَهِيَ خَلْفَ شَغْبٍ وَبَدَا. وَهِيَ أَوَّلُ عَمَلِ فِلَسْطِينَ. وَآخِرُ عَمَلِ الْحِجَازِ وَبِهَا ضَيْعَةُ الزُّهْرِيِّ الَّذِي كَانَ فِيهَا. وَرَأَيْتُ قَبْرَهُ مُسَنَّمًا مُجَصَّصًا أَبْيَضَ. قَالُوا: وَكَانَ الزُّهْرِيُّ ثِقَةً كَثِيرَ الْحَدِيثِ وَالْعِلْمِ وَالرِّوَايَةِ. فَقِيهًا جَامِعًا.
الزُّهْرِيّ روى عَن رجل من آل خَالِد بن أسيد أَنه سَأَلَ بن عمر الرجل هُوَ أُميَّة بن عبد الله بن خَالِد بن أسيد